المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم الإثنين 16 حزيران 2008

إنجيل القدّيس متّى .25-16:10

هاءَنذا أُرسِلُكم كالخِرافِ بَينَ الذِّئاب: فكونوا كالحَيَّاتِ حاذِقين وكالحَمامِ ساذِجين. اِحذَروا النَّاس، فسَيُسلِمونَكم إِلى المَجالس، وَيجلِدونَكم في مَجامِعِهم، وتُساقونَ إِلى الحُكَّامِ والمُلوكِ مِن أَجلي، لِتَشهَدوا لَدَيهِم ولَدى الوَثَنِيِّين. فلا يُهِمَّكم حينَ يُسلِمونَكم كَيفَ تَتكلَّمون أَو ماذا تقولون، فسَيُلْقَى إِليكُم في تلكَ السَّاعِة ما تَتكلَّمونَ بِه. فلَستُم أَنتُمُ المُتَكَلِّمين، بل رُوحُ أَبيكم يَتكَلَّمُ بِلِسانِكم. سَيُسلِمُ الأَخُ أَخاهُ إِلى الموت، والأَبُ ابنَه، ويَثورُ الأَبناءُ على والِدِيهم ويُميتونَهم، ويُبغِضُكم جَميعُ النَّاسِ مِن أَجلِ اسمي. والَّذي يَثبُتُ إِلى النِّهاية فذاكَ الَّذي يَخلُص. وإِذا طارَدوكم في مدينةٍ فاهرُبوا إِلى غَيرِها. الحَقَّ أَقولُ لكم: لن تُنُهوا التَّجْوالَ في مُدُنِ إِسرائيل حتَّى يأتيَ ابنُ الإِنسان. ما مِن تِلميذٍ أَسمَى مِن مُعَلِّمِه، وما مِن خادِمٍ أَسمَى مِن سَيِّدِه. فَحَسْبُ التِّلميذِ أَن يَصيرَ كَمعلِّمِه والخادِمِ كَسيِّدِه، فإِذا لَقَّبوا ربَّ البَيتِ بِبَعلَ زَبول، فَما أَحْراهم بِأَن يَقولوا ذلك في أَهْلِ بَيتِه؟

 

اسرار الصحف الصادرة صباح اليوم الاحد 15 حزيران 2008

وردت في الصحف هذه الاسرار

النهار

اسرار الآلهة

تعتقد اوساط سياسية ان محاولة انشاء جبهة مسيحية جديدة قد تكون الغاية منها استهداف قوى 14 آذار.

من المسوؤل

لم يستجب جميع الاحزاب والتيارات حتى الآن للدعوة إلى إزالة كل الصور واللافتات من شوارع العاصمة بعدما بدأ الرئيس سليمان بنفسه وطلب ازالة صوره من كل مكان.

لماذا

تلقى نائب سابق عن بيروت اتصالاً من رئيس كتلة نيابية بارزة واتفقا على لقاء قريب.

البلد:

أوفد مرجع عالٍ موفداً شخصياً لقطب معارض أكد له رفض تشكيل حكومة من دون مشاركته.

رغم الندا?ات العلنية وغير العلنية لعدد من الذين تركوا منازلهم في مناطق حساسة لم تتم العودة وفهم انها مرتبطة بتشكيل الحكومة وبد? عملها.

تراقب فاعليات سياسية التحضيرات لطلب فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي على أبواب تشكيل الحكومة لتمثل للثقة امامه وفي ما اذا كانت ستتضمن طلباً لمناقشة قانون الانتخابات.

المستقبل :

رفضت دولتان عربيتان مساعي قامت بها دولة شقيقة لتقريب وجهات النظر مع رئيس عربي يواجه عزلة في الآونة الأخيرة.

لم يُحسم النقاش بعد حول أفضلية مشاركة شخصيات من الصف الأول، من طائفة معينة، في الحكومة العتيدة، أو عدمها.

اهتم ديبلوماسيون كثر بمعرفة نتائج اللقاء بين مرجع رسمي كبير وبين مرجع روحي بارز.

 

النائب عراجي:الوضع في تعلبايا وسعدنايل خطير جدا والحل برفع الغطاء عن المسلحين والإسراع بالحكومة

وطنية- 15/6/2008 (سياسة) كشف النائب عاصم عراجي في حديث إذاعي اليوم ان "الناس تعيش قلقا في تعلبايا وسعدنايل وان عددا من الاهالي لا ينامون في بيوتهم". ولم يلاحظ جدية في قضية رفع الغطاء السياسي عن المسلحين في المنطقة على الرغم من ان "كل السياسيين يقولون انهم رفعوا الغطاء"، منوها بدور الجيش في تعلبايا وسعدنايل، رافضا الامن بالتراضي. وحذر من "الوصول الى وضع خطير جدا لن نستطيع السيطرة عليه في حال عدم الاسراع في تشكيل الحكومة".

 

البطريرك صفير ترأس قداس الاحد في بكركي والتقى فاعليات

وطنية - 15/6/2008 (سياسة) ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي, عاونه فيه المطرانان شكرالله حرب وغريغوري منصور, والقيم البطريركي الخوري جوزف البواري, وخدمه جوقة الكريم, في حضور النائب بيار دكاش, رئيس مجلس ادارة مستشفى البوار الحكومي المدير العام الدكتور شربل عازار, قنصل مولدوفا ايلي نصار, المهندس جو صوما, نخلة اده, والعديد من الفعاليات السياسية والحزبية والاجتماعية والنقابية.

العظة

بعد الانجيل المقدس, ألقى البطريرك صفير بعنوان: "وفتح فاه يعلمهم" واصل فيها الحديث عما جاء في كتاب البابا بنديكتوس السادس عشر" "يسوع الناصرة, عن التطويبات", لم يتطرق فيها الى الشأن السياسي, وهنا نص العظة: "نواصل الحديث عما جاء في كتاب البابا بنديكتوس السادس عشر "يسوع الناصرة"، عن التطويبات. غالبا ما تقدم التطويبات كأنها نقيض الوصايا العشر في العهد الجديد، ونوع من مجموعة أخلاقية مسيحية سامية بالنظر الى وصايا العهد القديم. وهذا المفهوم يتجاهل تماما معنى كلمات يسوع. ذلك أن يسوع أشار الى الوصايا العشر على أنها صحيحة كل الصحة. وفي العظة على الجبل، أو الأنبياء. الحق أقول لكم، ما جئت لأبطل، بل لأكمل. الحق أقول لكم: قبل أن تزول السماء والأرض، لن يزول من التوراة ياء أو نقطة، حتى يتم كل شيء. وبعد الحوار الذي جرى بين يسوع والعالم اليهودي، علينا أن نعود الى هذه العبارة التي لا تناقض الا ظاهرا المقطع البولسي. ويكفينا الآن أن نرى ان يسوع لم يكن في نيته أن يلغي الوصايا العشر، بل أن يقويها. ولكن ما هي هذه التطويبات؟ انها تتداخل اولا في تقليد طويل، هو تقليد رسائل العهد القديم على ما نراه، مثلا، في المزمور الأول، وفي نص أرميا المقابل: "مبارك الرجل الذي يتوكل على الرب، ويكون الرب معتمده". وهذه عبارات تدل على وعد وتصلح أيضا لتمييز الأرواح، وتصبح هكذا عبارات تدل على الطريق. ان الإطار الذي أعطاه لوقا عظة الجبل يحدد الوجهة الخاصة التي أرادها يسوع للتطويبات. ورفع يسوع عينيه الى تلاميذه وقال:ان كل تأكيد للتطويبات يخرج من هذا النظر الذي وجهه الى تلاميذه، وهي تصف نوعا ما وضع تلاميذ يسوع الحسي: فهم فقراء، وجياع، ويبكون، ومبغضون ومضطهدون. وهذه التطويبات تصف وصفا عمليا، ولاهوتيا أيضا، التلاميذ الذين تبعوا يسوع والذين باتوا يؤلفون عائلته.

غير أن الوضع الهش، الذي يسوده تهديد مباشر، والذي وجد يسوع فيه تلاميذه، قد تبدل فصار وعدا عندما توجه اليه النظر الذي أناره الآب. وفي نظر جماعة تلامذة يسوع، تشكل التطويبات تناقضات: تبدو مقاييس العالم منقلبة، عندما ننظر الى الواقع في الاطار الصحيح، أي من وجهة سلم قيم الله، وهي تختلف عن قيم العالم. فالذين يعدون في نظر العالم فقراء وهالكين، هم في الحقيقة سعداء ومباركون، وعلى الرغم من جميع آلامهم، يحق لهم أن يفرحوا ويبتهجوا. الطوباويات مواعيد تشع فيها صورة العالم الجديدة، والانسان الذي يدشنه يسوع، أي "انقلاب القيم" انها مواعيد أخروية، ولكن هذه العبارة يجب ألا تفهم بمعنى أن ما تبشر به من فرح سيؤجل الى أمد بعيد جدا، أو هو سيكون موعده فقط في العالم الآخر. واذا كان الانسان يبدأ أن يرى ويعيش انطلاقا من الله، واذا سار برفقة يسوع، فهو اذذاك يعيش وفق مقاييس واضحة، وان شيئا مما سيأتي هو الآن حاضر مع يسوع يأتي الفرح من الضيقات.

ان التناقضات التي يقدمها يسوع في التطويبات تعبر عن وضع المؤمن الصحيح في العالم، وهو وضع وصفه بولس الرسول، غير مرة، في ضؤ خبرته الحياتية وآلامه كرسول: لقد قال: "يضيق علينا من كل جهة، ولكننا لا نسحق، نحتار في أمرنا، ولكننا لا نيأس، نضطهد ولكننا لا نهمل، ننبذ ولكننا لا نهلك". وان ما هو تشجيع ووعد، في تطويبات انجيل لوقا، يشكل لدى بولس اختبارا عاشه الرسول. فهو "آخر الناس"، كمجرم محكوم عليه بالموت، وصار مشهدا للعالم، لا وطن له، ومهان، ومفترى عليه. وعلى الرغم من ذلك، فانه اختبر فرحا لا حد له. وهو كمن كان تحت رحمة جميع الناس، وتعرى من نفسه لكي يحمل المسيح الى الناس، واختبر ما بين الصليب والقيامة من رباط حي وثيق:اننا نسلم الى الموت "لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت".ان المسيح يتألم دائما في مرسليه، ومكانه دائما على الصليب, ولكنه هو حقا في الوقت عينه القائم من الموت. واذا كان مرسل المسيح الى هذا العالم يواصل في حياته آلام المسيح، فانه يشعر بوهج القيامة، وهي ينبوع فرح، و"تطويب" أقوى من السعادة التي تأتى له من شعوره بها سابقا في العالم. فهو الآن، والآن فقط، يعرف حقا معنى "السعادة"، و"التطويب" الحق، ويكتشف في الوقت عينه فقر ما يعتبر رضى وسعادة، بحسب المقاييس المعتادة.

وان ما في حياة بولس الرسول من تناقضات تسير في خط واحد مع ما تعرضه التطويبات، يظهر واقعا يشبه واقعا أعرب عنه يوحنا أيضا، انما بطريقة مخالفة، عندما تكلم عن صليب الرب، "كارتفاع"، وكجلوس على عرش عظمة الله. ان يوحنا يجمع في كلمة واحدة الصليب والقيامة، الصليب والارتفاع، لأن هذين الأمرين، بالنسبة اليه، غير منفصلين. الصليب هو فعل "الخروج"، فعل المحبة الذي تم حتى النهاية". ولهذا انه مكان المجد، مكان الاحتكاك الحق، والاتحاد الحقيقي بالله الذي هو محبة.ان نظرة يوحنا هذه تجمع معنى تناقضات العظة على الجبل، وتجعلها أخيرا قابلة للفهم.

ان اعتبارت بولس ويوحنا هذه تظهر لنا حقيقتين. التطويبات تعبر عما يعني أن تكون تلميذا. وهي تتخذ حجما حسيا وواقعيا بحيث ان التلميذ يكرس ذاته بكليتها للخدمة، على ما تشهد بذلك حياة بولس وشخصه شهادة مثالية. ومعنى ذلك لا يمكن عرضه بطريقة نظرية، فهي تظهر في حياة الرسول وآلامه وفرحه العجيب، هذا الرسول الذي ضحى بكل شيء ليتبع المسيح. والعنصر الثاني الذي يتوضح هنا، هو ميزة التطويبات الخاصة بالمسيح. التلميذ مرتبط بسر المسيح، وحياته يغمرها الاتحاد بالمسيح: "لست أنا الحي، بل المسيح هو الحي في". التطويبات هي نقل الصليب والقيامة الى حياة التلاميذ. ولكن ما لها من قيمة بالنسبة الى التلميذ يكمن في أنها وجدت مثالا لتحقيقها في المسيح عينه.

ان الصيغة التي يعطيها متى التطويبات تظهر لنا ذلك بأوضح طريقة. اننا، لدى قراءة النص، بما ينبغي من الانتباه، نرى أن التطويبات تشكل بطريقة خفية سيرة حياة يسوع الداخلية، وصورة عن حياته. وهو الذي لا مكان له يسند اليه رأسه ، هو الفقير الحقيقي الذي بامكانه أن يقول عن نفسه: "كونوا لي تلاميذ لأني وديع ومتواضع القلب"، فهو حقا عذب. وهو حقا القلب النقي الذي لذلك يتأمل بالله تأملا دائما. ان التطويبات تكشف سر المسيح ذاته، وتدعونا الى الدخول في شراكة مع المسيح. ولكنها، بما لها من ميزة خفية خاصة بالمسيح، علامات ترشد الى طريق الكنيسة التي عليها أن تعرف فيها مثالا لها. وهي تشكل لكل من المؤمنين علامات لاتباع المسيح، ولو كان ذلك بطريقة مختلفة، حسب تنوع الدعوات.

لنر الآن عن كثب مختلف حلقات سلسلة التطويبات. وهناك أولا العبارة، وهي أشبه باللغز،التي طالما طرح السؤال في شأنها، وهي" فقراء القلب". هذه العبارة تظهر في كتابات قمران حيث تشكل تحديد أعضاء الجماعة في حد ذاتها. ويسمى أعضاؤها ذواتهم أيضا "فقراء النعمة"، و"فقراء فدائك"، أو الفقراء. ان جماعة قمران التي تخلع على ذاتها هذا الوصف، تعرب ضميريا عن أنها هي اسرائيل الحقيقية، وهي تعود بالواقع الى تقاليد مغروسة حقا في ايمان اسرائيل. وفي عهد انتصار البابليين على اليهودية، كان تسعون في المائة من سكان المنطقة من طبقة الفقراء. وبعد النفي، تسببت مجددا السياسة الضريبية المأساوية التي انتهجها الفرس بوضع من الفقر مأساوي. ان الاعتقاد القديم الذي كان يقول بأن كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة الى البار، فيما الفقر هو نتيجة حياة سيئة (النسبة بين التصرف ونوعية الحياة) لم يعد مقبولا. وهوذا اسرائيل، حتى في فقره، يشعر بأنه قريب من الله، ويعترف بأن الفقراء، في ما هم عليه من ضعة، هم أعزاء على قلب الله، خلافا للأغنياء الذين في كبريائهم لا يعتمدون الا على ذواتهم.

وهناك عدد كبير من المزامير يعرب عن تقوى الفقراء التي تعمقت. وهم يعتقدون أنهم اسرائيل الحقيقية. وفي التقوى التي تظهرها هذه المزامير، وفي تمسكها العميق بجودة الله، وفي الجودة والتواضع البشريين اللذين تكونا هكذا، وفي انتظار محبة الله الخلاصية اليقظة، تكون انفتاح القلب الذي فتح الأبواب واسعة للمسيح. ان مريم ويوسف، وسمعان وحنة، وزكريا واليصابات، ورعاة بيت لحم، والأثني عشر الذين دعاهم الرب ليؤلف منهم الحلقة الأولى من التلاميذ، انهم جميعا خرجوا من بيئات تتميز عن الفريسيين والصدوقيين، وعن جماعة قمران، على الرغم مما بينهم من بعض قرابة روحية. ان العهد الجديد يبدأ بهم، وهو يعرف أنه في اتحاد تام بايمان اسرائيل الذي ينضج في انتظار نقاوة دائما متعاظمة.

وهم أيضا الذين أنضجوا، في الصمت أمام الله، هذه الحالة التي شرحها بولس في لاهوت التبرير. أمام الله، ان هؤلاء الناس لا يفاخرون بأعمالهم. أمام الله، لا يدعون بأنهم نوع من الشركاء التجار متساوين في الحقوق، وهذا يقضي لهم بأن يتقاضوا قدر ما قاموا به من أعمال. هؤلاء الرجال يعرفون أيضا أنهم باطنا فقراء، ويحبون ما يجود الله به عليهم، ولهذا فهم يعيشون في وفاق حميم مع كيان الله وكلمته. عندما كانت القديسة تريزيا الطفل يسوع تقول انها يوما ما ستمثل أمام الله، فارغة اليدين، وانها ستمدهما اليه مفتوحتين، كانت تصف روح هؤلاء الفقراء بالله: انهم يصلون وأيديهم فارغة، هذه الأيدي لا تستأثر بشيء، ولا تحتفظ بشيء، لكنها تنفتح وتعطي، وهي على استعداد للاستسلام لجودة الله المعطي.

العظة على الجبل تمثل الروح المسيحية الحق، وهي تسير بالمؤمنين عكس ما يسير به العالم عادة. العالم يمجد المتعجرفين، عظة الجبل تطوب المساكين بالروح. العالم يمجد المتكبرين، عظة الجبل تمتدح الودعاء. العالم لا يبالي بالحزانى، عظة الجبل تسعى الى تعزيتهم. العالم يحتقر الجياع الى الخبز، عظة الجبل تطري الجياع الى البر، وتعدهم بالشبع. العالم يسخر من الرحماء، عظة الجبل تعدهم بالرحمة. العالم يعظم المتشامخين، عظة الجبل تعدهم برؤية وجه الله. العالم يهوى الحروب، عظة الجبل تنادي بالسلام. العالم يمجد العظماء، وعظة الجبل تطوب المضطهدين من أجل البر، وتدعو المفترى عليهم الى الفرح لأن أجرهم في السماوات عظيم. لذلك قيل ان عظة الجبل هي العالم بالمقلوب. نسأل الله أن يمن علينا بأن نعيش في حياتنا ما تنصح به لنا عظة الجبل.

استقبالات

وبعد القداس, استقبل البطريرك صفير في الصالون الكبير النائب الدكتور بيار دكاش، الذي لم يشأ التصريح، مكتفيا بالقول في دردشة مع الصحافيين "انه جاء مهنئا غبطته بسلامة العودة، وبانتخاب الرئيس ميشال سليمان"، آملا "ان يكون انتخابه فاتحة خير على لبنان واللبنانيين".

ثم التقى الشاعر خليل سمعان، القاضية كارمن بدوي ومدير مركز الابحاث للدراسات الاستراتيجية سيمون سعادة.

النائب عدوان

وظهرا, استقبل البطريرك صفير النائب جورج عدوان نائب رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" وعرض معه الاوضاع العامة والمستجدات على الساحة الداخلية. وبعد اللقاء الذي استمر 40 دقيقة قال النائب عدوان: "اللقاء اليوم مع صاحب الغبطة، توقف عند ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة، اذ لا مصلحة لاحد في تأخيرها لا سيما واننا عشية صيف واعد، والناس تحتاج الى استراحة وتمضية عطلة هادئة، وكل الامور تشير الى ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة".

ورأى "انه لا يوجد اي مطلب لاي شخصي يبرر تمسكه وتشبثه بمطالبه على حساب الهدوء والاستقرار وراحة الناس", داعيا "كافة الاطراف للتنازل من اجل مصلحة المواطن، لان هم المواطن اليوم هو تأمين لقمة العيش، واستقراره"، مؤكدا "ان العقبات التي يضعها البعض لا تخدم مصلحة لبنان واللبنانيين، بخاصة واننا اليوم امام عهد جديد، ينبغي علينا ان نعطي فرصة ونساعد الرئيس ميشال سليمان كي ينجح في مهمته، ومساعدته تكون في اعطائه الوزارات التي تستطيع ان تؤمن للناس الامن والاستقرار", متسائلا "كيف نقول اننا نريد تعزيز دور المسيحيين من خلال تعزيز دور الرئاسة، ونحن نضع العقبات امامها بدلا من دعمها".

اضاف: "كيف يمكننا ان نعزز موقف الرئيس اذا كنا من اول الطريق نسأله عن الوزارات التي يريدها كيف نعزز موقف الرئيس اذا كنا ومن اول الطريق نشارطه على اسماء الوزراء الذي هو سيختارهم وعلى مسؤوليته الشخصية". وكرر دعوته الى "وقف وضع العراقيل امام الحكومة، ويكون للرئيس الرأي ليس في وزرائه فقط، بل بحسب ما اعطاه الدستور وهو اكثر، فكيف بوزرائه وحقائب من خلالها سيؤمن الامن والاستقرار للناس".

سئل: في الامس النائب ميشال عون وضع بعض العراقيل وبعض الشروط على الرئيس ميشال سليمان وعلى رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، مما سيؤدي الى مزيد من العرقلة، فكيف تنظر الى هذا الامر؟

أجاب: "أتصور ان هناك بعض المشاكل في قلب المعارضة، ينبغي ان لا تنتقل هذه المشاكل بين المعارضة والاكثرية. المعارضة اليوم لها حصة، والاكثرية لها حصتها وفقا لتسوية الدوحة التي نسعى بكل ما نملك من قوة لانجاحها، وبرأيي من الضرورة ان تحل المشاكل الموجودة داخل المعارضة بين المعارضة انفسهم، واذا كانت هناك من مشاكل في المستقبل بين الاكثرية فينبغي ايضا ان تحل داخل الاكثرية، علينا العمل اليوم على تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية ودوره, والتي انتظرنا كثيرا ليكون لدينا رئيسا يستطيع ممارسة صلاحياته كاملة".

سئل: هل حسم امر مشاركة الدكتور سمير جعجع في الحكومة المقبل؟

أجاب:" بالنسبة لتوزير رئيس الهيئة التنفيذية لل"قوات اللبنانية" الدكتور جعجع، توجه "القوات" هو في عدم التوزر، أي في عدم توزيره، اما اسماء المرشحين من "القوات" للحكومة المقبلة, فنحن لا نزال ننتظر تحديد الحقائب ليصار الى اختيار الاشخاص، ونحن من المؤمنين بضرورة ان يكون الشخص المناسب في المكان المناسب. وانطلاقا من ذلك يتم اختيار الاشخاص الملائمين وفق اختصاصاتهم كي يستطيعوا من خلال وزاراتهم تأمين الخدمة العامة, لانه في النهاية هذه الحكومة هي لكل الناس، لكل المواطنين اللبنانيين وليس لفريق او لآخر والوزير عبر وزارته عليه ان يخدم كل الناس وليس محازبيه او من هم بالقرب منه".

سئل: شاهدنا منذ بضعة ايام على احدى الشاشات إعادة لنكء الجروح الماضية ومحاولات تشويه لصورة الدكتور سمير جعجع من خلالها، لا سيما وان من له علاقة بالجرح المذكور اعرب عن مسامحته وعفوه عما جرى, فما الهدف برأيك ؟

أجاب: "الحرب كانت صفحة سوداء في تاريخ وطننا, واعتقد ان الجميع تألم كثيرا منها وسقط العديد من الضحايا، ووقع الكثير من المآسي. من هنا نؤكد ان الصفحة السوداء هذه والمحزنة، ولكي نستطيع فعلا طويها علينا إضاءة بريق أمل للمستقبل".

ورأى "ان لا مبرر لإغراق الناس مجددا في الاحزان والمآسي وفي بعض الاحقاد، لان هذه الامور لا تخدم بأي شيء المستقبل".

ودعا انطلاقا من الصرح البطريركي الذي هو "صرح المحبة، والعطاء صرح بكركي الذي هو صرح كل اللبنانيين وطبعا للمسيحيين الى عدم نكء الجروح كلبنانيين اولا وكمسيحيين خاصة، وطوي صفحة الماضي، ومد أيدينا لبعضنا بعضا، لان المسيحية قائمة على الانفتاح، والقبول بالآخر، والرأي السياسي لكل فرد رأي حر فيه, اما اغراق الناس بالاحقاد, فلا يساعد على شيء، وتصوير المستقبل بصورة قاتمة لا يخدم بشيء، فليكن لدينا بريق أمل, وننطلق بصفحة جديدة لبناء هذا اللبنان, ونعزز دورنا كمسيحيين في الدولة اللبنانية، ووجودنا من خلال الدولة".

 

الرئيس سليمان فاجأ أهالي بلدته عمشيت بزيارة من دون ترتيبات مسبقة وشخصيات ووفود من أبناء البلدة والمنطقة تقاطرت إلى منزله مهنئة

رئيس الجمهورية يطمئن اللبنانيين: لا داعي لأن يخاف أحد وسترتاحون وجو التجاذبات الحالي على الصعيد الحكومي سوف يتغير بالتأكيد

وطنية - 15/6/2008 (سياسة) طمأن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في كلمة مقتضبة أمام زواره في بلدته عمشيت، إلى أن "الجو الذي يراه اللبنانيون الآن، من تجاذبات على الصعيد الحكومي، سوف يتغير بالتأكيد، وسوف يرتاح الشعب اللبناني، وهذا ما أطمئن الجميع إليه، فلا داعي لأن يخاف أحد".

وكان الرئيس سليمان، وبعد 21 يوما على انتخابه رئيسا للجمهورية، فاجأ أهالي بلدته عمشيت بوصوله صباحا الى مدفن العائلة في كنيسة سيدة نايا الاثرية حيث وضع باقة من الزهر على ضريح والده المرحوم نهاد غطاس سليمان، ثم انتقل الى داخل الكنيسة وأدى الصلاة لراحة نفس والده. مع الاشارة إلى ان الكنيسة كانت معبدا وثنيا حوله جد العائلة المرحوم عباس سليمان الى كنيسة مسيحية في العام 1750 على اسم سيدة نايا، وفاء لنذر، وباتت منذ ذلك التاريخ تحتضن رفات المتوفين من ابناء العائلة ولا تزال مدفنا للعائلة.

بعد ذلك توجه الرئيس العماد سليمان الى دارته في عمشيت حيث كانت تنتظره والدته السيدة جوزفين الكلاب واللبنانية الاولى السيدة وفاء وشقيقاه مختار عمشيت ورئيس رابطة مخاتير بلاد جبيل غطاس سليمان ومحافظ البقاع وجبل لبنان القاضي انطوان سليمان وشقيقته لودي، السفير بهجت لحود، إضافة الى افراد العائلة ومن بينهم عمته السيدة شهيدة البالغة من العمر مئة عام، ولم تمض لحظات قليلة على وصوله حتى انتشر الخبر، فاحتشد أبناء البلدة ومحبو الرئيس سليمان من سائر بلدات وقرى قضاء جبيل للترحيب به وتهنئته بما حقق بنزاهته وحكمته للبنان، اذ كان محط توافق القيادات السياسية اللبنانية وثقة المراجع العربية والدولية فقطع الفراغ المخيف الذي استبد ردها من الزمن.

ومن أبرز الحاضرين النائب الدكتور وليد الخوري، المستشار السياسي للرئيس النائب السابق ناظم الخوري، راعي ابرشية جبيل المارونية المطران بشارة الراعي، رئيس المحكمة المارونية الموحدة المونسينيور فيليب غوش، رئيس بلدية عمشيت الدكتور انطوان عيسى واعضاء المجلس البلدي ومخاتير عمشيت وفاعلياتها.

واللافت ان الرئيس سليمان حرص على مصافحة المهنئين فردا فردا وبالاسم، سائلا عن أوضاعهم دون ان ينسى استذكار محطات شبابية عاشها مع رفاق الصبا في انحاء البلدة. وبدا واضحا على وجوه المهنئين مدى فرحهم بما حققه الرئيس سليمان في كل موقع مسؤولية اضطلع به وصولا الى الموقع الاول في الدولة، وما يحمله ذلك من آمال كبار ونجاح واعد للنهوض بلبنان مجددا انطلاقا مما يتمتع به من رزانة وهدوء وحكمة تؤهله لانجاز ما يصبو اليه جميع اللبنانيين.

وتواصل تدفق الشخصيات والوفود الشعبية من منطقة جبيل الى منزل الرئيس سليمان، طيلة بعد الظهر، ومن أبرزهم: النائبان شامل موزايا وعباس هاشم، رئيس مستشفى سيدة المعونات الجامعي الأب أنطوان خليفة، رئيس بلدية جبيل الدكتور جوزف الشامي واعضاء المجلس البلدي.

عيسى

وقال رئيس بلدية عمشيت الدكتور انطوان عيسى: "ان الرئيس سليمان هو استثنائي بالنظر الى انتخابه في ظل إجماع لبناني وعربي ودولي، وقد فاجأنا صباح اليوم بحضوره، ولم يفاجئنا طبعا بتواضعه وعاطفته نحو أبناء بلدته، اذ انه لم يفسح في المجال لاي تحضير مسبق لتأتي زيارته عفوية وليتصرف كما عرفناه مواطنا بين اهله. واستطيع ان أكرر دعاء الجميع لان يحميه الله وينصره ويمده بنعمته ليستطيع تكريس المصالحة الوطنية التي كانت عنوانا بارزا لعهده، فيجمع القيادات الوطنية من حوله فيوصل لبنان الى بر الامان".

الخوري

بدوره صرح النائب السابق ناظم الخوري، بأن "الزيارة تأتي بمعناها الشعبي والطبيعي، وقد قوبلت بالترحيب المرتبط بالجذور العمشيتية القديمة وبصرف النظر عن ارتباطها بموقع رئاسة الجمهورية، وفي الوقت ذاته فهي تجسد طموح كل من ابناء عمشيت وسرورهم لوصول العماد سليمان الى رئاسة الجمهورية، وهو شخص عصامي بنى نفسه بنفسه، وربما كان ذلك امثولة لكل شاب لبناني ليعود الى أصالته وبيئته وبلدته، وهي رسالة مهمة لهؤلاء الشباب ليدركوا ان طموحهم مشروع وانهم اذا عملوا في بلدهم بنزاهة وكفاءة وجدية ومنهجية وتجرد، فهم سوف يصلون الى ما يصبون اليه".

وردا على سؤال عن مضمون الاتصال الذي جرى بين الرئيس سليمان والعماد ميشال عون، قال: "اليوم اللقاء اتسم بالطابع العائلي والاهلي لانه جمع الرئيس سليمان بأبناء بلدته وكل ابناء جبيل، أما اذا أردنا التكلم بالسياسية فإن الإتصالات جارية والرئيس منفتح على كل القيادات السياسية وهو راعي المصالحة والحوار ويتصرف دائما ضمن هذا الإطار وهذه المبادىء".

سئل: هل الرئيس سليمان مصر على تشكيل الحكومة قبل الاحد المقبل؟

أجاب: "ان الرئيس مصر على التفاهم وعلى الوفاء بين الأطراف السياسيين الاساسيين لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن".

سئل: هل ذللت جميع العقبات؟

أجاب: "طبعا هناك عقبات، ولكن أكثرها ذلل".

سئل: ماذا أسفرت زيارة عين التينة امس، وهل هناك من يطالب رئيس الجمهورية بالتخلي عن حقيبة الدفاع او عدم إعطاء حقيبة الداخلية لشخص محايد؟

أجاب: "اعتقد ان اتفاق الدوحة كان واضحا، والرئيس ينتظر الفرقاء ليتفاهم كل فريق على توزيع الحقائب العائدة له، وهو الآن بهذا الإتجاه، وهو يضغط للتسريع. اما زيارتي الى دولة الرئيس نبيه بري فلم يكن هدفها التشكيلة الحكومية، بل كانت اكثر لموضوع القمة الروحية التي سيدعو اليها فخامة الرئيس في قصر بعبدا".

سئل: هل هناك عقدة بموضوع تولي الياس المر حقيبة وزارة الدفاع؟

أجاب: "ضمن التشكيلة الحكومية الكل موجود".

سئل: هل ما زال الرئيس متمسكا بالوزير المر للدفاع؟

أجاب: "الموضوع ليس تمسكا او عدم تمسك، الرئيس لم يقل كلمته بعد، كما سبق وأشرت الى انه ينتظر بقية الفرقاء فهو ليس فريقا سياسيا ليكون عنده تمسكا او عدم تمسك، الرئيس يقول كلمته عندما يحصل الاتفاق".

سئل: متى ستعقد القمة الروحية؟

أجاب: "قريبا".

سئل: متى تتوقع تشكيل الحكومة؟

أجاب: "ليس هناك توقعات او نبوءة، العقبات معروفة ولكن الإيجابيات اكثر من السلبيات".

سئل: هناك حديث للعماد عون هذا اليوم يدعو فيه رئيس الجمهورية الى اختيار حقيبة سيادية واحدة، هل سيتخلى الرئيس عن احدى الحقائب السيادية، وهل هذا من شأنه تحييد القرار المسيحي على حد تعبير العماد عون؟

أجاب: "هناك إتصال بين فخامة الرئيس والعماد عون مفتوح كما مع جميع الفرقاء السياسيين، فهو يحرك الوضع لتسريع تشكيل الحكومة".

سئل: هل ستكون وزارة الداخلية مع رئيس الجمهورية ام لوزير محايد؟

أجاب: "رئيس الجمهورية محايد لانه ليس فريقا ويتمتع بثقة كل الفرقاء وهو حكم وحاكم".

وليد الخوري

وقال النائب وليد الخوري: "انتظرنا هذه الزيارة منذ زمن والكل في حالة فرح كما ترون، وقد أتت دون تحضير مسبق، وهذه طبيعته في العمل وسيكون عنوانا لنشاطه المقبل لتحقيق الألفة وجمع اللبنانيين كما فعل اليوم إذ انه لم يبلغ حتى اهل بيته عن حضوره".

سئل: لقد تم الإتصال اليوم بين الرئيس سليمان والعماد عون فهل أنتم على إطلاع على ما جرى؟

أجاب: "اعرف ان هناك اتصالات دائمة اليوم وامس وامس الأول للمساعدة في الحل وليس لتذليل العقبات وحسب، حتى يكون هناك حكومة للبنانيين يوافق عليها الجميع".

سئل: لقد وضع تكتل "التغيير والاصلاح" شروطا على توزير الياس المر للدفاع؟

أجاب: "لم يضع شروطا، ولم يصدر بيان رسمي عن التكتل بهذا المعنى".

سئل: هل هناك اصرار من قبل التكتل للحصول على حقيبة سيادية من الحقائب الاربع؟

أجاب: "التكتل يعتبر ان له الحق، كما سائر التكتلات، وهنا الموضوع مبدئي، اما كيف يمكن المساعدة في تشكيل الحكومة فهذا موضع بحث حاليا".

سئل: متى تتوقع تشكيل الحكومة؟

أجاب: "حتى الآن، لم تعالج المواضيع كما يجب، وان شاء الله يكون هناك تضافر جهود كل الفرقاء فتشكل هذا الاسبوع. وفي ما خص تكتل التغيير والاصلاح هناك مبادرات كل يوم وكل ساعة بهدف قيام حكومة وطنية ولا سيما لاعادة تموضع الشريحة التي نمثلها في الحكم اللبناني لانها مازالت مهمشة منذ العام 2005".

سئل: ماذا عن شخص الرئيس سليمان؟

أجاب: "انا أسميه المصلح، صحيح انه لم يتعاط السياسة كونه كان يضطلع بقيادة الجيش، لكن عمله كان في جانب كبير متصلا بالسياسة ليتمكن من ضمان السلم الاهلي في البلاد بمعاونة القيادات السياسية على ذلك، وهذا ما سمح لنا باجتياز المراحل الخطيرة التي تعرض لها لبنان، وانا اكيد ان الرئيس سليمان سيكون من الموازين الاساسية في الحكم، ولو لم يكن كذلك لما كان رئيسا توافقيا".

سئل: العماد عون لم يكن ليطرح العماد سليمان كرئيس للجمهورية؟

أجاب: "سوف أذيع سرا انه قبل اشهر وحتى قبل انتهاء ولاية الرئيس لحود، كلفني العماد عون بحكم قربي من العماد سلميان ان ابحث مع النواب الذين كانوا في فينيسيا بإمكانية طرح العماد سليمان كمرشح توافقي وتزكيته لتولي رئاسة الجمهورية، وهم كانوا في ذلك الوقت لا يريدون عسكريا للرئاسة ولا تعديلا للدستور، واستطيع ان اسمي النواب الذين التقيتهم آنذاك، وان دولة الرئيس ميشال المر على علم بذلك، ويستطيع ان يؤكد ذلك".

المطران الراعي

وقد أهدى المطران بشارة الراعي، الرئيس سليمان الانجيل المقدس المكرس وموسوعة المجمع البطريركي الماروني، ثم صلى على المياه ورشها في أرجاء المنزل، وقال: "لقد طلب الرئيس سليمان مباركة منزله بالمياه المقدسة والمباركة، وهذا دليل على الايمان العميق في قلبه وقلب اللبنانية الأولى، وفي هذا البيت الكريم. وفعلا ان الرئيس هو اكثر الناس حاجة لكي يساعده الرب حتى يقوم بالخدمة العامة حيث لا سلطة الا من الله. نحن سعداء بوجوده واللبنانية الاولى وهذا الحشد بمباركة هذه الدار التي منها انطلق تاريخ حياتهم. نتمنى ان يعلو لبنان، بمباركة اليوم وصلاتنا، مدماكا فوق مدماك على يد فخامة الرئيس كما هو شامخ هذا البيت حيث لا توجد بيوت في عمشيت مرتفعة بهذا الشكل الا الكنائس. فخامة الرئيس، ان شاء الله بيتك يكون كنيسة بيتية - وربنا يكون معك - وأرض مقدسة لكل طوائفه وشعبه، ويبنى في عهدك لبنان كما هذا الصرح الجميل، وتبنى الوحدة والاستقرار والمصالحة والسلام ويكون خطاب القسم الذي أعلنته برنامج عمل لكل واحد منا".

اضاف: "اعتقد ان الرئيس سليمان ينتظر منا ان نعيش الامور التي يطلبها وهي الوحدة والمصالحة والتضامن والاخوة، هذه صلاتنا فخامة الرئيس، ونلتمس اليوم في مناسبة سيدة الوردية شفيعة الرعية كي يبارك الرب فخامة الرئيس الذي هو لخير كل لبنان، لا بل هو عامل استقرار في هذه البيئة المشرقية. جميع الناس الذين كانوا من حولنا في هذا الظرف الصعب أكدوا ان لبنان عنصر سلام في الاسرة الدولية والعربية، هذه الوديعة بعهدتك وتأكد من صلاة كل شعبك والتزامنا بالسير بالخط الذي رسمته". وفي باحة منزل الرئيس سليمان كان حديث صحافي مع المطران الراعي، قال فيه: "ان رئيس الجمهورية هو رئيس مميز واول رئيس ليس في لبنان فقط بل في العالم كله يحظى بالاجماع المحلي والعربي والدولي. فنحن لا نستطيع التحدث بالحصص في هذا الوقت الذي يرزح فيه لبنان بل ان التوزيع يجب ان يتم وفق الدستور الذي يقضي تحقيق الانصاف والعدل والوفاق بين الاطياف اللبنانية".

سئل: هل تعتقدون انه لو اخذ الرئيس سليمان الحقيبتين السيادتين يعني ذلك تحييد الصوت المسيحي؟

أجاب: "لا أحب التحدث بهذه اللغة، اي ماذا نعطي المسيحي او المسلم. انا أرغب بالتحدث بلغة الدستور، وهذا يحتكم اليه رئيس البلاد من خلال حكمته ومعرفته للامور".

سئل: ما هي الخطوات الواجب اتخاذها في حال عرقلة تشكيل الحكومة؟

اجاب: "لا يجب ان تتعرقل الحكومة لأن ذلك يعني اننا نؤكد بأننا لا نستطيع ان نتفاهم مع بعضنا البعض، ولسنا بحاجة الى الذهاب الى الدوحة من جديد. أعتقد انه بحكمة الرئيس سليمان وفطنته سنصل الى تشكيل الحكومة".

سئل: ما هي وصيتكم الابوية الى الذين يعرقلون تشكيل الحكومة؟

أجاب: "ان البلاد لا تتحمل اي تأجيل. فنحن لا نقف امام أزمة حكومية بل سنواجه مشاكل أمنية تتفاقم يوما بعد يوم، وكذلك مشاكل اجتماعية ومعيشية وكرامتنا مهددة. نحن نعتبر انه لا يجوز ان يكون هناك تأخير لتأسيس الحكومة لأن الموضوع ليس سياسيا فقط انما له ابعاد اخرى ذكرتها سابقا. لذلك يجب ان نضع نصب أعيننا خير البلاد وشعبنا لحل المشاكل، ونعطي مجالا لرئيس الجمهورية المتصف بالحكمة والفطنة لاستعمال السلطة".

وكان عم الرئيس توفيق سليمان قد القى قصيدة عدد فيها مزايا الرئيس.

 

القوى الأمنية المشتركة أعادت تمركزها في منطقة التعمير - عين الحلوة

واجتماع في منزل المقدح اكد رفع الغطاء السياسي عن كل مخل وعابث بالامن

وطنية - صيدا - 15/6/2008 (أمن) أفادت مندوبتنا في صيدا نجوى شحادة، ان القوى الأمنية المشتركة أعادت تمركزها في منطقة التعمير - عين الحلوة قرب مدينة صيدا، بعد الاتفاق الذي جرى بين الفصائل والتيارات الفلسطينية الوطنية والاسلامية في مخيم عين الحلوة. كما أعيد اليوم فتح الطريق الرئيسية بين مخيم عين الحلوة والتعمير، بعد إقفال دام اسبوعين في أعقاب محاولة الانتحاري تفجير الية عسكرية تابعة للجيش اللبناني في المنطقة. وعلم أن إجتماعا عقد في منزل قائد الكفاح المسلح الفلسطيني منير المقدح، ضم عددا من القيادات والفعاليات العسكرية والسياسية الفلسطينية بحث في آخر التطورات الأمنية في ضوء الأحداث المتكررة على مداخل المخيم وفي منطقة التعمير وتداعياتها على أهالي المخيم. وقرر المجتعمون تشكيل لجنة مصغرة لدراسة انشاء قوة امنية مشتركة لدعم الكفاح المسلح الفلسطيني في مهام حفظ الامن والاستقرار داخل ارجاء المخيم على ان يتم رفع الغطاء السياسي عن كل مخل وعابث بالأمن والاستقرار. وقد شدد الجيش اللبناني من إجراءاته الأمنية عند مداخل مخيم عين الحلوة، وعمد على التدقيق في هويات المارة، واخضع السيارات الى تفتيش عبر جهاز لكشف المتفجرات، واستعان بمجندات لتفتيش كل من يشتبه بها من النساء، في محاولة لضبط الأمن، والمحافظة على الإستقرار.

 

رايس: فرنسا ستبلغ الرسالة الجيدة إلى الأسد

وكالات/غادرت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس السبت وهي مقتنعة بان فرنسا ستبلغ سوريا "الرسالة الجيدة" خلال الاتصالات المقبلة مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت رايس في الطائرة التي اقلتها من باريس الى اسرائيل لاجراء محادثات جديدة مع المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين "ليس عندي ادنى شك بان الاتصالات مع بشار الأسد ستوصل الرسالة الجيدة حول الاهداف التي يتقاسمها الفرنسيون والاميركيون في الشرق الأوسط". وأضافت رايس "الفرنسيون ونحن متفقون تماما حول مسألة الوضع في لبنان وكما بدا في البيان المشترك للرئيسين بوش وساركوزي". وبالرغم من هذا التطابق المعلن في وجهات النظر، لم تستطع رايس أن تخفي بسمتها عندما سئلت عن دعوة فرنسا للأسد للمشاركة في احتفالات 14 تموز في باريس ،وقالت "حسب ما فهمت سيكون هناك الكثير من المشاركين في احتفالات 14 تموز".

 

عون: نرفض إعطاء رئيس الجمهورية حقيبتين سياديتين مسيحيتين

وكالات/أعلن رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون أنه يعتبر رئيس الجمهورية حياديا وتوافقيا، وعندما يعطى حقيبتين سياديتين فيجب ان تكون واحدة من حصة المسيحيين وأخرى من حصة المسلمين على أن تبقى الحقيبتان الاخريان واحدة للموالاة وأخرى للمعارضة. وأضاف عون في حديث إلى محطة أو تي في "نحن لا نقبل اعطاء رئيس الجمهورية حقيبتين سياديتين مسيحيتين، لأن القبول بذلك هو تحييد للقرار المسيحي داخل الحكومة. فالرئيس الحيادي التوافقي يتطلب اجراء كهذا والا فعلى الرئيس الاختيار بين حقيبتي الداخلية أو الدفاع، وفي كلتا الحالتين المطلوب توازن مسيحي – اسلامي في حقيبتي رئيس الجمهورية ليكون هناك توازن داخل الحكومة".

 

النائب شهيب توقع اعلان تشكيل الحكومة خلال الاسبوع المقبل

وكالات/أكد النائب أكرم شهيب ان اتفاق الدوحة وجد بإرادة عربية ودولية، وتعهد الجميع الالتزام به، لافتا الى ان التعطيل كان ولا يزال لأسباب محلية وخارجية.

ولفت شهيب في حديث الى برنامج "المجالس بالامانات" من "صوت لبنان"، الى ان "المثال الاكبر على التدخل الخارجي هو مواقف الرئيس السوري بشار الأسد الذي يتكلم عن حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية وهو لا علاقة له بها، ما يؤكد على تدخله الدائم والمستمر في الداخل اللبناني"، مشيرا الى انه "يريد الحكومة كشركة له ليضع فيها حارسا قضائيا يسهل سياسته ". وأوضح ان الاسد "عمل على علاقاته الخارجية لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، ليحاول ان يأخذ مكانا آخر من خلال فك اسره اوروبيا والدخول الى اوروبا من خلال الباب الفرنسي، او إعادة علاقاته العربية من خلال مصر والسعودية".

واكد النائب شهيب ان اتفاق الدوحة "وُجد بارادة عربية ودولية وتعهد الجميع بالالتزام به". وأشار الى ان التعطيل "يجري لاسباب داخلية وارادة خارجية".

واوضح ان هناك شقاً تعطيلياً خارجياً وداخلياً متحدثاً عن عدم تطبيق الشق الامني في اتفاق الدوحة. واذ أشار الى ان ما حصل في السابع من أيار ما يزال مستمراً سياسياً في محاولة لاستمرار التعطيل بلمسات ديمقراطية، وصف ما يجري بالاجتياح السياسي. واوضح ان "العقد الداخلية في الموضوع الحكومي متمثلة بالهدف الابعد وهو الانتخابات النيابية في 2009". وقال ان "الموضوع ليس الحكومة انما عمل المعارضة الدؤوب منذ الآن وعلى كل المستويات لمعرفة من يفوز بالانتخابات ومن هنا أهمية وزارة الداخلية ومعرفة من سيتولى قيادة الجيش والمخابرات وغيرها". وابدى النائب شهيب اعتقاده بان التعطيل "سيستمر الى ان يتم معرفة مفاصل امنية وسياسية في الدولة والامساك بها".

واذ أكد ان وجود الحكومة ضروري في هذه المرحلة، رفض الحديث عن حقائب سيادية والبلد فاقد لسيادته. ودعا الى العودة الى اصول تشكيل الحكومات وحرفية ما نصّ عليه اتفاق الدوحة حول 16-3-11 مشيراً الى ان الرئيس فؤاد السنيورة عرض تشكيلتين لتختار المعارضة ما تريد. واوضح ان "الكلّ سيدخل الى الحكومة لاجراء الانتخابات النيابية"، داعياً الى "عدم التوقف عند حقيبة من هنا أو حقيبة من هناك". وتوقع شهيب اعلان تشكيل الحكومة خلال الاسبوع المقبل.

 

لبنان: السنيورة يتمسّك بحقيبتين سياديتين لسليمان وولادة الحكومة الجديدة معلقة على «عقدة عون»

بيروت - محمد شقير - الحياة - 15/06/08//

دخل تكليف الرئيس فؤاد السنيورة بتشكيل حكومة وحدة وطنية أسبوعه الثالث الذي يفترض أن يكون حاسماً في اتجاه اعلان أسماء أعضاء الحكومة العتيدة، رغم رفض مصادر مواكبة للاتصالات والمشاورات الجارية من أجل تذليل العقبات التي ما زالت تؤخر ولادتها، تحديد وقت لالتقاط الصورة التذكارية للوزراء الجدد في القصر الجمهوري في بعبدا في حضور الرؤساء الثلاثة، وإن جزمت بأن الأسبوع المقبل سيحمل معه انفراجاً ينهي مرحلة أخرى من التأزم السياسي.

وفيما زار السنيورة عصراً قصر بعبدا واجتمع مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وسبقه استقبال رئيس المجلس النيابي نبيه بري المستشار السياسي لرئيس الجمهورية النائب السابق ناظم الخوري، تقاطعت أمس المعطيات التي تؤشر الى التفاؤل بإمكان تشكيل الحكومة الجديدة في أي يوم من الأسبوع المقبل. وهذا الانطباع تكوّن لدى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في زيارته الرئيس سليمان في إطار جولته على الرؤساء الثلاثة وقيادات في الأكثرية والمعارضة لمناسبة وجوده في لبنان لحضور حفلة زفاف كريمة بري الذي أقيم ليل أمس في صالة «بيال» في الوسط التجاري لبيروت.

 

وبعد لقائه سليمان، قال السنيورة: «نحن مستمرون في المسار نفسه على أساس أن نتقدم ونزيل كل العقبات التي تعترضنا واحدة تلو الأخرى، مع الأخذ في الاعتبار، إننا أحياناً نزيل عقبة فتظهر عقبة ثانية، ولكن الموقف ما زال هو هو السعي من أجل تأليف هذه الحكومة، وإن شاء الله نستطيع أن نحقق تقدماً مطلع الأسبوع المقبل». وعن حقيبتي الدفاع والداخلية، قال: «صار الأمر معروفاً للجميع، وقلت إن هناك مصلحة حقيقية للبلد واللبنانيين، خصوصاً في هذه الآونة التي نرى فيها أهمية الشأن الأمني، أكان ذلك بالنسبة الى وزارة الدفاع أم الداخلية، لا سيما إننا مقبلون على زيادة الجهود من أجل بناء الوحدة الداخلية بين اللبنانيين، ومن أجل أن نلتزم إجراء الانتخابات، أن تكون وزارة الداخلية، كما تم التعهد في الدوحة، لشخص يشعر جميع الأطراف أن لهم فيه وليس لهم عليه... يبقى 3 حقائب سيادية، ففخامة الرئيس يختار حقيبة الدفاع. وأنا أرى وجهة النظر هذه سليمة مئة في المئة وأؤيد هذا الموقف، وتكون هناك حقيبتان سياديتان أخريان، تعارف عليهما اللبنانيون على مدى سنوات طويلة بأنهما المالية والخارجية، وبالتالي فإن هاتين الحقيبتين مطروحتان للمعارضة أن تختار أياً منهما، ليس هناك أي تمسك على الإطلاق، بأي حقيبة منهما، يختارون المالية فليكن ويختارون الخارجية فليكن».

وعن اختيار المعارضة الحقيبتين باعتبار أن الأكثرية حصلت على رئاسة الحكومة، قال: السنيورة: «هذا خطأ في المقاربة كلياً، الرئاسات الثلاث لا ينطبق عليها إطلاقاً مبدأ التصنيف الحقائبي، هذا الموضوع غير وارد، وليكن هذا الأمر واضحاً، كان هناك مسعى للحلحلة، وبالتالي لتوزيع الحقائب بطريقة معقولة، وأنا قلت أكثر من مرة إننا ما زلنا عاملين في شكل جدي، وقلت في أكثر من مناسبة، إنني لا أؤمن بالديبلوماسية عبر وسائل الإعلام، إنما عبر الاتصال المباشر، وأنا أقوم بالاتصال المباشر مع فخامة الرئيس وأيضاً مع الرئيس بري وأيضاً مع أطراف الموالاة والمعارضة أو ما يسمى 14 و8 آذار، بعيداً من الأضواء وأتمنى أن نستمر بهذا الأمر لحلحلة الكثير من الإشكالات».

ومع أن جولة موسى على القيادات اللبنانية بقيت في إطار استطلاع المواقف وجلاء الأسباب التي ما زالت تؤخر الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، من دون أن يتدخل في تفاصيل عملية التأليف توزيراً أو توزيعاً، فإنه خرج من اجتماعه مع الرئيس سليمان بانطباع أن مشكلة التأليف ستحل في الأيام المقبلة وأن الأزمة لن تطول الى ما بعد الأسبوع المقبل. وكان انطباعه مماثلاً لدى لقائه رئيس المجلس الذي توقع بدء العد العكسي لإعلان الحكومة في غضون أيام، «لأن هذا الإعلان لم يعد يحتمل التأجيل، ولا مصلحة لأحد في تمديد المشاورات الى ما لا نهاية من دون نتائج ملموسة».

من جانبه، واصل الرئيس السنيورة جهوده لتذليل الصعوبات التي تعترض التأليف، ولم يتوقف عن مشاوراته مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي وقيادات في الأكثرية والمعارضة وعلى رأسهم عون باعتباره «يحمل مفتاح العقد والحلول»، بحسب جهات عربية نافذة واكبت عن كثب مؤتمر الحوار الوطني اللبناني الذي استضافته أخيراً دولة قطر. واعتبرت الجهات العربية نفسها ان «لا مصلحة لعون في أن يطل على الرأي العام اللبناني وكأنه المعطل لتأليف الحكومة، بعدما كان وراء تأخير انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية». وذكرت هذه الجهات لـ «الحياة» أن تليين عون موقفه كان وراء الإسراع في التوصل الى اتفاق بين الأطراف اللبنانيين في الدوحة، وأن «لا مصلحة له في العودة الى التصلب بعدما أدت المشاورات في شأن تأليف الحكومة الى انفراج لكنه سرعان ما تراجع بسبب إصراره على أن يتمثل التكتل بحقيبة سيادية من ضمن الحقائب المخصصة له». ولفتت الى الدور الفاعل الذي بدأ يلعبه الرئيس سليمان من خلال دخوله بزخم على خط الاتصالات الى جانب المشاورات التي يتولاها الرئيس السنيورة. وقالت إن تضافر الجهود بينهما يمكن أن يسرع في تجاوز العقد التي ما زالت تؤجل الاتفاق النهائي على أعضاء الحكومة. لكن مصادر لبنانية مطلعة على طبيعة الاتصالات التي يجريها سليمان والسنيورة ويشارك فيها بري، لاحظت أن نسبة التفاؤل عادت في الساعات المقبلة الى الارتفاع انطلاقاً من تقديرها أن عون بدا من خلال موقفه أقل تصلباً من السابق. وسألت عما إذا كان قرار عون تليين موقفه ينطوي على صرف النظر عن المطالبة بحقيبة سيادية، و«بالتالي لن يقول كلمته النهائية في التركيبة الوزارية إلا في حال لمس أنه نجح من وراء التأخير في الإعلان عن أسماء الوزراء في تحسين شروطه، خصوصاً أن الرئيس السنيورة لم ينقطع عن التواصل معه على خلفية أنه المعني الأول بالاحتكاك بالجميع لتذليل الاعتراضات والأخذ بما لديهم من ملاحظات، شرط أن تكون واقعية وقابلة للاستجابة». واعتبرت المصادر ان «أي تأخر بعد الآن في تشكيل الحكومة يمكن أن يفتح الباب أمام السؤال عن هوية الجهة الخارجية التي تضع «فيتو» سياسياً على تشكيل الحكومة يتجاوز عملية تبادل الشروط بين الأكثرية والمعارضة وهذا لن يكون لمصلحة العماد عون الذي يحاول أن يوحي وكأن القرار السياسي لحل الأزمة موجود في مقر إقامته في الرابية وليس في القصر الجمهوري في بعبدا».

 

 

الرئيس الاسد وليفيت وغيان حثوا على تنفيذ اتفاق الدوحة

وطنية - دمشق - 15/6/2008 (سياسة) التقى الرئيس السوري بشار الأسد، المستشار الديبلوماسي للرئيس الفرنسي جان دافيد ليفيت والأمين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية كلود غيان، اللذين نقلا له رسالة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لم يعلن عن مضمونها. وأفادت مندوبة "الوكالة الوطني للاعلام" جمانة خوري، أن الرئيس السوري والموفدين الفرنسيين، بحثوا العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات الوضع في منطقة الشرق الاوسط لاسيما في لبنان، وعملية السلام وخصوصا على المسار السوري - الاسرائيلي ومبادرة الاتحاد من اجل المتوسط. وأكدوا "ضرورة استمرار حث اللبنانيين على تنفيذ اتفاق الدوحة".

 

الشيخ يزبك تساءل عن "السبب في عدم تشكيل حكومة الوحدة الى اليوم" وناشد الجميع ان يقفوا في وجه مخطط الفتنة والبحث عن "خفافيش الليل"

وطنية - 15/6/2008 (سياسة) أحيا "حزب الله" ذكرى أسبوع الشهيد حسن الموسوي، في حسينية بلدة النبي شيت، في إحتفال حاشد حضره النواب، جمال الطقش، كامل الرفاعي وغازي زعيتر، ونواب ووزراء سابقون، رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد إبراهيم السيد، المعاون التنفيذي للأمين العام للحزب السيد حسين الموسوي، وشخصيات سياسية واجتماعية وبلدية وعلمائية ومخاتير وعائلة الشهيد وحشد من الأهالي. وألقى عضو شورى الحزب الشيخ محمد يزبك، كلمة سأل فيها عن "السبب في عدم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية إلى اليوم منذ توقيع اتفاق الدوحة، وهل أن واقع الحال هو الخلاف على الحقائب الوزارية الخدماتية أو السيادية"، وقال: "إن الذين يحرصون على الوطن لا يتوقفون عند كل هذه المسائل لأن الحقائب ليست حكرا وملكا لطائفة أو مذهب وإنما خدمة للوطن".

وانتقد الشيخ يزبك "جولات القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون التي تجول من مكان لآخر"، وقال: "ان الأميركيين لا يريدون أن يتوحد لبنان ويشعلون الفتنة المتنقلة لأسباب عائلية أو فردية التي تكبر ككرة الثلج". وسأل اللبنانيين والبقاعيين: "لمصلحة من الأحداث الأمنية وهل العظمة في أن تقطع علي طريقا أو تسد علي بيتا وأن تقطع صلة الجوار بيننا وبالعكس، فليس من أخلاق اللبنانيين والمسلمين والعقلاء أن نمحو تاريخا في ما بيننا فيهدد بعضنا بعضا بحرق وخراب وتدمير"، داعيا إلى البحث عن "خفافيش الليل الذين لا يريدون للبلد أن يتوحد وللوحدة أن تتحقق". وناشد الشيخ يزبك الجميع أن يقفوا في وجه مخطط الفتنة، مؤكدا أن المقاومة ستكون معهم لصنع لبنان القوي والعزيز الواحد ولبناء دولة قوية عادلة وقادرة". وتخلل الاحتفال كلمة لشقيق الشهيد أحمد، وعرض فيلم توثيقي عن حياة الشهيد وجهاده.

 

النائب نقولا: الرئيس السنيورة يؤخر تأليف الحكومة لأنه لا يريد انتخابات نيابية

وطنية - 15/6/2008 (سياسة) حمل عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب نبيل نقولا، في حديث الى تلفزيون "NBN"، مسؤولية تأخير تأليف الحكومة للرئيس المكلف تشكيلها فؤاد السنيورة، وردّ ذلك الى أن "لا نية لديه بتغيير قانون الانتخابات وإقرار القانون الذي اتفق عليه في الدوحة، ولا نية لديه كذلك بإجراء انتخابات نيابية لأن الانتخابات المقبلة ستقلب الموازين وستفقد الاكثرية صفتها". ورأى النائب نقولا أن "من يتكلم في لبنان عن أكثرية وأقلية يبدو وكأنه يعيش على كوكب آخر، ومن يرى أن هذه الاكثرية المسروقة هي أكثرية فعلا يكون متآمرا"، معتبرا أن ثمة "طريقة إحتيالية لتصبح كل السلطات بيد السوبر وزير رئيس الحكومة، ولعل صندوق المهجرين والهيئة العليا للاغاثة ومجلس الجنوب خير دليل على ذلك، فرئاسة الحكومة وزارة سوبر-سيادية، ورئيس الحكومة في أيامنا هو حاكم بأمره ودرجة أولى، والجميع درجة ثالثة"، معتبرا أن "نية الاستئثار بالسلطة لا تزال موجودة لدى فريق الموالاة، ونحن نطالب السنيورة بإعادة الحقوق لأصحابها".

وتطرق النائب نقولا في معرض حديثه الى أمور حياتية كالزفت والكهرباء، متسائلا "لماذا لم يوقع وزير المال في حكومة تصريف الاعمال جهاد أزعور على كل المبالغ التي تم رصدها لتزفيت الطرقات، بل اكتفى بالتوقيع على جزء يسير منها لا يتعدى الـ70 مليون ليرة لبنانية". وفي إطار الحديث عن الانماء المتوازن، لفت الى أن "الفئات المنتجة في لبنان معاقبة، وتتحمل تقنين 20 ساعة في اليوم، في الوقت الذي لا تنقطع فيه الكهرباء في منطقة سوليدير الا 3 ساعات". وكشف النائب نقولا أن وزير المال "الذي يتذرع بحجة أنه لم يستلم مواعيد تفريغ بواخر الفيول المخصص للكهرباء، يتسلم من مؤسسة كهرباء لبنان كل الاعتمادات ومواعيد وصول وتفريغ البواخر المحملة بالفيول على مدة زمنية طويلة تصل لسنة 2009".

 

روي عيسى الخوري دعا الوزير السابق فرنجية والدكتور جعجع الى التلاقي والمصالحة

وطنية - 15/6/2008 (سياسة) عقد رئيس مكتب شبل عيسى الخوري للخدمات الاجتماعية المحامي روي عيسى الخوري مؤتمرا صحافيا تناول فيه العلاقة التاريخية بين بشري وجيرانها، مؤكدا ضرورة التلاقي والمصالحة وقال:" في هذه المرحلة المهمة من تاريخ لبنان المتمثلة بفتح صفحة جديدة من التلاقي والحوار الإيجابي بين اللبنانيين بعد مؤتمر الدوحة، الذي ترجمت اولى مفاعيله بإنتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، ولتبدأ مرحلة جديدة عنوانها المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي الأليم بكل تداعياته. لذلك أتوجه اليوم بشكل خاص الى القطبين الكبيرين من الطائفة المارونية الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ليبادر كل منهما من موقعه الى التلاقي وإجراء المصالحة التي باتت حاجة ملحة، خصوصا وان النائب السابق الشيخ قبلان عيسى الخوري قام منذ فترة، بجهد لإتمام اللقاء، وقد حاولت مرارا إكمال هذا الجهد عبر لقاءات متواصلة مع كل من القطبين الصديقين بمباركة غبطة البطريرك صفير، وانا اليوم على إستعداد للمساعدة بكل الطرق الممكنة لإنجاز هذه المصالحة، التي نأمل ان تتم بأسرع وقت، وان أمكن برعاية فخامة الرئيس ميشال سليمان، لان ذلك سيؤسس لتحول جذري على الساحة المارونية خصوصا واللبنانيين عموما، ولأنها تعطي دفعا كبيرا لهذا العهد في بدايته، كما تفتح الباب واسعا امام مصالحات أخرى بالغة الأهمية". أضاف عيسى الخوري: "من المؤكد ان المصالحة بين القطبين ستحدث إنعكاسات إيجابية على مختلف الأصعدة، فتعيد العلاقات التاريخية التي كانت ولا تزال قائمة بين بشري وجيرانها زغرتا، طرابلس والكورة الى واقعها المميز، والذي يشكل مثالا يحتذى في العلاقات اللبنانية الداخلية في جميع المناطق". وردا على سؤال عن العراقيل التي يمكن ان تواجه هذه المصالحة، أكد عيسى الخوري ان "مشاركة النائب السابق قبلان عيسى الخوري في الجنازة يومها كانت عنوانا لبدء المصالحة". وقال: "لقد أكملت المسيرة عبر اتصالات مكثفة برعاية البطريرك صفير، واليوم أضع نفسي بتصرف البطريرك وفخامة الرئيس وكل المخلصين لفتح الباب امام مصالحات اخرى".

 

أبو فاعور دعا إلى الترفع عن بعض المطالب من أجل مصلحة الشعب اللبناني

فما قيمة أي موقع وزاري إذا كان البلد يعيش في ظروف أمنية مضطربة أو صعبة

وطنية -راشيا- 15/6/2008 (سياسة) إعتبر عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب وائل أبو فاعور "أن النقاش اليوم فيه قضايا معلنة حول مكاسب ومطالب وزارية سيادية أو خدماتية، وتحت الطاولة هناك الكثير من الإشتراطات غير المعلنة لجهة الشراكة في خيار وزير الداخلية وفرض بعض الشروط الإنتخابية على بعض الشخصيات أو بعض الأطراف في التشكيلة الحكومية أو على وجهة الحكم في لبنان مستقبلا"، معتبرا "أن المعركة كانت ولا تزال معركة إستقلال لبنان وسيادته ومعركة حق المواطن اللبناني والمجتمع اللبناني في أن يبني مؤسساته دون الخضوع لهيمنة أحد أو سلطة أحد"، عازيا كل ما يحدث من أجل القول للبنانيين أن في إمكانكم أن تحصلوا على إستقلالكم, ولكنكم لن تحصلوا على إستقراركم، وذلك للعودة إلى المعادلة السابقة التي كانت مفروضة على لبنان، "الأمن أو الإستقلال".

كلام أبو فاعور جاء خلال جولة رافقه فيها وكيل داخلية "الحزب التقدمي الإشتراكي" في البقاع الجنوبي نواف التقي وكوادر حزبية، قام بها على عائلات ناجي، مهنا، علبي، زاكي، سيور، فايق، داغر، جبر، وأبو حجيلي في مدينة راشيا وإنتقل إلى بيت لهيا حيث إلتقى راعي أبرشية البلدة الأب جورج مفلح، ورئيس بلديتها ومختارها، وحشد من فاعليات البلدة وأبنائها في مقر البلدية، وزار بلدة عين حرشا حيث إلتقى كاهن البلدة ورئيس بلديتها ورجال دين وفاعليات في كنيسة البلدة، وزار وقف البلدة حيث كان في إستقباله حشد من المشايخ والأهالي وجال معزيا في بلدة عيحا.

ولفت إلى "أن رئيس الجمهورية في الأساس لم يقل أنا أريد أن أمارس تسلط أو إستئثار ما، ونحن من جهتنا كما تصرفنا في الدوحة وقبل الدوحة في منتهى الصدق والتقشف والرغبة في تقديم الإعتبارات الوطنية على إعتبارات المحاصصة والمغانم والمكاسب، سنستمر في هذا السبيل، وكل قوى 14 آذار مهمتها الأساسية هي العودة إلى منطق الدولة ومنطق إستقامة المؤسسات الدستورية.

أبو فاعور دعا إلى "الترفع عن بعض المطالب من أجل مصلحة الشعب اللبناني فما قيمة أي موقع وزاري إذا كان البلد يعيش في ظروف أمنية مضطربة أو صعبة"، معتبرا "أن السلم الأهلي هو المكسب الأساس والعيش الواحد هو الضمانة لمستقبل البلد"، مشيرا الى "أن معركتنا كانت ولا تزال معركة سيادة لبنان وإستقلاله, معركة حق المواطن في أن يبني مؤسساته دون الخضوع لهيمنة أحد أو سلطة أحد", كما أن هناك هموما كثيرة يعيشها الشعب اللبناني، سببها الإغتيالات والتفجيرات والإعتصامات وإغلاق المجلس النيابي وتعطيل الآلية الدستورية وضرب الوضع الإقتصادي، كل ذلك من أجل القول للبنانيين أن في إمكانكم أن تحصلوا على إستقلالكم ولكنكم لا تستطيعون أن تحصلوا على إستقراركم، وذلك للعودة إلى المعادلة السابقة التي كانت مفروضة على لبنان، الأمن أو الإستقلال، وأن المعركة التي يخوضها الشعب اللبناني ليست بسيطة، وليست معركة أيام".

وقال: "كنا في الأمس في ذكرى الشهيد النائب وليد عيدو، فنتذكر معه كل الشهداء الذين سقطوا قبله وبعده"، مضيفا "لقد أصبح هناك رئيس للجمهورية يفتخر به الشعب اللبناني، وهو رئيس طموح ولكنه غير جموح، رئيس متوازن فيه من الحكمة ومن الإعتدال بقدر ما فيه من الرغبة في أن يكون حكما بين اللبنانيين، رئيس لعب دورا أساسيا ولديه الكثير من المصداقية التاريخية، وهو من وجهة نظرنا فرصة مستقبلية للبنان".

ورأى "أنه من حق القوى السياسية أو الكتل النيابية أن تطالب بأي حقيبة تريدها وليس هناك وزارات حكرا لطرف سياسي أو غير سياسي، وليس هناك وزارات يجب أن تصنف سيادية أو غير سيادية لأن هذا مسيء لمنطق الحياة الديمقراطية في لبنان، لأن الوزير وزير وهو شريك في القرار السياسي على طاولة مجلس الوزراء ومن المعيب القول بأننا نريد أن نحصل على حقيبة خدماتية لكي نحسن وضعنا الإنتخابي بمعنى أن نسخر الدولة لصالح هذا الفريق أو ذاك لأجل أن نخدم المواطن اللبناني بما هو حق له فيخرج البعض على الشاشات ويقول أنا أريد الحقيبة الفلانية لأنها خدماتية وتحسن وضعي الإنتخابي، فمن قال أن هذه الخدمة التي يجب أن تقدم للمواطن يجب أن تقدم من هذا الطرف السياسي أو ذاك، أو تكون منة من أحد، فهل يحق للنائب أو لأي طرف سياسي ان يمنن المواطن بما هو حق له في أي وزارة"، وإعتبر "أن هذا المنطق معيب وهو يؤشر إلى حجم التهاوي وحجم السقوط الكبير في المنطق السياسي في لبنان". وتابع: "أن الشعب اللبناني لم يعد يحتمل, فقد آن الآوان لأن تنطلق عجلة الحكم وأن تشكل حكومة وطنية لأن هناك الكثير من القضايا ومن الحاجات على المستوى السياسي والإقتصادي والإنمائي والأمني، فلا يجوز أن يبقى المواطن اللبناني عرضة لأي تهديد أمني في أي لحظة، ولا يمكن أن يكون هناك أمن إنتقائي أو ذاتي, لأن حق المواطن اللبناني في الحماية الأمنية مقدس ومشروع ولا ينازعه عليه أحد، ولا تطلب الحماية من أي طرف سياسي مسلح لكي يعفى عنه أمنيا أو يمارس بعض الترفع الأمني، لذلك هناك الكثير من المهمات المستقبلية أمام رئيس الجمهورية وأمام الحكومة على المستوى الأمني والإقتصادي والإنمائي لأن هناك الكثير من الحرمان".

 

الجيش رعى مصالحة العائلات الثلاث في الروضة - البقاع الغربي

العميد الحكيم:الطريقة الوحيدة للوصول الى الحق هو القانون

وطنية - 15/6/2008(سياسة) رعى الجيش اللبناني مصالحة بين العائلات الثلاث آل طعمة وآل رابعة وآل رزاق، نتيجة النزاع الذي حصل الاسبوع الماضي في بلدة الروضة - البقاع الغربي وأدى الى جرح اربعة اشخاص، في حضور ممثل قيادة الجيش العميد غسان الحكيم، رئيس فرع المخابرات في البقاع، امام البلدة الشيخ اسامة السيد، لجنة المصالحة التي شكلت بعد الاشكال وكافة المعنيين من العائلات الثلاث. بعد دخول العائلات الثلاث الى القاعة العامة، أشاد كل من رئيس لجنة المصالحة حسين ديب ياسين والشيخ اسامة السيد ب "دور الجيش اللبناني الحيادي في حفظ الامن والمساعي التي بذلت من اجل انجاح هذه المصالحة".

العميد حكيم

وتحدث العميد غسان الحكيم وقال:"يجب ان نتحمل المسؤولية تجاه الشباب، وان نؤسس لابنائنا واجيالنا جسور التواصل والمحبة التي تعزز اللقاءات والحوارات الدائمة بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني ويجب قبول سماع الآخر". اضاف:"ان الطريقة الوحيدة للوصول الى الحق هو القانون، والجميع يجب ان يكون تحت القانون والقوى الامنية هي المولجة حفظ الامن والاستقرار وتطبيق القانون لحل المشاكل كافة بين جميع المواطنين بالتساوي وبدون تمييز، لذلك يجب الا نبادر الى أخذ الحق بأيدينا طالما ان القوى الامنية والجيش اللبناني على استعداد لان تتحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين". وتابع:" بطبيعة الانسان يوجد مفتاحان، مفتاح الشر ومفتاح الخير، فمن واجبنا ان نحطم مفتاح الشر ونستعمل دائما مفتاح الخير لكي نحافظ على اخواننا ومجتمعنا في هذا البلد". وختم:" لا بد من حلول سياسية يصل اليها البلد، وكل خطوة تتجه نحو الحل السياسي الا من يتجه مقابل الخطوة السياسية عشرات الخطوات". ثم تبادل الجميع زيارات للمنازل .

 

المطران بو جوده في ذكرى استشهاد فارس ديب في علما - زغرتا: ذهب ضحية اناس تخلوا عن انسانيتهم فاصبحوا وحوشا ضارية

وطنية - طرابلس - 15/6/2008 (متفرقات) احيت بلدة علما في قضاء زغرتا، الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد ولدها فارس ديب، في قداس اقيم في كنيسة مار يوحنا المعمدان في البلدة، تراسه راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، وعاونه خادم الرعية الخوري ميخائيل عازار.

حضر القداس، سمعان فرنجية ممثلا رئيس تيار المرده الوزير السابق سليمان فرنجية، ايلي عبيد ممثلا الوزير السابق جان عبيد، نعمة الله بولس ممثلا النائب جواد بولس، النائبان السابقان اسطفان الدويهي وقيصر معوض، عضو الامانة العامة لقوى الرابع عشر من اذار السيد ميشال رينه معوض، طارق عجاج ممثلا تيار المستقبل، رئيس بلدية علما الدكتور البير عازار، مختارا البلدة ساسين حنا وانطونيوس منصور، النقيب فادي بيطار ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، الرائد يوسف الشدياق ممثلا المدير العام لامن الدولة العميد الياس كعيكاتي، نجلا النائب الشهيد وليد عيدو، اهالي وانسباء الشهيد ديب، وحشد من المؤمنين.

المطران بو جوده

والقى المطران بو جوده عظة بعد الانجيل المقدس، قال فيها: "نتذكر اليوم في قداسنا وصلواتنا، المرحوم الشهيد فارس ديب، الذي سقط ضحية الغدر والاجرام، وهو يقوم بواجبه المهني، كمرافق للنائب الشهيد وليد عيدو، في جريمة بشعة شبيهة بجرائم عديدة اخرى حصلت في لبنان خلال هذه السنوات الاخيرة، التي خلقت جوا من التوتر والخلافات بين ابناء البلاد، الذين يحق لهم ان يختلفوا سياسيا، وهو امر طبيعي في كل نظام ديموقراطي، لكن من دون ان يصلوا الى مستوى يجعلهم يعملون على الغاء الاخر من الوجود. لقد ذهب الشهيد فارس ضحية الحقد والغدر، ضحية اناس لا نعرف من هم ولا هويتهم، لكنهم بالتاكيد قد تخلوا عن انسانيتهم فاصبحوا ذئابا كاسرة ووحوشا ضارية يستبيحوا حياة الاخرين دون ان يرف لهم جفن، فيؤكدوا بمواقفهم ما يقوله الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر بان الانسان هو ذئب لاخيه الانسان". اضاف: "بينما بالنسبة الينا نحن المسيحيين، وهذا ما يجب ان يكون بالنسبة الى الجميع، بغض النظر عن انتمائنا الديني والطائفي والاجتماعي والانساني، فالانسان هو صورة الله، احبه الله الاب حتى انه بذل ابنه الوحيد في سبيل خلاصه، واحبه الابن حتى انه بذل حياته لاجله، فمات من اجله على الصليب". وختم: "نحن اليوم نصلي لراحة نفس المرحوم فارس، نصلي لاجل انسان التزم الحياة الوطنية والايمانية والدينية بكل ابعادها. احب وطنه فانخرط في سلك القوى الامنية للدفاع عن لبنان، واحب مواطنيه فسعى لان يكون في خدمتهم في قوى الامن الداخلي". بعد القداس، تقبلت العائلة التعازي من الحضور في قاعة الكنيسة في البلدة.

 

النائب دو فريج: الحكومة عالقة عند قرار اقليمي لم يأت بعد والمعارضة لديها سقف جاهز للعرقلة يتمثل بالعماد عون

وطنية- 15/6/2008(سياسة) اعلن النائب نبيل دو فريج في حديث لبرنامج "المجالس بالامانات" من "صوت لبنان" ان "الحكومة العتيدة عالقة عند القرار الاقليمي الذي لم يأتِ بعد". وتحدث عن طرق مختلفة للعرقلة ومنها الوزارات السيادية، مشيراً الى ان "لدى المعارضة سقفاً جاهزاً للعرقلة كما كان دائماً والمتمثل بالعماد عون". ووصف دو فريج ما يجري كاللعب بالنار. وابدى اعتقاده بانه "يجب على رئيس الحكومة المكلّف ان يشكل الحكومة وعلى رئيس الجمهورية ان يوقّع عليها في حال كان فريقا المعارضة والموالاة غير مرتاحين من التشكيلة لتنتقل الى مجلس النواب لاعطائها الثقة". واذ اتهم فريقاً بانه يريد ان يكون رئيس الجمهورية مدير ازمة، شدد على ضرورة انطلاق المؤسسات. وأكد ان "النار تحت الرماد"، متحدثاً عن بعض الحوادث التي ما تزال مستمرة، داعياً الى ان تكون العاصمة خالية من السلاح. واعتبر ان المقاومة "لا تريد ان تكون فوق السلطة انما تريد ان تكون السلطة وهذا كان واضحاً على طاولة الحوار عام 2006 حيث تمّ بحث بند الاستراتيجية الدفاعية". واشار الى ان السلاح لم يغير شيئاً في السياسة، ودعا الرئيس نبيه بري الى الافراج عن التسجيلات الصوتية التي حصلت على طاولة الحوار، وقال: "رغم كلّ التأكيدات فقد استعمل السلاح في الداخل". ورفض النائب دو فريج اجراء الانتخابات في العام 2009 في حال بقاء الوضع الامني على حاله متحدثاً عن عنصر الرعب. وكشف ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أوضح على طاولة الحوار ان "مفهومه للاستراتيجية الدفاعية تكمن في استقلاليتها عن الدولة لاهداف عدة وبينها ان يكون الرد الاسرائيلي محصورا بالمقاومة ولا يطال الدولة اللبنانية ". واشار الى ان "مفهوم السيد حسن نصرالله سقط بردة الفعل الاسرائيلية ما جعل الامين العام لحزب الله يتجه الى ان تكون المقاومة الدولة". وقال ان ما يجري على الارض "لا يطمئن".

 

الوزير رزق: المحكمة الدولية أداة لتوحيدالجميع حول العدل والحق بعيدا عن الاستغلالات السياسية

وطنية-15/6/2008 (سياسة) تناول وزير العدل الدكتور شارل رزق في حديث إلى إذاعة " صوت لبنان"، التصريح الأخير للرئيس السوري بشار الأسد عن المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وقال:"إن هذا التصريح يرتدي برأيه أهمية بالغة نظرا للأسباب التالية:

أولا: لم يقتصر الرئيس الأسد على تأكيد أمله بأن تكون المحكمة مؤسسة قضائية وقانونية بعيدة كل البعد عن المؤثرات السياسية، بل أكد، أن أمور هذه المحكمة تسير في الطريق الصحيح حتى الآن مضيفا بالحرف الواحد:" نحن مرتاحون وكل الأمور تسير بطريقة مهنية".

ثانيا: إن هذا الكلام ينم من قبل الرئيس السوري عن اطلاع كامل للطريقة التي تم بموجبها الإعداد لهذه المحكمة وعن ثقة كبيرة بالذين ساهموا في إنشائها، ما يمنح هذه المحكمة قوة ومنعة في القيام بعملها. ثالثا: ليت جميع الذين في لبنان وغير لبنان ويدعون صداقة سوريا والحرص على نظامها، الاهتداء بكلام الرئيس السوري فيوقفوا حملاتهم الظالمة ضد المحكمة. فكلامهم غير المسؤول لا يضير بالمحكمة الدولية وحسب، بل إنما يلحق ضررا أيضا بسوريا. وقد أتى تصريح الرئيس الأسد ليعيد الأمور إلى نصابها، كما أن المغالين في الإطراء بالمحكمة آملين أن تكون وسيلة سياسية للنيل من هذا النظام أو ذاك، يضرون بها أيضا.

رابعا:أملنا كبير بعد تصريح الرئيس بشار الأسد بأن يوقن الجميع أن المحكمة الدولية هي كما كررنا مرارا قبل ذلك، أداة لتوحيد الجميع حول العدل والحق بعيدا عن الاستغلالات السياسية".

 

فضل الله: ليس من مصلحة الغرب ولا المسلمين الحديث عن الخوف من الإسلام

وطنية - 15/6/2008 (سياسة) أكد العلامة السيد محمد حسين فضل الله، أنه ليس من مصلحة الغرب ولا من مصلحة المسلمين أن يثار الحديث في شكل مستمر عن الخوف من الإسلام بما يجمد حركة التعاون والتفاهم التي تعمل لها الطلائع الواعية والمثقفة وحتى المتدينة في الشرق والغرب. ورأى أن لا مبرر حيال كل هذا الخوف والذعر الذي يتحكم في الأوساط السياسية والدينية الغربية من الإسلام، داعيا الغرب إلى التحرر من الجو الغريزي المحكوم بتراكمات ثقافية معادية للاسلام، والابتعاد عن عقلية الاستشراق والحال الاستعدائية وإرهاصات الحروب الصليبية. وقال:" لا نزال نشهد حملة غربية عنيفة ضد الإسلام، تقودها دوائر سياسية وثقافية، في إطار سعيها المستمر لتشويه صورته، وتخويف الإنسان في الغرب منه، بما يعين هذه الدوائر على تحقيق مشاريعها في اجتياح العالم الإسلامي والعربي أمنيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا. ولعل من اللافت أن تنتظم في هذا المسعى شخصيات دينية غربية لها مواقعها الرسمية في الفاتيكان وغيره، لتثير الحديث عن أن "العالم منشغل بالإسلام أكثر من اللازم.. وأننا أسرى لديه بشكل من الأشكال"، من دون أن تلتفت إلى أن الإسلام يكاد يكون هو الدين الوحيد الذي يتعرض لحملة تشويه كبرى على المستوى الإعلامي والثقافي، وأن من يبادر للدفاع عنه إنما ينطلق من موقع الدفاع عن النفس في إطار حماية المعتقد والدين، ولكن ذلك لا يعني أن نبرر لبعض المدافعين عن الإسلام أن يتجاوزوا الحد في ذلك أو أن يتخذوا من ذلك ذريعة للاساءة للآخرين، بعيدا من شروط الدفاع الحضارية التي أقرتها الأديان والشرائع.

ولكن مشكلة البعض ممن يثيرون الكلام بطريقة سلبية حول الإسلام أنهم لا يلتفتون إلى أن هذا الأسلوب الذي يريدون من خلاله تطويق حالات انتشار الإسلام وانبعاثه في العالم، يفسح في المجال أمام تعقيدات جديدة على مستوى العلاقة بين الإسلام والغرب، ويثير الحساسية أكثر في علاقة أتباع الديانات بعضهم ببعض الآخر، وقد يشجع جهات متطرفة على الإيغال في استخدام العنف لقطع الطريق على كل المحاولات التي ينطلق بها الواعون وأصحاب العلم والمعرفة والحصافة من هنا وهناك للتفاهم والتعاون والامتداد في حركة الحوار.

إننا في الوقت الذي نلحظ وجود دوافع ونوازع تستبطن الحقد ضد الإسلام في كثير من الكلمات والدعوات التي تثير الخوف منه، من خلال التفات هؤلاء إلى البعد الحضاري والفكري للاسلام، الذي قد لا يكون متوافرا في الحالات الصوفية أو في الطروحات الأخرى التي تنطلق من هنا وهناك. نؤكد طابع الحوار والانفتاح الذي ينبغي أن يحكم علاقة الاختلاف أو الخلاف معهم، سواء أكان هؤلاء في الموقع السياسي أو الديني المختلف. فليس من مصلحة الغرب ولا من مصلحة المسلمين أن يثار الحديث الدائم عن الخوف من الإسلام بما يجمد حركة الاندفاع والتفاهم التي تعمل لها الطلائع الواعية والمثقفة والمتدينة في الشرق والغرب، وخصوصا أن الإسلام اعترف بالتعددية السياسية، ودعا أتباع الديانات إلى الكلمة السواء والجدال بالتي هي أحسن.

إننا لا نجد مبررا لكل هذا الخوف والذعر الذي يتحكم في بعض الأوساط الغربية السياسية والدينية حيال الإسلام، ولا نعتقد أن الاستمرار في استخدام هذه الأساليب سوف يتيح للادارات السياسية الغربية تحقيق مشاريعها في المنطقة العربية والإسلامية أو يتيح للآخرين تسهيل أمورهم على مستوى حركة التبشير، وإن كنا لا نتنكر لكل صاحب فكر أو دين أو يبشر بفكره ومعتقده، بعيدا من الخطوط الاستعمارية ومن الاستغلال الحاصل للناس في جوعهم وفقرهم.

إننا نقول لهؤلاء وأولئك: انفتحوا على الإسلام وتعرفوا عليه في حقيقته الشرعية ومفاهيمه الإنسانية وحركته التاريخية، بعيدا من الجو الغريزي الذي تكون عند البعض من خلال تراكمات ثقافية غير صحيحة، وبعيدا من عقلية الاستشراق ومن الحال الاستعدائية التي انطلقت من ذهنية الهيمنة ومن إرهاصات الحروب الصليبية ومن عقلية التعامل مع الشرق وما فيه كمجرد سوق استهلاكي أو حقل تجارب، لأن المشكلة كانت تنطلق دائما من عقلية تجارية أو استعلائية ترفض التعرف إلى الآخر من خلال جذوره الحضارية ومنابعه الثقافية.

ونقول للمسلمين: إذا كان الآخرون يستكثرون على الإسلام أن يدافع عن نفسه وسط كل محاولات التشويه التي يتعرض لها، فعليكم أن تستشعروا ـ في المقابل ـ قيمة هذا الإسلام العظيم من خلال مواقع القوة الذاتية الكامنة فيه وفي تصوراته للانسان والحياة، أو من خلال ما يثار ضده على المستويات الثقافية والسياسية ليدفعكم ذلك إلى تحمل المسؤولية الكبرى في تقديم الإسلام كما هو في صورته النقية النابذة لكل أشكال العنف التي ينطلق بها البعض ليسيء إلى الغربيين وإلى غيرهم بحجة الرد على إداراتهم السياسية من دون أن يميز بين الشعوب الآمنة البريئة وبين حالات الاحتلال.

إننا نؤكد على المسلمين أن يتعاملوا بإيجابية حيال النتاج العلمي والحضاري الذي صنعته الحضارة الغربية، وأن ينفتحوا عليه بروحية العلم وحب الاستزادة منه، وقد علمنا الإسلام أن نتواضع ونعترف بإنجازات الآخرين ونستفيد منها، ولذلك علينا ألا نتنكر لإنجازات الغرب ولا يجوز أن تمنعنا السياسات العدائية والمواقف التشويهية التي تحركها إدارات وشخصيات ومراكز غربية من التنويه بالمنجزات العلمية الكبرى للغرب، فهذا بعيد كل البعد عن روحية الإسلام الذي دعانا إلى الأخذ بالقسط حتى مع الذين نختلف معهم في الدين والسياسة والفكر.

إن على المسلمين أن يعملوا على ترتيب بيتهم الداخلي بصون وحدتهم والتطلع إلى حماية الإسلام بدلا من الانخراط في لعبة التمذهب السياسي والتعصب الفئوي التي قتلت روح الإسلام في روحيتنا وحركتنا، مع أن الجميع بات يدرك جيدا ما تتحرك به المطابخ السياسية والثقافية الاستكبارية التي تعمل على خطين: خط إنتاج الفرقة والعصبية في واقعنا العربي والإسلامي، وخط تشويه الإسلام في مفاهيمه الأصيلة الحية ".

 

المطران الراعي: يجب أن تُعلن الحكومة ولـ"يزعل من يزعل"

وكالات/اعتبر راعي أبرشية جبيل للموارنة المطران بشارة الراعي أن انتخاب الرئيس ميشال سليمان كان مميزاً على كل الصعد، ورأى في حديث إلى إذاعة "صوت لبنان" أن "الجو صافٍ ومميز بين البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الجمهورية العماد سليمان، ومخطىء من يظن ان هناك فتور بينهما والزيارة الأخيرة أثبت ماهية العلاقة".

 

هجرة المسيحيين المعاكسة المطلوبة

ابرهيم شمس الدين     

اثناء عدوان اسرائيل عام 2006 نحن في لبنان، مسلمين ومسيحيين، بكينا وضحكنا معاً، تشاركنا في العمل وتشاركنا في الطعام وتشاركنا في أمكنة النوم.

أولادنا، صبياناً وبناتاً يلعبون معاً ولا يتميزون عن بعضهم البعض. لقد أمّنا بعضنا بعضاً، واستأمنا بعضنا بعضاً على حياتنا، بدلاً من الخوف والشك.

وعندما اعتدت إسرائيل وراحت تقتل لبنان، بيوتهم كانت بيوتنا وملاذنا، وعائلاتهم كانت أهلينا.

هل يوجد توتر في لبنان؟ نعم. هل يوجد نزاع في لبنان؟ نعم. هل يوجد خطر في لبنان؟ نعم. ولكن ليس لأسباب دينية، أبداً. وليس لخصومة أو عداوة دينية، أبداً. بل بسبب شهوات سياسية وتضارب أطماع لا دستورية.

إن الله الذي يعبده المسلمون والمسيحيون، ليس ضعيفاً بحيث يحتاج إلى حمايتنا وهو ليس شريراً ليطلب إلينا سفك دمائنا، إنه عزيز قوي ورحمن عادل وهو يستحق ان يُعبد. لا مشكلة أبداً بين الاسلام والمسيحية، بل المشكلة هي مع الصليبية ولا مشكلة أبداً بين الإسلام واليهودية بل المشكلة هي مع الصهيونية.

في لبنان، لا نُجري تجارب في الحوار بل نعيشه حياة، وهو ليس تمثيلاً ومحاكاة مبرمجة بل حياة حقيقية. نحن لا ننظر في الحوار بل نحياه فعلاً ونصنعه، ليس خلف الطاولات وفي غرف المكاتب وفي الندوات، بل في بيوتنا المشتركة، في الحوانيت والشارع، والمدرسة والمطعم وفي باصات النقل المشترك ومحلات العمل المشتركة. إن مثل العيش الواحد للمسلمين والمسيحيين وشراكتهم التامة في لبنان كمثل الماء التي جعلها الله مصدر الحياة، كل حياة: [وجعلنا من الماء كل شيء حي (الأنبياء/30)]، [وهو الذي  خلق من الماء بشراً... (الفرقان/30)].

إن الماء (H2O) يتكوّن من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأوكسيجين، إن الماء الذي خلق الله منه كل  شيء حي لا يمكن أن يكون إلا هكذا (H2O).

مسلمو لبنان مثلهم كمثل ذرتي هيدروجين (2H) هم أكثر عدداً من المسيحيين، لكن كثرتهم الزائدة لا تفيد ولا حاجة إليها في صنع لبنان "لبنان الذي نصنعه كل يوم ونحميه كل يوم"، كما عبّر الإمام شمس الدين، وفي صنع عيشه الواحد وفي صنع الشراكة التامة بين المسلمين والمسيحيين فيه.

سيبقى المسلمون أكثر عدداً من المسيحيين في لبنان على الأرجح، ولكن إذا كانوا صادقين – وهم صادقون إن شاء الله – أنهم يريدون عيشاً واحداً وشراكة تامة مع المسيحيين يجب لا يرتكزوا إلى أكثريتهم العددية.

سيبقى المسلمون (2h) ذرتي هيدروجين وليس واحدة، وصنع الماء لا يحتاج إلى اكثر من ذرتي هيدروجين (مهما بلغ مخرون الهيدروجين المتاح). صنع الماء، ماء الحياة، لا يحتاج إلى اكثر من اثنتين وإلا فسد الأمر. هذه هي معادلة الشراكة.

وضع وموضع المسيحيين في لبنان ودورهم هو تماماً كوضع وموضع الأوكسيجين في الماء: ذرة واحدة من الأوكسيجين كافية تماماً لصنع الماء. إن الوجود المسيحي في لبنان هو ضرورة حيوية وضرورة حياة للمسلمين في لبنان، لا بد أن يكونوا موجودين ولا بد ان يكونوا فعالين ومتفاعلين حتى يصنعوا لبنان مع المسلمين دائماً. كما الماء لا تصنع بهيدروجين فقط مهما بلغ عددها ولا بدّ من وجود أوكسيجين، ذرّة واحدة فقط تصنع الماء ولا ضرورة أبداً لعدد اكبر من الاوكسيجين. المسيحيون اذا في معادلة لبنان هم كالاوكسيجين في معادلة الماء.

ربما يمكن فرض ترتيب وتركيب آخر، معادلة كيميائية (وبالمقارنة سياسية) اخرى، ولكنها قطعاً لن تكون التركيبة التي تصنع ماء الحياة (H2O) وقد تنتج ماء ثقيلاً يمكن ان يكون مميتاً.

المعادلة الثابتة والمستقرة للماء هي (H2O)، واستقرار لبنان وديمومته تكون بالشراكة الكاملة والتامة والندية بين المسلمين مهما كان عددهم والمسيحيين مهما كان عددهم: اثنان من "هيدروجين المسلمين" وواحد من "أوكسيجين المسيحيين". الصيغة السياسية، المعادلة السياسية في لبنان، هي اتفاق الطائف، الشراكة الكاملة في المناصفة التامة بين المسلمين والمسيحيين مهما كان عدد كل جهة كما المعادلة الكيميائية للماء، الماء الذي ارسله الله من السماء (لبنان رسالة) وخلق منه الحياة.

ان المسلمين في لبنان يجب ألا يستقووا أبداً ابداً بعددهم وألا يطغوا من خلاله، كما ان المسيحيين يجب الا يشعروا ابدا ابداً بالوهن السياسي او بضمور الدور لأنهم اقل عدداً؛ لأن لا لبنان بدونهم كما لا ماء بدون أوكسيجين، إنهم بالفعل يصنعون معنا ماء حياتنا في لبنان.

ولكن أشعر بواجب الكلام بصوت عال وقوي وبصدق وتصميم ايضاً، وأنا اتوجه بكلامي هذا الى المسيحيين اللبنانيين والى الكنيسة المسيحية بمختلف مدارسها، والى الفاتيكان ايضاً وسفيرها المونسينيور سيلفانو تومازي حاضر في هذه الجلسة، ان هجرة المسيحيين من لبنان يجب ان تتوقف ويجب ان تُعكس!

أيها المسيحيون يجب أن تعودوا الى لبنان!

إن كل أطر المؤسسات المسيحية، التجارية والمالية والتعليمية والدينية والاجتماعية والثقافية، وكذلك ايضاً وبشكل خاص الكنيسة، يجب ان تتعاون في ما بينها وتعمل معاً وبسرعة لوضع خطة عملية واقعية ولتوفير كل الموارد المطلوبة والتحضيرات اللازمة لتحقيق هذا الهدف وبسرعة: عودة اللبنانيين الى وطنهم لبنان.

نحن لا نستطيع ان نبني لبنان مع شريك غائب، لا نستطيع ان نحفظ لبنان مع شريك موجود وراء البحار، مع شريك مساهمة العديدين منه في لبنان هي الحنين فقط، مع شريك يتغنى بلبنان من الخارج، مع شريك نوّاح يبكي لبنان في الخارج. ان دموع الخارج تبلل خد اصحابها فقط ولا تروي ابداً تراباً وطنياً لتنبت فيه زهرة دحنون أو ارزة أو تنشىء فيه طفلاً - مواطناً.

نحن لا نستطيع ان نصنع ماء الحياة في لبنان فقط بنصف كمية الأوكسيجين. أيها المسيحيون يجب ان تعودوا حتى نحيا معاً ونموت معاً، نربح ونخسر معاً ننهزم وننتصر معاً، نقاتل ونبني معاً، نبكي ونفرح معاً، لأن لبنان هو وطننا الوحيد والنهائي معاً.

وإلا، يمكن ان يوجد او يتسلل فريق غير عاقل وغير واقعي وينطوي على تصميم وعناد كبيرين وغرور اكبر، يعتقد ان الماء يمكن ان يصنع بطريقة اخرى في مختبرات غريبة، ولا تعنيه بشيء الشراكة التامة والكاملة والندية بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، ويمكن هذا الفريق ان يعتبر ان صناعة الماء بهذه الطريقة تنتج ماء نجساً وأن معادلة الطائف هي قانون غير الهي وكافر وبالتالي سينتصب هذا الفريق بفجاجة وقسوة ويقول نحن أكثر وأقوى ويجب ان نحكم لبنان.

أنا لا أطلق هذا النداء ولا اكشف هذا الانذار لأنني مسلم ليبرالي – معتدل وعندي عشق خاص للمسيحيين، ليس الأمر كذلك ابداً، أنا اطلق هذا النداء لأني مسلم اصولي شديد الالتزام بديني، - أصولي في المعنى الاسلامي العربي للاصولية وليس في المعنى الغربي الاستشراقي – وأنا ارى من موقعي هذا ومن هويتي هذه – هويتي اللبنانية والاسلامية – الشيعية – أرى ان شراكة تامة وكاملة وندية بين المسلمين والمسيحيين في لبنان هي – حتى بالمعنى البراغماتي الماكيافيللي – هي قطعاً في مصلحة المسلمين اللبنانيين وفي مصلحة الدول العربية وحتى في "مصلحة جوانب كثيرة من العالم الاسلامي" كما عبر الشيخ محمد مهدي شمس الدين في الوصايا.

(•) جزء من كلمة القيت في مقر الامم المتحدة في جنيف في اطار مؤتمر حوار الحضارات والاديان – مترجمة عن الانكليزية.

ابرهيم شمس الدين     

 

 مصائر ميشال عون والعونيين في مرآة اطوار "المجتمع" و"الشعب" المسيحيين (2-2)

من "فكرة" الاحتلال البسيطة ولدت "الشيعة العونية" خارج الأبنية السياسية المستقرة

فانكفأت على نفسها واحلام قائدها المنفي والمتعاقد مع "الأمة" على الاخلاص

 حلقة ثانية واخيرة من هذه الرواية عن نشوء الحركة العونية ومصادرها ونشاطها ومصائرها. وهي تتتبع اشكال العلاقة الصوفية بين الفرقة او "الشيعة العونية" ومجتمعها وقائدها الملحمي اثناء رئاسته الحكومة العسكرية وبعد نفيه الى فرنسا وعودته منها.

كان ما افترضه رئيس الحكومة الانتقالية العسكرية العماد ميشال عون، مدخلاً الى التوحيد، ومنه الى التحرير، وتصوَّر فعلاً في هذه الصورة في أوقات خاطفة، قد ارتد على اللبنانيين شرذمة وشقاقاً. فقوّى الولاءات العصبية الداخلية، وحملها على طلب عون الأقطاب الإقليميين والدوليين المتنازعين من غير تحفظ.

طائفيات جديدة

انحاز الشيعة والدروز والسنة وشطر من المسيحيين الى قياداتهم "الجديدة"، المولودة من أعوام طويلة من المنازعات السياسية والعسكرية والاجتماعية (أو الجماعية) الحادة، ومن اختبارات التهجير والاقتلاع والهجرة والانخراط في سياقات حياة طارئة وعسيرة. ونشأ أو تبلور صنف مختلف من الطائفيات طوى سابقاتها الفطرية والمطمئنة الى كياناتها الأهلية الموروثة والنوحية (نسبة الى نوح النبي، على قول كاتب سوري). وينزع هذا الصنف من الطائفيات الى بناء أجسام مرصوصة، قامت عصبيتها المجتمعة والواحدة مقام الهوية السياسية الإلزامية. وتضافر على التوحيد العصبي والإلزامي ضم مرفق عسكري وأمني مستقل الى الجسم الأهلي، وإلى قيادته السياسية، ونزول الجسم الأهلي "بلداً" واحداً ومتصلاً، أو النازع الى الوحدة والاتصال، وإضمارهما بنداً من بنود "برنامج" الجسم هذا، أو رغبة من رغباته. فالحروب والمجابهات العريضة جعلت بؤر السكن المنتشرة في ثنايا الكتل المذهبية والطائفية الكبيرة أهدافاً "عسكرية" وسياسية سهلة تتبادل الجماعات الأهلية، وأجهزتها العسكرية والأمنية، "الردود" والتهديد من طريقها، وبواسطتها. فتوالى "سقوط" البؤر هذه، من الدامور والكرنتينا والعيشية وبرج حمود والنبعة والقاع (1975 – 1976) الى الشوف المسيحي (1983). وبين هذا وتلك عدد كبير من البلدات والمدن، على طريق الساحل الجنوبي وفي البقاع الشمالي والغربي، سوّاها النزوح والهجرة على خلقة جديدة، وسحنة مختلفة. وساق نازحيها ومهاجريها الى مواطن جديدة، في المتنين وكسروان (فيما يعود الى المسيحيين)، وفي ضواحي جنوب بيروت وبعض احياء غربها (فيما يعود الى المسلمين الشيعة).

فاضمحلت، في خضم الجماعات النازحة والمقيمة "الأصيلة" وفي دوامة حركات النزوح وتجارب الإقامة المضطربة، المراتب الوسيطة المحلية والقرابية. ونزعت الى الذوبان في الجسم الطائفي المجتمع والمنكفئ على "بلد" متصل واحد. وحلّ محل "البلاد" (بلاد جبيل، بلاد كسروان...). فأتمت الحروب، على نحو فظ، ما بدأه سكن المدن ونشوء المكانة عن العمل والتعليم. وتولت المنظمات العسكرية، والمرافق الاجتماعية والخيرية، المركزية، رعاية القادمين المتساقطين من الأبنية البلدية المتآكلة، وسعت في دمجهم في الجسم الأهلي الجديد. ونافست الأبنية الكنسية على مهماتها وعملها. وتصدر الأجسامَ والكتل الأهلية قادةٌ هم "عطاء" ("كاريزما" على المعنى الحرفي) السماء الى الجماعات والدول، و"نصرها" و"عونها"، على ما هتفت الحناجر، وهزجت الأناشيد من قبل ومن بعد. وتربع القادة، على مقادير متباينة، في سدة أجهزة بيروقراطية ومتخصصة، عسكرية وأمنية وإدارية ومالية واقتصادية وإعلامية كبيرة وقوية. فأشرفوا من علٍ على جماعاتهم. وطلبوا "الوصاية" عليها، والتحرر من القيود التي تقيد بها الفروقُ والمنازعات والأعراف القيادةَ السياسية. فتُلزمها التحكيم والموازنة بين الكتل. وتدعوها الى اعتبار الاختلاف بين المصالح والوظائف والأدوار الاجتماعية. واتصل القادة وهم على هذه الحال، بـ "روح" جماعتهم من غير وسيط، ولا حاجز. وكانت "الروح" هذه، في معظم الأحوال، العبارة عن جمهور الجماعة العامي، وسواقط مراتبها الاجتماعية والوظيفية المتوسطة، وترسبات التساقط والانهيار اللذين أصاباها جراء النزوح والهجرة القسرية والاقتلاع والإقامة القلقة. فتسلط القادة على جماعاتهم باسم عوامها وجماهيرها المولودة من الحروب والمنازعات الكثيرة. وقاموا منها مقام الآباء والجنرالات والمرشدين والمعيلين والبطاركة والمشرعين و "المفكرين"، على قول حسن البنا، صاحب "الأخوان" (أو على معنى قول له بألفاظ أخرى). ودمجوا الأدوار والمهمات كلها في القائد الواحد. وطلبوا إطلاق يدهم في دوائر الحياة كلها، من غير استثناء ولا قيد أو حسبة. ودعوا جماعاتهم الى التصديق والتسليم.

الجيش/ الحزب و"مجتمعه"

لا شك في ان الحرب المقيمة والمزمنة والجامحة، الخارجية او الأهلية، هي المعرض أو السياق الأمثل لإنشاء ما سماه الخمينيون عن اختبار ودراية "مجتمع الحرب". و"مجتمع الحرب" هو البنية التحتية لهذا الصنف من القادة الملهمين، ولـ"شعبهم" و"دولتهم". وإذا كان موسى الصدر، "إمام" شيعة لبنان (1966 – 1979)، سباقاً الى الإرهاص بمثل هذا "المجتمع"، ثم حذا حذوه (على فروق كثيرة)، أو ابتدع مثاله الخاص، بشير الجميل، فلا شك في ان الحزب الخميني الشيعي ("حزب الله") هو "شيخ" ومقدَّم من أنشأوا "مجتمعات حرب"، وبلغ في مسعاه رتبة التمام. ولكن ميشال عون، يومها، كان لا يزال بعيداً من المثال الحزب اللهي عملياً، ومن الافتتان به ذاتياً، على نحو ما كان المثال نفسه بعيداً من تمامه، ويتلمس طريقه الى التمام. وما "أنجزته" الحرب اللبنانية – السورية في 1989، وهي واقعة في سلسلة وقائع طويلة ومتعرجة من المعارك والصدامات والاشتباكات لم تبلغ خاتمتها وقد لا تبلغها، يقتصر على وضع "المحرر" العسكري، وجمهوره الوليد معه، اللبنات الأولى لتمثاله وصورته الآتيين.

فلم تخيِّب عثرات الحرب التي شاءها من ابتدأ يسمي نفسه، ويسميه أنصاره، "القائد" ويلصقون صوره على المصفحات وناقلات الجند، آمال "الشعب" المسيحي. وهذا جماعات. فمنها الشباب "الإصلاحي" والطالبي، وجمهور بشير الجميل العازف والمستكين منذ اغتيال بطله الأسطوري. ومنها جماعات حزبية، كتائبية وقواتية، ناشطة أشعرتها مبادرة قائد الجيش الى قتال القوات السورية بعطالتها وتبطلها السياسيين. فأحد روافدها خليط من نازحي الشوف وساحله والشريط الجنوبي الذين حمّلوا التبعة عن معاناتهم الى "عهد" أمين الجميل والسياسيين القاعدين و"القوات اللبنانية"، والكنيسة المارونية، معاً. ولا ريب في ان رافداً آخر حمل معه يساريين سابقين أو حاليين، وأصحاب أفكار "نقدية" ومتعلمين ينشدون معالجة تقنية أو تكنوقراطية للمسائل المزمنة، ويذهبون، على ما ذهبوا هم إليه، أو ذهب "إخوتهم" المتقدمون عليهم سناً، عشية "ظهور" بشير الجميل، الى ان المعالجة التقليدية والهادئة و"الطائفية" لا ثمرة منها. وقبل الجماعات هذه كلها، وبعدها، خرج من صفوف الجيش نفسه ضباط مسيحيون من رتب مختلفة حسبوا، على خلاف التقليد العسكري اللبناني الذي لا يستثني رئيس الجمهورية فؤاد شهاب (1985 – 1964) نفسه، ان الاحتراف العسكري، ومكانة الجيش، يؤهلان العسكريين الى تقدم صفوف من يطلبون التغيير والإصلاح، ويسعون فيهما، وإلى تولي الحكم باسمهم، وباسم خلاص الوطن وإنقاذه.

وجهر العميد الركن (يومها) فؤاد عون هذا الرأي، وصاغه مذهباً وعقيدة، وسوغه في كتاب – برنامج وسمه بـ"ويبقى الجيش هو الحل". وتابعه على رأيه ضباط كثر آخرون حملوا الجيش على ما لم يحمله عليه قبلهم ولا بعدهم غيرهم من زملائهم ورفاق سلاحهم. فإلى ميشال عون، تعاطى كبار الضباط الموارنة، وعلى وجه التخصيص مدراء المكتب الثاني وبعض ضباطه، السياسة، أي استمالة رجال السياسة أو تخويفهم، وإلزامهم مواقف يرونها مؤاتية أو ثنيهم عن أخرى، وتهديدهم في مصالحهم الانتخابية أو خدمة المصالح هذه جزاء ولائهم وتأييدهم سياسة دعوا الى تأييدها. وفي أحوالهم هذه كلها، كان العسكريون يخدمون سياسة رئيس منتخب، أو سياسة قطب برلماني أو أهلي. ومسوغ الخدمة هذه عملي أو ذرائعي وليس إيديولوجياً. وخرج بعض الضباط عن السلك، وقاتلوا في صفوف المنظمات الأهلية العسكرية. وبعضهم كان "ركناً" فيها. وخالف فريق ميشال عون، والرجل نفسه، المعايير هذه كلها. فدعوا إلى مبايعة السلك العسكري. وناطوا به خلاص الدولة والوطن وإصلاحهما. وتذرعوا الى دعوتهم بذرائع عامة ومعيارية. فعارضوا "رذائل" رجال السياسة، وفسادهم وأنانيتهم وتقاعسهم، وقعود الكنيسة وأساقفتها وانكفاءها على نفسها، ولهاث اصحاب المصالح "الضيقة" وراء مصالحهم الخاصة – عارضوا هذا كله بـ"فضائل" السلك العسكري، ووطنيته ونزاهته وتضحيته.

فقرّبوا الجيش، والحال هذه، من "الحزب" الوطني المقاتل، والأداء العسكري من الأداء السياسي والحركي. وأقبل عسكريون، من لفيف قائد الجيش وأركانه المباشرين أو من دائرة أوسع، على الدور المقترح عليهم إقبال المؤمنين والمريدين. وبدا اضطلاع قائدهم، في المحنة الحالكة التي خيمت على لبنان واللبنانيين، بدور "المقاوم" والمحامي عن الدولة والوطن، وعن "البلد" المسيحي، استجابة أمينة لحقيقة المهمة المنوطة بالجيش، وتصحيحاً أو تقويماً لنكوصه السابق وضعفه. فأيقظ اضطلاعه هذا عصبية عسكرية أو "جيشية" سرت في أهالي العسكريين وفي بلادهم ومناطقهم. وحرص "القائد"، وهو نحا نحو الشخصنة من غير حذر ولا تحفظ، على النفخ في العصبية هذه، وإعمالها، وإعمال تماسكها ونصلها في "الحروب" الكثيرة، الميدانية والمعنوية السجالية، التي خاضها. وكان إنشاؤه "أنصار الجيش"، ودعوته الشبان الى الالتحاق بما يشبه منظمة شبابية وجماهيرية (على قول يساري وتنظيمي)، إجراء أراد به توسيع دائرة العصبية "الجيشية" الى جيل أبناء العسكريين. وأراد دمج الأبناء المتحدرين من منابت متواضعة عموماً في "طبقة" شباب مشتركة، يلتقي فيها هؤلاء بمتحدرين من منابت أكثر يسراً، متوسطة ومتعلمة، تحت لواء الجيش. فمالت "قاعدة" قائد الجيش السياسية والاجتماعية، على رغم خليط مصادرها، وكثرة المصادر هذه وضعف تجانسها، الى غلبة الفئات المتواضعة و"الشعبية" (على معنى الفقيرة والكادحة) فيها وعليها.

"البطريرك" المصلح

يتفق هذا كله مع سيرة قائد الجيش، وفريقه القريب، وخط السيرة البياني، الاجتماعي والثقافي. وهو يتفق كذلك مع "الحكاية" المسيحية اللبنانية الذاتية، وروايتها "تاريخ" لبنان على وجهي "انتقال" و"صعود" ينتهيان الى "خلاص". ولم يمش رئيس الحكومة الانتقالية العسكرية على خطى سلفه الأسطوري، كميل شمعون. وهذا، على قول عبدالله خوري لمحمد ابي سمرا، "شخص عادي استطاع، في حياته ومماته، ان يكرس نفسه بطريركاً سياسياً على المسيحيين". فهو اقتصرت "ولايته"، أو كرامته وتطويبه، على مذهبه أو مذهب أنصاره، على انتسابه البنوي الى السيدة العذراء، السيدة العجائبية وسيدة الآلام. وحسِب الخلف، على قدر ما يرتضي خلافة، أنه مصلح ديني، ومجدد كنسي ولاهوتي. فيروي عنه بعض أنصاره أو مريديه السابقين انه يدلي، في مجالسه الخاصة، بآراء "لاهوتية". ويقول أن "رؤياه" تقضي بـ"تطوير المسيحية". فهو داعية "إصلاح" (على مثال لوثري أو كالفيني ربما يتصل بمنزع قومي أو أهلي استقلالي) لاهوتي نواته تناول مفهومي "المحبة" و"المجتمع"، و"تطويرهما" على نحو ينجم عنه تداعي الكنيسة المارونية، وانهيارها، وعزل بطريركها أو التحاقه بـ"الرؤيا" الجديدة. والحق ان المذهب هذا يستأنف منزعاً "نبوياً" ألح على عدد لا يستهان به من أقطاب "الشعب المسيحي"، وحملهم على تنصيب أنفسهم "بطاركة"، على معنى مجازي وسياسي.

واستئناف قائد الجيش السابق، ورئيس تكتل "الإصلاح والتغيير" النيابي، (والماسوني السابق؟) المنزع او التقليد هذا يخرجه من المجاز والسياسة، على معناها الأبوي و "البطركي" الشمعوني، الى "الحقيقة". وعلى رغم حذره في محاوراته والصحافي الفرنسي فردريك دُمون ("رؤيتي للبنان"، دار صادر، 2007)، لم يمسك نفسه عن القول: "اننا مسيحيون بالمسيح، وليس من خلال الإكليروس، لأن الأمر ليس محصوراً فيهم". فيرفع طرفاً من الستر عن "رؤياه" اللاهوتية. ولكنه لا يلبث ان يستدرك: فالإكليروس، أي جسم الكنيسة يلابس "موروث... الطائفة"، وهذه "مصدر غنى في شكل أو آخر للمسيحية"، على ما يقول مراعياً "شعبه" الانتخابي وقومه وأهل ملته. وعندما أنهى إليه السفير البابوي، في تموز 1990، قلق يوحنا بولس الثاني من مآل معاندة قائد الجيش الوساطة العربية، وأثر المعاندة في "المجتمع" المسيحي ووحدة لبنان وتماسك الكيان، وناشده الاستقالة، سأل ميشال عون السفير: ممن الرسالة. فلما أجابه انها من البابا، قال: "قل للبابا انه رئيس الكاثوليك في العالم، وأما في لبنان، وفي الشرق الأدنى، فرئيس المسيحيين هو أنا" (عن كارول داغر). والمصلح و"المغيّر" ("حارس الثورة"، على قوله اخيراً) لا يقف إصلاحه وتغييره وثورته على السياسة والمجتمع والكنيسة والدين، فيتخطاها الى ركن التربية، على معناها الإنشائي (أي الخلق). فأسر الى محادثته، في ختام حربه على القوات السورية، ان إصلاحه يتناول ستة فصول: 1) فصل العلاقة بين الزوجين وتنظيم الأسرة، 2) وفصل التربية الرياضية والعناية بالغذاء، 3) وفصل الإنسان والمجتمع 4) وفصل علاقة الإنسان بالوطن والدولة، 5) وفصل النظام السياسي والواجبات الوطنية، 6) وأخيراً فصل الإنسان والدين. ويقضي أحد البنود الإصلاحية بإحياء طوائف الحرف والأصناف (وربما يجهل قارئ الكتب "عن" الإسلام، أي عون نفسه، ان نظام الحرف والأصناف جزء من التصوف وطرقه).

ولابس "نظام" الأفكار هذا "الجبهة" السياسية والاجتماعية المختلطة التي مشت وراء عماد الجيش ورئيس الحكومة الانتقالية وأيدته، و"الحروب" العسكرية والسياسية والأهلية والديبلوماسية التي انفجرت أو تجددت في سياق تصدي الرجل الى زعامة "البلد" المسيحي والدولة معاً، على نحو ما لابست اشتباه الموقع الرئاسي (الماروني) وترجحه بين معيار قيادة الطائفة وبين موجبات رئاسة الدولة "الميثاقية". ولم يكن تخليص مذهب سياسي وطني، أو عقيدة سياسية وطنية، دأب الرجل وفريقه (وهذا أفرقاء على عدد المسالك التي سلكها، والوجهات التي التمسها، والفئات والجماهير التي خاطبها واستنهضها، والدول التي استمالها وقاتلها). والأرجح ان التخليص هذا لم يكن دأب جمهوره، أي "جبهة" أجزاء الجماعات التي تابعته على محاولاته واختباراته. فالخمسة وعشرون شهراً التي قضاها قائد الجيش رئيساً على حكومة انتقالية عسكرية حفلت بالحروب والعداوات والمراهنات والتوقعات (والأوهام، على قول بعضهم). ولعل العداوات، وإرثها، هي أوضح ما جنته الشهور هذه: عداوة الاستيلاء السوري، وعداوة حليفه الدرزي وحليفه الآخر الشيعي وحليفه الثالث الشمالي السني والجنوبي (وليس البيروتي، "الصديق") وعداوة "الأخ" الماروني القريب، وعداوة الطاقم السياسي المحلي المتحفظ عن السياسي الطارئ والمستعجل والثائر على تقاليد السياسيين ومساوماتهم، وعداوة "الإكليركيين" الموارنة وكنيستهم المحافظة والمتواطئة مع السياسيين العاجزين، وعداوة الصفوف العربية المنقسمة على الرأي في الاستيلاء السوري انقسامها على بدائله المحتملة والمتوقعة، وعداوة الدول الكبرى المترددة والخائفة من انهيارات غير متوقعة في شرق أوسط (او أدنى) حافل بحوادث غير متوقعة في وقت انقلاب تاريخي من عالم اثنيني القطب الى نظام عالمي ("اميركي") جديد.

صناعة "الشيعة" العونية

لكن الحروب والعداوات الكثيرة هذه ولدت، من وجه آخر، "صداقات" وروابط وولاءات غير قليلة ولا ضعيفة، على رغم ضعف تماسكها وتناغمها. وحرص "القائد" على خروجه من الحكم الجزئي الذي ترأسه، وتسنمه تسنم الحراب، على نحو يتيح له ربط ما أخفقت إنجازاته وخسائره في ربطه ربطاً ايجابياً وفاعلاً. فأخرجته القوات السورية المستولية، من بعبدا واليرزة. وشفع لها التواطؤ الأميركي والإسرائيلي باستعمال سلاح الطيران في قصف "قصر الشعب". وسوغ إلحاح الياس الهراوي، الرئيس الذي خلف رينيه معوض بعد اغتياله وأقام نحو السنة رئيساً في ثكنة عسكرية بالبقاع، على السوريين في التخلص من "محتل" القصر الجمهوري، إجراء العملية العسكرية وراء ستارة لبنانية لم تستر شيئاً (فكانت خسارة القوات السورية 600 الى 800 قتيل، نظير آحاد من الجيش اللبناني "الشرعي"، قرينة على حقيقة القتال والمقاتلين). وأشادت الحكومة بالعملية، وبصلاحياتها الجديدة الناجمة عن الطائف وتوزيعه السلطات. وتصدر الإشادة وزير الدفاع الجديد، وهو أحد مستشاري ميشال عون وموفديه الى دمشق، ورقيب دمشق على وليد جنبلاط (معاً). وسكتت "القوات اللبنانية" في ختام حربها وقوات ميشال عون، وإثخانها في الجيش الوطني، وشقها صفوفه، وغنيمتها منه عتاداً بلغت قيمته 400 مليون دولار، عن دخول القوات المستولية "البلد". واقتصرت بكركي على تنديد خجول بالعملية نفسها. وكانت أقرت نائب زحلة على رئاسته. وأظهر "نواب الأمة"، غداة إقرارهم اتفاق مدينة الطائف السعودية، نزولهم عن صلاحيات الرئيس الى "ثلاثي رئاسي" مشتبك الصلاحيات من غير قطب داخلي مرجح، انصياعاً و"إذعاناً" (لفظة أثيرة في مصطلح التنديد السوري) يليقان بفوتهم، وانقضاء 18 سنة على وكالتهم وتكليفهم الانتخابيين. وانصرفت القوى الدولية، المنشغلة بغزو قوات صدام حسين دولة الكويت، عن المحاماة عن دولة لم يعد يدري احد السبيل الى رعايتها. وتوسط "العرب" في صلح داخلي، وإصلاحات دستورية، وتجريد من السلاح، وجلاء سوري، وتعهدوا مراقبة البنود هذه وإنفاذها، قبل ان يتخلوا عن وساطتهم وعهدهم، ويسكتوا عن إطلاق اليد السورية في اللبنانيين ولبنانهم. وتصور هذا، وحقل الأنقاض الذي أدى إليه وتخلف عنه، في صورة تراث العاصفة التي ضربت البلد وأهله ودولته. ورأى إليه "البطل" الخاسر، وجمهوره، ثمرة الخيانات والأنانيات المسمومة التي أحبطت مسعاه الإنقاذي. ولكنه استقى (منه) براهين لا تحصى، ولا تفنى، على وحدة العدو، وكثرة أقنعته، واتصال وجه واحد ولئيم وراء الأقنعة.

ورسم الأمران، وحدة العدو وكثرة الأقنعة، ميدان "المعركة" الآتية والمديدة. وآذنا بجبهاتها و"مقاتليها" وموضوعاتها. فـ"البطل" الذي تضافر "الكل" على خيانته، والتخلي عنه، واجتمعوا على حربه وهزيمته ونفيه (وهذه سابقة في تاريخ الجمهورية ذكرت بعضهم بمنفى فخر الدين المعني، ثم بمنفى يوسف بك كرم)، مطلق اليد والفكر واللسان في التصدي لأعدائه الكثر، وفي تأليب الفئات والجماعات والطبقات على الأعداد هؤلاء. فهو، أو ينبغي ان يكون بؤرة التقاء روافد الاحتجاج والتنديد والمعارضة والثأر كلها، على تفرقها واختلافها، على نحو ما كان، هو وجمهوره و"شعبه" و"بلده"، ضحيتها. فسقوطه، أو "صَلْبه" جزاء صلابته واستقامته، على قوله تورية لمحاوره الفرنسي، هو برهان تواطؤ الميليشياوي الماروني والدرزي والشيعي، وآكل الجبنة والفاسد، والسياسي ابن "المترجم" على أبواب السفارات، والإكليركي طاعم رغيف العامي ومشتهي بنات رعيته (وعلى هذا فزلة لسان سليمان فرنجية ليست زلة) والسوري والأميركي و"العربي"، عليه. ويأتلف "الشعب" و"البلد" العونيان من "ضحايا" هؤلاء ومعارضيهم، على مثال جبهوي وشعبوي وخطابي (نسبة الى خطيب العامة الرومان ورقيبهم على الأشراف) معروف ومجرب. فعلى الضحايا، وجماع الضحايا هم الشعب الحقيقي الذي يواعده "البطل" من المنفى، القيام "رجلاً" واحداً على "جلاديهم" وأعدائهم ومستغليهم، على نحو ما هؤلاء واحد. وهذه مهمة شاقة وثقيلة. وفاقم ثقلها للوهلة الأولى خسارة الرجل بيد "أهله" قبل خسارته بيد عدوه السوري، وفوق خسارته هذه، وتركه "البلد" المسيحي أشلاء وأنقاضاً. ولكن ثقل الخسارة، وضعضعتها صفوف المسيحيين (والمسلمين ومشتركهما)، كانا، من وجه آخر، مواتيين مواتاة عميقة وقوية دمج دوائر أو كتل الناس الذين تحلقوا حول "المحرر" و"المصلح" في شيعة متماسكة، أو فرقة مرصوصة. فالمشاعر والولاءات والمصالح التي بعثتها أو أيقظتها الملحمة العونية لم تتماسك يوماً على رسم أو مثال سياسي مجتمع أو مؤتلف. وكان تنقله بين الضباط والجنود وأهاليهم والطلاب والمهجرين و"السابقين" المناصرين والحزبيين والمقاتلين، على مللهم ومذاهبهم، وبين التقنيين والمهنيين الجامعيين ورجال الأعمال في لبنان والمهجر وكبار الموظفين وصغارهم واليساريين، وتقلبه بين هؤلاء وأولئك، كان هذا يدعوه الى التأليف بينهم تأليفاً شيَعيَّاً أو ملياً باطنياً (وليس هذا على المعنى المذهبي أو الاعتقادي المعين والمعروف، فالشيعة هم الجماعة المشايعة صاحب دعوة، مثل الفرقة المصدقة صاحب رأي أو مقالة).

ولا شك في ان نواة الفرقة (أو الجماعة أو الشيعة) العونية، طوال المنفى تقريباً، هي ميشال عون نفسه، أو شخصه وما يُفترض في شخصه أو "جسده"، الحي والرمزي أو الصوفي، ان يختزنه من حوادث التاريخ المسيحي (اللبناني) القريب والبعيد، ويؤذن به آتياً ومستقبلاً. وهو خرج من بين أنقاض قصر بعبدا، ومقر اليرزة، مجلّلاً بالغبار والتراب، "ممسوحاً بزيت النجاة العجائبي"، أعزل ومجرداً من السلاح الظاهر. وكان خروجه على هذه الشاكلة، نقيض دخوله الحكم، ورئاسة الحكومة الانتقالية (على رغم ضمورها وصور اجتماعاتها الكئيبة)، على رأس جيش أعده ليوم كريهة وتحرير من "الاحتلالات" كلها، وأولها ورأسها الاحتلال السوري، وبدده في منازعات متناسلة ولا ضابط لها. ولكنه خرج على نقيض دخوله – ومنطق الأسطورة والملحمة هو منطق انقلاب الأضداد بعضها الى بعض وولادتها بعضها من بعض على غير مثال – وعلى رغم تبديده جيش الدولة الوطنية في حروب طوعية ومستدرجة، حاملاً ومحملاً نفسه "أمانة" الشعب اللبناني. وهو كان دخل الدولة، ولبس عباءتها أو تلبسها، على هذه الصفة. ولكن المحن، وتضافر الخيانات، ملأت الصفة الشكلية والصورية بالمواقف والحوادث والشواهد التي تحقق حمل الأمانة، على الزعم الأسطوري والشيعي. وتنطوي نواة الأسطورة التي صاغته الشيعة العونية، واستبقها الرجل نفسه في أفعاله وخطبه، على نطفة حقيقة. ويحسن بالمراقب تصديق النطفة هذه، وحملها على محمل الجد، إذا لم يشأ التسليم لتعليل الحوادث المتعرجة والمبهمة، ماضياً وحاضراً وآتياً، بواسطة خطة خفية ومحكمة (على نحو تسليم ايلي محفوض، وعلى قدر أقل، وأكثر تخصيصاً، الياس الزغبي). فخروج "البطل" حياً من تحت أنقاض القصر، أعزل، وتوجهه الى المنفى، بينما "شعبه" ينوء بالأنقاض، والمنظمات العسكرية الأهلية، والاحتلالين، و"بناء الدولة"، والسياسات السورية العروبية والإيرانية الإسلامية، والشقاق الفلسطيني – السوري والمفاوضات الإسرائيلية والعربية – الخروج على هذا النحو يطلق يد "البطل" في تعاقده مع "الأمة". فهو يتصدى لخلاصها وإنقاذها وتحريرها من منفاه على شرط ان توكل "الأمة" إليه وحده حمل أمانتها وعهدها، وأن تطلق يده من غير رقيب ولا حسيب في تصريف حمل الأمانة وسياستها. و"الأمة" في المعرض هذا هي النواة العونية المقيمة على عهد جنرالها، واسمه (الصوفي) ومعناه. وأول واجباتها، أو فرائضها، الاقتصار على العهد والصفة والمعنى، والإقلاع عن السؤال عن (ماضي) خبره و (آتي) أحواله.

الداعية الإمام

ومن المنفى، وبواسطة ما لا يحصى من الاتصالات الهاتفية، الخاصة والعلنية والخلوية على وجه الخصوص، كان ميشال عون مع أنصاره وبإزائهم، المتكلم والخطيب والمجيب والمتصدي والراد والمفند والمواسي والناصح والمذكر والمتوعد. فهو، على شاكلة الدعاة و"الأئمة"، متعاقد مع "الأمة"، على قول انطون سعادة النهضوي القومي والفاشي. وهو ضمير الأمة والشعب، قبل ان يدريا ومن غير ان يدريا. وإليه وحده يعود النفخ في الهمم، وتأويل الحوادث والعلاقات التأويل "النبوي" والمؤدي الى النصر الأكيد. ففي سياق الحوادث السياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، المحلية والإقليمية، سرعان ما خبا نجم العماد، وذوى ظلمه وانحسر. وانصرف اللبنانيون، على رغم "نكباتهم" الى تدبر أمورهم. وما بقي من الملحمة، على معنيي الشجاعة والدمار، لم يكن في وسعه ان يغذي حركة سياسية ولا كان في وسع بقايا الشباب والطلاب والحزبيين السابقين والعسكريين والموظفين والمهجرين وأصحاب المهن الحرة، الاضطلاع بعمل سياسي متماسك. فاختار القائد والرئيس المنفي، ومعه فريقه "المختار"، صيغة الشيعة أو الفرقة، تنظيماً، وتضم الشيعة إليها أشياعها على معيار واحد قوامه التصديق والإخلاص. وهي تمحو الفروق والتفاوت بين المشايعين، على مثال بولسي وكنسي اول لم يغفل عنه قارئ الأناجيل والرسائل. وتصدر الشيعة عن صاحب دعوتها، ومتكلمها ومفتيها في الشؤون والشجون كلها. وهو يصدر عن "علم"، أو عن "عرفان" يجمع الأضداد، ويؤلف بين المختلف من طرق لا يعلمها احد غيره. ويتنقل "علمه" بين ذرى المعاني الشاهقة، وبين صغائر التفاصيل التافهة والسخيفة. ويجمع الاستدلال والحساب المدقق، والتخطيط المتأني، الى الحدس، والنظرة التقريبية، والتلمس المرتجل والمتسرع. وهو يزعم، على الدوام، السير على بصيرة ودراية وتدبير.

فكانت سنوات المنفى الأولى مصهر الشيعة العونية ومختبرها. فحول "فكرة" الاحتلال وصورته البسيطة (الاحتلال احتلال وقسر خارجي، وإذعان الداخل ميل ناجز مع القوة، ولا شيء خارج البديهيتين) بنى جنرال المنفى وأنصاره جسماً صغيراً ومرصوصاً من الناشطين و"الرهبان" والناسكين. ويصف العضو السابق في "هيئة" التيار "التأسيسية" (الحلقة الثالثة من بعد 3 سنوات على عودة العماد ميشال عون الى لبنان"، "النهار" في 18 أيار 2008) الشيعة العونية وأحوالها، في الأعوام العشرة الأولى من قيادة عون تياره، وصفاً لا شك في دقته ولا في أمانته. فالرجل البالغ من العمر فوق الـ35 عاماً، والمتزوج ووالد طفل وصاحب عمل، يروي ما كان عليه في النصف الأول من التسعينات. فيقول: "كان نشاطنا متواصلاً ومحموماً. صلات واتصالات واجتماعات، شعارات على الجدران ومناشير... كأننا نعيش الزمن مضاعفاً أو نلهث خارج الزمن العادي، وفي حال من سكر الفتوة والشباب مطلقين العنان لحلمنا الكبير: إزالة الاحتلال السوري وتحرير لبنان. وحملت المطاردات والاعتقالات الاعتباطية، والتحقيقات وعذاباتها الجسدية والمعنوية (من التهديدات المستمرة (و) الاتصالات الهاتفية المفاجئة (و) مواعيد مراكز المخابرات (و) الإهانات (و) الساعات الطويلة من ضجر الانتظار وقنوطه ومذلته"، حملت معظم افراد الكتلة من الشيعة (نحو 1500، بحسب إحصاء أحد اوائل ناشطيها) على التخلي. فبقي من الكتلة نحو 200 أو أقل بقليل. وفي أثناء 1990 – 1994 تفرق معظم من انضووا في "المكتب الوطني للتنسيق المركزي". ومعظم من بقوا واستمروا ينشطون هم من قدامى أنصار الجيش. فأنشأوا مجموعات، تعد المجموعة الواحدة نحو عشرة ناشطين. ونشطوا إما مستقلين وإما على علاقة بأحد أقطاب المغامرة القريبة (من ضباط متقاعدين، أو قضاة أو موظفين أو أساتذة جامعات) في الجامعات والنقابات والتظاهرات والنوادي.

وتوسل خروج قائد الجيش السابق على الأبنية السياسية  المستقرة بجمهور غير جمهور الزعامات العائلية التقليدية، وغير جمهور السياسة عموماً. واستعمل العمل السياسي الجديد طرقاً لم يعتدها المسيحيون من قبل، على ما يلاحظ احد أوائل العونيين. فهم لم يسبق ان كانوا في صفوف "المناضلين" والمنديين بالسلطة والحكم وأجهزة القمع. وقلما كانوا ضحاياها. ولم يسبق ان اقتصرت حركة سياسية مسيحية على الطلاب والشباب والجامعات والثانويات، وبعض النقابات المهنية والجامعية. وكانت هذه "القطاعات" سنداً للحركة السياسية، أو للعمل السياسي. وتصدر الحركة والعمل السياسيين على الدوام "أهل وجاهة"، على هذا القدر أو ذاك. وهم اشخاص لابسوا حياة اجتماعية محلية ومهنية وإدارية رفعتهم بعض الشيء فوق أقرانهم، ووصلتهم بكتل عائلية، أو بكتل حزبية – عائلية، على ما هي الحال عموماً. فدخلوا "المعترك" الانتخابي من هذا الطريق. وكانت بينهم وبين "الدولة" السياسية والإدارية والأمنية، أواصر ووشائج كثيرة. فهم أبناؤها، وهي "أهلهم". ولا "يناضل" الواحد (ضد) اهله. والسياسة على هذه الشاكلة بعيدة من "المعترك" النضالي الجديد الذي خاضه الشبان، المسيحيون في معظمهم الساحق، تحت لواء "الحرية والسيادة والاستقلال"، ووراء جنرال سابق منفي تقتصر خطابته على حضانتهم، من وجه، وعلى التنديد بالاحتلال والإقطاع السياسي والكنيسة اللذين جاءا به، ونصباه سيداً على "المسيحيين"، من وجه آخر. فصقل العملُ السياسي الجديد، خارج السياق السياسي المعروف وهو سياق حزبي – عائلي أو أهلي، قوة احتجاج، او حركة احتجاج، من معدن لم يسبق للتيارات المسيحية الأخرى، في اثناء الحروب الملبننة وقبلها، ان اختبرته. وكانت الأحزاب والقوى المسيحية الأخرى، وفي مقدمها الكتائب و"القوات"، ترزح تحت وطأة الأحوال التي تخلفت عن الحرب. وعلى رغم ان ميشال عون كان "حاكم البلد" المسيحي قبل استيلاء القوات السورية وأعوانها عليه، بدا الإستيلاءُ الفصلَ الأخير من فصول السيطرة الكتائبية – القواتية، وثمرة هذه السيطرة. ولم يشفع للحزبين، أو القوتين السياسيتين، إسهام ناشطيهما في التظاهر والتنديد بالاحتلال. فعادت الصدارة النضالية والإعلامية الى قوة الاحتجاج الجديدة.

ولكن "البلد العميق" (على قول قومي أوروبي) كان في موضع آخر. فالجماعات الطالبية والجامعية والمهنية جزء من "مجتمع" تضرب جذوره في ارض اهلية متجددة، على رغم غلبة الطبقات الوسطى عليه. ولا ريب في ان الاستيلاء السوري على لبنان واللبنانيين، واستتمام الاستيلاء غداة 13 تشرين الأول 1990، بعث "الوطنية" البلدية في صورتها الأهلية المسيحية، وجمعها في "البلد" المسيحي وعليه. واقتضى ذلك فيما اقتضى نسيان التاريخ السياسي والاجتماعي اللبناني، أو اختصاره في حوادث قليلة وهزيلة يعود معظمها الى الملحمة والأسطورة العونيتين. وتولى إمام الفرقة، وهو عالمها وشيخها وقطبها، رواية التاريخ، ماضياً وحاضراً وآتياً. وبنى التنظيم على الشاكلة "القطبية" أو "الإمامية" هذه. فيقول الناشط العكاري السابق (الحلقة الثالثة) ان الزعيم المنفي كان يصر، تنظيمياً، على الاقتصار على "تواصله اليومي، الهاتفي أو بالفاكس، بكل كوادر التيار على انفراد، منقلاً اتصالاته بينهم، من واحد إلى آخر، من دون تنسيق، ومن دون ان يطلع هذا أو ذاك على مضامين اتصالاته بهؤلاء أو أولئك".

 

 كيف أُلحِق حي الأبيض بسلطان "المربع الأمني" في الضاحية؟ (2)

حين تخشى أن تنادي صديقاً باسمه في الشارع الذي تسكن فيه

  مشهد من عروض عسكرية لـ "حزب الله" في "المربع الأمني". 

حلقة ثانية من شهادة هارب من بيته في حي الأبيض. وهي تروي مشاهد من "الأيام الخاصة" التي يحييها "حزب الله"، ووقائع عن الهواجس الأمنية التي يزرعها في حياة السكان اليومية. في الأيام التي جعلها "حزب الله" مجيدة ومشهودة في تقويمه الجهادي، التعبوي والحربي، كـ"يوم القدس العالمي" لمبتكره قائد الثورة الاسلامية الايرانية وإمامها آية الله الخميني، ويوم "النصر والتحرير" بعد جلاء الجيش الاسرائيلي عن الشريط الحدودي جنوب لبنان سنة 2000، وغيرهما من ايام اطلالات "سيد المقاومة والتحرير" الخطابية الدورية المحمومة والغاضبة في "مجمع سيد الشهداء" وملعب الراية، حيّة كانت هذه الاطلالات او متلفزة – في الأيام هذه، يصرّ الحزب الخميني اللبناني على احياء طقوسه وشعائره للطغيان الجماهيري الشمولي. فيسيّر على اوتوستراد السيد هادي نصرالله فرق جيشه الاهلي ويحشد جمهوره لاستعراضها على مثال استعراض الأنظمة العسكرية والشمولية والفاشية جيوشها.

تتوقف الحياة العادية، العامة والخاصة، في "المربع الامني" وسائر احياء الضاحية الجنوبية في هذه الايام، التي تنصرف في صباحاتها فِرَق "فنية" الى اقامة منصات ومدرجات على جانبي الاوتوستراد الذي يطلق الحزب فيه وفي غيره من الشوارع القريبة ارصاده الأمنية وعناصر اجهزته التنظيمية والتعبوية، تهيؤا لاستقبال حشود جمهوره الذي أنجز تدريبه على الاستجابة الفورية والآلية للاحتشاد واستعراض القوة والهتاف: "هيهات منا الذلة و"يا الله احفظ نصرالله"، و"زحفا زحفا نحو القدس" و"الصلاة على محمد وآل محمد" و"الله اكبر، الله اكبر"، فيما السواعد والقبضات المشرعة تصفع الهواء الثقيل.

"السير ببال مغمض"

نحن سكان حي الابيض في ناحية من "المربع الامني" شاءت مساراتنا ومصائرنا الاجتماعية والاسرية والشخصية المستقلة الا تشملنا التعبئة والتدريب على الاحتشاد الاهلي والجماهيري الفوري والآلي. فعراضات القوة وهتافاتها لم تخاطبنا ولم تتلاءم مع نمط حياتنا الذي ظلت وجوه من الحياة المدنية للفئات الوسطى الشيعية اللبنانية، مثاله ونموذجه، في منأى من نمط الحياة والعلاقات والتواصل الداخلي الذي صنعه الحزب الشمولي، واشاعه يوما بيوم طوال 20 سنة في الضاحية الجنوبية. ذلك ان التقويم الجهادي التعبوي والحربي في ايامه المشهودة، وسطوة الشهداء والاستشهاد المقدس، واستعراضات الجيش الاهلي المتهيء للزحف الى القدس، وسلطان الحشود الجماهيرية المرصوصة في انتظار اطلالات قائدها الواحد الأوحد لتستقبل كلماته الهابطة اليها من ملإٍ اعلى مقدس فتبعث اهتزازات نشوة صوفية في اسماعها وجوارحها وافئدتها واجسامها المتصلة اتصالا عضوياً - ان هذه الاحوال كلها وغيرها من كيتش الثقافة الشمولية الحربية، لم تسطُ على حياتنا، بعدما جعلتها محطة تلفزيون "المنار" وشبكات التواصل والصهر الجماهيريين لـ"حزب الله"، خبز الحياة اليومية في بيوت اهالي الضاحية الجنوبية.

في الاوقات التي تسبق مواعيد احتشاد الجموع، عبثا تحاول الوصول في سيارتك الى بيتك في اي من احياء "المربع الامني" والاخرى القريبة منه، حيث تزنر الارصفة ومواقف السيارات شرائط صفراء تعلن توقف دورة الحياة العادية، من دون ان تكون على علم مسبق بالمناسبة، ما دامت حياتك تنتظم على ايقاعات الحياة العامة ومواقيتها في المدينة. حينذاك عليك ان تختار بين العودة الى حيث اتيت، وبين ان تقود سيارتك في شوارع جانبية التفافية وصولا الى تخوم منطقة الحدث لتركن سيارتك هناك وتعود سيرا على قدميك الى بيتك، عابرا في شوارع تغيرت معالمها وخلت الا من مشاة بينهم من يشبهونك، وتبادلهم نظرات صامتة تكتم شعورا بأن قوة الحشد الموعود قد حلت مسبقا في المكان، وأقامت حاجزا من الصمت الثقيل بين الواحد ونفسه، وبينه وبين الآخرين؟ نظرات جوفاء يتبادلها اشخاص شبه افتراضيين وعراة من الارادة والحرية، كأن تلك القوة المرتقبة تثقيل عليهم حركتهم وانفاسهم وتحجز بينهم الهواء وتحجّره، فيشعرون أنهم مجوفون من الداخل كآلات بشرية تسعى، فيما ارصاد وعيون خفية تتسلط عليها من الجهات كلها وتحصي حركاتها في مكان ممغنط.

الحاجبات التي احملها سائرا من حيث ركنت سيارتي، تروح تثقل في يدي، فأنقّلها من يد الى يد، ثم اغذ السير لأصل الى بيتي. المسافات والمعالم التي اعرفها وكانت اليفة وعادية، تروح تتباعد او تتقارب، فلا أعود ادرك، الا في صعوبة، اين انا وكم من الوقت يلزمني لأصل، وكم من الوقت مضى عليّ وانا امشي. كأن الاوقات والاماكن والعلامات قد تفككت وصرت غريبا فيها وعنها، وغريبا عن خطواتي وحركاتي ونفسي في متاهة فسيحة بلا حدود ولا معالم. حتى الناس الذين اعرفهم واتخيل وجودهم في اماكن اعرفها، يصيرون متباعدين، ولا اعود قادرا على تخيلهم في اي مكان. فالقوة الخفية التي أخلت الشوارع وأوقفت ايقاع الحياة العادية، هي قوة مغناطيسية طاردة وجاذبة في الآونة نفسها، ومجمدة للزمن والمخيلة. كأنني اسير "ببال مغمض"، على ما كتب الشاعر اليمني نبيل سبيع، ووسم مجموعته الشعرية. اسير سير رجل افتراضي عتيق وخارج الزمن، في طرق لا اعرفها، ولن اصل، او اصل الى بيت لا يعرفني. في مرة من مرات سيري هذا، لم ادر ما الذي نبهني، فجأة الى انني تجاوزت البناية التي فيها بيتي، فوقفت ورفعت رأسي محدّقاً في واجهات البنايات حولي. فاذا بها تدور دورات سريعة مقتربة مني، حتى كادت تنطبق عليّ، وشعرت ان الحاجبات التي احملها تسقط من يديّ من دون ان تصل الى الارض، ثم لمحت شرفة بيتي وسط دوار البنايات المتسارع من حولي. لم اكن وحدي في المكان، لكن وجوه الناس فقدت ملامحها، كأنها معلقة في الفراغ، كالأشياء التي اخليت منها الاماكن في انتظار الحشد الكبير.

"يوم خاص"

في ايامهم هذه، على كل ساكن في اي من احياء "المربع الامني" ان يخلي سيارته من موقفه الخاص في البناية، ويمتنع عليه ركنها في اي مكان من المربع الذي يجب ان يخلو تماما من السيارات. انها ايام للمشاة فقط. المشاة الذين يصير حضورهم وعبورهم في الشوارع الخالية واضحا ومنكشفا على نحو يُشعر العابرين ان حركاتهم وسكناتهم مختصرة وضئيلة أو متضخمة في المكان الذي اتسع وصار فائضا عن الحاجة، وصاروا هم ايضا، المرئيين من الجهات كلها، بلا خصائص شخصية او مكتومي هذه الخصائص، وضئيلين في المكان المتسع الذي فقد ابعاده وصار مسطحا، كأنه معرّض لكشافات خفية او غير مرئية. فقط بنايات وشوارع ومشاة في زمن موقوف وامكنة موقوفة. من يرغب في مغادرة بيته في هذه الايام، يقول له امنيّوها ان عليه ان يعطيهم مفتاح بيته، لأن الخطة الامنية تستوجب انتشار الارصاد في البنايات كلها لمراقبة الشوارع من زوايا النظر المختلفة والكثيرة، وخصوصا في مناسبات العروض العسكرية للجيش الحزبي والأهلي الذي تتدلى فرقة منه على الحبال المشدودة الى سطوح البنايات وفوق الشوارع بين البنايات.

كيف اعطيكم مفتاح بيتي؟! يسألهم الراغب في مغادرة بيته، فأنا ذاهب الى عملي وسوف أعود، يقول متابعاً. لكن أين ستوقف سيارتك إذا عدت؟ يسألونه مجدداً. مهما كان جوابه يصرّون على الحصول على المفتاح، قائلين: ولو ما بتأمنّا على بيتك؟ّ نحن مسؤولين عن كل شيء في المنطقة، وهل سيجيء الى عندك أحد من خارج المنطقة؟ يتابعون سائلين.

ليست المسألة مسألة أمن وتأمين وخوف على المقتنيات البيتية، يقول لهم الرجل، بل مسألة أن يأخذ منك شخص لا تعرفه مفتاح بيتك ويستعمله في أثناء غيابك عنه. فهل يعطيني أحدكم مفتاح بيته إذا طلبته منه؟ يتابع متسائلاً، قبل أن يقول إنه امر يتعلق بالخصوصيات.

مثل هذه المناقشة تؤدي الى اعتبار الشخص المناقش غير مستجيب أو غير مطيع، بل خارج على الانتظام العام في "المربع الامني"، لكن من دون أن يفقد رجال الأمن رباطة جأشهم واسلوبهم الملاطف للوصول الى غايتهم.

حين يبدأ العرض العسكري، يجب على سكان البنايات ألا يجلسوا أو يقفوا على شرفات بيوتهم، بل يأوون الى داخلها ويغلقون الستائر الخارجية للشرفات، حتى نهاية العرض. وفي مثل هذه الاوقات تضيق دواخل البيوت شبه المحاصرة، وتتحول ما يشبه مآوي أو ملاجئ عميقة لساكنيها الذين يحارون إن كانوا يشعرون بإلفة داخلية مضاعفة أم بشيء من الانقباض الداخلي، فيما شاشة تلفزيون "المنار" تبث وقائع العرض الذي يجري أمام البنايات وشرفاتها. إنه حقاً وتماماً يوم كاليوم "الخاص" الذي صوّر في أحد الافلام الايطالية في زمن الفاشية.

زمن البيوت الداخلي منفصل عن زمن الخارج، لكنه مسكون ومتصل به على نحو يرغم الساكنين على عطالة نهارية غير معتادة تجعل الوقت البيتي والعلاقات البيتية الخاصة مشوبة بالفراغ والانتظار. وقت راكد حتى اللزوجة واستعادة تسليات قديمة مملة، كألعاب الداما، والباصرة والطرنيب والليخا ولـ14 بورق الشدة، فيما العالم الخارجي الأبعد من "المربع الأمني" والضاحية الجنوبية، ينقطع وينأى، كأنه في بلاد أخرى بعيدة.

استبطان الهاجس الأمني

لم يكن أي من ساكني بنايتنا في حي الابيض يميل الى حزب من الاحزاب، لا الى حركة "امل" ولا الى "حزب الله" ولا الى غيرهما. ويمكنني القول ايضاً إن ساكني الحي في معظمهم كانوا أسراً نواتية منصرفة الى أعمالها وشؤونها وتحصيل معاشها، والى علاقاتها الاجتماعية والشخصية، في منأى من النعرات والعصبيات الاهلية والسياسية الدارجة. لكن الهاجس الامني الدائم لـ"حزب الله"، والذي ناء بثقله على الساكنين المدنيين والمستقلين هؤلاء، وراح يتراكم ويتضاعف مع مرور الوقت وتكاثر "الايام الخاصة" و"المسح الأمني"، سرعان ما بدأ يتسلل الى حياتهم وعلاقاتهم، ليتحول هاجساً يتبادلونه في صمت، رغماً عن إرادتهم، وعلى نحو لاشعوري، ما دام كل شخص منهم صار يستبطن شعوراً فردياً بأنه مراقب ومرصود، وهدف غير معلن للاستطلاع الخفي والمساءلة العلنية التي تتضاعف على كل من لا يبدي ترحيباً وقبولاً بديهياً بها، فيصير هذا الشخص معرضاً للشك والريبة والحذر. وهذه لا بد أن تتسلل الى نفسه وتسكنها، كأنه أصيب بعدوى لا سبيل ا لى تجنبها وردها، فيفقد حسه العادي السليم، ويتحول بدوره شخصاً أمنياً مستريباً وحذراً، بعد شعوره بأن شيئاً ما ينقصه ليصير على الصورة التي يرغبون أن يكون عليها.

ينزع استبطان الريبة والحذر هذين الى تخريب العلاقة بين الشخص ونفسه وبينه وبين الآخرين. فأنا من لم أنتبه الى انتماءات جيراني ومعارفي في الحي، ولم أتساءل في نفسي ولا سألتهم مرة عنها، رحت استبطن هذه الاسئلة. ولكثرة ما سُئلت عن الاشخاص الذين يزورونني في بيتي، وهم من اصدقائي، صرت أحسب ألف حساب لزياراتهم وأشعر بشيء من الضيق اللاإرادي في حضورهم ومجالستي إياهم، كأنني أروح أفكر مسبقاً بالمعلومات التي عليّ أن أقدمها عنهم لسائليّ المرتقبين. ذلك لأن من لا يستجيب لما يُسأل عنه، يروح السائلون يستطلعون من جيرانه أو من أولاد في الحي ما يريدونه من معلومات عن أحواله وأحوال زائريه. وليس ضرباً من الخيال أن يبدأ أولاد من الحي بالتقرب من "حزب الله"، بعدما يُسالون عن أخبار ساكنيه وزائريهم، فيروحون يزورون مكتب الحزب ويقدمون من تلقاء أنفسهم ما يحلو لهم من المعلومات عن الناس. وعليك أن تتخيل في هذه الحال اي نوع من السموم تداخل حياة البشر وعلاقاتهم.

من هذه السموم أنني صرت أحذر أن أنادي في الشارع شخصاً من معارفي باسمه الذي ينم عن دلالة طائفية محددة. أحذر وأضطرب وأخاف كأنني ارتكب فعلة شائنة. فأي حياة هي هذه، حينما تخشى أن تنادي شخصاً صديقاً باسمه في شارع الحي الذي تسكن فيه؟!

الأحد المقبل حلقة ثالثة

محمد أبي سمرا