تلخيص سياسّي حول آخر التطوّرات ليوم 14 شباط 2008

1-شكل الإحتفالُ بالذكرى الثالثة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري اليوم حدثاً كبيراً وبارزاً:

كانَ الحشدُ الجماهيريّ كبيراً جداً: مليون ونصف المليون بحسب المقدّرين، بين الساحة ومداخل العاصمة بالرغم من رداءة الطقس، بل كان أكبر من السنوات السابقة.

هذا الاحتشاد يثبّت أنّ الأكثريّة أكثريّة شعبيّة فعليّة، بل هي تزيد قوّة عاماً بعد عام.

الأسباب في ذلك كثيرة. بيد أنّ الإحتشاد المليونيّ هذا العام يعكس إحتقاناً وغضباً من الفريق الآخر، ويعكس رفضاً للتحديّ من جانب النظام السوريّ و"معارضته"، ويعكس تعطشاً إلى إستكمال الإستقلال وقيام المؤسّسات بدءاً من رئاسة الجمهوريّة.

2-وبرَز الحضور المسيحيّ وازناً هذا العام أكثر من السنوات السابقة:

هذا يعكس توازن القوى بينَ مسيحيي الإستقلال و14 آذار، وبين الحالة العونيّة.

لا بل يعكسُ انعدام الوزن العونيّ مسيحياً.

وفي الساحة شهدنا "النهاية العونيّة" لصالح البطريرك ومرجعيّته الإستقلاليّة ولمسيحيي 14 آذار.

3-من موقع القوّة المتجدّدة، من موقع الأكثريّة الشعبيّة الساحقة، توجّه الذكرى هذا العام رسالتين إلى الداخل:

إلى الفريق الآخر، هي أكثر من رسالة إثبات وجود، رسالة تأكيد على انّ مشروعه الإلغائي مستحيل، ورسالة إفهام بانّ التوازن الداخليّ ليس معه.

وإلى فريق 14 آذار، تقول انّ اللبنانيين يلبّون من جديد، وأكثر من ذي قبل فلا تخذلونا.. أي انّ المليون ونصف المليون يحملونا مسؤوليّة كبرى.

4-أمّا باتجاه الخارج، فرسالتان أيضاً على الأقلّ:

رسالة بانّ على النظام العربيّ أن  يشاهد حجمنا، وبانّه عندما يدعمنا فانّه يدعم أكثريّة فعليّة.

ورسالة بانّ على النظام العربيّ تشديد الضغط على النظام السوريّ. وهذا ما ينبغي أن يُترجم بعدم إنعقاد القمّة ما لم يكن تمّ انتخاب رئيس للبنان.

ورسالة إلى المجتمع الدوليّ بانّ هذه الأكثريّة التي أخرجت الوصاية السوريّة وتمسّكت بالعدالة الدوليّة، لا تزال الأكثريّة.

5-وإذا كانت الخلاصات السابقة تدفعنا إلى الإعتقاد انّ ما جرى أمس يشكل قوّة دفع ويطلق ديناميّة إستقلاليّة متجدّدة، على قيادة 14 آذار التمعّن في درس كيفيّة التوظيف السياسيّ والمتابعة، فانّ النظرة إلى الساحة الأخرى في الضاحية الجنوبيّة، تقود إلى ما يأتي:

واظب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بمناسبة تشييع عماد مغنيّة على اتهام إسرائيل باغتياله في دمشق.

لكن السؤال في حالة عماد مغنيّة ليس: من قتله؟ بل: كيف تمكن القاتل من قتله؟

والحال انّ نصرالله هرب من هذا الموضوع أي انّه "بلع" حقيقة انّ ثمّة تواطؤاً سوريّا – في الحدّ الأدنى – على قتل مغنيّة.

و"صعّد" في التحالف مع النظام السوريّ.

وردّ على اليد الممدودة بالتصعيد ضد 14 آذار في حديثه عن رفض "لبنان الإسرائيليّ والأميركيّ".

وبدا منزعجاً من مشهد ساحة الشهداء ومرتبكاً – أي محشوراً – بازاء الإحتشاد.

لا نتوقف اليوم عند توعّده بزوال إسرائيل من الوجود وبحرب مخابراتيّة مفتوحة على مدى العالم، فذلك ما ستتمّ العودة اليه في وقت لاحق.