المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
أخبار يوم
19 كانون الأول/2009

اشعيا 57/14-21

  ويقول اعدوا اعدوا هيئوا الطريق.ارفعوا المعثرة من طريق شعبي لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه.في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح لأحيي روح المتواضعين ولأحيي قلب المنسحقين. لاني لا اخاصم الى الابد ولا اغضب الى الدهر. لان الروح يغشى عليها امامي والنسمات التي صنعتها. من اجل اثم مكسبه غضبت وضربته.استترت وغضبت فذهب عاصيا في طريق قلبه. رأيت طرقه وسأشفيه واقوده وارد تعزيات له ولنائحيه خالقا ثمر الشفتين.سلام سلام للبعيد وللقريب قال الرب وساشفيه

اما الاشرار فكالبحر المضطرب لانه لا يستطيع ان يهدأ وتقذف مياهه حمأة وطينا. ليس سلام قال الهي للاشرار

 

تشييع الامير فيصل مجيد ارسلان في قصر العائلة في عاليه غدا

وطنية - عاليه - يشيع الامير فيصل مجيد ارسلان شقيق النائب طلال ارسلان في قصر العائلة في عاليه، الثانية عشرة ظهر غد الاحد.

وفور شيوع خبر الوفاة مساء امس، غص منزل الفقيد بوفود المعزين من مناطق الجبل ولبنان واستمر حتى اليوم.

نبذة

هذا ووزعت عائلة الفقيد نبذة عن حياة الراحل جاء فيها: "ولد في تشرين الاول العام 1941 والدته الاميرة لميس خالد شهاب، متزوج من حياة شفيق وهاب وله اربعة اولاد: ديالا متاهلة من غسان تلحوق، عادل وغنى متاهلة من رامي مزهر.

جده لوالدته الامير خالد شهاب الذي ترأس المجلس النيابي اللبناني دورات متتالية من 30 كانون الثاني 1934 حتى 24 تموز 1937 وكان نائبا منتخبا عن الجنوب ونائبا لرئيس مجلس الوزراء في حكومة الرئيس ايوب ثابت 18/3/1943. وترأس الحكومة مرتين العام 1938، ثم الحكومة الاولى في عهد الرئيس كميل شمعون بعدما كان سفيرا للبنان في الاردن.

رفض الفقيد الاقتتال ولم يقبل حمل السلاح والمشاركة في الحرب المدمرة، ابان حرب الجبل نشط ومجموعة شباب في تسهيل عبور الابرياء من الفريقين، وكان ينقل الخائفين والعائلات شخصيا عندما تكون الامور خطرة، كان منزله في عاليه نقطة لقاء لسائر الافرقاء من كل طرف.

ألبس عباءة الزعامة بعد وفاة والده العام 1983 وكان ذلك بمبادرة من مشايخ خلوات البياضة الاجلاء الذين يعتبرون المرجعية الروحية الاعلى للطائفة الدرزية.

تعرض منزله للدمار وحياته للخطر مرات عديدة بينها الانفجار الذي نجا منه وزوجته بأعجوبة في 3 شباط 1983.

على خطى والده الامير مجيد ارسلان آمن بلبنان الواحد وعمل على صون العلاقات المتينة بين ابنائه، كانت له وقفات ثابتة في مفاصل حاسمة من تاريخ لبنان، فإبان حرب الجبل رفض القتال وبجرأة اتخذ موقف الدعوة الى التحاور على الاسس التي تحمي البلد من التدخلات الخارجية والتفتيش عن صيغة تضمن العيش السلمي والتلاقي بدل التشرذم واللجوء الى العنف، آمن بان حياة لبنان ومستقبله يكمنان في تفاهم ابنائه ونبذ الفرقة، آمن بأن العدالة وسيادة القانون اساس لدولة المواطن التي تجعل من لبنان وطن الانسان.

تعرف الى رجالات استقلال كبار من رفاق والده الامير مجيد ارسلان رجل الاستقلال وعاصر خصوصا منهم الرؤساء كميل شمعون، عادل عسيران وصبري حمادة، وواكب معارك سياسية ديموقراطية وتابع كبارا كانوا يديرون هذه المعارك من منزله الوالدي سواء في عاليه او خلدة، كذلك ربطته صداقات مع عدد من القادة والشخصيات العرب وخصوصا في السعودية والاردن.

ربطته صداقة متينة مع الرئيس الشهيد بشير الجميل الذي كان يتوقع ان يكون احد اركان ذلك العهد لولا جريمة الاغتيال التي استهدفته انذاك.

كذلك سعى الفقيد الى تحالف سياسي مع النائب الراحل طوني فرنجية والوزير الراحل ماجد حمادة.

تميز بالوفاء والصدق والنقاوة وازعجه انتفاء الاخلاص لدى كثيرين، وتجنيب اللاهثين وراء المراكز في كل مكان والمتلونين في المواقف، سعيا الى تحسين المواقع السياسية ولو على حساب الوطن .

تألم كثيرا مع وطن ينزف وبذل كل جهد مستطاع للتخفيف من آلامه وآلام شعبه.

جاهد كثيرا في سبيل عزة وطنه واغمض عينيه بعدما اطمأن الى بزوغ نوع من امل في بداية قيامة الوطن مع تأليف الحكومة الجديدة.

 

سياسة - البطريرك صفير استقبل اعضاء المحاكم الروحية في افتتاح السنة القضائية

المؤسسة المارونية للانتشار برئاسة اده اجتمعت في بكركي بحضور وزير الداخلية

وطنية - استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير اعضاء المحاكم الروحية لمناسبة افتتاح السنة القضائية في حضور المشرف العام على المحاكم المطران منصور حبيقة، النائب البطريركي العام المطران رولان ابو جودة والمطران شكر الله حرب. وألقى باسمهم الخورأسقف وهيب الخواجه كلمة قال فيها:

"يدعونا عملنا القضائي الى ان نصون كرامة الشخص البشري في شخص كل من المتقاضين. وقد أعطينا فرصا عديدة تشاركنا فيها حول رسالتنا القضائية وموجباتها، وقد يكرر كلامي الكثير مما قلناه معا في الندوات والمحاضرات الدورية. غير أني أرغب بالتوقف عند بعض النقاط التي أرى فيها التزاما بالحفاظ على كرامة الاشخاص المعنيين بعملنا.

- النقطة الاولى، هي موقفنا من حالة النزاع الزوجي، وما قد نكونه من حكم مسبق حول عجز الزوجين عن إنجاح حياتهما المشتركة، ومن نظرة اليهما كشخصين فاشلين، والحط من قدرهما. فكرامة كل من الزوجين الشخصية تقضي بان نبتعد عن حكم كهذا، والا ننزلق في الاساس الى إصدار الاحكام عليهما، وان نتفهم الظروف التي تحيط بنزاعهما.

- النقطة الثانية، هي البحث عن الحقيقة واعلانها والحكم بموجبها. فلا يجوز ان نقبل بجزء من الحقيقة سعيا وراء مساومة او تعبيرا عن مساواة مزعومة بين الزوجين. وأفكر هنا بشكر خاص بسبب العجز النفسي الذي نحكم به على الزوجين، عندما يكون احدهما معنيا به اكثر من الآخر، او عندما نقبل ببساطة وسهولة وما تنقله الخبرة النفسية عن حالة كل منهما دون ان نخضعه لتمييز دقيق ومفصل. ان العدل وجه من أوجه المساواة. وهو لا يتحقق تماما الا على ضوء الحقيقة.

- النقطة الثالثة، هي استقبال المتقاضين والتحدث اليهم بكلام لائق وموضوعي يحترم حدود النزاع، ولا يتناول سمعتهم او حياتهم الخاصة. ولا بد من ان نضبط انفعالاتنا فنتجنب الصراخ ولا نضطر الى طرد أحد من الغرفة، ولا نلجأ الى التذمر والتململ. فالقاضي سيد على قوسه، وكالسيد يتصرف واثقا من ذاته وممتلكا نفسه. لا يخاف من ان يفقد هيبته اذا ما ابتسم للمتقاضين وطبع لقاءه بمسحة انسانية رقيقة.

- النقطة الرابعة، هي محدودية عملنا القضائي الذي يعالج شأنا معينا هو النزاع الزوجي، فبالرغم من أهمية القانون الذي يرعى هذا الامر، فانه يبقى محدودا امام شمولية الكرامة التي تطال الانسان بكليته. فلا ضير ان نحن تمسكنا به، دون ان نهمل المحبة التي ترطب جراح الانسان وتشدد ضعفه وتعزيه في وقت الضيق.

هذا كله جزء من دعوتنا الى صون كرامة الانسان بما يليق بنا كقضاة كنسيين ومعاونين يضعون الله نصب عيونهم ويجتهدون في إصدار الاحكام العادلة.

وفي الختام، أغتنم فرصة هذا اللقاء لأرفع الى غبطتكم باسم صاحب السيادة واخواتي واخوتي الحاضرين، مشاعر التهنئة بعيدي الميلاد ورأس السنة المباركين، سائلا الله ان يمدكم بالصحة والقوة، ويعضدكم، أبا وراعيا لكنيستنا، وضميرا حيا لوطننا، وان يقود خطانا، ببركتكم ودعاكم، لنشهد بالعدل والمحبة والحق لكرامة كل انسان ونصونها".

رد البطريرك صفير

ورد البطريرك صفير فقال:" في مطلع هذه السنة القضائية، نرحب بكم رئيسا، واعضاء ومحامين، وكتبة ونشكر لكم العمل الدؤوب الذي تقومون به في جانب اخوانكم الذين تجهم لهم حظهم، فاضطروا الى ان يأتوا اليكم، يقينا منكم انهم يجدون لدى المحكمة ما يفرج كربتهم، وينيلهم بعض حقهم، ويزيل عنهم بعض ما يعانون.

لقد تحدث حضرة الخورأسقف وهيب الخواجه المحترم الذي تكلم باسمكم عن الكرامة الانسانية، هذه الكرامة المستمدة من كرامة الله الذي خلق الانسان على صورته ومثاله، على ما جاء في مستهل الكتاب المقدس:"وقال الله لنصنع الانسان على صورتنا وكمثالنا وليتسلط على سمك البحر، وطير السماء، والبهائم، وجميع الارض، وكل الدبابات الدابة على الارض". فالانسان هو سيد الكائنات. لذلك فهو ذو كرامة كبيرة لا تساويها كرامة أي مخلوق على الارض.

والله هو الذي رأى ألا يبقى الرجل وحده، فخلق الانسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرا وأني خلقهم، وباركهم الله وقال لهم أنموا وأكثروا واملأوا الارض، وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وطير السماء وجميع الحيوان الداب على الارض". ورأى الله ألا يبقى الانسان وحده "فأوقع سباتا على آدم فنام فاستل احدى أضلاعه وسد مكانها بلحم، وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من آدم امرأة فأتى بها آدم". ورواية الكتاب المقدس هذه تدل على الصلة الوثقى التي تقوم بين الرجل والمرأة في الزواج الذي رسمه السيد المسيح. وهذا ما أكده السيد المسيح بقوله:" يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته قيصير كلاهما جسدا واحدا، فليس هما بعد اثنين ولكنهما جسد واحد.وما جمعه الله فلا يفرقه انسان". واما الدعوةالى البتولية فهي أسمى من الدعوة الى الزواج، على ما يقول القديس بولس:"والمرأة الغير متزوجة والعذراء تهتم في ما للرب لتكون مقدسة في الجسد وفي الروح".

وقد حدد قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، الاهلية للزواج بقوله:" يجب ان نكتشف مجددا مبدئيا بطريقة وضعية القدرة التي يملكها مبدئيا كل انسان بشري على الزواج، بقوة طبيعته بالذات كرجل وامرأة. ولا يمكننا ان نخلط بين العجز الحقيقي عن إبداء الرضى والصعوبات الوضعية التي يعرفها كثير من الناس، خاصة الشبان، الذي يصلون الى الاعتقاد بان الاتحاد الزواجي هو عادة غير قابل للتفكير به وممارسته. وخلافا لذلك، ان تأكيد القدرة الانسانية المولودة مع الانسان على الزواج هي نقطة الانطلاق لمساعدة الزوجين على اكتشاف واقع الزواج الطبيعي، والاهمية التي يملكها على صعيد الخلاص". لذلك يعتبر من الاهمية بمكان ان يعتمد المؤمن على معونه ربه للقيام بمسؤولياته الزواجية، وتربية أولاده على قواعد الدين والاخلاق المسيحية. وعلى القاضي في الشؤون الزواجية ان يراعي قبل كل ضميره ويرجع الى القوانين الكنسية ليعمل على تطبيقها من وجه الدقة والضبط.

وعلى القاضي ان يطيل أناته على المتقاضين، كما أشار اليه من تكلم بأسمكم، لان الازواج الذين يختلفون في ما بينهم ويشهر كل منهم العداء للآخر لا يكونون عادة في حالة طبيعية، وغالبا ما تعمي بصرهم وبصيرتهم الاغراض الآنية،والعاطفة البشرية، فيفقدون صوابهم ، ولا يكونون في وضع طبيعي. وهذا ما يوجب على القاضي إطالة باله عليهم واقتبالهم بروح سمحاء. وإنا، اذ نشكر لكم ما تبذلون من جهد كل في موقعه وما أسند اليكم من عمل في المحكمة الروحية، أسال الله ان يكافئكم خيرا وان يجزل لكم الأجر. وكل عائلة تنقذونها من الانهيار ستشكر لكم طول أناتكم وروحكم الكهنوتية والرسولية الحقيقية. أخذ الله بيدكم، وأعاد عليكم وعلى ذويكم سنوات عديدة، وانتم بأحسن حال وأهنأ بال".

المؤسسة المارونية للانتشار

وعقدت المؤسسة المارونية للانتشار برئاسة رئيسها الوزير السابق ميشال اده اجتماعها السنوي في بكركي في حضور راعي المؤسسة البطريرك صفير ووزير الداخلية والبلديات زياد بارود واعضاء المؤسسة. وبعد الصلاة تم عرض فيلم وثائقي يتضمن دعوة لمتحدرين من اصل لبناني في بلاد الاغتراب الى تسجيل اولادهم في السفارات كي يكتسبوا الجنسية. ورحب البطريرك صفير بالحضور آملا لهم "التوفيق في مهامهم لما فيه مصلحة لبنان والمسيحيين لا سيما الموارنة".

بعدها تحدث الوزير السابق اده الذي اشاد "بخطوة البطريرك صفير بتأسيس هذه المؤسسة، لان هناك عملا كبيرا تقوم به المؤسسة برعايتكم يا صاحب الغبطة وبارشاداتكم".

اضاف:"ان هذه المؤسسة تقوم بأعمال من اجل لبنان وليس فقط من اجل الموارنة، لان الانتشار اللبناني في بلاد الاغتراب هو اساسي بالنسبة للبنان ومستقبله وبصورة خاصة الانتشار الماروني حيث كنا في الماضي في حالة انقطاع في ما بيننا لانه في الماضي لم تكن هناك امكانية للمحافظة على الجنسية اللبنانية في عدد من البلدان التي لم تكن تسمح باكتساب الجنستين، والان اصبحت الامكانية موجودة ونحن نقوم الان بجهود لارشاد هؤلاء المنتشرين في حقهم بتسجيل انفسهم واولادهم واحفادهم، ونحن نساعد جميع المنتشرين من مسيحيين ومسلمين وخصوصا الذين ليس لديهم امكانية للقيام بهذا العمل وبصورة خاصة في البرازيل".

واشار الى "ان المؤسسة قامت خلال السنة الفائتة باعمال جبارة في هذا الخصوص، متوجها بالقول الى البطريرك لو لم تقم بهذه الخطوة يا صاحب الغبطة لحصل ابتعاد هذا الانتشار اكثر واكثر عن الوطن. والان بدأت نتائج اعمالنا بالظهور وسنعرض خلال اجتماعنا هذا لما توصلت اليه المؤسسة خلال العام الحالي والخطوات التي ستقوم بها خلال العام المقبل".

وقال:" من هذا الصرح نوجه دعوة الى المغترب اللبناني في المكسيك كارلوس سليم الذي يقوم بعمل جبار على الصعد كافة للمجيء الى لبنان، ونتمنى عليك يا صاحب الغبطة ان تسعى للحصول على وسام بابوي رفيع وسوف يقلده ايضا رئيس الجمهورية وساما رفيعا، ولذلك نطلق هذه الدعوة برعاية فخامة الرئيس وغبطتكم لكي يزورنا في لبنان بغية التواصل مع كافة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، لان لبنان المقيم يبقى يتيما دون لبنان المنتشر ، ونتمنى عليك الموافقة على هذه الدعوة".

وقد اشاد رئيس المؤسسة الوزير السابق اده "بعطاءات عضو المؤسسة انطوان الشويري الذي يعمل بصمت وتواضع، ولا اريد ان اجرح تواضعه، وله فضل كبير على المؤسسة بشكل عام ولذلك سوف نسلمه الدرع التكريمي الذي دونت عليه يا صاحب الغبطة بيدك "اننا نقدر جهود ولدنا السيد انطوان شويري ونشاطه في سبيل الخير"، وقد برهن عن سخاء مشكور على كل عمل انساني وعلى كل لبناني محتاج الى مساعدة ويمينه لا تدري ما صنعت شماله عملا بقول السيد المسيح في انجيله المقدس".

شويري

وقد سلم البطريرك والوزير اده الدرع الى شويري الذي شكر بدوره البطريرك والوزير اده والمؤسسة وقال:" كل انسان يقوم بما يلهمه الله ان يقوم به، واقول: لا يوجد اكرم من ربنا وكل من يريد ان يقوم بأعمال الخير يعطيه الله اضعافا، واشكر الله على انه اعطاني زوجة وعائلة صالحة وهذا اهم ما في الحياة".

بعدها عقد الاجتماع المغلق للمؤسسة لعرض التقرير السنوي للعام 2009 وروزنامة العمل للعام 2010.

 

الرئيس سليمان زار دمشق وقدم التعازي للرئيس الاسد وتشاورا في الاوضاع الاقليمية في ضوء محادثات رئيس الجمهورية في واشنطن

وطنية - زار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان دمشق ظهر اليوم حيث قدم التعازي الى الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد بوفاة شقيقه الاصغر مجد.

وكان اللقاء مناسبة تم في خلالها التشاور في الاوضاع الاقليمية الراهنة في ضوء المحادثات التي أجراها الرئيس سليمان في زيارته الاخيرة لواشنطن مع الرئيس الاميركي باراك اوباما وكبار المسؤولين الاميركيين. واستضاف الرئيس الاسد الرئيس سليمان الى مأدبة غداء حضرها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم ووزير شؤون الرئاسة منصور شعبان والمستشارة السياسية والاعلامية بثينة شعبان.

 

الرئيس سليمان استقبل وزيرة الاقتصاد الفرنسية بحضور السفير بييتون والوزراء الصفدي والحفار والقصار

رئيس الجمهورية:الاستقرار يشكل فرصة للاستثمار في البلد

الوزيرة لاغارد: لبنان سيكون مركزا إقليميا للمؤسسات

وطنية - استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في بعبدا قبل ظهر اليوم وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل الفرنسسية كريستين لاغارد مع وفد في حضور السفير الفرنسي دنيس بييتون. حضر اللقاء وزراء: الاقتصاد محمد الصفدي، المال ريا الحفار والدولة عدنان القصار، وكان عرض للعلاقات بين لبنان وفرنسا وسبل التعاون في المجال الاقتصادي والاستثماري إذ أبدت الوزيرة لاغارد رغبة في توسيع دائرة الاستثمارات الفرنسية في لبنان وخصوصا في مجالات الطاقة والاتصالات والنقل الذي كان بحث الرئيس سليمان في تطوره مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على هامش القمة الاورو-متوسطية التي عقدت في فرنسا في 13 تموز 2008. وأشارت الى أن لبنان سيكون مركزا إقليميا رئيسيا لعدد من المؤسسات الاستثمارية فيه وفي منطقة الشرق الاوسط.

مستثمرون فرنسيون

ثم اجتمع الرئيس سليمان والوزيرة لاغارد والوفد المرافق مع عدد من المستثمرين الفرنسيين تحدث باسمهم رئيس غرفة تجارة وصناعة باريس الذي نقل اهتمامهم بالاستثمار في لبنان في شتى المجالات ولا سيما منها الطاقة والاتصالات والنقل. ورحب الرئيس سليمان بالوزيرة الفرنسية ووفد المستثمرين، مشيرا الى أن "الاوضاع التي تحسنت وتشهد استقرارا منذ حوالى سنة ونصف السنة على كل المستويات تشكل فرصة جيدة للاستثمار في لبنان وخصوصا أن هناك حاجة إلى التطوير والتحديث في مرافق ومجالات عدة"، وأكد أن "فرنسا هي الشريك التجاري الاول للبنان"، متمنيا "استمرار التعاون القائم تحت عنوان العلاقات التاريخية والجيدة بين البلدين".

 

40 سنة غفرانا/بقلم الياس الزغبي

ابتلي مسيحيّو المشرق، وموارنتهم بصورة خاصة، عبر تاريخهم المديد، بحالات شاذة وأمراض اجتماعية وسياسية وظواهر اضطراب وانحراف، لكنّ الجسم المسيحي السليم المحصّن بسلّم القيم وقاعدة الايمان استطاع احتواءها وتذويبها، وبرئت المسيحية المشرقية من أسقامها الى حدّ كبير، ما مكّنها من مواجهة الأخطار الخارجية والصمود، خصوصا على امتداد القرن العشرين. لكنّ العقد الأخير من القرن نفسه شهد ظاهرة خطرة تمثّلت بخطّة لنسف كل المرتكزات المسيحية وادخال لوثة العنف المنهجي والمفتوح في الصراع السياسي، بعدما كان العنف المسلّح محدودا في الزمان والمكان ومجرّد ردود فعل وانتقامات موضعية. ويكمن خطر هذه "الثقافة" الطارئة في ثلاثة أبعاد: استمرارها حتّى اليوم، اتخاذها طابعا عموديا، والضلوع فيها تحت شعار "حماية حقوق المسيحيين". ولا يخفى أن القائمين بهذا المخطّط التهديمي تخطّوا مرحلة بلوغ السلطة والمال بعدما حقّقوا الكثير منهما، وباتوا في مرحلة متقدّمة من تنفيذ المهمّة المكلّفين بها، وفي ظنّهم أنهم ما زالوا مستورين وقادرين على اكمال المشروع الى نهايته في غفلة عن الرأي العام والجمهور الغفور، أو أنهم يدركون انكشافهم ولم يعد يهمّهم ما يقال عنهم، مثل العراة الذين فقدوا الاحساس بالحياء،  والمدمنين الذين لا يملكون سوى هاجس المعاقرة.

فبعدما أطلق هؤلاء دورة العنف والكراهية، برمجوا خطابهم السياسي والاجتماعي وتصريحات مسؤوليهم وبثّهم الاعلامي والالكتروني وألسنتهم في القرى وبين البسطاء للحفر في ذاكرة الجروح، والنكء في حرمة المرجعيات المسيحية، وعملوا على ضرب الأسس الخمسة التي يرتكز عليها الحضور المسيحي في لبنان وهي: الكنيسة، والمؤسسات السياسية ( الأحزاب والرئاسة )، والثقافة والتربية (الجامعات والمعاهد ووسائل الاعلام )، والاقتصاد (مؤسسات واستثمار ونقابات)، والاساس الاجتماعي (شرذمة العائلات وترويج التنابذ في البيت الواحد والقرية والحي). كل ذلك تحت راية اتهام ضحاياهم ببثّ الحقد والكراهية على طريقة أبلسة الاخرين، فهل هناك شرّ أشدّ من هذا الشر، وهل من دليل أقوى من هذا الدليل على خطورة ما يفعلون؟ واليوم، نزع أهل المخطّط الورقة الأخيرة عن عورتهم، فطوّبوا سلاح "حزب الله" الى ما بعد عودة فلسطين، وشكروا الله على حصر السلاح في يد "حزبه" منعا للحرب الأهلية (يعني أن طرفا واحدا كان يجب أن يملك السلاح خلال الحرب اللبنانية لئلاّ تقع، من هو؟  ولم يكن هناك لزوم للسلاح في مواجهة الفلسطيني والسوري وحلفائهم اللبنانيين!)، ونزّهوا القضاء السوري من السياسة، وهنّأوا أنفسهم فلم يعد لهم سوى عدو واحد: البطريرك ومسيحييو 14 اذار.

 مشروع خطير؟ نعم، ولكن خطورته بدأت تتضاءل مع انكشافه، فالمعرفة شرط أوّل للعلاج. وكل مسيحي لبناني ومشرقي يفتح عينيه على الحقيقة يشارك في انقاذ نفسه وبيئته من هذا الخطر. في قرانا اللبنانية الطيّبة، خلال طفولتنا، كانت أمّهاتنا القدّيسات يقلن لنا: اذا قتلتم "أبو بريص"  (حيوان صغير من الزواحف، ذو لسعة مؤذية ) تنالون غفرانا 40 يوما .

والان، كل من يهدي ضالا من أخوتنا الصغار المخدوعين، وينتشله من وحول المشروع، ينال غفرانا 40  سنة، ويندرج اسمه في لائحة الشرف المسيحية.  

      

يديعوت احرونوت": دمشق تسعى إلى استئناف المفاوضات سراً مع اسرائيل

١٨ كانون الاول ٢٠٠٩

تحت عنوان" اقتراح الأسد"، انفردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بمعلومات تفيد "أن سوريا نقلت إلى صناع القرار في القدس المحتلة، خلال اليومين الماضيين، رسائل جاء فيها أن دمشق تسعى إلى استئناف المفاوضات مع اسرائيل سراً، ثم اجراء مفاوضات علنية بوساطة أميركية، غير أنها ترفض في الوقت نفسه التخلي عن علاقاتها الوثيقة مع ايران".

وبحسب الصحيفة، فإن سوريا معنية باستئناف المفاوضات بناء على مبدأ العودة إلى خطوط الرابع من حزيران 67، وبالمقابل أبدت دمشق استعدادها لتطبيع كامل للعلاقات مع اسرائيل بما في ذلك افتتاح سفارة لكلا البلدين لدى البلد الآخر، مشيرة إلى أن "سوريا لا تزال ترفض المطلب الاسرائيلي بقطع علاقاتها مع ايران، لأنها تعد هذا المطلب بمثابة تدخل في سياستها الخارجية"، كما أن الرسائل السورية تشير إلى أن حكومة دمشق تفضل الوساطة الاميركية على خيارات أخرى طرحت أخيراً، بينها قيام كل من تركيا وفرنسا بلعب دور الوسيط.

وفيما لفتت "ّيديعوت" إلى أن "البيت الأبيض ينظر بعين الشك والريبة إلى التلميحات والاشارات الواردة من دمشق"، قال مصدر سياسي مسؤول "إنه في ضوء الجمود الذي يسود المسار الفلسطيني، لا يستبعد الجانب الاميركي وقوفه وراء استئناف المفاوضات بين سوريا واسرائيل".

من جهتها، اعتبرت محافل سياسية في اسرائيل "أن هذا التطور من الجانب السوري ربما يكون جدياً، بحيث توافق دمشق لأول مرة منذ سنين عديدة على وسيط توافق عليه اسرائيل أيضاً، وهو الوسيط الأميركي".

 

ضو يطالب بتوضيح المعلومات عن تفرد الخارجية بإبلاغ السفراء

بأن "القرار 1559 مات وانتهى" دون العودة الى مجلس الوزراء

طالب عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار نوفل ضو وزير الخارجية علي الشامي بتوضيح المعلومات الصحافية التي نشرت صباح اليوم عن إبلاغه عددا من السفراء الأجانب المعتمدين في لبنان بأن القرار 1559 قد "مات وانتهى".

وسأل ضو: "بموجب أية صلاحيات يمكن لوزير الخارجية أن يتفرد بمثل هذا الموقف في حال كان صحيحا، من دون العودة الى مجلس الوزراء، علما أن الحكومة اللبنانية لم تعقد أي اجتماع لها بعد منذ نيلها الثقة، وبالتالي لم تبحث في مثل هذه المسألة الحساسة التي يمكن أن تضع لبنان في مواجهة مع الجتمع الدولي".

ورأى ضو في إثارة مثل هذه الملفات مؤشرات الى نوايا مبيتة، تعكس المساعي الإنقلابية في أذهان بعض الجهات السياسية والحزبية اللبنانية، في وقت يفترض أن تكون الحكومة التآلفية قد وضعت حدا لها، لافتا الى تزامن ما نسب الى وزير الخارجية علي الشامي مع معلومات عن أن "الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً".

وشدد ضو على ضرورة أن يتماهى موقف وزير الخارجية اللبناني مع موقف الحكومة اللبنانية التي أعلنت في بيانها الوزاري احترامها للقرارات الدولية، لا مع موقف الحكومة السورية التي تسعى الى التفلت من المطلوب منها في هذه القرارات، مؤكدا على أن إحياء قوى 8 آذار المناورات السياسية والدبلوماسية والإعلامية الهادفة الى الإلتفاف على المواضيع المتعلقة بسيادة الدولة اللبنانية بمؤسساتها الدستورية والشرعية حصرا على أراضيها وقراراتها كافة لا يمكن أن تمر اليوم تحت أي شكل من اشكال المناورات والصيغ القديمة أو المستجدة، بعدما اثبتت التجارب الماضية استحالة تحقيق مثل هذه الأهداف بكل أساليب الضغط الأمني والعسكري والسياسي التي استهدفت اللبنانيين عموما وقوى 14 آذار خصوصا.

 

سوريا تسعى الى شطب القرار 1559 والشامي: القرار مات وانتهى

نهارنت/يقف القرار الدولي 1559 امام جدل سياسي داخلي جديد، ينطلق من اعتبار دمشق ان القرار نفذ، الى جانب بعض القوى اللبنانية المؤيدة، في حين يرى فرقاء لبنانيون آخرون ان القرار لم ينجز تماما خصوصا في البند المتعلق بنزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.

وذكرت صحيفة "الحياة" أن "الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً، على اعتبار انها نفذت الشق المتعلق بانسحابها من لبنان في 26 نيسان 2005.

وفي الجانب اللبناني تحدثت التقارير عن سعي وزارة الخارجية الى شطب القرار في الأمم المتحدة، واشارت "الحياة" الى أن وزير الخارجية علي الشامي أبلغ السفراء المعتمدين في لبنان أن القرار الدولي الرقم 1559 "مات وانتهى".

ونقلت "السفير" عن اوساط ديبلوماسية ان الشامي فنّد في خلال الاجتماع جميع النقاط التي طرحها الإعلام اللبناني في شأن زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى واشنطن، مشددا على ضرورة تطبيق القرارات الدولية بحسب مرجعية القرار 425.

ولفتت الاوساط الى ان الشامي تجنّب ذكره للقرار 1559 مستعيضا عنه بالحديث عن القرار الدولي الرقم 1701 في جميع لقاءاته الدبلوماسية.

وذكرت مصادر مطلعة ل" الحياة" أن الشامي الذي كان في عداد الوفد الوزاري الذي رافق سليمان الى واشنطن، لفت الى أن لبنان أبلغ المسؤولين الأميركيين أن موضوع سلاح "حزب الله" متروك للحوار الوطني اللبناني وأن المشكلة هي في الخروق الإسرائيلية المستمرة وقضم الأراضي.

واوضحت مصادر لصحيفة "الشرق الاوسط" أنه عندما طرح الرئيس الأميركي باراك اوباما موضوع سلاح المقاومة أجابه سليمان بأن هذا الموضوع يتعذر التعامل معه من منطلق القرار 1559، وأنه موضع حوار داخلي قائم في لبنان، فكان أن تجاوب الفريق الأميركي.

وكان مصدر ديبلوماسي أكد ل"المركزية" ان لبنان يعمل على تفعيل وجوده في مجلس الآن من خلال عضويته التي تبدأ مطلع كانون الثاني وتسخير هذا الوجود لخدمة المصلحة الوطنية، لافتا الى انه سيرى ما يمكن فعله من اجل اقناع اعضاء المجلس بموقفه حيال القرار 1559 الذي بات من وجهة النظر اللبنانية شبه منجز ، ما عدا البند المتعلق بالدعوة إلى حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها والتي عولجت او ستعالج على طاولة الحوار الوطني مع التأكيد على ان باقي البنود قد طبقت.

وقال المصدر إن "استمرار الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في رفع التقارير حول هذا القرار لم يعد ضروريا ، والقول بامكان شطب القرار 1559 هو في الواقع سحبه من اجتماعات مجلس الامن ". وإضاف: "اما البند المتعلق بانسحاب ما تبقى من القوات الأجنبية فهو سرى على القوات السورية ولكنه ينطبق على القوات الاسرائيلية التي لا تزال تحتل مزارع شبعا والتلال الثلاث الأخرى في محيطها، وبما ان القرار 1559 استند الى القرارين 425 و426 المتعلقين بانسحاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليا". وتابع: "هذه الحدود معترف بها اسرائيلياً ايضا بدليل توقيعها على اتفاق الهدنة عام 1949. وبما ان القرار 1701 جاء ليؤكد ذلك فان الديبلوماسية اللبنانية سوف تستمر بالعمل باتجاه المطالبة بالانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبع". واستطرد المصدرالديبلوماسي بالقول:" إن الشطب غير وارد في القانون الدولي كعبارة باعتبار ان القرار صدر، اما انه قد نفذ فهذا امر يتطلب من لبنان العمل من اجل سحبه على خلفية ان التقرير نصف السنوي العاشر للأمين العام عن تنفيذ هذا القرار والذي ناقشه المجلس في تشرين الاول الماضي تعدى بنود القرار الى امور اخرى، ما استدعى من لبنان، كما في كل مرة التحرك باتجاه الامين العام ورئيس مجلس الامن قبل جلسة المناقشة بكتاب تضمن ملاحظات للبنان حول التقرير".

 

الأسد: بكّير على جنبلاط 

١٨ كانون الاول ٢٠٠٩

اشارت صحيفة "الأخبار" الى ان سوريا لم تصفح عن الكمّ الكبير من الإهانات التي كالها رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط لرئيسها، لافتة الى ان زيارة جنبلاط الى دمشق لا تزال مستبعدة. وكشفت الصحيفة ان الأسد فوتح في هذا الأمر ورفض، واعتبر أن الأوان لم يحن بعد تبعاً لعبارة "بكّير". ولم يوحِ بإيصاد الأبواب تماماً في وجه المصالحة مع جنبلاط في وقت ما. لكن هذا الوقت ليس وشيكاً. وبحسب "الأخبار"، يتقاطع هذا الموقف مع رغبة جنبلاط في زيارة دمشق وجهود يبذلها لحصولها. وهو يعوّل على ما يعتبرها الواسطة الأكثر قدرة على إيصاله إلى هناك، عندما قال في أحاديث خاصة إنه وضع زيارته العاصمة السورية بين يدي الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الذي يحظى بتقدير الرئيس السوري واحترامه. ولفتت "الصحيفة" الى ان هذا الموقف ينقض ما شاع من أن جنبلاط يتكّل على صديقه الوحيد الباقي من الإدارة السورية السابقة للبنان، العماد الأول المتقاعد حكمت الشهابي، لشقّ الطريق إلى مصالحته الأسد، مشيرة الى ان واقع الأمر أنه لا يسع أي سوري أيّاً يكن، التوسّط لشخصية أياً يكن حجمها لدى الرئيس السوري بعدما أشبعته شتماً. عاد الشهابي إلى دمشق قبل شهرين واستقر فيها، واستقبل مسؤولين أمنيين كباراً هم في صلب القيادة الحالية تعبيراً عن تطمينه إلى أنه يحظى برضى النظام عليه. وذكرت "الأخبار" ان وفق ما يقال في دمشق، لا وساطة لجنبلاط من داخل سوريا، والقرار في يد الأسد على نحو ما أفصحت عنه مستشارته الإعلامية والسياسية الوزيرة بثينة شعبان بقولها إن الرئيس هو مَن يقرّر استقبال أو عدم استقبال جنبلاط. واشارت الى ان أمر الحريري مختلف تماماً. ليس كجنبلاط ابن المطبخ السوري. سترحب به دمشق عندما يزورها وتحتفي به، وستحرص على إبراز هذه الحفاوة. ولكن لا دعوة رسمية ولا مظاهر استثنائية. ولا سجاد أحمر على طريقة استقبالها رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون في 3 كانون الأول 2008.

 

سليمان في دمشق للقاء الأسد وتقديم التعازي له بوفاة شقيقه

نهارنت/قام رئيس الجمهورية ميشال سليمان بزيارة ظهر الجمعة الى دمشق حيث التقى نظيره السوري بشار الأسد وقدم التعازي له بشقيقه وبحث معه في التطورات السياسية. وانتهز الرئيس سليمان فرصة الزيارة لإطلاع نظيره السوري "على نتائج المحادثات التي اجراها مع المسؤولين الأميركيين" حول الوضع في الشرق الأوسط، على ما أفاد مصدر رسمي لوكالة الصحافة الفرنسية . ونقلت وكالة "سانا" السورية الرسمية للأنباء أن الرئيسين الأسد وسليمان شددا على تعزيز علاقات التعاون ومتابعة التنسيق والتشاور على جميع المستويات. وكان سليمان قام بزيارة عمل الى دمشق في تشرين الثاني كانت الثانية له الى العاصمة السورية منذ انتخابه في ايار 2008، وجاءت غداة تشكيل حكومة سعد الحريري. وأعلن الحريري الخميس ان زيارته الى سوريا باتت "قريبة" من دون ان يحدد موعدا، في حين ذكرت صحيفة "النهار" الجمعة ان هذه الزيارة ستتم الأحد

 

جعجع ردا على عون:لم نطلب يوما منه شهادة بالتربية المسيحية أو الوطنية

نهارنت/ انتقد رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع ما قاله رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون بأن "سلاح حزب الله هو للدفاع عن لبنان وخلق استقرار على الحدود"، معتبرا أن "لو كان الجيش اللبناني والقوات الدولية متواجدين وحدهما على حدود لبنان لكان الوضع مستقراً مئة مرة أكثر مما هو عليه في الوقت الحاضر".

وأشار جعجع أمام وفد طالبي من الجامعتين اللبنانية واللبنانية الأميركية، الى اننا "لم نطلب يوماً من الجنرال عون إعطاءنا شهادة لا بالتربية المسيحية ولا بالتربية الوطنية. الجنرال يقول أيضا أن تربيته تقوم على الفضائل والمحبّة والإيمان والرجاء، وهذه العبارة صحيحة إذ أن تربيته تقوم على محبّة السلطة وعلى الإيمان بأنّ حزب الله وسوريا يشكلان رافعات تاريخية للوصول إلى هذه السلطة، كما تقوم على الرجاء حين يعمل حزب الله وسوريا على إنهاء كل مسيحي حرّ من طريق الجنرال من خلال الطريقة التي شهدناها في الأربع سنوات الماضية إما عبر الطرق التي رأيناها في ال 15 سنة الماضية". و أكد جعجع أن "قوى 14 آذار تتصرف إنطلاقاً من منطق يتلاءم ومنطق التاريخ واتجاهه، فيما القوى الأخرى، ولا أعرف إن كنّا نستطيع تسميتها بذلك بإستثناء حزب الله الذي هو حقيقة حركة، ايديولوجيتها ومنطقها ومشروعها السياسي متوجهة عكس التاريخ ومنطقه ومساره".

 

انتشال 38 بحارا و6 جثث احداها لكابتن الباخرة الغارقة قبالة طرابلس

نهارنت/اعلنت قيادة الجيش ان عمليات الانقاذ للباخرة DANNY F II التي غرقت قبالة شاطىء طرابلس الخميس، اسفرت عن انقاذ ثمانية وثلاثين بحاراً إضافة إلى انتشال ستة كانوا قد فارقوا الحياة.ومن بين الناجين في حادثة غرق الباخرة لبناني يدعى أحمد حرب. واشار البيان الى ان عمليات الانقاذ المستمرة تشارك فيها البحرية اللبنانية بالتعاون مع البحرية التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وطوافتين بريطانيتين، قدتما من قبرص، وسفينة حربية إيطالية، وسفينة لوجستية ألمانية، ومركب حربي ألماني، وباخرتين تجاريتين لبنانيتين.

وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية ان الكابتن البريطاني الذي كان يقود السفينة "داني تو" قتل خلال غرق السفينة، حسب ما افاد احد اعضاء طاقم السفينة الذي انقذته فرق الانقاذ.

وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" انه تمّ العثور على جثتين وخمسة مصابين من التابعية النروجية والباكستانية والفلبينية والروسية على شاطىء عكار الجمعة يعتقد انهم من عداد ركاب الباخرة. واعلنت متحدث باسم الجيش اللبناني ان السفينة "داني تو" التي كانت تنقل المواشي من اليورغواي ومتجهة الى مرفأ طرطوس في سوريا جنحت في البحر المتوسط على بعد 11 ميلا بحريا قبالة سواحل طرابلس، وهي ترفع علم بنما. وحسب شركة "اجانسيا شاندي" مالكة السفينة، كان على متن "داني تو" 76 من افراد الطاقم بالاضافة الى ستة ركاب (اربعة من اليوروغواي وبرازيلي واحد واسترالي واحد). 

 

توقيع ملحق لـ"باريس 3" بين لبنان وفرنسا في السراي

نهارنت/رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الجمعة في السراي الكبير توقيع ملحق لاتفاق "باريس3" بين لبنان وفرنسا، يقضي بتقديم الجانب الفرنسي قرضاً بقيمة 125 مليون يورو إلى القطاع الخاص اللبناني، لتمويل مشاريع من خلال المصارف. ووقّعت عن الجانب اللبناني وزيرة المال ريا الحسن، فيما وقع عن الجانب الفرنسي مدير الوكالة الفرنسية للتنمية دوني كاسا. هذا التوقيع أتى بعد محادثات موسعة عقدها الرئيس الحريري في مكتبه في السراي مع وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل في فرنسا كريستين لاغارد. الى ذلك أعلنت لاغارد أن "فرنسا ستمدد لمدة سنة اتفاق قرض للبنان بقيمة 225 مليون يورو، لإتاحة الفرصة أمام الحكومة اللبنانية لتحقيق الشروط المطلوبة للحصول على هذا المبلغ، وهي تحرير قطاع الاتصالات الخليوية، وتنفيذ الإصلاحات في قطاع الكهرباء". ورأت في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة المال اللبنانية ريّا الحسن أن "الاقتصاد اللبناني حقق نجاحاً في ما يتعلق بالنمو والتضخم وخفض الدين"، وأن "السياسة النقدية في لبنان عقلانية والرقابة المصرفية أتاحت تفادي تبعات الازمة المالية العالمية". من جهتها أكدت الحسن التزام الحكومة اللبنانية البرنامج الإصلاحي لمؤتمر باريس3، ومن ضمنه الخصخصة، محذّرةً من أن "لبنان سيتضرر بشكل أكبر في حال عدم المضي في هذه الاصلاحات".

  

القاعدة مسؤولة عن اطلاق الصواريخ على اسرائيل

نهارنت/اشار أحد دعاة تنظيم القاعدة ومنظّريه المدعو اسد الجهاد، الى ان "تنظيم القاعدة ليس جديداً على المنطقة". وأضاف في مقالة تقع في 104 صفحات ومن إصدار أحد المراكز الدعائية المتخصصة في الإعلام في شبكات المنتديات السلفية الجهادية، ونشرتها صحيفة "الاخبار" أن أعضاء القاعدة في لبنان "عندهم مجلس شورى وهيئة شرعية عليا وقيادة عامة وقادةٌ ميدانيون ذَوُو خبرة في ساحات الجهاد العالمية وجبهاتها المختلفة". وكشف ان " مطلقي الصواريخ على إسرائيل أيام الحرب على غزة هم من الأبطال الذين شاركوا في معركة الفلّوجة الأولى والثانية، وهم من الإخوة المقرّبين من الشيخ أبي مصعب الزرقاوي". واعلن أن تنظيم القاعدة في بلاد الشام يقف وراء اطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل في 17 حزيران 2007، وفي كانون الثاني 2008 من لبنان. وتبنى الكاتب مسؤولية القاعدة في بلاد الشام عن الصواريخ الثمانية التي عُثر عليها في 25 كانون الأول عام 2008، وفُكِّكت حينها قبل انطلاقها. أما ملف شاكر العبسي فأهم المعلومات التي يوردها الكاتب، أسد الجهاد، هي أن العبسي أُسر بتعاون من الشيخ هاشم منقارة، وكان أسرُه في منطقة المليحة في ريف دمشق، وهو موجود في سجن محدد تابع للقصر الجمهوري السوري مباشرة. 

 

 متكي في بيروت الاسبوع المقبل

نهارنت/كشفت صحيفة "الحياة" أن وزير خارجية إيران منوشهر متكي سيزور بيروت الأسبوع المقبل. واضافت ان متكي سيلتقي كبار المسؤولين اللبنانيين وسيجتمع مع رئيس الحكومة سعد الحريري لتجديد دعوته الى زيارة طهران. 

 

 شمعون:جنبلاط سيقدم لعون صندوقا فارغا في ملف المهجرين

نهارنت/ لفت رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون إلى ان النائب وليد جنبلاط سيقدم لرئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون في موضوع المهجرين "صندوقا فارغا"، مشيرا في المقابل إلى "أن الغزل بين عون والسوريين لم يبدأ الآن، بل منذ كان في باريس، بدليل الشكل الذي رفض التعامل معنا فيه وتحالفه مع كل ازلام سوريا".

وشدد شمعون في حديث إلى مجلة "المسيرة"، على "أن سوريا لن تعود الى لبنان على رغم كل من ذهبوا بالأمس الى القرداحة. وأتحدى أيا كان ان يذهب الى هناك ويعيش تحت الحكم العسكري السوري أو يرضى في قرارة نفسه أن تحكمه سوريا". من جهة أخرى، أعرب شمعون عن رفضه "لكل شيء له علاقة بالمقاومة، وخصوصا المقاومة الاسلامية التي احتكرتها فئة معينة من الشعب اللبناني". وقال شمعون: "هذه المقاومة فقدت شرعيتها يوم استعملت سلاحها في الداخل، لهذا اعتبر أن الجماعة الذين سمحوا لأنفسهم باستخدام السلاح في وجه أهل البلد وقتل اللبنانيين الآخرين من أجل فرض رأيهم ليسوا مقاومة". وأضاف: "كل بلد عنده أرض محتلة له كل الحق في المقاومة المعترف بها في الشرعية الدولية، لكن في حال تصرفت هذه المقاومة بما يؤدي الى خطر على البلاد والعباد، تكون مقاومة حمقاء وغير ناضجة"، مؤكدا ان "حزب الله لا يزال يمضي في مشروعه الذي أعلن عنه عام 1985 بالعمل على جعل لبنان جمهورية إسلامية". وتابع: "حزب الله" لا يزال يعتبر أن ولاية الفقيه أهم من لبنان. وإذا استمر لبنان يسمح له بأن يسرح ويمرح كما يريد، نكون قد قررنا ان نتنازل عن الهوية اللبنانية وعن الحلم اللبناني. لا يزال حزب الله يحتاج الى فت خبز كبير، وما زال غير ناضج سياسيا".

 

رئيس الجمهورية منح غسان تويني وسام الإستحقاق المذهب

نهارنت/ منح رئيس الجمهورية ميشال سليمان الخميس غسان تويني وسام الاستحقاق اللبناني المذهب، تقديرا لمسيرته الوطنية في حقول السياسة والوزارة والنيابة والصحافة والديبلوماسية. وسلمت الوزيرة منى عفيش الوسام الى تويني في منزله في بيت مري، متمنية له باسم الرئيس سليمان الصحة والعمر المديد.

 

موديز تعدل توقعاتها للتصنيف الائتماني للبنان الى ايجابية

نهارنت/اعلنت وكالة موديز انفستورز سيرفيس للتصنيفات الائتمانية انها قد ترفع تصنيفها الائتماني للبنان اذا واصلت الحكومة تحسين قدرتها على تمويل عجز كبير في الميزانية مع تفادي اثارة عدم استقرار سياسي· وعدلت موديز توقعاتها للتصنيف الائتماني للبنان "بي 2" الي ايجابية من مستقرة· واشارت في بيان الى ان هذا القرار يعكس التحسن المستمر في السيولة الخارجية للبنان ومرونة نظامه المصرفي وايضا تشكيل حكومة توافقية في تشرين الثاني·

 

تطورات ذات دلالات لدى الاشتراكي و"التيار الحر" و"حزب الله"... وربما "المستقبل"

تموضع جديد للقوى السياسية يواكب تبدّل موقع لبنان

النهار/روزانا بومنصف     

يحاول بعض المراقبين استطلاع المرحلة المقبلة على أساس السعي الى معرفة تأثير التحولات التي يمكن أن تشهدها الاحزاب والتيارات السياسية في لبنان بعد التطورات الاخيرة. ونقطة الانطلاق التي أثارت اهتمامهم كانت في الاساس ردود الفعل على تبدل المواقف لدى النائب وليد جنبلاط، اذ تناهى الى هؤلاء أن ثمة اعتراضات داخلية لا تزال تلقى صداها على نحو خاص لدى الطلاب في الجامعات، في حين تقول مصادر حزبية في التقدمي الاشتراكي ان الموقف الجديد لجنبلاط اخذ فعلا مداه في النقاش الداخلي واحتاج الى وقت لكي تعود الامور الى سكتها مجددا داخل الحزب، فيما ساهم تأليف الحكومة ثم المصالحات التي أجراها جنبلاط لاحقا في اراحة الاجواء والمواطنين في الجبل، علما أن اعتراضات الشباب أمر مفهوم في سياق مشاركتهم في "ثورة الارز" واستمرار تفاعلهم من خلالها. وثمة اهتمام بمعرفة طبيعة الخلافات داخل "التيار الوطني الحر" اثر المواقف المعترضة التي لا تزال تأخذ مداها لنائب رئيس الحكومة سابقا عصام ابو جمرا، في حين يسمع كثر اعتراضات داخلية على ذهاب عون بعيدا في التعبير عن مواقفه من ضمن التحالفات التي بات جزءا منها، من بينها الزيارات المتكررة لدمشق ورفع سقف الدفاع عن سلاح "حزب الله" وربطه بعوامل لا يربطه الحزب بها، علما أن هذين العاملين، اي موضوعي سوريا و"حزب الله"، ساهما في تراجع شعبية عون بين انتخابات 2005 وانتخابات 2009 بنسبة عالية. والسؤال نفسه يطرح لدى المراقبين لما يمكن أن يشهده "تيار المستقبل" بعد الزيارة المرتقبة للرئيس سعد الحريري لدمشق، التي وان تكن تجد تبريراتها المنطقية التي يتم تسويقها منذ بضعة اشهر لدى المواطنين، فان الحماسة لها ليست قوية. ويعتبر كثر أن ردود الفعل تتوقف على طبيعة الاستقبال السوري للحريري واسلوب التعاطي المستقبلي، وما اذا كانت سوريا ستجعل حكم الحريري مستحيلا كما كانت تفعل مع والده الرئيس رفيق الحريري. وهذه المخاوف مبنيّة على الاستهلال او المقدمات لهذه الزيارة عبر الاستنابات القضائية التي جعلت الكثيرين يجفلون وذكرت اللبنانيين بصعوبة ان تبدل سوريا جوهر طريقة تعاملها مع لبنان.

هذا التطلع الى معرفة مصير الاحزاب والتيارات وما يمكن أن تشهده من تغييرات يشمل خصوصا "حزب الله"، الذي وإن أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله الوثيقة السياسية للحزب تماشيا مع التطورات التي شهدها الحزب ولبنان خلال الاعوام العشرين الماضية، فواقع الامور أن زعماء الاحزاب في لبنان او غالبيتهم باتوا يعتمدون العناوين الكبيرة لعدم الدخول في زواريب السياسة الداخلية التي يمكن أن تنهك أوضاعهم.

فالاحزاب التي باتت شريكة في السلطة على النحو الذي حقق أغراضها، علما أنها كانت مشاركة في السابق، ستفقد الكثير من وهجها ومن قضاياها الصغيرة، أكان موضوع الفساد هو العنوان ام الاصلاح الاداري وما شابه. وفي موازاة ذلك، تبدو القضايا الكبيرة عنواناً للقفز فوق المسائل الصغيرة التي تغرق المسؤولين والاحزاب على حد سواء.

وموضوع "حزب الله" ينظر اليه من زاوية انخراطه كليا ورسميا في دقائق الشأن اللبناني، في الوقت الذي لم يعد الهامش كبيرا في قضية تحرير الاراضي لاعتبارات تتعلق بالجنوبيين من ابناء الطائفة الشيعية والثمن الذي يمكن أن يدفعه هؤلاء أو يدفعه لبنان عموما، من دون إغفال المخاوف من استخدام لبنان في حال تعرض ايران لاي عملية عسكرية ومن دون اغفال التطلع الى ما يتوقعه الحزب في حال اتفاق ايران مع الولايات المتحدة والدول الغربية حول ملفها النووي، وربما ملفات أخرى، فيما أبقى عداءه للولايات المتحدة في سلم اولويات الحزب في عز تطلع كل من ايران وسوريا الى خرق مهم على صعيد العلاقات الثنائية بين كليهما واميركا، ومن دون اغفال معرفة ما يتطلع اليه الحزب ايضا في حال اتفاق اسرائيلي سوري من ضمن معاودة عملية السلام، أو حين معاودتها.

وهناك من يعتبر أن التموضع الجديد للقوى السياسية يلاقي تموضع لبنان اقليميا ودوليا، والذي تعبّر عنه اطلالات المسؤولين اللبنانيين الى الخارج، وكذلك بعض الدول المجاورة كسوريا مثلا بين العلاقات مع ايران وتركيا والمملكة العربية السعودية. لكن السؤال على المستوى الداخلي يبقى محصورا في أمرين اساسيين: هل انتهى زمن الاصطفافات بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار، خصوصا بعد انتقال الحريري من زعيم الاكثرية الى رئيس لحكومة كل لبنان؟ وما هي الامور التي قد تعيد هذه الاصطفافات الى الواجهة؟ وهل تكون المحكمة احد هذه الامور وكيف سيتم التعامل معها؟ وما هي طبيعة التغييرات التي ستشهدها الاحزاب والتيارات السياسية في لبنان نتيجة المتغيرات التي ستتلاحق على نحو شبه يومي في المرحلة المقبلة؟

الاجوبة عن هذين السؤالين مرهونة، في رأي المراقبين، بالمرحلة المقبلة التي ليست واضحة المعالم كليا.

 

إذا كانت أميركا فعلاً لا قولاً مع لبنان السيد المستقلّ والدولة القوية لماذا لا تفرض انسحاب إسرائيل كي تتخلّى المقاومة عن سلاحها ؟

النهار/اميل خوري     

عندما قال الرئيس ميشال سليمان للرئيس الاميركي باراك اوباما ان اسرائيل تستمر باطلاق التهديدات ضد لبنان مما يعوق نمو الاقتصاد فيه، وطلب منه ان يمارس ضغطا على اسرائيل لتنفيذ القرار 1701 ، وان تنسحب القوات الاسرائيلية من قرية الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا، رد عليه الرئيس الاميركي مشددا على قلق بلاده من عمليات تهريب السلاح المتواصلة الى لبنان، والتي تشكل تهديدا لاسرائيل، وربط تسليح الجيش اللبناني بالاسلحة الثقيلة بتنفيذ القرار 1701، مشيرا الى ان من مصلحة كل الاطراف ان يتم التشديد على عدم حصول تهريب للسلاح، اضافة الى المسائل الاخرى، واكد الالتزام بضرورة حل المسائل بالحوار والمفاوضات بديلا من العنف، ومتابعة المحاولات لجمع الاطراف معا ما داموا كلهم يعملون بنيات طيبة.

اوساط سياسية علّقت على هذا الحديث المتبادل بين الرئيسين الاميركي واللبناني بالآتي:

لقد تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في حديث له عام 1991: لماذا يُطلب من لبنان الضعيف ما ليس مطلوبا من الدول الاخرى بالنسبة الى تنفيذ القرارات الدولية كي يستطيع لبنان ان يعود افضل مما كان، وذلك ببسط سيادة الدولة على كل اراضيها؟ اضف ان من اتخذ هذه القرارات، اي مجلس الامن، عليه ان يكون مسؤولا عن تنفيذها فيجعل الاطراف المعنيين ينفذونها تحت طائلة فرض عقوبات عليهم، وهذا ما لم يحصل منذ ان صدر اول قرار يخص لبنان، وهو القرار 425، اذ ان اسرائيل رفضت تنفيذه مدى سنوات وهو يدعوها الى الانسحاب من الاراضي اللبنانية التي تحتلها من دون قيد ولا شرط اي دونما حاجة الى مفاوضات. وقد ادى موقف اسرائيل الرافض الى نشوء مقاومة اسلامية في لبنان تولت بقوة السلاح تحقيق هذا الانسحاب. ولم يتم تنفيذ القرار 1559 بالحوار ولا بالوسائل السلمية وهو يطالب "جميع القوات الاجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان" ويدعو الى "حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الاراضي اللبنانية بعد انسحاب ما تبقى من القوات الاجنبية من لبنان".

لكن هذا القرار ظل من دون تنفيذ، لا بل جرت مخالفته بالتمديد للرئيس اميل لحود وعدم التمكن من حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، ولا القوات الاجنبية انسحبت كي تستطيع الدولة بسط سيادتها على كل اراضيها، الى ان كانت "انتفاضة الاستقلال" و"ثورة الارز" ففرضتا تنفيذ البند المهم منه الا وهو انسحاب القوات السورية من كل لبنان، لكنها لم تستطع حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها ولا انهاء ولاية الرئيس لحود الممددة، الى ان كان القرار 1701 بعد حرب تموز مع اسرائيل عام 2006 وقد اتى على ذكر كل القرارات السابقة المتعلقة بلبنان ولاسيما القرار 1559 والقرار 1680، ودعا مرة اخرى الى تنفيذ كل ما بقي من بنودها.

وها ان القرار 1701 قد مضى على صدوره اكثر من ثلاث سنوات، ولم ينفذ منه سوى انسحاب القوات الاسرائيلية الى ما وراء الخط الازرق مع بقائها في قرية الغجر وفي تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، وانتشرت قوات دولية مع قوات من الجيش اللبناني شمال الليطاني، وتم وقف العمليات العسكرية مع اسرائيل من دون الانتقال حتى الآن الى مرحلة وقف شامل لاطلاق النار لان اسرائيل ما زالت تخرق هذا القرار بانتهاك طائراتها الحربية الاجواء اللبنانية مبررة ذلك بالادعاء ان هذا القرار تخرقه سوريا، وذلك بالسماح بمرور الاسلحة الى لبنان وتحديدا الى "حزب الله" عبر اراضيها، كما تخرقه ايران بارسال هذه الاسلحة اليه.

لذلك، كيف للبنان الضعيف والدولة التي لا تزال عاجزة ان تتحمل وحدها مسؤولية تنفيذ هذا القرار بكل بنوده ما لم يتعاون معها على ذلك كل الاطراف المعنيين، وهم الاقوى من لبنان، وهو ما تطالب به كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وتدعو الى التعاون على ذلك كي يستعيد لبنان سلامته الاقليمية وسيادته واستقلاله السياسي كاملين. فلبنان بوضعه الراهن ليس في قدرته تحمل التزامات تفوق امكاناته ما لم يتعاون معه جميع الاطراف المعنيين ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية ومجلس الامن الذي عليه انزال العقوبات بكل دولة معنية بتنفيذ بنود هذا القرار ولا تتعاون على ذلك، او وضع آلية لتنفيذ القرارات عندما تعجز عن ذلك الدول الضعيفة، او لا تتعاون معها الدول القادرة.

واذا كانت اسرائيل غير مهتمة بتنفيذ القرار 1701 فلأن هذا القرار حقق لها الامن على حدودها مع لبنان بانتشار القوات الدولية والجيش اللبناني عند هذه الحدود. واذا كانت سوريا غير مهتمة ايضا بتنفيذه، اما لانها تعتبر نفسها غير معنية، او لأن ما يهمها هو استعادة هضبة الجولان بشتى الوسائل، و"المقاومة الاسلامية" في لبنان لن تتخلى عن سلاحها ما لم تنسحب اسرائيل من بقية الاراضي اللبنانية التي تحتلها، وايران ستظل تمد المقاومة بالاسلحة على اختلاف انواعها، بحيث تشكل ورقة ضاغطة في يدها في موضوع ملفها النووي، فسيبقى لبنان وحده الخاسر من جراء عدم تنفيذ القرار 1701 بكل بنوده، لانه يصبح عاجزا عن تحقيق قيام الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كامل اراضيها ولا سلاح غير سلاحها ولا سلطة غير سلطتها ولا قانون غير قانونها، فيما حدود اسرائيل الشمالية مع لبنان تنعم بالهدوء بفضل وجود القوات الدولية ومعها الجيش اللبناني. وسوريا كما ايران تعتبر ان سلاح "حزب الله" ورقة ضاغطة في ايديهما سواء في موضوع استعادة الجولان او في موضوع الملف النووي.

الواقع، ان الولايات المتحدة الاميركية اذا كانت تريد ان يكون لبنان سيدا حرا مستقلا وتقوم فيه الدولة القوية التي لم تقم حتى الآن، وهي تكرر التأكيد ان لا حل في المنطقة على حسابه، فما عليها سوى العمل على حمل اسرائيل على الانسحاب من بقية الاراضي اللبنانية المحتلة كي تنتفي عندئذ اسباب بقاء السلاح خارج الشرعية، وان تطلب من سوريا بعد انفتاحها عليها منع مرور الاسلحة عبر اراضيها الى لبنان وذلك تنفيذا لما نص عليه القرار 1701 كي لا تظل اسرائيل تتذرع بمرور هذه الاسلحة عندما تنتهك طائراتها الحربية الاجواء اللبنانية، وان تطلب من ايران وهي تجري محادثات معها حول الملف النووي التوقف عن تزويد "حزب الله" الاسلحة. فلبنان كونه دولة ضعيفة لا يستطيع ان يفعل كل ذلك تنفيذا للقرار 1701، انما المطلوب من الدول الاخرى كونها الاقوى، ان تقوم بذلك، هذا اذا كانت الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي وجميع الدول الشقيقة والصديقة تريد حقا ان ترى لبنان سيدا حرا مستقلا، فعلا لا قولا، وفيه دولة قوية تبسط سلطتها على كل اراضيها.

 

واجـبـات..

عــمـاد مــوسـى/لبنان الآن

الخميس 17 كانون الأول 2009

يحب اللبناني الواجبات ويقدّسها وهو بطبعه مفطور عليها و"متربي" على تقاليدها ومتمرّس بها ويمارسها على أفضل وجه في مدنه وقراه وعلى امتداد الطوائف الكريمة. وتتقدم عبارات "انشالله تكون خاتمة أحزانكم" و"العوض بسلامتكم" على "مبروك للعرسان الحلوين" أو "انشالله يتهنّوا"، فـ"القعدة" بالصالون مع أهل الفقيد وارتشاف فنجان قهوة مرة توازي ألف جلسة مع أهل العريس. ويغالي الأشقاء اللبنانيون، خصوصاً "نواب المآتم"، في تظهير مشاعرهم عند أي مصاب جلل، عبوساً وخبثاً وتحسّراً، إلى درجة لا تعرف معها من هم ذوو الفقيد ومن هم المفجوعون الحقيقيون.. خصوصاً متى كان الفقيد ضمن دائرتهم الإنتخابية.

واجبات اللبنانيين في ما بينهم مضرب مثل. أما واجباتهم تجاه الأخوة السوريين فهي تفوق الوصف، ومن ينسى كيف هبّ لبنان هبة واحدة يوم وفاة باسل الأسد )1994) الإبن البكر للرئيس حافظ الأسد، وكيف فتحت الحدود اللبنانية السورية أمام الوفود والشخصيات اللبنانية المتنوعة سياسياً وطائفياً التي أمّت القرداحة وكيف ضاقت الصحف السورية ببرقيات التعزية وأصدق مشاعر الحزن. ويوم وفاة الرئيس حافظ الأسد تكرر المشهد نفسه وكان حزن لبنان يقطّع القلب لما لسيادة الرئيس من أفضال ومآثر. ومؤخراً فُجع اللبنانيون بوفاة مجد حافظ الأسد، وجلّهم سمعوا باسمه يوم وفاته. وعلى الرغم من حرص القيادة السورية على إضفاء الطابع العائلي على المناسبة الحزينة، (لا تغطية إعلامية للتشييع) على اعتبار أن الراحل الشاب كان خارج الهرمية السياسية والحزبية وجاءت وفاته نتيجة معاناة مع مرض عُضال، فإن مجموعة كبيرة من الرسميين والحزبيين اللبنانيين أبت إلا أن تشارك سيادة الرئيس المُصاب، معتبرة نفسها من أهل البيت، ومن لم يتمكن من الذهاب إلى القرداحة، قصد قصر المهاجرين، ومن لم تُتَح له الفرصة أن يعزّي مباشرة أرسل برقية واحتفظ بنسخ من الصحف التي أوردت نص برقية العزاء. وقبل وفاة مجد  الأسد (43 عاماً)، توفت والدة الدكتورة بثينة شعبان صاحبة الكلمة المسموعة في قصر المهاجرين. توفت قبيل تشكيل الحكومة اللبنانية، فقام اللبنانيون عبر ممثليهم لدى سلطة الوصاية، بواجباتهم خير قيام ولا تزال وجنات بعض السياسيين مبللة بالدموع. العاطفة اللبنانية تجاه سورية يعبر عنها خير تعبير الممثل الأعلى للسياسة السورية في لبنان إبن الجوار البار ميشال سماحة تقابلها عاطفة محدودة من الجانب السوري، حيث يوفد الرئيس السوري من يمثله في مأتم عزيز لبناني، وكان معالي الوزير وهيب الفاضل (وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية) الحاضر دائماً أبداً في الجنانيز اللبنانية كممثل للرئيس السوري، وأحياناً كان يدعّم بالحاكم العسكري رئيس جهاز الأمن والإستطلاع، وإذا كان الفقيد على قدر من الأهمية يحضر عبد الحليم خدام (قبل أن يُخوّن) إنما نادراً ما شهدت مآتمنا الرسمية زحفاً سورياً... تُرى هل عاطفتنا جياشة أكثر أم هناك أسباب أخرى؟.

  

حميد غريافي/المسألة النووية الإيرانية اولا /واشنطن تعيش أجواء أحداث خطيرة على أبواب الشرق الأوسط وتجمّد اندفاعها في عملية السلام والإرهاب/18 كانون الأول/09

 واشنطن - »المحرر العربي«:

كشفت مصادر نيابية في الكونغرس الأميركي النقاب أمس عن أن إدارة الرئيس باراك أوباما وضعت خلال الأيام العشرة الماضية بند البرنامج النووي الإيراني كـ »أولوية أولويات الولايات المتحدة الملحّة في رأس عشر قضايا دولية لها علاقة بالأمن القومي الأميركي بينها عملية السلام في الشرق الأوسط والحرب المستمرة على الإرهاب في أفغانستان، والحماية العسكرية الأميركية لإسرائيل ودول الخليج العربي الطارئة مع ارتفاع حمّى التأزم بين المجتمع الدولي وإيران«.

وقال أحد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكونغرس لـ»المحرر العربي« في اتصال به من لندن إن »اتفاقاً جرى بين الحكومات الأميركية والإسرائيلية والأوروبية وبعض الدول العربية خلال الأسبوعين الماضيين على تخفيف الاندفاع الأميركي في عملية السلام في الشرق الأوسط والملفات الدولية الساخنة الأخرى، للتفرّغ لحل المسألة النووية الإيرانية خصوصاً وأن اقتناع كل الأطراف بالتأثيرات السلبية لهذه المسألة على تلك الملفات وفي مقدمها الأزمة العربية - الإسرائيلية بات أمراً يجعل المجتمع الدولي منكبّاً على البرنامج النووي الإيراني للوصول إلى وضع حد نهائي له لأن تداعياته لن تسمح بأي حلول أخرى لا في الشرق الأوسط ولا في أفغانستان والعالم«.

ونقل النائب الديموقراطي الأميركي عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هوارد بيرمان الذي كان وراء إصدار مشروع قانون فرض عقوبات فورية على إيران هذا الأسبوع تمنع تصدير البنزين إلى إيران بأغلبية ساحقة في مجلس النواب (412 صوتاً مقابل 12 صوتاً فقط)، أنه أوصى بالمباشرة الفورية بتنفيذ مشروع القانون هذا لأن »امتلاك طهران السلاح النووي هو التحدّي الاستراتيجي الأخطر والأكثر إلحاحاً الذي يتوجب على الولايات المتحدة أن تواجهه«، كما أوصى بعقوبات أخرى في المرحلة القريبة اللاحقة تقوم على منع الأسطول الجوّي المدني الإيراني من الهبوط في مطارات دول الغرب كافة، ومنع المسؤولين الإيرانيين من دخول أي عاصمة غربية«.

لا تعديلات على تسليح الجيش!

وفي سياق متّصل، أماط أحد قادة اللوبي اللبناني في واشنطن اللثام لـ»المحرر العربي« عن أن إدارة أوباما »لن تعدّل أي شيء بشأن برنامجها البطيء لتسليح الجيش اللبناني لا نوعاً ولا كمّاً طالما لم تغيّر الحكومة اللبنانية سياستها حيال تجميد تطبيق للقرارات الدولية 1559 و1680 و1701 التي تدعو كلها إلى تجريد »حزب الله« من سلاحه«.

ونقل مسؤول اللوبي اللبناني عن موظف في الخارجية الأميركية قوله إن زيارة وزير الدفاع اللبناني الياس المر للولايات المتحدة في أوائل العام المقبل للبحث في تسليح الجيش اللبناني بأسلحة نوعية ومعدات متطورة، »لن تلقى الارتياح لدى المسؤولين الأميركيين الذين كانوا أفهموا سليمان أنه لا يمكن تطوير تسليح الجيش طالما »حزب الله« ممسك بمفاصل الدولة وبقرار الحرب، وبالتالي، فإن ما أُرسِل إلى هذا الجيش من أسلحة خلال السنوات الخمس الماضية لن يحدث أي تغيير في نوعيته أو كمياته المحدّدة«.

ونوّه مسؤول الخارجية في واشنطن بتصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل غير المسبوقة لصحيفة »هيرالد تريبيون« أول من أمس حيث اعتبر فيها »أن لبنان لن يصبح سيّداً ما دام »حزب الله« يمتلك أسلحة أكثر من الجيش النظامي«. متبنياً (المسؤول) حديث مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان لفضائية »الجزيرة« في الوقت نفسه بأن »هناك قناعة راسخة في المجتمع الدولي بأن سلاح »حزب الله« غير الخاضع للدولة اللبنانية يشكل خطراً على لبنان وينتهك القرارات الدولية«.

وذكر قيادي اللوبي اللبناني أن »أجواء الإدارة الأميركية توحي الآن بأن أحداثاً خطيرة في الشرق الأوسط على الأبواب، كما أن أجواء إسرائيل تعطي الانطباع نفسه خصوصاً بعد إعلان وزارة الدفاع في تل أبيب أول من أمس بدء توزيع الكمّامات الواقية من الأسلحة الكيماوية ووضع منطقتي الشمال (الحدود مع لبنان) وتل أبيب على رأس المناطق الإسرائيلية التي سيحصل سكّانها على الكمّامات في المرحلة الأولى«.

 

مقابلة مع الوزير السابق إبراهيم شمس الدين

المحرر العربي/18 كانون الأول/09

الشيعة كجماعة بشرية، غير مؤيدين لأطروحة ولاية الفقيه العامة بمعناها السلطوي

ليس بالضرورة أن يكون ما نراه هو قرار الشيعة إطلاقاً«...

 الدولة القوية لا تُنْتَظَر لأنها ليست هدية ولا وحياً، بل تُصنَعْ

أن تبقى جهة ممسكةً برقاب الناس تحت عنوان سياسي طائفي، فهذا أمر خطر!

مصطلح الديموقراطية التوافقية تلفيق كلام ما بين تعبيرَيْ ديموقراطية وتوافقية

إمساك الأحزاب بالطوائف يفكك البنى الاجتماعية

عدم قدرة الجيش الفنية لا يجب أن تشكل حجة لعدم تمكين الدولة من القيام بواجباتها

نحن اليوم في وضعية هدنة على الحدود الجنوبية وهي أفضل وضعية نكون فيها

الوجود العسكري الحربي شيء والمقاومة شيء آخر

قانون انتخاب (60) مكّن القوى السياسية من إنشاء الاصطفافات

إمساك الأحزاب بالطوائف يعني أن الطائفة تعتبر مخطئة إذا أخطأ الحزب.. وتعاقب وتخسر أو تربح إذا خسر أو ربح الحزب!

 أجرى الحوار: ماريو عبود /المحرر العربي

الفكر هو نفسه، مطعّماً بزبدة الخبرة ودسم التطور، فالإبن سرّ أبيه وقدر الثقافة أن تَرِثَ عِلماً وتورّث معلمين. إنها حال الوزير السابق إبراهيم شمس الدين الذي يشكل حالة فكرية يُفترض بكل لبناني أو عربي أن يطلع عليها لأن فيها الكثير مما يجمع حتى عندما تختلف الرؤى. ويكفي للرجل المتوقد في هدوئه أن يقول مثلاً: »إن القوة لم تكن يوماً حلاً في شيء، فهي استخدمت مع الكَثْرة ضد الحق في عاشوراء ولم تُفلح« ليدرك محدِّثُه أن طريق الحلول تمر حكماً في معابر أُخَرْ.

> ألم نكن في غنًى عن أي تسوية سورية - سعودية لو قبل الشيعة بمنطق الديموقراطية (الأكثرية والأقلية).

- لا أرى في عناصر السؤال ترابطاً صحيحاً: فالمسألة ليست في قبول الشيعة أم عدم قبولهم. نحن نتعامل مع قوى سياسية تختلف عن الطوائف لأن صيغة لبنان أو الميثاق مبني على طوائف لا على أحزاب سياسية. وبحسب الميثاق، الطوائف تشارك في الصيغة لا الأحزاب لأن الطوائف باقية فيما الأحزاب تكبر وتصغر أو حتى تزول. وعبر تاريخنا نرى أن الأحزاب تندثر ولا يبقى منها أي شيء. لذلك لا أوافق على مقولة إن الشيعة أرادوا أو لم يريدوا. فطائفة اللبنانيين المسلمين الشيعة (ومعاليه يُصرّ على هذه التراتبية)، ليس بالضرورة أن يكون ما نراه، هو قرارهم السياسي إطلاقاً.. العقل أو الخيال للبنانيين المسلمين الشيعة وُضع مع الإمام محمد مهدي شمس الدين والسيد موسى الصدر في مؤسسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أي الانتماء النهائي للوطن ولا مشروع خاصاً لهم، وولاؤهم هو لدولتهم ووطنهم، ويشتركون مع اللبنانيين الآخرين في تطوير بلدهم، بحيث يكون لهم حضورهم السياسي الاجتماعي. اليوم القوة السياسية الشيعية التي هي ضمن الطائفة الشيعية هي التي تدير الأمر وبعنوان اللبنانيين المسلمين الشيعة، كما هو الأمر في طوائف أخرى ما عدا المسيحيين الذين لديهم تنوع وهذا أمر صحيح وصحي. ومن هنا اعتبر أن إمساك الأحزاب بباقي الطوائف هو أمر خطر على الطوائف كمجموعات بحيث يُعتبر أن الطائفة إذا أخطأت أخطأ الحزب وتُعاقَب وتخسر أو تربح إذا خسر أو ربح الحزب، ناهيك عن أن هذا الموضوع يؤسس لحالة العداء بين الناس ويصبح الشيعة مثلاً على خطأ إذا أخطأ قائدهم وهذا ما يفكك البنى الاجتماعية وينتج قرارات سياسية غير صحيحة.

ما معنى الاصطفاف الشيعي؟

> إذاً كيف تفسر اصطفاف غالبية الشيعة خلف ثنائي »أمل - حزب الله«. هل هو إحساس الخوف من ذاكرة الماضي، إحساس القوة، أم الإيمان بالمشروع السياسي؟

- بالاستدراك، أنت ألمحت إلى التقارب السوري - السعودي في السؤال الأول، وأنا أعتبر أن هذا الأمر مطلوب بغض النظر عن الوضع السياسي في لبنان، فأي تقارب عربي هو أمر جيد خصوصاً إذا كان بين السعودية وسورية وهو ينعكس إيجاباً على لبنان وتنتفي الخصومات والتوتر والخيارات تصبح أوضح، ليتكون الموقف العربي أو السلوك العربي. بالعودة إلى الاصطفافات، أنا أرى أنها لا تولد من خلال السلوك الاجتماعي، بل تخلقها الصيغ التطبيقية للنظام السياسي أي بسبب آليات الحكم السياسي وتحديداً آليات قانون الانتخابات. فقانون (1960) الذي أُحيي بعد أن كان جثة وحُقن بسوائل ليبدو كأنه حي، إنما هو (زوجين) حقيقةً. هذا القانون مكّن القوى السياسية من أن ترسم أطرها الجغرافية والسياسية والطائفية المتداخلة بحيث من الطبيعي أن تنشأ الاصطفافات: لم يُسمح للشيعة إلا أن يكونوا ويتصرفوا كشيعة، والأمر نفسه ينسحب على بقية الطوائف؛ فعندما نحصر أي جماعة في حيّز ما، وفي حدود فكرية، تبرز هويتهم الجزئية. لذلك أقول: اللبنانيون المسلمون الشيعة دُفعوا ليتصرفوا على أنهم شيعة أولاً، وربما دائماً، وهنا الخطر الذي يدفعني إلى قلق حول الهوية الوطنية التي هي من ضمن القواسم المشتركة والتي تتم محاولة إبادتها واضمحلالها لصالح هويات جزئية يمكِّن القوى السياسية من أن تبقى مسيطرة.

فلو كان هناك قانون انتخابي آخر يسمح ببروز قوى عديدة في محيطها لانتفت حدة الحصريات الطائفية السياسية والاستقواء من القوى السياسية على طوائفها، وهذا لا يعني بالضرورة اختفاء الأحزاب، فـ»حزب الله« موجود وحركة »أمل« والتيار الوطني وغيرهم موجودون، ولكن أن تبقى جهة ممسكة برقاب الناس تحت عنوان سياسي طائفي، فهذا أمر خطر وغير صحيح وغير مقبول وأنا لا أقبله.

»اللبنانيون المسلمون الشيعة«.. لماذا؟!

> تركزون في حديثكم على »اللبنانيون المسلمون الشيعة« وهذا ما كان الإمام محمد مهدي شمس الدين يدعو إليه لناحية انخراط الشيعة داخل مجتمعاتهم العربية. فلماذا نلحظ اليوم نزعة نحو »إسقاط« دعوة الإمام شمس الدين والتفافاً أكثر نحو مَن يؤيد ولاية الفقيه؟

- أيضاً، لا أعتبر أن الكلام دقيق. فالإمام شمس الدين أعطى هذا الخطاب في وصاياه قبل وفاته، والدعوة نحو الاندماج ليست بقصد التوجيه، بل بهدف التذكير، وكلامه لا يعني أن المسلمين الشيعة كان لديهم فكر أو مشروع انفصالي، إنما ذكّرهم بما هم عليه؛ ولكن أنا أعتقد اليوم أن العمل الذي أُسِّس عليه منذ 30 عاماً هو في تآكل. موضوع »الشيعة العرب« هو مصطلح للوالد، هو نحته وبنى عليه، لذلك في منتصف التسعينات حصل ارتياح في الوضع داخل السعودية وحصل حوار داخلي وعودة للمعارضين؛ ونشأ فكر آخر، الأمر نفسه حصل في البحرين والكويت، فالإمام شمس الدين أيّد التعديل الإصلاحي بالتحول نحو الملكية الدستورية في البحرين وذكر ذلك في وصاياه.

في موضوع ولاية الفقيه: أنا أعلم، كما أعلم أنك جالس هنا، إن الشيعة كجماعة بشرية غير مؤيدين لأطروحة ولاية الفقيه العامة بمعناها السلطوي السياسي. نحن الشيعة اللبنانيين قابلون بلبنان النظام الديموقراطي البرلماني بصيغته. أطروحة ولاية الفقيه لها شرعيتها وحقيقتها في دولة اسمها الجمهورية الإسلامية في إيران ونحن نقبلها بقبولهم لها، وأتوقع أن يقبلوني بالنظام الذي ارتضيته لنفسي.

> إذاً، كيف تفسر هذا الترابط الذي يزداد توثيقاً بين شيعة لبنان وإيران، بين شيعة اليمن وإيران، بين جزء كبير من شيعة العراق وإيران؟

- أنا أميز الشيء الصحيح من الشيء الواقعي، والواقعي ليس دائماً صحيحاً، وهذا مثل اتهام الإسلام أنه إرهابي، (مستطرداً): وهل يعكس أسامة بن لادن الإسلام الحقيقي، الإسلام الذي يدعو إلى التواصل والحوار؟ أبداً، فبن لادن مسلم ولا يمثل الإسلام؛ وبالتالي، كما لا أقبل تهمة الإرهاب على الإسلام، لا أقبل التشخيص الذي تطرحه. لا يوجد شيء اسمه »شيعية عالمية« ولا شيعة عابرين للقارات ولا يوجد شيء اسمه »هلال شيعي«، وأنا كتبت أن الشيعة لا يقبلون أن يكونوا هلالاً بل يريدون أن يكونوا بدراً تاماً، وتمائم بدرهم أن يكونوا مندمجين في أوطانهم. إيران دولة لها صيغتها والأكثرية الساحقة من سكانها هم من المسلمين الشيعة الإثني عشرية، والهوية الثقافية لا يمكن سلخها عن صيغة التطبيق في العمل السياسي، ولكن لا ارتباط بالمعنى السلطوي. فأنا رئيسي الذي يمارس عليّ السلطة، وكل أموري هي في هذه الدولة التي اسمها لبنان والمعروفة أنظمتها. الموضوع الذي تتحدث عنه في سؤالك يدخل في أنماط السياسات الخارجية للدول، هذه مصالح الدول وأي دولة لها نظام مصالح تتصرف بموجبه.

> حدثتكم عن الجنوح في السؤال السابق لأن السيد نصرالله يقول في الوثيقة السياسية: »نجدد الرفض لعملية التسوية والاتفاقات التي أنتجها مسار مدريد التفاوضي« وهذا يناقض الموقف الرسمي للدولة الذي عبر عنه الرئيس سليمان من مؤتمر مدريد؛ إذاً، هناك جنوح نحو الموقف الإيراني.

- موضوع الصراع العربي - الإسرائيلي وموضوع احتلال فلسطين له تقنية تحليل مختلفة. نحن كدولة لبنانية نلتزم المبادرة العربية في رغبة السلام وإرادة السلام، ولكن هذا نصف الطريق. الخصومة تحتاج إلى طرف واحد والصداقة تحتاج إلى طرفين والإشكال ليس في ما نريده نحن، بل في ما يقبل به الإسرائىلي. لنضع موضوع الحقوق جانباً، هناك تعبير شهير للإمام محمد مهدي شمس الدين يقول فيه نحن لا نريد العدالة المطلقة لأنه لا يمكن تحقيقها بل العدالة النسبية، عدالة الدول. أما في موضوع إسرائىل أنا لا أعتقد أن هناك سلاماً سيبنى مع إسرائيل لأنها لا تريد سلاماً، كما لا أعتقد أن هناك عملية السلام بل عملية سلمية itصs not a peace process itصs a peaceful process يستمر في خلاله قتل الفلسطينيين وتهجيرهم وهدم بيوتهم بتعابير منمقة. في الداخل اللبناني هناك جهات لها مواقفها، لكن مصلحة لبنان كدولة يجب أن تُحفظ وتُلحظ لأنها مصلحة الناس ويُعبَّر عنها عبر المؤسسات الدستورية، أما الرأي الآخر فلا أحد يستطيع أن يلزمني به، كما لا تستطيع أي جهة أن تلزم الدولة بخيارها. أنا أعتقد أن السيد نصرالله عبر عن منحىً فكري، عن الرؤية والقناعة لا عن السياق، فهم يرفضون الهدنة بينما الطائف نص على الهدنة التي اعتقد أنها أمر جيد، والأهم من هذا أننا اليوم في وضعية هدنة والوضع الموجود على الحدود وضع هدنة وهي أفضل وضعية يمكن أن نكون فيها. أنا لا أعترف بالاحتلال الإسرائيلي ولست في حالة سلام معهم ولا يزالون أعداء، والوضع سيستمر، ولكن هذا لا يعني أن هناك حرباً يومية يجب أن تنشب، هناك دولة يجب أن تكبر وتنشأ مع الاستعداد الكامل لأي عدوان وللمواجهة والجيش يجب أن يكون مستطيعاً الدفاع ويجب أن نمكّنه بحيث لا تكون عدم قدرته الفنية حجةً لاستمرار وضع غير طبيعي أو لعدم تمكين الدولة من القيام بواجباتها. أنا أسلم الدولة حصرية استعمال القوة شرط أن تدافع عني وتقوم بواجباتها.

وماذا عن الديموقراطية التوافقية؟!

> بما أنكم تحدثتم عن احتمال أن يكون السيد نصرالله يتطرق فكرياً إلى مسألة الهدنة، فهل ترى أنه في الإطار نفسه يأتي الكلام الذي يعتبر »أنه ما دام النظام السياسي يقوم على أسس طائفية فإن الديموقراطية التوافقية تبقى قاعدة للحكم في لبنان«.

- أنا أعتبر أن مصطلح الديموقراطية التوافقية غير صحيح وغير دقيق وهو تلفيق كلام ما بين تعبيري »ديموقراطية وتوافقية«. وأعتقد أنها صيغة تخلق قلقاً إضافياً في لبنان وتتنافى مع الديموقراطية بمعناها الحقيقي.

> »في لبنان جيشان، جيش للدولة وجيش لغير الدولة«، توافق أو لا توافق؟

- هناك جيش للدولة، لكن الجيش الآخر غير مصرَّح عنه بهذا المعنى وتعبير جيش غير موجود. أنا أفهم أن الدولة تكون الإدارة المركزية لوطن والدولة لها عدة شغل، ومؤسسة الجيش هي من المؤسسات الكبرى والضرورية، ولدولة محاذية لوجود عدواني يجب أن يكون هناك جيش يُقَوَّى ويُدعَّم وتُعاد خدمة العلم لشبابه. الوجود العسكري الحزبي شيء والمقاومة شيء آخر، وانطلاقاً من هذا المعنى أنا أرى أن غالبية الناس تعتبر أن المقاومة حقٌ لها كحق الحياة، وحق الدفاع عن النفس، وهذا لا يحتاج إلى ترخيص أو إجازة من أحد، لكن هذا لا يُعفي الدولة، فأنا لا أمنع الدولة عن شيء وأجلدها لعدم احتوائها عليه. لكنا لنا مصلحة في أن تكون الدولة قوية، والدولة القوية لا تُنتظر لأنها ليست وحياً ولا هوية تأتينا من مكان وفي فترة زمنية، الدولة الصحيحة والقوية والعادلة نحن نضعها عبر عملنا والتزامنا بأنظمتنا وقوانيننا وتطويرها والرضوخ لها، ومن هذه الدولة نصنع جيشاً قادراً عدةً وعتاداً نتكل عليه وندعمه ونؤيده، لا جيشاً نحوِّله إلى مؤسسة شرطة، فمن أسخف الأمور أن يتولى الجيش مهمات الأمن الداخلي. في الديكتاتوريات، الجيش هو الشرطة، فهل نحن نريد هذا اللبنان. في لبنان لا توجد ديموقراطية بل نظم ديموقراطية لكنها لا تطبَّق وإن طُبقت تُطبق بشكل اختياري بحسب المصالح.

معادلة الثقة للحكومة

> المعادلة التي أعطت الثقة للحكومة هي التالية: حكومة تشرع عمل المقاومة أو لا حكومة.. هل هذا صحيح؟

- يبدو الأمر كذلك. نعم. مع إعادة التذكير أنه لا هذه الحكومة ولا غيرها تشرع عمل المقاومة، فالمقاومة حق موجود دائماً، ننام ونصحو عليه. ولكن بالفهم اللبناني الملفَّق، ما تقوله في سؤالك يبدو صحيحاً.

»أخوية ومتكافئة«.. بدلاً من »ندية«

> تعبير »العلاقات الأخوية« بدل »العلاقات الندية« سيحول دون توجيه دعوة إلى الحريري ليزور سورية على اعتبار أن هذا النوع من العلاقات يسقط الطابع الرسمي والبروتوكولات؟

- العلاقة يجب أن تكون طبيعية بين البلدين. العلاقة مع سورية قدر وخيار. لبنان كالبيت، الذي له سياج وباب وساكنوه، لكن يجب أن يكون دائماً شفافاً ليظهر ما يجري فيه حتى وإن كنا »مستورين« في داخله، وسورية يجب أن تكون مطمئنة دائماً وترى ماذا يحدث، لا من أجل التدخل بل من أجل الشفافية التي تبين أن قاطني هذا البيت هم »فلاح« وليس المقصود هنا الشك في اللبناني بل بهدف التوثيق.

> دائماً نحن مضطرون لإجراء فحص دم سياسي!!

- أبداً، لقد قلت إن الأمر ليس من باب الشك بل للتوثيق، وهذا إثبات لحسن نية موجود. إبراهيم (ع.س) قال »أرني كيف تحيي الموتى«، أجاب: »أولا تؤمن؟«، قال: »بلى ولكن ليطمئن قلبي«. الوضوح يحفظ العلاقات. تعبير »الندية«، الحكومة السورية لا تحبذه وأزعجها، فإذاً لماذا علي أن أستعمله وهو لا يفيدني، وهذا التعبير دفع الفريق الآخر، الذي أكتب عنه بنيَّة صحيحة يستاء، بسبب اللغة غير الصحيحة. فلنستعمل تعبير »أخوية ومتكافئة« أما بالنسبة إلى الدعوة وتوجيهها فأنا لست مطَّلعاً على الأمر.

> ألا تعتقد أنه عندما ترفض دولة جارة تعبير »العلاقات الندية« فهذا يعني أنها في عقلها الباطن لا تعترف بلبنان كبلد إن لم يكن في حديقتها الخلفية؟

- لا أعتقد أن هذا الأمر موجود. أما بالنسبة إلى لبنان فأهله هم مَن يجعلوا منه بلداً أو يفقدوه صفة البلد. الآخرون يستطيعون أن يحتلوه كما فعلت إسرائيل؛ مسؤوليتنا نحن أن نحافظ على البلد، فإذا تصرَّفْت معه بخفَّة وبسلوكية البائع، فهو حكماً لن يبقى بلداً وعندها »السوريون وغير السوريين يبلُّون يدهم فيه«. أما إذا تصرفنا بوطنية حقيقية وانتماء لبناني حقيقي، فعندها يتعامل معنا الآخرون على هذا الأساس. هذا البلد، وبكل أسف ليس منفتحاً بقدر ما هو مشرَّع، وعلى اللبنانيين أن يستحوا قليلاً.

> هل تعتبر أن الاستنابات القضائية التي صدرت من سورية هي لنسف أي جدول أعمال يحمله الحريري وحصر الموضوع بالاستنابات للدخول منه مواربةً إلى موضوع المحكمة الدولية مع صاحب الشأن موضوع الاستنابات؟

- لم أفهم جيداً وبالتالي لا أستطيع التحدث عن الموضوع وأستبعد ما طرحَتهُ، وأعتقد أن هناك أموراً أكثر أهمية للتشاور في شأنها.

> صحيفة »النهار« تذكر في 6 ك1 »أن هناك انفتاحاً سورياً على لقاءات شيعية خارج »أمل وحزب الله« أين أنتم منها؟

- أنا لي علاقة جيدة مع إخوان كثيرين في سورية، علاقة قديمة وودودة ومحترمة وأحفظها وأحافظ عليها. أنا لا أخاف من سورية ولا من السوريين. لبنان كدولة، عليه أن يحسن التصرف من دون أن يعني ذلك أنه ولد شقيّ، نحن في سياستنا الخارجية علينا أن نهتم بمحورين: إكثار لبنان من صداقاته لدعم قضاياه، والحفاظ على نفسه من العدو، هذا هو محور السياسة الخارجية، وبديهيات الأمور تفترض البناء من الأقرب إلى الأبعد.

> الحملات التي استهدفت الرئيس سليمان قبل زيارته واشنطن، هل ترون إنها تأتي لتقييد رئيس الجمهورية في إطار معين؟

- أنا لم أتابع تفصيلاً ما كان يقال، لكن أقول إن رئيس الجمهورية هو رئيس البلاد ونقطة عالسطر، فهو ليس في حاجة إلى تعليم أو توجيه وإذا كان هناك من مشورة فهي تحصل في اجتماع، والقصر الجمهوري مفتوح، أما أن يُعطى توجيه إلى رئيس الجمهورية فالأمر ليس لائقاً وهو يضعف فكرة الدولة من دون أن يبرز قوة الموجِّه.

 

الحريري إلى دمشق الأحد ومجلس الوزراء الاثنين

النهار/تراجعت "منظومة" الاستحقاقات السياسية القريبة برمتها امس امام المعاناة الدراماتيكية للبنانيين في معظم المناطق نتيجة الامطار الغزيرة والعاصفة التي ضربت لبنان.

واذ غرقت بيروت ومعظم المدن الساحلية في بحيرات احتجزت فيها ألوف السيارات وسط اختناق غير مسبوق، وقطعت السيول خط بيروت – صيدا عند اوتوستراد الناعمة – خلدة، فاضت السيول في مناطق مختلفة مقتحمة عشرات المنازل والاحياء وخصوصاً في الطريق الجديدة وصبرا ووطى المصيطبة وصولاً الى الناعمة ونهر ابرهيم.

ومع ان مختلف الاجهزة الرسمية في وزارتي الداخلية والاشغال، الى قوى الامن الداخلي والدفاع المدني والاطفاء، كانت في حال استنفار كاملة لمواجهة اثار العاصفة، فإن كل قدرات الدولة بدت عاجزة عن احتواء قوتها، فيما لم يغب عن مشهد هذا القصور ملف تشابك الصلاحيات وتقاذف المسؤوليات عن العجز او التقصير سواء بين الاجهزة والمؤسسات الرسمية او البلديات. وقالت مصادر معنية ان اداء الاجهزة الادارية والامنية بدا امس على قدر عال من التنسيق بفعل بدء معالجة ازمة السير عقب الاجتماع الذي انعقد في السرايا قبل اسبوعين. لكن ذلك لم يخف ضعف القدرات المتوافرة لدى هذه الاجهزة لمواجهة عاصفة كبيرة وعنيفة، فضلاً عن ان التفعيل الكامل لهذه الاجهزة لا يزال مشوباً بكثير من النقص. وتوقعت ان يشكل ذلك نقطة تركيز في الاجتماعات والمعالجات المقبلة، لان تجدد العواصف من شأنه ان يستعيد النتائج نفسها التي ظهرت امس.

غرق باخرة

ولم تقتصر اضرار العاصفة على هذا الجانب الداخلي فحسب، بل هددت بكارثة انسانية مع غرق باخرة على متنها 83 شخصاً قبالة طرابلس كانت محاولات انقاذهم مستمرة حتى ساعة متقدمة ليلاً. وقد انقلبت الباخرة "داني تو" الآتية من الاوروغواي الى مرفأ طرطوس في سوريا والتي ترفع علم بناما قرابة السابعة والنصف مساء على مسافة نحو عشرة كيلومترات قبالة ساحل طرابلس. ووجهت الباخرة نداء استغاثة فتوجهت على الفور فرق من القطع البحرية للجيش تساندها قطع اخرى تابعة للقوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" وباشرت عمليات الانقاذ، كما افاد بيان للجيش. وعلم ان الباخرة كانت تنقل مواشي وعلى متنها نحو 83 شخصاً وامكن انتشال نحو 19 ناجياً من البحارة بعد ساعتين من الحادث. وشاركت سفينة سورية في انتشال ثلاثة من افراد الطاقم. وقال مسؤول ملاحي في مرفأ طرابلس لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" ليلاً ان بين الناجين فيليبينياً وباكستانياً وان بينهم لبنانياً وسورياً على الاقل.

وصرح ناطق باسم القوات البريطانية في قبرص ان هذه القوات تشارك بدورها في عمليات الانقاذ بواسطة طوافة توجهت على عجل الى مكان الحادث.

الحريري

اما على الصعيد السياسي، فقد بدأت الاهتمامات تتركز على الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء سعد الحريري لدمشق وما يمكن ان يكون لها من انعكاسات على مجمل الوضع في لبنان. وفي هذا السياق اجمعت مصادر قريبة من الحريري واخرى لدى قوى حليفة لدمشق امس على ان موعد الزيارة قد حدد الاحد. وقالت هذه المصادر لـ"النهار" انه يرجح ان يقوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان بزيارة لدمشق قبل زيارة الحريري، لتقديم التعازي الى الرئيس السوري بشار الاسد بوفاة شقيقه مجد. واوضحت ان زيارة سليمان واردة في اي لحظة، ومن غير المستبعد ان تحصل بعد ظهر اليوم أو غداً. واشارت الى ان ترتيبات زيارة الحريري قد انجزت، وبات مرجحاً ان يكون الوفد الذي سيرافقه مختصراً على ان يعقد لقاء منفرد يضمه والرئيس الاسد. ووصفت اوساط قريبة من الحريري الزيارة بانها "طبيعية"، مذكرة بزيارة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لدمشق من دون دعوة في تموز 2005 بعد نيل حكومته الثقة واثر مشكلة اقفال الحدود بين البلدين في تلك المرحلة. ولفتت الى ان الحريري شديد الحرص على استقلال لبنان وقراره الحر وان الزيارة تأتي في سياق تأكيد استقلالية كل من البلدين. واعربت عن اعتقادها ان الزيارة ستتخذ الطابع الرسمي من غير ان تستبعد ان توجه الدعوة الى الحريري عبر رئيس الوزراء السوري ناجي العطري الذي سيكون في استقباله في مطار دمشق. وفي موقف علني أول له من قضية الاستنابات القضائية السورية في حق شخصيات لبنانية، صرح الحريري امس لمحطة "ام تي في" التلفزيونية على هامش مشاركته في قمة كوبنهاغن ان صدور هذه الاستنابات هو "خطأ اذ لا يصح ان يقيم لبناني دعوى قضائية على مواطنيه في الخارج". وشدد على ان هذه الاستنابات "هي غير موجودة بالنسبة الي، لانه ليس بهذه الطريقة تبني الدول علاقاتها بعضها مع البعض"، معربا في الوقت عينه عن "تمنياته ان تكون العلاقات (بين لبنان وسوريا) افضل واكثر صراحة ومبنية على مصلحة الدولتين". ويشار في هذا السياق الى ان الوزراء تبلغوا امس موعد عقد الجلسة الاولى لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة الثقة، وذلك الاثنين المقبل في القصر الجمهوري.

 

بري يسأل هوف عن سبب "إنعاش" الـ 1559

النهار 18/12/09 علمت "النهار" ان فريديريك هوف مساعد المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل والمسؤول عن ملف سوريا ولبنان يتولى خلال زيارته لبيروت اطلاع المسؤولين على التحضيرات للجولة المقبلة لميتشل في المنطقة. وخلال زيارته امس لعين التينة تساءل امامه رئيس مجلس النواب نبيه بري: "لماذا العودة اليوم الى محاولة انعاش القرار 1559؟ فلبنان باختصار يسير على قواعد القرار 1701 استنادا الى القرار 425 منذ ايام الاستاذ غسان تويني عندما كان ممثلنا في الامم المتحدة عام 1978. وانتم تعلمون وتقرأون التقارير اليومية التي تكشف الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة للقرار 1701، وعندما غادر السفير جيفري فيلتمان لبنان قال لي ان القرار 1559 اصبح في حكم المنتهي". واضاف بري، استنادا الى معلومات "النهار": "ساهمت اميركا في اصدار القرار 425 آنذاك ويبدو انكم لا تحترمون قراراتكم". ومع انه لم يجر التطرق الى سلاح "حزب الله"، فإن بري فاتح هوف بالموضوع قائلا: ان "وظيفة هذا السلاح تنحصر في مهمة تحرير ارضنا المحتلة، ونحن في انتظار ما ستفعله وتقدمه ادارتكم ديبلوماسياً لتحرير مزارع شبعا اللبنانية وما تبقى من ارضنا المحتلة". وجرى حديث في شأن عملية السلام وموقع لبنان منها، فاعتبر بري ان هذه العملية "تسير ببطء شديد واسرائيل اصلا لا تريد تحقيق السلام". وسأل عما قامت به اميركا لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وشدد على ان لبنان آخر من يوقع بعد جميع الدول العربية السلام مع اسرائيل، مستشهدا بما قاله في هذا الصدد البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. ويذكر ان بري اجرى امس اتصالا بالرئيس سليمان وهنأه بعودته من واشنطن واطلع منه على اجواء زيارته.

 

 

 الحريري في دمشق غداً أو الأحد

الحياة/ رجحت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ «الحياة» أن يزور رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري دمشق غداً السبت أو بعده الأحد، مشيرة الى أن ترتيبات الزيارة يجري إعدادها من خلال الاتصالات السعودية – السورية.

وإذ توقعت المصادر نفسها أن يعود الحريري الى بيروت اليوم من كوبنهاغن بعد مشاركته في قمة المناخ في العاصمة الدنماركية، ولقائه عدداً من رؤساء الدول والحكومات هناك، أوضحت أن زيارته دمشق قد تستغرق يوماً واحداً أو يومين وفقاً للحاجة لاستكمال لقاءاته في العاصمة السورية أو لإمكان اتمامها في يوم واحد.

وفي وقت يتوقع عقد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل، هي الأولى بعد نيل الحكومة الثقة، فإن الحريري استكمل لقاءاته في العاصمة الدنماركية وكان أهمها أمس اجتماعه مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف منتصف الليل بتوقيت بيروت بعد أن كان التقى الرئيس التركي عبدالله غل ، ورئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر الصباح. كما التقى رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو. وشدد الحريري في محادثاته على وجوب تنفيذ القرار الدولي 1701، ووقف الخروق الإسرائيلية اليومية له. وشكر غلّ على مشاركة بلاده في القوات الدولية في الجنوب اللبناني (يونيفيل). وحين سألت «الحياة» الحريري في كوبنهاغن عما ذكر في الإعلام اللبناني عن أنه سيتوجه الى دمشق قريباً جداً قال: «قريباً».

وكانت زيارة الحريري لدمشق تأجلت بعد أن كان تقرر أن تتم يوم الأحد الماضي بسبب التمهل الذي فرضه الاستفسار من دول عدة ترعى المصالحة بينه وبين القيادة السورية عن سبب صدور الاستنابات القضائية السورية في حق شخصيات سياسية وقضائية وأمنية وإعلامية لبنانية في شكوى مقدمة لدى القضاء السوري ضد «الشهود الزور» السوريين في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وقالت مصادر مطلعة أن دولاً عدة بينها المملكة العربية السعودية جاءها جواب الجانب السوري أنه «يجب عدم التوقف عند هذه الاستنابات أو إعطائها أي أهمية لأن الأهم أن تتم الزيارة والرئيس الحريري سيلقى استقبالاً استثنائياً، ولأن القيادة السورية حريصة على التفاهم معه». وأوضحت المصادر السياسية أن الجانب السوري قلل من أهمية الاستنابات، التي كانت موضع بحث وتقويم بين الحريري والمسؤولين السعوديين وغيرهم، الى أن جاء نبأ وفاة مجد حافظ الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، ما أدى الى انشغاله بترتيبات الدفن والتعازي، الأمر الذي أدى بدوره الى تأجيل الزيارة. ورجحت المصادر نفسها ألا يثير الحريري خلال زيارته دمشق قضية الاستنابات. ودعت المصادر الى التعاطي مع الزيارة المرتقبة على أنها لإتمام المصالحة على الصعيد الشخصي واستعادة التواصل، خصوصاً أن الرئيس الحريري يعرف الرئيس الأسد منذ أيام تولي والده رئاسة الحكومة في لبنان والتقيا العام 2000 بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد. كما لاحظت المصادر تركيز الحريري في تصريحاته عن العلاقة مع سورية على الحاجة الى استكمال المصالحات العربية لمواجهة إسرائيل وسياستها تجاه الفلسطينيين ولبنان وسائر العرب ومبادرتهم للسلام، إذ يضع الزيارة في إطار تمتين الصف العربي في المرحلة المقبلة.

وفيما علمت «الحياة» أن وزير خارجية إيران منوشهر متقي سيزور بيروت الأسبوع المقبل للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين والاجتماع مع الحريري لتجديد دعوته الى زيارة طهران، ذكرت مصادر مطلعة أن جلسة مجلس الوزراء الأولى الاثنين المقبل ستشهد عرضاً للزيارات التي قام بها كبار المسؤولين في الآونة الأخيرة، لا سيما زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لواشنطن ونتائج لقاءاته مع الرئيس باراك أوباما وسائر المسؤولين الأميركيين، فضلاً عن لقاءات الحريري في كوبنهاغن وزيارته لدمشق التي يفترض أن تكون تمت قبل الجلسة.

 

الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً.

الحياة/ 18/12/09

علمت «الحياة» أن الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً. وكانت سورية اعتبرت بعد انسحابها من لبنان في 26 نيسان (ابريل) 2005، أنها نفذت الشق المتعلق بها في إحدى فقرات القرار التي تدعو الى انسحاب كل القوات الأجنبية على أرضه. إلا أن الفريق اللبناني اعتبر أن القرار يتناول أيضاً القوات الإسرائيلية، فضلاً عن نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وكان القرار صدر قبل يومين من التمديد للرئيس اللبناني السابق إميل لحود ودعا الى إجراء الانتخابات الرئاسية من دون تدخل خارجي.

وإذ ذكرت أنباء إعلامية أن الخارجية اللبنانية ستسعى الى شطب القرار في الأمم المتحدة فإن وزير الخارجية علي الشامي التقى أمس البعثات العربية والأجنبية في لبنان وأطلعها على توجهات وزارته استناداً الى البيان الوزاري وإلى «الثوابت الوطنية واحترام القرارات الدولية وتطبيقها، لا سيما القرار 1701 الذي أعاد التأكيد على القرار 425».

وعلمت «الحياة» أن الوزير الشامي أبلغ السفراء المعتمدين في لبنان أن القرار الدولي الرقم 1559 «مات وانتهى». وذكرت مصادر مطلعة أن الوزير الشامي الذي كان في عداد الوفد الوزاري الذي رافق الرئيس سليمان الى واشنطن، لفت الى أن لبنان أبلغ المسؤولين الأميركيين أن موضوع سلاح «حزب الله» متروك للحوار الوطني اللبناني وأن المشكلة هي في الخروق الإسرائيلية المستمرة وقضم الأراضي.  

وفي المقابل نسبت «وكالة الأنباء المركزية» المحلية الى مصدر ديبلوماسي لبناني قوله إن لبنان، انطلاقاً من عضويته المقبلة في مجلس الأمن «سيرى ما يمكن فعله من أجل إقناع أعضاء مجلس الأمن بموقفه حيال الـ1559 الذي بات من وجهة النظر اللبنانية شبه منجز، ما عدا البند المتعلق بالدعوة الى حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها والتي ستعالج على طاولة الحوار الوطني». واعتبر المصدر أن القول بإمكان شطب القرار هو في الواقع سحبه من اجتماعات مجلس الأمن.

ورأى المصدر أن البند المتعلق بانسحاب ما تبقى من قوات أجنبية ينطبق على القوات الإسرائيلية، بما أن القرار استند الى القرارين 425 و426 المتعلقين بانسحاب إسرائيل حتى الحدود المعترف بها دولياً. وأضاف: «الشطب غير وارد في القانون الدولي باعتبار أن القرار صدر. أما أنه نُفذ فهذا أمر يتطلب من لبنان العمل من أجل سحبه على خلفية أن التقرير نصف السنوي العاشر للأمين العام عن تنفيذ القرار تعدى بنوده الى أمور أخرى ما استدعى من لبنان إبداء ملاحظات حوله». وأكد المصدر أن «الخارجية لن تقوم بأي تحرك ما لم يكن مقرراً في مجلس الوزراء وبالتشاور مع رئيس الجمهورية وستعتمد البيان الوزاري والقرارات العربية». على صعيد آخر تسببت العاصفة التي شهدها لبنان بسيول وغرق بعض الطرق بالمياه ما أدى الى قطع بعضها. وغرقت باخرة قبالة شاطئ طرابلس آتية من الأوروغواي الى طرطوس. وتمكنت القوى البحرية من إنقاذ 4 أشخاص من طاقمها الذي يضم 70 بحارا، وكانت عمليات الإنقاذ مستمرة حتى ساعة متقدمة ليلاً، وسط ظروف صعبة بفعل حال الطقس.

  

الوزير الشامي التقى سفراء الاتحاد الاوروبي تركيز على تقوية العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكة

وطنية - حاور وزير الخارجية والمغتربين الدكتور علي الشامي سفراء الاتحاد الاوروبي المعتمدين في لبنان عن علاقات لبنان مع دول الاتحاد وكيفية تفعيلها وتعزيز آفاق الشراكة السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية مع هذه الدول. جاء ذلك خلال مأدبة عشاء تكريمية اقامها سفير اسبانيا خوان كارلوس غافو اسيفيدو في مقر اقامته بمناسبة تولي الوزير الشامي مهام الوزارة. وتطرق الوزير الشامي الى موضوع انشاء "مركز للبحوث العلمية المتوسطية"، الذي كان رئيس الجمهورية قد اقترح استضافة لبنان له خلال قمة "الاتحاد من اجل المتوسط" التي عقدت في باريس في 13/7/2008. وشرح الخطوط العريضة للبيان الوزاري للحكومة واولويات الوزارة الواردة فيه ومنها المتعلق بانشاء معهد للتدريب الديبلوماسي والاداري واعادة النظر في هيكلية الوزارة ومكننتها وتحديث وسائل الاتصال وانشاء وحدة متخصصة للمعلوماتية فيها والاسراع في تشييد المبنى الجديد للوزارة، طالبا من دول الاتحاد التعاون والمساعدة في انجاز هذه الامور.

 

جعجع رد على النائب ميشال عون أمام وفد طالبي: لو كان الجيش اللّبناني والقوّات الدوليّة متواجدين وحدهما

على حدود لبنان لكان الوضع مستقرّاً مئة مرّة أكثر ممّا هو عليه

لا يطرح نظرية لنناقشه بأخرى بل يلجأ الى الشتائم والسباب

لم نطلب يوما منه شهادة بالتربية المسيحية أو الوطنية

أوافقه القول بأن القيمة الكبرى تربح في نهاية المطاف لذلك نشهد منذ 2005 تدنيا في شعبيته وتزايدا في شعبيتنا

وطنية - انتقد رئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ما قاله رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون بأن "سلاح حزب الله هو للدفاع عن لبنان وخلق استقرار على الحدود", مشددا على أن "القاصي والداني يعي تماماً أنّه لو كان الجيش اللّبناني والقوّات الدوليّة متواجدين وحدهما على حدود لبنان لكان الوضع مستقرّاً مئة مرّة أكثر ممّا هو عليه في الوقت الحاضر". ورد على كل ما تناوله النائب عون في حديثه بأنّ "تربية القوّات اللّبنانية تناقض التربية المسيحية" بالقول: "فاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه أو أن يتكلم به"، مستشهدا ببعض المحطات الإعلامية للنائب عون والتي أطلق خلالها عبارات "تشير قولاً وفعلا الى من يربي الاجيال على الكراهية والحقد وإستعمال العنف". ووافق النائب عون حين قال "بأن تربيته تقوم على الايمان والمحبة والرجاء إذ أن تربيته تقوم على محبة السلطة وعلى الايمان بأن حزب الله وسوريا يشكلان رافعات تاريخية للوصول الى هذه السلطة، كما تقوم على الرجاء حين يعمل حزب الله وسوريا على انهاء كل مسيحي حر من طريق الجنرال إما من خلال الطريقة التي شهدناه في السنوات الاربع الماضية وإما عبر الطرق التي رأيناها في ال15 سنة الماضية".

هذه المواقف أطلقها جعجع أمام وفد طالبي من الجامعتين اللبنانية واللبنانية الاميركية وقال: "أحاول عدم الدخول في سجالات مع العماد عون لسبب بسيط هو أنّه ليس هناك ما يدعو الى السجال معه لكونه لا يطرح نظريّة لنناقشه بأخرى بل يلجأ الى الشتائم والسباب والتعيير الشخصي. وآسف لإضطراري التوقف عند بعض النقاط الّتي أثارها رئيس تكتّل التغيير والإصلاح في مقابلته الإعلاميّة بإعتبار أنّ السجالات السياسية العقيمة لا تبني بلدا".

ورد على النقطة الاولى من كلام النائب عون وهي ان "إسرائيل يمكن أن تضربنا وتدمرنا لكنها لن تستطيع دخول لبنان" بالقول: "ان أحدا لا يشك بنوايا إسرائيل، والمطروح هو كيفية العمل لتجنيب لبنان دمارها، هي الّتي تستخدم قوتها التدميرية للوصول إلى أغراضها السياسية". وتحدث عن "ضرورة إتّخاذ الخطوات الملائمة لمنعها من تدمير لبنان وألاّ نؤمّن لها المناخات المؤاتية لتسهيل خطتها التدميرية". وإستغرب "النقطة الثانية في حديث العماد عون وهي أنّ سلاح حزب الّله هو للدفاع عن لبنان وخلق إستقرار على الحدود، وهو لم يطّلع مرة على مثل هذه النظريّة لا من مراقبين دوليين أو محليين أو عرب، وما فهمته من كلام الجنرال عون أنّه لو وجد الجيش اللبناني والقوات الدولية وحدها في الجنوب لكان الوضع مضطرباً أكثر ممّا هو عليه في الوقت الحاضر وأنّ وجود حزب الّله بسلاحه هناك هو الذي يؤمّن الإستقرار خلافاً لكلّ التحاليل الدوليّة والعربيّة والمحليّة. أنّ العماد عون في نظريته هذه يستعمل كل شيء لتبرير تموضعه السياسي وهو لا يطرح أيّ فكر في أي إتّجاه إنطلاقاً من معطيات موضوعيّة".

وأكد أن "القاصي والداني يعي تماماً أنّه لو كان الجيش الّلبنانيّ والقوّات الدوليّة منتشرة وحدها على حدود لبنان لكان الوضع مستقرّاً مئة مرّة أكثر ممّا هو عليه في الوقت الراهن".

وانتقد النقطة الثالثة عن أن "تربية القوات التي تناقض التربية المسيحية"، بالقول: "فاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه أو أن يتكلّم به، وبالتّالي نحن لم نطلب يوماً من الجنرال عون إعطاءنا شهادة لا بالتربية المسيحية ولا بالتربية الوطنية. الجنرال يقول أيضا أن تربيته تقوم على الفضائل والمحبّة والإيمان والرجاء، وهذه العبارة صحيحة إذ أن تربيته تقوم على محبّة السلطة وعلى الإيمان بأنّ حزب الّله وسوريّا يشكّلان رافعات تاريخيّة للوصول إلى هذه السلطة، كما تقوم على الرجاء حين يعمل حزب الّله وسوريّا على إنهاء كل مسيحي حرّ من طريق الجنرال من خلال الطريقة الّتي شهدناها في الأربع سنوات الماضيّة إمّا عبر الطرق الّتي رأيناها في ال 15 سنة الماضية".

وردا على قول النائب عون ان "القوات تربي جيلاً على الكراهيّة والحقد وإستعمال العنف"، استشهد ببعض المحطات الإعلامية للعماد عون، فذكر بما "أعلنه الجنرال أمام وفد من طلاب كلية الهندسة في 17 كانون الأول 2005 بأن "كل من يعيركم ما بيطلع..."، وكذلك في 21 شباط 2006 عندما قال أنّ "فتية قلائل يستطيعون إشعال سوليدير الّتي تساوي 70 مليار دولار"، من هنا اتوجه للرأي العام سائلاً "من الذي يعلّم النّاس على الكراهية والحقد وإستعمال العنف؟، وفي الإنتخابات الفرعيّة للمتن الشمالي في 5 آب 2007 توجّه العماد عون إلى الرّئيس أمين الجميّل بالقول " إنتَ شايف حالك, ما بتوصل لتحت ..."، أهذه هي الفضائل المسيحية التي يتباهى بها العماد عون؟. أمّا في 8 أيلول 2008 فتناول الجنرال عون الإعلام بالقول "هؤلاء أقلام رخيصة تتعاطى الدعارة الإعلامية ولا تتعاطى الإعلام"، فأين التربية في هذا الكلام؟". وفي 2 شباط 2009 قال عون "سنقطع لسان من يتطاول علينا ونكسر يدّ من تمتدّ لنا"، وفي 17 آب 2009 قال عون "إذا مش عاجبكن جبران باسيل دقّوا راسكن بالحيط وإذا ما كافاكم في حيط الصين الكبير". أهكذا نربي شبابنا على هذه الفضائل؟ أترك الجواب برسم الرأي العام". الى ذلك ذكر جعجع "بالصورة المزورة التي عرضها الجنرال على شاشات التلفزة على أثر أحداث 23 كانون الثاني 2007 والتي أظهرت جليا مدى قدرة الجنرال على تزوير الحقائق وخداع الناس، إلى المقبرة الجماعيّة الّتي اخترعها الجنرال أيضاً في منطقة حالات وهي بالفعل ليست موجودة إلا في مخيلته، وأوافق الجنرال على عبارته بأن "في نهاية المطاف القيمة الكبرى تربح، لذلك نشهد منذ ال2005 إلى الآن تدنيا في شعبية الجنرال وتزايدا في شعبية القوات اللبنانية".

وكان جعجع أكد أن "قوى 14 آذار تتصرّف إنطلاقاً من منطق يتلاءم ومنطق التاريخ وإتجاهه، فيما القوى الأخرى، ولا أعرف إن كنّا نستطيع تسميتها بذلك بإستثناء حزب الله الذي هو حقيقة حركة، أيديولوجيتها ومنطقها ومشروعها السياسيّ متوجّهة عكس التاريخ ومنطقه ومساره".

 

ليذهبوا سراً إذا شاءوا!

حازم الأمين/Now Lebanon  

يبدو ان هناك مهمة لا بد من ممارستها في القادم من أيامنا، وتتمثل في مراقبة طريق بيروت – دمشق. فاستئناف النشاط على هذه الطريق يؤشر الى تبديد ما تبقى من إنجازات دفع اللبنانيون ثمنها دماً. ونحن هنا لا نتحدث عن الزيارات الرسمية بين المسؤولين في البلدين، ولا عن زيارات حلفاء دمشق في لبنان، الذين لم يتوقفوا يوماً عن سلوك الطريق. كما أننا لا نتحدث عن العماد ميشال عون الذي شق طريقاً جديداً الى دمشق، يبدو ان أحداً لن ينافسه على سلوكه، ولا نتحدث عن وليد جنبلاط ونوابه ووزرائه المنتظرين إشارة عبور الحدود. نحن نتحدث عن نواب ووزراء ومسؤولين هم اليوم في مواقعهم لأنهم كانوا جزءاً من حركة اعتراض واسعة على النفوذ السوري في لبنان.

ثمة نواب من هؤلاء زاروا دمشق، ولم يقولوا لمن انتخبهم أو وقف وراءهم أو اعتقد انهم ممثلوه، لماذا كانت الزيارة؟ من دون ان يستبطن السؤال اعتراضاً على الزيارة من حيث المبدأ، ولكن زيارة دمشق يجب ان تكون مصحوبة بتبرير مقنع، وهي من دون هذا التبرير ستكون زيارة لشحذ النفوذ، وللاستقواء، ولاستدراج النفوذ السوري الى داخل المعادلة اللبنانية، وذلك بمساعدة "الصديق" وئام وهاب أو من دون مساعدته.

لقد شكلت زيارة دمشق طوال العقدين الفائتين إحدى العلامات المخزية في الحياة السياسية اللبنانية، واستئناف هذا الطقس سيبدد القليل القليل مما تبقى من إنجازات السنوات الخمس الفائتة، خصوصاً اذا جاءت الزيارة ممن يفترض ان يكون معنياً بالحفاظ على هذا القليل.

لنتخيل ان نائباً في البرلمان اللبناني توجه الى دمشق، بصفته التمثيلية تلك. هو ليس شخصية مكلفة من الحكومة بحث العلاقات بين البلدين، وهو أيضاً غير مخول إجراء مفاوضات. انه فقط نائب في البرلمان، وبالتالي لن يكون لزيارته إلا معنى واحد، تلاوة فعل الندامة على انخراطه في مخاصمتهم، والسعي الى التكفير عن ذلك بمساعدتهم على العودة.

لقد كان الثمن غالياً جداً أيها الأصدقاء، واستسهال القول اننا ذهبنا الى دمشق، هو استسهال بالأثمان التي دُفعت، الا في حال أقدم من رفع صوته مصرحاً انه زار دمشق على تبرير الزيارة: ماذا ذهبت لتفعل؟ أنت مسؤول أمامنا وأمام من انتخبك. دمشق ليست مدينة عدوة، ويمكنك زيارتها مع عائلتك من دون ان نملك الحق بسؤالك. ولكن ان تزورها أنت المكلف بتمثيل مصالحنا، فمن حقنا عليك ان نعرف الهدف من زيارتك، وأن تكشف لنا عن الذين التقيتهم، وبماذا طالبتهم أو طالبوك؟

العلاقات الطبيعية والجيدة بين بلدين جارين لا تقتضي زيارات دورية لنواب ووزراء من خارج دورة العلاقات الطبيعية. وزيارة نائب لبناني دمشق من المؤكد انها ليست جزءاً من هذه الدورة. انها إقرار لسورية بـ "حقها" في لبنان... ذلك "الحق" الذي كاد يطيح لبنان.

مراقبة طريق بيروت - دمشق يجب ان تكون مهمة على كثيرين القيام بها، ويجب ان تُصاحب المراقبة آلية محاسبة عامة، في الصحافة، ومن خلال المنابر العامة. من المهم جداً إشعار الراغبين في الزيارة، وهم كثر على ما يبدو، ان خطوتهم ستعقبها محاسبة.

فليذهبوا سراً اذا شاءوا.

   

استباقاً لحوار فاشل ! 

نبيل بومنصف/النهار

مع أن الاثارة المبكرة لموضوع احياء طاولة الحوار في القصر الجمهوري قد تتسم بالتسرع قبل معرفة القواعد الاجرائية الجديدة وجدول اعمال هذا الحوار، فثمة وقائع سياسية تستبق هذا الاستحقاق لمصلحة المشككين اصلا في جدواه، وربما اكثر اي الجزم مسبقا بعقمه.

من المسلم به ان طاولة الحوار باتت العنوان لـ"مؤسسة" استراتيجية رديفة للسلطة التنفيذية تحت وطأة الخشية من تفجّر الخلافات والانقسامات السياسية العميقة حول سلاح "حزب الله" في مجلس الوزراء. حتى ان المفهوم العام الذي عمّمته هذه التجربة بشقيها عامي 2006 و2008، صار اشبه بتكريس قاعدة فوقية، بمعنى انه يترك لمجلس الوزراء التزام ما ورد في البيان الوزاري حول المقاومة كنص مكتسب لـ"حزب الله"، فيما ينزع من مجلس الوزراء صلاحيته الدستورية والاجرائية الاساسية في مناقشة ملف بهذا الطابع المصيري الخطير.

حصل هذا الانحراف الدستوري الجسيم تحت وطأة ظروف امنية وسياسية قاهرة بطبيعة الحال، ولكن تكريسه لم يعد يخفف مسؤولية القوى الرافضة له اصلا ما دامت تسلس القيادة للقوى المفيدة منه، على غرار ما يجري الآن في التحضيرات للجولة الثالثة او للطاولة الثالثة للحوار.

واذا كانت القوى المنخرطة في الحكومة والحكم سواء بسواء تتحمل بالتكافل والتضامن تبعة الاثر الدستوري والاجرائي والشكلي لهذا الانحراف، فسيتعين عليها ايضا ان تواجه من الآن حقيقة اخرى تتصل بالاقدام على استحقاق محفوف بنسبة ساحقة من الفشل والاخفاق اذا ما قيست بطلائع المواقف والتوجهات الجادة و"الوازنة" المتعلقة بسلاح "حزب الله". وثمة ثلاثة نماذج متعاقبة في الآونة الاخيرة على الاقل تثبت هذه الحقيقة دونما حاجة الى الخوض في مجموعة مترامية اخرى من المعطيات الاقليمية والداخلية التي تؤسس اصلا لعقم التجربة.

النموذج الاول يتمثل في الوثيقة السياسية الثانية لـ"حزب الله" التي أعلنت غداة انجاز البيان الوزاري، والتي لا تترك ادنى شك في ان "حزب الله" يوازي وجوده وعقيدته ومساره ومقاومته بسلاحه وبحالته المستقلة التي تأبى اي اندماج مع الدولة كتنظيم مسلح حتى تحقيق "الدولة العادلة والقوية"، وهو هدف نظري اشبه بمبدأ "سوريالي" مستحيل التطبيق من الوجهة "الكمالية" التي تطرحها الوثيقة.

والنموذج الثاني يعكسه "نغم" متصاعد من بعض الجهات المحسوبة على الحكم و"المعارضة السابقة" لافتعال مواجهة بين لبنان والامم المتحدة حول القرار 1559، علما انه لا يمكن تجاهل اطلاق هذه الحملة، المرشحة للتصاعد تباعا، عشية بدء عضوية لبنان غير الدائمة في مجلس الامن لسنتي 2010 و2011. وفي هذا السياق لا بد من التساؤل بريبة شديدة عن صاحب المصلحة الفعلية والخفية في جعل لبنان يتحول في مجلس الامن رأس حربة "ممانعة" ضد قرار دولي ذات صلة بالوضع اللبناني نفسه، واي ثمن سيرتبه ذلك على الديبلوماسية اللبنانية بازاء استنفار المجتمع الدولي حيال اي محاولة مماثلة؟

اما النموذج الثالث فجاء محمولا على "سقف مسيحي" هذه المرة بذهاب العماد ميشال عون الى ربط سلاح "حزب الله" بعودة آخر فلسطيني في لبنان الى فلسطين. وهذا التطور يوازي تماما الشعار الايديولوجي الذي يسبغ مشروعية سياسية على السلاح ما دام النزاع العربي – الاسرائيلي مفتوحا، ويتجاوز المهمة المعلنة له في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

تبعا لذلك لن يكون اقل مشروعية من مختلف هذه النماذج التساؤل بجدية مطلقة لماذا الحوار؟ وعلى اي موضوع؟ ولماذا التعب والجهد في تغيير اجراءات الحوار وشكلياته وممثليه، ما دام الموضوع الجوهري الذي سيجري على اساسه إحياء الطاولة الثالثة، قضية مقضية ومحسومة ومبتوتة بحوار ومن دونه؟

 

فرنسا ترفض منح سوريا "حق" التدخل في لبنان 

 الأسد لساركوزي: ضرب إيران يفجّر المنطقة

عبد الكريم أبو النصر/النهار

جاء في تقرير ديبلوماسي جديد أعدته دولة غربية بارزة مهتمة بمسار العلاقات الفرنسية – السورية وانعكاساتها على لبنان والمنطقة عموماً ان نظام الرئيس بشار الاسد ليس شريكاً في صنع سياسات فرنسا وقراراتها المرتبطة بالعالم العربي، وان هذا النظام ليس لديه تأثير حقيقي على المواقف والتوجهات الفرنسية المتعلقة بقضايا الشرق الاوسط على اختلافها. وركز هذا التقرير على ان المسؤولين السوريين يبالغون في تقدير حجم تأثيرهم على صانعي القرارات في فرنسا، بل انهم يخطئون تماماً حين يرددون مع بعض حلفائهم اللبنانيين ان الطريق الى الشرق الاوسط تمر عبر دمشق وان التفاهم مع القيادة السورية هو الذي يفتح ابواب المنطقة العربية أمام فرنسا. واوضح التقرير، استناداً الى معلومات حصل عليها واضعوه من باريس ودمشق وبيروت وواشنطن وعواصم أخرى، ان التقارب الفرنسي – السوري في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي لم يحقق النتائج المرجوة منه بل انه حقق أقل بكثير من توقعات الطرفين وحساباتهما، مما احدث خيبة أمل غير معلنة لدى كليهما. وشدد على ان العلاقة الفرنسية – السورية هي علاقة حوار مستمر تتخلله خلافات جوهرية واساسية على معظم قضايا المنطقة وان هذه العلاقة لم تؤد الى تحالف حقيقي او الى صياغة استراتيجية مشتركة فرنسية – سورية للتعامل مع المشاكل والنزاعات الاقليمية المختلفة مما يجعلها أقل مستوى واهمية من العلاقات القائمة بين فرنسا وعدد من الدول العربية البارزة والمؤثرة.

واوضحت مصادر ديبلوماسية اوروبية وثيقة الاطلاع في باريس "ان مضمون هذا التقرير الغربي صحيح ودقيق اذ ان فرنسا تقيم علاقات جيدة او متينة مع الدول العربية الأخرى من دون المرور عبر سوريا وانها تحدد سياساتها حيال القضايا الاقليمية المختلفة من دون التفاهم سلفا مع نظام الأسد. ففرنسا ليست في حاجة الى سوريا ليكون لها دور بارز ونفوذ مهم على امتداد الشرق الاوسط، بل ان سوريا هي التي تحتاج الى فرنسا لتحسين علاقاتها فعلاً مع الدول الغربية".

وحرصت هذه المصادر الاوروبية على التوقف عند عدد من القضايا الاساسية التي تعكس بوضوح طبيعة العلاقة الفرنسية – السورية وحجمها الحقيقي.

بالنسبة الى الملف اللبناني، فان فرنسا هي التي تعمل، بالتعاون مع دول عربية وغربية معنية بالأمر، على تغيير سياسات سوريا حيال لبنان وليس العكس. ذلك ان الرئيس ساركوزي يرفض الاعتراف بوجود حقوق ومصالح سورية في لبنان تتناقض مع مصالح اللبنانيين وحقوقهم، ويرفض الاقرار بوجود "حق سوري" في التدخل في الشؤون اللبنانية سلباً، ويرفض السياسة السورية الهادفة الى اضعاف القوى الاستقلالية وتجاهل ارادة الناخبين اللبنانيين. كما ان ساركوزي يرفض ان يتفق مع الاسد على سياسة فرنسية – سورية مشتركة حيال لبنان تؤمن للنظام السوري اهدافه ومصالحه على حساب مصالح اللبنانيين المشروعة، بل ان فرنسا تتمسك بسياسة مستقلة حيال لبنان وتتعامل مع هذا البلد على اساس انه تحرر نهائياً من الهيمنة السورية وانه ليس وارداً "السماح باخضاعه مجدداً" لتلك الهيمنة. وتريد فرنسا تشجيع نظام الاسد على التعامل مع لبنان على أساس انه يستحق استقلاله وسيادته والتمتع بقراره الحر بقدر ما تستحق سوريا استقلالها وسيادتها وتمتعها بقرارها الحر، وان المطلوب من النظام السوري هو اتخاذ كل الاجراءات والقرارات الضرورية لاقامة علاقات طبيعية مع لبنان المستقل في مختلف المجالات ولدعم الامن والاستقرار فيه بما يؤمن حينذاك المصالح المشروعة للبلدين. وتريد فرنسا كذلك تشجيع نظام الاسد على التعاون مع المحكمة الخاصة للبنان المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم سياسية اخرى وتقول إن هذه المحكمة مسؤولية دولية في الدرجة الاولى وانها ليست عقبة امام العلاقات الطبيعية بين لبنان وسوريا ما دام هدفها هو تحقيق العدالة ووضع حد للافلات من العقاب ووقف مسلسل الاغتيالات السياسية في لبنان مما يعزز الأمن والاستقرار والسلم الاهلي فيه.

الأسد وساركوزي: تحذيران متبادلان

بالنسبة الى ايران، فشلت فرنسا وسوريا في التفاهم على استراتيجية مشتركة للتعامل مع الملف الايراني بكل جوانبه، بل ان مواقف البلدين من هذه القضية المهمة متباعدة إن لم تكن متناقضة. فقد فشل ساركوزي في ابعاد سوريا عن ايران وفي اضعاف التحالف الوثيق القائم بينهما لأن الاسد رفض مثل هذا التوجه.

كما فشل الرئيس الفرنسي في استخدام الرئيس السوري وسيطاً مع القيادة الايرانية لتشجيعها على التوصل الى صفقة سلمية مع الدول الست الكبرى تشمل تخليها عن كل نشاطاتها وجهودها لانتاج السلاح النووي وتشمل تخليها عن اعتماد استراتيجية زعزعة الامن والاستقرار في عدد من الساحات الاقليمية كلبنان والعراق وفلسطين واليمن وغيرها. وفي المقابل لم يتمكن الاسد من التأثير على سياسة فرنسا في هذا المجال ومن اقناع ساركوزي بان البرنامج النووي الايراني هو للاغراض السلمية وليس لاغراض عسكرية، كما فشل في اقناعه بان من مصلحة فرنسا والدول الغربية التخلي عن "معاداة" ايران وتقبلها "كقوة اقليمية كبرى والاعتراف بدورها في المنطقة" والتوصل الى تفاهمات معها تؤمن مطالبها الحيوية وتسمح لها بمواصلة عمليات تخصيب الاورانيوم في اراضيها، وهو ما ترفضه الدول الكبرى.

وافادت المصادر الديبلوماسية الاوروبية الوثيقة الاطلاع ان ساركوزي حذر الاسد، خلال لقائهما الأخير في باريس يوم 13 تشرين الثاني الماضي، من وجود "خطر حقيقي وجدي" لمهاجمة اسرائيل بطائراتها وصواريخها المنشآت النووية والحيوية الايرانية اذا وصلت المفاوضات بين الجمهورية الاسلامية والدول الست الكبرى الى طريق مسدود وخلال الاسابيع المقبلة. وطلب منه نقل تحذيره هذا الى القيادة الايرانية والتأكيد لها ان من الخطأ الاستخفاف بوجود مثل هذا التهديد العسكري الاسرائيلي الجدي او تجاهله. واضافت ان الاسد دافع في اللقاء عن ايران قائلاً انه على اقتناع بان البرنامج النووي الايراني هو للاستخدام السلمي وان الدول الكبرى تتعامل بطريقة خاطئة مع الجمهورية الاسلامية. وطالب الاسد بالغاء العقوبات الدولية المفروضة على ايران وبالتوقف عن ممارسة الضغوط المختلفة عليها وبنقل ملفها النووي من مجلس الامن الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالتفاوض معها "بكل احترام وتقدير لاهمية دورها في المنطقة". ورفض الاسد استخدام ورقة "التهديد بالخطر العسكري الاسرائيلي" للضغط على ايران ولدفعها الى تقديم تنازلات مهمة، بل انه حذر ساركوزي من "ان اقدام اسرائيل على ضرب ايران ستكون له عواقب وخيمة وبالغة الخطورة وغير متوقعة على امتداد المنطقة"، وشدد على ان ذلك "لن يكون لمصلحة اسرائيل او لمصلحة الدول الغربية". وذهب الى حد القول ان الحرب الاسرائيلية المحتملة على ايران، في حال حصولها، ستؤدي "الى تفجير ساحات عدة في الشرق الاوسط".

ولم يقتنع اي من الرئيسين الفرنسي والسوري بموقف الآخر.

شرط سياسي أوروبي على سوريا

ثمة قضية اخرى مهمة تدخل في صلب العلاقة الفرنسية – السورية وتظهر المصاعب التي تواجهها هذه العلاقة وتتصل بتأجيل توقيع اتفاق الشركة بين سوريا والاتحاد الاوروبي، الذي كان مقرراً في 26 تشرين الاول الماضي في لوكسمبور، وذلك لفترة زمنية غير محددة وبقرار اتخذه الاسد. وحقيقة ما حصل، استناداً الى مصادر ديبلوماسية اوروبية مطلعة على هذا الملف، ان الاسد ابدى انزعاجاً كبيراً وغير معلن من اقدام الاتحاد الاوروبي على فرض شرط سياسي مهم على سوريا لتوقيع اتفاق الشركة رسمياً ونهائياً معها، وهو اتفاق وقع بالاحرف الاولى في خريف 2004 ثم جمده الاوروبيون اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في شباط 2005، الى ان جرى احياؤه وادخال تعديلات عليه بالتشاور بين الاوروبيين والسوريين خلال السنتين الأخيرتين. وبذل المسؤولون الفرنسيون، بقرار من ساركوزي، جهوداً كبيرة في اطار الاتحاد الاوروبي لتأمين توقيع هذا الاتفاق على اساس ان ذلك يساعد على تحقيق تقارب بين سوريا والدول الغربية ويدفع نظام الاسد الى اعتماد سياسات بناءة داعمة للامن والاستقرار والسلام في لبنان وفي المنطقة. وفي المقابل أبدى المسؤولون السوريون اهتماماً كبيراً بتوقيع الاتفاق، ليس فقط لأنه يعزز العلاقات السورية – الاوروبية في مجالات عدة، بل ايضاً لأنه يشكل انتصاراً سياسياً وديبلوماسياً لنظام الاسد في الساحة الدولية.

لكن القيادة السورية فوجئت حين تلقت نص اتفاق الشركة مطلع تشرين الاول الماضي بان هذا النص مرفق باعلان رسمي وقعته دول الاتحاد الاوروبي يؤكد صراحة ان من حق الدول الاوروبية تجميد العمل بالاتفاق مع سوريا اذا انتهكت حقوق الانسان في هذا البلد. ويشدد الاعلان على ان اتفاق الشركة يمنح الاتحاد الاوروبي صلاحية "تطوير حوار ثابت مع السلطات السورية في شأن وضع حقوق الانسان الذي يشكل مصدر قلق للاتحاد الاوروبي" ويؤكد "ان احترام حقوق الانسان هو احد العناصر الاساسية في اتفاق الشركة وان انتهاكات حقوق الانسان ستؤثر مباشرة على تطبيق هذا الاتفاق". وما أثار استياء نظام الاسد هو ان سوريا هي الدولة الوحيدة التي يفرض عليها الاتحاد الاوروبي مثل هذا الشرط السياسي المتعلق بحقوق الانسان في مقابل توقيع اتفاق الشركة معها. وهذا ما يجعل سوريا، في حال قبولها الاتفاق، تخضع لرقابة اوروبية مستمرة ولتدخلات اوروبية في شؤونها ولضغوط مختلفة حين يتعلق الأمر بقضية انتهاكات حقوق الانسان وهي قضية يمكن ان تشمل المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في الاراضي السورية. وحاول المسؤولون الفرنسيون اقناع الاسد بتوقيع الاتفاق بنصه الحالي المتفق عليه بين دول الاتحاد الاوروبي، لكنه رفض، فشعر ساركوزي بخيبة أمل من هذا الموقف السوري السلبي، كما شعر الرئيس السوري بخيبة أمل لأن الفرنسيين لم يتمكنوا من الغاء هذا الشرط السياسي بل وافقوا عليه. ويرفض السوريون ان يقولوا علناً إن هذا الشرط السياسي يشكل بالنسبة اليهم عقبة اساسية أمام توقيع اتفاق الشركة، بل انهم يركزون على وجود عوامل اقتصادية وتجارية وجمركية تمنعهم من الموافقة على نص الاتفاق. لكن الواقع ان هذا الشرط السياسي "المهين لدمشق" يشكل عقبة اساسية تمنع توقيع اتفاق الشركة.

على صعيد عملية السلام، راهن ساركوزي على "علاقاته الجيدة" مع الاسد لاقناعه بالمشاركة في مؤتمر سلام دولي يعقد في باريس او موسكو على مستوى القمة وفي رعاية فرنسية – روسية – اميركية – دولية ويضم سوريا ولبنان وفلسطين واسرائيل، اضافة الى مصر والاردن وبعض الدول الاخرى، من أجل اطلاق عملية تفاوض جديدة على مختلف مسارات النزاع العربي – الاسرائيلي. لكن الاسد ساهم في احباط خطة ساركوزي هذه حين رفض مشاركة سوريا في المؤتمر المقترح مما يعني مقاطعة لبنان له. حينذاك أخذ ساركوزي يركز جهوده على محاولة عقد مؤتمر دولي حول النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي وهو مؤتمر يواجه ايضاً عقبات جدية عدة وخصوصاً نتيجة اصرار اسرائيل على رفض تجميد الاستيطان كلياً.

بالنسبة الى العراق الذي يرغب ساركوزي في اقامة علاقات متينة معه في مختلف المجالات، فقد اكد الرئيس الفرنسي دعمه لمطلب عراقي مهم هو تعيين مبعوث دولي للتحقيق في العمليات الارهابية التي يتعرض لها هذا البلد، في ضوء شكوى بغداد من تحول سوريا قاعدة خلفية اساسية، ومنذ بضع سنوات، للنشاطات والعمليات الارهابية والتخريبية ضد العراق. وموقف ساركوزي هذا يثير انزعاج الاسد الرافض لاي تحقيق دولي او تدخل دولي في شؤونه وفي مسار العلاقات السورية – العراقية.

وكما قال لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "باختصار، ان النظام السوري ليس هو الذي يصنع سياسات فرنسا في الشرق الاوسط أو يساهم في تحديدها، كما ان الاسد ليس حليفاً حقيقياً لساركوزي بل انه احد الزعماء العرب المتحاورين مع الرئيس الفرنسي".

 

العلامة السيد علي الأمين لـ((الشراع)):اؤيد ما قاله البطرك بشأن السلاح وهو عبّر عن هواجس جميع اللبنانيين

*لن تقوم للدولة قائمة مع وجود سلاح بدون ضوابط

*الأئمة لم يخرجوا على الأنظمة الحاكمة والحسين استثناء

*اللبنانيون لا ينتظرون شيئاً من طاولة الحوار وهدفها سحب حديث السلاح من التداول

*إلغاء الطائفية السياسية بعد قيام الدولة وبعد حل الميليشيات وبسط السلطة الشرعية على جميع الأراضي اللبنانية

*سلاح حزب الله استخدم في الداخل وتحول سلاح ميليشيات

*قيادات الميليشيات ما زالت تمسك بالمفاصل الأساسية في البلد

*ولاية الفقيه ليست من عقائد الشيعة ووثيقة حزب الله لم تُبدد المخاوف من سلاحه

*ولاية الفقيه مسألة خلافية وما قاله السيد نصرالله خلاف الواقع

*الثنائي الشيعي يسعى لمعادلة غير عادلة داخل النظام لمزيد من السلطة والنفوذ

*الصادق رفض استخدام الحسين غطاء للطامحين إلى السلطة والأئمة رفضوا كل حركات الانفصال

*القول ان الشيعة ثوار وأصحاب انتفاضات عبر التاريخ فكرة خاطئة وهم ليسوا كذلك

*الطائفة الشيعية ليست في وضع طبيعي وثنائي أمل وحزب الله المهيمن يفرض عليها نظرة أحادية

*ولاية الفقيه في إيران غطاء لاحتكار السلطة ومنع أي اعتراض أو معارضة أو محاسبة

*المهدي لم يُعط الفقهاء والعلماء اي وكالة أو نيابة وامامته دينية وليست سياسية

*الأئمة تركوا للأمة أن تختار قياداتها وأنظمتها والصادق قال لزيد: ((أبوك كان إماماً ولم يخرج))

*حرب تموز كانت لأهداف خارجية ووثيقة حزب الله ربطت سلاحه بأغراض غير وطنية لبنانية

يرى العلامة السيد علي الأمين ان الدولة في لبنان لن تقوم لها قائمة إذا استمر السلاح خارج الدولة على ما هو عليه من عدم وجود ضوابط تمنع من استدراج العروض مجدداً لحروب في الداخل والخارج، ويعتبر ان الدولة هي الوحيدة القادرة على حماية جميع الطوائف، وحماية اللبنانيين، معتبراً ان إلغاء الطائفية السياسية هو مطلب لا يمكن الوصول إليه قبل قيام الدولة وقبل حل الميليشيات التي ما زالت تتحكم بمفاصل الدولة، ومشيراً إلى ان اللبنانيين ما عادوا ينتظرون شيئاً من طاولة الحوار التي تبين ان هدفها هو سحب الكلام عن السلاح من التداول.

((الشراع)) التقت السيد الأمين وأجرت معه الحوار التالي:

#دائماً كنتم تعبرون عن حرصكم على الوحدة الإسلامية على ضوء ما يجري في المنطقة، وعن مخاوفكم على هذه الوحدة داخل لبنان بعد انعكاسات تلك الأحداث عليه، بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هل ما زالت مخاوفكم قائمة على الساحة اللبنانية؟

- المخاوف التي عبرنا عنها منذ سنوات صدرت من خلال ما يجري في العراق، وقد زرنا قيادات إسلامية متعددة وقلنا لهم يجب أن نبادر نحن كلبنانيين إلى ما يمكن أن يطفىء النار الدائرة في العراق ويحاصر النيران التي يُراد لها الانبعاث في المنطقة، وكذلك عبرنا عن مخاوفنا من خلال الاحداث التي جرت في لبنان في السنة الماضية وقبلها وهي أحداث عززت التخوف من انفجارات داخلية وصراعات مذهبية، ونأمل بعد تشكيل الحكومة الجديدة اليوم بالطريقة التي ولدت فيها وبالثقة التي نالتها من مجلس النواب، نأمل أن تتاح لها الفرصة بأن تحقق برامجها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ممكن فيما لو ان الأقلية النيابية أو بعض أطرافها كانت مصممة على عدم العودة إلى ما انتهجته في السنوات الماضية من تعطيل وعرقلة، فعندها يمكن أن تزول تلك المخاوف التي عززتها وقائع حصلت كأحداث السابع من أيار عام 2008 وغيرها، فنأمل أن تنعكس تلك الثقة التي نالتها الحكومة تعزيزاً لدور الدولة اللبنانية وسط سلطتها على كامل أراضيها، وحينها يمكن أن تنخفض درجة المخاوف أو ان تصل إلى درجة الزوال، خاصة إذا أمسكت الدولة فعلياً بالمفاصل الأمنية والعسكرية في البلد.

# وهل يمكن أن يتحقق ذلك في ظل استمرار إثارة المخاوف من سلاح حزب الله؟

- بعد الانجاز الذي حققته المقاومة عام 2000 وتحقق الانسحاب الإسرائيلي كان من المفروض أن ينتشر الجيش اللبناني في الجنوب وأن تبسط الدولة سلطتها هناك، لكن ذلك قوبل بالرفض من جانب حزب الله وقوى الأمر الواقع وأيضاً من المشاركين في السلطة يومها، لكنهم قبلوا بذلك بعد حرب تموز 2006 نتيجة لأمر واقع انبثق عن تلك الحرب، ونتيجة لمطالبة دولية، لكن مع الانتشار الذي حصل للجيش اللبناني بقي السلاح موجوداً، ولم يُثر هذا السلاح المخاوف لدى الشعب اللبناني حتى بعد حرب تموز، غير ان ما اثار المخاوف هو انقلابه وتوجهه إلى الداخل اللبناني كما حصل في السابع من أيار، عندها نشأ الخوف الحقيقي بسبب استخدام ذلك السلاح في الداخل اللبناني، وما قد يتسبب به من فتن داخلية، أو من جر البلد إلى حرب جديدة غير متكافئة مع إسرائيل بسبب استخدام الجنوب ساحة حرب لأغراض إقليمية وليس لأغراض لبنانية وطنية، فالخوف من السلاح هو بسبب كل ذلك، وهو ليس خوفاً شخصياً ولكنه خوف على الوطن والوحدة الوطنية وخوف على الجنوب، ولذلك كانت المطالبة بوضع ضوابط لهذا السلاح بإشراف الدولة اللبنانية، وإلا إذا بقي الأمر على هذه الحال من دون وجود ضمانات بعدم استخدام السلاح في الداخل وضمانات بعدم استخدامه لأغراض غير لبنانية وضمانات بعدم جعل الدولة هي المرجعية في قرار الحرب والسلم فمعنى ذلك ان الدولة لن تقوم لها قائمة حقيقية في ظل وجود سلاح بهذه القوة وبهذا الحجم، دون أن يكون للدولة أي تأثير عليه.

# الوثيقة السياسية التي أصدرها حزب الله مؤخراً تؤكد وظيفة الدفاع للسلاح، أليس ذلك من الأهداف والأغراض اللبنانية والوطنية؟

- بعض ما قرأناه في وثيقة حزب الله هو ان هذا السلاح ما يزال غير مرتبط بأهداف وأغراض وطنية لبنانية، فالدفاع عن لبنان هو أحد الأهداف التي طرحها الحزب لوجود السلاح، لكن هذا السلاح مرتبط أيضاً بولاية الفقيه، أي للسلاح ارتباط خارجي، وما دام مرتبطاً بالخارج فيمكن إذن أن يستخدم لأهداف خارجية أو إقليمية كما حصل في حرب تموز، فلبنان ليس هو من أعلن الحرب، ولم يكن مستعداً لها، وفُرضت عليه نتيجة لعدم وجود ضوابط للسلاح ولذا نقول هذا السلاح ما يزال مصدر خوف وقلق عبر عنه اللبنانيون بأشكال عدة ومن خلال قيادات ومواقع متعددة، وكان على وثيقة حزب الله أن تذكر بنوداً تُبدد الهواجس والشكوك والمخاوف من هذا السلاح بما يقنع اللبنانيين بأن السلاح ليس مصدر خوف عليهم، وهذا ما لم تقدمه الوثيقة.

# ربطت استخدام السلاح بولاية الفقيه، لكن السيد حسن نصرالله أعلن في الوثيقة نفسها ان ولاية الفقيه مرجعية دينية أو عقائدية وليست مرجعية سياسية؟

- ولاية الفقيه ليست من المسائل العقائدية عند المسلمين الشيعة، فالمسائل التي لها صفة ((العقائدية)) هي المسائل المتفق عليها في أمور العقيدة سواء في أمور أصول الدين، أو في أمور فروع الدين، بينما ولاية الفقيه ليست من أصول الدين المعروفة عند الشيعة، وليست أيضاً من فروع الدين المتفق عليها عند علمائهم، بل هي مسألة خلافية والمسألة الخلافية ليس لها صفة ((العقائدية))، لأن المسألة العقائدية لها صفة الاتفاق وصفة الضرورة والمسلمات، فمثلاً الإمامة عند الشيعة هي من الأصول الثابتة، فلا يمكن لشيعي أن يؤمن بها ولآخر ألا يؤمن بها ويبقى شيعياً، لأن الإمامة من العقائد عند الشيعة، أو لا يمكن لشيعي أن يقول أنا أؤمن بوجوب الصلاة ولشيعي آخر أن يقول أنا لا أؤمن بذلك، لأن وجوب الصلاة من المعتقدات والمسلمات المجمع عليها، فإذن المسألة العقائدية هي التي تكتسب صفة الثبات والمسلمات وهي من مسائل الاتفاق.. أما ولاية الفقيه فمختلف عليها ولذلك هي ليست من مسائل العقيدة عند الشيعة وقد رأينا بالأمس القريب ان هناك الملايين في إيران قد خرجوا يعلنون عن عدم قبولهم برأي الولي الفقيه، فهل هؤلاء ليسوا شيعة! بلى هم شيعة، وهم لم يرتكبوا شيئاً خلاف العقيدة الشيعية عندما رفضوا رأي ولي الفقيه فيما خص الانتخابات، وهناك فريق كبير لدى شيعة العالم لا يؤمن بولاية الفقيه، فهذه المسألة حين تكون مورداً للاختلاف لا يصح القول فيها ((انها مسألة عقائدية))، فما قاله السيد نصرالله عن انها مسألة عقائدية هو خلاف الواقع لأنها لو كانت من العقائد لكانت من القضايا المسلم بها عند جميع الشيعة هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن ولاية الفقيه في إيران لم تعد فقط مرجعية دينية وروحية، هي أصبحت نظاماً وسلطة حاكمة ودولة، فالعلاقة مع الولي الفقيه لم تعد علاقة مع مرجعية دينية روحية، وإنما هي علاقة مع القائد الأعلى للدولة وللنظام فكيف تبقى العلاقة دينية فقط، انها حتماً علاقة سياسية أيضاً، خاصة مع المقولة التي يقولها أنصار ولاية الفقيه في إيران وخارج إيران من ان ((سياستنا عينُ ديننا))، فلا يمكن فصل الدين عن السياسة، وهم لا يؤمنون بهذا الفصل، ولذا عندما يكون الولي الفقيه مرجعاً دينياً فهو مرجع سياسي أيضاً.

# لولاية الفقيه جذور تاريخية وان لم تكن ((مسألة عقيدية))، فمن أين جيء بها إذن؟

- جمهور علماء الشيعة بمعظمهم لم يؤمنوا بالولاية السياسية للفقيه، وهي طُرحت تاريخياً كمسألة فقهية واقعة في طور الاجتهاد، ولم تُطرح على انها مسألة عقائدية فيمكن أن يؤمن بها فريق وأن يرفضها آخر، بينما المسألة العقائدية لا يؤمن بها فريق ويرفضها آخر، نعم بذلك المعنى هي موجودة، لكنها طرأت على الساحة السياسية بهذا الشكل الذي نراه اليوم عند وصول الإمام الخميني إلى السلطة في إيران، فمن قبل كنا ندرس ولاية الفقيه في بطون الكتب كمسألة تتعلق بالولاية والوصاية على فاقدي الأهلية لكنها لم تكن تُطرح كقيادة سياسية للفقيه، وإذا عدنا تاريخياً نجد ان المسلمين عموماً لم يؤمنوا بأن الدور السياسي منحصر في العلماء، أو ان القيادة السياسية محصورة فيهم، وبهذا تنطق الكثير من المرويات التي تؤكد دور العلماء الفكري في التوجيه والارشاد، دون حصر الدور السياسي بهم، ولكن يصل عالم الى موقع السلطة وقد لا يعمل، أي ان موقع القيادة السياسية ليس منحصراً بالعلماء ولذلك نقرأ في بعض الروايات: ((صنفان من امتي اذا صلح أحدهما صلحت امتي: العلماء والامراء، فالامراء لا يكونون بالضرورة من العلماء، وفي التاريخ الاسلامي لم يجر بحث في مسألة حصر القيادة السياسية بالفقيه العالم او العالم الفقيه، وانما طرحت هذه المسألة في الفترة الاخيرة بعد وصول الامام الخميني الى السلطة فبوصفه عالماً وفقيهاً بدأ بعضهم يبحث عن المبرر لاستلامه السلطة لأنه يحتاج الى صلاحيات دينية فما هي هذه الصلاحيات الدينية التي تجعل منه بمثابة الامام المعصوم الحاكم!؟ طرحوا عندها ولاية الفقيه لاعطاء الصبغة الدينية لسلطته واضفاء الحكم الالهي على حكومته لمنع حالات الاعتراض داخل الامة على دور الفقيه كحاكم.

# تعتبرها غطاء لنوع من احتكار السلطة؟

- طبعاً بما اعطت الولي الفقيه من صلاحيات، حتى لا يحاسب ولا يعترض عليه ولجعل الولاء له ولاء للدين ومخالفته مخالفة لله، وكل ذلك بعدم الاعتراض على تلك السلطة ولعدم بروز معارضة لها.

# هناك مرويات شيعية تؤكد ضرورة وجود نائب للامام المهدي في كل حين يشكل صلة وصل بينه وبين الناس؟

- الامام المهدي عجل الله فرجه كان له وكلاء خاصون هم الوكلاء الاربعة في حياته، وانتهت ولايتهم بانتهاء حياة هؤلاء الوكلاء، اما العلماء فليسوا نواباً بالمعنى الخاص للنيابة، الامام المهدي لم يعطهم وكالة لقيادة الامة، هو نفسه لم يكن قائداً سياسياً للأمة، ولكن كان حجة لله على خلقه باعتباره الامامة الدينية وليس السياسية او القيادة السياسية، حتى وكلاؤه الاربعة الذين كانوا حلقة وصل بينه وبين الشيعة لم تكن بيدهم القيادة السياسية، كانوا مجرد وكلاء في الامور الشرعية الدينية، ولذلك فإن الوصف الذي اعطي للفقهاء والعلماء لاحقاً بأنهم نواب للامام، ليس من باب انهم نواب شخصيون بل هو وصف او صفة عامة، فأي منهم لم يأخذ منه وكالة او نيابة، ولكن بعض الفقهاء اعتبر ان الدور الذي يقوم به الفقيه هو كدور الامام صاحب الزمان فإذن هو نائبه، ولكن هو في الحقيقة ليس نائباً خاصاً للامام.

# بهذا المعنى ليس دور الفقيه اقامة دولة دينية؟

- الامام نفسه لم يقم بهذا الدور! الامام صاحب الزمان لم يقم بهذا الدور! والائمة السابقون من أهل البيت عليهم السلام لم يقوموا ايضاً بهذا الدور الذي يعبىء من أجل استلام السلطة او القيادة السياسية، ولكن قاموا بدور ديني معرفي ثقافي بين الامة على ان تختار هي قياداتها وأنظمتها.

# في هذه الحال ما القول في الامام الحسين وما قام به؟

- ما قام به الامام الحسين عليه السلام كان – كما فهم الائمة – حالة استثنائية بأسبابها وبنتائجها ولم يفهم الائمة منها قاعدة عامة أي لم يرد الامام الحسين ان يؤسس لقاعدة عامة في الخروج، وما قام به كان لأسباب خاصة به وخاصة بتلك المرحلة ولذلك لم تتكرر حالة الخروج في حياة الائمة بعد الامام الحسين وقد حصلت حالات كثيرة من الظلم وقعت اشد من كربلاء ومع ذلك لم يخرج الائمة على الانظمة الحاكمة، فالامام زين العابدين لم يخرج، الامام الباقر لم يخرج والإمام..

# زيد بن علي خرج؟

- اتحدث عن الائمة؟

# هو ابن امام؟

- الامام الباقر والامام الصادق وسائر الائمة رفضوا حالات الخروج، ولذلك قال الامام الصادق حتى في قضية الامام زيد رضوان الله عليه قال له: ((اذا شئت ان تكون المصلوب بالكُناسة فافعل)) والكناسة منطقة بالكوفة صلب فيها زيد بن علي بعد خروجه ومقتله ودار ايضاً نقاش بين الامام الباقر وبين الامام زيد، اذ كان يعتبر الامام زيد ان ((الامام هو من يخرج بسيفه وليس من يجلس في بيته))، فقال له الامام الصادق ((ان اباك كان اماماً ولم يخرج)) فالامام زيد وبالتالي المذهب الزيدي يعتبر ان الخروج ضروري وهو من صفات الامامة، بينما الائمة ((الاثنا عشر)) لم يقولوا بهذه المقولة، رفضوا عملية الخروج، والامام الصادق كان يحذر دائماً ويقول للشيعة الحسينيين التابعين للامام زيد، ((لا يخرج الخارج منا اهل البيت الا واصطلمته البلية واخترمته المنية، وكان خروجه زيادة في مكروهنا، ومكروه شيعتنا))، أي هو وسائر الائمة رفضوا مبدأ الخروج، واعتمدوا المبدأ الذي عبر عنه امير المؤمنين الامام علي عليه السلام الذي قال في اول الخلافة الراشدة: ((لأُسَلّـِمَنّ ما سَلِمت امور المسلمين))، وهذا هو المبدأ الذي سارت عليه الائمة الاثنا عشر.

# هذه صورة عن الشيعة معاكسة تماماً لما هو معروف تاريخياً عنهم من انخراطهم الدائم في الثورات والانتفاضات؟

- معظم الانتفاضات التي حصلت عبر التاريخ كانت من الزيدية ولم تكن من الشيعة الامامية، ولذلك فإن هذه الفكرة عن الشيعة هي فكرة خاطئة، فكرة ((ان الشيعة ثوار)) ((وانهم يجب ان يخرجوا)) وعير ذلك، هذه من الافكار الخاطئة عن الشيعة، فالائمة بعد الامام الحسين عملوا على مسألة المشاركة في السلطة والدولة وكانوا يرفضون أي حركة من الحركات الانفصالية التي تؤدي الى إفساد العلاقات بين المسلمين)) وصلح الامام الحسن مع معاوية اسس لحالة المصالحة بين المسلمين، هو تنازل عن الخلافة من أجل حقن دماء المسلمين، مع ان الامام الحسن كان لديه الكثير من الانصار، وقد قال له بعض اصحابه ((أتصالح ومعك اربعون الفاً..؟!)).

ولو عدنا الى ((الانتفاضات الشيعية)) لوجدنا ان اكثر علماء الشيعة يقولون ان الائمة لم يكونوا ينظرون الى تلك الانتفاضات بعين الرضى، وكانوا يعتبرون بعضها حركات عاطفية ارتكبت الكثير من الاخطاء وحتى المحرمات، والامام الصادق رفض ان يستخدم الامام الحسين غطاء لبعض الطامحين الى السلطة ممن كانوا يرفعون شعار يا ((لثارات الحسين))، وهو عبر عن ذلك بقوله ((السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره))، أي هو قال ان ثأر الشهيد عند الله وهو يأخذ ثأره من الظالمين، وليس انتم يا من ترفعون شعار ((بالثار الحسين)) وتقتلون من لم يشارك في قتل الامام الحسين، فهو رفض هذا المنطق ورفض ذلك الشعار وقال ان قضية الشهيد هي عند الله وليس مطلوباً من فلان او فلان ان يأخذ ثأره.

# بالعودة من الانتفاضات والمصالحات التاريخية، ما رأيك اليوم بما جري ويجري من مصالحات بين مختلف الخصوم اللبنانيين؟

- هذه المصالحات نأمل لها ان تأخذ المنحى الذي يؤدي الى ازالة رواسب الماضي، بما يعزز التوجهات لاقامة دولة المؤسسات والقانون، فلا تكون المصالحات مجرد لقاءات لا تنعكس قوة وتقوية لمشروع قيام الدولة اللبنانية، والى الآن نرى ان هذه المصالحات لم تتخط مرحلة ترطيب الاجواء، ولم تصل بعد الى عمق القضايا الخلافية، ولذلك نأمل ان تشكل خطوة او بداية للوصول الى بناء الدولة.

# اين انت من هذه المصالحات؟

- هذه المصالحات تجري بين قيادات من طوائف مختلفة ومتعددة، لكن داخل الطائفة الشيعية لم تحصل مصالحات لأن الطرف المهيمن وهو الثنائي ((حزب الله وحركة امل))، يرى انه لا يحتاج الى مثل هذه المصالحات، اما نحن فقد عبرنا منذ حرب تموز/يوليو بأن يدنا ممدودة للحوار على الاقل.

# لا تمانعون بالمصالحة؟

- لا نرفض المصالحة، لكن نحن من اعتدي علينا، فليس نحن من يصالح الآخرين، هم عليهم ان يصالحوا لأنهم هم من اخطأوا بحقنا وبحق آخرين داخل الطائفة الشيعية.

# وكيف ترى الوضع الشيعي اليوم على الساحة اللبنانية؟

- هو وضع مفروض عليه وجهة نظر احادية من الثنائي المهيمن امل وحزب الله، ولذلك لا ارى ان الطائفة الشيعية اليوم في وضع طبيعي، لأن الوضع الطبيعي هو في ان يكون هناك حالة من الانسجام في العيش المشترك والتوازن في العلاقات داخل الطائفة وداخل النظام ايضاً، ولكن ما زلنا نرى ان الثنائي الشيعي يعمل لفرض معادلة داخل النظام غير عادلة، وكأنه يريد ان يبرز انه هو الطرف الاقوى لمزيد من السلطة والنفوذ.

# في موقفك من حزب الله وسلاحه تلتقي الى حد بعيد مع مواقف البطريرك صفير؟

- نحن عبرنا عن هواجسنا حول هذه المسألة قديماً، وليس الأمر جديداً، وغبطة البطرك في ما قاله اخيراً عن وجود جيشين وسلاحين، هو عبر عن هواجس اللبنانيين عموماً، فالحقيقة هناك جيشان وهناك سلاحان، واللبنانيون يريدون دولة واحدة وجيشاً واحداً، ولا بد على الاقل من وضع ضوابط للسلاح داخل رؤية الدولة اللبنانية، ولذلك نحن نؤيد موقف البطرك في هذا الشأن.

# انتم تؤيدون مبدأ حكم الاكثرية هل يصح فعلاً هذا المبدأ في بلد مثل لبنان فيه ما فيه من طوائف ومذاهب وخلافات وانقسامات؟

- حكم الاكثرية هو مبدأ عام في العالم وليس خاصاً في لبنان، اذ من الصعب ايجاد اجماع في الرؤى والأفكار بين البشر، والمطالبة بوجود اجماع يؤدي الى التعطيل والعرقلة لانه لا يمكن حصول الاجماع على رأي واحد حيال كل القضايا التي قد تطرح سواء السياسية او الاقتصادية او العسكرية، ولذلك من الطبيعي عند عدم توافر الاجماع حول قضية معينة ان يتم اللجوء الى الاكثرية في اتخاذ القرار، ولكن بعد احداث 7 ايار/مايو واتفاق الدوحة فرضت الاقلية داخل مجلس النواب مبدأ المشاركة، من خلال ما يسمى الديموقراطية التوافقية وذلك بهدف احتكار تمثيل طائفتها داخل الحكم ولمنع اي تمثيل آخر خارج هذا الاحتكار، ولالغاء اي وجود آخر.

# هذا الواقع الا يستدعي دعم المطالبة بالغاء الطائفية السياسية، وانتم عبرتم مؤخراً عن معارضتكم لها؟

- نحن لم نعارض الغاء الطائفية السياسية، لا بل دعونا مراراً الى هذا الامر منذ زمن، منذ التسعينيات، ولكن نقول هناك سلم بعد اتفاق الطائف، للوصول الى ذلك، ويجب الصعود على درجاته الاولى أولاً وهي بناء الدولة وحل الميليشيات وبسط سلطة الدولة على جميع اراضيها، هذه الخطوات الى الآن لم تتحقق فكيف يمكننا ان نصل الى الغاء الطائفية السياسية؟!

# تعتبر سلاح حزب الله سلاح ميليشيات؟

- هذا السلاح استخدم في الداخل، في 7 ايار/مايو واصبح سلاح ميليشيات، لا بل ظهرت ميليشيات اخرى مثل حركة امل، فحركة ((امل)) من المفترض ان تكون حلت ما لديها من ميليشيات بعد الطائف كما قال الرئيس نبيه بري وقد كان ثمن حل الميليشيات عام 1989 هو إدخال قيادات امل في السلطة، وقد دخلت الى السلطة لكن تبين انها ما زالت تحتفظ بجيوشها، اي انها امسكت بالأمرين معاً: اخذت الدولة وأبقت على جيوشها التي كانت سابقاً ميليشيات وهذا ما ظهر في السابع من ايار، فنحن إذن لسنا ضد الغاء الطائفية السياسية لكنها درجة في السلم لم نصل اليها بعد، اذ كيف يمكن ان نعبر الجسر قبل الوصول اليه! ولا يمكننا ان نصل الى تلك الدرجة قبل ان نصعد الدرجات الاولى، وفي السابع من ايار تبين ان هناك ميليشيات لم تُحل فيما قياداتها تمسك بالمفاصل الاساسية في البلد، فلا يمكن اذن الغاء الطائفية السياسية في حين ان هناك من يمارس المذهبية السياسية من قبل بعض تلك القيادات، حتى داخل طائفتهم هم رفضوا الرأي الآخر الذي نهاهم عن السلوكيات المذهبية في ممارساتهم الميليشيوية والسياسية، ولذلك نقول قبل الغاء الطائفية السياسية يجب وجود دولة اولاً تضمن حقوق المواطنين وتقوم على اساس المواطنية لا على اساس طائفي ومذهبي، وفي السابع من ايار لم تتمكن الدولة من الدفاع عن المواطنين مقابل الزحف الميليشيوي الذي حصل على بيروت والجبل ومناطق اخرى، فنحن مثلاً أُخرجنا من صور بقوة السلاح، وبقوة عشرات المسلحين على الرغم من ان منطقة صور خاضعة للقرار 1701، وقد استخدم ذلك السلاح لقمع الرأي الآخر، فإذن لا توجد الآن دولة قادرة على حماية المواطنين، مع ايماني المطلق بأن الوظائف لا تحمي الطوائف، فليست وظيفة رئيس الجمهورية تحمي المسيحيين، ولا وظيفة رئيس مجلس النواب تحمي الشيعة ولا وظيفة رئاسة مجلس الوزراء تحمي السنة، فالذي يحمي كل الطوائف هو الدولة الواحدة، دولة المؤسسات والقانون التي يجب ان تكون هي المرجعية للجميع، والدولة القادرة على فرض مرجعيتها وليس الدولة التي تستجدي مرجعيتها من قوى الامر الواقع، وعلى الجميع ان يدرك ان اللبنانيين كلهم لا تحميهم طوائفهم ولا مذاهبهم، ولا احزابهم، لن تحميهم الا الدولة الواحدة، دولة المؤسسات والقانون، والتجارب كلها تؤكد ذلك، فلو ان الطوائف تحمى لماذا حصل اذن سفك دماء بين اهل الطائفة الواحدة، فالضمانة الوحيدة هو مشروع الدولة وقيام الدولة التي تفرض سيطرتها ولا تستجديها.

# على هذا الصعيد، ماذا تنتظر من طاولة الحوار اذا استأنفت اجتماعاتها؟

- قد تستأنف اجتماعاتها قريباً ولكن لم يعد ينتظر اللبنانيون شيئاً من طاولة الحوار بعد التجارب السابقة، فما جرى سابقاً تبين انه كان بحثاً عقيماً والهدف منه تقطيع الوقت بانتظار حصول متغيرات، وتقطيع الوقت لعدم البحث في سلاح حزب الله، وحتى لا يبقى السلاح حديثاً يومياً بين اللبنانيين وخارج لبنان، ولسحب الحديث عنه من التداول على اساس ان الدولة اللبنانية تقوم ببحثه على طاولة الحوار حفاظاً على عدم اسقاط هيبته ومعنوياته التي اسقطها الحزب نفسه بفعل ما جرى خلال احداث 7 ايار/مايو.

# الرئيس ميشال سليمان في اميركا وهو سيسعى ايضاً الى سحب سلاح الحزب من التداول من خلال سحب القرار 1559 من التداول؟

- اميركا ليست من اصدر القرار 1559، اصدره مجلس الامن..

# أليست اميركا هي مجلس الامن!؟..

- اميركا عضو مؤثر وفعال لكنها احد اعضاء مجلس الامن..

# وكأنك تؤيد ذلك القرار؟

- بالعكس انا رفضت ذلك القرار منذ صدوره، وقلنا ان السلاح شأن لبناني داخلي ويبحث فيه داخل لبنان، ولكن ليس على اساس ان يستمر البحث عشرات السنين، ويجب ان توضع لهذا السلاح ضوابط داخل الدولة اللبنانية التي يجب ان تكون هي الدولة المستقلة والسيدة والحرة والمرجعية الوحيدة في أمر السلم والحرب، والا سيبقى ذلك السلاح يستدرج عروضاً للحرب في الداخل والخارج.

حوار: احمد الموسوي 

 

صادق الموسوي: اول مبلغ تقاضاه حزب الله من ايران جاء مني ومحمد رعد كان يتسلم المال مني في دمشق 

بعد اغتيال السيد عباس الموسوي تراجع حزب الله عن اقامة جمهورية اسلامية في لبنان   

١٨ كانون الاول ٢٠٠٩

من ذكريات قائد الحركة الاسلامية في لبنان السيد صادق الموسوي: ((3))

اول مبلغ تقاضاه حزب الله من ايران.. جاء مني

ومحمد رعد كان يتسلم المال مني في دمشق

*بعد اغتيال السيد عباس الموسوي تراجع حزب الله عن اقامة جمهورية اسلامية في لبنان

*كنت مسؤول مكتب لبنان في حزب الجمهورية الاسلامية الذي اعتبره الاعلام حزب الإمام الخميني

*اقنعنا قادة ((أمل)) بتركها ليصبحوا قادة ((حزب الله))

*دفعت السيد نصرالله لاستلام الميكروفون في ذكرى ((يوم القدس)) لترداد شعارات التأييد للإمام الخميني

*السيد فضل الله كان صديقاً لوالدي السيد محمد باقر الموسوي في النجف

*لم يكن السيد فضل الله يوافق على اي شأن معي الا بعد عقد جلسة مع الامام شمس الدين

*حاول متحمس اغتيال الشيخ سليمان اليحفوفي.. قائلاً انه مستعد حتى لقتل السيد فضل الله اذا كان معارضاً للشيخ شمس الدين.. وهذا المتحمس هو اليوم احد قادة حزب الله البارزين.. بل احد نوابه

*السيد فضل الله استدعى من حاول اغتيال الشيخ اليحفوفي ليعتذر من الشيخ الراحل

*اقنعت الشيخ رفسنجاني برفض الاستئثار بزيارة الإمام شمس الدين والسعي لزيارة السيد فضل الله.. وجمعتهما معاً عنده

*رفض فضل الله المشاركة في مؤتمر للمستضعفين بعد استخارة ((ذات الرقاع)) لكنني اقنعته بالزيارة

*اقنعت الإمام الخميني برفض استقبال السيد فضل الله فظل الإمام ممتنعاً لثلاث سنوات عن استقباله حتى اعلن تعديل موقفه من طرح الجمهورية الاسلامية في لبنان

*كان نصرالله المسؤول العسكري للحزب في بيروت وأخوه جعفر كان المسؤول العسكري لـ((أمل)) خلال فتنة الحرب بينهما.. فبرز الاخوان كثيراً بعد ذلك

*حوصر نصرالله في اقليم التفاح خلال القتال مع ((امل)) وأصيب وبعد الحصار انتقل الى قم

*علي محتشمي عرّف نصرالله الى خامنئي خلال دراسته في قم.. وكان خامنئي ضمن لجنة ثلاثية مع رفسنجاني وأردبيلي مسؤولة عن لبنان

*جاء آية الله جنتي الى لبنان لمنع تعيين نعيم قاسم اميناً عاماً لـ((حزب الله)) بعد اغتيال السيد عباس الموسوي بسبب ولاء قاسم للسيد فضل الله.. وحتى لا يقع حزب الله تحت سيطرة ((حزب الدعوة))

*سابقاً وحالياً ينظر كثيرون الى نعيم قاسم انه رجل فضل الله في ((حزب الله))

*ملاحظاتي على السيد نصرالله: انخراطه في اعادة انتاج النظام القائم - تجاوزه ميثاق الحزب وملاحظاته على اتفاق الطائف.

في الحلقة الثالثة من ذكريات قائد الحركة الاسلامية في لبنان السيد صادق الموسوي لتفاصيل مواقف شخصيات تولت في اوقات لاحقة مسؤولية قيادة ما اسمي فيما بعد ((حزب الله)) هذه التسمية التي اطلقها الموسوي نفسه كما امن اللقاءات الاولى لتلك القيادات مع كبار المسؤولين الايرانيين. وتولى بنفسه ايضاً دفع المبلغ الاول من ايران الى الحزب.

تفاصيل ووقائع كثيرة غير معروفة من تلك الفترة وشخصايتها لا سيما امين عام ((حزب الله)) السيد حسن نصرالله وبداياته في العمل الحزبي يكشفها الموسوي بأسلوبه في اطار اضاءته على ما خفي في تلك المرحلة من اسرار وذلك وفق الآتي:

((حزب الله))

في البداية كان التيار الذي أسمي بعد ذلك ((حزب الله)) متجاوباً مع الطرح، خاصة وأن جوّه العام كان يرفع صور الإمام الخميني، ويلهج خطباؤه باسمه صباح مساء؛ لكن عناصر غير مخلصة وأخرى لا تعرف حقيقة تلك العناصر بدأت بالتشويش على فكرة إقامة ((الجمهورية الإسلامية في لبنان)) واستعمال منطق ((العلمانيين)) لتثبيط الهمم في نفوس الشباب المخلص والمجاهد؛ فتارة كانوا يقولون ((الظروف الموضوعية لا تسمح بإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان))، والبعض كان يتحجج بتعدد الطوائف في البلد ليبرر بقاء نظام الهيمنة، وبعض كان يقول بلسان الإنهزاميين: إسرائيل وأميركا لا يسمحان بأن تؤسس دولة إسلامية على حدود فلسطين المحتلة؛ وفي إحدى المراحل كشف بعض الرموز عن حقيقة موقفه قائلاً: ((ليطمئن المسيحيون نحن لسنا على استعداد لإقامة جمهورية إسلامية في لبنان)).

لكن كل هذه المحاولات لم تنجح في وقف التحركات الواسعة للمطالبة بإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان، واستمر النشاط المكثف في الوسط الإسلامي حتى انقلب الواقع وصارت مئات المواقف العلمائية تطالب بإقامة الجمهورية الإسلامية.

وبادر سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله إلى القول: إذا نحن لا نطالب بإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان فلماذا وضعنا العمائم على رؤوسنا. ثم ردّ على الذين كانوا يطرحون أن الظرف غير مناسب بالقول: لو كان يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينتظر الظرف المناسب لما أعلن الدعوة الإسلامية في الوقت الذي أعلن، ولما تحمل كل الأذى من أهل مكة والطائف، ولما تقبل الحصار في شِعب أبي طالب.

وقال في حديث لمجلتكم ((الشراع)) بتاريخ 5/ 12/ 88. بأن الموارنة جربوا الحكم ولم ينجحوا، فليتركوا للمسلمين أن يجربوا حظهم في رئاسة الجمهورية، وفي خطبة الجمعة في مسجد الإمام الرضا (ع) بتاريخ 12/ 8/ 88، وفي تصريح لصحيفة ((النهار)) اللبنانية بتاريخ 28/ 12/ 87 قال سماحته بصراحة: نرفض أن يكون الرئيس مارونياً.

أما سماحة العلامة المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين فقد صرح لمجلتكم بتاريخ 16/ 11/ 87. بأنه لا مانع دستورياً من ترشيح مسلم للرئاسة، ثم أعلن بتاريخ 19/ 11/ 1988 بأنه لا يعترف برئيس ماروني، وأنه يطالب برئيس مسلم.

والرئيس الأستاذ نبيه بري أيضاً أعلن في صحيفة ((السفير)) بتاريخ 21/ 12/ 87 أن رئاسة الجمهورية للمسلمين، ثم صرح بعد ذاك بأنه لن يقبل برئيس ماروني بعد اليوم.

وأعلن المظلوم السيد عباس الموسوي موقف حزب الله في مهرجان حاشد في بلدة ((جبشيت)) بتاريخ 19/ 2/ 88 بالقول: عندما نصرّ على مقاومتنا لأن تكون إسلامية فعندها لا نريد إلا دولة الإسلام.

ووصل الأمر إلى حد أن سمير جعجع قائد ((القوات اللبنانية)) قال لصحيفة ((السفير)) بتاريخ 18/1 /88: ان للمسلمين حق المطالبة أن يكون رئيس الجمهورية من بينهم..

وهكذا تطورت الأمور حتى صار مطلب إقامة الجمهورية الإسلامية على كل شفة ولسان، ثم صار مطلب انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب وليس من جانب نواب المجلس مطلباً لعموم اللبنانيين؛ وتبنى هذا الطرح أيضاً العماد ميشال عون، وأعلنها في مناسبات متعددة أثناء إقامته في باريس وبعد عودته إلى لبنان، وصار رائجاً استطلاع الآراء في لبنان لسؤال الناس عن رئيسهم المفضّل فكان بعض الشخصيات الإسلامية على رأس قائمة المنتخَبين من جانب الذين تمّ استطلاع آرائهم.

ويتبين كيف تبدلت المواقف من المعارضة المطلقة لفكرة إقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان إلى المطالبة بها ورفض أي رئيس غير مسلم للبنان.

بعد هذا حدثت أمور، وسرعان ما تمّ ترتيب اتفاق في ((مدينة الطائف))، وتراجع الكثيرون عن مواقفهم بين ليلة وضحاها، لكن ((حزب الله)) ظل متحفظاً على الاتفاق، وأصدر كتيباً باسم: ((ملاحظات على اتفاق الطائف)).

حزب الله يتراجع؟

وبقي هذا التحفظ قائماً حتى تمّ اغتيال السيد عباس الموسوي، ومن هناك تراجع الحزب أيضاً عن موقفه المطالب بإقامة دولة الإسلام والمستمد من فتوى الإمام الخميني رضوان الله عليه بأن ((النظام اللبناني غير شرعي ومجرم)) ، وانخرط الجميع في التركيبة الجديدة بعيداً عن الضوابط الإسلامية؛ لكن المخلصين لخط الإمام الخميني بقوا على موقفهم دون تغيير رغم الوضع القائم، لأن الأصول الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم لن تتغير، ولأن التخلي عن الأحكام الشرعية في الدنيا يستوجب غضب الله تعالى ويستحق صاحبه بها أشد العذاب في الدار الآخرة، ولا ينفع يومئذ كل التحليلات السياسية والاستدلالات الكاذبة والمبررات الواهية.

# كيف كانت علاقتك بـ((حزب الله))، الطفيلي، الموسوي، نصرالله؟

- لقد كان دوري في تأسيس تيار ((حزب الله)) أساسياً، ولما فاتحني السيد علي أكبر محتشمي، بعد خروجه من الإذاعة والتلفزيون الإيراني وانتقاله إلى منزله في مدينة قم، بأن السيد احمد الخميني اقترح عليه تعيينه سفيراً في سوريا، واستشارني في الأمر، فرحبتُ وقلت له: سأساعدك بكل ما عندي من إمكانات وأدعمك بكل ما يوجد عندي من علاقات، ولما بدأت التحضيرات لتسميته سفيراً أتى إلى منزلي في شمال طهران وأخبرني بالمراحل التي وصلت إليها الأمور فاتصلت بالاستاذ بـ ((العميد)) أياد المحمود الذي كان يومذاك قائماً بأعمال السفارة السورية في طهران، والذي كان مقرباً جداً من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأبلغته بذلك، فأكد لي أن الموافقة السورية ستكون جاهزة فور تلقي الرسالة من جانب وزارة الخارجية الإيرانية. وهكذا كان.

وبسرعة تمّ تعيين السيد محتشمي سفيراً في سوريا وتعيين أيضاً الشيخ فخر روحاني سفيراً لإيران في لبنان؛ لكني كنت وعدتُ السيد محتشمي بالمساندة فأخذت على عاتقي دعمه على المستوى اللبناني وحتى السوري في بداية تسلمه مهامه في السفارة الإيرانية في دمشق.

ومن هنا اصطحبت في سيارتي الخاصة من نوع BMW كلاً من السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك إلى الشام، وتم ترتيب اللقاء بينهم وبين السيد محتشمي في مبنى السفارة الكائن حينها في شارع المالكي، وبعدها انتقلوا إلى منزلي الذي كنت استأجرته في شارع المالكي نفسه بالقرب من مبنى السفارة واستمر اللقاء على طاولة الغداء، ثم عدتُ بهم في سيارتي على الخط العسكري إلى مدينة بعلبك.

وكان هذا بداية العلاقة المتينة بين من تسمّوا بعد ذلك قيادات حزب الله وبين الجمهورية الإسلامية في إيران.

وقد عاتبني كثيراً السفير الشيخ فخر روحاني في أحد اللقاءات بسبب ربط أناس لبنانيين بسفارة خارج لبنان مع وجود سفارة لإيران وسفير إيراني فيه، فلم أجبه لأنني لم أكن أريد توتير الأجواء بين السفيرين في كل من بيروت ودمشق.

وكانت أولى الدفعات من الأموال التي تسلمها حزب الله هي من المبلغ الذي كان تحت تصرفي، لأني كنت في ذاك الوقت مسؤولاً عن تنسيق الإعلام في منطقة الشرق الأوسط من قبل ممثل الإمام الخميني الشيخ معاديخاه، وقد دفعتُ مبلغ 40000 دولار لتأمين مصاريف العمل الثقافي والإعلامي مع بداية مجيء الحرس الثوري الإسلامي إلى لبنان، إضافة إلى 10000 دولار تسلمها مني السيد محتشمي شخصياً لمصاريف معينة أخرى.

وباقتراح مني للأخ عسكراولادي والأخ نيّري أسسنا ((لجنة إمداد الإمام الخميني في لبنان)) مع بدء الاجتياح الصهيوني وكنت أنا أول مسؤول عنها، وكذلك أصرّ عليّ كثيراً سماحة الشيخ كروبي لقبول مسؤولية ((مؤسسة الشهيد في لبنان))، فقبلتها لمدة قليلة ثم تخليتُ عنها لأخي سماحة السيد عيسى الطباطبائي.

وكان بعض الذين يريدون مقاومة الغزاة الصهاينة في بيروت أثناء الحصار يحضرون إلى دمشق فأقدم لهم حاجتهم من المال الموضوع تحت تصرفي ثم يعودون إلى بيروت، وكان منهم النائب الحالي الحاج محمد رعد.

وأصررتُ على إنجاح مسيرة يوم القدس الشهيرة التي أقيمت في مدينة بعلبك أثناء الحصار والتي فاق عدد المشاركين فيها الـ 5000 شخص بتحمل تكاليفها الباهظة، في حين كان تأكيد من جميع القيمين بأن لا أحد سيشارك في المسيرة بسبب حالة الخوف المخيمة على النفوس؛ لكن الجميع تفاجأوا لما رأوا الناس يلتحقون بالمسيرة حتى كان شارع ((رأس العين)) من أوله إلى آخره مكتظاً بالمشاركين.

وأذكر فيما يتعلق بتسمية ((حزب الله))، أن أحد الشباب الإيرانيين الذي رافقني إلى لبنان أثناء عملي كمنسق للإعلام الإسلامي في الشرق الأوسط وكان يجيد رسم الجداريات طلب مني مبلغاً من المال لشراء دهان ليرسم بعض الجداريات، وكان جدار مسجد الإمام علي (ع) في مدينة بعلبك من الأماكن المناسبة لكتابة بعض الشعارات عليها، فسألني عن النص المناسب، فقلت له على ما أتذكر: إكتب قوله تعالى: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )، ثم سألني عن التذييل المناسب فقلت له: اكتب: حزب الله.

ولأن المسجد كان مأوى القادمين الشباب من بيروت والجنوب، وكان مركزاً للاجتماعات بين المتحمسين لمواجهة الغزاة الصهاينة، وكانت قيادات الحرس الثوري تعقد فيه اجتماعاتها مع المجاهدين، لأجل ذلك استحسن الجميع إسم ((حزب الله)) وصار هذا الاسم يتردد على الألسن، وتحول ((حزب الله)) بمرور الأيام إسماً للتيار الإسلامي المقاوم لإسرائيل ونظام الرئيس أمين الجميل في ذلك الوقت، قبل أن يتم تحويل التيار الشعبي إلى تنظيم حزبي.

أما عن علاقاتي بكل من سماحة الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله بعد تحوله من تيار إلى تنظيم وكذلك مع سماحة السيد عباس الموسوي الذي نال منزلة الشهادة في غارة صهيونية على سيارته، وسماحة الشيخ محمد يزبك الوكيل الشرعي العام لآية الله الخامنه اي في لبنان، فإنها قديمة تعود إلى فترة وجودي في منطقة بعلبك، حيث كان الشيخ الطفيلي في قرية بريتال ثم انتقل إلى مدينة بعلبك، والسيد عباس الموسوي أيضاً كان يسكن بلدة النبي شيث ثم انتقل إيضاً إلى بعلبك، والشيخ يزبك كان يسكن بلدة بوداي وانتقل أيضاً إلى بعلبك، وهؤلاء هم الذين أسسوا حوزة الإمام المنتظر بعد ذلك في مسجد الإمام علي (ع) في مدينة بعلبك، والمسجد هذا كان مركز الإنطلاق للعمل المقاوم ضد الإحتلال الصهيوني للبنان.

ومنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولأني كنتُ أنا صلة الوصل بين ((مجلس قيادة الثورة)) في إيران والساحة اللبنانية وممثله الذي وضع تحت تصرفه أول مساعدة مالية من إيران للخارج، وكوني كنتُ ولفترة وجيزة مسؤول مكتب لبنان في ((حزب الجمهورية الإسلامية)) الذي تأسس بعيد انتصار الثورة الإسلامية في إيران برئاسة الشهيد آية الله بهشتي وعضوية آية الله الخامنه إي وآية الله هاشمي رفسنجاني؛ هذا بالإضافة إلى ثقة الإمام الخميني رضوان الله عليه بي وعلاقاتي الحميمة مع أعضاء مكتب الإمام في كل من مدينة قم وطهران، لذلك فإني كنتُ أنسق اتصالات الوفود التي كانت تصل إلى لبنان، وأرتب زياراتهم وأحدد مواعيدها رغم وجود سفارة إيرانية وحضور سفير إيراني في بيروت.

من هنا كانت لقاءاتي كثيرة مع الإخوة السيد الموسوي والشيخ الطفيلي والشيخ يزبك؛ وفي حالات عديدة كنتُ أتصل بهم هاتفياً ويأتون إلى بيروت للالتقاء مع بعض الوفود القادمة سواء في مبنى السفارة التي كانت قائمة في منطقة الجناح قبل انتقالها إلى محلة المصيطبة ومن ثم إلى المبنى الحالي للسفارة، وفي بعض الأحيان كانت اللقاءات تتم في منزلي في منطقة المعمورة في الضاحية الجنوبية.

ويعلم الجميع أن هؤلاء كانوا من مسؤولي حركة ((أمل)) في منطقة البقاع منذ تأسيسها على يد سماحة السيد موسى الصدر ( أعاده الله )، وكانوا لا يقبلون أي تحرك آخر في الساحة الشيعية، وكانوا ينظرون بعين الريبة لكل نشاط إسلامي خارج الحركة ، رغم أن بعضهم كان ينتمي إلى ((حزب الدعوة)) وكان قد جعل نشاطه داخل ((حركة أمل)) غطاء لعمله لصالح الحزب المذكور، ولذلك نرى أنهم كانوا يهيمنون على القسم الثقافي والتنظيمي في الحركة.

قادة في ((امل)) تخلوا عنها

لكن اجتماعات عديدة عُقدت في غرف مسجد الإمام علي (ع) وعلى مدى أيام مع سماحة السيد عباس الموسوي وسماحة الشيخ صبحي الطفيلي وسماحة الشيخ محمد يزبك وسماحة الشيخ أديب حيدر والأخ حسين الموسوي ( أبو هشام ) والأخ مصطفى الديراني والسيد علي الحسيني، وبمشاركة مني في بعض تلك الاجتماعات مع عدد من الإخوة الإيرانيين وذلك أثناء الغزو الصهيوني العام 82، وهذا ما أقنعهم بتغيير موقفهم والتخلي عن ((حركة أمل)) فانضمّ السيد الموسوي والشيخ الطفيلي والشيخ يزبك إلى تيار ((حزب الله))، ثم التحق بهم سماحة السيد إبراهيم الأمين مسؤول مكتب ((حركة أمل)) في طهران. وأسس الأخ أبو هشام ((حركة أمل الإسلامية))، وانشق سماحة الشيخ أديب حيدر والأخ المجاهد مصطفى الديراني والسيد علي الحسيني عن الحركة وأعلنوا ((المقاومة المؤمنة)).

أما بالنسبة لسماحة الأخ العزيز السيد حسن نصر الله ( حفظه الله ) فإنه كان في ذلك الوقت مع زميله الشيخ علي كريم، الذي اغتيل في الجنوب أثناء حرب الفتنة بين أمل وحزب الله، يتتلمذان عند أصحاب السماحة السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك في حوزة الإمام المنتظر ( عج)، ولا ندري بالتفصيل سبب سكنهما في البقاع رغم وجود حوزات دينية عديدة في بيروت وفي منطقة الجنوب وهما أساساً من قرى جنوبية حيث أن السيد نصر الله هو من البازورية والشيخ علي كريم هو من ياطر.

وكان دوره في التحرك في ذاك الوقت محدوداً وتحت إشراف أصحاب السماحة أساتذته في الحوزة العلمية، ولم أذكر له دوراً في النشاط مع دخول الحرس الثوري سوى أني دفعته إلى استلام الميكروفون أثناء مسيرة ((يوم القدس)) الشهيرة في مدينة بعلبك من سماحة الشيخ أديب حيدر لترداد الشعارات، وهو كان يدرّس الناشئين من الذين يلتحقون بصفوف ((حركة أمل)) وتحت إشراف سماحة السيد عباس الموسوي.

ولما انضم أصحاب السماحة الموسوي والطفيلي ويزبك إلى تيار حزب الله لحق بهم السيد نصر الله والشيخ علي كريم، وصارا يترددان على القرى في منطقة البقاع لحض الناس المؤيدين لـ حركة أمل على الإلتحاق بالخط الجديد والعمل على تغيير ولاء المنضمّين للحركة، ومن هناك تمّ تعرفه على عناصر الحرس الثوري الذين كانوا يقدمون العون المادي ووسائل النقل ومواد ثقافية إسلامية، واستطاع سماحة السيد نصر الله إيجاد صداقات مع بعض قيادات حرس الثورة خلال الدورة التدريبية التي تلقاها هو والسيد عباس الموسوي في منطقة النبي شيث ، وأدخله السيد عباس معه في بعض الاجتماعات لتسهيل تلقي الإرشادات والتسريع في تنفيذ المقررات، ثم انتقل مع عدد من الأشخاص الآخرين إلى إيران لمزيد من التدريبات في فنون القتال لمواجهة العدو الصهيوني الذي كان ما يزال جاثماً على الأرض اللبنانية.

وبرز دوره كثيراً مع بدء حرب الفتنة بين ((أمل)) و ((حزب الله)) كونه كان المسؤول العسكري لحزب الله في بيروت وأخوه جعفر نصر الله كان المسؤول العسكري لحركة أمل في بيروت أيضاً؛ ولم تكن هذه الحالة هي الوحيدة داخل الأسرة الواحدة، بل إن أسراً كثيرة كان أفرادها موزعين بين التنظيمين المذكورين، وكان بعض أفراد الأسرة مع الأسف الشديد يقاتل في جهة ويرفع الآخر السلاح بوجه أخيه من الجهة الأخرى.

وانتقل السيد حسن في فترة معينة إلى الجنوب لمّا اشتد الضغط على الحزب في تلك المنطقة، وبقي محاصراً لفترة في إقليم التفاح، وأصيب إصابة طفيفة أثناء الحصار.

السيد نصرالله تعرف الى المرشد خامنئي عندما كان رئيساً للجمهورية ولما تقرر وقف إطلاق النار، وبعد خروجه من الحصار، ترك لبنان لمدة سنة تقريباً واستقر في مدينة قم، وشرع أثناءها في حضور حلقات الدروس الحوزوية فيها عند عدد من الأساتذة في علمي الفقه والأصول، وهناك توطدت علاقته أكثر بالأوساط الإيرانية العليا بتعريف من السيد محتشمي الذي كان يومذاك وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء ميرحسين موسوي، واستطاع التقرب شيئاً فشيئاً إلى آية الله الخامنه إي الذي كان يومئذ رئيساً للجمهورية ومسؤولاً عن ملف لبنان في اللجنة الثلاتية المؤلفة منه ومن آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي وآية الله موسوي أردبيلي رئيس مجلس القضاء الأعلى. لكنه طوال فترة حياة السيد عباس الموسوي بقي دوره ثانوياً تابعاً للسيد الموسوي، حتى بعدما تم انتخاب سماحة الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله عقب تحوله من تيار شعبي إلى تنظيم حزبي بالهيكلية الهرمية المتعارف عليها لدى كافة الأحزاب.

وبعد اغتيال السيد عباس الموسوي الأمين العام الثاني لحزب الله على يد الصهاينة، ولأن الشيخ نعيم قاسم كان نائباً له، فقد تمهد السبيل لتسلم الشيخ قاسم الأمانة العامة مكان السيد عباس، إلاّ أن تدخلات عاجلة من جانب القيادة في إيران وإيفاد آية الله جنتي إلى بيروت قلبت الأمور ودفعت إلى انتخاب السيد حسن نصر الله للأمانة العامة، كون الشيخ نعيم قاسم كان رمزاً لتكتل ((حزب الدعوة))، وكان معه المجموعة المتماسكة المؤلفة من الحاج محمد رعد ومحمد الخنسا ومحمود قماطي وآخرين، فكان التخوف من فرض السيطرة الكاملة لـ ((حزب الدعوة)) على حزب الله في حال تسلم الشيخ قاسم الأمانة العامة، في وقت كان السيد نصر الله رغم كونه من الحزب نفسه إلا أنه يحاول التقرب من إيران وإظهار الودّ للمسؤولين فيها، ثم إنه ليست له رمزية حزبية كما للشيخ نعيم قاسم، إضافة إلى أن الشيخ قاسم كان محسوباً بالكامل على سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله حيث أنه درس عنده الدروس الأولية دون الدخول في الحوزات العلمية في مدينة قم أو النجف الأشرف، وهو الذي ألبسه العمامة، وهو الذي أنابه عن نفسه في إمامة صلاة الجماعة في مسجد الإمام الرضا (ع) في بئر العبد أثناء غيابه أو سفره لأداء مناسك الحج، وهو الذي جعله في البداية رئيساً لـ ((جمعية التعليم الديني الإسلامي))، وهو كان ينظر إليه في السابق وحتى اليوم أنه رجل فضل الله في حزب الله.

ولأن العلاقة كانت في تلك الفترة في غاية التوتر مع المرجعية الدينية في الحوزة على أثر ما أذيع عن موقف السيد فضل الله من قضية السيدة الزهراء سلام الله عليها ، وأيضاً مع القيادة السياسية الإيرانية لكونه كان في صدد طرح مرجعيته الدينية خارج البيئة الطبيعية لها من خلال طبع ((الرسالة العملية))، وذلك بالموازاة مع مقدمات طرح مرجعية القائد آية الله السيد علي الخامنئي إي في بعض أوساط حزب الله.

وبسبب الوضع الإستثنائي الذي نتج عن اغتيال السيد عباس الموسوي، والخوف من شماتة العدو الصهيوني، وإمكان بروز بعض الاختلافات داخل أوساط الحزب، فإنه لم يكن لدى أحد الوقت الكافي لغربلة الأشخاص واختيار الأكفأ والأعلم من بين العلماء.

لذلك رجحت كفة السيد حسن نصر الله؛ وكنتُ أنا مع هذا الموقف في حينه، وبادرتُ إلى تقديم التهاني له في أولى ساعات انتخابه في مبنى الأمانة العامة، لأني كنتُ أومن بضرورة تنغيص الفرحة العارمة لدى الإسرائيليين إثر اغتيالهم رمزاً كبيراً للمقاومة الإسلامية.

لكني قد وجهتُ أحياناً انتقادات لبعض تصرفات السيد نصر الله بالنسبة للوضع الداخلي فقط، خاصة وأنه انخرط في التحضير لإعادة انتاج النظام القائم على سيطرة الأقلية المارونية على الأكثرية المسلمة مخالفاً علانية فتوى الإمام الخميني رضوان الله عليه وكذلك رأي آية الله الخامنه إي الذي كان قد قال صراحة إنه إذا كانت أكثرية الشعب اللبناني ترغب في جمهورية إسلامية فلماذا لا نقدم لهم يد المساعدة ؟، وكذلك لتجاوزه الميثاق الذي على أساسه تأسس الحزب، وتخطيه كل ملاحظات حزب الله على ((اتفاق الطائف)).

لكن هذا لا يعني بأي حال التقليل من الدور الجهادي لأبطال الحزب في مواجهة أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، ولا يجوز أن يفسَّر بأنه موقف سلبي من المسيرة البطولية لآلاف المجاهدين الذين رووا كل شبر من الأرض اللبنانية بدمائهم الطاهرة، حتى فرضوا على العدو الغاشم الاندحار دون قيد أو شرط من كامل الأرض تقريباً، ونسأل الله سبحانه أن يوفقهم لتحرير ما تبقى في مزارع شبعا.

العلاقة مع فضل الله

# كيف تصف علاقتك بالسيد محمد حسين فضل الله؟

- علاقتي بسماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله بدأت منذ الأيام الأولى لوصولي إلى لبنان، حيث كان إماماً في مسجد في منطقة النبعة ولكونه كان صديقاً لوالدي سماحة آية الله العظمى السيد محمد باقر الموسوي الشيرازي منذ أيام الدراسة في النجف الأشرف؛ فقد زرته بعد أيام قليلة من وصولي إلى بيروت وأبلغته سلام الوالد الذي كلفني إبلاغه إليه.

ولمّا انتقلت إلى منطقة البقاع ونتيجة انشغالي هناك لم أتمكن من التواصل معه كثيراً، وبعد انتقالي إلى بيروت وسكن سماحته في منطقة الضاحية الجنوبية بفعل الحرب الطائفية والفرز الديني والمذهبي في بعض المناطق لم تتح لي الفرصة أيضاً للقاء به بسبب الانشغالات الكثيرة في أمور متعلقة بالثورة الإسلامية. لكن بعد الانتصار تم الاتصال به في وقت كان الواقع القائم في الوسط الشيعي يرفض التعددية ويصرّ على هيمنة طرف واحد على قرارات الطائفة، وكان سماحة السيد نفسه قد قبل هذا الواقع ولم يكن يوافق على شيء نقترحه عليه إلا بعد عقد جلسة مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين.

لكني أنا شخصياً كنتُ مصرّاً على إبراز دوره في الساحة الإسلامية من دون إضعاف موقع سماحة الشيخ شمس الدين، لأني كنتُ أعرف منزلة السيد العلمية من خلال أحاديث سماحة الوالد عنه؛ وهذا ما أثار غضب الكثيرين من الجاهلين المتعصبين في ذلك الوقت، والذين كانوا مستعدين للقيام بأعمال عنفية ضد كل من يرون أنه يشكل منافساً محتملاً لهم؛ وقد حدث هذا فعلاً من خلال قيام بعض المتحمسين لطرف معين بمحاولة اغتيال المرحوم سماحة الشيخ سليمان اليحفوفي أول نائب لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من خلال إطلاق قذيفة آر بي جي على سيارته في منطقة بريتال مما أدى إلى مقتل أحد مرافقيه.

وقد قال لي أحد المتحمسين في بعض تلك الأيام إنه مستعد شخصياً لاغتيال سماحة السيد فضل الله إذا شعر بأنه ينافس سماحة العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، لكن هذا الشخص قد تحول بعد ذلك بسنوات إلى أحد المدافعين عن السيد فضل الله وهو اليوم أحد المسؤولين في حزب الله.

# من حاول اغتيال الشيخ سليمان اليحفوفي في بعلبك؟ من هم الذين ارادوا اغتيال السيد محمد حسين فضل الله وهم الآن في قيادة ((حزب الله))؟

- لا اريد الآن ان اورد اسماء الاشخاص الذين تورطوا في العملية، لكن اذكر ان سماحة السيد محمد حسين فضل الله طلبهم الى منـزله قبل فترة وجيزة من وفاة المرحوم الشيخ اليحفوفي وقال لهم: هذا الرجل ميت عن قريب فاذهبو اليه واطلبوا منه ان يسامحكم، لان الامر اذا انتقل الى عالم الآخرة فلا مجال لدخولكم الجنة مهما قاتلتم اسرائيل وجاهدتم ضد الاستكبار العالمي وغير ذلك، لان حق الله يغفره الله اما حقوق الناس فلا مجال لتجاوزها في الآخرة مهما فعل الانسان من حسنات.

والحديث يقول: ان الشهيد يغفر له كل ذنب الا الدين.

فإذا كان حق الناس في مال قليل استدانه الشهيد من احدهم ولم يوفه له قبل استشهاده يمنعه من دخول الجنة، فإن المباشرة بقتل انسان مسلم من وجه حق اولى ان يمنع صاحبه من ان يشمله غفران الله يوم الحساب.

وفعلاً جاء الرجلان الى منـزل المرحوم الشيخ سليمان اليحفوفي في بعلبك وبحضور سماحة السيد فضل الله طلباً منه ان يبرىء ذمتهما، فوافق المرحوم بعد اصرار السيد فضل الله.

# ماذا عن علاقة السيد فضل الله بإيران؟

- لكني رغم كل المخاطر والتهديدات لي شخصياً كنتُ مصرّاً على التواصل مع السيد فضل الله وترتيب لقاءات بينه وبين الوفود الإيرانية التي كانت تأتي إلى لبنان وترتيب زيارات له إلى الجمهورية الإسلامية وتوجيه الدعوات إليه للمشاركة في المؤتمرات التي كانت تقام في إيران. ولقد فرضت على أول قائم بالأعمال في السفارة بعد انتصار الثورة أن يرافقني بصورة رسمية رافعاً العلم الإيراني على سيارته إلى مسجد الإمام الرضا (ع) للمشاركة في الصلاة خلف السيد فضل الله إعلاماً للناس بتأييد إيران لسماحته.

وأذكر أن سماحة آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني لما زار بيروت في أول مرة وكان الجوّ الغالب هيمنة طرف بعينه على الساحة وأرادوا الاستئثار بلقاءات الشيخ رفسنجاني، فإني أصررت أن يكون لقاء سماحة السيد محمد حسين فضل الله وسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في وقت واحد مع آية الله رفسنجاني، ولمّا تقرر ردّ الزيارة للمجلس الإسلامي الشيعي في مدينة الزهراء بادرتُ إلى ترتيب ردّ لزيارة السيد فضل الله في منزله في " روضة الشهيدين؛ ولقد تفاجأ هو بالخبر لما أعلمته لأنه لم يتوقع ذلك، والشيخ رفسنجاني قال لي بالحرف الواحد: لقد جاءني 40 عالماً فإذا أردتُ رد الزيارة للسيد فضل الله فيلزم رد الزيارة لهؤلاء أيضاً. لكني رغم هذا رتبت الأمر وذهب آية الله رفسنجاني وجميع أعضاء الوفد المرافق إلى منزل سماحة السيد.

من جهة أخرى أذكر أن وفداً إيرانياً قدم إلى لبنان وقدم دعوة لسماحة السيد فضل الله للمشاركة في مؤتمر المستضعفين بمناسبة ولادة الإمام المهدي المنتظر (عج) في الخامس عشر من شهر شعبان، لكن سماحته رفض الدعوة لأنه استخار بـ ((ذات الرقاع)) ولم تكن الخيرة جيدة، ولما أخبرتُ بذلك اتصلت به هاتفياً وأقنعته بضرورة المشاركة، فوافق السيد وسافر في اليوم التالي إلى طهران.

لكن بعض المواقف والتصرفات من قبله في بعض المراحل دفعتني إلى اتخاذ خطوات غير ايجابية تجاهه سواء في لبنان أو في الجمهورية الإسلامية. وأذكر على سبيل المثال أنه أصدر في فترة معينة بعض المواقف السلبية تجاه طرح الجمهورية الإسلامية في لبنان وسافر أثناءها إلى إيران، ولما تعين موعد لقائه مع الإمام الخميني رضوان الله عليه، وتمّ إخباري بالأمر، أرسلتُ إلى الإمام أحد أقرب الناس إليه وهو الحاج مصطفى كفاشزاده يخبره بموقف السيد فضل الله تجاه طرح الجمهورية الإسلامية في لبنان وسلبيات لقاء السيد فضل الله معه في تلك الفترة، فقرر الإمام فوراً إلغاء الموعد الذي قد تم تحديد يومه وساعته، وأُبلغتُ بالأمر فوراً من قبل المرحوم سماحة الشيخ توسلي مدير مكتب الإمام؛ وبقي الإمام الخميني طوال 3 سنوات يرفض طلبات عديدة عبر مختلف الأطراف للقاء فضل الله به حتى أعلن تعديل موقفه من طرح الجمهورية الإسلامية، وبعد ذلك فقط أذن الإمام لزيارته جماران واللقاء معه.

وبعد ذلك عادت العلاقات بيننا طبيعية وودية، وكنا نلتقي سرّاً وعلانية للتشاور في أمور عديدة، حتى برز موقفه من قضية السيدة الزهراء سلام الله عليها والذي أثار استياءً شديداً لدى كافة المراجع والعلماء في الحوزات العلمية في إيران والعراق ولبنان أيضاً، ونتيجة إصراره على ذلك الموقف انقطع التواصل بيننا، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن فضل الله أيضاً من زيارة إيران التي كان يزورها في العام أكثر من مرة، وصدرت بيانات من قبل كافة مراجع الدين تدين موقفه المعارض لثوابت تاريخ الشيعة، وتم تأليف عشرات الكتب لتفنيد آرائه من قبل العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى وغيره. لكن قيل لي أنه منذ فترة صحح موقفه السابق بل بادر إلى دعوة خطباء ليذكروا مصائب السيدة الزهراء في مسجد الحسنين في الضاحية الجنوبية.

المصدر : الشراع

 

كيف »عادت« سورية إلى بلاد الأرز؟ الدور السوري »الجديد« في لبنان شروطه - حدوده - أدواته - أهدافه - تناقضاته  

المحرر العربي/ المُحرّر الديبلوماسي: 18 كانون الأول/09

الدور السوري »الجديد« لا يمكن مقارنته بمرحلة ما قبل 2005

لماذا هذا الغطاء العربي والتركي والغربي لدور سوري فاعل في لبنان؟

الهدف الاستراتيجي غير المعلن من الدور السوري:لجم النفوذ الإيراني في لبنان

فرنسا وقطر محاميتا الدور السوري في لبنان؟

الخاسر الأكبر من »عودة« سورية إلى لبنان: »حزب الله«؟

خطوط حمراء عدة مفروضة عربياً ودولياً على الدور السوري في لبنان

الدور السوري أسير التناقضات بين خمسة اتجاهات أساسية في لبنان

سورية لا تسيطر على أي اتجاه أساسي في لبنان اليوم... غير أنها تحاول استخدام لبنان كورقة تفاوضية

محور الاعتدال يتابع عن كثب دور سورية في لبنان ليختبر صدقية نظام الأسد ووعوده

الخطر الذي يهدد الدور السوري »الجديد« في لبنان هو عدم قدرة نظام الأسد على الاكتفاء بنفوذ محدود

الدور السوري »الجديد« في لبنان موقت... لأن تداعيات مهمّة ستغير الكثير في المشرق قريباً

العلاقات بين سورية ولبنان لن تستوي قبل حدوث تغيير في سورية وقبل حل أزمة المنطقة

كيف يمكن تفسير هذا الحراك السوري المتزايد على الساحة اللبنانية؟  

هل »عادت« سورية فعلاً إلى لبنان؟

هل من تكليف عربي ودولي لسورية بدور ما في لبنان؟

هل هذا الدور »الجديد« لسورية مشابه لدورها السابق؟

هل الزيارة المتوقعة قريباً إلى دمشق لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري تعني تكريساً للنفوذ السوري في لبنان؟

أسئلة يطرحها كل مراقب للوضع اللبناني. والإجابة عليها ليست البسيطة بل هي معقدة ومركبة. ذلك أن الدور السوري »الجديد« في لبنان ليس مجرّد استعادة للدور الذي كانت تلعبه سورية في لبنان قبل انسحابها من بلاد الأرز في ربيع 2005، بل هل هو دور مختلف، له شروطه وحدوده وأدواته وأهدافه وتناقضاته. وسوف نحاول في هذا التقرير الإضاءة على هذا الدور.  

لا يمكن الإحاطة بالدور السوري الجديد في لبنان إلا عبر قراءة ولو سريعة لما جرى في السنوات الأخيرة.

كان انسحاب الجيش السوري والمخابرات السورية من لبنان في نيسان/ أبريل 2005، بعد اسابيع من زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري في بيروت في 14 شباط/ فبراير 2005، حدثاً تاريخياً. فهذا الانسحاب طوى مرحلة طويلة من الهيمنة السورية المباشرة على لبنان، بدأت مع الدخول العسكري السوري إلى الأراضي اللبنانية في 1976 ووصلت إلى ذروتها غداة انتهاء الحرب الأهلية في 1990.

فمن العام 1990 إلى مطلع العام 2005، كانت سورية هي اللاعب الأساسي في لبنان. كانت مهيمنة على السياسة وعلى الاقتصاد وعلى الأمن. وبدأ هذا الدور يتصدّع تدريجياً منذ ربيع وصيف العام 2000، مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان (ما أنهى مبرّر الوجود العسكري السوري في لبنان)، ومع وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد (والتغيير الذي تبع ذلك في نوعية إدارة سورية للملف اللبناني)، ومن ثم مع بداية تحرّك الكنيسة المارونية وقطاعات متزايدة من المجتمع اللبناني (مطالبة باستعادة سيادة لبنان).

خرجت سورية إذاً في ربيع 2005. لكن خروجها لا يعني أن دورها إضمحل فجأة بين ليلة وضحاها. فللتذكير، المعارضة اللبنانية الحالية تسمّى بـ »اتجاه 8 آذار/ مارس« لأنها نظـّمت تجمّعاً شعبياً حاشداً في ذلك اليوم من العام 2005 تحت شعار... »الوفاء لسورية". فقابلته بعد أيام الأكثرية اللبنانية الحالية، التي سميت بـ »اتجاه 14 آذار/ مارس« بتجمّع مضاد في ذلك اليوم من العام 2005، يبدو أنه كان التجمّع الأكبر في تاريخ لبنان ولقـّب بـ »ثورة الأرز«.

إذاً، كان موضوع العلاقة مع سورية، منذ الأسابيع التي سبقت انسحابها من لبنان، هو المحور الذي انقسم حوله الأفرقاء في لبنان. وهذا المعطى وحده يبين مدى النفوذ السوري في لبنان قبل انسحاب 2005.

شهدت المرحلة التي تلت الانسحاب السوري من لبنان في 2005 تصلباً كبيراً في المواقف حول الدور السوري في لبنان... وفشلاً متوازياً من قبل جميع الأطراف:

- فشل اللبنانيون في التوافق في ما بينهم على إدارة بلادهم بعد الانسحاب السوري. فمنذ انسحاب سورية وحتى اليوم يعيش لبنان تناقضات سياسية داخلية عميقة أوصلته أكثر من مرة إلى حافة الحرب الأهلية.

- فشل اتجاه »14 آذار/مارس«، على الرغم من الدعم الديبلوماسي والمعنوي الدولي الهائل الذي حصل عليه، في تحصين لبنان من التأثيرات الخارجية، وأوّلها النفوذ السوري. فلقد استمرت حدود لبنان مع سورية معبراً مفتوحاً للأسلحة وللمسلحين... ولم تتمكن الأكثرية التي خرجت من انتخابات ربيع 2005 من السيطرة على الوضع، ولا من منع »حزب الله« من تفجير حرب مدمّرة مع إسرائيل في صيف 2006، ولا حتى من تغيير ضابط أمن في مطار بيروت في أيار/ مايو 2008. صحيح أن اتجاه »ثورة الأرز« هذا لم يطالب يوماً بقطيعة مع سورية وشعبها، غير أنه تصرّف لفترة وكأن الدفاع عن سيادة لبنان يتطلب عزل النظام السوري الحالي وإضعافه بل قلبه. هذه المقاربة فشلت.  

- فشل محور الاعتدال العربي والمعسكر الغربي في وضع حد فعلي للنفوذ السوري في لبنان، على الرغم من الضغوط الدولية والديبلوماسية والقانونية الهائلة التي مورست على سورية.

- فشل اتجاه »8 آذار/مارس« المقرّب من سورية في العودة إلى السلطة، إذ هو هزم في انتخابات 2005 النيابية، كما في انتخابات 2009 النيابية، وبالتالي لم يتمكن من جعل الدولة اللبنانية تتبنى نظرته لعلاقات »أخوية« و»استثنائية« مع سورية. فالخطاب الرسمي للدولة اللبنانية يطالب اليوم بعلاقات »ندية« و»رسمية« مع سورية.

- فشلت سورية في استعادة هيمنتها على لبنان، وذلك على الرغم من مسلسل الاغتيالات والتفجيرات الطويل، وعلى الرغم من تحريكها بشكل مباشر أو غير مباشر لمجموعات إسلامية وفلسطينية، كانت أشهرها مجموعة »فتح الإسلام«، وعلى الرغم من صبّها الزيت على النار في أكثر من تناقض في لبنان، لا سيما في مدينة طرابلس بين السنّة والعلويين. واضطرت سورية إلى القبول وإن على مضض بما لم تقبله منذ استقلال لبنان ألا وهو إقامة علاقات ديبلوماسية مع هذه الدولة وفتح سفارات بين البلدين وتعيين سفراء. وفرض الضغط الدولي على سورية التوقف نهائياً عن الاغتيالات والتفجيرات التي طالت جميعها معارضي النفوذ السوري فقط.

إذاً، بينت مرحلة السنوات الخمس الأخيرة أنه من المستحيل إنهاء النفوذ السوري في لبنان، ولكنها بيّنت أيضاً أن العودة إلى مرحلة ما قبل 2005 أمر مستحيل ومرفوض من أغلبية اللبنانيين.

واقتنع كلا الطرفين - »الاستقلالي« الذي يريد تحصين لبنان وإخراجه من عواصف المنطقة... و»الممانع« الذي يدافع عن لبنان كساحة من ساحات الصراع - بأنه لن يستطيع فرض رأيه. كما اقتنعت سورية بأن »العهد الذهبي« الذي كان فيه لبنان تحت قبضتها قد ولّى. واقتنعت الأسرة الدولية بأنه لا يمكن حل أزمات لبنان ضد سورية بل بالتعاون معها.

باختصار، خلال هذه السنوات الخمس، فهم الجميع - لبنانياً وسورياً وعربياً ودولياً - أن أفضل الحلول في ما يتعلق بدور سورية في لبنان هو ربما الحل الوسط: لسورية دور فاعل - وليس الدور المهيمن - في لبنان، ولكن عليها ممارسة هذا الدور بلياقة ووفق الأصول.

إذاً، »عودة« سورية إلى الملف اللبناني فرضتها طبيعة الوضع في لبنان، وعجز اللبنانيين عن حل أمورهم لوحدهم، وميل بعض الأفرقاء في لبنان إلى علاقة ممّيزة مع سورية. لكن هذه »العودة« لم تتم ببساطة.  

ففي السياق الديبلوماسي والسياسي المعقـّد الذي تشهده المنطقة، طرح موضوع تموضع النظام السوري في التناقض الأساسي السائد حالياً في الشرق الأوسط بين محورين :

- محور »إيراني« أو »فارسي« أو »شيعي«، »ممانع« أو »مقاوم«... تقوده إيران وتندرج فيه سورية و»حزب الله« و»حماس« وتدور حوله قطر ودول على علاقة غير سليمة مع العالم، مثل ليبيا والسودان.

- محور »عربي« أو »سني« أو »معتدل« تقوده السعودية ومصر، ويقيم علاقات طبيعية وقوية مع الأسرة الدولية.

وفي إطار هذا التناقض بين محورين، فرضت عزلة ديبلوماسية قاسية على سورية، لا سيما في السنتين اللتين تلتا اغتيال رفيق الحريري. غير أن حرب صيف 2006 في لبنان وحرب غزة في آخر 2008 ومطلع 2009،  بينتا بوضوح أن عزل سورية لا يمنع إيران من تفجير الوضع في المشرق.  

وجاء هذا »الاكتشاف« الدولي للدور الإيراني المؤثر في المشرق ليقنع العديد من المحللين والديبلوماسيين بضرورة إبعاد سورية عن إيران، ما يتطلب الانفتاح عليها، أي بوضوح التخفيف من عزلتها الديبلوماسية والمعنوية.

ولقد كان أوّل المدافعين عن هذه المقاربة هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قرّر، غداة وصوله إلى الرئاسة في ايار/ مايو 2007، اعتماد مقاربة مناقضة لمقاربة سلفه الرئيس جاك شيراك، الذي كان قد خاب أمله بشدة من الرئيس بشّار الأسد بعد أن حاول احتضانه ومساعدته في بداية عهده. ومن ثم جاء اغتيال رفيق الحريري، وهو صديق شخصي لشيراك منذ قرابة 30 سنة، ليكون القشة التي قصمت ظهر البعير بين فرنسا وسورية.

وما ساعد ساركوزي في هذه المقاربة المختلفة للعلاقة مع سورية هو العلاقة الممتازة التي تربطه منذ بداية عهده بأمير قطر. ورويداً، تحوّلت فرنسا وقطر إلى مدافعتين عن فكرة الانفتاح على سورية... ومن ثم إلى محاميتين لدور سوري فاعل في لبنان.

غير أن هذا الدور السوري »الجديد« في لبنان لا تمكن مقارنته بمرحلة ما قبل 2005. فليس المطلوب الآن من سورية تهدئة الوضع في لبنان، كما تم تكليفها بذلك، عربياً ودولياً، غداة انتهاء الحرب الأهلية في 1990. ليس هناك من تفويض عربي ودولي هذه المرة لسورية بالملف اللبناني. لا، قطعاً. هناك على العكس إصرار عربي ودولي على المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله. لكن ثمّة قبول بدور سوري ايجابي في التناقضات اللبنانية، بل تشجيع لسورية على لعب هذا الدور. وذلك في إطار إعادتها إلى الأسرتين العربية والدولية. أي التعبير عن ثقة بها.  

هذا ما يفسّر جزئياً الغطاء العربي (لا سيما السعودي) والتركي والغربي لدور سوري فاعل »جديد« في لبنان. التفسير الآخر يتخطى لبنان بكثير، إذ هو مرتبط بالصراع العربي والتركي والدولي... مع إيران.

ذلك أن الهدف الاستراتيجي غير المعلن من الدور السوري »الجديد« في لبنان هو لجم النفوذ الإيراني في لبنان.

ويلتقي هذا الهدف تماماً مع... مصلحة سورية. ذلك أن سورية لاحظت تدريجياً بعد خروجها من لبنان أنها فقدت الورقة اللبنانية... ليس لصالح اللبنانيين بل لصالح إيران. وظهر ذلك بوضوح وبشكل متسارع ابتداء من حرب صيف 2006. فسورية لم تسأل عن رأيها بتلك الحرب. ومن ثم، بعد تلك الحرب، ارتد »حزب الله« إلى الداخل اللبناني، وحصل بالتعطيل وبالتهديد ومن ثم بالقوة في »غزوة بيروت« في أيار/ مايو 2008، على دور محوري في الدولة اللبنانية تمثل بما سمي »الثلث المعطل«.

وفي موازاة نمو قوة »حزب الله« داخلياً، تدهورت العلاقات تدريجاً بين الحزب وسورية:

- إغتيل القائد العسكري للحزب عماد مُغنية في دمشق في ظروف غامضة في 12 شباط/فبراير 2008.

- دخلت سورية في مفاوضات سلام غير مباشرة مع إسرائيل برعاية تركية.

- دخلت سورية في مفاوضات مع محور الاعتدال العربي والدولي حول شروط خروجها من المحور الإيراني.

- صعّد »حزب الله« في خطابه من ارتباطه بإيران وبولاية الفقيه، من دون الإشارة إلى أي ارتباط بنيوي من قبله بسورية.

- بدأ الحزب يتسلح بمنأى عن سورية، لا سيما عبر مطار بيروت وعبر مرفأ بيروت.

كذلك، تنبه اللبنانيون بعد حرب 2006 وبعد »غزوة بيروت«، إلى أن »حزب الله« لن يتخلى عن سلاحه. وأن الجيش اللبناني ليس بقادر لا سياسياً ولا عسكرياً على مواجهته.

وأيضاً، تنبه محور الاعتدال العربي والعواصم الغربية أن نزع سلاح »حزب الله« بقرار سياسي أو ديبلوماسي غير ممكن، وأن القرارات الدولية والعزل الديبلوماسي للحزب لن يؤديان إلى ذلك.

بكلام آخر، تنبّه اللبنانيون وسورية والعالم إلى أن »حزب الله« تحوّل إلى القوة العسكرية والسياسية الأساسية في لبنان.

وبما أن اتجاه »14 آذار/ مارس« يرفض نهائياً، بالمبدأ وبالممارسة، التسلّح والحرب الأهلية، فلا مجال لمواجهة »حزب الله« والحد من عنجهيته... إلا عبر تسليم الموضوع إلى »حليفته« و»صديقته«... سورية. وبالطبع، قالت سورية أنها لا تستطيع تطويق »حزب الله« بالمراسلة وأن عليها أن تكون فاعلة على الأرض.

بكلام أوضح، »عودة« سورية إلى لبنان ولعبها دوراً فاعلاً سيؤدي بطبيعة الحال إلى التخفيف من هامش حركة »حزب الله«. لكن سورية تقوم بهذه »المهمّة« بالدرجة الأولى دفاعاً عن مصالحها الذاتية، ذلك أن خروجها من لبنان ومن ثم هيمنة إيران على لبنان عبر »حزب الله«، أفقد سورية ورقة تفاوضية أساسية هي الورقة اللبنانية. وسورية الآن بعودتها، تحاول استعادة هذه الورقة ولو جزئياً.

لكن أياً كانت الأسباب والدوافع، فإن النتيجة هي ذاتها: الخاسر الأكبر من »عودة« سورية إلى لبنان هو، على الصعيد الاستراتيجي، »حزب الله«.

إذاً، سورية في هذا الدور الجديد تلعب لصالحها ولكنها أيضاً توجه رسالة لغيرها. فهي تقول للسعودية ولمصر ولتركيا وللغرب: أنا الوزن الحقيقي المقابل لنفوذ إيران في لبنان، ولو شئتم الإتكال فقط على حلفائكم في »14 آذار/ مارس« فإن لبنان سيبقى في يد إيران إلى أجل غير مسمّى.

لكن الأمور أكثر تعقيداً مما يبدو. فمحور الاعتدال يتابع عن كثب دور سورية في لبنان ليختبر صدقية نظام الأسد ووعوده. ليس فقط في الملف اللبناني، بل أيضاً في جميع الملفات الأخرى : الملف الإيراني، الملف الفلسطيني، الملف العراقي، ملف السلام مع إسرائيل، ملف البرنامج النووي السوري السري... لبنان يلعب هنا كساحة إمتحان لما تعد به سورية. فهي قالت ورددت لمحاوريها العرب والغربيين أنها أخطأت في لبنان وأنها ستستفيد من أخطائها وأن العديد من المسؤولين عن هذه الأخطاء قد نُحّوا أو ماتوا أو نفوا... أي أنها وعدت بصفحة جديدة مع لبنان.

وبهذا المعنى، فإن أداءها في لبنان تحت المجهر. ذلك أن ثمّة خطوطاً حمراء عدة مفروضة عربياً ودولياً على الدور السوري في لبنان. لن يسمح محور الاعتدال العربي ولا الغرب لسورية بالقيام بأي عملية أغتيال أو بأي عملية إرهابية في لبنان. هناك كلام واضح جداً قيل ليس على مستوى وزراء الخارجية، بل على مستوى الرئاسة السورية. نعم، قيل صراحة للرئيس بشار الأسد أن زمن الاغتيالات في لبنان قد ولى، وأن أي خروج عن هذه القاعدة سيؤدي إلى انهيار الثقة.

ومطلوب عربياً ودولياً من سورية أكثر من التوقف عن القتل. مطلوب منها وبإلحاح القيام بأمر »مستحيل« بالنسبة لها، ألا وهو أن تساعد الدولة اللبنانية على بسط نفوذها على أراضيها. وعبثاً تنصل السوريون من المسؤولية، فلقد تم »حشرهم« أخيراً في موضوع محدد : عليكم إقفال المعسكرات التي تتواجد فيها فصائل فلسطينية تابعة لكم خارج المخيمات الفلسطينية. وبالفعل، ثمة وعود قطعت أخيراً في هذا المعنى من قبل الرئاسة السورية إلى محاورين أوروبيين وأميركيين وسعوديين. طبعاً، معلومات الأجهزة الغربية تقول أن العناصر الفلسطينية التابعة لسورية والمتواجدة خارج المخيمات في لبنان لن يتم إخلاؤها إلى سورية، بل ستنقل إلى داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان. وهذا أسلوب يعشقه النظام السوري: زرع المشكلة في مكان آخر، حتى يحين الوقت لتحريكها.  

وليس من المسموح عربياً ودولياً لسورية بأن تتدخل بشكل فج في السياسة الداخلية اللبنانية. زمن إختيار الرئيس اللبناني من قبل سورية انتهى. زمن وضع النظام الانتخابي وفق رغبات سورية انتهى. المسوح لسورية، بل المطلوب منها، هو أن تضبط أصدقاءها وأن تحاول لعب دور ايجابي في لبنان، أي أن تضمن استمرار الاستقرار فقط. ليس أكثر.

ويبدو أن القيادة السعودية أبلغت الرئاسة السورية بوضوح في إطار الاتصالات التي أجريت قبل تشكيل الحكومة اللبنانية أنه ليس من المقبول أن تتحول هذه الحكومة إلى ساحة عراك بين الأفرقاء اللبنانيين. وأن الضغط الذي تم من قبل الرياض على سعد الحريري لكي يقدّم كل التنازلات التي قدمها مشروط بآداء حكومي توافقي وصادق. ويبدو أن سورية وعدت خيراً. غير أن الرئيس الحريري على ما يبدو بدأ يفهم الأمور »على الطاير« على الرغم من حداثة عهده بالسياسة. فهو قال بوضوح في كلمته في المجلس النيابي عند نيل الثقة إنه »في اللحظة التي تتحوّل الحكومة إلى متاريس سأكون أوّل من يطرح الثقة بنفسي وبالحكومة«. وهذا الكلام موجه إلى سورية وإلى إيران ومفاده: إما أن تنضبطوا داخل الحكومة ونعمل كيدٍ واحدة وإلا فالسلام عليكم. في هذه النقطة، ثمّة إصرار عربي ودولي (ومن قبل الحريري نفسه)... على رفض الدخول في متاهات الحكومات السابقة من مقاطعة وتغيب واستقالة وتحفظ وانتقاد... وكل هذا يحد من الدور السوري »الجديد« في لبنان.  

نعم، دور سورية »الجديد« في لبنان هو دور محدود. لماذا؟

- لأن هناك ضوابط عربية - تركية - غربية واضحة أشرنا إليها أعلاه...

- ولأنه، إضافة إلى هذه الضوابط، ثمة خط أحمر إيراني : »حزب الله« لن يسمح لسورية بالهيمنة على لبنان من جديد، لأن إيران في لعبتها الاستراتيجية تريد أن تحتفظ بالورقة اللبنانية مباشرة.

- ولأن الدور السوري الجديد هو »أسير« التناقضات بين خمسة اتجاهات أساسية في لبنان.

فلقد تغير المشهد السياسي في لبنان بعمق منذ مرحلة الهيمنة السورية. كان لبنان قبل 2005 عبارة عن »قطيع« سياسي يسير خلف سورية بدرجات متفاوتة، بإستثناء بعض القوى التي كانت مهمّشة في البنية السياسية للدولة (وأهمّها: البطريركية المارونية، تجمّع قرنة شهوان، حزب القوّات اللبنانية وكان زعيمه في السجن، و»التيار الوطني الحر« الذي كان في تلك المرحلة مناهضاً لسورية وكان زعيمه الجنرال ميشال عون في المنفى).

أما اليوم، فلقد تمّت إعادة فرز عميقة ومعقدة. ويمكن القول أن الساحة السياسية اللبنانية تنقسم اليوم إلى خمسة اتجاهات:

- اتجاه استقلالي مسيحي يقوده البطريرك الماروني وفيه »حزب القوات اللبنانية« و»حزب الكتائب« و »حزب الكتلة الوطنية«... المسيحية، ولهذا الاتجاه علاقات دولية تتركز حول الغرب.

- اتجاه لبناني عربي يقوده »تيار المستقبل« بزعامة سعد الدين الحريري، ولهذا الاتجاه علاقات عربية ودولية واسعة.

- اتجاه وسطي غامض الحدود، يضم رئيس الجمهورية ميشال سليمان وشخصيات مثل وليد جنبلاط وميشال المر ونجيب ميقاتي. ولهذا الاتجاه علاقات عربية ودولية، وهو يحاول البقاء على علاقة متوازنة مع سورية ومع إيران كما مع السعودية ومصر.

- اتجاه سوري الهوى من سليمان فرنجيه إلى طلال أرسلان مروراً بوئام وهاب أو »الحزب السوري القومي الإجتماعي« أو بقايا »حزب البعث« أو بعض الشخصيات السنية (ويقف على طرف هذا الاتجاه نبيه بري وميشال عون).

- اتجاه إيراني الولاء يمثله »حزب الله« (ويمتد أحيانا في السياسة ليشمل نبيه بري وميشال عون).

طبعا هذا الفرز تبسيطي إلى حد ما. لكنه يهدف هنا فقط إلى القول أن الساحة اللبنانية اليوم معقدة، ولا يمكن لسورية أن تعيد فرزها حول مسألة العلاقة معها فقط.  

والحقيقة أن لسورية العديد من الرافعات في لبنان... غير أنها لا تسيطر بشكل مباشر وتام على أي اتجاه أساسي في لبنان اليوم... هي تحاول استدراج ميشال عون إليها. تحاول التقرّب من هذا الزعيم أو ذاك. لكن الأمور معقدة: العلاقة مع وليد جنبلاط لا تتحسن بالسرعة التي تخيلها البعض. والعلاقة مع نبيه بري معقدة جداً. باختصار، في خضم هذه التناقضات لن تتمكن سورية من السيطرة على أي اتجاه مهم، إذ ليس لديها مال لترشي وتشتري ولا قوى أمن لترهب وتخيف...

غير أنها تحاول التحرّك... والاستفادة من التناقضات... لأنها تريد استخدام لبنان كورقة تفاوضية. ولأنها تعتبر أن نفوذها في لبنان هو جزء من هيبتها السياسية والديبلوماسية »الطبيعية".

مثل آخر على التناقضات التي يواجهها الدور السوري »الجديد« في لبنان، هو هامش تأثيره على قرارات الدولة. وقد دلّ على ذلك ما جرى بالنسبة للزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى واشنطن حيث استقبله الرئيس الأميركي باراك أوباما في »البيت الأبيض« في 14 الشهر الجاري. هنا تلاقت سورية مع إيران في رفضهما للزيارة، لكنهما اصطدمتا بكون مؤسسات الدولة اللبنانية تعمل إلى حد ما بشكل مستقل.

فلقد قام حلفاء سورية و»حزب الله« بشن حملة على الزيارة. طبعاً، كل من الطرفين لسببه.

فمن البديهي أن تعترض سورية على أي حركة خارجية لبنانية مستقلّة. لأنها تريد أي تمر الديبلوماسية اللبنانية عبرها. كان في هذا الاعتراض السوري امتعاض مزدوج : كيف يدعو أوباما ميشال سليمان إلى »البيت الأبيض« قبل أن يدعو بشّار الأسد؟ ، وكيف يتجرأ ميشال سليمان على قبول الدعوة بينما بشّار الأسد لم يذهب إلى »البيت الأبيض« بعد؟

لم يكن في يد الأبواق السورية في لبنان من حجج مقنعة لرفضها زيارة سليمان إلى واشنطن. لكن المطلوب كان الاحتجاج. وهذا ما يشكل بالطبع نوعاً من الحنين إلى العصر الغابر، أي مرحلة ما قبل 2005، عندما كانت الديبلوماسية اللبنانية تكتفي بالسير في خطى الديبلوماسية السورية، في المكان والزمان والمضمون.

أما »حزب الله« فهو لم يكن مرتاحاً أن يذهب الرئيس اللبناني ليجتمع بالرئيس الأميركي بينما الأمور على أسوأها بين الولايات المتحدة وإيران.  

صحيح أن رئاسة الجمهورية اللبنانية قدمت »تطمينات« إلى »حزب الله« من نوع كلام وزير الدولة عدنان السيد حسين بأنّ الرئيس سليمان سيقول للإدارة الأميركية إنّ القرار 1559 انتهى. ومن نوع ما قالته مصادر الرئيس سليمان بعد عودته ومفاده أنه لو ذهب الأمين العام لـ »حزب الله« والتقى بأوباما لما كان قال لأوباما أكثر مما قاله الرئيس سليمان عن »حزب الله«. لكن كل ذلك مجرد سجال: المهم هو أن سورية وإيران لم تكونا موافقتين على زيارة سليمان. والمهم هو أن الزيارة جرت على الرغم من ذلك. ولم يكن من مفر أمام الرئيس سليمان إلا أن يؤكد أمام أوباما والصحافة العالمية التزام لبنان بالقرار 1701، أي حكماً بالقرار 1559 الوارد في مندرجات القرار 1701، ولم يكن من مفر أمام الرئيس سليمان إلا أن يعيد التأكيد على تمسّك لبنان بمبادرة السلام العربية، وهي مبادرة ترفضها طهران وتدعي دمشق أنها غير موافقة عليها. كل هذا يبين أن مجرد تفعيل مؤسسات الدولة في لبنان يحدّ حكماً من نفوذ طهران.... ومن الدور السوري »الجديد« في لبنان.

مثل آخر على أن الدور السوري »الجديد« في لبنان سيتخبط في تناقضات الساحة اللبنانية، هو موضوع سلاح »حزب الله«. فسورية، من ناحية، تريد »ضبط« الحزب... لكي تستعيد الورقة اللبنانية ولكي تحسن صورتها عربياً ودولياً... لكنها لا تريد (وهي على أي حال غير قادرة على ذلك) خنق »حزب الله« أو إضعافه، لأنها حينئذ ستفقد ورقة تهديد تريد أن تكون بيدها. فسورية كما هو معلوم تقاتل بغيرها. ولكي يبقى التهديد بإشعال الوضع بين إسرائيل ولبنان جدياً يجب أن يبقى »حزب الله« قوياً. إذاً، المطلوب الحد من نفوذ الحزب، من دون إضعافه... ولكن أيضاً، الإبقاء على مسافة واضحة معه وإلا فإن أي قرار من إيران أو من الحزب بإشعال الجبهة مع إسرائيل ستعتبر سورية مسؤولة عنه وبالتالي قد يشملها الرد العسكري و/أو الديبلوماسي عليه. إذا، كما نرى، هامش التحرك السوري ضيق جداً هنا أيضاً. وينطبق ذلك بالطبع على موضوع »هيئة الحوار الوطني«. فدول الاعتدال العربية والدول الغربية تريد أن يتوصل الأفرقاء اللبنانيون إلى صيغة في ما بينهم تؤدي في نهاية المطاف إلى نزع سلاح »حزب الله«، ولا شك أنهم سيشجعون سورية على الضغط على أصدقائها في لبنان للتوصل إلى مثل هذه الصيغة. لكن، سورية في الحقيقة لا تريد أن ينزع »حزب الله« سلاحه... لأن مبرر دورها »الجدي« في لبنان سيزول عندها.

غير أن الخطر الذي يتهدد الدور السوري »الجديد« في لبنان لا يأتي من لبنان... بل من سورية نفسها، ومصدره عدم قدرة نظام الأسد على الاكتفاء بنفوذ محدود. فالعادات السيئة القديمة لا تزال موجودة. من الاستنابات القضائية... إلى استباق زيارة سعد الحريري بزيارة ميشال عون... ومن الحملات الإعلامية المباشرة أو عبر الوسطاء إلى تحضير علاقة بين ميشال عون والسعودية عبر سورية... إلخ. منطق التلاعب السوري في شؤون لبنان ما يزال سائداً. والأرجح أنه سيستمر. وبهذا المعنى يصعب توقع أن تسود الطمأنينة العلاقات بين لبنان وسورية. ويتفق على ذلك العديد من المحللين العرب والدوليين. فبالنسبة لهم، طالما أن الدولة في لبنان ضعيفة فإن النظام السوري سيظل ميالاً إلى الاستفادة من ضعفها. وطالما أن أزمة المنطقة مشتعلة، وأن سورية لا تريد أن تكون أرضها ساحة، فهي ستظل ميالة إلى استخدام لبنان كساحة بديلة. بالتالي يمكن القول أن العلاقات بين سورية ولبنان لن تستوي قبل حدوث تغيير في سورية وقبل حل أزمة المنطقة. لكن قبل الوصول إلى ذلك الأفق الزمني البعيد، يتوجب القول أن الدور السوري »الجديد« في لبنان موقت... لأن تداعيات مهمّة ستغير الكثير في المشرق قريباً. فالصراع بين محور الاعتدال العربي - الدولي وإيران سينحسم بشكل أو بآخر... والملف النووي الإيراني قد لا يمر على خير... والمحكمة الخاصة بلبنان ستبدأ في 2010 بكشف النقاب عن نتائج تحقيقاتها... والملف النووي السوري لم ينته بعد... والصراع العربي - الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر من دون حل. هناك إمكانية ضربة عسكرية لإيران في 2010. وربما حرب بين »حزب الله« وإسرائيل. وربما تغيرات داخل سورية قريباً. إذاً، دور سورية »الجديد« في لبنان هو أيضاً دور... انتقالي.

 

 

 

 

 

   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إنجيل القدّيس يوحنّا

المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
أخبار يوم
19 كانون الأول/2009

اشعيا 57/14-21

  ويقول اعدوا اعدوا هيئوا الطريق.ارفعوا المعثرة من طريق شعبي لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه.في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح لأحيي روح المتواضعين ولأحيي قلب المنسحقين. لاني لا اخاصم الى الابد ولا اغضب الى الدهر. لان الروح يغشى عليها امامي والنسمات التي صنعتها. من اجل اثم مكسبه غضبت وضربته.استترت وغضبت فذهب عاصيا في طريق قلبه. رأيت طرقه وسأشفيه واقوده وارد تعزيات له ولنائحيه خالقا ثمر الشفتين.سلام سلام للبعيد وللقريب قال الرب وساشفيه

اما الاشرار فكالبحر المضطرب لانه لا يستطيع ان يهدأ وتقذف مياهه حمأة وطينا. ليس سلام قال الهي للاشرار

 

تشييع الامير فيصل مجيد ارسلان في قصر العائلة في عاليه غدا

وطنية - عاليه - يشيع الامير فيصل مجيد ارسلان شقيق النائب طلال ارسلان في قصر العائلة في عاليه، الثانية عشرة ظهر غد الاحد.

وفور شيوع خبر الوفاة مساء امس، غص منزل الفقيد بوفود المعزين من مناطق الجبل ولبنان واستمر حتى اليوم.

نبذة

هذا ووزعت عائلة الفقيد نبذة عن حياة الراحل جاء فيها: "ولد في تشرين الاول العام 1941 والدته الاميرة لميس خالد شهاب، متزوج من حياة شفيق وهاب وله اربعة اولاد: ديالا متاهلة من غسان تلحوق، عادل وغنى متاهلة من رامي مزهر.

جده لوالدته الامير خالد شهاب الذي ترأس المجلس النيابي اللبناني دورات متتالية من 30 كانون الثاني 1934 حتى 24 تموز 1937 وكان نائبا منتخبا عن الجنوب ونائبا لرئيس مجلس الوزراء في حكومة الرئيس ايوب ثابت 18/3/1943. وترأس الحكومة مرتين العام 1938، ثم الحكومة الاولى في عهد الرئيس كميل شمعون بعدما كان سفيرا للبنان في الاردن.

رفض الفقيد الاقتتال ولم يقبل حمل السلاح والمشاركة في الحرب المدمرة، ابان حرب الجبل نشط ومجموعة شباب في تسهيل عبور الابرياء من الفريقين، وكان ينقل الخائفين والعائلات شخصيا عندما تكون الامور خطرة، كان منزله في عاليه نقطة لقاء لسائر الافرقاء من كل طرف.

ألبس عباءة الزعامة بعد وفاة والده العام 1983 وكان ذلك بمبادرة من مشايخ خلوات البياضة الاجلاء الذين يعتبرون المرجعية الروحية الاعلى للطائفة الدرزية.

تعرض منزله للدمار وحياته للخطر مرات عديدة بينها الانفجار الذي نجا منه وزوجته بأعجوبة في 3 شباط 1983.

على خطى والده الامير مجيد ارسلان آمن بلبنان الواحد وعمل على صون العلاقات المتينة بين ابنائه، كانت له وقفات ثابتة في مفاصل حاسمة من تاريخ لبنان، فإبان حرب الجبل رفض القتال وبجرأة اتخذ موقف الدعوة الى التحاور على الاسس التي تحمي البلد من التدخلات الخارجية والتفتيش عن صيغة تضمن العيش السلمي والتلاقي بدل التشرذم واللجوء الى العنف، آمن بان حياة لبنان ومستقبله يكمنان في تفاهم ابنائه ونبذ الفرقة، آمن بأن العدالة وسيادة القانون اساس لدولة المواطن التي تجعل من لبنان وطن الانسان.

تعرف الى رجالات استقلال كبار من رفاق والده الامير مجيد ارسلان رجل الاستقلال وعاصر خصوصا منهم الرؤساء كميل شمعون، عادل عسيران وصبري حمادة، وواكب معارك سياسية ديموقراطية وتابع كبارا كانوا يديرون هذه المعارك من منزله الوالدي سواء في عاليه او خلدة، كذلك ربطته صداقات مع عدد من القادة والشخصيات العرب وخصوصا في السعودية والاردن.

ربطته صداقة متينة مع الرئيس الشهيد بشير الجميل الذي كان يتوقع ان يكون احد اركان ذلك العهد لولا جريمة الاغتيال التي استهدفته انذاك.

كذلك سعى الفقيد الى تحالف سياسي مع النائب الراحل طوني فرنجية والوزير الراحل ماجد حمادة.

تميز بالوفاء والصدق والنقاوة وازعجه انتفاء الاخلاص لدى كثيرين، وتجنيب اللاهثين وراء المراكز في كل مكان والمتلونين في المواقف، سعيا الى تحسين المواقع السياسية ولو على حساب الوطن .

تألم كثيرا مع وطن ينزف وبذل كل جهد مستطاع للتخفيف من آلامه وآلام شعبه.

جاهد كثيرا في سبيل عزة وطنه واغمض عينيه بعدما اطمأن الى بزوغ نوع من امل في بداية قيامة الوطن مع تأليف الحكومة الجديدة.

 

سياسة - البطريرك صفير استقبل اعضاء المحاكم الروحية في افتتاح السنة القضائية

المؤسسة المارونية للانتشار برئاسة اده اجتمعت في بكركي بحضور وزير الداخلية

وطنية - استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير اعضاء المحاكم الروحية لمناسبة افتتاح السنة القضائية في حضور المشرف العام على المحاكم المطران منصور حبيقة، النائب البطريركي العام المطران رولان ابو جودة والمطران شكر الله حرب. وألقى باسمهم الخورأسقف وهيب الخواجه كلمة قال فيها:

"يدعونا عملنا القضائي الى ان نصون كرامة الشخص البشري في شخص كل من المتقاضين. وقد أعطينا فرصا عديدة تشاركنا فيها حول رسالتنا القضائية وموجباتها، وقد يكرر كلامي الكثير مما قلناه معا في الندوات والمحاضرات الدورية. غير أني أرغب بالتوقف عند بعض النقاط التي أرى فيها التزاما بالحفاظ على كرامة الاشخاص المعنيين بعملنا.

- النقطة الاولى، هي موقفنا من حالة النزاع الزوجي، وما قد نكونه من حكم مسبق حول عجز الزوجين عن إنجاح حياتهما المشتركة، ومن نظرة اليهما كشخصين فاشلين، والحط من قدرهما. فكرامة كل من الزوجين الشخصية تقضي بان نبتعد عن حكم كهذا، والا ننزلق في الاساس الى إصدار الاحكام عليهما، وان نتفهم الظروف التي تحيط بنزاعهما.

- النقطة الثانية، هي البحث عن الحقيقة واعلانها والحكم بموجبها. فلا يجوز ان نقبل بجزء من الحقيقة سعيا وراء مساومة او تعبيرا عن مساواة مزعومة بين الزوجين. وأفكر هنا بشكر خاص بسبب العجز النفسي الذي نحكم به على الزوجين، عندما يكون احدهما معنيا به اكثر من الآخر، او عندما نقبل ببساطة وسهولة وما تنقله الخبرة النفسية عن حالة كل منهما دون ان نخضعه لتمييز دقيق ومفصل. ان العدل وجه من أوجه المساواة. وهو لا يتحقق تماما الا على ضوء الحقيقة.

- النقطة الثالثة، هي استقبال المتقاضين والتحدث اليهم بكلام لائق وموضوعي يحترم حدود النزاع، ولا يتناول سمعتهم او حياتهم الخاصة. ولا بد من ان نضبط انفعالاتنا فنتجنب الصراخ ولا نضطر الى طرد أحد من الغرفة، ولا نلجأ الى التذمر والتململ. فالقاضي سيد على قوسه، وكالسيد يتصرف واثقا من ذاته وممتلكا نفسه. لا يخاف من ان يفقد هيبته اذا ما ابتسم للمتقاضين وطبع لقاءه بمسحة انسانية رقيقة.

- النقطة الرابعة، هي محدودية عملنا القضائي الذي يعالج شأنا معينا هو النزاع الزوجي، فبالرغم من أهمية القانون الذي يرعى هذا الامر، فانه يبقى محدودا امام شمولية الكرامة التي تطال الانسان بكليته. فلا ضير ان نحن تمسكنا به، دون ان نهمل المحبة التي ترطب جراح الانسان وتشدد ضعفه وتعزيه في وقت الضيق.

هذا كله جزء من دعوتنا الى صون كرامة الانسان بما يليق بنا كقضاة كنسيين ومعاونين يضعون الله نصب عيونهم ويجتهدون في إصدار الاحكام العادلة.

وفي الختام، أغتنم فرصة هذا اللقاء لأرفع الى غبطتكم باسم صاحب السيادة واخواتي واخوتي الحاضرين، مشاعر التهنئة بعيدي الميلاد ورأس السنة المباركين، سائلا الله ان يمدكم بالصحة والقوة، ويعضدكم، أبا وراعيا لكنيستنا، وضميرا حيا لوطننا، وان يقود خطانا، ببركتكم ودعاكم، لنشهد بالعدل والمحبة والحق لكرامة كل انسان ونصونها".

رد البطريرك صفير

ورد البطريرك صفير فقال:" في مطلع هذه السنة القضائية، نرحب بكم رئيسا، واعضاء ومحامين، وكتبة ونشكر لكم العمل الدؤوب الذي تقومون به في جانب اخوانكم الذين تجهم لهم حظهم، فاضطروا الى ان يأتوا اليكم، يقينا منكم انهم يجدون لدى المحكمة ما يفرج كربتهم، وينيلهم بعض حقهم، ويزيل عنهم بعض ما يعانون.

لقد تحدث حضرة الخورأسقف وهيب الخواجه المحترم الذي تكلم باسمكم عن الكرامة الانسانية، هذه الكرامة المستمدة من كرامة الله الذي خلق الانسان على صورته ومثاله، على ما جاء في مستهل الكتاب المقدس:"وقال الله لنصنع الانسان على صورتنا وكمثالنا وليتسلط على سمك البحر، وطير السماء، والبهائم، وجميع الارض، وكل الدبابات الدابة على الارض". فالانسان هو سيد الكائنات. لذلك فهو ذو كرامة كبيرة لا تساويها كرامة أي مخلوق على الارض.

والله هو الذي رأى ألا يبقى الرجل وحده، فخلق الانسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرا وأني خلقهم، وباركهم الله وقال لهم أنموا وأكثروا واملأوا الارض، وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وطير السماء وجميع الحيوان الداب على الارض". ورأى الله ألا يبقى الانسان وحده "فأوقع سباتا على آدم فنام فاستل احدى أضلاعه وسد مكانها بلحم، وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من آدم امرأة فأتى بها آدم". ورواية الكتاب المقدس هذه تدل على الصلة الوثقى التي تقوم بين الرجل والمرأة في الزواج الذي رسمه السيد المسيح. وهذا ما أكده السيد المسيح بقوله:" يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته قيصير كلاهما جسدا واحدا، فليس هما بعد اثنين ولكنهما جسد واحد.وما جمعه الله فلا يفرقه انسان". واما الدعوةالى البتولية فهي أسمى من الدعوة الى الزواج، على ما يقول القديس بولس:"والمرأة الغير متزوجة والعذراء تهتم في ما للرب لتكون مقدسة في الجسد وفي الروح".

وقد حدد قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، الاهلية للزواج بقوله:" يجب ان نكتشف مجددا مبدئيا بطريقة وضعية القدرة التي يملكها مبدئيا كل انسان بشري على الزواج، بقوة طبيعته بالذات كرجل وامرأة. ولا يمكننا ان نخلط بين العجز الحقيقي عن إبداء الرضى والصعوبات الوضعية التي يعرفها كثير من الناس، خاصة الشبان، الذي يصلون الى الاعتقاد بان الاتحاد الزواجي هو عادة غير قابل للتفكير به وممارسته. وخلافا لذلك، ان تأكيد القدرة الانسانية المولودة مع الانسان على الزواج هي نقطة الانطلاق لمساعدة الزوجين على اكتشاف واقع الزواج الطبيعي، والاهمية التي يملكها على صعيد الخلاص". لذلك يعتبر من الاهمية بمكان ان يعتمد المؤمن على معونه ربه للقيام بمسؤولياته الزواجية، وتربية أولاده على قواعد الدين والاخلاق المسيحية. وعلى القاضي في الشؤون الزواجية ان يراعي قبل كل ضميره ويرجع الى القوانين الكنسية ليعمل على تطبيقها من وجه الدقة والضبط.

وعلى القاضي ان يطيل أناته على المتقاضين، كما أشار اليه من تكلم بأسمكم، لان الازواج الذين يختلفون في ما بينهم ويشهر كل منهم العداء للآخر لا يكونون عادة في حالة طبيعية، وغالبا ما تعمي بصرهم وبصيرتهم الاغراض الآنية،والعاطفة البشرية، فيفقدون صوابهم ، ولا يكونون في وضع طبيعي. وهذا ما يوجب على القاضي إطالة باله عليهم واقتبالهم بروح سمحاء. وإنا، اذ نشكر لكم ما تبذلون من جهد كل في موقعه وما أسند اليكم من عمل في المحكمة الروحية، أسال الله ان يكافئكم خيرا وان يجزل لكم الأجر. وكل عائلة تنقذونها من الانهيار ستشكر لكم طول أناتكم وروحكم الكهنوتية والرسولية الحقيقية. أخذ الله بيدكم، وأعاد عليكم وعلى ذويكم سنوات عديدة، وانتم بأحسن حال وأهنأ بال".

المؤسسة المارونية للانتشار

وعقدت المؤسسة المارونية للانتشار برئاسة رئيسها الوزير السابق ميشال اده اجتماعها السنوي في بكركي في حضور راعي المؤسسة البطريرك صفير ووزير الداخلية والبلديات زياد بارود واعضاء المؤسسة. وبعد الصلاة تم عرض فيلم وثائقي يتضمن دعوة لمتحدرين من اصل لبناني في بلاد الاغتراب الى تسجيل اولادهم في السفارات كي يكتسبوا الجنسية. ورحب البطريرك صفير بالحضور آملا لهم "التوفيق في مهامهم لما فيه مصلحة لبنان والمسيحيين لا سيما الموارنة".

بعدها تحدث الوزير السابق اده الذي اشاد "بخطوة البطريرك صفير بتأسيس هذه المؤسسة، لان هناك عملا كبيرا تقوم به المؤسسة برعايتكم يا صاحب الغبطة وبارشاداتكم".

اضاف:"ان هذه المؤسسة تقوم بأعمال من اجل لبنان وليس فقط من اجل الموارنة، لان الانتشار اللبناني في بلاد الاغتراب هو اساسي بالنسبة للبنان ومستقبله وبصورة خاصة الانتشار الماروني حيث كنا في الماضي في حالة انقطاع في ما بيننا لانه في الماضي لم تكن هناك امكانية للمحافظة على الجنسية اللبنانية في عدد من البلدان التي لم تكن تسمح باكتساب الجنستين، والان اصبحت الامكانية موجودة ونحن نقوم الان بجهود لارشاد هؤلاء المنتشرين في حقهم بتسجيل انفسهم واولادهم واحفادهم، ونحن نساعد جميع المنتشرين من مسيحيين ومسلمين وخصوصا الذين ليس لديهم امكانية للقيام بهذا العمل وبصورة خاصة في البرازيل".

واشار الى "ان المؤسسة قامت خلال السنة الفائتة باعمال جبارة في هذا الخصوص، متوجها بالقول الى البطريرك لو لم تقم بهذه الخطوة يا صاحب الغبطة لحصل ابتعاد هذا الانتشار اكثر واكثر عن الوطن. والان بدأت نتائج اعمالنا بالظهور وسنعرض خلال اجتماعنا هذا لما توصلت اليه المؤسسة خلال العام الحالي والخطوات التي ستقوم بها خلال العام المقبل".

وقال:" من هذا الصرح نوجه دعوة الى المغترب اللبناني في المكسيك كارلوس سليم الذي يقوم بعمل جبار على الصعد كافة للمجيء الى لبنان، ونتمنى عليك يا صاحب الغبطة ان تسعى للحصول على وسام بابوي رفيع وسوف يقلده ايضا رئيس الجمهورية وساما رفيعا، ولذلك نطلق هذه الدعوة برعاية فخامة الرئيس وغبطتكم لكي يزورنا في لبنان بغية التواصل مع كافة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، لان لبنان المقيم يبقى يتيما دون لبنان المنتشر ، ونتمنى عليك الموافقة على هذه الدعوة".

وقد اشاد رئيس المؤسسة الوزير السابق اده "بعطاءات عضو المؤسسة انطوان الشويري الذي يعمل بصمت وتواضع، ولا اريد ان اجرح تواضعه، وله فضل كبير على المؤسسة بشكل عام ولذلك سوف نسلمه الدرع التكريمي الذي دونت عليه يا صاحب الغبطة بيدك "اننا نقدر جهود ولدنا السيد انطوان شويري ونشاطه في سبيل الخير"، وقد برهن عن سخاء مشكور على كل عمل انساني وعلى كل لبناني محتاج الى مساعدة ويمينه لا تدري ما صنعت شماله عملا بقول السيد المسيح في انجيله المقدس".

شويري

وقد سلم البطريرك والوزير اده الدرع الى شويري الذي شكر بدوره البطريرك والوزير اده والمؤسسة وقال:" كل انسان يقوم بما يلهمه الله ان يقوم به، واقول: لا يوجد اكرم من ربنا وكل من يريد ان يقوم بأعمال الخير يعطيه الله اضعافا، واشكر الله على انه اعطاني زوجة وعائلة صالحة وهذا اهم ما في الحياة".

بعدها عقد الاجتماع المغلق للمؤسسة لعرض التقرير السنوي للعام 2009 وروزنامة العمل للعام 2010.

 

الرئيس سليمان زار دمشق وقدم التعازي للرئيس الاسد وتشاورا في الاوضاع الاقليمية في ضوء محادثات رئيس الجمهورية في واشنطن

وطنية - زار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان دمشق ظهر اليوم حيث قدم التعازي الى الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد بوفاة شقيقه الاصغر مجد.

وكان اللقاء مناسبة تم في خلالها التشاور في الاوضاع الاقليمية الراهنة في ضوء المحادثات التي أجراها الرئيس سليمان في زيارته الاخيرة لواشنطن مع الرئيس الاميركي باراك اوباما وكبار المسؤولين الاميركيين. واستضاف الرئيس الاسد الرئيس سليمان الى مأدبة غداء حضرها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم ووزير شؤون الرئاسة منصور شعبان والمستشارة السياسية والاعلامية بثينة شعبان.

 

الرئيس سليمان استقبل وزيرة الاقتصاد الفرنسية بحضور السفير بييتون والوزراء الصفدي والحفار والقصار

رئيس الجمهورية:الاستقرار يشكل فرصة للاستثمار في البلد

الوزيرة لاغارد: لبنان سيكون مركزا إقليميا للمؤسسات

وطنية - استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في بعبدا قبل ظهر اليوم وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل الفرنسسية كريستين لاغارد مع وفد في حضور السفير الفرنسي دنيس بييتون. حضر اللقاء وزراء: الاقتصاد محمد الصفدي، المال ريا الحفار والدولة عدنان القصار، وكان عرض للعلاقات بين لبنان وفرنسا وسبل التعاون في المجال الاقتصادي والاستثماري إذ أبدت الوزيرة لاغارد رغبة في توسيع دائرة الاستثمارات الفرنسية في لبنان وخصوصا في مجالات الطاقة والاتصالات والنقل الذي كان بحث الرئيس سليمان في تطوره مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على هامش القمة الاورو-متوسطية التي عقدت في فرنسا في 13 تموز 2008. وأشارت الى أن لبنان سيكون مركزا إقليميا رئيسيا لعدد من المؤسسات الاستثمارية فيه وفي منطقة الشرق الاوسط.

مستثمرون فرنسيون

ثم اجتمع الرئيس سليمان والوزيرة لاغارد والوفد المرافق مع عدد من المستثمرين الفرنسيين تحدث باسمهم رئيس غرفة تجارة وصناعة باريس الذي نقل اهتمامهم بالاستثمار في لبنان في شتى المجالات ولا سيما منها الطاقة والاتصالات والنقل. ورحب الرئيس سليمان بالوزيرة الفرنسية ووفد المستثمرين، مشيرا الى أن "الاوضاع التي تحسنت وتشهد استقرارا منذ حوالى سنة ونصف السنة على كل المستويات تشكل فرصة جيدة للاستثمار في لبنان وخصوصا أن هناك حاجة إلى التطوير والتحديث في مرافق ومجالات عدة"، وأكد أن "فرنسا هي الشريك التجاري الاول للبنان"، متمنيا "استمرار التعاون القائم تحت عنوان العلاقات التاريخية والجيدة بين البلدين".

 

40 سنة غفرانا/بقلم الياس الزغبي

ابتلي مسيحيّو المشرق، وموارنتهم بصورة خاصة، عبر تاريخهم المديد، بحالات شاذة وأمراض اجتماعية وسياسية وظواهر اضطراب وانحراف، لكنّ الجسم المسيحي السليم المحصّن بسلّم القيم وقاعدة الايمان استطاع احتواءها وتذويبها، وبرئت المسيحية المشرقية من أسقامها الى حدّ كبير، ما مكّنها من مواجهة الأخطار الخارجية والصمود، خصوصا على امتداد القرن العشرين. لكنّ العقد الأخير من القرن نفسه شهد ظاهرة خطرة تمثّلت بخطّة لنسف كل المرتكزات المسيحية وادخال لوثة العنف المنهجي والمفتوح في الصراع السياسي، بعدما كان العنف المسلّح محدودا في الزمان والمكان ومجرّد ردود فعل وانتقامات موضعية. ويكمن خطر هذه "الثقافة" الطارئة في ثلاثة أبعاد: استمرارها حتّى اليوم، اتخاذها طابعا عموديا، والضلوع فيها تحت شعار "حماية حقوق المسيحيين". ولا يخفى أن القائمين بهذا المخطّط التهديمي تخطّوا مرحلة بلوغ السلطة والمال بعدما حقّقوا الكثير منهما، وباتوا في مرحلة متقدّمة من تنفيذ المهمّة المكلّفين بها، وفي ظنّهم أنهم ما زالوا مستورين وقادرين على اكمال المشروع الى نهايته في غفلة عن الرأي العام والجمهور الغفور، أو أنهم يدركون انكشافهم ولم يعد يهمّهم ما يقال عنهم، مثل العراة الذين فقدوا الاحساس بالحياء،  والمدمنين الذين لا يملكون سوى هاجس المعاقرة.

فبعدما أطلق هؤلاء دورة العنف والكراهية، برمجوا خطابهم السياسي والاجتماعي وتصريحات مسؤوليهم وبثّهم الاعلامي والالكتروني وألسنتهم في القرى وبين البسطاء للحفر في ذاكرة الجروح، والنكء في حرمة المرجعيات المسيحية، وعملوا على ضرب الأسس الخمسة التي يرتكز عليها الحضور المسيحي في لبنان وهي: الكنيسة، والمؤسسات السياسية ( الأحزاب والرئاسة )، والثقافة والتربية (الجامعات والمعاهد ووسائل الاعلام )، والاقتصاد (مؤسسات واستثمار ونقابات)، والاساس الاجتماعي (شرذمة العائلات وترويج التنابذ في البيت الواحد والقرية والحي). كل ذلك تحت راية اتهام ضحاياهم ببثّ الحقد والكراهية على طريقة أبلسة الاخرين، فهل هناك شرّ أشدّ من هذا الشر، وهل من دليل أقوى من هذا الدليل على خطورة ما يفعلون؟ واليوم، نزع أهل المخطّط الورقة الأخيرة عن عورتهم، فطوّبوا سلاح "حزب الله" الى ما بعد عودة فلسطين، وشكروا الله على حصر السلاح في يد "حزبه" منعا للحرب الأهلية (يعني أن طرفا واحدا كان يجب أن يملك السلاح خلال الحرب اللبنانية لئلاّ تقع، من هو؟  ولم يكن هناك لزوم للسلاح في مواجهة الفلسطيني والسوري وحلفائهم اللبنانيين!)، ونزّهوا القضاء السوري من السياسة، وهنّأوا أنفسهم فلم يعد لهم سوى عدو واحد: البطريرك ومسيحييو 14 اذار.

 مشروع خطير؟ نعم، ولكن خطورته بدأت تتضاءل مع انكشافه، فالمعرفة شرط أوّل للعلاج. وكل مسيحي لبناني ومشرقي يفتح عينيه على الحقيقة يشارك في انقاذ نفسه وبيئته من هذا الخطر. في قرانا اللبنانية الطيّبة، خلال طفولتنا، كانت أمّهاتنا القدّيسات يقلن لنا: اذا قتلتم "أبو بريص"  (حيوان صغير من الزواحف، ذو لسعة مؤذية ) تنالون غفرانا 40 يوما .

والان، كل من يهدي ضالا من أخوتنا الصغار المخدوعين، وينتشله من وحول المشروع، ينال غفرانا 40  سنة، ويندرج اسمه في لائحة الشرف المسيحية.  

      

يديعوت احرونوت": دمشق تسعى إلى استئناف المفاوضات سراً مع اسرائيل

١٨ كانون الاول ٢٠٠٩

تحت عنوان" اقتراح الأسد"، انفردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بمعلومات تفيد "أن سوريا نقلت إلى صناع القرار في القدس المحتلة، خلال اليومين الماضيين، رسائل جاء فيها أن دمشق تسعى إلى استئناف المفاوضات مع اسرائيل سراً، ثم اجراء مفاوضات علنية بوساطة أميركية، غير أنها ترفض في الوقت نفسه التخلي عن علاقاتها الوثيقة مع ايران".

وبحسب الصحيفة، فإن سوريا معنية باستئناف المفاوضات بناء على مبدأ العودة إلى خطوط الرابع من حزيران 67، وبالمقابل أبدت دمشق استعدادها لتطبيع كامل للعلاقات مع اسرائيل بما في ذلك افتتاح سفارة لكلا البلدين لدى البلد الآخر، مشيرة إلى أن "سوريا لا تزال ترفض المطلب الاسرائيلي بقطع علاقاتها مع ايران، لأنها تعد هذا المطلب بمثابة تدخل في سياستها الخارجية"، كما أن الرسائل السورية تشير إلى أن حكومة دمشق تفضل الوساطة الاميركية على خيارات أخرى طرحت أخيراً، بينها قيام كل من تركيا وفرنسا بلعب دور الوسيط.

وفيما لفتت "ّيديعوت" إلى أن "البيت الأبيض ينظر بعين الشك والريبة إلى التلميحات والاشارات الواردة من دمشق"، قال مصدر سياسي مسؤول "إنه في ضوء الجمود الذي يسود المسار الفلسطيني، لا يستبعد الجانب الاميركي وقوفه وراء استئناف المفاوضات بين سوريا واسرائيل".

من جهتها، اعتبرت محافل سياسية في اسرائيل "أن هذا التطور من الجانب السوري ربما يكون جدياً، بحيث توافق دمشق لأول مرة منذ سنين عديدة على وسيط توافق عليه اسرائيل أيضاً، وهو الوسيط الأميركي".

 

ضو يطالب بتوضيح المعلومات عن تفرد الخارجية بإبلاغ السفراء

بأن "القرار 1559 مات وانتهى" دون العودة الى مجلس الوزراء

طالب عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار نوفل ضو وزير الخارجية علي الشامي بتوضيح المعلومات الصحافية التي نشرت صباح اليوم عن إبلاغه عددا من السفراء الأجانب المعتمدين في لبنان بأن القرار 1559 قد "مات وانتهى".

وسأل ضو: "بموجب أية صلاحيات يمكن لوزير الخارجية أن يتفرد بمثل هذا الموقف في حال كان صحيحا، من دون العودة الى مجلس الوزراء، علما أن الحكومة اللبنانية لم تعقد أي اجتماع لها بعد منذ نيلها الثقة، وبالتالي لم تبحث في مثل هذه المسألة الحساسة التي يمكن أن تضع لبنان في مواجهة مع الجتمع الدولي".

ورأى ضو في إثارة مثل هذه الملفات مؤشرات الى نوايا مبيتة، تعكس المساعي الإنقلابية في أذهان بعض الجهات السياسية والحزبية اللبنانية، في وقت يفترض أن تكون الحكومة التآلفية قد وضعت حدا لها، لافتا الى تزامن ما نسب الى وزير الخارجية علي الشامي مع معلومات عن أن "الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً".

وشدد ضو على ضرورة أن يتماهى موقف وزير الخارجية اللبناني مع موقف الحكومة اللبنانية التي أعلنت في بيانها الوزاري احترامها للقرارات الدولية، لا مع موقف الحكومة السورية التي تسعى الى التفلت من المطلوب منها في هذه القرارات، مؤكدا على أن إحياء قوى 8 آذار المناورات السياسية والدبلوماسية والإعلامية الهادفة الى الإلتفاف على المواضيع المتعلقة بسيادة الدولة اللبنانية بمؤسساتها الدستورية والشرعية حصرا على أراضيها وقراراتها كافة لا يمكن أن تمر اليوم تحت أي شكل من اشكال المناورات والصيغ القديمة أو المستجدة، بعدما اثبتت التجارب الماضية استحالة تحقيق مثل هذه الأهداف بكل أساليب الضغط الأمني والعسكري والسياسي التي استهدفت اللبنانيين عموما وقوى 14 آذار خصوصا.

 

سوريا تسعى الى شطب القرار 1559 والشامي: القرار مات وانتهى

نهارنت/يقف القرار الدولي 1559 امام جدل سياسي داخلي جديد، ينطلق من اعتبار دمشق ان القرار نفذ، الى جانب بعض القوى اللبنانية المؤيدة، في حين يرى فرقاء لبنانيون آخرون ان القرار لم ينجز تماما خصوصا في البند المتعلق بنزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.

وذكرت صحيفة "الحياة" أن "الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً، على اعتبار انها نفذت الشق المتعلق بانسحابها من لبنان في 26 نيسان 2005.

وفي الجانب اللبناني تحدثت التقارير عن سعي وزارة الخارجية الى شطب القرار في الأمم المتحدة، واشارت "الحياة" الى أن وزير الخارجية علي الشامي أبلغ السفراء المعتمدين في لبنان أن القرار الدولي الرقم 1559 "مات وانتهى".

ونقلت "السفير" عن اوساط ديبلوماسية ان الشامي فنّد في خلال الاجتماع جميع النقاط التي طرحها الإعلام اللبناني في شأن زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى واشنطن، مشددا على ضرورة تطبيق القرارات الدولية بحسب مرجعية القرار 425.

ولفتت الاوساط الى ان الشامي تجنّب ذكره للقرار 1559 مستعيضا عنه بالحديث عن القرار الدولي الرقم 1701 في جميع لقاءاته الدبلوماسية.

وذكرت مصادر مطلعة ل" الحياة" أن الشامي الذي كان في عداد الوفد الوزاري الذي رافق سليمان الى واشنطن، لفت الى أن لبنان أبلغ المسؤولين الأميركيين أن موضوع سلاح "حزب الله" متروك للحوار الوطني اللبناني وأن المشكلة هي في الخروق الإسرائيلية المستمرة وقضم الأراضي.

واوضحت مصادر لصحيفة "الشرق الاوسط" أنه عندما طرح الرئيس الأميركي باراك اوباما موضوع سلاح المقاومة أجابه سليمان بأن هذا الموضوع يتعذر التعامل معه من منطلق القرار 1559، وأنه موضع حوار داخلي قائم في لبنان، فكان أن تجاوب الفريق الأميركي.

وكان مصدر ديبلوماسي أكد ل"المركزية" ان لبنان يعمل على تفعيل وجوده في مجلس الآن من خلال عضويته التي تبدأ مطلع كانون الثاني وتسخير هذا الوجود لخدمة المصلحة الوطنية، لافتا الى انه سيرى ما يمكن فعله من اجل اقناع اعضاء المجلس بموقفه حيال القرار 1559 الذي بات من وجهة النظر اللبنانية شبه منجز ، ما عدا البند المتعلق بالدعوة إلى حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها والتي عولجت او ستعالج على طاولة الحوار الوطني مع التأكيد على ان باقي البنود قد طبقت.

وقال المصدر إن "استمرار الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في رفع التقارير حول هذا القرار لم يعد ضروريا ، والقول بامكان شطب القرار 1559 هو في الواقع سحبه من اجتماعات مجلس الامن ". وإضاف: "اما البند المتعلق بانسحاب ما تبقى من القوات الأجنبية فهو سرى على القوات السورية ولكنه ينطبق على القوات الاسرائيلية التي لا تزال تحتل مزارع شبعا والتلال الثلاث الأخرى في محيطها، وبما ان القرار 1559 استند الى القرارين 425 و426 المتعلقين بانسحاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليا". وتابع: "هذه الحدود معترف بها اسرائيلياً ايضا بدليل توقيعها على اتفاق الهدنة عام 1949. وبما ان القرار 1701 جاء ليؤكد ذلك فان الديبلوماسية اللبنانية سوف تستمر بالعمل باتجاه المطالبة بالانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبع". واستطرد المصدرالديبلوماسي بالقول:" إن الشطب غير وارد في القانون الدولي كعبارة باعتبار ان القرار صدر، اما انه قد نفذ فهذا امر يتطلب من لبنان العمل من اجل سحبه على خلفية ان التقرير نصف السنوي العاشر للأمين العام عن تنفيذ هذا القرار والذي ناقشه المجلس في تشرين الاول الماضي تعدى بنود القرار الى امور اخرى، ما استدعى من لبنان، كما في كل مرة التحرك باتجاه الامين العام ورئيس مجلس الامن قبل جلسة المناقشة بكتاب تضمن ملاحظات للبنان حول التقرير".

 

الأسد: بكّير على جنبلاط 

١٨ كانون الاول ٢٠٠٩

اشارت صحيفة "الأخبار" الى ان سوريا لم تصفح عن الكمّ الكبير من الإهانات التي كالها رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط لرئيسها، لافتة الى ان زيارة جنبلاط الى دمشق لا تزال مستبعدة. وكشفت الصحيفة ان الأسد فوتح في هذا الأمر ورفض، واعتبر أن الأوان لم يحن بعد تبعاً لعبارة "بكّير". ولم يوحِ بإيصاد الأبواب تماماً في وجه المصالحة مع جنبلاط في وقت ما. لكن هذا الوقت ليس وشيكاً. وبحسب "الأخبار"، يتقاطع هذا الموقف مع رغبة جنبلاط في زيارة دمشق وجهود يبذلها لحصولها. وهو يعوّل على ما يعتبرها الواسطة الأكثر قدرة على إيصاله إلى هناك، عندما قال في أحاديث خاصة إنه وضع زيارته العاصمة السورية بين يدي الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الذي يحظى بتقدير الرئيس السوري واحترامه. ولفتت "الصحيفة" الى ان هذا الموقف ينقض ما شاع من أن جنبلاط يتكّل على صديقه الوحيد الباقي من الإدارة السورية السابقة للبنان، العماد الأول المتقاعد حكمت الشهابي، لشقّ الطريق إلى مصالحته الأسد، مشيرة الى ان واقع الأمر أنه لا يسع أي سوري أيّاً يكن، التوسّط لشخصية أياً يكن حجمها لدى الرئيس السوري بعدما أشبعته شتماً. عاد الشهابي إلى دمشق قبل شهرين واستقر فيها، واستقبل مسؤولين أمنيين كباراً هم في صلب القيادة الحالية تعبيراً عن تطمينه إلى أنه يحظى برضى النظام عليه. وذكرت "الأخبار" ان وفق ما يقال في دمشق، لا وساطة لجنبلاط من داخل سوريا، والقرار في يد الأسد على نحو ما أفصحت عنه مستشارته الإعلامية والسياسية الوزيرة بثينة شعبان بقولها إن الرئيس هو مَن يقرّر استقبال أو عدم استقبال جنبلاط. واشارت الى ان أمر الحريري مختلف تماماً. ليس كجنبلاط ابن المطبخ السوري. سترحب به دمشق عندما يزورها وتحتفي به، وستحرص على إبراز هذه الحفاوة. ولكن لا دعوة رسمية ولا مظاهر استثنائية. ولا سجاد أحمر على طريقة استقبالها رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون في 3 كانون الأول 2008.

 

سليمان في دمشق للقاء الأسد وتقديم التعازي له بوفاة شقيقه

نهارنت/قام رئيس الجمهورية ميشال سليمان بزيارة ظهر الجمعة الى دمشق حيث التقى نظيره السوري بشار الأسد وقدم التعازي له بشقيقه وبحث معه في التطورات السياسية. وانتهز الرئيس سليمان فرصة الزيارة لإطلاع نظيره السوري "على نتائج المحادثات التي اجراها مع المسؤولين الأميركيين" حول الوضع في الشرق الأوسط، على ما أفاد مصدر رسمي لوكالة الصحافة الفرنسية . ونقلت وكالة "سانا" السورية الرسمية للأنباء أن الرئيسين الأسد وسليمان شددا على تعزيز علاقات التعاون ومتابعة التنسيق والتشاور على جميع المستويات. وكان سليمان قام بزيارة عمل الى دمشق في تشرين الثاني كانت الثانية له الى العاصمة السورية منذ انتخابه في ايار 2008، وجاءت غداة تشكيل حكومة سعد الحريري. وأعلن الحريري الخميس ان زيارته الى سوريا باتت "قريبة" من دون ان يحدد موعدا، في حين ذكرت صحيفة "النهار" الجمعة ان هذه الزيارة ستتم الأحد

 

جعجع ردا على عون:لم نطلب يوما منه شهادة بالتربية المسيحية أو الوطنية

نهارنت/ انتقد رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع ما قاله رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون بأن "سلاح حزب الله هو للدفاع عن لبنان وخلق استقرار على الحدود"، معتبرا أن "لو كان الجيش اللبناني والقوات الدولية متواجدين وحدهما على حدود لبنان لكان الوضع مستقراً مئة مرة أكثر مما هو عليه في الوقت الحاضر".

وأشار جعجع أمام وفد طالبي من الجامعتين اللبنانية واللبنانية الأميركية، الى اننا "لم نطلب يوماً من الجنرال عون إعطاءنا شهادة لا بالتربية المسيحية ولا بالتربية الوطنية. الجنرال يقول أيضا أن تربيته تقوم على الفضائل والمحبّة والإيمان والرجاء، وهذه العبارة صحيحة إذ أن تربيته تقوم على محبّة السلطة وعلى الإيمان بأنّ حزب الله وسوريا يشكلان رافعات تاريخية للوصول إلى هذه السلطة، كما تقوم على الرجاء حين يعمل حزب الله وسوريا على إنهاء كل مسيحي حرّ من طريق الجنرال من خلال الطريقة التي شهدناها في الأربع سنوات الماضية إما عبر الطرق التي رأيناها في ال 15 سنة الماضية". و أكد جعجع أن "قوى 14 آذار تتصرف إنطلاقاً من منطق يتلاءم ومنطق التاريخ واتجاهه، فيما القوى الأخرى، ولا أعرف إن كنّا نستطيع تسميتها بذلك بإستثناء حزب الله الذي هو حقيقة حركة، ايديولوجيتها ومنطقها ومشروعها السياسي متوجهة عكس التاريخ ومنطقه ومساره".

 

انتشال 38 بحارا و6 جثث احداها لكابتن الباخرة الغارقة قبالة طرابلس

نهارنت/اعلنت قيادة الجيش ان عمليات الانقاذ للباخرة DANNY F II التي غرقت قبالة شاطىء طرابلس الخميس، اسفرت عن انقاذ ثمانية وثلاثين بحاراً إضافة إلى انتشال ستة كانوا قد فارقوا الحياة.ومن بين الناجين في حادثة غرق الباخرة لبناني يدعى أحمد حرب. واشار البيان الى ان عمليات الانقاذ المستمرة تشارك فيها البحرية اللبنانية بالتعاون مع البحرية التابعة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وطوافتين بريطانيتين، قدتما من قبرص، وسفينة حربية إيطالية، وسفينة لوجستية ألمانية، ومركب حربي ألماني، وباخرتين تجاريتين لبنانيتين.

وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية ان الكابتن البريطاني الذي كان يقود السفينة "داني تو" قتل خلال غرق السفينة، حسب ما افاد احد اعضاء طاقم السفينة الذي انقذته فرق الانقاذ.

وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" انه تمّ العثور على جثتين وخمسة مصابين من التابعية النروجية والباكستانية والفلبينية والروسية على شاطىء عكار الجمعة يعتقد انهم من عداد ركاب الباخرة. واعلنت متحدث باسم الجيش اللبناني ان السفينة "داني تو" التي كانت تنقل المواشي من اليورغواي ومتجهة الى مرفأ طرطوس في سوريا جنحت في البحر المتوسط على بعد 11 ميلا بحريا قبالة سواحل طرابلس، وهي ترفع علم بنما. وحسب شركة "اجانسيا شاندي" مالكة السفينة، كان على متن "داني تو" 76 من افراد الطاقم بالاضافة الى ستة ركاب (اربعة من اليوروغواي وبرازيلي واحد واسترالي واحد). 

 

توقيع ملحق لـ"باريس 3" بين لبنان وفرنسا في السراي

نهارنت/رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الجمعة في السراي الكبير توقيع ملحق لاتفاق "باريس3" بين لبنان وفرنسا، يقضي بتقديم الجانب الفرنسي قرضاً بقيمة 125 مليون يورو إلى القطاع الخاص اللبناني، لتمويل مشاريع من خلال المصارف. ووقّعت عن الجانب اللبناني وزيرة المال ريا الحسن، فيما وقع عن الجانب الفرنسي مدير الوكالة الفرنسية للتنمية دوني كاسا. هذا التوقيع أتى بعد محادثات موسعة عقدها الرئيس الحريري في مكتبه في السراي مع وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل في فرنسا كريستين لاغارد. الى ذلك أعلنت لاغارد أن "فرنسا ستمدد لمدة سنة اتفاق قرض للبنان بقيمة 225 مليون يورو، لإتاحة الفرصة أمام الحكومة اللبنانية لتحقيق الشروط المطلوبة للحصول على هذا المبلغ، وهي تحرير قطاع الاتصالات الخليوية، وتنفيذ الإصلاحات في قطاع الكهرباء". ورأت في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة المال اللبنانية ريّا الحسن أن "الاقتصاد اللبناني حقق نجاحاً في ما يتعلق بالنمو والتضخم وخفض الدين"، وأن "السياسة النقدية في لبنان عقلانية والرقابة المصرفية أتاحت تفادي تبعات الازمة المالية العالمية". من جهتها أكدت الحسن التزام الحكومة اللبنانية البرنامج الإصلاحي لمؤتمر باريس3، ومن ضمنه الخصخصة، محذّرةً من أن "لبنان سيتضرر بشكل أكبر في حال عدم المضي في هذه الاصلاحات".

  

القاعدة مسؤولة عن اطلاق الصواريخ على اسرائيل

نهارنت/اشار أحد دعاة تنظيم القاعدة ومنظّريه المدعو اسد الجهاد، الى ان "تنظيم القاعدة ليس جديداً على المنطقة". وأضاف في مقالة تقع في 104 صفحات ومن إصدار أحد المراكز الدعائية المتخصصة في الإعلام في شبكات المنتديات السلفية الجهادية، ونشرتها صحيفة "الاخبار" أن أعضاء القاعدة في لبنان "عندهم مجلس شورى وهيئة شرعية عليا وقيادة عامة وقادةٌ ميدانيون ذَوُو خبرة في ساحات الجهاد العالمية وجبهاتها المختلفة". وكشف ان " مطلقي الصواريخ على إسرائيل أيام الحرب على غزة هم من الأبطال الذين شاركوا في معركة الفلّوجة الأولى والثانية، وهم من الإخوة المقرّبين من الشيخ أبي مصعب الزرقاوي". واعلن أن تنظيم القاعدة في بلاد الشام يقف وراء اطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل في 17 حزيران 2007، وفي كانون الثاني 2008 من لبنان. وتبنى الكاتب مسؤولية القاعدة في بلاد الشام عن الصواريخ الثمانية التي عُثر عليها في 25 كانون الأول عام 2008، وفُكِّكت حينها قبل انطلاقها. أما ملف شاكر العبسي فأهم المعلومات التي يوردها الكاتب، أسد الجهاد، هي أن العبسي أُسر بتعاون من الشيخ هاشم منقارة، وكان أسرُه في منطقة المليحة في ريف دمشق، وهو موجود في سجن محدد تابع للقصر الجمهوري السوري مباشرة. 

 

 متكي في بيروت الاسبوع المقبل

نهارنت/كشفت صحيفة "الحياة" أن وزير خارجية إيران منوشهر متكي سيزور بيروت الأسبوع المقبل. واضافت ان متكي سيلتقي كبار المسؤولين اللبنانيين وسيجتمع مع رئيس الحكومة سعد الحريري لتجديد دعوته الى زيارة طهران. 

 

 شمعون:جنبلاط سيقدم لعون صندوقا فارغا في ملف المهجرين

نهارنت/ لفت رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون إلى ان النائب وليد جنبلاط سيقدم لرئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون في موضوع المهجرين "صندوقا فارغا"، مشيرا في المقابل إلى "أن الغزل بين عون والسوريين لم يبدأ الآن، بل منذ كان في باريس، بدليل الشكل الذي رفض التعامل معنا فيه وتحالفه مع كل ازلام سوريا".

وشدد شمعون في حديث إلى مجلة "المسيرة"، على "أن سوريا لن تعود الى لبنان على رغم كل من ذهبوا بالأمس الى القرداحة. وأتحدى أيا كان ان يذهب الى هناك ويعيش تحت الحكم العسكري السوري أو يرضى في قرارة نفسه أن تحكمه سوريا". من جهة أخرى، أعرب شمعون عن رفضه "لكل شيء له علاقة بالمقاومة، وخصوصا المقاومة الاسلامية التي احتكرتها فئة معينة من الشعب اللبناني". وقال شمعون: "هذه المقاومة فقدت شرعيتها يوم استعملت سلاحها في الداخل، لهذا اعتبر أن الجماعة الذين سمحوا لأنفسهم باستخدام السلاح في وجه أهل البلد وقتل اللبنانيين الآخرين من أجل فرض رأيهم ليسوا مقاومة". وأضاف: "كل بلد عنده أرض محتلة له كل الحق في المقاومة المعترف بها في الشرعية الدولية، لكن في حال تصرفت هذه المقاومة بما يؤدي الى خطر على البلاد والعباد، تكون مقاومة حمقاء وغير ناضجة"، مؤكدا ان "حزب الله لا يزال يمضي في مشروعه الذي أعلن عنه عام 1985 بالعمل على جعل لبنان جمهورية إسلامية". وتابع: "حزب الله" لا يزال يعتبر أن ولاية الفقيه أهم من لبنان. وإذا استمر لبنان يسمح له بأن يسرح ويمرح كما يريد، نكون قد قررنا ان نتنازل عن الهوية اللبنانية وعن الحلم اللبناني. لا يزال حزب الله يحتاج الى فت خبز كبير، وما زال غير ناضج سياسيا".

 

رئيس الجمهورية منح غسان تويني وسام الإستحقاق المذهب

نهارنت/ منح رئيس الجمهورية ميشال سليمان الخميس غسان تويني وسام الاستحقاق اللبناني المذهب، تقديرا لمسيرته الوطنية في حقول السياسة والوزارة والنيابة والصحافة والديبلوماسية. وسلمت الوزيرة منى عفيش الوسام الى تويني في منزله في بيت مري، متمنية له باسم الرئيس سليمان الصحة والعمر المديد.

 

موديز تعدل توقعاتها للتصنيف الائتماني للبنان الى ايجابية

نهارنت/اعلنت وكالة موديز انفستورز سيرفيس للتصنيفات الائتمانية انها قد ترفع تصنيفها الائتماني للبنان اذا واصلت الحكومة تحسين قدرتها على تمويل عجز كبير في الميزانية مع تفادي اثارة عدم استقرار سياسي· وعدلت موديز توقعاتها للتصنيف الائتماني للبنان "بي 2" الي ايجابية من مستقرة· واشارت في بيان الى ان هذا القرار يعكس التحسن المستمر في السيولة الخارجية للبنان ومرونة نظامه المصرفي وايضا تشكيل حكومة توافقية في تشرين الثاني·

 

تطورات ذات دلالات لدى الاشتراكي و"التيار الحر" و"حزب الله"... وربما "المستقبل"

تموضع جديد للقوى السياسية يواكب تبدّل موقع لبنان

النهار/روزانا بومنصف     

يحاول بعض المراقبين استطلاع المرحلة المقبلة على أساس السعي الى معرفة تأثير التحولات التي يمكن أن تشهدها الاحزاب والتيارات السياسية في لبنان بعد التطورات الاخيرة. ونقطة الانطلاق التي أثارت اهتمامهم كانت في الاساس ردود الفعل على تبدل المواقف لدى النائب وليد جنبلاط، اذ تناهى الى هؤلاء أن ثمة اعتراضات داخلية لا تزال تلقى صداها على نحو خاص لدى الطلاب في الجامعات، في حين تقول مصادر حزبية في التقدمي الاشتراكي ان الموقف الجديد لجنبلاط اخذ فعلا مداه في النقاش الداخلي واحتاج الى وقت لكي تعود الامور الى سكتها مجددا داخل الحزب، فيما ساهم تأليف الحكومة ثم المصالحات التي أجراها جنبلاط لاحقا في اراحة الاجواء والمواطنين في الجبل، علما أن اعتراضات الشباب أمر مفهوم في سياق مشاركتهم في "ثورة الارز" واستمرار تفاعلهم من خلالها. وثمة اهتمام بمعرفة طبيعة الخلافات داخل "التيار الوطني الحر" اثر المواقف المعترضة التي لا تزال تأخذ مداها لنائب رئيس الحكومة سابقا عصام ابو جمرا، في حين يسمع كثر اعتراضات داخلية على ذهاب عون بعيدا في التعبير عن مواقفه من ضمن التحالفات التي بات جزءا منها، من بينها الزيارات المتكررة لدمشق ورفع سقف الدفاع عن سلاح "حزب الله" وربطه بعوامل لا يربطه الحزب بها، علما أن هذين العاملين، اي موضوعي سوريا و"حزب الله"، ساهما في تراجع شعبية عون بين انتخابات 2005 وانتخابات 2009 بنسبة عالية. والسؤال نفسه يطرح لدى المراقبين لما يمكن أن يشهده "تيار المستقبل" بعد الزيارة المرتقبة للرئيس سعد الحريري لدمشق، التي وان تكن تجد تبريراتها المنطقية التي يتم تسويقها منذ بضعة اشهر لدى المواطنين، فان الحماسة لها ليست قوية. ويعتبر كثر أن ردود الفعل تتوقف على طبيعة الاستقبال السوري للحريري واسلوب التعاطي المستقبلي، وما اذا كانت سوريا ستجعل حكم الحريري مستحيلا كما كانت تفعل مع والده الرئيس رفيق الحريري. وهذه المخاوف مبنيّة على الاستهلال او المقدمات لهذه الزيارة عبر الاستنابات القضائية التي جعلت الكثيرين يجفلون وذكرت اللبنانيين بصعوبة ان تبدل سوريا جوهر طريقة تعاملها مع لبنان.

هذا التطلع الى معرفة مصير الاحزاب والتيارات وما يمكن أن تشهده من تغييرات يشمل خصوصا "حزب الله"، الذي وإن أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله الوثيقة السياسية للحزب تماشيا مع التطورات التي شهدها الحزب ولبنان خلال الاعوام العشرين الماضية، فواقع الامور أن زعماء الاحزاب في لبنان او غالبيتهم باتوا يعتمدون العناوين الكبيرة لعدم الدخول في زواريب السياسة الداخلية التي يمكن أن تنهك أوضاعهم.

فالاحزاب التي باتت شريكة في السلطة على النحو الذي حقق أغراضها، علما أنها كانت مشاركة في السابق، ستفقد الكثير من وهجها ومن قضاياها الصغيرة، أكان موضوع الفساد هو العنوان ام الاصلاح الاداري وما شابه. وفي موازاة ذلك، تبدو القضايا الكبيرة عنواناً للقفز فوق المسائل الصغيرة التي تغرق المسؤولين والاحزاب على حد سواء.

وموضوع "حزب الله" ينظر اليه من زاوية انخراطه كليا ورسميا في دقائق الشأن اللبناني، في الوقت الذي لم يعد الهامش كبيرا في قضية تحرير الاراضي لاعتبارات تتعلق بالجنوبيين من ابناء الطائفة الشيعية والثمن الذي يمكن أن يدفعه هؤلاء أو يدفعه لبنان عموما، من دون إغفال المخاوف من استخدام لبنان في حال تعرض ايران لاي عملية عسكرية ومن دون اغفال التطلع الى ما يتوقعه الحزب في حال اتفاق ايران مع الولايات المتحدة والدول الغربية حول ملفها النووي، وربما ملفات أخرى، فيما أبقى عداءه للولايات المتحدة في سلم اولويات الحزب في عز تطلع كل من ايران وسوريا الى خرق مهم على صعيد العلاقات الثنائية بين كليهما واميركا، ومن دون اغفال معرفة ما يتطلع اليه الحزب ايضا في حال اتفاق اسرائيلي سوري من ضمن معاودة عملية السلام، أو حين معاودتها.

وهناك من يعتبر أن التموضع الجديد للقوى السياسية يلاقي تموضع لبنان اقليميا ودوليا، والذي تعبّر عنه اطلالات المسؤولين اللبنانيين الى الخارج، وكذلك بعض الدول المجاورة كسوريا مثلا بين العلاقات مع ايران وتركيا والمملكة العربية السعودية. لكن السؤال على المستوى الداخلي يبقى محصورا في أمرين اساسيين: هل انتهى زمن الاصطفافات بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار، خصوصا بعد انتقال الحريري من زعيم الاكثرية الى رئيس لحكومة كل لبنان؟ وما هي الامور التي قد تعيد هذه الاصطفافات الى الواجهة؟ وهل تكون المحكمة احد هذه الامور وكيف سيتم التعامل معها؟ وما هي طبيعة التغييرات التي ستشهدها الاحزاب والتيارات السياسية في لبنان نتيجة المتغيرات التي ستتلاحق على نحو شبه يومي في المرحلة المقبلة؟

الاجوبة عن هذين السؤالين مرهونة، في رأي المراقبين، بالمرحلة المقبلة التي ليست واضحة المعالم كليا.

 

إذا كانت أميركا فعلاً لا قولاً مع لبنان السيد المستقلّ والدولة القوية لماذا لا تفرض انسحاب إسرائيل كي تتخلّى المقاومة عن سلاحها ؟

النهار/اميل خوري     

عندما قال الرئيس ميشال سليمان للرئيس الاميركي باراك اوباما ان اسرائيل تستمر باطلاق التهديدات ضد لبنان مما يعوق نمو الاقتصاد فيه، وطلب منه ان يمارس ضغطا على اسرائيل لتنفيذ القرار 1701 ، وان تنسحب القوات الاسرائيلية من قرية الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا، رد عليه الرئيس الاميركي مشددا على قلق بلاده من عمليات تهريب السلاح المتواصلة الى لبنان، والتي تشكل تهديدا لاسرائيل، وربط تسليح الجيش اللبناني بالاسلحة الثقيلة بتنفيذ القرار 1701، مشيرا الى ان من مصلحة كل الاطراف ان يتم التشديد على عدم حصول تهريب للسلاح، اضافة الى المسائل الاخرى، واكد الالتزام بضرورة حل المسائل بالحوار والمفاوضات بديلا من العنف، ومتابعة المحاولات لجمع الاطراف معا ما داموا كلهم يعملون بنيات طيبة.

اوساط سياسية علّقت على هذا الحديث المتبادل بين الرئيسين الاميركي واللبناني بالآتي:

لقد تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في حديث له عام 1991: لماذا يُطلب من لبنان الضعيف ما ليس مطلوبا من الدول الاخرى بالنسبة الى تنفيذ القرارات الدولية كي يستطيع لبنان ان يعود افضل مما كان، وذلك ببسط سيادة الدولة على كل اراضيها؟ اضف ان من اتخذ هذه القرارات، اي مجلس الامن، عليه ان يكون مسؤولا عن تنفيذها فيجعل الاطراف المعنيين ينفذونها تحت طائلة فرض عقوبات عليهم، وهذا ما لم يحصل منذ ان صدر اول قرار يخص لبنان، وهو القرار 425، اذ ان اسرائيل رفضت تنفيذه مدى سنوات وهو يدعوها الى الانسحاب من الاراضي اللبنانية التي تحتلها من دون قيد ولا شرط اي دونما حاجة الى مفاوضات. وقد ادى موقف اسرائيل الرافض الى نشوء مقاومة اسلامية في لبنان تولت بقوة السلاح تحقيق هذا الانسحاب. ولم يتم تنفيذ القرار 1559 بالحوار ولا بالوسائل السلمية وهو يطالب "جميع القوات الاجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان" ويدعو الى "حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الاراضي اللبنانية بعد انسحاب ما تبقى من القوات الاجنبية من لبنان".

لكن هذا القرار ظل من دون تنفيذ، لا بل جرت مخالفته بالتمديد للرئيس اميل لحود وعدم التمكن من حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، ولا القوات الاجنبية انسحبت كي تستطيع الدولة بسط سيادتها على كل اراضيها، الى ان كانت "انتفاضة الاستقلال" و"ثورة الارز" ففرضتا تنفيذ البند المهم منه الا وهو انسحاب القوات السورية من كل لبنان، لكنها لم تستطع حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها ولا انهاء ولاية الرئيس لحود الممددة، الى ان كان القرار 1701 بعد حرب تموز مع اسرائيل عام 2006 وقد اتى على ذكر كل القرارات السابقة المتعلقة بلبنان ولاسيما القرار 1559 والقرار 1680، ودعا مرة اخرى الى تنفيذ كل ما بقي من بنودها.

وها ان القرار 1701 قد مضى على صدوره اكثر من ثلاث سنوات، ولم ينفذ منه سوى انسحاب القوات الاسرائيلية الى ما وراء الخط الازرق مع بقائها في قرية الغجر وفي تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، وانتشرت قوات دولية مع قوات من الجيش اللبناني شمال الليطاني، وتم وقف العمليات العسكرية مع اسرائيل من دون الانتقال حتى الآن الى مرحلة وقف شامل لاطلاق النار لان اسرائيل ما زالت تخرق هذا القرار بانتهاك طائراتها الحربية الاجواء اللبنانية مبررة ذلك بالادعاء ان هذا القرار تخرقه سوريا، وذلك بالسماح بمرور الاسلحة الى لبنان وتحديدا الى "حزب الله" عبر اراضيها، كما تخرقه ايران بارسال هذه الاسلحة اليه.

لذلك، كيف للبنان الضعيف والدولة التي لا تزال عاجزة ان تتحمل وحدها مسؤولية تنفيذ هذا القرار بكل بنوده ما لم يتعاون معها على ذلك كل الاطراف المعنيين، وهم الاقوى من لبنان، وهو ما تطالب به كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وتدعو الى التعاون على ذلك كي يستعيد لبنان سلامته الاقليمية وسيادته واستقلاله السياسي كاملين. فلبنان بوضعه الراهن ليس في قدرته تحمل التزامات تفوق امكاناته ما لم يتعاون معه جميع الاطراف المعنيين ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية ومجلس الامن الذي عليه انزال العقوبات بكل دولة معنية بتنفيذ بنود هذا القرار ولا تتعاون على ذلك، او وضع آلية لتنفيذ القرارات عندما تعجز عن ذلك الدول الضعيفة، او لا تتعاون معها الدول القادرة.

واذا كانت اسرائيل غير مهتمة بتنفيذ القرار 1701 فلأن هذا القرار حقق لها الامن على حدودها مع لبنان بانتشار القوات الدولية والجيش اللبناني عند هذه الحدود. واذا كانت سوريا غير مهتمة ايضا بتنفيذه، اما لانها تعتبر نفسها غير معنية، او لأن ما يهمها هو استعادة هضبة الجولان بشتى الوسائل، و"المقاومة الاسلامية" في لبنان لن تتخلى عن سلاحها ما لم تنسحب اسرائيل من بقية الاراضي اللبنانية التي تحتلها، وايران ستظل تمد المقاومة بالاسلحة على اختلاف انواعها، بحيث تشكل ورقة ضاغطة في يدها في موضوع ملفها النووي، فسيبقى لبنان وحده الخاسر من جراء عدم تنفيذ القرار 1701 بكل بنوده، لانه يصبح عاجزا عن تحقيق قيام الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كامل اراضيها ولا سلاح غير سلاحها ولا سلطة غير سلطتها ولا قانون غير قانونها، فيما حدود اسرائيل الشمالية مع لبنان تنعم بالهدوء بفضل وجود القوات الدولية ومعها الجيش اللبناني. وسوريا كما ايران تعتبر ان سلاح "حزب الله" ورقة ضاغطة في ايديهما سواء في موضوع استعادة الجولان او في موضوع الملف النووي.

الواقع، ان الولايات المتحدة الاميركية اذا كانت تريد ان يكون لبنان سيدا حرا مستقلا وتقوم فيه الدولة القوية التي لم تقم حتى الآن، وهي تكرر التأكيد ان لا حل في المنطقة على حسابه، فما عليها سوى العمل على حمل اسرائيل على الانسحاب من بقية الاراضي اللبنانية المحتلة كي تنتفي عندئذ اسباب بقاء السلاح خارج الشرعية، وان تطلب من سوريا بعد انفتاحها عليها منع مرور الاسلحة عبر اراضيها الى لبنان وذلك تنفيذا لما نص عليه القرار 1701 كي لا تظل اسرائيل تتذرع بمرور هذه الاسلحة عندما تنتهك طائراتها الحربية الاجواء اللبنانية، وان تطلب من ايران وهي تجري محادثات معها حول الملف النووي التوقف عن تزويد "حزب الله" الاسلحة. فلبنان كونه دولة ضعيفة لا يستطيع ان يفعل كل ذلك تنفيذا للقرار 1701، انما المطلوب من الدول الاخرى كونها الاقوى، ان تقوم بذلك، هذا اذا كانت الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي وجميع الدول الشقيقة والصديقة تريد حقا ان ترى لبنان سيدا حرا مستقلا، فعلا لا قولا، وفيه دولة قوية تبسط سلطتها على كل اراضيها.

 

واجـبـات..

عــمـاد مــوسـى/لبنان الآن

الخميس 17 كانون الأول 2009

يحب اللبناني الواجبات ويقدّسها وهو بطبعه مفطور عليها و"متربي" على تقاليدها ومتمرّس بها ويمارسها على أفضل وجه في مدنه وقراه وعلى امتداد الطوائف الكريمة. وتتقدم عبارات "انشالله تكون خاتمة أحزانكم" و"العوض بسلامتكم" على "مبروك للعرسان الحلوين" أو "انشالله يتهنّوا"، فـ"القعدة" بالصالون مع أهل الفقيد وارتشاف فنجان قهوة مرة توازي ألف جلسة مع أهل العريس. ويغالي الأشقاء اللبنانيون، خصوصاً "نواب المآتم"، في تظهير مشاعرهم عند أي مصاب جلل، عبوساً وخبثاً وتحسّراً، إلى درجة لا تعرف معها من هم ذوو الفقيد ومن هم المفجوعون الحقيقيون.. خصوصاً متى كان الفقيد ضمن دائرتهم الإنتخابية.

واجبات اللبنانيين في ما بينهم مضرب مثل. أما واجباتهم تجاه الأخوة السوريين فهي تفوق الوصف، ومن ينسى كيف هبّ لبنان هبة واحدة يوم وفاة باسل الأسد )1994) الإبن البكر للرئيس حافظ الأسد، وكيف فتحت الحدود اللبنانية السورية أمام الوفود والشخصيات اللبنانية المتنوعة سياسياً وطائفياً التي أمّت القرداحة وكيف ضاقت الصحف السورية ببرقيات التعزية وأصدق مشاعر الحزن. ويوم وفاة الرئيس حافظ الأسد تكرر المشهد نفسه وكان حزن لبنان يقطّع القلب لما لسيادة الرئيس من أفضال ومآثر. ومؤخراً فُجع اللبنانيون بوفاة مجد حافظ الأسد، وجلّهم سمعوا باسمه يوم وفاته. وعلى الرغم من حرص القيادة السورية على إضفاء الطابع العائلي على المناسبة الحزينة، (لا تغطية إعلامية للتشييع) على اعتبار أن الراحل الشاب كان خارج الهرمية السياسية والحزبية وجاءت وفاته نتيجة معاناة مع مرض عُضال، فإن مجموعة كبيرة من الرسميين والحزبيين اللبنانيين أبت إلا أن تشارك سيادة الرئيس المُصاب، معتبرة نفسها من أهل البيت، ومن لم يتمكن من الذهاب إلى القرداحة، قصد قصر المهاجرين، ومن لم تُتَح له الفرصة أن يعزّي مباشرة أرسل برقية واحتفظ بنسخ من الصحف التي أوردت نص برقية العزاء. وقبل وفاة مجد  الأسد (43 عاماً)، توفت والدة الدكتورة بثينة شعبان صاحبة الكلمة المسموعة في قصر المهاجرين. توفت قبيل تشكيل الحكومة اللبنانية، فقام اللبنانيون عبر ممثليهم لدى سلطة الوصاية، بواجباتهم خير قيام ولا تزال وجنات بعض السياسيين مبللة بالدموع. العاطفة اللبنانية تجاه سورية يعبر عنها خير تعبير الممثل الأعلى للسياسة السورية في لبنان إبن الجوار البار ميشال سماحة تقابلها عاطفة محدودة من الجانب السوري، حيث يوفد الرئيس السوري من يمثله في مأتم عزيز لبناني، وكان معالي الوزير وهيب الفاضل (وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية) الحاضر دائماً أبداً في الجنانيز اللبنانية كممثل للرئيس السوري، وأحياناً كان يدعّم بالحاكم العسكري رئيس جهاز الأمن والإستطلاع، وإذا كان الفقيد على قدر من الأهمية يحضر عبد الحليم خدام (قبل أن يُخوّن) إنما نادراً ما شهدت مآتمنا الرسمية زحفاً سورياً... تُرى هل عاطفتنا جياشة أكثر أم هناك أسباب أخرى؟.

  

حميد غريافي/المسألة النووية الإيرانية اولا /واشنطن تعيش أجواء أحداث خطيرة على أبواب الشرق الأوسط وتجمّد اندفاعها في عملية السلام والإرهاب/18 كانون الأول/09

 واشنطن - »المحرر العربي«:

كشفت مصادر نيابية في الكونغرس الأميركي النقاب أمس عن أن إدارة الرئيس باراك أوباما وضعت خلال الأيام العشرة الماضية بند البرنامج النووي الإيراني كـ »أولوية أولويات الولايات المتحدة الملحّة في رأس عشر قضايا دولية لها علاقة بالأمن القومي الأميركي بينها عملية السلام في الشرق الأوسط والحرب المستمرة على الإرهاب في أفغانستان، والحماية العسكرية الأميركية لإسرائيل ودول الخليج العربي الطارئة مع ارتفاع حمّى التأزم بين المجتمع الدولي وإيران«.

وقال أحد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكونغرس لـ»المحرر العربي« في اتصال به من لندن إن »اتفاقاً جرى بين الحكومات الأميركية والإسرائيلية والأوروبية وبعض الدول العربية خلال الأسبوعين الماضيين على تخفيف الاندفاع الأميركي في عملية السلام في الشرق الأوسط والملفات الدولية الساخنة الأخرى، للتفرّغ لحل المسألة النووية الإيرانية خصوصاً وأن اقتناع كل الأطراف بالتأثيرات السلبية لهذه المسألة على تلك الملفات وفي مقدمها الأزمة العربية - الإسرائيلية بات أمراً يجعل المجتمع الدولي منكبّاً على البرنامج النووي الإيراني للوصول إلى وضع حد نهائي له لأن تداعياته لن تسمح بأي حلول أخرى لا في الشرق الأوسط ولا في أفغانستان والعالم«.

ونقل النائب الديموقراطي الأميركي عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هوارد بيرمان الذي كان وراء إصدار مشروع قانون فرض عقوبات فورية على إيران هذا الأسبوع تمنع تصدير البنزين إلى إيران بأغلبية ساحقة في مجلس النواب (412 صوتاً مقابل 12 صوتاً فقط)، أنه أوصى بالمباشرة الفورية بتنفيذ مشروع القانون هذا لأن »امتلاك طهران السلاح النووي هو التحدّي الاستراتيجي الأخطر والأكثر إلحاحاً الذي يتوجب على الولايات المتحدة أن تواجهه«، كما أوصى بعقوبات أخرى في المرحلة القريبة اللاحقة تقوم على منع الأسطول الجوّي المدني الإيراني من الهبوط في مطارات دول الغرب كافة، ومنع المسؤولين الإيرانيين من دخول أي عاصمة غربية«.

لا تعديلات على تسليح الجيش!

وفي سياق متّصل، أماط أحد قادة اللوبي اللبناني في واشنطن اللثام لـ»المحرر العربي« عن أن إدارة أوباما »لن تعدّل أي شيء بشأن برنامجها البطيء لتسليح الجيش اللبناني لا نوعاً ولا كمّاً طالما لم تغيّر الحكومة اللبنانية سياستها حيال تجميد تطبيق للقرارات الدولية 1559 و1680 و1701 التي تدعو كلها إلى تجريد »حزب الله« من سلاحه«.

ونقل مسؤول اللوبي اللبناني عن موظف في الخارجية الأميركية قوله إن زيارة وزير الدفاع اللبناني الياس المر للولايات المتحدة في أوائل العام المقبل للبحث في تسليح الجيش اللبناني بأسلحة نوعية ومعدات متطورة، »لن تلقى الارتياح لدى المسؤولين الأميركيين الذين كانوا أفهموا سليمان أنه لا يمكن تطوير تسليح الجيش طالما »حزب الله« ممسك بمفاصل الدولة وبقرار الحرب، وبالتالي، فإن ما أُرسِل إلى هذا الجيش من أسلحة خلال السنوات الخمس الماضية لن يحدث أي تغيير في نوعيته أو كمياته المحدّدة«.

ونوّه مسؤول الخارجية في واشنطن بتصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل غير المسبوقة لصحيفة »هيرالد تريبيون« أول من أمس حيث اعتبر فيها »أن لبنان لن يصبح سيّداً ما دام »حزب الله« يمتلك أسلحة أكثر من الجيش النظامي«. متبنياً (المسؤول) حديث مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان لفضائية »الجزيرة« في الوقت نفسه بأن »هناك قناعة راسخة في المجتمع الدولي بأن سلاح »حزب الله« غير الخاضع للدولة اللبنانية يشكل خطراً على لبنان وينتهك القرارات الدولية«.

وذكر قيادي اللوبي اللبناني أن »أجواء الإدارة الأميركية توحي الآن بأن أحداثاً خطيرة في الشرق الأوسط على الأبواب، كما أن أجواء إسرائيل تعطي الانطباع نفسه خصوصاً بعد إعلان وزارة الدفاع في تل أبيب أول من أمس بدء توزيع الكمّامات الواقية من الأسلحة الكيماوية ووضع منطقتي الشمال (الحدود مع لبنان) وتل أبيب على رأس المناطق الإسرائيلية التي سيحصل سكّانها على الكمّامات في المرحلة الأولى«.

 

مقابلة مع الوزير السابق إبراهيم شمس الدين

المحرر العربي/18 كانون الأول/09

الشيعة كجماعة بشرية، غير مؤيدين لأطروحة ولاية الفقيه العامة بمعناها السلطوي

ليس بالضرورة أن يكون ما نراه هو قرار الشيعة إطلاقاً«...

 الدولة القوية لا تُنْتَظَر لأنها ليست هدية ولا وحياً، بل تُصنَعْ

أن تبقى جهة ممسكةً برقاب الناس تحت عنوان سياسي طائفي، فهذا أمر خطر!

مصطلح الديموقراطية التوافقية تلفيق كلام ما بين تعبيرَيْ ديموقراطية وتوافقية

إمساك الأحزاب بالطوائف يفكك البنى الاجتماعية

عدم قدرة الجيش الفنية لا يجب أن تشكل حجة لعدم تمكين الدولة من القيام بواجباتها

نحن اليوم في وضعية هدنة على الحدود الجنوبية وهي أفضل وضعية نكون فيها

الوجود العسكري الحربي شيء والمقاومة شيء آخر

قانون انتخاب (60) مكّن القوى السياسية من إنشاء الاصطفافات

إمساك الأحزاب بالطوائف يعني أن الطائفة تعتبر مخطئة إذا أخطأ الحزب.. وتعاقب وتخسر أو تربح إذا خسر أو ربح الحزب!

 أجرى الحوار: ماريو عبود /المحرر العربي

الفكر هو نفسه، مطعّماً بزبدة الخبرة ودسم التطور، فالإبن سرّ أبيه وقدر الثقافة أن تَرِثَ عِلماً وتورّث معلمين. إنها حال الوزير السابق إبراهيم شمس الدين الذي يشكل حالة فكرية يُفترض بكل لبناني أو عربي أن يطلع عليها لأن فيها الكثير مما يجمع حتى عندما تختلف الرؤى. ويكفي للرجل المتوقد في هدوئه أن يقول مثلاً: »إن القوة لم تكن يوماً حلاً في شيء، فهي استخدمت مع الكَثْرة ضد الحق في عاشوراء ولم تُفلح« ليدرك محدِّثُه أن طريق الحلول تمر حكماً في معابر أُخَرْ.

> ألم نكن في غنًى عن أي تسوية سورية - سعودية لو قبل الشيعة بمنطق الديموقراطية (الأكثرية والأقلية).

- لا أرى في عناصر السؤال ترابطاً صحيحاً: فالمسألة ليست في قبول الشيعة أم عدم قبولهم. نحن نتعامل مع قوى سياسية تختلف عن الطوائف لأن صيغة لبنان أو الميثاق مبني على طوائف لا على أحزاب سياسية. وبحسب الميثاق، الطوائف تشارك في الصيغة لا الأحزاب لأن الطوائف باقية فيما الأحزاب تكبر وتصغر أو حتى تزول. وعبر تاريخنا نرى أن الأحزاب تندثر ولا يبقى منها أي شيء. لذلك لا أوافق على مقولة إن الشيعة أرادوا أو لم يريدوا. فطائفة اللبنانيين المسلمين الشيعة (ومعاليه يُصرّ على هذه التراتبية)، ليس بالضرورة أن يكون ما نراه، هو قرارهم السياسي إطلاقاً.. العقل أو الخيال للبنانيين المسلمين الشيعة وُضع مع الإمام محمد مهدي شمس الدين والسيد موسى الصدر في مؤسسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أي الانتماء النهائي للوطن ولا مشروع خاصاً لهم، وولاؤهم هو لدولتهم ووطنهم، ويشتركون مع اللبنانيين الآخرين في تطوير بلدهم، بحيث يكون لهم حضورهم السياسي الاجتماعي. اليوم القوة السياسية الشيعية التي هي ضمن الطائفة الشيعية هي التي تدير الأمر وبعنوان اللبنانيين المسلمين الشيعة، كما هو الأمر في طوائف أخرى ما عدا المسيحيين الذين لديهم تنوع وهذا أمر صحيح وصحي. ومن هنا اعتبر أن إمساك الأحزاب بباقي الطوائف هو أمر خطر على الطوائف كمجموعات بحيث يُعتبر أن الطائفة إذا أخطأت أخطأ الحزب وتُعاقَب وتخسر أو تربح إذا خسر أو ربح الحزب، ناهيك عن أن هذا الموضوع يؤسس لحالة العداء بين الناس ويصبح الشيعة مثلاً على خطأ إذا أخطأ قائدهم وهذا ما يفكك البنى الاجتماعية وينتج قرارات سياسية غير صحيحة.

ما معنى الاصطفاف الشيعي؟

> إذاً كيف تفسر اصطفاف غالبية الشيعة خلف ثنائي »أمل - حزب الله«. هل هو إحساس الخوف من ذاكرة الماضي، إحساس القوة، أم الإيمان بالمشروع السياسي؟

- بالاستدراك، أنت ألمحت إلى التقارب السوري - السعودي في السؤال الأول، وأنا أعتبر أن هذا الأمر مطلوب بغض النظر عن الوضع السياسي في لبنان، فأي تقارب عربي هو أمر جيد خصوصاً إذا كان بين السعودية وسورية وهو ينعكس إيجاباً على لبنان وتنتفي الخصومات والتوتر والخيارات تصبح أوضح، ليتكون الموقف العربي أو السلوك العربي. بالعودة إلى الاصطفافات، أنا أرى أنها لا تولد من خلال السلوك الاجتماعي، بل تخلقها الصيغ التطبيقية للنظام السياسي أي بسبب آليات الحكم السياسي وتحديداً آليات قانون الانتخابات. فقانون (1960) الذي أُحيي بعد أن كان جثة وحُقن بسوائل ليبدو كأنه حي، إنما هو (زوجين) حقيقةً. هذا القانون مكّن القوى السياسية من أن ترسم أطرها الجغرافية والسياسية والطائفية المتداخلة بحيث من الطبيعي أن تنشأ الاصطفافات: لم يُسمح للشيعة إلا أن يكونوا ويتصرفوا كشيعة، والأمر نفسه ينسحب على بقية الطوائف؛ فعندما نحصر أي جماعة في حيّز ما، وفي حدود فكرية، تبرز هويتهم الجزئية. لذلك أقول: اللبنانيون المسلمون الشيعة دُفعوا ليتصرفوا على أنهم شيعة أولاً، وربما دائماً، وهنا الخطر الذي يدفعني إلى قلق حول الهوية الوطنية التي هي من ضمن القواسم المشتركة والتي تتم محاولة إبادتها واضمحلالها لصالح هويات جزئية يمكِّن القوى السياسية من أن تبقى مسيطرة.

فلو كان هناك قانون انتخابي آخر يسمح ببروز قوى عديدة في محيطها لانتفت حدة الحصريات الطائفية السياسية والاستقواء من القوى السياسية على طوائفها، وهذا لا يعني بالضرورة اختفاء الأحزاب، فـ»حزب الله« موجود وحركة »أمل« والتيار الوطني وغيرهم موجودون، ولكن أن تبقى جهة ممسكة برقاب الناس تحت عنوان سياسي طائفي، فهذا أمر خطر وغير صحيح وغير مقبول وأنا لا أقبله.

»اللبنانيون المسلمون الشيعة«.. لماذا؟!

> تركزون في حديثكم على »اللبنانيون المسلمون الشيعة« وهذا ما كان الإمام محمد مهدي شمس الدين يدعو إليه لناحية انخراط الشيعة داخل مجتمعاتهم العربية. فلماذا نلحظ اليوم نزعة نحو »إسقاط« دعوة الإمام شمس الدين والتفافاً أكثر نحو مَن يؤيد ولاية الفقيه؟

- أيضاً، لا أعتبر أن الكلام دقيق. فالإمام شمس الدين أعطى هذا الخطاب في وصاياه قبل وفاته، والدعوة نحو الاندماج ليست بقصد التوجيه، بل بهدف التذكير، وكلامه لا يعني أن المسلمين الشيعة كان لديهم فكر أو مشروع انفصالي، إنما ذكّرهم بما هم عليه؛ ولكن أنا أعتقد اليوم أن العمل الذي أُسِّس عليه منذ 30 عاماً هو في تآكل. موضوع »الشيعة العرب« هو مصطلح للوالد، هو نحته وبنى عليه، لذلك في منتصف التسعينات حصل ارتياح في الوضع داخل السعودية وحصل حوار داخلي وعودة للمعارضين؛ ونشأ فكر آخر، الأمر نفسه حصل في البحرين والكويت، فالإمام شمس الدين أيّد التعديل الإصلاحي بالتحول نحو الملكية الدستورية في البحرين وذكر ذلك في وصاياه.

في موضوع ولاية الفقيه: أنا أعلم، كما أعلم أنك جالس هنا، إن الشيعة كجماعة بشرية غير مؤيدين لأطروحة ولاية الفقيه العامة بمعناها السلطوي السياسي. نحن الشيعة اللبنانيين قابلون بلبنان النظام الديموقراطي البرلماني بصيغته. أطروحة ولاية الفقيه لها شرعيتها وحقيقتها في دولة اسمها الجمهورية الإسلامية في إيران ونحن نقبلها بقبولهم لها، وأتوقع أن يقبلوني بالنظام الذي ارتضيته لنفسي.

> إذاً، كيف تفسر هذا الترابط الذي يزداد توثيقاً بين شيعة لبنان وإيران، بين شيعة اليمن وإيران، بين جزء كبير من شيعة العراق وإيران؟

- أنا أميز الشيء الصحيح من الشيء الواقعي، والواقعي ليس دائماً صحيحاً، وهذا مثل اتهام الإسلام أنه إرهابي، (مستطرداً): وهل يعكس أسامة بن لادن الإسلام الحقيقي، الإسلام الذي يدعو إلى التواصل والحوار؟ أبداً، فبن لادن مسلم ولا يمثل الإسلام؛ وبالتالي، كما لا أقبل تهمة الإرهاب على الإسلام، لا أقبل التشخيص الذي تطرحه. لا يوجد شيء اسمه »شيعية عالمية« ولا شيعة عابرين للقارات ولا يوجد شيء اسمه »هلال شيعي«، وأنا كتبت أن الشيعة لا يقبلون أن يكونوا هلالاً بل يريدون أن يكونوا بدراً تاماً، وتمائم بدرهم أن يكونوا مندمجين في أوطانهم. إيران دولة لها صيغتها والأكثرية الساحقة من سكانها هم من المسلمين الشيعة الإثني عشرية، والهوية الثقافية لا يمكن سلخها عن صيغة التطبيق في العمل السياسي، ولكن لا ارتباط بالمعنى السلطوي. فأنا رئيسي الذي يمارس عليّ السلطة، وكل أموري هي في هذه الدولة التي اسمها لبنان والمعروفة أنظمتها. الموضوع الذي تتحدث عنه في سؤالك يدخل في أنماط السياسات الخارجية للدول، هذه مصالح الدول وأي دولة لها نظام مصالح تتصرف بموجبه.

> حدثتكم عن الجنوح في السؤال السابق لأن السيد نصرالله يقول في الوثيقة السياسية: »نجدد الرفض لعملية التسوية والاتفاقات التي أنتجها مسار مدريد التفاوضي« وهذا يناقض الموقف الرسمي للدولة الذي عبر عنه الرئيس سليمان من مؤتمر مدريد؛ إذاً، هناك جنوح نحو الموقف الإيراني.

- موضوع الصراع العربي - الإسرائيلي وموضوع احتلال فلسطين له تقنية تحليل مختلفة. نحن كدولة لبنانية نلتزم المبادرة العربية في رغبة السلام وإرادة السلام، ولكن هذا نصف الطريق. الخصومة تحتاج إلى طرف واحد والصداقة تحتاج إلى طرفين والإشكال ليس في ما نريده نحن، بل في ما يقبل به الإسرائىلي. لنضع موضوع الحقوق جانباً، هناك تعبير شهير للإمام محمد مهدي شمس الدين يقول فيه نحن لا نريد العدالة المطلقة لأنه لا يمكن تحقيقها بل العدالة النسبية، عدالة الدول. أما في موضوع إسرائىل أنا لا أعتقد أن هناك سلاماً سيبنى مع إسرائيل لأنها لا تريد سلاماً، كما لا أعتقد أن هناك عملية السلام بل عملية سلمية itصs not a peace process itصs a peaceful process يستمر في خلاله قتل الفلسطينيين وتهجيرهم وهدم بيوتهم بتعابير منمقة. في الداخل اللبناني هناك جهات لها مواقفها، لكن مصلحة لبنان كدولة يجب أن تُحفظ وتُلحظ لأنها مصلحة الناس ويُعبَّر عنها عبر المؤسسات الدستورية، أما الرأي الآخر فلا أحد يستطيع أن يلزمني به، كما لا تستطيع أي جهة أن تلزم الدولة بخيارها. أنا أعتقد أن السيد نصرالله عبر عن منحىً فكري، عن الرؤية والقناعة لا عن السياق، فهم يرفضون الهدنة بينما الطائف نص على الهدنة التي اعتقد أنها أمر جيد، والأهم من هذا أننا اليوم في وضعية هدنة والوضع الموجود على الحدود وضع هدنة وهي أفضل وضعية يمكن أن نكون فيها. أنا لا أعترف بالاحتلال الإسرائيلي ولست في حالة سلام معهم ولا يزالون أعداء، والوضع سيستمر، ولكن هذا لا يعني أن هناك حرباً يومية يجب أن تنشب، هناك دولة يجب أن تكبر وتنشأ مع الاستعداد الكامل لأي عدوان وللمواجهة والجيش يجب أن يكون مستطيعاً الدفاع ويجب أن نمكّنه بحيث لا تكون عدم قدرته الفنية حجةً لاستمرار وضع غير طبيعي أو لعدم تمكين الدولة من القيام بواجباتها. أنا أسلم الدولة حصرية استعمال القوة شرط أن تدافع عني وتقوم بواجباتها.

وماذا عن الديموقراطية التوافقية؟!

> بما أنكم تحدثتم عن احتمال أن يكون السيد نصرالله يتطرق فكرياً إلى مسألة الهدنة، فهل ترى أنه في الإطار نفسه يأتي الكلام الذي يعتبر »أنه ما دام النظام السياسي يقوم على أسس طائفية فإن الديموقراطية التوافقية تبقى قاعدة للحكم في لبنان«.

- أنا أعتبر أن مصطلح الديموقراطية التوافقية غير صحيح وغير دقيق وهو تلفيق كلام ما بين تعبيري »ديموقراطية وتوافقية«. وأعتقد أنها صيغة تخلق قلقاً إضافياً في لبنان وتتنافى مع الديموقراطية بمعناها الحقيقي.

> »في لبنان جيشان، جيش للدولة وجيش لغير الدولة«، توافق أو لا توافق؟

- هناك جيش للدولة، لكن الجيش الآخر غير مصرَّح عنه بهذا المعنى وتعبير جيش غير موجود. أنا أفهم أن الدولة تكون الإدارة المركزية لوطن والدولة لها عدة شغل، ومؤسسة الجيش هي من المؤسسات الكبرى والضرورية، ولدولة محاذية لوجود عدواني يجب أن يكون هناك جيش يُقَوَّى ويُدعَّم وتُعاد خدمة العلم لشبابه. الوجود العسكري الحزبي شيء والمقاومة شيء آخر، وانطلاقاً من هذا المعنى أنا أرى أن غالبية الناس تعتبر أن المقاومة حقٌ لها كحق الحياة، وحق الدفاع عن النفس، وهذا لا يحتاج إلى ترخيص أو إجازة من أحد، لكن هذا لا يُعفي الدولة، فأنا لا أمنع الدولة عن شيء وأجلدها لعدم احتوائها عليه. لكنا لنا مصلحة في أن تكون الدولة قوية، والدولة القوية لا تُنتظر لأنها ليست وحياً ولا هوية تأتينا من مكان وفي فترة زمنية، الدولة الصحيحة والقوية والعادلة نحن نضعها عبر عملنا والتزامنا بأنظمتنا وقوانيننا وتطويرها والرضوخ لها، ومن هذه الدولة نصنع جيشاً قادراً عدةً وعتاداً نتكل عليه وندعمه ونؤيده، لا جيشاً نحوِّله إلى مؤسسة شرطة، فمن أسخف الأمور أن يتولى الجيش مهمات الأمن الداخلي. في الديكتاتوريات، الجيش هو الشرطة، فهل نحن نريد هذا اللبنان. في لبنان لا توجد ديموقراطية بل نظم ديموقراطية لكنها لا تطبَّق وإن طُبقت تُطبق بشكل اختياري بحسب المصالح.

معادلة الثقة للحكومة

> المعادلة التي أعطت الثقة للحكومة هي التالية: حكومة تشرع عمل المقاومة أو لا حكومة.. هل هذا صحيح؟

- يبدو الأمر كذلك. نعم. مع إعادة التذكير أنه لا هذه الحكومة ولا غيرها تشرع عمل المقاومة، فالمقاومة حق موجود دائماً، ننام ونصحو عليه. ولكن بالفهم اللبناني الملفَّق، ما تقوله في سؤالك يبدو صحيحاً.

»أخوية ومتكافئة«.. بدلاً من »ندية«

> تعبير »العلاقات الأخوية« بدل »العلاقات الندية« سيحول دون توجيه دعوة إلى الحريري ليزور سورية على اعتبار أن هذا النوع من العلاقات يسقط الطابع الرسمي والبروتوكولات؟

- العلاقة يجب أن تكون طبيعية بين البلدين. العلاقة مع سورية قدر وخيار. لبنان كالبيت، الذي له سياج وباب وساكنوه، لكن يجب أن يكون دائماً شفافاً ليظهر ما يجري فيه حتى وإن كنا »مستورين« في داخله، وسورية يجب أن تكون مطمئنة دائماً وترى ماذا يحدث، لا من أجل التدخل بل من أجل الشفافية التي تبين أن قاطني هذا البيت هم »فلاح« وليس المقصود هنا الشك في اللبناني بل بهدف التوثيق.

> دائماً نحن مضطرون لإجراء فحص دم سياسي!!

- أبداً، لقد قلت إن الأمر ليس من باب الشك بل للتوثيق، وهذا إثبات لحسن نية موجود. إبراهيم (ع.س) قال »أرني كيف تحيي الموتى«، أجاب: »أولا تؤمن؟«، قال: »بلى ولكن ليطمئن قلبي«. الوضوح يحفظ العلاقات. تعبير »الندية«، الحكومة السورية لا تحبذه وأزعجها، فإذاً لماذا علي أن أستعمله وهو لا يفيدني، وهذا التعبير دفع الفريق الآخر، الذي أكتب عنه بنيَّة صحيحة يستاء، بسبب اللغة غير الصحيحة. فلنستعمل تعبير »أخوية ومتكافئة« أما بالنسبة إلى الدعوة وتوجيهها فأنا لست مطَّلعاً على الأمر.

> ألا تعتقد أنه عندما ترفض دولة جارة تعبير »العلاقات الندية« فهذا يعني أنها في عقلها الباطن لا تعترف بلبنان كبلد إن لم يكن في حديقتها الخلفية؟

- لا أعتقد أن هذا الأمر موجود. أما بالنسبة إلى لبنان فأهله هم مَن يجعلوا منه بلداً أو يفقدوه صفة البلد. الآخرون يستطيعون أن يحتلوه كما فعلت إسرائيل؛ مسؤوليتنا نحن أن نحافظ على البلد، فإذا تصرَّفْت معه بخفَّة وبسلوكية البائع، فهو حكماً لن يبقى بلداً وعندها »السوريون وغير السوريين يبلُّون يدهم فيه«. أما إذا تصرفنا بوطنية حقيقية وانتماء لبناني حقيقي، فعندها يتعامل معنا الآخرون على هذا الأساس. هذا البلد، وبكل أسف ليس منفتحاً بقدر ما هو مشرَّع، وعلى اللبنانيين أن يستحوا قليلاً.

> هل تعتبر أن الاستنابات القضائية التي صدرت من سورية هي لنسف أي جدول أعمال يحمله الحريري وحصر الموضوع بالاستنابات للدخول منه مواربةً إلى موضوع المحكمة الدولية مع صاحب الشأن موضوع الاستنابات؟

- لم أفهم جيداً وبالتالي لا أستطيع التحدث عن الموضوع وأستبعد ما طرحَتهُ، وأعتقد أن هناك أموراً أكثر أهمية للتشاور في شأنها.

> صحيفة »النهار« تذكر في 6 ك1 »أن هناك انفتاحاً سورياً على لقاءات شيعية خارج »أمل وحزب الله« أين أنتم منها؟

- أنا لي علاقة جيدة مع إخوان كثيرين في سورية، علاقة قديمة وودودة ومحترمة وأحفظها وأحافظ عليها. أنا لا أخاف من سورية ولا من السوريين. لبنان كدولة، عليه أن يحسن التصرف من دون أن يعني ذلك أنه ولد شقيّ، نحن في سياستنا الخارجية علينا أن نهتم بمحورين: إكثار لبنان من صداقاته لدعم قضاياه، والحفاظ على نفسه من العدو، هذا هو محور السياسة الخارجية، وبديهيات الأمور تفترض البناء من الأقرب إلى الأبعد.

> الحملات التي استهدفت الرئيس سليمان قبل زيارته واشنطن، هل ترون إنها تأتي لتقييد رئيس الجمهورية في إطار معين؟

- أنا لم أتابع تفصيلاً ما كان يقال، لكن أقول إن رئيس الجمهورية هو رئيس البلاد ونقطة عالسطر، فهو ليس في حاجة إلى تعليم أو توجيه وإذا كان هناك من مشورة فهي تحصل في اجتماع، والقصر الجمهوري مفتوح، أما أن يُعطى توجيه إلى رئيس الجمهورية فالأمر ليس لائقاً وهو يضعف فكرة الدولة من دون أن يبرز قوة الموجِّه.

 

الحريري إلى دمشق الأحد ومجلس الوزراء الاثنين

النهار/تراجعت "منظومة" الاستحقاقات السياسية القريبة برمتها امس امام المعاناة الدراماتيكية للبنانيين في معظم المناطق نتيجة الامطار الغزيرة والعاصفة التي ضربت لبنان.

واذ غرقت بيروت ومعظم المدن الساحلية في بحيرات احتجزت فيها ألوف السيارات وسط اختناق غير مسبوق، وقطعت السيول خط بيروت – صيدا عند اوتوستراد الناعمة – خلدة، فاضت السيول في مناطق مختلفة مقتحمة عشرات المنازل والاحياء وخصوصاً في الطريق الجديدة وصبرا ووطى المصيطبة وصولاً الى الناعمة ونهر ابرهيم.

ومع ان مختلف الاجهزة الرسمية في وزارتي الداخلية والاشغال، الى قوى الامن الداخلي والدفاع المدني والاطفاء، كانت في حال استنفار كاملة لمواجهة اثار العاصفة، فإن كل قدرات الدولة بدت عاجزة عن احتواء قوتها، فيما لم يغب عن مشهد هذا القصور ملف تشابك الصلاحيات وتقاذف المسؤوليات عن العجز او التقصير سواء بين الاجهزة والمؤسسات الرسمية او البلديات. وقالت مصادر معنية ان اداء الاجهزة الادارية والامنية بدا امس على قدر عال من التنسيق بفعل بدء معالجة ازمة السير عقب الاجتماع الذي انعقد في السرايا قبل اسبوعين. لكن ذلك لم يخف ضعف القدرات المتوافرة لدى هذه الاجهزة لمواجهة عاصفة كبيرة وعنيفة، فضلاً عن ان التفعيل الكامل لهذه الاجهزة لا يزال مشوباً بكثير من النقص. وتوقعت ان يشكل ذلك نقطة تركيز في الاجتماعات والمعالجات المقبلة، لان تجدد العواصف من شأنه ان يستعيد النتائج نفسها التي ظهرت امس.

غرق باخرة

ولم تقتصر اضرار العاصفة على هذا الجانب الداخلي فحسب، بل هددت بكارثة انسانية مع غرق باخرة على متنها 83 شخصاً قبالة طرابلس كانت محاولات انقاذهم مستمرة حتى ساعة متقدمة ليلاً. وقد انقلبت الباخرة "داني تو" الآتية من الاوروغواي الى مرفأ طرطوس في سوريا والتي ترفع علم بناما قرابة السابعة والنصف مساء على مسافة نحو عشرة كيلومترات قبالة ساحل طرابلس. ووجهت الباخرة نداء استغاثة فتوجهت على الفور فرق من القطع البحرية للجيش تساندها قطع اخرى تابعة للقوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" وباشرت عمليات الانقاذ، كما افاد بيان للجيش. وعلم ان الباخرة كانت تنقل مواشي وعلى متنها نحو 83 شخصاً وامكن انتشال نحو 19 ناجياً من البحارة بعد ساعتين من الحادث. وشاركت سفينة سورية في انتشال ثلاثة من افراد الطاقم. وقال مسؤول ملاحي في مرفأ طرابلس لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" ليلاً ان بين الناجين فيليبينياً وباكستانياً وان بينهم لبنانياً وسورياً على الاقل.

وصرح ناطق باسم القوات البريطانية في قبرص ان هذه القوات تشارك بدورها في عمليات الانقاذ بواسطة طوافة توجهت على عجل الى مكان الحادث.

الحريري

اما على الصعيد السياسي، فقد بدأت الاهتمامات تتركز على الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء سعد الحريري لدمشق وما يمكن ان يكون لها من انعكاسات على مجمل الوضع في لبنان. وفي هذا السياق اجمعت مصادر قريبة من الحريري واخرى لدى قوى حليفة لدمشق امس على ان موعد الزيارة قد حدد الاحد. وقالت هذه المصادر لـ"النهار" انه يرجح ان يقوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان بزيارة لدمشق قبل زيارة الحريري، لتقديم التعازي الى الرئيس السوري بشار الاسد بوفاة شقيقه مجد. واوضحت ان زيارة سليمان واردة في اي لحظة، ومن غير المستبعد ان تحصل بعد ظهر اليوم أو غداً. واشارت الى ان ترتيبات زيارة الحريري قد انجزت، وبات مرجحاً ان يكون الوفد الذي سيرافقه مختصراً على ان يعقد لقاء منفرد يضمه والرئيس الاسد. ووصفت اوساط قريبة من الحريري الزيارة بانها "طبيعية"، مذكرة بزيارة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لدمشق من دون دعوة في تموز 2005 بعد نيل حكومته الثقة واثر مشكلة اقفال الحدود بين البلدين في تلك المرحلة. ولفتت الى ان الحريري شديد الحرص على استقلال لبنان وقراره الحر وان الزيارة تأتي في سياق تأكيد استقلالية كل من البلدين. واعربت عن اعتقادها ان الزيارة ستتخذ الطابع الرسمي من غير ان تستبعد ان توجه الدعوة الى الحريري عبر رئيس الوزراء السوري ناجي العطري الذي سيكون في استقباله في مطار دمشق. وفي موقف علني أول له من قضية الاستنابات القضائية السورية في حق شخصيات لبنانية، صرح الحريري امس لمحطة "ام تي في" التلفزيونية على هامش مشاركته في قمة كوبنهاغن ان صدور هذه الاستنابات هو "خطأ اذ لا يصح ان يقيم لبناني دعوى قضائية على مواطنيه في الخارج". وشدد على ان هذه الاستنابات "هي غير موجودة بالنسبة الي، لانه ليس بهذه الطريقة تبني الدول علاقاتها بعضها مع البعض"، معربا في الوقت عينه عن "تمنياته ان تكون العلاقات (بين لبنان وسوريا) افضل واكثر صراحة ومبنية على مصلحة الدولتين". ويشار في هذا السياق الى ان الوزراء تبلغوا امس موعد عقد الجلسة الاولى لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة الثقة، وذلك الاثنين المقبل في القصر الجمهوري.

 

بري يسأل هوف عن سبب "إنعاش" الـ 1559

النهار 18/12/09 علمت "النهار" ان فريديريك هوف مساعد المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل والمسؤول عن ملف سوريا ولبنان يتولى خلال زيارته لبيروت اطلاع المسؤولين على التحضيرات للجولة المقبلة لميتشل في المنطقة. وخلال زيارته امس لعين التينة تساءل امامه رئيس مجلس النواب نبيه بري: "لماذا العودة اليوم الى محاولة انعاش القرار 1559؟ فلبنان باختصار يسير على قواعد القرار 1701 استنادا الى القرار 425 منذ ايام الاستاذ غسان تويني عندما كان ممثلنا في الامم المتحدة عام 1978. وانتم تعلمون وتقرأون التقارير اليومية التي تكشف الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة للقرار 1701، وعندما غادر السفير جيفري فيلتمان لبنان قال لي ان القرار 1559 اصبح في حكم المنتهي". واضاف بري، استنادا الى معلومات "النهار": "ساهمت اميركا في اصدار القرار 425 آنذاك ويبدو انكم لا تحترمون قراراتكم". ومع انه لم يجر التطرق الى سلاح "حزب الله"، فإن بري فاتح هوف بالموضوع قائلا: ان "وظيفة هذا السلاح تنحصر في مهمة تحرير ارضنا المحتلة، ونحن في انتظار ما ستفعله وتقدمه ادارتكم ديبلوماسياً لتحرير مزارع شبعا اللبنانية وما تبقى من ارضنا المحتلة". وجرى حديث في شأن عملية السلام وموقع لبنان منها، فاعتبر بري ان هذه العملية "تسير ببطء شديد واسرائيل اصلا لا تريد تحقيق السلام". وسأل عما قامت به اميركا لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وشدد على ان لبنان آخر من يوقع بعد جميع الدول العربية السلام مع اسرائيل، مستشهدا بما قاله في هذا الصدد البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. ويذكر ان بري اجرى امس اتصالا بالرئيس سليمان وهنأه بعودته من واشنطن واطلع منه على اجواء زيارته.

 

 

 الحريري في دمشق غداً أو الأحد

الحياة/ رجحت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ «الحياة» أن يزور رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري دمشق غداً السبت أو بعده الأحد، مشيرة الى أن ترتيبات الزيارة يجري إعدادها من خلال الاتصالات السعودية – السورية.

وإذ توقعت المصادر نفسها أن يعود الحريري الى بيروت اليوم من كوبنهاغن بعد مشاركته في قمة المناخ في العاصمة الدنماركية، ولقائه عدداً من رؤساء الدول والحكومات هناك، أوضحت أن زيارته دمشق قد تستغرق يوماً واحداً أو يومين وفقاً للحاجة لاستكمال لقاءاته في العاصمة السورية أو لإمكان اتمامها في يوم واحد.

وفي وقت يتوقع عقد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل، هي الأولى بعد نيل الحكومة الثقة، فإن الحريري استكمل لقاءاته في العاصمة الدنماركية وكان أهمها أمس اجتماعه مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف منتصف الليل بتوقيت بيروت بعد أن كان التقى الرئيس التركي عبدالله غل ، ورئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر الصباح. كما التقى رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو. وشدد الحريري في محادثاته على وجوب تنفيذ القرار الدولي 1701، ووقف الخروق الإسرائيلية اليومية له. وشكر غلّ على مشاركة بلاده في القوات الدولية في الجنوب اللبناني (يونيفيل). وحين سألت «الحياة» الحريري في كوبنهاغن عما ذكر في الإعلام اللبناني عن أنه سيتوجه الى دمشق قريباً جداً قال: «قريباً».

وكانت زيارة الحريري لدمشق تأجلت بعد أن كان تقرر أن تتم يوم الأحد الماضي بسبب التمهل الذي فرضه الاستفسار من دول عدة ترعى المصالحة بينه وبين القيادة السورية عن سبب صدور الاستنابات القضائية السورية في حق شخصيات سياسية وقضائية وأمنية وإعلامية لبنانية في شكوى مقدمة لدى القضاء السوري ضد «الشهود الزور» السوريين في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وقالت مصادر مطلعة أن دولاً عدة بينها المملكة العربية السعودية جاءها جواب الجانب السوري أنه «يجب عدم التوقف عند هذه الاستنابات أو إعطائها أي أهمية لأن الأهم أن تتم الزيارة والرئيس الحريري سيلقى استقبالاً استثنائياً، ولأن القيادة السورية حريصة على التفاهم معه». وأوضحت المصادر السياسية أن الجانب السوري قلل من أهمية الاستنابات، التي كانت موضع بحث وتقويم بين الحريري والمسؤولين السعوديين وغيرهم، الى أن جاء نبأ وفاة مجد حافظ الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، ما أدى الى انشغاله بترتيبات الدفن والتعازي، الأمر الذي أدى بدوره الى تأجيل الزيارة. ورجحت المصادر نفسها ألا يثير الحريري خلال زيارته دمشق قضية الاستنابات. ودعت المصادر الى التعاطي مع الزيارة المرتقبة على أنها لإتمام المصالحة على الصعيد الشخصي واستعادة التواصل، خصوصاً أن الرئيس الحريري يعرف الرئيس الأسد منذ أيام تولي والده رئاسة الحكومة في لبنان والتقيا العام 2000 بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد. كما لاحظت المصادر تركيز الحريري في تصريحاته عن العلاقة مع سورية على الحاجة الى استكمال المصالحات العربية لمواجهة إسرائيل وسياستها تجاه الفلسطينيين ولبنان وسائر العرب ومبادرتهم للسلام، إذ يضع الزيارة في إطار تمتين الصف العربي في المرحلة المقبلة.

وفيما علمت «الحياة» أن وزير خارجية إيران منوشهر متقي سيزور بيروت الأسبوع المقبل للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين والاجتماع مع الحريري لتجديد دعوته الى زيارة طهران، ذكرت مصادر مطلعة أن جلسة مجلس الوزراء الأولى الاثنين المقبل ستشهد عرضاً للزيارات التي قام بها كبار المسؤولين في الآونة الأخيرة، لا سيما زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لواشنطن ونتائج لقاءاته مع الرئيس باراك أوباما وسائر المسؤولين الأميركيين، فضلاً عن لقاءات الحريري في كوبنهاغن وزيارته لدمشق التي يفترض أن تكون تمت قبل الجلسة.

 

الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً.

الحياة/ 18/12/09

علمت «الحياة» أن الخارجية السورية طلبت رسمياً من السفير اللبناني في دمشق ميشال الخوري، أن ينقل الى الحكومة اللبنانية طلباً بأن يسعى لبنان لدى الأمم المتحدة الى إزالة القرار الدولي الرقم 1559، وشطبه بعدما بات منفذاً. وكانت سورية اعتبرت بعد انسحابها من لبنان في 26 نيسان (ابريل) 2005، أنها نفذت الشق المتعلق بها في إحدى فقرات القرار التي تدعو الى انسحاب كل القوات الأجنبية على أرضه. إلا أن الفريق اللبناني اعتبر أن القرار يتناول أيضاً القوات الإسرائيلية، فضلاً عن نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وكان القرار صدر قبل يومين من التمديد للرئيس اللبناني السابق إميل لحود ودعا الى إجراء الانتخابات الرئاسية من دون تدخل خارجي.

وإذ ذكرت أنباء إعلامية أن الخارجية اللبنانية ستسعى الى شطب القرار في الأمم المتحدة فإن وزير الخارجية علي الشامي التقى أمس البعثات العربية والأجنبية في لبنان وأطلعها على توجهات وزارته استناداً الى البيان الوزاري وإلى «الثوابت الوطنية واحترام القرارات الدولية وتطبيقها، لا سيما القرار 1701 الذي أعاد التأكيد على القرار 425».

وعلمت «الحياة» أن الوزير الشامي أبلغ السفراء المعتمدين في لبنان أن القرار الدولي الرقم 1559 «مات وانتهى». وذكرت مصادر مطلعة أن الوزير الشامي الذي كان في عداد الوفد الوزاري الذي رافق الرئيس سليمان الى واشنطن، لفت الى أن لبنان أبلغ المسؤولين الأميركيين أن موضوع سلاح «حزب الله» متروك للحوار الوطني اللبناني وأن المشكلة هي في الخروق الإسرائيلية المستمرة وقضم الأراضي.  

وفي المقابل نسبت «وكالة الأنباء المركزية» المحلية الى مصدر ديبلوماسي لبناني قوله إن لبنان، انطلاقاً من عضويته المقبلة في مجلس الأمن «سيرى ما يمكن فعله من أجل إقناع أعضاء مجلس الأمن بموقفه حيال الـ1559 الذي بات من وجهة النظر اللبنانية شبه منجز، ما عدا البند المتعلق بالدعوة الى حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها والتي ستعالج على طاولة الحوار الوطني». واعتبر المصدر أن القول بإمكان شطب القرار هو في الواقع سحبه من اجتماعات مجلس الأمن.

ورأى المصدر أن البند المتعلق بانسحاب ما تبقى من قوات أجنبية ينطبق على القوات الإسرائيلية، بما أن القرار استند الى القرارين 425 و426 المتعلقين بانسحاب إسرائيل حتى الحدود المعترف بها دولياً. وأضاف: «الشطب غير وارد في القانون الدولي باعتبار أن القرار صدر. أما أنه نُفذ فهذا أمر يتطلب من لبنان العمل من أجل سحبه على خلفية أن التقرير نصف السنوي العاشر للأمين العام عن تنفيذ القرار تعدى بنوده الى أمور أخرى ما استدعى من لبنان إبداء ملاحظات حوله». وأكد المصدر أن «الخارجية لن تقوم بأي تحرك ما لم يكن مقرراً في مجلس الوزراء وبالتشاور مع رئيس الجمهورية وستعتمد البيان الوزاري والقرارات العربية». على صعيد آخر تسببت العاصفة التي شهدها لبنان بسيول وغرق بعض الطرق بالمياه ما أدى الى قطع بعضها. وغرقت باخرة قبالة شاطئ طرابلس آتية من الأوروغواي الى طرطوس. وتمكنت القوى البحرية من إنقاذ 4 أشخاص من طاقمها الذي يضم 70 بحارا، وكانت عمليات الإنقاذ مستمرة حتى ساعة متقدمة ليلاً، وسط ظروف صعبة بفعل حال الطقس.

  

الوزير الشامي التقى سفراء الاتحاد الاوروبي تركيز على تقوية العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكة

وطنية - حاور وزير الخارجية والمغتربين الدكتور علي الشامي سفراء الاتحاد الاوروبي المعتمدين في لبنان عن علاقات لبنان مع دول الاتحاد وكيفية تفعيلها وتعزيز آفاق الشراكة السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية مع هذه الدول. جاء ذلك خلال مأدبة عشاء تكريمية اقامها سفير اسبانيا خوان كارلوس غافو اسيفيدو في مقر اقامته بمناسبة تولي الوزير الشامي مهام الوزارة. وتطرق الوزير الشامي الى موضوع انشاء "مركز للبحوث العلمية المتوسطية"، الذي كان رئيس الجمهورية قد اقترح استضافة لبنان له خلال قمة "الاتحاد من اجل المتوسط" التي عقدت في باريس في 13/7/2008. وشرح الخطوط العريضة للبيان الوزاري للحكومة واولويات الوزارة الواردة فيه ومنها المتعلق بانشاء معهد للتدريب الديبلوماسي والاداري واعادة النظر في هيكلية الوزارة ومكننتها وتحديث وسائل الاتصال وانشاء وحدة متخصصة للمعلوماتية فيها والاسراع في تشييد المبنى الجديد للوزارة، طالبا من دول الاتحاد التعاون والمساعدة في انجاز هذه الامور.

 

جعجع رد على النائب ميشال عون أمام وفد طالبي: لو كان الجيش اللّبناني والقوّات الدوليّة متواجدين وحدهما

على حدود لبنان لكان الوضع مستقرّاً مئة مرّة أكثر ممّا هو عليه

لا يطرح نظرية لنناقشه بأخرى بل يلجأ الى الشتائم والسباب

لم نطلب يوما منه شهادة بالتربية المسيحية أو الوطنية

أوافقه القول بأن القيمة الكبرى تربح في نهاية المطاف لذلك نشهد منذ 2005 تدنيا في شعبيته وتزايدا في شعبيتنا

وطنية - انتقد رئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ما قاله رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون بأن "سلاح حزب الله هو للدفاع عن لبنان وخلق استقرار على الحدود", مشددا على أن "القاصي والداني يعي تماماً أنّه لو كان الجيش اللّبناني والقوّات الدوليّة متواجدين وحدهما على حدود لبنان لكان الوضع مستقرّاً مئة مرّة أكثر ممّا هو عليه في الوقت الحاضر". ورد على كل ما تناوله النائب عون في حديثه بأنّ "تربية القوّات اللّبنانية تناقض التربية المسيحية" بالقول: "فاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه أو أن يتكلم به"، مستشهدا ببعض المحطات الإعلامية للنائب عون والتي أطلق خلالها عبارات "تشير قولاً وفعلا الى من يربي الاجيال على الكراهية والحقد وإستعمال العنف". ووافق النائب عون حين قال "بأن تربيته تقوم على الايمان والمحبة والرجاء إذ أن تربيته تقوم على محبة السلطة وعلى الايمان بأن حزب الله وسوريا يشكلان رافعات تاريخية للوصول الى هذه السلطة، كما تقوم على الرجاء حين يعمل حزب الله وسوريا على انهاء كل مسيحي حر من طريق الجنرال إما من خلال الطريقة التي شهدناه في السنوات الاربع الماضية وإما عبر الطرق التي رأيناها في ال15 سنة الماضية".

هذه المواقف أطلقها جعجع أمام وفد طالبي من الجامعتين اللبنانية واللبنانية الاميركية وقال: "أحاول عدم الدخول في سجالات مع العماد عون لسبب بسيط هو أنّه ليس هناك ما يدعو الى السجال معه لكونه لا يطرح نظريّة لنناقشه بأخرى بل يلجأ الى الشتائم والسباب والتعيير الشخصي. وآسف لإضطراري التوقف عند بعض النقاط الّتي أثارها رئيس تكتّل التغيير والإصلاح في مقابلته الإعلاميّة بإعتبار أنّ السجالات السياسية العقيمة لا تبني بلدا".

ورد على النقطة الاولى من كلام النائب عون وهي ان "إسرائيل يمكن أن تضربنا وتدمرنا لكنها لن تستطيع دخول لبنان" بالقول: "ان أحدا لا يشك بنوايا إسرائيل، والمطروح هو كيفية العمل لتجنيب لبنان دمارها، هي الّتي تستخدم قوتها التدميرية للوصول إلى أغراضها السياسية". وتحدث عن "ضرورة إتّخاذ الخطوات الملائمة لمنعها من تدمير لبنان وألاّ نؤمّن لها المناخات المؤاتية لتسهيل خطتها التدميرية". وإستغرب "النقطة الثانية في حديث العماد عون وهي أنّ سلاح حزب الّله هو للدفاع عن لبنان وخلق إستقرار على الحدود، وهو لم يطّلع مرة على مثل هذه النظريّة لا من مراقبين دوليين أو محليين أو عرب، وما فهمته من كلام الجنرال عون أنّه لو وجد الجيش اللبناني والقوات الدولية وحدها في الجنوب لكان الوضع مضطرباً أكثر ممّا هو عليه في الوقت الحاضر وأنّ وجود حزب الّله بسلاحه هناك هو الذي يؤمّن الإستقرار خلافاً لكلّ التحاليل الدوليّة والعربيّة والمحليّة. أنّ العماد عون في نظريته هذه يستعمل كل شيء لتبرير تموضعه السياسي وهو لا يطرح أيّ فكر في أي إتّجاه إنطلاقاً من معطيات موضوعيّة".

وأكد أن "القاصي والداني يعي تماماً أنّه لو كان الجيش الّلبنانيّ والقوّات الدوليّة منتشرة وحدها على حدود لبنان لكان الوضع مستقرّاً مئة مرّة أكثر ممّا هو عليه في الوقت الراهن".

وانتقد النقطة الثالثة عن أن "تربية القوات التي تناقض التربية المسيحية"، بالقول: "فاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه أو أن يتكلّم به، وبالتّالي نحن لم نطلب يوماً من الجنرال عون إعطاءنا شهادة لا بالتربية المسيحية ولا بالتربية الوطنية. الجنرال يقول أيضا أن تربيته تقوم على الفضائل والمحبّة والإيمان والرجاء، وهذه العبارة صحيحة إذ أن تربيته تقوم على محبّة السلطة وعلى الإيمان بأنّ حزب الّله وسوريّا يشكّلان رافعات تاريخيّة للوصول إلى هذه السلطة، كما تقوم على الرجاء حين يعمل حزب الّله وسوريّا على إنهاء كل مسيحي حرّ من طريق الجنرال من خلال الطريقة الّتي شهدناها في الأربع سنوات الماضيّة إمّا عبر الطرق الّتي رأيناها في ال 15 سنة الماضية".

وردا على قول النائب عون ان "القوات تربي جيلاً على الكراهيّة والحقد وإستعمال العنف"، استشهد ببعض المحطات الإعلامية للعماد عون، فذكر بما "أعلنه الجنرال أمام وفد من طلاب كلية الهندسة في 17 كانون الأول 2005 بأن "كل من يعيركم ما بيطلع..."، وكذلك في 21 شباط 2006 عندما قال أنّ "فتية قلائل يستطيعون إشعال سوليدير الّتي تساوي 70 مليار دولار"، من هنا اتوجه للرأي العام سائلاً "من الذي يعلّم النّاس على الكراهية والحقد وإستعمال العنف؟، وفي الإنتخابات الفرعيّة للمتن الشمالي في 5 آب 2007 توجّه العماد عون إلى الرّئيس أمين الجميّل بالقول " إنتَ شايف حالك, ما بتوصل لتحت ..."، أهذه هي الفضائل المسيحية التي يتباهى بها العماد عون؟. أمّا في 8 أيلول 2008 فتناول الجنرال عون الإعلام بالقول "هؤلاء أقلام رخيصة تتعاطى الدعارة الإعلامية ولا تتعاطى الإعلام"، فأين التربية في هذا الكلام؟". وفي 2 شباط 2009 قال عون "سنقطع لسان من يتطاول علينا ونكسر يدّ من تمتدّ لنا"، وفي 17 آب 2009 قال عون "إذا مش عاجبكن جبران باسيل دقّوا راسكن بالحيط وإذا ما كافاكم في حيط الصين الكبير". أهكذا نربي شبابنا على هذه الفضائل؟ أترك الجواب برسم الرأي العام". الى ذلك ذكر جعجع "بالصورة المزورة التي عرضها الجنرال على شاشات التلفزة على أثر أحداث 23 كانون الثاني 2007 والتي أظهرت جليا مدى قدرة الجنرال على تزوير الحقائق وخداع الناس، إلى المقبرة الجماعيّة الّتي اخترعها الجنرال أيضاً في منطقة حالات وهي بالفعل ليست موجودة إلا في مخيلته، وأوافق الجنرال على عبارته بأن "في نهاية المطاف القيمة الكبرى تربح، لذلك نشهد منذ ال2005 إلى الآن تدنيا في شعبية الجنرال وتزايدا في شعبية القوات اللبنانية".

وكان جعجع أكد أن "قوى 14 آذار تتصرّف إنطلاقاً من منطق يتلاءم ومنطق التاريخ وإتجاهه، فيما القوى الأخرى، ولا أعرف إن كنّا نستطيع تسميتها بذلك بإستثناء حزب الله الذي هو حقيقة حركة، أيديولوجيتها ومنطقها ومشروعها السياسيّ متوجّهة عكس التاريخ ومنطقه ومساره".

 

ليذهبوا سراً إذا شاءوا!

حازم الأمين/Now Lebanon  

يبدو ان هناك مهمة لا بد من ممارستها في القادم من أيامنا، وتتمثل في مراقبة طريق بيروت – دمشق. فاستئناف النشاط على هذه الطريق يؤشر الى تبديد ما تبقى من إنجازات دفع اللبنانيون ثمنها دماً. ونحن هنا لا نتحدث عن الزيارات الرسمية بين المسؤولين في البلدين، ولا عن زيارات حلفاء دمشق في لبنان، الذين لم يتوقفوا يوماً عن سلوك الطريق. كما أننا لا نتحدث عن العماد ميشال عون الذي شق طريقاً جديداً الى دمشق، يبدو ان أحداً لن ينافسه على سلوكه، ولا نتحدث عن وليد جنبلاط ونوابه ووزرائه المنتظرين إشارة عبور الحدود. نحن نتحدث عن نواب ووزراء ومسؤولين هم اليوم في مواقعهم لأنهم كانوا جزءاً من حركة اعتراض واسعة على النفوذ السوري في لبنان.

ثمة نواب من هؤلاء زاروا دمشق، ولم يقولوا لمن انتخبهم أو وقف وراءهم أو اعتقد انهم ممثلوه، لماذا كانت الزيارة؟ من دون ان يستبطن السؤال اعتراضاً على الزيارة من حيث المبدأ، ولكن زيارة دمشق يجب ان تكون مصحوبة بتبرير مقنع، وهي من دون هذا التبرير ستكون زيارة لشحذ النفوذ، وللاستقواء، ولاستدراج النفوذ السوري الى داخل المعادلة اللبنانية، وذلك بمساعدة "الصديق" وئام وهاب أو من دون مساعدته.

لقد شكلت زيارة دمشق طوال العقدين الفائتين إحدى العلامات المخزية في الحياة السياسية اللبنانية، واستئناف هذا الطقس سيبدد القليل القليل مما تبقى من إنجازات السنوات الخمس الفائتة، خصوصاً اذا جاءت الزيارة ممن يفترض ان يكون معنياً بالحفاظ على هذا القليل.

لنتخيل ان نائباً في البرلمان اللبناني توجه الى دمشق، بصفته التمثيلية تلك. هو ليس شخصية مكلفة من الحكومة بحث العلاقات بين البلدين، وهو أيضاً غير مخول إجراء مفاوضات. انه فقط نائب في البرلمان، وبالتالي لن يكون لزيارته إلا معنى واحد، تلاوة فعل الندامة على انخراطه في مخاصمتهم، والسعي الى التكفير عن ذلك بمساعدتهم على العودة.

لقد كان الثمن غالياً جداً أيها الأصدقاء، واستسهال القول اننا ذهبنا الى دمشق، هو استسهال بالأثمان التي دُفعت، الا في حال أقدم من رفع صوته مصرحاً انه زار دمشق على تبرير الزيارة: ماذا ذهبت لتفعل؟ أنت مسؤول أمامنا وأمام من انتخبك. دمشق ليست مدينة عدوة، ويمكنك زيارتها مع عائلتك من دون ان نملك الحق بسؤالك. ولكن ان تزورها أنت المكلف بتمثيل مصالحنا، فمن حقنا عليك ان نعرف الهدف من زيارتك، وأن تكشف لنا عن الذين التقيتهم، وبماذا طالبتهم أو طالبوك؟

العلاقات الطبيعية والجيدة بين بلدين جارين لا تقتضي زيارات دورية لنواب ووزراء من خارج دورة العلاقات الطبيعية. وزيارة نائب لبناني دمشق من المؤكد انها ليست جزءاً من هذه الدورة. انها إقرار لسورية بـ "حقها" في لبنان... ذلك "الحق" الذي كاد يطيح لبنان.

مراقبة طريق بيروت - دمشق يجب ان تكون مهمة على كثيرين القيام بها، ويجب ان تُصاحب المراقبة آلية محاسبة عامة، في الصحافة، ومن خلال المنابر العامة. من المهم جداً إشعار الراغبين في الزيارة، وهم كثر على ما يبدو، ان خطوتهم ستعقبها محاسبة.

فليذهبوا سراً اذا شاءوا.

   

استباقاً لحوار فاشل ! 

نبيل بومنصف/النهار

مع أن الاثارة المبكرة لموضوع احياء طاولة الحوار في القصر الجمهوري قد تتسم بالتسرع قبل معرفة القواعد الاجرائية الجديدة وجدول اعمال هذا الحوار، فثمة وقائع سياسية تستبق هذا الاستحقاق لمصلحة المشككين اصلا في جدواه، وربما اكثر اي الجزم مسبقا بعقمه.

من المسلم به ان طاولة الحوار باتت العنوان لـ"مؤسسة" استراتيجية رديفة للسلطة التنفيذية تحت وطأة الخشية من تفجّر الخلافات والانقسامات السياسية العميقة حول سلاح "حزب الله" في مجلس الوزراء. حتى ان المفهوم العام الذي عمّمته هذه التجربة بشقيها عامي 2006 و2008، صار اشبه بتكريس قاعدة فوقية، بمعنى انه يترك لمجلس الوزراء التزام ما ورد في البيان الوزاري حول المقاومة كنص مكتسب لـ"حزب الله"، فيما ينزع من مجلس الوزراء صلاحيته الدستورية والاجرائية الاساسية في مناقشة ملف بهذا الطابع المصيري الخطير.

حصل هذا الانحراف الدستوري الجسيم تحت وطأة ظروف امنية وسياسية قاهرة بطبيعة الحال، ولكن تكريسه لم يعد يخفف مسؤولية القوى الرافضة له اصلا ما دامت تسلس القيادة للقوى المفيدة منه، على غرار ما يجري الآن في التحضيرات للجولة الثالثة او للطاولة الثالثة للحوار.

واذا كانت القوى المنخرطة في الحكومة والحكم سواء بسواء تتحمل بالتكافل والتضامن تبعة الاثر الدستوري والاجرائي والشكلي لهذا الانحراف، فسيتعين عليها ايضا ان تواجه من الآن حقيقة اخرى تتصل بالاقدام على استحقاق محفوف بنسبة ساحقة من الفشل والاخفاق اذا ما قيست بطلائع المواقف والتوجهات الجادة و"الوازنة" المتعلقة بسلاح "حزب الله". وثمة ثلاثة نماذج متعاقبة في الآونة الاخيرة على الاقل تثبت هذه الحقيقة دونما حاجة الى الخوض في مجموعة مترامية اخرى من المعطيات الاقليمية والداخلية التي تؤسس اصلا لعقم التجربة.

النموذج الاول يتمثل في الوثيقة السياسية الثانية لـ"حزب الله" التي أعلنت غداة انجاز البيان الوزاري، والتي لا تترك ادنى شك في ان "حزب الله" يوازي وجوده وعقيدته ومساره ومقاومته بسلاحه وبحالته المستقلة التي تأبى اي اندماج مع الدولة كتنظيم مسلح حتى تحقيق "الدولة العادلة والقوية"، وهو هدف نظري اشبه بمبدأ "سوريالي" مستحيل التطبيق من الوجهة "الكمالية" التي تطرحها الوثيقة.

والنموذج الثاني يعكسه "نغم" متصاعد من بعض الجهات المحسوبة على الحكم و"المعارضة السابقة" لافتعال مواجهة بين لبنان والامم المتحدة حول القرار 1559، علما انه لا يمكن تجاهل اطلاق هذه الحملة، المرشحة للتصاعد تباعا، عشية بدء عضوية لبنان غير الدائمة في مجلس الامن لسنتي 2010 و2011. وفي هذا السياق لا بد من التساؤل بريبة شديدة عن صاحب المصلحة الفعلية والخفية في جعل لبنان يتحول في مجلس الامن رأس حربة "ممانعة" ضد قرار دولي ذات صلة بالوضع اللبناني نفسه، واي ثمن سيرتبه ذلك على الديبلوماسية اللبنانية بازاء استنفار المجتمع الدولي حيال اي محاولة مماثلة؟

اما النموذج الثالث فجاء محمولا على "سقف مسيحي" هذه المرة بذهاب العماد ميشال عون الى ربط سلاح "حزب الله" بعودة آخر فلسطيني في لبنان الى فلسطين. وهذا التطور يوازي تماما الشعار الايديولوجي الذي يسبغ مشروعية سياسية على السلاح ما دام النزاع العربي – الاسرائيلي مفتوحا، ويتجاوز المهمة المعلنة له في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

تبعا لذلك لن يكون اقل مشروعية من مختلف هذه النماذج التساؤل بجدية مطلقة لماذا الحوار؟ وعلى اي موضوع؟ ولماذا التعب والجهد في تغيير اجراءات الحوار وشكلياته وممثليه، ما دام الموضوع الجوهري الذي سيجري على اساسه إحياء الطاولة الثالثة، قضية مقضية ومحسومة ومبتوتة بحوار ومن دونه؟

 

فرنسا ترفض منح سوريا "حق" التدخل في لبنان 

 الأسد لساركوزي: ضرب إيران يفجّر المنطقة

عبد الكريم أبو النصر/النهار

جاء في تقرير ديبلوماسي جديد أعدته دولة غربية بارزة مهتمة بمسار العلاقات الفرنسية – السورية وانعكاساتها على لبنان والمنطقة عموماً ان نظام الرئيس بشار الاسد ليس شريكاً في صنع سياسات فرنسا وقراراتها المرتبطة بالعالم العربي، وان هذا النظام ليس لديه تأثير حقيقي على المواقف والتوجهات الفرنسية المتعلقة بقضايا الشرق الاوسط على اختلافها. وركز هذا التقرير على ان المسؤولين السوريين يبالغون في تقدير حجم تأثيرهم على صانعي القرارات في فرنسا، بل انهم يخطئون تماماً حين يرددون مع بعض حلفائهم اللبنانيين ان الطريق الى الشرق الاوسط تمر عبر دمشق وان التفاهم مع القيادة السورية هو الذي يفتح ابواب المنطقة العربية أمام فرنسا. واوضح التقرير، استناداً الى معلومات حصل عليها واضعوه من باريس ودمشق وبيروت وواشنطن وعواصم أخرى، ان التقارب الفرنسي – السوري في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي لم يحقق النتائج المرجوة منه بل انه حقق أقل بكثير من توقعات الطرفين وحساباتهما، مما احدث خيبة أمل غير معلنة لدى كليهما. وشدد على ان العلاقة الفرنسية – السورية هي علاقة حوار مستمر تتخلله خلافات جوهرية واساسية على معظم قضايا المنطقة وان هذه العلاقة لم تؤد الى تحالف حقيقي او الى صياغة استراتيجية مشتركة فرنسية – سورية للتعامل مع المشاكل والنزاعات الاقليمية المختلفة مما يجعلها أقل مستوى واهمية من العلاقات القائمة بين فرنسا وعدد من الدول العربية البارزة والمؤثرة.

واوضحت مصادر ديبلوماسية اوروبية وثيقة الاطلاع في باريس "ان مضمون هذا التقرير الغربي صحيح ودقيق اذ ان فرنسا تقيم علاقات جيدة او متينة مع الدول العربية الأخرى من دون المرور عبر سوريا وانها تحدد سياساتها حيال القضايا الاقليمية المختلفة من دون التفاهم سلفا مع نظام الأسد. ففرنسا ليست في حاجة الى سوريا ليكون لها دور بارز ونفوذ مهم على امتداد الشرق الاوسط، بل ان سوريا هي التي تحتاج الى فرنسا لتحسين علاقاتها فعلاً مع الدول الغربية".

وحرصت هذه المصادر الاوروبية على التوقف عند عدد من القضايا الاساسية التي تعكس بوضوح طبيعة العلاقة الفرنسية – السورية وحجمها الحقيقي.

بالنسبة الى الملف اللبناني، فان فرنسا هي التي تعمل، بالتعاون مع دول عربية وغربية معنية بالأمر، على تغيير سياسات سوريا حيال لبنان وليس العكس. ذلك ان الرئيس ساركوزي يرفض الاعتراف بوجود حقوق ومصالح سورية في لبنان تتناقض مع مصالح اللبنانيين وحقوقهم، ويرفض الاقرار بوجود "حق سوري" في التدخل في الشؤون اللبنانية سلباً، ويرفض السياسة السورية الهادفة الى اضعاف القوى الاستقلالية وتجاهل ارادة الناخبين اللبنانيين. كما ان ساركوزي يرفض ان يتفق مع الاسد على سياسة فرنسية – سورية مشتركة حيال لبنان تؤمن للنظام السوري اهدافه ومصالحه على حساب مصالح اللبنانيين المشروعة، بل ان فرنسا تتمسك بسياسة مستقلة حيال لبنان وتتعامل مع هذا البلد على اساس انه تحرر نهائياً من الهيمنة السورية وانه ليس وارداً "السماح باخضاعه مجدداً" لتلك الهيمنة. وتريد فرنسا تشجيع نظام الاسد على التعامل مع لبنان على أساس انه يستحق استقلاله وسيادته والتمتع بقراره الحر بقدر ما تستحق سوريا استقلالها وسيادتها وتمتعها بقرارها الحر، وان المطلوب من النظام السوري هو اتخاذ كل الاجراءات والقرارات الضرورية لاقامة علاقات طبيعية مع لبنان المستقل في مختلف المجالات ولدعم الامن والاستقرار فيه بما يؤمن حينذاك المصالح المشروعة للبلدين. وتريد فرنسا كذلك تشجيع نظام الاسد على التعاون مع المحكمة الخاصة للبنان المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم سياسية اخرى وتقول إن هذه المحكمة مسؤولية دولية في الدرجة الاولى وانها ليست عقبة امام العلاقات الطبيعية بين لبنان وسوريا ما دام هدفها هو تحقيق العدالة ووضع حد للافلات من العقاب ووقف مسلسل الاغتيالات السياسية في لبنان مما يعزز الأمن والاستقرار والسلم الاهلي فيه.

الأسد وساركوزي: تحذيران متبادلان

بالنسبة الى ايران، فشلت فرنسا وسوريا في التفاهم على استراتيجية مشتركة للتعامل مع الملف الايراني بكل جوانبه، بل ان مواقف البلدين من هذه القضية المهمة متباعدة إن لم تكن متناقضة. فقد فشل ساركوزي في ابعاد سوريا عن ايران وفي اضعاف التحالف الوثيق القائم بينهما لأن الاسد رفض مثل هذا التوجه.

كما فشل الرئيس الفرنسي في استخدام الرئيس السوري وسيطاً مع القيادة الايرانية لتشجيعها على التوصل الى صفقة سلمية مع الدول الست الكبرى تشمل تخليها عن كل نشاطاتها وجهودها لانتاج السلاح النووي وتشمل تخليها عن اعتماد استراتيجية زعزعة الامن والاستقرار في عدد من الساحات الاقليمية كلبنان والعراق وفلسطين واليمن وغيرها. وفي المقابل لم يتمكن الاسد من التأثير على سياسة فرنسا في هذا المجال ومن اقناع ساركوزي بان البرنامج النووي الايراني هو للاغراض السلمية وليس لاغراض عسكرية، كما فشل في اقناعه بان من مصلحة فرنسا والدول الغربية التخلي عن "معاداة" ايران وتقبلها "كقوة اقليمية كبرى والاعتراف بدورها في المنطقة" والتوصل الى تفاهمات معها تؤمن مطالبها الحيوية وتسمح لها بمواصلة عمليات تخصيب الاورانيوم في اراضيها، وهو ما ترفضه الدول الكبرى.

وافادت المصادر الديبلوماسية الاوروبية الوثيقة الاطلاع ان ساركوزي حذر الاسد، خلال لقائهما الأخير في باريس يوم 13 تشرين الثاني الماضي، من وجود "خطر حقيقي وجدي" لمهاجمة اسرائيل بطائراتها وصواريخها المنشآت النووية والحيوية الايرانية اذا وصلت المفاوضات بين الجمهورية الاسلامية والدول الست الكبرى الى طريق مسدود وخلال الاسابيع المقبلة. وطلب منه نقل تحذيره هذا الى القيادة الايرانية والتأكيد لها ان من الخطأ الاستخفاف بوجود مثل هذا التهديد العسكري الاسرائيلي الجدي او تجاهله. واضافت ان الاسد دافع في اللقاء عن ايران قائلاً انه على اقتناع بان البرنامج النووي الايراني هو للاستخدام السلمي وان الدول الكبرى تتعامل بطريقة خاطئة مع الجمهورية الاسلامية. وطالب الاسد بالغاء العقوبات الدولية المفروضة على ايران وبالتوقف عن ممارسة الضغوط المختلفة عليها وبنقل ملفها النووي من مجلس الامن الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالتفاوض معها "بكل احترام وتقدير لاهمية دورها في المنطقة". ورفض الاسد استخدام ورقة "التهديد بالخطر العسكري الاسرائيلي" للضغط على ايران ولدفعها الى تقديم تنازلات مهمة، بل انه حذر ساركوزي من "ان اقدام اسرائيل على ضرب ايران ستكون له عواقب وخيمة وبالغة الخطورة وغير متوقعة على امتداد المنطقة"، وشدد على ان ذلك "لن يكون لمصلحة اسرائيل او لمصلحة الدول الغربية". وذهب الى حد القول ان الحرب الاسرائيلية المحتملة على ايران، في حال حصولها، ستؤدي "الى تفجير ساحات عدة في الشرق الاوسط".

ولم يقتنع اي من الرئيسين الفرنسي والسوري بموقف الآخر.

شرط سياسي أوروبي على سوريا

ثمة قضية اخرى مهمة تدخل في صلب العلاقة الفرنسية – السورية وتظهر المصاعب التي تواجهها هذه العلاقة وتتصل بتأجيل توقيع اتفاق الشركة بين سوريا والاتحاد الاوروبي، الذي كان مقرراً في 26 تشرين الاول الماضي في لوكسمبور، وذلك لفترة زمنية غير محددة وبقرار اتخذه الاسد. وحقيقة ما حصل، استناداً الى مصادر ديبلوماسية اوروبية مطلعة على هذا الملف، ان الاسد ابدى انزعاجاً كبيراً وغير معلن من اقدام الاتحاد الاوروبي على فرض شرط سياسي مهم على سوريا لتوقيع اتفاق الشركة رسمياً ونهائياً معها، وهو اتفاق وقع بالاحرف الاولى في خريف 2004 ثم جمده الاوروبيون اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في شباط 2005، الى ان جرى احياؤه وادخال تعديلات عليه بالتشاور بين الاوروبيين والسوريين خلال السنتين الأخيرتين. وبذل المسؤولون الفرنسيون، بقرار من ساركوزي، جهوداً كبيرة في اطار الاتحاد الاوروبي لتأمين توقيع هذا الاتفاق على اساس ان ذلك يساعد على تحقيق تقارب بين سوريا والدول الغربية ويدفع نظام الاسد الى اعتماد سياسات بناءة داعمة للامن والاستقرار والسلام في لبنان وفي المنطقة. وفي المقابل أبدى المسؤولون السوريون اهتماماً كبيراً بتوقيع الاتفاق، ليس فقط لأنه يعزز العلاقات السورية – الاوروبية في مجالات عدة، بل ايضاً لأنه يشكل انتصاراً سياسياً وديبلوماسياً لنظام الاسد في الساحة الدولية.

لكن القيادة السورية فوجئت حين تلقت نص اتفاق الشركة مطلع تشرين الاول الماضي بان هذا النص مرفق باعلان رسمي وقعته دول الاتحاد الاوروبي يؤكد صراحة ان من حق الدول الاوروبية تجميد العمل بالاتفاق مع سوريا اذا انتهكت حقوق الانسان في هذا البلد. ويشدد الاعلان على ان اتفاق الشركة يمنح الاتحاد الاوروبي صلاحية "تطوير حوار ثابت مع السلطات السورية في شأن وضع حقوق الانسان الذي يشكل مصدر قلق للاتحاد الاوروبي" ويؤكد "ان احترام حقوق الانسان هو احد العناصر الاساسية في اتفاق الشركة وان انتهاكات حقوق الانسان ستؤثر مباشرة على تطبيق هذا الاتفاق". وما أثار استياء نظام الاسد هو ان سوريا هي الدولة الوحيدة التي يفرض عليها الاتحاد الاوروبي مثل هذا الشرط السياسي المتعلق بحقوق الانسان في مقابل توقيع اتفاق الشركة معها. وهذا ما يجعل سوريا، في حال قبولها الاتفاق، تخضع لرقابة اوروبية مستمرة ولتدخلات اوروبية في شؤونها ولضغوط مختلفة حين يتعلق الأمر بقضية انتهاكات حقوق الانسان وهي قضية يمكن ان تشمل المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في الاراضي السورية. وحاول المسؤولون الفرنسيون اقناع الاسد بتوقيع الاتفاق بنصه الحالي المتفق عليه بين دول الاتحاد الاوروبي، لكنه رفض، فشعر ساركوزي بخيبة أمل من هذا الموقف السوري السلبي، كما شعر الرئيس السوري بخيبة أمل لأن الفرنسيين لم يتمكنوا من الغاء هذا الشرط السياسي بل وافقوا عليه. ويرفض السوريون ان يقولوا علناً إن هذا الشرط السياسي يشكل بالنسبة اليهم عقبة اساسية أمام توقيع اتفاق الشركة، بل انهم يركزون على وجود عوامل اقتصادية وتجارية وجمركية تمنعهم من الموافقة على نص الاتفاق. لكن الواقع ان هذا الشرط السياسي "المهين لدمشق" يشكل عقبة اساسية تمنع توقيع اتفاق الشركة.

على صعيد عملية السلام، راهن ساركوزي على "علاقاته الجيدة" مع الاسد لاقناعه بالمشاركة في مؤتمر سلام دولي يعقد في باريس او موسكو على مستوى القمة وفي رعاية فرنسية – روسية – اميركية – دولية ويضم سوريا ولبنان وفلسطين واسرائيل، اضافة الى مصر والاردن وبعض الدول الاخرى، من أجل اطلاق عملية تفاوض جديدة على مختلف مسارات النزاع العربي – الاسرائيلي. لكن الاسد ساهم في احباط خطة ساركوزي هذه حين رفض مشاركة سوريا في المؤتمر المقترح مما يعني مقاطعة لبنان له. حينذاك أخذ ساركوزي يركز جهوده على محاولة عقد مؤتمر دولي حول النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي وهو مؤتمر يواجه ايضاً عقبات جدية عدة وخصوصاً نتيجة اصرار اسرائيل على رفض تجميد الاستيطان كلياً.

بالنسبة الى العراق الذي يرغب ساركوزي في اقامة علاقات متينة معه في مختلف المجالات، فقد اكد الرئيس الفرنسي دعمه لمطلب عراقي مهم هو تعيين مبعوث دولي للتحقيق في العمليات الارهابية التي يتعرض لها هذا البلد، في ضوء شكوى بغداد من تحول سوريا قاعدة خلفية اساسية، ومنذ بضع سنوات، للنشاطات والعمليات الارهابية والتخريبية ضد العراق. وموقف ساركوزي هذا يثير انزعاج الاسد الرافض لاي تحقيق دولي او تدخل دولي في شؤونه وفي مسار العلاقات السورية – العراقية.

وكما قال لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "باختصار، ان النظام السوري ليس هو الذي يصنع سياسات فرنسا في الشرق الاوسط أو يساهم في تحديدها، كما ان الاسد ليس حليفاً حقيقياً لساركوزي بل انه احد الزعماء العرب المتحاورين مع الرئيس الفرنسي".

 

العلامة السيد علي الأمين لـ((الشراع)):اؤيد ما قاله البطرك بشأن السلاح وهو عبّر عن هواجس جميع اللبنانيين

*لن تقوم للدولة قائمة مع وجود سلاح بدون ضوابط

*الأئمة لم يخرجوا على الأنظمة الحاكمة والحسين استثناء

*اللبنانيون لا ينتظرون شيئاً من طاولة الحوار وهدفها سحب حديث السلاح من التداول

*إلغاء الطائفية السياسية بعد قيام الدولة وبعد حل الميليشيات وبسط السلطة الشرعية على جميع الأراضي اللبنانية

*سلاح حزب الله استخدم في الداخل وتحول سلاح ميليشيات

*قيادات الميليشيات ما زالت تمسك بالمفاصل الأساسية في البلد

*ولاية الفقيه ليست من عقائد الشيعة ووثيقة حزب الله لم تُبدد المخاوف من سلاحه

*ولاية الفقيه مسألة خلافية وما قاله السيد نصرالله خلاف الواقع

*الثنائي الشيعي يسعى لمعادلة غير عادلة داخل النظام لمزيد من السلطة والنفوذ

*الصادق رفض استخدام الحسين غطاء للطامحين إلى السلطة والأئمة رفضوا كل حركات الانفصال

*القول ان الشيعة ثوار وأصحاب انتفاضات عبر التاريخ فكرة خاطئة وهم ليسوا كذلك

*الطائفة الشيعية ليست في وضع طبيعي وثنائي أمل وحزب الله المهيمن يفرض عليها نظرة أحادية

*ولاية الفقيه في إيران غطاء لاحتكار السلطة ومنع أي اعتراض أو معارضة أو محاسبة

*المهدي لم يُعط الفقهاء والعلماء اي وكالة أو نيابة وامامته دينية وليست سياسية

*الأئمة تركوا للأمة أن تختار قياداتها وأنظمتها والصادق قال لزيد: ((أبوك كان إماماً ولم يخرج))

*حرب تموز كانت لأهداف خارجية ووثيقة حزب الله ربطت سلاحه بأغراض غير وطنية لبنانية

يرى العلامة السيد علي الأمين ان الدولة في لبنان لن تقوم لها قائمة إذا استمر السلاح خارج الدولة على ما هو عليه من عدم وجود ضوابط تمنع من استدراج العروض مجدداً لحروب في الداخل والخارج، ويعتبر ان الدولة هي الوحيدة القادرة على حماية جميع الطوائف، وحماية اللبنانيين، معتبراً ان إلغاء الطائفية السياسية هو مطلب لا يمكن الوصول إليه قبل قيام الدولة وقبل حل الميليشيات التي ما زالت تتحكم بمفاصل الدولة، ومشيراً إلى ان اللبنانيين ما عادوا ينتظرون شيئاً من طاولة الحوار التي تبين ان هدفها هو سحب الكلام عن السلاح من التداول.

((الشراع)) التقت السيد الأمين وأجرت معه الحوار التالي:

#دائماً كنتم تعبرون عن حرصكم على الوحدة الإسلامية على ضوء ما يجري في المنطقة، وعن مخاوفكم على هذه الوحدة داخل لبنان بعد انعكاسات تلك الأحداث عليه، بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هل ما زالت مخاوفكم قائمة على الساحة اللبنانية؟

- المخاوف التي عبرنا عنها منذ سنوات صدرت من خلال ما يجري في العراق، وقد زرنا قيادات إسلامية متعددة وقلنا لهم يجب أن نبادر نحن كلبنانيين إلى ما يمكن أن يطفىء النار الدائرة في العراق ويحاصر النيران التي يُراد لها الانبعاث في المنطقة، وكذلك عبرنا عن مخاوفنا من خلال الاحداث التي جرت في لبنان في السنة الماضية وقبلها وهي أحداث عززت التخوف من انفجارات داخلية وصراعات مذهبية، ونأمل بعد تشكيل الحكومة الجديدة اليوم بالطريقة التي ولدت فيها وبالثقة التي نالتها من مجلس النواب، نأمل أن تتاح لها الفرصة بأن تحقق برامجها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ممكن فيما لو ان الأقلية النيابية أو بعض أطرافها كانت مصممة على عدم العودة إلى ما انتهجته في السنوات الماضية من تعطيل وعرقلة، فعندها يمكن أن تزول تلك المخاوف التي عززتها وقائع حصلت كأحداث السابع من أيار عام 2008 وغيرها، فنأمل أن تنعكس تلك الثقة التي نالتها الحكومة تعزيزاً لدور الدولة اللبنانية وسط سلطتها على كامل أراضيها، وحينها يمكن أن تنخفض درجة المخاوف أو ان تصل إلى درجة الزوال، خاصة إذا أمسكت الدولة فعلياً بالمفاصل الأمنية والعسكرية في البلد.

# وهل يمكن أن يتحقق ذلك في ظل استمرار إثارة المخاوف من سلاح حزب الله؟

- بعد الانجاز الذي حققته المقاومة عام 2000 وتحقق الانسحاب الإسرائيلي كان من المفروض أن ينتشر الجيش اللبناني في الجنوب وأن تبسط الدولة سلطتها هناك، لكن ذلك قوبل بالرفض من جانب حزب الله وقوى الأمر الواقع وأيضاً من المشاركين في السلطة يومها، لكنهم قبلوا بذلك بعد حرب تموز 2006 نتيجة لأمر واقع انبثق عن تلك الحرب، ونتيجة لمطالبة دولية، لكن مع الانتشار الذي حصل للجيش اللبناني بقي السلاح موجوداً، ولم يُثر هذا السلاح المخاوف لدى الشعب اللبناني حتى بعد حرب تموز، غير ان ما اثار المخاوف هو انقلابه وتوجهه إلى الداخل اللبناني كما حصل في السابع من أيار، عندها نشأ الخوف الحقيقي بسبب استخدام ذلك السلاح في الداخل اللبناني، وما قد يتسبب به من فتن داخلية، أو من جر البلد إلى حرب جديدة غير متكافئة مع إسرائيل بسبب استخدام الجنوب ساحة حرب لأغراض إقليمية وليس لأغراض لبنانية وطنية، فالخوف من السلاح هو بسبب كل ذلك، وهو ليس خوفاً شخصياً ولكنه خوف على الوطن والوحدة الوطنية وخوف على الجنوب، ولذلك كانت المطالبة بوضع ضوابط لهذا السلاح بإشراف الدولة اللبنانية، وإلا إذا بقي الأمر على هذه الحال من دون وجود ضمانات بعدم استخدام السلاح في الداخل وضمانات بعدم استخدامه لأغراض غير لبنانية وضمانات بعدم جعل الدولة هي المرجعية في قرار الحرب والسلم فمعنى ذلك ان الدولة لن تقوم لها قائمة حقيقية في ظل وجود سلاح بهذه القوة وبهذا الحجم، دون أن يكون للدولة أي تأثير عليه.

# الوثيقة السياسية التي أصدرها حزب الله مؤخراً تؤكد وظيفة الدفاع للسلاح، أليس ذلك من الأهداف والأغراض اللبنانية والوطنية؟

- بعض ما قرأناه في وثيقة حزب الله هو ان هذا السلاح ما يزال غير مرتبط بأهداف وأغراض وطنية لبنانية، فالدفاع عن لبنان هو أحد الأهداف التي طرحها الحزب لوجود السلاح، لكن هذا السلاح مرتبط أيضاً بولاية الفقيه، أي للسلاح ارتباط خارجي، وما دام مرتبطاً بالخارج فيمكن إذن أن يستخدم لأهداف خارجية أو إقليمية كما حصل في حرب تموز، فلبنان ليس هو من أعلن الحرب، ولم يكن مستعداً لها، وفُرضت عليه نتيجة لعدم وجود ضوابط للسلاح ولذا نقول هذا السلاح ما يزال مصدر خوف وقلق عبر عنه اللبنانيون بأشكال عدة ومن خلال قيادات ومواقع متعددة، وكان على وثيقة حزب الله أن تذكر بنوداً تُبدد الهواجس والشكوك والمخاوف من هذا السلاح بما يقنع اللبنانيين بأن السلاح ليس مصدر خوف عليهم، وهذا ما لم تقدمه الوثيقة.

# ربطت استخدام السلاح بولاية الفقيه، لكن السيد حسن نصرالله أعلن في الوثيقة نفسها ان ولاية الفقيه مرجعية دينية أو عقائدية وليست مرجعية سياسية؟

- ولاية الفقيه ليست من المسائل العقائدية عند المسلمين الشيعة، فالمسائل التي لها صفة ((العقائدية)) هي المسائل المتفق عليها في أمور العقيدة سواء في أمور أصول الدين، أو في أمور فروع الدين، بينما ولاية الفقيه ليست من أصول الدين المعروفة عند الشيعة، وليست أيضاً من فروع الدين المتفق عليها عند علمائهم، بل هي مسألة خلافية والمسألة الخلافية ليس لها صفة ((العقائدية))، لأن المسألة العقائدية لها صفة الاتفاق وصفة الضرورة والمسلمات، فمثلاً الإمامة عند الشيعة هي من الأصول الثابتة، فلا يمكن لشيعي أن يؤمن بها ولآخر ألا يؤمن بها ويبقى شيعياً، لأن الإمامة من العقائد عند الشيعة، أو لا يمكن لشيعي أن يقول أنا أؤمن بوجوب الصلاة ولشيعي آخر أن يقول أنا لا أؤمن بذلك، لأن وجوب الصلاة من المعتقدات والمسلمات المجمع عليها، فإذن المسألة العقائدية هي التي تكتسب صفة الثبات والمسلمات وهي من مسائل الاتفاق.. أما ولاية الفقيه فمختلف عليها ولذلك هي ليست من مسائل العقيدة عند الشيعة وقد رأينا بالأمس القريب ان هناك الملايين في إيران قد خرجوا يعلنون عن عدم قبولهم برأي الولي الفقيه، فهل هؤلاء ليسوا شيعة! بلى هم شيعة، وهم لم يرتكبوا شيئاً خلاف العقيدة الشيعية عندما رفضوا رأي ولي الفقيه فيما خص الانتخابات، وهناك فريق كبير لدى شيعة العالم لا يؤمن بولاية الفقيه، فهذه المسألة حين تكون مورداً للاختلاف لا يصح القول فيها ((انها مسألة عقائدية))، فما قاله السيد نصرالله عن انها مسألة عقائدية هو خلاف الواقع لأنها لو كانت من العقائد لكانت من القضايا المسلم بها عند جميع الشيعة هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن ولاية الفقيه في إيران لم تعد فقط مرجعية دينية وروحية، هي أصبحت نظاماً وسلطة حاكمة ودولة، فالعلاقة مع الولي الفقيه لم تعد علاقة مع مرجعية دينية روحية، وإنما هي علاقة مع القائد الأعلى للدولة وللنظام فكيف تبقى العلاقة دينية فقط، انها حتماً علاقة سياسية أيضاً، خاصة مع المقولة التي يقولها أنصار ولاية الفقيه في إيران وخارج إيران من ان ((سياستنا عينُ ديننا))، فلا يمكن فصل الدين عن السياسة، وهم لا يؤمنون بهذا الفصل، ولذا عندما يكون الولي الفقيه مرجعاً دينياً فهو مرجع سياسي أيضاً.

# لولاية الفقيه جذور تاريخية وان لم تكن ((مسألة عقيدية))، فمن أين جيء بها إذن؟

- جمهور علماء الشيعة بمعظمهم لم يؤمنوا بالولاية السياسية للفقيه، وهي طُرحت تاريخياً كمسألة فقهية واقعة في طور الاجتهاد، ولم تُطرح على انها مسألة عقائدية فيمكن أن يؤمن بها فريق وأن يرفضها آخر، بينما المسألة العقائدية لا يؤمن بها فريق ويرفضها آخر، نعم بذلك المعنى هي موجودة، لكنها طرأت على الساحة السياسية بهذا الشكل الذي نراه اليوم عند وصول الإمام الخميني إلى السلطة في إيران، فمن قبل كنا ندرس ولاية الفقيه في بطون الكتب كمسألة تتعلق بالولاية والوصاية على فاقدي الأهلية لكنها لم تكن تُطرح كقيادة سياسية للفقيه، وإذا عدنا تاريخياً نجد ان المسلمين عموماً لم يؤمنوا بأن الدور السياسي منحصر في العلماء، أو ان القيادة السياسية محصورة فيهم، وبهذا تنطق الكثير من المرويات التي تؤكد دور العلماء الفكري في التوجيه والارشاد، دون حصر الدور السياسي بهم، ولكن يصل عالم الى موقع السلطة وقد لا يعمل، أي ان موقع القيادة السياسية ليس منحصراً بالعلماء ولذلك نقرأ في بعض الروايات: ((صنفان من امتي اذا صلح أحدهما صلحت امتي: العلماء والامراء، فالامراء لا يكونون بالضرورة من العلماء، وفي التاريخ الاسلامي لم يجر بحث في مسألة حصر القيادة السياسية بالفقيه العالم او العالم الفقيه، وانما طرحت هذه المسألة في الفترة الاخيرة بعد وصول الامام الخميني الى السلطة فبوصفه عالماً وفقيهاً بدأ بعضهم يبحث عن المبرر لاستلامه السلطة لأنه يحتاج الى صلاحيات دينية فما هي هذه الصلاحيات الدينية التي تجعل منه بمثابة الامام المعصوم الحاكم!؟ طرحوا عندها ولاية الفقيه لاعطاء الصبغة الدينية لسلطته واضفاء الحكم الالهي على حكومته لمنع حالات الاعتراض داخل الامة على دور الفقيه كحاكم.

# تعتبرها غطاء لنوع من احتكار السلطة؟

- طبعاً بما اعطت الولي الفقيه من صلاحيات، حتى لا يحاسب ولا يعترض عليه ولجعل الولاء له ولاء للدين ومخالفته مخالفة لله، وكل ذلك بعدم الاعتراض على تلك السلطة ولعدم بروز معارضة لها.

# هناك مرويات شيعية تؤكد ضرورة وجود نائب للامام المهدي في كل حين يشكل صلة وصل بينه وبين الناس؟

- الامام المهدي عجل الله فرجه كان له وكلاء خاصون هم الوكلاء الاربعة في حياته، وانتهت ولايتهم بانتهاء حياة هؤلاء الوكلاء، اما العلماء فليسوا نواباً بالمعنى الخاص للنيابة، الامام المهدي لم يعطهم وكالة لقيادة الامة، هو نفسه لم يكن قائداً سياسياً للأمة، ولكن كان حجة لله على خلقه باعتباره الامامة الدينية وليس السياسية او القيادة السياسية، حتى وكلاؤه الاربعة الذين كانوا حلقة وصل بينه وبين الشيعة لم تكن بيدهم القيادة السياسية، كانوا مجرد وكلاء في الامور الشرعية الدينية، ولذلك فإن الوصف الذي اعطي للفقهاء والعلماء لاحقاً بأنهم نواب للامام، ليس من باب انهم نواب شخصيون بل هو وصف او صفة عامة، فأي منهم لم يأخذ منه وكالة او نيابة، ولكن بعض الفقهاء اعتبر ان الدور الذي يقوم به الفقيه هو كدور الامام صاحب الزمان فإذن هو نائبه، ولكن هو في الحقيقة ليس نائباً خاصاً للامام.

# بهذا المعنى ليس دور الفقيه اقامة دولة دينية؟

- الامام نفسه لم يقم بهذا الدور! الامام صاحب الزمان لم يقم بهذا الدور! والائمة السابقون من أهل البيت عليهم السلام لم يقوموا ايضاً بهذا الدور الذي يعبىء من أجل استلام السلطة او القيادة السياسية، ولكن قاموا بدور ديني معرفي ثقافي بين الامة على ان تختار هي قياداتها وأنظمتها.

# في هذه الحال ما القول في الامام الحسين وما قام به؟

- ما قام به الامام الحسين عليه السلام كان – كما فهم الائمة – حالة استثنائية بأسبابها وبنتائجها ولم يفهم الائمة منها قاعدة عامة أي لم يرد الامام الحسين ان يؤسس لقاعدة عامة في الخروج، وما قام به كان لأسباب خاصة به وخاصة بتلك المرحلة ولذلك لم تتكرر حالة الخروج في حياة الائمة بعد الامام الحسين وقد حصلت حالات كثيرة من الظلم وقعت اشد من كربلاء ومع ذلك لم يخرج الائمة على الانظمة الحاكمة، فالامام زين العابدين لم يخرج، الامام الباقر لم يخرج والإمام..

# زيد بن علي خرج؟

- اتحدث عن الائمة؟

# هو ابن امام؟

- الامام الباقر والامام الصادق وسائر الائمة رفضوا حالات الخروج، ولذلك قال الامام الصادق حتى في قضية الامام زيد رضوان الله عليه قال له: ((اذا شئت ان تكون المصلوب بالكُناسة فافعل)) والكناسة منطقة بالكوفة صلب فيها زيد بن علي بعد خروجه ومقتله ودار ايضاً نقاش بين الامام الباقر وبين الامام زيد، اذ كان يعتبر الامام زيد ان ((الامام هو من يخرج بسيفه وليس من يجلس في بيته))، فقال له الامام الصادق ((ان اباك كان اماماً ولم يخرج)) فالامام زيد وبالتالي المذهب الزيدي يعتبر ان الخروج ضروري وهو من صفات الامامة، بينما الائمة ((الاثنا عشر)) لم يقولوا بهذه المقولة، رفضوا عملية الخروج، والامام الصادق كان يحذر دائماً ويقول للشيعة الحسينيين التابعين للامام زيد، ((لا يخرج الخارج منا اهل البيت الا واصطلمته البلية واخترمته المنية، وكان خروجه زيادة في مكروهنا، ومكروه شيعتنا))، أي هو وسائر الائمة رفضوا مبدأ الخروج، واعتمدوا المبدأ الذي عبر عنه امير المؤمنين الامام علي عليه السلام الذي قال في اول الخلافة الراشدة: ((لأُسَلّـِمَنّ ما سَلِمت امور المسلمين))، وهذا هو المبدأ الذي سارت عليه الائمة الاثنا عشر.

# هذه صورة عن الشيعة معاكسة تماماً لما هو معروف تاريخياً عنهم من انخراطهم الدائم في الثورات والانتفاضات؟

- معظم الانتفاضات التي حصلت عبر التاريخ كانت من الزيدية ولم تكن من الشيعة الامامية، ولذلك فإن هذه الفكرة عن الشيعة هي فكرة خاطئة، فكرة ((ان الشيعة ثوار)) ((وانهم يجب ان يخرجوا)) وعير ذلك، هذه من الافكار الخاطئة عن الشيعة، فالائمة بعد الامام الحسين عملوا على مسألة المشاركة في السلطة والدولة وكانوا يرفضون أي حركة من الحركات الانفصالية التي تؤدي الى إفساد العلاقات بين المسلمين)) وصلح الامام الحسن مع معاوية اسس لحالة المصالحة بين المسلمين، هو تنازل عن الخلافة من أجل حقن دماء المسلمين، مع ان الامام الحسن كان لديه الكثير من الانصار، وقد قال له بعض اصحابه ((أتصالح ومعك اربعون الفاً..؟!)).

ولو عدنا الى ((الانتفاضات الشيعية)) لوجدنا ان اكثر علماء الشيعة يقولون ان الائمة لم يكونوا ينظرون الى تلك الانتفاضات بعين الرضى، وكانوا يعتبرون بعضها حركات عاطفية ارتكبت الكثير من الاخطاء وحتى المحرمات، والامام الصادق رفض ان يستخدم الامام الحسين غطاء لبعض الطامحين الى السلطة ممن كانوا يرفعون شعار يا ((لثارات الحسين))، وهو عبر عن ذلك بقوله ((السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره))، أي هو قال ان ثأر الشهيد عند الله وهو يأخذ ثأره من الظالمين، وليس انتم يا من ترفعون شعار ((بالثار الحسين)) وتقتلون من لم يشارك في قتل الامام الحسين، فهو رفض هذا المنطق ورفض ذلك الشعار وقال ان قضية الشهيد هي عند الله وليس مطلوباً من فلان او فلان ان يأخذ ثأره.

# بالعودة من الانتفاضات والمصالحات التاريخية، ما رأيك اليوم بما جري ويجري من مصالحات بين مختلف الخصوم اللبنانيين؟

- هذه المصالحات نأمل لها ان تأخذ المنحى الذي يؤدي الى ازالة رواسب الماضي، بما يعزز التوجهات لاقامة دولة المؤسسات والقانون، فلا تكون المصالحات مجرد لقاءات لا تنعكس قوة وتقوية لمشروع قيام الدولة اللبنانية، والى الآن نرى ان هذه المصالحات لم تتخط مرحلة ترطيب الاجواء، ولم تصل بعد الى عمق القضايا الخلافية، ولذلك نأمل ان تشكل خطوة او بداية للوصول الى بناء الدولة.

# اين انت من هذه المصالحات؟

- هذه المصالحات تجري بين قيادات من طوائف مختلفة ومتعددة، لكن داخل الطائفة الشيعية لم تحصل مصالحات لأن الطرف المهيمن وهو الثنائي ((حزب الله وحركة امل))، يرى انه لا يحتاج الى مثل هذه المصالحات، اما نحن فقد عبرنا منذ حرب تموز/يوليو بأن يدنا ممدودة للحوار على الاقل.

# لا تمانعون بالمصالحة؟

- لا نرفض المصالحة، لكن نحن من اعتدي علينا، فليس نحن من يصالح الآخرين، هم عليهم ان يصالحوا لأنهم هم من اخطأوا بحقنا وبحق آخرين داخل الطائفة الشيعية.

# وكيف ترى الوضع الشيعي اليوم على الساحة اللبنانية؟

- هو وضع مفروض عليه وجهة نظر احادية من الثنائي المهيمن امل وحزب الله، ولذلك لا ارى ان الطائفة الشيعية اليوم في وضع طبيعي، لأن الوضع الطبيعي هو في ان يكون هناك حالة من الانسجام في العيش المشترك والتوازن في العلاقات داخل الطائفة وداخل النظام ايضاً، ولكن ما زلنا نرى ان الثنائي الشيعي يعمل لفرض معادلة داخل النظام غير عادلة، وكأنه يريد ان يبرز انه هو الطرف الاقوى لمزيد من السلطة والنفوذ.

# في موقفك من حزب الله وسلاحه تلتقي الى حد بعيد مع مواقف البطريرك صفير؟

- نحن عبرنا عن هواجسنا حول هذه المسألة قديماً، وليس الأمر جديداً، وغبطة البطرك في ما قاله اخيراً عن وجود جيشين وسلاحين، هو عبر عن هواجس اللبنانيين عموماً، فالحقيقة هناك جيشان وهناك سلاحان، واللبنانيون يريدون دولة واحدة وجيشاً واحداً، ولا بد على الاقل من وضع ضوابط للسلاح داخل رؤية الدولة اللبنانية، ولذلك نحن نؤيد موقف البطرك في هذا الشأن.

# انتم تؤيدون مبدأ حكم الاكثرية هل يصح فعلاً هذا المبدأ في بلد مثل لبنان فيه ما فيه من طوائف ومذاهب وخلافات وانقسامات؟

- حكم الاكثرية هو مبدأ عام في العالم وليس خاصاً في لبنان، اذ من الصعب ايجاد اجماع في الرؤى والأفكار بين البشر، والمطالبة بوجود اجماع يؤدي الى التعطيل والعرقلة لانه لا يمكن حصول الاجماع على رأي واحد حيال كل القضايا التي قد تطرح سواء السياسية او الاقتصادية او العسكرية، ولذلك من الطبيعي عند عدم توافر الاجماع حول قضية معينة ان يتم اللجوء الى الاكثرية في اتخاذ القرار، ولكن بعد احداث 7 ايار/مايو واتفاق الدوحة فرضت الاقلية داخل مجلس النواب مبدأ المشاركة، من خلال ما يسمى الديموقراطية التوافقية وذلك بهدف احتكار تمثيل طائفتها داخل الحكم ولمنع اي تمثيل آخر خارج هذا الاحتكار، ولالغاء اي وجود آخر.

# هذا الواقع الا يستدعي دعم المطالبة بالغاء الطائفية السياسية، وانتم عبرتم مؤخراً عن معارضتكم لها؟

- نحن لم نعارض الغاء الطائفية السياسية، لا بل دعونا مراراً الى هذا الامر منذ زمن، منذ التسعينيات، ولكن نقول هناك سلم بعد اتفاق الطائف، للوصول الى ذلك، ويجب الصعود على درجاته الاولى أولاً وهي بناء الدولة وحل الميليشيات وبسط سلطة الدولة على جميع اراضيها، هذه الخطوات الى الآن لم تتحقق فكيف يمكننا ان نصل الى الغاء الطائفية السياسية؟!

# تعتبر سلاح حزب الله سلاح ميليشيات؟

- هذا السلاح استخدم في الداخل، في 7 ايار/مايو واصبح سلاح ميليشيات، لا بل ظهرت ميليشيات اخرى مثل حركة امل، فحركة ((امل)) من المفترض ان تكون حلت ما لديها من ميليشيات بعد الطائف كما قال الرئيس نبيه بري وقد كان ثمن حل الميليشيات عام 1989 هو إدخال قيادات امل في السلطة، وقد دخلت الى السلطة لكن تبين انها ما زالت تحتفظ بجيوشها، اي انها امسكت بالأمرين معاً: اخذت الدولة وأبقت على جيوشها التي كانت سابقاً ميليشيات وهذا ما ظهر في السابع من ايار، فنحن إذن لسنا ضد الغاء الطائفية السياسية لكنها درجة في السلم لم نصل اليها بعد، اذ كيف يمكن ان نعبر الجسر قبل الوصول اليه! ولا يمكننا ان نصل الى تلك الدرجة قبل ان نصعد الدرجات الاولى، وفي السابع من ايار تبين ان هناك ميليشيات لم تُحل فيما قياداتها تمسك بالمفاصل الاساسية في البلد، فلا يمكن اذن الغاء الطائفية السياسية في حين ان هناك من يمارس المذهبية السياسية من قبل بعض تلك القيادات، حتى داخل طائفتهم هم رفضوا الرأي الآخر الذي نهاهم عن السلوكيات المذهبية في ممارساتهم الميليشيوية والسياسية، ولذلك نقول قبل الغاء الطائفية السياسية يجب وجود دولة اولاً تضمن حقوق المواطنين وتقوم على اساس المواطنية لا على اساس طائفي ومذهبي، وفي السابع من ايار لم تتمكن الدولة من الدفاع عن المواطنين مقابل الزحف الميليشيوي الذي حصل على بيروت والجبل ومناطق اخرى، فنحن مثلاً أُخرجنا من صور بقوة السلاح، وبقوة عشرات المسلحين على الرغم من ان منطقة صور خاضعة للقرار 1701، وقد استخدم ذلك السلاح لقمع الرأي الآخر، فإذن لا توجد الآن دولة قادرة على حماية المواطنين، مع ايماني المطلق بأن الوظائف لا تحمي الطوائف، فليست وظيفة رئيس الجمهورية تحمي المسيحيين، ولا وظيفة رئيس مجلس النواب تحمي الشيعة ولا وظيفة رئاسة مجلس الوزراء تحمي السنة، فالذي يحمي كل الطوائف هو الدولة الواحدة، دولة المؤسسات والقانون التي يجب ان تكون هي المرجعية للجميع، والدولة القادرة على فرض مرجعيتها وليس الدولة التي تستجدي مرجعيتها من قوى الامر الواقع، وعلى الجميع ان يدرك ان اللبنانيين كلهم لا تحميهم طوائفهم ولا مذاهبهم، ولا احزابهم، لن تحميهم الا الدولة الواحدة، دولة المؤسسات والقانون، والتجارب كلها تؤكد ذلك، فلو ان الطوائف تحمى لماذا حصل اذن سفك دماء بين اهل الطائفة الواحدة، فالضمانة الوحيدة هو مشروع الدولة وقيام الدولة التي تفرض سيطرتها ولا تستجديها.

# على هذا الصعيد، ماذا تنتظر من طاولة الحوار اذا استأنفت اجتماعاتها؟

- قد تستأنف اجتماعاتها قريباً ولكن لم يعد ينتظر اللبنانيون شيئاً من طاولة الحوار بعد التجارب السابقة، فما جرى سابقاً تبين انه كان بحثاً عقيماً والهدف منه تقطيع الوقت بانتظار حصول متغيرات، وتقطيع الوقت لعدم البحث في سلاح حزب الله، وحتى لا يبقى السلاح حديثاً يومياً بين اللبنانيين وخارج لبنان، ولسحب الحديث عنه من التداول على اساس ان الدولة اللبنانية تقوم ببحثه على طاولة الحوار حفاظاً على عدم اسقاط هيبته ومعنوياته التي اسقطها الحزب نفسه بفعل ما جرى خلال احداث 7 ايار/مايو.

# الرئيس ميشال سليمان في اميركا وهو سيسعى ايضاً الى سحب سلاح الحزب من التداول من خلال سحب القرار 1559 من التداول؟

- اميركا ليست من اصدر القرار 1559، اصدره مجلس الامن..

# أليست اميركا هي مجلس الامن!؟..

- اميركا عضو مؤثر وفعال لكنها احد اعضاء مجلس الامن..

# وكأنك تؤيد ذلك القرار؟

- بالعكس انا رفضت ذلك القرار منذ صدوره، وقلنا ان السلاح شأن لبناني داخلي ويبحث فيه داخل لبنان، ولكن ليس على اساس ان يستمر البحث عشرات السنين، ويجب ان توضع لهذا السلاح ضوابط داخل الدولة اللبنانية التي يجب ان تكون هي الدولة المستقلة والسيدة والحرة والمرجعية الوحيدة في أمر السلم والحرب، والا سيبقى ذلك السلاح يستدرج عروضاً للحرب في الداخل والخارج.

حوار: احمد الموسوي 

 

صادق الموسوي: اول مبلغ تقاضاه حزب الله من ايران جاء مني ومحمد رعد كان يتسلم المال مني في دمشق 

بعد اغتيال السيد عباس الموسوي تراجع حزب الله عن اقامة جمهورية اسلامية في لبنان   

١٨ كانون الاول ٢٠٠٩

من ذكريات قائد الحركة الاسلامية في لبنان السيد صادق الموسوي: ((3))

اول مبلغ تقاضاه حزب الله من ايران.. جاء مني

ومحمد رعد كان يتسلم المال مني في دمشق

*بعد اغتيال السيد عباس الموسوي تراجع حزب الله عن اقامة جمهورية اسلامية في لبنان

*كنت مسؤول مكتب لبنان في حزب الجمهورية الاسلامية الذي اعتبره الاعلام حزب الإمام الخميني

*اقنعنا قادة ((أمل)) بتركها ليصبحوا قادة ((حزب الله))

*دفعت السيد نصرالله لاستلام الميكروفون في ذكرى ((يوم القدس)) لترداد شعارات التأييد للإمام الخميني

*السيد فضل الله كان صديقاً لوالدي السيد محمد باقر الموسوي في النجف

*لم يكن السيد فضل الله يوافق على اي شأن معي الا بعد عقد جلسة مع الامام شمس الدين

*حاول متحمس اغتيال الشيخ سليمان اليحفوفي.. قائلاً انه مستعد حتى لقتل السيد فضل الله اذا كان معارضاً للشيخ شمس الدين.. وهذا المتحمس هو اليوم احد قادة حزب الله البارزين.. بل احد نوابه

*السيد فضل الله استدعى من حاول اغتيال الشيخ اليحفوفي ليعتذر من الشيخ الراحل

*اقنعت الشيخ رفسنجاني برفض الاستئثار بزيارة الإمام شمس الدين والسعي لزيارة السيد فضل الله.. وجمعتهما معاً عنده

*رفض فضل الله المشاركة في مؤتمر للمستضعفين بعد استخارة ((ذات الرقاع)) لكنني اقنعته بالزيارة

*اقنعت الإمام الخميني برفض استقبال السيد فضل الله فظل الإمام ممتنعاً لثلاث سنوات عن استقباله حتى اعلن تعديل موقفه من طرح الجمهورية الاسلامية في لبنان

*كان نصرالله المسؤول العسكري للحزب في بيروت وأخوه جعفر كان المسؤول العسكري لـ((أمل)) خلال فتنة الحرب بينهما.. فبرز الاخوان كثيراً بعد ذلك

*حوصر نصرالله في اقليم التفاح خلال القتال مع ((امل)) وأصيب وبعد الحصار انتقل الى قم

*علي محتشمي عرّف نصرالله الى خامنئي خلال دراسته في قم.. وكان خامنئي ضمن لجنة ثلاثية مع رفسنجاني وأردبيلي مسؤولة عن لبنان

*جاء آية الله جنتي الى لبنان لمنع تعيين نعيم قاسم اميناً عاماً لـ((حزب الله)) بعد اغتيال السيد عباس الموسوي بسبب ولاء قاسم للسيد فضل الله.. وحتى لا يقع حزب الله تحت سيطرة ((حزب الدعوة))

*سابقاً وحالياً ينظر كثيرون الى نعيم قاسم انه رجل فضل الله في ((حزب الله))

*ملاحظاتي على السيد نصرالله: انخراطه في اعادة انتاج النظام القائم - تجاوزه ميثاق الحزب وملاحظاته على اتفاق الطائف.

في الحلقة الثالثة من ذكريات قائد الحركة الاسلامية في لبنان السيد صادق الموسوي لتفاصيل مواقف شخصيات تولت في اوقات لاحقة مسؤولية قيادة ما اسمي فيما بعد ((حزب الله)) هذه التسمية التي اطلقها الموسوي نفسه كما امن اللقاءات الاولى لتلك القيادات مع كبار المسؤولين الايرانيين. وتولى بنفسه ايضاً دفع المبلغ الاول من ايران الى الحزب.

تفاصيل ووقائع كثيرة غير معروفة من تلك الفترة وشخصايتها لا سيما امين عام ((حزب الله)) السيد حسن نصرالله وبداياته في العمل الحزبي يكشفها الموسوي بأسلوبه في اطار اضاءته على ما خفي في تلك المرحلة من اسرار وذلك وفق الآتي:

((حزب الله))

في البداية كان التيار الذي أسمي بعد ذلك ((حزب الله)) متجاوباً مع الطرح، خاصة وأن جوّه العام كان يرفع صور الإمام الخميني، ويلهج خطباؤه باسمه صباح مساء؛ لكن عناصر غير مخلصة وأخرى لا تعرف حقيقة تلك العناصر بدأت بالتشويش على فكرة إقامة ((الجمهورية الإسلامية في لبنان)) واستعمال منطق ((العلمانيين)) لتثبيط الهمم في نفوس الشباب المخلص والمجاهد؛ فتارة كانوا يقولون ((الظروف الموضوعية لا تسمح بإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان))، والبعض كان يتحجج بتعدد الطوائف في البلد ليبرر بقاء نظام الهيمنة، وبعض كان يقول بلسان الإنهزاميين: إسرائيل وأميركا لا يسمحان بأن تؤسس دولة إسلامية على حدود فلسطين المحتلة؛ وفي إحدى المراحل كشف بعض الرموز عن حقيقة موقفه قائلاً: ((ليطمئن المسيحيون نحن لسنا على استعداد لإقامة جمهورية إسلامية في لبنان)).

لكن كل هذه المحاولات لم تنجح في وقف التحركات الواسعة للمطالبة بإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان، واستمر النشاط المكثف في الوسط الإسلامي حتى انقلب الواقع وصارت مئات المواقف العلمائية تطالب بإقامة الجمهورية الإسلامية.

وبادر سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله إلى القول: إذا نحن لا نطالب بإقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان فلماذا وضعنا العمائم على رؤوسنا. ثم ردّ على الذين كانوا يطرحون أن الظرف غير مناسب بالقول: لو كان يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينتظر الظرف المناسب لما أعلن الدعوة الإسلامية في الوقت الذي أعلن، ولما تحمل كل الأذى من أهل مكة والطائف، ولما تقبل الحصار في شِعب أبي طالب.

وقال في حديث لمجلتكم ((الشراع)) بتاريخ 5/ 12/ 88. بأن الموارنة جربوا الحكم ولم ينجحوا، فليتركوا للمسلمين أن يجربوا حظهم في رئاسة الجمهورية، وفي خطبة الجمعة في مسجد الإمام الرضا (ع) بتاريخ 12/ 8/ 88، وفي تصريح لصحيفة ((النهار)) اللبنانية بتاريخ 28/ 12/ 87 قال سماحته بصراحة: نرفض أن يكون الرئيس مارونياً.

أما سماحة العلامة المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين فقد صرح لمجلتكم بتاريخ 16/ 11/ 87. بأنه لا مانع دستورياً من ترشيح مسلم للرئاسة، ثم أعلن بتاريخ 19/ 11/ 1988 بأنه لا يعترف برئيس ماروني، وأنه يطالب برئيس مسلم.

والرئيس الأستاذ نبيه بري أيضاً أعلن في صحيفة ((السفير)) بتاريخ 21/ 12/ 87 أن رئاسة الجمهورية للمسلمين، ثم صرح بعد ذاك بأنه لن يقبل برئيس ماروني بعد اليوم.

وأعلن المظلوم السيد عباس الموسوي موقف حزب الله في مهرجان حاشد في بلدة ((جبشيت)) بتاريخ 19/ 2/ 88 بالقول: عندما نصرّ على مقاومتنا لأن تكون إسلامية فعندها لا نريد إلا دولة الإسلام.

ووصل الأمر إلى حد أن سمير جعجع قائد ((القوات اللبنانية)) قال لصحيفة ((السفير)) بتاريخ 18/1 /88: ان للمسلمين حق المطالبة أن يكون رئيس الجمهورية من بينهم..

وهكذا تطورت الأمور حتى صار مطلب إقامة الجمهورية الإسلامية على كل شفة ولسان، ثم صار مطلب انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب وليس من جانب نواب المجلس مطلباً لعموم اللبنانيين؛ وتبنى هذا الطرح أيضاً العماد ميشال عون، وأعلنها في مناسبات متعددة أثناء إقامته في باريس وبعد عودته إلى لبنان، وصار رائجاً استطلاع الآراء في لبنان لسؤال الناس عن رئيسهم المفضّل فكان بعض الشخصيات الإسلامية على رأس قائمة المنتخَبين من جانب الذين تمّ استطلاع آرائهم.

ويتبين كيف تبدلت المواقف من المعارضة المطلقة لفكرة إقامة الجمهورية الإسلامية في لبنان إلى المطالبة بها ورفض أي رئيس غير مسلم للبنان.

بعد هذا حدثت أمور، وسرعان ما تمّ ترتيب اتفاق في ((مدينة الطائف))، وتراجع الكثيرون عن مواقفهم بين ليلة وضحاها، لكن ((حزب الله)) ظل متحفظاً على الاتفاق، وأصدر كتيباً باسم: ((ملاحظات على اتفاق الطائف)).

حزب الله يتراجع؟

وبقي هذا التحفظ قائماً حتى تمّ اغتيال السيد عباس الموسوي، ومن هناك تراجع الحزب أيضاً عن موقفه المطالب بإقامة دولة الإسلام والمستمد من فتوى الإمام الخميني رضوان الله عليه بأن ((النظام اللبناني غير شرعي ومجرم)) ، وانخرط الجميع في التركيبة الجديدة بعيداً عن الضوابط الإسلامية؛ لكن المخلصين لخط الإمام الخميني بقوا على موقفهم دون تغيير رغم الوضع القائم، لأن الأصول الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم لن تتغير، ولأن التخلي عن الأحكام الشرعية في الدنيا يستوجب غضب الله تعالى ويستحق صاحبه بها أشد العذاب في الدار الآخرة، ولا ينفع يومئذ كل التحليلات السياسية والاستدلالات الكاذبة والمبررات الواهية.

# كيف كانت علاقتك بـ((حزب الله))، الطفيلي، الموسوي، نصرالله؟

- لقد كان دوري في تأسيس تيار ((حزب الله)) أساسياً، ولما فاتحني السيد علي أكبر محتشمي، بعد خروجه من الإذاعة والتلفزيون الإيراني وانتقاله إلى منزله في مدينة قم، بأن السيد احمد الخميني اقترح عليه تعيينه سفيراً في سوريا، واستشارني في الأمر، فرحبتُ وقلت له: سأساعدك بكل ما عندي من إمكانات وأدعمك بكل ما يوجد عندي من علاقات، ولما بدأت التحضيرات لتسميته سفيراً أتى إلى منزلي في شمال طهران وأخبرني بالمراحل التي وصلت إليها الأمور فاتصلت بالاستاذ بـ ((العميد)) أياد المحمود الذي كان يومذاك قائماً بأعمال السفارة السورية في طهران، والذي كان مقرباً جداً من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأبلغته بذلك، فأكد لي أن الموافقة السورية ستكون جاهزة فور تلقي الرسالة من جانب وزارة الخارجية الإيرانية. وهكذا كان.

وبسرعة تمّ تعيين السيد محتشمي سفيراً في سوريا وتعيين أيضاً الشيخ فخر روحاني سفيراً لإيران في لبنان؛ لكني كنت وعدتُ السيد محتشمي بالمساندة فأخذت على عاتقي دعمه على المستوى اللبناني وحتى السوري في بداية تسلمه مهامه في السفارة الإيرانية في دمشق.

ومن هنا اصطحبت في سيارتي الخاصة من نوع BMW كلاً من السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك إلى الشام، وتم ترتيب اللقاء بينهم وبين السيد محتشمي في مبنى السفارة الكائن حينها في شارع المالكي، وبعدها انتقلوا إلى منزلي الذي كنت استأجرته في شارع المالكي نفسه بالقرب من مبنى السفارة واستمر اللقاء على طاولة الغداء، ثم عدتُ بهم في سيارتي على الخط العسكري إلى مدينة بعلبك.

وكان هذا بداية العلاقة المتينة بين من تسمّوا بعد ذلك قيادات حزب الله وبين الجمهورية الإسلامية في إيران.

وقد عاتبني كثيراً السفير الشيخ فخر روحاني في أحد اللقاءات بسبب ربط أناس لبنانيين بسفارة خارج لبنان مع وجود سفارة لإيران وسفير إيراني فيه، فلم أجبه لأنني لم أكن أريد توتير الأجواء بين السفيرين في كل من بيروت ودمشق.

وكانت أولى الدفعات من الأموال التي تسلمها حزب الله هي من المبلغ الذي كان تحت تصرفي، لأني كنت في ذاك الوقت مسؤولاً عن تنسيق الإعلام في منطقة الشرق الأوسط من قبل ممثل الإمام الخميني الشيخ معاديخاه، وقد دفعتُ مبلغ 40000 دولار لتأمين مصاريف العمل الثقافي والإعلامي مع بداية مجيء الحرس الثوري الإسلامي إلى لبنان، إضافة إلى 10000 دولار تسلمها مني السيد محتشمي شخصياً لمصاريف معينة أخرى.

وباقتراح مني للأخ عسكراولادي والأخ نيّري أسسنا ((لجنة إمداد الإمام الخميني في لبنان)) مع بدء الاجتياح الصهيوني وكنت أنا أول مسؤول عنها، وكذلك أصرّ عليّ كثيراً سماحة الشيخ كروبي لقبول مسؤولية ((مؤسسة الشهيد في لبنان))، فقبلتها لمدة قليلة ثم تخليتُ عنها لأخي سماحة السيد عيسى الطباطبائي.

وكان بعض الذين يريدون مقاومة الغزاة الصهاينة في بيروت أثناء الحصار يحضرون إلى دمشق فأقدم لهم حاجتهم من المال الموضوع تحت تصرفي ثم يعودون إلى بيروت، وكان منهم النائب الحالي الحاج محمد رعد.

وأصررتُ على إنجاح مسيرة يوم القدس الشهيرة التي أقيمت في مدينة بعلبك أثناء الحصار والتي فاق عدد المشاركين فيها الـ 5000 شخص بتحمل تكاليفها الباهظة، في حين كان تأكيد من جميع القيمين بأن لا أحد سيشارك في المسيرة بسبب حالة الخوف المخيمة على النفوس؛ لكن الجميع تفاجأوا لما رأوا الناس يلتحقون بالمسيرة حتى كان شارع ((رأس العين)) من أوله إلى آخره مكتظاً بالمشاركين.

وأذكر فيما يتعلق بتسمية ((حزب الله))، أن أحد الشباب الإيرانيين الذي رافقني إلى لبنان أثناء عملي كمنسق للإعلام الإسلامي في الشرق الأوسط وكان يجيد رسم الجداريات طلب مني مبلغاً من المال لشراء دهان ليرسم بعض الجداريات، وكان جدار مسجد الإمام علي (ع) في مدينة بعلبك من الأماكن المناسبة لكتابة بعض الشعارات عليها، فسألني عن النص المناسب، فقلت له على ما أتذكر: إكتب قوله تعالى: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )، ثم سألني عن التذييل المناسب فقلت له: اكتب: حزب الله.

ولأن المسجد كان مأوى القادمين الشباب من بيروت والجنوب، وكان مركزاً للاجتماعات بين المتحمسين لمواجهة الغزاة الصهاينة، وكانت قيادات الحرس الثوري تعقد فيه اجتماعاتها مع المجاهدين، لأجل ذلك استحسن الجميع إسم ((حزب الله)) وصار هذا الاسم يتردد على الألسن، وتحول ((حزب الله)) بمرور الأيام إسماً للتيار الإسلامي المقاوم لإسرائيل ونظام الرئيس أمين الجميل في ذلك الوقت، قبل أن يتم تحويل التيار الشعبي إلى تنظيم حزبي.

أما عن علاقاتي بكل من سماحة الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله بعد تحوله من تيار إلى تنظيم وكذلك مع سماحة السيد عباس الموسوي الذي نال منزلة الشهادة في غارة صهيونية على سيارته، وسماحة الشيخ محمد يزبك الوكيل الشرعي العام لآية الله الخامنه اي في لبنان، فإنها قديمة تعود إلى فترة وجودي في منطقة بعلبك، حيث كان الشيخ الطفيلي في قرية بريتال ثم انتقل إلى مدينة بعلبك، والسيد عباس الموسوي أيضاً كان يسكن بلدة النبي شيث ثم انتقل إيضاً إلى بعلبك، والشيخ يزبك كان يسكن بلدة بوداي وانتقل أيضاً إلى بعلبك، وهؤلاء هم الذين أسسوا حوزة الإمام المنتظر بعد ذلك في مسجد الإمام علي (ع) في مدينة بعلبك، والمسجد هذا كان مركز الإنطلاق للعمل المقاوم ضد الإحتلال الصهيوني للبنان.

ومنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولأني كنتُ أنا صلة الوصل بين ((مجلس قيادة الثورة)) في إيران والساحة اللبنانية وممثله الذي وضع تحت تصرفه أول مساعدة مالية من إيران للخارج، وكوني كنتُ ولفترة وجيزة مسؤول مكتب لبنان في ((حزب الجمهورية الإسلامية)) الذي تأسس بعيد انتصار الثورة الإسلامية في إيران برئاسة الشهيد آية الله بهشتي وعضوية آية الله الخامنه إي وآية الله هاشمي رفسنجاني؛ هذا بالإضافة إلى ثقة الإمام الخميني رضوان الله عليه بي وعلاقاتي الحميمة مع أعضاء مكتب الإمام في كل من مدينة قم وطهران، لذلك فإني كنتُ أنسق اتصالات الوفود التي كانت تصل إلى لبنان، وأرتب زياراتهم وأحدد مواعيدها رغم وجود سفارة إيرانية وحضور سفير إيراني في بيروت.

من هنا كانت لقاءاتي كثيرة مع الإخوة السيد الموسوي والشيخ الطفيلي والشيخ يزبك؛ وفي حالات عديدة كنتُ أتصل بهم هاتفياً ويأتون إلى بيروت للالتقاء مع بعض الوفود القادمة سواء في مبنى السفارة التي كانت قائمة في منطقة الجناح قبل انتقالها إلى محلة المصيطبة ومن ثم إلى المبنى الحالي للسفارة، وفي بعض الأحيان كانت اللقاءات تتم في منزلي في منطقة المعمورة في الضاحية الجنوبية.

ويعلم الجميع أن هؤلاء كانوا من مسؤولي حركة ((أمل)) في منطقة البقاع منذ تأسيسها على يد سماحة السيد موسى الصدر ( أعاده الله )، وكانوا لا يقبلون أي تحرك آخر في الساحة الشيعية، وكانوا ينظرون بعين الريبة لكل نشاط إسلامي خارج الحركة ، رغم أن بعضهم كان ينتمي إلى ((حزب الدعوة)) وكان قد جعل نشاطه داخل ((حركة أمل)) غطاء لعمله لصالح الحزب المذكور، ولذلك نرى أنهم كانوا يهيمنون على القسم الثقافي والتنظيمي في الحركة.

قادة في ((امل)) تخلوا عنها

لكن اجتماعات عديدة عُقدت في غرف مسجد الإمام علي (ع) وعلى مدى أيام مع سماحة السيد عباس الموسوي وسماحة الشيخ صبحي الطفيلي وسماحة الشيخ محمد يزبك وسماحة الشيخ أديب حيدر والأخ حسين الموسوي ( أبو هشام ) والأخ مصطفى الديراني والسيد علي الحسيني، وبمشاركة مني في بعض تلك الاجتماعات مع عدد من الإخوة الإيرانيين وذلك أثناء الغزو الصهيوني العام 82، وهذا ما أقنعهم بتغيير موقفهم والتخلي عن ((حركة أمل)) فانضمّ السيد الموسوي والشيخ الطفيلي والشيخ يزبك إلى تيار ((حزب الله))، ثم التحق بهم سماحة السيد إبراهيم الأمين مسؤول مكتب ((حركة أمل)) في طهران. وأسس الأخ أبو هشام ((حركة أمل الإسلامية))، وانشق سماحة الشيخ أديب حيدر والأخ المجاهد مصطفى الديراني والسيد علي الحسيني عن الحركة وأعلنوا ((المقاومة المؤمنة)).

أما بالنسبة لسماحة الأخ العزيز السيد حسن نصر الله ( حفظه الله ) فإنه كان في ذلك الوقت مع زميله الشيخ علي كريم، الذي اغتيل في الجنوب أثناء حرب الفتنة بين أمل وحزب الله، يتتلمذان عند أصحاب السماحة السيد عباس الموسوي والشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك في حوزة الإمام المنتظر ( عج)، ولا ندري بالتفصيل سبب سكنهما في البقاع رغم وجود حوزات دينية عديدة في بيروت وفي منطقة الجنوب وهما أساساً من قرى جنوبية حيث أن السيد نصر الله هو من البازورية والشيخ علي كريم هو من ياطر.

وكان دوره في التحرك في ذاك الوقت محدوداً وتحت إشراف أصحاب السماحة أساتذته في الحوزة العلمية، ولم أذكر له دوراً في النشاط مع دخول الحرس الثوري سوى أني دفعته إلى استلام الميكروفون أثناء مسيرة ((يوم القدس)) الشهيرة في مدينة بعلبك من سماحة الشيخ أديب حيدر لترداد الشعارات، وهو كان يدرّس الناشئين من الذين يلتحقون بصفوف ((حركة أمل)) وتحت إشراف سماحة السيد عباس الموسوي.

ولما انضم أصحاب السماحة الموسوي والطفيلي ويزبك إلى تيار حزب الله لحق بهم السيد نصر الله والشيخ علي كريم، وصارا يترددان على القرى في منطقة البقاع لحض الناس المؤيدين لـ حركة أمل على الإلتحاق بالخط الجديد والعمل على تغيير ولاء المنضمّين للحركة، ومن هناك تمّ تعرفه على عناصر الحرس الثوري الذين كانوا يقدمون العون المادي ووسائل النقل ومواد ثقافية إسلامية، واستطاع سماحة السيد نصر الله إيجاد صداقات مع بعض قيادات حرس الثورة خلال الدورة التدريبية التي تلقاها هو والسيد عباس الموسوي في منطقة النبي شيث ، وأدخله السيد عباس معه في بعض الاجتماعات لتسهيل تلقي الإرشادات والتسريع في تنفيذ المقررات، ثم انتقل مع عدد من الأشخاص الآخرين إلى إيران لمزيد من التدريبات في فنون القتال لمواجهة العدو الصهيوني الذي كان ما يزال جاثماً على الأرض اللبنانية.

وبرز دوره كثيراً مع بدء حرب الفتنة بين ((أمل)) و ((حزب الله)) كونه كان المسؤول العسكري لحزب الله في بيروت وأخوه جعفر نصر الله كان المسؤول العسكري لحركة أمل في بيروت أيضاً؛ ولم تكن هذه الحالة هي الوحيدة داخل الأسرة الواحدة، بل إن أسراً كثيرة كان أفرادها موزعين بين التنظيمين المذكورين، وكان بعض أفراد الأسرة مع الأسف الشديد يقاتل في جهة ويرفع الآخر السلاح بوجه أخيه من الجهة الأخرى.

وانتقل السيد حسن في فترة معينة إلى الجنوب لمّا اشتد الضغط على الحزب في تلك المنطقة، وبقي محاصراً لفترة في إقليم التفاح، وأصيب إصابة طفيفة أثناء الحصار.

السيد نصرالله تعرف الى المرشد خامنئي عندما كان رئيساً للجمهورية ولما تقرر وقف إطلاق النار، وبعد خروجه من الحصار، ترك لبنان لمدة سنة تقريباً واستقر في مدينة قم، وشرع أثناءها في حضور حلقات الدروس الحوزوية فيها عند عدد من الأساتذة في علمي الفقه والأصول، وهناك توطدت علاقته أكثر بالأوساط الإيرانية العليا بتعريف من السيد محتشمي الذي كان يومذاك وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء ميرحسين موسوي، واستطاع التقرب شيئاً فشيئاً إلى آية الله الخامنه إي الذي كان يومئذ رئيساً للجمهورية ومسؤولاً عن ملف لبنان في اللجنة الثلاتية المؤلفة منه ومن آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي وآية الله موسوي أردبيلي رئيس مجلس القضاء الأعلى. لكنه طوال فترة حياة السيد عباس الموسوي بقي دوره ثانوياً تابعاً للسيد الموسوي، حتى بعدما تم انتخاب سماحة الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله عقب تحوله من تيار شعبي إلى تنظيم حزبي بالهيكلية الهرمية المتعارف عليها لدى كافة الأحزاب.

وبعد اغتيال السيد عباس الموسوي الأمين العام الثاني لحزب الله على يد الصهاينة، ولأن الشيخ نعيم قاسم كان نائباً له، فقد تمهد السبيل لتسلم الشيخ قاسم الأمانة العامة مكان السيد عباس، إلاّ أن تدخلات عاجلة من جانب القيادة في إيران وإيفاد آية الله جنتي إلى بيروت قلبت الأمور ودفعت إلى انتخاب السيد حسن نصر الله للأمانة العامة، كون الشيخ نعيم قاسم كان رمزاً لتكتل ((حزب الدعوة))، وكان معه المجموعة المتماسكة المؤلفة من الحاج محمد رعد ومحمد الخنسا ومحمود قماطي وآخرين، فكان التخوف من فرض السيطرة الكاملة لـ ((حزب الدعوة)) على حزب الله في حال تسلم الشيخ قاسم الأمانة العامة، في وقت كان السيد نصر الله رغم كونه من الحزب نفسه إلا أنه يحاول التقرب من إيران وإظهار الودّ للمسؤولين فيها، ثم إنه ليست له رمزية حزبية كما للشيخ نعيم قاسم، إضافة إلى أن الشيخ قاسم كان محسوباً بالكامل على سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله حيث أنه درس عنده الدروس الأولية دون الدخول في الحوزات العلمية في مدينة قم أو النجف الأشرف، وهو الذي ألبسه العمامة، وهو الذي أنابه عن نفسه في إمامة صلاة الجماعة في مسجد الإمام الرضا (ع) في بئر العبد أثناء غيابه أو سفره لأداء مناسك الحج، وهو الذي جعله في البداية رئيساً لـ ((جمعية التعليم الديني الإسلامي))، وهو كان ينظر إليه في السابق وحتى اليوم أنه رجل فضل الله في حزب الله.

ولأن العلاقة كانت في تلك الفترة في غاية التوتر مع المرجعية الدينية في الحوزة على أثر ما أذيع عن موقف السيد فضل الله من قضية السيدة الزهراء سلام الله عليها ، وأيضاً مع القيادة السياسية الإيرانية لكونه كان في صدد طرح مرجعيته الدينية خارج البيئة الطبيعية لها من خلال طبع ((الرسالة العملية))، وذلك بالموازاة مع مقدمات طرح مرجعية القائد آية الله السيد علي الخامنئي إي في بعض أوساط حزب الله.

وبسبب الوضع الإستثنائي الذي نتج عن اغتيال السيد عباس الموسوي، والخوف من شماتة العدو الصهيوني، وإمكان بروز بعض الاختلافات داخل أوساط الحزب، فإنه لم يكن لدى أحد الوقت الكافي لغربلة الأشخاص واختيار الأكفأ والأعلم من بين العلماء.

لذلك رجحت كفة السيد حسن نصر الله؛ وكنتُ أنا مع هذا الموقف في حينه، وبادرتُ إلى تقديم التهاني له في أولى ساعات انتخابه في مبنى الأمانة العامة، لأني كنتُ أومن بضرورة تنغيص الفرحة العارمة لدى الإسرائيليين إثر اغتيالهم رمزاً كبيراً للمقاومة الإسلامية.

لكني قد وجهتُ أحياناً انتقادات لبعض تصرفات السيد نصر الله بالنسبة للوضع الداخلي فقط، خاصة وأنه انخرط في التحضير لإعادة انتاج النظام القائم على سيطرة الأقلية المارونية على الأكثرية المسلمة مخالفاً علانية فتوى الإمام الخميني رضوان الله عليه وكذلك رأي آية الله الخامنه إي الذي كان قد قال صراحة إنه إذا كانت أكثرية الشعب اللبناني ترغب في جمهورية إسلامية فلماذا لا نقدم لهم يد المساعدة ؟، وكذلك لتجاوزه الميثاق الذي على أساسه تأسس الحزب، وتخطيه كل ملاحظات حزب الله على ((اتفاق الطائف)).

لكن هذا لا يعني بأي حال التقليل من الدور الجهادي لأبطال الحزب في مواجهة أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، ولا يجوز أن يفسَّر بأنه موقف سلبي من المسيرة البطولية لآلاف المجاهدين الذين رووا كل شبر من الأرض اللبنانية بدمائهم الطاهرة، حتى فرضوا على العدو الغاشم الاندحار دون قيد أو شرط من كامل الأرض تقريباً، ونسأل الله سبحانه أن يوفقهم لتحرير ما تبقى في مزارع شبعا.

العلاقة مع فضل الله

# كيف تصف علاقتك بالسيد محمد حسين فضل الله؟

- علاقتي بسماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله بدأت منذ الأيام الأولى لوصولي إلى لبنان، حيث كان إماماً في مسجد في منطقة النبعة ولكونه كان صديقاً لوالدي سماحة آية الله العظمى السيد محمد باقر الموسوي الشيرازي منذ أيام الدراسة في النجف الأشرف؛ فقد زرته بعد أيام قليلة من وصولي إلى بيروت وأبلغته سلام الوالد الذي كلفني إبلاغه إليه.

ولمّا انتقلت إلى منطقة البقاع ونتيجة انشغالي هناك لم أتمكن من التواصل معه كثيراً، وبعد انتقالي إلى بيروت وسكن سماحته في منطقة الضاحية الجنوبية بفعل الحرب الطائفية والفرز الديني والمذهبي في بعض المناطق لم تتح لي الفرصة أيضاً للقاء به بسبب الانشغالات الكثيرة في أمور متعلقة بالثورة الإسلامية. لكن بعد الانتصار تم الاتصال به في وقت كان الواقع القائم في الوسط الشيعي يرفض التعددية ويصرّ على هيمنة طرف واحد على قرارات الطائفة، وكان سماحة السيد نفسه قد قبل هذا الواقع ولم يكن يوافق على شيء نقترحه عليه إلا بعد عقد جلسة مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين.

لكني أنا شخصياً كنتُ مصرّاً على إبراز دوره في الساحة الإسلامية من دون إضعاف موقع سماحة الشيخ شمس الدين، لأني كنتُ أعرف منزلة السيد العلمية من خلال أحاديث سماحة الوالد عنه؛ وهذا ما أثار غضب الكثيرين من الجاهلين المتعصبين في ذلك الوقت، والذين كانوا مستعدين للقيام بأعمال عنفية ضد كل من يرون أنه يشكل منافساً محتملاً لهم؛ وقد حدث هذا فعلاً من خلال قيام بعض المتحمسين لطرف معين بمحاولة اغتيال المرحوم سماحة الشيخ سليمان اليحفوفي أول نائب لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من خلال إطلاق قذيفة آر بي جي على سيارته في منطقة بريتال مما أدى إلى مقتل أحد مرافقيه.

وقد قال لي أحد المتحمسين في بعض تلك الأيام إنه مستعد شخصياً لاغتيال سماحة السيد فضل الله إذا شعر بأنه ينافس سماحة العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، لكن هذا الشخص قد تحول بعد ذلك بسنوات إلى أحد المدافعين عن السيد فضل الله وهو اليوم أحد المسؤولين في حزب الله.

# من حاول اغتيال الشيخ سليمان اليحفوفي في بعلبك؟ من هم الذين ارادوا اغتيال السيد محمد حسين فضل الله وهم الآن في قيادة ((حزب الله))؟

- لا اريد الآن ان اورد اسماء الاشخاص الذين تورطوا في العملية، لكن اذكر ان سماحة السيد محمد حسين فضل الله طلبهم الى منـزله قبل فترة وجيزة من وفاة المرحوم الشيخ اليحفوفي وقال لهم: هذا الرجل ميت عن قريب فاذهبو اليه واطلبوا منه ان يسامحكم، لان الامر اذا انتقل الى عالم الآخرة فلا مجال لدخولكم الجنة مهما قاتلتم اسرائيل وجاهدتم ضد الاستكبار العالمي وغير ذلك، لان حق الله يغفره الله اما حقوق الناس فلا مجال لتجاوزها في الآخرة مهما فعل الانسان من حسنات.

والحديث يقول: ان الشهيد يغفر له كل ذنب الا الدين.

فإذا كان حق الناس في مال قليل استدانه الشهيد من احدهم ولم يوفه له قبل استشهاده يمنعه من دخول الجنة، فإن المباشرة بقتل انسان مسلم من وجه حق اولى ان يمنع صاحبه من ان يشمله غفران الله يوم الحساب.

وفعلاً جاء الرجلان الى منـزل المرحوم الشيخ سليمان اليحفوفي في بعلبك وبحضور سماحة السيد فضل الله طلباً منه ان يبرىء ذمتهما، فوافق المرحوم بعد اصرار السيد فضل الله.

# ماذا عن علاقة السيد فضل الله بإيران؟

- لكني رغم كل المخاطر والتهديدات لي شخصياً كنتُ مصرّاً على التواصل مع السيد فضل الله وترتيب لقاءات بينه وبين الوفود الإيرانية التي كانت تأتي إلى لبنان وترتيب زيارات له إلى الجمهورية الإسلامية وتوجيه الدعوات إليه للمشاركة في المؤتمرات التي كانت تقام في إيران. ولقد فرضت على أول قائم بالأعمال في السفارة بعد انتصار الثورة أن يرافقني بصورة رسمية رافعاً العلم الإيراني على سيارته إلى مسجد الإمام الرضا (ع) للمشاركة في الصلاة خلف السيد فضل الله إعلاماً للناس بتأييد إيران لسماحته.

وأذكر أن سماحة آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني لما زار بيروت في أول مرة وكان الجوّ الغالب هيمنة طرف بعينه على الساحة وأرادوا الاستئثار بلقاءات الشيخ رفسنجاني، فإني أصررت أن يكون لقاء سماحة السيد محمد حسين فضل الله وسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في وقت واحد مع آية الله رفسنجاني، ولمّا تقرر ردّ الزيارة للمجلس الإسلامي الشيعي في مدينة الزهراء بادرتُ إلى ترتيب ردّ لزيارة السيد فضل الله في منزله في " روضة الشهيدين؛ ولقد تفاجأ هو بالخبر لما أعلمته لأنه لم يتوقع ذلك، والشيخ رفسنجاني قال لي بالحرف الواحد: لقد جاءني 40 عالماً فإذا أردتُ رد الزيارة للسيد فضل الله فيلزم رد الزيارة لهؤلاء أيضاً. لكني رغم هذا رتبت الأمر وذهب آية الله رفسنجاني وجميع أعضاء الوفد المرافق إلى منزل سماحة السيد.

من جهة أخرى أذكر أن وفداً إيرانياً قدم إلى لبنان وقدم دعوة لسماحة السيد فضل الله للمشاركة في مؤتمر المستضعفين بمناسبة ولادة الإمام المهدي المنتظر (عج) في الخامس عشر من شهر شعبان، لكن سماحته رفض الدعوة لأنه استخار بـ ((ذات الرقاع)) ولم تكن الخيرة جيدة، ولما أخبرتُ بذلك اتصلت به هاتفياً وأقنعته بضرورة المشاركة، فوافق السيد وسافر في اليوم التالي إلى طهران.

لكن بعض المواقف والتصرفات من قبله في بعض المراحل دفعتني إلى اتخاذ خطوات غير ايجابية تجاهه سواء في لبنان أو في الجمهورية الإسلامية. وأذكر على سبيل المثال أنه أصدر في فترة معينة بعض المواقف السلبية تجاه طرح الجمهورية الإسلامية في لبنان وسافر أثناءها إلى إيران، ولما تعين موعد لقائه مع الإمام الخميني رضوان الله عليه، وتمّ إخباري بالأمر، أرسلتُ إلى الإمام أحد أقرب الناس إليه وهو الحاج مصطفى كفاشزاده يخبره بموقف السيد فضل الله تجاه طرح الجمهورية الإسلامية في لبنان وسلبيات لقاء السيد فضل الله معه في تلك الفترة، فقرر الإمام فوراً إلغاء الموعد الذي قد تم تحديد يومه وساعته، وأُبلغتُ بالأمر فوراً من قبل المرحوم سماحة الشيخ توسلي مدير مكتب الإمام؛ وبقي الإمام الخميني طوال 3 سنوات يرفض طلبات عديدة عبر مختلف الأطراف للقاء فضل الله به حتى أعلن تعديل موقفه من طرح الجمهورية الإسلامية، وبعد ذلك فقط أذن الإمام لزيارته جماران واللقاء معه.

وبعد ذلك عادت العلاقات بيننا طبيعية وودية، وكنا نلتقي سرّاً وعلانية للتشاور في أمور عديدة، حتى برز موقفه من قضية السيدة الزهراء سلام الله عليها والذي أثار استياءً شديداً لدى كافة المراجع والعلماء في الحوزات العلمية في إيران والعراق ولبنان أيضاً، ونتيجة إصراره على ذلك الموقف انقطع التواصل بيننا، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن فضل الله أيضاً من زيارة إيران التي كان يزورها في العام أكثر من مرة، وصدرت بيانات من قبل كافة مراجع الدين تدين موقفه المعارض لثوابت تاريخ الشيعة، وتم تأليف عشرات الكتب لتفنيد آرائه من قبل العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى وغيره. لكن قيل لي أنه منذ فترة صحح موقفه السابق بل بادر إلى دعوة خطباء ليذكروا مصائب السيدة الزهراء في مسجد الحسنين في الضاحية الجنوبية.

المصدر : الشراع

 

كيف »عادت« سورية إلى بلاد الأرز؟ الدور السوري »الجديد« في لبنان شروطه - حدوده - أدواته - أهدافه - تناقضاته  

المحرر العربي/ المُحرّر الديبلوماسي: 18 كانون الأول/09

الدور السوري »الجديد« لا يمكن مقارنته بمرحلة ما قبل 2005

لماذا هذا الغطاء العربي والتركي والغربي لدور سوري فاعل في لبنان؟

الهدف الاستراتيجي غير المعلن من الدور السوري:لجم النفوذ الإيراني في لبنان

فرنسا وقطر محاميتا الدور السوري في لبنان؟

الخاسر الأكبر من »عودة« سورية إلى لبنان: »حزب الله«؟

خطوط حمراء عدة مفروضة عربياً ودولياً على الدور السوري في لبنان

الدور السوري أسير التناقضات بين خمسة اتجاهات أساسية في لبنان

سورية لا تسيطر على أي اتجاه أساسي في لبنان اليوم... غير أنها تحاول استخدام لبنان كورقة تفاوضية

محور الاعتدال يتابع عن كثب دور سورية في لبنان ليختبر صدقية نظام الأسد ووعوده

الخطر الذي يهدد الدور السوري »الجديد« في لبنان هو عدم قدرة نظام الأسد على الاكتفاء بنفوذ محدود

الدور السوري »الجديد« في لبنان موقت... لأن تداعيات مهمّة ستغير الكثير في المشرق قريباً

العلاقات بين سورية ولبنان لن تستوي قبل حدوث تغيير في سورية وقبل حل أزمة المنطقة

كيف يمكن تفسير هذا الحراك السوري المتزايد على الساحة اللبنانية؟  

هل »عادت« سورية فعلاً إلى لبنان؟

هل من تكليف عربي ودولي لسورية بدور ما في لبنان؟

هل هذا الدور »الجديد« لسورية مشابه لدورها السابق؟

هل الزيارة المتوقعة قريباً إلى دمشق لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري تعني تكريساً للنفوذ السوري في لبنان؟

أسئلة يطرحها كل مراقب للوضع اللبناني. والإجابة عليها ليست البسيطة بل هي معقدة ومركبة. ذلك أن الدور السوري »الجديد« في لبنان ليس مجرّد استعادة للدور الذي كانت تلعبه سورية في لبنان قبل انسحابها من بلاد الأرز في ربيع 2005، بل هل هو دور مختلف، له شروطه وحدوده وأدواته وأهدافه وتناقضاته. وسوف نحاول في هذا التقرير الإضاءة على هذا الدور.  

لا يمكن الإحاطة بالدور السوري الجديد في لبنان إلا عبر قراءة ولو سريعة لما جرى في السنوات الأخيرة.

كان انسحاب الجيش السوري والمخابرات السورية من لبنان في نيسان/ أبريل 2005، بعد اسابيع من زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري في بيروت في 14 شباط/ فبراير 2005، حدثاً تاريخياً. فهذا الانسحاب طوى مرحلة طويلة من الهيمنة السورية المباشرة على لبنان، بدأت مع الدخول العسكري السوري إلى الأراضي اللبنانية في 1976 ووصلت إلى ذروتها غداة انتهاء الحرب الأهلية في 1990.

فمن العام 1990 إلى مطلع العام 2005، كانت سورية هي اللاعب الأساسي في لبنان. كانت مهيمنة على السياسة وعلى الاقتصاد وعلى الأمن. وبدأ هذا الدور يتصدّع تدريجياً منذ ربيع وصيف العام 2000، مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان (ما أنهى مبرّر الوجود العسكري السوري في لبنان)، ومع وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد (والتغيير الذي تبع ذلك في نوعية إدارة سورية للملف اللبناني)، ومن ثم مع بداية تحرّك الكنيسة المارونية وقطاعات متزايدة من المجتمع اللبناني (مطالبة باستعادة سيادة لبنان).

خرجت سورية إذاً في ربيع 2005. لكن خروجها لا يعني أن دورها إضمحل فجأة بين ليلة وضحاها. فللتذكير، المعارضة اللبنانية الحالية تسمّى بـ »اتجاه 8 آذار/ مارس« لأنها نظـّمت تجمّعاً شعبياً حاشداً في ذلك اليوم من العام 2005 تحت شعار... »الوفاء لسورية". فقابلته بعد أيام الأكثرية اللبنانية الحالية، التي سميت بـ »اتجاه 14 آذار/ مارس« بتجمّع مضاد في ذلك اليوم من العام 2005، يبدو أنه كان التجمّع الأكبر في تاريخ لبنان ولقـّب بـ »ثورة الأرز«.

إذاً، كان موضوع العلاقة مع سورية، منذ الأسابيع التي سبقت انسحابها من لبنان، هو المحور الذي انقسم حوله الأفرقاء في لبنان. وهذا المعطى وحده يبين مدى النفوذ السوري في لبنان قبل انسحاب 2005.

شهدت المرحلة التي تلت الانسحاب السوري من لبنان في 2005 تصلباً كبيراً في المواقف حول الدور السوري في لبنان... وفشلاً متوازياً من قبل جميع الأطراف:

- فشل اللبنانيون في التوافق في ما بينهم على إدارة بلادهم بعد الانسحاب السوري. فمنذ انسحاب سورية وحتى اليوم يعيش لبنان تناقضات سياسية داخلية عميقة أوصلته أكثر من مرة إلى حافة الحرب الأهلية.

- فشل اتجاه »14 آذار/مارس«، على الرغم من الدعم الديبلوماسي والمعنوي الدولي الهائل الذي حصل عليه، في تحصين لبنان من التأثيرات الخارجية، وأوّلها النفوذ السوري. فلقد استمرت حدود لبنان مع سورية معبراً مفتوحاً للأسلحة وللمسلحين... ولم تتمكن الأكثرية التي خرجت من انتخابات ربيع 2005 من السيطرة على الوضع، ولا من منع »حزب الله« من تفجير حرب مدمّرة مع إسرائيل في صيف 2006، ولا حتى من تغيير ضابط أمن في مطار بيروت في أيار/ مايو 2008. صحيح أن اتجاه »ثورة الأرز« هذا لم يطالب يوماً بقطيعة مع سورية وشعبها، غير أنه تصرّف لفترة وكأن الدفاع عن سيادة لبنان يتطلب عزل النظام السوري الحالي وإضعافه بل قلبه. هذه المقاربة فشلت.  

- فشل محور الاعتدال العربي والمعسكر الغربي في وضع حد فعلي للنفوذ السوري في لبنان، على الرغم من الضغوط الدولية والديبلوماسية والقانونية الهائلة التي مورست على سورية.

- فشل اتجاه »8 آذار/مارس« المقرّب من سورية في العودة إلى السلطة، إذ هو هزم في انتخابات 2005 النيابية، كما في انتخابات 2009 النيابية، وبالتالي لم يتمكن من جعل الدولة اللبنانية تتبنى نظرته لعلاقات »أخوية« و»استثنائية« مع سورية. فالخطاب الرسمي للدولة اللبنانية يطالب اليوم بعلاقات »ندية« و»رسمية« مع سورية.

- فشلت سورية في استعادة هيمنتها على لبنان، وذلك على الرغم من مسلسل الاغتيالات والتفجيرات الطويل، وعلى الرغم من تحريكها بشكل مباشر أو غير مباشر لمجموعات إسلامية وفلسطينية، كانت أشهرها مجموعة »فتح الإسلام«، وعلى الرغم من صبّها الزيت على النار في أكثر من تناقض في لبنان، لا سيما في مدينة طرابلس بين السنّة والعلويين. واضطرت سورية إلى القبول وإن على مضض بما لم تقبله منذ استقلال لبنان ألا وهو إقامة علاقات ديبلوماسية مع هذه الدولة وفتح سفارات بين البلدين وتعيين سفراء. وفرض الضغط الدولي على سورية التوقف نهائياً عن الاغتيالات والتفجيرات التي طالت جميعها معارضي النفوذ السوري فقط.

إذاً، بينت مرحلة السنوات الخمس الأخيرة أنه من المستحيل إنهاء النفوذ السوري في لبنان، ولكنها بيّنت أيضاً أن العودة إلى مرحلة ما قبل 2005 أمر مستحيل ومرفوض من أغلبية اللبنانيين.

واقتنع كلا الطرفين - »الاستقلالي« الذي يريد تحصين لبنان وإخراجه من عواصف المنطقة... و»الممانع« الذي يدافع عن لبنان كساحة من ساحات الصراع - بأنه لن يستطيع فرض رأيه. كما اقتنعت سورية بأن »العهد الذهبي« الذي كان فيه لبنان تحت قبضتها قد ولّى. واقتنعت الأسرة الدولية بأنه لا يمكن حل أزمات لبنان ضد سورية بل بالتعاون معها.

باختصار، خلال هذه السنوات الخمس، فهم الجميع - لبنانياً وسورياً وعربياً ودولياً - أن أفضل الحلول في ما يتعلق بدور سورية في لبنان هو ربما الحل الوسط: لسورية دور فاعل - وليس الدور المهيمن - في لبنان، ولكن عليها ممارسة هذا الدور بلياقة ووفق الأصول.

إذاً، »عودة« سورية إلى الملف اللبناني فرضتها طبيعة الوضع في لبنان، وعجز اللبنانيين عن حل أمورهم لوحدهم، وميل بعض الأفرقاء في لبنان إلى علاقة ممّيزة مع سورية. لكن هذه »العودة« لم تتم ببساطة.  

ففي السياق الديبلوماسي والسياسي المعقـّد الذي تشهده المنطقة، طرح موضوع تموضع النظام السوري في التناقض الأساسي السائد حالياً في الشرق الأوسط بين محورين :

- محور »إيراني« أو »فارسي« أو »شيعي«، »ممانع« أو »مقاوم«... تقوده إيران وتندرج فيه سورية و»حزب الله« و»حماس« وتدور حوله قطر ودول على علاقة غير سليمة مع العالم، مثل ليبيا والسودان.

- محور »عربي« أو »سني« أو »معتدل« تقوده السعودية ومصر، ويقيم علاقات طبيعية وقوية مع الأسرة الدولية.

وفي إطار هذا التناقض بين محورين، فرضت عزلة ديبلوماسية قاسية على سورية، لا سيما في السنتين اللتين تلتا اغتيال رفيق الحريري. غير أن حرب صيف 2006 في لبنان وحرب غزة في آخر 2008 ومطلع 2009،  بينتا بوضوح أن عزل سورية لا يمنع إيران من تفجير الوضع في المشرق.  

وجاء هذا »الاكتشاف« الدولي للدور الإيراني المؤثر في المشرق ليقنع العديد من المحللين والديبلوماسيين بضرورة إبعاد سورية عن إيران، ما يتطلب الانفتاح عليها، أي بوضوح التخفيف من عزلتها الديبلوماسية والمعنوية.

ولقد كان أوّل المدافعين عن هذه المقاربة هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قرّر، غداة وصوله إلى الرئاسة في ايار/ مايو 2007، اعتماد مقاربة مناقضة لمقاربة سلفه الرئيس جاك شيراك، الذي كان قد خاب أمله بشدة من الرئيس بشّار الأسد بعد أن حاول احتضانه ومساعدته في بداية عهده. ومن ثم جاء اغتيال رفيق الحريري، وهو صديق شخصي لشيراك منذ قرابة 30 سنة، ليكون القشة التي قصمت ظهر البعير بين فرنسا وسورية.

وما ساعد ساركوزي في هذه المقاربة المختلفة للعلاقة مع سورية هو العلاقة الممتازة التي تربطه منذ بداية عهده بأمير قطر. ورويداً، تحوّلت فرنسا وقطر إلى مدافعتين عن فكرة الانفتاح على سورية... ومن ثم إلى محاميتين لدور سوري فاعل في لبنان.

غير أن هذا الدور السوري »الجديد« في لبنان لا تمكن مقارنته بمرحلة ما قبل 2005. فليس المطلوب الآن من سورية تهدئة الوضع في لبنان، كما تم تكليفها بذلك، عربياً ودولياً، غداة انتهاء الحرب الأهلية في 1990. ليس هناك من تفويض عربي ودولي هذه المرة لسورية بالملف اللبناني. لا، قطعاً. هناك على العكس إصرار عربي ودولي على المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله. لكن ثمّة قبول بدور سوري ايجابي في التناقضات اللبنانية، بل تشجيع لسورية على لعب هذا الدور. وذلك في إطار إعادتها إلى الأسرتين العربية والدولية. أي التعبير عن ثقة بها.  

هذا ما يفسّر جزئياً الغطاء العربي (لا سيما السعودي) والتركي والغربي لدور سوري فاعل »جديد« في لبنان. التفسير الآخر يتخطى لبنان بكثير، إذ هو مرتبط بالصراع العربي والتركي والدولي... مع إيران.

ذلك أن الهدف الاستراتيجي غير المعلن من الدور السوري »الجديد« في لبنان هو لجم النفوذ الإيراني في لبنان.

ويلتقي هذا الهدف تماماً مع... مصلحة سورية. ذلك أن سورية لاحظت تدريجياً بعد خروجها من لبنان أنها فقدت الورقة اللبنانية... ليس لصالح اللبنانيين بل لصالح إيران. وظهر ذلك بوضوح وبشكل متسارع ابتداء من حرب صيف 2006. فسورية لم تسأل عن رأيها بتلك الحرب. ومن ثم، بعد تلك الحرب، ارتد »حزب الله« إلى الداخل اللبناني، وحصل بالتعطيل وبالتهديد ومن ثم بالقوة في »غزوة بيروت« في أيار/ مايو 2008، على دور محوري في الدولة اللبنانية تمثل بما سمي »الثلث المعطل«.

وفي موازاة نمو قوة »حزب الله« داخلياً، تدهورت العلاقات تدريجاً بين الحزب وسورية:

- إغتيل القائد العسكري للحزب عماد مُغنية في دمشق في ظروف غامضة في 12 شباط/فبراير 2008.

- دخلت سورية في مفاوضات سلام غير مباشرة مع إسرائيل برعاية تركية.

- دخلت سورية في مفاوضات مع محور الاعتدال العربي والدولي حول شروط خروجها من المحور الإيراني.

- صعّد »حزب الله« في خطابه من ارتباطه بإيران وبولاية الفقيه، من دون الإشارة إلى أي ارتباط بنيوي من قبله بسورية.

- بدأ الحزب يتسلح بمنأى عن سورية، لا سيما عبر مطار بيروت وعبر مرفأ بيروت.

كذلك، تنبه اللبنانيون بعد حرب 2006 وبعد »غزوة بيروت«، إلى أن »حزب الله« لن يتخلى عن سلاحه. وأن الجيش اللبناني ليس بقادر لا سياسياً ولا عسكرياً على مواجهته.

وأيضاً، تنبه محور الاعتدال العربي والعواصم الغربية أن نزع سلاح »حزب الله« بقرار سياسي أو ديبلوماسي غير ممكن، وأن القرارات الدولية والعزل الديبلوماسي للحزب لن يؤديان إلى ذلك.

بكلام آخر، تنبّه اللبنانيون وسورية والعالم إلى أن »حزب الله« تحوّل إلى القوة العسكرية والسياسية الأساسية في لبنان.

وبما أن اتجاه »14 آذار/ مارس« يرفض نهائياً، بالمبدأ وبالممارسة، التسلّح والحرب الأهلية، فلا مجال لمواجهة »حزب الله« والحد من عنجهيته... إلا عبر تسليم الموضوع إلى »حليفته« و»صديقته«... سورية. وبالطبع، قالت سورية أنها لا تستطيع تطويق »حزب الله« بالمراسلة وأن عليها أن تكون فاعلة على الأرض.

بكلام أوضح، »عودة« سورية إلى لبنان ولعبها دوراً فاعلاً سيؤدي بطبيعة الحال إلى التخفيف من هامش حركة »حزب الله«. لكن سورية تقوم بهذه »المهمّة« بالدرجة الأولى دفاعاً عن مصالحها الذاتية، ذلك أن خروجها من لبنان ومن ثم هيمنة إيران على لبنان عبر »حزب الله«، أفقد سورية ورقة تفاوضية أساسية هي الورقة اللبنانية. وسورية الآن بعودتها، تحاول استعادة هذه الورقة ولو جزئياً.

لكن أياً كانت الأسباب والدوافع، فإن النتيجة هي ذاتها: الخاسر الأكبر من »عودة« سورية إلى لبنان هو، على الصعيد الاستراتيجي، »حزب الله«.

إذاً، سورية في هذا الدور الجديد تلعب لصالحها ولكنها أيضاً توجه رسالة لغيرها. فهي تقول للسعودية ولمصر ولتركيا وللغرب: أنا الوزن الحقيقي المقابل لنفوذ إيران في لبنان، ولو شئتم الإتكال فقط على حلفائكم في »14 آذار/ مارس« فإن لبنان سيبقى في يد إيران إلى أجل غير مسمّى.

لكن الأمور أكثر تعقيداً مما يبدو. فمحور الاعتدال يتابع عن كثب دور سورية في لبنان ليختبر صدقية نظام الأسد ووعوده. ليس فقط في الملف اللبناني، بل أيضاً في جميع الملفات الأخرى : الملف الإيراني، الملف الفلسطيني، الملف العراقي، ملف السلام مع إسرائيل، ملف البرنامج النووي السوري السري... لبنان يلعب هنا كساحة إمتحان لما تعد به سورية. فهي قالت ورددت لمحاوريها العرب والغربيين أنها أخطأت في لبنان وأنها ستستفيد من أخطائها وأن العديد من المسؤولين عن هذه الأخطاء قد نُحّوا أو ماتوا أو نفوا... أي أنها وعدت بصفحة جديدة مع لبنان.

وبهذا المعنى، فإن أداءها في لبنان تحت المجهر. ذلك أن ثمّة خطوطاً حمراء عدة مفروضة عربياً ودولياً على الدور السوري في لبنان. لن يسمح محور الاعتدال العربي ولا الغرب لسورية بالقيام بأي عملية أغتيال أو بأي عملية إرهابية في لبنان. هناك كلام واضح جداً قيل ليس على مستوى وزراء الخارجية، بل على مستوى الرئاسة السورية. نعم، قيل صراحة للرئيس بشار الأسد أن زمن الاغتيالات في لبنان قد ولى، وأن أي خروج عن هذه القاعدة سيؤدي إلى انهيار الثقة.

ومطلوب عربياً ودولياً من سورية أكثر من التوقف عن القتل. مطلوب منها وبإلحاح القيام بأمر »مستحيل« بالنسبة لها، ألا وهو أن تساعد الدولة اللبنانية على بسط نفوذها على أراضيها. وعبثاً تنصل السوريون من المسؤولية، فلقد تم »حشرهم« أخيراً في موضوع محدد : عليكم إقفال المعسكرات التي تتواجد فيها فصائل فلسطينية تابعة لكم خارج المخيمات الفلسطينية. وبالفعل، ثمة وعود قطعت أخيراً في هذا المعنى من قبل الرئاسة السورية إلى محاورين أوروبيين وأميركيين وسعوديين. طبعاً، معلومات الأجهزة الغربية تقول أن العناصر الفلسطينية التابعة لسورية والمتواجدة خارج المخيمات في لبنان لن يتم إخلاؤها إلى سورية، بل ستنقل إلى داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان. وهذا أسلوب يعشقه النظام السوري: زرع المشكلة في مكان آخر، حتى يحين الوقت لتحريكها.  

وليس من المسموح عربياً ودولياً لسورية بأن تتدخل بشكل فج في السياسة الداخلية اللبنانية. زمن إختيار الرئيس اللبناني من قبل سورية انتهى. زمن وضع النظام الانتخابي وفق رغبات سورية انتهى. المسوح لسورية، بل المطلوب منها، هو أن تضبط أصدقاءها وأن تحاول لعب دور ايجابي في لبنان، أي أن تضمن استمرار الاستقرار فقط. ليس أكثر.

ويبدو أن القيادة السعودية أبلغت الرئاسة السورية بوضوح في إطار الاتصالات التي أجريت قبل تشكيل الحكومة اللبنانية أنه ليس من المقبول أن تتحول هذه الحكومة إلى ساحة عراك بين الأفرقاء اللبنانيين. وأن الضغط الذي تم من قبل الرياض على سعد الحريري لكي يقدّم كل التنازلات التي قدمها مشروط بآداء حكومي توافقي وصادق. ويبدو أن سورية وعدت خيراً. غير أن الرئيس الحريري على ما يبدو بدأ يفهم الأمور »على الطاير« على الرغم من حداثة عهده بالسياسة. فهو قال بوضوح في كلمته في المجلس النيابي عند نيل الثقة إنه »في اللحظة التي تتحوّل الحكومة إلى متاريس سأكون أوّل من يطرح الثقة بنفسي وبالحكومة«. وهذا الكلام موجه إلى سورية وإلى إيران ومفاده: إما أن تنضبطوا داخل الحكومة ونعمل كيدٍ واحدة وإلا فالسلام عليكم. في هذه النقطة، ثمّة إصرار عربي ودولي (ومن قبل الحريري نفسه)... على رفض الدخول في متاهات الحكومات السابقة من مقاطعة وتغيب واستقالة وتحفظ وانتقاد... وكل هذا يحد من الدور السوري »الجديد« في لبنان.  

نعم، دور سورية »الجديد« في لبنان هو دور محدود. لماذا؟

- لأن هناك ضوابط عربية - تركية - غربية واضحة أشرنا إليها أعلاه...

- ولأنه، إضافة إلى هذه الضوابط، ثمة خط أحمر إيراني : »حزب الله« لن يسمح لسورية بالهيمنة على لبنان من جديد، لأن إيران في لعبتها الاستراتيجية تريد أن تحتفظ بالورقة اللبنانية مباشرة.

- ولأن الدور السوري الجديد هو »أسير« التناقضات بين خمسة اتجاهات أساسية في لبنان.

فلقد تغير المشهد السياسي في لبنان بعمق منذ مرحلة الهيمنة السورية. كان لبنان قبل 2005 عبارة عن »قطيع« سياسي يسير خلف سورية بدرجات متفاوتة، بإستثناء بعض القوى التي كانت مهمّشة في البنية السياسية للدولة (وأهمّها: البطريركية المارونية، تجمّع قرنة شهوان، حزب القوّات اللبنانية وكان زعيمه في السجن، و»التيار الوطني الحر« الذي كان في تلك المرحلة مناهضاً لسورية وكان زعيمه الجنرال ميشال عون في المنفى).

أما اليوم، فلقد تمّت إعادة فرز عميقة ومعقدة. ويمكن القول أن الساحة السياسية اللبنانية تنقسم اليوم إلى خمسة اتجاهات:

- اتجاه استقلالي مسيحي يقوده البطريرك الماروني وفيه »حزب القوات اللبنانية« و»حزب الكتائب« و »حزب الكتلة الوطنية«... المسيحية، ولهذا الاتجاه علاقات دولية تتركز حول الغرب.

- اتجاه لبناني عربي يقوده »تيار المستقبل« بزعامة سعد الدين الحريري، ولهذا الاتجاه علاقات عربية ودولية واسعة.

- اتجاه وسطي غامض الحدود، يضم رئيس الجمهورية ميشال سليمان وشخصيات مثل وليد جنبلاط وميشال المر ونجيب ميقاتي. ولهذا الاتجاه علاقات عربية ودولية، وهو يحاول البقاء على علاقة متوازنة مع سورية ومع إيران كما مع السعودية ومصر.

- اتجاه سوري الهوى من سليمان فرنجيه إلى طلال أرسلان مروراً بوئام وهاب أو »الحزب السوري القومي الإجتماعي« أو بقايا »حزب البعث« أو بعض الشخصيات السنية (ويقف على طرف هذا الاتجاه نبيه بري وميشال عون).

- اتجاه إيراني الولاء يمثله »حزب الله« (ويمتد أحيانا في السياسة ليشمل نبيه بري وميشال عون).

طبعا هذا الفرز تبسيطي إلى حد ما. لكنه يهدف هنا فقط إلى القول أن الساحة اللبنانية اليوم معقدة، ولا يمكن لسورية أن تعيد فرزها حول مسألة العلاقة معها فقط.  

والحقيقة أن لسورية العديد من الرافعات في لبنان... غير أنها لا تسيطر بشكل مباشر وتام على أي اتجاه أساسي في لبنان اليوم... هي تحاول استدراج ميشال عون إليها. تحاول التقرّب من هذا الزعيم أو ذاك. لكن الأمور معقدة: العلاقة مع وليد جنبلاط لا تتحسن بالسرعة التي تخيلها البعض. والعلاقة مع نبيه بري معقدة جداً. باختصار، في خضم هذه التناقضات لن تتمكن سورية من السيطرة على أي اتجاه مهم، إذ ليس لديها مال لترشي وتشتري ولا قوى أمن لترهب وتخيف...

غير أنها تحاول التحرّك... والاستفادة من التناقضات... لأنها تريد استخدام لبنان كورقة تفاوضية. ولأنها تعتبر أن نفوذها في لبنان هو جزء من هيبتها السياسية والديبلوماسية »الطبيعية".

مثل آخر على التناقضات التي يواجهها الدور السوري »الجديد« في لبنان، هو هامش تأثيره على قرارات الدولة. وقد دلّ على ذلك ما جرى بالنسبة للزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى واشنطن حيث استقبله الرئيس الأميركي باراك أوباما في »البيت الأبيض« في 14 الشهر الجاري. هنا تلاقت سورية مع إيران في رفضهما للزيارة، لكنهما اصطدمتا بكون مؤسسات الدولة اللبنانية تعمل إلى حد ما بشكل مستقل.

فلقد قام حلفاء سورية و»حزب الله« بشن حملة على الزيارة. طبعاً، كل من الطرفين لسببه.

فمن البديهي أن تعترض سورية على أي حركة خارجية لبنانية مستقلّة. لأنها تريد أي تمر الديبلوماسية اللبنانية عبرها. كان في هذا الاعتراض السوري امتعاض مزدوج : كيف يدعو أوباما ميشال سليمان إلى »البيت الأبيض« قبل أن يدعو بشّار الأسد؟ ، وكيف يتجرأ ميشال سليمان على قبول الدعوة بينما بشّار الأسد لم يذهب إلى »البيت الأبيض« بعد؟

لم يكن في يد الأبواق السورية في لبنان من حجج مقنعة لرفضها زيارة سليمان إلى واشنطن. لكن المطلوب كان الاحتجاج. وهذا ما يشكل بالطبع نوعاً من الحنين إلى العصر الغابر، أي مرحلة ما قبل 2005، عندما كانت الديبلوماسية اللبنانية تكتفي بالسير في خطى الديبلوماسية السورية، في المكان والزمان والمضمون.

أما »حزب الله« فهو لم يكن مرتاحاً أن يذهب الرئيس اللبناني ليجتمع بالرئيس الأميركي بينما الأمور على أسوأها بين الولايات المتحدة وإيران.  

صحيح أن رئاسة الجمهورية اللبنانية قدمت »تطمينات« إلى »حزب الله« من نوع كلام وزير الدولة عدنان السيد حسين بأنّ الرئيس سليمان سيقول للإدارة الأميركية إنّ القرار 1559 انتهى. ومن نوع ما قالته مصادر الرئيس سليمان بعد عودته ومفاده أنه لو ذهب الأمين العام لـ »حزب الله« والتقى بأوباما لما كان قال لأوباما أكثر مما قاله الرئيس سليمان عن »حزب الله«. لكن كل ذلك مجرد سجال: المهم هو أن سورية وإيران لم تكونا موافقتين على زيارة سليمان. والمهم هو أن الزيارة جرت على الرغم من ذلك. ولم يكن من مفر أمام الرئيس سليمان إلا أن يؤكد أمام أوباما والصحافة العالمية التزام لبنان بالقرار 1701، أي حكماً بالقرار 1559 الوارد في مندرجات القرار 1701، ولم يكن من مفر أمام الرئيس سليمان إلا أن يعيد التأكيد على تمسّك لبنان بمبادرة السلام العربية، وهي مبادرة ترفضها طهران وتدعي دمشق أنها غير موافقة عليها. كل هذا يبين أن مجرد تفعيل مؤسسات الدولة في لبنان يحدّ حكماً من نفوذ طهران.... ومن الدور السوري »الجديد« في لبنان.

مثل آخر على أن الدور السوري »الجديد« في لبنان سيتخبط في تناقضات الساحة اللبنانية، هو موضوع سلاح »حزب الله«. فسورية، من ناحية، تريد »ضبط« الحزب... لكي تستعيد الورقة اللبنانية ولكي تحسن صورتها عربياً ودولياً... لكنها لا تريد (وهي على أي حال غير قادرة على ذلك) خنق »حزب الله« أو إضعافه، لأنها حينئذ ستفقد ورقة تهديد تريد أن تكون بيدها. فسورية كما هو معلوم تقاتل بغيرها. ولكي يبقى التهديد بإشعال الوضع بين إسرائيل ولبنان جدياً يجب أن يبقى »حزب الله« قوياً. إذاً، المطلوب الحد من نفوذ الحزب، من دون إضعافه... ولكن أيضاً، الإبقاء على مسافة واضحة معه وإلا فإن أي قرار من إيران أو من الحزب بإشعال الجبهة مع إسرائيل ستعتبر سورية مسؤولة عنه وبالتالي قد يشملها الرد العسكري و/أو الديبلوماسي عليه. إذا، كما نرى، هامش التحرك السوري ضيق جداً هنا أيضاً. وينطبق ذلك بالطبع على موضوع »هيئة الحوار الوطني«. فدول الاعتدال العربية والدول الغربية تريد أن يتوصل الأفرقاء اللبنانيون إلى صيغة في ما بينهم تؤدي في نهاية المطاف إلى نزع سلاح »حزب الله«، ولا شك أنهم سيشجعون سورية على الضغط على أصدقائها في لبنان للتوصل إلى مثل هذه الصيغة. لكن، سورية في الحقيقة لا تريد أن ينزع »حزب الله« سلاحه... لأن مبرر دورها »الجدي« في لبنان سيزول عندها.

غير أن الخطر الذي يتهدد الدور السوري »الجديد« في لبنان لا يأتي من لبنان... بل من سورية نفسها، ومصدره عدم قدرة نظام الأسد على الاكتفاء بنفوذ محدود. فالعادات السيئة القديمة لا تزال موجودة. من الاستنابات القضائية... إلى استباق زيارة سعد الحريري بزيارة ميشال عون... ومن الحملات الإعلامية المباشرة أو عبر الوسطاء إلى تحضير علاقة بين ميشال عون والسعودية عبر سورية... إلخ. منطق التلاعب السوري في شؤون لبنان ما يزال سائداً. والأرجح أنه سيستمر. وبهذا المعنى يصعب توقع أن تسود الطمأنينة العلاقات بين لبنان وسورية. ويتفق على ذلك العديد من المحللين العرب والدوليين. فبالنسبة لهم، طالما أن الدولة في لبنان ضعيفة فإن النظام السوري سيظل ميالاً إلى الاستفادة من ضعفها. وطالما أن أزمة المنطقة مشتعلة، وأن سورية لا تريد أن تكون أرضها ساحة، فهي ستظل ميالة إلى استخدام لبنان كساحة بديلة. بالتالي يمكن القول أن العلاقات بين سورية ولبنان لن تستوي قبل حدوث تغيير في سورية وقبل حل أزمة المنطقة. لكن قبل الوصول إلى ذلك الأفق الزمني البعيد، يتوجب القول أن الدور السوري »الجديد« في لبنان موقت... لأن تداعيات مهمّة ستغير الكثير في المشرق قريباً. فالصراع بين محور الاعتدال العربي - الدولي وإيران سينحسم بشكل أو بآخر... والملف النووي الإيراني قد لا يمر على خير... والمحكمة الخاصة بلبنان ستبدأ في 2010 بكشف النقاب عن نتائج تحقيقاتها... والملف النووي السوري لم ينته بعد... والصراع العربي - الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر من دون حل. هناك إمكانية ضربة عسكرية لإيران في 2010. وربما حرب بين »حزب الله« وإسرائيل. وربما تغيرات داخل سورية قريباً. إذاً، دور سورية »الجديد« في لبنان هو أيضاً دور... انتقالي.