المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

نشرة أخبار يوم17  تشرين الثاني/2008

إنجيل القدّيس لوقا .25-1:1

لَمَّا أَن أَخذَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ يُدَوِّنونَ رِوايةِ الأُمورِ الَّتي تَمَّت عِندنَا، كما نَقَلَها إلَينا الَّذينَ كانوا مُنذُ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ لِلكَلِمَة، ثُمَّ صاروا عامِلينَ لها، رَأَيتُ أَنا أَيضاً، وقَد تقَصَّيتُها جَميعاً مِن أُصولِها، أَن أَكتُبَها لَكَ مُرَتَّبَةً يا تاوفيلُسُ المُكرَّم، لِتَتَيَقَّنَ صِحَّةَ ما تَلَقَّيتَ مِن تَعليم. كانَ في أيَّامِ هيرودُس مَلِكِ اليَهودِيَّة كاهِنٌ اسمُه زَكَرِيَّا مِن فِرقَةِ أَبِيَّـا، لَه امَرأَةٌ مِن بَناتِ هارونَ اسمُها أَليصابات، وكانَ كِلاهما بارّاً عِندَ الله، تابعاً جميعَ وَصايا الرَّبِّ وأَحكامِه، ولا لَومَ علَيه. ولَم يَكُنْ لَهما وَلَد لأَنَّ أَليصاباتَ كانَت عاقِراً، وقَد طَعَنا كِلاهُما في السِّنّ. وبَينَما زَكَرِيَّا يقومُ بِالخِدمَةِ الكَهنوتِيَّةِ أمامَ اللهِ في دَورِ فِرقَتِه، أُلقِيَتِ القُرعَةُ جَرْياً على سُنَّةِ الكَهَنوت، فأَصابتَهُ لِيَدخُلَ مَقِدسَ الرَّبِّ ويُحرِقَ البَخُور. وكانَت جَماعَةُ الشَّعبِ كُلُّها تُصَلِّي في خارِجِه عِندَ إِحراقِ البَخور. فَتَراءَى لَه مَلاكُ الرَّبِّ قائِماً عن يَمينِ مَذبَحِ البَخُور. فَاضطَرَبَ زَكَرِيَّا حينَ رآهُ واستَولى علَيِهِ الخَوف. فقالَ لهَ الـمَلاك: «لا تَخَفْ، يا زَكَرِيَّا، فقدَ سُمِعَ دُعاؤُكَ وسَتَلِدُ لكَ امَرأَتُكَ أَلِيصاباتُ ابناً فَسَمِّه يوحَنَّا. وستَلْقى فَرَحاً وابتِهاجاً، ويَفرَحُ بِمَولِدِه أُناسٌ كثيرون. لِأَنَّه سيَكونُ عَظيماً أَمامَ الرَّبّ، ولَن يَشرَبَ خَمراً ولا مُسكِراً، ويَمتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُس وهوَ في بَطْنِ أُمِّه، ويَرُدُّ كَثيراً مِن بَني إِسرائيلَ إِلى الرَّبِّ إلهِهِم ويَسيرُ أَمامَه وفيهِ رُوحُ إيليَّا وَقُوَّتُه، لِيَعطِفَ بِقُلوبِ الآباءِ على الأَبناء، ويَهْديَ العُصاةَ إلى حِكمَةِ الأَبرار، فَيُعِدَّ لِلرَّبِّ شَعباً مُتأَهِّباً». فَقالَ زَكرِيَّا لِلـمَلاك: «بِمَ أَعرِفُ هذا وأَنا شَيخٌ كَبير، وَامرَأَتي طاعِنَةٌ في السِّنّ؟» فَأَجابَهُ الـمَلاك: «أَنا جِبرائيلُ القائِمُ لدى الله، أُرسِلتُ إليكَ لأُكلِّمَكَ وأُبَشِّرَكَ بِهذه الأُمور

وسَتَظَلُّ صامِتاً، فلا تَستَطيعُ الكلامَ إلى يَومَ يَحدُثُ ذلك، لأَنَّكَ لم تُؤمِنْ بِأَقوالي وهي سَتَتِمُّ في أَوانِها». وكانَ الشَّعبُ يَنتَظِرُ زَكَرِيَّا، مُتَعَجِّباً مِن إِبطائِه في الـمَقدِس،

فلَمَّا خَرَجَ لم يَستَطِعْ أَن يُكَلِّمَهم، فَعرَفوا أَنَّه رأَى رُؤيا في المَقدِس، وكانَ يُخاطِبُهم بِالإِشارَة، وبَقِيَ أَخرَس. فَلَمَّا انَقَضت أَيَّامُ خِدمَتِهِ انصَرَفَ إِلى بَيتِه. وبَعدَ تِلكَ الأَيَّام حَمَلَتِ امرأَتُه أَليصابات، فَكَتَمَت أَمرَها خَمسَةَ أَشهُر وَكانت تَقولُ في نَفسِها: «هذا ما صنَعَ الرَّبُّ إلَيَّ يَومَ نَظَرَ إِلَيَّ لِيُزيلَ عَنِّي العارَ بَينَ النَّاس».

 

أوريجينُس (حوالى 185-253)، كاهن ولاهوتي

العظة 32 عن القدّيس لوقا/"هذه الرواية المدوّنة، ... قد تمّت اليوم"

عندما تقرأون: "كان يعلّم في مجامعهم وكلّهم يسبّحونه"، لا تعتبروا أنّ المستمعين إلى المسيح كانوا سعداء فقط، ولا تعتقدوا أنّكم محرومون من تعاليمه. إن كانت الرواية المدوّنة هي الحقيقة، فإنّ الله لم يتكلّم فقط في ما مضى وسط الجماعات اليهوديّة، لكنّه يتكلّم اليوم أيضًا وسط جماعتنا. وليس وسط جماعتنا فقط، بل وسط جماعاتٍ أخرى وفي العالم أجمع، يعلّم يسوع ويبحث عن أدوات لنشر تعليمه. صلّوا كي يجدَني أيضًا مستعدًّا وأهلاً للإشادة به. كما أنّ الله الكلّي القدرة، كان يبحث عن الأنبياء في وقتٍ حيث كانت النبوّة مفقودة بين البشر، وتمكّن من إيجاد أشعيا، وإرميا، وحزقيال ودانيال، كذلك يبحث يسوع المسيح عن أدوات لنشر كلمته، كي "يعلّم الشعب في مجامعهم ويمجّده الجميع". اليوم، يسوع المسيح هو "ممجّد من الجميع" أكثر ممّا كان عليه حين كان معروفًا في منطقة واحدة.  

أميركيون من أصل لبناني  يفوزون في الكونغرس
السياسة/تمكن اربعة اميركيين من اصل عربي من حجز مقاعدهم في مجلس النواب اضافة الى مقعد في مجلس الشيوخ, في انتخابات الكونغرس الحادي عشر بعد المئة, التي جرت في الخامس من الشهر الحالي, ولا تزال مستمرة. فقد فاز النائب الجمهوري اللبناني الاصل داريل عيسى عن الدائرة 49 في ولاية كاليفورنيا, وشارل بستاني المتحدر من أصل لبناني أيضا بمقعد الدائرة السابعة عن ولاية لويزيانا.
وفاز الفلسطيني الاصل سام رسول بمقعد الديمقراطيين عن الدائرة السادسة بولاية فرجينيا, ويعتبر الاصغر سنا في الكونغرس الحالي, حيث يبلغ من العمر 27 عاما, واحتفظ النائب الديمقراطي نيك رحال بمقعده عن الدائرة الثالثة في ويست فرجينيا, والذي يحتله منذ العام 1997.
من جهة ثانية فاز ستة من العرب الاميركيين بمقاعد في مجالس شيوخ الولايات, وهم بولا عبود في اريزونا وستيفن بدور في ماساشوستس, وحنا جالو وبول جبور في رود ايلاند, وفينسينت شاهين عن ساوث كارولينا, اضافة الى جينا عبد الله عن ساوث داكوتا.   

المقررات الحكومية اللبنانية قد تطيح "لجنة المتابعة" لأن نظام دمشق رأى فيها عملية فرض عليه
 لندن - كتب حميد غريافي:السياسة
قد تكون مقررات مجلس الوزراء اللبناني التي صدرت اول من امس بشأن مفاعيل زيارة وزير الداخلية زياد بارود الى دمشق الاسبوع الماضي التي نجم عنها تشكيل "لجنة متابعة وتنسيق" لضبط القضايا الامنية بين لبنان وسورية, "نسفت تلك الزيارة من اساسها وجعلتها وكأنها لم تكن", حسب قياديين من 8 و14 آذار المختلفين اصلا على كل شيء, اذ "ان تلك المقررات اللبنانية الحكومية جاءت من طرف واحد بمثابة عملية فرض واجبار للطرف السوري من دون استشارته بها, ما قد يحمل حكومة بشار الاسد على رفضها لأنها قبل كل شيء جاءت بمثابة اتهامات علنية لسوء السلوك السوري خلال الوصاية الطويلة على لبنان, وتأكيدا صريحا على ان المعاهدات واللجان التي وقعها وشكلها مع اللبنانيين انما كانت لصالح ذلك النظام, رسم بها خريطة طريق السيطرة على البلد سياسيا وامنيا وعسكريا واقتصاديا, ولا يمكن بعد الانسحاب القسري السوري من لبنان العودة الى اجوائها مهما كان الثمن". وقال قيادي "14 آذار": "والخبير في نفسيات حكام دمشق" كما وصف نفسه ل¯"السياسة" امس "ان الاسد قد لا يوافق اطلاقا على قرار مجلس الوزراء اللبناني حول كيفية تشكيل ما اسماه "لجنة متابعة الاجتماع الوزاري السوري - اللبناني" المنعقد في دمشق في العاشر من نوفمبر الجاري, لأنه اولا لا يريدها "لجنة متابعة" بل لجنة اساسية مستقلة يمكن من خلالها اعادة بعض نفوذه المباشر الضائع الى الحياة اللبنانية الامنية والسياسية, كما لن يوافق على تحديد فترة انجاز مهماتها بثلاثة اشهر لأن في ذلك محاولة لفرض المتطلبات اللبنانية التي اذا لم يجر تنفيذها خلال هذه المهلة, تكون اللجنة انتهت, فيما السوريون ضليعون في التأجيل والتسويف وكسب الوقت ولا تكفيهم مهلة 3 اشهر ولا 3 سنوات".
وقال القيادي: ان احد بنود القرار الحكومي اللبناني المتعلق ب¯"اعداد مشروع مذكرة تفاهم للتعاون الامني بين الوزارتين (الداخلية اللبنانية والسورية)" سيعني في نظر السوريين الغاء لمذكرات التفاهم والتعاون الامني السابقة بين لبنان وسورية, وهو امر يرفضه هؤلاء رفضا قاطعا بدليل تمسك الاسد الشديد خلال قمته مع نظيره اللبناني ميشال سليمان بالابقاء على المجلس الاعلى اللبناني - السوري رغم التبادل الديبلوماسي المزمع بين البلدين, من اجل الاستمرار في التلطي وراء تلك المعاهدات ومذكرات التعاون من دون المس بها, لذلك فإن مثل هذا المشروع الحكومي الجديد لن يلقى موافقة من دمشق".
وكشف قيادي "8 آذار" الحليف لسورية النقاب ل¯"السياسة" في اتصال به من لندن عن انه "كان من المقرر ضمنا ان تتوَّج زيارة الوزير بارود الى دمشق بعد لقائه وزير داخليتها ومسؤوليها الآخرين, بلقاء مع الاسد نفسه "ليبارك" تباشير اعادة العلاقات بين البلدين على اسس لا تختلف ضمنا عن العلاقات السابقة وان اختلفت شكلا بعض الشيء, إلا ان تطرق بارود الى موضوع المقابلات التلفزيونية السورية المفبركة مع من زعمتهم "عناصر من فتح الاسلام" وشنها حملة اتهامات ضد "تيار المستقبل" ورئيسه سعدالدين الحريري, جعلت الاسد يصرف النظر عن استقبال الوزير اللبناني الذي ظهرت ملامح اسلوبه في الحديث عن هذا الموضوع اقرب الى تبني وجهة نظر رئيس الجمهورية المحسوب هو عليه والذي "كذَّب" الاسد علنا في اتهامه "المستقبل" والحريري بدعم "فتح الاسلام" حين كرر (سليمان) اكثر من مرة, وحتى داخل مجلس الوزراء اول من امس, ان "تيار المستقبل ومناصريه وما يمثلون, وقفوا بقوة الى جانب الجيش اللبناني واحتضنوه وأيدوه في المعركة ضد "فتح الاسلام", وهذا ما اغضب الاسد شخصيا الذي يعتقد انه كان على "صديقه" الرئيس سليمان ألا يتطرق الى هذا الموضوع بهذا الشكل الذي اظهر الرئيس السوري وكأنه غير صادق أو ان معلوماته خاطئة بل كاذبة".
واكد قيادي 8 آذار ل¯"السياسة" ان الحكومة السورية "قد تعقد جلسة استثنائية لإصدار قرار حول نتائج زيارة الوزير بارود الى دمشق وخصوصا حول تشكيل لجنة المتابعة, يتناقض مع بنود قرار الحكومة اللبنانية في نقاط كثيرة, ما من شأنه ان يطيح مفاعيل تلك الزيارة ويجعلها كأنها لم تكن".
وقال: ان السوريين ادركوا من خلال الاجواء التي سادت جلسة مجلس الوزراء اللبناني اول من امس "ان قوى 14 آذار "تعمل على شل دور المجلس الاعلى اللبناني - السوري اذا لم تكن قادرة على إلغائه, حين اكدت ان لا ضرورة لاستمرار اللجان المنبثقة عنه ويجب حصر التعاون والتنسيق بالسفارتين اللبنانية والسورية المزمع انشاؤهما قريبا, وكذلك بالمؤسسات الحكومية الرسمية في كلا البلدين".
كذلك, فإن دعوة بعض وزراء "14 آذار" خلال الجلسة الحكومية الى "اعادة ترتيب العلاقات مع سورية قبل البدء بالبحث في انشاء اللجان الامنية وغير الامنية" اثارت حفيظة السوريين الذين يعتبرون انشاء تلك اللجان مدخلا اساسيا لإعادة ترتيب الاوضاع على هواهم, كما اثارت حفيظتهم ايضا اقوال الوزير بارود في الجلسة "ان لجنة المتابعة بين وزارتي داخلية البلدين لا علاقة لها باللجان الامنية المشتركة المعروفة سابقا (في عهد الوصاية السورية), ولا تشبهها لا في تشكيلها ولا في مهماتها", اذ يعني ذلك اتهاما مباشرا و"ساخرا" حسب قيادي (8 آذار) للنظام السوري بأنه فرض على لبنان في السابق كل المعاهدات واللجان الامنية المنبثقة عنها بالقوة".

الغالبية تؤكد أن "لجنة المتابعة" تخرج العلاقات مع سورية من الدوائر المخابراتية
بيروت - "السياسة" والوكالات:
اكدت مصادر وزارية في الغالبية ل¯"السياسة", امس, انه في موازاة نجاح مجلس الوزراء في وضع اليد على ملف الهاتف الخلوي وإعادة الأمور الى نصابها بعد ان قطع الطريق على وزير الاتصالات جبران باسيل الذي اراد الالتفاف على القوانين والأنظمة, فإن القرار بتشكيل لجنة متابعة أمنية ولمدة زمنية محددة يعتبر أمرا هاما من شأنه اخراج العلاقة بين لبنان وسورية من الدوائر الاستخباراتية والحزبية, بما يؤدي الى تجاوز المجلس الأعلى اللبناني - السوري في المرحلة اللاحقة بعد اقامة التبادل الديبلوماسي بين البلدين, حيث ستنحصر العلاقة بالأطر الديبلوماسية وليس عبر "مجلس نصري خوري", لأن الغالبية بعد الآن لا يمكن ان تقبل باستمرارا هذا المجلس, بالتوازي مع اقامة التبادل الديبلوماسي.
وشددت المصادر على ان دعم مجلس الوزراء لوزير الداخلية زياد بارود لا يعني تغطية سياسية لأية اتفاقات أمنية قد تعقد مع سورية, بقدر ماكان محاولة لإعادة القرار إلى الحكومة مجتمعة, ولتفادي استمرار ردود الفعل في الوسط السياسي بين مؤيد لهذه الزيارة وبين معارض لها.

من جانبه, رأى وزير الدولة جان أوغاسابيان أن حكومة الوحدة الوطنية أثبتت فشلها, مشيرا الى ان جلساتها تستغرق 6 الى 7 ساعات ولا يُؤخذ اي قرار الا بالإجماع, وقال "ظننا أن سورية ستتعامل مع لبنان عبر المؤسسات بعد زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان إليها, وإذا بها تتعامل معنا عبر الإعلام وتبث شريط الاعترافات عبر التلفزيون السوري", معتبرا أن هذا الأمر لا يبشر بالخير.
وشدد على رفضه إقامة لجان متابعة أمنية مع دمشق, متسائلا "لماذا الاستعجال في هذا الموضوع طالما ان قرارا اتخذ بإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين"?
واعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد الحجار ان "اي زيارة تذهب باتجاه دعم العلاقة بين لبنان وسورية لا مشكلة فيها, واي زيارة تذهب باتجاه دعم العلاقة بين النظام السوري وفريق سياسي فهي مرفوضة".
من جهته, رأى النائب غازي يوسف ان مشروع وزير الاتصالات جبران باسيل بتمرير صفقة في قطاع الخلوي سقط في مجلس الوزراء الذي اخذ قرارا بحق باسيل, لافتا الى ان القرار عاد الى الحكومة ولكن باسيل أعطي جائة ترضية بإدارة شبكة "ألفا" لشهرين بالأحوال المتبعة حاليا, وحذر وزير الاتصالات من التوظيف السياسي واعدا بمراقبة أعماله لأنه يخالف شعارات كتلة "التغيير والإصلاح.
في المقابل, قال نائب الأمين العام ل¯"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم "في العلاقة مع سورية أصابتنا الحيرة, فإذا عدنا إلى الطائف والدستور اللبناني فهو يتحدث عن علاقات مميزة مع سورية, حيث لا يوجد دولة ذكر اسمها في الدستور اللبناني إلا سورية, وفي الطائف جاء ذلك تحت عنوان العلاقات المميزة بسبب الجوار الطبيعي الموجود بين البلدين, لكنهم ظنوا أنهم سيحشرون سورية عندما يضغطون باتجاه العلاقات الديبلوماسية, وأن سوريا ستقول "لا", وعندها تكون المشكلة من سورية, ويظهر أن لبنان كان يريد أن تعود العلاقات إلى مستوى رفيع لكن سورية هي التي تمنعت, ففوجئوا أن سورية قبلت بالعلاقات الديبلوماسية وتبادل السفارات, وهنا كيف يتخلصون من هذه السفارات?, بدأوا بالحديث أن السفارة يمكن أن تلعب دورًا أكثر بكثير من الذي كانت تلعبه الأجهزة الأمنية في السابق", وسأل "هل تريدون سفارة أو لا تريدون? تريدون العلاقة مع سورية أو لا تريدون? لا أحد منهم يتجرأ أن يقول إننا لا نريد علاقات بين لبنان وسورية, لأنهم يعلمون أن هذا هو الأمر الطبيعي, وهذا هو الذي ينفع لبنان وسورية".

 النتائج الكاملة لانتخاب 4 أعضاء جدد في مجلس نقابة المحامين
بارود انسحب لزبيب حفاظا على "ميثاق الشرف والوحدة الوطنية"
النقيب جريج: مارسنا الديموقراطية على وجه صحيح واعطينا المثل في المحافظة على الوحدة الوطنية وسأتعاون مع الجميع لخدمة النقابة
الأعضاء الجدد شددوا على التعاون لخدمة النقابة والمحامين جميعا

وطنية - 16/11/2008 (متفرقات) انتخبت الجمعية العمومية لنقابة المحامين، في اجتماع عقدته اليوم، أربعة اعضاء جدد في مجلس النقابة هم: جورج نخلة من التيار الوطني الحر ونال 1945 صوتا، اندريه شدياق من 14 آذار ونال 1833 صوتا، فريد الخوري من 14 آذار ونال 1753 صوتا، وجورج اسطفان من حزب الكتائب ونال 1695 صوتا والعضو الرديف حسين زبيب من حركة أمل ونال 1486 صوتا.

وبعد اعلان النقيب رمزي جريج النتائج، قال: "ان عضو مجلس النقابة المحامي جورج بارود، يريد ان يقول كلمة في خدمة الوحدة الوطنية". ليعقبه بارود بالقول: "انطلاقا من ميثاق الشرف ومن الوحدة الوطنية التي يجب ان لا تغيب عن النقابة، ولاننا لا نقبل ان تغيب فئة عن المجلس، اعلن انسحابي من عضوية مجلس النقابة". بعدها قال النقيب جريج: "أعلن استقالة المحامي جورج بارود من عضوية المجلس، وحل محله المحامي حسين زبيب للمدة المتبقية من ولاية المحامي بارود". ثم ألقى كلمة قال فيها: "ايها الزملاء أود ان تستمعوا لحظة واحدة لما سأقول، انني باسمي وباسم مجلس النقابة اهنىء الفائزين. كما اتمنى للذين لم يوفقهم الحظ متابعة خدمة النقابة. الدرب طويل، وحتما سيحتلون المركز الذين يرغبون به. نحن في النقابة مارسنا الديموقراطية على وجه صحيح، واعطينا المثل في المحافظة على الوحدة الوطنية وعلى الديموقراطية".

وأكد ان نقابة المحامين هي "قلعة الديموقراطية في البلاد"، و"تحافظ على الوحدة الوطنية وعلى وحدتها"، مكررا تهنئته للفائزين، وتمنى على الذين لم يحالفهم الحظ "ان يكونوا على ثقة ان النقابة في حاجة اليهم، وساتعاون معهم في خدمة النقابة".

أضاف: "اني اشكر واهنىء الاستاذ جورج بارود على الخطوة التي أمنت تمثيل جميع العائلات الروحية في مجلس النقابة. وعلى كل حال فان النقيب يمثل الجميع في شخصه، وهو على مسافة واحدة من الجميع".

الفائزون

ثم تعاقب على الكلام الفائزون الأربعة، شاكرين من انتخبهم ومن لم ينتخبهم، وداعين الى وحدة النقابة وسيادة الديموقراطية فيها. فقال جورج نخلة: "ان النقابة تضم كل الآراء، وأنا افتخر بانتمائي الى التيار الوطني الحر، ولكن نحن نقابيين، نحن محامين وستتمثل في النقابة كل الطوائف، منذ العام 1919 النقابة وطنية وستظل كذلك، ويجب ان لا نسخرها لاغراض سياسية وستكون مثلا لكل لبنان". وختم داعيا الى "تجديد عرس الديموقراطية كما هي الحال اليوم".

وخاطب جورج اسطفان زملاءه بالقول: "اننا اليوم في عرس الديموقراطية التي تجسدت على وجوهكم. الديموقراطية التي مارستموها في صناديق الاقتراع، درس يجب ان يقتدي به جميع اللبنانيين، ان يأخذوا العبرة. ان نقابة المحامين هي المنارة التي يجب ان تضيء لهم درب الحرية والسيادة والاستقلال.

أضاف: "اني اعاهد نقيب الوفا،، النقيب رمزي جريج، ان اكون الى جانبه مع اعضاء مجلس النقابة لرعاية شؤون المحامين وتطوير عمل النقابة، بما تشتهون، ونطلب مساعدتكم جميعا في هذا الشأن".

ودعا الجميع لأن "يكونوا جسم النقابة وعقلها والموجهين لها للعمل في سبيل تطوير المحامين".

ثم ألقى حسين زبيب كلمة قال فيها: "اخوتي بالانتماء، ان نقابة المحامين هي امنا جميعا، لقد رفعت في برنامجي شعار النقابة رمز الوحدة الوطنية والتمثيل فيها وطني بامتياز الكل واحد والواحد للكل". وشكر "حكماء النقابة"، مردفا بالقول: "اليوم كان عرسا للديموقراطية، هذا هو لبنان نريده ان يبقى كذلك وان تبقى النقابة رمز الوحدة الوطنية، انها ام النقابات، انها وعاء النخبة وضمانة الحاضر والمستقبل". وختم شاكرا للمحامي بارود خطوته.

واكتفى اندريه شدياق بالقول: "انا كعضو مجلس نقابة، للجميع". وقدم الفوز لروح والده المحامي جوزف شدياق.

وقال فريد الخوري: "نحن تعودنا منذ ان دخلنا الى هذا الصرح، ان نحترم الديموقراطية وان نحترم بعضنا البعض، وان نبني في كل مناسبة انتخابية مدماكا جديدا في مداميك النقابة هذا الصرح العظيم الذي ورثناه عن الاجداد، ونعاهد الجميع ان نتعاون يدا بيد ضمن توجهات النقيب وبالتعاون مع اعضاء مجلس النقابة، لايصال الافكار والطروحات والهواجس التي وعدنا بها قبيل الانتخابات. شكرا لكم ووعد ان ما تكلمنا به في لقاءاتنا الانتخابية لم ينته، واليوم بدأ العمل لتحقيقه".

وجاءت نتائج باقي المرشحين والذين لم يحالفهم الحظ، كالآتي: أسما حسين علي داغر (حمادة) 1176، باسكال انطوان قزي 782، طارق محمد الخطيب 697، زياد نديم حمادة 565، ليلى كميل بو زيد 505، جاد يوسف خليل 453، ناجي محمد ياغي 20، سعيد محمد علامة 17، محمد علي قبيسي 6، اسكندر الياس حداد 5، ولم ينل كل من سالم منيف عولي ونادر منير حمادة ووليد جميل أبو دية أي صوت. فيما وجدت 33 ورقة بيضاء وألغيت 9 أوراق. وبلغ عدد المقترعين 4038 محاميا.

 

المستقلون": المحامية القزي لم تكن مدعومة من أي جهة سياسية أو حزبية

وطنية - 16/11/2008 (متفرقات) جاءنا من المكتب الاعلامي لحركة "المستقلون"، بيانا حول انتخابات نقابة المحامين في بيروت، أوضح فيها "ان المرشحة بسكال القزي، هي مرشحة مستقلة، ولم تكن مدعومة من أي جهة سياسية أو حزبية باستثناء دعم حركة المستقلون لها، وقد نالت 789 صوتا، وهي أعلى نسبة أصوات بين المرشحين المنفردين". وهنأت الحركة المرشحين الفائزين، متمنية "دوام النجاح للممارسة الديموقراطية التي تجلت في انتخابات النقابة اليوم".

 

الجمهورية ليست في بعبدا بل في رئاسة الحكومة.العماد عون أمام وفد المحامين الفائز: الإصلاح الحقيقي يبدأ في الإنتخابات النيابية المقبلة 

موقع التيار العوني/بعد إعلان النتائج، توجه وفد من المحامين برئاسة نخلة الى الرابية للقاء رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي إعتبر أنّ لبنان تجاوز مرحلة الخطر بانتصار وحدته الوطنية، وان التيار الوطني الحرّ والمعارضة لا يفرطّان في الحفاظ على الوحدة هذه، لأنّ العيش المشترك الحقيقي يكون من دون منّة من فريق على آخر، وهذا المفهوم هو اساس تربيتنا ووجود كياننا.

ولفت العماد عون الى وجوب أن يستمرّ لبنان بانتصاره على الفساد المستشري علنًا، لافتاً الى أنّ الإنتخابات النيابية المقبلة ستكون محطّة جديدة لضرب الفساد الذي دعا الجميع الى محاربته. وطالب عون المعارضة بأن تكون موحدّة لتخطّي الصعاب كافة، مذكرّا الجميع بأنّ ضرب وحدة الشعب اللبناني ومناعته كان يهدف الى عرقنة لبنان لتفتيته وذلك لتبرير عنصرية الكيان الإسرائيلي. أضاف العماد عون: "هذا الكيان سيبقى عنصرياً وحده ولا يستطيع أن يهددّنا مرّة اخرى، لأننا حزنا مناعةً التي تتلخّص بان بلدنا الصغير إستطاع بوحدته أن يغلب أكبر قوة تدميرية في الشرق الأوسط".

واسف العماد عون لتنكّر بعض القادة لانتصار لبنان في حربه الأخيرة، لافتاً الى انّ ضرب الإستقرار هدفه العودة بنا الى الوراء ومشيراً الى أنّ لبنان تخطّى مرحلة الخطر. العماد عون رأى أنّ الإصلاح الحقيقي يبدأ بعيد الإنتخابات النيابية عام 2009 عندما تفوز المعارضة بغالبية المقاعد النيابية. وقال: بعض الدول النفطية مصادر الطاقة فيها ظاهرة وليست في حاجة الى التنقيب، وحال هذه الدول هي حال الفساد في لبنان الذي نحن في غنىً عن التفتيش عنه.

واضاف: "بفوز المعارضة في الإنتخابات النيابية المقبلة سيبدأ الإصلاح الحقيقي". سئل  الجنرال: "للحفاظ على الجمهورية يجب الحفاظ على رأس الجمهورية" اجاب: "في الواقع الجمهورية ليست في بعبدا بل في ئاسة الحكومة".

 

اسرار الصحف الصادرة في بيرو=ت صباح اليوم الاحد 16 تشرين الثاني 2008

المستقبل

قالت مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة، أن موفدها الى لبنان مايكل ويليامز، أنجز كل اتصالاته ومشاوراته مع المسؤولين اللبنانيين، قبيل وضع تقريره حول القرار 1701 أمام الأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيحيله خلال الأيام المقبلة على مجلس الأمن الدولي.

عُلم أنه يجري تأمين الاعتمادات المالية اللازمة من أجل تنفيذ المناقلات الديبلوماسية للفئة الثالثة، التي صدرت أخيرا، وينتظر أن يتسلم المعنيون مراكزهم في مطلع السنة الجديدة.

ذكرت مصادر ديبلوماسية لبنانية، أن وزير الخارجية فوزي صلوخ، يفكر في تعيين الديبلوماسيين من الدورة الجديدة في السفارات في الخارج، نظرا للشواغر الموجودة، على رغم عدم إكمال هؤلاء مدة السنتين منذ تسلمهم مناصبهم في الخارجية.

النهار :

رشح ان لجنة من قوى 14 آذار باشرت عقد لقاءات واجراء اتصالات تمهيداً لوضع لوائح انتخابية موحدة في كل الدوائر.

تساءل معنيون: هل ما تردد حول ايعاز جهة اقليمية الى منظمات مسلحة تسهيل القبض على مطلوبين في الشمال يعني ان الجهة نفسها كانت تأمر تلك المنظمات بحماية المطلوبين؟

استغرب نائب في الاكثرية الهجوم على مؤتمر "حوار الاديان" والسكوت المطبق على "حوار" من نوع آخر سوري - اسرائيلي برعاية تركية!

البلد

عكفت الاوساط السياسية ومكاتب استطلاع متخصصة على دراسة نتائج الانتخابات الجامعية لمعرفة المزاج الشبابي واستخلاص ما يفيدهم في الانتخابات النيابية

ذكرت مصادر متابعة ان اصحاب المولدات الخاصة سيضطرون الى تخفيض بدلات الاشتراك الى اكثر من 30 بالمئة بعدما عقد رؤساء البلديات العزم على تشغيل مولدات خاصة باسعار معقولة

 

البطريرك صفير ترأس قداس الاحد في بكركي والتقى وفودا: الامن يخرقه اهل الشر الذين يعيثون فسادا في وضح النهار

المدارس تطالب بما يتوجب لها على الدولة من مساعدات وليس من يسمع فعسى أن يستجاب لهذا المطلب المحق

اذا ارادت كل طائفة ان تقيم وطنا لها فلا يعد هناك وطن

وطنية-16/11/2008 (سياسة) ترأس البطريريك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي عاونه فيه المطران شكر الله حرب، الامين العام للبطريركية الاب ريشار ابي صالح، القيم البطريركي الخوري جوزف البواري، في حضور القنصل ايلي نصار، رئيس مكتب مخابرات جبل لبنان العقيد ريشار الحلو، رئيس مكتب مخابرات كسروان - الفتوح العقيد جوزف قرعا، وحشد من الفعاليات الحزبية والاجتماعية والنقابية والمؤمنين.

بعد الانجيل المقدس القى البطريرك صفير عظة بعنوان " علمنا، يا رب، ان نصلي"، تابع فيها الحديث عن الصلاة الربية، كما ورد شرحها في كتاب قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في كتابه المعنون: "يسوع الناصرة"، وفي ما يلي نص العظة:

"ان العبارة التي أوردناها سابقا، تعود، بحسب القديس مبارك، الى المزامير، وهو أكبر كتب صلاة شعب الله في العهد القديم والجديد: وهي كلمات أعطاها الروح القدس للناس، فهي من روح الله الذي صار كلمة. وهكذا إنا نصلي " بالروح" مع الروح القدس. طبعا، هذا يصح بأولى حجة على الأبانا. عندما نتلو الأبانا، نصلي الى الله بكلمات أعطاناها الله. يقول القديس قبريانوس، ويضيف: عندما نقول: الأبانا، يتحقق فينا وعد المسيح المتعلق بالعبدة الحقيقيين الذين يعبدون الآب "بالروح والحق". المسيح، الذي هو الحقيقة، أعطانا الكلمات، وبها يعطينا الروح القدس. ويبرز هنا شيء من خواص الصوفية المسيحية. وهي لا تكون بأن نغوص في ذاتنا، بل أن نلتقي روح الله في الكلام الذي يتقدمنا، وهي لقاء مع الأبن والروح القدس، وبالتالي، انها دخول في اتحاد مع الله الذي هو، في وقت معا، دائما فينا وفوقنا".

اضاف:" فيما يمهد متى للآبانا بتعليم مسيحي قصير يتناول الصلاة بوجه عام، نجد أن لوقا قد وضعها في اطار آخر، عندما كان يسوع على طريق القدس. وقد مهد لوقا للصلاة الربية بهذه الملاحظة: " وكان يسوع يصلي في أحد الأماكن، ولما انتهى قال له احد تلاميذه: يا رب ، علمنا أن نصلي".

وتابع:"الاطار كان اذن الاجتماع بيسوع وهو يصلي، وهذا ما أيقظ لدى التلاميذ الرغبة في أن يعلمهم الصلاة. وهذا ما تميز به لوقا الذي أفرد ليسوع، وهو يصلي، مكانا خاصا في انجيله. ان عمل يسوع بكامله يصدر عن صلاته، فهي تحمله. وهكذا، ان أحداث طريقه الجوهرية التي انكشف فيها شيئا فشيئا سره، بدت كأحداث صلاة. ان اعتراف بطرس بايمانه بيسوع، عندما جاهر بأنه قدوس الله، يقع في اطار ملاقاته يسوع، وهو في صلاة.ان تجلي يسوع هو أيضا حدث صلاة".

وقال:"ان يكون لوقا وضع الأبانا في اطار صلاة يسوع الشخصية عينه، له معناه. فهو يجعلنا هكذا نشترك في صلاته، ويقودنا الى داخل حوار المحبة الثالوثية الحميم. وهو يسمو، اذا صح القول، بمخاوفنا البشرية الى قلب الله. وهذا يعني ، فوق ذلك، ان كلمات الأبانا تدلنا على طريق الصلاة الداخلية. فهي تمثل اتجاهات وجودنا ألاساسية، وتريد أن تجعلنا على مثال صورة الابن. ان معنى الأبانا يفوق ايصال عبارات صلاة بسيطة. انه يريد أن يصوغ كياننا، ويضعنا في استعدادات يسوع عينه.بالنسبة الى شرح الأبانا هذاعني أمرين. اولا، انه لمن الأهمية بمكان أن نصغي بقدر ما يمكن من الدقة الى كلمة يسوع ، كما وصلت الينا في الكتاب المقدس. وعلينا، قدر المستطاع، أن نسعى الى معرفة الأفكارالتي أراد يسوع أن ينقلها الينا بهذه العبارات. ولكن علينا ألا يغيب عن بصرنا أن الأبانا تأتي من صلاته الخاصة، من حوار الابن مع آبيه. وهذا يعني أنه يغطس في عمق كبير، يتجاوز الكلمات. وهو يلف مساحة بشرية كل لأزمنة، ولهذا ان شرحا تاريخيا صرفا، مهما كان ضروريا، لا يمكنه ان يسبر غوره".

اضاف:"ان المصلين الكبار استطاعوا، في كل العصور، بفضل اتحادهم الحميم بالرب، أن ينزلوا الى الأعماق متجاوزين الكلمات، وهم باستطاعتهم أن يواصلوا ايصالنا الى غنى الصلاة المخفي. وباستطاعة كل منا، بفضل علاقته الشخصية بالله، أن يشعر بأنه مرحب به بهذه الصلاة التي تحفظه. وهو عليه، بعقله، وروحه الخاص، أن يذهب باستمرار الى ملاقاة الصوت، الكلمة الآتية من الآبن الينا، وعليه أن ينفتح عليها وينقاد لها. وهكذا ينفتح قلب كل مؤمن، ويرى كيف أن الرب يريد في ذلك الوقت أن يصلي معه. ان لوقا نقل الينا الأبانا بصيغة قصيرة، ومتى بالصيغة التي قبلتها الكنيسة، والتي تستمر في استعمالها في صلاتها. والجدل المتعلق بأسبقية هذه أو تلك من الصيغ ليس نافلا، ولكنه ليس قاطعا. وانا نصلي، في هذه الصيغة أو تلك، مع يسوع، وانا نعترف بأن صيغة متى التي تنطوي على سبع طلبات، تطور بوضوح ما يبدو عند لوقا مشارا اليه جزئيا فقط".

وتابع:" وقبل أن ندخل في التفسير المفصل، لنر الآن سريعا ما هي بنية الأبانا كما نقلها الينا متى. فهي تتألف أولا من ابتهال أولي ومن سبع طلبات. ثلاث منها بصيغة المخاطب المفرد، وأربع بصيغة المخاطب بالجمع. في الطلبات الثلاث الأولى، يتعلق الأمر بالله في العالم، وفي الطلبات الأربع التالية فالأمر يتعلق بآمالنا، وحاجاتنا، ومصاعبنا.ويمكننا أن نقارن العلاقة بين هذين النوعين من المطالب في الأبانا بالعلاقة بين لوحي الوصايا التي هي في الواقع توسيع لجزئي الوصية الأساسية - وهما محبة الله ومحبة القريب - وهما يقوداننا الى الدخول في طريق المحبة. وهكذا، فان الأبانا تؤكد أولوية الله التي تنبع منها طبعا مسألة كيف أن يكون الانسان عادلا. وهنا، أيضا يتعلق الأمر أولا بطريق المحبة، التي هي في الوقت عينه طريق الارتداد. ولكي يستطيع الانسان أن يطلب بطريقة جيدة، عليه أن يبقى في الحقيقة. والحقيقة هي أولا الله، وملكوت الله. قبل كل، يجب أن نخرج من ذواتنا، وننفتح على الله. وما من شيء يكون في مكانه، ما دمنا نحن لسنا في مكاننا الصحيح بالنسبة الى الله. ان الأبانا تبتدىء بالله وتقودنا، انطلاقا منه، على طرق " كينونتنا انسانا"، وفي النهاية، ننزل الى آخر تهديد للانسان الذي يراقبه الخبيث. وهنا، قد نبرز فينا صورة تنين سفر الرؤيا، الذي يشن الحرب على الناس، "الذين يحافظون على وصايا الله ويشهدون ليسوع". غير أن البداية تبقى دائما حاضرة: نعرف أن أبانا هو الى جانبنا، وأنه يمسك بيدنا، ويخلصنا. ان الأب هانس بيتر كولفانباخ يتحدث في كتابه التمارين الروحية عن شيخ ارثوذكسي لم يكن باستطاعته أن يمتنع عن "حمل الناس على تلاوة الأبانا مبتدئا بآخر كلمة، لكي يصبح المصلون أهلا لختم الصلاة بالكلمات الأولية: أي الأبانا. بهذه الطريقة، كان يقول، نأخذ الطريق الفصحية: " نبدأ في الصحراء بالتجربة، ونعود الى مصر، ونسير مجددا في طريق الخروج بمراحل الغفران، ومن الله، لنصل بنعمته تعالى الى أرض الميعاد، أي ملكوت الله، حيث يجود علينا بسر اسمه: الأبانا".

اضاف:"ان الطريقين:الصاعدة والنازلة باستطاعتهما معا أن تذكرانا بأن الأبانا هي صلاة يسوع، وانها تستضيىء ابتداء من الاتحاد به. انا نصلي الى الآب الذي في السماوات، والذي نعرفه عبر ابنه، ويسوع يقف دائما وراء المطالب، على ما سنرى ذلك في الشروح المفصلة. وأخيرا بما أن الأبانا هي صلاة يسوع، فهي صلاة ثالوثية .انا نصلي الى الآب، مع يسوع، وبالروح القدس.أبانا الذي في السماوات .اننا نبدأ بالتوجه الى الآب. يقول راينهولد شنيدر في شرحه للأبانا:ان الأبانا تبدأ بأن تحمل الينا تعزية كبرى : باستطاعتنا أن نقول أبانا. هذه الكلمة تحتوي على كل تاريخ الفداء. بامكاننا أن نقول آب، لأن الابن كان أخا لنا، وهو من كشف لنا عن الآب. لأنا بعمل الابن اصبحنا مجددا أبناء الله. غير ان التعزية الكبرى، بالنسبة الى انسان اليوم، التعزية التي تنطوي عليها لفظة " آب" ، ليست واضحة، لأن اختبار الآب هو غالبا اما أن يكون غائبا تماما، أما أن يلقه عجزالآباء. وهكذا علينا أن نتعلم قبل كل شيء، انطلاقا من يسوع، ما تعني لفظة " أب" من وجه الضبط. عندما يتكلم يسوع، يبدو الآب كينبوع كل خير، كمعيار الانسان الذي أصبح بارا (كاملا): "أنا أقول لكم :أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل مضطهديكم، لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، لأنه يشرق بشمسه على الأشرار والأخيار". ان المحبة التي تذهب الى النهاية، والتي أتمها يسوع على الصليب برفعه الصلاة من أجل أعدائه، تظهر لنا طبيعة الآب. انه هذه المحبة. لأن يسوع أتم هذه المحبة ، فهو بكليته "ابن"، وهو يدعونا - انطلاقا من هذا المقياس - أن نكون بدورنا "أبناء".

وتابع:" لننظر الآن في نص آخر.ان يسوع يذكر بان الآباء لا يعطون حجرا الأولاد الذين يسألون خبزا، ويتابع قائلا:" اذا كنتم أنتم الأشرار تعرفون أن تعطوا ابناءكم العطايا الصالحة، فكم بالحري أبوكم السماوي يمنح الصالحات الذين يسألونه". ولوقا يعين "الخير" الذي يعطيه الآب، بقوله:" فكم بالأحرى الآب الذي يمنح الروح القدس من السماء الذين يسألونه" .هذا يعني أن عطية الله هي الله عينه. "الخير" الذي يعطينا هو ذاته. هذا المقطع يظهر بطريقة مفاجئة ما المقصود من الصلاة. ليس المقصود هذا أو ذاك، المهم فقط أن الله هو الذي يريد أن يعطينا ذاته: هذه هي عطية جميع العطايا، "الشيء الذي لا بد منه".الصلاة هي طريق تقودنا تدريجيا الى أن ننقي رغائبنا، ونصلحها، ونكتشف، شيئا فشيئا، ما ينقصنا حقا: أي الله وروحه".

اضاف:" ان الله ليس ضائعا في سمائه، انه في داخلنا، فهو يقيم فينا، شرط ألآ نطرده بطيشنا وجهلنا. واذا كان الله رقيبا علينا، فكل ما نصنعه، وما نفكر به فهو ماثل أمام ناظره. لذلك علينا دائما أن نكون في يقظة مستمرة".

وختم بالقول:" هو لا تفوته الحالة التي نعيش فيها، وخاصة الأمن الذي يخرقه أهل الشر الذين يعيثون فسادا في وضح النهار حتى في الاماكن المكتظة بالسكان. ومن واجب الأهلين وبخاصة العائلة والمدرسة أن تسهرا على تنشئة الأجيال على الفضائل ومكارم الأخلاق. ولكن المدارس لا تزال تطالب منذ، أشهر، لا بل منذ سنوات، بما يتوجب لها على الدولة من مساعدات، وليس من يسمع ويستجيب. فعسى أن يكون هناك من يستجيب لهذا المطلب المحق".

والتقى البطريرك صفير بعد القداس وفدا من بلدة لاسا وآل المقداد في قضاء جبيل برئاسة طلال المقداد الذي اكد على "مواقف بكركي الوطنية الجامعة والتي تعبر عن شجون وهموم اللبنانيين جميعا من مختلف طوائفهم ومذاهبهم"، معلنا "العمل بوصية الامام المغيب موسى الصدر التي تدعو للحفاظ على العيش المشترك".

ورد البطريرك صفير بالتاكيد على "اهمية التضامن بين ابناء الوطن الواحد"، لافتا الى انه "بتضامننا وتضافرنا كلبنانيين نستطيع انقاذ وطننا"، مشددا على "ضرورة المحافظة على العيش المشترك".

ورأى ان "لبنان يتميز بتعدد الطوائف فيه، وهذا غنى كبير للانسانية"، لكنه حذر من انه "اذا ارادت كل طائفة ان تقيم وطنا لها فلا يعد هناك وطن".

وكان البطريرك صفير التقى العديد من الفعاليات والمؤمنين المشاركين في القداس ومن ابرزهم: مدير الشؤون العقارية في لبنان بشارة قرقفي، رئيس واعضاء الهيئة الادارية الجديدة لجامعة آل خويري برئاسة جورج الياس الخويري. وظهرا استقبل جمال الجعفوري ناقلا اليه دعوة من رئيس حزب البعث في لبنان فايز شكر للمشاركة في الاحتفال الذي سيقام في ذكرى الحركة التصحيحية للحزب في 17 الجاري.

 

الوزير متري بعد زيارته البطريرك هزيم في مقر البطريركية في دمشق: جئت لأخذ البركة ومعروف ما يشدني لهذه الدار من روابط عميقة ووثيقة

مشاركتي كوزير يمثل حكومته في اجتماع عربي في دمشق لا تتطلب توضيحا

وطنية - دمشق - 16/11/2008 (سياسة) قال وزير الاعلام طارق متري، بعد لقائه بطريرك انطاكيا وسائر المشرق لطائفة الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم، ردا على سؤال حول الهدف من زيارته الى دمشق: "أنا أزور بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس، أزور سيدنا البطريرك لاخذ بركته. ومعروف ما يشدني الى هذه الدار وسيدنا البطريرك من روابط عميقة ووثيقة،انا في دمشق، وهذا شيء معروف، للمشاركة في اجتماع وزراء الاعلام والاتصالات العرب، وهذا اجتماع دوري تنظمه الجامعة العربية، ودمشق تستضيف هذا الاجتماع وأتيت للمشاركة مثلي مثل أي وزير عربي".

سئل: هل تأتي هذه الزيارة في إطار التنسيق بين البلدين؟

أجاب: "هذا أمر مختلف، لقد أتيت في إطار حضور اجتماع وزراء الاعلام والاتصالات العرب، كما أتى الوزير تمام سلام الى دمشق في إطار حضور اجتماع وزراء الثقافة العرب، وهذا أمر معروف ولا شيء غريب، الامر طبيعي جدا، ونحن نشارك في كل الاجتماعات العربية، وهذا الاجتماع يعقد في دمشق وأنا سعيد للمشاركة فيه مشاركة كاملة".

وردا على سؤال حول ان البعض في لبنان علق على هذه الزيارة كون الوزير متري أول وزير من فريق الأكثرية يزور دمشق، أجاب: "انا وزير لبناني، أمثل الحكومة اللبنانية بصفتي وزيرا للاعلام أشارك في اجتماع عربي في دمشق وهذا أمر واضح لا يتطلب توضيحا إضافيا".

أضاف: "نحن في لبنان لدينا ميل الى التحدث كثيرا عن أشياء، نزيد ونبالغ ونوحي ونلح ونغالي في تفسير الاشياء البسيطة، هذا أمر بسيط واضح لا يحتمل اللبس".

 

جريح في طرابلس جراء اشكال على خلفية تعليق صور

وطنية - 16/11/2008 (أمن) افاد مندوب الوكالة الوطنية للاعلام في طرابلس عبد الكريم فياض، ان شجارا وقع عصر اليوم في المدينة بين فادي الشلبي وعبد السلام الصفدي (فلسطيني الجنسية)، على خلفية تعليق صور، اقدم على اثره الصفدي على اطلاق النار على الشلبي ما ادى الى اصابته بجروح، وتم نقله الى مستشفى "النيني" للمعالجة، فيما لاذ مطلق النار بالفرار. وعلى الفور حضرت القوى الامنية وفتحت تحقيقا بالحادثة وبدأت بتعقب الصفدي.

 

النائب حرب رحب بمقرارات مجلس الوزراء المؤيدة للجنة المتابعة اللبنانية-السورية والرافضة للعودة الى عهد العقود بالتراضي

وطنية-16/11/2008(سياسة) رحب النائب بطرس حرب في بيان ب"المقررات الصادرة عن مجلس الوزراء في جلسة البارحة، ولا سيما القرار المتعلق بلجنة المتابعة لاجتماع وزيري الداخلية اللبناني والسوري من جهة، والقرار المتعلق برفض العودة إلى عهد العقود بالتراضي التي تجريها الدولة اللبنانية، بالنظر لما تتضمنه هذه العقود من مخالفات لقانون المحاسبة العمومية وما تسبب من هدر يطال الأموال العمومية.

وقال النائب حرب:"في ما يتعلق بالموقف الصادر عن مجلس الوزراء بالنسبة للجنة المتابعة جاء ليحسم القرار والغموض الذي ساد حول زيارة وزير الداخلية زياد بارود، وليضع حدا لحالة البلبلة التي نشأت حول المخاوف من العودة إلى العلاقات التي كانت قائمة سابقا بين لبنان وسوريا والتدخل السوري في الشؤون اللبنانية، وحول كيفية احترام المبادىء التي ترعى العلاقات الدولية بين الدول المستقلة والتي ترمي إلى تعزيز هذه العلاقات من دون أن يؤدي ذلك إلى الإفتئات على سيادة أي من الدول أو التدخل في شؤونها الداخلية". ولفت الى أن "الموقف الذي اتخذه مجلس الوزراء أمس بعد مناقشة التقرير الذي رفعه الوزير بارود جاء سليما لأنه:

اولا:وافق على ما قام به الوزير بارود والذي نفذ بنظري المهمة المنوطة به بشكل سليم لا يتعارض مع مبادئ السيادة والإستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

ثانيا:كرس التوجه السياسي لبناء علاقة سليمة بين لبنان وسوريا وعلى أسس واضحة لا لبس فيها.

ثالثا-وضع الضوابط لصلاحيات أي لجنة يمكن أن تنشأ على أساس إعادة العلاقة بين لبنان وسوريا.

رابعا-أكد على أن لا إمكانية لإحياء أي اتفاقية أو لقيام أي لجنة حتى في مجال التنسيق الأمني من دون موافقة السلطات المختصة، ولا سيما مجلس الوزراء الذي يتحمل مسؤولية هذه القرارات، وهذا ما يعيد الإطمئنان إلى نفوس الناس ويؤكد على أن المنحى الذي اتخذته العلاقات اللبنانية - السورية بعد الخروج السوري من لبنان، أي إعادة تكريس سيادة اللبنانيين وحرية قرارهم وعدم تدخل السوريين في شؤونهم الداخلية، وهو ما يزيل الغموض حول بعض التفسيرات لما قام به وزير الداخلية الذي قام بنظري بواجبه في إطار ما تسمح به القوانين اللبنانية والدستور ومبادىء العلاقات الدولية.

وتابع النائب حرب:"أما في ما يتعلق بموضوع الهاتف الخليوي فأعتبر أن مجلس الوزراء قد وضع حدا نهائيا لما كنا نشكو منه في الماضي، والذي كنت أنا شخصيا أحد أبرز معارضيه، وهو عدم القبول بأي عقد بالتراضي يقوم به أي مسؤول في الدولة اللبنانية أو أي وزارة لبنانية مع أي شركة لبنانية أو غير لبنانية، وذلك لمخالفة هذه العقود لقانون المحاسبة العمومية من جهة، ولما يمكن أن تفسحه هذه العقود من إمكانية لهدر الأموال والتلاعب الذي يفسح المجال بالإعتداء على الأموال العمومية وتحقيق الإثراء غير المشروع من جهة ثانية".

واعتبر أن "ما ذهب إليه مجلس الوزراء أمس برفض عرض وزير الإتصالات التعاقد مع إحدى الشركات اللبنانية خلافا لما قرره مجلس الوزراء وكلفه به، أعاد الأمور إلى نصابها ومنع الانحراف في الممارسة وكرس مبدأ منع أي وزير من مخالفة القوانين ولا سيما المحافظة على الأموال العمومية من خلال رفض الشروط التي كان وزير الإتصالات وافق عليها خلال مباحثاته مع إحدى الشركات الفرنسية ومن خلال المشروع الذي رفعه إلى مجلس الوزراء، والقاضي بزيادة الإلتزامات المالية للدولة اللبنانية بموجب الإتفاق الجديد مع هذه الشركة. أضاف النائب حرب:"ان قرار مجلس الوزراء أعاد الأمور إلى مجراها القانوني ورفض عرض الوزير بإجراء أي عقد بالتراضي كما أنه فرض على الوزير المذكور أن يعمد إلى استدراج عروض بلائحة يجب أن تطرح على مجلس الوزراء لمعالجة مشكلة الهاتف، وفرض على الوزير تحضير دفتر شروط للتلزيم لفترة سنة أو سنتين للتعاقد مع الشركات التي يوافق عليها مجلس الوزراء على أساس الشروط ذاتها التي كانت قائمة، مع مطالبة الوزير بتحسين وخفض الإلتزامات المالية للدولة وليس زيادتها كم جاء في مشروع الإتفاق الذي عرضه الوزير".

وختم:"مشكلة الهاتف الخليوي التي يعاني منها اللبنانيون الأمرين منذ أشهر عديدة بدأت قبل عهد الحكومة الحالية واستفحلت معها يجب أن تعالج بالشكل الملائم دون التذرع بالحاجة لمعالجة سوء إدارة إحدى الشركتين وأعني بها " ألفا" وتحسين خدمة الهاتف الخليوي من دون مخالفة القوانين.

فمسلكية شركة " ألفا"التي أدارت في المرحلة الماضية قطاع الإتصالات غير مقبولة وتشكل اعتداء على حقوق الناس في التمتع بحق التواصل الخليوي بالكلفة المعقولة وبمستوى لائق من الجودة، إلا أن هذا الأمر الواجب معالجته والذي كان ينبغي معالجته في الشهور الأربعة الأخيرة وقبلها، لا يبرر إطلاقا الخروج على النصوص القانونية ولا يبرر إطلاقا إجراء الإتفاقات بالتراضي. ومن هذا المنطلق رحبنا بقرار مجلس الوزراء الذي حال دون الخروج عن القواعد القانونية بحجة الحاجة أو الإستعجال أو الضرورة".

 

النائب جنبلاط رعى احتفالا للجمعية الدرزية- البريطانية في لندن

ابو زكي: لإخراج لبنان من الصراعات البغيضة وإدخاله حقبة السلام

وطنية - 16/11/2008 (مفترقات) أقامت الجمعية الدرزية- البريطانية لمناسبة مرور 25 عاما على تأسيسها، حفل عشاء ساهر في العاصمة البريطانية، رعاه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ممثلا بالعميد عصام ابو زكي رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والعلاقات الخارجية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في لبنان. حضر الحفل الى جانب اعضاء الجمعية، سفيرة لبنان في بريطانيا انعام عسيران وحشد من الشخصيات.

وتحدث في الاحتفال رئيس الجمعية الدرزية- البريطانية شوقي مكارم عن نشاطات الجمعية واسهاماتها في مجال العمل الخيري والانمائي. واعقبه كلمة للعميد ابو زكي اكد فيها على اهمية التواصل ما بين لبنان المقيم والمغترب. ورأى انه "بات من الضروري ان يصبح لبنان خارج دوامة الصراعات الداخلية البغيضة وان يدخل حقبة سلام في دولة تعطي المواطن، ايا كان انتماؤه، حقه من دون منة وفي ظل مؤسسات العدل والمساواة. وقال: "حين يصبح بإمكاننا جميعا أبناء هذا الوطن خدمة اهداف جديدة تتخطى حدود الاوطان والطائف الى خدمة البشرية جمعاء نكون قد حققنا انجازات مهمة في مقدمها ابقاء الكوكب الذي نعيش فيه مكانا آمنا للحياة يسوده السلام". وتطرق ابو زكي الى الاحداث الامنية التي حصلت في لبنان خلال الفترة السابقة و"التي زرعت ارض الوطن بالعديد من الشهداء الذين رووا أرضه بدمائهم الطاهرة وابرزهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قدم للبنان دمه وماله وبنى خططا ونفذ المشاريع التي اعادت الى لبنان مجده وعزه ليقدم له لاحقا روحه الطاهرة قربانا على مزيج التضحية من اجل لبنان". وكان العميد ابو زكي التقى خلال زيارته، فاعليات قوى "14 آذار" في بريطانيا وناقش معهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما "سبل تعزيز التنسيق بين جماهير "14 آذار" في الاغتراب والمركز في بيروت".

 

ابو جمرا في لقاء سياسي مفتوح في النبطية حول "التطورات الاقليمية": الوثيقة بين "حزب الله"و"التيار" خريطة طريق للمصالحات بين اللبنانيين

وطنية - النبطية - 16/11/2008 (سياسة) عقد لقاء سياسي مفتوح مع نائب رئيس الحكومة اللواء عصام ابو جمرة تحت عنوان:"الواقع الراهن والتطورات الاقليمية"، بدعوة من مركز الامام الخميني الثقافي في النبطية، في حضور رئيس المركز الشيخ غالب حلال، المسؤول الثقافي ل"حزب الله" في الجنوب الشيخ محمد جمعة، رئيس بلدية النبطية مصطفى بدر الدين، رئيس رابطة مخاتير النبطية نمر نصار، المدير الاقليمي لوزارة الشؤون الاجتماعية في النبطية زاهي ابراهيم وحشد من الشخصيات والفاعليات. بعد ترحيب من الحاج عماد عواضة، استهل اللواء ابو جمرة كلامه بتوجيه التحية للنبطية واهلها على صمودهم في وجه العدوان الاسرائيلي، ناقلا تحيات النائب العماد ميشال عون الى اهالي المنطقة.

وقال: "ان الوثيقة بين التيار الوطني الحر و"حزب الله" هي خريطة طريق، والاستراتيجية الدفاعية التي وضع الجنرال عون تصورها بناء لتكليف لجنة الحوار هي استراتيجية وضعها جنرال قضى معظم حياته على الحدود، وشارك في عمليات عديدة ضد اسرائيل وفي عمليات عديدة لحفظ الامن، واستلم السلطة 15 عاما ونفي، وشاهد بعد عودته مشاهد اسرائيل الوحشية في تموز وما فعلته في لبنان واستنتج استراتيجية دفاعية سهلة بعدما درس وضع لبنان وقوته العسكرية والشعبية ودرس وضع العدو وقوته العسكرية وضعفه الشعبي واستنج منها ما هو متوافق كليا مع البيان الوزاري في المادة 24 الذي ورد فيها ان لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته سيحمي ارضه وسيرد اي اعتداء على هذه الارض".

اضاف: "يجب ان تكون علاقاتنا بايران قوية لانها دولة تحترم تكويننا وشعورنا ونظام وطننا اللبناني. فلماذا هذه الحملة على هذه الزيارة، ان اللبناني يريد بعدا في الخارج وليس بعدا خارجيا في لبنان، نريد ان نتعامل مع سفراء الدول الصديقة، ولكن نحن لبنانيون وتبقى مصلحة لبنان اولا واخيرا، والآن عندما قال الجنرال عون انه يريد زيارة سوريا بدأ إطلاق النار الخارج عن المفهوم الوطني للزيارة".

ونوه بزيارة وزير الداخلية زياد بارود الى سوريا "الذي ذهب بتكليف من مجلس الوزراء وهو رجل مؤسساتي يتقيد بالاصول ويعرف حدوده، وقام بمهمته وهذه من أبسط الامور التي من الممكن ان تكون بين دولتين مثل لبنان وسوريا. هناك تداخل في الحدود، من هنا تاتي العلاقات الدبلوماسية مع سوريا ويكون هناك ملحق عسكري وملحق اقتصادي وملحق سياسي لحل الامور العالقة بيننا وبين جيراننا، وقد تشكلت لجنة لمتابعة الوضع ريثما يتم انشاء السفارتين".

وتطرق اللواء ابو جمرا الى موضوع الانتخابات، فقال: "الوثيقة بين "حزب الله" والتيار الوطني الحر هي خريطة طريق للمصالحات بين اللبنانيين وللوفاق اللبناني - اللبناني نجحت في بعض النقاط وكان هناك لقاءات ونتمنى من كل قلبنا ان تنتهي التشنجات"، مؤكدا "الوفاق في الانتخابات النيابية والتحالف ما بين "حزب الله" والتيار الوطني الحر و"أمل"، المعارضة يجب ان تحصد في الانتخابات 65 نائبا بالزائد لتصبح أكثرية في المجلس النيابي من اجل ان ننتقل الى مشروع الاصلاح والتغيير الذي دونه عقبات يجب ازالتها، ففي النظام البرلماني اذا لم يكن لديك أكثرية لا يوجد عندك قرار في المجلس النيابي ولا قرار في الحكومة بل سنعيش على الهامش".

وشدد ابو جمرة على "ضرورة ان نحصد في الانتخابات اكثر من 65 نائب، اذا حصلنا على الاكثرية تقفون وتسألون ماذا يجري؟ وماذا لا يجري؟ وباستطاعتكم ان تحاسبوا الذي لا يعمل لكم، ولا لمشروع الاصلاح والتغيير الذي يحتاج الى تضافر الجهود بين قوى المعارضة. والجنرال عون لا يعمل الا لمصلحة لبنان، على المعارضة ان تأتي الى مجلس النواب المقبل ب 65 نائبا، واذا أتينا ب 63 نائبا فقط كأننا لم نفعل شيئا".

ولفت الى "انه نتيجة التنسيق في ما خص الشبكات التي وضعت يدها عليها مخابرات الجيش تبين ان هناك شبكات غريبة تعمل على ارض لبنان ووزير العدل أبلغنا ان هناك تقدما في التحقيقات".

 

علوش لـ almustaqbal.org : عون مثل وهّاب وقنديل... و14 آذار ستنتصر

 موقع تيار المستقبل/عبدالله بارودي

أكد عضو كتلة "المستقبل" النائب مصطفى علوش أن المجتمع الدولي والعربي بات مدركاً أساليب النظام السوري، ومن هذا المنطلق طالبنا بتحقيق عربي لمتابعة قضية "فتح الإسلام". ورأى علوش في حديث إلى almustaqbal.org أن وزير الداخلية زياد بارود فعل حسناً بإعلانه أن الغاية من اللجان التي شكلت خلال زيارته لسوريا درس سبل التعاون والمتابعة بين البلدين لا أكثر، بينما اعتبر زيارة النائب ميشال عون لدمشق "طبيعية ولن تأتي بالجواب الشافي عن قضية المعتقلين في السجون السورية، لأن هذا الملف يحمل في طياته الكثير من الإحراجات لذاك النظام". ولفت الى أن المؤتمر الذي سيعقد في "البيال" الشهر المقبل يحمل الكثير من المعطيات الايجابية التي تشفي غليل محبي قوى 14 آذار، وأن لا داعي لتوسيع طاولة الحوار، وقد يكون ذلك ممكناً بعد الانتخابات النيابية المقبلة.

وقال إن "قوى 8 آذار ستعلن فوزها قبل الانتخابات، لأنها لن تتمكن من ذلك بعد الانتخابات" ، ونفى وجود خلافات بين قوى 14 آذار، موضحاً أن "ثمة اختلافات في الآراء ربما وليس على الثوابت".

الإرهاب ... والشمال

علوش استهلّ بالحديث عن محاولة النظام السوري صبغ الشمال بصفة الإرهاب، قائلاً: "واضح أن هذا النظام يستخدم ملف الإرهاب للسعي من خلاله إلى دخول المجتمع الدولي مجددا، وضحيته الرئيسية منذ أكثر من ثماني سنوات منطقة الشمال. والواقع ان أحداث الضنية كانت من أهم الشواهد على هذا الموضوع، وكان الإصرار الواضح كبيراً على هذه النقطة في الأشهر الماضية، خاصة من خلال ربط مسألة السلفيين بالارهاب والتشديد على أن منبع الارهاب هو مدينة طرابلس.

والحقيقة أن الطريقة المباشرة التي واجه بها "تيار المستقبل" هذه القضية كانت من منطلق المصالحات التي قادها النائب سعد الحريري لقطع دابر أي محاولة للتخريب. ورغم ذلك استمرت المحاولات من خلال التفجيرات التي ارتكبتها حركة "فتح الاسلام"، ومن خلال استعمال النظام السوري لها باعتبارها موضوعا مركزيا يمهد لعودته الى لبنان. ولا شك أن هناك صعوبة في مواجهة هذا الموضوع، لكن المجتمع الدولي أصبح مدركاً لأساليب النظام السوري وحبائله، ونحن من أجل الوصول الى خواتيم واضحة طلبنا التوجه الى لجنة تحقيق عربية لمتابعة قضية "فتح الإسلام". ورأيي أنها الطريقة الأسلم للمواجهة، بالاضافة الى أننا نحاول باستمرار إطلاع الرأي العام المحلي والخارجي على الحقائق وضرورة عدم ربط الفكرة السلفية بالإرهاب .

وعن الشائعات القائلة باحتمال ظهور "فتح اسلام" آخر في مخيم آخر، قال: "أعتقد أن قضية "فتح الإسلام" استنفدت إلى حد كبير، ولم تكن لتظهر بهذا الحجم لولا المساعدات التي تلقاها هذا التنظيم الإرهابي عبر الحدود اللبنانية ــ السورية، والرعاية التي حظي بها، علماً أن معظم الذين انضووا تحت لواء "فتح الاسلام" كانوا يعتقدون أنهم متوجهون الى الجهاد، بالاضافة الى أنه لم يعد هناك ملاذ آمن وواسع داخل لبنان لهذه المجموعات بعد زوال ظاهرة مخيم نهر البارد. الوضع مختلف جداً في مخيم البداوي حيث أظهرت عناصر فلسطينية العداء الشديد لهذه الظاهرة. قد يكون هناك مجال في مخيم عين الحلوة ولكن الفصائل الفلسطينية هناك أيضاً مدركة لخطورة الموقف وتواجه التنظيم الإرهابي باستمرار. لكن كل هذا لا يمنع احتمال خرق مخابراتي يعطي اسم "فتح الاسلام" في المستقبل لارتكاب عمل تخريبي ما، صغير أو متوسط الحجم".

التعويضات

وعن ملف التعويضات لأهالي باب التبانة قال النائب علوش: "استطاع "تيار المستقبل" بفضل جهود رئيسه تأمين الأموال اللازمة للتعويضات، أما سبب الإصرار على اعطاء هذه الأموال للهيئة العليا للاغاثة فيأتي من باب تسهيل صرفها من جهة، ولإقفال الباب على احتمال الزعم أن هذه الأموال تصرف لغايات وأهداف سياسية أو انتخابية، وأيضاً لتسهيل التعاون بين أبناء منطقة جبل محسن وهيئة الاغاثة. ونحن في صدد متابعة هذه القضية وقد تمت زيادة لجان التخمين ولجان الكشف. هناك اصرار ومتابعة دائمين من قبلنا بهذا الخصوص. وإذا شعرنا بأيّ مراوغة فإننا حتماً سنعود لنتدخل من جديد".

وحول قضية انتشار الجيش السوري على الحدود الشمالية بذريعة ضبط التهريب على الحدود قال: "هناك أنواع من التهريب عبر الحدود. وتهريب البضائع قائم منذ القدم. وفي رأيي أن هناك تداخلاً كبيراً بين المافيات المحلية والسورية. لكن الموضوع الأهم يتعلق بمسألة تهريب الأسلحة والارهابيين والملفات السياسية والعسكرية عبر الحدود، وهذه مسألة أخرى. أعتقد أن القسم المتعلق بالتهريب العادي لم ولن يتوقف، أما بالنسبة للجانب السياسي فأظن أن المسألة لا تزال غير واضحة، النظام السوري يريد أن يؤكد للعالم وبالأخص أوروبا وأميركا أنه ينفذ القرار 1701 الذي يفرض ويفترض عدم تهريب أي نوع من السلاح، وهذا يعني عملياً أنه سوف يقطع مصدر السلاح عن "حزب الله". وإذا كان هذا هو الواقع فمعناه بداية افتراق بين الملفين السوري والايراني، هناك وقائع على الأرض بيد أنها لا تشير الى واقع حقيقي وملموس لهذا الافتراق.

زيارة بارود وموقف "المستقبل"

أما عن موقف "تيار المستقبل" من زيارة وزير الداخلية زياد بارود لسوريا فقال: "كطرف سياسي في لبنان لسنا متحمسين لعودة الحرارة بين لبنان والنظام السوري قبل جلاء مسألة المحكمة الدولية، وقبل توقف هذا النظام عن العبث بالملفات الأمنية اللبنانية، ونحن مقتنعون من خلال المعطيات أنه لا يزال يعبث بملفاتنا الأمنية والسياسية، وفي الوقت نفسه هناك ادارة مشتركة في لبنان وعلى رأسها الرئيس ميشال سليمان، وهناك محاولة لتنظيم هذه العلاقة ببناء علاقات ديبلوماسية مما يعني أن مسألة الزيارات المتوازية والندية ينبغي أن تحصل بصرف النظر عن الخلاف السياسي المستمر فيما بيننا. أما التمادي في هذه القضية وصولاً الى انشاء لجان أمنية مشتركة وما شابه، فهذا ما نعترض عليه بشدة. لذلك حسناً فعل الوزير بارود عندما أعلن أنها لجان تعنى بدرس سبل التعاون والمتابعة بين البلدين، وأن كل الأمور ستعالج مباشرة من خلال مجلس الوزراء، وهذا هو المطلوب في العلاقات بين البلدين".

وعن الخطاب السياسي لقوى 14 آذار ودور انتخابات نقابة المحامين شمالاً في ايقافه قال: "الجميع اتفقوا على أن نتائج هذه الانتخابات هي مسألة تعود الى سوء الادارة وليست لها أي معطيات سياسية حقيقية بالنسبة إلى حجم قوى 14 آذار . إنه حدث عابر وإن كان شديد الأهمية ولن يؤثر في مسار 14 آذار، ولكن هناك حاجة الى اخراج بيان وتوجه واضح دون الاستعجال. ونعتقد أن المؤتمر الذي سيقام في "البيال" الشهر المقبل سيحمل الكثير من المعطيات التي ستشفي غليل محبي 14 آذار.

عون مثل وهّاب وقنديل

وعن زيارة النائب ميشال عون لسوريا وكلام النائب السابق سليمان فرنجية بشأن عودة عون بجواب نهائي عن مصير المعتقلين هناك، قال علوش: "بداية أعتقد أننا لن نحصل على جواب شاف لمسألة المعتقلين في السجون السورية، لأن الملف كما نعلم يحمل في طياته الكثير من الاحراج للنظام السوري، فهناك الكثير ممن توفوا وهؤلاء لن يعترف بهم هذا النظام. وهناك من قتل، اضافة الى بعض من يريد النظام ابقاءهم في السجون حتى يتوفاهم الله هناك، فهذا ملف محرج جداً للنظام السوري، وبصرف النظر عن أي محاولة لإعطاء بعض النقاط الحسنة للنائب ميشال عون، لن يأتي بأي جواب شاف عن هذا الموضوع . ورأيي في زيارته انها طبيعية ما دام العماد عون أعلن تموضعه النهائي في قوى 8 آذار، وأنا أراه كوئام وهاب وناصر قنديل ومروان فارس، وكأيّ شخص من القيادات العظيمة في 8 آذار يذهب الى هناك بهدف تأكيد الانتماء للنظام السوري، والواقع لا يجوز أن نعطي هذه الزيارة أكثر من هذه القيمة على الاطلاق".

وعن المطالبة بتوسيع طاولة الحوار وموقف "14 آذار" الرافض، قال : "الهدف من رفضنا لتوسيع طاولة الحوار يعود الى عدم الرغبة في ادخال مسألة الاستراتيجية الدفاعية في متاهات الأخذ والرد من خلال الجدل العقيم الذي سوف يأتون به، هناك ثابت واحد أن الحوار في لبنان يأتي استكمالاً لحوار "مؤتمر الدوحة" وجلسات الحوار التي انعقدت عام 2006 ، وبعد حصول الانتخابات النيابية وتغيّر القوى الممثلة في لبنان، إذا تغيرت، ليس هناك من مانع لدينا في تغيير المتحاورين، أما الآن فنحن مصرون على استمرار طاولة الحوار بشكلها الحالي، ورئيس الجمهورية يحمل هذا الملف وهو المخول طرح الاقتراحات اللازمة".

وحول تقييمه العلاقات بين الأطراف السياسيين في قوى 14 آذار، خصوصاً في ظل حديث قوى 8 آذار عن خلافات بينهم، قال: "حملة الشائعات تعد جزءاً أساسياً في أي مجموعة سياسية بغية مواجهة الآخرين. ولا شك أن قوى 14 آذار ليست حزباً موحداً، فهي مجموعة من القوى السياسية المنضوية تحت تيار سيادي، قد تختلف في بعض التفاصيل كما أنها قد تتفق في معظم الأمور، ولكن في النهاية المنطق الديموقراطي هو ما يحكم العلاقة بينها، بالاضافة الى الشفافية في التعامل، وعلى الرغم من التباين في بعض وجهات النظر نصرّ في النهاية على بقائنا وحدة متراصة في مواجهة مشاريع عودة النظام السوري الى لبنان".

أما عن التوقعات التي تطلقها قوى 8 آذار حول احتمالات فوزها بالأكثرية النيابية في الانتخابات المقبلة والاستعدادات لهذه الانتخابات قال: "نحن لا نسعى الى الحفاظ على الأكثرية بل الى تحسينها وزيادتها. ولا شك أن قوى 8 آذار ستعلن انتصارها مسبقاً لأنها لن تتمكن من اعلانه لاحقاً. المهم في 14 آذار الاستمرار في الخطاب السيادي بل وتطويره بما يتلاءم والمرحلة المقبلة، فضلاً عن تجييش القوى التي تعتبر نفسها وسطية في لبنان، لأنها بطبيعة الحال حينما تكون في الوسط تقف حتماً مع خطاب 14 آذار. وواجبنا استمالة المستقلين والتعاون معهم الى أقصى الدرجات من خلال منحهم الدور الذي يتناسب وطموحاتهم".

وماذا عن التحالفات النيابية الممكنة في الشمال؟ أجاب: "التحالفات النيابية المقبلة سواء في الشمال أو كل لبنان مبنية على تحالف قوى 14 آذار ومنطقها، ولا أعتقد أن تغييرات جذرية ستطرأ في المدى المنظور".

ورداً على سؤال، قال: "أعلن ترشيحي عن "تيار المستقبل" في طرابلس، لكن الخيار النهائي في هذا الموضوع يبقى لـ"تيار المستقبل"، وإن أعلنت ترشيحي الآن فالمسألة تبقى مرتبطة بخيار التيار، وأنا على أتم الاستعداد للقبول به أياً يكن".

 

نهاية النظام السوري

almustaqbal.org

 ما نشرته صحيفة المستقبل عن صلة "فتح الإسلام" بالنظام السوري خطير ومهم في آن. خطورته تتأتّى من طبيعة ما تضمن من إعترافات تكشف أكاذيب النظام الآحادي وما دبجه تلفزيونياً في هذا السياق. أما أهميته فالباعث عليها هو فضح ما يفكّر به النظام في دمشق وكيفيّة تعاطيه مع لبنان.

الآن هناك سؤال عقلاني ينبغي أن تطرحه سوريا ومواليها عندنا: ماذا إذا ثبت للعالم صحة المعلومات، وما هو مصير إدعاءاتها وزبانيتها، وأساساً مصير النظام الذي لا يملك غير الأمن ودماء اللبنانيين المسفوح للحفاظ على وجوده وتأبيد ذاته؟ الوثائق والإعترافات تقطع بإن "فضيحة" فتح الاسلام هي صناعة سورية من ألِفها إلى يائها، وهدفها زعزعة استقرار لبنان وتدميره، وإظهاره وكراً للإرهاب والتطرف تمهيداً لعودة الوصاية السورية عليه. بماذا سيردّ الداعون إلى التنسيق الأمني مع سوريا الآن؟ كيف سيتصرّفون إزاء هذه الوثائق غير رفع السبابة والتهويل على اللبنانيين بالويل والثبور وعظائم الأمور؟. الوقائع تقول: ان الأسئلة العقلانية احترقت لدى هؤلاء، والغرائز صارت سيدة الموقف والأساس الذي يُبنى عليه موقفهم السياسي. لن يطرحوا أسئلة من هذا النوع، إلا بالقدر الذي طرحه النظام السوري من قبل في قراره التمديد لإميل لحود.

هذا ما نراه بأوضح الصوّر في انعدام أي دور إيجابي لأتباع سوريا عندنا، والذين يقصرون تحرّكهم فقط على مساندة النظام الأمني وأدواره الإقليمية. لبنان لا يعنيهم إلا بالقدر الذي يكون فيه ساحةً وملعباً لهذا النظام وحليفه الإيراني، في المقايضة مع الولايات المتحدة أو المساوقة مع إسرائيل في حصص السيطرة على المنطقة.

يؤدّون أدوارهم بسلوك عشائري وتوافقي معروف وممجوج، إلا أنها تأتي مصحوبةً بعجزٍ عن اتّخاذ قرارات مصيريّة تستند إلى شرعية لبنانية حاسمة.

وإذا قيل ـ بحق ـ ان هؤلاء موالي للنظام السوري وليسوا حلفاء له، بقي أن أحداً لا يستطيع التكهّن بما ستفعله إستخبارات النظام الأمني، لأن التجارب منذ كمال جنبلاط وقبلها في تهريب الأسلحة لجعل الجنوب ساحة بدلاً عن ضائع في الجولان مخيفة وغيرُ مشجّعة إطلاقاً، ويكفي أن نتذكر انه كلما مارست الأكثرية دورها كان الدم يسيل في الشوارع، والفتك يزداد تدميراً بالاقتصاد الوطني، ولنراجع معاً سياق إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، وموقف من يقولون إنهم شركاء في الوطن، وإنهم لبنانيون. بمعنى ما، لم يكن النظام السوري ليجرؤ على ما فعل لولا النقصَين في الوطنية والسياسة لدى مواليه. وكانت الفجيعة التي لا تفوقها إلا الدماء التي تناثرت، ان بعض الرأي العام اللبناني لا يزال يصدّق إرهاصات وتهويمات سياسية، لمن يزعمون انهم قيادات، ويرفضون الاعتراف بفشلهم، وان ما يقومون به يفكّك البلد ويحوّله عن أجندة سلمية إلى أخرى حربية، قد لا يكون بعدها أي قيامة.

اليوم، نحن أمام حرب يشنّها النظام السوري على لبنان واللبنانيين، غير عابئ بدمنا وبعيشنا، ويمضي في قتل خيرة قادتنا والمدنيين، من دون اكتراث بكلّ المعاني التي حبل بها يوم 14 آذار. وللتذكير فقط: هذا النظام لم يعتذر عن كل معاركه على أرضنا. لم يخجل من دمعة أمّ بكت على ابنها "المفقود" أو الأصح "المعتقل" في سجونه. لم يهمّه ما يفعله المزارع اللبناني بإنتاجه، فأقفل الحدود أمامه. لم يتضامن يوماً في قضية إختفاء الإمام موسى الصدر، ولا قبل يوماً من حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ان تطرحها على القمم العربية المتلاحقة.

وها نحن نحصد ما نحصد، فإلى جانب الدم وتفسّخ الوحدة الوطنية هناك نتائج الإمتناع عن طرح الأسئلة العقلانية التي كان على النظام السوري ومواليه أن يطرحوها. في ظلّ الوضع الذي انتهينا إليه، يمكن التبرّع بالإجابة: الإعترافات والوثائق تشكّل بداية نهاية النظام السوري، ذلك أن بضاعته ولغته صارت من النوع المهترىء جداً بعد انكشاف فظاعتها وبشاعتها، وعلى بعض اللبنانيين أن يحسموا لمرة واحدة وأخيرة في خياراتهم.

 

وزير الثقافة اللبناني تمام سلام يعتبر ما عرضه الإعلام السوري غير مريح

تمام سلام لـ "السياسة": أصحاب السلاح أيقنوا الخطورة التي أوصلوا أنفسهم إليها في لبنان

 مواقف ميشال عون لا تحمل إلا الافتراء والتهجم

طرابلس معروفة انها مدينة الأخلاق والاتهامات سياسية

بيروت - من عمر البردان: السياسة

اعتبر وزير الثقافة اللبناني تمام سلام "أن ما عرض اخيراً عبر الإعلام السوري لم يكن مريحاً, وأن زيارة وزير الداخلية زياد بارود إلى دمشق أتت لوضع الأمور في نصابها, ولتشكيل عملية تنسيق أمني بين لبنان وسورية, تحيط بمستلزمات مواجهة هكذا أمور, انطلاقاً من فتح صفحة جديدة, بدأها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان, ونأمل أن تتابع على كل المستويات لتكون العلاقة ندية ومتوازنة ورسمية, بكل معنى الكلمة".

ورأى سلام في حوار مع "السياسة", تعليقاً على وصف الرئيس السوري بشار الأسد منطقة شمال لبنان "بؤرة للإرهاب", "أن كل اتهام يطلق غير مستند الى وقائع ومعطيات أمنية أو عدلية واضحة, لن نجني منه إلا الضرر", مؤكداً "أن أهل الشمال معروفون بأنهم أهل وفاق, وأهل أمن, وطرابلس معروفة بأنها مدينة الأخلاق والفضيلة, وأن كل الاتهامات التي سيقت ضدها سياسية".

وتمنى أن تكون وتيرة اجتماعات الحوار أكثر ديناميكية للتوصل إلى نتائج مرضية, وإن كان الإبقاء على الحوار وعدم توقفه أمر لا بأس به", آملاً "أن يحتضن الحوار القضايا الكبرى التي تحتاج إلى حل".

سلام ورداً على الحملة التي يثيرها نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني عصام أبو جمرة لجهة تحديد صلاحياته, أكد "ان ليس هناك نص في الدستور يعطي هذا المنصب اي صلاحية, ولم نشهد في الماضي أياً من نواب رؤساء الوزراء يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل هذا المنصب", لافتاً إلى "أن استمرار الأمر على هذه الصورة يأخذ منحى معرقلاً, فلا يجوز أن يحضر نائب الرئيس جلسات مجلس الوزراء التي يرأسها رئيس الجمهورية, ولا يحضر الجلسات التي يرأسها رئيس الحكومة".

واستغرب سلام مواقف النائب ميشال عون "الانتقائية والتنفيرية والاستفزازية, التي لا تحمل إلا الافتراء والتهجم وإطلاق الشكوك بما يخالف المبادئ التي تم الاتفاق عليها في الدوحة", واصفاً أجواء المصالحات التي حصلت ب¯"أنها تساعد على تهدئة الأجواء وعلى الاستقرار في البلد", ومتمنياً استكمالها ل¯"تشمل المصالحة المسيحية-المسيحية, لأنها من دون شك تؤثر سلباً على حالة البلاد, وعلى الوضع العام", وآملاً "أن تصفى النيات, وتتمكن المصالحات واللقاءات من إحلال وضع يساعد على إعادة اللحمة بين اللبنانيين".

ورداً على سؤال يتعلق باستخدام سلاح "حزب الله" في الداخل, رأى "أن أصحاب هذا السلاح أيقنوا الخطورة التي أوصلوا أنفسهم إليها", آملاً ب¯"تجاوز هذا الأمر إلى غير رجعة", ومتمنياً "أن تقر الستراتيجية الدفاعية على مستوى القيادات اللبنانية لإعطاء الدولة دورها الأساسي في توجيه العمل المقاوم".

سلام تمنى "لو كان قانون الانتخابات أفضل من القانون الحالي", مؤكداً "متابعة التواصل والتنسيق مع رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري في الانتخابات المقبلة", وهذا نص الحوار:

كيف قرأت زيارة وزير الداخلية زياد بارود إلى دمشق, وما رأيك بالنتائج التي تمخضت عنها?

/ هي زيارة رسمية بين وزيري الداخلية في لبنان وسورية, لمتابعة ما يصب في تمتين العلاقة بين البلدين, انطلاقاً من زيارة رئيس الجمهورية إلى سورية, وما نتج عنها من خطة عمل, أبرز ما فيها, إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين. وبالإضافة إلى ذلك, هناك مستلزمات أمنية لضبط ومتابعة وملاحقة ما يستجد من ظروف وملابسات غير مريحة أمنياً, وتتطلب حزماً وإجراءات, إذا تمت بتنسيق وبترتيبات بين لبنان وسورية, تصبح الإحاطة بها أفضل.

البعض لم يكن محبذاً هذه الزيارة, خصوصاً وأنها أتت بعد أيام قليلة لما عرضه التلفزيون السوري?

/ طبعاً, كل زيارة من هذا النوع, وكل لقاء من هذا النوع, يدور من حوله مواقف وآراء سياسية على خلفية ما شهدته العلاقة لسنوات عدة بين البلدين من تجاذب, ومن مخاض عسير, فبالتالي نعم هناك ما تشير إليه من موضوع "فتح الإسلام", وما تم عرضه عبر الإعلام السوري لم يكن مريحاً على مستوى إعطاء طابع مسبق ذي بعد سياسي محلي في لبنان لهذا الأمر الأمني, والذي يعرف الجميع انه أمر يخص كل من يريد أن يضع حداً للإرهاب, ويضع حداً للعنف. وبالتالي أيضاً, أقول أن هذا الموضوع, ربما أخذ أبعاداً سياسية غير سليمة.

ومن هنا تأتي زيارة وزير الداخلية لوضع الأمور في نصابها, ولتشكيل عميلة تنسيق أمني بين لبنان وسورية أمنياً, تحيط بمستلزمات مواجهة هذه الأمور.

البعض يتخوف من هذا التنسيق الذي يقود إلى إعطاء غطاء قانوني لتدخل سوري جديد في الشؤون اللبنانية?

/ كيف ذلك?

فريق »14 آذار« لا ينظر بارتياح إلى عملية التنسيق?

/ التخوف المبني على الماضي غير المريح في العلاقات بين لبنان وسورية, ربما هو سبب هذا الواقع, ولكن نحن نتطلع إلى المستقبل, وكما قلت نؤسس لفتح صفحة جديدة بدأها فخامة رئيس الجمهورية, ونأمل أن تتابع على كل المستويات لتكون العلاقة الندية, المتوازنة, الرسمية بكل معنى الكلمة, في إطارها الصحيح, تعود بنتائج إيجابية على لبنان, وعلى سورية, نحن نريد خير البلدين, ونريد خير الشعبين, ولا نفتش عما يعرقل هذا الواقع, وعلينا أن نسعى دائماً إلى استيعاب وامتصاص كل الجوانب السلبية, وليس إبرازها والعمل بموجبها.

ألم يكن الأجدى أن تبقى هذه الاعترافات التي عرضها التلفزيون السوري طي الكتمان ضمن الإطار القضائي?

/ طبعاً, لا بد أنه كان لذلك وقع أفضل, وأثر أحسن لو أن الأخوة في سورية لم يجنحوا في هذا الأمر الأمني بأبعاد سياسية لن يكون منها فائدة, خصوصاً باتجاه لبنان.

الطريقة التي تم الإعلان فيها عن هذا الموضوع غير مريحة, وتبعدنا عن روحية معالجة هذا الموضوع, من هنا زيارة وزير الداخلية تأتي لإعادة الأمور إلى نصابها ووضعها في إطارها الصحيح.

وفق ما ذكر, كانت زيارة وزير الداخلية لبحث أمور أكبر وأعمق من مسألة الاعترافات, لكنها هدفت إلى لملمة انعكاسات عملية الاعترافات?

/ نأمل ألا تكون كذلك, ونأمل أن تؤسس لتجنيب هكذا جنوح بالأمر إلى بعد سياسي وإعلامي لا نريده.

أيضاً وزير الدفاع الياس المر تلقى دعوة لزيارة دمشق, هل تعتقد أن ما جرى سيعرقل هذه الزيارة?

/ أنا أعتقد بأن كل ما يساهم ويساعد على تطبيع العلاقة مع سورية, وعلى تركيز العلاقة مع سورية, وعلى إعطائها بعدها الموضوعي والعملي, يجب أن يتم ويحصل, إن كان من زيارات مسؤولين لبنانيين إلى سورية أو بالعكس, هذا الأمر في ضوء ما تحقق هو نتيجة لما بدأه الرئيس سليمان على مستوى العلاقة اللبنانية-السورية, نأمل أن يصب في الاتجاه الصحيح.

هل تعتقد أن عملية التبادل الديبلوماسي بين لبنان وسورية ستساهم بوضع العلاقات على السكة الصحيحة?

/ آمل ذلك, ونتطلع إليه, وأنا في رأيي إذا أصبحت النيات صافية, وإذا عملت الدولتان على إعطاء هذا الاتفاق بعده الكامل, كما هو مطلوب, نعم ستكون هناك فرصة لتبادل علاقات ديبلوماسية وسياسية ضمن إطارها المطلوب.

البعض يطالب بإلغاء المجلس الأعلى اللبناني-السوري, فما تعليقك على ذلك?

/ تطرح اراء عدة بشأن هذا الموضوع اليوم , ولم يستقر الأمر على شيء بعد, ولكن في رأيي هو من الأمور التي يجب أن يتم بحثها على مستوى المسؤولين, وربما على مستوى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الأنسب والأفضل في هذا الاتجاه, إن كان إلغاء ذلك مفيداً, أو الإبقاء عليه, هذه الأمور إذا ما بحثت ضمن التوجه الذي أشرت إليه من حسن نية ومستقبل تعزز فيه العلاقة بيننا وبين سورية, فالأمر يكون جيداً.

سبق للرئيس السوري أن وصف منطقة الشمال ب¯"بؤرة للإرهاب", وهذا ترك انعكاسات سلبية لدى السكان الشماليين والطرابلسيين خصوصاً ما هي الغاية برأيك من هذه الاتهامات?

/ كل الاتهامات بهذا الإطار, وبهكذا محتوى غير مريحة وغير مفيدة. كل اتهام يطلق وهو غير مستند الى وقائع أو غير مستند لمعطيات أمنية أو عدلية واضحة, أو أحكام واضحة, لن نجني منه إلا الضرر, أهل الشمال معروفون بأنهم أهل وفاق, وأهل أمن, وأهل استقرار, طرابلس التي حاولوا توريطها في آتون العنف والتقاتل والتنابذ والتناحر, معروفة بأنها مدينة العلم والعلماء, ومدينة الأخلاق والفضيلة.

هل هذه الاتهامات كانت سياسية?

/ طبعاً, وبالتالي كيف تتحول الأمور إلى أوضاع غير طبيعية, عندما يتم تداولها وتصنيفها سياسياً لخدمة هذه الجهة, أو لخدمة هذا الموقف أو ذاك.

ما رأيك في موضوع الحوار, لا سيما وأن البعض يقول أنه لتقطيع للوقت?

/ أنا من الذين كانوا يتمنون أن تكون وتيرة اجتماعات الحوار أكثر ديناميكية, لأن هناك في هذا الأمر ديناميكية معينة يجب أن تفرض نفسها, للتوصل إلى نتائج مرضية, أما بالطريقة التي يتم بها, أي بهذه الوتيرة البطيئة غير المتسرعة, قد لا نجني من ذلك الحوار شيئاً مجدياً ونافعاً بشكل سريع, ولكن في الوقت نفسه, فإن الإبقاء على الحوار وعدم توقفه, لا بأس به أيضاً. ونتمنى أن يحتضن هذا الحوار القضايا الكبرى التي تبقى بحاجة إلى حل, إذا لم يكن الشهر المقبل, فالشهر الذي بعده, نعم نحن بحاجة إلى جو وفاقي, إلى جو مريح في البلد, يواكب الكثير من المرحلة الانتقالية, التي تفصلنا عن الانتخابات العامة, والتي ستكون محطة مفصلية في لبنان في المستقبل.

بدأنا نشعر وكأن البعض داخل مجلس الوزراء بدأ برفع المتاريس, من خلال مقاطعة زميلك اللواء أبو جمرة لجلسات السراي, برأيك هل يوجد مبرر لهذه التصرفات?

/ أتمنى ألا يكون ذلك, خصوصاً وأن جلسات مجلس الوزراء التي حصلت إلى اليوم, كانت مجالاً للتوافق, ومجالاً لتسيير كثير من الأمور, المناخ العام داخل تلك الجلسات جيد, وبالتالي إذا كانت هناك غايات أو حسابات سياسية لهذه الفئة أو تلك, فلتكن خارج إطار مجلس الوزراء على مستوى تصفيتها أو التهويل الذي يتعلق بنيابة رئاسة مجلس الوزراء هذا المنصب الذي هو بداية منصب وزاري, ليس هناك نص في الدستور يعطي هذا المنصب أي صلاحية.

لماذا الإصرار على المطالبة بالصلاحيات?

/ برأيي أن هذا الإصرار في غير محله, وأنا أقول أن هذه الحالة أصبح لها سنوات طويلة, وهي كذلك ولم نشهد في الماضي أحد نواب رؤساء الوزراء يقيم الدنيا ولا يقعدها, ويحدثون هذه الضجة من أجل هذا المنصب.

برأيك هل يريدون العرقلة?

/ من المؤسف القول, ان إذا ما استمر هذا الأمر, سيأخذ منحىً معرقلاً, والجهة التي تثيره تبدو كأنها تسعى إلى العرقلة, بالنسبة لما تم طرحه أخيراً, من أن نائب رئيس مجلس الوزراء سيحضر جلسات مجلس الوزراء التي يرأسها رئيس الجمهورية في بعبدا, ولن يحضر جلسات مجلس الوزراء برئاسة رئيس مجلس الوزراء في السراي, هذه المواقف مبهمة وغير واضحة وغير معقولة.

هل هناك مجلسان للوزراء, أم هناك مجلس واحد? إذا كانت العقبة في السراي الحكومي أو في قصر بعبدا, هذه الحجة في رأيي غير قائمة, إلا إذا كانت بهدف العرقلة, أتمنى على نائب الرئيس أن يعيد النظر فيه, فحضوره في مجلس الوزراء واجب, أما إذا كان لا يريد حضور مجلس الوزراء بالمطلق, فليقل ذلك, ولكن ليس بالتمييز بين مجلس وزراء وآخر.

منذ مدة والنائب ميشال عون يشن حملات شرسة على رئيس الحكومة والأكثرية, ما هي خلفيات هذه الحملة?

/ من المزعج والمؤسف, أنه يأتي خارج إطار جلسات الحوار وخارج إطار الحكومة التوافقية, وخارج إطار العمل البناء والإيجابي الذي يحرص عليه رئيس الجمهورية, بالتعاون مع السلطة التنفيذية كما مع السلطة التشريعية, من المؤسف جداً القول أنه لا يكون إلا ضرراً من مواقف وتصاريح على نموذج ما نسمعه من الجنرال عون, وخصوصاً أننا نعلم أنه من البنود الأساسية في اتفاق الدوحة, ومن ثم في البيان الوزاري, ومن ثم في اجتماعات لجنة الحوار, أن يبتعد القادة السياسيون, وأن تبتعد القيادات السياسية عن اللجوء إلى خطابات استفزازية أو إلى خطابات تحدٍ, كي لا نؤجج ما يثير النفوس. ومع الأسف يطل علينا العماد عون ويسعى دائماً إلى استعمال بعض العبارات, وبعض القضايا التي ليس فيها إلا الافتراء والتهجم وإطلاق بعض الشكوك هنا وهناك, ما يترك جواً غير مريح.

لقد أصبح خطاب عون تحريضياً طائفياً ضد رئاسة الحكومة وضد الطائفة السنية. يتهمها بالكثير من التهم, ألا يقتضي ذلك رداً من الحكومة?

/ برأيي هذا الخطاب يرتد على صاحبه, وهو ربما يريد من ذلك أن يخلق نزاعاً مع فريق آخر, أو سجالاً مع فريق آخر. عدم الدخول معه في سجال في هكذا مواقف انتقائية واستفزازية وتنفيرية, يساهم في رد كل ذلك على صاحبه.

هل أنت مقتنع بأجواء المصالحات التي حصلت, أم أنها مجرد تبويس لحى?

/ لا شك بأن أجواء المصالحات التي حصلت تساعد كثيراً على تهدئة الأجواء وعلى الاستقرار في البلد, ولكن أيضاً هناك كما شاهدنا تعثراً في بعض المصالحات التي لم تجر إلى الآن, وهناك لبس وعدم وضوح في عدم إجراء تلك المصالحات, وخصوصاً المصالحات عند أخواننا في الطائفة المسيحية. أي المصالحات المسيحية-المسيحية, وعدم استكمال تلك المصالحات لا شك بأنه يؤثر سلباً على حالة البلاد وعلى الوضع العام.

هل تعتقد أن هذه المصالحات هي فقط حتى موعد الانتخابات النيابية?

/ برأيي المصالحات التي جرت إلى اليوم إذا كانت تساعد على عبورنا إلى المرحلة الانتخابية بأجواء هادئة في البلد, فهذا شيء عظيم جداً. ولا بد أن تكون نتائج الانتخابات أيضاً فرصة جديدة لنا جميعاً لاعتماد مواقف توفيقية توحيدية.

البعض يشكك بإمكانية إجراء الانتخابات في موعدها?

/ التشكيك يلازم المرحلة التي نحن فيها, نأمل ألا يكون له حصة كبيرة من الوضع العام في البلد, لأنه لا شك مؤذٍ ومضر, ولا يفيد أحداً, ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر أن كثيراً من الأمور الإيجابية التي تحققت منذ اتفاق الدوحة, انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية, وصدور البيان الوزاري, وتعيين قائد الجيش, كذلك إطلاق اجتماعات الحوار, والاتفاق مع سورية على التبادل الديبلوماسي, وتفعيل السلطة التشريعية وعودة المجلس إلى دوره, كل ذلك مع المصالحات عناصر إيجابية تساعد في بناء البلد.

هل استطاعت المصالحات بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" طي صفحة الجرح البيروتي بعد الذي حصل في السابع من مايو?

/ قلنا في مناسبات عدة أن هذا الجرح كان بليغا,ً وترك آثاراً غير مريحة, ولكن نأمل أن تصفى النيات, وأن تتمكن المصالحات واللقاءات من إحلال وضع يساعد على إعادة اللحمة بين اللبنانيين وعلى تجاوز الآثار السلبية التي طبعت مرحلة معينة.

هذا سيتطلب جهداً كبيراً, وسيتطلب مرحلة مقبلة, لأنه لا يتم بين ليلة وضحاها, والعبرة هي بالممارسة وبالتنفيذ, إذا ما استمر موضوع إزالة عناصر الخلاف, وعناصر الاستفزاز, وعناصر التشنج بين الناس. ومن أبرز ما تم في هذا الإطار موضوع إزالة كل الشعارات والصور من العاصمة بيروت, لا بد لكل ذلك أن يساعد على امتصاص واستيعاب الكثير من مخلفات ما حصل اخيراً, وهذا ما نتمناه, ولا أحد يتمنى أن يستمر البغض والكراهية والشعور بالمرارة والشعور بالأسى إلى مدى غير مقبول, التمادي في الإبقاء لا سمح الله على هذه الأجواء لن يفيد أحداً.

هل تعتقد أن السلاح الذي استعمل ضد أهالي بيروت يمكن أن يستعمل ثانية, وما هو الضامن لعدم استعماله ثانية?

/ ثبت أن استعمال السلاح لا جدوى له, وأن كل ما يمكن أن يحققه هو الضرر البليغ ليس لفئة, ولكن للكل, وأصحاب هذا السلاح في تقديري أيقنوا الخطورة التي أوصلوا أنفسهم إليها, وأوصلوا البلد إليها, باستعمال السلاح في غير محله.

ومن هنا, نحن ننبه دائماً إلى ذلك, وفي اعتقادي, ربما تجاوزنا هذا الأمر إلى غير رجعة إن شاء الله. وما يضمن عدم تكراره, تلك المصالحات وكل الخطوات الإيجابية التي تتم, ونأمل أن تتم في كل لبنان لتعزيز الحوار القائم الذي وحده القادر على وضع حلول جذرية لكثير من الأمور والقضايا المصيرية, وفي مقدمها طبعاً ستراتيجية الدفاع وموقع الدولة ودور السلاح المقاوم وكل هذه الأمور.

برأيك ما الصيغة الأنسب لمعالجة سلاح "حزب الله"?

/ في رأيي أن الصيغة الأنسب هي في أن يتم إعطاء الدولة مكانتها, في فرض هيبتها بكل أمر له علاقة بإدارة شؤون البلاد أولاً.

ثانياً: الا يقف في طريق ذلك أي شيء. بالنسبة للستراتيجية الدفاعية يجب أن تقر على مستوى القيادات اللبنانية وتعطي الدولة أيضاً دورها الأساسي في توجيه العمل المقاوم, وفي توجيه كل ما له علاقة بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وهذا سيساهم مباشرة في تنظيم كل السلاح وخصوصاً سلاح المقاومة.

نحن كلنا مع المقاومة ولسنا ضدها, والمقاومة أمر ضروري في بلد يتعرض مثل لبنان لانتهاكات ولاعتداءات متواصلة من عدو عنصري شرس وصهيوني اسمه إسرائيل, نعم هذا أمر لا يمكن أن نستكين اليه. صحيح هناك اليوم قوى دولية تساعده على تفويت الفرصة أمام أي احتكاك عسكري في الجنوب, ولكن هذا لن يمنع إسرائيل من الإبقاء على احتلالها لمناطق لبنانية, ولا يمنع عندما تشاء أن تخترق الأجواء اللبنانية بحراً أو جواً للقيام بعمليات عسكرية, فالجهوزية والتأهب المقاوم في وجه ذلك أصبح مطلوباً, صحيح أن هذا مطلوب ضمن ستراتيجية عامة للدولة اللبنانية وتم الاتفاق عليه من كل القوى السياسية, وهذا ما نطمح إليه في إطار اجتماعات هيئة الحوار.

كيف يمكن للدولة أن تقوم طالما أن هناك دولة مثلها داخلها أو ربما أقوى منها?

/ يجب ألا ننسى أن لبنان قام ونهض في التسعينات بجهود كبيرة وجبارة, وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري محركها الأساسي, وكان لبنان بجزء كبير منه محتلاً, ولم يمنع ذلك من نهوض البلد, اليوم حتى بوجود المقاومة لا شيء يمنع من إعمار البلد, ولكن ضمن الأطر الصحيحة, أي على مستوى سياسة ستراتيجية عامة تقرها الدولة بالتوافق مع كل القوى السياسية, لأن لبنان بطبيعته دولة توافقية تقوم على احتضان كل القوى السياسية الممثلة لكل الطوائف. ولكل القبائل والعشائر اللبنانية, مناطقياً وفئوياً وطائفياً.

هل ستخوض الانتخابات النيابية? وهل سيكون هناك تعاون مع النائب سعد الحريري?

/ نحن نتطلع إلى موضوع الانتخابات النيابية على أنه سيكون محطة أساسية في تعزيز نظامنا الديمقراطي, وفي إعطاء الأداء الديمقراطي مداه على أفضل وجه, وفي أن ينتج لنا هيئة تمثيلية, هيئة تشريعية تواكب وتتابع عملية النهوض بالبلد.

كنا نتمنى أن يكون قانون الانتخابات الذي يهتم بهذا الاستحقاق أفضل من القانون الذي هو بين أيدينا, لأننا كنا نطمح إلى تطوير في هذا المجال, ولكن حتى في ظل القانون الحالي لا بد أن تجرى هذه العملية, ومن جهتي ستكون هناك متابعة وتواصل وتنسيق مع النائب سعد الحريري.

هناك خوف من حصول توترات طائفية في الانتخابات?

/ نأمل ألا يكون ذلك, وأن تجري الانتخابات في أجواء مريحة, ويكون التنافس سياسياً ديمقراطياً بكل معنى الكلمة, بمعنى أن يحترم كل فريق سياسي الفريق الآخر فيها, ويأخذ بعين الاعتبار وزنه ومكانته, وما ستفرزه الانتخابات النيابية, من مجلس تمثيلي جديد ينهض فوراً بالاستحقاقات على أمل ألا يكون هذا المجلس متطرفاً.

نأمل ألا يكون هناك مجال للتطرف في أي موقع, ليس فقط في الانتخابات, وليس فقط في المجلس التشريعي ولكن في كل الأمور, في لبنان لا مكان للتطرف إذا كان هناك تطرف في لبنان, فلن يكون لبنان.

 

طوبي للساعين إلى السلام......"

مهى عون

"طوبى للساعين إلى السلام ،لأنهم أبناء الله يُدعَون".(إنجيل متى 5 )

بركة يعطيها الله الإله الواحد الأحد لكل الساعين إلى السلام والوئام بين البشر، لأي دين ولأي حضارة انتموا. وهذه العبارة هي واحدة من عبارات التبريك العديدة الواردة في الإنجيل المقدس، يقابلها طبعاً آيات عديدة في القرآن الكريم، تعد بالثواب والجنة لصانعي الحوار والسلام ومنها :"والله يدعو إلى دار السلام " وأيضاً" وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين" وإذ يلتزم بعض البشر بالتعاليم الربانية ويعملوا بموجبها، نرى بالمقابل البعض الآخر وقد نكل بهذه التعاليم إما عن طريق الابتعاد عنها ، أو عن طريق استعمالها بغير معانيها الحقيقية، لتوظيفها ضمن أهداف سياسية مشبوهة. وإذ تتصدر مبادرة العاهل السعودي "للحوار بين الاديان والثقافات" مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية، تقابلها مقاطعة ونفور من قبل دول ومنظمات أصولية متطرفة تعمل على نبذ الاختلاف، فتلاحق الأقليات الدينية، وتضطهد الأديان والملل والمذاهب المغايرة. ولقد تخطت مبادرة العاهل السعودي هذه المواقف المناهضة، والتأم المؤتمر بنجاح في مركز الأمم المتحدة في نيويورك، بحضور ممثلين من 60 دولة وبحضور 17 رئيس دولة، دون أن يعيقه التشويش الإعلامي المتعمد، الذي رافق بداية انعقاد جلسات المؤتمر. وكانت بعض الأطراف المتضررة من الدعوة إلى السلام والوئام بين مختلف الأديان والثقافات،قد ادعت بأن هذا المؤتمر إنما يشكل مدخلاً للتطبيع مع الكيان الصهيوني، متحججة بمشاركة الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريس في أعماله. ولقد أخذ رئيس الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة على نفسه مهمة الرد على هذه الادعاءات، فقال"بأننا هنا لنواجه العدو الأول وهو الجهل ،أي جهل الآخر وليس لبناء جبهات ضد أي طرف أو دولة" . وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أشاد عند استقباله للعاهل السعودي بجهوده الجبارة لجلب هذه المبادرة إلى حضن الجمعية العامة للأمم المتحدة، أهم وأول مركز للسلام العالمي .واعتبرت الصحف ووسائل الإعلام العالمية التي غطت أعمال وجلسات هذا المؤتمر، بأن مبادرة العاهل السعودي سوف تساهم في عملية تعزيز موقع المملكة العربية السعودية على المستوى العالمي، ناهيك عن تأكيدها على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في كل مجريات السياسية الشرق أوسطية من ناحية تحديد مستقبل الأمة العربية جمعاء.

وكان العاهل السعودي قد افتتح الجلسة الأولى لمؤتمرات حوار الأديان والثقافات في شهر يوليو الماضي في مدريد في اسبانيا، وها هو اليوم يجدد هذا اللقاء الهادف للتأكيد على مبادرة مد اليد، والساعي لتمكين ما بني من جسور نتيجة مؤتمر مدريد، ولتبديد الانطباع السيئ العالق في الذهنية الغربية تجاه الإسلام بعد أحداث 11 أيلول، والأعمال الإرهابية التي تلته. وخادم الحرمين الشريفين، البدوي العربي الأصيل، معروف بكونه رجل الإنسانية والعطاء، ومشهود له بنظافة الكف ،وبتنور العقل، وبشرف المقصد، وتواضع القلب، ولقد فأجا الجميع في نيويورك عند ركوبه الحافلة المتوجهة إلى مبنى الأمم المتحدة مع الوفد السعودي المرافق، بدل السيارة التي كانت موضوعة بتصرفه.

ان هذه المبادرات اللقاءات والحوارات الخيرة التي يسعى إليها العاهل السعودي، لهي مباركة وميمونة، ولها عند الله أجر وثواب عظيمين، خاصة وأن السعودية تعتبر قبلة أهل السنة والمسلمين أجمعين،ونظراً لما تحمله من مكانة ورمزية دينية. ولقد ورد في القرآن الكريم قول للدعوة إلى الحوار بين الأديان إذ قال الله عز وجل "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة وجادلهم بالتي هي أحسن"(النحل 123). ومما جاء في كلمة الملك عبدالله في هذا المؤتمر : "إن الإرهاب والإجرام أعداء الله، وأعداء كل دين وحضارة، وما كانوا ليظهروا لولا غياب مبدأ التسامح والضياع الذي يلف حياة كثير من الشباب." ولقد دعي في كلمته أيضاً للاتعاظ من تجارب الماضي الأليمة والمشؤومة والتي لم تؤدي سوى للمزيد من الأحزان والمآسي والقتل والخراب.

وإذا كان الاتعاظ من الماضي القريب ضروري لتحسين الأداء، ولتصويب منهج التعامل مع الاختلاف، لا بد من العودة أيضاً إلى الماضي الأبعد، والاتعاظ من نهج النبي محمد(ص وس)، وصحبه.ولقد كان للإسلام مع إخوانه إتباع الشرائع السماوية الأخرى قصصا يرويها التاريخ بإعجاب وإكبار وتقدير .فلم يُسمع أن الرسول (ص و س)،أو أحد من أتباعه أو صحبه أو خلفاؤه أمر بقتل نصرانياً لأنه لم يُسلم. وما التحوير الذي يصيب الين الحنفي اليوم على يد المتشددين التكفيريين سوى من باب استعمال الدين لإغراض سياسية مشبوهة. هذا مع العلم أن الإسلام قد عني عناية فائقة بثقافة السلام، أما وقد تناوله القرآن الكريم في العشرات من آياته الكريمة .ولقد جعله الله من تحياته إلى عباده حيث دعاهم إلى مبادرة إلقاء السلام على بعضهم البعض في جميع مجالات الحياة. ولقد سمى القرآن الجنة "دار السلام". والله يدعو إلى دار السلام قائلاً: "يهدي الله به من اتبع رضوانه سبل السلام" .من هنا كان السلام شعار المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها منذ ظهور الإسلام حتى الآن. ولا بد أن يكون هذا الشعار مرتكز من مرتكزات تعامل المسلمين ليس فقط فيما بينهم، ولكن مع باقي البشر أيضاً. ومسعى السلام الذي حمله العاهل السعودي إلى العالم أجمع، هو سلام حقيقي، نابع من الكتب السماوية على اختلاف أديانها. وقيمته ليست دينية فقط، لأن "السلام" يشكل إسماً من أسماء الله الحسنى، بل قيمته هي مطلقة، من ناحية شموليته لمعاني وقيم الإنسانية جمعاء.

 

حملة عون على رجل الدين والمصرفي والإعلامي والطالب: موروثات يسارية وفاشية

 14آذار يمين أخلاقي ودستوري.. فلتعرف ذلك!

موقع تيار المستقبل/بعد مقولته في "رجل الدّين الفاسد" يطلع علينا زعيم "التيار النسطوريّ الحرّ" ببدعة "الطالب الفاسد" ويفسّر هزيمة أنصاره في الإنتخابات الطالبية في جامعات المناطق المسيحيّة على أنّها من تداعيات تغلغل "المال الإنتخابي"، مشهراً منذ الآن تلك الحجّة المتهافتة التي يمكنه أن يعود إليها بعيد الإنتخابات النيابية، داعياً يومها للإنقلاب على النتائج.

النساطرة الجدد ويعاسيب اليسار

رجل الدّين الفاسد في عرف الجنرال عون هو حامي الكنيسة الواقف حجر عثرة دون استتباعها سواء للنظام "البعثي" الذي يريد أن تدفع الأقليات المسيحية كما الأكثرية المسلمة السنّية ثمن علمانيته المزعومة، والرافض بشكل قاطع لأي "تعديل وراثي" يقحم على جسم هذه الكنيسة فينقلها من تراث مارونيّ راسخ في عراقته الأنطاكيّة وعضويّ الإنتساب إلى كونيّة الكنيسة الغربيّة إلى تراث "نسطوريّ" يدعو إلى كسرى بحجّة الخروج على قيصر.

والمضحك المبكي في هذا المجال هو أن يعاسيب يصنّفون نفسهم كعلمانيين ويساريين على هامش التحالف الموالي لسوريا وايران في لبنان قد طربوا وفرحوا لما سمعوا عون يهاجم "رجل الدّين الفاسد". هؤلاء اليعاسيب كانت لهم انتقادات ضمنية أو علنية للجنرال عون في الأشهر الأخيرة لأنه "انجرّ" كما يقولون إلى "الطائفية". هذا لم يمنعهم طبعاً من التأكيد الدائم لزعمه التمثيلي لأكبر شريحة من المسيحيين. لا عجب بعد ذلك أن يكونوا قد سرّوا بالحملة التي جرّدها عون ضد من أسماه "رجل الدّين الفاسد" وربّما اعتبروها عودة ميمونة إلى مواقع التنوير والعلمانية. كل ذلك فيما يتعامى هؤلاء اليعاسيب عن صلة التبعية التي تربط عون وتربطهم بالنظام الثيوقراطيّ الوحيد في الشرق الأوسط، بل الوحيد في العالم على هذا النحو.

نظرية الطالب الفاسد

أما نظرية عون في "الطالب الفاسد" والتي هزء من خلالها بالإنتخابات الطالبية فلم يسبقه إليها أولئك الذين قهروا الجامعات بشبكاتهم الأمنية طيلة العهد السوريّ. زد على أنّ الجنرال يحرّض على الحرّيات الأكاديمية بشكل عام، وعلى الإدارات في الجامعات، ويغيب عن باله دائماً أن العونيين والقواتيين وغيرهم يتزاملون في مقاعد الدراسة وينبغي للسياسيين حتى عندما يستصرحون حول قضايا الشبيبة الجامعية ونشاطاتها وانتخاباتها أن يتحلوا ببعض "التأنّي التربويّ" في المخاطبة والتوجيه، إلا إذا أراد العماد ميشال عون الإلتحاق بنفسه بإحدى الجامعات في العام القادم لخوض المعارك داخلها. ويمكنه التفكير في ذلك ملياً تبعاً للنتائج التي سيحرزها في الإنتخابات التشريعية.

.. و"المصرفيّ الإرهابيّ"

توازياً، يتحفنا عون بإفتراءاته ليس فقط ضد "بنك البحر الأبيض المتوسّط" وإنما ضد سلامة القطاع المصرفي اللبناني جملة. هنا أيضاً سيستحسن يعاسيب اليسار ذلك ويعتبرونه مقدّمة لحمل "النساطرة الجدد" بقيادة عون للواء القضية الإجتماعية، أو حتى الإشتراكية. منذ سنوات لا يكلّ هؤلاء اليعاسيب ولا يملّون وهم ينتظرون أن يتبنّى هذا الفريق أو ذاك قضيتهم الإجتماعية التي لم تنجب إلا الفقر والتعاسة لملايين البشر، ناهيك عن المآسي التي تسبب بها حملهم للقضايا القوميّة، أو أسوأ من ذلك محاولاتهم للجمع بين القضايا القومية وتلك الإجتماعية. مثل هؤلاء اليعاسيب يظنّون أنّهم يكتشفون البارود حين يعيّرون جيلاً بأكمله، أو جيلين، بل ثلاثة، بالردّة، فيقولون عن فلان بأنّه "يساري سابق" أو "انتهازيّ". وربّما وجب طمأنة اليعاسيب في هذا المجال على أنه لا مفخرة في أن يكون المرء يسارياً في بلد مثل كلبنان، وأنّ مشروع 14 آذار وإن كان يسارياً في بعض التقاليد المؤثّرة فيه فإنّه يبقى مشروع إنتاج يمين لبناني إستقلاليّ دستوريّ متنوع طائفياً ومشارك في أسرة الإعتدال العربي، وما يحاربه اليمين الديموقراطيّ هو تحديداً ذاك التلاقح المرضيّ بين موروثات يسارية وموروثات فاشية، التلاقح الذي نكبت به ثقافتنا وسياستنا منذ فجر الثورة الإيرانية، والذي لا يمكن مقاومته بالليبرالية الثقافية فقط، وإنما بإستكمال شروط التحوّل اليمينيّ على نحو جذريّ: الحاجة إلى اليمين الدستوري الإستقلالي سياسياً، والمحافظ اجتماعياً (ابتداء من العائلة) والليبرالي اقتصادياً والانتقائي النقديّ ثقافياً. هو ضرورة لمقارعة الخلطة الفاشية اليسارية التي تسوّق لنفسها مرة بإسم "الدفاع عن الحركات الظلامية" حين تجد في ذلك مأزقاً للإمبريالية، ومرة بإسم "الدفاع عن المثليين" أو "مناهضة العولمة" حين تجد في ذلك موضة تؤكّد من خلالها على "تقدميتها".

أما النابغة فأبله من كاليفورنيا

قبل الحملة ضد "رجل الدين الفاسد" و"الطالب الفاسد" و"المصرفيّ الإرهابي" كان العماد عون قد تعرّض للإعلام المكتوب في لبنان، واشياً ببعض، ومشنّعاً على البعض الآخر بتهمة "الدعارة الإعلاميّة". هذه الوشاية وذاك التشنيع يتطلّبان في أقل تقدير أن يكون الجنرال متابعاً لما يكتب ولا يعجبه. لكن هلا يتابع ما يكتب في النشرات التي تتماهى معه؟ كيف يسمح وهو زعيم مسيحيي لبنان وفقاً لأنصاره، وزعيم مسيحيي الشرق وفقاً لأحمدي نجاد، أن يجري التهجم وبخساسة بالغة على قدس أقداس الشرق، القديس يوحنا فم الذهب الأنطاكي إذ لم يتردّد نابغة في البلاهة من كاليفورنيا قتلنا بمبادئه البائسة التي لا تسوى فلساً فأخذ يفسّق ويخوّن ذات اليمين وذات اليسار متورّطاً في التعريض بالقديس يوحنّا فم الذهب ووصفه بأنّه "فم التنك".

هل صحيح أن "يوحنا فم الذهب" هو "يوحنا فمّ التنك" يا جنرال المشرق المسيحي كما يقول الإعلام الموالي لك؟

هل صحيح أن الباقين على نهج يوحنا فم الذهب في كنيستنا هم فاسدون يا جنرال؟

هل صحيح أن ثمّة طائفة فاسدة وإرهابية ينبغي إستئصالها من هذا البلد يا جنرال لأن خطيئتها الأصلية أن أبناءها يعيشون في المدن ويواجهون أحقاد أرياف الأرياف؟

 

الصوت المسيحي في الانتخابات يحدّد الوجهة الحاسمة مع سوريا 

روزانا بومنصف المصدر: النهار  

 قلق من اتجاهات قد تعيد نفوذاً بدل فتح صفحة متوازنة في العلاقات

هل يمكن أن يصوت المسيحيون في الانتخابات النيابية المقبلة لعودة النفوذ السوري الى لبنان؟

السؤال يطرح بهذه الصيغة القاسية والمباشرة في موازاة التعقيدات والصعوبات التي تشهدها اعادة تطبيع العلاقات مع سوريا، مع ان طي صفحة العداء بين البلدين تشكل مصلحة كبرى للمسيحيين أسوة بالطوائف اللبنانية الاخرى إن لم يكن أكثر.

ولكن الظروف السياسية الراهنة، وبدء الاستعدادات للانتخابات النيابية التي توظف فيها كل العوامل الخارجية والداخلية، تسلط الضوء على التصويت المسيحي في الانتخابات كعامل مهم جدا. ذلك ان مساهمته في اعطاء الاكثرية النيابية لقوى 8 آذار، وإن على سبيل النكاية بالأفرقاء الآخرين في قوى 14 آذار على طريقة "ليس حباً بعلي بل كرها بمعاوية"، يعني التسليم بواقع جديد مبني على تحالف هذه القوى مع سوريا ورغبتها في اعادة الامور الى ما كانت قبل خروج القوات السورية من لبنان، وإن من دون عودة هذه القوات عمليا، وتحت شعار اعادة لبنان الى محور الصمود في مواجهة المحاور الاخرى. وجميع الدول المهتمة بلبنان يقلقها التحول المسيحي الذي يقوده اطراف مسيحيون رئيسيون وتسأل باهتمام عن صحة هذا التحول ومداه حيال سوريا، وما إذا كان سيترجم في الانتخابات المقبلة. ومصدر القلق يتصل بمعرفة وثيقة بأن سوريا لم تبلغ بعد حد الاقتناع بتغيير اسلوب التعاطي ولبنان كبلد سيد ومستقل على رغم "بيع" اقامة علاقات ديبلوماسية معه من فرنسا، في حين لا تزال بين سوريا وفريق كبير من اللبنانيين حال من عدم الود لا بل اكثر من ذلك مردها الى ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري والمحكمة الدولية، فضلاً عن ان سوريا تتصرف بانفعال حيال لبنان والافرقاء فيه وتعتبر نفسها معنية وجزءا  من الصراع الدائر فيه على المستويين الداخلي والاقليمي.

ومصدر القلق ايضا يتصل بانه في حال ساهم المسيحيون في تأمين الاكثرية النيابية الى القوى الحليفة لسوريا لا بل تحولهم كليا فريقاً مكتمل المواصفات من ضمن هذا الفريق قبل اكتمال فصول رئيسية من تصويب العلاقات اللبنانية - السورية وقيام حد ادنى من التوازن فيها، فانهم لا ينقضون نضالهم وتضحياتهم خلال 30 عاما من الحرب فحسب، بل انهم يساهمون ايضاً بارادتهم في اعادة لبنان الى فلك النفوذ السوري.

فالدعم الدولي الكبير الذي توافر للبنان لتخليصه من الوصاية السورية لا يمكن ان يتكرر، نظراً الى اعتباراته وظروفه، لكن المسيحيين تحملوا مسؤولية ادخال السوريين الى لبنان في بداية الحرب من خلال المتداول عن طلب "الجبهة اللبنانية" آنذاك من سوريا التدخل لحماية المسيحيين من الفلسطينيين. الا انهم حملوا وحدهم تقريبا لواء اخراج السوريين من لبنان واستعادة لبنان سيادته واستقلاله من دون نجاح كبير يذكر، لأن الاقلية التي تحول اليها المسيحيون خلال الحروب المتواصلة افقدتهم الكثير من وزنهم وتأثيرهم. وحين تلاقت جهودهم مع التحول اللبناني من الطوائف الاخرى بعد اغتيال الرئيس الحريري تحقق انسحاب القوات السورية من لبنان. ودعم المجتمع الدولي هذا التوجه. لكن هذا المجتمع لا يستطيع عمليا بذل الكثير متى عاد النفوذ السوري بصورته القديمة، وإن مخففة، او حماية لبنان منه اذا ساهم المسيحيون في تأمين اكثرية نيابية تشكل الغطاء الرسمي والعملاني لعودة هذا النفوذ. أما الواقع الذي اصبح عليه المسيحيون راهنا، فإنه لا يسمح لهم بخوض حروب جديدة يمكن كسبها على هذا الصعيد، أكانت سياسية أم غير سياسية، ولن يتمتع المسيحيون باي صدقية للحصول على اي دعم من أي نوع في هذا الاطار.

وفي رأي هؤلاء المهتمين، ان تحويل شعار الانتخابات صراعاً داخلياً فحسب تحت عنوان الفساد او ما شابه من الاتهامات الاخرى ليس واقعيا، بل يرمي الى تغييب العامل السوري الذي لا يمكن تجاهله او نكران وجوده او حتى تجاهل الطموحات السورية في هذا الاطار. فالسوريون لا يخفون دعمهم لحلفائهم في قوى 8 اذار منذ ما قبل الاعتصام في العاصمة وشلها لأكثر من عامين، وكل الدول المهتمة فاوضتها سوريا او سعت الى مفاوضتها من موقع تبني مطالب حلفائها. وليس خافيا لهؤلاء المهتمين في ضوء مواقف سوريا المعلنة او المضمرة انها تعمل بقوة من اجل قلب المعادلة السياسية في لبنان من خلال الانتخابات المقبلة على اساس انه يحقق عودة سوريا بواسطة حلفائها على ما يعلن كثر من هؤلاء أخيراً، مما يساهم في عودتها الى الامساك بمجلسي النواب والوزراء وسائر المفاصل الامنية والسياسية الاخرى.

ومصدر القلق او الاسف بالنسبة الى هؤلاء المهتمين هو احتمال ان يعجز المسيحيون عن فرض دور متوازن لهم يكفل طي صفحة العداء مع سوريا ويضمن في الوقت نفسه عوامل السيادة الكاملة للبنان، مما يضيع كل الجهود اللبنانية وخصوصا المسيحية وكذلك الجهود الدولية في تأمين السيادة والاستقلال الكاملين للبنان. ومسؤولية المسيحيين ستكون مزدوجة بالنسبة الى هؤلاء المهتمين من حيث تأمين الغطاء السياسي لأي محاولة لعودة هذا النفوذ بصورته القديمة، علما ان جميعهم عملوا خلال ولاية الرئيسين الياس الهراوي واميل لحود على اظهار ان المسيحيين ليسوا مع رئيسهم في طبيعة علاقته مع سوريا، في حين ينحو الوضع راهنا الى النقيض مع رئيس في موقع الوسط والمقبول بالنسبة الى المسيحيين في المبدأ، بينما يشد اطراف مسيحيون في اتجاه تطبيع مع سوريا يخشى ان يستعيد الوضع الذي قدمه اليها الرئيسان الهراوي ولحود على ما ساد بعد اتفاق الطائف، ولكن من دون وجود عسكري مباشر.

اما وان مسيرة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين قد بدأت، فان هؤلاء المهتمين يرون ان افضل الطرق ترك الامور لرئيس الجمهورية والمؤسسات الرسمية من دون اي "شراكات" سياسية، أقله في مرحلة الاقلاع الاولى لإعادة تطبيع العلاقات مما يوفر له فعلا الدعم المسيحي الحقيقي الذي يحتاج اليه في هذه المهمة الاساسية.

فهل يتحمل المسيحيون المسؤولية التاريخية في تصويب العلاقة مع سوريا من دولة الى دولة، ام يتركون الصراعات تأخذهم الى حيث يريد بعضهم اخذهم اليه من صراعات المحاور التي قد يدفعون ثمنها من وجودهم وبقائهم في لبنان؟

 

"من الإمارة إلى الطائف": فواز طرابلسي "السياسي المؤرخ" 

مسعود ضاهر/النهار  

ما جديد كتاب "تاريخ لبنان الحديث: من الإمارة إلى اتفاق الطائف" لفواز طرابلسي؟(•) سؤال بديهي حول كتاب استغرق إعداده سنوات طويلة لنيل الدكتوراه في التاريخ؟  مكتبة غنية على غرار أرقى الأطروحات الأكاديمية الجادة تجمع بين الأرشيف، والمصادر والمراجع المنشورة بالعربية والفرنسية والانكليزية. ومنهج واضح  الانتماء إلى مدرسة التاريخ الاجتماعي التي تعطي الباحث حرية واسعة في شكل الاقتباس، والتبويب، والتحليل، والاستنتاجات. وقد لا يلزم الباحث نفسه كما فعل فواز طرابلسي، في كتابة مقدمة توضح رؤيته في تحديد جغرافية الأرض اللبنانية، ومن  هو اللبناني عبر التاريخ، وزمن العلاقة بين ماضي اللبنانيين وحاضرهم، وغيرها من الشروط الواجب توافرها في الدراسات التاريخية الكلاسيكية.

لكن مناقشتنا ستقتصر على مادة كتابه دون الغرق في التفاصيل الأخرى. ومع أنها مادة غنية ومتنوعة إلا أنها تبقى عاجزة، كجميع الدراسات التاريخية، عن الإحاطة  بالأحداث التاريخية للمرحلة الممتدة ما بين 1585 و1989. كان لا بد من الاختيار المكثف جدا، وأحيانا عبر قفزات سريعة لم يألفها من اعتاد قراءة تفاصيل الأحداث اللبنانية، خاصة لمن أدمن قراءة مؤرخي الطوائف في لبنان.

في هذا الجانب ينحو الكتاب نحو المغايرة عما كتب سابقا عن تاريخ لبنان الحديث والمعاصر. فالدراسات الشمولية تتضمن، في الغالب، أبحاثا عامة دون الدخول في تفاصيل الأحداث.في حين أن الدراسات المعمقة تناول حقبة زمنية قصيرة أو شخصيات تاريخية بارزة، وبشكل خاص دور الأميرين فخر الدين المعني الثاني، والأمير بشير الشهابي الثاني في تاريخ لبنان الحديث. وهنا أيضا تبرز مغايرة المؤلف حيث لم يخصص لكل منهما سوى صفحات قليلة تصل إلى درجة الاختزال لشخصيتين شكلتا محور كتاب التاريخ المدرسي لعقود طويلة. فما هي الأهداف المرتقبة من هذه المغايرة؟

نشير بداية إلى أن المغايرة تعني طرح الموضوعات المعروفة بأسلوب جديد وصولا إلى استنتاجات جديدة. والجدة هنا ليست مفهوما قيما، سلبيا كان أو إيجابيا، بل محاولة للخروج من دائرة التأريخ التقليدي الطوائفي السائد في لبنان منذ عشرات السنين. فكتاب طرابلسي بحث أكاديمي مغاير وشديد الصلة بمنهجيتين:

1- منهجية التاريخ الاجتماعي من حيث هي مدرسة كونية متعددة الرؤى تشدد على تاريخ المجتمع أكثر من التركيز على تاريخ الأفراد، وتقيم التوازن بين ما هو سياسي، واقتصادي، واجتماعي، وثقافي و... -2 ومنهجية السياسي المؤرخ الذي لديه رؤية سياسية ليست جديدة بالكامل حول تاريخ لبنان. فتداخلَ الذاتي بالموضوعي إلى حد بعيد. وتعممت الرؤية السياسية  لـ"الفتى بالأحمر" في نظرته العلمية التحليلية لتاريخ لبنان.

المؤلف متفاعل مع رؤية المؤرخين الاجتماعيين الذين كتبوا عن لبنان ويكاد لا يستثني أحدا منهم، لكنه لم يتفاعل مع روايات غالبية مؤرخي الطوائف في لبنان.

فهؤلاء في صراع دائم على تحديد من هو اللبناني، وما هي الحدود التاريخية للأراضي اللبنانية، وما نوع العلاقة العاطفية بين طوائف اليوم بمن سكن في تلك الأراضي، وذلك انطلاقا من معايير طائفية واضحة. وهم في صراع على امتلاك الزمن التاريخي طائفيا بحيث يبقى الموارنة أوفياء لنسب فينيقي مبهم منذ آلاف السنين، ويبقى السنة أوفياء لعروبة محتكرة وممزوجة بالإسلام.وتبحث كل طائفة عن بعد عاطفي مع إحدى دول الخارج، ويبحث كل مؤرخ عن دور طائفته في تاريخ لبنان "من الأزل وإلى الأبد".

وعبر الصراع على طائفية الأرض اللبنانية، والزمن التاريخي الموغل في القدم اشتد الصراع  بين مؤرخي الطوائف وفق رؤى غير علمية وغير عقلانية. وأجاد  أحمد بيضون في تصوير الكثير من سماته في كتابه "الصراع على تاريخ لبنان". وقد تجاوز فواز طرابلسي هذه الرؤية الطائفية المؤدلجة دون أن يتجاوز التنظير الايديولوجي من موقع آخر عبر إشارات عدة داخل النص حيث قارن بين أسباب أحداث 1860 وأسباب الحرب الأهلية لعام 1975. وتبنى مواقف قاسية من بعض الزعماء اللبنانيين وصنفهم في خانة زعماء الطوائف والميليشيات وجماعة الكونسورسيوم أو تحالف رجال المال والتجار. 

إن قراءة متأنية لعناوين فصول الكتاب وموضوعاته الفرعية تقدم دليلا قاطعا على   أن هاجس المغايرة في كتابة تاريخ لبنان مسألة مهمة لكنها معقدة وخطرة. فهي تساهم في تحريك الكتابة التاريخية التي أصيبت مؤخرا بالجمود القاتل بسبب كثافة التنظير الطائفي، لكنها لا تقدم البديل المقنع لتجاوز التأريخ الطائفي ما لم تتحول إلى تيار واسع يؤسس لمدرسة تأريخية أكثر توازنا في رؤية عقلانية متماسكة لتاريخ مختلف الكتل السكانية في لبنان.

تضمن الكتاب ثلاثة عشر فصلا مع خاتمة ودون مقدمة.فجاءت عناوين الفصول على التوالي: إمارة جبل لبنان 1528 – 1842 عبر صفحات قليلة، وموت النظام المقاطعجي مخضبا بالدم، والمتصرفية في عظمتها وبؤسها، وبيروت عاصمة التجارة والثقافة، وجدليات الاتصال والانفصال، ومن الانتداب إلى الاستقلال، وجمهورية التجار، وعهد شمعون: السلطوية والانحياز الغربي، والشهابية وبناء الدولة، ومن الأزمة الاجتماعية إلى الحرب الأهلية، والإصلاح بواسطة السلاح، و"أطول انقلاب في تاريخ لبنان"، ونظام الحرب: الاقتصاد السياسي للميليشيات، وخاتمة مؤقتة بعنوان: اتفاق الطائف في التباساته والتناقضات.

مفردات الأزمة تسكن في غالبية تلك العناوين: الموت، الدم، البؤس،الأزمة، الحرب، السلاح، الانقلاب، الميليشيات، الالتباسات، التناقضات. وذلك من خلال  توصيف نظام الإقطاع في جبل لبنان، ومعه نظام الملل العثماني وتجلياته في إمارة جبل لبنان.

تميز تاريخ هذه الإمارة بنزاعات مرحلية بين الحكام المحليين والسلطة المركزية في اسطنبول، وبنزاعات مستمرة بين الأسر المقاطعجية. ولعب الصراع على الإنتاج الريعي الهزيل أصلا، دورا بارزا في توليد نزاعات دموية. وفخر الدين المعني الثاني ليس سوى أمير تاجر يختصر تاريخ الأسرة المعنية التي لم تحظَ بأكثر من  سبع صفحات. وأمضى الأمير بشير الثاني الشهابي قرابة نصف قرن في صراع دائم على مركزية السلطة، فاختصر بدوره تاريخ الأسرة الشهابية بأكملها. لكن العاميات الشعبية، خاصة في انطلياس ولحفد، أضعفتا مركزه، فتحول الصراع على السلطة إلى قطيعة ثم صراع دموي بين البشيرين. وحين انتصر الأمير الشهابي على الشيخ الجنبلاطي بدعم خارجي بسط سيطرته على مقاطعات الإمارة بالتحالف مع حاكم مصر.

وشهدت مرحلة الحكم الشهابي تبلور ظاهرات جديدة  في تاريخ الجبل منها المدبرون، والتجار، والبلدات التجارية، والنفوذ المتزايد للكنيسة المارونية.

وبعد هزيمة بشير الثاني تقدم البطريرك حبيش ببرنامج عمل لدعم بشير الثالث خشية تعيين حاكم مسلم مكانه. وسرعان ما تفجرت ركائز المجتمع القديم في الجبل بسبب التطور غير المتكافئ بين القوى الطائفية المحلية. وتمخض نظام القائمقاميتين عن سنوات من الاضطراب امتدت خمس عشرة سنة برزت خلالها هوية جديدة للجبل بعد انتفاضة الفلاحين على مشايخهم في عامية كسروان، وقد طردوا آل الخازن منها خلال سنوات  1858 -1860. لكن الانفجار الطائفي كان سريعا في عام 1860  حيث وصل حريقه إلى دمشق. وتساءل طرابلسي عن هوية المجزرة وما إذا كانت ضد المسيحيين كرعايا أم كتجار، وعن دور القوى الأوروبية فيها. ودخل في مقارنة إيديولوجية واضحة مع الماضي بما هو حاضر، ومقارنة بين رواية أسباب حوادث الستين حين بدأت بشجار بين ولدين 1860، ورواية أسباب الحرب الأهلية بعد  مجزرة بوسطة عين الرمانة في عام 1975 وما تلاها من حرب أهلية.

تبدو متصرفية جبل لبنان في تأريخ طرابلسي حكما ذاتيا نسبيا. وقد أفسحت المجال أمام تجارة استعمارية كان فيها الحرير المنتوج الأوحد في جبل لبنان. وشهدت المتصرفية توسع ظاهرة هجرة اللبنانيين إلى الخارج، وبروز التجار كقوة اجتماعية وسياسية جديدة، وتبلور الأطماع الاستعمارية الخارجية بالتزامن مع المطالب الاستقلالية المحلية. وتطورت بيروت بسرعة لتصبح بوابة الشرق والغرب. فباتت  مدينة جديدة تضم مجتمعا من نوع جديد، ولديها الكثير من البنى التحتية الحديثة، التعليمية منها والثقافية. وانطلقت النهضة الأدبية والثقافية من مصر وبيروت إلى المشرق العربي. ورفع العرب شعارات متناقضة بين مطالب بحكم اللامركزية في سلطنة عثمانية موحدة ومنادِ بالاستقلال التام عنها. وبعد أن عانت بلاد الشام ويلات الحرب العالمية الأولى، دخلت متصرفية جبل لبنان في بازار تجزئة المشرق العربي.واحتدم الجدل  بين دعاة الاتصال والانفصال في ظل الانتداب الفرنسي    على لبنان.

برزت المعارضة الأشد في المقاطعات التي ألحقت بالمتصرفية وبيروت. وشهد لبنان تيارات متعددة منها دعاة الاتحاد العربي، وأنصار الحماية الفرنسية، ودعاة الاستقلال اللبناني، وأنصار "لبنان الكبير والمتوسط والصغير"، حسب توصيفه.

كان الخيار الأساسي في تلك المرحلة بين الاقتصاد والاستقلال السياسي، وترسيم الحدود الجنوبية، والانتقال من تشبيه لبنان بفينيقيا إلى اعتباره "سويسرا الشرق".

وتزايدت حدة الخلاف بين مصالح تجار مدينة بيروت ومصالح وجهاء الجبل.

فانفجرت الأزمات الاقتصادية والتحركات الاجتماعية المناهضة للسلطة وبلغت أوجها عام 1936، عام الأزمات مجتمعة. وتوج ذلك العام بمعاهدة تحمل من الاستقلال الشكل دون المضمون. فاستمر نضال اللبنانيين لتحقيق استقلالهم الذي جاء مصحوبا بنصين تأسيسيين: الدستور وميثاق 1943.

كان على النظام اللبناني في عهد الاستقلال أن يبحر في محيط هائج. فشارك في حرب فلسطين لعام 1948 واستفاد من المصائب التي حلت بشعبها. وبعد أن افشل انقلاب الحزب السوري القومي الاجتماعي، تعزز دور الكونسورسيوم المتشكل حديثا من تحالف التجار ورجال المال. فانتعش دور الاقتصاد الوسيط، وتم إخضاع الصناعة للتجارة، وتفككت عرى الوحدة الاقتصادية اللبنانية - السورية التي كانت متينة في عهد الانتداب الفرنسي. واسقط بشارة الخوري عام  1952 بعد ثلاث سنوات على تجديد ولايته. ومارس الرئيس شمعون الحكم بسلطوية عالية وانحياز إلى المعسكر الغربي. فانفجرت بوجهه "ثورة" 1958 التي انتهت مع "عملية الوطواط الأزرق" أو الإنزال الأميركي في لبنان.

وبعد إجهاض الإصلاحات الشهابية، وازدواجية الرئيس حلو وتناقضاته، دخلت النضالات الاجتماعية المطلبية في صلب الحركة السياسية.

فحذرت جريدة "العمل"  الكتائبية من شبح كارل ماركس بعد أحداث 1965، وإفلاس بنك إنترا  1966، وبروز منظمة التحرير الفلسطينية وانتقال نشاطها إلى لبنان، والانقسامات الحادة بين اللبنانيين. فأسهب المؤلف في وصف تلك المرحلة التي عايشها عن كثب وساهم في نضالاتها. فكيف تبدى تاريخ لبنان المعاصر؟

بيروت عاصمة الثقافة العربية، واقتصاد لبنان حر واحتكاري، والزراعة في حالة أزمة دائمة. والحراك السكاني والاجتماعي متصاعد بسبب ارتفاع أكلاف المعيشة. والفروقات الطبقية والمناطقية والطوائفية تزداد حدة، وحزام الفقر يلف بيروت.

والتمايزات الطوائفية تأخذ مداها كذلك التمايز داخل الطبقة الوسطى. والحركات الاجتماعية تجمع ما بين التحرك في أديرة الشمال ونضالات مزارعي التبغ في الجنوب. وترسخت وحدة الحركة النقابية في لبنان على قواعد نضالية صلبة. ودخل طلاب لبنان في صراع شبه يومي ضد "مجتمع التجار". وأصيب النظام السياسي بجمود قاتل لأنه بني على تمثيل طائفي متفاوت وغير قابل للاستمرار دون إقرار توازنات طائفية جديدة. وتم إجهاض"الثورة من فوق" عام 1973.

بعد أن اشتدت حدة الانقسامات وحركات الاحتجاج في المؤسسات الدينية، بات هاجس الأمن يطغى على هاجس الإصلاح، ولم تعد شعارات العلمانية وإلغاء الطائفية متداولة في ظروف التصعيد العسكري المتبادل. فتساءل اللبنانيون: هل إن الجيش لأمن النظام أم للدفاع عن الوطن؟ لكن الجيش لم يقم بأي من هذين الدورين بل انقسم على ذاته فانهارت الدولة وأصيب لبنان بخراب شامل.

 إقليميا ودوليا، تضاربت المواقف السورية والإسرائيلية وسط سباق بين الوساطة العربية والحسم العسكري، وأوهام التحالف بين المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. وتفكك التحالف الثلاثي الذي ضم الرئيس سركيس والنظام السوري والجبهة اللبنانية. فاستغلت إسرائيل الفرصة للقيام بعملية "سلامة الجليل" عام 1982، واحتلت العاصمة بيروت، وارتكبت مجازر صبرا وشاتيلا. وسقط مشروع بشير الجميل قبل أن يبصر النور. وبات لبنان دويلات لا دولة واحدة، وعرضة لمساومات إقليمية ودولية. وفشل الرئيس أمين الجميل في استعادة الدولة الموحدة. وانقسم اللبنانيون بين مفاوض ومقاوم. فاستغل السوريون الفرصة لشن هجوم مضاد قاد لبنان إلى الانهيار الاقتصادي وعودة القوات السورية. وسيطرت الميليشيات على جميع الأراضي  اللبنانية فبنت الكانتونات والمرافيء غير الشرعية واقتصاد الظل.

هكذا باتت جغرافية لبنان جديدة على اللبنانيين بعد تهميش الدولة الموحدة. وعانى اللبنانيون من حمى الانقسامات وحملات التطهير الطائفي. وعمت الأراضي اللبنانية كل أشكال التهريب، والنهب، والقرصنة، والخوات. وتحولت الميليشيات إلى منشآت اقتصادية إلى أن توقفت الحرب بعد توقيع اتفاق الطائف الذي أدخل لبنان في مرحلة جديدة من النزاعات القائمة على حراك اجتماعي جديد وتبدلات ديموغرافية خطيرة.

ملاحظات ختامية

تأسس كتاب "تاريخ لبنان الحديث: من الإمارة إلى اتفاق الطائف "على مقولات سياسية تنظر إلى الماضي بعيون الحاضر وليس العكس، وهي في صلب منهجية التاريخ الاجتماعي. لكن اللبنانيين لم يدرسوا تاريخ حروبهم الأهلية، ولم يأخذوا منها ومن الحروب الأهلية في مناطق متعددة من دول العالم الدروس اللازمة والعبر المفيدة. فنظام لبنان السياسي عاجز عن الإصلاح ويقطع الطريق على أي تغيير، بالطرق السلمية أو العسكرية. وهو، بطبيعته الطائفية والطبقية، نظام مولد للأزمات،  والحروب الأهلية، ويحرض على التغيير الديموغرافي القسري وفق مصالح زعماء الطوائف. وبدت النتيجة المتوقعة من تلك الحروب واضحة في الكلمات المعبرة  للشاعر الكبير لوركا في وصفه للحرب الأهلية: "تعالوا أنظروا الدم في الشوارع،

تعالوا انظروا الدم، تعالوا انظروا الدم".

وقد نظر طرابلسي إلى تاريخ لبنان الحديث من تلك الزاوية الإنسانية بالذات. فجذور الأزمة اللبنانية تعود إلى أن أكثرية مسيحية وازنة في جبل لبنان، انتقلت في وقت مبكر إلى إنتاج السوق (الحرير) والتجارة الدولية، وانفتحت ثقافيا على دول أوروبية تدخلت بكثافة في شؤون الإمارة الداخلية لتحريض الطوائف بعضها على البعض الآخر. فانفجرت حروب لم تنته بعد. لذلك وضع لبنان تحت الانتداب الفرنسي، فخرجت فرنسا مهزومة وانتصر النظام الطائفي في لبنان. وأوكلت أميركا وأوروبا لبنان إلى إسرائيل فخرجت أيضا مهزومة وما زالت تعاني مأزق هزيمتها في لبنان. ثم أوكلت المهمة إلى سوريا بعد اتفاق الطائف لعام 1989. وبدعم عربي ودولي انتقل دور الرعاية إلى دمشق، فلم تتوقف النزاعات الداخلية بل خرجت سوريا مهزومة من لبنان في عام 2005 وانتصر النظام الطائفي الطبقي فيه.

"لكن الحروب جميعها، أهلية كانت أم عادية، كما يقول طرابلسي، تتشارك في وظيفة واحدة هي التخلص من الفائض السكاني وتحقيق توازن ديموغرافي جديد. فأسفرت حرب لبنان عن 71328 قتيلاً و971184 جريحاً، وحركة تهجير كبيرة في بعض المناطق اللبنانية، وهجرة 894717  لبنانياً.

ختاماً، أدت الحرب اللبنانية وظيفتها في تحقيق توازن ديموغرافي جديد بواسطة القتل والتهجير. واللبنانيون اليوم يشبهون حاضرهم أكثر من ماضيهم. فهم يشبهون التركيبة الديموغرافية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي أفرزها اتفاق الطائف الذي ضمن استمرارية القوى اللبنانية المسيطرة. وهي قوى طائفية، ميليشيوية، مركنتيلية، تغّلب مصالحها الخاصة على مصلحة لبنان العليا. وما زالت تمنع قيام الدولة المركزية  الواحدة والموحدة في لبنان. وبقي اللبنانيون، في ظل الإمارة كما في رحاب الدولة الحديثة، رعايا في طوائف وميليشيات متناحرة وليسوا مواطنين أحرارا في دولة ديموقراطية مدنية. وهم بالتأكيد ليسوا متساوين لا في الحقوق ولا في الواجبات.

إنه لكتاب جديد متميز ويثير إشكاليات لا حصر لها. إلا أنه جدير بالدراسة لأنه   يقدم رؤية عقلانية مغايرة لتاريخ لبنان الطائفي.

(فواز طرابلسي، "تاريخ لبنان الحديث: من الإمارة إلى اتفاق الطائف". دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت 2008، 471 صفحة.)     

 

الشيخ قاسم: نحن مع حوار الأديان عندما يكون حوارا للتلاقي والتفاهم لكننا لسنا مع واجهة حوار يريد شرعنة وجود إسرائيل والتطبيع معها

العلاقات بين لبنان وسوريا ضرورية لا يمكن تجاوزها ولها مستلزماتها

على الحكومة وقف التعيينات العشوائية فتصبح عبر مجلس الخدمة المدنية

وطنية - 16/11/2008 (سياسة) ألقى نائب الامين العام في "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم كلمة في ذكرى اسبوع الحاج ابراهيم برجاوي في حسينية البرجاوي, وذلك بحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وممثل المرجع السيد علي السيستاني حامد خفاف والنائبين علي حسن خليل وعلي عمار والنائب السابق محمد برجاوي، وحشد من الفعاليات البلدية والنقابية وأهالي المنطقة، ومما جاء فيها:

"منذ أيام انعقد مؤتمر لحوار الأديان، وأثار لغطا في العالم حول جدوى مثل هذه المؤتمرات، وليكن واضحا: نحن مع حوار الأديان عندما يكون حوارا للتلاقي والتفاهم والعودة إلى الأصول والعقائد التي تربطنا بالله تعالى وتخدم الانسان، لكننا لسنا مع واجهة حوار يتسلل من خلالها مؤتمر يريد شرعنة وجود إسرائيل والتطبيع معها. تصوروا أن شيمون بيريز هو الذي سيحاور باسم الدين اليهودي وهو القاتل الجزار، المنتهك للحرمات والمحتل لفلسطين، هذا ليس حوارا للأديان. لماذا يعيش البعض مشكلة أو عقدة عندما ينتقد الخطأ؟ نعم نحن مع الحوار، لكننا لسنا مع التطبيع مع إسرائيل، نحن مع الحوار لكننا لسنا مع إعطاء فرصة لإسرائيل لتلقن الحاضرين دروسا في كيفية التعاطي بين المسلمين. كنت أود أن أسمع ردا على "ليفني" التي انتقدت كل البلاد العربية والاسلامية لأنها تدرس في المساجد دين الله تعالى الاسلام الذي يربي على كراهية إسرائيل، أين هو الرد؟ من قال كلمة في مواجهة هذه الغطرسة؟. أكثر من هذا "بوش" في المؤتمر يعتبر أنه قام بجهد كبير لحماية المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، نعم "بوش" حمى المسلمين بأن قتل وجرح أكثر من مليون إنسان بين العراق وأفغانستان وهذه المنطقة، وأوجد إرباكا له بداية والله أعلم بنهايته، وجعل هذه المنطقة ملتهبة ومتوترة، وهذه هي المكرمة التي يتحدث عنها "بوش" في أنه ساعد المسلمين بها، وهو الذي كان يعمل للسيطرة وخدمة إسرائيل، و"ليفني" قالت في العلن: لا عودة للفلسطينيين إلى أراضي ال 48، وهذا أمر محسوم عندهم، إذا أي مؤتمر هذا؟ لم يكن هذا مؤتمرا لحوار الأديان، بل كان مؤتمرا لعرض رؤية إسرائيل ولإيجاد خطوة متقدمة نحو التطبيع، وبالتالي هو جزء من فك العزلة عن العدو الإسرائيلي. نحن ندعو إلى حوار للأديان يناقش المسألة الدينية بعيدا عن المسألة السياسية التي تروج لإسرائيل، ونحن نقبل بكل إجراء فيه إعادة للعدل والحق بين أصحاب الرسالات السماوية وبين الناس. أما أوروبا لم تقبل في البيان الختامي أن يدرج منع الإساءة إلى الرسالات السماوية المختلفة، تحت عنوان أنه يوجد حرية رأي، لأنه عندهم يروجون لانتقادات وإساءات لنبي الإسلام ولزوجاته وللأئمة والصحابة بطريقة سلبية وسيئة، ولا يريدون التوقف عن هذه الإهانات المختلفة، لأنهم يعتقدون أنها الطريق لشد العصب لمنع الآخرين من أن يتعرفوا على رسالة الإسلام، بينما لو تحدث أحد عن مجازر الهولوكوست، أو تحدث أحد بانتقاد للصهيونية لاتهموه بمعاداة السامية ولسجنوه وعاقبوه وتصرفوا معه بشكل سلبي. هذا ليس حوارا للحضارات، هذه واجهة يريدون من خلالها أن يمرروا أفكارهم وآراءهم، هم حائرون كيف تكون إسرائيل مقبولة في منطقتنا، فليعلموا: إسرائيل لن تكون مقبولة في منطقتنا، فلو وقع بعض الحكام مع إسرائيل عشرين ألف توقيع، وأعطوا تعهدات تبدأ ولا تنتهي، فإن شعوب منطقتنا ومقاومة منطقتنا لن تقبل بإسرائيل الغاصبة وتريد هذه الشعوب أن تعود فلسطين إلى أهلها عزيزة مكرمة محررة من البحر إلى النهر من دون استثناء".

اضاف:" أما في العلاقة مع سوريا فقد احترنا، فإذا عدنا إلى الطائف والدستور اللبناني فهو يتحدث عن علاقات مميزة مع سوريا، لا يوجد دولة ذكر اسمها في الدستور اللبناني إلا سوريا، وفي الطائف تحت عنوان العلاقات المميزة بسبب الجوار الطبيعي الموجود بين لبنان وسوريا، لكنهم ظنوا أنهم سيحشرون سوريا عندما يضغطون باتجاه العلاقات الديبلوماسية، وأن سوريا ستقول "لا"، وعندها تكون المشكلة من سوريا، وأن لبنان كان يريد أن تعود العلاقات إلى مستوى رفيع لكن سوريا هي التي تمنعت، ففوجئوا أن سوريا قبلت بالعلاقات الديبلوماسية وتبادل السفارات، وهنا كيف يتخلصون من هذه السفارات؟. بدأوا بالحديث أن السفارة يمكن أن تلعب دورا أكثر بكثير من الذي كانت تلعبه الأجهزة الأمنية في السابق. لقد حيرتمونا، هل تريدون سفارة أو لا تريدون؟ تريدون العلاقة مع سوريا أو لا تريدون؟ لا أحد منهم يتجرأ أن يقول أننا لا نريد علاقات بين لبنان وسوريا، لأنهم يعلمون أن هذا هو الأمر الطبيعي، وهذا هو الذي ينفع لبنان وسوريا، نحن لا نبني علاقات لبنانية سورية لنعطي سوريا، إنما نبنيها ليستفيد لبنان وتستفيد سوريا، لأنه توجد مصالح مشتركة وحدود مشتركة، نحن بحاجة إلى التعامل مع بعضنا في الشؤون الأمنية والسياسية والاقتصادية وأمور أخرى بسبب الجوار. من هنا العلاقات بين لبنان وسوريا علاقات ضرورية ولا يمكن تجاوزها ولها مستلزماتها، وعلينا أن نقوم بهذه المستلزمات كما على سوريا أن تقوم بهذه المستلزمات، وهنا لا بد أن نحيي وزير الداخلية الاستاذ زياد بارود لموقفه الاحترافي والقانوني في متابعة قرارات مجلس الوزراء في هذه الزيارة التي أجراها لسوريا، وهو لم يقم بشيء خلافا لقرار مجلس الوزراء، بل ثبت مجلس الوزراء كل الخطوات التي قام بها، وأعلنها بوضوح وتفصيل، هذا يعني أن المسار الطبيعي لا بد أن يكون موجودا بين لبنان وسوريا لمصلحة لبنان، ولا يمكن لأحد أن يضغط علينا خارج إطار مصلحة لبنان، لكن هذا التوتر الموجود من بعض الأفرقاء توتر له علاقة بعدم دراسة الواقع المتغير، ومحاولة لتحصيل بعض المكتسبات السياسية، لكن هم يحصدون الخسائر السياسية المتتالية، ولا يمكن أن تنفعهم مثل هذه الأعمال".

وتطرق الشيخ قاسم الى "الوضع المعيشي والغلاء المستفحل في لبنان" وقال:" كانوا يقولون لنا أن الأسعار العالمية للنفط والحديد والقمح والمواد الغذائية ارتفعت فرفعوا الأسعار في لبنان، اليوم انخفض سعر برميل النفط إلى ما يعادل ثلث سعره في وقت الارتفاع، ونزلت أسعار الحديد إلى نصف ما كانت، وتراجعت أسعار القمح وغيرها، لكننا لا زلنا نجد أن الأسعار في البلد هي نفسها إن لم ترتفع في بعض الحالات وكأن شيئا لم يكن، فإذا سألت بعض التجار المحترفين يقولون أنهم اشتروا البضاعة بسعر مرتفع، يعني بعض التجار هو شريك ربح على كل حال، فإذا ارتفعت الأسعار أكلوا الربح مهما كبر، وإذا انخفضت الأسعار هو أيضا على الحال نفسه. على كل حال هذه مسؤولية الحكومة، فعليها أن تحرك مصلحة حماية المستهلك، أو أن تقوم بإجراءات معينة لوضع حد لجشع بعض التجار، الذين يستحكمون بهذه المواد المختلفة وبالأسعار، خصوصا أن مصيبة الوكالات الحصرية الموجودة عندنا تجعل صاحب كل وكالة أميرا وقائدا يصنع ما يشاء في السعر. هنا على الحكومة أن تفكر في الطريقة المناسبة ليكون هناك إنصاف بحق الشعب اللبناني، كي يتمكن من أن يعيش بشكل معقول وهذه مسؤولية الحكومة. أضف إلى ذلك أننا مقبلون على انتخابات نيابية في أواخر أيار 2009، يعني بعد أشهر عدة، على الحكومة أن تقوم بواجباتها تجاه المواطنين بمعزل عن الانتخابات النيابية، أي ألا تسخر بعض المشاريع لحسابات بعض المستنوبين أو بعض الوزراء والجهات المختلفة، لأن أموال الدولة هي أموال الناس، وليست أموالا لبعض الذين يريدون تسلم مواقع في تركيبة الدولة، وللمواطنين حقوق على هذه الدولة كما يقومون بواجباتهم. وهنا أيضا ندعو إلى أن تتحرك الحكومة لسن قانون أو القيام بإجراءات توقف التعيينات العشوائية هنا وهناك، فتصبح كل هذه التعيينات عبر مجلس الخدمة المدنية، عندها من يكون متفوقا ينال الوظيفة، لماذا نجد بعض الوظائف الدسمة التي فيها تنفيعات ومحسوبيات يتم التعيين فيها استنسابيا من خلال الوزير أو من خلال المدير العام أو بعض المسؤولين، لتكن كل التعيينات في البلد عبر مجلس الخدمة المدنية أو بطريقة المباراة، كي نتخلص من هذه الأزمة في اختيار الأشخاص الذين لا يملكون الكفاءة، ثم نتحدث عن أن القطاع العام فيه مشكلة كفاءات، ليس عندنا مشكلة كفاءات في البلد بل عندنا مشكلة اختيار واستنسابية، وهذه أيضا مسؤولية الحكومة، ويجب أن نعمل للوصول إلى مثل هذه النتيجة".

وتابع الشيخ قاسم:" نحن اليوم أمام مشهد عالمي بدأ يتغير بعد السقوط المدوي لبوش، فبوش دفعه الشعب الأميركي ثمن الفشل الأميركي والعالمي، وبالتالي الأهمية ليست لنجاح أوباما وإنما الأهمية لسقوط بوش، لأن بوش كان من الذين خاضوا الحروب والذين انتهكوا حرمات العالم بالطريقة التي أداها أثناء ولايته. على كل حال هذا درس لأميركا وللعالم أن الطاغية لا بد أن يسقط، وأن المسار الخاطىء لا بد أن ينكشف، ونحن اليوم نعيش أن العالم بأسره يدفع ثمن السياسات الخاطئة لبوش، الأزمة المالية اليوم هي أزمة في العالم، كلا إنما هي أزمة مالية أميركية انعكست أزمة في العالم، وبالتالي اليوم يدفع الأميركيون ثمن أزمتهم لكل العالم، حتى أنهم يقولون للبعض إدفعوا من دون نقاش كما يحصل في بعض البلدان المعروفة. على كل حال نحن في مستقبل الوضع مع أميركا لا ننظر إلى بعض الشعارات التي أطلقت خلال الحملة الانتخابية، وإنما ننتظر لنرى ما الذي سيفعله أوباما، والمقياس بالنسبة إلينا لتقييم السياسة الأميركية هي النظرة إلى فلسطين، كيف سيتم التعاطي مع القضية الفلسطينية هي التي تحكم نظرتنا إلى الرئيس الأميركي الجديد، وبالنسبة إلينا ليس هناك أي مشكلة، على أميركا أن تعيد النظر في سياساتها عندها تفتح القنوات المختلفة مع الجهات المختلفة، لكن المصيبة كانت دائما أنها في موقع المعتدي وتطلب من الباقين أن يسلموا باعتدائها".

 

تقاطع دمشق - الرابية

أيمن جزيني/لبنان الآن

لم يسبق أن تقاطع النظام السوري مع أحد على إسقاط لبنان في مستنقع الصراعات، كما فعل مع النائب ميشال عون. التقاطع بين الاثنين بدأ منذ كان الأخير في باريس وزاره رئيس "حزب الكتائب" آنذاك كريم بقرادوني واميل اميل لحود، وانتهى أخيراً بالتناغم بين الشريط التلفزيوني السوري وبين سلسلة التصريحات التي انطلقت من الرابية.

الطرفان انتهزا التهدئة السياسية التي جاءت ثمرةً لمناخ المصارحات الذي ساد المشهد السياسي، ونزعا باتجاه رسم مشهد مغاير على المستويين الدولي والداخلي. وتجلّى ذلك بالشريط المصور الذي بثّه تلفزيون النظام السوري في محاولة لإظهار لبنان وكراً للأصوليّة لاستدراج عرض أميركي ـ أوروبي لضبط الأمن في لبنان مجدّداً. أما على المستوى المحلي فقد نحا عون في مسلكين: الأوّل كان في طرحه "الاستراتيجية الدفاعية" وما تضمّنته، والآخر بدا في تعقيبه على "المسلسل السوري" وامتناعه عن ذلك في الدعوة إلى قيام لجنة تحقيق عربية تتولى الأمر.

عرف لبنان واللبنانيون تنظيم "فتح الإسلام" قبل معركة مخيم نهر البارد في أيار 2007. فهذا التنظيم مدان قضائياً في جريمة عين علق في 12 شباط 2007. وهو مشتبه رئيسي في جريمة اغتيال الوزير والنائب بيار الجميّل في 11 تشرين الثاني العام 2006.

بهذا المعنى، فإنّ الظهور المتلفز لبعض عناصر هذا التنظيم يقطع بتمنّع سوريا عن التعاون مع التحقيق الدولي لجهة تسليم أشخاص يفترض أن يكونوا خاضعين للتحقيق من جانب لجنة التحقيق الدولية.

غير أنّ هناك أمراً لا يقل أهمية: فمع اقتراب موعد انتهاء التحقيق الدولي بتقرير يصدّره المحقق دانيال بلمار في النصف الأول من كانون المقبل، ومع اقتراب الانتقال من التحقيق إلى الإدعاء العام، يلمس النظام السوري جدّية التحقيق والمحكمة، وأنهما غير قابلَين للمساومة السياسية. وبافتراض انّ ثمّة مساومة أو مقايضة بين إنقاذ النظام من جهة وبين تغيير سلوكه وفقاً للمطالب الغربية من جهة ثانية، فإنّ الواضح من ردّ الفعل الرسمي السوري، أنّ لبنان على حدّ الخيارات الصعبة والاختيار بين: الأمن والسياسة.

واللافت في أمر "فيلم الاعترافات" انّ الواقع السياسي يعكس عجزاً متمادياً عن الإلمام بالأفق المطروح على اللبنانيين ارتياده. فرئيس الجمهورية ميشال سليمان تصرّف حيال الأمر بطريقة خفّف فيها من وقع "الفيلم"، بينما الحكومة اكتفت بالقول، عبر بعض وزرائها، انه "كان من الأفضل أن يتم الأمر عبر القنوات الرسمية"، أي إبلاغ السلطات اللبنانية بـ"الاعترافات ـ المعلومات"، وكأنها متّهمة وتطلب معالجة الأمر بعيداً عن الرأي العام والإعلام.

والأسوأ من ذلك، انّ عرض الفيلم أتى قبيل زيارة وزير الداخلية زياد بارود دمشق أسفرت عن الإعلان عن تشكيل لجان لمتابعة الأمر، لتعود بذلك سوريا من الشبّاك بعدما خرجت من الباب.

لقد أسقطت السلطة من واقعها انّ المسؤول الأمني في عصابة "فتح الإسلام" الإرهابية التقى زعيمها شاكر العبسي في مخيّم البدّاوي شمال لبنان قبل أن ينتقلا إلى سوريا بعد ذلك. كما أغفلت ما أوردته الصحيفة الالكترونية "الحقيقة" عن مصدر أمني سوري انّ العبسي كان موقوفاً حتى أيلول الماضي لدى المخابرات السورية وانه "اختفى" بعد ذلك.

أكثر من ذلك، فلم تتوقف السلطات اللبنانية عند التظاهرات التي انطلقت من مخيم البداوي، بعدما تردّد على نطاق واسع أنّ العبسي موقوف هناك. وللتذكير فقط: فقد اعترضت السلطة الفلسطينية آنذاك على ما يحصل من أمور تحت عنوان تحرّكات شعبية، قيل حينها انّ مَنْ يقف وراءها هو الاستخبارات السورية مباشرة، وعبر الفصائل الفلسطينية الموالية لها.

بهذا المعنى، فإنّ ما نشرته صحيفة "المستقبل" عن صلة التنظيم الأصولي بالنظام السوري يوجب طرح سؤال عقلاني: ماذا إذا ثبت للعالم صحّة المعلومات؟. فالوثائق والاعترافات تقطع بأنه جرى تدبيجه ضدّ لبنان هدفه إظهار البلد على أنه وكر للإرهاب والتطرّف تمهيداً لعودة الوصاية السورية عليه.

أما على مستوى عون، فإنّ الأخير، لم يتوان عن طرح "استراتيجية" تتسم بشمولها جميع مؤسسات الدولة، متبنياً دعوة نائب أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم لدمج الدولة في المقاومة، بدلاً من حصول العكس. وأكثر من ذلك، فإذا كان الحزب الخميني يدعو إلى ثنائيّة، أو يقرّ بوجودها، فإنّ الجنرال السابق حاول تكريس "المقاومة"، من دون أن ينسى توجيه ضرباته ضدّ الداخل اللبناني عبر الحديث عن "ميليشيات مستجدّة" ليؤسس على ذلك مقولة عصية على الفهم انه "لا يمكن مقارنة سلاح الميليشيات بسلاح المقاومة المعد ضدّ إسرائيل"، وكأنّ ما حدث في 7 أيار كان في دولة أخرى غير لبنان.

ولا يستثني عون من ضرباته وتسديداته القرارات الدولية التي أشار إلى أن المجتمع الدولي ينفذ "ما هو مريح لإسرائيل" ذاكراً القرارات 194 و1559 و1701. ويغفل انّ القرار الأخير هو "الاستراتيجية الدفاعية" الأهم للبنانيين لكونه صادراً عن الشرعية الدولية ويدعم قيام الدولة اللبنانية ويشكل مرجعية في العلاقات اللبنانية ـ السورية خصوصاً في موضوع الحدود والأمن بين الدولتين.

الأكثر مفارقة، هو ان عون يستدعي قراءة غريبة عن "الوحدة الوطنية" التي يجب أن تُصاغ وتتقاطع عند شرعية سلاح "المقاومة"، فضلاً عن إثارته قضية السلاح الفلسطيني علماً أنّه لم يعد ملفاً ملحّاً على التعقيدات اللبنانية. والحال هذه فما الذي يقترحه الجنرال عليناً؟. فهو يريد من اللبنانيين جميعاً أن يتسلّحوا ويتحوّلوا إلى شعب "مقاوم". وبمعنى من المعاني يدعو عملياً إلى تغيير في المجتمع وفي الدولة والاقتصاد وفي النظام.

ويضاف إلى ذلك، ان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله اعتبر الورقة المقدّمة من عون ورقة جدّية داعياً إلى تبنّيها. على هذا فإنّه من المفروض مطالبة مَنْ إتهمهم أرباب "النصر الإلهي" بأنهم "تآمروا" على "شعب المقاومة" تسليح جماهيرهم والانضواء تحت "القيادة الرشيدة" لدول الممانعة سوريا وإيران، وإقصاء وإبعاد مَنْ يرفض ليصبح مَنْ في البلد على حدّي الخيارين الأقسى: إما النصر أو الشهادة للفوز بإحدى الحسنين أو بحق البقاء في لبنان.

التناغم بين النظام السوري وعون فاق حدود التصوّر، ودخل مرحلة ابتزاز العالم: إما نحن أو سقوط لبنان.