المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

نشرة أخبار يوم 17 نيسان/2009

إنجيل القدّيس مرقس .18-15:16

وقالَ لَهم: «اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين. فمَن آمَنَ واعتَمَدَ يَخلُص، ومَن لَم يُؤمِنْ يُحكَمْ عَليه. والَّذينَ يُؤمِنونَ تَصحَبُهم هذهِ الآيات: فبِاسْمي يَطرُدونَ الشَّياطين، ويَتَكَلَّمون بِلُغاتٍ لا يَعرِفونَها، ويُمسِكونَ الحَيَّاتِ بِأَيديهِم، وإِن شَرِبوا شَرابًا قاتِلاً لا يُؤذيهِم، ويضَعونَ أَيديَهُم على المَرْضى فَيَتَعافَون».

 

ستتوجه إلى لبنان لدراسة كيفية تنفيذ المذكرات التي ستصدر خلال أسابيع وستتحول لاحقاً إلى مذكرات اعتقال دولية

بعثة أمنية- قضائية مصرية لبحث توقيف قادة في "حزب الله"

لندن- كتب حميد غريافي: السياسة

منح صدور حكم لمحكمة امن الدولة الأردنية في عمان اول من امس الذي دان ثلاثة من عناصر حركة حماس بالأشغال الشاقة بتهم »التجسس للحركة وجمع معلومات سرية شكلت خطراً على أمن وسلامة الأجهزة الأمنية الأردنية ومساساً بأمن وسلامة المملكة« القضاء المصري زخماً اكبر مسوغاً قانونياً واضحا لتوجيه الاتهامات الى قادة "حزب الله" في لبنان »بمحاولة تخريب الأمن المصري والسلم الأهلي وتعريض الدولة والشعب المصريين الى الأخطار« على خلفية اكتشاف »شبكة حزب الله« في مصر بقيادة محمد يوسف احمد منصور الملقب ب¯ »سامي شهاب« وعضوية عشرة آخرين تابعين للحزب اعترف امينه العام حسن نصر الله بوجودهم مع منصور في الأراضي المصرية الى جانب اعترافه بدور هذا الأخير في نشاطات سرية لتهريب السلاح الى قطاع غزة من الأراضي المصرية.

وقالت أوساط اعلامية في القاهرة ل¯ »السياسة« في اتصال بها امس من لندن انه على الرغم من »وجود وساطات عربية مع الحكومة المصرية لعدم الوصول في هذه القضية مع »حزب الله« الى منعطف خطير, لن يمكن بعده حل الأمور بطرق سلمية هادئة, الا ان القضاء المصري يتجه حسب معلوماتنا الى اصدار مذكرات توقيف بحق »قادة حزب الله« في طليعتهم نصرالله ونائبه نعيم قاسم والمسؤول عن شبكة الحزب في مصر محمد قبلان وأربعة اخرين من المقربين منهم لعبوا أدواراً متقدمة في انشاء خلايا للحزب في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية, اضافة الى العناصر العشرة الفارين من الحزب الذين تجري مطاردتهم في سيناء راهناً, وفي أماكن اخرى من البلاد«.

ونقلت الأوساط الاعلامية عن جهات قضائية مصرية قولها ان مذكرات التوقيف التي ستصدر بحق مسؤول حزب الله »سوف تتحول الى مذكرات اعتقال دولية بواسطة الانتربول كما يحدث عادة في مثل هذه الحالات, بحيث سيلاقي هؤلاء المسؤولون مصيراً مشابهاً لمصير الرئيس السوداني عمر البشير المهدد بالاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية, في اي لحظة خارج بلاده«.

وقالت ان الحكومة المصرية سألت نظيرتها اللبنانية عن »المدى الذي في استطاعتها بلوغه في التجاوب مع القرارات القضائية المصرية المتوقع صدورها خلال الأسابيع القليلة المقبلة بحق قادة »حزب الله«, الا ان الجواب الرسمي اللبناني لم يكن مشجعاً وان المبررات التي أعطتها حكومة فؤاد السنيورة لمصر كانت مقنعة«.

وكشفت الأوساط الاعلامية المصرية لـ »السياسة« النقاب عن ان بعثة قضائية أمنية مصرية مشتركة ستزور لبنان خلال الاسبوعين المقبلين للبحث مع السلطات القضائية والحكومة اللبنانية في كيفية تمكين القضاء المصري من تنفيذ مذكراته اذا صدرت في حق قادة »حزب الله« بغض النظر عن عجز السلطات اللبنانية نفسها عن تنفيذ عمليات الاعتقال او الاستدعاء, خصوصا في نظر الحكومة المصرية- ان الحزب يمارس- الى جانب دوره العسكري- دوراً سياسياً متقدماً في الحكومة ومجلس النواب اللبنانيين الا ان اعضاء هذه البعثة لن يلتقوا ايا من شخصيات الحزب السياسية«.

 

رد على الموسوي بأن تنفيذ القرار 1559 سيتم عاجلاً أم آجلاً

اللوبي اللبناني في واشنطن يدعم مصر في موقفها من " شبكة حزب الله"

لندن - كتب حميد غريافي:السياسة

وجهت الامانة العامة لـ "اللجنة الدولية اللبنانية لمتابعة تنفيذ القرار 1559 "في واشنطن امس رسالة الى المندوب المصري لدى الامم المتحدة السفير ماجد عبدالعزيز رسالة دعم لمواقف مصر من قضية شبكة حزب الله"على الاراضي المصرية, ودعت فيها الى تقديم افرادها ال¯ 49 الى المحاكمة بعدما هددوا امن البلاد بالاضطراب والفوضى, كما " تفعل قيادتهم في لبنان بمحاولة السيطرة على مقدراته عبر استخدام القوة المسلحة كما حدث في مناسبات عدة بينها اجتياح بيروت واحداث جامعة بيروت العربية والاعتداء على المدنيين وافراد الجيش وقوى الامن الداخلي اللبنانيين".

وجاء في الرسالة الموقعة من رئيس اللجنة طوم حرب والتي تلقت "السياسة" نسخة منها في لندن ان اي دولة في العالم لا يمكنها ان تنهض بوجود ميليشيات وجماعات ارهابية مسلحة خارجة على القانون تحاول السيطرة عليها ومد عملياتها الى الخارج ضد دول شقيقة وصديقة".

واضافت ان "الموقف الصلب والشجاع الذي اتخذته الحكومة المصرية حيال اكتشاف هذه الشبكة الارهابية التي تترأسها مجموعة لبنانية, اعترف الامين العام لحزب الله انتمائها اليه, يبعث برسالة قوية الى كل الاحزاب والتيارات والحركات التي تعتمد العنف وسيلة لبلوغ اهدافها في المنطقة بأن مصر لا يمكن تحويلها الى بؤرة للفوضى الارهابية وشعبها الى وقود لها كما هو الحال في لبنان اليوم ومناطق اخرى من الشرق الاوسط. وفي بيان آخر من واشنطن, ردا على تصريحات مرشح "حزب الله" عن دائرة صور نواف الموسوي والتي قال فيها ان الانتخابات المقبلة سوف تشهد دفن القرار ,1559 أكدت اللجنة الدولية - اللبنانية لمتابعة تنفيذ ال¯1559 أن هذا القرار "هو ما دفع إلى تحقيق الانسحاب السوري وتحرير لبنان من ذيوله, وشيئا فشيئا سوف ينتهي مفعول سلاح حزب الله ويسلم الى الدولة مع السلاح الفلسطيني برمته تنفيذا لهذا القرار". واعتبرت اللجنة ان "كل تعنت من قبل حزب الله ومسلحيه إنما يزيد عزلتهم وكره اللبنانيين لهم والسماح بالاقتصاص منهم, وكلما سارعوا إلى القبول بالقرار وتسليم سلاحهم إنما يخففون من وطأة الرفض التي تتعاظم بين اللبنانيين لدويلتهم وتسلطهم", مضيفة "إن ادعاء "حزب الله" بأنه فرض نفسه بسلاحه في السابع من مايو وأنه انتصر فيها على بقية اللبنانية إنما هو هراء".واضافت اللجنة في بيانها "ان الشعب اللبناني وبمساعدة العالم الحر سوف يجد عاجلا أم آجلا طريق الخلاص من هذه المحنة, وعلى السيد الموسوي وغيره ممن يدعون تمثيل اللبنانيين أن يبادروا الى الإعتراف بأخطاء هذا الحزب وقيادته, والاستعداد للالتزام بالقرارات الدولية, وان حماية قادة هذا الحزب لن تكون بتلك الأسلحة التي يعتقدون أنها تحميهم".

 

يخوض مهمة عسيرة لإيجاد مخرج يرضي الطرفين 

مواجهة الجيش وآل جعفر تضع قواعد "حزب الله" في خطر

بيروت - خاص: السياسة

يواجه "حزب الله" معضلة حقيقية في محافظة البقاع بفعل تداعيات الجريمة التي أودت بحياة أربعة عسكريين الاثنين الماضي, على يد مسلحين من آل جعفر, إذ وجد نفسه واقعاً بين طرفين يعجز عن مواجهتهما أو الانحياز إلى أحدهما, من دون أن يخسر من رصيده وهيبته. سارع الحزب إلى إدانة الجريمة, ولم يكن بوسعه ألا يفعل, كما دانت الجريمة أيضاً عشيرة القتلة, ولم يكن بوسعها هي أيضاً إلا أن تدين, وسط إجماع وطني شامل على الإدانة والاستنكار.

بعد ذلك بدأت المشكلة الفعلية ل¯"حزب الله" بالظهور, فهو لا يستطيع تغطية آل جعفر, كما كان يفعل دائماً, ولا يستطيع أيضاً أن يتسامح مع الجيش الذاهب بقوة إلى سحق مواقع الإجرام والإرهاب في تلك المنطقة, التي يصادف أنها منطقة نفوذ "حزب الله", وخزانه الستراتيجي, أرضاً وشعباً.

في الأيام التي تلت الجريمة سجلت المعطيات الآتية:

أولاً: أجرت قيادة الجيش في البقاع اتصالات مع مسؤولي الحزب هناك لإبلاغهم ببدء حملة مداهمات وتفتيش واسعة بحثاً عن القتلة وكل المطلوبين للقضاء اللبناني, الذين يقدر عددهم بالآلاف, فرفض مسؤولي الحزب في البقاع "إعطاء الإذن", ما أدى الى ارتفاع الاتصالات إلى مستوى القيادتين المركزيتين للجيش وللحزب, الذي اضطر للموافقة على شروط المؤسسة العسكرية.

ثانياً: مع توسع أعمال المداهمات, وانتقال قوى عسكرية كبيرة إلى مناطق الجرد, حيث يوجد عدد من القواعد العسكرية الضخمة, ومعسكرات التدريب, ثار غضب "حزب الله", وحاول مراراً الاتصال بقيادة الجيش لثنيها عن المتابعة, وحصر عمليتها في مدينة بعلبك (حي الشراونة), والمناطق المحيطة, لكن القيادة رفضت وضع أية خطوط مر أمام قواتها, ولكنها تعهدت في المقابل, عدم المس بمواقع المقاومة.

ثالثاً: قدم "حزب الله" معلومات مذهلة للجيش عن القوات التسليحية الموجودة لدى آل جعفر, والعشائر الحليفة لهم, وكشف عن امتلاك هؤلاء لأسلحة رشاشة وصاروخية متوسطة وثقيلة, وعدد من دبابات "تي 54", موروثة من حركة "فتح" (تركتها في العام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي), كما كشف عن وجود مئات المقاتلين التابعين للعشائر, وكلهم من المطلوبين للعدالة, وهو ما يعرف بجيش "الطفار".

رابعاً: اكتشفت قيادة الجيش أثناء العملية أن مواقع "الطفار" في الجرود, لا تتضارب مع مواقع "حزب الله" العسكرية, واستنتجت أن ثمة اتفاقاً بين الطرفين على "التعايش" عسكرياً في منطقة واحدة, وخصوصاً أنها منطقة شاسعة, وأكثر من ذلك فإن هناك طرقاً ودروباً يسلكها الطرفان بشكل مشترك.

خامساً: أثار موقف "حزب الله" من الحادث, وطريقته في التعاطي مع قيادة الجيش, التباساً في صفوف العشائر, ففي البداية تفهمت بيان الإدانة لأنه رفع عتب, ولكنها استهجنت سماح الحزب للجيش بالهجوم على معاقل المجرمين, ثم تحول الاستهجان إلى غضب عندما وصل الهجوم إلى الجرود وفشل "حزب الله" في منع استمراره.

سادساً: التقى وفد من مجلس عشائر بعلبك-الهرمل بالقيادة العليا ل¯"حزب الله" وحذرها من أن استمرار الجيش في عملياته العسكرية, سيعرض هذه العشائر لنكسة كبيرة, خصوصاً مع ورود معلومات عن استخدام الجيش لسلاح الجو قريباً لدك بعض المواقع المستعصية, وإذا حصل ذلك فإن العشائر ستسحب, ومن دون تردد, دعمها ومبايعتها, لأي طرف سياسي, يغطي هذا الهجوم, أو يتقاعس عن وقفه.

سابعاً: فهم "حزب الله" الرسالة جيداً, وأدرك أن سكوته سيعرضه لخسارة مزدوجة, فمن جهة سيكشف مواقعه العسكرية, ومن جهة ثانية سيخسر عشرات آلاف الأصوات من العشائر في الانتخابات الوشيكة, وحتى لو فاز في معركة دائرة بعلبك-الهرمل, فإن هذا التمرد العشائري انتخابياً, سيؤسس لحالة جديدة, تكسر الاحتكار المطلق الذي كان يفرضه الحزب على المنطقة.

ثامناً: بدأ "حزب الله" أول من أمس مساعٍ حثيثة بدعم من حليفته حركة "أمل", لإيجاد مخرج يرضي الطرفين, ويحاول إقناع آل جعفر بتسليم القتلة, أو بعضهم, إلى السلطات المختصة, مع وعد بمحاكمة عادلة لهم, ويحاول إقناع قيادة الجيش بفرملة هجومها, لعله ينجح في مسعاه.

واعتبر مصدر بقاعي مطلع أن مهمة الحزب ستكون عسيرة, سيما وأن طرفي النزاع يعتبران نفسيهما محقين في هذه المعركة, فآل جعفر يعتبرون أنهم ثأروا لاثنين منهم قُتلا "ظلماً", والجيش يرفض التراجع, لأن هيبته على المحك, عدا عن أنه يرفض تسوية تؤدي إلى تسليم أشخاص ليسوا المجرمين الحقيقيين, ليتم إخلاؤهم بعد فترة وجيزة.

 

عملية عسكرية نوعية في جرود بريتال 

بيروت- "السياسة" والوكالات: لليوم الرابع على التوالي واصلت وحدات الجيش اللبناني عملياتها العسكرية في منطقة بعلبك بحثاً عن قتلة الجنود الأربعة في رياق, وسجل وصول تعزيزات عسكرية من المغاوير إلى المنطقة للمساعدة في إطار عمليات الدهم وتعقب الجناة. وأفادت المعلومات أنه تم إلقاء القبض على 75 موقوفاً ومصادرة ثماني سيارات مسروقة, إضافة إلى أسلحة وذخائر متنوعة وكميات كبيرة من المخدرات وأختام مزورة. وقد تمكنت وحدات من الجيش بناءً على معلومات استخباراتية من إلقاء القبض في منطقة دار الواسعة قرب بعلبك على ثلاثة مطلوبين بمذكرات توقيف بجرائم مختلفة, هم سعدالله سعد الله جعفر وحسين عبدو جعفر اللذين جرحا ونقلا إلى المستشفى تحت حراسة أمنية مشددة, اضافة الى عباس محمود جعفر. وتركزت المداهمات التي شاركت فيها الطوافات العسكرية على الدار الواسعة وحي الشراونة والمناطق المحيطة, وجرت عملية تعقب واسعة ونوعية في الجرود الشرقية لبلدة بريتال. وأكدت مصادر عسكرية ل¯"السياسة" أن عمليات المداهمة التي يقوم بها الجيش ستكثف في الساعات والأيام المقبلة وبوتيرة مرتفعة كماً ونوعاً بحثاً عن الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة الاعتداء على العسكريين, وأن الجيش اللبناني أخذ قراره بملاحقة المجرمين وتوقيفهم مهما كلف الأمر, وأنه أبلغ هذا القرار إلى القوى السياسية الموجودة في المنطقة, طالباً منها رفع الغطاء عن الخارجين على القانون.

 

اعتقال 9 من بدو سيناء لتسترهم على أعضاء في خلية "حزب الله" ... وتورط "فتحاويين" في القضية

القاهرة - د ب أ, يو بي آي, رويترز: أعلن مصدر أمني مصري أمس, أنه تم إلقاء القبض على تسعة من البدو في مدينة نخل وسط شبه جزيرة سيناء, يشتبه بقيامهم بإخفاء بعض العناصر الهاربة من الشبكة المرتبطة ب¯"حزب الله". في سياق متصل, ذكرت صحيفة "المصري اليوم" نقلاً عن مصادر مطلعة, أن أجهزة الأمن ألقت القبض على عضوين في حركة "فتح", هما محمد رمضان عبدالفتاح بركة ونضال فتحي حسن, قبل أسابيع, بعد دخولهما إلى سيناء من غزة عن طريق أحد الأنفاق على الحدود مع القطاع. وأضافت أن المتهمين اعترفا أثناء التحقيق, بانضمامهما إلى خلية "حزب الله" بعد لقائهما مع المتهم الرئيسي اللبناني سامي شهاب أوائل العام 2008, عقب اقتحام الحدود المصرية مع قطاع غزة, وأنهما كانا يعتزمان السفر إلى السودان ثم إلى لبنان وسورية ثم إسرائيل, لتنفيذ عملية انتحارية في تل أبيب. ونقلت الصحيفة عن المحامي منتصر الزيات, الذي يتولى الدفاع عن شهاب قوله, إن بركة وحسن أقاما في منطقة الجورة في العريش, لدى شخص يدعى "أبو عمار", كان لديه مجموعة من الأفارقة يسعى لتهريبهم إلى إسرائيل. من جهة أخرى, ذكرت مصادر أمنية, أنه تم اعتقال ثلاثة أشخاص من أسرة الشاعر في رفح, يقومون بتهريب الأموال إلى حركة "حماس" عبر الأنفاق, إضافة إلى علي محمد احميدة وعبدالعاطي سلامة اللذين عثر بحوزتهما على 93 ألف دولار, مشيرة إلى أن هذا المبلغ هو حصيلة عمليات تهريب بضائع, عبر الأنفاق السرية الموجودة تحت حدود مصر مع غزة.

 

 

بيان حركة لبنان الكيان

ان اعتراف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمسؤولية حزبه عن نشاط لعناصره في القاهرة يؤكد التعارض مع ورقة التفاهم مع النائب ميشال عون التي حصرت نشاط حزب الله "بتحرير مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي وتحرير الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية وحماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية" كما يؤكد التعارض مع البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الممثل فيها حزب الله، مما يطرح تساؤلات حول مدى احترام والتزام حزب الله لتعهداته تجاه الدولة اللبنانية عامة وحلفائه خاصة، كما يطرح تساؤلات عن غياب اي موقف للنائب ميشال عون المعني مباشرة بورقة التفاهم من هذا الانتهاك الخطير،. ان حركة لبنان الكيان ترى في هذا الأمر خروجا" واضحا" عن الروحية المثاقية بين مكونات الوطن وخطرا" حقيقيا" يعرض لبنان الى الأنزلاق مجددا" في مواجهات مكلفة وغير مبررة، ويهدد تماسك الكيان اللبناني. ان حركة لبنان الكيان ترى ان على المسؤؤلين السياسيين تحمل مسؤؤليانهم من اجل تدارك اي انعكاسات سلبية. 

الدائرة الأعلاميةحركة لبنان الكيان

 

أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 16 نيسان 2009

النهار

يرى وزراء وجوب انتظار صدور القرار الاتهامي في موضوع التوقيفات في مصر لمنتمين الى "حزب الله"، لابداء آرائهم فيه.

اكتفى مرجع ديني بالقول تعليقا على الاعتداء الذي تعرض له الجيش في منطقة بعلبك: "هذه هي نتائج وجود السلاح خارج الشرعية".

لم تعرف حتى الآن النتائج التي حققتها لجنة الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا.

السفير

طلب قطب نيابي وساطة أحد أصدقاء مرجع عربي، لإبقاء مقعده في إحدى دوائر البقاع. ولم يكن الجواب مرضياً!

أجرى مرجع سياسي مشاورات مكثفة حول إحدى الدوائر الانتخابية الساخنة، وتم الاتفاق على وضع كل الإمكانات لقطع الطريق على بعض "الترشيحات الخطيرة".

ينتظر أن يشهد حزب علماني تغييراً على مستوى قيادي، بعد انتهاء الانتخابات مباشرة.

المستقبل

إعتبرت أوساط متابعة أن في إشارة مسؤول إيراني الى التزامن بين الإتهامات المصرية ل "حزب الله" والإنتخابات اللبنانية تلويحاً ب " أمر ما".

تردّد أن عاصمة أوروبية تتشاور مع عاصمة دولة كبرى حول اقتراحٍ بتمديد "إتفاق ظرفي" لمرة وحيدة ـ ثانية ـ فقط.

يلفت مراقبون الى أن قول رئيس تكتل معين "60 سنة وسبعين يوماً على الصداقة" إذا لم يفهم اصدقاؤه ظروفه، بمثابة كشف عن حالة تذمر كبيرة في صفوف أصدقاءٍ وعدوا ثم إستبعدوا!

الشرق

أوساط مطلعة تبلغت معلومات مؤكدة عن زيادة مرتبات حزبيين تمت احالتهم الى مكاتب انتخابية في المناطق التي يقترعون فيها؟

مرجع رسمي قال ان "محاولات تصويره وكأنه ند سياسي بارز لا تستند الى حقائق بل الى أوهام؟!"

جهات نافذة استبعدت حصول ما يعكر صفو الأمن خلال المرحلة الفاصلة عن الأنتخابات واعادت توقعاتها الى ان المراقبة العربية والدولية للإنتخابات ستفضح اي اخلال متعمد بالأمن!

 

البطريرك صفير استقبل وفودا هنأته بعيد الفصح

وطنية - 16/4/2009 استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في بكركي اليوم النائب ميشال المر على مدى ثلث ساعة، وعرض معه الأوضاع والمستجدات الداخلية. وبعد اللقاء قال النائب المر: "زيارتي لغبطة البطريرك هي لمعايدته، ولكن عندما نأتي الى بكركي لا بد من التطرق الى الشؤون العامة والأوضاع التي يعانيها لبنان، وبصورة خاصة الحادثة الأخيرة، أي الاعتداء على الجيش، وهو ما استنكره الجميع، ولا يجوز أن يتكرر، فلا ينبغي ان يصبح الجيش مكسر عصا، وكلما قام بواجبه ودهم مراكز ينصبون له مكمنا على الطريق". أضاف: "الموضوع الثالث الذي بحثناه مع غبطته هو شؤون اجتماعية وسياسية وانتخابية. من المؤكد أن بكركي لا تزج نفسها في أمور انتخابية، ولا نحن نطلب ذلك، إنما تطرقنا الى عناوين كبيرة".

سئل: ما سر البركة التي يأخذها دولة الرئيس ميشال المر، بالامس من البطريرك اغناطيوس الرابع واليوم من البطريرك صفير، مع ان البعض امتعض من هذا الأمر؟

أجاب: "علاقتنا مع غبطة البطريرك قديمة جدا، عمرها سنوات، ثم ان البطريرك اغناطيوس الرابع ليس بطريركيا عاديا في الطائفة الارثوذكسية، بل هو بطريرك النهضة الأرثوذكسية، فهو أسس جامعة البلمند ومعاهد عدة ومنشآت اجتماعية صحية وتربوية لرعيته الكبيرة، سواء في سوريا او في لبنان. هو بطريرك لا يصلي فقط، بل يهتم بالشؤون العامة للمواطنين واللبنانيين. فجامعة مثل البلمند في الشمال مهمة جدا، وكانت يده مباركة وله الفضل الكبير في إنشائها ودعمها. فعلاقتنا بالبطريرك اغناطيوس الرابع تماما كعلاقتنا بغبطة البطريرك صفير، متينة وترقى الى سنوات".

أضاف: "عندما رأى البطريرك إغناطيوس الرابع أن هناك من يتطفل على الطائفة الارثوذكسية، قال كلمتين: أولا أشاد بالبطريرك الماروني، وهذا أمر مهم جدا، لأننا في الطائفة الارثوذكسية نعتبر مواقف البطريرك الماروني مواقف وطنية ومهمة جدا في هذه الظروف، فعندما يشيد البطريرك اغناطيوس الرابع بمواقف البطريرك الماروني هذا شيء جيدا جدا، لأن وحدة المسييحن تتجسد وكلام البطريرك يمثل جميع الطوائف المسيحية. ثم ان تأييد البطريرك لي يأتي من تاريخ قديم وعميق بيننا وبينه، والبطريرك اغناطيوس الرابع لم يشتم أحدا عندما قال "لا اعرفهم"، والحقيقة انه لا يعرفهم. لا أعرف ما هي الكارثة إذا كان لا يعرفهم، فبدأوا يتهجمون عليه. البطريرك اغناطيوس الرابع وطني وتهمه مصلحة البلد، وهو بطريرك تاريخي في الطائفة الارثوذكسية، فإذا نلنا بركة هؤلاء البطاركة، ستشع على المواطنين وتعطيهم إشعاعا روحيا مارونيا وأرثوذكسيا لتمييز الحق من الباطل وليقرروا مصيرهم ومصير بلدهم في الانتخابات المقبلة، خصوصا للارثوذكس وللذين يقولون أن لا عصب ارثوذكسيا في الأشرفية".

وتابع النائب المر: "هناك عصب ارثوذكسي في الأشرفية، وسيظهر في الانتخابات، وهي التي سترد بوضوح عما إذا كان هناك عصب ارثوذكسي أم لا".

سئل: ترددت معلومات عن حجب وزارة الاتصالات عن الأجهزة الأمنية معلومات تتعلق بالاعتداء الأخير على الجيش؟

أجاب: "لقد قرأت في بعض الصحف إن هناك من طلب معلومات من وزير الإتصالات حول ارقام تتعلق ببعض المعنيين بالحادث، والوزير لم يلب الطلب، هذا أمر غريب جدا، اذا كان صحيحا. فبعد حادثة من هذا النوع، من المفترض فورا مراقبة جميع الأرقام المطلوبة في المنطقة التي جرت فيها الحادثة للتمكن من القبض على الجناة، فإذا لم تتم مراقبة الخطوط فكيف تستطيع الدولة القبض عليهم؟ إذا كان هذا الخبر صحيحا فالوزير باسيل أخطأ كثيرا".

سئل: أين أصبح مسار اللوائح؟

أجاب: "شبه منتهية، وأنا قلت منذ وقت بعيد إن اللوائح ستعلن في أيار، ولا أحد يعلن لوائحه قبل شهر ونصف شهر. ليس هناك مشاكل، انما هناك اللمسات النهائية التي نستخلصها جميعا كي نقرر جميعا اللائحة بكاملها، وهذا ما يتطلب أسبوعا أو عشرة أيام، ونكون قد دخلنا في شهر أيار كما وعدتكم".

سئل: هل تتخوف من تدهور الوضع الأمني قبل الانتخابات؟

أجاب: "الجيش يمسك بالوضع جيدا، وما حصل ليس تمردا على الجيش إنما اعتداء عليه. فكيف يستطيع الجيش حماية الأمن إذا جاء من يطلق عليه النار من الخلف؟ فالجيش يمسك بالأمن جيدا، ولسنا خائفين من مشاكل أمنية تعطل الانتخابات، إنما هذه الحوادث تشكل طعنة للجيش، وهو أمر غير مقبول".

سئل: ماذا لمست من بركة صاحب الغبطة اليوم؟

أجاب: "البركة كما قلت روحية، والنفس البطريركي معروف ونتيجته إنقاذ البلد من الورطة التي يخشى أن يتورط بها في الإنتخابات. غبطته لا يتطرق الى الأسماء او الأرقام، بل توجيهاته انقاذية ولمصلحة الوطن".

سئل: على من سيشرق الإشعاع الروحي في المتن؟ عليكم أم على اللائحة المضادة؟

أجاب: "الإشعاع الروحي الارثوذكسي سيفعل فعله في المتن والأشرفية، أضاف الى ذلك الإشعاع الروحي الماروني الذي سيفعل فعله ايضا، ليس منذ الآن انما هو قائم منذ سنوات". أضاف: "ان من يسيء الى بكركي ويتمرد عليها ويتطاول عليها سيعاقبه الله وليس البطريرك، لأن البطريرك سموح وغفور، والناخبين سيعاقبونه في الصناديق".

سئل: لطالما تحدثت عن الأرقام وأنت خبير فيها، ماذا تقول اليوم؟

أجاب: "إن الأرقام والأعداد ليست مستحبة قبل الإنتخابات، ولكن ما أستطيع قوله قبل شهرين من الموعد أن هناك نائبا فاز بالتزكية وبقي سبعة نواب. ونحن لا نعتبر أنفسنا منتصرين إذا لم نأخذ على الأقل خمسة مقاعد من أصل سبعة، اذن المعركة التي نخوضها هدفها الفوز بسبعة مقاعد من السبعة المتبقية".

جعجع

وظهرا، استقبل البطريرك صفير رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي أشار بعد اللقاء الى أن الزيارة "للمعايدة، وكانت جولة أفق في التطورات السياسية والأمنية في البلاد". وردا على سؤال عن الاعتداء على الجيش قال جعجع: "الجيش يتصرف كما يجب، وهذا الموضوع لا يمكن تحميله أكثر مما يحمل، ولا علينا تقزيمه. إنه أمر خطير أن يطلق مواطنون النار على دورية للجيش ويستشهد أربعة عسكريين، ولكن الجيش لا يقصر إطلاقا، وعليه أن يستمر في ملاحقة الفعلة حتى اعتقالهم جميعا، ونحن موقفنا واضح من وجود سلاح خارج إطار الدولة والقوى الأمنية، فهذه الحادثة مؤسفة وجريمة كبيرة بحق الوطن والجيش، وعلى الجيش الإستمرار حتى النهاية ومعاقبة الفاعلين بأقسى ما يكون". وردا على سؤال عن رفض وزير الإتصالات إعطاء المعلومات اللازمة للأجهزة الأمنية حول المعتدين على الجيش، قال: "هناك مخالفة كبيرة تحصل، وآسف لأن مجلس الوزراء لا يتطرق اليها أو يعالجها، فليس وزير الإتصالات هو المعني بتحديد المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها الأجهزة الأمنية أو لا تحصل، بل مجلس الوزراء مجتمعا، وليس لأن الوزير لديه مصدر المعلومات يفتح الحنفية نصف فتحة أو يقدر أن القانون يسمح بذلك أو لا، هذا غير صحيح. وزارة الإتصالات هي وزارة وسيطة في هذا المجال وليست وزارة القرار، وآسف كيف أن مجلس الوزراء ترك الأمر كأنه يحق لكل وزير ان يتصرف في وزارته تبعا لما يراه مناسبا، فالقوانين المرعية الإجراء لم تعط وزارة الإتصالات حق التقدير في إعطاء المعلومات، وأتمنى على مجلس الوزراء أن يحدد مرة نهائية لمن يجب أن تعطى الصلاحية". وعن كلامه بالأمس على "العناوين الخنفشارية" قال: "أنا لم أكن أتحدث عن كسروان، المعركة الحالية سياسية بامتياز، الى جانب كونها إنمائية وخدماتية، ولكن دائما السياسة أولا. فإذا كانت السياسة تسير جيدا فكل شيء سيكون جيدا، وإذا لم تكن هكذا فعبثا يحاول البناؤون لا في الإنماء ولا في الإقتصاد ولا في أي شيء آخر".

وسئل عن اتجاه مصر الى توجيه اتهام سياسي للأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فأجاب: "أتمنى على كل المعنيين في هذا الموضوع ان يتناولوه بروية وهدوء، ولن أغلق عليه في انتظار النتائج الكاملة للتحقيقات والوقائع العملية، ولكن الشيء الوحيد الذي أعلق عليه هو المعطى الذي اصبح واضحا، وهو ان هناك بعض العناصر في "حزب الله" دخلت مصر بأوراق ثبوتية غير صحيحة، والسلطات المصرية تعتبرها غير قانونية. وبغض النظر عن أي معطى آخر، لا يمكننا ان نخترق دولا أخرى، مهما كانت نياتنا حسنة، ولا أي حزب يستطيع ان يسمح لنفسه بمخالفة قوانين الدول الأخرى بغض النظر عن رأيه في سياسة هذه الدول أو قوانينها".

وسئل عما إذا كان سيتم التعاون مع المستقلين في كسروان، فقال: "نحن نتعاون مع المستقلين وعنوان معركتنا في كسروان العميد كارلوس اده، وسمعان قزي عن حزب الكتائب، وهناك الاستاذ كميل زيادة، وهؤلاء كلهم أفرقاء 14 آذار ويحملون عناوين سياسية ويعطون المعركة لونها السياسي الواضح. نحن لسنا بعيدين عن أحد، ولكن ما تقتضيه ضرورات ربح المعركة سيتم العمل عليه، بغض النظر عن صداقتنا ورأينا في الأشخاص الآخرين".

وأكد جعجع "أن نقل العميد اده ترشحه الى كسروان طبخة 14 آذار بالتأكيد وليست طبخة القوات، وقد ترشح في كسروان بعد مداخلات كبيرة جدا معه، وانا كنت واحدا ممن تدخلوا معه للترشح هناك نظرا الى ضرورة إعطاء المعركة في هذه المنطقة حجمها السياسي الفعلي. فكان لدينا من جهة العماد عون واللائحة التي يشكلها، وعناوينها واضحة، ومن الجهة الثانية لم يكن هناك أي شيء، لذلك كان ثمة ضرورة ملحة ليترشح العميد اده في كسروان، مع العلم أن شعبيته في جبيل".

وردا على سؤال، نفى أن يكون هناك تطاحن بين "القوات" والكتائب في الانتخابات، لافتا الى انه "من الطبيعي أن يدفع كل حزب بمرشحيه، وكل المقاعد التي كانت موضع ترتيب بين القوات والكتائب انتهت منذ عشرة أيام، وكل الترتيبات الانتخابية تمت بين القوات والكتائب".

ولفت ردا على سؤال الى أن "التأخير في إعلان اللائحة في المتن أسبابه إدارية تقنية بحتة، ولا خلاف على أي شيء، وفي زحلة الترتيبات أكثر من إدارية وتقنية، لأن زحلة مدينة كبيرة وفيها مرحشون كثر، والمداولات مستمرة بين المرشحين لاختيار الأفضل منهم. وفي جبيل لا وجود لأي مشكلة لأن مرشحنا في 14 آذار هو الدكتور فارس سعيد، ولا يزال هناك، وعلى مرشحي المنطقة المستقلين الاتفاق معه على صيغة معينة لإدارة المعركة، فالقصة قصة ترتيب وليست خلافا على أي شيء". واعتبر "أن العماد عون ليس دخيلا على كسروان، إذ إن لكل واحد حرية التحرك في بلده، وأي شيء يسمح به القانون هو شرعي، فالعماد عون وأنا من رؤساء الأحزاب اللبنانية ولدينا حرية التحرك في كل المناطق، والمنطق القائل بأننا دخلاء على المناطق التي نحن فيها مرفوض من أصله".

وأضاف: "جوهر المشكلة في كسروان هو في الطرح الذي يحمله العماد عون والطرح الذي يحمله العميد اده و14 آذار، والمشكلة سياسية وليست قصة عرقية".

وسئل: هل تتخوف من تلاق ضمني بين النائب وليد جنبلاط والنائب السابق غطاس خوري، فيخرج النائب جورج عدوان من اللائحة؟

أجاب: "مخيلة البعض أوسع مما يتحمله عالم الواقع. القرار داخل قوى 14 آذار على مستوى القيادة واضح في هذا الخصوص، وكل منا يهتم بالشق المعني به، ولسنا في انتظار أي مفاجآت أو مؤامرات على هذا الصعيد". وقال جعجع "إن الناس يقررون عدد النواب في كتلة القوات"، مشيرا الى "أن المهم ليس العدد بل المعنى الذي نحمله".

النائب خوري

كذلك التقى البطريرك صفير النائب وليد خوري.

كتائب الجنوب

وفي بكركي أيضا وفد من رؤساء الأقاليم الكتائبية في جزين-الزهراني وحاصبيا- مرجعيون، ألقى السيد منصور خوري كلمة باسمهم، عرض فيها أوضاع الأهالي هناك. وقال: "لقد دفعنا الغالي والرخيص لكي يبقى علمنا مرفوعا وحده على أرضنا، مشاكلنا لا تحصى ولكننا نأمل بفعل رعايتكم والتفاتتكم أن نجد لها حلا".

ولفت الى "أن الجنوب يعاني الإهمال المزمن والحرمان من الوظيفة في القطاع العام وانعدام الاتستثمارات التي تربط المواطن الجنوبي عموما والمسيحي خصوصا في أرضه، الأمر الذي يتسبب بالأزمات الإقتصادية ويؤدي الى بيع الأراضي والهجرة". وتطرق خوري الى "مأساة اللبنانيين المبعدين الى اسرائيل والتي تمر الأيام دون إيجاد حلا لها". وختم: "نريد ان نعود فعلا الى كنف الدولة والوطن لا ان نبعد عنه".

رد البطريرك

ورد البطريرك مرحبا بالوفد، وقال: "اننا نشكر لكم زيارتكم، لقد أتيتم من الجنوب الى هذا الكرسي البطريركي، وعرضتم علينا ما تعانون من مشاكل، ولكننا نأسف شديد الأسف لأن تكون هذه المشاكل قد عمت تقريبا لبنان. الجنوب يتألم منذ سنوات بعيدة، ولكن يبدو ان المشاكل قد عمت لبنان بأجمعه، واننا نأمل ان تتحسن الأمور وان تجرى هذه الانتخابات كما يجب وان يكون هناك مجلس نيابي وحكومة تشعر مع ابنائها وتحاول ان تداوي جميع الجروح التي ينزف منها لبنان".

وأضاف: "لا نريد ان نطيل الكلام، إنما نشعر معكم ونأسف للوضع القائم، لكننا نأمل دائما ان يتحسن وان تصبح الأمور خيرا مما عليه، وأهلا وسهلا بكم".

وفد بريح

وأمل البطريرك صفير أمام وفد من لجنة العودة الى بريح "أن تساعد الظروف على العودة اليها وان يكون كل المعنيين يعملون في هذا السبيل، وان تعودوا الى اراضيكم وبيوتكم واعمالكم، ونأمل من كل من كان له قدرة في ذلك أن يساعد على هذا الأمر وان تعودوا كما كنتم سابقا، وكما كان آباؤكم وأجدادكم الى بريح، لأنها بلدة نعتز بها، ونطلب ان تكون كما كانت سابقا مزدهرة وعامرة بالسكان".

وفد دير الأحمر

وأمام وفد من ابرشية دير الأحمر المارونية برئاسة المطران سمعان عطاالله، قال البطريرك: "إننا نشكر لكم زيارتكم، وقد تكبدتم المشقة فأتيتم من المنطقة التي تسكنونها، منطقة دير الأحمر، وإننا نشكر بوجه خاص ما تفضل به صاحب السيادة من كلام نشكره جزيل الشكر عليه، ونأمل ان تتحسن احوالكم، خصوصا أننا نسأل الله بركة هذا العيد، في هذه الأيام الفصحية، وإننا نأمل ان يستتب الأمن خصوصا في منطقتكم، وقد كان فيها ما كان من تمرد على الدولة، ولكن نأمل ان يتمكن الجيش اللبناني من ضبط الأمور وان تعود الشؤون الى مجاريها الطبيعية، ونسأل الله ان يسود الأمان والسلام وان تسود البحبوحة جميع ارجاء لبنان ليعيش ابناؤه في أمان وحرية واستقلال تام".

وفد أميركي

ومن الزوار أيضا وفد كنسي قضائي سياسي اميركي رافقه رئيس تجمع الشباب اللبناني فايز حمدان، استمع من البطريرك الى واقع الأمر في لبنان، واضعا نفسه وما يملك من مواقع في خدمته، ومؤكدا احترامه الكامل "لمواقفه الوطنية اللبنانية الثابتة، المحافظة على العيش المشترك وعلى رسالة لبنان الحضارية-الإنسانية في هذه المنطقة من الشرق الأوسط والعالم، وسعيه الدؤوب الى إحلال السلام في لبنان والمنطقة".

ومن المرشحين الذين اطلعوا البطريرك على ترشحهم وقدموا له برامجهم الانتخابية: الامين العام لحزب الوطنيين الأحرار الياس ابو عاصي المرشح عن المقعد الماروني في بعبدا، والمرشح عن دائرة جبيل بشارة ابي يونس، ورجينا نديم قنطرة عن المقعد الماروني في دائرة طرابلس.

 

نايلة تويني: على الجميع التروي لتحصل الانتخابات من دون تشنج

وطنية - 16/4/2009 قالت المرشحة عن المقعد الأرثوذكسي في دائرة بيروت الأولى نايلة تويني خلال لقاء جمعها بأهالي الرميل والصيفي والأشرفية "إن على الجميع التروي والهدوء في هذه المرحلة من أجل أن تحصل الانتخابات من دون أي تشنج". وأضافت: "نحن باقون على الخط السياسي نفسه ولن نغير ثوابتنا، فلقد دفعنا دما من أجل أن يبقى لبنان بلدا سيدا حرا مستقلا". وكانت اجتمعت بأعضاء "جمعية المعتقلين السياسيين اللبنانيين في سوريا"، وعرض رئيس الجمعية علي أبو دهن المشاكل التي يعانيها المحررون من السجون السورية. وأكدت تويني أن هذه القضية ستكون من أولوياتها سواء وصلت إلى الندوة البرلمانية أو لا، وستفعل كل ما في استطاعتها "من أجل إيجاد الحلول المطلوبة لهذه المشكلة".

 

جعجع عرض والسفيرة سيسون الاوضاع والاستحقاق الانتخابي

وطنية - 16/4/2009 التقى رئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية" سمير جعجع في معراب اليوم، سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان ميشال سيسون على مدار ساعتين في حضور مستشار العلاقات الخارجية في الحزب ايلي خوري ومسؤول العلاقات الخارجية جوزف نعمه، وجرى البحث في "تداعيات وابعاد الازمة المفاجئة الناشئة بين "حزب الله" ومصر، كما كانت جولة أفق حول وضع المنطقة ولا سيما محاولات المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل للوصول الى حل للقضية الفلسطينية. وتداول المجتمعون الواقع اللبناني وآخر مستجدات الوضع الامني على أثر أحداث البقاع ناهيك عن الاستحقاق النيابي وضرورة إجرائه في الموعد المحدد وفي ظل أجواء ديموقراطية وهادئة وضرورة أن يكون تحت إشراف مراقبين دوليين.

 

الهاشم اسف "لما اصاب الكتائب من تشرذم وانشقاق"

وطنية - 16/4/2009 اسف الوزير السابق جوزف الهاشم لما اصاب حزب الكتائب من تشرذم وانشقاق، ليخوض الانتخابات كتائبيون بارزون ضد كتائبيين بارزين، فاذا مسعود الاشقر يترشح ضد نديم الجميل في بيروت، وفؤاد ابو ناضر وجورج قسيس يواجهان سامي الجميل وايلي كرامة في المتن. ويترشح في كسروان مارون ابو شرف وشاكر سلامة ضد سجعان القزي، ويقدم نبيل حكيم في البترون ترشيحه ضد سامر سعادة.

وسأل الهاشم: لماذا يترشح إدمون رزق بصفة شخصية في جزين، ولماذا اصبح ابراهيم نجار ممثلا للقوات اللبنانية في الحكومة، ولماذا اصبحت الساحة المسيحية التي منحت الكتائب في السابق تسعة نواب، ساحة مستباحة للزعامات الطارئة، ولماذا اصبحت الكتائب تلهث وراء مقعد نيابي ولا سيما في عقر دارها في المتن فيما كان الفرسان الحاليون يتسلقون الى المراكز على اذناب خيلها". وختم: "لقد طرحنا هذه الاسئلة بصوت منخفض في الماضي فكانت الآذان صماء، ونطرحها اليوم بصوت عال لعلهم يسمعون ويعتبرون".

 

الرئيس سليمان استقبل رئيس الوزراء بلجيكا ووزير دفاعها

وطنية - 16/4/2009 ركزت محادثات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع زواره المحليين والاجانب على أهمية الاستقرار في الداخل اللبناني وعلى علاقات لبنان الخارجية إقليميا ودوليا بعد عودته الى موقعه ودوره على الخريطة الدولية ومسيرة الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي التي يشهدها منذ شهور.

رئيس وزراء بلجيكا

فبعد الرئيس الروماني تريان باسيسكو أمس، إستقبل الرئيس سليمان، في بعبدا اليوم، رئيس وزراء بلجيكا هيرمان فان رومبوي ووزير الدفاع بيتر دوكريم وعرض معهما للعلاقات الثنائية الجيدة بين البلدين، شاكرا لبلجيكا المساعدات التي قدمتها ولا تزال في شتى الميادين إضافة الى مساهمتها الفاعلة في "اليونيفيل" وارتياح الاهالي للتعاطي القائم والتعاون مع الوحدة البلجيكية في شتى المجالات ولاسيما منها الصحية والاجتماعية.

وتناول البحث موضوع التعاون العسكري وبيع معدات وآليات تشمل دبابات من طراز "ليوبارد" الى الجيش بأسعار تشجيعية.

وتطرق الحديث الى الوضع في المنطقة، حيث أجمع الجانبان اللبناني والبلجيكي على ضرورة الافادة من مناخ الحوار الذي تلوح بوادره في ظل التوجهات الجديدة للادارة الاميركية بعد إنتخاب الرئيس باراك اوباما.

وتم الاتفاق على تعزيز التواصل لتمتين العلاقات الثنائية في شتى المجالات.

وزير خارجية مالطا

وزار بعبدا أيضا نائب رئيس الوزراء وزير خارجية مالطا تونيو بورغ الذي ابلغ الى الرئيس سليمان دعم بلاده من خلال عضويتها في الاتحاد الاوروبي للبنان وسيادته وكذلك للقضية الفلسطينية، لافتا الى أن بلاده "مرت بتجربة الاستعمار"، ومشددا على "رغبة مالطا في تعزيز العلاقات السياسية والتجارية مع لبنان".

وأبلغ الوزير بورغ الى الرئيس سليمان عن توقيع تعديل لإتفاق الازدواج الضريبي بين البلدين.

وفد "الوفاء للمقاومة"

وكان الرئيس سليمان إستقبل قبل ذلك وفدا من كتلة "الوفاء للمقاومة" ضم النواب: محمد رعد، حسين الحاج حسن وعلي عمار.وتم خلال اللقاء التطرق الى المواضيع المطروحة على الساحة الداخلية كالانتخابات والتعيينات، إضافة الى ما حصل من إعتداء على دورية للجيش على طريق رياق وكذلك موضوع الموازنة.

تصريح النائب رعد

وبعد اللقاء، قال النائب رعد: "الزيارة تأتي في فترة الاعياد وتقديم التهانئ لفخامة الرئيس. وكانت جولة أفق تناولت الانتخابات النيابية في ظل الصخب والتوترات وما يراد عمله بالنسبة الى الموازنة والتعيينات".

أضاف: "الجو مطمئن ويدعو الى التفاؤل في ظل الحرص على معالجة الامور بالحكمة والحزم لمنع أي تحرش أو إعتداء على المؤسسة الوطنية، وهذا ما أكدناه. وايضا هناك تعهد بالتعاطي مع كل حاجات اللبنانيين وقضاياهم على قاعدة الانماء المتوازن لكل المناطق. والجو كان مريحا جدا".

سئل: هل طلبتم من الرئيس سليمان التدخل لحل الاشكال مع مصر؟

أجاب: "هذا الامر لم يطرح".

سئل: ما سبب عدم إكتمال النصاب في الجلسات التشريعية؟

أجاب: "عادة الاكثرية هي المعنية بتحقيق النصاب. نحن كمعارضة نصر على التجاوب مع المطالب الحيوية للمواطنين، والكرة هي في ملعب الاكثرية".

سئل: هل هناك من تنسيق بين الجيش والمقاومة للقبض على المعتدين على دورية الجيش في رياق؟

أجاب: "هناك تعاون إيجابي لمعالجة هذا الموضوع، ونحن لا نقبل أي إعتداء من أي جهة يصدر على المؤسسة الوطنية الام".

النائبان حبيش ويوسف خليل

وعرض الرئيس سليمان مع كل من النائبين هادي حبيش والدكتور يوسف خليل للأوضاع العامة على الساحة.

"ديوان أهل القلم"

وظهرا، إستقبل الرئيس سليمان وفدا من "ديوان أهل القلم" برئاسة السيدة سلوى الخليل الامين، والعلامة البروفسور عادل تيودور خوري الذي كرمه الديوان.

وألقت السيدة الامين كلمة أشارت فيها الى "نشاط الديوان في إتجاه الطاقات الاغترابية المبدعة وتكريمها، طالبة من الدولة زيادة الرعاية والمساعدة".

من جهته، اشاد البروفسور المكرم خوري في كلمة ألقاها بتركيز الرئيس سليمان على الحوار بين الثقافات والاديان، مشيرا الى أن "ذلك شكل محور دراساته وابحاثه مدى نحو خمسين عاما". وقدم اليه مشروعا عن كيفية تجسيد فكرة الرئيس سليمان بجعل لبنان مقرا لحوار الثقافات والاديان.

رد الرئيس سليمان

ورحب الرئيس سليمان بالوفد، منوها بجهوده وعطاءاته، مشددا على "ضرورة الاصرار على المنحى الحواري على الرغم من الصعوبات كافة لأن العالم في حاجة في هذا الوقت بالذات الى تجربة مثل التجربة اللبنانية".

وقال الرئيس سليمان: "إننا نتطلع الى نجاح المجتمع الاهلي لإعادة وجه لبنان الثقافي كمنارة"، لافتا الى أنه "مقدار ما يفصل اللبناني بين الدور الكبير الذي هو مقدر له أن يلعبه والاصطفافات السياسية، مقدار ما يتقدم ويبرز ويتطور".

 

نديم الجميل دعا الى بقاء الانتخابات ضمن التنافس السياسي الحر والديموقراطي

وطنية - 16/4/2009 أكد المرشح نديم الجميل، خلال جولة له على عدد من العائلات، ولقائه مع النائب ميشال فرعون بعائلة حاصباني في فرن الشباك "اننا نريد بناء الدولة وليس الدويلات"، داعيا "من ينادي بهذا المبدأ الى أن يقرن القول بالفعل". وقال: "النضال من أجل بناء الدولة القوية والحديثة سيكون نضالا مستمرا وصعبا وبحاجة الى اشخاص مؤمنين. علينا الاختيار بين الحرب والسلم، بين السلاح والسلام، بين الحرية أو القمع، بين الديمقراطية و الحزب الواحد". وأعلن "اننا نرفض أن تفرض علينا الحلول من أي جهة أتت أميركية أيرانية أو سورية أو سواها، فالحل يأتي عبر قرار وطني مستقل وحر"، موضحا "علينا أن نتحد مع شركائنا في الوطن ونناضل معا من أجل السيادة والحرية والديمقراطية والحداثة"، ومعتبرا ان "هذه الشراكة يجب أن تتفاعل بقوة بين الطرفين، ليس بسبب قوة فريق وضعف الآخر، بل بين فريقين متساويين بقوة الايمان". ودعا الى الكف "عن شرذمة المجتمع المسيحي بايحاءات ومواقف لا تمت الى الثوابت المسيحية بصلة"، وقال: "فلنحترم بعضنا البعض دون تجريح ولنبق الانتخابات ضمن إطار التنافس السياسي الحر والديمقراطي".

 

تقرير: اسرائيل ستنسحب من الغجر في نيسان الحالي

نهارنت/من المتوقع ان تنسحب اسرائيل من قرية الغجر في شهر نيسان الحالي.ونقلت صحيفة "النهار" عن مصادر ديبلوماسية قولها ان الأطراف المعنية كافة قد اتخذت الترتيبات النهائية لهذا الغرض.وكان هذا الموضوع مدار بحث خلال اجتماع عقد قبل حوالي شهر بين رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال غابي اشكنازي وقائد قوات اليونيفيل الجنرال كلاوديو غراتسيانو. يذكلر ان قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان اقترحت تولي المسؤولية الامنية الكاملة عن هذه المنطقة بالاضافة الى تقديم الخدمات المدنية للسكان فيها، الا ان اسرائيل وضعت شرطا مسبقا لهذه التسوية يقضي بان توافق الحكومة اللبنانية رسميا عليها وان تعلن عن ذلك خطيا. 

 

رشقات رشاشة اسرائيلية في محور مزارع شبعا

نهارنت/اطلق الجيش الاسرائيلي فجر وصباح الخميس ، رشقات رشاشة ثقيلة من موقعيها في تلة السماقة ورويسات العلم، بإتجاه المناطق المواجهة وعلى مدى حوالي ربع ساعة. وتزامن ذلك مع تحليق مكثف للطيران المروحي الإسرائيلي ولطائرات استطلاع دون طيار في اجواء المزارع، واجواء قرى العرقوب المحاذية لفترة حوالي ساعة.  وبموازاة ذلك رصدت صباحا تحركات اسرائيلية غير عادية على طول الخط الأزرق انطلاقا من محور الغجر غربا وحتى مرتفعات جبل الشيخ شرقا، وسيرت خلاله دوريات مؤللة مدعومة بسيارات جيب نوع هامر وناقلات جند مدرعة، خاصة في محيط بلدة الغجر وحتى الأطراف الشرقية لمحور العباسية وصولا الى موقع فشكول وتلة الظهرة. كما سجل عند حوالي التاسعة تقدم قوة اسرائيلية مدعومة بسيارتي جيب هامر، الى شمال الخط الوهمي الذي يشطر بلدة الغجر الى قسمين، وعمل عناصر القوة لفترة 20 دقيقة على مراقبة نبع الوزاني ومحيطه.  وفي المنطقة المحررة المواجهة سجلت دوريات مكثفة للكتيبة الإسبانية المتمركزة في قطاع الوزاني - الغجر، وخاصة على الطريق العسكري الذي يربط جسر الوزاني بالعباسية، كما سجلت تحركات ناشطة للكتيبة الهندية في محور بسطرة - باب الهوا وبركة النقار غربي شبعا. 

 

الأهرام:مصر قد تحظر دخول وزراء حزب الله الى اراضيها

نهارنت/تتجه الأزمة بين القاهرة وحزب الله الى مزيد من التصعيد، مع استمرار الاتهامات المتبادلة بين الطرفين. ونقلت صحيفة "الأهرام" الحكومية عن مصدر مسؤول ان "لدى مصر كل الوسائل والإمكانات لمعاقبة حزب الله" وذلك من خلال التضييق عليه وعلى عناصره. وأشار المصدر الى أنّ "مصر حريصة على الشعب اللبناني بحكم مسؤولياتها القومية"، لكنه أضاف أنه "يمكن اتخاذ إجراءات من شأنها منع الوزراء المنتمين للحزب وأعضائه من دخول مصر". وكانت مصادر مصرية ذكرت أنّ النائب العام عبد المجيد محمود يبحث إمكانية توجيه اتهام رسمي إلى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وذلك بعد اعترافه بوجود دور للحزب في تقديم دعم لوجستي لحماس في غزة. وأضافت المصادر أنّه من المرجح أن تتم إحالة القضية برمتها إلى القضاء العسكري، موضحة أنّ المادة 86 من قانون العقوبات تتيح لرئيس الجمهورية هذا الأمر. وقد أبلغت مصادر قضائية مصرية الى صحيفة "النهار" أن فريقا تابعا لنيابة أمن الدولة العليا التي تجري التحقيق مع الموقوفين في قضية ما يعرف ب"خلية حزب الله" في مصر، يعكف حاليا على اعداد مذكرة قانونية تتضمن الوقائع والأدلة التي تكفي لتوجيه تهمة "التآمر والتخطيط لتنفيذ أعمال عدائية وارهابية على الأراضي المصرية" الى السيد حسن نصر الله ونائبه الشيخ نعيم قاسم. وقالت إن المذكرة ستكون جاهزة خلال أيام قليلة لعرضها على "مراجع عليا" ستتخذ هي القرار السياسي في شأن ضم نصر الله وقاسم الى قائمة المتهمين في القضية أو عدمه. واضافت أنه في حال اتخاذ قرار بتوجيه "اتهام جنائي" الى الأمين العام للحزب ونائبه، لن تتردد القاهرة في إصدار مذكرة توقيف رسمية في حقهما واخطار السلطات اللبنانية والبوليس الدولي "انتربول" لاتخاذ اللازم من أجل اعتقالهما وتسليمهما الى القضاء المصري.

 

نجار:لا صحة لما يشاع عن اطلاق الضباط الاربعة

نهارنت/اكد وزير العدل ابراهيم نجار ان رئيس فريق الدفاع في المحكمة الدولية لم يعط أي تصريح لأي صحيفة بما خص الضباط الأربعة الموقوفين في قضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري ورفاقه. واشار نجار في حديث تلفزيوني "ان لا دقّة في الخبر الذي تداولته بعض الوسائل الاعلامية عن ان مصير الضباط الاربعة يبت قريبا", موضحا ان "ما نسمعه يأتي من قِبَل وكلاء الموقوفين اللبنانيين". وكان أحد وكلاء الدفاع عن الضباط الأربعة كشف ان قرار إطلاق سراح هؤلاء قد اتخذ. وأشار الوكيل لصحيفة "السفير" الى أن كل المعطيات المتوافرة بيد فريق المحامين وعائلات الضباط تشير إلى ان تنفيذ هذا القرار لن يتجاوز تاريخ العشرين من نيسان الحالي مع احتمال تقريبه وليس تأخيره . ولفت إلى ان هذا الأمر يعني أن "الضباط سيكونون أحراراً في مهلة أقصاها يوم الإثنين المقبل إلا إذا طرأ ما يمكن أن يعدل خريطة الإجراءات المتبعة". في هذا الاطار التقى الخميس رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الدولية الضباط الأربعة في مكان توقيفهم في مبنى فرع المعلومات في سجن روميه، وذلك بعد أن تم تسليمه ملف التحقيق في قضية اغتيال الحريري في ضوء إعلان انتقال الإختصاص الى المحكمة الدولية.

يذكر بأن مكتب الدفاع في المحكمة هو هيئة مستقلة تقدم للمتهمين "المساعدة والخبرة" و"تهدف الى ضمان المساواة في الاسلحة" بين الاتهام والدفاع كما وصفه رئيس المحكمة الايطالي انطونيو كاسيزي. والموقوفون الذين كانوا على رأس الاجهزة الامنية عام 2005 عندما اغتيل الحريري هم المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد والمدير العام السابق لجهاز الاستخبارات في الجيش اللبناني العميد ريمون عازار والمدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج ورئيس الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان. ورفع القضاء اللبناني في 8 نيسان يده عن الملف مع ابقاء الضباط الاربعة لصالح المحكمة في انتظار قرارها في شأنهم.

 

العثور على متفجرات وقذيفة هاون داخل دراجة في صور

نهارنت/تم العثور في منطقة الحوش في صور على دراجة نارية لصاحبها زياد ناجي وعلى متنها كمية من المتفجرات وقذيقة هاون. وبعد ان أبلغ صاحب الدراجة عن وجود هذه المواد داخل دراجته، حضر الخبير العسكري وفككك الشحنة الناسفة التي كانت جاهزة للتفجير بمجرد إنطلاق الدراجة. وقد باشرت الاجهزة الامنية المختصة، بعد ضربها طوقا امنيا حول المنطقة، ومصادرة المتفجرات، التحقيقات في الحادث. 

 

المر:الجيش لن يتراجع قبل القبض على جميع المطلوبين بحادثة رياق

نهارنت/أكد وزير الدفاع الياس المر ان الجيش لن يتراجع قبل القبض على جميع المطلوبين في حادثة رياق التي وقعت الإثنين الفائت والتي أدت إلى استشهاد 4 عسكريين وجرح ضابط . وكشف المر في حديث إلى صحيفة "النهار" ان أماكن اختباء هؤلاء المطلوبين معروفة، مشدداً على ان الإجراءات ستتواصل حتى القبض عليهم . في هذه الاثناء، واصل الجيش اللبناني لليوم الثالث واحدة من أكبر عملياته العسكرية وأوسعها في عدد من المناطق البقاعية بحثا عن منفذي جريمة التعرض لإحدى دورياته في رياق. ولم تقتصر حملة الجيش على منطقة الشراونة وبلدة دار الواسعة بل شملت غالبية قرى المنطقة وخصوصا المناطق الجبلية والجردية وسط انتشار معزز وكثيف للجيش بالتعاون مع قوى الامن الداخلي. وكشفت قيادة الجيش أن وحداتها تمكنت من توقيف 69 مطلوبا للعدالة بجرائم مختلفة، وعثرت على مصنع ضخم في بلدة حوش بردى لتصنيع المخدرات والمواد الممنوعة، كما ضبطت 13 سيارة مسروقة من ضمنها سيارة "غراند شيروكي" التي استعملت في الاعتداء على الجيش. كما تم ضبط 1500 كيلوغرام من المخدرات وكميات كبيرة من الاسلحة والذخائر والاعتدة العسكرية. وأفادت معلومات غير رسمية ان خمسة مشتبه فيهم بالضلوع في الاعتداء على الجيش كانوا بين الموقوفين. 

 

مصادفة وصول جعجع الى بكركي مع زيارة للنائب المر الى البطريرك صفير

نهارنت/صودف الخميس وصول رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع الى الصرح البطريركي في بكركي مع زيارة للنائب ميشال المر الى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير. وبعد لقائه البطريرك صفير، وصف جعجع المعركة الإنتخابية في كسروان بالمعركة السياسية بامتياز، معتبراً ان عنوان المعركة هناك سيكون كارلوس إده وسجعان القزي وكميل زيادة إضافة الى مستقلين تفرضهم ضرورة ربح المعركة. كما نوه جعجع بالدور الذي يقوم به الجيش. من جهته، أعلن النائب المر من بكركي ان لائحة المتن تحتاج الى بعض الوقت ولكن ليس لاكثر من عشرة أيام. وردا على سؤال اذا كان فوزه مضمون اجاب المر:"نعم" .

  

موقوف ثالث من رميش في قضية شبكة التجسس الاسرائيلية

نهارنت/أوقف فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الاربعاء، المؤهل في الأمن العام ج. ع. في قضية شبكة التجسس الإسرائيلية. وتم توقيف ج. ع. على الحدود اللبنانية الفلسطينية في بلدة الناقورة واقتاده فرع المعلومات إلى التحقيق في مقره في المديرية في بيروت، قبل أن تقوم قوّة أخرى من الفرع نفسه بمداهمة منزله في بلدة رميش الجنوبية في قضاء بنت جبيل وتصادر جهاز كومبيوتر وبعض مقتنيات الموقوف. وبذلك، يرتفع عدد الموقوفين في قضية شبكة التجسس الإسرائيلية إلى ثلاثة. وقد انضمّ ج.ع. إلى عمه العميد المتقاعد في الأمن العام أديب ع. (مواليد العام 1942) وزوجة الأخير حياة ص. (مواليد العام 1939) الموقوفين منذ يوم السبت الفائت. وأوضح مصدر أمني لبناني لصحيفة "السفير" أن زوجة ع. كشفت خلال التحقيق أن أديب بدأ بالتعامل في العام 1982 وليس في العام 1984، كما ذكر في افادته. ووصف المصدر أديب ع. بأنه "بمثابة الرأس الأساسي أو المنسق الأساسي لعدد من الشبكات، وهو أمر أمني غير مسبوق في تاريخ الشبكات الاسرائيلية، ما يعني أن السبحة يمكن أن تكر تدريجيا وتؤدي الى رؤوس جديدة"، وأشار الى أن كلا من حياة زوجة أديب والموقوف الجديد ج. ع. كان يمثل شبكة بذاتها متصلة ومنفصلة في آن معا. ويبدو بحسب المعلومات المتوافرة من صلب التحقيق أنّ عدد المشتبه بهم مرشّح للازدياد لتكون هذه الشبكة الأكبر التي يتمّ توقيفها في السنوات الأربع الماضية، وتحديداً منذ شبكة محمود رافع وحسين خطّاب وشبكة الأخوين علي ويوسف ديب الجراح. وقال المصدر عينه إن التحقيق يتوسع تدريجيا، مشيرا للمرة الأولى، إلى أن "الشبكة لم يقتصر دورها على جمع المعلومات بل ربما تم تكليفها بمهام تنفيذية". يشار الى ان العميد الموقوف يعمل في المديرية العامة للأمن العام التي تقاعد منها بداية عام 1998، وتفرغ للعمل في مكتب يملكه في منطقة الدكوانة مخصص لاستقدام اليد العاملة الأجنبية إلى لبنان. 

 

باسيل رفض طلب متابعة اتصالات مرتكبي الاعتداء على الجيش

نهارنت/تقدمت الاجهزة الامنية المعنية بأحداث البقاع خلال اليومين اللذين ‏تليا جريمة التعدي على المؤسسة العسكرية، بطلبات وفق الأصول القانونية الى وزير الاتصالات ‏جبران باسيل، محصورة ومحددة بالاسماء والارقام للذين ارتكبوا الجريمة، ومن يتعاون معهم. لكن باسيل رفض اعطاء اذن متابعة حركة الاتصالات الهاتفية لهؤلاء، حسبما اشارت صحيفة "الديار" نقلا عن مصادر مطلعة على العملية العسكرية التي ينفذها الجيش في البقاع. وأضافت المعلومات ان وزير ‏الداخلية زياد بارود تدخل مراراً مع الوزير باسيل، الذي لم يرد الاربعاء على ا تصالات ‏بارود، الذي تبلغ منه بالواسطة رفضه اعطاء الموافقة على تعقب اتصالات مرتكبي الجريمة في ‏حق عناصر المؤسسة العسكرية. وأشارت المصادر الى ان مراجع عليا غير الوزير بارود تدخلت ‏لاقناع الوزير باسيل بالتعاون مع طلب الاجهزة الامنية. كما ذكرت صحيفة "النهار" انه انقضى على تقديم الطلب لباسيل 48 ساعة ولم تحصل الاجهزة المعنية على الاستجابة المطلوبة بعد. في هذا السياق، اكد جبران باسيل أن فرع المعلومات يسعى إلى التعمية على فشله في المجال الأمني، عبر إثارة الإشاعات التي تطاول وزارة الإتصالات. وأكد باسيل في مداخلة تلفزييونية أنه لم يتأخر عن إعطاء أي معلومة، وأنه تخطى الآلية القانونية التي تلزم بأن يمر طلب إعطاء المعلومات عبر الوزير المختص ثم رئيس الحكومة وبعدها الى وزارة الاتصالات في سبيل الإسراع في كشف الجرائم. وقال باسيل: توقعت أن يثار ما أثير اليوم عن أن الوزارة لم تسلم المعلومات المطلوبة، واخبرت قائد الجهاز بهذا الأمر. 

 

لبنان يقدّم لمجلس الأمن شهادات إنسانيّة لخرق إسرائيل القرار 1701

نهارنت/حذّر لبنان من تمادي إسرائيل بالاستمرار في ازدراء قرارات الأمم المتحدة، لما لذلك من عواقب وخيمة على أرواح المدنيين وتهديد للسلام في الجنوب، وتعريض قوات الأمم المتحدة نفسها للخطر. وأدان مندوب لبنان الدائم، نواف سلام، مجدّداً في رسالتين موجّهتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن الممارسات الإسرائيلية في سماء لبنان وبرّه وبحره. ووصف سلام بالتفصيل العواقب الإنسانية المؤلمة التي تصيب الأبرياء في الجنوب.  وذكّرت رسالة البعثة اللبنانية بإلقاء إسرائيل 4 ملايين من القنابل بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي 1701 والكثير منها لم ينفجر عند الارتطام بالأرض "فأصبح في الواقع ألغاماً أرضية أثبتت أنها تشكل خطراً فتاكاً على المدنيين الذين لا يتوجسّون خطراً. ولا تزال مساحة من الأرض تبلغ اثني عشر مليون متر مربع ملوثة بها". ونبّه لبنان إلى خطورة استمرار استهتار إسرائيل المستمر لنداءات الأمين العام ونداءات مجلس الأمن التي تدعوها إلى تسليم البيانات والخرائط الدقيقة المتعلقة بالذخيرة العنقودية. ووصفه بأنه "يمثل تهديداً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويهدد يومياً حياة الشعب اللبناني، من مدنيين وعسكريين، وحياة أفراد قوة الأمم المتحدة المؤقتة، اليونيفيل في لبنان، ومنهم أفراد إزالة الألغام. كما يحول هذا الرفض دون الاستغلال الفعلي لأراض زراعية شاسعة في جنوب لبنان". وشدد على خطورة الأعمال التي تقوم بها إسرائيل التي "لا يمكن السكوت عنها وتُضاف إلى قائمة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لقرار مجلس الأمن 1701"، مشيراً إلى أعمال التحليق والتوغل اليومية انتهاكاً لسيادة لبنان، واحتلال الأراضي اللبنانية في الجزء الشمالي من قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا. وطالب مندوب لبنان بتعميم هذه الرسالة باعتبارها من وثائق الجمعية العامة.

 

قاسم: فوز حزب الله في الإنتخابات لن يعرضه لعزلة دولية

نهارنت/أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الأربعاء ان الغرب سيتعامل بشكل "طبيعي" مع حكومة تنتج عن فوز قوى 8 آذار في الانتخابات النيابية المقبلة، مستبعدا تعرض الحزب للعزلة كما حصل مع حركة حماس. واعتبر قاسم، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، ان الاتهامات المصرية لحزب الله بالسعي لزعزعة استقرار مصر "ملفقة وتفتقر الى الدليل"، مشيرا الى انها "سياسية انتقامية" ردا على موقف الحزب خلال حرب غزة الأخيرة.

وتوقع قاسم فوز الحزب وحلفائه في انتخابات السابع من حزيران، مشيرا الى ان "أسهمهم تزداد يوما بعد يوم"، ومقدرا عدد المقاعد التي سيفوزون بها بحوالى السبعين من 128 مقعد. وردا على سؤال عما اذا كان الغرب سيقاطع حكومة تشكلها الاقلية الحالية كما فعل مع حماس، اكد ان "وضع لبنان يختلف عن وضع فلسطين وغزة". وأضاف "الغرب يتسابق الآن علينا وسيتسابق علينا مستقبلا"، موضحا ً ان الحزب حصل على تطمينات من سفراء دول اوروبية حول التعامل مع حكومة تتغير فيها الأكثرية. وأضاف "كما ان احد سفراء الدول الاوروبية الكبرى ابلغنا معلومات من الاميركيين مفادها انهم سيتعاملون مع اي حكومة تتشكل" بعد الانتخابات. وقال قاسم ان "صورة حزب الله تحسنت كثيرا في الفترة الاخيرة"، مشيرا الى ان "التواصل الذي يحصل بيننا وبين جمعيات ونواب من كل انحاء العالم كشف للغربيين ان الدعاية الاعلامية المخابراتية الغربية مشوهة ومشوشة". واضاف "لقد اكتشفوا اننا نقبل بالحوار ولدينا فكر منفتح ولنا قضية نطرحها بشكل منطقي وان مقاومتنا مدروسة وتضع لنفسها ضوابط وحدودا". ورغم اعتباره ان هناك "اجواء مريحة" مع وصول الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما، قال "الموقف في حزب الله حتى الآن هو عدم اللقاء مع الادارة الاميركية في انتظار ان تحصل تبدلات في آدائها". وعما اذا كان الحوار بدأ مع البريطانيين، قال قاسم "لم يتم ترتيب موعد بين مسؤولين بريطانيين ومسؤولين في حزب الله". ورد قاسم على الاتهامات المصرية لحزب الله، فاعتبر انها "اثارة سياسية انتقامية بسبب موقف حزب الله اثناء العدوان على غزة ومطالبته بفتح معبر رفح"، مضيفا "اصبح واضحا للرأي العام العربي والعالمي انها اتهامات ملفقة".

وتابع "كل التفاصيل التي تحبكها المخابرات المصرية أو النظام المصري لا قيمة لها لأنها ادعاءات تفتقر الى أدنى مستويات الدليل، وهي جزء من قرار سياسي لحملة على حزب الله". وعما اذا كان حزب الله بدأ بتنفيذ عمليات خارج الاراضي اللبنانية، قال قاسم "لا زلنا في حزب الله نقاوم اسرائيل انطلاقا من الاراضي اللبنانية وما حصل في مصر هو دعم للفلسطينيين وليس عمليات لحزب الله لا في الارض الفلسطينية ولا في الارض المصرية". من جهة أخرى، اعتبر قاسم ان العميد المتقاعد من جهاز الامن العام الموقوف للاشتباه بتجسسه لاسرائيل، هو "صيد كبير ومهم" أمضى 25 عاما في هذه المهمة. وقال قاسم:"ضبط فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي حركة اديب العلم التجسسية واوقفه ثم طلب من حزب الله مده بالمعلومات المتعلقة به". واضاف "المعلومات الاولية تشير الى انه كان يعمل لصالح اسرائيل مدة تزيد عن 25 عاما"، موضحا ان :العلم تقاعد من جهاز الأمن العام منذ ثماني سنوات واستمر في العلاقة مع اسرائيل هو وزوجته". وأشار قاسم الى تعاون حزب الله مع الأجهزة الرسمية في موضوع العلم وغيره من الأشخاص الذين أوقفوا خلال السنوات الأخيرة، قائلا "خبرتنا في أساليب اسرائيل كبيرة جدا".

وتابع "اذا أحسسنا بخطر معين له علاقة بعميل اسرائيلي وخشية ان يفلت الشخص من اليد ننسق مع الاجهزة الامنية اللبنانية لكيفية اعتقاله"، مضيفا "هذا النوع من المساعدة مطلوب ليس من حزب الله فقط بل من كل مواطن لبناني يستطيع ذلك". وأوضح قاسم ان شبكات عملاء اسرائيل "عامودية وليست افقية" وان مجموعاتها مستقلة عن بعضها، بحيث اذا اعتقلت شبكة لا تكشف الشبكات الأخرى". ولخص قاسم أهداف الإستخبارات الإسرائيلية في لبنان بأمرين رئيسيين: القيام بأعمال أمنية ضد شخصيات ومراكز وتشكيل قاعدة معلومات عن أهداف لأي حرب مستقبلية.

 

الزغبي يرى أنها تفتح العيون الاقليمية والدولية على نشاط الحزب بالنيابة عن النظام الايراني

قضية "حزب الله" في مصر: غلطة الشاطر بألف

المستقبل - الخميس 16 نيسان 2009 - ابد السلام موسى

بدأت قضية خلية "حزب الله" في مصر بـ"اتهامات"، تطورت الى "اعترافات"، وما لبثت القضية تأخذ منحى تصاعدياً، ليس لمصلحة لبنان طبعاً، ولا لمصلحة "حزب الله"، كون "المكشوف" حتى اللحظة أظهر مخططاً ليس بريئاً أبداً، محوره طهران، كما جاء في "مضبطة" الاتهام المصرية، وهدفه أمن دولة عربية كبرى كمصر، واستقرار مركز من مراكز الاعتدال العربي. الثابت في القضية أن "المكشوف" ليس شيئاً أمام "المستور". والواضح أن القيادة المصرية أحكمت قبضتها على مفاصل القضية، وإلا ما كانت قدمت للاعلام "مادة دسمة"، تتعلق بـ"حزب الله" الذي ما ينفك، بحسب مراقبين، يخطئ بحق مصر وشعبها، منذ دعوة أمينه العام السيد حسن نصر الله الجيش والشعب المصري للتمرد والانقلاب على النظام الحاكم في مصر، إبان العدوان الاسرائيلي على غزة، ومنذ أن صور الحزب لأنصاره آنذاك، أن السفارة المصرية في لبنان، هي السفارة الاسرائيلية، متجاوزاً كل الخطوط الحمر التي يرسمها للاخرين.

بات واضحاً من كلام وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيظ لـ"الشرق الاوسط" قبل يومين، أن "حزب الله" غرق في المستنقع المصري، وأن الفرصة جاءت للمصريين على "طبق من ذهب" لمحاسبة "حزب الله" على سياساته التحريضية بحق مصر، فالمصريون لم يذهبوا الى لبنان للانتقام من تحريض "حزب الله"، إنما ذهب الحزب إليهم على أقدامه، وبمخطط يستهدف النيل من أمن مصر، بغطاء نصرة المقاومة الفلسطينية في غزة أيضاً. فقد أطل أبو الغيط بلغة حازمة شديدة الوضوح، وكشف عن تفاصيل المخطط الإيراني في مصر، وأكد أن إيران تستخدم "حزب الله" منذ أعوام. وقال "إن هناك مفاجآت سوف تكشف في تقرير النائب العام بعد انتهاء التحقيقات في موضوع خلية "حزب الله" تكشف عن حجم المؤامرة ضد مصر". وأمل أن يتمكن من "تصوير كل هؤلاء الذين يكتبون في إيران وفي غيرها خارج مصر وداخلها، أتمنى أن أكون في الوضع الذي أرى في أعينهم ووجوههم عندما تسقط شفاهم السفلى من حجم الدهشة لما سوف يتضمنه تقرير النائب العام المصري من اتهامات لا يمكن أن توجه إلا بتوثيق، ومصر لديها التوثيق". وبنظر مراقبين، فإن الاتهام المصري لـ"حزب الله" يحمل في حقيقته "ضربة قوية موجهة إلى الحلف الإيراني السوري وإلى المتحالفين معهما من الحركات في غزة ولبنان"، ويثير "التساؤلات حول حقيقة المصالحة التي جرت بين القاهرة ودمشق".

وسط هذا الصورة، ينقسم اللبنانيون بين "مدافع" عن "حزب الله"، و"مستنكر" لمس حزب المقاومة بالسيادة المصرية، إنطلاقاً من حرصه على عدم مس أي طرف بالسيادة اللبنانية، ويبدو "حزب الله" مرتبكاً وعاجزاً عن سوق التبريرات، ويبدو أن الوثائق المصرية حشرته في "بيت اليك"، وحكمت عليه بـ"الصمت المطبق"، بحيث لم يعد قادراً على المناورة، لأنه وبحسب مراقبين، "ليس بالمكان والزمان الذي يخوله مقارعة المصريين استخباراتياً أو أمنياُ، وأنه أيضاً أخطأ كثيراً في نشاطه الخارجي "السري"، وبات ينطبق عليه المثل القائل: غلطة الشاطر بألف". في هذه الاثناء، بدأت المخاوف تزداد من تصاعد حدة الاتهامات المصرية لـ"حزب الله" بتنفيذ اعتداءات على أرضه، وما يمكن أن تحمله الايام المقبلة من تداعيات محتملة على الداخل اللبناني، سببها نشاط "حزب الله" الخارجي، ما جعل رئيس حزب "الكتائب" أمين الجميل يبدي خشيته من أن "يؤدي هذا التصرف الى زعزعة الوضع اللبناني وجلب المشكلات الى لبنان، وهي مشكلات ذات طابع إقليمي أو عربي، أكثر مما هي ذات طابع لبناني لبناني"، ويتساءل عن معنى الشراكة "اذا لم نرد أن نشرك بعضنا بعضاً في القرارات الرئيسة التي يتخذها "حزب الله؟".

ومع دخول رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة على خط متابعة القضية، عبر السفير المصري في لبنان أحمد فؤاد البديوي، "بما يضمن صفاء العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين"، كان لافتاً الحرص المصري على عدم الطلب من الحكومة اللبنانية اتخاذ موقف من نشاط "حزب الله" الخارجي، إذ أوضح السفير المصري بعد لقائه السنيورة، رداً على سؤال عما اذا كانت مصر تطالب الحكومة اللبنانية بموقف واضح من قضية الموقوف من "حزب الله" والملقب بخالد شهاب، "أن لبنان حر في اتخاذ الموقف الذي يناسبه، اما بالنسبة لنا فالقضية بيد القضاء المصري".

إلا أن الحرص المصري على عدم حشر لبنان الرسمي بأي موقف من شأنه أن يؤثر سلباً على استقرار الأوضاع في الداخل المقبل على انتخابات نيابية في 7 حزيران، لا يعني أن يضع عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين الحاج حسن، يديه ورجليه في "مياه باردة"، بقوله "إن العلاقات الرسمية مع جمهورية مصر العربية لن تتأثر نتيجة توقيف المجموعة التي اتهمت بالتخطيط لتنفيذ عمليات في مصر "لأن هناك فريقاً أساسياً في لبنان يتعامل مع مصر"!.

في قراءة المحلل السياسي الياس الزغبي لقضية "حزب الله" في مصر، "أن ما تم الكشف عنه جاء يؤكد أن لـ"حزب الله" ذراعاً اقليمية واخرى دولية تستمد قوتها المخابراتية والمالية والتنظيمية من الاجهزة المحورية الايرانية، خصوصاً ما يعرف باسم الحرس الثوري الايراني". ويعتبر "أن القضية تفتح مسألة "حزب الله" على مصراعيها أمام سبل المعالجة، فما جرى في مصر، وفي سيناء تحديداً، ليس مسألة تفصيلية أو عابرة، بل يفتح العيون الاقليمية والدولية على التحدي الخطير الذي بات يشكله الحزب بالنيابة عن النظام الايراني، وربما كانت المرحلة الاخيرة فاصلة بالنسبة الى الدور السوري، إذ يبدو أن دمشق تحاول الابتعاد عن هذا التورط الاقليمي". وبرأي الزغبي، "أنه مهما كانت التبريرات والتفسيرات، فإن ما قام به "حزب الله" في مصر يشكل مبرراً للقلق اللبناني العام"، ويشير الى أنه "الحزب بات اليوم أمام مفصل سياسي وواقعي حتمي، فهو يحاول الخروج من المأزق الصعب الذي انزلق إليه، ولكن ليس بالوسائل الموضوعية والعقلانية، إنما بوسيلة الهروب الى الامام".

 

اللبنانيون في الغرم وأشرف الناس في الغنم

المحرر السياسي: موقع تيار المستقبل/

تفيد وقائع التحقيقات التي نشرتها جريدة "المصري اليوم" مع سامي شهاب قائد الخلية التي كلفها "حزب الله" بأعمال لوجستية، على ما أعلن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ان المدعو محمد قبلان، وهو المسؤول المباشر عن مسؤول مكتب مصر، سامي شهاب، امتعض عند لقائه هذا الأخير في مصر مرسلاً من "حزب الله" في مهمة متجددة. ذلك ان المدعو محمد قبلان، اعتبر ان الأمن المصري سبق ان ربط بينهما، وان ذلك قد يشكل خطراً امنياً على الخلية وقائدها والعمل برمته. لذا قرر ان يعودا إلى لبنان تواً بطائرتين مختلفتين، حتى لا يثير اجتماعهما على متن طائرة واحدة الشبهات.

لكن السؤال الاول الذي سأله المحقق المصري للبناني الماثل امامه، كان عن اسمه، فأجاب: محمد يوسف احمد منصور. فما كان من المحقق إلا ان سأله: أُمّال سامي شهاب ده ايه؟، فأجابه بأنه الاسم الحركي الذي يستخدمه في نشاطاته التي يكلفه بها "حزب الله". وهذا الاسم هو الاسم المطبوع على جواز سفر محمد يوسف احمد منصور، والصادر عن دائرة رسمية لبنانية، والممهور بأختام الامن العام اللبناني في مطار بيروت الدولي. وبصرف النظر عما اذا كان الجواز المذكور مزوراً تزويراً متقناً إلى الحد الذي لم يستطع الأمن العام في مطار بيروت الدولي اكتشاف طبيعته، ام كان صادراً فعلاً عن المديرية وممهوراً بالتواقيع والأختام اللازمة ليصبح جوازاً رسمياً، فإن ما سبق من وقائع التحقيق يوضح نقطتين بالغتي الأهمية:

الأولى: كان "حزب الله" وقياداته الميدانية يعلمون تمام العلم ان ما يقومون به هو تجاوز للقانون المصري وانتهاك له، بدليل ان المسؤولين المباشرين عن العملية برمتها، محمد قبلان ومحمد منصور كانا يخشيان انكشاف علاقتهما وافتضاح خطتهما لدى الامن المصري، مما استدعى منهما اتخاذ احتياطات امنية حالت دون اعتقال الاول، ولم تحل دون اعتقال الاخير.

الثانية: ان قيادة "حزب الله" خالفت القانون اللبناني عبر تزويد مناضليها بأوراق ثبوتية مزورة، وان المسألة برمتها تحتاج إلى تحقيق مستفيض من وزراة الداخلية.

وهذا لو صح يستوجب توضيحاً للجانب المصري في ما يتعلق بعلم الوزارة او جهلها للخطة التي أقدم "حزب الله" على الشروع في تنفيذها على الأرض المصرية. وفي الحالين، يفترض بالوزارة والقيمين عليها تحمل التبعات والنتائج.

من دون هذا التوضيح، يصعب ان يتقبل الجانب المصري الامر بوصفه من مسؤولية "حزب الله" وحده، بصرف النظر عن الأسباب الوجيهة التي دعت الحزب إليه.

هذا الاستهلال الشكلي – القانوني ما كان ليكون شكلياً، لو ان الحادثة لم تجر مع مصر. أي ان "حزب الله" الذي ارتأى ان يخالف القانون مرتين في لبنان وفي مصر يفترض ابتداءً، ان مصر لن تسائل لبنان عما فعله الحزب وعن التسهيلات التي تقدم له. ذلك ان مصر الشقيقة، تتفهم الظروف اللبنانية بما فيها ظروف الحزب في عمله الأمني. وهي تبعاً لذلك لن تصعّد في القضية ضد لبنان الرسمي والشعبي وتطالب السلطات اللبنانية تبعاً لذلك بتحمل مسؤولياتها على هذا المستوى.

ولنفترض ان ما جرى في مصر جرى في بلد آخر، كتركيا مثلاً، وعمدت الاخيرة التي لديها سوابق على هذا الصعيد، إلى استنفار جيشها وتهديد لبنان بحرب لا تبقي ولا تذر ما لم تتسلم المطلوبين لقضائها، فما الذي كان سيفعله لبنان في هذه الحال؟ خصوصاً ان "زعيمة" الممانعة والصمود لم تصمد امام ضغط كهذا في ما مضى وسلمت الامين العام لحزب العمال الكردستاني "مخفوراً" الى السلطات التركية اثر تهديد تركي مماثل وأقفلت معسكرات هذا الحزب في البقاع وفي سوريا على حد سواء. والمعنى من هذا الاستطراد الافتراضي، ان "حزب الله"، على ما يأمل اللبنانيون، يأخذ هذه المسألة في اعتباره. ويفترض ان مشكلة مماثلة مع مصر قد تنحصر بتحميله وحده مسؤولية ما جرى، ووضع المسألة بيد القضاء، وعدم تعريض البلد و"حزب الله" معه إلى تحد سياسي – امني – عسكري، بسبب العلاقة التاريخية التي تربط مصر بلبنان، وبسبب الصدافات القوية التي تربط فريقاً من اللبنانيين بمصر ايضاً. مما يعني مرة أخرى، ان "حزب الله" لا يستظل بالليونة التي تبديها السلطات اللبنانية حيال اجراءاته الأمنية فحسب، بل يستظل ايضاً بالشرعية اللبنانية الممثلة بالرئيس الجنرال ميشال سليمان، والحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة، وانه تالياً من دون تغطية هذه الحكومة عبر صداقاتها التي لا تزال تحافظ عليها لا يستطيع ان يهرّب سلاحاً وينقل مقاتلين إلى غزة ولا حتى إلى جنوب لبنان. هذا كله يندرج في اطار التذكير بأن "حزب الله" يحتاج في مقاومته وسلامة امنه، إلى غطاء لبناني رسمي وشعبي، لا تزال الحكومة تؤمنه رغم كل الاتهامات التي ساقها بحق ابرز وزرائها واولهم رئيس مجلس الوزراء نفسه. مما يعني ان اللبنانيين جميعاً، وحتى اليوم، متضامنون متكافلون في الدفاع عن البلد في مواجهة اطماع العدو. ومن دون دور مماثل للبنان الرسمي لم يكن "حزب الله" يستطيع ان ينجح في اتمام الخطوة الأولى، فكيف بالثانية والثالثة في هذه القضية؟.

هذا يعيد رسم السؤال الأهم. كيف يحق لـ"حزب الله" والحال على ما هي عليه، ان يعرض البلد إلى هزة ديبلوماسية، حتى الآن، مع طرف عربي يعتبره شركاؤه في البلد والمصير صديقاً صدوقاً؟ وكيف يحق له ان يعلن حرباً إعلامية على مصر ويحرض جيشها وشعبها على قلب النظام في وقت يحتاج حيال ما قام به تفهماً مصرياً لخصوصية الحالة اللبنانية، وتريثاً مصرياً في معاملة لبنان بالمثل؟.

نعرف في لبنان ان بعض ما يقوم به "حزب الله" لا يحصل بموافقة لبنانية عامة. هذا ما يعلنه تكراراً الامين العام لـ"حزب الله"، لكننا نعرف ايضاً ان النتائج والمترتبات تقع على كاهل اللبنانيين جميعاً، وان اخطاء "حزب الله" يتحمل مسؤوليتها الشعب اللبناني برمته، لكن انتصاراته له وحده. فالتعويضات على المتضررين من الحروب تقع على عاتق اللبنانيين جميعاً، لكن أشرف الناس هم فقط من يقفون في العراء ويهتفون: خامنئي. والمشكلة الحالية مع مصر ليست اقل فداحة من التي سبقت، لكن "حزب الله" في ما يبدو مستمر في نهجه الذي يعتبر ان على اللبنانيين جميعاً القيام بخدمته، سواء أخطأ التوجه ام أصاب.

 

حزب الله" يسعى الى ضرب "الطائف"

موقع تيار المستقبل/

يبدو أن فريق "8 آذار" أعد العدة من أجل تكريس تسوية الدوحة التي أنهت في مرحلة ما الأزمة السياسية التي استحكمت بمؤسسات الدولة وشلتها، وجرت البلاد الى هاوية الحرب الأهلية، لتصبح بديلا ثابتاً من اتفاق الطائف الذي أضحى جزءاً من الدستور اللبناني، رغم أن هذه التسوية كانت ظرفية لإنهاء الأحداث المشؤومة التي وقعت في 7 أيار 2008 وسياسة تكبيل الدولة التي فرضتها قوى "8 آذار" وعلى رأسها "حزب الله" في السنوات الاربع الماضية عبر اغلاق المجلس النيابي واحتلال وسط بيروت. وفيما تسعى قوى "14 آذار" الى إنهاء مفاعيل أحداث 7 أيار بعد الإنتخابات والعودة الى نظام الحكم الديموقراطي الحقيقي الذي أضعفته قوى "8 آذار" عبر بدعة "ثلث "التعطيل" الذي شلّ السلطة التنفيذية، تجهد الأخيرة الى جعل تسوية الدوحة سمة من سمات نظام تحاول فرضه بالقوة على الشعب اللبناني، يخفي في طياته الهدف الحقيقي لهذه القوى وهو تغيير النظام الذي اتفق عليه اللبنانيون في الطائف برفض منطق "العدادات" الطائفية، وتكريس لبنان بلداً للعيش المشترك بين جناحيه المسلم والمسيحي.

بعد حرب تموز 2006 خرجت قيادات "المعارضة" لتطالب بحكومة وحدة وطنية و"حجتها" في ذلك الوقت ان اي دولة في العالم تتعرض لأزمة أو كارثة ما تلجأ الى تأليف حكومة وحدة وطنية لإنقاذ البلد والتكاتف لحلها. اما بعد الدوحة وتأليف حكومة ما يسمى بالوحدة الوطنية ثبت للبنانيين أن "8 آذار" وعلى رأسها "حزب الله" تسعى الى تكريس بدعة مشاركة كل الأطياف في الحكومة وايضاً "ثلث التعطيل" من أجل منع الحكومة من القيام بواجباتها واتخاذ القرارات الصائبة.

التصريحات الموتورة التي تدفقت الأسبوع الماضي على لسان قادة "حزب الله" تؤكد أنه يسعى الى الإنقضاض على اتفاق الطائف لتكريس "ثلث التعطيل" تحت ستار "الدوحة" كهدف مرحلي وفيما بعد نظام المثالثة. وآخر هذه التصريحات تأكيد مرشح "حزب الله" نواف الموسوي أن "اتفاق الدوحة ليس عابرا، بل منظّما للحياة السياسية اللبنانية ولإيقاع المؤسسات قبل 7 حزيران وبعده".

اصرار "حزب الله" بدءاً من أمينه العام السيد حسن نصر الله مروراً بنائبه الشيخ نعيم قاسم وصولاً الى رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، على "ثلث التعطيل" في أي حكومة ستشكل بعد الانتخابات، يرى فيه عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري "تكريساً لتسوية الدوحة كصيغة نهائية، ومحاولة لإلغاء اتفاق الطائف والدستور اللبناني وميثاق العيش المشترك".

وفي هذا السياق، يشير الى أن "ما سمعناه سواء من المرشح نواف الموسوي او من بعض قيادات "حزب الله" يؤكد قناعة الحزب بهكذا توجه، خصوصاً ان بنود تسوية الدوحة المتمثلة بانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، واعداد قانون انتخابي وفق قانون الـ60، والحوار الوطني، طبقت كلها. اما البند الأخير الذي يحظر استخدام السلاح والعنف فيبدو ان "حزب الله" يلوح به ويهدد بالعودة الى ما قبل تسوية الدوحة و7 أيار، خصوصا اذا فزنا في الإنتخابات وعدنا الى اتفاق الطائف، عبر استخدام السلاح مرة جديدة في الداخل، وهذا الكلام يجعل اتفاق الطائف والدستور والعيش المشترك في خطر".

واذ يعتبر أن "الفريق الآخر اصبحت قناعاته بالفوز شبه معدومة لذلك يحاول انتزاع نظرية الثلث المعطل في الحكومة المقبلة كي يحتفظ بالفيتو"، يلفت الى أن "تسوية الدوحة الظرفية اتت بعد غزوة بيروت والعدوان الذي استعمل فيه "حزب الله" سلاحه في الداخل، وجاءت لترجع الخلاف الى مؤسسات الدولة ولتجنب البلاد حرباً أهلية نتيجة 7 أيار".

ويشدد على أن "لا مجال للمقارنة بين تسوية ظرفية (الدوحة) تنتهي بعد الإنتخابات في 7 حزيران، وبين الطائف الذي كرس في الدستور، لأن الأخير انهى الحرب الأهلية وحظي بشبه اجماع لبناني وبدعم عربي ودولي وتم تكريس عناوينه في الدستور خصوصا في مقدمته لجهة حسم لبنان ككيان مستقل عربي يتمتع باستقلال تام، والعيش المشترك وتعدديته، والتأكيد على الحريات العامة".

ويصف المس باتفاق الطائف بـ"الجريمة، وهذا لا يعني اننا نضعه في منزلة الكتب السماوية لكن العناوين العريضة فيه خطوط حمر اما التفاصيل فتناقش شرط الإجماع اللبناني. ولو قدر للطائف ان يسقط سنعود الى الحرب الأهلية لأنه كرّس المناصفة وسقوطه يعني استعدادا لتحقيق المثالثة وهنا تكمن اهمية ما قاله رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري في مهرجان البيال عندما اشار الى أن الطائف يعني المناصفة وانتهى العد لأن لبنان وطن لكل طوائفه".

ويذكر حوري بأن "الشعب اللبناني لم يخف في 14 آذار 2005 وقام بثورة الأرز رغم أن الجيش السوري والنظام الأمني المشترك كانا لا يزالان في لبنان، وكذلك في انتخابات العام 2005 ذهبنا وعبّرنا عن خيارنا لذلك سيحقق الشعب اللبناني ثورة متجددة في 7 حزيران المقبل".

من جهته، يؤكد عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب انطوان زهرا ان "الشعب اللبناني الذي انتفض في العام 2005 وأخرج الوصاية السورية وقدم الشهيد تلو الشهيد دفاعاً عن حريته لن تخيفه أساليب الترهيب وكل محاولة لن تنتج الا مزيداً من التمسك بمطلب حصر السلاح بالقوى العسكرية"، معتبراً ان "كل اساليب التخويف والترهيب لن تنعكس الاً سلباً على اصحابها".

ويشير زهرا الى أن "الأحداث الأمنية المصغرة التي يفتعلها فريق "8 آذار" بين فترة وأخرى ويعتبرها فردية، هي محاولة للإستعاضة عن الإضطرابات الأمنية الكبرى لكي يؤثر في الرأي العام، ولكن بعد التوجهات الواضحة بتفويض "14 آذار" وثورة الأرز تحقيق سيادة لبنان واستقلاله، عاد هذا الفريق الى التهويل بالأحداث الكبرى علها تأتي بالمطلوب كالأحداث الصغرى".

ويوضح أن "فريق "8 آذار" يحاول أن يسقط الجزء الأول من اتفاق الدوحة الذي يتجسد بالتزام الجميع بعدم استخدام العنف، عبر التهويل. اما الجزء الثاني والمتعلق بانتخاب رئيس توافقي وحكومة ثلث معطل استثنائية ولمرة واحدة فتحقق"، لكنه يشدد على "أننا لن نوافق على تكرار التجربة (الثلث المعطل) ونحن كأكثرية سنحرص على تطبيق الشراكة الوطنية من دون اعطاء حق التعطيل لأننا جربناه وكان سيئاً، اما اذا اصبحنا أقلية واختار الشعب اللبناني ذلك، فسنترك لهم تشكيل الحكومة وسننصرف الى المحاسبة والمراقبة والمساءلة".

محمد فؤاد شبارو ومحمد نمر

 

جعجع من بكركي: عنوان معركتنا في كسروان كارلوس اده وكميل زيادة وسجعان القزي

موقع القوات اللبنانية/اكد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع إن الجيش يتصرف كما يجب، مشيرا الى ان خطورة الموضوع تكمن في أن يطلق المواطنون النار على دورية للجيش اللبناني ويستشهد أربعة عسكريين، ولكن الجيش لا يقصّر ابداً وعليه أن يستمر في ملاحقة القتلة حتى إعتقال آخر شخص بينهم. واعتبر جعجع بعد لقائه البطيريك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في بكركي "ان موقفنا واضح بالنسبة لوجود سلاح خارج سيطرة الدولة اللبنانية والقوى الأمنية، فهذه الحادثة مؤسفة وجريمة كبيرة بحق الوطن، والجيش. وعلى الجيش اللبناني الإستمرار حتى النهاية، وعلى القضاء معاقبة الفاعلين بأقصى ما يكون". وحول رفض وزير الإتصالات جبران باسيل إعطاء المعلومات للأجهزة الامنية عن المعتدين على الجيش، اعتبر جعجع أن "هناك مخالفة كبيرة تحصل وأسف كيف أن مجمل الوزراء لا يتطرقون إليها أو يعالجونها. ووزير الإتصالات ليس هو المعني بتحديد المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها الأجهزة الأمنية أو لا تحصل عليها، بل مجلس الوزراء مجتمعاً، وليس لأن الوزير جالس على مصدر معلومات هو الذي يفتح "الحنفية" نصف فتحة أو ربع فتحة أو يقدر بأن القانون يسمح بذلك أو لا يسمح، فهذا الأمر غير صحيح".

واكد ان وزارة الإتصالات هي وزارة وسيطة في هذا المجال، وليست وزارة القرار، وأسف كيف أن مجلس الوزراء ترك الأمر وكأنه "يحق لكل وزير أن يتصرف بوزارته تبعاً لما يراه مناسباً، فالقوانين المرعية الإجراء لم تُعط وزارة الإتصالات حق التقدير في إعطاء او عدم إعطاء المعلومات"، وأسف أيضاً لما يحصل وتمنى على مجلس الوزراء أن يحدد لمرة أخيرة ونهائية لمن يجب أن تُعطى هذه الصلاحية.

وأوضح جعجع ردا على سؤال عن كلامه حول "العناوين الخنفشارية" أنه " لم يكن يتحدث عن كسروان، فالمعركة الحالية هي معركة سياسسة بامتياز إلى جانب كونها إنمائية وخدماتية ولكن دائماً السياسة أولاً، فإذا كانت السياسة تسير بشكل جيد كل شيء سيسير جيداً، وإذا لم تكن هكذا فعبثاً يحاول البناؤون لا في الإنماء ولا في الإقتصاد ولا في أي شيء آخر". وعن إمكانية توجيه اتهام إلى الامين العام لحزب الله حسن نصرالله من قبل مصر، تمنى جعجع على كل المعنيين التعامل مع هذا الموضوع بروية وهدوء، رافضاً التعليق أكثر بانتظار النتائج الكاملة للتحقيقات والوقائع العملية.

وأشار الى أن هناك عناصر من حزب الله وصلت إلى مصر بأوراق مزوّرة، الأمر الذي اعتبرته السلطات المصرية غيرَ قانوني. وأضاف إن هذه الواقعة لا يمكن أن تمر عرضياً في أي دولة، مهما كانت النوايا حسنة، كما أنه لا يجب لأي حزب أن يسمح لنفسه بمخالفة قوانين الدول الأخرى، بغض النظر عن موقف هذا الحزب او ذاك من سياسة هذه الدول أو قوانينها".

وفي موضوع الإنتخابات، أكد جعجع أنه سيتعاون مع المستقلين في كسروان، لافتاً إلى عنوان معركتنا في كسروان هو العميد كارلوس إده وسجعان قزي عن حزب الكتائب، وكميل وزياده، وهؤلاء أعضاء قوى 14 آذار. وهم سيعطون المعركة الإنتخابية لونها السياسي الواضح.

واضاف: "نحن لسنا بعيدين عن أحد ولكن ما تقتضيه ضرورات ربح المعركة، وسيتم العمل بغض النظر عن صداقاتنا ورأينا بالأشخاص الآخرين".

وأكد جعجع أن نقل كارلوس إده لخوض المعركة الإنتخابية في كسروان هي طبخة 14 آذار بالتأكيد وليست طبخة القوات كما يُقال، والعميد إده ترشح في كسروان بعد مفاوضات كبيرة معه وأنا كنت واحداً ممن تدخلوا معه للترشح في كسروان نظراً لضرورة إعطاء المعركة في هذه المنطقة حجمها السياسي الفعلي، فمن جهة كان لدينا النائب ميشال عون واللائحة التي يشكلها، وفي الجهة الثانية لم يكن هناك أحد في 14 آذار، لذا رشحنا العميد كارلوس إده على الرغم من أن شعبيته هي في جبيل". ورداً على سؤال، نفى جعجع " وجود تطاحن بين القوات والكتائب في الإنتخابات، لافتاً إلى أن من الطبيعي أن يرفع كل حزب بمرشحيه، وأكد أن كل المقاعد التي كانت موضع ترتيب بين الحزبين إنتهت منذ عشرة أيام، وكل الترتيبات تمت بين الحزبين.

واعلن أن التأخير الحاصل في إعلان اللائحة في المتن اسبابه إدارية وتقنية ولا خلاف على أي شيء، اما في زحلة، فالترتيبات أكثر من تقنية وإدارية باعتبار أن هذه المدينة كبيرة وتضم مرشحين كثر.

وأشار إلى أن المشاورات مستمرة بين هولاء المرشحين، لاختيار الأفضل. وفي جبيل، أكد أنه لا وجود لأي مشكلة لأن مرشح قوى 14 آذار هو فارس سعيد الذي يرحب بدوره بالتعاون مع المرشحين المستقلين والإتفاق على صيغة معينة لكيفية إدارة المعركة إذ أن الموضوع هو موضوع ترتيبات ولا أي شيء آخر".

ورداً على سؤال آخر، اعتبر جعجع ان النائب ميشال عون ليس دخيلاً على كسروان، فأقله أن يتمتع كل فرد بحرية التحرك في بلده، وذلك وفق ما يسمح به القانون. فعون وأنا أو غيرنا من رؤساء الأحزاب اللبنانية لنا الحق في الترشح في كل المناطق اللبنانية، إذا أن المنطق القائل بأننا دخلاء على المناطق التي نحن فيها، فهذا مرفوض من أهله، وأضاف إن جوهر المشكلة في كسروان يكمن في الطرح الذي يحمله عون والطرح الآخر الذي يحمله العميد كارلوس إده و14 آذار، إذا المشكلة ليس بالأشخاص بل بالطروحات".

ورداً على سؤال عمّا اذا كان يتخوف من تلاقي ضمني بين النائب وليد جنبلاط والنائب السابق غطاس خوري يخرج النائب جورج عدوان من اللائحة ، راى ان مخيلة البعض أوسع مما يتحمله عالم الواقع، وإن القرار داخل قوى 14 آذار على مستوى القيادة واضح بهذا الخصوص وكل واحد يهتم بالشق المعني به ولسنا بإنتظار أية مفاجآت أو مؤامرات على هذا الصعيد".

وأعلن جعجع أن الناس يقررون عدد كتلة القوات اللبنانية النيابية المقبلة، مشيراً الى أن المهم ليس العدد بل المعنى الذي تحمله".

الى ذلك، التقى جعجع السفيرة الاميركية في لبنان ميشال سيسون بحضور مستشار العلاقات الخارجية في الحزب ايلي خوري ومسؤول العلاقات الخارجية جوزف نعمه حيث جرى البحث في تداعيات وابعاد الازمة المفاجئة الناشئة بين حزب الله ومصر، كما كانت جولة أفق حول وضع المنطقة ولاسيما محاولات المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل للوصول الى حلّ للقضية الفلسطينية.

وتداول المجتمعون الواقع اللبناني وأخر مستجداته الوضع الامني على أثر أحداث البقاع اضافة الى الاستحقاق النيابي وضرورة إجرائه في الموعد المحدّد وفي ظل أجواء ديمقراطية وهادئة وضرورة أن يكون تحت إشراف مراقبين دوليين.

 

الكتلة الوطنية": "حزب الله" يسعى لمد السيطرة الإيرانية على الدول العربية

 التاريخ: 16 نيسان 2009 المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام 

دعت اللجنة التنفيذية لحزب "الكتلة الوطنية" الشعب اللبناني الى قراءة دقيقة لاعتراف "حزب الله" بتورطه في خرق السيادة المصرية "لان فيه كل الدلائل ان مشروعه كبير ويهدف الى مد السيطرة الايرانية الفارسية في كل الدول العربية". وأشارت في بيان صدر عقب جتماعها الدوري، الى ان "الاعتراف امر بالغ الخطورة لما له من دلالات على النية التوسعية لهذا الحزب"، مؤكدة أن "حزب الله برهن انه اداة ايرانية يحارب اسرائيل من الحدود المسموح ايرانيا اللعب على انظمتها". وشددت على أن "مشروع ولاية الفقيه هو الذي يجب ان يخشاه اللبنانيون وما وثيقة التفاهم التي يرفعها العماد ميشال عون عاليا الا ورقة لا تساوي الحبر المكتوب على سطورها امام هذا المشروع". ولفتت الى "عدم اعطاء الجيش ومده بالمعلومات حول الجريمة التي ارتكبت ضده في البقاع، من قبل وزارة الاتصالات والتي تتيح كشف هذه الجريمة وتعقب منفذيها"، مشدداً على أن "التأخير وعرقلة عمل سير العدالة من قبل وزير يعتبر نفسه من دعاة الاصلاح والتغيير، امر بالغ الخطورة ويستدعي تدخلا عاجلا من قبل السلطات والمراجع العليا لمحاسبته".

 

أبو الغيط: الإضرار بمصر له عواقبه وسنتصدى لتحرك "حزب الله"

التاريخ: 16 نيسان 2009 المصدر: يو.بي.آي 

نفى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ما تردد عن تلقي بلاده دعماً استخبارياً أجنبياً ساهم في توقيف أعضاء الخلية التابعة لـ"حزب الله"، منبهاً إلى أن محاولة الإضرار بمصر "لها عواقبها". وأكد أن "الاجهزة المصرية ووزارة الخارجية هي التي قامت برصد هذا الامر ومتابعته والتحرك في إطاره"، مشيراً إلى أن "مصر ليست بدولة صغيرة وهي قادرة على السيطرة على اراضيها واجهزتها واعية". ووصف موضوع الشبكة التي أوقفتها بلاده، بأنها "محاولة للإضرار بمصر وتطويع سياستها بشكل يقودها الى التحرك باتجاه يرغب فيه هؤلاء البعض"، محذراً من أن لهذه المحاولة "عواقبها". واتهم قوى لم يسمها، بالسعي الى "السيطرة على القرار المصري وتطويع ادارة مصر واستخدامها لتنفيذ سياساتها"، معتبراً أن "المضحك المبكي ان هذه القوى أضعف كثيرا من إمكانية مصر وهذا الفعل بحد ذاته يعكس اليأس لدى هذه القوى". واوضح أن مصر ستتصدى لتحرك "حزب الله"، مشدداً على أنها "قادرة على ان تتحرك بأسلوب يلحق الضرر بالكثير من هؤلاء الذين يروجون لهذه المواقف والسياسات، الا ان الحكمة المصرية والعقل المصري يقول ان أداءنا قد يكون له اضراره الحادة على مجتمعات نسعى الى الدفاع عنها". وذكّر بوقوف مصر التاريخي مع الشعبين الفلسطيني واللبناني. ووصف العلاقات المصرية ــ الإيرانية بـ"الباردة، لأنهم لم يقدروا مسؤوليات مصر، وغاب عنهم ان مصر هي من الدول الاساسية الداعمة للشعب الفلسطيني في الضفة وفي قطاع غزة".

 

إيران تدخل على خط التصعيد مع مصر

موقع تيار المستقبل/      

في وقت كانت الانظار تتجه إلى ما ستؤول إليه التحالفات الانتخابية والحملات المنسقة التي ينوي القيام بها كل فريق، في الطريق إلى 7 حزيران المقبل، برز حدثان حجبا الرؤية أمام استعدادات 8 و 14 آذار، الأول يتمثل في تداعيات الاعتداء الذي تعرض له الجيش اللبناني في بعلبك، والحملة المتواصلة التي يقوم بها لإلقاء القبض على المعتدين، في خطوة تظهر أن قراراً حازماً قد اتخذ لمواجهة كل من يخل بالأمن.

أما الثاني، فهو الأزمة المتصاعدة بين مصر و"حزب الله"، مع مواصلة السلطات المصرية تحقيقاتها مع الشبكة التابعة للحزب، وملاحقة هاربين ينتمون إليه في صحراء سيناء.

الانتخابات.. وأزمة الحزب

اللافت في هذه القضية، ما رشح أمس من مواقف إيرانية تصعيدية ضد مصر واتهام الاخيرة بالتحرك وفقا "للنظام الصهيوني"، إذ ربط وزير الخارجية منوشهر متكي القضية بموضوع الانتخابات النيابية المقبلة، معتبراً ان الاتهامات المصرية بحق "حزب الله" وأمينه العام السيد حسن نصر الله "قديمة وبالية ولن تأتي بنتيجة". وأشار إلى "أننا عشية الانتخابات التشريعية اللبنانية، وللأسف ثمة أياد خفية يحركها النظام الصهيوني تسعى الى ااثارة مشكلات".

وعلق مصدر مطلع، على كلام متكي، وما سبقه من حديث مماثل لرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، وقال لموقع "المستقبل": "حديثهما يؤكد خطة النظام الإيراني في تمويه الأهداف الحقيقية لهذا النظام في بعض الساحات العربية ومنها لبنان وفلسطين ومصر".

وإذ أكد المصدر أن "ليس هناك أي علاقة بين اكتشاف الشبكة وملف الانتخابات النيابية في لبنان"، اعتبر أن "المسألة في عمقها هي مدى تورط "حزب الله" بأوامر إيرانية مباشرة في الفروع الخارجية للمخابرات الايرانية ابتداء من أميركا اللاتينية مروراً بالعراق واليمن والبحرين وصولاً إلى لبنان وغزة والأردن ومصر وحتى المغرب".

صيدا تقترع للرئيس الشهيد

في سياق آخر، أكد رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي بحث مع منسق الأمانة العامة لـقوى 14 آذار فارس سعيد في وضع الجبيل الانتخابي، أن "لوائح "14 آذار" تتضح أكثر فأكثر، لتصبح جاهزة خلال الايام والاسابيع المقبلة"، معتبراً أن "المعركة الانتخابية هي معركة سياسية بامتياز ونحن غير مقتنعين بخوضها تحت عناوين "خنفشارية" ومجتزئة، وانطلاقاً من هنا علينا التفتيش عن المكوّن السياسي الاساسي في كل منطقة من المناطق".

من جهتها، أكّدت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري "أننا في صيدا ملتزمون قضايا الناس، وسواء نجحنا أم لا، فإن التزامنا بالناس لن يتغير لأنه ليس مقروناً بموقع"، مشيرةً الى أن "صيدا في السابع من حزيران ستقترع لخط الحريري ولحقّها في رئاسة الحكومة، كما ستقترع لثوابتها الوطنية والقومية التي لا تنتظر استحقاقاً انتخابياً كي تؤكد عليها".

جلسة مؤجلة

وانتخابياً أيضاً، صدقت هيئة مكتب المجلس النيابي خلال اجتماعها برئاسة الرئيس نبيه بري على محضر الجلسة التشريعية المتضمن خفض سن الإقتراع إلى 18 عاماً. ونتيجة عدم اكتمال النصاب في جلسة مجلس النواب التشريعية، دعا الرئيس بري الذي التقى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة لبعض الوقت، إلى جلسة تشريعية جديدة يوم الثلاثاء المقبل في 21 نيسان الجاري. وفي هذ الإطار، قال وزير الدولة وائل أبو فاعور: "يبدو ان الاهتمامات الانتخابية للنواب تطغى على الاهتمامات التشريعية، وأمر الحضور من المعارضة والأكثرية يعود الى الكتل".

 

"فضائل" حزب الله

التاريخ: 16 نيسان 2009 المصدر: Now Lebanon بقلم:أيمن جزيني

من يقرأ البرامج السياسية للقوى والأحزاب السياسية التي أطلقت صافرة الانذار لبدء المعركة الانتخابية يشعر بأنه مصاب بـ "الشيزوفرونيا" وأن كل ما عاشه البلد خلال السنوات الماضية من انقسام سياسي مجرد "أوهام" أو "إرهاصات".

البرامج جميعها تتقاطع عند العدالة الاجتماعية، واللامركزية الإدارية، ووقف الهدر والفساد، وإلغاء الطائفية السياسية والتنمية وتحقيق النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، وتعزيز التعليم الرسمي. وكلها أيضاً تبدي حرصها الشديد على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

لكن ما يدفع الى الدهشة ان يكون هذا الكلام مندرجاً في برنامج "حزب الله"، الذي يسوق عن نفسه ما ليس فيها، أو على الأقل ما يتعارض وطبيعته الطائفية والسياسية والايديولوجية. فالحزب الديني يدعو الى الغاء الطائفية السياسية، لكن هل يستوي هذا من دون وقف تدخل رجال الدين في السياسة ومنع إقحام المقدس في السجالات السياسية.

التجربة مع هذه المنظمة الامنية المسلحة تقول أن لا طاقة لها على احتمال الأمر أو المضي به قدماً، وللبنانيين أن يتذكروا ما حصل في بلدهم إثر عرض برنامج تلفزيوني تطرق الى شخص الامين العام لـ"حزب الله". آنذاك قُطعت الطرقات بمستوعبات النفايات والاطارات المحروقة، وكاد السلم الأهلي ان يسقط لولا اتصال هاتفي من السيد نصر الله دعا فيه المناصرين والمحازبين الى الانكفاء عن الشارع، لكنه في الوقت عينه اعطاهم الحق بما فعلوه "لانهم استفزّوا بمشاعرهم" متناسياً انه سياسي واتخذ قرارات افضت في كثير من الاحيان الى سقوط قتلى وجرحى.

والحزب الخمينيّ الهوى والنشأة، الذي خاض حروباً عسكرية، وأقفل الوسط التجاري، واحتل بيروت في "7 أيار"، لا يترك مصطلحاً إقتصادياً إلا ويستعمله في برنامجه "الخلاق" مغفلاً ما خلفته سياسته وقراراته من آثار وخسائر على لبنان واللبنانيين. وهو لا يتبرع بإبلاغنا كيف سيخرجنا مما انتهينا إليه، ولا عن معنى كلمة دولة "العناية"، فيما يتحدث عن "رفع الانتاجية التنافسية"، ومن دون ذكر أي شيء عن المطالب الحمائية للقطاعات الانتاجية.

الاكثر مدعاة للاستغراب في برنامج الحزب هو "الوحدة الاسلامية"، ذلك ان مقاربة هذا الاصطلاح السياسي ــ الديني، تجعل من هذه المنظمة في تناقض حاد، مع "الوحدة الوطنية" من جهة، ومع "الوحدة الاسلامية" من جهة أخرى. وخير برهان على ذلك "ورقة التفاهم" التي وقعها مع الجنرال ميشال عون الذي ما فتئ يسعى في استهداف فئة معينة من اللبنانيين، فضلاً عن أن غزوة بيروت في "7 أيار" لا تدع مجالاً للشك في هذا الإطار. كما أن "الوحدة الاسلامية" بالمعنيين السياسي والديني تجعله في مصاف معاكس لـ"الوحدة الوطنية"، والتاريخ القريب منذ قيام الطائف حتى اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري يقول هذا أيضاً.

وجاء في برنامج الحزب الديني أيضاً أن "استحقاق الانتخابات النيابية يكتسي أهمية كبرى لأنه المدخل الى (...) تكرار إعلان الالتزام بلبنان الوطني لا الساحة، والانتماء لا الارتزاق". ففي مثل هذه الافكار ما يؤشر الى ان المنظمة الامنية المسلحة تستخدم الشعارات السياسية التي تستخدمها قوى الغالبية في التحشيد السياسي ضدها. وفي الاحوال كلها، فإذا كانت هذه قناعة الحزب الحقيقية، فالأمر يعني أنه تخلى عن منطق تمسكه بالسلاح، لكن الوقائع تقول عكس ذلك، منذ مقولة "السلاح لحماية السلاح" أو التهديد بـ "قطع الايدي" والى ما هنالك. فمنطق الدولة لا الساحة الذي يدعو إليه الحزب يفترض ان اللبنانيين باتوا غير مهددين في سلمهم الأهلي، وغير مضطرين للرضوخ الى اجندته السياسية. لكن الحقائق تؤشر إلى خلاف الامر، لاننا وبمجرد مناقشة الافق السياسي لـ"المقاومة" نصبح "خونة" و"متآمرين" على "شعب المقاومة". ويصبح السلاح المفترض انه لحماية اللبنانيين موجهاً ضد هؤلاء، بالضبط كما حصل في بيروت والجبل قبل اتفاق الدوحة.

والمفارقة الاضافية في الأمر تكمن في الحديث عن "الارتزاق" و"الانتماء". فالحزب لا يتكرم على اللبنانيين ليحدثهم عن الفارق بين الأمرين، ومن هو المتكسب والمرتزق ومن هو المنتمي فعلياً الى وطنه. وإلى الآن لا نعرف ما إذا كان بقاء البلد برمته أسير السياسات السورية والإيرانية وابقاء جبهة الجنوب مشتعلة يعني "الانتماء". وكيف نميّز بين "مال شريف ونظيف" وبين آخر "وسخ ونجس" حتى نعرف كيفية الاصطفاف في أحد معسكري "الارتزاق" و"الانتماء".

"فضائل" برنامج "حزب الله" الانتخابي لا صلة لها بواقع البلد ولا بمصالح اللبنانيين. وهو لم يكلف نفسه عناء تقديم مراجعة نقدية لأدائه منذ انغمس في الحياة السياسية لملء الفراغ الناجم عن سقوط عهد الوصاية والهيمنة السورية.

"الفضائل" المطروحة علينا تجارية - تخوينية بامتياز، وللتأكد من ذلك، علينا العودة الى شعار هذه المنظمة المسلحة "قاوم بصوتك" لنسأل: ما الرابط بين دعوة الناخب اللبناني للتصويت وبين دعوته لمقاومة إسرائيل؟.. إلا إذا كان جميع اللبنانيين من غير المنتمين الى "حزب الله"، هم من الجيش الإسرائيلي وأنصاره..!

   

نديم الجميل: لنبق الانتخابات في اطار التنافس الحر

التاريخ: 16 نيسان 2009 المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام 

دعا المرشح عن دائرة بيروت الاولى نديم الجميل الى "الكف عن شرذمة المجتمع المسيحي بايحاءات ومواقف لا تمت الى الثوابت المسيحية بصلة، فلنحترم بعضنا البعض من دون تجريح ولنبق الانتخابات ضمن إطار التنافس السياسي الحر والديموقراطي". وأكد خلال جولة له على عدد من العائلات، ولقائه مع النائب ميشال فرعون عائلة حاصباني في فرن الشباك "اننا نريد بناء الدولة وليس الدويلات"، داعيا من ينادي بهذا المبدأ الى "أن يقرن القول بالفعل". وأعلن "ان النضال من أجل بناء الدولة القوية والحديثة سيكون نضالاً مستمراً وبحاجة الى اشخاص مؤمنين". وقال: "علينا أن نتحد مع شركائنا في الوطن ونناضل معا من أجل السيادة والحرية والديموقراطية والحداثة، فهذه الشراكة يجب أن تتفاعل بقوة بين الطرفين".

 

عون "قلق" من تنامي قوة لائحة البون ـ الخازن

موقع تيار المستقبل/أشارت "الديار" الى أن نواة لائحة منصور البون وفريد هيكل الخازن في كسروان، ستعيد ترتيب الأولويات لدى النائب ميشال عون، اذ أن الرابية بدأت تشعر ببعض القلق من تنامي قوة هذه اللائحة، خصوصاً ‏اذا توسعت لتشمل بعض القوى في المنطقة، لافتة الى سعي عون لضم الوزير السابق فارس بويز قبل ان يلتحق بلائحة البون - ‏الخازن.

 

فرنجية يتوسط لدى عون لضم لحود وكرم ينسحب

موقع تيار المستقبل/لفتت "الديار" الى أن النائب السابق سليمان فرنجية سيتوسط لدى النائب ميشال عون خلال زيارته المقبلة له في الرابية لضم النائب ‏السابق اميل اميل لحود على لائحة "التيار الوطني الحر" في المتن الشمالي بدلاً من سليم سلهب. وتوقعت "الديار" أن ينسحب المرشح فايز كرم بعدما يزور فرنجية الرابية، خصوصاً بعدما كشفت التقارير والاحصاءات أن اصوات التيار في ‏زغرتا لا تتعدى الألف صوت.

 

 

شارل ايوب "ينعف"ميشال عون     

قال رئيس التحرير العام لصحيفة "الديار"،المرشح عن أحد المقاعد المارونية في كسروان إن عهر ميشال عون ودلع مسيحيي 14 آذار الذين يتركون مقعدا خامسا لعون،هما سبب إقدامه على ترشيح نفسه للإنتخابات في كسروان..

وأعلن في مقابلة هي الأولى له مع قناة أخبار المستقبل :أنا اريد مواجهة عنجهية ميشال عون وعهره ،ولا يمكن لمن يملك 400 مليون دولار غير المساعدات التي تأتيه،أن يتحدث عن الفساد.

وقال :انا شايف ميشال عون صاير حفار قبور ،فشغلته حفر قبر الرئيس الحريري والوزير بيار الجميل والنائب جبران تويني ،وهو حين تحصل جرائم يأخذها بشكل عادل.

وتحدث عن صهري العماد ميشال عون جبران باسيل وروي الهاشم (أو.تي.في)وأقاربه وقال :مع ميشال عون لا نتكلم سوى عن الأصهرة وابناء الأخوات ،وهو لا يتحدث سوى عن العفة ،فهو يدين ولا يُدان .

وتحدى ميشال عون ان يعلن عن ثروته وممتلكاته قبل ان يتحدث عن البيترودولار وأشار الى أنه هو شارل أيوب لعب قمار ،فلماذا لا يقول لنا ميشال عون شيئا عن ثروته .

وقال :عائلته غنية ونشطاؤه فقراء.

وكشف ان مسؤولا سوريا هو الذي وافق على عودة العماد ميشال عون في 7 أيار بناء على مفاوضات قام بها كريم بقرادوني واميل اميل لحود.

ولفت الى أنه منذ تمّ إنشاء تلفزيون المستقبل لم تتم استضافتي ،أعتقد بأن استضافتي هذه المرة تعود الى أنني ترشحت ضد العماد ميشال عون.

وقال من طلب من العماد ميشال عون أن يحيم الموارنة من الموارنة ،بورقة ،فنحن لم نكن نخاف من "حزب الله"وعون يريد ان يزرع الخوف في نفوس المسيحيين الذين لم يخافوا أحدا طوال تاريخهم.

وفي ما يأتي أبرز ما قاله أيوب:

أترشح عن كسروان لسببين: حسب قانون القضاء لا مكان في الشمال لمقعد ماروني في الدائرة التي استطيع الترشح فيها.

والسبب الثاني ينقسم بين عهر ميشال عون، ودلع وغنج مسيحيي 14 آذار الذين لا يسترجون مواجهة عون ويحاولون استرضاءه، والحصول على مقاعدهم من تيار المستقبل، فلا يؤلفون لائحة كاملة ويتركون مقعدا لعون.

أنا أعرف عون، وخدمت معه، ولكني أتعجب اين صار، وأستغرب عنجهيته، هو يملك 400 مليون دولار، فلا يتكلم عن الفساد إلا إذا صرح من اين أتى بها.

عندما غادر لبنان إلى باريس، صرح مصرف BNPI عن 78 مليون دولار،وفق العمليات الحسابية المفروض أن المبلغ وصل الى 200 فقط.

انا ضد تأليف لائحة من 4 نواب للمسايرة والمداهنة، منطق عدم استنفار كسروان جبن وضعف وليس مرجلة، أفضل أن أنزل بمبادئي وبكامل قوتي في المواجهة.

14 آذار ارتكبت خطأ جسيماً في انتخابات 2005 عندما وصفته بالتسونامي وعرضت عليه 7 نواب ، فاستغل الموضوع قائلاً: لا ليس قريطم من تحدد مرشحي الموارنة، وهذا خلق ردة فعل قوية عند المسيحيين وأعطوه 21 نائبا ً، لأنهم لا يريدون أن يكونوا مسيحيين سنة أو مسيحيين شيعة، فالماروني سبب نشوء الكيان اللبناني مع بقية الطوائف.

- العماد عون سنة 2005 كان معه حق، أما في 2009 هو مخطىء مع غيره، وبات عمله حفار قبور، كيف يهاجم رفيق الحريري، بشير الجميل، جبران تويني ويفتح معهم معارك في قبورهم؟

لم أعد أعرفه، في الحرب كان يخاطبنا على الجهاز اللاسلكي متفقدا إيانا مشددا على عدم قتل اسرى. والآن تحصل جرائم بحق الجيش والمدنيين ويعتبرها عادية، ويصف قتل الجنود اللبنانيين بالحالة الثأرية، ويستمر بنبش القبور.

معركتي أيضاً ضد دلع مسيحيي 14 آذار: ليش الجبن في كسروان، لماذا خوض المعركة الانتخابية في المتن وجبيل وليس في كسروان ، الأفضل أن يسقطوا بكرامتهم، وليس بضعفهم، أيهما أغلى الكرامة او المركز.

مسيحيو 14 آذار قبضوا من السعودية، هذا صحيح، ولكن عون يقبض من قطر وايران وغيرها.

مسيحيو 14 آذار قدموا 44 مليون دولار لكسروان، فماذا قدم هو؟

عندما يذهب إلى قطر وإيران هل يبحث في موضوع القاعدة الاميركية او الملف النووي؟

أنا اتقدم وأقول للرأي العام الكسرواني: هل انا مجبور على الحصول على ورقة من مطران او سياسي لتوظيف ابني؟ هل تريدون ان يكون الممر الاجباري الى الدولة عون وتحالفه الاقليمي الواسع، أو عائلات 14 آذار؟

أنا مستقل ودليل استقلالي انني منفرد، وارفض دخول اي لائحة ولو انها توفر لي حظوظاً.

أخاطب العقل اللبناني عامة، والكسرواني-الفتوح مباشرة: دخلت الجيش كرسالة، وعملت في الصحافة كرسالة. أصابتني شوائب اثناء العمل، وفرضت علينا أمور ولكني حافظت على مبادئي.

أنا ضد شعار العائلة وشعار عون.

من هو آلان عون؟ إبن اخت الجنرال، من هو روي الهاشم رئيس إدارة تلفزيون otv؟ من هو جبران باسيل؟ صهر الجنرال. بتنا نتكلم عن العائلة التي تدير التيار الوطني الحر.

في حين هناك جياع حول عون، فقراء، والأموال مضبوبة للقضية، اين القضية؟ لم أر يوما روي الهاشم وجبران باسيل وألان عون جرحى مواجهة.

عون يتصرف كديّان، يدين ولا يدان. والمسيح قال: لا تدينوا كي لا تدانوا.

مثلا :جنبلاط قال أنه أهدر اموال وزارة المهجرين، يجب أن يُحاسب ولكنه اعترف بذلك. فهل يسترجي عون أن يعلن عن ثروته؟ هو لم يدفع قرش واحد ضريبة دخل على كل مساعدة تلقاها.

هل وضع 80 مليون دولار في فرنسا للعائلة ام للناس؟

المشكلة ان مسيحيي 14 آذار ليس لديهم قضية، يتكلمون عن الخدمات وتزفيت الطرقات.

ولكننا في خضم قضية كبرى: هل فكرة لبنان ككيان مستقل موجودة عند كل الأطراف؟ المعركة سياسية بامتياز.

الخدمات جزء من المجلس النيابي ولكن ما يفيد المواطن الكسرواني أن يكون هناك مؤسسة تضمن له الحصول على عمل دون اللجوء إلى العائلات وقنوات الوساطة.

أنا أطرح نفسي في 3 مواقع: 1- الموقف الوطني اللبناني: استشهد رفاقي على المتاريس نتيجة العمل السياسي السطحي، ولاأريد ان يتكرر هذا المشهد مع اولادي والأجيال القادمة، ولكننا قد نصل إلى هذا إذا بقي الوضع قائما ً على ما هو عليه. الحل يكون ببناء الدولة القوية، وهنا تكمن مصلحة أهل كسروان.

2 – أؤمن بالجيش الذي خدمت فيه، وهو القوة الأساسية التي يجب المحافظة عليها.

3- موقفي من عون : هناك حادثة أثرت بي كثيرا. في 13 تشرين 1991، ترك عون بعبدا، وذهب إلى السفارات ليتفاوض وترك وراءه 1300 جنديا يقاتلون من اجل مبادئه، وصار يتفاوض عبر الاذاعة مع ورده، ويقول للجنود خذوا أوامركم من اميل لحود، ورفض أن يذيع هذه الأوامر على الجهاز، وكأن المقاتلين يستمعون في وطيس المعركة إلى الإذاعة.

لقد ترك 1300 عسكري ليستشهدوا ويؤسروا في معركة ضهر الوحش، مما اضعف معنويات الجيش، وهو ترك السوري يدخل الى وزراة الدفاع، والأقسى من كل هذا انه اعترف بالطائف في النهاية.

ما معنى أن يقول: البطرك خرفان، وضايع، ثم يذهب ليأخذ الرضى منه؟

أنا ضد تدخل رجال الدين في السياسة، ولكني تربيت في بيت مسيحي. لم أبلع ضربته للبطرك عام 90، ولا أن يقول الآن انه خرف.

انا ضد أن يكون البطرك فريق سياسي حزبي، ولكن لديه احترامه لنه مرجعية.

عون لا يريد ميشال سليمان أو أي أحد آخر.

شخصية سورية أبلغت عون أنه يستطيع العودة الى لبنان في 7 حزيران.

السوريون أسقطوني في ال 95 وال 96.

عون لم يتكلم عن مفقود واحد من الجيش. أين هو من سقوط 15 شهيد بتفجير سيارات؟

ما معنى معركة عون مع كميل خوري ضد قبر بشير الجميل (شاب استشهد عمره 36 سنة). في الضيع والقرى، لا نسمع الموسيقى لدى وفاة احدهم، ولكن عون استعمل الطبل والزمر.

أنتقد العماد عون ودلع مسيحيي 14 آذار الذين لا قضية لهم وشغلتهم أخذ المقاعد من جنبلاط والحريري.

أدين حرق تلفزيون المستقبل، ولكني لم استقبل فيه ولا مرة، هذه المرة الأولى، وانطباعي اني دعيت لأنني ضد عون.

الحادث الأمني المؤسف في بعلبك سيستهلك 3000 جندي وسيضعف قوة الجيش أثناء الانتخابات.

اتوقع أن ترفع الأحزاب يدها عن المجرمين، ويقبض الجيش على المطلوبين، وتنتهي العملية في غضون اسبوع كي يستلم مهامه في الوقت المحدد، فالموضوع ليس نهر بارد آخر.

اتفاق الدوحة قضى بانتخاب رئيس الجمهورية، ووضع قانون الانتخاب، والشراكة في الثلث الضامن. لن تشكل الحكومة المقبلة بدون الثلث وأعتقد انه سيكون هذه المرة للرئيس سليمان.

لا أتوقع ان يستغل موضوع "حزب الله" انتخابياً.

انعكاس صراع "حزب الله" وايران مع مصر سيكون واضحاً، ونحن سنشهد إرسال مذكرة توقيف مصرية بحق قادة حزب الله إلى الدولة اللبنانية ولكنها ستوضع في جارور وزير العدل.

ليس عيباً مساعدة الفلسطينيين في قتالهم ضد اسرائيل.

أتوقع حدوث توتر داخلي أكبر،وستطرح 14 آذار سؤال: لماذا يا "حزب الله" تمد مشروعك الى مصر بحيث بات أوسع من لبنان، والدولة لا تستطيع تحمل تداعيات المشروع.

أرى كتلة حيادية وطنية من كل الطوائف منضمة الى الرئيس، تساهم بتشكيلها مصر والسعودية وسوريا وأطراف داخلية.

كنت اتوقع ان يكون عصب الرئيس سليمان أقوى من هذا، فليضرب الأرض برجله ويقول أنا في عمشيت وجبيل وكسروان وغيرها.

فلم نر إميل لحود يسكت يوما واحدا، وهو خربنا 18 سنة.

نريد أن يكون العصب الماروني اقوى، وعندما يتكلم البطريرك عن كتلة وطنية، على الرئيس ان يؤيد هذا المسعى بقوة.

بالنسبة الى استشهاد الرئيس الحريري، انا ظلمت واستدعيت بناء لشهادات محمد الصديق وهسام هسام، وكلها كذب بكذب،فانا لم اقتل نملة فكيف بالشهيد الذي هو صديق على الصعيد الشخصي.

المعركة في كسروان تخاض عائلياً وخدماتياً وهذا خطأ.

الجيش يجب ان يحسم الوضع في البقاع، لأن الأحداث أثبتت أن الأمن بالتراضي كارثة.

على عون ان يقدم لائحة بأملاكه، وإذا لم يفعل ذلك يبقى عار عليه ولطخة سوداء مهما تكلم عن البترودولار.

هو لم يقدم حنفية لأبناء كسروان.

ما هو موقفه السياسي ؟ هل قتل شهداء الجيش حادثة بسيطة؟

عندما يقول انه حمانا من " حزب الله" بتفاهمه معه معناه ان الحزب كان يقتل المسيحيين وهذا خطأ. لم ار شيعياً من " حزب الله" سابقاًيقتل مسيحيا ً، وحمى مسيحيي الجنوب أثناء التحرير.

فلماذا يصورنا عون نحن الموارنى على اننا جبناء وخائفون، لدينا تاريخ من المقاومة والدفاع عن النفس. قاتل الماروني 1400 سنة بقوته ومرجلته، وحارب المماليك والعثمانيين ، ولسنا بحاجة لحماية عون.

نهار الجمعة صباحاً ستظهر أول مقالة بعنوان "لماذا ترشيح شارل أيوب؟"

هُددت بالقتل وحوصرت من قبل المخابرات وبقيت أقول صراحة ماذا حدث في تفجير كنيسة سيدة النجاة، فلماذا سكت عون؟ أنا بعثت له برسالة الى فرنسا عن ذبح 11 شهيدا ، لكنه لم يعلق عليه وكانه لا شأن له به.

برنامجي سيكون بالكتابة والقاءات مع الناخبين والإطلالات التلفزيونية.

 

كلام هزيم يلاقي رأس الكنيسة المارونية ويبرز الدور الأرثوذكسي في الخيار الوطني

بيار عطاالله /النهار    

تشتد حمى المعركة الانتخابية في دائرة بيروت الاولى. فالمنطقة ليست معزولة عن مسار الانتخابات العام في لبنان، حيث يخوض المستقلون وقوى 14 اذار معركة حاسمة مع تحالف 8 اذار للفوز، "لا بالمقاعد النيابية فحسب بل للتصدي لمشروع العودة بالبلاد مرة جديدة الى وصاية مقنعة تتجاوز هذه المرة مفاعيل الحقبة الماضية التي خبرها اللبنانيون طيلة الاعوام الخمسة عشر الماضية الى هيمنة من نوع اخر تبدل وجه لبنان مرة واحدة ونهائية" على ما تراها اوساط 14 آذار.

الدائرة الاولى او الاشرفية هي بمثابة القلب للمناطق المسيحية وخصوصاً لدى طائفة الروم الارثوذكس، الشريك المسيحي الاكثر حضوراً في معادلة التعايش المشترك في بيروت. وفي هذا الاطار يمكن فهم تصريح بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم ان "الانتخابات المقبلة حساسة نتيجة الوضع الراهن" بمثابة البوصلة التي يعطيها بطريرك الارثوذكس للرأي العام الارثوذكسي في المتن، بيروت وكل المناطق اللبنانية. وفي تفسير كلام البطريرك الاكثر من عادي، رغم تشديده على انه ليس طرفاً ولا يفرق بين اي ارثوذكسي وآخر في لبنان، اوجه عدة لكنها تجتمع على امر واحد، هو تقدير للموارنة "وشكر البطريرك مار نصرالله بطرس صفير". والكلام يحمل اكثر من رسالة الى الارثوذكس باحترام رأس الكنيسة المارونية في لبنان وخياراته الوطنية وقيامه بخدمة شعبه على ما قال البطريرك هزيم، الذي يعلم دون ريب ما نال رأس الكنيسة المارونية من تجريح ومحاولات لتحطيم صورته المعنوية كرمز للحضور المسيحي الحر في لبنان.

وترى اوساط ارثوذكسية متابعة ان كلام البطريرك هزيم المتحفظ والدقيق، كان ضرورياً لحسم الكثير من اللبس الذي يحاول البعض اشاعته حول موقف الكنيسة الارثوذكسية التي اصدرت قبل فترة قصيرة وبالتعاون مع الكنائس اللبنانية المختلفة وفي مقدمها الكنيسة المارونية "شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة" والذي حض المواطنين على ان يكون صوتهم لمن يمارس الديموقراطية والولاء للبنان، الامر الذي يتقاطع مع موقف الكنيسة المارونية اللبنانية لجهة التمسك بمشروع الدولة والدفاع عن موقع رئاسة الجمهورية ووحدانية سلاح الجيش على الاراضي اللبنانية ورفض الدويلات والحروب والفتن. كما يشكل امتدادا للموقف الصارم الذي اتخذته الكنيسة الارثوذكسية من الضجة التي اثيرت حول قضية صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء الارثوذكسي ومحاولة تصوير الامور على غير ما هي عليه، عندما قال في عظته اثناء تكريم المتروبوليت اسبيريدون خوري في زحلة: "كل واحد اذا اراد ان يفش خلقو بشغلة يلزقها بالطائفة والناس تصدقه، هذه شغلة صغيرة تؤخذ ذريعة من اجل اشياء اخرى، هذا عيب وهناك خلل في تقويم الامور". واضاف البطريرك انذاك :"الامر المهم والاساسي هو الوجود معاً في البلد الواحد، وهذه الامور لا يفوقها شيء".

تقول اوساط ارثوذكسية متابعة ان الكنيسة لا يمكن ان تقبل ابداً ان تكون من ضحايا تدخل القوى السياسية في شؤون الكنيسة والرعية واستعادة حقبات الممارسة الشمولية، وان يقتصر دور الكنيسة على الجانب الاستشاري. وتشير الى ان البطريرك هزيم "الامين على تراث الحرية في لبنان مدرك تماماً أهمية هذا البعد الاساسي في الوجود المسيحي اللبناني عموماً والمسيحي الارثوذكسي خصوصاً، وهو مهندس النهضة الارثوذكسية في لبنان المتمثلة بوجود 18 ديراً وعشرات المؤسسات التربوية والجامعية والصحية الارثوذكسية الى جانب الحضور الارثوذكسي الوازن اعلامياً واقتصادياً وعلى كل الصعد بحيث تفوق قدرات الارثوذكسيين اللبنانيين حجمهم الديموغرافي بأضعاف رغم انه ليس بالسهل ابداً".

وفي واقع الحال تشكل التحولات في توجهات الارثوذكس اللبنانيين امراً يستحق البحث والتمحيص في ضوء التأييد الكبير الذي تحصده الاحزاب والزعامات المسيحية المدافعة عن الكيان اللبناني والثوابت المسيحية في مناطق عكار والكورة والاشرفية والمتن وجبل لبنان وخارجه. وفي دراسة لـ"التجمع الارثوذكسي اللبناني" اشارة الى "ان نمط تصويت الأرثوذكس في انتخابات ربيع 2005 جاء مماثلا تماماً لنمط سائر المسيحيين. ولم يقف دارسو الانتخابات كما لم تسجل صناديق الاقتراع أي  فرق بين الأرثوذكس وسائر المسيحيين من حيث التصويت بنسب تماثل وأحيانا تتفوق سائر المسيحيين في تأييد الأحزاب اللبنانية". وترى هذه الدراسة انه "ربما عاد السبب في هذا التحول إلى الذعر من الامتداد الأصولي من جهة، والى وحدة بنيوية في المجتمع المسيحي من جهة أخرى، تتمثل بالزواجات المختلطة بين المسيحيين. حيث تراوح نسبتها بين المسيحيين في بيروت الكبرى وتضم معظم الأرثوذكس، بين 1 على 2  و1 على 3  من مجموع الزيجات التي تعقدها الكنيسة الأرثوذكسية. ومن ثم نجد غالبية الأرثوذكس يرتبطون  برابط قرابة (ابن خال أو خالة، ابن أخت أو ابنة أخت، صهر أو كنة، حما أو حماة، اخ) من طوائف مسيحية أخرى".

 

لا قعْرَ مرئيّاً لما يطرحُه حول الجيش.. ولا يعترف بمفهومَي الدولة والسيادة

عندما يفسّر "حزب الله" الاعتداء بثنائيّة الحرمان ـ العنف

المستقبل - الخميس 16 نيسان 2009 - نصير الأسعد

لم يعُد ثمّة "قعرّ مرئيّ" لما يطرحه "حزب الله" أو لما يمكن أن يتوصّل إلى طرحه.

في اليومين الماضيَين تعرّض الجيش اللبنانيّ لاعتداء إجرامي ـ إرهابيّ في منطقة البقاع، فسقط له عدد من الشهداء وعدد آخر من الجرحى. لا يمكن القول إنّ "حزب الله" لم يُدِن الإعتداء على المؤسّسة العسكريّة لأنّه أدانه بالفعل.

"تفسير" الإعتداء بالحرمان

غير أنّ الحزب، وعلى ألسنة عدد من نوّابه ومسؤوليه، وجدَ الفرصة مؤاتيةً لـ"تفسير" الجريمة أو لـ"شرح" ظروفها. فإذا به يتحدّث عن "الإهمال والحرمان" اللذين تعاني منهما منطقة البقاع، واللذين على أساسهما تقوم "مشكلة" بين تلك المنطقة مِن ناحية و"السلطة" متمثّلة بـ"الحكومات المتعاقبة التي تتعمّد الإهمال والحرمان" مِن ناحية ثانية. وهكذا، فإنّ الإعتداء على الجيش مدانٌ لكنّه نتاج مشكلة بين المنطقة والسلطة ليس الجيش مسؤولاً عنها، كما يقول الحزب.

في هذا المجال أيضاً، يلجأ "حزب الله" في خطابه "الثقافي" ـ السياسيّ، الى "الثنائيّات" المحبّبة لديه. وها هو ـ بمناسبة الإعتداء على الجيش ـ يطرح ثنائيّة الإهمال والحرمان ـ العنف. وفي طرحه هذه الثنائيّة يبرّر "حزب الله" العنف ضدّ الدولة والنظام بأسباب إجتماعيّة. أي أنّ الحزب يجدُ المبرّرات باستمرار للإمتناع عن دعم الدولة ومؤسّساتها. ثمّ كيف يكون الجيش غير مسؤول عن "المشكلة" بين المنطقة والسلطة ويجري تدفيعه الثمن في الوقت نفسه؟ وكيف يكون ثمّة فصلٌ بين الدولة والجيش، والحال أنّ الجيش هو المؤسّسة العسكريّة للدولة؟.

"المقاومة" والجيش: من ثنائيّة إلى أخرى

ولا تقفُ "ثنائيّات" الحزب عند هذا الحدّ، خاصّةً عندما يتعلّق الأمر بالجيش.

تغطيةً لرفضه أحاديّة سلطة الجيش العسكريّة على كامل الأرض اللبنانيّة، وتغطيةً لرفضه إستراتجيّة دفاعيّة "لـ" الدولة تقوم على الجيش وعلى دخول كلّ السلاح الى الجيش، طرحَ "حزب الله" منذ مدّة طويلة ثنائيّة المقاومة ـ الجيش. أي أنّه يطرح إستمرار نوع من "الإزدواجيّة" بما يبقي السلاح في يده وخارج الدولة. وقد إستمرّ الحزب في تقديم هذه الثنائيّة، حتّى بعد القرار 1701 الذي أحال الجنوب فعلياً وعملياً الى ثنائيّة من نوع آخر بين الجيش اللبنانيّ وقوات الطوارئ الدوليّة، علماً أنّها ليست ثنائيّة بالمعنى الدقيق للكلمة بما أنّ وجود قوّات الطوارئ حاصل بطلب سياديّ لبنانيّ وبما أنّ مهمّة هذه القوّات هي مؤازرة السيادة اللبنانيّة.

"تقسيم عمل" غير محترم حتّى

غير أنّ "حزب الله" وعلى ألسنة عدد من نوّابه ومسؤوليه، ذهب في اليومين الماضيين إلى حدّ تحويل الثنائيّة إلى "تقسيم عمل" حادّ، عندما قال أحدهم إنّ "المقاومة في مواجهة العدوّ، والجيش لحفظ السلم الأهليّ. اي أنّه أحلّ ثنائيّة المواجهة مع العدوّ ـ الأمن الداخلي مكانَ طرحه السابق.

وذلك مع العلم أنّه في حال كان ثمّة إتفاق لبنانيّ على "تقسيم العمل" هذا، فإنّ هذا "التقسيم للعمل" ليس قائماً بالفعل. ولا يمكنُ، طالما أنّ "حزب الله" ليس فقط لم ينتقد تجربة 7 أيّار بل لا يزال يدافع عنها، إلاّ التذكير بأنّه تمّ إسقاط الأمن الشرعي في 7 أيّار تحت عنوان "السلاح في الداخل للدفاع عن السلاح على الحدود".

رفض الإعتراف بـ"السيادة": مصر نموذجاً

ثمّة رابطٌ إذاً بينَ "تفسير" الإعتداء على الجيش بـ"الإهمال والحرمان" من جهة وبينَ رفض الإعتراف بحصرية العمل العسكري والسلاح في الجيش من جهة أخرى. والرابط منهجيّ بالتأكيد: فهو ليس فقط عدم الإعتراف بـ"شيء" إسمه الدولة، بل ورفض الإعتراف بأنّ للدول سيادة، أي أنّ لمؤسّساتها سيادة وأدواراً حصريّة تسمّى الأدوار السياديّة وأنّ لها سياسات سياديّة. والحال أنّ البديل العمليّ من الدولة والسيادة هو الأمر الواقع والفوضى والعنف الذي يجري تبريرُه.

وعلى قاعدة أنّ "الشي بالشيء يذكر"، لم يكُن مستغرباً مثلاً أنّ "حزب الله" في مواجهة الإتهامات المصريّة بتشكيل "تنظيم" في مصر، صعّد باتجاه تقديم تعريفه هو لـ"السيادة المصريّة". ذلك أنّ الحزب دافع عن نفسه بالقول إنّ "السيادة المصريّة لا يمكن أن تقوم على حصار غزّة ودعم إسرائيل"!.

حدّد "حزب الله" من جانب واحد تعريف السيادة المصريّة، وناب عن الدولة المصريّة في مسألة سياديّة تدخلُ في حسابها إعتبارات شتّى. لكنّه ـ بهذا المثال ـ كشف حقيقة أنّ مَن لا يقيمُ اعتبراً للدولة في بلده ولسيادتها، لا يمكنه إحترام سيادة دولة أخرى حتى لو كانت الدولة العربية الأكبر.

بين "حزب الله" وشطر كبير من اللبنانيين، هناك إذاً خلافٌ عميق حول الدولة ومؤسساتها، وحول الجيش بالدرجة الأولى، يبرز بـ"حدة" عند كل حدث في لبنان.

إما "الدوحة".. وإما "العودة الى ظروفه!

على أن الأخطر يبرز أكثر عندما يُضمّ ملف "هذا" الخلاف الى ملف الخلاف حول الميثاق والدستور، وقد أشبع الملف الأخير نقاشاً في الآونة الأخيرة في ضوء "فلسفة" الحزب لإتفاق الطائف من ناحية ولـ"إتفاق الدوحة" من ناحية أخرى.

أُشبع هذا الموضوع نقاشاً.. الى أن جاء من يلفت النظر الى الأمر الآتي:

إن إصرار "حزب الله" على إعتبار "اتفاق الدوحة" حاكماً في مرحلة ما بعد 7 حزيران، في جانبه المتصل بتوزيع الحصص في حكومة العهد الأولى، ليس مقترناً بالإصرار بالقدر نفسه على روحية الاتفاق لجهة حظر استخدام العنف والسلاح ولجهة حصرية السيادة في الدولة ومؤسساتها. وذلك ما يعني تهديداً ضمنياً من جانب "حزب الله" بالعودة الى "الظروف" التي أنتجت "إتفاق الدوحة" إن لم يقبل فريق 14 آذار بـ"تحكيمه".

المهرّبون مسألة إجتماعية!

قد لا يحصل هذا السيناريو أي العودة الى العنف، لكن لا يمكن إستبعاده "نظرياً" بالمطلق. لماذا؟

عندما يفسّر "حزب الله" الإعتداء الأخير على الجيش بـ"الإهمال والحرمان"، أي عندما يغدو المهرّبون وتجار المخدرات وسارقو السيارات والمعتدون على النظام العام منسّبين الى مسألة اجتماعية عنوانها "الإهمال والحرمان"، حتى لو كان هؤلاء أبناء في عائلات وعشائرمحترمة، فهل ثمة ما يمنع الحزب من أن يجعل الأبيض أسود والعكس بالعكس في أي موضوع كان؟ وهل يمكن إستبعاد أن يُنسّب أي خلل أمني الى جذرٍ إجتماعي أو ديني أو أخلاقي أو وطني فيغدو العنف "مفهوماً" ومبرراً؟

لا قعرَ مرئياً لما يطرحه "حزب الله". ومن يعِش يرَ.

 

رَبْط وانتخابات

المستقبل - الخميس 16 نيسان 2009 - "أبو رامز"

للمرة الثانية في أقل من أسبوع يا اخوان، يربط مسؤولون إيرانيون بين "القضية المصرية" التي تواجه "حزب الله" وبين الانتخابات النيابية اللبنانية، وهو ربط غريب بعض الشيء، باعتبار أن الهمّ الفلسطيني، عندهم وعند حزبهم دائم وقائم ومصيري، بانتخابات في لبنان أو من دونها!.

وغريب ذلك الربط، لأن الطرف الإيراني يعرف أن الجمهور الانتخابي لـ"حزب الله" لا يتأثر سلباً بحملة ضد حزبه آتية من طرف عربي أو غير عربي مركون، في عُرفه وأدبياته، تحت خانة الاعتدال (في أضعف الحالات وألطفها)، وسبق أن شُنّت عليه خلال حرب غزة، حملة نسينا في خضمّها أن الموضوع هو إسرائيل وفلسطين وليس معبر رفح ومصر، ونسينا معها أن نصف أهل الممانعة في المنطقة يتمنون اليوم اليوم وليس غداً، الوصول الى بداية كلام مع الامبرياليين الأميركيين كي يُشملوا برعايتهم المباشرة المفاوضات الجارية مع الإسرائيليين، والهادفة في أقصى مطامحها وآمالها للوصول الى الحالة المصرية أو الأردنية!.

وغريب ذلك الربط الإيراني المباشر بين "القضية المصرية" والانتخابات النيابية، لأن من يسمع ما يُقال في هذا الشأن، يظن أن "حزب الله" مرشح للفوز بالمقاعد النيابية في طنطا وآسيوط وليس في صور وبنت جبيل، وأن الطخّ عليه سيؤثر لا شك، في توجه الناخبين لعدم الاقتراع له!.

ربط غريب عن قصد، لكنه غير مقنع، قبل أن تكون قصته سيئة الحظ ومنحوسة من أولها الى آخرها. والواضح (بالنسبة اليّ والى العائلة، اي أم رامز ورامز ورمزية ورمّوزتي) أن ذلك الربط يدل الى شيئين. الأول هو حجم "التورط" الإيراني في الرهان على مصيرية الانتخابات النيابية اللبنانية ودورها في تعبئة بعض الفراغ القائم في أوراق طهران المُعدّة للرمي على طاولة المفاوضات مع أميركا والغرب... والثاني حجم "التورط" الإيراني في نزاع مع أكبر دولة عربية، سبق وأن بُذلت جهود معقولة لتخطيه ومحو آثاره التي تعود الى اللحظات الأولى لانهيار نظام الشاه.

من الصعب جداً، بسبب التصريحات الإيرانية تحديداً، وفي ضوء الحملة التي شنها "حزب الله" على مصر خلال حرب غزة، عدم تصديق الروايات القائلات بأن طهران تلعب في أرض غيرها لعبة أكبر من أدواتها، وتحاول بشتى الطرق والسبل وضع "مشروعها" موضع التنفيذ أينما أمكن ذلك، باحثة عن مصالحها، بغض النظر إن كانت تلك المصالح تعني حروباً أهلية في العراق ولبنان وفلسطين.. أو محاولة هزّ أركان دولة كمصر، لا يستفيد من أي كبوة في حصانها إلا إسرائيل وأعداء العرب. أما الانتخابات اللبنانية، فهي في مكانها السياسي والجغرافي. و"الأغيار" الأخصام لـ"حزب الله" وأترابه هم لبنانيون قبل أي شيء آخر، أو بالأحرى هم لبنانيون فقط ونقطة على السطر، ولا يصدقون بالتأكيد، كل مطولات الذمّ النازلة والطالعة بحقهم وحق قياداتهم في الندوة البرلمانية وخارجها، ولم ينتظروا سابقاً، ولا ينتظرون اليوم إشعاراً عن بُعد، في شأن كيفية ترجمة خياراتهم السياسية. لا من خلال "القضية المصرية" ولا من غيرها، إذ أن أمامهم مباشرة، ما يكفي من المحطات القيّمات التي تدلهم الى كيفية تصويتهم والتي لم تكن غزوة 7 أيار إلا تتويجاً لها.. والسلامّ.

 

مقلّد وفياض ركنان يساريان "لمواجهة عزل الجنوب وانعزاله"

النبطية – "النهار":

بدأت معالم الصورة الانتخابية لدائرة النبطية تتضح لتنجلي معها الضبابية التي خيمت طوال المرحلة الماضية وخصوصا لجهة التحالفات، بعدما اطلق المرشحون المنفردون العنان لحملاتهم الانتخابية مفصحين عن تحالفات يرسمونها في ما بينهم، من اجل خوض غمار المعركة بصلابة، على رغم اعترافهم بأنها محسومة النتائج، وان بعضهم يخوضها اعتراضا على القانون الانتخابي. واول من "طحش في المعركة المرشح اليساري الدكتور محمد علي مقلد الذي اعلن صراحة انه يتحالف مع "تيار الانتماء اللبناني" وحركة "اليسار الديموقراطي"، وان ثمة سعيا الى لائحة مكتملة. ويرجح ان تضم اليه، مرشح "اليسار الديموقراطي"، ماجد فياض على ان يصار الى البحث عن ثالث يؤمن بالبرنامج الانتخابي الذي يخوضان الانتخابات على اساسه وهو بناء دولة القانون. واكد مقلد الذي عقد مؤتمرا صحافيا في مقر الحملة الانتخابية في النبطية امس، "اننا نصر على خوض الانتخابات من موقع الاعتراض على القانون وآلياته، لاننا نعتبر الانتخابات تمرينا ديموقراطياً، او هي تمرين على الديموقراطية علينا الافادة منه وترسيخه". ولفت الى "اننا نخوض الانتخابات لا لنؤمن تغطية لنتائجها المقررة سلفا ولا لنزيد من نسبة المقترعين فيها، بل من موقع الاعتراض على القانون وآلياته ولمواجهة عزل الجنوب وانعزاله، وان المشروع البديل هو مشروع اعادة بناء الوطن واحدا موحدا، واعادة بناء الدولة بمواصفات واضحة ومحددة". وحض "قوى اليسار اللبناني على اختلاف مواقعها التنظيمية، والقوى العلمانية والقوى المعترضة على الاستئثار والشحن المذهبي والطائفي"، على "جعل هذه الانتخابات فرصة للتعبير عن حجمها وفرض نفسها بقوة على خريطة القوى اليسارية، فأول طريق الفوز في الانتخابات هو الخروج من حالة الانكفاء والانخراط بجرأة وشجاعة في عملية اعادة الاعتبار الى صورة الجنوب الحقيقية".

 

الصحف العربية: قصة العلاقة الخاصة بين أستاذ أمريكي والرئيس الأسد

المصدر: CNN

واصلت الصحافة العربية تناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، ومنها قضية حزب الله في مصر، والقرصنة أمام الشواطئ الصومالية، وانسحاب كوريا الشمالية من المحادثات السداسية حول نزع أسلحتها النووية، بالإضافة إلى مجموعة من الأخبار الطريفة والمنوعة.

الشرق الأوسط

فتحت عنوان "جنين تتحول من مدينة للانتحاريين إلى نموذج للأمن في الضفة الغربية"، كتبت الشرق الأوسط: "تفيد السلطة الفلسطينية بأنها استطاعت أن تحول جنين إلى مدينة آمنة، وأن تنهي ظواهر الفلتان الأمني التي سادتها لسنوات منذ انطلاقة انتفاضة الأقصى في 2000، التي أدت إلى مجزرة، وشهدت جرائم متواصلة في مقدمتها مجزرة مخيم جنين في إطار ما يسمى بحملة السور الواقي في 2002."

وفي عنوان آخر، كتبت الشرق الأوسط: "قصة العلاقة الخاصة بين أستاذ أمريكي لاعب سلة سابق والرئيس الأسد"، وأضافت: "في 2002، تقدم ديفيد ليش، أحد الخبراء الأمريكيين المعنيين بالشرق الأوسط، بطلب رسمي لمقابلة بشار الأسد من أجل كتاب يعكف على تأليفه، ولم يعدُ الأمر كونه محاولة يائسة، ذلك أن معظم الحكام العرب يفضلون إطلاق بياناتهم عبر القنوات الإعلامية الرسمية، ونادرا ما يبدون استعدادهم لخوض مقابلة. وعليه، كان للاتصال الذي تلقاه ليش من السفير السوري لدى الولايات المتحدة وقع المفاجأة." وأضافت الصحيفة: "وبعد كل اللقاءات التي أجراها ليش، ينوي الأخير لقاء الأسد مجددا هذا الصيف، لكن ليش يراوده التساؤل حول ما إذا كانت هذه العلاقة ستستمر حال تحسن العلاقات الأمريكية السورية خلال الشهور المقبلة، وعثور الأسد على أمريكيين أكثر نفوذا يمكنه الحديث إليهم."

الدستور الأردنية

وتحت عنوان "ثلث الاردنيين مهددون بتخثر الدم .. والاسبرين لم يعد الملاذ الآمن"، قالت الصحيفة: "الاردنيون ثلثهم مهدد بخطر الاصابة بمرض تخثر الأوردة العميقة، والاسبرين الذي كان الملاذ الوحيد للنجاة لم يعد ممكنا بعد اليوم."

من جهة أخرى، كتبت الدستور: "أول جمل مستنسخ يولد في دبي"، وأضافت: "أطلق على الجمل المستنسخ اسم انجاز، فيما نقلت الصحف عن العلماء الذين عملوا على المشروع أن هذا الحدث يمثل اختراقا هاما سيساهم في تحسين نسل الابل التي تحظى باهتمام كبير في منطقة الخليج."

القدس العربي

وفي إطار الاستنفار الأمني في مصر جراء القبض على خلية تابعة لحزب الله، كتبت القدس العربي: "استنفار أمني أردني لمواجهة نشاطات ارهابية محتملة بعد ضبط خلية حزب الله في مصر"، وأضافت: "تستعد المؤسسات الأمنية الأردنية والرسمية للتصدي لأي محاولات للمساس بالأمن الداخلي او اي طموحات من أي جهات خارج الحدود لإيجاد موطىء قدم لها داخل المجتمع الأردني. ويبدو أن تقديرات حول إحتمال وجود نوايا عند تنظيم القاعدة لترتيب نشاط مستقبلي في الساحة الأردنية رفعت من درجة الحذر والجاهزية الأمنية في اطار السعي الاردني الدائم لمكافحة الارهاب."

أما في الموضوع الجزائري، فقالت القدس العربي: "غضب واعمال شغب في مناطق صوتت بـ95 في المائة... الاحتجاجات تشتعل مجددا في الجزائر بعد اربعة ايام من اعادة انتخاب بوتفليقة". وأضافت: "اندلعت أعمال شغب وتخريب قام بها مئات الشباب العاطلين عن العمل ببلدية العلمة بولاية عنابة مع العلم أن هذه البلدية عرفت نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بلغت 95.61 في المائة، حسب أرقام وزارة الداخلية. وقد أقدم المتظاهرون على محاصرة مقر البلدية وغلق مداخلها منذ الساعات الأولى لنهار الاثنين. وأعرب المتظاهرون عن غضبهم ورفضهم لسياسات التشغيل التي تعتمدها البلدية، ونددوا بتفاقم البطالة والعوز."

الخليج الإماراتية

وكتبت صحيفة الخليج الإماراتية تقول: "’الإسرائيليون‘ يخفون هويتهم في الخارج خوفاً"، وأضافت :" أظهر استطلاع للرأي أجرته كلية الجليل الغربي في مدينة عكا ونشرت "معاريف" العبرية نتائجه، أمس، أن غالبية الإسرائيليين يخفون هويتهم خلال رحلاتهم في الخارج ويتخوّفون من تكرار المحرقة النازية ضدهم."

وأضافت: "وجاء في الاستطلاع أن 52 في المائة من السياح الإسرائيليين يمتنعون عن إبراز هويتهم خلال وجودهم في الخارج، من خلال عدم ارتداء ملابس عليها كتابة بالعبرية أو تقلد رموزاً يهودية، كما يمتنعون عن التحدث بالعبرية بصوت مرتفع."

وتابعت: "وقال 51 في المائة من المستطلعين إنهم صادفوا مظاهر معادية للسامية خلال وجودهم خارج إسرائيل، وقال 34 في المائة إنه تم توجيه عبارات نابية لهم على خلفية كونهم إسرائيليين، وتحدث 13 في المائة عن أنه تم رفض تقديم خدمات لهم."

وفي الجزائر، تناولت صحيفتا الخبر والشروق قضية "خلية حزب الله في مصر"، فكتبت الخبر تحت عنوان "تنسيق عسكري مصري-إسرائيلي لتطويق عناصر حزب الله على الحدود"، وقالت:

"توالت تفاصيل اعترافات المتهم الأول فيما سمي بخلية حزب الله في مصر، بما يورط أمينه العام حسن نصر الله ونائبه نعيم القاسم في اتهامات خطيرة جدا، وإن أكدت مصادر نفي شهاب لكل ما نقل عنه."

وأضافت: "وقد وجهت القاهرة تحذيرا للحزب مطالبة إياه التعهد باحترام السيادة المصرية، تحت طائلة توجيه ضربات نوعية لأهداف تابعة له، بينما على الجانب الآخر من الحدود، يتأهب الجيش الإسرائيلي لمشاركة المصريين في تطويق الهاربين." وتابعت: "في وقت يواصل فيه الأمن المصري، تعقب هاربين قال إن منهم فلسطينيين ولبنانيين وسودانيين، وقد أطلق القضاء سراح خمسة من بدو سيناء، وضع الجيش الإسرائيلي على الحدود مع مصر في حالة تأهب قصوى، يتبادل فيها الجانبان المصري والإسرائيلي، معلوماتهما الاستخبارية والعسكرية، في إطار ملاحقة مشتركة للمطلوبين، وقد حثت تل أبيب رعاياها، أمس، على مغادرة سيناء، التي يقصدها السياح خلال عطلة الفصح اليهودي."

أما الشروق فكتبت تحت عنوان "نظام مبارك يهدد بضرب قواعد حزب الله.. إعدام نصر الله ثمنا لـ'خطيئته' في حق مصر" تقول:

"تصعيد خطير تشنه مصر ضد حزب الله، وصل حد التلويح بتوجيه ضربة لقواعد الحزب والتهديد بمحاكمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بتهم تصل عقوبتها الإعدام." وأضافت: "المعلومات الجديدة تؤكد أن قضية ما يعرف بـ'خلية حزب الله بمصر' أو 'خلية الـ49' كما يطلق عليها في الإعلام المصري تسير من سوء إلى أسوأ، ووصل الأمر حد توجيه إنذار مصري شديد اللهجة لحزب الله ومذكرة عنيفة تطالب الحزب بالاعتذار واحترام السيادة المصرية حاملة تهديدا مباشرا بتوجيه ضربة لقواعد حزب الله إذا لم يمتثل لمطالب المصريين المتمثلة في تقديم معلومات مفصلة عن العمليات 'التخريبية' التي كان الحزب ينوي القيام بها على التراب المصري."

 

 قراءة سوسيو- تاريخية في مسار "حزب الله" ومصيره

 هل الحزب والمقاومة بديل الوطن والأمة والدين؟

بقلم/سعود المولى المصدر

16 نيسان/09

ثمّة سياقات متعددة ساهمت في تشكيل حزب" الله وبلورة مساره ورسم خطوط مصيره: 1-سياق الثورة والمقاومة والممانعة في العالم العربي ونموذجه الثورة الفلسطينية. 2- سياق الأهواء القومية والأممية التي استبدت بالمسلمين اللبنانيين رداً على ما رأوه ظلماً في تشكيل الكيان اللبناني. 3- سياق الفقه السياسي الشيعي العام (منذ زمن غيبة الإمام المهدي) واتجاهاته الإصلاحية وأعلامها الكبار كالنائيني والبروجردي والخوئي والحكيم وموسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين. 4- سياق النموذج الحزبي الشيعي(حزب الدعوة في العراق وامتداداته اللبنانية). 5- سياق النموذج الثوري الإيراني (نظرية الإمام الخميني في ولاية الفقيه ودورها في تشكيل الحزب).

ولا يمكن إعطاء صورة واضحة عن حقيقة "حزب الله" دون الأخذ بالاعتبار هذه السياقات مجتمعة متداخلة متكاملة، إذ دون ذلك تبقى النظرة مجتزأة والمعالجة غير مكتملة. ونحن سنحاول شرح هذه السياقات من دون تسلسل أو تمرحل وإنما في إطار رؤية أشمل تعرض للموقف الإسلامي والوطني في لبنان كما جسّده تراث الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين.

في المقاومة والممانعة ضد التجزئة والاحتلال

شهدت بلاد الشام أشكالاً من الممانعة والرفض والاعتراض الشعبي العربي على الهيمنة الاستعمارية والتجزئة والاحتلال والقهر والغدر وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية وانكشاف خيانات الحلفاء لمطالب العرب.. تلك كانت ممانعة تندرج في الإطار العربي والعالمي الأوسع المسمى بحركة التحرر الوطني وبحركات الاستقلال... وهي حالة أدت فيما أدت إليه إلى نشوء الدول والكيانات الوطنية "القطرية" وحملت إلى السلطة نخباً عسكرية بيروقراطية تبرجزت واستبدت تحت شعار فلسطين والمقاومة... من حسني الزعيم وأديب الشيشكلي في سوريا(1949-1950) إلى جمال عبد الناصر في مصر(1952)، إلى العسكر البعثي في سوريا والعراق (1963)، إلى عسكر الجزائر(1965) وصولا إلى انقلابات القذافي (ليبيا) والنميري (السودان)في العام 1969... ولا يمكن النظر إلى الرفض والممانعة الشعبية والحركات الاستقلالية والتحررية لتلك المرحلة بمنظار مقاومة لبنانية ضد احتلال إسرائيلي للأرض.. فلم يكن قد تبلور بعد "وعي لبناني" مقاوم مرتبط بالأرض والكيان والوطن والدولة.. ولا كان تبلور "وعي إسلامي" حول إشكاليات العلاقة بين الإسلام كدين وأمة، وبين الأوطان والدول والكيانات...وقد كان مسلمو لبنان (وشيعته تحديداً) في قلب الحركة القومية السورية والعروبية كما تشهد بذلك مؤتمرات وادي الحجير(1920) وصيدا(1933) والساحل(1936) وحركات العصابات المسلحة من أدهم خنجر وصادق حمزة إلى توفيق هولو حيدر وأبو علي المصري، وصولا إلى الحَرد ضد الدولة والكيان بعد الاستقلال. لا بد إذن من وضع الممانعة الشعبية الإسلامية اللبنانية لتلك المرحلة في إطار حركة التحرر الوطني العربية الاستقلالية في وجه الاستعمار وركائزه ومخلفاته وأبرزها الصهيونية (وعد بلفور) والرجعية (الأنظمة القائمة) والتجزئة (سايكس-بيكو)...وهي مرحلة قومية ثورية وأممية عالمثالثية سقطت مبدئياً في الخامس من حزيران مع سقوط المشروع الناصري والبعثي في الوحدة والحرية والاشتراكية (ولو أنهم لم يعترفوا بسقوطهم المخجل)...وما يستدعي التوقف هو الحالة القومية والأممية لمسلمي لبنان الرافضة للكيان "الانعزالي" والملتحقة بكل الثورات العربية والفلسطينية.فقد كتب الكثير عن ذلك ولا حاجة للعودة إليه إنما نشير إلى إن هذه الحالة كانت وما زالت كامنة في قلب وعقل المسلم ووجدانه وهي التي تفسر سرعة التحاقه بأية دعوة قومية(سورية وعربية، بعثية كانت أم ناصرية) أو ثورية تحررية(فلسطينية تحديداً) أو أممية شمولية(شيوعية كانت أم إسلامية)، طالما أن فكرة الدولة الوطنية والدساتير لم تترسخ بعد وطالما أن العصبيات المختلفة هي التي ما تزال تحكم عقلنا وسلوكنا.

المقاومة الفلسطينية وأثرها في لبنان

كانت نكسة حزيران 1967 نقطة تحول تاريخية في الوضع العربي واللبناني... ولعلها فاقت في خطورة تداعياتها نكبة 1948. وبدءاً من صيف 1967 (الانطلاقة الثانية لحركة فتح في آب67 بعد الانطلاقة الأولى في 1-1-1965) تطورت في جنوب لبنان حالة من المقاومة والصمود والتحدي ارتكزت إلى عناصر متعددة:

أ- الاعتداءات الإسرائيلية التي تصاعدت مع تصاعد حالات التسلل الفدائي إلى الأرض المحتلة عبر جنوب لبنان.

ب- صمود الأهالي الأسطوري وصبرهم وتحملهم لكل أشكال العدوان، وتلاحمهم الذي قل نظيره في احتضان الفدائيين الأوائل رغم الكلفة العالية التي دفعوها في الأرواح والممتلكات...

ج- الدعم المصري والسوري (وحتى العربي المحافظ أو الرجعي كما كانوا يسمونه) لانتشار وتمدد الثورة الفلسطينية في جنوب لبنان وذلك لأهداف وغايات متفرقة ليس أقلها التعويض عن نكسة حزيران معنويا (خصوصا بعد مؤتمر الخرطوم ولاءاته الثلاث وبعد المصالحة المصرية-السعودية التي أنهت حرب اليمن)، وإشغال العدو بالترابط مع حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية (1968-1969)، والصراعات الداخلية على السلطة في سوريا (ولادة منظمة الصاعقة كإحدى أدوات هذا الصراع الداخلي الذي تصاعد بعد عام 1969 وصولا إلى انقلاب الفريق حافظ الأسد في 16 تشرين الثاني 1970 )

د- المغامرة والمقامرة في معارك أيلول الأردن 1970 والتي أدت إلى طرد المقاومة الفلسطينية نهائيا من الأردن واتجاه قواتها صوب جنوب لبنان.. ويمكن قراءة أحداث أيلول كمثال ساطع على استخدام المقاومة في أوراق الصراع السوري الداخلي كما السوري-المصري والسوري-الأردني ناهيك عن الدور العراقي يوم ذاك.

ه- أزمة اليسار العربي واللبناني بعد نكسة حزيران، وانطلاق اليسار الجديد على قاعدة الارتباط بمشروع الثورة الفلسطينية "رأس الحربة للثورة العربية الشاملة"(على حد تعبير احد كراسات حركة فتح)، وبأن "فلسطين هي طريق الوحدة"، وليس كما كان القوميون العرب يقولون: الوحدة طريق التحرير (شعار وحدة تحرر ثأر عند حركة القوميين العرب، وشعار وحدة حرية اشتراكية عند أحزاب البعث)، هذا ناهيك عن شعار فتح الرئيسي في "التوريط"(أي توريط الأنظمة العربية في مواجهة عسكرية مع إسرائيل تفتح باب المقاومة والتحرير)..وقد شهدت أعوام 1967-1970 اضطرابات عاصفة في الأحزاب الكبرى (الشيوعي-القوميون العرب – البعث - وحتى القومي السوري في السجون) طرح فيها شعار الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية، كبديل عن كل البرامج السياسية السابقة..

و- أزمة النظام اللبناني التي تفاقمت بعد حرب حزيران وانهيار التجربة الشهابية الإصلاحية: من أزمة بنك انترا إلى تصاعد وتفاقم الفقر والتهميش الاجتماعي إلى صعود الحلف الثلاثي الماروني(1968). عبّر ذلك كله عن أزمة التوازن بين الطوائف بعد انكشاف الوضع العربي الذي كان حامياً لأهل السنة، وبروز أنياب التطرف المسيحي على قاعدة الاستفادة من نتائج حزيران، الأمر الذي ساعد على تبلور رؤية شيعية مستقلة بين السنة والموارنة، والى بداية احتلال الشيعة لموقع ولوزن راجح في المعادلة الداخلية.

 وبموازاة ذلك كله تطور شعار دعم العمل الفدائي وحرية تحركه من لبنان، والارتباط بالثورة الفلسطينية خصوصا في الشارع السني في المدن الكبرى، وذلك كرافعة للمطالب الإسلامية-اليسارية المزمنة بالعدالة والمساواة والتي اختصرها مطلب المشاركة أو تصحيح الخلل في الحكم في لبنان.. وهكذا حل الفدائي "أبو كوفية" (ورمزه أبو عمار) محل الفتى الأسمر عبد الناصر..وحل شعار عبد الناصر "إن الثورة الفلسطينية وجدت لتبقى وستبقى"، محل صرخته التاريخية: "ارفع رأسك يا أخي العربي فقد ولى عهد الاستعمار"..وأبرز مظاهر هذا التحول شهدته القوى الناصرية التي تحولت إلى عشرات من تنظيمات الأحياء والشوارع في بيروت (إبراهيم قليلات والمرابطون) وطرابلس(علي عكاوي وحركة الغضب، فاروق المقدم وحركة 24 تشرين) وصيدا (معروف سعد والتنظيم الشعبي الناصري).. وولادة الحركة اللبنانية المساندة لفتح بقيادة من عائلات بيروتية مهمة (حوري، شاتيلا، عيتاني، بلعة، فاخوري، الآغا..الخ..)، ولجان أنصار الثورة الفلسطينية في مدارس المقاصد والمدارس الرسمية وحتى في الجامعات الكبرى كالأميركية والعربية..وجاء العدوان الإسرائيلي على مطار بيروت (28 كانون الأول 1968) وتدمير الأسطول الجوي المدني للبنان، ليطلق حركة طالبية وشبابية شملت لبنان بأسره وتمحورت حول ضرورة التسلح والاستعداد والمقاومة وتحصين الجنوب.وهذا الأمر كان له مقابله مع تطور الشعور الشيعي بالحاجة إلى كيان مستقل يعبر عن الشيعة ويكون له دور في البلاد (بدايات المجلس الشيعي كانت على غير هوى القيادات السنية ولقيت دعماً مارونياً واضحاً).

المقاومة اللبنانية كرديف ونصير

في هذه الأجواء تشكلت أولى المجموعات اللبنانية المقاومة، كرديف ونصير للمقاومة الفلسطينية، أو كحرس شعبي في القرى الجنوبية.. وقد أخذت مواقع لها في الجنوب تحت رعاية حركة فتح وخصوصا في راشيا والعرقوب وما صار يعرف باسم "فتح لاند"، ثم في منطقة بنت جبيل.. وقد ارتكز هذا التطور على جملة عوامل أبرزها تلك الحالة الجماهيرية التي أطلقتها معركة الكرامة (21 اّذار 1968)، ثم جنازة خليل عز الدين الجمل (27 نيسان 1968) أول شهيد لبناني في صفوف حركة فتح.. وقد تلا ذلك تدفق آلاف الشباب اللبناني إلى قواعد ومعسكرات الثورة في لبنان والأردن وسوريا...وحتى في العراق... حيث جابت المظاهرات المليونية شوارع بغداد والنجف الأشرف وحيث أصدر المرجع الشيعي الكبير السيد محسن الحكيم فتوى بجواز دفع الخمس لمقاتلي حركة فتح..وقد ساهمت هذه الفتوى إلى جانب مواقف مراجع الشيعة في العراق وإيران، في تعميق التعاطف الشيعي اللبناني في الجنوب مع ثوار فلسطين، وفي مده بأسباب القوة والاستمرارية..وكان قمة ذلك في العشاء الرمضاني الذي أقامه الإمام السيد موسى الصدر على شرف حركة فتح ولجمع التبرعات لها في 17 كانون الأول –ديسمبر 1968.

 وجاء التحول اليساري في حركة القوميين العرب ليفتح صفحة جديدة في تاريخ اليسار العربي قاطبة... إذ هو أفرز منظمات "الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" ورديفيهما "حزب العمل العربي الاشتراكي" و"منظمة الاشتراكيين اللبنانيين- لبنان الاشتراكي" (منظمة العمل الشيوعي لاحقا).. الأمر الذي ساعد على ارتباط قوى لبنانية واسعة ومن كل المناطق والطوائف بمشروع الثورة الفلسطينية من جهة، وبشعار المقاومة وحرب الشعب من جهة أخرى... وأدت نكسة أيلول الأسود في الأردن إلى انتقال ثقل هذه المنظمات ومن يدور في فلكها من تيارات غيفارية وتروتسكية وماوية وفوضوية إلى لبنان، والى تشكيل تجارب وبؤر ثورية "اختبارية" عديدة، كان نصيب جنوب لبنان منها هو الأكبر والأفدح ثمناً.... وقد شكلّت انطلاقة اليسار الجديد المرتبط بمشروع الثورة الفلسطينية وشعاراتها وحركاتها المسلحة تحديا للقوى اليسارية والقومية التقليدية.. فبعد انشقاقات يسار البعث وحزب العمال العربي الثوري (تيار ياسين الحافظ)، ثم أزمة تيار صلاح جديد - يوسف زعيّن في حزب البعث الحاكم في سوريا، فالتحول في حركة القوميين العرب، اندلعت الأزمة في الأحزاب الشيوعية العربية الموالية لموسكو وعلى رأسها الحزب الشيوعي اللبناني.. وتخللها اتهامات لأمينه العام اللاحق جورج حاوي بأنه عميل إمبريالي وفصل وتجميد لقيادات وكوادر مؤيدة له.. واستمرت الأزمة حتى انعقاد المؤتمر العام الثاني 1968 (الذي استعاد فيه تحالف جورج حاوي –كريم مروة - جورج بطل المبادرة، وذلك على خلفية تصاعد دور الثورة الفلسطينية في أوضاع هذه الأحزاب وتصاعد مزايدات اليسار الجديد الفلسطيني).. أدى ذلك إلى قرار الأحزاب الشيوعية العربية تشكيل قوات الأنصار، وهي تجربة تم إجهاضها سريعا من قبل الطرف الأردني والفلسطيني في الأحزاب الموسكوبية، لتبقى تجربة الحرس الشعبي التي أطلقها تيار الشهيد حاوي في الحزب اللبناني..وهي أجهضت في مرحلة تالية ولكن لأسباب أخرى بعد استشهاد المناضل علي أيوب (الشهيد اللبناني الوحيد لهذه التجربة)..الأمر الذي دفع بكوادر عديدة في الحزب الشيوعي وعلى يساره، ومن يسار البعث وحزب العمال العربي الثوري (ياسين الحافظ وناجي علوش تحديدا) والحزب التقدمي الاشتراكي، وبدعم من "يسار" حركة فتح، إلى تشكيل "الجبهة التقدمية اللبنانية لمكافحة الصهيونية"، والتي دعت إلى إطلاق مقاومة لبنانية حملت اسم طانيوس شاهين وتموضعت في قواعد حركة فتح في الجنوب...وبانفراط عقد هذه التجربة نشأت من أحشائها الحركة الاشتراكية الثورية (المرحوم مرشد شبو والشهيدين علي شعيب وإبراهيم حطيط) التي ارتبطت بحركة فتح، كما عاد البعض إلى أحزابه الأم أو أسسوا حركات جديدة، فيما انضم "الناجون" من تلك التجربة إلى حركة فتح...

وجاء خروج قيادات وكوادر الحزب القومي السوري من السجن (1969)بعد محاولتهم الانقلابية الفاشلة آخر عام 1961، ثم مؤتمر ملكارت التاريخي(1969)الذي كرّس التحول الثوري اليساري في الحزب (وطريق دخوله إلى جبهة الأحزاب التقدمية بقيادة كمال جنبلاط ودعم عرفات)، ما أضاف قوة نظامية متمرسة إلى القوى المرتبطة بالثورة الفلسطينية وبالكفاح المسلح... ولم يقتصر الأمر على تلك المجموعات المسيحية من القومي السوري التي عملت مع أيلول الأسود (وعلى رأسها الشهيد فؤاد الشمالي)، وإنما يبدو أن الارتباط بالثورة الفلسطينية وبحركة فتح بدأ داخل السجن وهو استمر خصوصا مع تيار إنعام رعد وعبد الله سعادة... وهو ارتباط دفع هذا التيار ثمنه غاليا فيما بعد، خصوصا مع اغتيال محمد سليم وتوفيق الصفدي وايلي الجقل وعدد من كوادر وعناصر الحزب في الحرب الحزبية الداخلية التي جرت في الأعوام 1986-1988...ناهيك عن الاغتيال المشبوه للقوميين البارزين كمال خير بك وبشير عبيد في بيروت مطلع الحرب الأهلية، وهما كانا صلة وصل مع أيلول الأسود في أوروبا ولبنان.

وهكذا شهدت سنوات 1970-1975 تمددا وانتشارا فلسطينيا في جنوب لبنان، تردفه عناصر لبنانية يسارية أو فتحاوية وجدت في الثورة الفلسطينية و لأسباب مختلفة، الحلم والأمل في التغيير...إلى جانب الأسباب اللبنانية الإسلامية المتعلقة بانهيار التوازن الذي قام عليه الكيان الوطني...فكان التموضع الفلسطيني في جنوب لبنان بعد أيلول الأسود ووفاة عبد الناصر (أيلول 1970) وانقلاب الرئيس الأسد (تشرين الثاني 1970) وكان شعار حرية العمل الفدائي ودعم الثورة الفلسطينية واعتبار الجنوب بوابة التحرير (وآية كل ذلك اتفاق القاهرة الشهير في 2 تشرين الثاني 1969)... ولذا فانه لم يكن غريبا أن تروج في تلك الفترة مقولة المطالب الإسلامية-الوطنية (محسن ابراهيم ومنير شفيق)، والطبقة-الطائفة (جورج حاوي)، أو المارونية السياسية(منح الصلح ثم جريدة السفير)...وكان كل ذلك التمدد والانتشار محمولا على استراتيجية مصرية في دعم حركة فتح والمنظمات السنية الناصرية ومعظمها كان مرتبطا بالمكتب الثاني اللبناني (الاستخبارات العسكرية)، وفي مشاغلة وارباك العدو وإضعافه عبر لبنان، وعلى استراتيجية سورية (تمثلها منظمات الصاعقة والجبهة الشعبية-القيادة العامة والجبهة الثورية وغيرها من الشلل الصغيرة التي فرّخت مثل الفطر على ضفاف التجربة الفلسطينية في لبنان) في زعزعة الاستقرار اللبناني وبناء وضع جديد سمح تاليا في إشعال وإذكاء واستمرار الحرب الأهلية... ومحمولاً أيضا على أزمة داخلية تتعلق بالمطالب الإسلامية في المشاركة... فكان دعم الفدائيين هو رافعة تصحيح الخلل... إلا أنه سمح بدخول عناصر لم تستطع القيادة السنية التقليدية (صائب سلام ورشيد كرامي وتقي الدين الصلح) ولا القيادة الجنبلاطية ضبطها فكان أن دفعت أيضا ثمنها غاليا فيما بعد..وبعد عام 1973 صار هذا التمدد أيضا محمولا على هجوم سوفياتي كاسح في الشرق الأوسط (وقد حمل هذا التوجه الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي وروابطهم مع عدن الموسكوبية بعد اغتيال سالم ربيع علي، وأوساط قيادية مرموقة في الحزب الاشتراكي ومعهم يسار فتح بقيادة أبو صالح وأبو موسى وأبو خالد العملة وما صار لاحقا فتح الانتفاضة)، الأمر الذي جعله يصطدم وبقوة بمصالح واعتبارات أهل الجنوب والمقاومة، وهذا ما جسدته حركة المحرومين بالضبط في تلك المرحلة...ومخطىء وواهم من لا يعيد قراءة تلك التجربة ومن لا يعترف بالدور السوفياتي وبالأدوار العربية المختلفة (السورية أولاً والعراقية والليبية ثانياً والجزائرية ثالثاً وصولاً إلى العدنية الموسكوبية ورئيسها عبد الفتاح إسماعيل) في إبقاء الصراع مفتوحا على جبهة الجنوب، وفي تأثير ذلك على مجريات الوضع، وعلى عدم إمكانية الكلام عن مقاومة وطنية لبنانية لتلك المرحلة...

المقاومة بين حركات التحرر الوطني العربية والحرب الأهلية اللبنانية

كانت مقاومة السنوات السابقة على 1982 إذن جزءاً لا يتجزأ من ما كان يسمى حركة التحرر الوطني العربية ومن اليسار الدولي والإقليمي ومن استراتيجيات مصرية وسورية وسوفياتية وفلسطينية (ولاحقا ليبية وعراقية وغيرها) وجدت في بقاء جبهة الجنوب مفتوحة وفي استمرار الحرب الأهلية اللبنانية خير جسر للعبور إلى ما تريد أو لإيصال الرسائل أو لخدمة مصالحها الخ...( نعم حرب الآخرين على أرضنا لمن لا يزال يرفض هذه الفرضية الحقيقية بقدر حقيقة أنها كانت أيضاً حربنا الأهلية نحن)....وتجسد هذا كله في ما عرف باسم القوات المشتركة اللبنانية-الفلسطينية التي انتشرت في جنوب لبنان تحت إمرة قيادة الثورة الفلسطينية والتي رأت في وجودها في الجنوب استمرارا لحربها الأهلية الداخلية ضد "الانعزاليين عملاء العدو"، أو "يهود الداخل"...فلم يكن هناك إذن هوية لبنانية وطنية جامعة ومستقلة لتلك المقاومة، بل يمكن القول حتى أنها كانت جزءا من الانقسام الداخلي كما أنها كانت تغذيه من جهة أخرى.

وما حدث بعد ذلك يرتبط بالحرب الأهلية وعوامل استمرارها أكثر من ارتباطه بمشروع وطني لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب...فقد دفعت الحرب الأهلية وتطوراتها (وخاصة عمليات التطهير الديني-العنصري في النبعة وتل الزعتر والمسلخ وضواحي بيروت الشرقية والشمالية (من حارة الغوارنة إلى بياقوت والزلقا والجديدة والسبتية الخ...) بآلاف العائلات الشيعية للعودة إلى قراها في الجنوب والبقاع (والى منطقة الضاحية الجنوبية السريعة التوسع والامتداد) حاملة معها أولادها الحزبيين الغاضبين الذين أضافوا إلى القوات المشتركة أعداداً هائلة من المقاتلين، الأمر الذي سمح بتوسع وامتداد واستمرار السيطرة الفلسطينية على الجنوب حتى العام 1982 (الاجتياح الكبير).. ترافق ذلك مع حرب الثكنات ونشوء "جيش لبنان العربي" بقيادة أحمد الخطيب (كانون الثاني 1976) الذي سرّع في سقوط ثكنات الجنوب وفي التحاق الضباط والجنود بقراهم وعائلاتهم، وبنشوء جيوش رديفة في الجنوب منها جيش أنطوان بركات وجيش سعد حداد وصولاً إلى جيش أنطوان لحد...ومعظمها حمل لواء "المقاومة" اللبنانية ضد الفلسطينيين، كما انه كان يحظى بغطاء الشرعية الممثلة بقيادة الجيش وبالدولة اللبنانية (استمرت هذه القوات في قبض رواتبها من الدولة حتى وقت متأخر جدا).

هذا الجو العام عزز الانقسام اللبناني الذي كان في الأصل موجوداً منذ نشأة الكيان اللبناني والذي تمحور حول هوية لبنان ودوره وموقعه بين العرب.

الإمام السيد موسى الصدر في التراث الشيعي اللبناني

لم يبدأ الإمام الصدر من فراغ.. فهو حل بمدينة صور بناء على دعوة سابقة من المرجع السيد عبد الحسين شرف الدين.. وهو استند إلى تراث شيعي لبناني أصيل يحلو للبعض نسيانه اليوم أو تجاهله حين يستحضرون وادي الحجير أو أدهم خنجر وصادق حمزة، وينسون أن ما صنع شيعة لبنان ليس محطات معينة خارج أي تاريخ أو سياق بل تاريخ طويل يبدأ مع أبي ذر الغفاري ولا ينتهي مع الإمامين الصدر وشمس الدين.. لقد كان الشيعة كما كثير من اللبنانيين في طليعة المعترضين على التشكيل الانتدابي للبنان الحديث.. غير أن هذا الاعتراض كان من شاكلة الاعتراضات اللبنانية الأخرى: أي انه كان اعتراض وممانعة ما قبل تشكّل الدولة الوطنية الحديثة، نشط في مرحلة انعدام التوازن بعد انهيار الدولة العثمانية واحتلال البلاد العربية.. وهذا  الاعتراض حملته قوى ومصالح وأيديولوجيات ورؤى وأفكار ، لا يمكن بحال من الأحوال نسبتها إلى الأزلية والسرمدية ،أو إلى التشيع والإسلام ، لعل أهمها كان الاعتراض الاورثوذكسي ممثلا بالحزب القومي السوري وزعيمه انطون سعادة وهلاله الخصيب ونجمته قبرص... ولكنه كان أيضا اعتراض البورجوازية المدينية السورية وآيته المؤتمرات السورية التي شاركت فيها البورجوازية السنية اللبنانية...كانت عروبة الشيعة وسوريتهم هي العروبة والسورية الطبيعية لتيارات وقوى مطلع القرن العشرين حيث الخرائط ترسمها الدول المستعمرة وحيث القوى الأهلية المحلية تقاوم فرض الأمر الواقع.. ولا يجوز تقديم التاريخ باعتباره فقط تاريخ هذا الاعتراض المشروع في يومه، وإنما باعتباره تاريخ تطورات اجتماعية اقتصادية سياسية ثقافية صنعت صورة لبنان الحالي، كما صورة المنطقة.. فلا بد من البحث الجاد عن أشكال انخراط النخب الشيعية والإسلامية في الممارسة السياسية وفي الحياة الوطنية، وعن التعبيرات السياسية المختلفة التي لوّنت الطيف الشيعي والواقع الإسلامي اللبناني، خلال المرحلة الانتدابية 1920-1943... بحيث أن الجاهل وحده هو من لا يرى الاختلاف بين رؤية السيد شرف الدين ورؤية السيد محسن الأمين لموقع ودور الشيعة في لبنان والمحيط السوري والعربي.. ولا بد أيضا من قراءة الأصول السوسيولوجية للتيارات والأحزاب السياسية في جبل عامل.. إذ أنه من الجهل أيضا أن لا نرى أين نجح القومي السوري مثلا ومتى ولماذا ؟ أو متى انتشر الحزب الشيوعي وأين ولماذا؟ أو الدور الفلسطيني المهم منذ ثورة 1936.. كما انه من الجهل عدم رؤية وتقويم العواطف والمشاعر العربية لجبل عامل والاستعداد للدفاع عن كل القضايا العربية والتي حمل شيعة لبنان لواءها خصوصا في ثورة فلسطين الكبرى 1936.. كانت عروبة الشيعة هي المساق الطبيعي لتاريخهم وجذورهم وثقافتهم ولغتهم ولهجاتهم وعشائرهم وبيوتاتهم... وهي لم تكن لتتعارض مع لبنانيتهم اللاحقة والتي كان الإمام شرف الدين ابرز من عبّر عنها ( بعض الباحثين الأجانب وتابعيهم من اللبنانيين ينعتون موقف السيد شرف الدين بالعمالة للانتداب وقد شهدنا عينّة من هذا الهراء بمناسبة نقاش كتاب عن السيد محسن الأمين وردت فيه التصنيفات السخيفة حول عمالة السيد عبد الحسين للفرنسيين..).. والإبداع الشيعي المبكر تمثل في إيجاد تلك اللحمة ما بين وطنية لبنانية قائمة على واقع مستجد ومتصالح عليه (دولة لبنان الكبير) دون الإغراق في تاريخ غابر إلى حد الأسطرة من جهة (الفينيقية وحضارة الستة آلاف سنة) ولا في أدلوجة الاصطناع للكيان اللبناني من جهة أخرى (وهذه ما زالت في وعي وسلوك أكثر من حزب وتيار عقائدي متناسين أن كل الكيانات العربية هي بهذا المعنى مصطنعة)، وما بين عروبة حضارية، طبيعية، لا تحتاج إلى أدلوجات قومجية فاشستية ولا إلى مرتكزات سلطوية أو مخابراتية...وأذكر أن الإمامين الصدر وشمس الدين كانا يطرحان دائما هذه المعادلة ويقولان:إن التاريخ السياسي للبنان هو حاضرنا القائم والمتوافق عليه.. فلنتفق على أن تاريخ لبنان الكيان السياسي يبدأ عام 1920.. وإذا لم توافقوا فاجعلوه عام 1943...و هذا هو تاريخ الكيان السياسي الحاضر الذي ارتضيناه وطنا نهائيا دون أن يعني ذلك أننا تخلينا عن روابطنا العربية   أو عن شيعيتنا أو عن إسلامنا.. ولم يكن الشيعة وحدهم على هذا الوعي المتفاهم عليه.. فالبيان –الرسالة الذي ألقاه السيد كاظم الصلح ( ووافقه عليه السيد عادل عسيران ) بعد مؤتمر الساحل 1936 ( نشر بعنوان مشكلة الاتصال والانفصال في لبنان) يحمل هذا الهم المبكر في اجتراح معنى إسلامي للوطنية اللبنانية ومعنى لبناني للعروبة... ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هذا التطور في الفكر السياسي الإسلامي اللبناني نتج عن تطور مبكر في سوريا كانت ابرز علاماته الكتلة الوطنية السورية ومفاوضتها المنفردة ( كسورية) مع الانتداب الفرنسي وطلبها من جناحها اللبناني (بقيادة رياض الصلح) التفاوض المستقل وترتيب البيت اللبناني...وعام 1936 هو للمناسبة عام تبلور تلك الوطنيات المحلية بعد تطور وتبلور مشاريع وقوى وحركات ومصالح "وطنية"( سمهّا بورجوازية إن شئت) لم تعد تجد في الاستقلال الوطني خيانة قومية وهي عقدت في ذلك العام المعاهدات الشهيرة مع الأجنبي، من مصر إلى العراق، ومن سوريا ولبنان إلى المغرب والجزائر وتونس، وذلك بسبب صعود الفاشية والنازية وحاجة الديموقراطيات الأوروبية إلى تأمين جناحها المشرقي والمغربي في أية حرب مقبلة، وهي تلاقت مع السياسة الستالينية القاضية يومذاك بإنشاء جبهات وطنية مع البورجوازيات المحلية... ويستحق هذا الأمر دراسة مفصلة ليس هنا مجالها، إنما يعنينا هنا اندراج شيعة لبنان المبكر في البحث عن جوامع مشتركة على مستوى الوطن مع بقية الطوائف اللبنانية، وفي التأصيل الديني لهذه الوطنية.. وهنا يبرز الميثاق الوطني ومعركة الاستقلال كعلامات على هذا النضج وتلك الرؤية التي لم تكن لتختلف عن رؤية رياض الصلح أو صائب سلام..وهي رؤية حملها صبري حمادة و عادل عسيران و آل الأسعد والزين والخليل وحيدر وغيرهم من العائلات الشيعية التي تصالحت مع اللبنانية ومع الدولة الجديدة..صحيح أنها رؤية بورجوازية وطنية (بحسب ستالين وماوتسي تونغ)إلا أن المرحلة كانت (ولعلها ما تزال) مرحلة بورجوازية وطنية ديموقراطية(أم أننا نسينا ألف باء الماركسية).. ولعل هذه المصالحة التاريخية مع الكيان-الوطن والتي أعطت العائلات التقليدية سلطة الحكم في لبنان الاستقلال هي التي تفسر "ثورة" انطون سعادة 1949 وانضمام بعض زعماء العائلات المحتجين على تهميشهم في النظام الجديد (لاحظ خصوصا آل دندش وبعض الوجوه العشائرية في بعلبك-الهرمل والتي ما تزال قومية إلى يومنا هذا، ولاحظ بعض الأسماء السنية في بيروت والشيعية في صور والنبطية والتي انتسبت إلى القومي السوري على هذا الأساس).. كما لا بد من دراسة التطور الديموغرافي والاجتماعي والتربوي الذي شهده الشيعة في مرحلة الاستقلال(1943-1958) والتي سمحت بانتشار الحزب الشيوعي وحركة القوميين العرب وحزب البعث في أوساط المتعلمين الشيعة في الخمسينات وذلك بتأثير من صعود الاتحاد السوفياتي (بعد الانتصار الكبير في الحرب العالمية الثانية، وبداية الصراع مع الغرب "الإمبريالي") والناصرية في آن معا.. وصولا إلى المرحلة الشهابية... ومن المفيد التذكير هنا بان اللبنانية والسورية والعروبة كانت تنجدل في تناغم وتكامل ميّزا شخصية جيل من الكبار العظماء... فمن ينسى عروبة كميل شمعون(فتى العروبة الأغر في مطلع الخمسينات وهي عروبة العراق والثورة العربية الكبرى ونوري السعيد وكل ذلك الجيل الذي مضى مع صعود الظباط الصغار في مصر وسوريا والعراق ثم في غيرها من البلدان العربية) أو سورية الرعيل الأول من المثقفين الذين طردهم سعاده من حزبه لشبهة اللبنانية (وأبرزهم غسان تويني وأسد الأشقر وفايز صايغ وفخري المعلوف ومأمون أياس ونعمه ثابت= وكلهم تأثروا بشارل مالك وبعروبة شمعون اللبنانية)..أو اتفاق الكتائب والنجادة على المطالبة بالاستقلال....و ما نستطيع قوله في هذه العجالة انه لم يفرض احد بالقوة والقهر الخيار اللبناني على شيعة لبنان... ولا يمكن نكران هذه الحقيقة البسيطة وهي أنهم ارتضوا لبنان فعلياً، سراً وعلانية، وطنا نهائيا..[في عددها الصادر يوم 21-10-1936ذكرت جريدة لسان الحال أن وفداً شيعياً كبيراً زار المندوب السامي الفرنسي ورئيس الجمهورية اللبنانية يتقدمه السيد عبد الحسين شرف الدين ..شدد على التمسك باستقلال لبنان الكبير ورفض الانضمام إلى سوريا... وأعلن السيد شرف الدين أن الحركة الإنفصالية بين الشيعة قد توقفت وأن كل الشيعة قد التحقوا بالوحدة الإقليمية للبنان الكبير]. وهذا الرضى حملته أيضا قوى ومصالح وطبقات ونخب لا يجوز البتة التهوين من شأنها أو من تمثيلها لشيعة لبنان...

السيد موسى الصدر في إطار الفقه السياسي الشيعي المعاصر

لم يكن صدفة أن يحمل السيد موسى الصدر منذ عاد إلى لبنان تراث السيد عبد الحسين شرف الدين(أي التراث الوطني اللبناني المستند إلى عروبة حضارية لا لبس فيها ولا غبار عليها)، وان يتمايز عن أقرانه ورفاقه الذين أسسوا "حزب الدعوة" في النجف الأشرف ( ما بين عامي 1957 و1959 وهو تاريخ عودة الصدر إلى لبنان).. وهنا تاريخ مجهول لم يفتح أحد صفحاته بعد إلا أنه يستحق الاهتمام والدراسة كونه يلقي لنا ضوءاً كاشفاً على أمور ومواقف ما تزال تتردد أصداؤها إلى اليوم... فمن المعروف أن الإمام الصدر لبناني الأصل والجذور، والى قرية شحور وآل شرف الدين ينتسب أجداده ومنهم السيد صالح شرف الدين الذي انتقل إلى قرية معركة حيث نشأت عائلة الصدر وعاشت مراحل اضطهاد احمد باشا الجزار للعلماء والأهالي في جبل عامل... مما أدى إلى نزوح العائلة إلى النجف حيث برز السيد إسماعيل (جد الإمام) ثم السيد صدر الدين الصدر ( والد السيد موسى) الذي قاد حركة دينية إصلاحية تقدمية وارتبط اسمه بالنهضة الأدبية والثقافية للنجف والعراق ومن ثم إيران التي هاجر إليها وتزوج فيها من السيدة صفيّة كريمة المرجع الديني السيد حسين القمّي..وهنا تجدر الإشارة إلى ارتباط السيد صدر الدين بأبرز مراجع التجديد والإصلاح في عصره من السيد القمي (والد زوجته) إلى المرجع الكبير المجدد الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي الذي عاونه الصدر في إدارة الحوزة الدينية في قم وصار لاحقاً أحد أركانها وساهم معه في إنشاء مؤسسات علمية ودينية واجتماعية وصحية.. وهذان المرجعان تتلمذا معا على الميرزا محمد حسن المعروف بالمجدد الشيرازي، وعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي والشيخ محمد كاظم الخراساني وشيخ الشريعة الأصفهاني.. وهؤلاء لمن لا يعلم كانوا أركان التيار التجديدي الإصلاحي في الحوزات الشيعية وقادة الإصلاحية الدستورية في التاريخ الشيعي... كما أن السيد القمي لم يكن فقط صديق ورفيق درب المجدد الشيرازي بل هو رفيق وزميل المجدد النائيني (صاحب كتاب تنزيه الأمة وتنبيه الملة وأحد أكبر الدعاة إلى الحكم الشوروي الدستوري).. والى هذا التراث ينتسب السيد موسى ... فهو درس إذن في الحوزة العلمية بقم على أيدي أعلام التجديد والإصلاح الكبار.. كما انه كان أول معمم يدخل جامعة طهران الحديثة وكلية الحقوق فيها..وهذه نقطة ثانية مهمة لفهم العقل المنفتح والثقافة الواسعة التي ميزت الإمام الصدر عن أقرانه... وهو تخرّج من جامعة طهران الحديثة العلمانية وعاد إلى قم أستاذاً محاضراً في الفقه والمنطق ومؤسساً لأهم وأكبر مجلة إسلامية شيعية تنويرية إصلاحية ( مكتب إسلام ) مع الشهيد بهشتي والشيخ ناصر مكارم وبدعم وتوجيه من آية الله شريعتمداري..وهنا لا بد من  الإشارة إلى أن رئاسة الحوزة الدينية في قم كانت معقودة للمجدد الكبير السيد البروجردي الذي لم يكن الإمام الخميني من أنصاره ومؤيديه بعكس الإمام محسن الحكيم والإمامين الصدر وشمس الدين الذين كانوا من أنصار البروجردي. وفي ذلك يكتب الشيخ هاشمي رفسنجاني صراحة أنه "حدثت بعض المشكلات بين السيد الخميني وآية الله البروجردي... قامت منافسة بين نشرتنا "مكتب تشيع" وبين نشرة "مكتب إسلام" التي كان يديرها متقدمون علينا حوزوياً ومن أنصار شريعتمداري... لو أن الإمام الخميني في عصر السيد البروجردي تدخل في الصراعات السياسية لما نجح، لعدم الانسجام بينهما...في عصر البروجردي كانت الأكثرية المطلقة من الطلبة تابعة له...وكان هو المرجع المطلق في باكستان وأفغانستان والعراق والخليج.. وأسس دار التقريب بين المذاهب ومركز هامبورغ الاسلامي...الخ..."(كتاب رفسنجاني: حياتي.دار الساقي،بيروت،2005،ص32-33-36-38-39). وقد انتقل السيد موسى الصدر إلى النجف بعد وفاة والده (1953) حيث لمع نجمه خلال فترة وجوده هناك (حتى العام 1959) أي في فترة توهج وسطوع نجم مرجعية السيد محسن الحكيم الذي احتضن الإمام الصدر كما احتضن علماً آخر من جيله هو الإمام شمس الدين... وكانت أول زيارة للسيد الصدر إلى لبنان العام 1955 (حيث تزوج من ابنة السيد عزيز الله خليلي).. وقد تميّزت مرحلة النجف التي شهدت زيارات متكررة إلى لبنان والى قم، بدراسته على كبار المراجع: أبو القاسم الخوئي، محسن الحكيم، محمد رضا آل ياسين.. وبإتمامه لمرحلة الدراسات العليا(بحث الخارج) واشتراكه في تأسيس جمعية منتدى النشر... وهنا زامل ورافق الإمام الصدر كبار النجف يوم ذاك: الشهيد محمد باقر الصدر( ابن عمه)، والسادة الشهداء مهدي ومحمد باقر الحكيم (ابني السيد محسن)، والشيخ الموسوي الاردبيلي والسيد موسى الشبيري الزنجاني والسيد مرتضى العسكري (أحد ابرز قادة حزب الدعوة) والشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله وغيرهم.

إن انتماء الصدر إلى التيار الإصلاحي المجدد في إيران والعراق، ورفقته وزمالته لرموز الحركة الإسلامية الإيرانية المدنية ( حركة تحرير إيران وقيادتها: آية الله طالقاني، د. مهدي بازركان، د. مصطفى شمران، د. علي شريعتي، د. إبراهيم يزدي... وهي حركة إصلاحية كبرى كانت استمرارا وتطويرا لحركة الرئيس مصدق وتيارها المسمى الجبهة الوطنية) وصلته أيضاً بالمرجع الكبير المعتدل والليبرالي آية الله كاظم شريعتمداري، كل ذلك جعله يفترق ومنذ البداية عن أترابه الذين شاركوا لاحقا في تأسيس حزب الدعوة... ففي ذلك المفصل التاريخي الذي شكلته سنوات 1954-1959 كانت البلاد العربية تغلي بالتطورات المتلاحقة التي حملت اسم فلسطين وعنوان التحرر والوحدة.. وكانت انقلابات سوريا(1949) ومصر(1952) ومعركة الأحلاف، وخصوصا حلف بغداد (1953-1955) وانطلاق الثورة الجزائرية(1954) ثم العدوان الثلاثي على مصر (1956) فالوحدة المصرية السورية (1958) وثورة 14 تموز في العراق ونزول القوات الأجنبية في لبنان والأردن (1958)، قد جعلت لبنان وغيره موقعا لصراع دولي من جهة أولى (روسي-أميركي أو شرقي-غربي) ولصراع عربي من ناحية أخرى (سعودي- ناصري- هاشمي)...فالتيار القومي العربي (الناصري والبعثي) كان يواجه التيار السعودي من جهة والتيار الهاشمي (وحليفه الأساس كان الحزب القومي السوري لمن ينسى أو يتناسى) من جهة أخرى، كما كان يواجه التيارات الشيوعية والإسلامية المختلفة، ناهيك عن الهجوم الدولي الشديد والمركز على المنطقة..وقد عمل شاه إيران في تلك الأيام على ربط الشيعة به ومن ثم بالأحلاف الغربية، يعاونه مسعى هاشمي (أردني-عراقي) وسياسة لبنانية رسمية (الرئيس كميل شمعون)، وهنا بالذات تطورت مشاركة بعض أعيان الشيعة في القومي السوري (بعض كبار عائلات النبطية وصور) وتحالفها مع العائلات الأخرى الشمعونية الهوى... إذن انقسم شيعة لبنان بين هذين التيارين العربيين الكبيرين وممثليهم المحليين (ثورة 1958 تقدم لنا إشارات واضحة حول الانقسام الشيعي رغم النفوذ الجماهيري للناصرية في الشارع)...وفي خضم هذه التيارات والتحركات شهد العراق نهضة ثقافية وسياسية هائلة كان النجف مركزها والمراجع الكبار محورها... فمع السيد الخوئي والسيد محسن الحكيم وولديه مهدي ومحمد باقر، ومع الشيخين الأخوين محمد رضا ومرتضى آل ياسين(أخوال السيد موسى)، والسيد محمد صادق الصدر(ابن عم السيد موسى وجد السيد مقتدى)، تشكلت حلقات الدراسة والتفكير ووضعت برامج الحركة والعمل بدءا بجمعية منتدى النشر وجماعة العلماء (ومجلتها الأضواء) ومرورا بمنظمة الشباب المسلم ومنظمة المسلمين العقائديين (وقائدهما عز الدين الجزائري) والحزب الجعفري(عبد الصاحب دخيل وحسن شبر ومحمد صادق القاموسي وقد صاروا لاحقاً من المؤسسين لحزب الدعوة)، ووصولا إلى حزب الدعوة... وكانت الأجواء العربية الملتهبة حافزا للطلبة والعلماء في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء إلى البحث عن اطر مناسبة للتحرك الإسلامي الجاد يلبي احتياجات الشيعة العراقيين من جهة (وهم كانوا حرموا أية مشاركة في الحكم رغم ثوراتهم التاريخية ضد الاحتلال البريطاني)، ويواجه الاتجاهات الحديثة التي كانت تغزو بسرعة عقول وقلوب الشباب في مواجهة الملكية والاستعمار (المقصود الاتجاهات الليبرالية والقومية واليسارية والشيوعية منها تحديدا)... وهنا يجدر تسجيل حادثة مهمة كان لها الأثر الكبير في التحركات اللاحقة وهي مظاهرة النجف الكبرى دعما لمصر في مواجهة العدوان الثلاثي.. فقد شهد العراق مظاهرات صاخبة ودامية كان أعنفها وأكثرها تأثيرا مظاهرة النجف الأشرف التي قمعتها السلطة بوحشية رهيبة وتلاها إعلان الأحكام العرفية في البلاد... ورغم ذلك استمرت التظاهرات في النجف وأبرزها تلك التي خرجت يوم 23-11-1956 وشارك فيها علماء الدين وأسفرت عن مجزرة دموية ارتكبتها السلطة وراح ضحيتها عدد كبير من الأهالي (ذكرت مجلة العرفان اللبنانية إن عدد القتلى بلغ 450)... وقد تلا ذلك بيان عنيف للمرجع الشيعي السيد الحكيم وإعلان الإضراب العام الشامل في النجف وهو إضراب تجاوب معه العراق كله وانضمت إليه مصر ولبنان وسوريا... والى تأثير هذه الحركة الجماهيرية في النجف، وتأثير حركة مصدق في إيران والتي أسقطتها المخابرات الأميركية، جاءت تجارب لبنان (ثورة 1958) والجزائر (انطلاق ثورة التحرير الوطني) وفلسطين (حركة فتح) لتضيف وعيا كبيرا إلى تحرك شباب الحوزات والطلبة والعلماء في النجف. كما بدا بوضوح تأثر النجفيين بالتجربة الإيرانية الشديدة الوطنية إلى حدود التعصب (وكلنا نعرف ذلك) كما بالتجربة الجزائرية والتجربة الفلسطينية الوليدة، وهما تجربتان وطنيتان صافيتان لا بل أنهما تشكلتا من رحم الاعتماد على الذات الوطنية وليس على المد العربي (تجربة الجزائر المتميزة بمزيج إسلامي – جزائري شديد الخصوصية و تجربة حركة فتح التي خرجت قياداتها من رحم الإخوان المسلمين وعلى أساس الوطنية الفلسطينية).. وقد عرف عن الإمام الصدر في تلك المرحلة تأثره الكبير بفرانز فانون وعلي شريعتي وبثوار الجزائر وفتح بقدر تأثره بالدراسة الحوزوية (وأساتذته فيها) وبالتجربة الإيرانية الوطنية-الإسلامية...في مثل هذه الأجواء ولدت فكرة تشكيل حزب إسلامي شيعي في العراق أسوة بالإخوان المسلمين وحزب التحرير وحركة فتح وجبهة التحرير الجزائرية وحركة تحرير إيران ومنظمة فدائيان إسلام الإيرانية (وقائدها نواب صفوي المتأثر بحسن البنا)... وقد رأى الداعون إلى هذا العمل ضرورة النهوض بأعباء المرحلة وفي مقدمتها طرح الإسلام كعلاج للازمات الاجتماعية السياسية في مقابل التيارات الفكرية الأخرى التي كانت تستقطب شباب العراق، ومواجهة هذه التيارات بنفس الأسلوب الحركي التنظيمي الهادف إلى إيجاد وسائل للوصول إلى قطاعات في المجتمع كان يصعب الوصول إليها من خلال العلماء والطلبة الحوزويين في ذلك الوقت (مثل قطاعات الموظفين الحكوميين والطلبة الجامعيين في المدن الكبرى وأصحاب المهن الحرة وظباط وجنود الجيش)... وفي تلك المرحلة بالضبط بدأ المشروع الإصلاحي اللبناني للإمام الصدر بالتبلور... فهو عايش معايشة وثيقة الحلقة الضيقة المؤسسة والقائدة لما أصبح فيما بعد حزب الدعوة... إذ في منزل السيد محسن الحكيم أو ولديه مهدي ومحمد باقر، أو في منزل السيد الخوئي نفسه، أو الشيخ مرتضى أو الشيخ محمد رضا آل ياسين، كانت تعقد الاجتماعات التأسيسية وبحضور أبناء السيد محسن ووكلائه الأساسيين (محمد مهدي شمس الدين وموسى الصدر ومحمد باقر الصدر إلى جانب السيد مرتضى العسكري ومحمد صادق الصدر ومحمد حسين فضل الله والشيخ عبد الهادي الفضلي والسيد محمد بحر العلوم والشيخ عارف البصري والسيد طالب الرفاعي والسيد محمد هادي السبيتي وغيرهم). غير أن السيد موسى الصدر لم يكن مرتاحا للعمل وفق النمط الحزبي الإسلامي الحركي للإخوان المسلمين أو حزب التحرير...خاصة وان بعض كبار مؤسسي حزب الدعوة كانوا ينتمون في البداية إلى هذين الحزبين (عارف البصري ومحمد هادي السبيتي-وهو لبناني اغتيل لاحقا في الأردن- وطالب الرفاعي).. كما أن التوجهات الفكرية والتنظيمية الأساسية للحزب الجديد جرت صياغتها استنادا إلى كتابات الباكستاني أبو الأعلى المودودي والمصري سيد قطب والفلسطيني تقي الدين النبهاني.. وكان السيد الشهيد محمد باقر الصدر متأثرا بكتاباتهم إلى حد كبير.. وهذه حقيقة أكدها لي مرارا الإمام شمس الدين كما أشار إلى دور المجلات المصرية التي كانت تصل إلى النجف في تلك الأيام...كما أن الإمام الكبير آية الله حسين منتظري أكد في أحاديث كثيرة تأثير سيد قطب عليهم في قم والنجف ومحاولتهم التوفيق بينه وبين عبد الناصر.. وقال منتظري انه يوم إعدام سيد قطب (آب 1966) بكى بحرقة وهو في السجن في طهران...وقد روى أكثر من مرجع إيراني وعراقي تأثرهم بالثورة الجزائرية وبتجربة جبهة التحرير الوطني (وقد ظلت العلاقة المميزة بين حركة أمل والجزائر إلى يومنا هذا تأسيسا على ما بدأه الإمام الصدر، ولعل الإمام لم يكن ليسافر إلى ليبيا لولا الطلب الخاص من الرئيس بومدين)....كانت مرحلة قم والنجف إذن عاصفة ومليئة بالتحولات الفكرية التي كانت تعيشها النخب الدينية الشيعية.. (وهنا نفتح قوسين لعرض بسيط للحراك الإيراني الذي كان السيد الصدر مرتبطاً به منذ مرحلة الرئيس مصدق.. فالمعروف أن القيادات الدينية الشيعية وقفت مع مصدق ضد الشاه الذي انتصر بدعم أميركي كبير وعاد إلى الحكم في 19 آب 1953. أدى انهيار حركة مصدق الوطنية إلى نشوب صراعات بين قوى الجبهة الوطنية وقوى علماء الدين وعلى رأسهم آية الله كاشاني وحركة فدائيي إسلام(نواب صفوي).. دعم آية الله كاشاني وصدر الدين الصدر والخوانساري حركة نواب صفوي إنما بتحفظ بسبب تطرفهم، في حين كان المرجع البروجردي يعلن عن عدم رضاه عن تصرفاتهم.وبعد وفاة كبار المراجع في قم (البروجردي والخوانساري والصدر) برز العلماء شريعتمداري والحكيم والكلبايكاني ومرعشي نجفي والخوئي.. إلا أن السيد محسن الحكيم أخذ محل البروجردي كمرجع أوحد في عصره.. والجدير ذكره هنا أن الإمام الخميني تجنب الإعلان عن إقامة مجالس عزاء للبروجردي(على مقتضى ما جرت به العادات) "خوفاً من ظهور شائبة من الشوائب ولم يكن راغباً حتى في كتابة رسالة"(رفسنجاني-ص49).إن هذا الأمر يكشف لنا تماماً عن حقيقة الصراعات في قم وأطرافها ومواقعهم وأدوارهم. ومن رحم هذه الصراعات ولدت حركة نهضت آزادي (حركة تحرير إيران-1960) وقائدها مهدي بازركان وآية الله طالقاني والدكتور علي شريعتي "وهم كانوا يعطون أهمية كبيرة للانفتاح الفكري ولإرضاء المثقفين المتنورين.. والعلماء وتجار البازار المتدينين..(رفسنجاني، ص60).  وأسس آية الله شريعتمداري دار التبليغ وهدفه "إيجاد مراكز تعليم أكثر تنظيماً متعددة البرامج داخل الحوزات التقليدية... وكان قانعاً بإلقاء الدروس والأبحاث والتبليغ والمهام الدينية.."(رفسنجاني، ص106-107)). وكان السيد الحكيم يؤسس في العراق المكتبات العامة ويقوم بتحديث التدريس الحوزوي والاحتفالات بمناسبة عاشوراء يساعده السيد محمد باقر الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين وغيرهما.

حين قرر السيد موسى الرجوع إلى لبنان كانت قد نضجت في رأسه واختمرت فكرة العمل الذي كان ينوي القيام به... وقد أخبرنا الإمام شمس الدين أن الفكرة نضجت بالتشاور مع السيد محسن الحكيم الذي أعطى الإمام الصدر وكالة عامة وتفويضا كاملا.. ولم تمض اشهر على عودة الصدر إلى لبنان (1959) حتى اندلعت الانشقاقات والصراعات داخل حزب الدعوة الأمر الذي أدى إلى طلب السيد محسن الحكيم من أبنائه والمخلصين له الانسحاب من الحزب.. فانسحب السيد مهدي ثم السيد محمد باقر (اثر عودته من بنت جبيل في لبنان ولقاءاته مع السيد الصدر، والسيد محمد باقر الحكيم هو للمناسبة ابن شقيقة السياسي اللامع علي بزي وكان يحضر مجالسه في لبنان، وبالتالي فهو ابن خالة السيد فضل الله) ثم الشيخ محمد مهدي شمس الدين وتبعهم آخرون.. إلى أن أعلن السيد الشهيد محمد باقر الصدر فتواه التاريخية بعدم جواز انتساب علماء الدين وطلبة العلوم الدينية إلى أي حزب كان إذ هم يعملون للإسلام أي لكل الناس... وما زالت هذه الوقائع في أساس السجالات والخلافات داخل حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وما بينهما إلى يومنا هذا.. المهم هنا تسجيل الفرادة والتميّز للإمام الصدر ومنذ مرحلة مبكرة، ووعيه لظروف وأوضاع الشيعة ولحاجات التنظيم والاستنهاض التي رأى أنها لا بد أن تختلف عن نمط التنظيم الحزبي الغربي الذي يحمل أسماء إسلامية.هكذا إذن تبلور تيار حزب الدعوة الذي بدأ يعمل في لبنان من خلال السيد محمد حسين فضل الله (والمشايخ صبحي الطفيلي وعلي كوراني وحسين كوراني وغيرهم) وواجهته الطلابية المسماة "الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين"(أبو سعيد الخنسا ومحمود قماطي ومحمد رعد ونعيم قاسم وغيرهم)، وفي مقابله تيار العمل الاصلاحي الذي مثله موسى الصدر وشمس الدين.

الشيعة في ثورة 1958 وما بعدها                             

تشير حوادث 1958، (قبل مجيء الامام الصدر إلى لبنان)، إلى التنوع و التعدد في الحراك الشيعي الذي كانت تحكمه العائلات الكبرى، (الأسعد والخليل وعسيران والزين في الجنوب وحمادة وحيدر في البقاع الشمالي)، التي شكلت رأس هرم السلطة والزعامة الشيعية، يليها رؤساء العائلات الأدنى جاهاً ونفوذاً، (الفضل والعبد الله وبزي وبيضون في الجنوب، وياغي وزعيتر وشمص وجعفر في البقاع)، يليهم رجال الدين الكبار الذين تحالفوا مع هذا الزعيم أو ذاك، (مثال عبد الحسين شرف الدين مفتي صور ومحمد الصادق مفتي النبطية). أما «المثقفون الشيعة» فلم يكن لهم أدنى نفوذ أو هيبة أو دور في تلك الأيام. وهم كانوا على كل حال أقلية من الصحافيين والكتاب لا قوة سياسية لهم، (مثال كامل مروة وجريدة الحياة، أو نزار الزين ومجلة العرفان)، الأمر الذي يفسر اندفاع الكثيرين منهم إلى الدخول في الأحزاب القومية واليسارية، الحزب الشيوعي خصوصاً، ثم حزب البعث وحركة القوميين العرب، في حين دخلت عائلات كانت ترى نفسها جديرة بالزعامة، في الحزب السوري القومي،مثل الدنادشة وحلفاؤهم في بلاد بعلبك،وآل حلاوي في صور . أما الأطراف الشيعية في ضاحية بيروت الجنوبية وبلاد جبيل والبترون وبعض قرى جبل لبنان ، فقد شكّلت خزاناً للواردين إلى وظائف الدولة اللبنانية يعتمدون على الزبائنية الخاصة بالزعماء السياسيين لتلك المناطق، وهم كانوا في الغالبية ينقسمون ما بين التيارين الشمعوني والجنبلاطي في الجبل (عائلات الجية والوردانية وجون والقماطية وكيفون والضاحية الجنوبية) أو بين الكتلوي والدستوري في جبيل.

 عشية ثورة 1958 كان الانقسام السياسي في البلاد قد بلغ مداه ما بين تيار مؤيد للجمهورية العربية المتحدة، (وحدة مصر وسوريا بقيادة عبد الناصر)، وتيار مؤيد لحياد لبنان بدعم غربي أولاً، وبتحالف مع العرب المعتدلين ثانياً، (حلف بغداد والعلاقة مع العراق والأردن).

في مطلع عام 1957 أيدت حكومة الرئيس سامي الصلح مبدأ إيزنهاور، (وفيه التزامات تجاه الغرب وضد الاتحاد السوفياتي)، بعد أن كان الرئيس شمعون قد سار بالبلاد في اتجاه الأحلاف الغربية منذ مطلع 1954. وفي نيسان 1957 استقال الزعيم أحمد الأسعد من حكومة الصلح ليعزز الانقسام الشيعي بين موالاة ومعارضة، قبيل الانتخابات التي دعا إليها شمعون في حزيران من نفس العام. وانضم إلى لوائح المعارضة كامل الأسعد وصبري حمادة وعلي بزي ومحمد صفي الدين ورفيق شاهين وسليمان الزين ورياض طه والدكتور محمد خليفة، في حين تشكلت لوائح الموالاة من عادل عسيران وكاظم الخليل ويوسف الزين وإبراهيم حيدر وصالح الخليل. وقد خسر أحمد الأسعد إذ ترشح في صور معقل آل الخليل، (نال 6850 صوتاً مقابل 8130 لكاظم الخليل، ونال محمد صفي الدين حليف الأسعد 5845 صوتاً مقابل 7512 لرضا وحيد). ولا تعنينا هنا النتائج التفصيلية لتلك الانتخابات، (التي فازت فيها الموالاة طبعاً مما يشير إلى ميل الناخبين مع طواحين السلطة مهما كانت، ناهيك عن انتقال الكثيرين لاحقاً الى مواقع أخرى )، بقدر ما تعنينا التطورات التي تلتها والتي كان محورها الأستاذ عادل عسيران الذي انتخب رئيساً للمجلس النيابي. فذلك القومي العربي الاستقلالي، رفيق رياض الصلح وشكري القوتلي، والذي أيّد عبد الناصر في وجه العدوان الثلاثي، (تشرين الثاني ـ نوفمبر 1956) وأيّد وحدة مصر وسوريا، (شباط ـ فبراير 1958)، كان في قيادة الموالاة للرئيس شمعون وتعاون كرئيس للمجلس مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، (انتخب عادل بك رئيساً للمجلس في 13 آب 1957).

وخلال أحداث 1958 احترم الدستور اللبناني ورفض المس به أو العمل ضد ثوابت الكيان وضد المؤسسات والممارسة الديمقراطية. وهو التقى عبد الناصر في دمشق في آذار 1958، ونقل عنه قوله إنه يحب لبنان ولا يريد زواله أو تهديد استقراره. وفي نيسان 1958 أمضى الرئيس عسيران عطلة الأعياد في القاهرة، وألقى فيها تصريحات عن لبنان والوحدة العربية والعلاقات المميزة مع مصر.

وحين اندلعت الحوادث المشؤومة، رفض عادل بك ضغوط الزعماء الشيعة للاستقالة قائلاً إنه لا يريد المساهمة في إحداث فراغ سياسي ودستوري وإن موقعه ودوره مهمان للخروج من الأزمة بتسوية ولقيام انتخابات رئاسية جديدة. وقد استقال رشيد بيضون في أواخر أيار 1958 من حكومة الصلح، وذلك تحت ضغط الشارع، علماً أنه كان رفض المشاركة في الثورة ودعا إلى وقف العنف والقتال لأن ما يحصل يهدد وجود لبنان. ووقف إبراهيم حيدر موقفاً مماثلاً وذهب إلى حد تأييد شكوى لبنان ضد الجمهورية العربية المتحدة أمام مجلس الأمن. وحين حصل الإنزال الأميركي على شواطئ بيروت في 15 تموز 1958 أبرق عادل عسيران إلى الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد معتبراً العمل الأميركي عدواناً ضد سيادة لبنان واستقلاله.

وكان الشيخ محمد جواد مغنية، (العروبي الناصري)، هاجم عادل عسيران واتهمه بالسكوت والصمت أو بعدم الوضوح (التلغراف 26/5/1958). في حين وقف معظم العلماء الشيعة مترددين: فهم من ناحية ضد سفك الدماء، ومع الاستقرار ووحدة لبنان وع العروبة والممانعة، وهم من ناحية ثانية على علاقة بالنجف وقم وبالنظامين العراقي والإيراني؛ والنزاع حقيقة كان بين مصر الناصرية والعراق الهاشمي. وفي 3 حزيران 1958 صدر بيان علمائي يدعو إلى وقف القتال والعودة إلى الحال الطبيعية وصيغة التفاهم والميثاق الوطني، وقّعه: مهدي إبراهيم ، محمد تقي صادق، حسن معتوق، محمد علي المقداد، عباس أبو الحسن، رضا فرحات، علي مهدي ابراهيم (جريدة التيار 3/5/1958). وفي آخر حزيران وجّه علماء شيعة رسالة إلى داغ همرشولد رحبوا فيها بتدخل الأمم المتحدة في الأزمة، مع تأكيدهم على أنهم كانوا مع وجود لبنان بقوة (التيار 30/6/1958).

خلاصة هذا الاستعراض أن الوعي الشيعي لحظة وصول السيد موسى الصدر إلى لبنان كان يتشكّل من 3 عوامل متداخلة: الإسلام، العروبة، ولبنان، وأن عادل عسيران هو من جسّد هذه العوامل في الشخصية الحقيقية للشيعة في تلك المرحلة. ومن هنا نفهم كيف أن الرئيس بري وحركة أمل ورثا القاعدة العسيرانية في منطقة الزهراني،وبنيا على التحالف مع العائلات الكبرى في النبطية وصور، وورثا أيضاً الشيعية الشمعونية (أو اليمينية بحسب عبارات ذلك الزمن) في الضاحية والجبل ،في حين ورث حزب الله قاعدة آل الأسعد وأحزاب اليسار والفلسطينيين في الجنوب...

وتشير حوادث 1958 اضافة إلى الانقسام السياسي الوطني والعربي بين الشيعة، (موالاة ومعارضة، ناصرية وهاشمية)، إلى بروز وعي جديد وفئة جديدة من المثقفين حملتها التجربة الشهابية. وهنا بالضبط كان مشروع الإمام الصدر على موعد مع الحالة التي أفرزتها ثورة 1958. فقد خسر عادل عسيران انتخابات رئاسة المجلس أمام كامل الأسعد (15 آب ـ أكتوبر 1959) الأمر الذي ساهم في التعجيل بعودة الإمام الصدر وبدء تحركه في صور.

التيار الشيعي الإصلاحي اللبناني

عاد الإمام الصدر إلى لبنان عام 1959 (أي عشية انتهاء الثورة والثورة المضادة وبداية العهد الشهابي) وفي رأسه وعقله مشروع، بحجم معنى لبنان ودوره كما وصفه شمس الدين..

 قرأ الإمام الصدر تقارير بعثة ايرفد ( "حول حاجات وإمكانيات التنمية في لبنان"- صدر عام 1960) وتابع بدايات التجربة الشهابية في مجال الدراسات التنموية والتخطيط الاقتصادي والإنعاش الاجتماعي والاقتصادي والثقافي... وهو استند إلى هذه التقارير والمتابعات لفضح هول الواقع الذي عاشته وتعيشه مناطق تمركز فيها البؤس والحرمان والفقر ( الجنوب وبعلبك – الهرمل وضواحي بيروت ).. ولم يكتف الإمام بالدراسات والتقارير... فهو ساح في طول البلاد وعرضها وانتقل من بيت إلى بيت ومن قرية إلى قرية في رحلة استكشاف ميدانية جعلته قريبا من نبض الناس وهمومها..وهو الأمر الجديد في الوسط الديني الشيعي اللبناني الذي كان يكتفي بالوعظ والإرشاد..(وله في ذلك كلمة لطيفة:"إذا كانت شغلتي هي الصوم والصلاة فقط، ومسائل الزواج والطلاق، فإنني سأرحل إلى بلد آخر، فأرض الله واسعة... إنني صاحب رسالة مؤتمن من المرجع الأعلى"-أي السيد الحكيم)... وقد تحرك الإمام في طول البلاد وعرضها معايشاً آلام الناس وحرمانهم، ناسجا علاقات المودة والمحبة والإنسانية الحميمة مع كل الفئات... وتلك كانت أولى بذور رؤيته المميزة لأي مشروع إصلاحي: الناس البسطاء الفقراء الشرفاء هم الأساس. وهو انشأ الجمعيات والمؤسسات..وحاضر وناقش وتحدث في كل الأمكنة من المساجد والكنائس إلى البيوت والنوادي والمراكز الثقافية مركزا على وظيفة الدين في الاستقامة الأخلاقية وفي الصدق وفي المحبة والتعاون... وتلك كانت القاعدة الثانية في رؤيته الإصلاحية...... وشارك في إطلاق الحركة الاجتماعية ( مع الأب غريغوار حداد)، وحوارات الندوة اللبنانية ( مع ميشال الأسمر والأب يواكيم مبارك والأب جورج خضر والشيخ صبحي الصالح ) وندوة الدراسات الإنمائية ( مع الدكتور حسن صعب)... ناهيك عن عشرات الجمعيات والمنتديات التي كان لها لاحقا الفضل والدور في بناء كوادر المحرومين (معهد الدراسات الإسلامية و مهنية جبل عامل على وجه الخصوص) وإطلاق المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي..وهو كان يؤمن بالعمل البسيط المثابر لإنجاز تغييرات بنيوية... وتلك ميزة إيرانية كان اللبنانيون يفتقرون إليها...فها هو ذلك الإمام الكبير يعمل مع عشرات المتطوعين على إعادة تأهيل وتفعيل مسجد صور ونادي الإمام الصادق فيها ثم جمعية البر والإحسان الخيرية...ثم في جمع التبرعات والمساعدات لإنشاء مشروع القضاء على التشرد والتسول في مدينة صور... ثم في إيواء وتعليم الأيتام ومساعدة المحتاجين وصولا إلى تأسيس مهنية جبل عامل ومدرسة البنات (بيت الفتاة) ومدرسة الخياطة والتفصيل ومدرسة محو الأمية... وغيرها من المشاريع الصغيرة البسيطة التي أرست القاعدة الثالثة للرؤية الإصلاحية: العمل المثابر والمتواصل والتقدم ببطء وإنما بثبات في تحقيق الإنجازات مهما كانت صغيرة،  للمراكمة والبناء عليها...وأول نص مسجل وموثق للإمام (على حد إطلاعي) هو خطابه أو بيانه الأول بصفته ناظرا عاما لجمعية البر والإحسان في صور (صدر بتاريخ 31-12-1961) وفيه يستعرض الإمام أعمال الجمعية خلال عام 1961 أي منذ مباشرته العمل فيها حيث يقول:"وباشرنا العمل معا في أوائل سنة 1961 بتطوير القانون الأساسي والنظام العام فأصبحت الجمعية تعاونية تركزت فيها طاقات جميع المواطنين في صور وصدقاتهم تقريبا"... وهنا القاعدة الرابعة في المشروع الإصلاحي للصدر:تركيز طاقات الجميع في مشاريع محددة... وقد بلغ عدد أعضاء الجمعية في عام 1961 حوالي الألف من الرجال والنساء..وفي كلمته عن أعمال الجمعية للعام 1962(31-12-1962) يدحض الإمام الفكرة القائلة بان الجمعية طائفية تسعى لخدمة فئة معينة من المواطنين ويؤكد على أنها لا تفرق بين الناس وهي تقوم بأداء واجبها الاجتماعي في علاج مشكلة الفقر والمرض والجهل في صور دون النظر إلى الطائفة أو المذهب... إلا أنه يؤكد أيضا على قيام الجمعية بدورها الخاص في الوسط الإسلامي الشيعي (إقامة الشعائر، إدارة الأوقاف، مراقبة المسجد والمجالس الحسينية الخ..)..وهنا القاعدة الخامسة في مشروعه وهي أن انتماء الجهة الإصلاحية إلى هذه الطائفة أو تلك أو هذا المذهب أو ذاك لا يؤدي بالضرورة إلى طائفيتها... فالعبرة في الخطاب وفي المشروع وفي النية وفي العمل من اجل إصلاح البلاد والعباد...

لقد عمل الإمام الصدر ومنذ اللحظة الأولى على إرساء دعائم مشروعه على ركيزة تتمثل في العمل على الاستفادة من كل العناصر الايجابية في لبنان بهدف توفير الشروط المؤدية إلى بناء شخصية سياسية مؤمنة و متوازنة لشيعة لبنان (على حد وصف الدكتور حسن الضيقة في أول وأهم تقويم لمسيرة الصدر)، شخصية واثقة سوية تكون قادرة على مواجهة التحديات، وتساهم في إنهاض حركة الناس ( كما كان يحب الإمام أن يقول وهو يقصد المجتمع الأهلي والمدني على السواء) على قواعد التعاون والتضامن والاعتماد على الذات والمبادرة والتنظيم المؤسسي...ولا شك أن الإمام وبفضل إطلاعه الواسع وعلاقاته الأوسع ودراساته العميقة في حوزات النجف وقم كما في جامعة طهران الحديثة، ومن خلال ممارسته العملية مع الناس وبين الناس ومن اجل الناس، وقراءته للتقارير الرسمية والدولية، وتشخيصه الخاص للواقع اللبناني والشيعي فيه تحديدا، قد اكتشف فرادة هذا الواقع من جهة، والامكانات الايجابية الضخمة التي يزخر بها من جهة أخرى، فعمل على البناء عليها وتطويرها...ولا ننسى انه بدأ مع قمة توهج المشروع الشهابي ومرحلته التاريخية التي تميزت ببناء المؤسسات وبإفساح المجال أمام إدارة جديدة تحديثية وبتوسيع شبكة الخدمات العامة والتزام التنمية والعناية بالمناطق المحرومة وتوسيع التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية....وقد ارتكز الإمام الصدر على هذه الحالة التي أفرزت طبقة وسطى مدينية وريفية حديثة التكوين واسعة ومستقرة ومتعلمة ومتحفزة للعمل الاجتماعي والثقافي..والإمام عاصر صعود وسقوط الشهابية..وهنا نقطة تستحق التوقف عندها نظرا لما كان لانهيار هذه الطبقة الوسطى الشيعية المتعلمة والناشطة من تأثير على تحولات حركة أمل وذلك منذ كارثة سقوط النبعة والتهجير القسري للشيعة من كل ضواحي بيروت الشمالية (1976)، مرورا بشتى المعارك في الحرب الأهلية وقد كان الشيعة وقودها الأساسي، ووصولا إلى الاعتداءات الصهيونية المتلاحقة والتي أكملت عملية تهجير وتفسيخ وإفقار وتشريد عشرات الآلاف من الشيعة ( لم يدرس أحد ما حدث للحيوية المدنية-السياسية للشيعة بتأثير الحرب الأهلية وحروب العدوان الإسرائيلي في الجنوب، كما بتأثير المال الإفريقي والخليجي بعد طفرة النفط في السبعينات)... ولذا فان الإمام هدف في دعوته للارتكاز على القوى الايجابية إلى محاصرة الأخطاء والنواقص المحسوبة على الزعامات التقليدية السياسية والدينية ( طبعا ينسى البعض الإقطاع الديني الذي حارب الصدر حتى الرمق الأخير لأنه كان ينتمي إلى سياق الإصلاحية الدينية الدستورية الشيعية في النجف وقم ) والى منع تفاقمها أو تكرارها أو انتشارها في المجتمع بناء على ما عرف عنه من هدوء طبع وسلام وصفاء فكر ومن تواضع ومعرفة ( وهذه صفات لا نعرف لماذا يحاربها بعض رجال الدين من الشيعة اليوم) أعانته على تجسيد مقولته في البناء لا الهدم، والوصل لا القطع، وفي الاستفادة من كل التجارب والخبرات وذلك في منهج تجريبي واضح لا لبس فيه (أي انه لم يحمل أيديولوجية ثورية جاهزة للتطبيق على لبنان) إذ انه هو القائل: "إن في الإسلام بذورا للتطوير وجعل الأحكام منسجمة مع حاجات الإنسان في كل زمان ومكان.. وان المشكلة الكبرى في قضايا الشريعة الإسلامية أنها بقيت قرونا طويلة معزولة عن الحياة العامة ولذلك فهي تحتاج إلى تجارب قبل التنفيذ" ( مجلة المجاهد الجزائرية – في 12-8-1973)...لقد وعى الإمام أن ما يطلبه لا يمكن الوصول إليه عبر إي نهج يتسم بضيق الأفق:فلا المراهنة على الدولة ومؤسساتها وما تتصف به من فساد واختلال ومن سوء استغلال للسلطة ( أكلة الجبنة على حد وصف الرئيس شهاب وقد نجحوا في إجهاض تجربته، من بين عوامل أخرى ليس هنا مجال بحثها).. ولا العمل على تأسيس حزب سياسي معارض أو الانكفاء ضمن إطار طائفي منغلق، هو ما يلبي طموحات المحرومين.."ففي هذا الجو من الإهمال والحرمان والدونية التي تعيشها الطائفة الإسلامية الشيعية تنامت إرادة تبحث عن وطن حقيقي تتساوى فيه طوائفه ومناطقه"(من مؤتمر صحفي للإمام في 15-8-1966)...رأى الإمام أن حالة الاختلال والفساد حالة عامة لا تقتصر على رأس الهرم بل هي تخترق بنية الاجتماع اللبناني من أعلى قمة السلطة وحتى قاعدة المجتمع الأهلي...ففي أعلى القمة فساد الإدارة والرشاوى وتوازنات المصلحة والمحاصصة وتعيينات المحسوبيات والتزلم والانتهازية السياسية وإقطاع سياسي-مالي-وديني- متحكم... أما في القاعدة فان بنية المجتمع الأهلي تخترقها انشدادات فكرية وثقافية وسياسية مرتهنة إما لقوى دولية ظالمة وإما لحسابات إقليمية متضاربة وإما لمصالح قبلية وعشائرية وطائفية ومناطقية ولزبائنية ضيقة ومتناحرة (وهذا التوصيف أستعيره مرة أخرى من الدكتور حسن الضيقة).. لم يكن في ذهن الصدر صياغة مشروع فئوي مذهبي أو تقزيم مشروعه الوطني العربي الإسلامي الإنساني وتحويله إلى رهينة لمطالب اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، أو رهينة لظرف سياسي أو لضرورة إقليمية أو لتحالف قوى محلية-إقليمية(على ما يفعل البعض اليوم للأسف)..لم يبحث الإمام عن حل سياسي سهل وسريع يمكنّه من دخول مسرح الصراع السياسي بسرعة لكن على حساب مشروع التغيير الشامل المتكامل... إنما عمل الإمام على بناء حركة تتسم بشمولية وتعددية الإيقاعات وتبتعد عن الأحادية قدر الإمكان..فهدفه كان التحريك الايجابي لكل العناصر الايجابية في بنية الاجتماع اللبناني من خلال تحريك ايجابي للمجتمع الأهلي المحروم وللطائفة الشيعية تحديدا..لم يكن مشروع حركة المحرومين مشروعا لتيار أو حزب أو طبقة أو مطلب بل كان مشروعا لتحريك ايجابي لكل العناصر الايجابية يسمح بدخول المحرومين من كل الطوائف والمناطق إلى مسرح التغيير.ولعل هذا البعد التغييري في حركة الإمام هو ما غاب فهمه عن اليسار التقليدي يومها أو لعلهم فهموه ولذلك خافوا الإمام وحاربوه....انطلق الإمام من حقيقة "أن للطائفة الشيعية امكانات وطاقات كثيرة وكبيرة لا يستفيد منها لبنان ولا أبناء الطائفة إلا بجزء يسير منها وذلك لعدم التنظيم"(مجلة الأسبوع العربي:19-5-1969).. ومن كون "التنظيم شرط أساسي لنجاح كل عمل، والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سيؤدي إلى تنسيق الطاقات الإسلامية الشيعية اللبنانية ومنعها من الهدر والاصطدام... ومن الطبيعي أن هذا السعي سوف يقابل بصورة حتمية بتعاون الطوائف الشقيقة والسلطات المسؤولة وسوف يعالج الحيف المزمن اللاحق بهم..وأؤكد أن هذا التنظيم لن يفرق إطلاقا بين المسلمين بل سيسهل مهمة التوحيد الكامل عن طريق الحوار والتفاهم...والمجلس سوف يسعى لتنسيق نشاطاته كلها مع باقي الطوائف اللبنانية الشقيقة وتعميق وحدة المسلمين وإحكام روابط الإخوة بين اللبنانيين وتوطيد الوحدة الوطنية" (صحيفة الرقيب: 2-6-1969)..لقد أراد الإمام إطلاق الطاقات الايجابية للنخب الشيعية الواعية وللجماهير المحرومة وذلك على قاعدة العدل والتشيع الأصيل وفي خدمة الإنسان والوطن وذلك من خلال إيجاد مناخات نفسية وفكرية وسياسية وتوحيدية تتجاوز شتى الانقسامات..كانت حركة المحرومين لتغيير الذهنية وتغيير الواقع، " ومن اجل أن لا يبقى محروم واحد في لبنان أو منطقة محرومة".. انطلق مشروع الإمام "من الإيمان الحقيقي بالله وبالإنسان وبحريته الكاملة وكرامته... لتشكيل حركة وطنية تتمسك بالسيادة الوطنية وبسلامة ارض الوطن وتحارب الاستعمار والاعتداءات والمطامع التي يتعرض لها لبنان " ( من الميثاق التأسيسي لحركة المحرومين). وهذا ما جعل الأستاذ غسان تويني يكتب: " ثورة الشيعة وهي ثورة طائفية باسم سائر الطوائف ومن اجلها جميعا.. وهي تتجاوز القضايا السياسية التقليدية إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية... فقضية الحرمان والظلم، وقضية الأرض الحقيقية "(النهار 18-3-1974)...وفي البيان الذي صدر بتوقيع 190 مفكرا ومثقفا من جميع الطوائف: "إن هذه الحركة إذا سميناها افتراضيا حركة طائفية هي الحركة الطائفية الوحيدة في لبنان التي تحمل جوهرا تقدميا... إن أهمية الحركة التي يقودها الإمام الصدر أنها عرّفت قطاعا عريضا من قاعدتها بوعيها بامكاناتها وبقدراتها على التغيير".(النهار 26-11-1974)... وتحت عنوان "حركة الإمام الصدر بين الشيعية واللبنانية" كتب المرحوم العلاّمة الأب يواكيم مبارك:"اعتقادي الشخصي أن شيعية الإمام وحركته لا تحتاجان إلى نكران ولا إلى تبرير..فعلاوة على أننا لا نشك بوطنية الإمام وشمول حركته، احسب هذه الشيعية ضمانة كبرى للأصالة وربطا من عمق التاريخ اللبناني بأعماق العالم العربي... فجدلية هذا التاريخ قائمة باستمرار، تتجاوز الطائفية بفضل الدعوة التي اتخذت لبنان معقلا للتجدد الذاتي وموئلا للتفاعل الحر ورباطا لكل فتح خير ".(النهار 14-12-1974).... ويقول النائب السابق محمود عمّار أن "الإمام الصدر كان شديد الحرص على الكيان اللبناني .. ولم يكن الإمام يريد الوصول بحركته إلى المساهمة في تقويض الكيان والمجتمع اللبنانيين بل إلى تعزيز دور الشيعة في الحياة اللبنانية عبر النهوض بهم اجتماعياً وسياسياً"(في حديث سيرة مقتضبة مع فادي توفيق نشره ضمن كتابه"بلاد الله الضيقة:الضاحية أهلاً وحزباً"،دار الجديد،2005،ص.96-97)..

مشروع موسى الصدرـ محمد مهدي شمس الدين في لبنان

صاغ الإمامان موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين مشروعاً إسلامياً ووطنياً وإنسانياً للمسلمين الشيعة اللبنانيين هذه خطوطه الناظمة:

أ- وحدة المسلمين الشيعة في لبنان انطلاقا من أن التشيّع هو حركة صادقة منضبطة بموازين الشرع وعلى قاعدة التوحيد والعدل والحق، منفتحة على تغيّرات العصر وتطورات الزمان والمكان، لا دوغمائية متحجرة ولا إيديولوجية شمولية، ولا مؤسسة منغلقة تقوم على المصالح الذاتية أو الخاصة، أو على الحسابات السياسية النفعية أو على تقاسم النفوذ والمغانم أو على التعصب المذهبي والتوتير المناطقي والانعزال عن الآخر الشريك في الوطن أو الانطواء على الذات واجترار الماضي أو الانكفاء على المكتسبات وعن المشاركة وعن الاندماج الوطني أو الاستقواء والغلبة والتعالي والاستئثار. ولا بالتأكيد على تبعية عمياء لمركز شيعي خارجي أكان في إيران أم في غيرها...لم يكن هناك في لبنان من هو أكثر لبنانية من الإمام الصدر، ولا أكثر عروبة أو تشيعاً أو إسلاماً.

ب- وحدة المسلمين اللبنانيين ضمن الإسلام بمختلف مذاهبه وذلك أيضا على قاعدة التوحيد والعدل والحق وعلى أسس الحرية والكرامة والمساواة والاندماج والتكامل والتعاون: "ووحدة الكلمة هذه ينبغي أن لا تظل شعارا مرفوعا أو كلمة مكتوبة بل يجب أن تكون ومضة الفكر وخفقة القلب ودرب السلوك... إنها البعد الأساسي للمستقبل " ( من كتاب الإمام الصدر إلى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد – 1-10-1969).

 ج- وحدة اللبنانيين جميعا وإطلاق الحوار الايجابي البنّاء مع الشركاء في الوطن، إذ أن وحدة الشيعة ووحدة المسلمين خطوة ناقصة إذا لم تقترن بوحدة اللبنانيين لبناء وطن حقيقي ودولة عادلة...:"فليس الخطر في تعدد الطوائف بل في تحول التعدد إلى سلبية.. إن من يظن أن وجود الطوائف في لبنان هو من أسباب ضعف الإحساس الوطني والقومي فقد ينظر إلى هذا الأمر من خلال زاوية ضيقة... بل الطوائف المختلفة المنظمة منطلقات للتعاون ونوافذ حضارية على مكاسب لمليارات البشر في هذا العصر وفي العصور الماضية "( من خطاب الإمام الصدر عند انتخابه رئيسا للمجلس في 30-5-1969)... والإمام هو القائل بان "التنوّع الطائفي والتعايش الإسلامي المسيحي ثروة حضارية يجب التمسك بها"... وهو صاحب مقولة لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه التي دخلت بندا أول في مقدمة الدستور...وهو قال أيضا ( لمن ينسى): إن "لبنان ضرورة إنسانية حضارية باحترامه للقيم الإنسانية وللمذاهب والعقائد والثقافات".. أي انه قيّده بشرط احترام القيم الإنسانية، وهو القائل أيضا:" إن الحريات هي الدعامة الأساسية لكيان لبنان"...هذا الإمام الإسلامي الشيعي يتحدث بوضوح عن الكيانية اللبنانية الخاصة فلا يجعلها منطلق مسيرته وحسب بل يجعلها أساسا قبلة عمل وتحرك ونضال الشيعة في لبنان كما في العراق وغيره.. فهو أول من قال وعمل من اجل اندماج الشيعة في أوطانهم.

تأسيسا على خطوط العمل الثلاثة المذكورة أعلاه صاغ الإمامان مرتكزات المشروع الوطني التالية:

1- حماية استقلال لبنان وسيادته ووحدته واحترام حقيقة كيانه وطنا نهائيا لجميع بنيه، والحفاظ على العيش المشترك والحوار الدائم بين طوائفه.

2- حماية الديموقراطية اللبنانية القائمة على أساس التوازن والتوافق والمشاركة، وعلى قاعدة صون الحريات الخاصة والعامة ("الحريات هي الدعامة الأساسية لكيان لبنان").

3- حماية المواطنة السليمة (دولة عادلة لمواطنين أحرار كما قال الإمام شمس الدين) أي مساواة الأفراد في دولة تقوم على القانون والمؤسسات..إلى جانب التعددية والخصوصية الطائفية (حق الطوائف في الاطمئنان إلى وجودها ودورها لا يجوز أن يكون على حساب حق المواطن أو فوق القانون والمؤسسات).

4- حماية هوية لبنان وانتماءه العربي في إطار علاقات الأخوة والتعاون والتضامن وضمن الأطر والمنظمات العربية والإسلامية والدولية، وخصوصا مع الشقيقة سوريا.

5- حماية الإجماع حول مقاومة الاحتلال والعدوان الإسرائيلي وإخراج هذا الإجماع من التجاذبات السياسية ومن المزايدات الصبيانية. (تشكيل هيئة نصرة الجنوب في 13-5-1970 برئاسة الصدر ونيابة الكاردينال البطريرك خريش ومعهما حشد كبير من رجال الدين والفكر والسياسة ومن مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية).

6- العمل على المشاركة في تدعيم القضايا العربية والإسلامية مع الحرص التام على أمن وسلامة واستقرار وسيادة لبنان.. ومن خلال الارتباط الدائم بالإجماع العربي والإسلامي وبصيغ التضامن والمشاركة العربية-الإسلامية الأوسع.. فلبنان مع العرب وإمامهم في كل ما يقررونه.. ولكن ليس لوحده نيابة عنهم أو لحسابات بعضهم.

7- عدم الانجرار وراء دعوات الاستقواء والغلبة أو الاستنفار والتعبئة أو الرد بالمثل حتى ولو على أبشع أنواع الاعتداءات والمجازر.. والإمامان هما أعلام مواقف الاعتدال والتهدئة والتفاهم والعفو والمصالحة والسلم ونبذ العنف بكل أشكاله (حتى اللفظي منها) رغم ما لقياه من اتهامات تخوينية ومن حملات تشهير وتكفير أيام النبعة وتل الزعتر وحارة الغوارنة والسبت الأسود وغيرها... ولسان حالهما في ذلك قول الله عز وجل: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).

8- محاربة سياسات التقسيم والإدارات المحلية الطائفية والأصولية الدينية كما العلمانية الشاملة.. ليس بالنكايات أو العصبيات وإنما بالعمل الإصلاحي: فقد طرح الإمامان سياسات ايجابية بديلة تؤدي إلى الحفاظ على وحدة لبنان وهو أطلق دعوات الحوار والتفاهم واجتماعات القمم الروحية كما الحوار الوطني الشامل والجامع.

9- إعادة الاعتبار للقيم والأخلاق وللرشد والحكمة، وللتوازن والتعقل، وللعدل والكرامة، في العمل السياسي والاجتماعي باعتبار أن ذلك جزء من الرسالة الدينية.. فالدين كان لأجل الإنسان وليس العكس.. وفي الآن نفسه رفض الانجرار إلى التعصب أو التحزب الضيق أو اعتبار الدين أو التشيع حزبا خاصا أو ناديا مغلقا.

10- عدم الانجرار وراء الكسب الحزبي أو المذهبي أو السياسي أو إلى الجماهيرية والشعبوية الرخيصة على حساب مصالح الوطن والشعب...وكم وقف الإمامان من مواقف العقل والسماحة ذهبت عكس صراخ وضغوط الجماهير المتوترة وأفقدتهما بعض الشعبية (إلى حين) في بعض الأوساط خصوصا في لحظات انفلات العنف والعصبيات الدينية والعشائرية والحماس...:"أنا لست لمصالح خاصة، ولا تقبلوني إن كنت كذلك... كما إن خبرتي في مجال المصالح الخاصة هي اقل بكثير من الزعامات والقيادات السياسية الموجودة والضرورية... وأنا لست أيضا مع الأحزاب التي ترفع شعار "الله اكبر... واسلاماه!!" من اجل كسب بعض الأعضاء والمقاتلين... لا! نحن فقط مع الحق وللحق... وقعنا على الموت أم وقع الموت علينا..فإننا لا نبالي ما دمنا على الحق...وهنا نلتقي مع التاريخ...مع أحلامكم...مع رؤيتكم..مع طموحكم التاريخي.."(الصدر)...

إن هذا المشروع التاريخي هو الذي سمح للإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين ببلورة التيار الوطني الإسلامي الشيعي اللبناني، المعتدل، المستنير، الحضاري... وسمح لهما بالتالي باستنهاض "كل العناصر الايجابية في الوطن لبلورة المشروع الوطني العربي الإسلامي الإنساني لشيعة لبنان: مشروع الحوار والمصالحة والسلم الأهلي والوطن النهائي ضمن العدالة والكرامة والمساواة بين الجميع ومن اجل الجميع"(محمد مهدي شمس الدين).......

حزب الدعوة بين العراق ولبنان

كان اول اللبنانيين المنتسبين الى حزب الدعوة الشيخ محمد مهدي شمس الدين ثم السيد محمد حسين فضل الله (1958)،ثم الشيخ علي الكوراني (في  الستينيات).وفي العام 1960 صدرت مجلة الاضواء نصف الشهرية باسم جماعة العلماء التي كانت واجهة للحزب يومذاك..وقد استمرت بالصدور حتى العام 1966..وكان يكتب افتتاحيتها السيد محمد باقر الصدر او الشيخ محمد مهدي شمس الدين (باسم رسالتنا)..وفي العام الثاني على الصدور انقطعت "رسالتنا" وحلت محلها "كلمتنا" التي صار يكتبها محمد حسين فضل الله.. وكان ذلك يشير الى تطور اساسي تمثل في انسحاب آل الحكيم من الحزب ومعهم محمد مهدي شمس الدين، ثم الى انسحاب السيد محمد باقر الصدر نفسه (1961)..بعد ذلك سيطر على الحزب هادي السبيتي وطالب الرفاعي وعارف البصري ومرتضى العسكري ومحمد حسين فضل الله..والحقيقة ان حزب الدعوة استظل مرجعية السيد الحكيم والسيد الخوئي في سنوات 1957-1960 ثم مرجعية السيد محمد باقر الصدر (حتى استشهاده 1980)..و لم تتوقف الصراعات والانشقاقات في الحزب بخصوص مسألة العلاقة بين الحزب والمرجعية، وبين المدنيين ورجال الدين..نذكر هنا انشقاق كوكبة من العلماء وعلى رأسهم عبد الهادي الفضلي حين سيطر السبيتي على قيادة الدعوة(1963)..وانشقاق سامي البدري وجماعة بغداد (1967) لصراعهم مع عارف البصري..الا ان القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين الحزب والمرجعية تمثلت في تخاذل الحزب عن الوقوف خلف السيد الحكيم حين قاد المواجهة مع نظام البعث(1969-1970)..وبعد وفاة المرجع الحكيم (1970) صاغ السيد محمد باقر الصدر نظريته حول العلاقة بين المرجعية والحزب (اطروحة المرجعية الصالحة) داعياً الى ضرورة الفصل بينهما بحيث يكون الحزب ذراعاً من أذرع المرجعية وتحت أوامرها..واستمرت المجادلات داخل وخارج الحزب 3 سنوات 1970-1973..الا ان الحزب لم يترك العمل داخل الحوزة وباسم السيد الصدر الامر الذي أدى الى الصدام العنيف بينهما والى اصدار الصدر لفتواه الشهيرة حول عدم جواز انتساب طلبة العلوم الدينية الى الحزب (1974)..وفي اثناء ذلك كانت موجات القمع البعثي الدموي تتوالى من موجة 1970-1972 الى موجة 1974 التي انتهت باعدام عارف البصري وعزالدين القبنجي وعماد الدين الطباطبائي ونوري طعمه (13 نوفمبر 1974) واعتقال محمود الهاشمي (رئيس القضاء الايراني حالياً)..في تلك الايام كان الامام الخميني منفياً في النجف وعلى صلة طيبة بالنظام العراقي الامر الذي أدى الى الجفاء لا بل العداء بينه وبين العراقيين..وبدءاً من العام 1975 أعاد هادي السبيتي تشكيل الحزب في حين فر العشرات الى الخارج ومنهم اللبنانيون (صبحي الطفيلي وعلي الكوراني وحسن ملك وعبد المنعم مهنا وعلي الامين)والذين بقوا في النجف التفوا حول السيد الصدر (حسن طراد،محمد جعفر شمس الدين،عباس الموسوي...)ومع تصاعد الخلاف داخل الدعوة انعقد مؤتمر عام عٌرف باسم مؤتمر مكة (موسم الحج 1977) لم يحضره السبيتي وجماعته وسيطر عليه الثنائي كاظم الحائري (ايران) ومهدي الآصفي (الكويت)..حاول مرتضى العسكري حل الخلاف موسطاً فضل الله والكوراني..وقد اتهم حزب الدعوة كلاً من السيد محمد باقر الصدر وشمس الدين وباقر الحكيم بانهم يتصلون بالكوادر ويحاولون شق الحزب..في حين قررت لجنة العراق في الدعوة(مهدي عبد مهدي)الالتزام بقرار المرجع الصدر..وبحسب صدر الدين القبنجي فان الاختلاف كان كبيراً بين رؤية الصدر ورؤية الدعوة للمرحلة..ذلك ان حزب الدعوة بنى استراتيجية عمله على اساس المرحلية مقسماً مراحل العمل الى اربع رئيسية هي الثقافية (الدعوة وتغيير الافكار) فالسياسية (الصراع السياسي مع الحكم)فالثورية (اسيادة السياسية)ثم مرحلة الحكم وبناء الدولة وتصدير الافكار...لذا فان الحزب لم يكن يتبع تحديد المرجعية للمرحلة ومهماتها وانما يتبع نظريته هو حتى حين كانت المرجعية تقود المواجهة الكبرى (ايام الحكيم ثم الصدر كمثال)..غير أن أخطر مظاهر الخلاف يتعلق باختراق الحزب لوكلاء المرجعية (جاء في مجلة الجهاد الناطقة بلسان الحزب في ايران-العدد 12-كانون الاول 1983)ان 80% من وكلاء الصدر عام 1980 كانوا من الدعوة..غير ان الوضع كله تغير مع انتصار الثورة في ايران..تصاعدت المقاومة الشعبية في العراق وتصاعد معها القمع الدموي الذي لم يكن له اي مثيل في التاريخ المعاصر..فكان اعتقال السيد باقر الصدر (12-6-1979) شرارة انتفاضة 17 رجب التي قمعت بالحديد والنار..أعدم البعث 86 قيادياً معظمهم من وكلاء الصدر وحكم بالسجن المؤبد على 200 وبالسجن مدداً متفاوتة على 814..وبلغ عدد المعتقلين عدة آلاف استشهد الكثيرون منهم تحت التعذيب..وفي 16 تموز 1979 اقال صدام حسين أحمد حسن البكر وقام باعتقالات واسعة في صفوف قيادات وكوادر البعث لحقتها اعدامات شملت 5 وزراء و21 قيادياً بعثياً...عن تلك الايام القاسية الدامية خرج حزب الدعوة بتحليل قال فيه ان "تحرك رجب كان تحركاً محدوداً لم تنزل الدعوة فيه كل طاقتها ولم تستنزف كل امكانياتها وهذا نابع من طبيعة المرحلة .وكان عدم انزال كل قوتنا تصرفاً حكيماً وصحيحاً لأن المخزون من طاقتنا ينفعنا ليوم آخر،يوم الحسم"(ثقافة الدعوة الاسلامية،الجزء الرابع،ص 338).غير ان ما يراه الدعوة تصرفاً حكيماً كان بالنسبة للصدر والحكيم خيانة ثانية للمرجعية وللناس بعد الخيانة الاولى في انتفاضة عام 1969...بعد ذلك صعد نجم الثورة الايرانية وجرى اغتيال السيد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى (نيسان 1980)..وتصاعد الصراع المسلح بين البعث والدعوة في بيروت والكويت (محاولة اغتيال الكوراني ،اغتيال شري،اغتيال السيد حسن الشيرازي من الشيرازيين ومنظمة العمل الاسلامي، في بيروت،واغتيال عبد المنعم الشوكي في الكويت..الخ..) قرر الحزب نقل قيادته ومعظم كوادره الى ايران..انتقل الكوراني والآصفي في حين رفض السبيتي القرار ودفع حياته ثمناً لذلك (هو حفيد السيد عبد الحسين شرف الدين،قال يومها انه لم يتعود العيش الا من كد يمينه،وانه لا يجيد اللغة الفارسية..اغتيل في الاردن 9 أيار 1981)..وقررت لجنة العراق بقيادة عبد الامير منصوري وحسن شبر الارتباط بالسبيتي وقطع صلتها بالآصفي..وفي ايران اسس الحزب لجنة جهادية بقيادة مهدي عبد مهدي وصبحي الطفيلي وفخري مشكور وعينت حسين كوراني ضابط اتصال بالحرس الثوري الايراني...وصار الحزب بأجنحته تحت قيادة اسمية لا تجتمع ضمت السبيتي والآصفي والعسكري والحائري والكوراني..وبعد اعدام السيد الصدر انهار تنظيم بغداد.. فدعا كوادر الحزب الى مؤتمر انعقد في طهران أواخر عام 1980 وعرف باسم مؤتمر القواعد وحضره 72 كادرا وشكل لجنة من 9 للتحكيم بين جناحي القيادة..رفض السبيتي والكوراني وكوادر البصرة مؤتمر طهران وانتخاباته وتلا ذلك اعتزال مرتضى العسكري للعمل الحزبي، في حين واصل جماعة طهران اعادة التنظيم بقيادة ضمت الآصفي(ناطقاً باسم الحزب) والحائري (فقيهاً للحزب)..أعدت القيادة الجديدة لمؤتمر عرف باسم مؤتمر الشهيد الصدر (1981-طهران) شارك فيه من لبنان صبحي الطفيلي ومحمد رعد ونعيم قاسم (ذكر لي أحد الحضور انهم لم يتكلموا ابدا في المؤتمر) وانسحب الكوراني نهائياً من الحزب (اصدر كتابه الشهير عن طريقة عمل حزب الله)..واستمر الصراع الداخلي حول ولاية الفقيه فعقد الحزب مؤتمراً جديداً في 1984 ليعيد العمل بمنصب فقيه الحزب وقرر تعيين الحائري مجدداً .. الا ان القيادة المدنية ظلت تسحب البساط من تحت أرجل الفقهاء فقرر الحائري والآصفي الانسحاب والتفرغ للمرجعية مع تبنيهما لولاية الفقيه..الا ان الحزب قرر استعادتهما وتشكيل مجلس فقهي ضمهما الى جانب الشيخ محمد علي التسخيري (أحد كبار مستشاري الخامنئي حالياً وخصوصاً في قضايا العلاقة مع أهل السنة)على أن يكون الحائري فقيه الدعوة.. وكانت القيادة المدنية تريد المجلس الفقهي مرجعية تقليد لا ولاية أمر.. وحاول الحائري والآصفي خلال العام 1985 ربط الحزب بالقيادة الايرانية مباشرة (بعد الاعلان عن تشكيل حزب الله اللبناني على اساس ولاية الفقيه)..ولكن الصراع م يتوقف.. وحين اصدر الامام الخميني قراره بتعطيل اعمال الحزب الجمهوري (10 حزيران 1987) انسحب الشيخ التسخيري من المجلس الفقهي في حين كان الحائري والآصفي يقودان حملة لتعزيز ولاية الفقيه ويدعوان الى حل الحزب اسوة بما حصل في لبنان..وفي مطلع عام 1988 انعقد مؤتمر الحوراء زينب وانتصر فيه خط ولاية الفقيه اذ قرر المؤتمر "ان الحزب جزء من الامة وهو مرتبط بالولاية العامة شأنه في ذلك شأن بقية ابناء الامة ويسري عليه ما يسري على كافة قطاعاتها".ولم بنته الصراع..ففي العام 1989 أعلن عدد من قادة الحزب انشقاقهم معتبرين ان الحزب ما يزال منفصلاً عن القيادة الشرعية وانه يعتبر نفسه بديلاً عنها وان فقيه الدعوة الخفي هو السيد فضل الله رغم تأكيد هذا الاخير انه ترك الحزب منذ 1982 بسبب عدم اختياره فقيهاً للحزب يومذاك..وتسمى المنشقون باسم تنظيم الدعوة-ولاية الفقيه وتفرغ الحائري للعمل لمرجعيته واستمر الآصفي في قيادة الحزب(ناطقاً رسمياً) ممثلاً الاتجاه الايراني في مقابل الباقين الذين التفوا حول فضل الله..

في العام 1989 توفي الامام الخميني..يومها قرر الايرانيون تولية الخامنئي ولياً لامور المسلمين دون ان يكون مرجعاً للتقليد..واعتبروا ان السيد الآراكي هو مرجع التقليد..وبين الاعوام 1990-1991(حرب العراق الاولى)و2003(حرب العراق الثانية) هاجر مئات الكوادر من العراق والدول العربية الى بريطانيا وانخرطوا هناك في العمل السياسي الديمقراطي وسط الجالية العراقية التي يصل تعدادها الى أكثر من مليون..وارتبطوا بعلاقات مع قوى عربية ودولية..تمخضت التحولات الكبرى بعد وفاة الخميني وحرب العراق الاولى عن قرار للدعوة انها في حل من التزامها بقيادة الخميني الذي كانت نصت على ولايته بالاسم في نظامها الداخلي..والغى الحزب منصب الناطق الرسمي واستبدلته بثلاثة ناطقين:ايران (علي الاديب) وواحد في بريطانيا عن اقليم اوروبا (ابراهيم الجعفري) وواحد في سوريا عن اقليم الشرق الاوسط (نوري المالكي)..

وفي العام 1992 توفي المرجع الخوئي فقرر الخامنئي طرح نفسه كمرجع الا انه لم يستطع فرض نفسه الا بعد وفاة الآراكي (1994)...عيّنت جمعية مدرسي حوزة قم سبعة مراجع للتقليد بينهم الخامنئي دون فضل الله..وأعلن الآصفي التزامه قيادة الخامنئي وولايته في حين أعلن فضل الله تصديه لمنصب المرجعية..واختاره حزب الدعوة مرجعاً له وفقيهاً معتمداً..ثم قرر الحزب تبني رأي فضل الله حول تعدد الولاية :"فكما يمكن ان يكون للامام في حال حضوره أن يحكم عدة اقاليم وله في كل منها نائب فانه يمكن كذلك ان يكون له في حال غيبته عدة نواب ايضاً...فالأصل في الولاية النائبة عن الامام تعدد الولي الا اذا كانت هناك مصلحة اسلامية عليا تفرض وحدته وكانت الوحدة واقعية"(صدرت الفتوى في 13-9-1998)..

ومنذ 2003 صار الدعوة عدة خطوط: خط الحائري وخط الآصفي وخط الجعفري وخط المالكي وخط البصرة (جماعة السبيتي) وخط هاشم ناصر محمود وخط خضير موسى جعفر وخط محمد حسين فضل الله (ومعلوماتي ان نوري المالكي اندمج بهذا الخط  وصار من مقلدي السيد فضل الله).......

مع عودة فضل الله الى لبنان العام1966 شرع في العمل على بناء كوادر وخلايا لحزب الدعوة..فكانت اسرة التآخي ومجلتها "الحكمة"، وكان الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين ومجلته "المنطلق ..وأبرز من تخرج من الاتحاد  محمد رعد ونعيم  قاسم وهاني قاسم ومحمود قماطي وحسن حدرج(من حزب التحرير)ومحمد سعيد الخنسا ..ومن جيل لاحق علي فياض وقاسم قصير ونواف الموسوي وحسان عبد الله.وكان فضل الله متأثراً بتقي الدين النبهاني وبسيد قطب (لاحظ تفسيره للقرأن بعنوان من وحي القرآن تيمناً بظلال القرآن لسيد قطب)كما بنظرية او مبدأ القوة..وقد نشر فضل الله كتابه "منطق القوة في الاسلام"عام 1967 واستمر على ترداد مفهوم منطق القوة كما يظهر ذلك بوضوح في مقاله عن الشهيد باقر الصدر في جريدة العهد،العدد 42،22 رجب 1405-1985،بعنوان "لأنك قوة"..ونقل السيد حسن نصرالله عنه هذا المفهوم (راجع محاضرته في الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين بعنوان "التعبئة الثورية في عملية التغيير"،النهار في 27-1-1986)..وفي العام 1978 حمل الشهيد حسن شري فتوى السيد باقر الصدر الى الحركيين الاسلاميين (من دعوة وغيرها)بوجوب الانضمام الى حركة أمل والعمل من داخلها بعد اختطاف السيد موسى الصدر..

وكانت الضربات البعثية للدعوة في العراق تؤدي الى هجرة العديد من الكوادر الى لبنان..ففي السنوات 1975-1977جاء الى لبنان عدد كبير من المشايخ الذين كانوا من تلامذة السيد محمد باقر الصدر ومن اعضاء حزب الدعوة..من علي الكوراني وحسين الكوراني ،الى صبحي الطفيلي، ومن عبد المنعم مهنا وحسن ملك الى علي الامين،ومن عباس الموسوي و حسن طراد الى عفيف النابلسي...وحملوا معهم صراعات القوى والمحاور داخل حزب الدعوة..وقد جاء غيرهم واحتموا بعباءة السيد موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين وانتشروا في قرى النميرية-الشرقية-الدوير-جبشيت-عبا-القصيبة-وكفرتبنيت..الخ..وحصلوا على اذونات رسمية من المجلس الشيعي للعمل كمدرسين لمادة التربية الدينية في مدارس الجنوب والبقاع..(على سبيل المثال أقام الشيخ حسن ملك في كفرتبنيت والشيخ حسين كوراني في الشرقية وعلي الامين في حي السلم..في حين عاد هاني فحص ومحمد حسن الايمن يحملان وعياً عروبياً يسارياً وثورياً....واسس عبد المنعم مهنا حوزة في صديقين،وعلي الامين حوزة في حي السلم..واسس حسين سرور وعلي ياسين واسعد فنيش حوزة صور، وعلي العفي ومحمد يزبك حوزة بعلبك،وهؤلاء كانوا مع عباس الموسوي من طلبة السيد باقر الصدر..اما راغب حرب فهو درس في النجف (1967-1977 وعاد الى لبنان ليعمل مع الشيخ شمس الدين في منطقة النبطية ويؤسس ويتولى مبرة السيدة زينب في جبشيت..وفي الغبيري سكن الشيخ حسن طراد والشيخ علي الكوراني(مسجد الغبيري) والشيخ حسن عواد (مسجد الشياح)..وهرب حسن ملك الى قم (1978) بعد محاولة اغتيال بعثية (كفرتبنيت كانت معقلاً للشيوعيين واليسار ومعادية لحركة المشايخ)..وعاد ملك الى الشياح عام 1980 بحماية حركة فتح التي أمنت الحماية للعشرات من قادة وكوادر حركة المحرومين (من بينهم النائب علي عمار)..يقول حسن ملك لوضاح شرارة (دولة حزب الله ص109و118) انه درب خلال الاعوام 1975-1980 حوالي 700 شاب شيعي عراقي ولبناني من حزب الدعوة في معسكرات حركة فتح..

نشوء المقاومة اللبنانية

في تموز 1975 أعلن الإمام السيد موسى الصدر عن تشكيل "أفواج المقاومة اللبنانية"، كوسيلة لتوجيه الأنظار نحو الجنوب ولإعطاء بعد لبناني وطني للصراع في الجنوب يسمح في مرحلة تالية بطرح ضرورة أن يكون قرار الجنوب لبنانيا، وذلك بعد أن فشل (هو وغيره) في كل محاولاته لوقف الحرب الأهلية (من نداءات إنسانية ووطنية، إلى قمم روحية، إلى اعتصام العاملية، إلى اعتكاف في بعلبك، إلى جولات عربية الخ...)، إذ لقيت مبادرة الإمام تجاوبا شعبيا شيعيا كبيرا، وكان الشيعة قد بدأوا يضيقون بالسلطة الفلسطينية - الوطنية المشتركة وبالأمن الشعبي والإدارة الذاتية والتجاوزات المختلفة، ولكن أيضا وأساسا بالغموض حول مصيرهم وحول آفاق معاناتهم.. وليس هنا المجال لشرح الأبعاد السوسيولوجية لظاهرة حركة المحرومين وأفواج المقاومة ولأسباب تحولها السريع إلى قوة قائدة للشيعة على حساب اليسار والفلسطينيين، ولكن يمكن فقط أن نسجل هنا سرعة الاصطفاف الشيعي حولها ثم الصدامات المعروفة طوال الأعوام 1978-1982 بين الحركة الجديدة وأحزاب اليسار والفلسطينيين، والتي كانت ممهدة فعلية للاجتياح... لا بل إني أزعم أن الحالة التي أسسها الإمام الصدر، ومشروعه اللبناني التوحيدي، وبالتحديد مشروعه حول الجنوب وضرورة انخراط المقاومة فيه ضمن إطار استراتيجية عربية من جهة، وضمن إطار الشرعية اللبنانية من جهة أخرى، هي السبب الوحيد لاختطافه وتغييبه منذ 31 آب - أغسطس 1978. 

وقد لقيت مبادرة الإمام الصدر تجاوبا وترحيبا من قبل كوادر لبنانية كبيرة وكثيرة كانت تعمل مع حركة فتح (لم يستح الإمام الصدر من توجيه التحية لها مرارا ومن تسميتها بالاسم في خطب عديدة له أعوام 1976- 1978، كما فعل الشيخ عبد الأمير قبلان في خطاب صور الشهير في آذار 1979)...وقد أثمر هذا التجاوب مبادرة مشتركة بين الإمام الصدر والكتيبة الطلابية في فتح، أدت إلى انتقال كل مقاتلي الطرفين إلى الجنوب بقيادة الشهيد الدكتور مصطفى شمران ( ومعه الشهداء محمد سعد وخليل جرادي)، والشهداء مروان كيالي وعلي أبو طوق وأبو حسن البحيص وباسم سلطان التميمي - حمدي (من فتح)...وبالتنسيق مع "التنظيم الشعبي اللبناني"(التابع لفتح في الجنوب)، ومع اتحاد الشبيبة الوطنية في الشمال (بقيادة الشهيد الدكتور عصمت مراد)، ولجان المساجد والأحياء الشعبية(الشهيد خليل عكاوي) واللجان الوطنية في الجبل (الشهيد أبو محمود هلال رسلان، والشهداء أبو وجيه العنداري ومحمود وزهير الحسنية ونبيل مكارم ) واللجان الشعبية في بيروت (الشهيد الدكتور سمير الشيخ والشهيد نذير أوبري) والبقاع (الشهيد أبو خالد محمد الشحيمي)، وأنصار الثورة في المدارس الثانوية، والتنظيم الطلابي لحركة فتح في الجامعات، وحركة لبنان العربي... (وكلها كانت امتدادات لبنانية لحركة فتح)...وكان أول شهداء هذه المقاومة اللبنانية في قرية عين ابل يوم 30 آب 1976، وهم: محمود قواس (وكان سابقا من كوادر اتحاد الخلايا الماركسية اللينينية الماوية-صور )، عادل وطفى( سابقا من حزب البعث جناح صلاح جديد-البازورية)، ونزيه دياب ( سابقا من منظمة الاشتراكيين اللبنانيين-يارين)، وكانوا قد شاركوا في تأسيس التنظيم الشعبي اللبناني لحركة فتح، إلى جانب آخرين ما زالوا أحياء ويقاومون كل على طريقته.. وعلى خط آخر أنشأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جورج حبش وأبو ماهر اليماني) ورديفها حزب العمل العربي الاشتراكي(هاشم علي محسن) جبهة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والفاشية، التي لم تكن سوى إطار للعمل تحت اسم آخر غير اسم الحزب أو الجبهة فلم ينفع ولم يستمر.

كان التوجه العام للتحرك الذي قاده الصدر ولبنانيو فتح يستهدف بناء مقاومة لبنانية فعلية في الجنوب وتوجيه كل البنادق نحو العدو الصهيوني باعتبار ذلك هو الطريق الوحيد للخروج من الفتنة الداخلية ووقف الحرب الأهلية المدمرة ولإعادة بناء علاقات لبنانية- فلسطينية سليمة ومعافاة، و"مميزة" - لعل الذكرى تنفع هنا - ثم تمحور هذا العمل حول ضرورة إنجاح التسوية السلمية اللبنانية التي نتجت عن مؤتمري القاهرة والرياض والتي كان الإمام الصدر هو عرابها وراعيها (طائف لبناني-عربي-دولي أول لم يستمر بسبب انهيار الوضع العربي بعد زيارة السادات للقدس).. وقد أخذت هذه القوى مواقع لها في مواجهة دولة لبنان الحر (الشريط المحتل تحت إدارة سعد حداد)، وفي مواجهة العدو الإسرائيلي... وقد خاضت مواجهات تاريخية في الخيام ومارون الراس وتلة شلعبون وتلة مسعود ورب ثلاثين والطيبة، وصولا إلى الملحمة البطولية في التصدي لاجتياح آذار 1978...وقد شهد اجتياح 78 مواجهات أخرى في تبنين وقانا وفي صديقين وزبقين، وفي مناطق أخرى، شكلت خميرة لانتشار دعوة المقاومة اللبنانية ووقوفها إلى جانب المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن الأرض... ولا يجوز هنا أن ننسى أعمال تصدي بطولية فردية كانت تحصل خلال الأعوام 1968-1978 أبطالها مناضلون في أحزاب لبنانية يسارية كالشيوعي والبعث (من الأخضر العربي وواصف شرارة وأبو علي حلاوي وعلي أيوب إلى أبناء حولا وعيترون والخلايا الشيوعية في الجنوب)..ناهيك عن تموضع ومشاركة الأحزاب اليسارية الأخرى في معارك الدفاع عن الجنوب (منظمة العمل الشيوعي والحزب الشيوعي والحزب القومي السوري وحزب العمل العربي الاشتراكي وجيش لبنان العربي وغيرها..).. ولكن ذلك كان يحصل تحت قيادة الثورة الفلسطينية (أي فتح تحديدا) التي تولت قيادة القوات المشتركة في الجنوب طوال تلك المرحلة.. ويمكن القول هنا انه لم يكن من مصلحة أحد وجود مقاومة لبنانية مستقلة (باستثناء الإمام الصدر ومن وافقه من اللبنانيين الذين التفوا حوله في بيان ال77 مثقفا، أبرزهم غسان تويني والمرحوم الأب يواكيم مبارك والمرحوم الأب ميشال حايك).. فالجنوب كان ضمن لعبة دولية كبرى بين الجبارين (موسكو وواشنطن) خصوصا بعد انهيار الوجود الاميركي في فيتنام وكمبوديا وفي إثيوبيا وأنغولا..وضمن لعبة عربية كبرى (خصوصا مع تصاعد الدور الليبي والجزائري والعراقي إلى جانب السوري بعد زيارة الرئيس السادات للقدس). ومرة أخرى فانه ينبغي فهم هذه الحقائق لكي نفهم أسرار اختطاف وتغييب الإمام الصدر.

 أدى اجتياح 1978 واحتلال جزء من ارض الجنوب إلى نشوء وضع جديد.. وقد كان الإمام الصدر سباقا ومتميزا في المسارعة إلى فهم معنى ذلك وبالتالي إلى تقدير خطورة الوضع على لبنان وعلى الثورة الفلسطينية (خاصة مع نشوء دولة لبنان الحر من توحيد الميليشيات المسيحية تحت قيادة ظباط وجنود الجيش اللبناني الفارين من استتباعهم لجيش لبنان العربي والسلطة الفلسطينية)...وكانت جولة الإمام العربية التي قادته إلى حتفه في ليبيا... وحسب ما نذكر، ونعيد التذكير لعل الذكرى تنفع، فان الإمام الصدر حمل مشروعا واضحا محددا يتمثل في اعتماد خطة عربية مشتركة تتحدد فيها مهمات جبهة الجنوب، وفي انسحاب قوات الثورة الفلسطينية والأحزاب من الجنوب وتسليمه إلى سلطة الجيش اللبناني، وفي أن تكون المقاومة اللبنانية جزءا من الجيش (حرس حدود أو كتائب وألوية دفاع) وتحت قيادة موحدة، وبغطاء عربي واضح ومحدد، ناهيك عن غطاء الشرعية الدولية المتمثل بالقرار 425.

والى جانب هذا التحرك السياسي سارع الإمام الصدر (والشهيد مصطفى شمران) إلى تمتين العلاقات التي نشأت مع لبنانيي حركة فتح في الجنوب، والى احتضان "سرية شهداء بنت جبيل" كتعبير لبناني عن هذه العلاقة المميزة.. وقد كانت تجربة سرية الشهداء قصيرة للأسف بسبب مؤامرات لإجهاضها من داخل حركة فتح نفسها، كما بسبب تغييب الإمام الصدر لاحقا ثم اندلاع وانتصار الثورة الإسلامية في إيران، حيث نشأ مزاج جديد وحالة أخرى.

عن هذه المرحلة يروي الشيخ رفسنجاني وقائع زيارته إلى لبنان في مطلع الحرب الأهلية(1975) فيقول ما حرفيته:"في لبنان كانت الحرية أمراً لافتاً...كنت أعرف السيد موسى الصدر من قبل فقد قرأت عليه جزءاً من المطوّل(أي أنه تتلمذ عليه في قم)...الشهيد محمد منتظري (ابن الشيخ حسين علي وكان يومها زعيم التيار الراديكالي في حركة الخميني) كان على معرفة وثيقة بالقوى المناضلة والفاعلة في لبنان كلها...مباحثاتي كان لها تأثير في تعديل بعض المواقف ووجهات النظر المتطرفة(التي كان يحملها الإيرانيون الملتحقون بالثورة الفلسطينية مثل الشهيد منتظري والشهيد محمد صالح الحسيني وجلال الدين الفارسي ومحسن رفيق دوست ومحتشمي وغيرهم).... وكان أنصار الإمام وعلى رأسهم ابنه المرحوم السيد مصطفى في نزاع مع السيد موسى مصدره الأصلي والوحيد مسألة المرجعية..إذ لم يعلن السيد الصدر تأييده لمرجعية الخميني... كان الشبان الإيرانيون في لبنان يريدون أن يأخذ السيد موسى موقفاً صريحاً.. وكانت لهم خطب لاذعة وبيانات ..ذهبت لمقابلة الإمام الخميني في النجف وللتقريب بينه وبين السيد موسى الصدر.."(من كتاب رفسنجاني:حياتي،الصفحات170 إلى 176).

حزب الله والمقاومة الإسلامية

كانت الحالة اللبنانية التي ولدت في الجنوب حول الكتيبة الطلابية وأفواج المقاومة اللبنانية (وقد وصفها الشهيد مصطفى شمران في كتابه التاريخي التوثيقي: شيعة لبنان) السباقة إلى التضامن مع طروحات الإمام الخميني في منفاه في النجف ومع اندلاع ثورة العصر في إيران..فمنذ عام 1977، أي قبل سنتين على انتصار الثورة في إيران وقبل أن يكون قد سمع بها أحد في لبنان أو العالم، نسجت العلاقات بين هذه القوى اللبنانية المقاومة وبين أقطاب الثورة الإيرانية.. وكان الرسل والرسائل والاتصالات وأعمال التضامن هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن هذا التلاحم الجديد.. ويؤرخ كتاب "جهاد الإمام الخميني" لهذه المرحلة، كما انه ينقل كل الرسائل والاتصالات المتبادلة.. ومن الجانب اللبناني فقد شكلت جريدة "الوحدة" (أسبوعية- صوت المدافعين عن الوطن والمقاومة، صدرت من مطلع عام 1977 وحتى آخر 1979)، المنبر ووسيلة الاتصال والتعبئة حول الإمام وثورته..وتلاها في الأهمية مجلة الحكمة ومجلة المنطلق... والى جانب الكتيبة الطلابية والتنظيم الشعبي اللبناني وسرية شهداء بنت جبيل، نشأت حركة لبنان العربي، وحركة الأرض - قوات المشعل (المقاومة الشعبية العربية اللبنانية)، ثم ابتدأ عصر الإسلام السياسي الجديد مع اللجان الإسلامية (الدعوة)، ولجان العمل الإسلامي (خليط مرتبط بمنظمة العمل الاسلامي الشيرازية وبعض المستقلين من مشايخ اليسار المرتبطين بحركة فتح)، وأنصار الثورة الإسلامية (تيار منتظري والحرس الثوري لاحقاً وقد كانوا مرتبطين بحركة فتح)... وكلها شكلت لاحقا إلى جانب المنشقين عن حركة أمل (السيد إبراهيم أمين السيد ممثل امل في طهران، السيد حسين الموسوي رئيس هيئتها التنفيذية ومنافس بري على القيادة، السيد حسن نصر الله مسؤول الحركة في البقاع، وهم بالمناسبة من متسللي حزب الدعوة الى داخل حركة أمل وكان رئيسهم الفعلي حسن شري الذي قتله البعثيون في بيروت عام 1984) الروافد التأسيسية التي صبّت جميعها في نهر حزب الله والمقاومة الإسلامية..

خطف الإمام الصدر، وانتصار الثورة في إيران، أديا إلى تفاعلات حتمية داخل صفوف اللبنانيين المنتمين إلى فتح أو العاملين مع اللجان المرتبطة بالثورة الإيرانية..وبدأ يتنامى وعي لبناني "شيعي-إسلامي" يبحث عن أجوبة لأسئلة محيرة..لماذا المقاومة اللبنانية ملحقة بالتشكيلات الفلسطينية؟ ما هو دورنا في الصراع العربي-الإسرائيلي؟ هل أن حدود مشاركتنا هي إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية كما صارت منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إليها ؟هل أن الفلسطينيين يقومون بتوظيف ارض الجنوب وشباب فتح اللبناني للامساك بورقة الجنوب وإبقاء لبنان رهينة حساباتهم والخيارات الاستراتيجية المختلفة من سورية وسوفياتية إلى ليبية وعراقية ؟ إذا كانت إسرائيل شر مطلق وعدو للبنان وان مقاومتها واجب شرعي ديني ومسوؤلية وطنية لبنانية وعربية، فكيف يكون ذلك وبأية وسائل وتحت أية راية؟ وكان تأثير الإمام الصدر ما زال حيا قويا حين جاء الإمام الخميني بفكر الثورة الإسلامية ذات اللون الشيعي الكربلائي، وهو ما مس قلوب وعقول الشيعة اللبنانيين ومن ضمنهم أولئك المناضلين الذين سرعان ما وجدوا أنفسهم خارج اطر فتح أو غيرها، وعلى درب الالتحاق بالإسلام الثوري المقاتل الجديد.. ولمن ينسى أيضا لعل التذكير ينفع هنا، فقد شهدت تلك المرحلة تحول عشرات بل مئات المثقفين (وفيهم مسيحيون وماركسيون على رأسهم قائدهم المفكر منير شفيق) إلى إسلام الإمام الخميني..(حتى بعض من عاد لاحقاً إلى ما كان عليه، من أمثال حازم صاغية والمرحوم جوزيف سماحة، عاشوا هكذا تحول وكتبوا فيه وعنه.. في حين أن بعض الماركسيين الآخرين استمروا إسلاميين إلى اليوم)...وهذا التفاعل والتساؤل أدى إلى التحاق أعداد كبيرة من الشباب بالجو الإسلامي الشيعي بعد 1979 (وتبوأ العديد منهم مراكز قيادية لاحقا كما أن العشرات أيضا استشهدوا وهم يقودون قوات وعمليات من المقاومة الإسلامية)...........وفي نفس المرحلة كان الصراع الداخلي بين حركة أمل وأحزاب اليسار اللبناني والفلسطيني(نتيجة الدور الليبي في اختطاف السيد موسى الصدر والدور اليساري في الارتباط بالعراق بعد اغتيال الشهيد السيد محمد باقر الصدر) قد وصل إلى ذروته العنيفة ما سمح لحزب الدعوة (الشديد المركزية والتنظيم الأمني المحكم) بالإمساك بالمواقع الأمنية والعسكرية داخل حركة أمل و بقيادة عملية الصراع هذه.ولا توجد دراسات موثقة حول دور حزب الدعوة في لبنان قبل تشكيل حزب الله إلا أن الأكيد أن كوادره عملت من داخل ومن خارج حركة أمل (وابرزهم الشهيد حسن شري)،كما من داخل ومن خارج حركة فتح الفلسطينية (وابرزهم الشهيد عماد مغنية).وأخيرا جاء اجتياح صيف 1982 ليطوي صفحة الوجود الفلسطيني المسلح في جنوب لبنان وليفتح صفحة التموضع الشيعي مع الحرس الثوري في البقاع..

صحيح أن حزب الدعوة حل نفسه وانخرط في تشكيلة حزب الله (صبحي الطفيلي،محمد رعد، نعيم قاسم،عباس الموسوي،حسن نصراللهنابراهيم امين السيد،عماد مغنية، علي كوراني،حسين كوراني ،محمد حسين فضل الله،محمد سعيد الخنسا،محمود قماطي ،حسن حدرج)الا أن الصحيح أكثر ان من دخلوا حزب الله دخلوه فرادى مفككين مختلفين بسبب صراعات الحزب في العراق وسوريا والخليج ولندن..فبعد اغتيال هادي السبيتي في الاردن انفرط عقد الدعوة في لبنان.. ولم يترك الايرانيون الأمر للصدف او العواطف..فمنذ العام 1979 بدأوا بتأطير القوى اللبنانية التي كانت تؤيدهم ومن ضمنها حزب الدعوة المنفرط..وخلال 3 سنوات ركز الايرانيون على دعوة القيادات الدينية والمدنية الشيعية الى طهران وهناك كانت الحوارات والنقاشات والصراعات تدور حول الحركة الاسلامية المطلوب تاسيسها في لبنان..وقد شكلوا عدة تجمعات لرجال الدين (تجمع علماء البقاع، وتجمع علماء جبل عامل،وتجمع العلماء المسلمبن، ومعها الحوزات الدينية ومدارس الكوادر ..وبعد اجتياح 1982 عملت قيادة الحرس الثوري في بعلبك طوال 3 سنوات (مركز عشاق الشهادة)على تفكيك واعادة تركيب كل العلاقات الشيعية بما فيها حزب الدعوة الذي صار شيعاً وجماعات متفرقة ترتبط كلها بايران..فقد استطاع الايرانيون السيطرة على المجال العام عبر الاذاعة(صوت المستضعفين)والجريدة(العهد)والمجلة(الوحدة الاسلامية)وخطب الجمعة والمسيرات واليافطات والملصقات والمنشورات والزيارات المنظمة الى السيدة زينب في دمشق والى المقامات في ايران...كما سيطروا على غالبية المساجد والحسينيات في لبنان وعينوا رجال دين لها،وعملوا على اختيار شباب للدراسة في الحوزات في ايران،وتنظيم معسكرات التعبئة والتدريب،وتقديم الخدمات المجانية مثل الطبابة والاستشفاء والوقود وغيرها..وانشاء المدارس والمعاهد،والسيطرة على التعليم الديني في كل المدارس، والسيطرة على اوقاف الشيعة....وقاموا بالتنسيق مع قوات فتح في البقاع بالعمليات العسكرية الكبرى للمقاومة اللبنانية وتحت اسماء متعددة (حركة ابناء جبل عامل،العادلون،حزب الله،الشباب المؤمن)..وحين تشكلت لجنة قيادة حزب الله من 9 كان من الطبيعي ان تضم عباس الموسوي وصبحي الطفيلي وحسين كوراني وحسن نصرالله ومحمد يزبك وحسين الموسوي وابراهيم امين السيد وعفيف النابلسي ومحمد رعد..ثم قلصت الى  7 ،لتستقر في العام 1984 على خمسة  وفي 1985 تعود الى سبعة (عباس الموسوي،صبحي الطفيلي،ابراهيم امين السيد،حسن نصرالله،حسين الموسوي،نعيم قاسم،محمد رعد)..كانت النسب التمثيلية تعكس كل التجمعات السالفة الذكر ولكن الحصة الاكبر فيها كانت من نصيب بقايا الدعوة...وكان الجامع بينها  كلها هو الالتزام بولاية الفقيه.. ووصاية السفير الايراني في دمشق يومذاك علي اكبر محتشمي بور..ومن بعده الشيخ اختري....

في العام 1989 انتخب صبحي الطفيلي أميناً عاماً للحزب..وخرج السيد حسن نصرالله الى قم للدراسة..وفي 1991 ازيح صبحي الطفيلي عن منصب الامين العام وانتخب عباس الموسوي محله..الا  انه اغتيل في شباط 1992 ليحل محله حسن نصرالله الذي استقدم على عجل من قم... وتعكس هذه التغيرات تغيرات كبرى في ايران (وفاة الخميني،تحالف خامنئي-رفسنجاني-احمد الخميني في وجه جماعة خط الامام وممثلهم الرئيس محتشمي مؤسس حزب الله وصديق الطفيلي...انتصار خط خامنئي- رفسنجاني واسقاط محتشمي وكل تياره من السلطة.)..اذن جاء حسن نصرالله كممثل لخط خامنئي منذ ذلك الحين وهو لما يزل...اما الدعوة فلم يعد حزباً واحداً ولا تياراً متجانساً ولذلك يصعب الحديث عنه داخل حزب الله وانما يتوجب الحديث عن اشخاص يرتبطون بمراكز قوى في ايران ليس الا..

بين 1982 و1985(تاريخ نشوء حزب الله رسميا والاندحار الأول للاحتلال الإسرائيلي عن قسم من الجنوب) كانت المقاومة المدنية الشاملة التي أطلقها الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ورئيسه الفعلي منذ تغييب الإمام الصدر) هي الرافعة الحقيقية لكل التحولات اللاحقة وكان شيخ الشهداء والمقاومين الشيخ راغب حرب هو العلم والمنارة على هذا الطريق. كما أن إعلان قادة اليسار اللبناني المتحالف مع حركة فتح(الشهيد جورج حاوي والأستاذ محسن إبراهيم)عن إطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (16 أيلول 1982) كان هو الآخر تطور تاريخي يكتب لهذين القائدين ولرفاقهما. وعلى صعيد آخر شكلت الجماعة الإسلامية(الجناح اللبناني للإخوان المسلمين) حركة المقاومة الإسلامية- قوات الفجر بقيادة الشهيد الشيخ محرّم العارفي والشهيد جمال حبال والتي عملت في صيدا وجوارها خلال الأعوام 1982-1985.

الإمام شمس الدين ورؤيته للمقاومة

كان الإمام شمس الدين في طليعة الذين واجهوا وقاوموا الاحتلال وهو صمد مع الناس والمقاتلين في بيروت المحاصرة.. فكان نداؤه الأول في 7/6/1982 ( ثاني يوم الغزو) وفيه توجّه إلى "المسيحيين للتضامن في التعبير عن الرفض ومقاومة الاحتلال “. وجاء نداؤه الثاني في 28/6 إثر الحصار الخانق والقاتل لبيروت يدعو العالم ” لإنقاذ العاصمة العربية من الحصار ومن الاحتلال والتدمير“.. وتجاوب معه الطلبة اللبنانيون والعرب الذين قاموا باحتلال مقرات جامعة الدول العربية في معظم العواصم الغربية والشرقية.. تلا ذلك نداؤه الثالث بمناسبة يوم القدس العالمي في 17 تموز 1982 (والعاصمة تنوء تحت ثقل الحصار والقتل والتدمير في شهر رمضان المبارك) وفيه قال: ” بوجوب مواجهة الاحتلال بالرفض وبجميع أشكال المقاومة المتيّسرة“. ثم اتبع هذا الموقف بندائه إلى العالم لإنقاذ بيروت وذلك يوم 17/8 إثر زيارته لرئيس الجمهورية وفيه قال إن رفض الاحتلال هو مقياس للوطنية.. وبعد انسحاب القوات الفلسطينية والسورية من بيروت، وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا، أعلن سماحته في خطبة أول محرم، رأس السنة الهجرية، في 17/10/1982 إن ” المقاومة واجب شرعي وأخلاقيّ“ ودعا إلى إطلاق ” مقاومة مدنية شاملة “.. إلا أن قمة هذا الموقف تجلّت في اعتصامه مع مجموعة من العلماء في مسجد الصفا- العاملية، وفي اعتصام العلماء في صيدا، وفي المواجهة الشعبية الكبرى مع الاحتلال الإسرائيلي في النبطية، وذلك في أيام عاشوراء 1404ﻫ (الموافق 5 إلى 15 تشرين الأول 1983) حيث كان إعلان الجهاد، والإعلان عن وجود المقاومة المدنية الشاملة في خطبة العاشر من محرم وبحضور حشد كبير من العلماء والأهالي المشاركين في اعتصام العاملية. لقد كانت رؤية شمس الدين للمقاومة المدنية الشاملة رؤية متميّزة جريئة، واضحة، وعملية. وهي سمحت بإطلاق الطاقات الجماهيرية في أرض الجنوب، وبتوحيد الناس خلف شعارات ومواقف ملموسة وفي تلاحم شعبي ووطني وصمود وتحدٍ وتصدٍ سمح بهزيمة قوات الاحتلال رغم البطش والتنكيل والقمع والحصار والقبضة الحديدية وسواها من الاعتداءات الإسرائيلية. وكلنا يذكر ماذا حصل خلال الأعوام 1982- 1985 من مقاومة شعبية مدنية شاملة كان الإمام مظلتها وحضنها وحصنها وهو الذي أمّن لها التنظير والقيادة.. وكلنا نذكر الشهيد راغب حرب الملتزم حتى آخر لحظة من حياته بتوجيهات الإمام وبشعارات المقاومة المدنية الشاملة: المصافحة اعتراف، الموقف سلاح، إسرائيل شر مطلق، التعامل مع إسرائيل حرام، فلنتعاون مسلمين ومسيحيين على قاعدة الإخلاص للوطن.. وكلنا نذكر شهداء معتقل أنصار تلك الكوكبة الأولى من المجاهدين الذين أطلقوا المقاومة المدنية الشاملة في الجنوب.. وكلنا نذكر صلاة العيد في الملعب البلدي مع المفتي الشهيد حسن خالد.. وكلنا نذكر الاحتفال بشهداء معتقل أنصار في مسجد الإمام علي بالطريق الجديدة (18/4/1984).. وكلنا نذكر جولة الإمام في الهند وباكستان وإيران والتي استمرت 53 يوماً(نيسان وأيار 1984) بعد إلغاء الاتفاقية اللبنانية-الإسرائيلية المعروفة باسم اتفاق 17 أيار(6 آذار 1984) وبعد رسالة الإمام المعبّرة إلى الجنوبيين: ” لقد انتصرتم بمقاومتكم المدنية الشاملة بقيادة علماء المسلمين على أعتي قوة استعمارية عرفتها المنطقة“.. ثم دعوته المجتمعين في مؤتمر الحوار الوطني في لوزان بسويسرا (النهار 13/3/1984) الاتفاق على سبل تحرير الجنوب، ودعوته الدولة لتبني مبدأ المقاومة.. وحتى تاريخ الانسحاب الإسرائيلي الكبير الى حدود الشريط اللحدي (قي 16 شباط 1985) كانت ندوات الإمام شمس الدين وتوجيهاته بالوحدة والتضامن، وبالمقاومة بشتى الأساليب، وبالصبر والثبات هي عنوان المرحلة دون منازع وهي سقفها السياسي ورافعتها التاريخية... وقد لخص سماحته في حديث خاص رؤيته لما حققته المقاومة المدنية الشاملة في وقتها، من إنجازات فقال: ” المقاومة المدنية الشاملة هي أسلوب فعّال ولكنه طويل النفس.. ربما نحتاج فيه إلى سنين قبل أن نصل إلى نهاياته. وهو التعبير الخاص بنا عما يسمى في العلوم العسكرية والحربية والتاريخ المعاصر حرب التحرير الشعبية.. فهي مقاومة مدنية أي شعبية وأهلية، وهي سلمية ومسلحة، وكل أنواع المقاومة ضرورية هنا.. وقد حققت هذه المقاومة (بعون الله) أهدافها بسرعة قياسية إذ:

1=جعلت حالة المقاومة حالة عامة وحالة التزام بوعي عند جميع اللبنانيين، خاصة في الجنوب.

2=استطاعت خلال حوالي الشهرين أن تدمّر وتنهي عملياً مشروع إسرائيل لإنشاء ما يسمى بالجيش الشيعي. وقد جرى الإعلان عن حله وعن توبة كثير من عناصره وكوادره.

3=ألحقت الفشل الذريع بمشروع تشكيل ما يُسمى بالحرس الوطني.

4=ضربت امكانات التطبيع بما في ذلك مقاطعة البرامج التلفزيونية وليس فقط البضائع أو التعامل السياسي.

5=شكلت حالة انتفاض وعصيان عام في قرى الجنوب.

6=أخرجت قضية المقاومة من التجاذب السياسي المحلي خصوصاً بعد حرب الجبل.

7=أبرزت ضرورة وإمكانية لبننة الفكر السياسي الإسلامي أو بالا حرى توطينه في بلاده المختلفة.

ويؤرخ كتاب الدكتور محمد حمزة:"حرب الاستنزاف"(المركز العربي للدراسات الاستراتيجية والعسكرية-ودار الجيل للنشر-عمان-الاردن-1985) لتاريخ تلك المقاومة اللبنانية ما بين سنتي 1982 و1985 وفيها يظهر الدور الاساس لخلايا ووحدات حركة فتح في قيادة العمليات العسكرية ناهيك عن الدور الكبير الذي لعبته المقاومة المدنية الشاملة في إطلاق الانتفاضات الجماهيرية ضد الاحتلال واجباره على الانسحاب انسحابات متواية حتى الانسحاب الكبير في شباط 1985 والذي ترافق مع الاعلان عن تشكيل حزب الله..

حزب الله والمقاومة الإسلامية

إن انطلاق حزب الله بدعم إيراني كبير (الرسالة المفتوحة في 16 شباط 1985)، مع دخول حركة أمل دائرة الإمساك بالموقع الشيعي في السلطة السياسية (منذ انتفاضة 6 شباط 1984 التي جعلت أمل والوحدات الشيعية في الجيش اللبناني تسيطر على العاصمة بيروت)، ثم التحوّل الكبير في الاتحاد السوفياتي بعد صعود غورباتشوف(1985) وأثر ذلك على تصفية مواقع التدخل الروسي في العالم الثالث عموماً، والبلاد العربية خصوصاً، ما سمح بحدوث تحولات سياسية عميقة في العديد من الدول (عدن- الجزائر- السودان-العراق، وحتى سوريا..)، إن كل ذلك عجّل بحصول تطورات هي أشبه بانقلابات جذرية.. وبحسب الذين رافقوا تلك المرحلة وأرخّوا لها فقد شهدت أعوام 85-88 مسارعة سورية للامساك بالورقة اللبنانية عبر سلسلة من الهجمات كان الاتفاق الثلاثي أبرزها (اتفاق وقع في دمشق برعاية سورية مباشرة بين قادة الميليشيات اللبنانية وقام على توزع النفوذ والسيطرة على البلاد)..وقد كتب الكثيرون أن هذا الإمساك كان يستدعي تصفية النفوذ الفلسطيني تماما، ما جعلهم يضعون سلسلة الاغتيالات التي طالت الكوادر الفتحاوية التي كانت تحاول إطلاق مقاومة إسلامية سنية في سلة المسعى السوري: من عصمت مراد وخليل عكاوي ومصطفى كردية ورفاقهم في طرابلس، إلى سمير الشيخ وعائلته في بيروت إلى علي أبو طوق في مخيم شاتيلا... وقد انتقلت الاغتيالات إلى القيادات السنية الرسمية مثل الشيخ الدكتور صبحي الصالح والمستشار محمد شقير والصحافي سليم اللوزي والنائب ناظم القادري وصولا إلى المفتي حسن خالد... غير أن أبرز واخطر تلك المحطات كانت حرب المخيمات(85-88) التي كانت امتدادا لحرب طرابلس بين أنصار عرفات وأنصار سوريا...وترافق معها الإمساك السوري بالحزب القومي (1987-1988) بعد اغتيال محمد سليم وايلي الجقل وتوفيق الصفدي ومقتل العشرات في حرب الكورة..وصولا إلى حملة اغتيال كوادر الحزب الشيوعي (1986-1987)، في بيروت والجنوب (ميشال واكد، حسين مروة، حسن حمدان، خليل نعوس،أحمد المير، سهيل طويلة، نور طوقان....)، وأخيرا حرب بيروت في شباط 1987 والتي أعادت القوات السورية إلى العاصمة، وتخللتها مذبحة شارع فتح الله الشهيرة ضد حزب الله التي فسرّت يومها على أنها رسالة أو إشارة للاميركيين والإسرائيليين بأن الدخول السوري وحده قادر على لجم الحزب والإسلاميين وعلى تحرير الرهائن الغربيين..وكانت سوريا قد عقدت صفقتها مع أميركا منذ العام 1985 (وليس 1991 كما كتب العديد من المحللين) وذلك حين عرفت بالصفقة بين أميركا وروسيا وبدنو اجل الاتحاد السوفياتي وبقرب انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية، وبقرب عودة مصر قوية إلى الصف العربي..أدت هذه التطورات مجتمعة إلى تشكل وضع جديد بدأ بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران والعراق(تموز 1988) ولم ينته مع انهيار الاتحاد السوفياتي ”العظيم“ (1990)، أو حرب الخليج الأولى التي اشتركت فيها سوريا إلى جانب قوات التحالف الغربي بقيادة أميركا (1991).... هذه الأوضاع والأجواء هي التي مهّدت ورسمت طريق اتفاق الطائف ( أو اتفاق الحاجة والضرورة كما اسماه الإمام شمس الدين في ذلك الوقت)...وكان رافقه ظهور الحلف الاميركي-السوري في وجه العماد عون من جهة كما في وجه عرفات من جهة أخرى..ولا بد هنا من التذكير بان الطائف كان برعاية أميركية-سعودية-سورية (لمن ينسى ذلك طبعا)..وقد نتج عنه ترسيم جديد للقوى وللتحالفات وللمواقع خصوصا بين سوريا وإيران..

وليس المجال هنا لتحليل أحداث 1985-1991 التي سبقت ومهدت لاتفاق الطائف.. ولكن أبرز ما فيها هو الصراع الشيعي-الشيعي المسلح بين حركة أمل وحزب الله(1988-1991) والذي كان سببه المعلن رفض حزب الله للقرار 425 الصادر عن مجلس الامن في آذار 1978 والذي يدعو الى انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان ويشرعن وجود القوات الدولية التابعة للامم المتحدة..وقد نتج عن هذه الحرب الداخلية 2500 قتيل من الطرفين ومن المدنيين الشيعة في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع.. وأدى فيما أدى اليه الى سيطرة حزب الله على الجنوب تماماً بعد عدة اتفاقيات رعتها سوريا في دمشق.. وما أن جاء العام 1992 حتى كان الحزب هو الجهة الوحيدة المسموح لها بالعمل في جنوب لبنان.

كانت الانطلاقة الجديدة للمقاومة الإسلامية بعد 1992، وقد صارت وحدها المخولة بالعمل العسكري والأمني في الجنوب، ثمرة حقيقية لتوافق إيراني-سوري (مبارك عربيا وأميركيا) حصر التمثيل الشيعي بحركة أمل وحزب الله على حساب الآخرين بمن فيهم المجلس الشيعي وإمامه محمد مهدي شمس الدين...وقد أدت وفاة الإمام الخميني وانتهاء الحرب مع العراق وولادة محور غربي-عربي جديد في وجه صدام حسين (أميركا-السعودية-الخليج-مصر) إلى انضمام سوريا إلى هذا المحور...ولا بد هنا من إعادة التذكير بان الغطاء المصري-السعودي طوال تلك المرحلة، والرضا الأميركي-الأوروبي، هو الذي امّن الدعم لسوريا وللمقاومة على السواء، إضافة إلى القبول الإيراني بعد انتصار تحالف رفسنجاني-خامنئي الإصلاحي(1989) الذي بدأ سياسة الانفتاح على الغرب وأميركا ووقف سياسة تصدير الثورة والمغامرات..  كل ذلك سمح بالدعوة إلى إنهاء الحرب في لبنان وبالتالي فإلى اتفاق الطائف الذي وضع أسس لبنان الجديد والذي أكد على شرعية المقاومة وأعطاها حصانة الالتفاف الشعبي والإجماع الوطني...وجاءت القمة الروحية الجامعة والتاريخية في بكركي في 2 آب 1993(اثر عدوان تموز الكبير) ثم وثيقة اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي الممثلة رسميا للمرجعيات الروحية (في تموز 1995)، ثم الأداء المميز للرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري وخصوصا في صناعة تفاهم نيسان 1996،وفي تدعيم التفاهم العربي-الدولي الحامي للمقاومة ولسوريا معاً، كما بيانات الحكومات المتلاحقة التي شكلّها، جاء كل ذلك ليحوّل الإجماع الوطني إلى حقيقة ملموسة عبرت عن التوافق على أمرين:1- عدم إدخال العامل الإسرائيلي في أي تناقض داخلي، أي إنهاء ذلك التاريخ الأسود والمشؤوم الذي "اضطر" فيه بعض الأطراف إلى اللجوء للعون الإسرائيلي..و2-عدم طرح موضوع الانسحاب السوري قبل إنجاز التحرير من الاحتلال الإسرائيلي.. وقد تلا ذلك التفاف شعبي مسيحي-إسلامي حول المقاومة لم يسبق له مثيل، رافقه إعجاب شعبي وسياسي بأداء حزب الله في تلك المرحلة (1993-2000)...

الفكر السياسي الإسلامي وقضايا الوطن والأمة والدين

على مقلب آخر كانت التطورات الشيعية الداخلية تتلاحق.. فقد تلبننت حركة أمل نتيجة صراعاتها مع اليسار اللبناني والفلسطيني، وصار حزب الدعوة نافذاً في داخلها نتيجة الصراع مع العراق بعد اغتيال السيد محمد باقر الصدر، وتمت إزاحة الرئيس حسين الحسيني والعديد من الكوادر المؤسسة للحركة نتيجة لتوازنات عربية جديدة ولصفقة سورية-فلسطينية. ونتيجة الحاجة السورية والعربية إلى إبقاء جبهة الجنوب مشتعلة (بدعم سوفياتي وقبول فلسطيني رسمي) تطور دور الكوادر المعسكَرة والأمنية والدعوتية داخل حركة أمل وعلى ضفافها، وتصاعد دور ونفوذ اللجان والهيئات شبه الإيرانية (مع الشهيد الشيخ محمد منتظري والسيد محتشمي ورفيق محسن دوست وجلال الدين الفارسي والشهيد محمد صالح الحسيني...ناهيك عن جماعة السيد الشيرازي ومنظمة العمل الإسلامي ..الخ...).وطرح على الساحة الفكرية والسياسية مجدداً موضوع لبنانية الشيعة والمسلمين عموماً، ولبنانية الفكر السياسي الشيعي تحديداً، وذلك بسبب انتشار القول بولاية الفقيه وانتشار تقليد شيعة لبنان للتجربة الإيرانية حتى في أبسط التفاصيل الحياتية كاللباس والمأكل والمنكح وفي الشعارات وأساليب التعبير وطريقة الكلام والتصرف...

 كان أبرز ما يواجه عمليّة "لبننة" الفكر السياسي الإسلامي (والواقع الإسلامي نفسه)، ذلك التعارض المطلق الذي أقيم بين الهويّات المختلفة: لبنانيّة ـ سوريّة ـ عربيّة ـ إسلامية ـ شيعيّة ـ سنّية ـ مناطقيّة ـ عشائريّة ـ عائلية الخ... وقد "اشتغل" الإمام محمد مهدي شمس الدين على ضرب الموهومات الفكريّة ـ النظريّة المبرّرة للتهويمات ما فوق قوميّة التي عُرفت بها الحركات القوميّة والإسلاميّة في لبنان.. فهو انطلق من ملاحظة أننا واجهنا قضيّة "التجزئة" (العزيزة على فكر القوميين والإسلامويين) بنفس العقليّة الموروثة عن مرحلة سايكس ـ بيكو، وأننا لم ننتبه إلى اعتبار أن الاجتماع العربي الإسلامي لا يقوم على أساس وحدة اندماجية على غرار الوحدات القوميّة الأوروبيّة.. وأننا عالجنا بالتالي قضية الوحدة في مقابل التجزئة علاجاً خاطئاً عمّقها وشجّع القطرية الإقليمية وخلق أنظمة مصالح متناقضة بدل أن يخلق فضاء أوسع للتنوّع مع التركيز على بناء نظام مصالح متكامل..

ورأى شمس الدين أن "الأمّة" انتزاع تجريدي، وانّ هذا التجريد لا أساس فقهي له، كما انه لا قيمة علميّة له.. فالأمّة خاضعة واقعياً لتقسيمات وكيانات وأنظمة مصالح.. وهذا الانقسام الواقع عمل مشروع ومبرّر فقهياً إذا لم يصادم نظام مصالح كيان ما نظام مصالح الكيانات والأنظمة الأخرى.. ومقولة "الحكومة العالمية"، حتى في العصور الإسلامية السالفة، كلام غير دقيق، لا مشروعيّة فقهيّة له ولا مشروعيّة علميّة.. وحتى الدولة النبوية الأولى فهي كانت دولة تتراوح بين الفدرالية والكونفدرالية..

نعم، المسلمون أمّة واحدة هذا صحيح.. لكن وجودهم في كيانات ودول وأوطان، هذا ليس فقط أمر واقع بل هو مشروع فقهياً وتاريخياً.. وفي موقفه هذا استعاد شمس الدين ما سبق أن قرره الإمام الشيخ محمد رشيد رضا في كتابه الشهير "الخلافة" (المطبعة الأميرية بمصر ـ 1296 هجرية): "وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه، فمعلوم انه قد صار في كل قطر الولاية إلى إمام أو إلى سلطان.. فاعرف هذا فإنه المناسب للقواعد الشرعيّة والمطابق لما تدلّ عليه الأدلة، ودع عنك ما يقال في مخالفته" (ص 413)..

وقد قرّر شمس الدين بأنّ الدولة في زمن الرسول لم تكن دولة متّحدة.. أما بعد الرسول فلم توجد أبداً حكومة إسلاميّة عالميّة.. ومن هنا فإن التهويل بأن المسلمين يصيرون مقسّمين في كيانات ودول هو أمر سخيف.. فلا يوجد في الإسلام تشريع يفرض على المسلمين أن يكونوا قالباً واحداً يتحرّكون بأزرار.. "إن أي اتجاه تنظيمي يدعو إلى مركزة الأمور هو اتجاه مخالف للشرع، فيما المطلوب اليوم هو تطوير الفقه السياسي حول الأمّة والدولة والوطن تطويراً مبنياً على الواقع التشريعي والواقع التاريخي، وليس على التجريد.. فالكلام عن الخلافة والحكومة العالمية كلام تجريد يصلح للشعر وليس للفقه.. إنه من قبيل دعاء الشيعة في بكائهم على الحسين وأهله: "يا ليتنا كنّا معكم لنفوز فوزاً عظيماً". جميل جداً.. ورائع جداً.. بالمعنى الإنساني التجريدي.. ولكننا لم نكن معهم.. ولدنا في زمان غير زمانهم.. والفاصل بيننا وبينهم 1400 سنة! فماذا نفعل؟".

فاصلة ضرورية: ما هي نظرية ولاية الفقيه؟

يُعرف الشيعة عموماً بالامامية نسبة الى نظرية الامامة التي حصرت الحق بخلافة النبي وقيادة المسلمين في أهل البيت من ولد علي بن ابي طالب وفاطمة ابنة محمد..فقد قال الشيعة بداية بأولوية علي وأهل البيت في الحكم والخلافة ثم قالوا بتعيين الله للائمة نصاً وتعييناً وقالوا بعصمتهم الموازية لعصمة الرسول..وبعد القول بالعصمة وبضرورة النص والتعيين، حصر الشيعة الامامة في ولد علي وفاطمة، ومنهما في ذرية الحسين دون غيرها ، ثم بامتداد الامامة عمودياً وذلك في الأكبر فالأكبر وعدم جواز انتقالها الى أخ أو ابن أخ أو عم أو ابن عم..(باسنثناء الامام الحسن ابن علي).وفي ذلك يقول المؤرخ الشيعي سعد بن عبدالله القمي الاشعري (في كتابه المقالات والفرق):"لا بد أن تكون الامامة دائمة وجارية في عقب علي الى يوم القيامة تكون في ولده من ولد فاطمة بنت رسول الله ثم في ولد ولده منها يقوم مقامه ابداً رجل منهم معصوم من الذنوب طاهر من العيوب... منصوص عليه من الامام الذي قبله مشار اليه بعينه واسمه"....وهكذا تسلسلت الامامة في نسل الحسين حتى الامام الحادي عشر المعروف باسم الحسن العسكري (نسبة الى معسكر سامراء حيث كان قيد الاقامة الجبرية) رغم تصدي أولاد وأحفاد الحسن للامامة وادعاء حقهم فيها وقيامهم بقيادة الشيعة عملياً في تفجير الثورات المختلفة ثم في ادعاء كون المهدي المنتظر منهم..نذكر منهم الحسن المثنى(الحسن ابن الحسن ابن علي) وابنه عبدالله ثم محمد ابن عبدالله وقد قيل انه المهدي واسند ذلك بحجية مماثَلة اسمه لاسم الرسول(حسب ما جاء في بعض الاحاديث المنسوبة الى الرسول)..ونذكر أيضا محمد ابن الحنفية وهو ابن الامام علي ولكن من غير فاطمة..وقد حصلت أزمات كثيرة داخل الشيعة عند وفاة كل إمام نذكر منها على سبيل المثال الازمة التي حصلت عند وفاة اسماعيل بن جعفر الصادق في حياة أبيه وكان قد سماه لخلافته في الامامة فاختلف الشيعة وانقسموا ما بين اسماعيلية( فيهم من قالوا بان اسماعيل لم يمت وانه المهدي، ومنهم من قالوا باستمرار الامامة في ابنه محمد من بعده ثم قالوا بمهدوية محمد.. ومن الاسماعيلية فلسفة اخوان الصفاء..والفاطميون..والدروز..)وخطابية وناووسية وفطحية.الخ.. واختلفوا بعد وفاة موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ما بين موسوية قالوا بان موسى لم يمت،وقطعية وواقفية الخ..وانقسموا في عهد علي الرضا ثم بعد وفاته وكان عمر ابنه محمد الجواد سبع سنين، ثم في عهد علي الهادي وكان عمره اقل من سبع سنين عند وفاة والده..الى الحسن العسكري الذي توفي دون ان يعلن عن وجود خلف له مما أدى الى فترة حيرة واضطراب وتساؤل حول مصير الامامة بعد الامام الحادي عشر.حتى ان الكثيرين قالوا بانقطاع الامامة في حين تراجع آخرون عن القول بامامة الحسن العسكري نفسه، وقال آخرون بمهدويته وغيبته بناء على عدم جواز وفاة الامام دون ولد له معروف ظاهر "لأن الأرض لا تخلو من إمام".. وتفرق الشيعة يومها 14 فرقة على ما قال النوبختي في فرق الشيعة، والقمي في المقالات والفرق، والصدوق في اكمال الدين، والمفيد في الارشاد، والطوسي في الغيبة...والى هذا الزمن أو قبله بقليل (عصر الحسن العسكري) تعود نشأة الفرقة النصيرية العلوية (نسبة الى مؤسسها محمد بن نصير وكان من أصحاب الامام العاشر علي الهادي وقال بمهدويته وانه الباب اليه، ثم ادعاها لنفسه، ثم صار من اصحاب الحسن العسكري قبل أن يدعي النبوة لنفسه)... وخلال فترة الشك والحيرة هذه أعلن عدد من أصحاب الحسن العسكري عن وجود ابن له في السر وانهم رأوه في حياة أبيه وأنهم على اتصال به.. وهكذا نشأت الفرقة الشيعية الاثني عشرية وعقيدة المهدي والانتظار...ولدى الشيعة أكثر من سبعين حديثاً عن الرسول وأهل بيته في الامام الثاني عشر المهدي المنتظر وفي غيبته قبل الظهور (ان الارض لو خلت طرفة عين من امام حجة لساخت باهلها- يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش-لا تذهب الدنيا حتى يلي هذه الامة رجل من أهل بيتي يقال له المهدي-ان الله عز وجل اختار من علي الحسن والحسين..ومن الحسين الاوصياء من ولده تاسعهم قائمهم-ان لصاحب هذا الامر غيبتين احداهما تطول حتى يقول بعضهم انه مات...)..غير ان الدليل الأهم الذي يستخدمه الشيعة على وجود الامام المهدي وعلى غيبته هو دليل تاريخي يقوم على شهادة النواب الاربعة الخاصين الذين أدعوا النيابة عنه في فترة الغيبة الصغرى(من 260 الى 329 هجرية) حيث أن هؤلاء اثبتوا ولادته واسمه واسم امه ونسبها ثم قالوا بأن والده ستره خوفاً عليه وبأنهم كانوا على صلة به خلال فترة الستر هذه يلتقون به لايصال أموال الخمس اليه ونقل الرسائل والتواقيع منه الى شيعته المؤمنين به..وهؤلاء النواب الاربعة أو الوكلاء أو السفراء(كما تسميهم الشيعة) هم عثمان بن سعيد العمري ثم ابنه محمد بن عثمان فالحسين بن روح النوبختي فعلي بن محمد السمري (وهو آخرهم) وقد لعبوا دور التأسيس الفعلي لمرجعية علماء الدين الفقهاء الوكلاء او النواب عن الامام الغائب..

استناداً الى ما سبق (وجود الامام الثاني عشر وانه المهدي وانه غاب وسيعود) كان من الطبيعي والمنطقي استنتاج القول بانتظار الامام الغائب وبعدم السعي لاقامة حكومة العدل الاسلامية في عصر الغيبة انتظارا لخروج القائم المنتظر(كل راية ترفع قبل راية المهدي فصاحبها طاغوت-كل بيعة قبل ظهور القائم فانها بيعة كفر ونفاق وخديعة)...والى مبدأ الانتظار هذا اضيف بالضرورة المنطقية مبدأ التقية (التقية واجبة وتركها لا يجوز حتى خروج القائم..ومن يتركها قبل خروج القائم فانه خارج من دين الامامية ومخالف لله وللرسول والائمة)... وبناء على ذلك قال الامامية بعدم جواز مبايعة غير النبي والامام المعصوم، لا من العلماء و لا من غيرهم، لا بالاستقلال ولا بعنوان نيابتهم عن الامام في زمن الغيبة.. ومن هنا تطوّر خطان رئيسيان داخل الشيعة الامامية:خط يقول بالانتظار والتقية بمعنى عدم جواز القيام باي عمل سياسي قبل مجيء المهدي واعلان الجهاد خلفه لاقامة حكومة العدل الالهية..و.وخط يقول بأن التقية ما هي الا دعوة الى الاندماج الكامل في الاوطان والبلدان والمجتمعات التي يعيش فيها الشيعة والى المشاركة في الحياة العامة وفق انظمة وقوانين تلك البلدان والمجتمعات ..وقد عبر عن الخط الاول كل فقهاء الشيعة منذ غيبة الامام المهدي وحتى مطلع القرن العشرين،ثم حمل رايتهم جماعة الحجتية في ايران.. وعبر عن الخط الثاني المجتهدون المجددون الاصلاحيون أمثال النائيني وقادة ثورة الدستور في ايران وثورة العشرين في النجف، ومراجع النجف الكبار كالخوئي والسيستاني ومحسن الحكيم.. ومحمد جواد مغنية وعبد الحسين شرف الدين ومحسن الامين وموسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين في لبنان... الذين دعوا الى مشاركة الشيعة في الاصلاح وبناء انظمة مصالح مشتركة واندماج كامل وحفظ الانتظام العام للمجتمعات والتطور السلمي الديمقراطي (الدستور في ظل الملكية الايرانية والعراقية،والمشاركة المتوازنة في بقية البلدان العربية دون غلبة او استقواء او استحواذ)...والتقى الخطان عند رفض ولاية الفقيه نيابة عن الامام المهدي ولاية مطلقة واختاروا للفقيه دور المصلح الاجتماعي والناصح والقاضي والشيخ المفتي..وانما اختلفوا أيضاً في حدود تلك الولاية : فمنهم من جعلها تشمل الخمس والزكاة وصلاة الجمعة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ومنهم من جعلها محدودة للغاية في امور لا علاقة لها بولاية أمر على الناس (لا ولاية لأحد على أحد) خصوصاً لجهة رفض استعمال القوة بما يؤدي الى اراقة الدماء لأن تنفيذ الحدود واقامتها هي من مهمات حكومة العدل الالهي ،وبما ان تاسيس هكذا حكومة هو من حق المعصوم وحده علق الامامية تنفيذ الحدود زمن الغيبة(وأرتضوا باحكام الدول القائمة عملا بالتقية وعلى قاعدة قول الامام علي في وجه شعار الخوارج:لا حكم الا لله...نعم لا حكم الا لله..ولكن هؤلاء يقولون لا امرة الا لله..ولا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في امرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع به لبفيء ويقاتل به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح بر ويستراح من فاجر..الخ..).ولم يكتب أحد من فقهاء الشيعة على مر التاريخ يدعو الى الولاية المطلقة للفقيه باستثناء ما ورد عند الشيخ أحمد بن محمد مهدي النراقي (ت. 1245ه.)الذي أخذ عنه الامام الخميني القول بأن "كل ما كان للنبي والامام فيه الولاية،وكان لهم، فللفقيه ايضاً ذلكنالا ما أخرجه الدليل من إجماع أو نص أو غيرهما".."ان الفقهاء هم الحكام في زمن الغيبة والنواب عن الائمة".."ان ما هو دليل الامامة بعينه دليل على لزوم الحكومة بعد غيبة ولي الامر".."الفقهاء أوصياء للرسول من بعد الائمة وفي حال غيلبهم،كلفوا بجميع ما كلف الائمة القيام به".."ان للفقيه العادل جميع ما للرسول والائمة مما يرجع الى الحكومة والسياسة".."اذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيه عالم عادل فانه يلي من أمر المجتمع ما كان يليه النبي منهم ووجب على الناس ان يسمعوا له ويطيعوا...ويملك هذا الحاكم من أمر الادارة والرعاية والسياسة للناس ما كان يملكه الرسول وأمير المؤمنين على ما يمتاز به الرسول والامام من فضائل ومناقب خاصة".(مقتطفات من كتاب الحكومة الاسلامية-دار الطليعة-بيروت-1979).

  وقد استند الخميني كما النراقي من قبله إلى روايتين لا غير من المروي عن الأئمة:الأولى وتسمى مقبولة عمر بن حنظلة وفيها أن الإمام جعفر الصادق أفتى انه في حال اختلاف اثنين من الشيعة في أمر "ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكماً"... والثانية تسمى مشهورة أبي خديجة وفيها عن الإمام المهدي:"وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله"...

وبحسب من رفضوا ولاية الفقيه المطلقة فان الحديثين لا يشيران أبدا إلى الولاية السياسية أو الحكم المطلق للفقهاء وإنما إلى مرجعية فقهاء الشيعة من أصحاب العلم والعدالة والكفاءة للحكم بين المتخاصمين وللفتيا بين الناس...وهنا فرق بين المرجعية والولاية...ذلك أن أئمة أهل البيت شكلوا المرجعية الدينية للناس في معرفة الأحكام الشرعية وتطبيقها.. وفي زمن الغيبة الصغرى كان النواب أو السفراء الأربعة هم المراجع الكبار للشيعة..وفي زمن الغيبة الكبرى الممتدة إلى اليوم صار الفقهاء العلماء العدول الأكفاء هم المراجع .. "من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه"(عن الإمام الحسن العسكري).أما الولي الفقيه فهو الذي بيده إدارة المجتمع الإسلامي والدولة ويشمل ذلك الأحكام القضائية والتشريعية والجهاد والحرب والصلح وحفظ النظام.. والولي الفقيه هو مصدر السلطات كلها من تشريعية وقضائية وتنفيذية..وولايته تشمل كل المسلمين في العالم حتى خارج حدود دولته التي يقيمها وله أن يعين وكلاء وولاة عنه في سائر البلدان حتى تلك التي لا تخضع لنظام ولاية الفقيه..وهؤلاء لا يجوز مخالفة أوامرهم ووجبت الطاعة والتسليم لهم..

الشيعة اللبنانيون وولاية الفقيه

يُعرف عن الإمام شمس الدين انّه كان أوّل مَنْ أيّد ودعَم نهضة الإمام الخميني والثورة الإسلامية الإيرانية، وظل يدافع عنها في وجه كل الهجمات والاعتداءات والافتراءات.. ويُعرَف عنه أيضاً أنّه كان أوّل (ولعله الوحيد) مَنْ عارض وظل يعارض نظرية ولاية الفقيه وسمّاها باسمها الحقيقي: الاستبداد الديني.. ودفاعه عن الدولة الإسلامية في إيران قام على أساس مشروعيّتها الشعبيّة الديموقراطيّة، إذ اعتبر أن النظام الإسلامي ودستوره شرعيان نظراً إلى إقرارهما في استفتاءات وخيارات شعبيّة ديموقراطيّة لا غبار عليها، وليس لأنّ الفقهاء فرضوا هذا الخيار.. وقد قرن اعترافه ودعمه لخيار الشعب الإيراني، بتشديده على ضرورة مؤسسات القرار في داخل الدولة، وتطوير المشاركة الشعبيّة وأدوات الديموقراطيّة في إيران.. وقال بأن "إيران دولة إسلامية قائمة على ولاية الفقيه، هذا جيد. ولكن في حدود إيران، أما خارج إيران فلا ولاية لهم على أحد".

كما أنه طوّر نظريّته حول ولاية الأمّة على نفسها داعياً إلى اعتمادها لتطوير النظام الإيراني نفسه نحو الديموقراطية الحقيقيّة الموافقة للشورى الإسلاميّة.. ففي عصر الغيبة (بالنسبة للشيعة المؤمنين بغيبة الإمام المهدي) وبعد سقوط الخلافة على مستوى أهل السنّة كما على مستوى الواقع التاريخي، استعاد الناس ولايتهم على أنفسهم، ولاية الأمّة على نفسها تعني أن ينظم الناس حياتهم وفق مصالحهم التي يدركونها ولا يسلمونها إلى أحد.. ويمكن أن ينتج عن ذلك، كما حدث في إيران، وفي غيرها، دولة ودستورها الإسلام ولكن من دون أن يعني ذلك بالضرورة أن يحكمها الشيوخ المعمّمون.. بل الأولى والأصحّ أن الناس تنتخب ممثليها وتعطيهم ولايتها على نفسها.. ويمكن بهذا المعنى أن تنشأ عدة دول إسلامية وأن يكون لها مؤسسات رقابة وتمثيل كما هو حاصل في إيران.. والمهم هو احترام الديموقراطيّة وولاية الناس أو الأمّة على نفسها.. وعدم الوقوع في الاستبداد الديني تحت عنوان الولاية العامة للفقهاء.. إذ ليس للفقهاء أي ولاية على الناس من حيث أن الولاية التي كانت للرسول أو للأئمّة المعصومين لم تعد موجودة وصار الناس ملزمين باختيار ما يناسب مصالحهم وإدراكهم لها.. ووجود دولة إسلامية (اختار شعبها دستورها الإسلامي) لا يعني بالضرورة أن يكون كل نظام وحكومة إسلاميين.. فلا دعوة عند شمس الدين إلى ضرورة قيام حكومة إسلامية أو حكم إسلامي.. فالمجتمع السياسي الإسلامي يمكن أن يستمر مسلماً في تكوينه ومنهجه العام ويكون قابلاً لأي نظام لا يتنافى مع الإسلام باعتباره عقيدة المجتمع، من دون أن يكون نظام الحكم إسلامياً".

وقد رفض شمس الدين أيّة مرجعيّة لإيران أكانت دينيّة أم سياسيّة، قائلاً "إنّ إيران دولة إسلاميّة نحترمها ونقدّرها وتستحق منّا الدعم حينما تواجه صعوبات.. أما أن نسلّم بمرجعيّتها فحينئذ ينبغي التسليم إلى مرجعيّات أخرى ولأقوام آخرين في المنطقة.. المطلوب الآن ليس خلق جزر نتحاجز بها إنما المطلوب خلق أجواء ثقة وإعادة الاعتبار للروح العامّة. أما خلق جزر هنا وهناك فيجوز أن يفيد في مجال المناورة، أما في الاستراتيجية، ونحن نواجه الآن خيارات استراتيجيّة، فهذا الأمر لا يجوز".

حزب الله وولاية الفقيه

برغم ما سبق قوله من وجود تيارات عديدة صبت كلها في إطار تشكيل حزب الله لاحقاً، إلا أن الحقيقة الأكبر انه ما كان لحزب الله أن يولد وينمو ويستمر لولا الرعاية الإيرانية.فلقد تشكّل حزب الله في لبنان على أساس أنه "حزب الثورة الإسلامية في لبنان" أي كفرع من "حرس الثورة الإسلامية" الإيراني... ولم يكن ذلك فقط من حيث إن قوات حرس الثورة التي جاءت إلى لبنان إثر اجتياح صيف 1982 وأقامت قاعدة عسكرية لها في بعلبك، قامت فعلياً بتوحيد وتدريب وتأطير وتنظيم المجموعات التي صارت لاحقاً حزب الله (1982 ـ 1985)، وإنما أيضاً وأساساً من حيث إن الأساس العقائدي ـ الفكري ـ التنظيمي يقوم على نظرية وممارسة ولاية الفقيه، أي على الإيمان المطلق بها والانضباط التام لها والطاعة لمستلزماتها، وفي ذلك يقول السيد إبراهيم أمين السيد، حين كان الناطق الرسمي أو الأمين العام الأول للحزب: "نحن لا نستمد عملية صنع القرار السياسي لدينا إلا من الفقيه.. والفقيه لا تعرّفه الجغرافيا بل يعرّفه الشرع الإسلامي.. فنحن في لبنان لا نعتبر أنفسنا منفصلين عن الثورة في إيران.. نحن نعتبر أنفسنا ـ وندعو الله أن نصبح ـ جزءاً من الجيش الذي يرغب في تشكيله الإمام من أجل تحرير القدس الشريف. ونحن نطيع أوامره ولا نؤمن بالجغرافيا، بل نؤمن بالتغيير"... (من الكتاب الصادر عن مجلة الشراع بعنوان الحركات الإسلامية في لبنان ـ بيروت 1984). وفي بيان تأسيس الحزب (16 شباط 1985) نقرأ: "إننا أبناء أمة حزب الله، نعتبر أنفسنا جزءاً من أمة الإسلام في العالم.. إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم أوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط... كل واحد منا يتولى مهمته في المعركة وفقاً لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد".. وفي شرح أدق لهذا المعنى يقول السيد حسن نصر الله: "الفقيه هو ولي الأمر زمن الغيبة، وحدود مسؤوليته أكبر وأخطر من كل الناس، ويفترض فيه، إضافة إلى الفقاهة والعدالة والكفاءة، الحضور في الساحة والتصدي لكل أمورها، حتى يعطي توجيهاته للأمة التي تلتزم بتوجيهاته. نحن ملزمون بإتباع الولي الفقيه، ولا يجوز مخالفته. فولاية الفقيه كولاية النبي والإمام المعصوم، وولاية النبي والإمام المعصوم واجبة، ولذلك فإن ولاية الفقيه واجبة. والذي يردّ على الولي الفقيه حكمه فإنه يردّ على الله وعلى أهل البيت... فمن أمر الولي الفقيه بلزوم طاعتهم فطاعتهم واجبة" (مجلة العهد ـ العدد 148 ـ 24 نيسان 1987).

وفي شروحات أخرى أحدث نقرأ للشيخ نعيم قاسم (كتابه: حزب الله، المنهج، التجربة، المستقبل-بيروت 2003): "لا علاقة لموطن المرجع بمرجعيته... فالإمام الخميني، كولي على المسلمين، كان يحدد التكليف السياسي لعامة المسلمين في البلدان المختلفة.. هذا والارتباط بالولاية تكليف والتزام يشمل جميع المكلفين... حتى عندما يعودون إلى مرجع آخر في التقليد، لأن الإمرة في المسيرة الإسلامية العامة هي للولي الفقيه المتصدي.." (ص75).. "الحزب يلتزم القيادة الشرعية للولي الفقيه كخليفة للنبي والأمة، وهو (الولي) الذي يرسم الخطوط العريضة للعمل في الأمة، وأمره ونهيه نافذان" (ص23).

تقوم نظرية الولاية العامة للفقيه على أن الدليل (العقلي والشرعي) قد دل على أن الإمام المعصوم (أي المهدي) قد نصب الفقيه الجامع للشرائط (أي الذي يجمع في شخصه شروط العلم الفقهي والعدالة والكفاءة في الإدارة، إلى جانب التصدي والبروز للقيادة) وذلك في عصر غيبته الكبرى (أي غيبة الإمام المهدي التي لا يعرف متى تنتهي إلا من حيث أنه سيرجع ليملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعد أن امتلأت ظلماً وجورا)... وهو (أي المهدي) قد نصب هذا الفقيه ولياً عاماً، ولاية تصرّف على المسلمين.. وقد ثبت للفقيه بمقتضى هذه الولاية العامة (أو السلطة المطلقة) جميع ما ثبت للإمام المعصوم وللنبي نفسه.. فالولي الفقيه الجامع للشرائط هو "الحاكم الإسلامي المطلق" (الإمام، ولي أمر المسلمين) المعيّن بالنصب العام حاكماً على المسلمين.. أي أنه ليس فقيهاً متشرعاً فقط، أو مرجعاً للتقليد، بل هو حاكم عام مطلق الولاية له صلاحيات الإمام والرسول.

الموقف الشيعي الرسمي من صيغة حزب الله

منذ الإعلان عن تأسيسه (الرسالة المفتوحة في 16 شباط 1985)، بل منذ بداية تحرك الحرس الثوري في بعلبك (تموز 1982)، رفض الإمام شمس الدين صيغة "حزب الله" ومشروعه، من دون أن يفقد حلمه وصبره وحكمته ومحبته ورعايته لأبناء الحزب وكوادره.. وقد كلّفه موقفه الصلب ليس فقط حملات التخوين والتشهير، وإنما أيضاً محاولات العزل والاضطهاد والتآمر، وحصره وحصاره، وشل عمل المجلس الشيعي ومحاربته على المنابر وبالشائعات وحملات الدس والتحريض، مما لا حاجة إلى إعادة التذكير به هنا..

رأى شمس الدين منذ البداية خطورة كبيرة تكمن في الاسم نفسه (حزب الله) والذي يستبطن عقلية تكفيرية حين يقسم الناس إلى فسطاطين (تماماً مثل بن لادن وقبله بكثير): "حزب الله" في مقابل حزب الشيطان، فيكون كل من ليس في الحزب عدواً كافراً ينبغي هدايته أو كسبه أو إلغاؤه.. ورغم أن رؤية الحزب وخطابه المعلن قد تطورا في السنوات الثماني التي سبقت وفاة الإمام (1992 -¬ 2000)، إلا انه رحمه الله ظل يكرر في السر والعلن، انه لا يجوز لأحد، كائناً من كان، أن يحمل اسم الله عز وجل.. أو أن يتسلط على الناس باسمه تعالى.. فادعاء ألوهية الحزب لا يتناقض فقط مع بشرية العمل السياسي والعمل الحزبي، إنما هو أساساً وبداية يخالف شرعاً كل ما قام عليه الإسلام، ويِخالف التشيّع الأصيل الذي لا يرى ولاية لأحد على أحد في زمن غيبة المعصوم، إذ لا معصوم بين البشر، والولاية التي هي للّه ولرسوله وللائمّة المعصومين عادت إلى الأمة فهي المقدس، وهي المرجع". حتى أن شمس الدين صرح في مؤتمر فقهي شيعي انعقد في لندن (تموز 1990) إن "وحدة الأمة" هي الثابت المقدس (مقدس نسبي لأن المقدس المطلق هو الله وحده).. الأمر الذي جعل الصحافي المصري فهمي هويدي يكتب في الأهرام مقالة شهيرة حملت عنوان: "شمس الدين: وحدة الأمة تأتي قبل الإمامة".

وكان شمس الدين يكرر في ذلك مقولة المرحوم السيد محمد رشيد رضا: "فأمام وحدة الإمام الواجبة (أي الإمامة أو الخلافة العظمى أو القيادة أو الحزب الإلهي) واجبات كثيرة قد فرّط فيها المسلمون من قبل... أن وحدة الإمامة تتبع وحدة الأمة.. فأنى يكون لها إمام واحد وهي ليست أمة واحدة؟... ومن ذا الذي يطالب بإعادة منصب الخلافة إلى الموضع الذي وضعه فيه الشارع؟ أهل الحل والعقد؟ ومن هم وأين هم اليوم؟" (كتاب الخلافة ـ ص 143)..

والمشكلة في رأي شمس الدين تكمن في أساس أطروحة أو صيغة "حزب الله" التي يتمظهر فيها الدين الإلهي باعتباره مشروعاً دولتياً (أي لإنشاء دولة) ومشروعاً تنظيمياً للمجتمع، ومشروعاً حزبياً.. فالدين (أي دين) والمذهب (أي مذهب) لا يجوز ولا يمكن أن يتمظهر في حزب.. أما من حيث ادعاء "حزب الله" حمله "مشروعاً إسلاميا" فقد كان رأي شمس الدين واضحاً قاطعاً من أنه "لا مكان في لبنان لأي مشروع إسلامي بالمعنى التنظيمي... والحزب كمؤسسة ثقافية مقبول.. أي من حيث كونه سيعلّم الناس الصلاة والقرآن والعقائد.. أما من الناحية السياسية، فحزب الله تعبير عن مجموعة من الناس، من حقهم أن يعبّروا عن أنفسهم، باعتبارهم جماعة سياسية تستعمل الخطاب السياسي والأسلوب السياسي... وأكثر من هذا لا نوافق عليه على الإطلاق".. واعتبر شمس الدين من جهة أخرى أن "حزب الله" لا يملك مشروعاً وإنما يملك خطاباً "والخطاب لا يمكن أن يستقطب مجتمعاً وإنما عادة يستثير مشاعر ويرسم اتجاهاً ويعبّر عن مضمون ثقافي.. فهو (أي الخطاب) يصلح لأن يكون عاملاً تعبوياً تحريكياً، أما أن يكون الخطاب هو الصيغة التنظيمية فهذا غير صحيح"...

وقد حذّر شمس الدين مراراً وتكراراً من الوقوع في "الفخ" الذي وقعت فيه الحركات القومية واليسارية وهو "فخ العجلة.. فجيلنا كله عانى من أن هذا النظام العربي أو ذاك من الأنظمة التي تصدّت للمشروع الإسرائيلي يريد هو بنفسه أن ينجز تحرير فلسطين مثلاً، وأن يستمتع بأمجاد تحرير فلسطين في أشهر أو في سنة.. أو يريد أن يوجد نموذجاً كاملاً للدولة الحديثة في أشهر أو في سنة.. فيَعنُف بالأمة عنفاً شديداً ويسوقها سوقاً عنيفاً... الاستعجال هو إحدى آفات العمل لأنه يعتمد وسائل تحريض داخلية تقذف بالمجتمع وبقيادات المجتمع إلى مواجهة خيارات لا تكون مؤهّلة لها.. ومن هنا نرى ظاهرة العنف التي هي في بعض الحالات تعبير عما أسمّيه: "حماس بلا ورع وسياسة بلا فقه"، وأحياناً تكون ناتجة عن ضيق وعن حبّ في الإنجاز السريع، والإنجاز السريع قد يؤدي إلى كوارث"..

وما ينبغي ذكره وتسجيله هنا أن الدولة اللبنانية وقفت في وجه مشروع الإمام شمس الدين وشاركت في دعم وتقوية مشروع حزب الله. ويكفي أن أعطي هنا مثال التعليم الديني والإعلام الديني وقد خاض شمس الدين صراعاً مريراً حتى لا يعطى امتياز احتكارهما والسيطرة عليهما للمشروع الإيراني لحزب الله. وفي النتيجة كانت الصفقة الرسمية التي أعطت حزب الله السيطرة على الإعلام والتعليم ناهيك عن الأوقاف والتبليغ الديني والحوزات..كما لا بد من أن أذكر أن السلطة الدينية للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ولرئيسه كانت منتهكة وبصمت وتواطؤ من الدولة ورموزها وأركانها.ومن جهة أخرى لا بد من التذكير أن تفاهم نيسان 1996 هو الذي شرعن وجود الحزب في الساحة الشيعية وأعطاه البعد الذي كان يفتقده وذلك برغم معارضة الشيخ شمس الدين الذي عقد مؤتمراً صحفياً تاريخياً ودماء شهداء قانا لما تجف بعد وطالب الدولة بأن تتولى هي التفاوض وإبرام التفاهمات وأن لا تتنازل عن هذا الحق الحصري إلى أي حزب أو أية دولة أخرى.. وتكفي مراجعة كتاب الدكتور وضاح شرارة (دولة حزب الله-دار النهار) لمعرفة كيف سيطر الحزب وبالتدريج وبتواطوء السلطة اللبنانية على كل الحقول السياسية والاقتصادية والتربوية والدينية والإعلامية بدعم سوري-إيراني وبغطاء لبناني رسمي.

حزب الله والمرحلة الجديدة

كان لا بد أن يؤدي الاندحار الإسرائيلي في 25 أيار 2000 إلى خلق واقع جديد كان أول ما عبر عنه بيان المطارنة الموارنة في أيلول ذلك العام، ثم مواقف الأستاذ وليد جنبلاط... ثم تشكيل لقاء قرنة شهوان المسيحي وبيانه التأسيسي التاريخي (نيسان 2001)..وتأسيس المنبر الديمقراطي(أيار 2001) ثم مصالحة الجبل التاريخية(5 آب 2001) والقمع الرسمي الكبير ايام 7 و8 آب الشهيرة وانتخابات المتن الفرعية وإغلاق محطة غبريال المر...الخ... لكي يتلوها لاحقاً مواقف واضحة للرئيس الحريري وتشكيل لقاء البريستول(2004)..وخلاصة هذه المواقف أن الانسحاب الإسرائيلي الذي تحقق بفعل مقاومة وصمود الشعب اللبناني يفتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان عنوانها بناء الدولة الحرة السيدة المستقلة العادلة المتوازنة، المنخرطة في إطار التضامن العربي مع الاستراتيجية العربية العامة والموحدة. وإذا كان اللبنانيون قد وافقوا على حصر العمل المسلح بحزب الله كطريقة في إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي تستجيب للوضع العربي والدولي والسوري الناشىء بعد حرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفياتي، فان ذلك الحصر حظي وقتها بمظلة عربية سعودية-مصرية-خليجية أمنت دعماً دولياً (أوروبيا على الأخص) وحماية لسوريا نفسها، وبأداء إيراني عاقل ومتوازن (رفسنجاني ثم خاتمي)، كما بأداء مميز لقيادة الحزب (صبحي الطفيلي ثم عباس الموسوي ثم حسن نصر الله) ساعد على تجنب كل الأخطار والمطبات وعلى منع إمكانية توظيف حصرية المقاومة في السياسة الداخلية اللبنانية..وكان إنجاز حزب الله في التحرير هو الإنجاز العربي والإسلامي الوحيد في هزيمة الاحتلال وتحرير الأرض.. وهو أهدى إنجازه التاريخي هذا إلى كل اللبنانيين، والى كل أنواع المقاومين الذين رفدوا هذا التيار منذ عام 1968... وهو أنجاز يدين أساسا وأساسا للصمود الأسطوري للأهالي، أولئك الناس البسطاء الشرفاء في الجنوب والبقاع وفي كل لبنان..ولم يكن بالإمكان انطلاق ونجاح حركة المعارضة المطالبة بالاستقلال والسيادة والدولة العادلة المتوازنة، لولا الانتصار التاريخي في أيار 2000 ولولا الانسحاب الإسرائيلي..ومن هنا صحة القول بان حزب الله وحركة أمل كانوا نوعا معا داخل حركة الاستقلال والسيادة، من حيث المساهمة الكبرى في تأمين شروط انطلاقها، وان انضمام الرئيس الحريري إليها وقيادته لها حتى بعد استشهاده كانت وما تزال هي الضمانة الأساسية للمقاومة فيها....أما اليوم أي بعد التحرير، وحتى في حال صحت قضية مزارع شبعا (وهي تتوقف على اعتراف سوري رسمي بلبنانيتها أمام المجتمع الدولي)، فان أساليب النضال والتحرك لم تعد كما كانت. و المسألة الأساسية هي العودة إلى ذلك السؤال المهم والحاسم: ما هي المقاومة ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟ وفي ظل الأوضاع الجديدة الناشئة بعد 11 أيلول واحتلال العراق؟ كيف نوازن بين شرعية استمرار المقاومة (بعد رسم استراتيجيتها وتحديد أهدافها) وبين ضرورة بناء وبسط شرعية الدولة اللبنانية ؟ كيف نوفّق بين الوطن اللبناني وكيانه السياسي ودولته ومؤسساته، وبين العروبة والإسلام وقضايا التحرير والوحدة لأمة عربية أو إسلامية تتلاطمها الأمواج في عصر العولمة والاستعمار الجديد؟

إن الخلاصة التي وصل إليها المسلمون اللبنانيون بعد طول تجربة ومعاناة هي أن المقاومة ليست غاية في ذاتها كما يحلو للبعض تصويرها جهلا أو تطرفا... والإسلام هو الذي علمنا أن كل ما في هذا الكون حتى الدين نفسه وجد لأجل الإنسان وليس العكس..ألم يأمر الله الملائكة بالسجود لأدم ؟ ألم يكرّم الله الإنسان ويفضلّه على كل المخلوقات ؟ ألم يعين الله الإنسان خليفة له على الأرض؟ ألم يقل السيد المسيح "إن السبت وجد لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت"...فالإنسان وكرامته وحريته هي أسمى غايات الدين ومقاصده. ذلك أن مقاصد الشريعة الواضحة والمتفق عليها بإجماع الفقهاء والمتشرعين من كل المذاهب هي ثلاثة أقسام: ضروريات وحاجيات وتحسينات، وقد حصروا الضروريات في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال - وبعضهم جعل النفس قبل الدين- وقالوا إن هذه الأمور الخمسة قد ثبتت لديهم بالاستقراء وليس من الإسلام وحده بل "بالنظر إلى الواقع وعادات الملل والشرائع"....وأما الحاجيات فهي كل ما قامت الحاجة إليه من اجل رفع الضيق والحرج والمشقة (الدين يسر لا عسر).. وأما التحسينات فهي في الأخذ بما يستحسنه العقل من العادات والمستجدات وتجنب ما يستقبحه منها، سواء في مجال الحاجيات أو الضروريات...وأضافوا إلى كل قسم من هذه الأقسام ما هو له كالتتمة والتكملة (تكميلات) وجعلوا الضروريات أصلا للحاجيات والتحسينات والتكميلات باعتبار أن "مصالح الدين والدنيا مبنية على هذه الأمور الخمسة المذكورة" أي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال...و كما اتفقوا على أن أحكام الشرع معللة بجلب المصالح ودرء المفاسد..ويعترف العلماء والفقهاء أن مصالح العباد في الدين والدنيا صارت اليوم تشمل الحق في حرية الرأي والتعبير والعمل السياسي والديمقراطية في الحكم والسلطة (أو الشورى إن شئت) والحق في العمل والمسكن وفي التعليم والصحة وفي الحياة الحرة الكريمة... فالمقاومة هي إذن في شرع الإسلام والمسلمين أداة أو وسيلة في خدمة هدف أو أهداف الإنسان والمجتمع والأمة في الوحدة والحرية والكرامة والعدالة..فلا يوجد عالم أو فقيه يقول لك (كما ذهب احدهم مؤخرا) إن المقاومة هي الأصل والمبدأ المطلق وان المجتمع أو الوطن أو الدولة أو مقاصد الشرع، هي فرع تابع أو لزوم مكمل لغرض المقاومة الذي يصير كالمطلق أزلي سرمدي وعلى مستوى العزة الإلهية (والعياذ بالله).ولم نقرأ أو نعرف لأحد من المسلمين رفعاً لشأن الجهاد إلى حد اعتباره بديل الدين أو أصل الأمة أو أساس المجتمع.. وكل ما عرفناه وقرأناه وتعلمناه ووعيناه وعرفه ومارسه قبلنا كل المسلمين هو أن الجهاد باب من الأبواب وانه مشروط بشروطه وانه تحت إمرة الإمام العادل (عند الشيعة)أو الخليفة (عند أهل السنة) وان الشرعي المقبول منه هو الجهاد الدفاعي أي المقاومة ضد احتلال أو ظلم وطغيان وان هذا الجهاد له أبواب تفصيلية في فقه المسلمين وله شروط واعتبارات تقع كلها تحت مستوى مقاصد الشرع ومصالح العباد أو تحت مسمى الحرب العادلة... وفقهاء المسلمين الذين كان الورع والتقوى والعلم يمنعهم من الإفتاء مخافة الوقوع في الخطأ وتحمل مسؤولية الفتوى، كانوا أكثر ما دققوا وربطوا وعقدوا الفتاوى المتعلقة بالجهاد.. ومن يراجع كتب الفقه وتاريخ الإسلام، السني والشيعي والزيدي والخارجي والظاهري، يدهش لكون إعلان الجهاد كان مقيدا بألف قيد وقيد..وكما في كل الشرائع السماوية، فان الإسلام أرسى الضوابط والحدود وحدد السلوكيات والأخلاقيات الواجب إتباعها إذا كان لا بد من الحرب...والحرب العادلة فقط وليس مطلق حرب (أي الجهاد الدفاعي والمقاومة)..... فليست الحرب بالمتعة أو العبادة (كما يقول البعض اليوم جاعلا من الإسلام دين حرب وسيف لا دين حق وعدل ومكارم الأخلاق)، بل هي آخر الدواء حين يكون ذلك مناسبا للمجتمع والأمة... فأين نحن اليوم من الفهم الإسلامي للجهاد وللحرب وللمقاومة؟؟؟

وفي الشرع السياسي الوضعي الدولي المقاومة هي كما قال كلاوزفيتز عن الحرب "امتداد للسياسة بوسائل أخرى"..هي وظيفة نضالية محددة محكومة بأسلوب وطريقة وبضوابط واطر، وبمرجعية سياسية واضحة من حيث حفظ المصالح وجلبها ودرء المفاسد وردعها..وهي شرعية ومشروعة ضمن ضوابط وحدود المجتمع الدولي وقوانينه وأعرافه التي يعترف الإسلام بها كلها على قاعدة الوفاء بالعهود التي نوقعها وندخل ضمنها (إن العهد كان مسؤولا)... وفي المعنى الوطني، أو السياسي الوضعي، فان المقاومة، أية مقاومة، هي حركة سياسية مسلحة ترتبط بإطار ناظم شامل وعميق هو ميثاق البلاد ودستورها وما اتفق عليه أهلها من نظام حكم ومؤسسات، وما تعاهدوا عليه من أهداف عليا وغايات.. وإلا تحولت المقاومة إلى ميليشيا والى حب السلاح... كما أن الميليشيا ليست شتيمة بل وصف للقوى الشعبية المسلحة غير النظامية والتي كانت عنوان افتخار في التجربة الفلسطينية وقبلها في تجارب العديد من الشعوب وعلى رأسها الشعب الاميركي نفسه خلال حرب الاستقلال..أو التجربة الفرنسية أو السويسرية أو الأوروبية عموما في حرب الأنصار والمقاومة ضد النازية والفاشية.ولكن بعد قيام الدولة المستقلة يصير من الواجب الديني والوطني انضواء المقاومة تحت راية الدولة والنظام وإلا صارت قوة فئوية خارج الدولة وفوق الدستور وفي مواجهة مع مصالح الناس وأمنها واستقرارها وتلك من الضرورات الشرعية الواجب حفظها والتفكير فيها أولا..أي قبل أي شيء آخر... وبها تقاس الأمور وليس عكس ذلك...

 أما من حيث احتكار "حزب الله" لمشروع المقاومة فقد كان موقف الشيخ محمد مهدي شمس الدين قاطعاً حازماً أعلنه في كل المناسبات ومن على أعلى المنابر.. فالمقاومة "نهضت تحت سقف مشروع الإمام الصدر والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المشروع الوطني الإسلامي الإنساني لبناء الدولة والمجتمع في لبنان وعلى ثوابت الكيان اللبناني ومسلّماته.. والمقاومة نمت في ظل هذا المشروع، فهي مقاومة الشعب اللبناني، كل الشعب اللبناني، لا فئة واحدة منه، وكل المناطق اللبنانية، لا منطقة واحدة منها، وهي مقاومة الدولة والمجتمع والجيش والأهالي والأحزاب.. وكل ذلك تحت سقف، وفي ظل، المشروع الوطني الذي هو الحصن والحضن والمرجع والمآل... إن المقاومة ليست غاية بحد ذاتها، وليست مشروعاً خاصاً بحد ذاته، ناهيك عن أن تكون حزباً أو فئة خاصة خارج مشروع الدولة والمجتمع في لبنان.. المقاومة أداة ضغط سياسية لها غاية تحرير لا غير، ووظيفتها أن تخدم هدف التحرير الذي يقوم به المجتمع بجميع مؤسّساته السياسيّة والأهليّة.. إنّ هذه الرؤية هي الرؤية الوطنيّة الحقيقيّة للمقاومة".

أما من الناحية الاستراتيجية فلقد كان للإمام رأيه المبرز والمميز، منذ العام 1968... وهو استمر على هذا الرأي (وهو نفس رأي الإمام الصدر) في ضرورة وجود استراتيجية عربيّة موحّدة للمواجهة مع إسرائيل (سلماً أم حرباً): "إما أن توضع استراتيجيّة عربيّة كاملة لتحمّل أعباء قضية فلسطين، ويكون لبنان والجنوب جزءاً منها، وإلا فلا يمكن أن نوافق أبداً على أن يكون الجنوب أرضاً محتلة.. ونحن سنكون أول المجاهدين وأول الشهداء إذا كانت هناك خطّة عربيّة شاملة.. أما إذا لم تكن هناك خطة، وتكون هناك مزايدات وعنتريات وتناقض وتمزّق عربي، فلمصلحة مَنّ يضيع الجنوب؟".

وقد صاغ الإمام رؤيته المتكاملة لمسألة الصراع مع إسرائيل على الشكل التالي: "نحن في لبنان محكومون بثلاث معادلات، المعادلة الوطنيّة: الإسرائيليون يحتلون أراضي لبنانية، والمعادلة القوميّة أو العربيّة: الإسرائيليون يحتلون فلسطين العربيّة والجولان.. والمعادلة الإسلامية: هم يحتلون بلاداً إسلامية وشرّدوا شعبها وينتهكون مقدسات إسلاميّة.. المقاومة تخدم المعادلات الثلاث.. فكوننا لبنانيين نقاوم، وكوننا عرباً نقاوم، وكوننا مسلمين نقاوم، وإن كنا نفضّل أن لا يكون للمقاومة في لبنان هوية دينيّة.. وإذا تمّ انسحاب إسرائيل إلى ما وراء الحدود الدوليّة مع فلسطين من دون شرط.. ووفقاً للقرار الدولي 425. إذا تم ذلك لا يعود عندنا في لبنان معادلة وطنية.. تتوقف المقاومة.. ولكن هذا لا يعني اعترافاً بشرعية الكيان الإسرائيلي من الناحية القوميّة ومن الناحية الدينيّة.. هذا الكيان غير شرعي ومقاومته مشروعة بل واجبة.. ولكن نحن بعض العرب في لبنان، وبعض المسلمين في لبنان.. ولا يمكن أن نأخذ على عاتقنا تنفيذ قرار عربي على المستوى القومي، أو إسلامي على مستوى الأمّة الإسلاميّة، وحدَنا.. ومن هنا لا يمكن أن نستمر في المقاومة باعتبارها قومية عربية أو مقاومة الأمة الإسلامية.. وما لم يكن هناك قرار عربي أو إسلامي قابل للتنفيذ، لا يقتصر على مجرّد الشعار السياسي، فنحن جزء منه، وإلا فإن قدرتنا على المقاومة تتوقف عند حدود الانسحاب الإسرائيلي من أرضنا..".

وأخيراً لا يسعنا إلا أن نردد قول الإمام شمس الدين "إن خطاب التشيّع، خطاب الحسين، خطاب عاشوراء، هو خطاب العيش المشترك في لبنان، لا بلقلقة اللسان، والشعارات الجوفاء، بل بالعيش الواحد الذي يقوم على ثوابت الكيان اللبناني، وثوابت الدولة والمجتمع في لبنان، العيش الواحد الذي يعترف للآخرين بكرامتهم وبحريتهم وبثقافتهم وبكياناتهم الداخلية، لا يهرّج عليهم ولا يهيمن عليهم بشعار القداسة... لا تجعلوا الحسين (ولا تجعلوا المقاومة) حجراً تلقمون به أفواه الآخرين، أو ترجمون به الآخرين، أو تخضعون به الآخرين، أو تحاربون به الآخرين".