المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
أخبار يوم
01 كانون الثاني/2010

سنة جديدة مباركة على أهلنا ووطننا

إنجيل القدّيس يوحنّا 1/1-18

في البَدْءِ كَانَ الكَلِمَة، والكَلِمَةُ كَانَ مَعَ الله، وكَانَ الكَلِمَةُ الله. كانَ الكَلِمَةُ هذَا في البَدْءِ معَ الله. كُلُّ شَيءٍ بِهِ كُوِّن، وبِغَيْرِهِ مَا كُوِّنَ أَيُّ شَيء. كُلُّ مَا كُوِّنَ بِهِ كَانَ حَيَاة، والحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاس، والنُّورُ في الظُّلْمَةِ يَسْطَع، والظُّلْمَةُ لَمْ تَقْوَ عَلَيْه. كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ الله، إِسْمُهُ يُوحَنَّا. جَاءَ يُوحَنَّا هذَا لِلشَّهَادَة، لِيَشْهَدَ لِلنُّور، فَيُؤْمِنَ الجَمِيعُ عَلى يَدِهِ. مَا كَانَ هُوَ النُّور، بَلْ جَاءَ يَشْهَدُ لِلنُّور، لأَنَّ النُّورَ الحَقيقيّ، الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان، كانَ آتِيًا إِلى العَالَم. في العَالَمِ كَانَ الكَلِمَة، والعَالَمُ بِهِ كُوِّن، والعَالَمُ مَا عَرَفَهُ. إِلى بَيْتِهِ جَاء، وأَهْلُ بَيْتِهِ مَا قبِلُوه. أَمَّا كُلُّ الَّذينَ قَبِلُوه، وَهُمُ المُؤمِنُونَ بِٱسْمِهِ، فَقَدْ أَعْطَاهُم سُلْطَانًا أَنْ يَصيرُوا أَولادَ الله، هُمُ الَّذين، لا مِنْ دَمٍ، ولا مِنْ رَغْبَةِ جَسَد، ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ وُلِدُوا.  والكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وسَكَنَ بَيْنَنَا، ورَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ٱبْنٍ وَحيد، آتٍ مِنَ الآب، مَلآنَ نِعْمَةً وحَقًا. لَهُ يَشْهَدُ يُوحَنَّا، وقَدْ هَتَفَ قَائِلاً: «هذَا هُوَ الَّذي قُلْتُ فِيه: إِنَّ الآتي ورَائِي قَدْ صَارَ قُدَّامي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلي». أَجَل، مِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ كُلُّنَا أَخَذْنَا نِعْمَةً تِلْوَ نِعْمَة. عَلى يَدِ مُوسَى أُعْطِيَتِ التَّوْرَاة، وعَلى يَدِ يَسُوعَ المَسِيحِ صَارَتِ النِّعْمَةُ والحَقّ. أَللهُ مَا رَآهُ أَحَدٌ البَتَّة: أَلٱبْنُ الوَحِيدُ الله، الكَائِنُ في حِضْنِ الآب، هُوَ الَّذي أَخْبَرَ عَنْهُ

 

مقتل خمسة كنديين في افغانستان 

وكالات/اعلن قائد القوات الكندية في افغانستان الجنرال دانيال مينار ان اربعة جنود وصحافية كنديين قتلوا في انفجار عبوة ناسفة عند مرور آليتهم في قندهار معقل طالبان في جنوب شرق افغانستان. وقال ان "كندا فقدت امس خمسة من مواطنيها هم اربعة جنود وصحافية قتلوا في انفجار عبوة ناسفة الصنع بينما كانوا يقومون بدورية في مدينة قندهار". واوضح مينار ان الهجوم اسفر عن اصابة مسؤول كندي مدني ايضا بجروح. وذكرت شبكة التلفزيون الكندية سي بي سي ان الصحافية تدعى ميشال لانغ وتعمل لصحيفة "كالغاري هيرالد". وكانت هذه مهمتها الاولى في هذا البلد. وهي اول صحافية كندية تسقط في افغانستان. وقال الجنرال ميران في كلمة نقلتها قنوات التلفزة الكندية ان "الجنود كانوا يقومون بدورية تماس تهدف الى جمع معلومات والى ضمان الامن في المنطقة". واوضح ان "الصحافية كانت معهم للاطلاع على ما يفعله الجنود الكنديون في افغانستان", مقدما تعازيه الى الكتيبة الكندية وعائلات الضحايا واصدقائهم.

رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر قدم تعازيه الى عائلات الضحايا, مشيرا الى ان الجنود الكنديين "سقطوا بينما كانوا يحاولون مساعدة الافغان على بناء مستقبل افضل" ويقومون "بنشر القيم الكندية". ودعا هاربر الى "عدم نسيان" الصحافيين الذين يخاطرون بحياتهم اثناء وجودهم "الى جانب رجال ونساء القوات الكندية في مناطق هي من بين الاخطر في العالم". وبذلك يرتفع الى 138 عدد الجنود الكنديين الذين قتلوا في افغانستان. وجاء الاعلان عن مقتل الكنديين الخمسة بعد ساعات من اعلان واشنطن عن مقتل الاميركيين الثمانية. وتنشر كندا حوالى 2800 جندي في منطقة قندهار التي تعتبر معقلا لحركة طالبان في جنوب افغانستان. ومن المقرر ان ينسحب هؤلاء الجنود في 2011.

 

 تبًّا لنهاية الـ2009

عــمـاد مــوسـى

الخميس 31 كانون الأول 2009

  بدلاً من أن تودّع السنة مرتاحاً إلى وجه مضيء، مطمئناً إلى طيف ابتسامة، متفائلاً بقبلة لطيفة على جبين التعب، مراهناً على مطر يُنبت الأحلام، مستعداً لغدٍ تطرّزه عصافير الفجر وقصائد المساء، مشرّعاً القلب على كلمات وألحان، منتظراً جرعة حنان وأمل تكفيك لسنة... بدلاً من كل ذلك تودّع السنة مع محمد رعد... كخاتمة لسنة محفوفة بالأمال والأشواق والنوايا الطيبة..! قد يقول قائل: ما لك وله؟ إنسه. تجاهله؟  أنساه؟ دا كلام؟ كيف أنسى من يُمنّني بآخر وقفاته العنجهية، أني كلبناني معترض على المقاومة الإسلامية وسلاحها، مدين للمقاومة التي يمثلها، بحرية الكلام والتعبير... والمعتقد ضمناً.  أتجاهله؟ وهو يعلن بكل عنجهية أن خيار المقاومة أبقى ألسنة في أفواه من يناقش المقاومة وسلاحها. وبأي كماشة كانت ستسحب الألسنة؟ كماشة إيهودا باراك؟ أو نتنياهو؟ وبأي سكين كانت ستُقطع؟ سكين تسيبي ليفني أو سكين ليبرمان. فهل علينا أن نشكر الحاج لأنه حال دون  قطع الألسنة؟ هل على كل مولود "حرّ"  بعد العام 1955، رجلاً كان أو ولداً، أن يطبع قبلة على يد العم محمد أو أن يقبل كتفه العريض كلما مد  لسانه مثل آنشتاين؟ هل نحن بحق نتمتع بحرية وفّرها لنا ويوفرها من ينتهج فكراً وثقافة لا تقيم وزناً لحرية الفرد ولا لحرية الجماعة المعارضة ولا لحرية الإختلاف.  وهل ثقافة محمد رعد تتآلف مع الحرية وهي تتماهى مع ثقافة العنصرية والفوقية؟

محمد رعد يمثّل ثقافة الجهاد المستمر بالأصالة والوكالة عن الأمة.  ثقافة تعميم المغامرات المٌكلفة. ثقافة الرجم والشنق لسبب يتعلّق بنزوة أو سلوك. ثقافة التحريم وفتاوى القتل.

ثقافة الوفاق الفوقي. ثقافة الفرض وافتراض التفوّق النوعي. ثقافة الموت لأمريكا والشياطين. ثقافة الإيديولوجيا المغلقة. ثقافة الذمية الجديدة. ثقافة التهديد والوعيد.  ثقافة الصور الكبيرة. 

ثقافة العداء للغرب ولـ 95 % من الكرة الأرضية. الثقافة المعادية لكل أنواع الثقافة والإنفتاح. ثقافة التشدد والتزمت والهيمنة والتعبئة الدائمة. ثقافة العبوس وطقطقة المحابس. ثقافة احتكار الطهارة وتنفيذ مشيئة الله في الشرق الأوسط. ثقافة القوة التي تجيز وتحرّم وتوزع الشهادات بالوطنية. ثقافة تخوين الأحرار. ثقافة الأذن المصبوبة والدماغ المبرمج المؤدلج.  ثقافة  الإدعاء الكثيف بفهم كل المعادلات. ثقافة الوجوه المكشرة والمكفهرة قاطعة الرزق في ربيع العمر. أودّع السنة على عنجهية محمد رعد، وريث الفكر الإستكباري التوتاليتاري بكامل أناقته وسحر ابتسامته الصفراء.  أودع السنة وكلام محمد رعد قاعد بكل ثقله على قلبي مثل الغمة. ... تبًّا لنهاية الـ 2009.

 

المسيحيون أخوتنا وليسوا أهل ذمتنا

النهار/بقلم محيي الدين شهاب   

لم أصدق اذناي وانا اسمع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يتوجه الى اخوتنا المسيحيين وشركائنا في الوطن بجملة "النصائح والتحذيرات" وكأنهم مواطنون من درجة عاشرة او كأنهم جاؤوا من هونولولو واستوطنوا في لبنان، او في احسن الاحوال وكأنهم مجموعة من البشر الضالين الذين يحتاجون الى ارشاد وهداية للطريق التي يجب ان يسلكوها وكيفية بناء علاقاتهم الوطنية والانسانية، بل واكثر من ذلك تهذيب صفاتهم واخلاقياتهم الانسانية والاجتماعية. ان يبلغ فائض القوى لدى الانسان ان يفقد بوصلته فيصنّف نفسه فوق بني البشر وينصّب شخصه قاضياً ومدعياً عاماً يقرر وفقاً لهواه ومعتقداته ان هذا وطني وذاك خائن وتلك الجماعة مؤمنة والاخرى كافرة، ومن يفعل ويقول كذا فهو معنا وعكس ذلك فهو ضدنا، وهذا في الجنة وذاك في النار، في سلسلة لا اوّل لها ولا آخر من تنميط الآخر ورفضه، الا اذا جاء راكعاً مستسلماً، وعدا ذلك فهو عدو نهادنه لمدة سنة او اقل او اكثر، لا هو شريك في الوطن ولا في الانسانية براء منه براءة الذئب من دم يوسف فهذا ما لم يصله اي فريق لبناني، لا سابقاً ولا لاحقاً.

لعل هذا المنطق الذي افصح عنه جلياً السيد حسن نصرالله هو منطق "حزب الله" ومن يؤيده ويحازبه، ولكن هل هذا الموقف هو موقف المسلمين في لبنان من اخوتهم وشركائهم المسيحيين؟ حتماً كلا، وعلى المسلمين من علماء الدين واحزاب وجمعيات اهلية ومجتمع مدني ان ترفع الصوت رافضة هذا المنطق وتوضح دون لبس ان رؤيتها للشريك والاخ المسيحي تختلف جذرياً وكلياً عن موقف "حزب الله"، ومن جهة ثانية على المسلمين الشيعة ممن لا يؤيدون خطاب السيد نصرالله حيال المسيحيين ان يدلوا بدلوهم لاظهار ان للشيعة في لبنان وجهاً آخر يختلف عما يروجه "حزب الله" من مواقف وعلى كل حال فلا بد من ايضاح موقف المسلمين السنة في لبنان من المسيحيين لئلا يخلط الحابل بالنابل وتظهر الامور وكأن موقف السيد نصرالله يمثل كل المسلمين مما يثير التباساً لدى جمهور المسيحيين.

اولاً - ان المسلمين السنة في لبنان يعتبرون المسيحيين اخوة وشركاء في الوطن يفرحنا ما يفرحهم ويحزننا ما يحزنهم متكافئين متساوين في الوطنية والحقوق والواجبات ينظّم علاقاتهم السياسية الدستور ومؤسسات الدولة.

ثانياً - ان المسلمين السنة يعتبرون ان الشريك المسيحي هو الآخر المقبول لديهم دينياً كونهم نصارى من اهل الكتاب ووطنيا كونهم لبنانيين اصيلين، وبالتالي فإن ما يحكم علاقتنا بهم هو القبول والرضى والحوار والمشاركة والاحترام المتبادل فالمسيحي اللبناني هو اقرب الينا بالوطنية والحياة اليومية من المسلم السوري او المصري.

ثالثاً - ان المسلمين السنة يعتبرون ان للمسيحيين فضلاً في قيامة الدولة اللبنانية والكيان اللبناني، وبالتالي فإنهم يستحقون درجة اضافية من التكريم المادي والمعنوي وكانوا سباقين في الحفاظ على لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات.

رابعاً - ان المسلمين السنة يعتبرون انه وان كان ثمة خلافات او اراء متنوّعة في بعض المواضيع مع المسيحيين فإن طريق حلها هو الاحترام والحوار وقبول هواجس الآخر ولا يقبل السنة على الاطلاق ولا يمارسون اي عملية "نصائح وتحذير" للمسيحيين بأية ذريعة، خصوصاً بعد قبولنا فكرة الكيان اللبناني وطناً نهائياً للمسلمين كما هو للمسيحيين.

خامساً - ان المسلمين السنة يعتبرون ان كلام السيد حسن نصرالله لا يمثلهم وغير معنيين به، وبالتالي فهم لا يتحملون اي وزر في التعامل معه ولا اعتقد انه يجب التذكير بأن الطائفتين اسلاميتان، الا انهما تختلفان كل الاختلاف في المواضيع التي تثار في البلد، ولدى كل منهما رأي ووجهة نظر غير متفقة في مجملها وكل طائفة منهما منفصلة عن الاخرى كلياً سواء في السياسة والدين والاجتماع.

يبقى القول ان قيام الدولة ومؤسساتها هي الوعاء الكبير الذي يستوعب جميع اللبنانيين ودون ذلك سيبقى اللبنانيون قبائل متناحرة تلعب بها الدول الخارجية فذات يوم اخطأ الموارنة والمسيحيون بفائض القوة الغربية والاسرائيلية، وبعدهم اخطأ السنة بفائض القوة الفلسطينية وسلاح ثورتها واليوم يخطئ الشيعة بفائض القوة الايرانية، وكأنما لم يتعلم اللبنانيون من دروس الماضي وعبره الدموية القاتلة التي دمرت لبنان وكادت تزيله من الوجود، وكيف عندما اتفق اللبنانيون ولو على الحد الادنى من شعارات السيادة والحرية والاستقلال وبناء الدولة والمؤسسات دحروا كل المحتلين والطارئين وطردوا الغرباء المتحكمين برقابهم لعقود طويلة من ازمنة الجريمة والقتل والارهاب.

اسمح لنا يا سيد حسن ان نقول لك وبالفم الملآن "لا" ففائض القوة لديك كان عندنا من قبلك، وعند المسيحيين من قبلنا، وكلنا لم نصل الى نتيجة، فلماذا تدفع الجميع الى العودة الى اخطاء الماضي وبصراحة كلية تدفع الجميع الى الخوف والبحث عن الملاذات الآمنة ميليشيات وسلاحاً ومدداً اقليمياً او دولياً؟

ايها المسيحيون انتم اخوتنا ولستم اهل ذمتنا ولا نقبل لكم ان تكونوا كذلك وان كان البعض تأخذه نشوة انتصار يراه كذلك فهو سيعود الى ادراك الاخطاء المتكررة تارة هنا معكم وتارة هناك معنا.  

 

المطران الراعي يعتبر أن نصح المسيحيين يكون من الكنيسة و«حزب الله» يؤكد أن حلفاءه منهم شركاء أساسيون في القرار

الخميس, 31 ديسيمبر 2009/بيروت - «الحياة»دخل راعي أبرشية جبيل المارونية المطران بشارة الراعي على خط الردود على المواقف التي أطلقها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء والتي اعتبرها سياسيون لبنانيون تهديداً للمسيحيين في لبنان، وطاول في رده رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون.

وقال الراعي لوكالة «أخبار اليوم» إن تشبيه عون لذكرى عاشوراء بأسبوع الآم السيد المسيح «ربط في غير محله، إن آلام المسيح وموته هي لفداء الجنس البشري». وشدد على «أن الكنيسة تولي اعتباراً لكل ما هو حق ومقدس في الأديان. وتحترم طرق عيشها وعباداتها ومعتقداتها». ورداً على «تكاثر توجيه النصائح للمسيحيين»، قال الراعي انه «إذا جاز النصح فيكون من السلطة الكنسية التي هي مرجعيتهم بوصفهم مسيحيين. وكذلك الأمر بالنسبة الى أبناء الديانات الأخرى. فلا يحق لأحد، غير أصحاب السلطة الروحية، أن يوجه كلاماً عاماً لهم. وإلا أدرج هذا «النصح» في إطار الاستكبار والتحريض على الفتنة».  وشدد على انه «لا يجوز على الاطلاق الربط بين الانتماء الديني والشأن السياسي، لأن مثل هذا الربط تسييس للدين، ونحن نرفضه بالمطلق»، لافتاً الى «أن النظام السياسي اللبناني يفصل بين الدين والسياسة». وعن الرسالة التي وجهها نصر الله الى المسيحيين في ذكرى عاشوراء، قال الراعي: «نحن لا نقبل مثل هذا الخطاب الذي يسيس الدين، ويوحي كأن نظامنا السياسي في لبنان يميل الى التيوقراطية التي تجمع الدين والدولة. بل يجب أن نقرأ «التسويات والمتغيرات الحاصلة في المنطقة» من منظار لبنان وشعبه ككل، لا من منظار هذه أو تلك من طوائفه الدينية، فإما تكون على حساب لبنان وشعبه أو لا تكون. نحن من جهتنا نؤمن أن لبنان بطوائفه كلها جسم واحد لا يقبل الاجتزاء. وكل اللبنانيين في مركب واحد يصل بهم إما الى ميناء السلام وإما يغرق بهم جميعاً».

ورأى «أن مثل هذه القراءة تدل على انجراف في سياسة المحاور الإقليمية والدولية، وعلى التمحور في أحلاف خارجية تخوض صراع مصالح ونفوذ على أرض لبنان، وعلى حسابه، وهذا ما حذرت منه شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان، وإذا كان لا بدّ من حماية لبنان وشعبه، وهذا واجب علينا جميعاً، فيجب العمل على جعل لبنان مقراً دولياً لحوار الحضارات والأديان، الذي طالب به رئيس الجمهورية ميشال سليمان من على منبر منظمة الأمم المتحدة، وبالتالي السعي الى تحييد لبنان مع تعزيز قدراته الدفاعية، وانفتاحه على جميع الدول بروح الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل، مع التزامه قضايا المنطقة والعالم في كل ما يختص بالسلام والعدالة والحقوق وترقي الشعوب».

وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية نواف الموسوي، خلال حفل تأبيني في الجنوب: «نحن شركاء أساسيون في القرار اللبناني الآن، وحلفاؤنا المسيحيون (كذلك)... نحن وقفنا على خاطر حلفائنا ولم نمش من دونهم. هم هامشيون في القرار، لذلك لندع الاستفزاز جانباً لكي نتفادى الفخ الأميركي الذي يسعى الى استدراجنا إلى إبقاء السجال قائماً لتبقى المقاومة وجمهورها مستنزفين».

وكان عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي نبيل نقولا وصف دعوة نصر الله المسيحيين الى نقاش هادئ بأنها «موجهة الى كل المسيحيين الذين ومنذ ثلاثين عاماً كان لديهم نوع من الخوف من الآخر، والدعوة موجهة الى الفريق المسيحي الذي كان يسمى بـ 14 آذار والأكيد انه كان يقصد فترة الحرب الأهلية». وقال نقولا لإذاعة «الشرق»: «إن في اليوم الذي يستعمل فيه سلاح المقاومة في الداخل، حينها نعتبر أنه أصبح يشكل خطراً، وعندما استعمل السلاح في 7 أيار، ونأمل بألا يتكرر، في ذلك الوقت الفريق الآخر لم يكن يحارب بالورد والزهور، ونحن نأسف لأن اللبنانيين يحملون السلاح ضد بعضهم بعضاً. ولكن لا أعتقد أن الصواريخ البعيدة المدى استعملت وإنما استعمل السلاح الموجود مع كل واحد في بيته».

واعتبر النائب إميل رحمة أن «الإنصاف يقضي بأن نتطلع الى ما قاله السيد نصرالله بإيجابية لأنه لمصلحتنا». وقال لقناة «المنار»: «خطابه لا يتضمن تهديداً مبطناً ولم يسد النصح لأحد، قال رأيه بصراحة وصدق»، مشيراً الى أن «السيد نصرالله شريكنا اللبناني».

في المقابل، دافع النائب نديم الجميل وفي تصريح بعد زيارته رئيس الحكومة سعد الحريري عن الطعن الذي كان حزب الكتائب في صدد تقديمه الى المجلس الدستوري، مؤكداً «أن هذا حق لأي نائب أو أي حزب أن يقترح مثل هذا الأمر، ولكن للأسف لم نتمكن من الحصول على التواقيع الكافية من النواب لتقديم هذا الطعن، ويبقى ذلك مشروعاً يمكن استعماله في الوقت المناسب».

واعتبر النائب السابق مصطفى علوش انه «لو اجتمعت كل أمم الأرض وقالت إن سلاح «حزب الله» شرعي سنقول انه غير شرعي طالما هو خارج إطار الدولة اللبنانية». وقال لـ «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إن «الخلاف في شأن موضوع سلاح حزب الله ليس على ضرورة الإبقاء على الجاهزية الكاملة لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي بل هذه مسألة طرحت في الإعلام لضربنا ولكن ما نطرحه هو ضرورة أن يكون هذا السلاح بأمرة الدولة اللبنانية وكذلك قرار السلم والحرب».

 

شخصيات ووفود مهنئة بالاعياد في بكركــي صفير عرض وشهيب ملف المهجرين والعودة

المركزية - عرض البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير مع وزير المهجرين اكرم شهيب الذي زاره مهنئا، برنامج عمل الوزارة وملف المهجرين، والسبل الآيلة الى تثبيت العودة بعد مصالحة الجبل التاريخية التي تمت في العام 2001 برعاية البطريرك صفير. كما اطلع البطريرك صفير من المدير العام لامن الدولة العميد الياس كعيكاتي الذي جاء مهنئا بالاعياد، على عمل المديرية لاسيما التعاون القائم بين المؤسسات الامنية، ووضع قوى من امن الدولة لمؤازرة عمل عناصر قوى الامن الداخلي في فترة الاعياد.

ومن الزوار ايضا وفد جامعة الروح القدس - الكسليك ضم رئيس الجامعة الاب هادي محفوظ والاباتي بولس نعمان ونواب الرئيس وعمداء الكليات ومديري الاقسام في الجامعة، ثم راعي ابرشية مار شربل في الاردن المونسنيور جورج شيحان الذي اطلعه على مسار بناء الكنيسة في الاردن، والتسهيلات التي تقدمها سلطات المملكة لذلك، متمنيا ان يتم تدشينها عند الانتهاء الكامل من البناء برعاية البطريرك صفير.

بعدها استقبل وفدا من ابرشية ميلانو الايطالية برئاسة خادم رعية ومرشد الرعية الجامعية الاب بورتولو يرافقه المونسنيور منير خيرالله وملتزمون بالراعوية الشبابية في الابرشية. فرئيس اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية المطران بطرس الجميل الذي جاء للتهنئة بالاعياد وقدم للبطريرك مجموعة من الكتب الطقسية للايقونات المارونية.

ثم التقى على التوالي المطران المتقاعد جون شديد، وفدا من جمعية لبنان الموحد برئاسة الدكتور ميلاد السبعلي، الوزير السابق يوسف سلامة، الوزير السابق خليل الهراوي الذي شدد على "ضرورة المضي قدما في تأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية"، اذ رأى فيها "المنبر الضروري والسليم للالتقاء حول افكار وطنية لالغاء الطائفية السياسية". ورأى ان "رئيس مجلس النواب نبيه بري قد تأخر 15 سنة عن العمل لتأليف هذه الهيئة بعدما راسل الرئيس المغفور له الياس الهراوي المجلس النيابي طالبا من الرئيس بري تأليف هذه الهيئة".

كذلك استقبل البطريرك صفير الوزير السابق جان لوي قرداحي الذي زاره معايدا.

 

زهرا اعتبر أن 7 أيار كان انتحارا لمنطق المقاومة: كلام نصرالله حمل تهديدا مبطنا واستفز المسيحيين

المركزية - رأى عضو كتلة القوات اللبنانية النائب انطوان زهرا أن "7 أيار كان انتحارا لمنطق المقاومة"، ولفت الى أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان "يحمل تهديدا مبطنا واستفز المسيحيين". ولفت في حديث تلفزيوني الى "عوامل مؤثرة على الحياة السياسية اللبنانية، فـ 7 ايار انتج تسوية الدوحة ومنطق 7 ايار ما زال ماثلا في الأذهان، خصوصا في الخطاب السياسي المتجدد في الأيام الأخيرة والنصائح الثمينة التي تعطى للمسيحيين لإعادة النظر في خياراتهم، والتي هي غير مقبولة تماما". وقال: لن نقبل بأن يتغير النظام، فإما ان يبقى لبنان تحت سقف الطائف والشراكة الوطنية والمناصفة وإحترام خصوصيته وتنوعه كوطن للجميع، وإما لا يبقى. وذكر أن "رئيس الحكومة سعد الحريري قال إن تشكيلة الحكومة إستثنائية لا يمكن ان تحل مكان النظام الديموقراطي في لبنان"، لافتا الى أن "تسوية الدوحة كانت إستثنائية نتيجة إستعمال السلاح في الداخل وأزمة الفراغ في السلطة، ومفاعيلها انتهت مع إنتهاء الإنتخابات النيابية في حزيران 2009. واعتبر أن "7 ايار إنتحار لمنطق المقاومة، ودخول بمنطق الفريق المسلح الفئوي الذي لا يمكن ان يضع يده على لبنان". وقال: ان منطق إتهام الآخرين بالرهان على الخارج وتحديدا على اميركا وإسرائيل يشير الى أنهم "مستقتلون" على ان يراهن احد على اميركا وإسرائيل كي يستطيعوا إستعداءه ولكنهم على خطأ. وسأل: من يريد ان يدخل عصرا أميركيا إلا من يخون بمنطق التذكير بالغلبة بشكل دائم حتى عندما يدعو الى الهدوء والتفكير المتبصر بالخيارات؟

وعن حديث الدكتور سمير جعجع أوضح زهرا أنه قال إن "إسرائيل لا تعتدي إذا لم تعط مبررا خصوصا مع وجود 30 الف جندي نصفهم لبناني والآخر دولي، وهو تكلم عن مرحلة من توقيع إتفاق الهدنة وحتى العام 1965 ولم يتكلم عن مراحل أخرى، بل عن مبررات وذرائع تعطى لإسرائيل للاعتداء".

وقال: "ان خيارنا هو ان تقوم الدولة اللبنانية بالدفاع عن ارضها بكل الإمكانات المتاحة لديها ومن أهم هذه الإمكانات سلاح حزب الله، ولكن بإشراف الجيش اللبناني والدولة اللبنانية، وانا لا أقول ان يجرد لبنان من كل موارده التي يستطيع إستعمالها في الدفاع، ولكن لا يمكن ان نعطي هذه المقاومة شخصية معنوية مستقلة وهي اليوم مقاومة إسلامية لا وطنية".

ولفت الى انه "بعيدا من منطق التخوين فإن القوات اللبنانية عندما إنخرطت في إتفاق الطائف وصفت إسرائيل بالعدو وكل الناس في لبنان توافقت على هذا الأمر في إتفاق وطني انهى الحرب".  ووصف خطاب السيد حسن نصر الله "بالتوجيهي والإرشادي الذي يحمل تهديدا مبطنا"، وهو دعانا الى التفكير بخياراتنا لأن خياراتهم هي الصحيحة، وقد تضمن إتهاما للمسيحيين ولتاريخهم ودورهم، ونحن نرفض هذا الإتهام وهو إتهام مردود"، مشددا على أن السيد نصر الله في خطابه دعا الى الهدوء واعلن انه لن ينجر الى اي إستفزاز ولكنه إستفز المسيحيين". وفي رد على كلام عون بأن السلاح لن يأتي الى الداخل رأى "ان عون مستسلم لهذا المنطق وهو يقيس الحركة السياسية ومصلحته فيها وما إذا كانت تخيفه او لا تخيفه، اما نحن فلا نخاف من السلاح، وإذا كان العماد عون يخاف ويذهب ويختبئ، او يمارس شعورا اقلويا ويعطيهم الحق فهذه مشكلته لا مشكلتي.

ودعا المقاومة الى "تسهيل بناء الدولة وليس عرقلتها، كما حصل في الضاحية عندما منعت الدولة من الدخول للتحقيق في جريمة حصلت هناك الا بعد مرور وقت وتغيير المعالم".

 

روزنامة العام الحالي تسقط آخر أوراقها منتصف الليل أسباب عدة تدفع بملــف الحــوار الى الواجهـة جنبلاط الى مائدة وهاب في الجاهليــــة الأحــد

المركزية - تسقط منتصف ليل اليوم روزنامة العام الحالي آخر اوراقها ليطوي معها لبنان صفحات شهدت احداثا عدة وتزاحمت فيها الملفات لكنها انتهت بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تستعد لانطلاقة فعلية في اعمالها وتنتظرها استحقاقات كثيرة وملفات شائكة، من التعيينات الادارية والأمنية الى الموازنة العامة الى الانتخابات البلدية، الى ترتيب طاولة الحوار الوطني في حلتها الجديدة، وجدول اعماله المحصور في الاستراتيجية الدفاعية وعنوانها المقاومة وسلاح حزب الله الذي تجدد السجال حوله على خلفية الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله، وحادث الانفجار داخل مقر حركة حماس في الضاحية الجنوبية. والذي لا يزال موضع تساؤلات وتوضيحات رسمية، اضافة الى المسار الجديد للعلاقات اللبنانية - السورية.

وفي الانتظار، تدخل البلاد في استراحة سياسية حتى الاسبوع المقبل من العام الجديد. وبينما يستعد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان للقاء نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الاليزيه بعد غد السبت، غادر رئيس الحكومة سعد الحريري بيروت اليوم متوجهاً الى الرياض في المملكة العربية السعودية في زيارة خاصة. وهو ينوي زيارة باريس في 20 كانون الثاني المقبل، بحيث سيكون مؤتمر باريس-3 عنواناً أساسياً في الزيارة.

ملف الحوار: وكشفت أوساط سياسية مطلعة عن عزم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبعيد عطلته من باريس حيث يمضي وعائلته العيد وفور مباشرته لنشاطه مطلع العام على تركيز نشاطه واهتمامه على التحضير لانعقاد طاولة الحوار برعايته في قصر بعبدا.

واشارت الى اسباب عدة هي التي دفعت بملف الحوار الى الواجهة وأملت اعتباره ملفاً اولوياً ومنها:

1- قطع الطريق على العازفين على خط التباعد والتفرقة بين اللبنانيين من خلال ملفات سلاح المقاومة والغاء الطائفية السياسية وغيرهما حيث لاحظ الرئيس سليمان والكلام للأوساط نفسها - ان الرد الأجدى على هؤلاء يكون عبر طاولة الحوار كوسيلة وحيدة من شأنها توفير الغطاء لكل الملفات المطروحة والتي ما تزال في حاجة الى مزيد من الدرس والبحث.

2- التأكيد على أهمية طاولة الحوار وتشكيلها رافعة اساسية لعمل سائر المؤسسات من تنفيذية وتشريعية وأمنية من خلال توافق أركان الطاولة انفسهم على البنود المطروحة للنقاش وآلية تنفيذها سواء داخل الحكومة او المجلس النيابي.

3- استكمال البحث في البنود المتبعة من جدول أعمال الحوار خصوصاً المتعلق منها بالاستراتيجية الدفاعية والوضع الأمني في لبنان ككل في ظل الحديث المتنامي عن إمكانية تحرك خلايا نائمة وتحريك ملفات أمنية مطلوبة في الأشهر الأولى من العام الجديد.

ملف التعيينات الادارية: وقالت مصادر حزبية مسيحية في الاكثرية ان الحديث عن مشاريع للتعيينات الادارية والامنية لم تبحث بشكل جدي الى اليوم وان الاشارة الى جداول وتحضيرات ما هي الا رزمة افكار قديمة جرى التداول بشأنها في السنوات الماضية، وقد فعلت التوازنات التي كانت قائمة في حينه فعلها في بعض الاسماء والمواقع.

وقالت المصادر لـ"المركزية" انه من المستحيل ان تطبخ هذه التعيينات في مواقع وغرف غير مكشوفة على كل الاطراف واذا وجدت مثل هذه المشاريع فانها ستخضع للدرس والبحث بشكل دقيق حفاظا على الحد الادنى من التوازنات المطلوبة على كل المستويات لا سيما في الادارة الرسمية التي قاطعها المسيحيون لعقود من الزمن ففقدوا مواقعهم.

وقالت المصادر ان التقارير تتحدث عن وزارات ومؤسسات عامة "انقرض"فيها الوجود المسيحي وباتت مساحات واسعة لقطاعات وحركات واحزاب وتيارات بكامل عدتها وعديدها وباتت مقفلة "كالنوادي الخاصة"وهو امر خطير للغاية ولا يجوز البقاء عليه او السماح بتجديده.

واضافت المصادر ان الحديث عن المحاصصات هو كالحديث عن آليات تحكم التعيينات الادارية، فبعض الآليات وضعت على قياس اشخاص او اطراف محددة ، كما ان منطق المحاصصة أفرغ بعض الوظائف العامة من صفتها الاساسية.

وقالت المصادر: ان الحديث عن المحاصصات هو كالحديث عن آليات تحكم التعيينات الادارية، فبعض الآليات وضعت على قياس أشخاص أو أطراف محددة، كما ان منطق المحاصصة أفرغ بعض الوظائف العامة من صفتها الأساسية على أنها ملك اللبنانيين، وعموماً تحولت الخدمة فيها الى عملية سمسرة مخفية تتندر بها الأوساط السياسية، والاغرب من ذلك انها باتت موضوع تقارير توضع لدى هيئات الرقابة وتختم بالشمع الأحمر او تحفظ في جوارير محكمة الأقفال مخافة من ان ينفجر هذا القطب او ذاك.

ودعت الى منطق جديد يحكم التعيينات الادارية بحثاًً عن الكفاءات التي بنت الادارات العامة واقتصاديات بعض الدول في نواحي الأرض كافة. وقد حرم منها لبنان طيلة العقود الماضية على خلفية منطق الزبائنية والأزلام وهو أمر لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال.

وعن التعيينات الأمنية قالت المصادر ان البحث فيها له الأولوية ذلك ان أوضاع بعض المؤسسات الأمنية لم يعد مقبولاً، وان الضغوط السياسية فككت أواصر العلاقات الواجب قيامها بين رؤساء الوحدات وقادتها وهو أمر خطير لم تنج منه حتى اليوم سوى مؤسسة الجيش اللبناني. ولفتت المصادر الى انه لا تجوز المساواة بين من حاول ضرب المؤسسات من الداخل وتشتيت قواها بمن عمل ليل نهار من أجل القيام بواجباتها على جميع الأراضي اللبنانية في أفضل الظروف وتحت سقف القانون. وعبّرت المصادر عن قلقها على بعض الطروحات لإبقاء القديم على قدمه، وقالت ان الأجواء في البلد تتطلب محاسبة دقيقة وخيارات جديدة تعيد التوازنات الى بعض المواقع والعمل في سبيل أمن لبنان وليس في سبيل أمن فئة دون أخرى.

ورقة سياسية: على صعيد آخر، استغربت مصادر حزبية مسيحية في الأكثرية الحديث في وسائل الاعلام عن أوراق مسيحية وأخرى تعدّها قوى محددة وتمنت ان توضح هذه المصادر هوية معدي هذه الاوراق قبل نشرها. ذلك ان هذه الأوراق يجب ان تكون موضوع تداول بين القوى المكونة للأكثرية من مختلف الأطراف قبل الباسها "العباءات" الكبيرة.

وأضافت لا بأس في ان يكون لهذه الشخصية او تلك رأي في هذا الملف او ذاك لكن الأمر يحتاج الى مداولة وقراءة متأنية لتجمع القواسم المشتركة لهذه القوى فلا تكون مجرد عناوين قابلة للجدل وغير قابلة للتنفيذ.

ولفتت المصادر الى ان مثل هذه الأوراق يمكن ان تقطع الطريق على الكثير من النظريات التي تتحدث عن تفكك قوى الأكثرية، فيما لا زالت تعمل في هدي العناوين الكبرى لثورة الأرز وان اختلفت بعض المواقع لأن هناك الكثير مما يجمع وهي أكثر بكثير مما يفرق.

جنبلاط - وهاب: اما في المشهد المرتقب فيلبي رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط دعوة رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب الى الغداء في الجاهلية الأحد، علما ان جنبلاط سيقوم بجولة تفقدية في المنطقة.

وقالت مصادره لـ"المركزية" ان زيارة جنبلاط تأتي في اطار توحيد الصف الدرزي وضمن سياسة الانفتاح على الجميع وتحت شعار ان لا عداوات في لبنان بل خصومة سياسية. ونفت المصادر ان يكون لهذا اللقاء اي علاقة بزيارة جنبلاط الى دمشق.

 

تقدم ملموس في ملفي المفقودين وترسيم الحدود

نهارنت/نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر معنية ان تقدماً ملموساً أحرز في ملف المفقودين يتصل بفئة الذين فقدوا بعد عام 1990 والذين توقعت المصادر ان يتبلور شيء قريب من حيث كشف مصيرهم. لكنها استبعدت حصول تطور مماثل في الفئة المتعلقة بالمفقودين منذ عام 1976 لان ثمة صعوبة في معالجتها قريباً نظراً الى الافتقار الى قاعدة المعلومات الوافية عنهم.

وفي ملف ترسيم الحدود، قالت المصادر أن الجانب اللبناني ينكب على التحضير للعمل المرتقب في هذا المجال في انتظار تشكيل سوريا وفدها في اللجنة، لكنها توقعت الشروع في خطوات قريبة على الارض للبدء بالترسيم. 

 

معلومات ترجح أن مرتكبي جريمة حارة حريك ليسوا "غرباء"

نهارنت/اعلن مصدر أمني لبناني رفيع المستوى لصحيفة "الشرق الأوسط" ان الإشارات التي أظهرها التحقيق الأولي في مكان حصول انفجار الضاحية الجنوبية في بيروت السبت الماضي تدل على أن المرتكبين ليسوا غرباء عن الجهة التي استهدفت». وأضاف: «ما بينته التحقيقات يشير إلى ذلك بنسبة 95%، لذا نضع هذه الأرجحية. إلا أن التأكيد لا يتم إلا بعد اكتمال عناصر الجريمة من خلال الأدلة واستجواب الشهود». ونفى المصدر ما نشرته بعض الوكالات عن سقوط ضحايا لحزب الله. وقال: «هناك تذاكٍ واستباق للأمور. فقد سقط في الانفجار قتيلان من حركة حماس، بالإضافة إلى ثلاثة جرحى لا يزالون يتلقون العلاج، وشخصين كانت إصاباتهما طفيفة فعولجا وغادرا المستشفى». وردا على سؤال عن منع الأجهزة الرسمية المختصة من الوصول إلى مكان الانفجار، اكتفى المصدر بالتأكيد أنه «وعلى الرغم من التأخير والعوائق التي حالت دون الكشف فورا على المكان، فقد تمكن القضاء العسكري من إحضار الكثير من الأدلة التي كان صعبا طمسها. كما أن عملية الاستماع إلى الشهود بينت أن الشهادات الأولى لم تكن دقيقة. وبالتالي فقد تغيرت الحيثيات بعد التعمق في التحقيق مع الأشخاص الذين تم طلبهم للاستماع إليهم». وأضاف: «حاليا يستطيع أي كان أن يصل إلى المكان». وعن طبيعة المواد المستخدمة في التفجير، قال: «لم تكن مواد يصعب الحصول عليها، فهي من الأشياء المتوافرة أينما كان»، مضيفا :«التحقيقات تستغرق وقتا، وقاضي التحقيق لم ينهِ عمله ليضع تقريره. ما زلنا نستمع إلى الشهود». وفي حين تواصل "حماس" تقبل التعازي في قتيلي الانفجار وتتحفظ مصادرها عن إعطاء أي معلومات، نقل عن أحد المقربين من الحركة أن «ممثلها في لبنان أسامة حمدان بقي في حال من الارتباك والإحباط منذ لحظة الانفجار حتى عقده مؤتمره الصحافي، حيث كان يحاول تجاوز الصدمة. ولولا مساعدة الأجهزة المختصة في حزب الله وتوليها الأمر، لكانت الأوضاع أصعب بكثير على مسؤولي حماس الذين يقيمون، أصلا، في حماية الحزب». وفي حين لم يستبعد «الخرق الأمني الإسرائيلي داخل حماس»، قال: «لا أظن أن حماس تستطيع أن تعلن حقيقة ما حصل على الرغم من وجود شهود أحياء».

 

سليمان يفاتح ساركوزي السبت في امكان عقد "باريس-4

نهارنت/ذكرت صحيفة "البيرق" أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي غادر بيروت ظهرالاربعاء ترافقه اللبنانية الاولى السيدة وفاء متوجها الى العاصمة الفرنسية باريس لقضاء اجازة الاعياد سيعود الاحد المقبل بعدما يعقد لقاء قمة مع نظيره الفرنسي نيكولاي ساركوزي بعد غد السبت في قصر الاليزيه ويجري معه محادثات وصفت بالمهمة وتتناول نتائج محادثاته مع كل من الرئيسين السوري بشار الاسد والاميركي باراك اوباما. ونقلت "البيرق" عن مصادر مطلعة توقعها أن يفاتح الرئيس سليمان نظيره الفرنسي في إمكان عقد مؤتمر دولي في العاصمة الفرنسية باريس من اجل لبنان ومساعدته في استكمال ورشة الاعمار والتنمية التي تعتزم الحكومة اطلاقها، وذلك في اطار" باريس -4". 

 

الأسد يؤكد حرص سوريا على اقامة علاقة متميزة مع لبنان

نهارنت/ جدد الرئيس السوري بشار الأسد الخميس تأكيد حرص سوريا على اقامة "علاقة متميزة" مع لبنان تحفظ مصالحهما المشتركة، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (سانا). وأفادت الوكالة ان الأسد جدد اثناء استقباله الرئيس السابق سليم الحص، تأكيد "حرص سوريا على اقامة علاقات متميزة مع لبنان تحفظ مصالحهما المشتركة وتعكس روابط الاخوة والتاريخ المشترك التي تجمع البلدين". كما تناول لقاء الأسد والحص "مستجدات الاوضاع على الساحة العربية ولاسيما في الأراضي الفلسطينية المحتلة والضرورة الملحة لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جراء الحصار اللاانساني المفروض عليه والذي يحرمه من ابسط حقوق الحياة الكريمة".

 

حزب الله: الحملة على نصرالله ليست سوى مفرقعات

نهارنت/رأت اوساط قيادية في حزب الله ان الحملة المنظمة التي تستهدف السيد حسن نصر الله ليست سوى مفرقعات سياسية تُصدر اصواتا مزعجة ولا أثر فعليا لها، معتبرة ان مصدرها قوى أصبحت تقف عمليا على رصيف الاحداث وبالتالي هي تشعر بالحاجة الى افتعال مشكلات لاثبات حضورها، وللتعبير عن امتعاضها من وجودها على هامش المعادلة السياسية بعد التطورات الاخيرة واستهجنت الاوساط في حديث الى صحيفة "السفير" أن يعمد البعض الى إثارة الغبار والضجيج في شأن حادثة حارة حريك، بينما تجاهل التعليق على حدث مهم في دلالاته وتمثل في تصدي مضادات الجيش اللبناني للطائرات الاسرائيلية التي تمعن في خرق السيادة الوطنية.

 

قاسم: ردود مسيحيي "14 آذار على نصرالله قنابل صوتية

نهارنت/أوضح نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم أنّ النصيحة التي وجّهها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله للمسيحيين في ذكرى عاشوراء كانت نابعة من إرادته "رؤيتهم موحّدين ملتفتين إلى أنّ لبنان هو المكان الطبيعي السليم ليعيشوا فيه مع إخوانهم المسلمين". وأشار قاسم، في حديث إلى إذاعة "النور"،إلى أنّ السيد نصرالله كان يريد أن يقول لبعض المسيحيين أنّ أميركا لم تنفع أحدا وأنّها أضرّت بكل حلفائها وأن التطورات السياسية تستدعي أن نلتفّ حول بعضنا. وأسف الشيخ قاسم لوجود "قرار لدى بعض الفئات أن يواجهوا أي خطاب يمكن أن ينطلق منه الأمين العام لاعتقادهم أن كثرة السهام على كلام السيد نصرالله يدرجهم في الساحة ويجعلهم قادرين على أن يكونوا رقماً باعتبار ان من يواجه الرقم الصعب يمكن أن يصبح صعبا". ورأى ان ردود مسيحيي 14 آذار على خطاب السيد نصرالله تعبّر عن الخسائر المتتالية التي أصيبت بها هذه القوى على المستوى السياسي، مذكراً بأنّ كل ما طرحته من أفكار لم يجد طريقه للحياة قارئاً وردودها قنابل صوتية ليس لها قابلية أن تغيّر المعادلة. من جهة أخرى، أكد الشيخ قاسم أنّ حزب الله مرتاح جداً لوضعه ويشعر أنّ هذه المرحلة مرحلة ذهبية لافتاً إلى أنّ الحزب حقق نجاحات مهمة لرؤيته السياسية ولعمله الجهادي وهذا ما يغيظ البعض. وتطرق الشيخ قاسم إلى التفجير الذي حصل في مركز لحماس في الضاحية الجنوبية من باب الرد على سؤال حول سلطة حزب الله في الضاحية وما يشار اليه فقال: "لسنا سلطة كاملة الصلاحية ولسنا معنيين في مراقبة أنفاس الناس والحادثة التي حصلت جرت في داخل مركز حماس وما ادرانا ماذا يحصل في مطابخ الناس". وأضاف: "نحن نعترف ان حزب الله قوي ويعزز قوته لمواجهة اسرائيل وهو يستخدم هذه القوة في اطار دفاعي ولا علاقة لهذه القوة في الداخل، وهي مخصصة لمواجهة العدو الإسرائيلي". 

 

جنبلاط دعا الى تعزيز التعاون بين قوى الأمن وأمن حزب الله

نهارنت/رأى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ان "المطلوب هو تعزيز التعاون بين القوى الامنية على اختلافها وبينها وبين أمن حزب الله للكشف عن حيثيات حادثة التفجير في الضاحية الجنوبية ومن يقف خلفه، داعيا الى تجاوز بعض الشكليات وعدم التوقف عندها. واعتبر في حديث الى صحيفة "السفير" ان الاهم هو الوصول الى معرفة ملابسات الانفجار وخلفياته. وأكد جنبلاط ان لقاءاته في قبرص مع عدد من الشخصيات الدرزية العربية في الاراضي المحتلة صبت في خانة تأكيد أهمية رفض الخدمة العسكرية في صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي وضرورة تعزيز تواصل الدروز العرب المقيمين في فلسطين المحتلة مع العمق العربي في لبنان وسوريا وغيرهما.

 

"المستقبل" يتهم بارود بالتهرب من مسؤوليته والأخير يؤكد جهوزيته للمساءلة

نهارنت/لا تزال تداعيات الانفجار الذي وقع ليل السبت الماضي في الضاحية الجنوبية تتفاعل خصوصا لجهة التساؤلات التي طرحتها جهات سياسية من قوى الاكثرية عن هامش تحرك الاجهزة الرسمية في الضاحية، وقدرتها على القيام بواجباتها ضمن مناطق نفوذ حزب الله. وفي السياق نفسه تفاعل السجال بين تيار "المستقبل" ووزير الداخلية زيا بارود.

ووصف مصدر بارز في تيار "المستقبل" كلام وزير الداخلية والبلديات زياد بارود الذي أدلى به الى برنامج "نهاركم سعيد" الاربعاء في شأن انفجار الضاحية بغير المقنع، معتبراً انه محاولة للتهرب من مسؤولياته كوزير للداخلية. ورأى المصدر في حديث الى صحيفة "السفير" ان هناك تقصيرا او قصورا من بارود في التعامل مع الحادثة لجهة شرح ملابساتها وتحديد أسباب إعاقة عمل الاجهزة الرسمية المولجة بالتحقيق، لا سيما أن قوى الامن هي جزء من حملة النظام من الايمان التي جرى إطلاقها في الضاحية، مؤكدا أن وزارة الداخلية في دول العالم هي المعنية بالدرجة الاولى بأن تقدم للناس ايضاحات وشروحات حول أي حادثة أمنية. وأوضح المصدر أنه لم يكن ممكنا التمهل حتى انعقاد جلسة مجلس الوزراء المقبل لسؤال بارود عن حقيقة ما جرى، مشيرا الى ان مسألة بهذا الحجم ليست مزحة وهي لا تحتمل الانتظار، كاشفاً ان وزراء "14 آذار" سيثيرون هذا الامر في الجلسة المقبلة للحكومة.

من جهتها، افادت صحيفة "الأخبار" بأن اتصالا جرى بين الوزير بارود ورئيس الحكومة سعد الحريري، جرى في خلاله التأكيد أن بيان كتلة "المستقبل" الأخير لا يعبّر عن رأي الحريري الذي أبدى ثقته بوزير الداخلية. واعلن بارود أن السجال السياسي حول التحقيق بتفجير الضاحية الجنوبية ورد فعل كتلة "المستقبل" الموضوع ليس له خلفية سياسية، بعد أن اتصل برئيس الحكومة سعد الحريري"، مستغربا موقف الكتلة في ظل التعاون القائم مع الحريري وفي ظل عدم دخول وزارة الداخلية بشكل مباشر على خط التحقيق باعتبار ان من يتولاه هو الجيش والنيابة العامة العسكرية والقضاء".

بارود، وفي حديث لصحيفة "الديار"، قال: "لقد تم توضيح هذا الامر واعتقد انه انتهى عند هذا الحد وانا على تنسيق كامل مع رئيس الحكومة ولا مشكلة."

واشار بارود إلى "أنه من المتوقع ان يطرح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان هذا الموضوع على مجلس الوزراء بالتنسيق مع الحريري في اول جلسة لمجلس الوزراء بالاضافة الى وزير الدفاع الياس المر والداخلية زياد بارود والعدل ابراهيم نجار بالاضافة الى جميع القوى السياسية الموجودة على طاولة مجلس الوزراء لأنهم معنيون بهذه القضية كونها سياسية بامتياز وترتبط بالبيان الوزاري وبالخيارات التي تناقش على طاولة الحوار فالمرجع الصالح لاعطاء اجوبة سياسية هو مجلس الوزراء".

وحول ما سيطرحه كوزير للداخلية في جلسة مجلس الوزراء في هذه القضية، نفى بارود "ان يكون عنده افكار تقنية جاهزة"، مشددا "أن العمل سيتم ضمن سقف البيان الوزراي وتوجيهات سليمان وبالتعاون الكامل مع الحريري وبدعم كامل للجيش والقضاء وقوى الامن".

وحول من يتحمل مسؤولية التأخير في التحقيق، أكد بارود "انا لا اهرب من المسؤولية بل اعتبر ان المكان الصالح لبحث الموضوع مجلس الوزراء وليس وسائل الاعلام"، مشيرا إلى "أنه كان بإمكانه عقد مؤتمر صحافي لكنه لن يستبق عمل القضاء ولن يخرق سرية التحقيق"، وداعيا للعودة الى حادثة دير عمار حيث تعمد ألا يدلي بأي موقف للاعلام قبل اكتمال عمل التحقيق.  وأكد بارود "أن وزارة الداخلية ليست جزءا من عملية التحقيق فالجيش اللبناني هو من يتولى الامر، رافضا الادلاء بتصاريح انطلاقا من احترامه لدور الجيش.

الى ذلك، أكد بارود في حديث لصحيفة "صدى البلد" انه والحريري فريق عمل واحد، معلنا انه جاهز لأي مساءلة.

وكان بارود كشف أن "التحقيق في انفجار الضاحية لا

 

تقدم ملموس في ملفي المفقودين وترسيم الحدود

نهانت/نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر معنية ان تقدماً ملموساً أحرز في ملف المفقودين يتصل بفئة الذين فقدوا بعد عام 1990 والذين توقعت المصادر ان يتبلور شيء قريب من حيث كشف مصيرهم. لكنها استبعدت حصول تطور مماثل في الفئة المتعلقة بالمفقودين منذ عام 1976 لان ثمة صعوبة في معالجتها قريباً نظراً الى الافتقار الى قاعدة المعلومات الوافية عنهم.

وفي ملف ترسيم الحدود، قالت المصادر أن الجانب اللبناني ينكب على التحضير للعمل المرتقب في هذا المجال في انتظار تشكيل سوريا وفدها في اللجنة، لكنها توقعت الشروع في خطوات قريبة على الارض للبدء بالترسيم. 

 

لقاء عاصف بين الحريري والعريضي وقالوش سيصدر قرارا بوقف الأشغال في "جل البحر"

نهارنت/علمت صحيفة "اللواء" أن اللقاء بين الرئيس سعد الحريري ووزير الأشغال غازي العريضي الأربعاء كان عاصفاً، خصوصاً أنه جاء في أعقاب سماح الأخير ببناء مرفأ ثالث للصيادين في جل البحر، وهو ما أثار اعتراض كتلة نواب "المستقبل" الذي اعتبرته عملاً غير مبرر. ورغم أن المكتب الإعلامي للحريري لم يشر إلى مواضيع البحث مع جنبلاط الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح بعد اللقاء الذي استمر ساعة ونصف الساعة، لكن معلومات أشارت إلى أنه تطرق أيضاً إلى مواضيع سياسية تتعلق بزيارة الحريري إلى دمشق والمحادثات التي أجراها مع الرئيس السوري بشار الأسد، إضافة إلى موضوع زيارة جنبلاط إلى سوريا. من جهتها ذكرت "النهار" أن الحريري وجنبلاط تناولا الاربعاء معالجة ذيول موضوع الاشغال الجارية على شاطئ كورنيش المنارة لاقامة مرفأ للصيد، وكان تأكيد في اللقاء ان سوء تفاهم حصل في هذا الموضوع وان لا خلفية سياسية للسجال الذي نشأ حوله بين "المستقبل" والعريضي وعلمت "اللواء" في السياق انه بعد رفع المهندسين في دائرة الهندسة في بلدية بيروت تقريرهم إلى محافظ مدينة بيروت بالتكليف ناصيف قالوش والذي تضمن التأكيد على عدم وجود ترخيص بالأعمال الجارية في المرفأ في منطقة جل البحر، سيصدر المحافظ قراراً بوقف الأشغال بشكل مؤقت، مما يفسح في المجال أمام مديرية النقل التقدم بالترخيص المطلوب الذي تعود الموافقة عليه أو العكس لبلدية بيروت بسلطيتها التقريرية والتنفيذية. وقد استمرت ردود الفعل المستغربة للحماس الزائد للمشروع في ظل وجود مرفأين للصيادين في المنطقة متسائلة عن أهداف المشروع الذي ساهم في خنق المتنفس الوحيد للعاصمة ويشكل استمراراً لمسلسل قضم الواجهة البحرية، ومناشدة وزير الاشغال وقف المشروع وتحويل الأموال المرصودة له الى مشروع آخر يخدم العاصمة ومرافقها.

 

الحريري طرح على بري وسليمان نهجاً اصلاحياً بشأن التعيينات

نهارنت/اشارت مصادر وزارية الى ان موضوع التعيينات الادارية والامنية طرح بين جملة مواضيع تناولها رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الوزراء سعد الحريري في لقائهما الاخير مساء الثلثاء، من باب برمجة الاولويات الحكومية التي سيشرع مجلس الوزراء في وضعها على سكة المعالجات مطلع السنة الجديدة. واضافت المصادر في حديث لصحيفة "النهار" انه على رغم الطابع الملحّ للتعيينات في ملء الشواغر واجراء بعض المناقلات الضرورية، فإن هذا الملف سيخضع لمعالجة متأنية ووفق آلية يتفق عليها سلفاً في مجلس الوزراء كي تأتي التعيينات مستوفية المقدار الاعلى الممكن من المعايير الايجابية،خصوصاً ان رئيس الجمهورية والبيان الوزاري للحكومة يشددان على الاتجاه الاصلاحي،وستشكل هذه التعيينات الاختبار الاساسي لاستجابة القوى السياسية لهذا الاتجاه. ولفتت المصادر الوزارية من جهة أخرى الى أن عطلة الاعياد التي فرضت غياب جلسات مجلس الوزراء في الاسبوعين الاخيرين لم تكن بمثابة فراغ حكومي، اذ تجرى اجتماعات ومشاورات غير معلنة تحضيراً لانطلاقة العمل الحكومي بقوة مطلع السنة الجديدة، وثمة معالجات لملفات يجري التحضير لطرحها على مجلس الوزراء حصلت بهدوء وينتظر ان تظهر نتائجها تباعاً وفقاً للاولويات التي ستعتمدها الحكومة. ومع انها لم تستبعد اثارة وزراء في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء بعد حلول السنة الجديدة ملابسات ما حصل في الضاحية الجنوبية، اوضحت المصادر ان ثمة رغبة لدى المسؤولين في الحؤول دون تأثر انطلاقة الحكومة بالمناخ المتوتر الذي ساد في الايام الاخيرة، على قاعدة التزام الايضاحات الرسمية للجهات القضائية والامنية المعنية في شأن التحقيق الجاري في الانفجار الذي حصل في حارة حريك. وعلمت "النهار" ان الحريري بحث الأربعاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى اجتماعهما في المجلس في ملف التعيينات انطلاقاً من خطة طرحها رئيس الوزراء على الرئيس سليمان، ووجد استجابة لها لدى كل من سليمان وبري، وتعتمد هذه الخطة نهجاً اصلاحياً يخفف الى حد بعيد منطق المحاصصة، بحيث تكون التعيينات على قاعدة الكفاية ولو ضمن حصة كل من القوى السياسية.

 

عون: الضاحية لا تملك أمنا خاصا بل أمنها من مسؤولية الدولة

نهارنت/اعتبر رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون الأربعاء انه "لا يمكن لأي جريمة أن تتحول إلى شغب وصدامات شعبية مثلما حاول البعض استغلال انفجار حارة حريك". ورأى عون بعد اجتماع التكتل الأسبوعي في الرابية، انه "لا لزوم أن يخرج الإعلام بتحليلات متفجرة حول الحادث أكثر من الانفجار لأن التحليل الصحفي هو غير ما حصل بالفعل، فالضاحية الجنوبية لا تملك أمنا خاصا بل أمنها من مسؤولية الدولة، وخاصة عند وقوع الجرائم التي هي من مسؤولية كل الأجهزة الأمنية".

وعن التصريح الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، قال عون: "أنا قلت أشياء أخطر مما قال السيد نصرالله عن حال المسيحيين، فالإجتياح الاسرائيلي هجر المسيحيين، وكلام نصرالله لا يتناقض مع ما يحصل على الأرض". وأضاف: "غريب هذه الصدفة أنه حيث يوجد الإسرائيليون والأميركيون لا تتم المحافظة على المسيحيين، وأذكر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بما نبهته إليه في لقاء معه عن أي صدامات في لبنان، أيّا كان طابعها، بأنها ستضع المسيحيين في موقع الخطر".

كما تطرق عون إلى مسألة الإنتخابات البلدية، مشددا ً على وجوب "أن نعلم هل هناك انتخابات بلدية أم لا، ونريد أن نعرف موقف الحكومة، خصوصاً أن هناك مهلاً قانونية".

 

مصادر جنبلاط: لا علاقة لزيارة وهاب بزيارة جنبلاط إلى دمشق

٣١موقع 14 آذار/كانون الاول ٢٠٠٩  يلبّي رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط دعوة رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب الى الغداء في الجاهلية الأحد، علما ان جنبلاط سيقوم بجولة تفقدية في المنطقة. وقالت مصادره لـ"المركزية" ان زيارة جنبلاط تأتي في اطار توحيد الصف الدرزي وضمن سياسة الانفتاح على الجميع وتحت شعار ان لا عداوات في لبنان بل خصومة سياسية. ونفت المصادر ان يكون لهذا اللقاء اي علاقة بزيارة جنبلاط الى دمشق.

 

محمد سلام/انتهاء "حقبة ادوار" و"ولادة جديدة"

٣١ كانون الاول ٢٠٠٩

ناتالي اقليموس/خاص موقع 14 آذار

يسدل العام 2009 ستارته على وقع الكثير من التساؤولات حول الاحداث التي كان لبنان مسرحا لها. هذا ما دفع المحلل السياسي محمد سلام، اثناء اعدادنا قراءة خاصة لنهاية مسار 2009، الى عنونته "عام التساؤولات الكبرى".

محطات عدة بصرف النظر عما اذا كانت بصماتها "مجيدة" او "مشينة" شكلت هوية سنة 2009 ، من هذا المنطلق اراد موقع "14 آذار" الالكتروني التوقف عند ابرز المحطات السياسية والامنية الاقليمية عموماً واللبنانية خصوصاً التي على ضوئها نستشرف مستقبل العام 2010 ، الذي يبدو من اللحظة الاولى كما وصفه سلام انه امام تحد، فهل سيكون "عام الاجابات الكبرى"؟

السعودية في"مرمى" الارهاب

اقليمياً، رأى المحلل السياسي سلام "ان الحدث الابرز هو الاعتداء الحوثي على اراضي المملكة العربية السعودية، وهو الاعتداء الاول على دولة عربية من قبل حالة انفصالية في دولة عربية مجاورة". وتابع موضحاً: "على سبيل المثال، اعتداء صدام حسين على الكويت، كان من دولة عربية على اخرى. لكن ما حدث مع السعودية ادخلها مباشرة الى ساحة الصراع مع الفيالق الايرانية المنتشرة خارج ايران. كما ان الاعتداء الحوثي يشابه كثيراً احداث 11 ايلول في الولايات المتحدة، التي من خلالها نُقل الصراع الى اراض اميركية، ومع فيالق حركة الثورة الايرانية في الخارج نقل الصراع الى الارض العربية وتحديداً السعودية. فكان الحوثيون موجودين في العراق، وفي غزة من خلال حركة حماس، في لبنان مترجمين بـ"حزب السلاح" (اي حزب لله)، في اليمن ممثلين بالحوثيين، وانتقلوا الى السعودية، بالتالي دخل الصراع مرحلة جديدة". اما عن خلفية اختياره لهذا الحدث قال سلام محذراً، "ان ارتداداته ستستمر حتماً اقله في العام 2010 ان لم تمتد اكثر، وستعيد هيكلة الاقليم سياسيا".

حدث العام 2009 … من دون منازع

اما على مستوى الداخل اللبناني، حدث العام 2009، "وهو بلا منازع نتائج انتخابات 7 حزيران التي من خلالها حققت حركة "14 آذار" انتصاراً كبيراً على مستوى لجم الهجمة التي كان يقودها "حزب السلاح" للاستلاء على النظام". هذا هو الحدث الذي صنفه سلام بالابرز للعام 2009، وتابع موضحاً "ان انتخابات 7 حزيران اشبه ما تكون بمعركة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية، ستالين انتصر في ستالينغراد لانه صمد في اطلال المدينة، فهو لم يربح الحرب في ستالينغراد، الا انه لو خسر في ستالينغراد كان ليخسر الحرب. لو لم تفز الحركة الاستقلالية في الانتخابات النيابية لم تكن من الاساس موجودة في البلد بمختلف تنظيماتها، احزابها وشعبها، ولم يكن سعد الحريري رئيساً للحكومة، ولم نكن لنلجأ الى استشارات نيابية اولى وثانية، انما كانت لتشكل قوى 8 آذار حكومتها".

اول علاقة "طبيعية"

مقابل هذا الانتصار الكبير بصرف النظر عن مدى محاولة اعلان 8 آذار تظهيره على انه اكثرية قليلة واقلية كثيرة، اعتبر سلام "الواقع الحقيقي ان لولا نتيجة الانتخابات لما كانت الحركة الاستقلالية موجودة، فهذه معركة ستالينغراد التي وضعت الاستقلاليين اللبنانيين على مسار الانتصار. الدليل الاكبر على ذلك ان الحركة الاستقلالية التي بدأت في 14 آذار 2005، اطلقت شعاراً سياسياً، عندما كان الجرح مفتوحاً، ودم الشهيد لم يبرد بعد، وتحديداً اطلقته الوزيرة بهية الحريري "لن نقول وداعاً سوريا بل الى اللقاء".

وتابع سلام موضحاً "من ترجم كلام الوزيرة هو دولة الرئيس سعد الحريري، وهو اول مسؤول لبناني عبر تاريخ بلاد الارز يزور دمشق ويتحدث من ارض لبنانية سيدة ترفع العلم اللبناني هي السفارة اللبنانية، وعبر تاريخ لبنان لم يسبق ان ذكرت مثل هذه العلاقة السوية بين بيروت ودمشق".

وفي هذا السياق، عاد بنا سلام الى العام 1945 مع تأسيس جامعة الدول العربية، "لم يكن حزب البعث قد حكم في سوريا، اثناء تأسيس الجامعة اعترض ممثل سوريا على عضوية لبنان و قال بالتحديد "لان استقلاله مؤقت" فهو راوده الشك في استقلال لبنان في 45. لذا ما انجز في الزيارة الدمشقية الشهيرة، هو انجاز تاريخي اسس له رئيس الجمهورية سليمان في بداية عهده".

الحدث الثاني الابرز سياسياً...

لذلك راى سلام انه "يمكن النظر الى الزيارة الدمشقية بمثابة الحدث السياسي الثاني للعام 2009، سيما وان هذه الزيارة تمت في سياق سيادي بمعنى انه تجاوز الحريري كل ما كان سائداً، فلم تكن دمشق محطته الخارجية الاولى". وتابع سلام: "في السابق كان المسؤول اللبناني يذهب الى سوريا منذ تعيينه كي يتبلغ منها الى اين يمكنه الذهاب وماذا بامكانه ان يفعل، وهذا ما لم يحصل، بل ذهب الحريري الى المملكة العربية السعودية حيث حظي باعتراف وترحيب به كرئيس للحكومة، وبعدها اكمل مساره للمشاركة في مؤتمر البيئة والمناخ في كوبنهاغن".

نجحت هذه الانجازات في ان تعكس شيء من الاطمئنان على نظرة التحليلية لضيفنا، فقال: " لاشك اننا في البداية ولكن هذه بداية اكثر من جيدة انما ممتازة، على الاقل نبدأ من مكان، في السابق لم نكن نبدأ، بل نذهب الى سوريا للتبعية لا للمساواة، لذا من الضروري ان يقرأ الشعب اللبناني واقعه على ضوء تاريخه".

"الضاحية" عنوان جديد

اما الحدث الثالث فاعتبره سلام امنياً ورسالة سيئة بامتياز، هو الانفجار الذي حصل في مكتب حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في الضاحية الجنوبية لبيروت. لم يقف سلام عند حد تسمية الحدث الثالث، وفي محاولة لتظهير ابعاد هذا الحادث وخطورته، قال سلام، "هذا الانفجار اعلن عن قيام عنوان جديد لحركة حماس لم يكن مدرجاً سابقاً في سجل عناوينها، كان لحركة حماس، حتى ما قبل مساء السبت، ثلاثة عناوين دمشق، غزة وطهران اضافة الى عنوان ديبلوماسي غير معلن هو قطر، في 26 كانون الاول اصبح لحماس عنوان جديد في ضاحية بيروت الجنوبية".

ماذا يعني هذا الكلام؟

ولدى سؤالنا ماذا يعني هذا الكلام؟ قال سلام معللاً: "اذا كانت حماس حركة فلسطينية فمن الطبيعي ان تكون موجودة ضمن النسيج الفلسطيني اي في المخيمات، بالتالي ما هو مبرر وجودها في الضاحية. فالاعلان عن العنوان الجديد، ربط النزاع في غزة بالضاحية. في السابق كنا نتوقع ان تضرب اسرائيل "حزب السلاح" في الضاحية، اما اليوم في ما لو حدث امر ما في غزة، بامكان اسرائيل الرد عبر ضرب حماس في الضاحية، بالتالي ماذا سنقول لـ "حزب السلاح" لا تستفز اسرائيل! مجرد وجود حماس في المربع الذي هو سيده، في ظل منع دخول الدولة اليه، اصبح مستهدفاً من زاوية جديدة، واصبحت الضاحية مستهدفة من زاوية جديدة".

"حماس" المستهدفة و"الوطن" السورية تتهم!

وتابع سلام موضحاً: "اذا نجح اهل الجنوب خلال حرب غزة بالضغط على "حزب السلاح" كي لا يقحم ذاته نيابة عن غزة، بعدما باتت غزة في الضاحية، ماذا يمكن لاهل الضاحية القول للسيد حسن نصرلله؟ اهمية هذا الحدث تكمن في انه الانفجار الثاني الذي يحصل في مربع امني لحزب السلاح منذ اغتيال عماد مغنية في مربع امني اول مخابراتي سوري".

وفي هذا السياق، اراد سلام التسليم جدلاً "ان لحماس عناوين محددة في دمشق، غزة، طهران، اما اليوم فالعناوين هي طهران غزة والضاحية. اين ذهب عنوان دمشق؟ الملفت ان ممثل "حماس" اسامة حمدان لم يتهم اسرائيل بالتفجير، السيد حسن نصرالله لم يتطرق الى التفجير في خطابه في ذكرى عاشوراء، والملفت بامتياز ان صحيفة "الوطن" السورية اتهمت اسرائيل وكأنها تعلم ما جرى في الضاحية الجنوبية اكثر من "حماس" المستهدفة و"حزب السلاح" المضيف".

اما الدليل الواضح على ارتدادات هذا الحادث في العام 2010 والذي يؤكد في الوقت عينه خطورة ما اشار اليه سلام، هو الكلام الذي جاء على لسان ايهود براك بعد انفجار الضاحية بيومين، "الحرب مع حماس وحزب الله ممكنة في 2010".

الامن "مصنج" لا يرى بالحدة نفسها

من جهة اخرى راى سلام اننا في مشكلة حقيقية، وهو لم يخف استغرابه منها، "على ضوء حادثة اطلاق النار على قافلة سورية في عكار، خلال 24 ساعة تمكن الامن اللبناني من تسجيل انجاز بعدما القى القبض على مطلق النار، وقبلها تمكن الامن اللبناني من تفكيك شبكات التجسس الاسرائيلية. وبالمقابل يعجز امام سلسلة من الاحداث مثل حادثة طيرفلسيه، واطلاق صاروخ كاتيوشا من الجنوب باتجاه اسرائيل، فما هو هذا الامن "المصنج" لا يرى الا باتجاه عكار!"

وتابع سلام موضحاً: "هناك مشكلة حقيقية، اذا لا يستطيع ان يرى الامن في الحدة نفسها في مختلف الاماكن اللبنانية، معناها انه يعاني من مشكلة في عقيدته الامنية. واضاف متسائلاً: "لماذا بامكان الامن ان يكشف اعتداء على سوريا في لبنان دون كشف اعتداء لبناني على لبنان؟ هذا يعني انه في الاساس ليس مبرمجاً على رؤية من يعتدي على هدف لبناني في لبنان، فمنذ حقبة الوصاية عقيدته الامنية وشبكات الامن اللبناني مركبة بطريقة التنقيب والبحث عن من يعتدي على سوريا، لذلك هناك ينجح وفي المكان الآخر يفشل".

واضاف استطراداً "طالما الامن اللبناني نجح في تفكيك الشبكات الاسرائلية وفي تعقب من ينظم عمليات ضد سوريا، معناها ان في المجال الذي لا يحقق فيه الامن اللبناني الانجازات يجب ان تكون الجهة من خارج العمالة لاسرائيل وخارج التهديد لسوريا، اذا من هي هذه الجهة؟".

انتهاء "حقبة ادوار" و"ولادة جديدة"

ولدى سؤالنا هل ترى من حرب تلوح في الافق؟ اجاب سلام "ان المنطقة برمتها تعيش فترة رمادية، انتهاء حقبة ادوار وفي انتظار ولادة حقبة لم تبصر النور بعد، والجميع يدور في فلك هذه المرحلة الرمادية كي يكون جزءاً من هذه الولادة".

وحينا اردنا ان نغوص في التفاصيل، اوضح سلام: "ان الحقبة الاولى التي شارفت على الانتهاء تتمثل بدور سوري بالتحالف مع ايران، حماس، "حزب السلاح"، وعلى وقع حدث العام الاقليمي اعتداء الحركة الانفصالية الايرانية في اليمن على السعودية، الذي احدث تغيراً جذريا، على ضوئه قامت المصالحة السعودية السورية ووضعت حداً لهذه الحقبة. لذا لم يعد بامكان سوريا البقاء الى جانب ايران التي تدعم الحوثيين في اعتدائهم على السعودية.

اما الحقبة الثانية لم تولد بعد، الا ان الجميع في صدد البحث عن موطئ قدم له للمرحلة القادمة، والتي لا نعلم ماذا سينتج عن هذه الولادة".

استقرار لايتعدى البيان الوزاري

وماذا عن علاقة الحالة الرمادية هذه بالواقع اللبناني؟ قال سلام، "هي فترة سماح تترجم محلياً بالاستقرار الناتج عن الائتلاف الاكبر، فالحكومة نالت ثقة 122 نائباً، بالتالي سقف هذا الاستقرار هو التوافق على ما جاء في البيان السياسي لجهة ما تم الاتفاق عليه او على ما تم الاتفاق انه مختلف عليه. لذا بما ان العمل الحكومي منسجم مع البيان الوزاري فقط، هناك استقرار في انتظار الولادة الجديدة".

فرضيتان تنهيان الحالة الرمادية

اما بالنسبة الى ما قد تنتهي عليه هذه الفترة الرمادية، اعتبر سلام انها قد تنتهي عند فرضية من اثنتين اما تسوية كبرى او حرب كبرى. "في الفرضية الاولى يعني ان تتشارك اميركا مع ايران، بمعني ان يوقّع براك اوباما واحمد نجاد وثقية تفاهم، مشابهة لورقة التفاهم بين حزب السلاح والتيار الوطني الحر، يتم السماح من خلالها للسلاح النووي الايراني. مقابل هذا السماح تنتظر اميركا ان تقبض الثمن رغم انها لم تدفع شيء من جيبها، ما يعني ان على ايران المستفيدة ان تدفع، وهذا الثمن كذلك لن يكون من جيبها، اي من ارضها انما من اليمن اوغزة او لبنان او العراق. وبما ان اميركا لم تدفع الثمن منها فهي لن تقبضه على ارضها انما في الشرق الاوسط وتحديداً في اسرائيل. بالتالي اميركا ستقبض موافقة ايرانية بتفويض اسرائيلي لانهاء ما يخيفها سواء في غزة او لبنان، لذا اعتبرت تفجير مكتب حماس في الضاحية سيكون له مفاعيل في 2010. وهذا كله في حال الحرب الصغرى التي ستعيد هيكلة الاقليم السياسية على ضوء هذه التسوية .

وعن في الفرضية الثانية؟ قال سلام: "تقوم الولايات المتحدة في ضرب ايران، ولاشك في ان لهذه الضربة ارتدادات جمّة.

اين 14 آذار من هذه الحالة؟

رأى سلام "ان 14 آذار في مسار مستمر، متقدم وتحقق الانجازات بصرف النظر عن من يخرج منها ومن يدخل اليها". واردف قائلاً: "لم يكن الهدف من الانتخابات من سيلغي الآخر بل اشبه بمعركة ستالينغراد، فنحن ربحنا لبنان في 7 حزيران، ربما لم ننتصر انما خطونا نحو الانتصار، او على الاقل اوقفنا هجمة 8 آذارمنذ العام 2005".

الخوف على الديمقراطية في مكانه

وعما اذا كان متخوفاً على الديمقراطية، اعتبر سلام انه من الطبيعي الخوف على الديمقراطية، "قد بدا ذلك مبرراً وواضحاً للعيان حين دعا رئيس الحكومة سعد الحريري، بعد نيله الثقة، الشعب اللبناني الى مراقبة اداء الحكومة لان آلية الديموقراطية انتهكت في انضمام الجميع الى الحكومة، فمن سيراقب؟

و"الهيكل" يفتقد حراسه

ولدى سؤالنا كيف يمكن ترجمة مراقبة الناس للاداء السياسي؟ قال سلام، "هناك من يدعوالى انشاء معارضة موالية للنظام تسهر على حمايته، بعدما سقطت نظرية المعارضة والموالاة في ظل مشاركة الجميع في الحكومة، وبما ان السلطة فقدت احدى دفتي الميزان، والنظام مختل، بالتالي لا بد من وجود فريق من النواب يضم 8 و14 آذار وآخرين كي يكونوا "من حراس الهيكل"، لمراقبة اداء الحكومة والمجلس النيابي، سيما في ظل الظاهرة الخطيرة الحكومة صورة مصغرة عن المجلس النيابي ".

وتابع سلام: "لذلك قد يكون هناك دعوة من الاستقلاليين وتوجه لقيام نوع من المعارضة الموالية للنظام كي يستقيم". واضاف متسائلاً: "الجلسة الاولى للحكومة لم تكن مشجعة، في الوقت عينه يدفعنا شيء من الفضول لمعرفة عما اذا كان سيعرض انفجار مكتب حماس على جدول اعمال الحكومة في اجتماعها القادم؟"

ماذا عن واقع 8 آذار؟

وصف سلام ان واقع 8 آذار لايزال يتأرجح بين معسكرين، الاول سوري، معبر عنه من قبل الوزير فرنجية، الرئيس نبيه بري، الامير طلال ارسلان... اما الثاني فهو ايراني ويمثله السيد حسن نصرلله ومن معه.

وعما اذا كان يرى ان الرئيس بري تمكن من اخراج حركة امل من قبضة حزب لله، رفص سلام الايجابة نيابة عن بري واكتفى بالرد مستغربا" في طبيعة الحال لاارى من وجود لحركة امل باستثناء بري و"الاشخاص المعدودين" الى جانبه، اين هي حركة امل؟ اين هو موقع افواج المقاومة اللبنانية في الجنوب؟

ليست ازمة حكم ولا نظام...

بعد كل ما عاشه لبنان في العام 2009 هل كانت ازمة نظام او حكم؟ قال سلام: "دعونا نتصور للحظة في ما لو فازت 8 آذار في الانتخابات هل كان ليتأخر تشكيل الحكومة؟ بالطبع لا، اذا الازمة ليست في النظام. المشكلة الحقيقية ان طرفا ما في لبنان مسلح ضد النظام، وما يسمى بالديمقراطية التوافقية لا يمكن ان يطبق بين اطراف غير متساوية، لان من يملك السلاح يتعاطى بفوقية، وحزب السلاح يحاول ان يعامل كل اللبنانيين الآخرين كاهل ذمة خاضعين لهذا السلاح".

 

الدستور اكبر من المقاربة والمقايضة بازار سياسي تافه؟!

الشرق/ ٣١ كانون الاول ٢٠٠٩

الفرد نوار

في جديد الاخبار، ان الرئيس نبيه بري مستمر في تحريك داخلي وخارجي لفكرة الغاء الطائفية السياسية المنصوص عنها في الدستور، فضلا عن انه يرى الظروف السائدة مهيأة لتحقيق ذلك جراء الاستقرار المعمول به بعد تشكيل الحكومة، مع العلم ان ما يحول دون العمل الجدي بمثل هكذا خطوة دستورية، انها تحتاج الى تعديل دستوري (...) وان التعديل الدستوري يتطلب اكثرية الثلثين التي تعني بالنسبة الى جميع من يفهم عمق اللعبة السياسية في البلد، ان سعرها مختلف بل اكبر من مجرد الطرح الاعلامي - الاعلاني؟؟

من حق رئيس مجلس النواب ان يتخذ الموقف الذي يراه مناسبا، لكن ليس من حقه «الخوض المؤسساتي» في موضوع يعرف مسبقا انه يتطلب ما يتجاوز الفعل ورد الفعل، لاسيما ان هناك امورا عالقة تقتضي مساءلة ومحاسبة اين منها الغاء الطائفية السياسية التي هي مطلب حق في مطلق الاحوال يراد به باطل.

وفي توجه الرئيس بري نحو مؤسسات دولية مهتمة بالتصحيح الدستوري وما اليه من اصلاحات ملحة في النظام والقوانين ومؤسسات الدولة. لم يأت على ذكر امور خلافية اخرى، في حال سلمنا جدلا بأن الغاء الطائفية السياسية لا خلاف عليها. وتقول مصادر مطلعة ان من الخطأ الاعتقاد ان «تسويق ما يشبه الرفض السياسي - المذهبي المسيحي تحديدا لخطوة الغاء الطائفية السياسية» سيجعل الفريق المسيحي في محل شك وطني، بل في محل اتهام بأنه يرفض تطوير الحال السياسية في البلد، بقدر ما يتمسك بقشور دستورية. وهذا المفهوم في غير محله، الا اذا كان المقصود من وراء الغاء الطائفية السياسية منع الفريق الاصلاحي في البلد من مسلمين ومسيحيين من مقاربة مواضيع حيوية واساسية ملحة اخرى، وفي مقدمها الاستراتيجية الدفاعية (...) وسلاح حزب الله.

هل من مقايضة في هذا المجال؟!

متتبعو التطورات قالوا بصريح العبارة انه طالما استمر فريق من اللبنانيين في طرح موضوع السلاح غير الخاضع لسلطة الدولة، سيقابل بطروحات تعجيزية حينا وتهديدية حينا آخر، مع الاخذ في الاعتبار حجم المردود السلبي لعدم السير بمشروع الغاء الطائفية السياسية وبالتالي مشروع الاستراتيجية الدفاعية للدولة وليس لاي طرف آخر مهما اختلفت النظرة والظروف ووسائل تحريك العصبيات السياسية والمذهبية!

الذين يقولون ان احداث ايار من العام 2008 اصبحت وراءنا (...) وان «لا عودة اليها»، تحفظ ذاكرتهم كلامين مختلفين جذريا الاول يقول «لن ننسى والسما زرقا» في سياق نظرة تيار المستقبل وقوى 14 آذار الى ما حصل من اجتياحات مسلحة لمناطق في العاصمة والجبل والبقاع.

أما الكلام الجوابي الثاني فقد صدر آنذاك عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله شخصيا عندما ردد علنا «من قال اننا نريدكم ان تنسوا ما حصل»؟، والمقصود لا يحتاج الى كثير حك رأس لمعرفة الغاية من «اننا لا نريدكم ان تنسوا ما حصل»!

أمام هذا الواقع، هل ينتظر الرئيس بري ان تمشي القوى السنية في مشروع قد يضر بعلاقتها بالفريق المسيحي الحليف، ام ان الغاية في النتيجة القول في المحافل الدولية ان الطائفة الشيعية مع تطوير النظام وغيرها متمسك بعوامل سلبية مختلفة (...).  كذلك، لم يقل احد ان الحليف المسيحي لقوى المعارضة النائب ميشال عون قد غير موقفه من الغاء الطائفية السياسية بعدما سبق له الاعلان صراحة ان «من الافضل بل الاسلم عاقبة وطنية وسياسية ارجاء طرح الغاء الطائفية السياسية الى حين نضوج حال تفاهمية تكفل تأمين الاكثرية النيابية لاحداث تغيير دستوري»! هل سيستمر رئيس مجلس النواب في طرح الغاء الطائفية السياسية «لانه مقتنع بها الى حد الايمان (...) ام ان الطرح سيظل قائما لان عقدة سلاح المقاومة تحتاج الى مفتاح يمنع الخوض فيها وليس العكس؟!». المطلعون على عمق النظرة الى الموضوعين يستبعدون اتفاق الحد الادنى على مقاربة جدية وحاسمة لاي من الموضوعين طالما بقي هناك من يصر على الاخذ بوجهة نظره وتجاهل وجهة نظر الفريق الآخر في الدستور والقوانين والانظمة والاعراف؟ 

 

من طهران إلى الضاحية

الخميس, 31 ديسيمبر 2009

حسان حيدر/الحياة

لا يكلف احمدي نجاد نفسه عناء الإبتكار قليلاً لكسر رتابة التكرار. إضبارة «السيناريو الاميركي - الصهيوني» جاهزة في درج مكتبه. يكفي ان يخرجها ويلصق عليها اسماء قادة المعارضة ومئات الآلاف الذين خرجوا الى الشوارع يطلبون التغيير بدمائهم، ليريح ضميره من عبء الاضطرار الى نقاش، ولو شكلي، لمطالبهم. بينما يطالب ممثل لخامنئي بكل بساطة بإعدامهم توفيراً للجهد والوقت وتجنبا للدخول في محاكمات وتغطيات اعلامية قد تفضح بدلاً من ان تدين. ولا يكلف «حزب الله» نفسه عناء التفكير في الأسباب التي حدت بأكثر من نصف اللبنانيين الى رفض ديمومة سلاحه ومربعاته الأمنية، يتصدرهم مسيحيو الأكثرية، فيسارع الى تذكير هؤلاء بمأثرة السابع من أيار وبمصير مسيحيي العراق، بعد سوق الاتهام الممل بالمراهنة على اميركا واسرائيل. بين طهران وضاحية بيروت الجنوبية حبل غليظ من الافكار والمال والسلاح. عقلية واحدة ومدرسة واحدة وأسلوب واحد: التخوين والقوة لمن يجرؤ على المعارضة، والتهميش لمن يستسلم ويحالف. وما يجعل الوضع في ايران يعنينا اكثر مما يفترض بالنسبة الى بلد اعجمي، هو تغلغل طهران في تفاصيل وخصوصيات دول عربية عدة، في مقدمها لبنان الذي خاض حرباً بالوكالة عنها في 2006، والعراق الذي يتعرض لاختبار احتلال جزء من أرضه يعتقد مسؤولوه انه مرتبط باحتمال طلبهم إعادة التفاوض على اتفاقية الجزائر بين الشاه وصدام الذي قدم تنازلات جغرافية في مقابل تغاض ايراني عن قمعه الاكراد.

لكن ما يعنينا اكثر هو عقد السيد نصرالله مقارنة بين مسيحيي لبنان والعراق، دفع البعض الى التساؤل عما اذا كان اخطأ فبدا كأنه يتبنى تحميل ايران المسؤولية عن استهداف مسيحيي العراق «الذين لم تستطع اميركا حمايتهم»، من دون ان يوضح ممن كان يفترض توفير الحماية لهم، او كأنه يثبت بذلك ان استراتيجية ايران في الإخضاع هي ذاتها في كل مكان تصل يدها اليه، علماً ان اوساطاً عراقية عديدة تؤكد بأن ميليشيا «جيش المهدي» الايرانية الهوى، كانت أول من بدأ الحملة على المسيحيين في البصرة وبغداد.

اما الخطأ الثاني الذي وقع فيه نصرالله فكان محاولته عزل المسيحيين في لبنان وفصلهم عن البعد الوطني العام الذي تنطوي عليه مواقف قياداتهم من شرعية سلاحه، وتحريضهم على بعضهم بداعي ان المشكلة باتت عندهم فقط وتحتاج الى توافق بينهم. وبكلام أوضح، فإما ان تمتنع الاحزاب المسيحية عن التعرض لدولة الامر الواقع التي يديرها، وخصوصا بعد الطعن الدستوري الذي قدمه حزب «الكتائب» في اعتراف البيان الوزاري بالمقاومة كيانا مستقلاً عن الدولة وداخلها، وإما سيكرر معها تجربة بيروت «السنية» التي احتلها بالقوة المسلحة.

وقد فات «حزب الله» ان محاولات مماثلة في الماضي القريب لعزل المسيحيين بسبب مطالبتهم بضبط انتشار السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان وخارجها، وتمسكهم بسيادة الدولة واصرارهم على بقاء قرار السلم والحرب في يدها، منيت بفشل ذريع باعتراف الذين كانوا قائمين عليها، وان تكراره هذه المقاربة للوضع المسيحي تعني انه غير عابىء بتحالفه مع احد اطرافه. ان تفهم مسيحيي الاكثرية لمواقف زعيم الطائفة السنية سعد الحريري من العلاقة المستجدة مع سورية في اطارها الإقليمي الاوسع، واعتماده صيغة مرنة لبيان حكومة الوحدة الوطنية، لا يفرض عليهم الذوبان فيها، والتراجع عن مواقف مبدئية تلقى تأييد غالبية اللبنانيين.

 

"حزب الله" في سنة: رياح التحوّلات صبّت في مصلحته فغادر الواجهة مراهناً على استقرار يقصيه عن سهام الآخرين

ابراهيم بيرم/النهار  

في نهاية العام الخامس على الانهيار السريع والمريع لمعادلة الحكم التي سبقت اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بدا "حزب الله" في وضع المرتاح، او في وضع استراحة المحارب الذي يتعاطى مع نفسه على اساس انه نجح بعد مشقة ولأي في تجربة مواجهة دائرية مريرة، بدأت منذ ان دخل مكرهاً  ميدان ملء الفراغ الناجم عن انكفاء ظل الوجود العسكري والسياسي السوري النافذ والمؤثر عن الساحة اللبنانية، ونجح في وضع حد لمعادلة مناهضة له، او على الاقل لا تشاطره توجهاته ورؤاه الداخلية والاقليمية، وكسب الرهان على ارساء اسس تسوية سياسية جديدة يعتبر ان رياحها مؤاتية له، وان كان يدرك تمام الادراك انها ما برحت في حاجة الى امتحانات عدة داخلية واقليمية، لكي تصير ثابتة الى مدى زمني منظور او على الاقل الى زمن يمكن التكهن بمداه.

ثمة في الحزب من يرى أن "التسوية" الجديدة أتته على "طبق من ذهب"، او من حيث لا يحتسب خصوصاً بعد "الضربة" التي لا يستهان بها والتي تلقتها حسابات دوائره التي كانت تظن ان هامش الخطأ عندها ضئيل الى درجة الانعدام، وهي الضربة التي تمثلت بانهيار آمالها في الحصول على اكثرية نيابية كانت تَعِدُ نفسها وجمهورها بها مطلع ايار الماضي.

يومذاك، صُدمت تلك الدوائر فعلاً إذ لم تترك احصاءاتها المسبقة واستطلاعاتها اي هامش خطأ ينبئها بأن كفة الفوز النيابية ستكون وبأكثرية مريحة راجحة لمصلحة خصمها السياسي.

طبعا دارى الحزب هذا التهافت لحساباته وعوّض هذا الاخفاق البيّن بالقول ان الاكثرية الشعبية صبت لمصلحة لوائح المعارضة التي امتدت من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال بفارق يتجاوز الـ150 الف صوت. وقد تعددت لدى الحزب القراءات والتحليلات للأسباب والعناصر التي حالت دون تحقق حساباته بالفوز الاكيد والراجح في الانتخابات، فكانت له قراءاته المعلنة والتي عزاها الى ان خصومه غالوا في حشد العصبيات والتوترات المذهبية والطائفية، واسرفوا في استخدام عنصر المال، ولكن في قراءاتهم الداخلية المضمرة ثمة قراءة اخرى لم يفصحوا عنها في وقتها وفحواها ان حلفاءهم، ولا سيما منهم المسيحيون، كانوا ضعفاء دون المتوقع في ثلاث دوائر هي زحلة وبيروت الاولى والكورة، ومع ذلك لم تبلغ النتائج حدود "الكارثة" اذ كان الخصم برأيهم يسعى الى فوز اكبر من ذلك في دوائر كسروان والمتن الشمالي وبعبدا.

لا تنكر دوائر الحسابات والقرار لدى الحزب أنها عاشت بُعيد صدور نتائج الانتخابات لبعض الوقت حالة "انعدام وزن" او ضياعاً نجم عن خربطة اوراقه وحساباته، اذ خال نفسه وحلفاءه امام مواجهات قاسية مع الخصم الذي استخدم كل "الاسلحة" السياسية المحرمة والمشروعة في آن واحد.

ولكن هذا الامر لم يطل اذ حلت بعده سكينة أتت من جانب الخصم نفسه الذي حشد كبير جهد لكسب المعركة الانتخابية، وتمثلت تلك "السكينة" الوافدة من خارج كل الحسابات، برغبة الطرف الآخر في تأمين شبكة امان داخلية، تسمح له بالقبض براحة على زمام الحكم من خلال القبول بحكومة وحدة وطنية تكون مزيجا من ألوان الطيف السياسي الاكثري والاقلوي، وليست مقصورة فقط على لون سياسي واحد.

كان الحزب، بحسب مصادر قيادية فيه، مقيما قبيل موعد فتح صناديق الاقتراع في 17 أيار الماضي على معلومات فحواها ان السوريين والسعوديين ارسوا سلفا تفاهما يتصل بمستقبل الشأن اللبناني قوامه التوافق على نهوض حكومة وحدة وطنية بصرف النظر عن النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع في جولة الانتخابات النيابية.

بيد أن هذه "المسلّمة"، على بلاغتها واهميتها، لم تكن بالنسبة الى الحزب باب العبور الى مرحلة الاطمئنان، فخصومه الذين ابدوا منذ البداية قبولا بأن يكون هو شريكهم الذي لا بد منه لتنثني له وسادة الحكم وتستوفي شروط "النصاب الوطني" في الحكومة الوليدة، على نحو لا تتكرر معه تجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى التي لم يدم حكمها فعلياً سوى اشهر قلائل، حاول منذ البداية فرض شروط مسبقة على نوعية المشاركة وشكلها وحجمها وعناصرها على نحو لا تتكرر معه تجربة "الثلث الضامن" التي عاند هذا الفريق وكابر لكي لا يجعلها ثابتة من ثوابت معادلة الحكم، وحاول لاحقا بعدما ارتضى به مكرها اثر اتفاق الدوحة، ان يعطيها صفة الحدث المرحلي الاضطراري الذي زال بزوال اسبابه.

وبمعنى آخر كان جليا بالنسبة الى الحزب وحلفائه ان خصومهم في قوى 14 آذار صاروا يتصرفون على اساس ان الفرصة باتت مؤاتية للتحرر من موجبات اتفاق الدوحة وجولة العنف بعد 7 ايار عام 2008 التي أفضت الى هذا الاتفاق الذي لم ينظر اليه هذا الفريق في اي لحظة نظرة ارتياح.

وفي ظل هذا السجال حول "زوال" معادلة الدوحة، برزت فجأة الى الواجهة فكرة حكومة الوحدة الوطنية بالوزيرين المضمرين لكل من الاقلية والاكثرية، ضمن حصة رئيس الجمهورية، فكانت بمثابة "حبل النجاة" او "حبل السرة" الذي انعش آمال الحزب إذ وجد فيها ضالته المنشودة، الى درجة ان احد البارزين في قيادة الحزب اسرّ الى بعض جلسائه انه الامر الوحيد الذي نريده، ولا تهمنا بعده المناصب الوزارية، ولا نوعية الوزارات التي سنحصل عليها.

ولكن ما كان الحزب زاهدا به كان حلفاؤه، وخصوصاً زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون، راغبا فيه وحريصا عليه، لذا سلك الحزب مسلكا نوعيا تمثل بالوقوف في حزم خلف حليفه العماد عون، معلنا للملأ انه اما ان يدخل حكومة الوحدة الوطنية مع حليفه راضيا مرضيا، وإما لن يدخلها مطلقا، وفي الوقت عينه اختار ان ينأى بنفسه عن السجالات الحادة التي واكبت عملية التأليف وارضاء الافرقاء بقسمة الوزارات.

هذا "الاستنكاف" من جانب الحزب لم يدم طويلا، فبعد نحو خمسة اشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف حكومته الأولى، وبعدما بدا وكأن البلاد متجهة نحو ازمة وزارية، ظهر الحزب فجأة بمظهر المعطل للاذن باستيلاد الحكومة، فقد انبرى أمينه العام السيد حسن نصرالله للتوسط، بين اركان المعارضة الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية. وانتهى هذا اللقاء النادر باعطاء الضوء الاخضر لولادة الحكومة الثلاثينية من خلال الاعلان عن قبول آخر صيغة قدمها الرئيس المكلف آنذاك للمعارضة ولا سيما للعماد عون.

وقيل آنذاك إن ضغوطاً معنوية مارسها السيد نصرالله على حليفه عون للقبول بالصيغة الاخيرة المعروضة عليه والتي لبت ثلاثة ارباع مطالبه، لأن ثمة ايحاء أتى من دمشق لاقى قبولا وهوى في نفس الحزب، يوصي بضرورة اعطاء الموافقة على تأليف الحكومة، لأن المماطلة والمساومة بدأتا تعطيان مفاعيل عكسية، خصوصا بعدما نجح الفريق الآخر في تحميل الحزب من دون سواه مسؤولية اطالة امد ظهور الوليد الحكومي، واطالة فترة معاناة الوطن، من خلال دعمه وتأييده للعماد عون.

أمنيتان كبيرتان

وهكذا اعتبر الحزب ان هذا "النهج" الذي مارسه طوال الاشهر الخمسة التي أعقبت ظهور نتائج الانتخابات النيابية، وفتح الباب امام ظهور التسوية التي تجسدت عمليا بحكومة الوحدة الوطنية التي حققت له في آن امنيتين كبيرتين كانتا بالنسبة اليه في موضع الهواجس الكبرى، منذ لحظة شعوره بـ"العري" السياسي اثر الخروج السوري، وهما:

1 - اخراج موضوع سلاحه المقاوم من دائرة التجاذب الداخلي، الذي ينأى به عن تصويب البعض عليه واعتباره معيقا لمشروع الدولة أو عامل خوف واوصاف اخرى. وبالطبع ازداد اطمئنان الحزب في هذا المجال منذ ان انعقدت المصالحة العزيزة بينه وبين النائب وليد جنبلاط، ومنذ ان بلغه ان الرئيس المكلف تأليف الحكومة اخذ على عاتقه اعادة العمل بالبند نفسه الذي يشرع بشكل او بآخر سلاح المقاومة، والذي كان مدرجا في البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية، وهو ما تحقق لاحقا.

2 - اخراج السنّة في لبنان من دائرة التصادم المحتمل مع الشيعة، او بمعنى آخر اغلاق باب الفتنة المذهبية بشكل محكم.

وهنا لا يستطيع الحزب ان ينكر انه عانى كثيرا على المستوى المعنوي، وهو يشاهد التصويب على سلاحه آتياً من جانب قسم كبير من سنّة لبنان، ولكن هواجسه ومخاوفه من احتمال اندلاع فتنة مذهبية، بدأت بالتراجع والتقلص شيئا فشيئا حتى درجة الانعدام في الآونة الاخيرة، وبالتحديد منذ ان انقلبت الامور في بغداد، ومنذ ان تيقن ان هذا الامر شبه مستحيل في بيروت، وان كان ثمة من هيأ له المسرح فأخفق.

والآن بدأ الحزب يتعامل مع الامر وكأنه في حكم الماضي الذي لا قابلية له للعودة مجددا.

ولكن اذا صار الحزب مقيماً على اطمئنان لجهة انسداد سبل الهجمة السنية – الدرزية على سلاحه وموقعه المقاوم، فإن السؤال المطروح هو ما الذي دفع قائد الحزب الى التوجه في اليوم الاخير من عاشوراء الى بعض المسيحيين بهذه اللهجة التحذيرية غير المسبوقة في اي خطاب له، منبها اياهم من الانزلاق في رهانات يرى انها خاطئة من خلال تنكب "مهمة" التسديد على المقاومة واستهدافها بكرة واصيلا؟

القضية للقريبين من دوائر الحزب، ليس مصدرها فقط تلك "الحركة" السياسية المفاجئة التي قام بها رئيس حزب الكتائب امين الجميل، والتي تمثلت بمحاولة الطعن في المجلس الدستوري بالبند السادس في البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية، وهي الخطوة التي وئدت في مهدها وباءت بالخسران، بل ان ثمة تراكماً لسلسلة خطوات مماثلة بدأت منذ زمن وشارك فيها اكثر من موقع مسيحي سياسي وروحي، بدا معها وكـأن ثمة من يريد احياء الرهان على بعض الخيارات التي جربت اكثر من مرة وعادت بالسلبيات على المجتمع المسيحي وعلى الوطن كلاً.

وثمة اسباب اخرى دفعت بقيادة الحزب الى اطلاق هذا "التحذير" في هذه المرحلة بالذات، ابرزها ان الحزب لا يجد نفسه منذ نشأته في مطلع عقد الثمانينات انه كان في يوم من الايام على خط تماس او مواجهة في صراع مع المسيحيين حتى ابان الحرب الاهلية. وهو فوق هذا وذاك كانت له تجربة فوق "الشبهات" جلّها الكثيرون مع مسيحيي منطقة الشريط الحدودي سابقا في اعقاب نجاحه في تحرير الجنوب ودفع العدو الاسرائيلي الى الانكفاء. وكان تفاهم الحزب مع العماد عون وتياره منذ شباط 2006 تجربة ناصعة ورائدة بالنسبة الى الحزب، وتجسيداً نموذجياً لأي علاقة ارتقت من مستوى التفاهم الى مستوى التحالف، فهو يعتبر ان هذه العلاقة تركت بصماتها وتأثيراتها داخل مجتمع الحزب وعلى نمط تفكيره وتوجهاته ورؤيته وعلاقته بالاخر، فيما تمخضت بشكل أو بآخر عن تكوين رأي عام مسيحي وازن ومؤثر يندفع بوضوح وقوة لأخذ خيارات جلية وواضحة، سواء في فهمه لكثير من قضايا الوطن، او للعلاقة مع سوريا على نحو بلور الشخصية المشرقية للمسيحيين في لبنان.

وفي احداث 7 ايار 2008 كان ثمة حرص من جانب الحزب على تحييد المناطق المسيحية عن اي تداعيات لتلك الاحداث، وحتى خط الشياح - عين الرمانة الذي جسد منذ بدايات احداث الحرب الاهلية عنوانا للتوتر وللصراع الطائفي، كان ثمة حرص كبير لدى الحزب على النأي به عن هذه الصورة غير المشرقة فأمسى بعد التفاهم خطاً للتواصل.

وعليه، فإن اقتناعات الحزب بلغت في المرحلة الاخيرة الاعتقاد بأنه نجح الى حد كبير في نسج علاقة مختلفة ونوعية مع المسيحيين عموما، لذا كان شاقا على قيادة الحزب ان ترى انه في لحظة العمل لهدنة داخلية حقيقية من شأنها ان تقود لاحقا الى الانفتاح على تسويات واعدة، من يعمل عن سابق تصور وتصميم على اعادة المسيحيين الى المراحل والخيارات المرة التي آذت المسيحيين وجعلتهم يدفعون الاثمان الباهظة.

ولا تخفي دوائر في الحزب ان توجه السيد نصرالله الاخير الى المسيحيين انما هو توجه الراغب فعلا في الحيلولة دون عودة زمن التصادم ومناخات الاحتقان، علما ان الجميع بات على اقتناع بأن هذا كله يصدر عن قوى تحاول ان تعلي صوتها لتظهر في حجم منفوخ ليس هو حجمها الحقيقي، لذا فهو يقارب الامر من منطق الراغب في حوار حقيقي حول الخيارات غير الخاطئة، وخصوصاً أن ثمة متغيرات عميقة في الداخل وفي المنطقة يتعين على الجميع قراءتها بعمق.

وفي كل الاحوال، بدا الحزب في وضع المرتاح الى ان الاشهر الثلاثة الاخيرة من السنة التي شارفت نهايتها، اوشكت رحلة المعاناة التي فرضت عليه بعد انقلاب الاوضاع الداخلية رأسا على عقب في اعقاب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واملت عليه تسلم دفة قيادة المواجهة في الداخل، وجعلته قطب الرحى، على الانتهاء، ليبدأ شكلا جديدا من اشكال التعاطي مع الاوضاع ونمطا مختلفا من انماط الامور والوقائع.

حالة سياسية جديدة

وثمة من يعتقد ان فترة السنة كافية لارساء اسس حالة سياسية جديدة بمواصفات مختلفة عن مواصفات المرحلة الماضية، مما من شأنه ان يخلق واقعا سياسيا آخر.

اذاً يبدو واضحا ان "حزب الله" يترك حبل اللعبة السياسية في البلد على غاربه للرئيس الحريري لادارة معادلة الحكم، ولحليفه العماد ميشال عون لادارة لعبة المعارضة والاصلاح ومواجهة اشكال الفساد والانحراف، ولحليفه الرئيس بري ليكون الممثل الحقيقي للشيعية السياسية في ادارة البلاد، فيما سيكون هو الى حد ما نائيا بنفسه عن تفاصيل اللعبة السياسية اليومية، ويكتفي باطلالات امينه العام التي تحدد الاطر العامة لتوجهاته.

واذا كان ثمة من يرى ان الحزب سيقدم بهذا السلوك المرتقب منه في قابل الايام، نموذجا عن الموقع الذي سيكونه والدور الذي سيضطلع به، وهو الدور الذي لا يتهمه به احد بالاطباق على السلطة، والاجهاز على التركيبة، والقضاء على الميثاق، فإنه يعتبر ان الحزب قدم بالوثيقة التي اطلقها اخيرا  نموذجاً آخر عن تطور فكره السياسي والرؤيوي للآخر وللكيان "ورقيه الايديولوجي". ليست المرة الاولى يطلق الحزب وثيقة سياسية بعد انفضاض مؤتمره العام، ولكنه شاء هذه المرة ان يسلط عليها هذا الكم من الاضواء ويثير حولها هذا الحيز من النقاش والسجال ليقول في الخاتمة انه حزب قابل للتطور، وغير جامد من اصوله الفكرية ورؤاه السياسية الاولى.

وبمعنى آخر ثمة من يرى ان الحزب اراد بهذه الوثيقة ان يقول لمن يعنيهم الامر، انه بدأ للتو التأسيس الثالث له. فالذين واكبوا الحزب منذ ولادته على يد الحرس الثوري الايراني في مطالع عقد الثمانينات، يعرفون ان تأسيسه الاول انتهى بعد تغير امينه العام الاول الشيخ صبحي الطفيلي عام 1991، حيث عقد الحزب يومذاك مؤتمراً عاماً خرج من لدنه حزباً آخر، يسعى الى دخول العاصمة بعدما امضى الاعوام العشرة الاولى من حياته في ضاحيتها وفي الجنوب رافضا كل التركيبة السياسية.

عامذاك ظهر الامين العام الجديد للحزب السيد عباس الموسوي (استشهد لاحقا في الجنوب في غارة اسرائيلية استهدفت موكبه) يجول على القيادات السياسية، يدخل للمرة الاولى على بعضها، يتحدث بخطاب جديد، يخرج الى الناس في احيائهم متحدثا عن مطالب المحرومين والبسطاء.

واستكمل الحزب دوره التحولي والمفصلي هذا، بإعلانه خوض غمار الانتخابات النيابية الاولى بعد الطائف عام 1992. ولم يكن هذا القرار بسيطا لدى حزب بنيت ايديولوجيته الاولى على تحريم التعامل شرعا مع كل اجهزة الدولة اللبنانية ومؤسساتها، ومع الامين العام الجديد آنذاك السيد حسن نصرالله اكتمل عقد التأسيس الثاني للحزب وبدأ التطور.

وعليه، فإن ثمة من ينطلق من ذلك كله ليقول بأن الحزب رغب عبر وثيقته الجديدة الصادرة عن مؤتمره الاخير الذي تأخر اكثر من سنة على موعده الاعتيادي في ان يعلن اولا انه يدخل طور تأسيسه الثالث، ويظهر حجم التغير فيه، وان يظهر ثانيا قدرته الهائلة على التكيف مع المستجدات التي تعامل معها خصوصا في الاعوام الخمسة الماضية التي اخرجته مخارج وادخلته مداخل اخرى.

يبدو "حزب الله" بهذه الوثيقة وكأنه يقبل بالنظام اللبناني كما هو، بتعقيداته وبسلبيته، ولا يزعم انه يريد انقلابا عليه او مخاصمته او أخذاً بيده نحو آفاق مجهولة، او توجهات متطرفة.

ويبرر الحزب لجمهوره الامر بأن الوثيقة "معبرية" ويعلن طلاقه مع "الطهرانية" السياسية المتجردة التي لبس عباءتها لحظة انطلاقته الاولى. والشيء الثابت بالنسبة له والذي لم يشأ ان يساوم عليه هو استمراره حاضرا في حمأة الصراع العربي – الاسرئيلي. لذا ثمة من يرى أن "حزب الله" اراد من خلال روحية هذه الوثيقة ان يقول لمن يهمه الامر في لبنان، "انا اقبلكم كما انتم، ومستعد ان اجاريكم بلعبتكم السياسية التي ما برحت تنتج نفسها بشكل او بآخر منذ عام 1943 حتى اليوم، وتأبى التطور والتحول، ولكن اقبلوني كما انا في ميدان مقاومة اسرائيل".والسؤال: هل تنجح هذه المعادلة؟ او هل يقبل الآخرون بهذه المساكنة التي تبدو مكلفة وصعبة؟

   

حلفاء لـ"حزب الله" فضّلوا لو حصر مواقفه بقوى محدّدة

دوافع غامضة لمقاربة نصرالله المفاجئة حيال المسيحيين

روزانا بومنصف/النهار

على رغم صدور تصريحات استيعابية وتبريرية للملاحظات الاخيرة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله من جانب من يُعتبرون حلفاء سياسيين له، فان مقاربته موضوع المسيحيين في لبنان في خطابه في ذكرى عاشوراء لم تكن موفقة حتى بالنسبة الى هؤلاء الذين حاولوا التخفيف مما يمكن ان يقطفه سياسيا المعترضون المسيحيون وغير المسيحيين. فكانت ردود الفعل وطنية عامة تتخطى الاطار المسيحي الى طوائف اخرى ومراقبين اعتبروا ان الخطاب يحاول ان يفرض ميزان قوى جديدا تماما كما حصل في المراحل السابقة من خلال وضع الآخرين في موقع اتهام وتاليا دفاع.

وواقع الامر ان ما توجَّه به السيد نصرالله الى المسيحيين على نحو خاص بدا مفاجئا للجميع، والبعض يقول محرجا للحلفاء قبل الاخرين الذين وجدوا مجالا رحبا للرد بمشروعية قوية لاسبابهم ومنطقهم ايضا، اذ لم يفهم مراقبون كثر الاسباب التي دفعته الى هذا الكلام في الشكل والمضمون كما في التوقيت، وما إذا كان السبب انزعاجا من الاصرار على اثارة موضوع سلاح الحزب في كل مناسبة والتذكير بعدم وجود اجماع وطني عليه انطلاقا من الاشكالية التي يثيرها لدى اللبنانيين باعتبار ان مسؤولي الحزب يردّون بانفعال على كل ما يتصل بموضوع السلاح، على رغم قبول اللبنانيين لمناقشته على طاولة الحوار. ام ان السبب هو توتر يعود الى الانفجار الذي حصل في مكتب حركة "حماس" في الضاحية على رغم اعتقاد البعض ان الحركة غير مسلحة في لبنان مما يرمي الكرة في ملعب الحزب. علما ان بعض التساؤل ينسحب ايضا على ما اذا كانت ثمة رغبة في صرف الانظار عن الموضوع الايراني، لتفجره على نحو خطير في الداخل بحيث يحمل مؤشرات بالغة الخطورة بالنسبة الى ايران والحزب على السواء ليس اقلها ان كلفة التمديد لأحمدي نجاد بالنسبة الى النظام الايراني تكاد تشبه في عناوينها وتبعاتها الخطيرة على هذا النظام الذي اطلق النار على المواطنين في ذكرى عاشوراء تكاليف قرار التمديد للرئيس السابق اميل لحود بالنسبة الى سوريا. علما ان عوامل التوتر من التهديدات الاسرائيلية والمخاطر التي يستشعرها السيد نصرالله قد تكون عاملا اضافيا في هذا الاطار.

ففي مسألة التوقيت مثلا يبرز عامل مقارنة السيد نصرالله المسيحيين في لبنان بالمسيحيين في العراق، بالتزامن مع نشر وسائل الاعلام اخبارا من العراق تحدثت عن الغاء المسيحيين احتفالاتهم هذه السنة بعيد ميلاد السيد المسيح لتزامن هذه الاحتفالات مع احتفالات الطائفة الشيعية بذكرى عاشوراء، علما ان اجراءات امنية شديدة اتخذت لحماية ليس فقط الكنائس الكبيرة على ما جرت العادة بل ايضا الكنائس الصغيرة. ورغم ذلك فان اعتداءات حصلت على المسيحيين واتُّهموا بتكوين " ميليشيا مسيحية " تتعاطى مع الاكراد، وفق ما جاء في هذه الاخبار. وهذا يشير الى ان المسيحيين يعيشون وضعا غير صحيح في العراق في المرحلة الراهنة. وكان للمقارنة التي اجراها الامين العام لـ"حزب الله" اثر سلبي وهو يعظ المسيحيين بما يجب ان تكون عليه خياراتهم السياسية علما ان المسيحيين في العراق لم يأتوا بالاميركيين الى بلادهم ولا هم استفادوا من وجود الاحتلال الاميركي في حين فعل الآخرون ذلك.

وثمة من يعتقد ان المضمون الذي اورده الامين العام لـ"حزب الله" ليس باهمية الشكل، على رغم تكامل العاملين في اثارة انطباعات مقلقة. فهناك رد فعل سياسي متعدد الطوائف على كلام السيد نصرالله في المجالين، اي الشكل والمضمون، اذ سجل البعض تناقضا بين ترحيب الامين العام للحزب بالجميع في حكومة الوحدة والانتقال سريعا الى ما اعتبره كثر اعطاء الدروس من موقع بدا للمنتقدين استفزازيا على نحو مختلف عن الترحيب متطرقا الى مواضيع لا تبدو في محلها ولا في سياقها كأنه يعلو بموقفه ويتصرف على انه المرجعية التي هي فوق الجميع ناصحا ومحذرا ومحددا مواعيد للهدنة في مكان ومسلطا سيف الاتهام للاخرين على نحو دائم في مكان اخر.

وثمة بين حلفاء الحزب من كان يفضل لو حصر السيد نصرالله رده على من يقصدهم بالاسم. فاذا كان منزعجاً من الطعن الذي أعده حزب الكتائب لكان عليه تسميته، علما ان جُلَّ ما قام به هذا الاخير هو عزمه على تقديم طعن بالوسائل الدستورية، كأنما المجال بات يضيق حتى امام وسيلة تعبير ديموقراطية جزم الجميع بعدم وصولها الى اي مكان بمن فيهم حزب الكتائب نفسه. كما كان عليه تسمية "القوات اللبنانية" اذا كان يعكس اجواء داخلية وسورية يقول البعض انها تتنامى ضد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات، ذلك انه حين وضع المسيحيين في سلة واحدة فانما اقر على نحو ضمني ان الغالبية المسيحية لم تلتحق بالخيار السياسي الجديد الذي قام به العماد ميشال عون منذ تحالفه مع الحزب، وان هذه الغالبية هي التي لا تزال مؤثرة لدى المسيحيين. وهذا الموقف لا يقوي حلفاءه المسيحيين بل يضعفهم، شأنه في ذلك ما حصل في محطات متعددة في الاعوام القليلة الماضية.

  

تعليقاً على دعوة نصر الله إلى "نقاش هادئ" حول الخيارات

هل يؤيد "لبنان أولاً" مع بقائه خارج صراعات المحاور؟

اميل خوري/النهار

ترى جهات دينية وسياسية مراقبة، ولها قراءتها للمتغيرات والتحولات المحتملة محلياً واقليمياً ودولياً، ان تستجاب دعوة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله من أجل "نقاش هادئ حول الخيارات الحالية والمستقبلية والاستفادة من كل تجارب الماضي"، وقوله "إن مصلحة المسيحيين في لبنان هي في لبنان وليست في أي مكان آخر"...

إن هذه الدعوة هي في الحقيقة والواقع دعوة المسيحيين الدائمة الى شركائهم في لبنان منذ ما قبل الاستقلال وخلاله وبعده، وقولهم المكرر لجميع اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم ان ليس لهم وطن سوى لبنان والا يكون لهم ولاء إلا له، وكان هذا من أسباب الاختلاف في الرأي، وأن على من يؤمنون بشعار "لبنان أولاً" لا بل "وأخيراً" شعاراً حقيقياً وصادقاً أن يكونوا لبنانيين أولاً، لا أن يكونوا سوريين او سعوديين أو مصريين أو فرنسيين أو أميركيين أو ايرانيين كما هي حال بعضهم اليوم، وإن عليهم أن يعودوا الى شعار ميثاق 1943: "لا للشرق ولا للغرب" وهو شعار لم يطبق ويا للأسف تطبيقاً صحيحاً ولا احترم احتراماً تاماً، فما إن مضى وقت على نيل الاستقلال حتى عادت فئة لبنانية "تشرِّق" وفئة "تغرِّب" وتحول لبنان ساحة مفتوحة لصراعات المحاور العربية والاقليمية والدولية، فانقسم اللبنانيون بين مؤيد لهذا المحور ومناهض له، بعدما ظن كثيرون أن الساحة التي كانت مفتوحة قبل الاستقلال سوف تغلق بعده، إلا انه حصل العكس فانقسم اللبنانيون بين مؤيّد لفرنسا ومؤيد لبريطانيا، وبين مؤيد لـ"التيار الناصري" ومناهض له، وبين مؤيد للتنظيمات الفلسطينية المسلحة ومناهض لها الى حدّ الدخول في حروب عبثية مدمرة، وبين مرحب بدخول القوات السورية الى لبنان ومتصد لها، ثم أصبح من كان مرحباً بها يطالب بانسحابها الكامل، ومن تصدى لها صار يطالب ببقائها بسبب اختلاف الأهداف وتضارب المصالح.

وينقسم اللبنانيون اليوم بين من هو مع المحور السوري – الايراني ومن هو ضد المحور ومستعد للاستعانة بأي خارج كي ينتصر عليه...

وما دام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله دعا المسيحيين لأن يكونوا للبنان وحده وقد كانوا دائماً له وليس لسواه، وان يتحاوروا في ما بينهم على ضوء قراءة للمتغيرات المحلية والاقليمية والدولية، فلماذا لم يدع المسلمين أيضاً الى ذلك. فلبنان ليس للمسيحيين وحدهم ولا للمسلمين وحدهم، بل هو لكل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم ومذاهبهم.

وقد سرّ المسيحيين جداً قيام تكتل نيابي واسع بزعامة رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري وهو رئيس الحكومة الحالية، سمّي "تكتل لبنان أولاً"، لكنهم أسفوا عندما سمعوا أصواتاً ترتفع بانتقاد هذا الشعار واعطائه تفسيرات لا تنطبق على الحقيقة ولا مع أهدافه ومراميه، وكأن هؤلاء يريدون أن يبقى غيره أولاً ولبنان أخيراً وأن يبقى ساحة مفتوحة لصراعات المحاور كما كان في الماضي وكما هو في الحاضر، وعسى ألاّ يبقى كذلك في المستقبل.

الواقع أن جميع اللبنانيين هم مع ترتيب العلاقات اللبنانية – السورية على قاعدة الأخوة الصحيحة والتعاون الصادق وليس على قاعدة الأخوة المزيفة والتعاون الخادع، وجميعهم يريدون تشابك الأيدي وتضافر الجهود لمعالجة مشكلات لبنان وشعبه على قاعدة أولويات الناس التي أعلنتها حكومة "الوحدة الوطنية" برئاسة سعد الحريري، ولكن ليس لتحقيق المصالح الذاتية على حساب مصالح الوطن والمواطن، وسوف تكون هذه الأولويات موضوع اختبار لهذه الحكومة، فإما أن تستحق صفة حكومة "الوحدة الوطنية" بانجازاتها وأعمالها الحسنة فتحظى عندئذ بثقة الشعب، وإما أنها لا تستحق هذه الصفة إذا تحولت حكومة متاريس وصراعات على الوظائف والمنافع والحصص.

وما دامت مصلحة المسيحيين في لبنان هي في لبنان وليست في أي مكان آخر على حدّ قول السيد نصر الله، وهم يعرفون ذلك، فإنهم يدعونه ومع من هم معه الى أن يكون موضوع "لبنان أولاً" على طاولة الحوار لدى انعقادها في القصر الجمهوري لاجراء نقاش هادئ حول الخيارات الحالية والمستقبلية والاستفادة من تجارب الماضي. وإذا كانت نتيجة رهان بعض المسيحيين على هذه الدولة أو تلك أوصلت لبنان الى ما هو عليه، فإن رهان بعض المسلمين أيضاً كان من أسبابه.

والسؤال المطروح هو: هل اللبنانيون على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم، مستعدون لأن يجددوا العهد ويلتزموا شعار "لا تبعية لشرق ولا لغرب" وأن يكونوا للبنان وحده من دون سواه، لبنان الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها، وألا تكون دولة سواها ولا سلطة إلا سلطتها ولا سلاح إلا سلاحها، وألا يبقى لبنان ساحة مفتوحة للصراعات المحلية والعربية والاقليمية والدولية؟ هل هم مستعدون لأن تكون معادلتهم الميثاقية الجديدة ليست "لا للشرق ولا للغرب" بل انفتاح على الشرق وعلى الغرب ترسيخاً لاستقلال لبنان وكيانه، وان يكون هذا شعار الجميع بصدق وإخلاص، وأساساً للوطنية الحقة، وركيزة الوحدة الوطنية الراسخة والعيش المشترك الثابت والدائم؟

ويقترح أصحاب هذا الرأي ان يكون موضوع مستقبل لبنان ولبنان المستقبل مطروحاً على طاولة الحوار لدى انعقادها في القصر الجمهوري ويكون هو الموضوع الأساسي، لأن لا دولة بدون وطن ولا وطن بدون دولة، وان يجري البحث في تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور الاقليمية والدولية ترجمة لشعار: لا تبعية لشرق أو لغرب وان يصير اتفاق على الصيغة التي تجعل لبنان مركزاً لحوار الأديان والحضارات لتحصين سيادته واستقلاله وحريته، فلا يظل ساحة بل دولة، إذ لا جدوى من البحث في موضوع آخر مثل "الاستراتيجية الدفاعية" لأنها مضيعة للوقت خصوصاً إذا ظلّ "حزب الله" لا يقبل إلا بالتنسيق او التزاوج بين سلاحه وسلاح الدولة ويرفض وضع سلاحه بأمرة الدولة لتفادي استمرار الخلل في التوازن الداخلي والخوف منه والتخويف به، ولتجنب احتمال قيام عناصر يقال عنها "غير منضبطة" باستخدام سلاحها في غير زمانه ومكانه، فيتعكر صفو الأمن وتواجه البلاد خطر الفتنة. عدا أن أي استراتيجية يتم الاتفاق عليها، إذا لم تكن مشتركة مع سوريا لا بل مع الدول العربية المحيطة باسرائيل، فإنها تبقى استراتيجية لا فاعلية لها، إنما هي استراتيجية "تقطيع الوقت".

 

هل تعود «قرنة شهوان» مدعومة ببكركي على أنقاض «14 آذار»؟

سعيد : تبريد مع سوريا على قاعدة تصحيح العلاقات العربية واستمرار مواجهة السلاح

ايلين عيسى/الديار

المرحلة الجديدة التي انطلقت بعد القمة السورية - السعودية وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري ثم زيارة الحريري لدمشق، يبدو انها تتجه شيئا فشيئاً الى اعادة الستاتيكو السياسي الذي كان سائدا في المرحلة السابقة للعام 2005، ولكن من دون عودة الوجود العسكري السوري طبعاً. وعودة هذا الستاتيكو في شكل من الاشكال تتجسّد عبر محاور عدة، فيها اعادة تشكيل التحالفات. وهذا الامر بدأ عملياً بعد احداث 7 ايار 2008 وعقد اتفاق الدوحة، ثم اعلان النائب وليد جنبلاط بعد الانتخابات الاخيرة خروجه من تحالف «14 آذار» كما يتجسّد في المصالحات التي جرت بين جنبلاط من جهة وكل من النائب ميشال عون والنائب سليمان فرنجية من جهة اخرى.

كما ان التطورات الاخيرة تعني عملياً انتهاء ازدواجية وجود فريقي «8 آذار» و«14 آذار» كفريقين سياسيين متنازعين ومنقسمين حول نقاط وثوابت اساسية محلياً واقليمياً.

وقد كرّس البيان الوزاري للحكومة الحالية هذا الواقع عندما تحدث عن المقاومة ودورها، كما ادّت زيارة الرئيس الحريري للعاصمة السورية الى تطبيع العلاقات مع دمشق او بداية تطبيعها على الاقل. وازاء الصمت اللافت للقوى غير المسيحية في «14 آذار» بالنسبة الى موضوع سلاح «حزب الله» التزاما بالتسوية التي اتفق عليها والتي تضمنها البيان الوزاري، يلاحظ موقف عالي السقف لبكركي حول هذا السلاح، في حين ان حزب الكتائب الذي حاول جمع تواقيع عشرة نواب لتقديم طعن بالبند المتعلق بالسلاح في البيان الوزاري لم يجد في الاوساط النيابية آذاناً مصغية. وتقول مصادر مطلعة ان «14 آذار» مرشح لان يعود مع الوقت الى ما يشبه «قرنة شهوان» ثانية، مع اظهار القوى الاسلامية داخل هذا الفريق تمايزات واضحة في المواقف ازاء الملفات الاساسية المطروحة على ساحة النقاش الداخلي.

وهذا الوضع سيعيد مرجعية بكركي الى لعب الدور المفصلي الذي كانت تلعبه ابّان ولادة «قرنة شهوان» والنداء الشهير الذي اطلقته من الديمان والذي دعا الى خروج الجيش السوري في لبنان. وتتوقع هذه الاوساط في اي حال ان يحمل بيان مجلس المطارنة الموارنة المقبل نفسا عالي النبرة، وان يحدّد الموقف من موضوع السلاح.

وفي هذا الاطار، يعتبر منسّق الامانة العامة لـ«14 آذار» النائب السابق فارس سعيد ان «حركة 14 آذار» ما زالت في الموقع المدافع عن قيام دولة الاستقلال بعدما انجز هذا الاستقلال، وان جمهور «14 آذار» ما يزال متمسكاً بمبادئ هذه الحركة، فيما النهضة الاستقلالية تأخذ مداها في كل الاتجاهات، على رغم ان القوى السياسية تتأثر بالتغيرات الاقليمية، والدليل على استمرار «14 آذار» النتائج التي حصلت عليها في الانتخابات الطلابية والنقابية».

وحول امكان عودة «قرنة شهوان» على انقاض «14 اذار» قال سعيد ان لا وجود لاي تجمع مسيحي خارج «14 آذار» وجميع الاطراف حريصة على استمرار الامانة العامة وعملها، وهي تواصل مهمتها واجتماعاتها. ومشروعها الدائم هو العمل على توحيد القراءة السياسية داخل «14 آذار» ووظيفتها سياسية وليست تقنية.

ويقول النائب السابق سعيد عن رأيه في التغيرات الاقليمية وانعكاسها على التحالفات الداخلية ان «14 آذار» خاضت المواجهة مع سوريا في العام2005 وربما انعكست الادوار اليوم.

فهناك اطراف الاكثرية الذين يريدون التبريد مع سوريا على قاعدة تصحيح العلاقات من ضمن ترتيب البيت العربي، ولكن في مقابل استمرار المواجهة في موضوع سلاح «حزب الله».

اما عن دور بكركي، فيؤكد سعيد «ان الصرح البطريركي يعبّر عن حالة وطنية وعن المبادئ والثوابت، وهو بمثابة الحرس الجمهوري للسيادة والاستقلال، وكما خاضت المعركة في العام 2000 هي الآن تخوض موضوع السلاح الايراني في لبنان. فالقوى السياسية عابرة، ولكن بكركي ثابتة في مواقفها الوطنية. فبالامس وقعت حادثة امنية في الضاحية الجنوبية، ولم يُسمح للدولة بان تقوم بواجباتها في هذا الموضوع الشاذ. وهذه الامور هي التي تحاول بكركي الاضاءة عليها». ويضيف سعيد ان الرئيس رفيق الحريري قال في العام 2000 ان الوجود السوري ضروري وموقت. ولكن بكركي استمرت في معركتها. ولاحقاً انضم الرئيس الراحل الى المعركة. والآن، وفيما البيان الوزاري يتحدث عن شعب وجيش ومقاومة، الا ان المعركة ايضاً ستستمر. وهكذا، فان التبدلات المنتظرة في المشهد السياسي الداخلي ستتوالى فصولاً ترجمة للتوافق العربي - العربي الذي تجلى في التهدئة الحاصلة على الخطين الداخلي والاقليمي. ومن ابرز تجليات المرحلة هي التحولات المرتقبة على صعيد التحالفات الداخلية.

 

«ما يجمع قوى 14 آذار هي المبادئ التي انطلقت لأجلها»

مصدر قيادي : الوثيقة السياسية لمسيحيي 14 آذار ستُعلن قريباً وتؤكد على عدوانية اسرائيل والتمسّك بالهوية العربية وبالطائف

فادي عيد/الديار

كثرت في الآونة الأخيرة، وخصوصاً بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى دمشق، التحليلات والتوقعات والاستنتاجات، التي تحدثت عن أفول نجم قوى الرابع عشر من آذار وانفراط عقد التحالفات التي انعقدت بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خصوصاً بعد التموضع الجديد والسياسة الجديدة التي اعتمدها النائب وليد جنبلاط.

وفي هذا الاطار وفي رد على هذه التحليلات، اكد مصدر قيادي في 14 آذار، ان 14 آذار حالة قائمة بغض النظر عمن يخرج وعمن يقول انه خرج.

لأن 14 آذار ليست تنظيماً ولا ائتلافاً انما هي تحالف، والتحالف يختلف عن الائتلاف، اي انه لا وجود لوثيقة مكتوبة على خلفية الاتفاق على عناوين معينة، كونها غير مؤلفة من تنظيمات سياسية متجانسة، لأن بعضها في اليمين وبعضها الآخر في اليسار، وبعضها في الوسط. فالرابع عشر من آذار هي في حالة كيانية من يخرج منها ومن يدخل اليها هي مسألة لا علاقة لها بالموقف من الحالة الكيانية. وسأل المصدر هل بإمكان النائب وليد جنبلاط الذي يقول البعض انه خرج من قوى 14 آذار ان يخرج عن مبادئ 14 آذار، كأن يقول انه لا يريد اجراء ترسيم حدود؟ وهل بإمكانه القول لا اريد سيادة الدولة على كل الاراضي اللبنانية؟ وبالتالي فانه وعندما يقول انني خارج 14 آذار، فانه ضمن 14 آذار بهذا المفهوم، لأن ما يجمع قوى 14 آذار هي المبادئ التي انطلقت لأجلها. كما سأل عن موقف النائب جنبلاط اذا طرح اي اقتراح على مبدأ السيادة مثلاً، هل سيصوت جنبلاط ونوابه ضد مبدأ السيادة.

فالرابع عشر من آذار، تابع المصدر، هي شعب كبير سبق كل القيادات، و14 آذار تعني الحرية والسيادة والاستقلال، وخارج هذه العناوين لا شيء اسمه 14 آذار.

14 آذار هي العلاقة الطبيعية مع الدولة السورية، بحيث نكون حريصين على الا يستخدم لبنان لأذية سوريا، والا تستخدم سوريا لأذية لبنان.

واكد ان 14 آذار مستمرة وقائمة ضمن هذه المعايير، وان المحافظة على الاستقلال والسيادة والمحافظة على النظام وعلى الفكر الاستقلالي هي مهمة 14 آذار، وبالتالي فان جميع أركان 14 آذار مع النظام ومع الفكر الاستقلالي ومع السيادة. وعن الوثيقة السياسية التي يجري الاعداد لها من قبل مسيحيي 14 آذار والتي ستعلن قريباً، لفت المصدر القيادي في 14 آذار الى ان الوثيقة هي بمثابة مبادرة تحدد الاخطار المقبلة على لبنان، وتعمل على جمع الصف المسيحي وتوحيد رؤيته السياسية مشيرا الى ان هدفها الاول هو تفعيل البلد وحمايته من مخاطرخارجية تتعلق بعدوانية اسرائيل، ومن مخاطر داخلية ناجمة عن الفتنة التي احدثتها 7 أيار. مشدداً على ان هذه المبادرة تقوم على وعي مسؤولية مسيحية تجاه البلد وتجاه 14 آذار وتتحرك في هذا الاتجاه. واوضح المصدر القيادي نفسه ان المبادرة ليست شكلاً تنظيمياً ولا حزباً ولا تياراً، بل هي مساهمة سياسية لتطوير النقاش داخل قوى 14 آذار وداخل البلد، والانفتاح على كل الطوائف، والمبادرة لتطوير حركة 14 آذار وفق صيغة حديثة تقول كيف سنبني دولة العيش المشترك واقتصاد العيش المشترك، وكيف سندخل على عروبة العيش المشترك مواكبة لشعار قوى 14 آذار «العبور الى الدولة». لافتا الى ان هذه المبادرة ليست عودة الى لقاء «قرنة شهوان» بل هي مبادرة للتأكيد على العيش المشترك بين اللبنانيين وعلى ثوابت 14 آذار. مشددا على انه لن يكون هناك تجمع مسيحي خارج 14 آذار، وانما المسيحيون داخل هذا التجمع يهدفون من وراء هذه الخطوة التأكيد على التزامهم بـ14 آذار وبصيغة العيش المشترك واتفاق الطائف، وعلى هويتهم العربية لمواجهة الاخطار الاقليمية المحدقة، لا سيما في ظل التحولات التي تحصل. وختم المصدر مؤكداً ان قوى 14 آذار ستواجه الاستحقاقات المقبلة بالمزيد من التماسك وبتوضيح كل الآراء وبإعادة التأكيد على الثوابت التي لأجلها وجدت 14 آذار.

 

جوني عبدو يكشف أسرار العام 2009 ويستشرف الآتي في العام الجديد

الشراع/الخميس, 31 ديسمبر 2009 13:31

جال السفير السابق جوني عبدو على التطورات اللبنانية كاشفا الكثير من أسرار السنة الفائتة وملقيا كثيرا من الأضواء الكاشفة على الآتي من الأيام

أبرز عناوين المقابلة التي أجرتها مجلة الشراع مع أبرز مدير للمخابرات عرفه لبنان حتى اليوم:

الهدنة مستمرة حتى المحكمة الدولية وبعدها الله يستر

*الاستنابات القضائية السورية لتعطيل شهود المحكمة الدولية

*جميل السيد متوتر وحاقد ووضعه النفسي بحاجة لعلاج

*القرار الظني للمحكمة الدولية سيحدث زلزالاً جديداً

*سعد الحريري نحات وصبره كبير، لكني اخاف عليه ان يصبح ميشال سليمان آخر

*نصرالله يتصرف كرئيس دولة ولبنان اليوم تحت وصايته

*جنبلاط ما زال على ثوابته لكنه مضطر لحماية الدروز

*اتخوف من اغتيالات تطال الصف الثاني والثالث

*جعجع يراد عزله لأنه يمثل الــ((لا)) المسيحية

*عون قوي بحزب الله وليس من تراجع تمثيله المسيحي

*منوشهر متقي بحث مع نصرالله دور حزب الله اذا شنت اسرائيل حرباً ضد ايران

*المصالحات المسيحية ممنوعة بقرار من سوريا ونصرالله

*معلومات نصرالله عن الحرب اصدق من المعلومات الاميركية

*لبنان محصن تجاه الصراعات الاقليمية باستثناء تداعيات الملف النووي الايراني

*الحريري ذهب الى دمشق بصفته رئيس حكومة كل لبنان وليس بصفته ابن رفيق الحريري

*زيارة الحريري الى دمشق اضاءت على قرار الاسد بتغيير السلوك السوري

*سوريا لن تقبل بتحولها الى حدود ايرانية مع اسرائيل اذا اندلعت الحرب

*تغيير السلوك السوري يحمي لبنان من اية صفقة اميركية     – ايرانية

*ضغوط كبيرة مارستها سوريا على حزب الله لتأليف الحكومة

المقابلة

 "الاكثرية ستربح الانتخابات النيابية.. وجمهور 14 آذار/مارس سيفاجىء العالم"

هذا الكلام قاله السفير اللبناني السابق جوني عبده في حوار مع ((الشراع)) نشر في العدد رقم 1392 بتاريخ 25 ايار/مايو الماضي. وكان يومها معاكساً لكل ما كان ينشر من تقارير وآراء ومواقف تتحدث عن فوز اكيد للمعارضة في الانتخابات.

هذا التوقع الصائب ليس طبعاً الوحيد في قراءات عبده السابقة للأوضاع والتطورات فهناك الكثير مما يميز هذه القراءات ويضعها في سياق سبر اغوار المستقبل، وليس طبعاً في عالم التنجيم والتبصير الشديد الرواج حالياً.

لهذه الاسباب فان الحوار اي حوار مع عبده يكتسب طابع التنقيب عن المعطيات والعناصر الصانعة للحدث او المساهمة في صنعه، في الحاضر وفي المقبل من الاحداث، ودائماً من منطلق ما يؤمن به عبده من ثوابت ومبادىء لها مؤيدون كثر مثلما لها معارضون كثر.

ولذلك فان الكل من مؤيدين ومعارضين، ممن يشاركونه وممن لا يشاركونه الرأي والموقف يتابعون عبده ويرصدون ما ينتهي اليه من قراءات وخلاصات لما جرى ويجري.

وعشية العام 2010 كان لا بد من حوار شامل وموسع مع عبده لنقرأ معه بعض ما في كتاب قراءاته للأوضاع القائمة والمقبلة في لبنان والمنطقة بصرف النظر عن ماهيتها وطبيعتها التي قد تعجب او لا تعجب كثيرين وبصرف النظر عما قد يصيب منها وما لا يصيب.

وفي ما يلي نص الحوار:

# ما هو تعليقك على الاستنابات القضائية السورية، وورود اسمك في لائحة الذين شملتهم هذه الاستنابات؟

- هذه الاستنابات.. ولا اعرف ماذا يسمونها استنابات قضائية او لا اعرف ما هي. هذه لها علاقة بالمحكمة الدولية من دون ادنى شك، وقد حصل لقاء بين جميل السيد والرئيس بشار الاسد بناء لطلب الاول حتى يطلب الإذن منه بهذا الموضوع، وتمت الموافقة عليه، اما الحجة التي اعطيت له فهي ان هذه الاستنابات لها علاقة بالمحكمة الدولية على اساس ان كل شاهد يمكن ان يكون شاهداً في المحكمة الدولية يجب تعطيل شهادته مسبقاً من خلال ما يسمى بالفرنسية ((Conflit d'interets)) (تضارب او صراع مصالح) اي ان الشاهد لا يستطيع ان يشهد اذا كان هناك مواضيع عالقة في المحاكم بينه وبين اي شخص قد يكون متهماً او غير متهم.

# في محاكم اخرى؟

- في محاكم اخرى وبصورة خاصة في المحكمة الدولية، لهذا السبب اذا نظرت الى الاسماء في فرنسا من ديتليف ميليس الي شخصياً في فرنسا.. وفي سوريا من كل الاسماء التي وردت لا اعرف ما هي علاقة عبدالحليم خدام بجميل السيد مثلاً، عبدالحليم خدام لم يأت على ذكر جميل السيد لا اولاً ولا آخراً.. فلماذا اتى على ذكره؟ طبعاً لان هناك اتفاقاً بينه وبين النظام السوري حول هذا الموضوع.

المهم في كل ذلك هو اعطاء صورة خاطئة وفظيعة وكأنه اصبح يوجد قضاء في سوريا ولا يوجد قضاء في لبنان، وفي الواقع ومن دون التهجم على النظام السوري هذا لا ينطلي على احد ولا في اية دولة، لأنه في هذا النوع من الانظمة الاستخباراتية وأنظمة اجهزة الامن المسيطرة على كل شيء لا نستطيع ان نقول ان هناك قضاء سورياً يقاضي القضاء اللبناني، وهذا شيء اصبح معروفاً، ومن وجهة نظر الكثير من الناس فإن هذا هرطقة.

اما ماذا تقول القوانين؟ وماذا تقول الاتفاقات المعقودة بين لبنان وسوريا؟ او اتفاقات سنة 1951.. الخ فهذا كله لا استطيع ان اجيب عليه لأنني لست محامياً ولست مطلعاً على هذه الاتفاقات ولا اريد الاطلاع عليها، ولكن الصورة الاساسية هي هل يمكن تعطيل اية شهادة لأي شخص يمكن ان يشهد في المحكمة الدولية من خلال القضاء السوري، وهذا هو بيت القصيد.

# لكن اللواء السيد يقول ان هذه الاستنابات القضائية لها علاقة بالشهود الزور الذين فبركوا لتضليل التحقيق.. واسم نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام الذي ذكرته يدخل في هذا الاطار.

- هل هو شاهد زور على من؟ لنفترض جدلاً واذا جاز التعبير انه شاهد زور فعلى من؟ على جميل السيد؟

# لا، قصد ان المشمولين بالاستنابات ركبوا شهود زور؟

- ما علاقة جميل السيد بقصة عبدالحليم خدام؟

# هو يعتبر انه سجن ظلماً لمدة اربع سنوات في ضوء شهادات عدد من الشهود الزور.

- اذا كان فعلاً سجن ظلماً، فهذا له علاقة – واكررها للمرة العاشرة – بالمحكمة الدولية، يوجد رئيس لجنة تحقيق دولية سواء كان اسمه ديتليف ميليس او دانيال بلمار او سيرج براميرتس، بالنسبة للبنان هناك رئيس لجنة تحقيق دولية طلب توقيف الضباط الاربعة ووزير العدل آنذاك واسمه يدخل في الاستنابات معالي الدكتور شارل رزق طلب من ديتليف ميليس وهو رئيس لجنة التحقيق ان يكون طلبه توقيف الضباط الاربعة خطياً لأنه طلب خطير.

س:هذه الوقائع معروفة.. لكن اللواء السيد لجأ الى القضاء اللبناني وطلب...

ج:لم يلجأ للقضاء اللبناني على الاطلاق، لجأ الى القضاء الفرنسي والقضاء السوري.

 س:عبر الاعلام.. ناشد وطلب اعادة فتح ملف التحقيق..

 ج:هو ناشد لكنه لم يتقدم بدعاوى في لبنان لا على محمد زهير الصديق ولا على هسام هسام، والأغلب هل يعلم السيد ما هي كيفية التعامل مع شاهد الزور هسام هسام الذي تقدم بدعوى ضده، واذا كان هسام هسام شاهد زور وهو الذي اتهم سوريا باغتيال الرئيس رفيق الحريري كيف يمكن ان يستقبل في الفنادق وفي التلفزيونات في سوريا دون ان يوضع في السجن؟ هو يحكي عن زهير الصديق. ليبدأ الحديث عن هسام هسام، زهير الصديق الذي لا اعرفه ولا اعرف هسام هسام. انا اعود وأسأل كيف يمكن ان يستقبل هسام هسام بالاحضان في سوريا وتأمين اقامته في افخم الفنادق وافساح المجال للإدلاء بتصريحات صحافية وتلفزيونية وغيرها وهو ما يزال اليوم يتمتع بحرية تامة لماذا لا يطالب جميل السد القضاء السوري بالبدء بهسام هسام؟ ولماذا لا يسجن هسام هسام؟

 س:الى اين يمكن ان تؤدي برأيك هذه الاستنابات؟

 ج:و"لا الى اي محل"

 س:وفي السياسة؟

 ج:لا اعرف ما هي السياسة في هذا الموضوع ولكنني اعتقد ان مصيرها قضائي، بمعنى ان في لبنان هيئة التشريع والاستشارات ومدعي عام تمييز وهم يعطون رأيهم في هذا الموضوع، وحتى لا نثير مشاكل بالنسبة للتوافق الموجود اليوم بين سوريا ولبنان وتغيير السلوك السوري تجاه لبنان يمكن ان يتم الذهاب الى اهمال هذه الطلبات اكثر من اعطاء الاجوبة القضائية عليها.

 السيد والعلاج النفسي

 س:هذا الموضوع موضوع الاستنابات يطرح سؤالاً حول علاقتك بجميل السيد كيف نشأت وأسباب توترها اليوم ووصولها الى ما وصلت اليه.

 ج:هذا السؤال يجب ان توجهه له، انا ليس عندي اي توتر تجاهه على الاطلاق، ولكن وحسب المعلومات التي تصلنا عن وضعه النفسي فان الرجل يلزمه نوع من العلاج النفسي، وفعلاً فإن الذي سجن اربع سنوات واستطاع ان لا يحكي اية كلمة في موضوع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يمكن ان يكون يعتبر نفسه ان له على حزب الله وعلى سوريا الكثير الكثير مقابل الكتمان. السيد كان يعتقد ان المعارضة ستربح الانتخابات النيابية وانه سيكون له دور اساسي في هذا الموضوع، ولهذا السبب تشعر انه في كل تصاريحه يطلب ان يكون مستشار الرئيس سعد الحريري، فعندما يقول له ((شيل هوديك كلهم سوا)) وأنا مستعد لأن اكون مستشاراً عندك.

غريب هذه الحالة النفسية للسيد، واعتقد ان الرجل ويجب ان يفهمه الواحد منا تماماً بعد ان امضى اربع سنوات في السجن، وأنا لا اتهمه بشيء ولكنني اتهمه على الاقل بأنه كان يدعي وهو على حق بأنه يعلم كل شيء، كل شاردة وواردة مما حصل في لبنان، وكان وراء الكثير من العمليات والتهديدات وكان من اساس النظام الامني السوري – اللبناني، كل هذا الامر ولا ((يطلع له شيء بالآخر)) فان هذا قد يشعره بأنه عندما كان في السجن كان وضعه افضل بكثير من وضعه ما بعد خروجه من السجن.

وأنا لا استطيع ان اصف حاله، لان التوتر الموجود حتى في تصريحاته وخطاباته توتر غير طبيعي وله علاقة بالحقد، ولكن الحقد على من؟ لم نعد نعرف. هل هو الحقد على عدم مكافأته ام الحقد على الظلم، لم اعد اعرف وليس هذا الامر من اختصاصي.

ومن دون شك فعندما كان عندي، اي عندما كان مسؤولاً عن المعلومات في البقاع في اللواء الاول كان رجلاً هادئاً وانضباطياً ويطيع الاوامر كما نريد، ولم تكن العلاقة معه متوترة على الاطلاق عندما كان ضابطاً في مديرية الاستخبارات بل كان هناك احترام متبادل وكان هناك اكثر من هذا، كان هناك مرؤوس ينفذ اوامر رئيس.

س:موقف السيد أليس مبرراً من زاوية انه سجن اربع سنوات لذنب لم يرتكبه.

ج:طبعاً، انا لا ألومه، ولكنني كنت اعتقد ان اعصابه تحتمل اكثر وقوية اكثر مما نراه، ولا اعرف اذا كان وضعه النفسي وفقاً للمعلومات التي تردنا باليمين والشمال والمظاهر التي يعطيها في تصاريحه التلفزيونية وغيرها وفيها الكثير من المغالطات وحتى الكذب.. كل ذلك يجعلني اقول انني كنت اعتقد ان اعصابه "اقوى من هيك".

 س:هل لديك استعداد لمواجهته في مناظرة تلفزيونية مثلاً اذا طلب منك.

 ج:لا، هو متوتر اليوم، "بس يروق".

 س:هل يمكن ان تكون الاستنابات القضائية عرضة لمقايضة ما في يوم من الايام؟

 ج:لا اعتقد على الاطلاق، ((مقايضة شو؟)) لا احد يقايض على المحكمة الدولية.

بلمار والتقرير الزلزال

 س:عطفاً على الموضوع نفسه اين اصبح دانيال بلمار في التحقيق الدولي؟

 ج:اسأل جميل السيد لسبب بسيط وهو ان كل ما يدور حول المحكمة الدولية هناك اهتمام كبير به من قبل.. و((كأن المريب يقول خذوني)) بمعنى آخر ان هناك اهتماماً كبيراً به ولكن ليس من قبلنا، وأنا من جهتي على الاقل ومن جهة اكثرية قوى 14 آذار/مارس والقوى السيادية في لبنان لا نحاول ان نعرف ماذا يجري في المحكمة الدولية لأنها مطمئنة لنا كلياً، نحن مطمئنون الى مسرى ومنحى هذه المحكمة، اذا لم يكن اليوم فغداً، واذا لم يكن غداً فبعده، هذه المحكمة وقراراتها، الظنية ستحدث زلزالاً وانا اقولا انها ستحدث زلزالاً لأنها احدثت زلزالاً حتى اليوم. اليوم يوجد زلزال طويل عريض اسمه المحكمة الدولية، ونحن لسنا مهتمين بالمعلومات التي تحوم حول القرار الظني، مهما صدر في القرار الظني نحن موافقون عليه، الخائف من القرار الظني هو المتحمس كثيراً ليعرف ماذا يدور في داخل المحكمة وما يجري فيها لكي يخطط لتنفيس كل ما يمكن ان يصدر عنها، وبالتالي فإن لا احد منا متهم بعرقلة المحكمة الدولية، المتهمون بعرقلة المحكمة الدولية هم الذين يبحثون عما يدور من معلومات، داخل المحكمة الدولية وما هي القضايا الموجودة في مسالك المحكمة الدولية لكي يستطيعوا وضع مخططات لمهاجمتها او تنفيسها.

س:هل تتوقع ان يكون التقرير الجديد لدانيال بلمار هو القرار الظني؟

- ج:لا اعتقد، وليس لدي معلومات تفيد بأن القرار الظني سيصدر بعد ثلاثة اشهر او ستة اشهر، انا اعتقد انه يخطىء كل من يقدر او يحدد تواريخ لصدور القرار الظني.

 س:لماذا التأخير، ألا تعتقد ان الامر قد طال كثيراً؟

 ج:ما زالت المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري هي اسرع محكمة انشئت، وأسرع محكمة جرى تنفيذها في كل القرارات الدولية المتعلقة بكل المحاكم الدولية في العالم.

س:ولكن حالياً هناك شكوك لدى كثير من الاوساط السياسية والمراقبين حول تغير المسار الذي كانت تسلكه المحكمة الدولية في عملها ووجهة اتهاماتها باتجاه التركيز على احتمالات اخرى وجديدة في القضية، منها عودة الكلام عن مجموعة الاصوليين..

 ج:هذا كلام ليس جديداً، براميرتس في ايام رئاسته للجنة ضمن احد تقاريره الرسمية عدة احتمالات ينبغي الخوض فيها والتفتيش عنها، وفي النتيجة خلص في تقريره قبل الاخير الى انه رأى كل شيء.. وأنا لا ارى حتى الآن ان هناك تحقيقات تجري في الاصوليات، ولأكن واضحاً في هذا الموضوع: من نفذ اغتيال رفيق الحريري ليس مهماً، اصوليون او غير اصوليين، التخطيط للاغتيال هو حتماً ليس من قبل اصوليين التنفيذ للاغتيال قد يكون تم من قبل اصوليين، ممكن، انا لا اعرف، لكن التنفيذ ليس مهماً لأن المهم هو من اعطى الامر ومن خطط ومن جعل هذا التنفيذ قائماً.

 س:هل هناك استمرار للمعطيات نفسها التي بدأت مع فيتزجيرالد وميليس في سياق عمل بلمار؟

 ج:كل المؤشرات تدل حتى الآن من دون ان يكون لدي معلومات انه لم يحصل تكذيب لهذا المنحى ولم يحصل تغيير لهذا المنحى، وأنا لم ار بعد لجنة التحقيق الدولية ذهبت الى اسرائيل او الى السعودية او الى اليمن او الى العراق لتحدد من اغتال رفيق الحريري.

 س:هناك ايضاً التسريبات المنشورة في مجلة ((دير شبيغل))؟

 ج:على كل حال، كثير من الناس لم يكذبوا ((دير شبيغل)) واولهم وليد جنبلاط الذي قال: يجب الاكتفاء بالحقيقة وان لا نطلب العدالة، معنى ذلك ان هناك اقراراً منه بأن لدي معلومات في هذا الشأن، انا معلوماتي ليست كذلك، وليس معنى ذلك انني أكذبها، انا معلوماتي ما زالت قائمة على الاتهامات السياسية التي اطلقت وعلى الاسباب السياسية التي جعلت اغتيال رفيق الحريري خطة مدبرة من اهل السياسة في ذلك الوقت ومن الذين اعتبروا ان وجود رفيق الحريري سيجلب الانتخابات الناجحة وبالتالي السيادة والحرية والاستقلال للبنان، ولكن الفرق مع رفيق الحريري انه كان يريد الاستقلال مع سوريا وليس ضد سوريا، والمفهوم السوري الذي اعطونا اياه لهذا الاتجاه اصبح مع الاسف اصعب بكثير للبنان ان يكون الاستقلال عن سوريا وهذا مفهوم خاطىء جداً.

مصطفى علوش اخطأ

 س:النائب السابق الاستاذ مصطفى علوش قال ان الرئيس سعد الحريري اسقط بزيارته الى دمشق الحق الشخصي في المحكمة الدولية وبقي الحق العام او بتعبـير ادق ان سوريا نجحت في تظهير ذلك ما رأيك؟

 ج:مع احترامي للنائب السابق مصطفى علوش الذي يبدع كثيراً في اطلاته التلفزيونية وفي جرأته بالكلام انما ليسمح لي هنا لأن هناك خطأ كبيراً في هذا الموضوع اذا كان قال هذا الشيء، والرئيس سعد الحريري كان قال قبل ان يذهب الى سوريا انه بمجرد قبوله بتشكيل الحكومة فإنه سيذهب الى سوريا، رئيس حكومة لبنان يـزور سوريا وابن رفيق الحريري لا يزور سوريا، هو رئيس حكومة لبنان، هذا اولاً، ثانياً ان الحريري قال انه يجب فصل المحكمة الدولية وعملها عن العلاقات اللبنانية – السورية وقد قال ذلك قبل ان يصبح رئيساً للحكومة، وبالتالي فإنني اعتقد ان النائب مصطفى علوش ومع احترامي لآرائه اخطأ مع انه لا يخطىء عادة.

 س:الرئيس الجميل يعتبر في الوقت نفسه ان الرئيس سعد الحريري ذهب الى دمشق بصفته ابن الرئيس رفيق الحريري وليس بصفته رئيس حكومة لبنان؟

 ج:هذا الكلام ليس صحيحاً، لو ذهب سعد الحريري الى دمشق بصفته ابن رفيق الحريري لكان ذهب اليها قبل ان يصبح رئيساً للحكومة.

 س:كيف نظرت لزيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق والحفاوة التي لقيها هناك من قبل الرئيس بشار الاسد؟

 ج:بدون شك هناك حاجة سورية – والامر لا يحتاج الى قراءة معمقة – الى حلول لملف شائك جداً في العلاقات السورية – اللبنانية وبصورة خاصة مع الطائفة السنية في لبنان، وحسناً فعل الرئيس الحريري بأن تأخذ الزيارة الشكل الذي اخذته، بمعنى آخر لو كان ذهب الحريري الى دمشق بضيافة رئيس الحكومة السورية وعرج خلال الزيارة على القصر الجمهوري في سوريا للقاء الرئيس الاسد كانت زيارته تقريباً ((بلا طعمة))، اما وقد حل ضيفاً اساسياً على الرئيس بشار الاسد بالذات فهذا يعني بأن الرئيس الاسد متمسك كلياً بتغيير سلوك سوريا في لبنان، وهذا هو الانجاز الاكبر الذي حصل مع الرئيس سعد الحريري في هذه الزيارة، بمعنى ان الزيارة قامت بالقاء الضوء على تغيير سلوك سوريا في لبنان وهو ما لم نكن نعهده سابقاً على الاطلاق.

المهم ان تستمر هذه العلاقة حتى الشخصية منها لكي تثبت هذه المعادلة، اي تغيير السلوك السوري في لبنان، ولم يعد هناك من الآن وصاعداً زيارات لرئيس حكومة لبنان تدوم عشر دقائق مع الرئيس السوري وتتخللها تهديدات، هذا الامر ولى، وهذا تغيير سلوك سوري مهم، وهذا اعتراف بأخطاء سورية، ولبنان عنده ايضاً اخطاء، والاعتراف المتبادل بالاخطاء يوصل لمسرى ومنحى معين لعلاقات معقولة، يبقى على سوريا الكثير الكثير للعمل في هذا الاتجاه، بمعنى آخر انه اذا ارادت سوريا ان تبقى علاقتها بلبنان علاقة استخبارات وتالياً ان تستقبل الزعيم الفلاني والنائب السابق ((الفلاني)) والوزير السابق ((الفلاني)) الخ فهذا من دون شك سيعرقل المسرى المسلكي لسوريا تجاه لبنان وستبقى علامات الاستفهام قائمة. من هنا يجب أن يعلم الجميع، الرئيس سعد الحريري والرئيس بشار الأسد والنظام السوري ان هناك حذراً من جانب القوى السيادية في لبنان. وهذا الحذر ما يزال قائماً وهو سيد الموقف حتى الآن بانتظار النتائج. وأنا لا أتحدث عن النتائج كترسيم الحدود أو غيره، أتحدث عن سلوك معين في التعاطي هل سيبقى ثابتاً. وهل غيرت سوريا سلوكها، بمعنى آخر فإن التأكيد بأن لبنان لا يحكم من دمشق يجب أن يترجم باعتراف أساسي من قبل أعلى سلطة في سوريا.

 س:مقابل ما حققته الزيارة حسب رأي سعادتك.. هناك إحباط

ج:(مقاطعاً) هذا الاحباط مرده الحذر، وهو حذر أكثر مما هو إحباط، وأنا أعرف تماماً ان أكثر المشجعين للرئيس سعد الحريري لزيارة سوريا هو سمير جعجع، لأنه يعلم تماماً ان الحالة الاستراتيجية تحتم ذلك. فماذا يهم سمير جعجع غير تغيير السلوكية السورية في لبنان.

 س:ما الذي فرض الزيارة في هذا التوقيت. سعادتك تحدثت عن حاجة سورية لسعد الحريري والسنّة في لبنان. لكنه ليس ((كاريتاس)) هناك معطيات فرضت الزيارة، بدءاً من التوافق السعودي – السوري إلى الواقع الإقليمي وتبدل موازين القوى وخروج سوريا من عزلتها السابقة، أنت الآن تتحدث عن تغيير السلوك السوري..

 ج:تغيير السلوك السوري هو الذي سمح لدمشق ببدء فك عزلتها عربياً ودولياً. وعزلتها أتت من لبنان. العزلة العربية – السورية والدولية أتت من لبنان وتفكيك هذه العزلة والعودة إلى حضن العالم العربي والمجموعة العربية هي من لبنان أيضاً. ولا أحد يقنعني أو لا أحد مقتنع بأن التقارب السعودي – السوري يرضي ايران مثلاً.

 ج:ولكن الواقع في المنطقة سعادة السفير تغير وآخذ أكثر فأكثر بالتغيير، المشروع الأميركي توقف عند حدود معينة. وهناك حرب تموز ونتائجها هناك واقع جديد لا ينبع فقط من انه كان النظام السوري معزولاً من لبنان وقرر الخروج من العزلة بتغيير السلوك كما تسميه، ولبنان ساحة من ساحة الصراع في المنطقة وليس كل الساحات.

- لكنه ساحة أساسية، ومع الأسف فإن المناكفات السعودية – الإيرانية في الجزء الأكبر منها انتقلت من لبنان إلى اليمن وبالتالي فإن المعركة بين الحوثيين والسعودية أخذت منحى آخر وترجمت الصراع السعودي – الإيراني في اليمن أكثر منه في لبنان.

وأنا لا أعتقد ان حزب الله كان متحمساً كثيراً لعلاقات قوية بين الرئيس الأسد وزعيم الطائفة السنية ورئيس حكومة لبنان سعد الحريري.

 س:هذا جديد؟

 ج:لا أعتقد انه متحمس وأفهم ذلك، لأن هناك استبدالاً لمعادلات أساسية. وهذا لا يعني على الإطلاق ولا يفكرن أحد بفك ارتباط سوريا بإيران. لأن هذا خطأ كبير، انما بهذه التوجهات السياسية التي تقدم عليها سوريا فإنها تؤشر إلى حرية واستقلالية معينتين في القرار السوري خارج التأثير الإيراني الكلي. ودعني أضع سطراً تحت كلمة الكلي. لأنه بدون هذه العلاقة ستكون سوريا كما جنوب لبنان في أي حرب لا سمح الله بين إسرائيل وإيران الحدود. أي ان الحدود الإيرانية – الإسرائيلية في حال اندلعت الحرب ستكون موجودة في سوريا ولبنان، وهذا مؤشر على ان سوريا لن تقبل أن تكون أرضاً أو حدوداً إيرانية مع إسرائيل.

 س:هذا في حال الحرب.. وفي حال إبرام صفقة أميركية – إيرانية فإن هناك من يتحدث عن ان سوريا ترفض ولديها مخاوف من أن تكون جزءاً من هذه الصفقة؟

 ج:طبعاً. ولذلك أقول لك ان تغيير السلوك السوري في لبنان هو أيضاً حماية للبنان بأن لا يكون هو أيضاً جزءاً من صفقة بين أميركا وإيران، وان لا تكون مثل هذه الصفقة على حسابه.

ما بعد زيارة الحريري

 س:قبل التحدث عن المشهد الإقليمي خاصة وانك تطرقت إلى الوضع في اليمن. أريد أن أتابع في موضوع زيارة الرئيس الحريري إلى دمشق، بماذا تبشر هذه الزيارة بالنسبة لمستقبل العلاقات بين البلدين ماذا تتوقع؟

 ج:هناك مؤشرات يعطيها الرئيس السوري بأنه راغب كلياً بإبقاء علاقته بالسعودية علاقة متينة وبالتالي بجعل علاقته برئيس حكومة لبنان علاقة متينة وهذا يحسن موقعه الأساسي بأن لا يكون في عزلة عن العالم السني العربي بصراحة. ولهذا السبب يتمسك بتركيا مثلاً تمسكاً ذكياً لأنه يعلم تماماً ان العالم العربي هو العالم العربي السني وبالتالي فإن أهم شيء هو أن يكون على علاقة جيدة به، وحسب معلوماتي فإن هناك الكثير من الجهد الذي يبذل من ناحية سوريا لتحسين العلاقة مع مصر بالذات. ومصر يائسة من موضوع الترابط الإيراني – السوري وتقول للسعودية جربوا ما تريدون ولكن مع الأسف نحن لا نعتقد على الاطلاق ان هناك حرية في القرار السوري تجاه إيران.

الرئيس السوري يريد أن يبرهن ان هناك استقلالية معينة في سوريا، وقد لا تعني دائماً أو انها لا تعني الخروج من التحالف مع إيران ولكن هذا لا يمنع على الاطلاق أن يكون تصرف سوريا غير مطابق لتصرف إيران تجاه العالم العربي وتجاه السعودية بالذات وتجاه مصر، وتجاه لبنان.

 س:ماذا تتوقع للبنان في ضوء زيارة الحريري؟

 ج:لبنان خطا خطوة إلى الأمام مهمة جداً.

 س:لأكن أكثر وضوحاً سعادة السفير، ثمة من يتحدث عن اننا بصدد وصاية مقنعة. أي عودة الوصاية السورية للبنان ولكن بشكل مقنع بعد انتهاء عصر الوصاية المباشرة..

 ج:لبنان يقع تحت وصاية حزب الله اليوم. وهناك دراسات لمؤسسات كبيرة في العالم تقول ان حزب الله تولى السلطة في لبنان ولاتقول انه يسعى لتولي السلطة.. وبالتالي فإن لبنان واقع اليوم تحت وصاية السلاح.

 س:يعني المطلوب استبدال وصاية حزب الله بالوصاية السورية المقنعة؟

 ج:لا، أنا لا أعتقد ان هناك وصاية سورية مقنعة اليوم، الخطأ الكبير الحاصل اليوم وهنا الدور السوري الذي يجب أن يؤدى بتغيير سلوكياته تجاه لبنان بدءاً من وقف كلام وزير سابق من هنا ونائب سابق من هناك يطلعون على التلفزيون ليتحدثوا بفرح وسرور عن عودة النفوذ السوري إلى لبنان. أنا لا أعتقد.

 س:ولكن هذا الدور السوري برز خلال تشكيل الحكومة ولدى صياغة البيان الوزاري كان هناك دور سوري ما إلى درجة ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثنى على هذا الدور الإيجابي؟

 ج:الرئيس ساركوزي يعرف تماماً ان الضغوطات التي حصلت من قبل سوريا على حزب الله لتأليف الحكومة هي ضغوطات كبيرة.. وبالنسبة لنا فإننا رأينا ان هذه الضغوطات لم تكن كافية لترجمة نتائج الانتخابات النيابية ولكن الاستقرار في لبنان يتطلب وفقاً لموازين القوى أشياء وأشياء منها ثقافة الخضوع للقوة بشكلها المقنع. يعني وليد جنبلاط موقفه كان القول لحزب الله لا تخافوا من الانتصار الانتخابي لأننا لن نترجم هذا الانتصار ضدكم. هكذا كان يقول وبالتالي جاء خروجه من 14 آذار وكان يعتقد مثله مثل غيره ان قوى 14 آذار لن تربح الانتخابات وكان السيد حسن نصرالله بالذات يعتقد كلياً ان هذه الانتخابات ستربحها المعارضة. وإيران كذلك، وعدم التدخل السوري الكلي في الانتخابات مرده إلى انهم كانوا مطمئنين وفقاً للتقارير الواردة إليهم بأن المعارضة ستربح الانتخابات ولا لزوم لتدخل كبير من سوريا في هذا المجال. أما وقد ربحت قوى 14 آذار الانتخابات فإن موازين القوى تغيرت، بمعنى آخر صحيح انهم لن يدعوهم يحكموا وحدهم وصحيح ان رئيس الجمهورية التوافقي لا يستطيع الاستمرار بدعم قوى 14 آذار علماً ان قوى 14 آذار هي التي حمت الرئاسة للمدة المتبقية من ولايته، من هنا صار هناك ثقافة الخضوع للقوة جزئياً على الأقل في هذا الموضوع من قبل قوى 14 آذار وبالتالي ففي ظل السلاح القائم و7 أيار وتداعيات 7 أيار فإن الحكمة كانت تقضي وما زالت بأن تعالج الأمور بشكلها السياسي، وبالتالي فإن التنازلات التي حصلت في تأليف الحكومة هي جزء أساسي من الأمن السياسي للقوى السيادية التي تعلم تماماً انه ليس لديها سلاح ولا تريد ان تواجه السلاح بالسلاح.

 س:قبل أن تتحدث عن سيناريوهات المرحلة المقبلة، أريد أن أسجل انك كنت الوحيد أو واحداً من قلة قليلة توقعت فوز 14 آذار قبل الانتخابات وخالفت كل ما كان شائعاً في ذلك الوقت عن فوز المعارضة الأكيد.

 ج:وعندكم في ((الشراع)) بالذات.

جنبلاط لم يخضع

 س:طالما تحدثت عن وليد جنبلاط.. أين هو اليوم برأيك؟

 ج:وليد جنبلاط هو في مكان وليد جنبلاط بالذات. وليد جنبلاط يعلم تماماً ان المجابهة بالقوة لا تجدي نفعاً على الاطلاق وتوقع بالتالي البلاد في حمامات دم سيكون لسلاح حزب الله الغلبة فيها. وهو يعلم تماماً ان الطائفة الدرزية الكريمة هو المسؤول عن حمايتها بشكل أو بآخر، وليد جنبلاط يؤمن بأن الدولة القوية هي التي تحمي الأقليات. والدولة القوية في القريب المنظور غير موجودة ولن توجد في السنوات القليلة المقبلة ولذلك فإنه مضطر هو لأن يحمي سياسياً الطائفة الدرزية بأي شكل من أشكال السياسة بدون الخروج عن مبادىء السيادة والحرية والاستقلال، وليد جنبلاط لن يصوت في مجلس النواب على أي مشروع ضد الحرية والسيادة والاستقلال، ولكن هو في السياسة محنك وقارىء جيد ولا يجوز لأحد أن يتهم وليد جنبلاط بالخنوع أو بالخضوع، وقد تحدث وليد جنبلاط عن خصوصية الطائفة الدرزية وهو يطلب بالتالي احترام هذه الخصوصية إنما مع الأسف هو يدعو من حيث لا يدري إلى فدرالية طوائف لأن الخصوصيات ليست موجودة فقط عند الطائفة الدرزية فهي موجودة عند المسيحيين وعند الشيعة والسنة أيضاً، وإذا كل واحد أراد الحفاظ على خصوصياته فهذا يعني الذهاب إلى فدرالية أو حتى إلى فدرالية في لبنان.

 س:تحدثت عن ثقافة الخضوع للقوة.. ماذا تقصد؟

 ج:ثقافة الخضوع للقوة هي سياسة وليست خنوعاً، بمعنى آخر فإن من لا يريد أن يخضع للقوة يجلس في فرنسا أو في سويسرا حتى يكون حراً بعدم الخضوع.

 س:معادلة الـ15 – 10 – 5 هل هي جزء من هذه الثقافة أو السياسة؟

 ج:نعم. طبعاً هي جزء من هذه الثقافة.

 س:هذا الوضع إلى متى يمكن أن يستمر؟ وهل هذه المعادلة هي استمرار لاتفاق الدوحة أم انها نتاج اتفاق آخر غير معلن؟

ج:هي استمرار لاتفاق الدوحة مع فارق أساسي يتمثل في ان رئيس حكومة لبنان قال ان هذا الوضع ما يزال استثنائياً.

هذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها سعد الحريري رئاسة الحكومة في لبنان. بماذا يعد هذا الترؤس وهذه البداية؟

- الرئيس سعد الحريري تصرف حتى هذه الساعة تصرفات أساسية على أساس انه رئيس حكومة كل لبنان وانه يريد أن يبقي علاقاته بالفريق الآخر كما كنا نسميه من سليمان فرنجية إلى ميشال عون إلى طلال إرسلان إلى الكل، هو يريد أن يبقي هذه العلاقة على الصعيد الشخصي بصورة خاصة علاقة خاصة ومتينة وطبعاً ليس للهوى أو للهوس، هو يرغب تماماً في أن يصل إلى توافق ما في القضايا الكبرى التي تهم اللبنانيين ككل، وأقصى ما فعله في البيان الوزاري هو وضع أولويات للحكومة للإجابة على مطالب اللبنانيين والناس وهذا ما علق في أذهان كل اللبنانيين أكثر مما علق في أذهانهم موضوع السلاح وغيره. بمعنى آخر فإن التحفظات على السلاح كانت معروفة وعدم الموافقة على شرعنة وشرعية السلاح كان معروفاً إنما غير المعروف كان هو ان يلقي الرئيس سعد الحريري الضوء على أولويات الناس وعلى الإجابة على مطالبهم ووضع في البيان الوزاري جدول أولويات يقوم به وهذه الأولويات هي أهم ما في البيان الوزاري لأن مسألة السلاح لن تحل غداً أو بعد أسبوع وليس على طاولة الحوار، لأن هذه الطاولة ستكون منابر إعلامية لا أكثر ولا أقل  .

وهنا لا بد أن أقول انني شخصياً مع سلاح المقاومة وضد سلاح حزب الله، لأن سلاح المقاومة هو لمواجهة إسرائيل وسلاح حزب الله هو لمواجهة الداخل وبالتالي فإننا ضد الاستقواء بهذا السلاح لفرض شروط معينة على الحياة السياسية في لبنان.

# كيف تفصل أو كيف يمكن الفصل بين سلاح المقاومة وسلاح حزب الله وكلاهما واحد؟

- هذا هو عمل الجوهرجي، بمعنى آخر فإن السيد حسن نصرالله والسيد سعد الحريري رئيس الحكومة لم يقدرا حتى الآن أن يقنعا العالم ان هذا السلاح لم يستعمل في الداخل. لم يطمئنونا بعد، لا تطمينات رئيس الحكومة ولا تطمينات أمين عام حزب الله تطمئن الشعب في هذا الموضوع لأن هذا موضوع ثقة لا يصدر بمرسوم ولا بأوامر، يصدر بتصرفات، وأكبر مثال على ذلك هو ما حصل بالأمس من تفجير في حارة حريك ضد مكتب لـ((حماس))، ممنوع على الدولة أن تحقق بما جرى، هل هذا سلاح مقاومة أم سلاح شو؟ هذا سلاح حزب الله؟ وهذا أول نكسات حكومة الوحدة الوطنية، وأول عنوان يقول ان هناك مكاتب لـ((حماس)) في الضاحية، هذا أول عنوان، ((حماس)) كانت في الشام وفي غزة وإيران، هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها في لبنان بهذا الشكل، هل هذا يعني ان كل أمر يحصل في غزة له ترجمة في لبنان أيضاً وان كل ((شغلة)) تحصل في إيران لها ترجمة في لبنان، هذا هو السلاح الذي أحكي عنه أما سلاح مجابهة إسرائيل أي اعتداء على لبنان – وبطولات المقاومة في هذا الموضوع مشهودة – فلا يمكن إلا أن يكون مستنداً إلى إجماع لبناني حوله.

ولا أحد يتخلى عن قوة موجودة تجاه عدو مثل العدو الإسرائيلي. والعدو الإسرائيلي يحسب مئة حساب لسلاح المقاومة والحساب يكون أقل لسلاح الدولة

الحريري وكرة النار

 س:عودة إلى الرئيس سعد الحريري. ألا تعتقد انه بترؤسه الحكومة كمن أمسك بكرة نار وان أمامه تحديات هائلة وتناقضات لا تحصى تبدأ بلبنان ولا تنتهي بالصراعات في المنطقة الممتدة إلى جبال أفغانستان

- أنا لا أخاف على الرئيس الحريري في معالجة مواضيع التداعيات الخارجية والانعكاسات السلبية أو الإيجابية في المنطقة على لبنان، أخاف على الرئيس الحريري بـ((شغلة)) أساسية يوجد علامات استفهام عديدة من كثيرين حولها وهي نتيجة التناقضات الموجودة داخل الحكومة، وهذه ((الشغلة)) هي ان لا يستطيع أن يظهر أهليته للقيادة. وهذه الأهلية للقيادة هناك علامات استفهام كثيرة حولها من الشعب اللبناني ككل نتيجة هذه التناقضات، هل سيكون - واسمح لي بالتعبير – هل سيكون ميشال سليمان آخر أو سيكون رئيس حكومة كل لبنان يتخذ القرارات التي يمكن اتخاذها؟ بمعنى آخر إذا كانت رئاسة حكومة لبنان ستضع الرئيس سعد الحريري في سجن التوافق، أي ان لا يستطيع اتخاذ أي قرار لأنه لا يريد أن يخرج من التوافق ساعتها يصبح ميشال سليمان آخر.

# هل تعتقد ان الرئيس سليمان مكبل لهذه الدرجة؟

س:ماذا تتوقع في العام المقبل في ظل الملفات الإقليمية الساخنة بدءاً من الملف النووي الإيراني..

ج: وانتهاء بالملف النووي الإيراني، هذا هو الأساس

# هناك واقع العراق بعد الانتخابات العامة بعد أشهر قليلة ومرحلة ما بعد بدء الانسحاب الأميركي منه..

- لبنان محصن تجاه انعكاسات الوضع العراقي عليه، محصن حتى الآن. ولبنان محصن أيضاً تجاه الحالة اليمنية ومشكلتها والحوثيين لأن المملكة العربية السعودية لديها الوعي الكامل لكي لا تستخدم هذا الصراع مع الأسف في لبنان. وهي تريد للبنان كل الخير.

الخطر الأكبر هو إيران وتداعيات السلاح النووي الإيراني وكيفية تصرف إسرائيل أو أميركا تجاه هذا الملف. ولم يعد هناك أدنى شك عند أحد بأن هذا الملف سيكون له انعكاسات سلبية جداً على لبنان في حال قيام أي حرب ضد إيران بهذا الشأن.

وحتى العماد ميشال عون اعطى تغطية مسبقة لحزب الله والمقاومة في لبنان، بـأنها لن تنتظر اي احد ليهاجمها بل ((هي ستهجم في الاول))، واعطاها مع الاسف التغطية المسبقة.

ولا احد من قيادات حزب الله والمقاومة يخفي او يخبىء ان هذا الموضوع ليس له حلول وان الحل الوحيد هو انه لن يقف حزب الله مكتوف الايدي ازاء اي هجوم يحصل على ايران، وزيارة وزير الخارجية منوشهر متقي مؤخراً للبنان فقط ومقابلته الاساسية مع السيد حسن نصرالله لا بد ومن دون ان تكون لدي معلومات ان تكون تطرقت الى تلك الاحتمالات.

الحريري نحات

# في العودة الى موضوع حكومة الوحدة الوطنية ركزت على ان الاولوية ستكون لحاجات وقضايا الناس وان هذا ما يمكن انجازه، لكن هناك ملفات اخرى غير قضايا السلاح والمقاومة، ماذا تتوقع لها من انجازات وما هي ابرز المعوقات التي تنتظرها؟

- انا اتكل كلياً واستند على صبر الرئيس الحريري في هذا الموضوع، فهو اظهر حتى الآن انه نحات، يصطدم بعراقيل فينتظر حتى يحلها، وقد اخذ من والده هذه الصفة الاساسية، يعني وأمام مشروع معين يعرقل يطلع بمشروع ثانٍ فيتعرقل ويمشي المشروع الاول.. وبالتالي فان هناك تكتكات على الصعيد الحكومي يمكن تجاوزها في بعض الاحيان وبصورة خاصة من خلال قدرة الصبر. وقد اظهر الحريري في عملية تأليف الحكومة ان ((صبره كبير)).

# هل تتوقع له النجاح في ذلك؟

- جزئياً نعم بأولويات الناس.

# حتى بادارة التحالفات والعلاقات السياسية أثبت حرفية ومهارة في ادارة تناقضات كبيرة.

- بدون ادنى شك، عندما يصبح سليمان فرنجية حليفاً في هذا الموضوع، وعندما يصبح رئيس الجمهورية حليفاً بهذا الموضوع.. وحتى في بعض الاحيان الجنرال ميشال عون فإن هذه نجاحات.

وبدون ادنى شك فإن المظاهر الكبرى للعرقلة لا يستطيع حزب الله تحملها وبالتالي فإنه سيخضع لبعض الايجابيات في هذا الموضوع، وسيستطيع الرئيس سعد الحريري ان يقتنص هذه الفرص للمضي في بعض الايجابيات والانجازات في الحكومة.

# ما هو رأيك بخطاب امين عام حزب الله في ذكرى عاشوراء، الا تعتقد انه اشبه بخطاب ((النصر)) يعلنه ايذاناً بانتهاء المرحلة الممتدة من العام 2005 وحتى الآن.

- اعتقد انه في الخطابين الاخيرين توجه الى اللبنانيين كرئيس دولة، وتوجه اليهم ليقول انا الذي اعمل الحرب والسلم، واذا كنت ادعو للتهدئة الآن فهناك تهدئة. وطمأن اللبنانيين علماً انه كان ومن وقت غير بعيد ابلغهم بأن حرباً ستندلع وبأن احداً لا يستطيع ان يركن لاسرائيل وان المناورات وحتى مناورات الدفاع المدني التي نظمتها اسرائيل اظهرها وكأنها عدوان كبير على لبنان يجب التنبه له والاستعداد للحرب.. الخ بالامس يقول انه لن تحدث حرب ونحن نصدقه لأنه هو من يستطيع التهدئة، وليس عليه ان يطلب التهدئة من احد لأن التهدئة تأتي منه، ومن السلاح الموجود لديه، اما هناك تهدئة بهذا السلاح واما لا تهدئة به. اما 7 ايار بهذا السلاح واما لا 7 ايار بهذا السلاح.

# لكن بعد زيارة الرئيس ميشال سليمان الى واشنطن، والكلام الذي سمعه عن احتمالات قيام اسرائيل بشن حرب على لبنان، لماذا يتم استبعاد فرضية الحرب؟

- معك حق، لم نعد نفهم، اذا كان الكل علّق على ما سمعه الرئيس سليمان في واشنطن بمعنى ان هناك استعدادات اسرائيلية للقيام بحرب على لبنان وبين هذا الكلام وما قاله السيد نصرالله بالامس هناك تناقضات كبيرة، لم نعد نعرف اذا كان هناك حرب قريبة ام لا، ولكن من دون شك فان معلومات السيد نصرالله قد تكون اصدق من المعلومات الاميركية بهذا الشأن.

# كيف تلقيت نصيحة السيد نصرالله للمسيحيين بايلاء مصلحة لبنان الاولوية ووقف رهانات بعضهم على اسرائيل؟

- في وقت من الاوقات اعتقدت ان البطريرك الماروني يحكي ويطالب المسيحيين بأن يتفقوا فيما بينهم، وانا استغرب اذا كان يقبل السيد نصرالله ان يطلب البطريرك الماروني من الطائفة الشيعية ان تجتمع وتقرر ما هو مصيرها، وعندما يكون الواحد يمتلك كل الطائفة بالترهيب والترغيب لا اعرف اذا كان يستطيع اسداء نصائح لغيره بهذا الموضوع.

# هي دعوة للصلح والمصالحات المسيحية؟

- دعوة للصلح ولكن ليس معه، هو دعا المسيحيين للصلح فيما بينهم، وهو يعلم تماماً ان هناك مصالحات مسيحية ممنوعة منه ومن النظام السوري، فنحن لن نشهد مصالحة بين سليمان فرنجية وسمير جعجع، ولن نشهد مصالحة بين سمير جعجع وميشال عون.

# بالامس جرت مصافحة في بكركي بين عون وجعجع.

- مصافحة وليس مصالحة، وفي كل المرات التي التقى فيها عون وجعجع في اي مكان وخاصة على طاولة الحوار تصافحا وهذه المصافحات لا تعني شيئاً. يراد عزل موقف سمير جعجع الذي يمثل الـ ((لا)) او الـ ((كلا)) المسيحية لكل ما يجري وعودة نفوذ سوريا. هذه الـ ((كلا)) يريدون عزلها.

14 آذار والمبادرات المطلوبة

# بعد كل ما جرى ماذا بقي من 14 آذار/مارس؟

- هل تتحدث عمن انجز مهمته او لم ينجز مهمته؟

# اتحدث عن انفراط عقد 14 آذار/مارس؟ اين وليد جنبلاط، اين كارلوس اده، اين الكتائب؟

- 14 آذار/مارس لا تقدر ان تنفرط مهما انفرط عقد قياداتها، يوجد جمهور اسمه جمهور 14 آذار/مارس، جمهور ثورة الارز، هذا ما يزال متضامناً حتى مع كل عناصر الحزب الاشتراكي وابناء الطائفة الدرزية، ما زال مشتركاً مع بعضه بعضاً.

وما يسعى اليه وليد جنبلاط هو عودة الدروز الى الجنبلاطية اكثر مما يسعى الى عودة الدروز الى 14 آذار/مارس، وبالتالي يوجد لدى الطائفة الدرزية شعبية اساسية لـ 14 آذار/مارس يجب العودة عنها لكي يستطيع ان يمسك ويحمي الطائفة الدرزية اكثر.

انما جمهور 14 آذار/مارس ما يزال كما هو، ما يزال قوياً، وطبعاً عندما تخف مهماته يعني اذا انجز تسعين بالمائة من ثوابته وثوابت الحرية والسيادة والاستقلال فان العشرة بالمائة تبقى دون المستوى المطلوب لتعبئة الرأي العام كما في السابق.

# لا اعرف في اي سياق يمكن ان اضع كلامك عن 14 آذار/مارس هل أضعه في سياق تعبوي؟ ام في سياق آخر، الزمن تغير سعادة السفير وما تتحدث عنه لم يعد كما كان في السابق؟

- الجمهور لم يتغير، حتى لو الزمن تغير، الزمن تغيره القيادات.

# اذا اردنا ان نتحدث عن برنامج عمل 14 آذار/مارس اين هذا البرنامج الموحد، وأين التنسيق والتشاور في ما يتم المضي به من خطوات لهذا الطرف او ذاك؟

- نشكر الله لا يوجد برنامج موحد بالفكر الشمولي، يعني لا تستطيع ان تربط اليوم سمير جعجع وأمين الجيمل وحتى..

# أتحدث عن العناوين الكبرى؟

- ما تزال قائمة والجميع ملتزم بها.

# بدأنا نسمع اليوم عن امكان قيام تجمع مسيحي او شكل من اشكال اللقاء على غرار لقاء قرنة شهوان السابق..

- أنا لا اعتقد ان محاولات قيام مثل هذا اللقاء هي محاولات بائسة ويائسة، المطلوب من قيادات قوى 14 آذار/مارس بالاتفاق مع جمهورها ان تطلق مبادرات جديدة من شأنها ان تزيد هذه العشرة بالمئة التي ما تزال قيد الانجاز في 14 آذار/مارس وان تصبح مطالب وثوابت اساسية لكي تحظى بالتعبئة العامة لانجازها، والا فإن قيادات 14 آذار/مارس اذا بقيت من دون مبادرات فإنها سترى جمهورها يتخلى عنها ولكن هذا الجمهور لن يتخلى عن ثوابته وتعبئته.

# في معادلة الـ 15 – 10 -5 في الحكومة الحالية من هو الشريك المسيحي هل هو الرئيس ميشال سليمان ام العماد ميشال عون ام القوى والشخصيات المسيحية في 14 آذار/مارس، وهناك من يقول اليوم ان كل ما يجري الآن هو ان الحلف الرباعي الذي خاض الانتخابات النيابية عام 2005 اصبح اليوم في ظل معادلة 15 – 10 -5 حلفاً خماسياً بعد تطبيع العلاقة السورية – العونية وانضمام عون له؟

- لا يستطيع رئيس حكومة كل لبنان ان يميز حلفاءه وان يعطي لمسيحيي قوى 14 آذار/مارس قيمة اكبر من التي يعطيها للعماد ميشال عون.

العماد ميشال عون مدعوم من حزب الله وبالتالي فإن موازين القوى تفرض على الكل التعاطي مع حزب الله وتالياً مع ميشال عون، وحتى في تشكيل الحكومة فإن القوة التي اعطيت لعون ليست بسبب قوته المسيحية وليست على اساس قاعدته المسيحية، بل لأن حزب الله لا يدخل الحكومة الا عندما يرضى ميشال عون، وهذه القوة استمدها عون من حزب الله، مثل ايام اميل لحود فلم تكن تشكل حكومة الا اذا رضي اميل لحود بمعنى آخر فإن النظام السوري يدعم اميل لحود بمطالبه ولذلك فإن قوة اميل لحود لم تكن قوته بل قوة النظام السوري.

اليوم يوجد قوة لحزب الله، وليست قوة ميشال عون هي التي اعطته في الحكومة ما اخذه.

# ولكن هناك ثلاثة وخمسين بالمئة من المسيحيين صوتوا له في الانتخابات؟

- ((عم بتكترهم)) كل مرة يتم زيادتهم قليلاً، اخذ خمسين بالمئة.

# طيب خمسين بالمئة، وهذا يؤكد حضوره على الخارطة المسيحية؟

- يوجد على الخارطة المسيحية ثلاثة اساسيات لا احد يستطيع التنكر لها ابداً وهي البترون والاشرفية وزحلة، ومن كان يدعي انه سيربحها خسرها على الآخر.

# وماذا عن المتن وكسروان؟

- وفي المواقع الاخرى اذا نظرنا بين ما يسمى زعيم المسيحيين وهو ميشال عون وبين منصور غانم البون في كسروان هناك 1500 صوت ((ما منعود نشوف الزعامة المسيحية وعلى شو قائمة))، فعلاً عنده 50 بالمئة من المسيحيين لكن كان عنده اكثر بكثير، ومع الاسف فإن هذه القوة مدعومة من قوى اساسية في لبنان لا يمكن تأليف الحكومة من دونها وهي حزب الله، يمكن تأليف الحكومة من دون ميشال عون ولكن لا يمكن تأليفها من دون حزب الله، وبالتالي اعطي هذه القوة كما اعطى النظام السوري في السابق القوة لاميل لحود.

# تحدثت قبل قليل ان المصالحات المسيحية – المسيحية ممنوعة، هل لديك معلومات في هذا الاطار؟

- نعم هناك معلومات وهناك اجراءات على الارض، وهناك في الوقت نفسه طلب استقرار اي ان لا يوصل جو عدم المصالحات الى تشنجات، وهذا حصل وهناك اتصالات على صعيد القواعد بين بعضها البعض ولكن لا يمكن اجراء مصالحات على صعيد القيادات الا اذا لمس من سمير جعجع تغير ما في موقفه نتيجة ضغوط معينة، وانا لا اعتقد انه سيغير موقفه.

# هل طوي ملف الاغتيالات في لبنان؟

- بقرار، بدأ بقرار وطوي بقرار، ولا نعرف حتى يصدر قرار آخر، وهذا رهن بالتطورات السياسية ونسبة ثقافة الخضوع للقوة.

# لا تتخوف اذن من اغتيالات؟

- بلى اتخوف من اغتيالات من الصفوف الثانية والثالثة.

# تتوقع ذلك؟

- يجوز.

# سؤال اخير سعادة السفير: قيل في اتفاق الدوحة انه اكبر من هدنة وأقل من تسوية وقبل قليل قلت ان معادلة 15 – 10 -5 هي استمرار لاتفاق الدوحة، يعني نحن اليوم في هدنة او ما هو اكبر منها؟

- اتفاق الدوحة اعتبرته في وقته اتفاق العجيبة، العجيبة بالمعنى الايجابي، اي ان الوضع في لبنان لم يكن يحتمل اي شيء الا اتفاق سياسي معين حتى لو صار هناك خضوع لمنطق القوة، بمعنى آخر فكان الواحد عندما يكون محشوراً في مكان ما ومحشوراً مع جمهوره وبلده في مكان ما لا بد من تكتيكات استثنائية، للوصول الى اتفاق العجيبة، وهذا ما حصل، والـ 15 – 10 -5 هو ترجمة لموازين قوى معينة ولسلاح معين لا يمكن ان يجابه الا بجزء من ثقافة الخضوع للقوة، هذا لا يعني ان ثقافة الخضوع للقوة هي خنوع بل هي سياسة معينة يستطيع الواحد من خلالها ان يتنازل بعض الشيء او عن جزء مهم للوصول الى تسويات معينة خوفاً مع الاسف من الوصول الى كوارث اعظم.

# يعني اكبر من هدنة.. ولكن الى متى؟

- الى المحكمة الدولية.. وبصورة خاصة الى الايجابيات التي يمكن ان تحصل وتترجم لزيارة الرئيس سعد الحريري الى سوريا ولثبوت سلوكية النظام السوري تجاه لبنان وتطوره نحو ايجابيات اكثر فأكثر.

# قلت هدنة الى المحكمة الدولية؟

- نعم، الى المحكمة الدولية اولاً.

# ماذا يمكن ان يحدث عندها، انهيارات مثلاً؟

- كله ممكن.

# الله يستر سعادة السفير؟

- الله يستر.  

 أجرى الحوار :زين حمود

 

شروط جديدة وتعقيدات أمام زيارة جنبلاط لدمشق

 السياسة الكويتية/الخميس, 31 ديسمبر 2009

متى يذهب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى دمشق? حتى اليوم ليس واضحاً أي توجه محدد بشأن موعد الزيارة, بل وربما في قرار حصول هذه الزيارة, وهو ما بدأ يقلق جنبلاط الذي كان بادر أكثر من مرة إلى توجيه رسائل عديدة إلى سورية بضرورة فتح صفحة جديدة, بل وكان من أول المشجعين لقيام رئيس الحكومة سعد الحريري بهذه الزيارة, وهذا ما كان أحد أهم أسباب خروج جنبلاط من تحالف قوى "14 آذار" بعد أن كان رأس حربة فيها في مواجهة سورية.

قبيل زيارة الرئيس الحريري إلى دمشق بدأ جنبلاط يشعر أن ثمة شيء ما زال يعرقل هذه الزيارة, وتبلغ من بعض المقربين من سورية وعلى علاقة وطيدة به أن الرئيس بشار الأسد يرفض استقباله, وأن سقف لقاءات جنبلاط في دمشق سيكون مع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع, وهذا ما أربك جنبلاط وأزعجه, لولا أن سارع "حزب الله", الذي يقوم بالوساطة مع دمشق للتمهيد لزيارة جنبلاط إليها, بتوضيح الموقف لجنبلاط ونفي تلك المعلومات ولكن مع إشارة إلى أن ظروف هذه الزيارة لم تنضج بعد.

أدرك جنبلاط أن الأمور ليست يسيرة وأن زيارته ليست قريبة, وأن التوضيح هدفه استيعاب رد فعله, فتعمد تأخير التعليق على زيارة رئيس الحكومة التي لطالما كان يحضه عليها.

لاحقاً تبين أن هناك شروطاً إضافية على زيارة جنبلاط, من بينها وأبرزها أن يقدم الزعيم الدرزي اعتذاراً علنياً من الشعب السوري ومن الرئيس بشار الأسد شخصياً, وهو ما زاد في الضغط على رئيس "التقدمي" الذي ما لبث أن وافق على تنفيذ هذا الشرط وبدأ يعد العدة لعقد مؤتمر صحافي للقيام بالخطوة المطلوبة, وباشر بحملة داخل الحزب ولدى المشايخ الدروز لشرح الخطوة التي سيضطر إلى اتخاذها.

وفي الوقت ذاته طلب من قيادة "حزب الله" الحصول على موعد مسبق لزيارة دمشق كي لا تأتي خطوته في الفراغ, مع التمني بأن يكون هذا الموعد في اليوم التالي للمؤتمر الصحافي أو خلال الأيام القليلة التي تليه, من دون أن يتلقى أي وعد بهذا الأمر, وهو ما دفعه للتريث مجدداً في عقد المؤتمر الصحافي.

وما زاد في تعقيد هذه الزيارة هو ما ذكرته مصادر رفيعة على صلة بالاتصالات الجارية لتهيئة ظروف زيارة جنبلاط إلى دمشق عن شرط إضافي شكل عبئاً على الزعيم الدرزي, ويقضي بأن يقوم بزيارة اعتذار علنية لرئيس الجمهورية السابق أميل لحود في منزله, وأن الطريق إلى سورية يمر ببلدة بعبدات حيث يقيم الرئيس لحود منذ انتهاء ولايته الرئاسية.

لم يستسغ جنبلاط الفكرة, وهو الذي كان يعتبر أن الرئيس لحود رمز الوصاية السورية على لبنان, بل وأن المشكلة بين جنبلاط وسورية اندلعت بسبب قرار تمديد ولاية الرئيس لحود لمدة ثلاث سنوات إضافية, حيث كان جنبلاط أول المعترضين عليها وأشرس المعارضين لها.

ولا ينسى جنبلاط أنه كال للرئيس لحود كماً كبيراً من الاتهامات بالوقوف خلف الاغتيالات وبإدارة ما كان يسمى بالنظام الأمني اللبناني - السوري المشترك الذي حكم لبنان في عهد الرئيس لحود شخصياً, وهو ما دفعه في أحد مهرجانات "14 آذار" الحاشدة في ساحة الشهداء وسط بيروت إلى الدعوة لإسقاط لحود والزحف إلى القصر الجمهوري في بعبدا للإطاحة بالرئيس لحود لولا أن تدخل البطريرك الماروني نصر الله صفير لمنع حصول هذا الأمر, فأطلق يومها جنبلاط أعنف هجوم له على الرئيسين لحود والأسد بعبارته الشهيرة: "بدنا الثأر من لحود لبشار"...

بات جنبلاط على يقين تام بأن المطلوب منه لاستقباله في سورية كثير جداً, وهو سيؤدي في المحصلة إلى كسره وإضعافه ليذهب ذليلاً, وهو لذلك بات متردداً في القيام بهذه الزيارة من دون أن يصرف النظر عنها نظراً لحاجته الملحة إليها ولإصراره عليها ولو بتقديم تنازلات من العيار الثقيل.

وربما كان هذا الأمر سبباً في طلب وساطات متعددة, تارة من المملكة العربية السعودية حيث تردد أنه أرسل عبر الوزير غازي العريضي برسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من أجل القيام بمبادرة مع الرئيس الأسد, فضلاً عن أنه سارع إلى توسيع مروحة اتصالاته مع دروز فلسطين الذين اجتمع بهم قبل يومين في قبرص وهو يعلم مسبقاً أن علاقتهم بسورية ممتازة وأن لهم موقعاً خاصاً عند الرئيس الأسد, فضلاً عن اتصالات مكثفة مع مشايخ الدروز في سورية للمساهمة في المساعي, وهو بذلك يحاول أن يقدم نفسه كزعيم للدروز في لبنان وسورية وفلسطين, ما قد يحسن موقعه عند الرئيس الأسد.

في المحصلة, لا تبدو زيارة جنبلاط قريبة إلى دمشق, وهي ما تزال في طور الإقناع, خصوصاً أن رئيس "اللقاء الديمقراطي" يخشى أن يكون المسؤولون السوريون قد ارتاحوا بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري وباتوا غير مستعجلين بالنسبة له, لأن ما حققته زيارة الرئيس الحريري وما ستحققه لاحقاً قد يغني سورية عن الآخرين ويجعلها ترفع من سقف شروطها ومطالبها منه.

لكن جنبلاط برغم كل ذلك يدرك أن عدم حصول الزيارة سيضعه في زاوية صعبة, وهو ينتظر أن تثمر ورشة اتصالاته في تسهيل حصول مصالحته مع سورية وتسريع موعد زيارته إليها... مهما كان الثمن.

.