المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

نشرة أخبار يوم 22 كانون الأول/2008

إنجيل القدّيس متّى .17-1:1

نَسَبُ يَسوعَ المسيح اِبنِ داودَ ابنِ إِبْراهيم: إبْراهيم وَلَدَ إِسْحق وإِسْحق وَلَدَ يَعْقوب ويَعْقوب ولَدَ يَهوذا وإِخوَتَه ويَهوذا ولَدَ فارَص وزارَح مِن تامار وفارَص ولَدَ حَصْرون وحَصْرون ولَدَ أَرام وأَرام ولَدَ عَميِّناداب وعَميِّناداب ولَدَ نَحْشون ونَحْشون ولَدَ سَلْمون وسَلْمون ولَدَ بُوعَز مِن راحاب وبُوعَز ولَدَ عُوبيد مِن راعوت وعُوبيد ولَدَ يَسَّى ويَسَّى ولَدَ المَلِكَ داود وداود ولَدَ سُلَيمانَ مِن أَرمَلةِ أُورِيَّا وسُلَيمان ولَدَ رَحَبْعام ورَحَبْعام ولَدَ أَبِيَّا وأَبِيَّا ولَدَ آسا وآسا ولَدَ يوشافاط ويوشافاط ولَدَ يورام ويورام ولَدَ عوزِيَّا وعوزِيَّا ولَدَ يُوتَام ويُوتَام ولَدَ آحاز وآحاز ولَدَ حِزْقِيَّا وحِزْقِيَّا ولَدَ مَنَسَّى ومَنَسَّى ولَدَ آمون وآمون ولَدَ يوشِيَّا ويوشِيَّا ولَدَ يَكُنْيا وإخوَتَه عِندَ الجَلاءِ إِلى بابِل

وبَعدَ الجَلاءِ إِلى بابِل يَكُنْيا ولَدَ شَأَلْتَئيل وشَأَلْتَئيل ولَدَ زَرُبَّابَل وزَرُبَّابَل ولَدَ أَبيهود وأَبيهود ولَدَ أَلْياقيم وأَلْياقيم ولَدَ عازور وعازور ولَدَ صادوق وصادوق ولَدَ آخيم وآخيم ولَدَ أَلِيهود وأَلِيهود ولَدَ أَلِعازَر وأَلِعازَر ولَدَ مَتَّان ومَتَّان ولَدَ يَعْقوب ويَعْقوب ولَدَ يوسُف زَوجَ مَريمَ الَّتي وُلِدَ مِنها يسوع وهو الَّذي يُقالُ له المسيح. فمَجْموعُ الأَجيالِ مِن إِبراهيمَ إِلى داود أَربعةَ عشَرَ جيلاً، ومِن داودَ إِلى الجَلاءِ إِلى بابِل أَربعةَ عشَرَ جيلاً، ومِنَ الجَلاءِ إِلى بابِل إِلى المسيح أَربعةَ عشَرَ جيلاً.

 

روبير دو دوتز (حوالى 1075-1130)، راهب بِنِدِكتي

من Divinis Officil

"... ويَتَباركُ بكَ وبنَسلِكَ جميعُ عشائر الأرض" (تك28: 14)

دائمًا ما يُقرَأُ في الكنيسة من إنجيل القديس متّى نسب يسوع المسيح. ولا يخلو هذا التقليد في الكنيسة من أسباب ودوافع رائعة وغامضة. وفي الواقع، تُظهر لنا هذا القراءة السلّم الذي رآه يعقوب في الحلم (تك28: 12). وفي أعلى هذا السلّم الذي كان يصلُ إلى السماء، ظهرَ الله ليعقوب مُرتكزًا على السلّم، ووعدَه بميراث الأرض... ونحن جميعًا نعلم بأنّه "قَد جَرى لَهم ذلكَ لِيَكونَ صورةً" (1قو10: 11). فما الذي كان يصوِّرُه ذاك السلّم غير السلالة التي سيولد منها يسوع المسيح؟ تلك السلالة التي رواها القدّيس متّى الإنجيليّ بكلام إلهي، ووصلَتْ إلى يسوع المسيح بعد أن مرّتْ بيوسف؟ يوسف الذي ارتكزَ عليه يسوع المسيح عندما كان طفلاً. عبر "باب السماء" (تك28: 17)... أي أنّه من خلال العذراء الكليّة الطوبى، صارَ ربّنا طفلاً صغيرًا من أجلنا، وخرجَ من أحشاء والدته باكيًا... في حلمه، سمعَ يعقوب الله يقولُ له: "ويَتَباركُ بكَ وبنَسلِكَ جميعُ عشائر الأرض"، وقد تحقّقَ ذلك اليوم بميلاد يسوع المسيح.

وهذا تمامًا ما أرادَ أن يوصلَه إلينا متّى الإنجيليّ عندما أدرجَ في السلالة اسم كلّ من راحاب التي كانَتْ بغيًّا وراعوت التي كانَتْ من أرض موآب؛ ذلك أنّه أدركَ أنّ المسيح لم يتجسّدْ من أجل اليهود فقط، إنّما من أجل الوثنيّين أيضًا، هو الذي وافقَ على أن يكون له جدّات من الوثنيّين. وها هم الآباء الأقدمون، يأتونَ من شعبَين مختلفَين، أي اليهود والوثنيّين، تمامًا مثل طَرَفَيّ السلّم، وقد أتوا لمساندة ربّنا يسوع المسيح المُنبثق من أعالي السماء. وكلّ الملائكة القدّيسين يسلكون هذا السلّم صعودًا ونزولاً، وكلّ المختارين ينزلون أوّلاً هذا السلّم ليحصلوا بتواضع وخشوع على الإيمان المتجسّد في يسوع المسيح، ثمّ يُرفَعون إلى السماء ليتأمّلوا مجد ألوهيّته.

 

طاولة الحوار تلتئم اليوم مصابة بـ "جراح" المناكفات ولا توقعات بإحراز تقدم في ظل مواقف "حزب الله"

 بيروت - "السياسة":في ضوء المعطيات الجديدة نتيجة الهبة الروسية بمنح الجيش اللبناني عشر مقاتلات "ميغ 29", والتي تزيد من قدرة سلاح الجو اللبناني على مواجهة الأخطار, واعلان واشنطن تقديم دبابات عسكرية, تنعقد الجولة الثالثة لمؤتمر الحوار الوطني في قصر بعبدا اليوم, مصابة ب¯"جراح" مناكفات سياسية ومزايدات انتخابية شهدها البرلمان اللبناني في جلسات المناقشة العامة للحكومة, وانتخاب حصة البرلمان في المجلس الدستوري, ما جعل رئيس الجمهورية ميشال سليمان, يمارس دور الاطفائي مجدداً, ويكرس جهوده لنزع فتيل التوتر, وتأمين ظروف هادئة, تتجاوز رواسب اليومين الماضيين, وتمهد لانعقاد طاولة الحوار لنقاش الستراتيجية الدفاعية, لا غيرها. ومن المتوقع أن تتوسع مروحة النقاش, خلال الجلسة التي تعقد برعاية سليمان وحضور الأقطاب ال¯14, حيث سيدلي كل فريق سياسي بدلوه, خصوصاً وأن رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع سيقدم ورقة تتضمن موقف الغالبية من الستراتيجية الدفاعية بعد ان تقدم رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون بورقة مماثلة, رفضتها قوى "14 آذار" بعد ان اعتبرتها تشريعاً لانتشار السلاح بين اللبنانيين.

وفي هذا الاطار, أكدت اوساط بارزة في الغالبية ل¯"السياسة", امس, ان جلسة اليوم الحوارية لن تحرز اي تقدم وستكون كسابقتيها نجرا تقطيعا للوقت, طالما ان هناك من لا يريد لهذا الحوار ان ينجح ويصار الى الاتفاق على ستراتيجية دفاعية تعطي الدولة وحدها عبر الجيش بعد تقويته, حق الدفاع عن لبنان, في مواجهة اي اعتداءات قد يتعرض لها.

واعتبرت ان المواقف التي أطلقها نائب المين العام ل¯"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم خلال اليومين الماضيين, مستبقا جلسة اليوم, تعطي انطباعا واضحا ان الحزب مصر على موقفه حيث يعتبر ان سلاحه من الثوابت التي لا يمكن المس بها, ما يؤشر بوضوح الى عدم وجود نية جدية لدى الحزب للبحث في مصير سلاحه المدعوم من سورية وايران. من جهته, أمل نائب رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان ألا يكون الحوار مجرد لقاء لتبريد الأجواء, لافتا الى ان الطرح الذي سيقدمه جعجع, يتعلق باعتماد نظام شبيه بالنظام السويسري والذي يقوم على تنظيم مقاومة شعبية بإشراف الدولة وسيطرتها وبقرار منها, مشددا على ضرورة ان يكون السلاح بيد الدولة دون غيرها.

وطالب باستخدام سلاح "حزب الله" وخبرته ضمن الدولة اللبنانية, متحدثا عن خطة منهجية لتدمير هذه الدولة. واوضحت مصادر قريبة من جعجع ان الاخير سيطرح من خلال رؤيته التي سيقدمها, ستراتيجية تركز على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وتلائم الواقع اللبناني. في موازاة ذلك, حذرت أوساط سياسية وأمنية, بناء على معطيات تلقتها, من عودة "غير محمودة", لمسلسل التوتير الأمني والتفجيرات, مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية, للإطاحة بها, وجعل البلاد تدخل في المجهول, في ضوء ما تشهده الساحة اللبنانية من ارتفاع للمتاريس السياسية, ومحاولات لتعطيل العمل الحكومي, وشل قدرة حكومة ما سمي بالوحدة الوطنية على اتخاذ القرارات الوطنية الكبرى.

وامس, اعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب نبيل دو فريج أن "الستراتيجية الدفاعية التي قدمها العماد ميشال عون مضحكة", وقال "ننتظر ستراتيجية جعجع التي ناقش بعضًا منها في الجلسات السابقة للحوار, ومما قاله حينها ان يكون هناك لواء مستقل من المقاومة ضمن مؤسسة الجيش والاستفادة من سلاح المقاومة وخبرتها, وقد رد عليه آنذاك السيد حسن نصرالله بأن هذا الكلام جيد, ولكن من يسلح الجيش ويقويه?, وها نحن نقول للسيد حسن اليوم انه فعلاً لقد بدأ تسليح الجيش".

وسأل دوفريج "لماذا التهجم وإعطاء صفة التسييس على انتخاب القاضي انطوان خير للمجلس الدستوري وهو مرجعية دستورية وقانونية?, هل لمعاقبته على ارسال اسماء القضاة للجنة التحقيق?". واضاف في مجال آخر "مشكلة العماد عون انه ديمقراطي في كلامه وديكتاتوري في افعاله, وبما أن العماد عون وحلفاءه لا يمكنهم تحمل الخسارة في الانتخابات النيابية المقبلة, لذلك هناك خوف من أن يتم افتعال مشكلة لعرقلة اجراء الانتخابات".

 

الحكومة الإسرائيلية المقبلة ستواجه خيار ضرب إيران

تل أبيب: الأسد أبلغ أوروبيين أنه لن يوقف تسلح "حزب الله" 

 تل أبيب - يوبي اي: كشف مصدر سياسي إسرائيلي, امس, ان تقارير وصلت أخيراً إلى تل ابيب تفيد بأن الرئيس السوري بشار الأسد لن يوقف تسلح "حزب الله", فيما اكد مسؤولون قريبون من دوائر صنع القرار, ان الحكومة العبرية المقبلة ستقرر ما اذا كانت ستهاجم ايران او ستعزز قوة الردع ضدها.

ونقلت صحيفة "هآرتس", عن المصدر توضيحه أن الأسد قال لمجموعة من وزراء الخارجية وديبلوماسيين أوروبيين التقى بهم أخيرا إنه لا يعتزم القيام بشيء من أجل وقف تسلح "حزب الله", وأبلغهم رسالة مفادها "أنا لست الحارس الشخصي لإسرائيل" وان وقف تسلح حزب الله "ليس من مهماتي".

وذكر المصدر الإسرائيلي ان تقارير وصلت تل ابيب من ثلاثة مسؤولين أوروبيين مختلفين التقوا الأسد أخيرا وأفادوا أن الانطباع لديهم هو أن الرئيس السوري جدي في نواياه بدفع عملية السلام بين سورية وإسرائيل, ولكن مواقفه "ما زالت متشددة ولا تنازلات فيها".

وأوضح أن الأسد قال خلال محادثاته مع الأوروبيين "إن سورية ستكون مستعدة لتنفيذ خطوات هامة في المفاوضات مع إسرائيل فقط بعد أن تحصل مجددا على "وديعة رابين" التي تعني موافقة إسرائيل على الانسحاب من كل هضبة الجولان".

وأضاف المصدر أن رسالة أخرى أوضحها الأسد للأوروبيين مفادها أنه "لا يرى أية إمكانية للتقدم في المفاوضات قبل الانتخابات العامة في إسرائيل" التي ستجري في فبراير المقبل, وذلك بسبب تحسبه من أن رئيس الوزراء الحالي ايهود أولمرت, لن يتمكن من تمرير قرارات في الحكومة الحالية.

في سياق متصل, نقلت "هآرتس" عن مسؤولين اسرائيليين رفيعي المستوى, تأكيدهم أن أهم قرار ستتخذه الحكومة المقبلة بعد الانتخابات, هو البت في ما إذا كانت سترصد ميزانية لتمويل هجوم ضد إيران أم أنها ستقرر تعزيز الردع ضدها.

وذكرت ان رئيس مجلس الأمن الاقتصادي والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء البروفيسور مانويل طخطنبرغ, استعرض هذه "المعضلة", قائلا إنه "لدى اختيار الستراتيجية لمواجهة التهديد الإيراني غير التقليدي, علينا أن نأخذ بالحسبان المصادر المحدودة التي بحوزتنا, الأمر الذي يحتم علينا إدارة المخاطر بصورة محسوبة لأنه لن تكون لدينا تشكيلة واسعة من الحلول".

لكن خبراء في الشؤون الأمنية يعارضون موقف طخطنبرغ, اعتبروا أن كلفة الخيار العسكري القاضي بشن هجوم ضد إيران أقل من الكلفة التي يصفها من يعارضون الخيار العسكري, موضحين أن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى زيادة ميزانيته بمبلغ بليون شيكل (نحو 250 مليون دولار) في السنة من أجل تقوية "الذراع الطويلة" لعملية هجومية ضد إيران. وأشاروا الى أن هذا التمويل مطلوب بالأساس من أجل تقوية قدرات أجهزة الاستخبارات, والتزود بطائرات تزويد وقود, التي ستؤدي إلى إطالة مدى العمليات الهجومية وقدرة الطائرات الحربية الإسرائيلية على حمل الذخيرة.

وقدر الخبراء أن الموازنة العامة الإسرائيلية قادرة على تحمل تكاليف إضافية من أجل الإعداد لهجوم ضد إيران, وأن الحكومة المقبلة لن تتنازل مسبقا عن الخيار العسكري وإنما ستفضل أن تحتفظ بحرية القرار في ما يتعلق بمهاجمة إيران.

 

تنسيق بين موسكو وواشنطن لدعم النظام الديمقراطي... ورسالتان متشابهتان "إلى من يعنيهم الأمر"

الأسلحة الروسية والأميركية تستهدف الداخل اللبناني لإنهاء الدويلات 

 لندن - كتب حميد غريافي:السياسة

وصف ديبلوماسيون بريطانيون وفرنسيون وعرب أمس "الخطوتين المذهلتين والمفاجئتين" اللتين قامت بهما كل من روسيا والولايات المتحدة خلال اقل من 48 ساعة حيال لبنان والشرق الأوسط, بأنهما "رسالتان ذات اهداف وابعاد واحدة تقريبا جرى توجيههما الى "من يهمهم الأمر" وخصوصا ايران وسورية في الشرق الأوسط والعالم الاسلامي, بأن واشنطن وموسكو ملتزمتان حتى النهاية "الفورة الديمقراطية" التي يقودها النظام اللبناني الاستقلالي القائم في وجه محاولات تحجيمه وعرقلة تقدمه وصولا الى اسقاطه واستبداله بنظام أسدي - نجادي لا قرار له ولا استقرار, مهمته احباط الخطين السلمي والديمقراطي في منطقة الشرق قبل ان تنتقل عدواه... في حال نجاحه النهائي الى معظم دول المنطقة".

وقال ديبلوماسي في وزارة الخارجية البريطانية في لندن أمس ل¯ "السياسة" ان "اقدام روسيا في هذا الظرف الدقيق من الصراع الايراني - السوري مع العالم العربي والمجتمع الدولي المحصور راهنا في لبنان كمقدمة لتفعيله عما قريب باتجاه دول الشرق الاوسط برمتها, على منح لبنان عشر مقاتلات "ميغ - 29" الستراتيجية وأكثر من 150 دبابة متطورة ومئات صواريخ ارض - ارض مختلفة الانواع والاحجام من دون التطرق الى اي منظومة دفاعية جوية يمكن ان تستخدم ضد الخروقات الجوية والاعمال الحربية الاسرائيلية ضد لبنان - ان إقدام القيادة الروسية على هذه الخطوة الدراماتيكية هو بمثابة رسالة من موسكو ذات رأسين اولهما دعم الدولة اللبنانية عبر جيشها في وجه خصومها واعدائها الساعين الى ابقائها تحت رحمة دويلاتهم وصواريخهم وفي حظيرة الظلام والحروب و"الممانعة" والارهاب, وثانيهما افهام كل من سورية وايران اللتين هما وراء هذا السعي عبر حليفهما وربيبهما الاقوى على الساحة اللبنانية "حزب الله" وتوابعه من التيارات المناوئة للديمقراطية والاستقلال والحرية, انهما لم تعودا الدولتين الوحيدتين في المنطقة اللتين تغبان من الترسانة العسكرية الروسية ما تشاءان من أسلحة متطورة وان روسيا ليست حكرا عليهما بل هي منفتحة حتى على اعدائهما في الخليج والعالم العربي بكامله".

اما الخطوة الاخرى المقابلة التي قامت بها ادارة الرئيس الاميركي الجديد باراك أوباما للقاء الخطوة الروسية بمعانيها ومغازيها فجاءت في اختيارها رجل الكونغرس اللبناني راي لحود وزيرا للمواصلات الاميركية, وهو منصب اميركي مهم جدا داخليا, في رسالة واضحة كوضوح الرسالة الروسية مفادها "ان لبنان مازال - حسب ديبلوماسي فرنسي في باريس - احد اهم محاور السياسة الخارجية الاميركية وان ادارة الحزب الديمقراطي لا تقل تعلقا بالنظام الديمقراطي القائم في لبنان عن سابقتها الادارة الجمهورية, خصوصا وان الوزير لحود هو احد اهم قادة اللوبي اللبناني في أميركا الداعم "للمجلس العالمي لثورة الارز" ولتطبيق باقي بنود القرار 1559 الذي اخرج الاحتلال السوري من لبنان ويطالب بتجريد "حزب الله" والميليشيات الأخرى من اسلحتها, كما انه احد اهم النواب الاميركيين في الكونغرس الذين ساهموا في استصدار القرارات الدولية المتعلقة بلبنان خلال السنوات الاربع الماضية, اضافة الى انه على تواصل مستمر بقيادات "ثورة الارز" في لبنان وخصوصا البطريرك الماروني نصر الله صفير".

وقال الديبلوماسي الفرنسي ل¯ "السياسة" ان تعيين اوباما راي لحود اللبناني وزيرا في حكومته المقبلة, "يوصل الى العرب والمسلمين الاميركيين والمقيمين منهم في الولايات المتحدة رسالة رد الجميل لهم لوقوفهم معه ضد خصمه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الاخيرة, ويطمئنهم الى انهم لن يكونوا في عهده تحت رحى القرارات والاجراءات الامنية المتعلقة بمحاربة الإرهاب, كما كانوا في عهد جورج بوش حتى الان".

واشار احد الملحقين الصحافيين الخليجيين في القاهرة امس الى "الدور الروسي المتقدم الجديد في المنطقة تعويضا عن خسائره الفادحة في البلقان والقوقاز ودول المحور الشيوعي السابق التي انضمت بشكل جماعي الى عدوه التقليدي الاميركي لذلك فإن "التحرك الروسي الزاحف" لدول الشرق الاوسط السنية المعتدلة بات مهما جدا وايجابيا جدا بعد اقامة جسور متينة مع السعودية ودولة الامارات والكويت وباقي دول مجلس التعاون الخليجي, عبرت عليها معاهدات دفاعية وبلايين الدولارات من مشتريات السلع والتبادل التجاري والاقتصادي خلال الاعوام العشرة الماضية".

وقال الديبلوماسي الخليجي ل¯ "السياسة" في اتصال به من لندن "ان الاهم في كل ما تقوم به الادارة الروسية الراهنة هو اخذ المصالح الاميركية في الشرق الاوسط خصوصا بعين الاعتبار الاول حتى بدا وكأن هناك تنسيقا حميما بين واشنطن وموسكو في المنطقة اكده وزير الدفاع اللبناني الياس المر من العاصمة الروسية اول من امس حين قال ان "تولي الروس الشق الجوي من تسليح الجيش اللبناني يحقق تكاملا وليس تعارضا مع الدعم الاميركي العسكري للبنان" تماما كما ذكرت "السياسة" الاسبوع الماضي حين كشفت النقاب عن مباركة أميركية للخطوة الروسية في تقديم الطائرات العشر الى لبنان, ردا على ما تحاول القوى المعادية للدولة وعلى رأسها "حزب الله" وجماعات سورية اثارته من حيث ان هناك تعارضا بين الموقفين الاميركي والروسي حول تسليح الجيش اللبناني".

وكشف احد مرافقي الوزير المر الى موسكو النقاب ل¯ "السياسة" عن ان حكومة فلاديمير بوتين اكدت خلال مباحثاتها مع الوفد اللبناني انها لم تستشر لا سورية ولا ايران عندما قررت تقديم الطائرات الى لبنان, وهي ايضا لم ولن تطلع هذين البلدين على لوائح مشتريات الاسلحة اللبنانية الاخرى لان هذا ليس من شأنهما"

وأكد الديبلوماسي الخليجي "ان الملفت للنظر فعلا هو عدم تطرق الوزير اللبناني (المر) في كل لقاءاته الصحافية وتصاريحه الاعلامية بعد حصوله على ما اراد من اسلحة للجيش, ولو مرة واحدة لا تصريحا ولا تلميحا الى اسرائيل, وانما كرر باستمرار ان تلك الاسلحة تهدف الى محاربة الارهاب والارهابيين, وهما الصفتان اللتان يطلقهما المجتمع الدولي علنا على "حزب الله" وروسيا سرا, اذ تبين لها خلال السنوات الاخيرة في حربها ضد الشيشان ان افواجا من الشيشانيين تدربوا على السلاح والتفجير في معسكرات لحزب الله في البقاع اللبناني على ايدي خبراء ايرانيين وبمساعدة سورية واضحة".

وقال الديبلوماسي ان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد هيل "لم يخف اطلاقا قول الحقيقة حين اكد "اننا (مع اللبنانيين) نحضر لرزمة جديدة من المساعدات العسكرية الاميركية تتعلق بالسلاح الجوي من صواريخ محددة الاهداف (اي لا تتعدى حدود لبنان) واجهزة الحرب المدنية (اي الداخلية ضد الارهاب) في سبيل نشر الامان في هذا البلد (لبنان)".

وربط هيل عملية فتح ابواب تسليحية اوسع للجيش اللبناني صراحة - حسب الملحق الصحافي الخليجي في القاهرة ب¯ "التزام الولايات المتحدة القوي بلبنان السيد المستقل والحر (بقيادة "14 اذار" طبعا) وبتطبيق اتفاق الدوحة وقرارات مجلس الامن ولاسيما القرارات 1559 (الداعي لنزع سلاح حزب الله) و1680 و,1701 وبتأمين حصرية السلطة للدولة اللبنانية على كامل اراضيها "ضد محاولات "حزب الله" مدفوعا من دمشق وطهران لنسف كل هذه المقومات التي تبناها المجتمع الدولي بقوة".

 

"8 آذار" لوّحت بـ "ثلثها المعطل" فسحب سليمان فتيل التفجير من جلسة الحكومة 

السياسة/أكدت مصادر نيابية تابعة لقوى "8 آذار", امس, ان ملف المجلس الدستوري "بات معلقاً الى اجل غير مسمى, وان اعادة عرض هذا الملف في جلسات الحكومة في المستقبل مرتبط باقتناع قوى الغالبية ضرورة اعتماد مبدأ التوازن في المجلس المذكور".

وأوضحت المصادر ان الزيارة التي قام بها الوزير جبران باسيل الى قصر بعبدا والتي جاءت بعد اللقاء الوزاري التشاوري لقوى الاقلية عشية جلسة الحكومة, اول من امس, "حملت رسالة واضحة للرئيس سليمان مفادها أن الاقلية مستعدة للذهاب باتجاه استخدام حق التعطيل (الثلث المعطل) في جلسة الحكومة, فيما لو أصر الفريق الآخر على طرح موضوع حصة الحكومة في المجلس الدستوري للبحث والتصويت, وعلى هذا الاساس, ومنعاً لتفاعل الازمة فضل الرئيس سليمان سحب الملف من بنود الجلسة الحكومية".

ونقل موقع "لبنان الآن" الالكتروني, عن المصادر وصفها عملية الانتخاب التي جرت في الجلسة العامة للمجلس النيابي الخميس الماضي بأنها "عملية انقلاب استولت من خلالها قوى الاكثرية على الحصة الخاصة بالمجلس النيابي", مشيرةً الى ان "التوازن من وجهة نظر الاقلية يعني منح قوى "8 آذار" حق تسمية أكثرية اعضاء المجلس الدستوري الباقين أي اربعة من اصل خمسة اعضاء".

من جهته, اعتبر عضو "كتلة التحرير والتنمية" النائب أيوب حميد, امس, أن "هناك من يحاول أن يستقوي باتفاق الدوحة الذي نص صراحة على أنه ممنوع التعطيل وممنوع الانسحاب وممنوع الاستقالة من مجلس الوزراء", وقال ان "هذا الاستقواء نراه انحرافًا عن الأسس التي يجب ان تستمر وتعتمد في طريقة تعاطي الوزراء بعضهم مع بعض", وأضاف "اذا كان اتفاق الدوحة ملزماً لنا اخلاقياً, فهذا لا يعني عدم القول بحقيقة الامور, ولقد لاحظنا ما أثير حول جلسة مجلس الوزراء التي سبقت الاخيرة, حيث أريد تشويه الحقائق ونعت وزراء المعارضة بأنهم يريدون تعطيل اتفاق الدوحة من خلال بعض انتقاداتهم للممارسات او لأنهم ابدوا بعض الآراء التي تعارض رأي الاكثرية".

 

سكترما...

عماد بزي

في المفهوم العسكري، تعتبر السكترما، احدى المخاطر الناجمة عن إطلاق الرصاص في أماكن مغلقة او على سطوح صلبة مستوية او ملتوية من مسافات قريبة غالباً مما يؤدى الى إرتداد الرصاصة عن الجسم الصلب، حيث من الممكن ان تصيب آخرين او حتى مطلق الرصاص نفسه !

وكثيرون هم من سقطوا برصاص السكترما في لبنان، منهم من قضى، ومنهم من لايزال يعاني من إصابات وإعاقات حتى يومنا هذا.

عالمياً، هناك حادثة مسجلة عندما ارتدت رصاصة اطلقها احد حراس الرئيس صدام حسين اثناء حوادث الدجيل على مشبوه حاول الإقتراب من موكب صدام فأرتدت الرصاصة الى صدر مطلق النار وانهت حياته.

كما في العراق، كذلك في الشيشان عندما قضى القائد العسكري "خطاب" خلال إستعراض للسلاح مسجل على فيديو كاسيت ومعد ليرسل الى محطات التلفزة ليرهب الروس ويثنيهم عن التقدم في الشيشان.

وفي لبنان، حوادث السكترما كثيرة ، ويكثر الحديث هذه الأيام عن السكترما السياسية، فرصاصة الرحمة أو اللارحمة التي حاول جنرال الرابية ان يطلقها على كل ما يربط التيار الوطني الحر بتاريخه النضالي وبشهداء 13 تشرين، قد إرتدت من حائط الممانعة الأسدي في حلب لتستقر لا كما أرادها في قلوب الإمهات المعذبات الباكيات على ابنائهم المخفيين قسراً في ريف دمشق، بل إستقرت في صندوقه الإنتخابي لتخرمه وتفرغه طبعاً من كل الأصوات الإنتخابية، واول الغيث إعلانه براءة سوريا من دم الرئيس رفيق الحريري و النائب باسل فليحان ومرافقيهم و الشهداء المدنيين ضحايا الرابع عشر من شباط.

إنها رصاصة أخرى من رصاصات الجنرال "الفاشوش" الذي كلما أراد إطلاق النار على خصومه إنتهى به الحال مدمى ومضرج بالهزائم.

ذهب الى دمشق وعاد.. فعلاً مطرح ما ... "قوص" شنقوه .

 

 

اسرار الصحف الصادرة صباح اليوم الاحد في 21 كانون الاول 2008

المستقبل

أجل مجدداً حسم موضوع رئاسة مجلس مذهبي نتيجة خلاف بين مرجع نيابي وحزب فاعل حول مَنْ سيخلف نائب الرئيس بعدما يتولى الرئاسة.

عَبَرَ وزيران سابقان الحدود اللبنانية باتجاه عاصمة مجاورة لاستكشاف اللائحة الانتخابية التي سيجري ضمّها إليها.

علم ان تعيينات عديدة تتم في اطار هيكلية الدمج بين لجنة التحقيق والمحكمة الدولية وذلك بصورة بعيدة عن الأضواء.

البلد

ذكرت مصادر وزارية ان موضوع الـ ميغ 29 سيفرض نفسه من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزرا? وطاولة الحوار بعد إطلاع الوزير المر المعنيين وفقاً للتفويض الحكومي المعطى له.

تسبّب انتخاب الأعضا? 5 الـ للمجلس الدستوري في ساحة النجمة باعادة نظر في استكمال الخطوة في جلسة مجلس الوزرا? بجلستيه الأخيرتين لاعداد خطة جديدة تؤمّن أعضا? لفريق سياسي معين.

استحضر عدد من كبار الفنيين في وزارة خدماتية منتجة لدى دخولهم مكاتب تحت الأرض، فوضى التسعينات وبدايات الـ. 2000 وأشادوا بـأهمية تحويلها الى مكان شرعي لاعتراض المكالمات لخدمة الدولة ومؤسساتها".

الديار

رجحت مصادر وزارية حصول لقاء سياسي بين النائب وليد جنبلاط وقيادات حزب الله استتباعا للمساعي التي يقوم بها الوزير طلال ارسلان

النهار

جمّد مرجع بارز قراراً سبق لمجلس الوزراء أن اتخذه بانشاء سفارة لفلسطين، مبرراً موقفه أن القرار اتخذ من ناحية مبدئية ولم يكن نهائياً.

لمّح ديبلوماسي خليجي الى ان بلاده قد تتخذ اجراءات في حق لبنانيين يعملون فيها اذا استمرت الحملة الشرسة ضدها.

تعتقد اوساط ديبلوماسية ان النظر في وضع الضباط الاربعة قد يتم عند صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

 

البطريرك صفير: احكام صدرت بحق بعض الموظفين قضت باعادتهم الى وظائفهم

لكن الدولة لا تزال تتجاهلها وتدفع لهم رواتبهم وهم لا يؤدون اي عمل

وطنية- 21/12/2008(سياسة) ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي عاونه فيه المطران شكرالله حرب وامين عام مجلس الاساقفة في لبنان الخوري ريشار ابي صالح والقيم البطريركي العام الخوري جوزف البواري، وحضره سفير منظمة مالطا ذات السيادة السابق الامير ادوارد دو لوبكوفيتش، رئيس تجمع لبنان الشباب فايز حمدان، وفد نسائي من حركة التغيير، رئيس مستشفى البوار الحكومي الدكتور شربل عازار والعديد من الفاعليات السياسية والحزبية والاجتماعية. بعد الانجيل المقدس القى البطريرك صفير عظة بعنوان " لا تدخلنا في تجربة" واصل فيها شرح الفقرتين اللتين وردتا في عنوان العظة على ما ورد شرحهما في كتاب قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر "يسوع الناصرة".

وفي ما يلي نص العظة:

"ان الفكرة، التي تقول ان الله، من أجل مغفرة خطايانا، وشفاء الناس من الداخل، دفع ثمن موت ابنه، اصبحت اليوم بالنسبة الينا غريبة. وأن يكون الرب قد "حمل أوجاعنا وقاسى آلامنا"، وأن يكون قد ُطعن من أجل آثامنا، وجُرح لأجل معاصينا، وسُحق لأجل خطايانا، وأننا بشدخه ُُشفينا ، لم يعد اليوم واضحا بالنسبة الينا. وان ما يضاد ذلك،من جهة أن الشرّ الذي نلجأ اليه أصبح عاديا، فيما نستعمل في الوقت عينه، فظائع التاريخ البشري، وخاصة أحدثها، كحجة لا سبيل الى دحضها، لننكروجود الله الجوّاد، ولنجدّف على خليقته، التي هي الانسان. ويقف، من جهة ثانية، في مقابل تفهّم سرّ التكفير العظيم، فهمنُا المتعجرف الفردي للانسان. ولا يمكننا بعد أن نفهم معنى التكفير البديل، لأنه، بحسبنا، كل انسان يعيش معزولا في ذاته. وليس بمقدورنا أن نفهم بعد، تشابك كل تواجدنا العميق، وتشابكه مع وجود الوحيد، الابن المتجسّد. وعلينا أن نعود الى هذه المسائل عندما نعالج صلب المسيح.

ونكتفي الآن بملاحظة أوردها الكردينال جون نيومان الذي قال يوما: تمكّن الله بكلمة واحدة من خلق الكون كله، انطلاقا من لا شيء، ولكنه من أجل خطأ الناس وألمهم، لم يكن بمقدوره أن يتغلّب عليها باقحام نفسه فيها، فعرف الألم بذاته في ابنه الوحيد الذي حمل هذا الحمل وتغلّب عليه ببذله نفسه. والتغلّب على الذنب يقضي باستنفار القلب منا، وأكثر من ذلك، استنفار كل وجودنا، وحتى هذا الاستنفار يبقى غير كاف، ولا يمكنه أن يفعل الاّ بالمشاركة مع ذلك الذي حمل حملنا جميعا.

ان طلب المغفرة هو أكثر من دعوة أدبية، وان ما هي أيضا علاوة على ذلك. وهي، بحدّ ذاتها، تحدّ يومي يُرمى في وجهنا. ولكنها في العمق، كسائر الطلبات، صلاة خاصة بالمسيح. وهي تذكّرنا بذاك الذي، بالمغفرة، دفع ثمن انحداره الى شقاء الوجود البشري، والموت على الصليب. وتذكّرنا بأن نكون مقرّين بالجميل لذلك، وبأن نمتصّ معه الشرّ بالمحبة، وبأن نحرقه بنار العذاب. واذا كان لنا أن نعرف، يوما بعد يوم، الى أي حدّ قوانا غير كافية، وكم مرّة نحن نصبح مديونين ؟ اذذاك هذه الصلاة تنعشنا انعاشا كبيرا بان نعرف أن محبته قد تبنّت صلاتنا، وبه ومعه، بامكانها على الرغم من كل شيء، أن تصبح قوّة شفاء.

ولا تدخلنا في التجربة

ان صياغة هذا الطلب تبدو نابية في نظر كثير من الناس. ان الله لا يدخلنا في تجربة . ان القديس يعقوب يقول لنا في الواقع:" اذا جُرّب أحد فلا يقل:" ان الله جرّبني. ان الله لا يمكن أن يجرّب البشر وهو لا يجرّب أحدا".

ويمكننا أن نخطو خطوة جديدة اذا تذكّرنا كلام الانجيل:" حينئذ قاد الروح يسوع الى الصحراء ليجرّبه الشيطان" . التجربة تأتي من الشيطان، ولكن رسالة يسوع المسيحانية تقضي بأن يتغلّب على التجارب الكبرى التي قادت وتقود أيضا البشرية بعيدا عن الله. وعليه هو، على ما رأينا، أن يختبر بذاته هذه التجارب حتى الموت على الصليب، ويفتح لنا هكذا طريق الخلاص. وليس فقط بعد الموت، ولكن في الموت، وطوال الحياة ، كان عليه أن يهبط نوعا ما الى الجحيم، الى مكان تجاربنا واندحاراتنا، ليأخذ بيدنا ويرفعنا الى علُ. ان الرسالة الى العبرانيين، شدّدت بنوع خاص، على هذا المظهر، فرأت فيه مرحلة جوهرية من طريق يسوع: " وبعد أن تألّم، فهو قادر على اغاثة المبتلين" . " وفي الواقع، ليس لنا عظيم أحبار غير قادر أن يعطف على ضعفنا، بل من قد جُرّب في كلّ شيء مثلنا، ما عدا الخطيئة" وان نظرة الى كتاب أيوب، حيث يرتسم عدّة مرات سرّ يسوع، بامكانها أن تساعدنا على أن نرى بوضوح. ان الشيطان يهزأ بالناس ليهزأ بالله. والخليقة التي صنعها الله على مثاله انما هي حليقة تاعسة. وكل ما يبدو فيها من حسن ليس الا مظهرا. في الواقع ان الانسان أي كلا منّا، لا يهتمّ دائما الاّ براحته. هذه هي وصفة الشيطان الذي أشار اليه سفر الرؤيا على أنه "يشكو اخوتنا" وهو الذي" يشكوهم ليل نهار أمام الله " .وشتمُ الانسان والخليقة يعني في النهاية شتمَ الله وتبرير رفضنا اياه.

ان الشيطان استخدم أيوب ليبرهن عن قضيته:" اذا أخذنا منه كل شئ، فهو سيترك بسهولـة تقواه ، هكذا، ترك الله الشيطان حرّا في القيام بهذا الاختبار، ولكنه، على وجه التأكيد، في حدود محدّدة. ولا يترك الله الانسان يقع ، لكنه يسمح بان يقع في تجربة. و يظهر هنا، بكل تحفظ وضمناً، سرّ التكفير بالنيابة الذي يأخذ كل مداه في آشعيا الفصل 53. ان آلام أيوب تخدم تبرير الانسان، وعبر ايمانه الذي اختبرته الآلام أعاد ما للانسان من كرامة. وهكذا، ان آلام أيوب هي مسبقا في مشاركة مع آلام المسيح الذي أعاد لنا كرامتنا أمام الله ، والذي يظهر لنا الطريق أمام الله في الظلمة الكالحة لكيلا نفقد الايمان بالله.

بامكان سفر أيوب أن يساعدنا على التمييز بين الوضع في المحنة والتجربة، ولكي ينضج الانسان، وينتقل شيئا فشيئا من تقوى سطحية الى اتحاد عميق بارادة الله ، فهو يحتاج الى أن يمرّ بتجربة. فهو كعصير العنب،عليه أن يختمر ليصبح خمرا جيّدة، وهو في حاجة الى تطهير وتحويل خطيرين بالنسبة اليه، وحيث بامكانه أن يسقط ، ولكنها طرق لا بدّ منها لكي يجد الانسان نفسه، ويجد الله. المحبة هي دائما عملية تطهير، ونكران ذات، وتحويل مؤلم لذواتنا، وهكذا نجد طريق النضج. لذا أمكن فرنسيس كسفاريوس ان يقول في الصلاة الى الله: أحّبك، ليس لأنك تعطيني الفردوس أو الجحيم، بل ببساطة لأنك أنت من أنت ملكي والهي". وكان يجب أن تكون هناك طريق داخلية للوصول الى هذه الحرية - طريق نضج حيث التجربة وخطر السقوط يتربّصان- ولكنها طريق لا بدّ منها.

اذذاك يمكننا أن نفسّر الطلب السادس من الأبانا بطريقة أكثر واقعية.وبها نقول لله: " أعرف أني في حاجة الى تجارب لكي تتنقى طبيعتي. واذا قرّرت أن تخضعني لهذه التجارب ، واذا - كما لأيوب- تركت مساحة قليلة للشرّ، اذذاك، أتوسّل اليك ، لا تنس أن قوتي محدودة. لا تظنّ أني أقوى على الكثير.لا ترسم الحدود واسعة كثيرة التي يمكنني فيها أن أُجرّب، وكن قريبا مني بيدك الحامية، عندما تقسو عليّ التجربة" وبهذا المعنى ، فسّر القديس قبريانوس الطلب،فقال:" عندما نطلب" لا دخلنا في تجربة " نعبّر عن وعينا أن " العدو لا يمكنه أن يقوى علينا ، اذا كان الله لم يسمح له بذلك. وهكذا يجب أن نضع يبن أيدي الله مخاوفنا، وآمالنا، وقراراتنا ،لأن الشيطان لا يمكنه أن يجرّبنا الا ّ بقدر ما يسمح الله له بالقدرة على ذلك .

ولدى أخذنا قياس الصيغة النفسية للتجربة، فهو يتوسّع في سببين مختلفين يمنح الله من أجلهما قوة محدودة للشرّ. أولا لكي يعاقبنا على أخطائنا، ويحدّ من كبريائنا، لكي نعيد اكتشاف فقر ايماننا، ورجائنا، ومحبتنا، ولكي نمتنع عن التصوّر أنه بمقدورنا أن نكون كبارا بوسائلنا. لنفكّر بالفريسي الذي كان يكلّم الله عن أعماله، وكان يظنّ أنه بغنى عن نعمته تعالى. لسؤ الطالع ان قبريانوس لا يتوسّع كثيرا في ما تعبّر عنه صيغة الامتحان التي فرضها الله علينا لمجده. ولكن أفليس علينا أن نعتبر هنا أن الله فرض حملا ثقيلا من التجارب على الأشخاص الذين هم أقرب اليه، وكبار القديسين، ابتداء من أنطونيوس في الصحرا حتى تريزيا في ليزيو في عالم ديرها الكرملي التقي ؟ فهم يقتدون نوعا ما بأيوب، كدفاع عن الانسان الذي هو في الوقت عينه دفاع عن الله. أكثر من ذلك، فهم باقون، بصورة خاصة، على اتصال بيسوع الذي عاش تجاربنا في الألم. وهم مدعوون الى التغلّب، اذا جاز التعبير، في أجسادهم، وفي نفوسهم، على تجارب العصر، وعلى حملها من أجلنا، نحن الناس العاديين، الى النهاية، ومساعدتنا على الذهاب الى الذي أخذ على عاتقه حملنا جميعا. عندما نتلو الطلب السادس من الأبانا، يجب أن نظهر أننا مستعدّون على أن نأخذ على عاتقنا ثقل المحنة التي هي على قياس قوانا. ومن جهة ثانية، نسأل الله ألاّ يفرض علينا ما ليس لنا به طاقة، وألا يفلتنا من يديه. نعبّر عن هذا المطلب، ونحن واثقون ثقة بولس الرسول الذي يقول لنا: " أمين هو الله : فلن يسمح بأن تجرّبوا فوق ما تطيقون، بل يجعل مع التجربة مخرجا ، لتستطيعوا أن تحتملوها" .

أيها الأخوة والأبناء الأعزاء،

ان شرح الفقرتين من الأبانا اللتين أشرنا اليهما، أي لاتدخلنا في تجربة، بل نجنّا من الشرير، هما غنيّتان بالمعاني الأصيلة، شرط أن فكّر في ما نقول، وما نطلب من الله أن يحقّقه لنا. واذا كا ن هذا يصحّ في مخاطبة الله، فهو يصحّ بالأحرى في مخاطبة الناس. وقد جاءنا بالأمس بعض من الموظّفين الذين أصدرت المحاكم أحكاما لمصلحتهم قضت باعادتهم الى وظائفهم، ولكن الدولة لا تزال تتجاهل هذه الأحكام كأنها لم تصدر، فيما هي تدفع لهم رواتبهم، وهم لا يؤدّون أي عمل. وهذا مجحف بحق الدولة وبحق من صدرت الأحكام لمصلحتهم، ويصم الدولة وصمة هي بغنى عنها. فعسى أن يسمع من يعنيهم الأمر ويبادروا الى تصحيح الخطأ".

 

فوز 14 آذار بانتخابات جامعة اللويزة- الشوف

وطنية- دير القمر 21/12/2008(متفرقات) جرت في جامعة سيدة اللويزة- فرع الشوف في دير القمر انتخابات الهيئة الطلابية وفازت اللائحة المدعومة من منظمة الشباب التقدمي، والقوات اللبنانية، وتيار المستقبل بكامل مقاعدها، وضمت: كامل تقي الدين، ايلي عيد، حسين قيس، محمد نجم الدين، سماح الحسنية، مكرم حمادة، باسل ابو نصر الدين.

 

الوزير المر عاد من موسكو عن طريق جنيف

وطنية - 21/12/2008 (سياسة) عاد وزير الدفاع الوطني المحامي الياس المر، من موسكو، عن طريق جنيف، على متن طائرة خاصة، مختتما بذلك زيارة رسمية لروسيا على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، أثمرت عن مساعدة روسية للجيش أبرزها الإعلان عن هبة طائرات ال"ميغ 29" العشرة.

 

قوى 14 آذار طالبت مجلس الامن بالتحرك السريع لوضع حد للخروقات التي يتعرض لها القرار 1701

وطنية- 21/12/2008(سياسة) دانت قوى 14 آذار في بيان صادر عن الأمانة العامة لقوى 14 آذار "إختطاف المواطنين طراف طراف وحسن طراف في منطقة بليدا قضاء مرجعيون من قبل القوات الاسرائيلية"، واكدت "أن هذا التصرف الخطير يشكل خرقاً للقرار الدولي 1701 وانتهاكاً لسيادة لبنان الوطنية".

وطالبت مجلس الأمن الدولي "بالتحرك السريع لوضع حد للخروقات التي يتعرّض لها القرار 1701". كما طالبت "طاولة الحوار برئاسة فخامة الرئيس ميشال سليمان، الإسراع في إقرار استراتيحية دفاعية مرتَكِزَة على القرار 1701 الذي يشكل الضمانة الوحيدة لحماية لبنان من كل المخاطر". وشددت قوى 14 آذار "على إتخاد الاجراءات الكفيلة لضبط الحدود مع سوريا وإنهاء ملف المعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات".

 

النائب عدوان: نعيش في حفلة تدمير منهجي لمفهوم الدولة

أنا مرشح "القوات" في الشوف دون تحييد ترشيح دوري شمعون

وطنية- 21/12/2008 (سياسة) اعتبر نائب رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان في حديث إلى إذاعة "صوت لبنان" "اننا نعيش في حفلة تدمير منهجي لمفهوم الدولة"، نافيا وجود "أداء حكومي فعال وخصوصا في ظل أداء أفرقاء يمارسون ما يناسب مصالحهم بعيدا عن أهداف الحكومة ولبنان".

وأشار إلى ان "انتخابات أعضاء المجلس الدستوري تمت في اجواء شفافة وديموقراطية والاكثرية مارست دورها الذي حاول البعض تعطيله وبالتالي تعطيل الانتخابات". ونفى وجود "أي اتفاق مسبق لاختيار الاعضاء بين الموالاة والمعارضة على الرغم من تلقي القيادات الموالية بعض العروض التي لم تدخل حيز التنفيذ، والتوافق المزعوم يهدف الى الخضوع لمشيئة المعارضة"، وأشار الى ان "الانتخابات ستجرى في مواعديها مع التسليم من جميع الافرقاء بالنتائج النهائية تفاديا للتشنج على الساحة اللبنانية".

ورأى أن "الاعلان النهائي للائحة الموحدة للموالاة سيتم بالتوازي مع برنامجها الانتخابي في موعد أقصاه اواخر كانون الثاني من السنة المقبلة"، وأكد انه سيكون مرشح "القوات" في منطقة الشوف دون تحييد ترشيح دوري شمعون عن المنطقة نفسها في ظل وجود ثلاثة مقاعد مارونية". وأمل النائب عدوان ان "تكون الاستراتيجية الدفاعية عملا لتعزيز الاستقرار على الساحة مع امكانية الاستفادة من قدرات المقاومة لتفعيل الدور الدفاعي للبنان"، منوها "بطروحات رئيس الهيئة التنفيذية في هذا الخصوص". وأوضح ان "على الجميع تسليم السلاح الى الدولة، وأي خيار خارج هذا الاطار لن تكتب له الحياة".

 

النائب علوش خلال ندوة للقطاع التمريضي في "تيار المستقبل" في عكار:

الرد على ما جرى في أيار 2008 سيكون في صناديق الاقتراع في أيار 2009

وطنية - 21/12/2008 (سياسة) اقام القطاع التمريضي لتيار المستقبل في عكار لقاء مع عضو كتلة المستقبل النيابية النائب مصطفى علوش في قاعة مطعم "اليلدزلار" في منطقة الكواشرة عكار، بحضور المنسق العام لتيار المستقبل في عكار المهندس حسين المصري والياس عبود ممثلا النائب رياض رحال وانطوان سعد ممثلا النائب هادي حبيش ومنسق القطاعات التمريضية في لبنان حسين مكية ومنسق النقابات الحرة في عكار المحامي خالد طه ومسؤولي دوائر القيطع الجرد والدريب في تيار المستقبل محمد خضرين وعلي يحيى ورئيس مجلس ادارة مستشفى عكار الحكومي الدكتور سعد خوري ورئيس تجمع أطباء عكار الدكتور حسين مرعي وحشد من الاطباء والممرضين.

بعد تلاوة الفاتحة لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الابرار والنشيد الوطني، القت مسؤولة قطاع التمريض في عكار انصاف الاسعد كلمة أكدت فيها الوفاء لراعي الانماء والاعمار في لبنان النائب سعد الحريري.

ثم تحدث منسق القطاعات التمريضية في لبنان حسين مكية الذي أكد "ان محافظة عكار المناضلة قدمت خيرة شبابها للدفاع عن ارض الوطن، والتي كانت في الصفوف الامامية للدفاع عن قوى الاستقلال، والمؤمنة بصوابية وتوجهات تيار المستقبل وحلفائه في قوى 14 آذار والملتزمة بخط الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومبايعتها لحامل الامانة وقائد المسيرة النائب سعد رفيق الحريري، هكذا كانت وستبقى ".

ثم تحدث المنسق العام لتيار المستقبل في عكار المهندس حسين المصري الذي حيا جماهير تيار المستقبل في عكار وقال:" الرد على 7آيار 2008 سيكون في آيار 2009، حيث تكون الانتخابات المفصلية لحماية الدولة والجمهورية، ويجب هنا ان نميز ما بين من يريد الدولة وبين من يريد ان يغتصب الدولة بالدويلة".

اضاف المصري:" نعم انه زمن الخيارات وهذا ما سنشهده في ال 2009 مع بداية انشاء المحكمة وبداية الادعاء وبداية نشر الاسماء ونشر حقد هؤلاء المجرمين الذين اغتالوا رمز الاعتدال والوطنية الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لا يزال ينبض فينا، والذي حرم من زيارة عكار، لكننا نحن نحج اليه ولا مشكلة لدينا، فها هو رئيسنا النائب سعد الحريري يكمل المسيرة في البناء والاعمار، والتي تشهده عكار اليوم من انماء وتنمية لم تعرفه من قبل، فها هي المدارس والجامعات الملائمة للبيئة العكارية اضافة الى مشاريع تنموية تضع المنطقة على خارطة الانماء المتوازن ".

ختاما، تحدث النائب علوش عن دور الممرضة الانساني والاجتماعي وقال:" عكار التي عانت من الوجود السوري والتي كانت اول من انتفضت على الطغيان عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واليوم نرى من كان دائما يوجه الاتهامات المتتالية للنظام السوري ذهب بالامس لتقديم الطاعة وغيره من الذين قالوا شكرا سوريا والذين لا يزالون يراهنون على عودة الفتنة والشر والفساد، وما جرى في آيار الفائت من اعمال بلطجية في العاصمة بيروت وعلى مساحة الوطن سيكون الرد عليها في صناديق الاقتراع في آيار ال2009 ".

وختم النائب علوش:" ان الاموات والشهداء لا يظهرون ولكنهم لا ينسون، لا يمكن احد منا ان ينسى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فبانتظار الحقيقة وانتظار العدالة قريبا ان شاء الله". وختاما، تمت مداخلات واقيم حفل كوكتيل عل شرف المدعوين.

 

"يديعوت": ضغوط أوروبية للقاء بين أولمرت والأسد

المستقبل/ذكرت مصادر إسرائيلية أن الأيام القريبة قد تحمّل تحولا جديًا في مسار المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، حيث تقوم جهات أوروبية بالضغط من أجل عقد لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، وتحويل المفاوضات بين الطرفين إلى مفاوضات مباشرة.

وذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني امس أن الضغط الأوروبي يتركّز في إقناع الرئيس السوري أن يعلن استعداده للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وتؤكّد أنه في حال اقتناع السوريين أن إسرائيل مستعدة لانسحاب كامل من الجولان المحتل يمكن للأسد أن يعلن استعداده للقاء قبل دخول الرئيس الأميركي براك أوباما للبيت الأبيض. ومن المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بزيارة تركيا غدا. وذكرت الصحيفة أن هذه الزيارة تأتي كنتيجة لتقدّم في المفاوضات غير المباشرة، مرجحة أن يكون هذا التقدم معتمدًا على جاهزية السوريين للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل حول استعادة الجولان بالإضافة إلى استعدادهم إلى "تأجير" إسرائيل مناطق معينة منه ضمن اتفاقية السلام.

  

تقرير المشروع التجريبي للحدود الشمالية

لم يتم ضبط أي عملية لتهريب السلاح والمطلوب 4 آلاف عنصر أو قوة خاصة

كتبت هدى شديد: علمت "النهار" من مصادر وزارية ان تقرير الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع حول المشروع التجريبي للحدود الشمالية يورد قصة انشاء هذا المشروع عملا بالفقرة 14 من قرار مجلس الامن 1701 وتوقيع اتفاق ثنائي بين الحكومتين اللبنانية والالمانية وبدء فريق استشاري متخصص وضع الدراسات لمساعدة الاجهزة اللبنانية على صوغ استراتيجية وطنية لضبط الحدود. واقترح الفريق الالماني وضع مشروع تجريبي لمراقبة الحدود الشمالية وضبطها تشارك فيه كل الاجهزة الامنية من جيش وقوى امن داخلي وأمن عام وجمارك، وتعميمه على الحدود البرية بكاملها في حال نجاحه والوصول الى النتائج المتوخاة منه.

وطلب الجانب الالماني من كل الاجهزة تحديد حاجاتها من التجهيزات الاساسية والفردية، ووضعت هذه الاجهزة لوائح بحاجاتها، وقدم الجيش اللبناني تصوره حول مراقبة الحدود وضبطها والذي على اثره تم انشاء القوة المشتركة وتحديد مهمتها بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 28/7/2007.

واعتباراً من شهر تموز 2007 بدأت ورشة التحضير العملي وتأمين الاعتدة والتجهيزات للمشروع، وقدمت المانيا معظم المعدات البوليسية، فيما قدمت دول مانحة اخرى هي الدانمارك وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية وكندا والاتحاد الاوروبي مساهمات قدر مجموعها حتى الآن بـ13,931 مليون اورو.

ومن بداية 2008 باشر الفريق الالماني، بالاشتراك مع اللجنة اللبنانية المختصة، عمليات التقييم والاشراف المباشر على سير العمل.

واعتباراً من اوائل شهر آذار 2008 سارت اعمال القوة المشتركة بطريقة فاعلة وتعاون كبير بين مختلف الاجهزة.

واللافت في هذا السياق ما ذكر من انه لم يتم ضبط اي عملية لتهريب السلاح والذخيرة ومشتقاتها، واقتصرت عمليات الضبط على منع تهريب الاشخاص والمواد الممنوعة مثل المازوت واللحوم وسواها، وخاصة تلك التي يقوم بها كبار المهربين.

ووفق التقرير فان الفريق الألماني وضع تقريراً حول تقييم المشروع التجريبي اعتبر فيه ان لبنان قادر على ضبط حدوده وفقاً للاستراتيجية الاوروبية للادارة المتكاملة للحدود، وأوصى بابقاء القوة المشتركة لمراقبة الحدود الشمالية وضبطها، وان تساهم كذلك في مسؤولية ضبط الحدود البحرية. كما اقترح على الجانب اللبناني، في المرحلة المستقبلية، تحديد الاستراتيجية اللبنانية في مجال مستقبل ضبط الحدود وفق احد الاقتراحات التالية:

- انشاء قوة خاصة او جهاز مستقل لضبط الحدود البرية والبحرية والجوية مع ما يتطلبه ذلك من تشريعات.

- تطبيق الانموذج المطبّق على القوة المشتركة لمراقبة الحدود الشمالية وضبطها مع تقدير الحاجة الى نحو 4000 عنصر.

- تحديد آلية العمل مع الشركاء الدوليين في المرحلة اللاحقة.

تصور عملي للتعاون

وبنتيجة اجتماع مجلس الأمن الداخلي المركزي في 17/9/2008 تم تقسيم التصور العملي لمجالات التعاون. ومما جاء في اقتراحاته الفورية:

- البدء بتأمين الاتصالات المباشرة والزيارات المتبادلة على مستوى الوزراء وقادة الاجهزة الامنية ونظرائهم السوريين لبلورة آفاق التعاون لضبط الحدود بين البلدين.

- استكمال المشروع التجريبي لضبط الحدود الشمالية، كون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي معنيين بالوضع في لبنان ويتابعان عن كثب هذا المشروع ولاسيما ان المساعدات اللاحقة سترتبط بمدى التزام الدولة اللبنانية إنجاحه.

ويشير التقرير الى ان آخر الاجتماعات التي عقدت لهذه الغاية كان برئاسة رئيس مجلس الوزراء في 13/10/2008 وتم الاجماع خلاله على:

- اظهار كل الجدية في التعامل ومسألة ضبط الحدود.

- تحسين اداء القوة المشتركة لضبط الحدود وعرض الصعوبات التي ظهرت وايجاد الحلول لها.

- وضع تصور لضبط جزء من الحدود الشرقية المتصل بالحدود الشمالية باعتماد انموذج القوة المشتركة.

- انشاء جهاز او قوة مستقلة تناط بها حراسة الحدود وضبطها في المستقبل.

- ضرورة وجود لجنة او هيئة سياسية تضم الوزراء المعنيين تعنى بمسائل الحدود وتقود هذه العملية بمساعدة فريق عسكري يضم قادة الأجهزة العسكرية الاربعة.

ويورد التقرير آراء وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية والبلديات في شان التقرير والذي تبين الآتي:

اولاً - ان وزارة الدفاع اقترحت الموافقة على وجود الهيئة السياسية التي تعنى بوضع الاستراتيجية والتطور المستقبلي لضبط الحدود وتضم قادة الأجهزة الامنية المعنية، وكذلك انشاء جهاز مستقل تناط به حراسة الحدود وضبطها بين تقييم عمل المشروع التجريبي للحدود الشمالية والاستفادة من العبر والدروس المستقاة منه لإجراء التعديلات اللازمة التي تتلاءم ومتطلبات واقع الحدود الاخرى.

ثانياً- ان وزارة الداخلية أحالت رأي كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام. فالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أكدت الموافقة على مضمون تقرير الأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع ومرفقاته حول المشروع والموافقة على بت موضوع التزام ضبط الحدود ومراقبتها من قبل مجلس الوزراء، كما وافقت على تشكيل هيئة حكومية عليا مؤلفة من وزراء تعنى وزاراتهم بشؤون الحدود وتتولى مهمة توجيه الوحدات المكلفة بالتنفيذ والاتصال بالدول المانحة ووضع الاستراتيجية العامة لمراقبة الحدود، على أن تلحق بها لجنة عسكرية مؤلفة من قادة الأجهزة الامنية والعسكرية المعنية. وأكدت ايضاً تعزيز عمل القوى المشتركة لضبط الحدود ومراقبتها بغية الوصول الى اداء معياري أفضل في مجال ضبط الحدود ومراقبتها. أما رأي المديرية العامة للأمن العام الذي احالته وزارة الداخلية، فأفاد انها في موازاة موافقتها على التوصيات الواردة في تقرير الجانب الالماني تدعو الى الأولويتين التاليتين:

- تطوير عمل المعابر الحدودية الشرعية وادائها بشكل اساسي.

- معالجة ضبط الحدود الجغرافية الشرقية من خلال التنسيق مع الجانب السوري.

 

وزير "مستقل" يؤكد استناداً الى معلوماته أن منع قيام "محكمة الطعون" مؤشر قوي الى نية نسف الانتخابات

قراءة في انتخابات المجلس الدستوري وتداعياتها.. الفضائحية

فارس خشّان

المستقبل - الاثنين 22 كانون الأول 2008 - أعطت ردة الفعل السلبية التي أبدتها الأقلية النيابية حيال انتخاب مجلس النواب خمسة من نخبة رجال القانون في لبنان لعضوية المجلس الدستوري، مؤشرا إلى أن قوى تحالف غزوة السابع من أيار،لن تقبل بأي شكل من الأشكال، الإعتراف بنتائج أي استحقاق إنتخابي، إذا لم يأت، وفق طموحاتها. وكان لافتا للإنتباه أن هذه القوى مستعدة لفعل أي شيء من أجل تعطيل نتائج أي استحقاق ديموقراطي، فهي من جهة لم "تخجل"من محتوى الهجوم الذي شنّه العماد ميشال عون على هذه الإنتخابات، كما أنها من جهة أخرى لم تتردد في إشهار سيف تعطيل النتائج، مستندة إلى الثلث المعطل للحكومة، الذي حصلت عليه بموجب تفاهم الدوحة. ووفق وزير يصف نفسه بالمستقل، وتربطه صلات معلوماتية بفريق الأقلية، فإنّ ما يُحكى عن إمكان نسف الإنتخابات النيابية المقبلة يُصبح جديا للغاية، إذا نجح تحالف السابع من أيار، في منع قيام مجلس دستوري.

وفي اعتقاد هذا الوزير، فإنّ أيّ فريق سياسي يعد نفسه لخوض الإنتخابات النيابية ويرفع عاليا شعارات النزاهة والتغيير والإصلاح والعدالة والإستقرار والمقاومة والديموقراطية، يستحيل أن يقف ضد هذه النخبة التي انتخبها المجلس النيابي للمجلس الدستوري، لأنه بذلك يكون في وضعية من يتعمّد كشف نفسه أمام قواعده الشعبية من خلال فضح حقيقته أمام النخب التي تعرف.

ومن يدقق بمواقف قوى الأقلية من انتخاب أعضاء المجلس الدستوري الخمسة، فيرى أنها ساقطة مؤسساتيا، لأن من حق الأكثرية أن تمارس أكثريتها، في المجلس النيابي، عندما تُسندها مجموعة عوامل حاسمة، على المستويين الدستوري والوطني.

وبهذا المعنى، فإن الأكثرية النيابية عندما ناصرت الشخصيات القانونية التي انتخبتها، لم تمارس أي حال من الإستقواء، الأمر الذي تجسّد بانتخاب القاضي أحمد تقي الدين، وهو قد حصل على موافقة الرئيس نبيه بري مسبقا، ولقي هوىً لدى قوى الأكثرية، نظرا للثمن الذي دفعه، يوم حاول أن يقف ضد تحويل القضاء مع بداية عهد الرئيس السابق أميل لحود إلى أداة انتقام سياسية، بهدف إلغاء موقع الرئيس رفيق الحريري في المعادلة السياسية اللبنانية، قبل حلول موعد الإنتخابات النيابية، في العام 2000.

كما أنها بوقوفها إلى جانب هذه النخبة، إنما أعطت البلاد شخصيات لم يُرشحها هواها السياسي، ولا خدماتها "غير القانونية "،ولا صلات النسب، ولا الملفات الموبوءة بالنقاط السوداء، إنما مناصرتها للعدل وثبات استقلاليتها وسعة علمها ويقظة وجدانها وعمق ثقافتها وفرض احترامها في بيئاتها الإجتماعية والمهنية، الأمر الذي يعرفه جميع رجال القانون والعلم والإعلام في لبنان، متى تمّ التطرق إلى أسماء البروفسور أنطوان مسرّة والمحامي زغلول عطية والقاضيين طارق زيادة وأنطوان خير.

ووفق حقوقي لبناني كبير، فإن قوى الرابع عشر من آذار، عندما مارست أكثريتها النيابية، أظهرت للملأ، أن رفعها لشعار إقامة الدولة في لبنان، ليس من قبيل ذر الرماد في العيون، بل هو تعبير صارخ عن حقيقة السرائر، لأن من يسعى إلى تشكيل مجلس دستوري صالح للإستخدام السياسي يستحيل أن يأتي بهذه النوعية من الشخصيات.

ويقول هذا الحقوقي الكبير، وهو ليس ناشطا في أي من مكونات قوى الرابع عشر من آذار، إن قوى الأقلية النيابية أظهرت ما تبيّته من نيات سلبية تجاه الديموقراطية اللبنانية عندما ناصرت من ناصرت على حساب الشخصيات الحقوقية التي تمّ انتخابها، وهي التي سبق لها وانتخبت في العام 2004 من انتخبت، وهي التي سعت جاهدة إلى تكريس وظيفة الهيئة السابقة، على الرغم من الموبقات القانونية والدستورية التي ارتكبتها في سياق نظرها في عدد من الطعون النيابية والمراجعات القانونية.

وقال هذا المحامي المعروف جدا في لبنان إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالموقف الإيجابي الذي اتخذه من انتخاب الأعضاء الخمسة، بعد نسب مشاعر امتعاض له، أثبت أنه يوائم مواقفه مع حقيقته، فهو ديموقراطي حقيقي يطلب من الجميع الرضوخ لنتائج أي عمل إنتخابي سليم، وهو مؤسساتي عريق، يحترم ما تُسفر عنه القوانين التي وقعها (القانون الذي على أساسه تمّ انتخاب أعضاء المجلس الدستوري وقعه الرئيس سليمان بعدما صدرت تعديلاته، في جلسة تشريعية تلت مؤتمر الحوار الوطني في الدوحة).

ويشير هذا الحقوقي اللبناني الكبير إلى أن مسؤولية كبرى تقع على عاتق الرئيس سليمان، لإتمام عملية تشكيل المجلس الدستوري، في إطار تثبيت وقوفه ضد كل محاولة من المحاولات الرامية إلى نسف الإنتخابات النيابية.

وهو يقترح في هذا السياق، أن يعلو رئيس الجمهورية فوق الشلل الذي ستحاول الأقلية النيابية فرضه لمنع إكمال تشكيل المجلس الدستوري، بتقديم اقتراح يتضمن أسماء خمسة شخصيات حقوقية (أي الحصة التي يتوجب على مجلس الوزراء تعيينها) مشهود لها بالكفاءة ونظافة اليد وشجاعة الرأي واستقلالية القرار، وطرحها على الرأي العام قبل طرحها على مجلس الوزراء، لتبنيها، الأمر الذي من شأنه أن يتهدد الطرف المعرقل بفضيحة حقيقية توضع بكل تفاصيلها أمام اللبنانيين.

 

الحراك في الشارع الشيعي: مؤشر عافية وحركة تغيير آتية

فادي شامية

المستقبل - الاثنين 22 كانون الأول 2008 -

لدراسة واقع الشارع الشيعي في لبنان أهمية تزيد عن كونها دراسة لواقع أحد أهم الطوائف اللبنانية عدداً ودوراً، إذ من المعلوم أن الشيعة في لبنان يقفون في قلب خطوط تقاطع المصالح الإقليمية في مواجهة "المشروع الأميركي في المنطقة"، وأنهم بقيادة الثنائي "حزب الله" ـ حركة "أمل" رأس حربة في منظومة الدفاع السوري ـ الإيراني، فضلاً عن كونهم كانوا العمود الفقري للعمل المقاوم الذي أدى إلى التحرير في العام 2000، ومواجهة عدوان تموز العام 2006.

واقع الشارع الشيعي اليوم

على الرغم من القوة السياسية والعسكرية التي يبدو فيها الشيعة في لبنان اليوم، إلا أن الشارع الشيعي يعيش حالاً من "التخويف المصطنع"، من الاستهداف الداخلي والخارجي، تُعزّز حال الاستنفار الطائفي، لا سيما بعد خروج الجيش السوري (2005) وعدوان تموز (2006)، ما يمنع النقاش الموضوعي حول خيارات الشيعة الاستراتيجية، ويسهل انتشار الخطاب الشعبوي الذي يمارسه "حزب الله" وحركة "أمل".

"حزب الله" يحتل اليوم الأولوية التمثيلية لدى الشيعة كما هو معلوم، مستفيداً من منظومة عوامل تفضيلية، أهمها:

ـ امتلاكه السلاح تحت عنوان الدفاع عن لبنان، وضمناً عن الشيعة.

ـ الإمكانات المادية والخدمية والمؤسسية الهائلة ـ

ـ البنية التنظيمية القوية والشابة

ـ الخطاب الديني، والمرجعية الشرعية اللتان تشبعان الحاجة إلى التقليد الديني لدى الشيعة ـ

وتفتقد حركة "أمل" أكثر هذه العوامل، أو تمتلكها بنسبة أقل، وقد كانت الى الأمس القريب صاحبة القدرة الأعلى على تأمين الخدمات أو المنافع التي تتأتى من طريق الدولة وإداراتها، لكن "حزب الله" بات ينافسها حتى في هذا المجال.

التوافق الظاهر بين الحركة والحزب لا يمنع وجود تباين كبير وغير ظاهر في الرؤى بينهما، ويُسجل باستمرار حالات من الصراع المباشر في العديد من القرى والبلدات الجنوبية بين أنصار الفريقين تصل إلى حدود الاشتباكات المسلحة وتؤدي الى سقوط جرحى، كما حدث اخيراً في بلدتي الصرفند ومعركة وغيرهما، غير أن الواقع الذي يعيشه الشارع الشيعي، والخوف على القاعدة الانتخابية، وسياسة المزايدة المذهبية، تطمس على الكثير من نقاط التباين حول دور الشيعة وخياراتهم. ويبدو "حزب الله" حريصاً جداً على تمتين "الوحدة الشيعية"، بما أن قيادتها معقودة إليه، وأنه هو المستفيد الأول من هذا الواقع، لا سيما في أوساط الشباب، ولعل القول الشائع في الشارع الشيعي بأن كل من هو دون الأربعين سنة ينتمي حكماً إلى "حزب الله" خير دليل على ذلك. وبطبيعة الحال فإن "حزب الله" في معرض إخماد أية اعتراضات على الخيارات الصعبة التي ينتهجها "يدفع" لحركة "أمل" من حسابه الانتخابي بما يفوق قوة الحركة التمثيلية. وفي المقابل فهو يبدي تشدداً مع الحركات والتيارات والشخصيات المعترضة في الوسط الشيعي، وأسلوب التعامل معها يبدأ من الترغيب ويصل إلى حدود الترهيب، ما يضطر الكثير من هذه القوى إلى خفض صوتها، بينما يتجه بعضها الآخر إلى التركيز على الجانب الإنمائي حصراً، تجنباً لانتقاد سياسات "حزب الله".

الحراك الشيعي

بالرغم من هذا الواقع الصعب فإن الشارع الشيعي يشهد حالات متزايدة من الاعتراض على واقعه، وعلى الخيارات السياسية للشيعة في عهد الاستقلال الثاني، ولعل حضور قرابة خمسة آلاف شخصية شيعية في أيلول الماضي حفل إطلاق حركة "الخيار اللبناني"، مؤشر كبير على رغبة شريحة ليست بالقليلة من الشيعة في التغيير نحو "منطق الدولة، التي تنفذ اتفاق الطائف وتصون السلم الأهلي، وتحمي المقاومة من دون التفريط بسيادتها" كما جاء في البيان الصادر عن اللقاء.

وإلى جانب هذه التظاهرة الاعتراضية ثمة العديد من التيارات والشخصيات التي باتت تمتلك حيثية تمثيلية في الأوساط الشيعية، وهي تعبر عن نفسها بصورة تجمعات ولقاءات وجبهات وتيارات ومواقع، ولعل من أبرزها "لقاء علماء لبنان" برئاسة الشيخ عباس الجوهري، وهي حالة دينية كانت جزءاً من "حزب الله"، وانفصل بعضها عنه بعد أحداث عين بورضاي في كانون الثاني 1998، وبعضها الآخر بعد حرب تموز 2006. وفي الخط نفسه "المجلس الإسلامي العربي" برئاسة العلاّمة محمد علي الحسيني، الأمين العام لجمعية بني هاشم، والأخير له مواقف حادة من "حزب الله" وقد أعلن عن رغبة في الدعم الانتخابي لشخصيات شيعية تخالف الحزب في سياسته. إضافة إلى "التيار الشيعي الحر" برئاسة الشيخ محمد الحاج حسن، وشخصيات دينية كمفتي صور المخلوع العلامة السيد علي الأمين، والقاضي الجعفري في صيدا السيد محمد حسن الأمين، والأمين العام السابق لـ"حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي، بمستوى اعتراض أقل حدة، إمام النبطية الشيخ عبد الحسين صادق.

وإلى جانب هذه التحركات ذات الطبيعة الدينية ثمة العديد من الأطر المدنية، لعل أبرزها "حركة الانتماء اللبناني"، الذي تأسس في العام 2007 بقيادة أحمد الأسعد، وهي حركة تنشط هذه الأيام في الجنوب، ويتوقع أن تشكل قوة انتخابية جدية في دائرتي مرجعيون وحاصبيا. كما أعلن قبل أيام عن قيام "التجمع الوطني الديموقراطي" من بلدة إبل السقي. وفي الجنوب أيضاً ينشط رئيس مجلس إدارة "الجنوب للإعمار" رياض الأسعد. أما في البقاع فتنشط "الجبهة الوطنية لإنماء بعلبك والهرمل" برئاسة فادي يونس، و"حركة شباب البقاع" بقيادة عماد قزعون. أما في الضاحية الجنوبية فتكاد تكون إمكانية العمل منعدمة نظراً الى الطبيعة الأمنية للمنطقة، ولكن الأصوات السياسية والعائلية المعترضة على الأداء السياسي لـ"حزب الله" تبقى موجودة وإن كانت ضيقة ومحدودة، كما هي حال حركة "هيا بنا" بقيادة الإعلامي لقمان سليم، صاحب "دار الجديد" للنشر، والتي ُأطلقت في العام 2005.

وفي هذا المجال لا يمكن إغفال القوة التمثيلية الحقيقية لعدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين، أمثال: النائب باسم السبع، الوزير إبراهيم شمس الدين، النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون. وفي هذه الخارطة يحتل الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني موقعاً هاماً، كونه أحد أهم رجالات "الشيعيّة السياسية"، لا سيما بعد تقديمه استقالته من البرلمان في آب الماضي، في اعتراض ضمني على ما آلت اليه أحوال الطائفة الشيعية بعد الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين.

وإلى جانب كل هؤلاء فإن الوسط الإعلامي كما الثقافي يعج بشخصيات شيعية مرموقة، وذات رؤية ودور مؤثر في النظرة إلى دور الشيعة وخياراتهم المستقبلية.

إمكانية التغيير

بالرغم من ازدياد قوى الاعتراض في الشارع الشيعي فإن إمكانية التغيير، بمعنى نقل الشيعة من خيار إلى آخر لا تزال بعيدة جداً، إذ تعاني القوى البعيدة عن الاستقطاب الثنائي لـ"حزب الله" وحركة "أمل" من عوامل ضعف كثيرة، ومن افتقادها إلى الأدوات التنظيمية، فضلاً عن غياب التنسيق في ما بينها، وافتقار معظمها إلى القدرات المالية التي تمكّنها من الوقوف على قدميها وسط السيل المالي الهائل لـ"حزب الله"، غير أن ما يلفت الانتباه راهناً وجود شرائح شيعية ليست بالصغيرة تريد التغيير، والتصالح مع بقية الطوائف في وطن التوافق لبنان، ولعل من الخطأ تجاهل هذه القوى واعتبار أن الساحة الشيعية ممثلة فقط بقيادتها الثنائية الحالية، وهنا تأتي أهمية إدماج هذه القوى ضمن تيار 14 آذار، ومد يد الدعم المادي والمعنوي لها، ولحظِها في قلب اللوائح الانتخابية في الانتخابات التشريعية المقبلة.

 

فضل الله: "إعلان حقوق الإنسان" لافتة دولية لقتل البشر

المستقبل - الاثنين 22 كانون الأول 2008 - اعتبر العلامة السيد محمد حسين فضل الله، "أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بات يمثّل عنواناً شكلياً ولافتةً دولية يُقتل تحتها عشرات الألوف من البشر، وتُشرّد الجماعات وتُطرد الشعوب وتُحتل الأراضي، كما حصل في فلسطين والعراق وأفغانستان"، مشيراً إلى "أنه لا حياة للمبادئ وللحق من دون قوة"، داعياً إلى "مواصلة إعداد الأمة وقواها الحية من أجل صناعة القوة الذاتية في عالم لا يحترم إلا الأقوياء".

ورأى في بيان أصدره أمس حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، "أن قوى الهيمنة والبطش والوحشية الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان، وهي التي منعت اتهام إسرائيل ومحاكمتها على مجازرها وانتهاكاتها الدائمة لحقوق الإنسان، منذ دير ياسين وكفر قاسم، إلى صبرا وشاتيلا وجنين وقانا"، مستغرباً "صمت العرب والعالم عن تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية (تسيبي ليفني) الذي تزامن مع ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي دعت فيه علناً إلى طرد الفلسطينيين".

وقال: "مرّت قبل أيام الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان مرور الكرام، باستثناء بعض الندوات أو الكلمات التي توقفت عند أهمية الإعلان، أو تلك التي استعرضت الإخفاقات الدولية والعالمية إزاء الانتهاكات المتصاعدة لهذا الإعلان على المستوى العالمي عموماً، وفي المنطقة العربية ـ الإسلامية على الأخص". أضاف: "قد يكون من المفيد التأكيد أن الإسلام جعل من مسألة حقوق الإنسان واحدة من الأهداف السامية والكبرى لرسالته، حيث عمل على حمايتها وحفظها على المستوى التشريعي، وترجمها في منظومته الفكرية والتشريعية، وانطلق السعي الإسلامي الى حماية هذه الحقوق منذ انطلاق التجربة الإسلامية الميدانية الأولى في المدينة المنورة، بصرف النظر عن هوية من تستهدفه قوانين حقوق الإنسان"، مشيراً الى "أن الإسلام أراد للبشرية كلها أن ترتقي في خط السلام والحرية، وفي مجالات التعبير عن الرأي وتقرير المصير وغيرها، على أساس أن الدين جاء من أجل خدمة الإنسان، ولم يأتِ الإنسان من أجل خدمة الدين".

وأوضح "أننا نعتقد أن ما قرّره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مبادئه الأساسية وعناوينه العامة لا يبتعد عن القاعدة الإسلامية، لا سيما وأن بعض هذه المبادئ والعناوين انطلقت من الجذور الإسلامية والرسالية، لجهة تأكيدها أن الناس يولدون أحراراً، متساوون في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق التمتع بكل الحريات والحقوق الواردة في الإعلان، من دون تمييز في العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة".

ولفت الى "أن المدة الزمنية التي قطعها هذا الإعلان منذ إقراره في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول 1948 شهدت انتهاكات ضخمة لحقوق الإنسان، قامت بها الدول التي ضغطت بكل قوة من أجل إقرار هذا الإعلان، إلى المستوى الذي باتت ترتكب أفظع الجرائم تحت هذا الشعار، وباتت أسسه ومقرراته سلعة تُباع وتُشترى في سوق السياسة الدولية الاستهلاكية، التي استخدمت الأمم المتحدة نفسها من أجل تمرير مشاريعها وأهدافها".

 

الأب القزي ومحمد سلام في ندوة "القوات" ـ الشوف: وحدة 14 آذار والدولة القوية لإنقاذ لبنان

المستقبل - الاثنين 22 كانون الأول 2008 - إقليم الخروب ـ "المستقبل"

أقامت الجامعة الشعبية في القوات اللبنانية بالتعاون مع منسقية منطقة الشوف لقاء مع الاب جوزف القزي والصحافي محمد سلام تحت عنوان "مصير لبنان في الصراعات الاقليمية الحالية"، في مطعم الاوراس في جدرا، بحضور حسن دمج ممثلاً النائب محمد الحجار، منير السيد ممثلاً النائب نعمة طعمة، بلال قاسم ممثلاً النائب مروان حمادة، عدنان حمادة ممثلاً النائب نبيل البستاني، يحيى الربيع ممثلاً منسق عام تيار المستقبل في محافظة جبل لبنان الجنوبي بسام عبد الملك، ورئيس اتحاد بلديات اقليم الخروب الشمالي محمد حبنجر، سمير سعد ممثلاً الحزب التقدمي الاشتراكي زياد يعقوب ممثلاً حزب الوطنيين الاحرار، مارون مسلم ممثلاً النائب جورج عدوان، محمد حمادة ممثلاً الجماعة الاسلامية، الوزير السابق جوزيف الهاشم، رؤساء بلديات ومخاتير وحشد.

القزي

وألقى الاب قزي كلمة تطرق فيها الى الازمات التي عاني ويعاني منها الشرق الاوسط من القضية الفلسطينية الى القضية اللبنانية الى المسألة الخليجية ورأى ان "الاقتتال والعنف والانقسامات لم يكن يوماً طريقاً يؤدي الى الوفاق والسلام، وان قيام الدولة القوية، الخاصة والضامنة بكل مؤسساتها لحرية واستقرار وأمن كل اللبنانيين، السبيل ا\وحيد لانقاذ الوطن، وهذا ما يؤكد عليه دائماً البطريرك مار نصرالله بطرس صفير مع مجلس المطارنة والاساقفة الكاثوليك في لبنان".

وأشار الى زيارة النائب ميشال عون الى سوريا وقال: "لا يبهركم ما جرى حين رأيتم السجاد الاحمر والالقاب واقامة الشعائر الدينية" واضاف: "بالامس كانت المغامرات والرهانات في حرب التحرير... واليوم انقلاب على انقلاب وعلى التاريخ، والاحداث، وغداً لا نعرف على اي مقلب يريدون اخذنا اليه".

سلام

وتحدث سلام عن تطورات ثلاثة يثير تزامنها أو تعاقبها التباساً هي الهبة الروسية من الطائرات وعدم الاعتراض الاميركي عليها واعلان النائب ميشال عون عن سعيه لتسويق استراتيجية دفاعية.

وسأل: كيف سيحتمل "حزب السلاح الميغ 29 وهو لم يحتمل "غازيل" غير المسلحة فوق سجد".

وإذ اشار الى ان حرب تموز 2006 حصلت في عهد رئيس الوصاية واجتياحات ايار 2008 حصلت في عهد وصاية الفراغ قال: الآن للدولة رئيس وللجيش قائد والحكومة قائمة والانتخابات قادمة.

ورأى ان التحدي هو في ان نذهب كقوى 14 آذار الى الانتخابات معاً، في لوائح موحدة للفوز. اننا ان لم نفز فسينجح حزب السلاح وعونه في اخذ الوطن والدولة الى قواعد ايرانية في قممنا، تحولنا الى ما يشبه مربع غزة".

ولفت سلام الى ان "امر المهمة قد صدر من نظام دمشق لاتباعها للاستيلاء على السلطة في لبنان، لضرب التعاون مع المحكمة الدولية التي قامت، ولا سبيل لتعطيل مسارها إلا بإطاحة الدولة التي وقعت اتفاقية اقامتها مع الامم المتحدة أي لبنان

 

بول سالم يعرض لمستقبل السياسة الخارجية لأوباما في الشرق الأوسط

تل أبيب طالما وفرت الحماية لنظام دمشق لأنها تفضله على البديل الإسلامي

 لم يستطع الابن الإبقاء على التحالفات المعقدة التي بناها الوالد طوال سنوات

نتائج ستراتيجية سورية كانت سلبية عليها فقد أخرجتها من لبنان العام 2005 وعزلها إقليمياً ودولياً

يمارس الرئيس السوري الضغط غير المباشر على إسرائيل لإعادتها إلى طاولة المفاوضات

بعد أن فشلت سورية في استعادة الجولان بالحرب المباشرة لجأت إلى حروب الوكالة

بشار الأسد بحاجة إلى اختراق إسرائيل أكثر من والده

طهران لا تستطيع أن تضمن لدمشق استعادة الجولان ولا ضمان أمن النظام على المدى البعيد

سورية لا تستطيع معاداة الولايات المتحدة بشدة كما تفعل فنزويلا

وظيفة »حزب الله« كقوة ضاغطة على إسرائيل تراجعت عند سورية

كتب مدير مركز »كارنيغي« للشرق الأوسط بول سالم عرضاً لمستقبل السياسة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما, بعنوان »السلام بين سورية وإسرائيل... مدخل واقعي لتحول إيجابي في الشرق الأوسط«, ورأى من التقرير الذي نشرته مؤسسة »كارنيغي« للسلام الدولي على موقعها الإلكتروني ان »السلام بين دمشق وتل أبيب إمكانية حقيقية كادت تتحقق في السابق مرتين بين عامي 1995 و,2000 إذ أظهر الطرفان اهتمامهما بالسلام عبر محادثات غير مباشرة استضافتها تركيا, واعتبر سالم ان »سيكون السلام السوري - الإسرائيلي, إذ حصل, تأثيرات إيجابية على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط, بما فيها لبنان والعراق والمسارات الأخرى في عملية السلام العربي - الإسرائيلي«.

وقال سالم إن »أي مضاعفات سلبية محتملة للوساطة الأميركية ستكون محدودة, ولن يستطيع الطرفان التوصل إلى اتفاق سلام من دون قيادة أميركية«, ولذلك نصح  إدارة أوباما أن »تطور سياسة متسقة تتضمن الضغط والحوافز الديبلوماسية النشطة لتحويل إمكانية السلام إلى واقع«, وفي عرضه لهدف الضغط على سورية هو »إبقاؤها خارج لبنان والعراق, وهذا يعني مواصلة دعم قرارات مجلس الأمن الخاصة بلبنان والمحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري, وسلسلة الاغتيالات والتفجيرات التي شهدتها لبنان, كما يعني مواصلة فرض العقوبات طالما ان سورية مستمرة في خرق سيادة جيرانها«. وعما يمكن تسميته مكافآت السلام, كتب سالم في تقرير »الحوافز لسورية يجب أن تتضمن إعادة مرتفعات الجولان, وفك طوق العزلة السياسية عنها, ومساعدة الولايات المتحدة لها في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية, وتشجيع الاستثمارات فيها«. وفي ما يأتي النص الكامل لتقرير بول سالم:

ثمة فرصة حقيقية للسلام بين سورية وإسرائيل. وقد كاد البلدان أن يتوصلا إلى اتفاق مرتين من قبل, خلال المحادثات التي جرت بوساطة أميركية في الأعوام 1995 - 1996 و1999 - .2000 وأخيراً انخرط البلدان في مفاوضات سلام غير مباشرة برعاية تركية وأعرب كلاهما عن الحاجة إلى وجود وساطة أميركية للانتقال بالمحادثات إلى المستوى التالي. رغم انه ليس ثمة ضمانات لنجاح المحادثات, إلا ان اتفاقية سلام سورية - إسرائيلية ستتضمن فوائد جمة لكل من البلدين المعنيين, وكذلك للبنان والعراق, كما ستنطوي على احتمال تحقيق سلام بين لبنان وإسرائيل وبين الفلسطينيين وإسرائيل, مع خفض النفوذ الإيراني في المنطقة. هذه الاتفاقية قد تساعد أيضاً على تمهيد الطريق أمام تنشيط مبادرة السلام العربية التي أطلقت في العام ,2002 وعلى التوصل إلى سلام شامل بين إسرائيل ودول الجامعة العربية. والحال ان أياً من هذه النتائج المحتملة ستكون أيضاً ضمن مصالح الولايات المتحدة. وإذ رفضت إدارة جورج دبليو بوش تأدية دور الوسيط في المحادثات السورية - الإسرائيلية, فإن إدارة باراك أوباما ستحقق اختراقاً مهماً في الشرق الأوسط ان هي نجحت في تحقيق اتفاقية سلام بين سورية وإسرائيل, وذلك عبر تطوير مقاربة متوازنة تجمع بين الضغط والحوافز الديبلوماسية لجعل هذا السلام ممكناً.

المصالح السورية والإسرائيلية

لطالما كانت استعادة هضبة الجولان هدفاً رئيسياً بالنسبة إلى سورية على امتداد عقود عدة, ومعروف ان سورية خسرت مرتفعات الجولان حين كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع في العام ,1967 الأمر الذي بقي مأخذاً على النظام وعلى الأسرة الحاكمة, وقد حاول حافظ الأسد استعادة الجولان عن طريق الحرب المباشرة والحرب بالوكالة والمفاوضات, ففي العام 1973 انضم إلى الرئيس المصري أنور السادات في حرب مباشرة ضد إسرائيل لإجبارها على إعادة الجولان, وفي السنوات التي تلت الحرب, تمكن السادات من استعادة شبه جزيرة سيناء عبر ديبلوماسية جريئة, فيما خسرت سورية في النهاية المرتفعات بعد ان ضمتها إسرائيل في العام .1981 وبعد ان فشلت في حربها المباشرة, خاضت سورية حروباً غير مباشرة ضد إسرائيل, بداية عبر دعم منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ثم عبر دعم »حزب الله« بعد العام .1982 وقد أملت سورية في أن تعيد هذه الحروب المباشرة وغير المباشرة إسرائيل مجدداً إلى طاولة المفاوضات.

لم يبتعد الرئيس السوري بشار الأسد. نجل حافظ الأسد, كثيراً عن ستراتيجية والده طيلة سنوات حكمه الثماني, فقد استمر في ممارسة الضغط بالوكالة على إسرائيل مع الدفع باتجاه إحياء المفاوضات بين البلدين, بيد ان نتائج هذه الستراتيجية العامة كانت سلبية بالنسبة إلى سورية. فقد أدت إلى إجبارها على الخروج من لبنان العام 2005 وعزلتها إقليمياً ودولياً. كما خضعت سورية إلى تحقيقات من جانب الأمم المتحدة في شأن تورطها المحتمل في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وشخصيات لبنانية أخرى. لم ينجح بشار الابن أن يحافظ على نظام التحالفات المعقد الذي بناه حافظ الأب بشق الانفس الذي تضمن تحالفاً مع طهران أن تُكمله علاقات جيدة مع السعودية ومصر كما مع أوروبا والولايات المتحدة: كما بدد بشار الكثير من هذه العلاقات وجعل سورية في حالة تبعية مفرطة وخطيرة إزاء إيران. لكن طهران لا تستطيع مساعدة سورية على استعادة مرتفعات الجولان ولا ضمان أمن النظام على المدى البعيد, كما ان سورية لا تستطيع مواصلة سياسة خارجية معادية بشدة لأميركا كما تفعل الدول التي تتمتع بثروات نفطية على غرار إيران أو فنزويلا.

إلى ذلك, فاقمت الأحداث التي وقعت في المنطقة المحيطة بسورية من خطر انكشاف هذه الأخيرة أمام المخاطر. فالجيش الأميركي الذي كان في الطرق الآخر من الكرة الأرضية بات يسيّر الدوريات على الحدود السورية - العراقية. والأحاديث الصاخبة الأميركية عن تغيير النظام في دمشق بعد قلب النظام البعثي في بغداد في العام 2003 زعزعت بُنى السلطة في سورية. صحيح ان واشنطن تراجعت فيما بعد عن أحاديث تغيير النظام إلا ان الهجوم الإسرائيلي على ما زُعم انه موقع نووي سوري في سبتمبر 2007 والغارات التي شنتها الطوافات الأميركية في شمال شرقي سورية في أكتوبر الماضي أظهرت بوضوح كم ان سورية لاتزال معرضة للخطر ستراتيجياً.

شكل عدم الاستقرار في العراق مصدر قلق جدي لسورية, رغم ان دمشق ساهمت فيه حين سمحت للمتطرفين بعبور أراضيها إلى العراق للانضمام إلى المقاومة. كما ان الحكم الذاتي الكردي, الذي يقترب من كيان دولة شبه مستقلة, هدد بإثارة نزعات تمرد بين الأكراد السوريين الذين يُعدون نحو مليوني نسمة. كما ان القتال الطائفي بين السنة والشيعة في العراق والتوتر المشابه في لبنان يهددان بزيادة العلاقات سوءاً بين الأغلبية السنية في سورية وبين الأقلية العلوية المتنفذة في الحكم, إن أسلمة الحياة السياسية بين السنة والشيعة في العراق وفي المنطقة ككل وسط تنامي مؤشرات الأسلمة في سورية. (وإن كانت الأسلمة في سورية غير سياسية حتى الآن), تهدد كذلك شرعية نظام »البعث« العلماني في سورية.

علاوة على ذلك, ألحقت حرب العام 2006 بين إسرائيل و»حزب الله« أضراراً بالموقف السوري فرغم ان »حزب الله« ادعى النصر, إلا أن هذه الحرب كانت لها تأثيرات سلبية على قدرته على مواصلة عملياته ضد إسرائيل. فقد دُفع الحزب إلى خارج منطقة عملياته الرئيسية على طول الحدود الإسرائيلية, وبلغت حدة التوتر بينه وبين إسرائيل مبلغاً قد يؤدي إلى حدوث رد عنيف من جانب إسرائيل فيما لو قام الحزب بعملية أخرى. وهكذا, تراجعت في صيف العام 2006 وظيفة »حزب الله« بالنسبة إلى سورية كقوة تستطيع مضايقة إسرائيل بشكل مستمر, وهو الدور الذي أداه الحزب طيلة عشرين عاماً ليبقى قوة رادعة في حال اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل. لكن لم يعد في مقدوره متابعة حرب استنزاف يومي مع إسرائيل.

لكل هذه الأسباب, قد يكون بشار الأسد في حاجة إلى اختراق مع إسرائيل أكثر من والده. وقد تعود معاهدة السلام مع إسرائيل بفوائد كبيرة على سورية, إذ تسمح لها أن تُقدم استعادة مرتفعات الجولان على أنها إنجاز سياسي وستراتيجي تاريخي. كما يمكن للقيادة السورية أن تتوقع تعزيز أمن النظام من خلال اتفاقية السلام. صحيح ان إسرائيل لطالما وفرت الحماية للنظام السوري لأنها تفضله على البديل الإسلامي المتطرف المزعوم, إلا ان القيادة السورية بإمكانها أن تتوقع الانضمام إلى نادي الأنظمة العربية السلطوية التي تحظى بحماية الولايات المتحدة فيما لو وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل. فالنظام السوري الذي يواجه مستقبلاً مبهماً, يعتبر أن أمنه على المدى الطويل مسألة أساسية بعد ان عاين أخيراً حالة هلع من تغيير النظام.

لا تقل مسألة التحقيق الذي تجريه المحكمة الدولية في شأن اغتيال الحريري أهمية رغم انه لم يتسرب الكثير عما اكتشفته المحكمة حتى الآن, إلا ان ثمة قلقاً كبيراً في سورية حيال إمكانية توجيه الاتهام إلى مسؤولين بارزين فيها. لكن ومهما كانت نتيجة التحقيقات بشأن التورط السوري في مصرع الحريري وعمليات الاغتيال الأخرى, فإن الرئيس الأسد يعرف أنه سيكون في وضعية أفضل فيما لو كانت حكومته منخرطة في محادثات سلام جدية مع إسرائيل أو إذا  ما وقعت على الاتفاقية, حين تبدأ المحكمة في نهاية المطاف جلسات الاستماع.

بإمكان سورية أن تتوقع الحصول على عوائد اقتصادية من معاهدة السلام لاسيما ان المعاهدة, وبإيعاز من الولايات المتحدة, ستفك طوق العزلة التي تعاني منها سورية إزاء العالم العربي والمجتمع الدولي وتفتح الأبواب أمام استثمارات عربية ودولية أكبر. فالعزلة أجهضت المحاولات السورية لتوقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي وللانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وجذب استثمارات أجنبية كبيرة.

صحيح ان تركيا وإيران وماليزيا والصين ودولاً أخرى قد تساعد على تخفيف الهموم الاقتصادية السورية, إلا أن فتح الأبواب كاملة أمام الاستثمارات العربية والدولية يستوجب تغييراً في السياسة الأميركية. وسورية في حاجة ماسة إلى هذه الاستثمارات نظراً إلى حالة الإفقار التي يعاني منها قسم كبير من سكانها وإلى القدرات الصناعية والتجارية السورية غير المفعلة.

قد ترى إسرائيل أيضاً فوائد جمة لها في معاهدة سلام مع سورية. فالمعاهدة, إذا حصلت تحيد آخر دولة عربية فاعلة عدوة لها بعد ان أنجز السلام مع مصر والأردن, وبعد ان قضت الولايات المتحدة على نظام صدام حسين في العراق. والمعاهدة, ثانياً قد تشكل ضغطاً على لبنان للتفاوض بدوره على معاهدة سلام مع إسرائيل. ثم ان اتفاقية كهذه قد تضيق مساحات الخيارات الستراتيجية لكل من »حزب الله« وحركة »حماس« وتمهد الطريق أمام إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية الهادفة إلى قيام سلام دائم بين إسرائيل وجميع الدول العربية, كما قد تضعف النفوذ الإيراني في هذا الجزء من الشرق الأوسط - أي في سورية ولبنان وفلسطين. وأخيراً, معاهدة سلام مع سورية أكثر قيمة بالنسبة إلى إسرائيل اليوم مما كانت عليه في عامي 1996 و2000 حين كاد البلدان ان يصلا إلى اتفاق لأن إيران و»حزب الله« و»حماس« أصبحوا  يشكلون الآن تهديداً أكثر حدة يمكن تحجيمه فيما لو تحقق اختراق مع سورية.

رغم ان غالبية الإسرائيليين لا ينكرون أهمية السلام مع سورية, إلا أنهم يشكون في صدق نوايا هذه الأخيرة للوصول إليه. فهم يرون ان سورية تدعم »حزب الله« و»حماس« والمتمردين العراقيين وانها تحالفت مع إيران. وهذه كلها قوى تناهض اتفاقية السلام مع إسرائيل, ليخلصوا إلى الاستنتاج بأن سورية لا يمكن أن تكون جادة حيال السلام, كما انهم يرون كيف عاملت سورية لبنان ويخلصون الى انها لا يمكن ان تكون جارة جيدة, ويخشى الاسرائيليون من ان تؤدي عملية مقايضة الارض بالسلام الى خسارتهم مرتفعات الجولان من دون ان يكسبوا ضمانات بأن سورية ستغير سياستها. وبالتالي فهم يجادلون بان على سورية التخلي عن تحالفاتها المتطرفة قبل سبر غور السلام, وفي المقابل يرد السوريون انهم لو لم يبرموا هذه التحالفات لكانت اسرائيل اليوم تحتفظ بحبور بمرتفعات الجولان التي ضمتها وما كانت لتفكر يوما بالجلوس الى طاولة المفاوضات.

ان معظم رؤساء الحكومات الاسرائيليين منذ اسحق رابين استطلعوا بنشاط فرص قيام سلام مع سورية وقد اظهرت هذه الجهود ان رغم الشكوك والتحفظات, الا ان غالبية النخب السياسية الاسرائيلية تدرك قيمة عقد معاهدة سلام مع سورية وهي وجدت ان دمشق يمكن ان تكون موثوقة بالقدر الكافي الذي يحمل على التفكير بالتفاوض معها, كما تظهر الجهود ايضا ان غالبية رؤساء الوزارة الاسرائيليين شعرت انها تستطيع اقناع جمهورها المشكك باتفاقية سلام, فيما لو كانت الصفقة جدية.

رغم ان سورية واسرائيل تملكان مصلحة حقيقية في السلام, الا انهما تنوعان رهاناتهما ولديهما في الوقت ذاته اهتمام في اجراء محادثات من اجل المحادثات, فسورية على سبيل المثال, تستكشف بجدية افاق السلام لكنها تحتفظ بخيارات ستراتيجية اخرى: فاذا لم يتحقق السلام, ستستمر الحرب بالوكالة بينها وبين اسرائيل, اساسا عبر لبنان ولكن ايضا في فلسطين وبشكل غير مباشر في العراق ايضا (نظراً الى الوجود الاميركي هناك) عبر تسريب الدعم للمتمردين والجهاديين.

اذا لم يتحقق السلام, لدى سورية خيار معتدل واخر متشدد الخيار المتشدد يتجسد في التعاون مع ايران وروسيا و»حزب الله« و»حماس« واطراف اخرى لالغاء مكتسبات الولايات المتحدة في لبنان والعراق وفلسطين وايجاد امر واقع جديد فيها, وهذا سيكون شبيها بما انجزته سورية في العام 1984 بدعم من السوفيات حين اخرجت وحدات البحرية الاميركية من لبنان.

اما الخيار المعتدل فهو العمل على استقرار الامر الواقع الراهن والقبول بتوازن قوي غير محسوم في لبنان والعراق وفلسطين, كي تسوق سورية نفسها ك¯¯»خصم موثوق به« يستطيع المساعدة في لجم »حزب الله« والتطرف السني وكي تساوم مع جيرانها العرب للتخفيف من عزلتها السياسية والاقتصادية.

اما بالنسبة الى اسرائيل, فان  جهودها لاعتماد ستراتيجية محددة تعقدت بسبب التزاحم على السلطة بين السياسيين فيها, ومع هذا فهي تنوع رهاناتها حيال سورية وتحتفظ بخيارات مختلفة تتضمن كلها اجراء محادثات معها. احد الخيارات هو بالطبع البحث في امكانية عقد معاهدة سلام شامل معها, الخيار الثاني هو الانخراط في محادثات معها لحملها على الاعتدال وتحييدها بينما تحضر اسرائيل لضربة محتملة ضد ايران او مواجهة مستقبلية مع »حزب الله« وفي كلا المواجهتين ستسعى اسرائيل الى تجنب المواجهة مع سورية, اما الخيار الثالث فهو اجراء محادثات مع سورية بشأن كيفية تهدئة الوضع على الحدود الشمالية لاسرائيل, عبر تشجيع سورية على اداء دوراً اكبر في لبنان لادارة التهديد الذي يمثله »حزب الله«.

ماذا قد تتضمن معاهدة السلام?

يعرف الطرفان حق المعرفة الخطوط الكبري للمعاهدة التي قد تبرم بينهما لانها اصلا رسمت الى حد بعيد خلال مختلف جولات المفاوضات مع العام 1995 الى العام ,2000 فقد اتفق على ان المعاهدة ستتضمن بنوداً تتعلق بالحدود والامن والمياه والتطبيع الديبلوماسي وانها ستنفذ على مراحل خلال عدد من السنوات, هذا مع وجود الكثير من التفاصيل التي لاتزال عالقة, اما المسائل المتصلة بأي تحول للسياسة الخارجية السورية في سياق المعاهدة بما يرتبط بعلاقات سورية المستقبلية مع »حزب الله« و»حماس« وايران, فهي لا تزال غير واضحة.

قضية الحدود كانت نقطة شائكة في المفاوضات السورية - الاسرائيلية السابقة, فبالنسبة الى سورية عودة كامل مرتفعات الجولان تشكل جوهر المعاهدة, حيث يشعر نظام بشار الاسد انه غير قادر على تحمل اي منقوص في شأن هذا المبدأ من دون ان يعرض نفسه الى انتقادات خطيرة. رغم ان الخلافات حول الحدود المتنازع عليها تبدو صغيرة, الا انها شكلت عقبة حقيقية, وهذا يعود جزئياً الى الاختلافات بين الحدود الرسمية للعام 1923 وخطوط الانتشار العسكري الفعلي في الرابع من يونيو 1967 وانحسار شواطئ بحيرة طبريا, كما انه يعكس ايضا رغبة اسرائيل في مواصلة السيطرة الكاملة على موارد مياه نهر الاردن وبحيرة طبريا, هذه الخلافات تفرض تحديات بالطبع لكنها ليست عصية على الحل, وخصوصا اذا ما تم التعاطي مع حاجات اسرائيل الى المياه بطرق خلاقة مثل التكرير وغيره.

على صعيد الامن يعترف الطرفان ان مرتفعات الجولان لم تعد تتمتع بالاهمية الستراتيجية التي كانت عليها من قبل, نظراً الى التقدم الحاصل في مجال التكنولوجيا العسكرية, وفي كل الاحوال سيكون الجولان منطقة منزوعة السلاح وفق اي شكل من اشكال المعاهدات, ويعلم الطرفان ان المعاهدة ستحدد بدقة مناطق على كلا ضفتي الجولان يحدد فيها اطر نشر العديد والعتاد, وقد كانت اسرائيل تصر في الماضي على وجود مراقبة عسكرية اميركية على الجولان او بالقرب منه لتضمن الالتزام ببنود المعاهدة.

اضافة الى ذلك سيكون وضع الية لتنفيذ المعاهدة مسألة شديدة الدقة فاسرائيل تفضل انسحابا عسكريا على مراحل لكنها تريد تبادل السفراء وتطبيع العلاقات في مرحلة مبكرة من العملية بينما تريد سورية انسحابا كاملا في البداية يليه التطبيع, ان أياً من هذه الخلافات ليس مستعصياً على الحل لكنه يتطلب مقاربات خلاقة من جانب الطرفين ومن جانب الوسيط بينهما.

قد تكون آلية التنفيذ في حاجة الى ان تتضمن تفاهماً بشأن التغييرات المتعلقة بالسياسة السورية تجاه لبنان والعراق و»حزب الله« و»حماس« وايران, بعض بنود هذا التفاهم يمكن ان تورد في نص المعاهدة, بينما يظل البعض الاخر منها غير مكتوب, علما ان هذه التغييرات يجب ان ترتبط بمراحل معينة من تنفيذ المعاهدة وان توجد الية للتحقق من صحة تنفيذها, وقد تضطر سورية الى الالتزام بالتحولات التالية: ضبط حدودها مع لبنان والعراق بشكل فعلي, وقف كل الامدادات من سلاح ومقاتلين, الى اطراف غير حكومية في هذين البلدين, اخراج نفسها من ميدان السياسة الفلسطينية من خلال تأمين انتقال قيادة »حماس« ومجموعات فلسطينية اخرى الى خارج سورية, تحول علاقتها مع ايران من علاقة الحليف الكلي الى علاقة الصديق, وفيما يتعلق بهذا التغيير الاخير يمكن لسورية ان تحذو حذو تركيا التي تقيم علاقات سياسية واقتصادية وامنية ممتازة مع ايران, من دون ان تدخل معها في تحالف سياسي او عسكري عميق.

دور الولايات المتحدة

ان الدافع لانخراط الولايات المتحدة في الوساطة لاجراء محادثات سلام بين سورية واسرائيل بسيط, وهو وجود فرصة حقيقية لانجاز سلام سوري - اسرائيلي, وذلك في مصلحة البلدين ومعظم دول المنطقة وايضا لانه ينسجم ايضا مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة, صحيح ان الطرفين اجريا محادثات ثنائية غير مباشرة من دون وساطة اميركية, الا انهما لن يستطيعا انجاز اتفاقية سلام من دون قيادة الولايات المتحدة ومن دون انخراطها النشط في المحادثات, ومن المنظار الاميركي تتضمن مصالح واشنطن في الشرق الاوسط ان يكون العراق اكثر استقراراً وايران اقل نفوذاً, وان تتقدم عملية السلام العربية - الاسرائيلية, كما تمكن ان يكون لبنان مستقراً و»حزب الله« و»الحركة الجهادية« اقل تأثيراً, وان تتحسن صورة الولايات المتحدة. السلام بين سورية واسرائيل, اذا تم سيكون له تأثيرات ايجابية على كل هذه المسائل مجتمعة.

رغم ان سورية طرف ثانوي في العراق بالمقارنة مع ايران الا انها ادت دوراً ملحوظاً في دعم المجموعات المتمردة, وبالتالي سيفيد العراق اذا ما حققت سورية سيطرة اشمل على حدودها وتعاونت بشكل اوسع مع الحكومة العراقية الجديدة, سورية التي تكون في حالة سلام مع اسرائيل تكون قد ستخرج عن خط التحالف المتشدد الذي جمعها في حلف كلي مع ايران, ولا شك ان معاهدة سلام كهذه من شأنها اضعاف ايران ونهجها المتشدد في المشرق العربي. صحيح ان التأثير الايراني سيظل قويا في العراق, الا انه سيتقلص في سورية ولبنان وفلسطين, اضافة الى ذلك التقدم على المسار السوري - الاسرائيلي هو المكان الاكثر ملاءمة لتحقيق تقدم في عملية السلام العربي - الاسرائيلي, ذلك لان المسار الفلسطيني - الاسرائيلي اكثر تعقيدا نظراً الى مشكلة المستوطنات في الضفة الغربية والى تفاقم الانقسامات الفلسطينية الداخلية, الامر الذي يجعل من الصعب جداً تحقيق تقدم حقيقي فيه في المستقبل القريب, هذا علاوة عن ان سورية لديها ما يكفي من النفوذ لتعيق اي تقدم فلسطيني - اسرائيلي ما لم تحل مشكلة هضبة الجولان اولاً.

اما في ما يتعلق بلبنان, فقد كان هذا البلد ضحية الحروب بالوكالة بين السوريين والاسرائيليين منذ ان احتلت هضبة الجولان في العام ,1967 وهو لن يتمتع بسيادة او يشهد استقراراً حقيقياً ما لم تتوصل سورية واسرائيل الى اتفاق السلام, فقد عمدت سورية جيوشاً بالوكالة في لبنان لتضغط على اسرائيل كي تعيد لها الجولان, ومن دون سلام, ستواصل سورية دعمها لهذه القوى مهددة سيادة لبنان, اما عن السلام فسيشترط على سورية ان تحترم سيادة حدودها مع لبنان وتضع حداً للدعم الذي تقدمه الى الاطراف غير الرسمية فيه, وفي حال توقفت سورية عن تأدية دور الجسر الستراتيجي بين ايران و»حزب الله«, فلن يستطيع هذا الاخير الحفاظ على وضعيته العسكرية.

اما في ما يتعلق بالمتشددين السنة المتطرفين, فان اتفاقية سلام بين سورية واسرائيل قد تؤدي اما الى ضعضعة المجاهدين الذين يحذون حذو »القاعدة« ويناهضون السلام, او الى مفاقمة خطورتهم, في الماضي القريب عملت سورية على دعم السنة المتطرفين في العراق وفلسطين وربما في لبنان, كجزء من ستراتيجية حروبها بالوكالة, ولكن في سياق السلام سيكون مطلوبا منها العودة الى سياستها الاولى المعادية للتطرف السني لتلعب دوراً اكثر فعالية في تحجيم تأثيرهم.

واخيراً, اذا ما ادت الولايات المتحدة دوراً نشطاً في تحقيق السلام بين سورية واسرائيل, فانها ستساعد على ابراز دورها كقوة سلام واستقرار في المنطقة بعد بروز صورتها كقوة حرب ودمار في المرحلة المنصرمة, وذلك سيكون عنصراً ايجابياً بالنسبة اليها في العالمين العربي والاسلامي.

لا توجد مخاطر بارزة لانخراط واشنطن كوسيط بين اسرائيل وسورية, ففي حال لم يتم التوصل الى معاهدة سلام ولكن استمرت المحادثات فان واشنطن ستتمتع بتأثير اكبر على دمشق لحملها على انتهاج سياسات اكثر اعتدالاً, وحتى في حال انهارت المحادثات بالكامل, فلن تكون وضعية الولايات المتحدة اسوأ مما هي عليه اليوم.

ثمة حجة ضد انخراط الولايات المتحدة تقول بان سورية ليست جادة في عملية السلام, وان اي التزام قد يعني تملقاً وتنازلاً ومكافأة لسورية على سلوكها السيئ, بيد ان سورية اثبتت جدية كبيرة في قبولها بصفقة الارض مقابل السلام حول الجولان منذ العام 1991 (الطرف الاسرائيلي كان في الغالب هو الطرف المتردد في الصفقة). ووفق غالبية المعطيات السياسية الديبلوماسية يمكن القول ان سورية لاتزال جادة اليوم. ايضا وفي سياق اي مقاربة للتفاوض على السلام, قد تقرر الولايات المتحدة ان تبقى العقوبات على سورية قائمة الى ان تغير سورية لسياساتها ازاء لبنان والعراق وفلسطين, وهي تغييرات يجب ان تكون جزءاً من المقاربة المرحلية للسلام السوري - الاسرائيلي ان انخراط الولايات المتحدة وفق هذه الشروط سيعني ضغطاً ايجابيا وليس تنازلاً, كما انه يحمي لبنان والعراق من خطر التنازلات المجانية.

يتعين على ادارة اوباما ان تطور سياسية متسقة لدفع المسار السوري - الاسرائيلي قدما الى الامام, وهي سياسة يجب ان تتضمن عناصر الضغط والترغيب الديبلوماسي النشطة, اما الضغط فهو يتمثل بالمحافظة على الموقف الصلب ازاء سورية طالما انها تخرق السيادتين اللبنانية والعراقية, وهذا يعني مواصلة دعم قرارات مجلس الامن 1559 و1701 المتعلقة بلبنان, ودعم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الحريري وغيره, ومتابعة فرض العقوبات طالما ان سورية تخرق سيادة جيرانها, ومثل هذا الضغط, بالمناسبة كان عنصراً مهما في حض سورية على الاعتدال في بعض سياساتها, تجاه لبنان مثلاً في الاشهر الماضية, وعلى السعي الى ابرام معاهدة سلام.

كانت سياسة بوش كلها »عصي« من دون »جزر« مجموعة تهديدات من دون ديبلوماسية ايجابية, ويتعين الان على الادارة الجديدة ان تتبنى مقاربة اكثر توازنا, اما الجائزة التي ستحصل عليها سورية فستكون بالطبع استعادة مرتفعات الجولان, وبامكان ال¯»جزر« ان يشمل ايضا فك طوق العزلة السياسية عن سورية ومساعدة الولايات المتحدة لها في الانضمام الى منطقة التجارة العالمية وتشجيع الاستثمارات الاقتصادية فيها, لكن لا يجب ابداً ان تحمل التسوية مع سورية اي تنازل عن السيادتين اللبنانية والعراقية او اي صفقة في شأن المحكمة الدولية.

بيد ان مقاربة العصا والجزرة لن تكون كافية بالطبع, وهي ستحتاج الى ديبلوماسية ذكية وقوية لتمضي بالعملية قدماً, فالقضايا العالقة بين سورية واسرائيل معقدة, وتحدي حمل سورية على تغيير سياستها الاقليمية اكثر صعوبة, لقد قام رئيس الوزراء التركي اردوغان بعمل ممتاز حتى الان, لكن تحقيق اختراق على المسار السوري - الاسرائيلي سيحتاج الى اهتمام رئاسي اميركي مباشر والى موفد رئاسي خاص يتمتع بدرجة عالية من المصداقية والخبرة. ان السلام بين سورية واسرائيل احتمال حقيقي سيثمر محصلات ايجابية مهمة للغاية اذا تم, ويتعين على ادارة اوباما المقبلة تحويل هذا الاحتمال الى واقع.

 

 الصراع الحالي غير مسبوق في تاريخ لبنان وتفسيراته غير كافية

8 آذار تخوض الانتخابات ضد "غائب" تنكر عليه حقّ الوجود

المستقبل - الاحد 21 كانون الأول 2008 - وسام سعادة

ليس الصراع القائم في لبنان، منذ انفجار أزمة الوصاية السوريّة في خريف 2004 وإلى اليوم مجرّد صراع سياسيّ، حول من يحكم ومن يعارض، وكيف يحكم من يحكم وكيف يعارض من يعارض. لو كان الأمر على هذه الشاكلة لارتسم أفق الإنفراج في آخر المطاف. ولا يبدو أن للإنفراج من أفق.

ليس في تاريخ لبنان صراع يماثل ما يقاسيه البلد منذ خريف 2004، واتخذ بعداً استقطابياً واسع النطاق منذ آذار 2005، وارتسمت حدود المواجهة فيه بين شباط 2006 وحرب تمّوز.

جذور إجتماعيّة؟

البعض حاول أن يفسّر غرابة الصراع القائم منذ لحظة "التمديد" وإلى اليوم بشتى الوسائل. كعادة كل المثقّفين في العالم الثالث لجأ روّاد التنظير السريع من الجهتين إلى ما تيسّر من مصطلحات لتفسير "الجذور الإجتماعية" للصراع بين "8 و14". ازدهر الحديث عن "المدينة في مواجهة الرّيف" في الهامش الثقافي لـ 14 آذار، والبعض طوّر ذلك للحديث عن "المدينة في مواجهة ضواحيها". وعلى المقلب الآخر، راج الحديث في بعض ملحقات 8 آذار عن "صراع طبقيّ" بين "تيار المستقبل" المفترض أنه يمثّل البرجوازيّة وأركانها وبين "حزب الله" المفترض أنّه يقوم مقام البروليتاريا وحزبها الطليعيّ. ووفقاً لهذا الإسقاط السرياليّ صار المسيحيون بحكم البرجوازية الصغيرة المنقسمة على نفسها، تبعاً للمأثور الماركسي، ففريق من هذه البرجوازية الصغيرة يتّخذ موقفاً شريفاً إلى جانب البروليتاريا، وهم العونيّون، وفريق منها يوالي البرجوازية الكبيرة، "تيار المستقبل".

النظرية الأولى، "الأرياف والضواحي تجتاح المدن"، كان لها بالتأكيد معطيات تسندها على أرض الواقع، وإنما ليس بالشكل الكافي، وبالأخص عملياً، إذا ما أريد بلورة أدوات من شأنها كفّ الإجتياح الذي تشخّصه هذه النظرية على نحو بعينه.

أما النظرية الثانية، التي تزعم وجود "صراع طبقي بين 8 و14 آذار" (وفشل مطلقها في الإتيان بإستشهاد واحد سليم لكارل ماركس) فجاءت تبريرية صرف لمختلف أشكال العنف (تبرير الإغتيالات، تبرير الوقوف ضد المحكمة الدولية، تبرير تغطية الإرهاب في معركة نهر البارد، تبرير إتهام من حارب الإرهاب في نهر البارد بالإرهاب، تبرير حركة 7 أيّار النصف إنقلابية النصف انفصالية، التهديد بإحياء 7 أيّار).

تأصيل ثقافيّ

أيّاً يكن من شيء، وبصرف النظر عن حدود مطابقة نظرية "المدينة ضد الرّيف" مع الواقع، فقد كتبت الغلبة لهذه النظرية على مستوى القابلية للتصديق بعد أن فرض على المدينة الحصار ثم جرت عليها محنة الإستباحة. أما القائلون بنظرية "طبقة 8 ضد طبقة 14" فلم يستطيعوا أن يقنعوا أحداً في معسكرهم، خصوصاً بعد أن استخدمت لافتة "الإتحاد العمّالي العام" في 6 أيّار 2008 لتبرير إستباحة المدينة وأهلها.

وقبل أحداث أيّار، وبالتحديد في وثيقة 14 آذار التي طرحت في مؤتمر البيال، كان تعريف طبيعة الصراع السياسي بعمقه "الثقافيّ" هو الذي احتلّ مركز السجال. قالت 14 آذار يومها أن الصراع هو بين ثنائية "ثقافة الحياة" من جهة، و"ثقافة الموت" من جهة أخرى، وأن الصراع القائم هو بين أهل الوصل وأهل الفصل. وهذه النظرية أيضاً بقيت تحتاج لتطويرها مبنى ومعنى، وذلك في إتجاهين رئيسيين:

- حيث أنه من المفترض أوّلاً أن يكون أهل الوصل على إستعداد للوصل مع أهل الفصل، بمعنى عدم ترك أي مناسبة للحوار والتسوية إلا واجترحتها أو انخرطت فيها محاولة تثميرها بهذا الإتجاه.

- وحيث أنه من المفترض أن تكون ثقافة الحياة والسلام هذه شاملة، ترفض إحتكار مجموعة بعينها لقرار الحرب والسلم لا من باب المزايدة "القتالية" على هذه المجموعة، وإنما من باب الإلتزام الواضح بهدف سام هو السلام الدائم والعقلاني في منطقة الشرق الأوسط.

لكن المشكلة هي أن متكلّمي 8 آذار وقتها قامت قيامتهم ضد وثيقة بيال ليس لجهة ما فيها من نقص أوضحناه، وإنما لجهة إحتمالها لمثل هذا النوع من الإيضاحات.

والمشكلة أيضاً أن 8 آذار كانت ترفض أن يقال إن الصراع "ثقافيّ" في لبنان، لكنها كانت تصرّ على وصفه بالصراع "الأيديولوجي" ولا تزال. وليس بين التعريفين من كبير فرق في هذا المجال، إلا لجهة الإنحياز.

فبدلاً من مقولة "الصراع الثقافي" بين أهل الوصل وأهل الفصل، راحت قوى 8 آذار تؤكّد أنّ الصراع هو بين أيديولوجيا "الممانعة" وبين أيديولوجيا "الخنوع والإستسلام"، وأن الموقف من أي فريق أو قوة في لبنان هو على أساس موقعه "مع أو ضدّ" الإمبرياليّة العالمية، تلك التي يروى بأن منتظر الزيديّ هزمها بحذاء (علماً انّه يسجّل للشخص قوله بنظرية "الإحتلالين الأميركي والإيراني" في العراق، وهي نظرية شعبوية دون ريب لكنها أقل ابتعاداً عن الواقع من أهل الشطط الآخرين في دنيا الممانعة).

17 أيار؟

وفي الوقت نفسه الذي تروّج فيه "مدرسة الحذاء" لهذا الصراع الأيديولوجي المحتدم بين 8 و14، يبرز من يفسّر الصراع على أنّه بين "تحالف الأقلّيات من قزوين إلى المتوسط" وبين الأكثرية المذهبية القائمة في الشرق الأوسط، ولعلّ الجامع بين النظريتين هو النائب شامل موزايا الذي هدّد البعثات الدبلوماسية الأجنبية بأحذية منتظرية ويفخر في الوقت نفسه بـ"تحالف الأقليات" كعقيدة شاملة.

في الواقع يكفي الجمع بين تفسير الإستقطاب على أنّ قوامه "تحالف الأقليات" وبين تفسيره على أنه "ممانعة ضد الإمبريالية" لتهافت الأمرين معاً. وما أن يحدث هذا التهافت حتى تبرز بالضبط طبيعة الصراع: قوى 8 آذار تتهم 14 آذار بأنها تريد العودة إلى 17 أيار. قوى 8 آذار تؤكد مع ذلك أنّ لقوى 14 آذار 17 أيار الحق في المشاركة في الإنتخابات، وانّ الإنتخابات هي وسيلة لترجيح كفّة "الوطنيين" ضد فريق 17 أيار، مثلما أن "الثلث المعطّل" هو الوسيلة الآن للقيام بذلك. صبحاً ومساء تصرّ 8 آذار على أن قوى 14 آذار هي قوى 17 أيار. لكنّها في الواقع لا تترك لـ 14 آذار حرّية إبداء الرأي في هذا المجال، حرّية تعريف الذات وتحديد البرنامج. بالنسبة إلى 8 آذار فإن قوى 14 آذار هي قوى 17 أيار شاءت أو أبت، ولكن المطلوب من 14 آذار أن تظلّ تنفي ذلك لتظلّ تخوّن أكثر فأكثر، ليلاً ونهاراً. فماذا يجري إذا ما أيقنت قوى 14 آذار البعد الأخلاقيّ لهذا الصراع وقرّرت أن تفك السحر، وتمنح لنفسها الحرّية في تعريف نفسها وتحديد برنامجها؟!

قوى 8 آذار تخوض الإنتخابات ضد "قوى 17 أيار" غير الموجودة. قوى 8 آذار تنكر في الوقت نفسه أن تكون ثمة "قوى 17 أيار" موجودة بالفعل ويسمح لها أن تخوض الإنتخابات. من هنا، ثمّة بعد أخلاقيّ في الصراع: إن قالت 14 آذار بأنها ليست 17 أيّار تخوّن أكثر فأكثر لكن تخاض ضدّها المعركة بمزيج من الوسائل "السلمية" وغير "السلمية". فماذا الذي يراد لقوى 14 آذار أن تقوله حتى يستريحوا؟