المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
أخبار يوم 19
 شباط/2010

إنجيل القدّيس متّى 6/25-34

ولِهذَا أَقُولُ لَكُم: لا تَهْتَمُّوا لِنَفْسِكُم بِمَا تَأْكُلُون، ولا لِجَسَدِكُم بِمَا تَلْبَسُون. أَلَيْسَتِ النَّفْسُ أَهَمَّ مِنَ الطَّعَام، والجَسَدُ أَهَمَّ مِنَ اللِّبَاس؟ أُنْظُرُوا إِلى طُيُورِ السَّمَاء، فهيَ لا تَزْرَع، ولا تَحْصُد، ولا تَخْزُنُ في الأَهْرَاء، وأَبُوكُم السَّمَاويُّ يَقُوتُهَا. ألَسْتُم أَنْتُم بِالحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ ومَنْ مِنْكُم، إِذَا ٱهْتَمَّ، يَسْتَطيعُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ وَاحِدَة؟ ومَا بَالُكُم تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاس؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو، وهيَ لا تَتْعَبُ ولا تَغْزِل. أَقُولُ لَكُم: إِنَّ سُلَيْمَانَ نَفْسَهُ في كُلِّ مَجْدِهِ لَمْ يَلبَسْ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الحَقْلِ الَّذي يُوجَدُ اليَوْم، وغَدًا يُطْرَحُ في التَّنُّور، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالأَحْرَى يُلْبِسُكُم أَنْتُم يَا قَلِيلِي الإِيْمَان؟ لا تَهْتَمُّوا إِذًا وتَقُولُوا: مَاذَا نَأْكُل، أَوْ مَاذَا نَشْرَب، أَو مَاذَا نَلْبَس؟ فَهذَا كُلُّهُ يَسْعَى إِلَيْهِ الوَثَنِيُّون، وَأَبُوكُم السَّمَاوِيُّ يَعْلَمُ أَنَّكُم تَحْتَاجُونَ إِلى هذَا كُلِّهِ.

أُطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وبِرَّهُ، وذلِكَ كُلُّهُ يُزَادُ لَكُم. لا تَهْتَمُّوا إِذًا بِالغَد، فَالغَدُ يَهْتَمُّ بِنَفْسِهِ. يَكْفِي كُلَّ يَوْمٍ شَرُّهُ.

 

نجاد للسيد نصرالله: يجب انهاء امر الکيان الصهيوني فيما لو کرر اخطاءه السابقة 

موقع قناة المنار  18/02/2010

اکد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية محمود احمدي نجاد في اتصال هاتفي مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ضرورة الحفاظ على الجهوزية والاستعداد امام التهديدات المحتملة من جانب الکيان الصهيوني.    وقال الرئيس احمدي نجاد في هذا الاتصال الهاتفي الذي جرى اليوم الخميس: لو اراد الکيان الصهيوني تکرار اخطائه السابقة فان الجهوزية يجب ان تکون في مستوى تنهي امره، وتخلص المنطقة من شره الى الابد، وفي هذا المجال فان الشعب الايراني يقف الى جانب الشعب اللبناني وشعوب المنطقة الاخرى.

وافادت الدائرة الاعلامية في رئاسة الجمهورية الايرانية، ان الرئيس احمدي نجاد بحث في هذا الاتصال الهاتفي مع السيد نصر الله احدث اوضاع المنطقة ولبنان.

ووصف رئيس الجمهورية المواقف الاخيرة لامين عام حزب الله ازاء التهديدات الصادرة عن الکيان الصهيوني بانها قوية جداً وشجاعة ومناسبة وقال، ان الصهاينة يخشون بشدة المقاومة والشعب اللبناني وشعوب المنطقة، ولکنهم يسعون للتعويض عن هزائمهم في غزة ولبنان، لانهم يشعرون بان سمعتهم ووجودهم قد تعرض للخطر الا انهم لا يملکون الجرأة للقيام بذلك، لانهم يخشون من تداعياته. من جانبه اوضح امين عام حزب الله في هذا الاتصال الهاتفي بان لبنان والمقاومة الان في ظروف مناسبة جداً وقال: لا خوف امام تهديدات الکيان الصهيوني، ومن المؤکد ان مخططات ومؤمرات الصهاينة لن تجديهم نفعا. وقال السيد حسن نصرالله، انه من الناحية الاستراتيجية ايضاً ليس الكيان الصهيوني في ظروف تؤهله لشن حرب جديدة، لکنه يسعى من خلال تهديداته واطلاق الحرب النفسية اثارة الرعب والخوف بصورة ما، الا انه لن يحقق شيئاً مهماً کانت الظروف.

 

باراك ينصح سوريا بعدم امتحان إسرائيل

تل أبيب - ي ب أ - قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك  أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الاميركية الرئيسية  في القدس، إنه ينصح سوريا بعدم امتحان إسرائيل، وإنما التحدث معها، مضيفا أنه لا حاجة إلى حرب جديدة بين الجانبين وإنما الى دخول مفاوضات سلام. ونقل عنه الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "لا أنصح أية جارة بما في ذلك سوريا بامتحاننا، وبعد أن أقول هذا أنا مقتنع بأن مصلحتنا تقتضي الشروع في مفاوضات من أجل البدء في عملية سلام". وخاطب الرئيس السوري بشار الأسد قائلاً إن على "رئيس سوريا بشار السادات (هكذا قال باراك) الجلوس إلى طاولة المفاوضات في أسرع ما يمكن، وكلنا نعرف ما هو موضوع على الطاولة والتوقيت هو الآن". ورأى أنه "لا حاجة الى الانتظار 10 أو 20 سنة أو الى حرب أخرى". وكان باراك قال مطلع الشهر الجاري إنه "في ظل غياب تسويات مع سوريا قد نصل إلى مواجهة قوية معها قد تتطور إلى حرب إقليمية". ورد عليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأنه إذا أعلنت إسرائيل الحرب على سوريا فإن الحرب ستنتقل إلى مدن إسرائيل.

 

إسرائيل : لبنان دولة على الورق فقط

اعتبر رئيس الدائرة السياسية والامنية في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس جلعاد، ان لبنان هو «دولة على الورق» فقط، وان العام الحالي يشكل امتحانا للعالم في ما يتعلق بوقف البرنامج النووي الايراني. ونقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن جلعاد، قوله في مداخلة خلال «مؤتمر القدس» الاقتصادي، ان «دولة لبنان قائمة على الورق فقط وقد تم بيع الجزء الجنوبي الى «حزب الله» وأصبح يوجد هناك كيان تتزايد قوته باستمرار». وتحدث عن ايران قائلا ان «العالم الحالي يمثل مفترق طرق وعام الامتحان لما اذا كان العالم قادرا على التغلب على التهديد الايراني، الذي هو ليس مجرد تهديد تقني، وإنما تهديد استراتيجي عميق». (وكالات)

 

السياسة الكويتية :أجهزة تشويش تابعة لـ "حزب الله" استخدمت تزامناً مع سقوط الطائرة الإثيوبية

 الخميس, 18 فبراير 2010 02:24

كشفت مصادر شديدة الخصوصية ل¯"السياسة" أن "حزب الله" استخدم وسائل تشويش إلكترونية في الوقت نفسه الذي سقطت فيه الطائرة الاثيوبية المنكوبة في البحر, بعيد إقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي, فجر 25 يناير الماضي, مؤكدة أنه يجهد لمنع كشف هذه المعلومة خشية افتضاح أحد أهم أسراره.

وأشارت المصادر إلى أن الحزب يجري اتصالات مكثفة مع وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي ومع سلطة الطيران المدني اللبناني اللذين يديران التحقيقات المتعلقة بالحادثة, لضمان عدم نشر أجزاء التحقيق التي تدل على استخدامه هذه الأجهزة في نفس المكان والزمان الذي سقطت فيه الطائرة.

وأوضحت أنه على الرغم من عدم وجود دلائل قاطعة تشير الى أن سقوط الطائرة جاء نتيجة تشويش خارجي على أجهزتها الالكترونية أو نتيجة تشويش على الاتصال بينها وبين برج المراقبة في مطار بيروت, إلا أن حقيقة مخاوف "حزب الله" مردها إلى أن مجرد نشر دلائل على استخدامه هذه الأجهزة, سيفضح أحد أهم أسراره وهو امتلاكه وتشغيله هذا النوع من الأجهزة المتطورة التي تلقاها من إيران قبل حوالي عامين وبدأ تشغيلها بانتظام قبل أشهر عدة.

وأضافت المصادر, نقلاً عن كوادر قيادية في الحزب, أن الأخير يخشى أن يتم استغلال هذه المعطيات لكي يتم اتهامه بشكل أو بآخر بالتسبب في سقوط الطائرة, إضافة إلى الأسباب الأخرى التي لم تتضح بعد, الأمر الذي سيفجر غضباً عارماً لدى عوائل الضحايا اللبنانيين الذين تنتمي غالبيتهم إلى الطائفة الشيعية, فضلاً عن إمكانية رفع دعاوى تعويض بمبالغ كبيرة جداً ضد الحزب من قبل عائلات الضحايا وشركة الطيران الإثيوبية.

وختمت المصادر بالإشارة إلى أن امتلاك "حزب الله" أجهزة التشويش هذه, هو إحدى المفاجآت التي ما فتئ الأمين العام للحزب حسن نصر الله وباقي كوادره القيادية يلوحون بها مع تصاعد وتيرة التهديدات المتبادلة مع إسرائيل.

 

شمعون: زيارة عون المرتقبة لضريح داني ليست سوى استخفافاً بعقول الناس وهو انتظر انعطافة جنبلاط لدخول الجبل

الأنباء/أعرب عضو قوى "14 آذار" رئيس حزب "الوطنيين الاحرار" النائب دوري شمعون عن عدم استغرابه اهتمام العماد ميشال عون المفاجئ بزيارة ضريح الشهيد داني شمعون بعد 5 سنوات من عودته من منفاه الفرنسي، عازياً ذلك لكون "هذه الخطوة المغلفة بعاطفة مصطنعة على ابواب الانتخابات البلدية لاستقطاب الناخبين، تذكر بزيارته للدكتور سمير جعجع في سجن وزارة الدفاع الوطني والتي كانت مغلفة بالعاطفة نفسها على ابواب الانتخابات النيابية في العام 2005."

وأضاف شمعون ان عزم عون زيارة ضريح الشهيد داني شمعون في دير القمر خلال زيارته المرتقبة للجبل في الايام القليلة المقبلة، "ليس سوى استخفاف بعقول الناس، وذلك ظنا منه ان زيارته للضريح ستحيطه بهالة من العواطف الشعبية التي يفتقدها اصلا، ليس فقط في دير القمر، انما ايضا في مجمل المناطق الشوفية."

وتساءل شمعون عما إذا كان عون يدرك بأن "روح الشهيد داني ترفضه من عليائها بعد إنحرافه عن المسار الوطني الذي أيّده فيه الشهيد، وأصبح مرجعا سوريا في لبنان ودارته محجّة لرموز النظام السوري".

ولفت شمعون في تصريح إلى "الأنباء" الى ان ما يجمع اليوم بين رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط والعماد عون، "هو أبعد ما يكون عما يدعيه هذا الاخير حول استرجاع اجراس الكنائس في الشوف والجبل ككل"، معتبراً ان اهتمام جنبلاط بعون هو من باب انفتاحه على سوريا بعد ان اصبح عون "رمزا من رموز سوريا المميزين في لبنان." ووضع شمعون تحبب عون "المزيف" لجنبلاط في إطار "مناورة سياسية ذات مصلحة خاصة به، سرعان ما ستنتهي أسبابه بالسرعة التي بدأت بها، أي إن أحد جوانب نهاية العلاقة بينهما ستكون نتائج الإنتخابات البلدية والتموضع السياسي لعون في الشوف وكامل الجبل".

ورأى ان اخطر ما في سياسة العماد ميشال عون هو ممارسته فن الهروب الى الامام، واصفا اياه بصاحب المهارات العالية في كيفية استقطاب عواطف المواطنين اللبنانيين، لاسيما عواطف المسيحيين منهم، "بهدف ذرّ الرماد في عيونهم وتعميتهم عن مساره السياسي الذي لا يتوافق لا شكلا ولا مضمونا ولا حتى نتيجة مع تاريخهم النضالي".

وأكد شمعون ان "ألاعيب عون ما عادت تنطلي كالسابق على أي من المواطنين، خصوصا بعد أن أصبح الحليف المميز لسورية التي كانت سببا في ترميل نساء الضباط والعسكريين والمدنيين الآمنين وتيتيم أبنائهم نتيجة حرب عبثية خاضها العماد عون في وجه سورية للوصول الى سدة الرئاسة الأولى وليس لتحرير لبنان كما كان يدعي زورا في تبريراته لتلك الحرب". وتساءل شمعون عن أسباب رفض البعض لعبارة "لبنان أولا" طالبا منهم توضيح رؤيتهم عن الاضرار التي من شأنها ان تطال لبنان سواء على مستوى انتمائه العربي أو على مستوى تمسكه بالحقوق الفلسطينية أم على مستوى العداء الكامل الذي يكنه للكيان الاسرائيلي، والذي دفع لبنان جراءه اكبر ضريبة دم بين كل الدول العربية، مطالبا من يرفض أن يكون "لبنان أولا" باستحضار تصريح واحد احد لأي مسؤول سوري أو مصري أو أردني أو سعودي يرفض فيه ان تكون بلاده أولا كما يرفضون هم أن يكون "لبنان اولا".

 

السعد: لن أشارك في استقبال عون في المختارة علماً أنّني حاضرهناك في كل وقت

نهارنت/أعلن عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب فؤاد السعد أنّه لن يشارك في استقبال رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون في المختارة يوم السبت المقبل، كما أنّه لن يشارك في الغداء. وصرّح السعد ل"المركزية"، أنّه تلقّى دعوة من رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط لاستقبال عون ولتناول الغداء في المختارة، مؤكّدًا أنّ "جنبلاط ترك لي، بلياقته المعهودة، حرية القرار لتلبية الدعوة أو الاعتذار عنها، فتمنيت عليه قبول اعتذاري بالنسبة للقاء، وتأسفي بالنسبة للغداء، علماً أنّني حاضر في المختارة في كل وقت. 

 

الكتلة الوطنية: خطاب السيد نصر الله يطيح بالمؤسسات الرسمية وحزب الله مستمر في تمدده دون حساب رأى حزب "الكتلة الوطنية اللبنانية" "ان حزب الله مستمر في تمدده، ولم يعد يشعر أنه تجاوز حدود إحترام الآخر في موقفه وثقافته وقناعاته".

وتطرقت الكتلة في بيان إلى إحتفال الجديدة الذي أقامه حزب الله، مؤكدة "ان ما حدث في الجديدة ليس حالة منعزلة، اذ انه سبق للحزب ونشر عناصره منذ حوالي الثلاثة أشهر في مدينة جبيل وأقفل طرقات وساحات"، وأضاف البيان: "وجهنا في حينها ملاحظاتنا لكن لم يستدرك أحد الامر ولم يتقدم "حزب الله" ولا حليفه الذي ادخله الى المنطقة بأي اعتذار من الجبيليين ولا من اهالي جديدة المتن بطبيعة الحال". ورأى البيان ان كلام الامين العام لـ"حزب الله" في خطابه الاخير، "بنبرته وحججه جاء ليطيح بالمؤسسات الرسمية من رئاسة وحكومة وجيش ودورها الدستوري". وأسف لـ"هذا الصمت المطبق من قبل هذه الاطراف التي تم تخطيها في كلام السيد نصرالله"، سائلاً عن "معاني حكومة الشراكة التي اتحفونا بها وعن معاني الحوار والاستراتيجيات الدفاعية في ضوء الكلام الذي سمعناه". وحيا الحزب خطوات مصرف لبنان الاخيرة "التي تساعد في توجيه الاقتصاد وانعاش النمو"، مشيراً الى ان الانتعاش والنمو وارتفاع السيولة الحالي "هو حق للبنانيين". وإلى ذلك، أشار الحزب إلى ان طرح زيادة الضرائب لتغذية الخزينة هو بعكس التوجه المطلوب، لافتاً إلى ان الحل يبدأ اولا في ضبط الانفاق والمصاريف وتحسين الجبايات. وطرح الحزب فكرة استثمارية لمطار الرئيس رينه معوض في القليعات، مقترحاَ "جعله محطة جوية لشحن ونقل وتسليم الطرود، وإعطاء التسهيلات لشركات البريد السريع الناقلة لتلك الطرود لكي يصبح هذا المطار مركزا اقليميا رائدا في الشرق الاوسط". وأعرب الحزب عن قلقه لمستقبل السلك الخارجي اللبناني في وزارة الخارجية والمغتربين، الذي يفقد مع الوقت، وذلك بالاحالة الى التقاعد المبكر البعض من خيرة سفرائه ودبلوماسييه. وحث المعنيين على اتخاذ ما يلزم من خطوات سريعة للحؤول دون هذا النزف الخطر.

 

حقوق الإنسان والحق الانساني": النائب نبيل نقولا خالف شرعة حقوق الإنسان

١٨ شباط ٢٠١٠

أصدرت مؤسّسة "حقوق الإنسان والحقّ الإنساني" في لبنان بياناً جاء فيه: "استوقف المؤسسة بعض ما جاء في كلمة عضو تكتل "التغيير والإصلاح" نائب المتن نبيل نقولا، التي ألقاها يوم الإثنين في 15 شباط 2010 في مدرسة الحكمة في جديدة المتن". وأضاف البيان: "لقد تضمّنت الكلمة موقفًا لاهوتيًّا، يعود لِذي الصفة أن يعلّقوا عليه، كما جاء في الكلمة مواقف سياسيّة، وإذ تحترم المؤسسة حرية المنادي بهذه المواقف، إلا أنَّ ما يعنيها في تلك الكلمة هو حضّ النائب على الكراهيّة الجماعيّة ضدّ اليهود، وهو موقف ليس في وسعها أن تدعه من دون تعليق، ذلك أنّه يخالف المادّة الثانية والمادة الثلاثون من شرعة حقوق الإنسان".

 

الهدف من ضرب الوحدة المسيحية ــ الاسلامية تثبيت سياسة «حماية» الطوائف

فؤاد أبو زيد/الديار

بدلاً من ان يقرأ فريق 8 آذار تظاهرة شعب 14 آذار في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، بايجابية وتفهّم وتسليم، بأن هناك شريحة كبيرة جداً من الشعب اللبناني تفكر خلافاً لما يفكر، وتطمح خلافاً لطموحاته، وتقرأ الامور بخلاف قراءته، وترى مصلحة لبنان بعكس ما يراها، وان هذا الاختلاف هو حق من حقوقها، قالت به الدساتير والقوانين وشرعة حقوق الانسان العالمية، ولم يعد جائزاً لاي كان ان يقوّم سلوك هذه الشريحة ومواقفها واختلافها عنه، وفق مزاجيته واهوائه ومصالحه، وبات مستهجناً ومرفوضاً تصنيف الناس في ما يقولون ويعبّرون عنه كما حصل تعقيباً على هذه التظاهرة الوطنية فالصقت بهذا القيادي تهمة العمالة، وبذاك تهمة اثارة النعرات والخلافات، وبفريق كامل من اللبنانيين تهمة التآمر، فقط لأنهم نطقوا بما يفكرون به، ولم يلجأوا الى اسلوب الباطنية او التقيّة، وسياسة الوجهين واللسانين، بل قالوا كلمتهم على رأس السطح، وامام مئات الوف اللبنانيين، وعشرات الملايين في مختلف انحاء العالم. الذين نزلوا يوم 14 شباط الى ساحة الحرية، اوصلوا رسالة الى الفريق الآخر، عن طريق تحشدهم الضخم، وعن طريق الكلمات الاربع التي القيت، وكلّ على طريقته واسلوبه وثوابته وتاريخ نضاله، انهم يرغبون بالعيش الواحد، ويعملون من اجل الدولة الواحدة، ويعترفون بأن هناك عدواً واحداً هو اسرائيل، وانهم يؤمنون بعروبة واحدة، هي عروبة الانفتاح والاعتدال والتسامح والديموقراطية وقبول التعددية، ولكنهم يصرّون على قول وفعل «لبنان اولاً» كاصرارهم على الحريات، وعلى ان تكون الدولة صاحبة القرار في كل ما يعني الشعب اللبناني، ولذلك فان قراءة هذه الكلمات خلافاً لمضمونها الحقيقي، هي استمرار لمحاولات دق اسفين في علاقات الجمهور السنّي بالجمهور المسيحي، وهي العلاقات التي تعمّدت بدم الشهادة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحتى آخر شهيد في مسيرة الاستقلال، وارباك هذه العلاقة او تعطيلها او اضعافها لا يمكن ان تصبّ في مصلحة لبنان وعيشه الواحد، من هنا فان الاشادة بخطاب الرئيس سعد الحريري والانقضاض على خطب الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس السابق امين الجميّل والدكتور سمير جعجع، هما محاولة يائسة لفرز الساحة السياسية الى طوائف ومذاهب لا يجمع بينها جامع، وتعود عقارب الساعة الى الوراء حين كان يسهل ضرب كل طائفة تمهيداً لاحتوائها، وما اعلنه النائب وليد جنبلاط في مقابلة تلفزيونية، ان همّه هو حماية الدروز في لبنان وسوريا، خير برهان على ما يمكن ان يحصل في حال نجح مخطط ضرب 14 آذار وتفكيكها، واضطرار كل طائفة او مذهب للتفتيش عن حماية خارج حماية الدولة والوحدة الوطنية.

الحريصون على تمييز رئيس الحكومة سعد الحريري عن حلفائه «الصقور» في 14 آذار، يتجاهلون عمداً ما اعلنه الحريري في اكثر من مقابلة، وما اكد عليه في اجتماع البرستول الاخير حين قال «لن يبعدني عن الحلفاء الذين وقفوا الى جانبي سوى الموت» وتجاهلوا ايضا ان سعد الحريري هو ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكان بامكانه ان يعطي لذكرى استشهاد والده صيغة اخرى غير صيغة الحشود والضيوف والخطباء، لو انه «يضيق» بحلفائه كما قال البعض او انه منزعج منهم، وتجاهلوا ثالثاً «مونة» الحريري على الرئيس فؤاد السنيورة لو انه اراده ان يطلع يوم الاحتفال بخطاب لا لون له ولا طعم ولا يزعج 8 آذار.

ان الرئيس الحريري مثله مثل باقي حلفائه، يريدون السلام والاستقرار والمصالحة والعلاقات الطبيعية مع سوريا، ويعوّلون على ان يكون الآخرون في هذا التوجه ايضا، واذا كان هناك من ينبغي ان يتقدم الى منتصف الطريق لملاقاة الحريري و14 اذار، فهو تكتل 8 اذار الذي ينصب فوق رأسه خيمة ويرفض ان يقول له احد: «ما احلى الكحل في عينك».

 

نجاد يتصل بسليمان ويجدد دعمه لبنان في مواجهة التهديدات الاسرائيلية

نهارنت/تلقّى رئيس الجمهورية ميشال سليمان اتصالاً من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، جدد خلاله وقوف إيران الى جانب لبنان، ودعمه في كل المجالات وعلى كل المستويات، في مواجهة التهديدات الاسرائيلية المتواصلة ضده. وشكر سليمان لنظيره الايراني اتصاله وعاطفته، مشدّدًا على أنّ هذه التهديدات تواجه بتعزيز الوحدة الوطنية، والجهوز العسكري وتظافر القدرات الوطنية لصد أي اعتداء.

 

اسرائيل: تهديدات نصرالله ناجمة عن ضغوط داخلية

نهارنت/قللت الحكومة الإسرائيلية من أهمية التهديدات التي أطلقها الأمين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصر الله ضدها، معتبرة إياها ناجمة عن تعرضه لضغوط داخلية.

واعرب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أندي ديفيد عن اعتقاده ان "نصر الله يشعر بضغط من الداخل اللبناني، وعندما يدلي بتصريحات يكون عادة ردا على ضغوط تفرض عليه من الداخل، فلذلك كلما أطلق مزيدا من التهديدات كلما يزداد عدم اكتراثنا بها". وأضاف ان إسرائيل تنظر دائما بجدية بالغة لأي نوع من التهديدات. ونفى شن إسرائيل أي هجوم على لبنان، مضيفا أن "العمليات العسكرية هي إجراء دفاعي فحسب وإذا هوجمنا فعلينا حماية أنفسنا ولا اهتمام لنا بلبنان ولا بالسياسة الداخلية فيه لكننا سندافع عن أنفسنا إذا هاجمنا أحد ولقد كانت هذه سياستنا وستبقى".

 

موسى: خطورة الاوضاع في المنطقة تحتم مشاركة لبنانية على مستوى في القمة

نهارنت/تفتح زيارة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى لبنان النقاش في مشاركة لبنان في القمة العريبة التي ستعقد في ليبيا في آذار المقبل، مع العلم ان هذا الموضوع لم يطرح في مجلس الوزراء، انما برز في الاولوية مع مطالبة رئيس مجلس النواب نبيه بري تكراراً بمقاطعة القمة التي وصفها بأنها "قمة الاحباط العربي". واكد موسى ان "لبنان سيشارك في هذه القمة ولا نزاع على هذا الامر. اما كيف ومستوى التمثيل وغيرها من الامور فهي مسألة متوقفة على الوضع اللبناني ولدينا الوقت الكافي لهذا الامر". وشدد موسى بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا، ان "مشاركة لبنان مسألة ضرورية بالمستوى الرفيع او المستوى المسؤول، لان الاوضاع حادة وخطيرة في المنطقة ومنها مواضيع تتعلق بلبنان بذاته، اضافة الى العنصر المهم الذي طرأ على الموقف وهو ان لبنان عضو في مجلس الامن وعليه مسؤوليات كبيرة في تمثيل المجموعة العربية وتمثيل الجامعة العربية في مجلس الامن، الذي قد نضطر للذهاب اليه بناء على العناصر والاجتماعات العربية على المستويات كافة ومنها مستوى القمة وما سوف تقرره". ورفض موسى الاجابة عما اذا كان رئيس الجمهورية ابلغه بمستوى تمثيل لبنان في القمة مشددا على ان "مسألة الامام الصدر يجب ان تؤخذ في الاعتبار ومناقشتها اعلاميا قد لا يكون مفيدا". ورأى موسى انه "لا بد من التحسب والحذر في المنطقة ككل، لان المنطقة تقف على سقف من صفيح ساخن وواجب الحذر. وان من أهم عناصر القوة العربية هي ان نجلس سويا وندرس هذا الموقف ونجري الاتصالات اللازمة ونحدد موقفنا من الان لمثل هذه الاحتمالات، التي تظل في اطار الاحتمالات". وأوردت صحيفة "الاخبار" ان لبنان "يتجه إلى مراعاة الطائفة الشيعية، وعدم المشاركة في قمة ليبيا الشهر المقبل، على مستوى رئاسي ولا حتى على مستوى وزير الخارجية الشيعي، والاكتفاء بإيفاد وزير الخارجية بالوكالة أو انتداب السفير لدى الجامعة العربية لتمثيل لبنان في هذه القمة". وكان موسى الذي وصل مساء الاربعاء الى بيروت، التقى رئيس الحكومة سعد الحريري وبحث معه في تطور الاوضاع في لبنان والمنطقة.

 

وزير خارجية تشيكيا في بيروت: لتعزيز العلاقات السياسي الثقافي والإقتصادي

نهارنت/نقل وزير خارجية تشيكيا جان كوهوت الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان دعوة من نظيره فاكلاف كلاوس الى زيارة تشيكيا. وعبّر خلال لقاء جمع الرجلين في بعبدا عن إلتزام بلاده خصوصا والاتحاد الاوروبي عموما تجاه السلام والاستقرار الشاملين في الشرق الاوسط، موضحاً أنّ الهدف من زيارته وهو المساهمة في إعادة إحياء التعاون بين البلدين على كل المستويات وحضور منتدى الاعمال الذي يعقد في بيروت لاستكشاف مجالات التعاون الاقتصادي، خصوصا في قطاعي الطاقة والنقل. الى ذلك أكد كوهوت بعد اجتماعه بوزير الخارجية علي الشامي، أنّ موقف بلاده من التهديدات الاسرائيلية هو احترام قرارات مجلس الأمن الدولي، وترى ان الحل الأوحد لكل المشاكل يتم من خلال المفاوضات وليس التصعيد من أي طرف من الأطراف". قال: " جئت الى هنا اليوم لأتابع إعادة إحياء الحوار السياسي بيننا على أعلى المستويات. نيتنا هي تعزيز وتعميق علاقاتنا الثنائية في مجالات عدة ليس فقط على صعيد المحادثات والحوار السياسي والإتصالات المنتظمة بين وزارتي الخارجية في البلدين، إنما ايضا على الصعيد الثقافي والإقتصادي وذلك عبر مجموعة من رجال الأعمال رافقوني اليوم في زيارتي هذه". بدوره الوزير الشامي، قال "وضعنا الجمهورية التشيكية ووزير الخارجية التشيكي بأجواء الخروقات الإسرائيلية وانتهاكاتها وعدم احترامها وتطبيقها للقرارات الدولية وخصوصا القرار 1701.وأشار الشامي الى أن هناك تعاوناً بين البلدين في المجالين الإقتصادي والتجاري وهناك رجال أعمال من دولة التشيك أتوا الى لبنان وهم يتباحثون مع رجال أعمال لبنانيين، ومن الممكن أن يكون هناك تبادل في الزيارات بين الفريقين، وسوف يزور وفد رجال الأعمال التشيكلي غرفة الصناعة والتجارة في لبنان".

كما كشف الشامي عن دعوة وجهت له لزبارة تشيكيا مؤكداً تلبتها بكل سرور. 

 

صفير منزعج من خطاب نصر الله ومن الإخراج السياسي لزيارة براد 

غراسيا بيطار  السفير/ بكركي

ما بين خطاب «السيد» وزيارة «العماد» تسبح بكركي في هواجسها. ترك خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في الذكرى السنوية لقادة الحزب الشهداء انطباعا غير مريح في أروقة الصرح البطريركي. فـ«جمر» المهرجان الاحتفالي لذكرى الشهداء الذي نظمه الحزب في جديدة المتن لم يهدأ بعد وأتت نارية الخطاب لـ«تقلص الرأي المندفع نحو الدفاع عن خط الاعتدال والحوار والانفتاح» وفق ما تقول أوساط مقربة من البطريرك الماروني. وتضيف: وكأنهم يقولون هذا الحوار الذي نطرحه عليكم بشروطنا قبلتم كان به وإن لم تقبلوا فشكوا برؤوسكم الريش. الموقف الكنسي ينم عن خشية تمر في فترات سكينة لكن أي خطاب من نوع خطاب مجمع سيد الشهداء الأخير كفيل بأن يخرجها من سكونها ويجعلها تشعر بالخطر. أما موقف البطريرك من «زيارة الحج» التي قام بها العماد ميشال عون لبراد في سوريا فينقسم تعليقه عليها الى شقين بين اليوم والأمس أي قبل سنوات. ففي الماضي، وتحديدا منذ قرابة الثلاث الى أربع سنوات وعندما دعا مطران حلب البطريركية الى زيارة موقع براد تزامنا مع الأبحاث المعمقة التي كان يقوم بها رئيس البعثة الفرنسية حينها عن هامة القديس مارون، أتى تعليق البطريرك كالآتي: ليثبتوا لنا أولا أنها مقبرة مار مارون... لا أحد يمكنه أن يجزم في هذا الأمر... كل ما هو معلوم أن الراهب مارون كان يعيش في تلك المنطقة ومات فيها. هذا في الشق الروحي، وأما في المشهدين اللذين تجليا في ذاك اليوم، فالكنيسة ترى «أننا اليوم في حاجة الى وحدة متراصة وكل نتيجة ذاك النهار أتت في قسمين واحد في حلب وآخر هنا». وتعتبر الأوساط الكنسية المقربة من البطريرك أن «لا شيء يستوجب كل ما أثير، فعيد مار مارون تعيده الطائفة في أنحاء العالم كافة، في أوستراليا وأميركا وللمرء الحرية في اختيار المكان الذي يريد». ومن هنا انزعج البطريرك من «الإخراج السياسي للزيارة ومن بعض الكلام عن أننا نرفض أن يكون هناك كنيسة هنا وأخرى هناك وهو كلام حق يراد به باطل، أي أنه وضع المسألة وكأن ثمة انشقاقا في الكنيسة وهذا غير صحيح».

الى ذلك، استقبل البطريرك صفير امس رئيس «الرابطة المارونية» جوزف طربيه، ثم المطران ايلاريون كبوجي وعرض معه قضايا كنسية. ومن زوار بكركي الاب بطرس خليل يرافقه مختار بلدة مو الفرنسية ميشال مورو.

 

النائب فرنجية: مع تقسيم بيروت ولكن برئيس بلدية واحد، وكلام نصرالله كان دفاعياً

نهارنت/رأى النائب سليمان فرنجية أن لا مانع بتأخير الانتخابات من أجل اقرار المزيد من الاصلاحات وقال:"النسبية المطروحة تخفف التشنج في البلد لأن الجميع سيمثل"، وإذ وصف النسبية بالـ"القانون المثالي للانتخابات النيابية"، أوضح أنه لم يكن من الممكن الاتفاق عليه "وكان تخوفنا من أن يكون هناك عودة لقانون الـ2000، فطُرح قانون الـ60 وقبل الجميع به"

وعن تقسيم العاصمة قال فرنجية لإذاعة "النور": "ما طرحناه في الانتخابات النيابية لا يمكن أن نطرح عكسه في الانتخابات البلدية، وقد طرحنا تقسيم بيروت نيابيا ونستمر بهذا الطرح بلديا ولكن برئيس بلدية واحد"، مؤيداً انتخاب رئيس البلدية مباشرة من الشعب. وفي اطار منفصل استبعد فرنجية حربا اسرائيلية على لبنان لأن "الاسرائيليين يقرؤون الأمور بشكل صحيح ويعرفون أن الحرب لم تعد نزهة وكل شبر من اسرائيل معرض لصواريخ حزب الله"، معتبراً أن كلام السيد نصر الله الثلثاء رفع معنويات الشعب اللبناني "لأن المواطن الاسرائيلي أصبح أداة ضغط على حكومته لعدم شن حربا". ورأى أن اسرائيل إذا أرادت أن تشن حرباً ستقوم بها لأسباب داخلية اسرائيلية وليس لأسباب داخلية لبنانية، لذلك هي ليست بحاجة لأي ذريعة لتشنها، مضيفاً "السيد نصر الله عندما يقول إذا قصفوا مطارنا سنقصف مطارهم ما يعني أنه يقول إذا بادروا هم سنرد ولم يقل اي مرة نحن سنبادر يعني أن كلامه كان دفاعيا". وأشار أن لا مصلحة لحزب الله بتوجيه سلاحه داخليا ولن يوجهه، مذكراً أن في 7 أيار تمت البرمجة ليجروا هذا السلاح الى الداخل، وقال: "هذا مطلب اسرائيلي ومطلب أميركي أن تغرق هذه المقاومة في الوحول الداخلية اللبنانية". 

 

نجاد ونصرالله يحضراننا للحرب

الخميس, 18 فبراير 2010

حسان حيدر/الحياة

كثرت في الاسبوعين الأخيرين الإشارات الايرانية الى احتمال اندلاع نزاع عسكري في المنطقة، وتزامن ذلك مع بدء البحث الجدي في فرض مزيد من العقوبات على طهران بسبب تعنتها في الملف النووي واعلان واشنطن انها ستقدم مشروعاً بهذا الخصوص الى مجلس الأمن قبل نهاية الشهر الحالي.

وجاءت الاشارات الحربية على لسان الرئيس الايراني أحمدي نجاد الذي أعلن أنه ابلغ سورية في اتصال هاتفي مع رئيسها بأن «لديه معلومات يعتمد عليها بأن النظام الصهيوني يبحث عن طريقة لتعويض هزائمه المخزية من أبناء غزة وحزب الله اللبناني». واضاف إن «النظام الصهيوني إذا كرر أخطاءه وبدأ عملية عسكرية، فيجب التصدي له بكل قوة لوضع نهاية له إلى الأبد». ثم كرر القول في مؤتمر صحافي قبل يومين انه «بحسب معلوماتنا فإنهم (الاسرائيليون) يستعدون لشن حرب في الربيع او الصيف الا ان قرارهم لم يحسم»، من دون ان يوضح ضد من، غير انه أردف «لكن المقاومة (في لبنان) ودول المنطقة ستسحقهم اذا أقدم هذا النظام الغاصب على أي شيء».

وقد يجد البعض «مفهوماً» ان يلوح نجاد باحتمالات الحرب مع اسرائيل وان يرفع درجة التوتر في المنطقة لردع الغربيين عن سعيهم الى فرض عقوبات جديدة والاسراع بدلاً من ذلك الى البحث في تهدئة الوضع، واعتبار ان ذلك يدخل في باب «التكتيك» و «التفاوض غير المباشر»، لكن تجارب سابقة اظهرت ان حديث الحرب الايراني كان جدياً عندما يتعلق الامر بمصالح النظام، وان حرب صيف لبنان 2006 اندلعت بعد فرض عقوبات اقتصادية على طهران، ولا شيء يمنع تكرار السيناريو الذي انتج «نصراً» لا تزال ايران وحلفاؤها يتفاخرون به. لكن اللافت ان نجاد حين تحدث عن التصدي لأي هجوم اسرائيلي، لم يشر الى استعداد بلاده للمشاركة في هذا التصدي، بل ألقى تبعة المهمة على سورية و»حزب الله» و «حماس» فقط. وبالطبع سارع الأمين العام للحزب السيد نصرالله الى تلقف الرسالة الايرانية المباشرة وألقى أول من أمس خطاباً رفع فيه مستوى «التحدي» الذي قال انه «يقبله»، وهدّد فيه بضرب البنى التحتية في اسرائيل اذا اقدمت على مهاجمة لبنان.

نصرالله قال انه لا يريد الحرب، على رغم انه «مشتاق» اليها ومستعد لخوضها، لكنه بدا عملياً كأنه يستدرج الاسرائيليين الى المواجهة تحت عنوان «الردع»، عندما كشف عن تطور كبير في تسلحه وعن حيازته منظومات صاروخية دقيقة لا تخطىء الهدف وقادرة على التدمير.

وهو حين تحدث عن «ضعف» اسرائيل وعدم قدرتها على شن الحرب الا اذا ضمنت انتصارها «الأكيد والمضمون والقطعي» فيها، وقال انها بحاجة الى وقت حتى تعيد بناء قوتها وتبني «القبة الحديد» المضادة للصواريخ، انما وقع في تناقض مع عقيدته نفسها. فاذا كان واثقاً من ضعف اسرائيل و «مأزقها» ومن كونها لا تحتمل هزيمة اخرى لأن ذلك يعني نهايتها، فلماذا يختار منحها الوقت الكافي للإستعداد طالما ان قناعاته السياسية و»تكليفه الشرعي» يدفعانه الى القضاء على «الكيان الصهيوني»؟

والتفسير لهذا التناقض جاء على لسان نصرالله نفسه في معرض مهاجمته الذين يطالبون بعدم اعطاء اسرائيل ذريعة للعدوان على لبنان، حين قال «منذ تموز 2006 لم يحدث شيء على جبهة الجنوب، وهذا ضمن استراتيجية لنا». والاستراتيجية هنا تعني حصراً القرار والتوقيت اللذين تتحكم بهما طهران، والتي قد تكون راغبة حالياً في منع العقوبات بأي ثمن ... ندفعه نحن بالتأكيد.

 

لا يريد الحرب ولكن...

الحياة/الخميس, 18 فبراير 2010

زهير قصيباتي

لغز ولا جديد في القول إن من مصلحة إسرائيل وحدها تأليب لبنانيين على لبنانيين، فهل باتوا موحدين حول ما هو مصلحة لبلدهم؟ يخدم إسرائيل أيضاً أن تؤلّب العرب والعالم كله على إيران، ولكن هل مصالحهم مضمونة مع طهران؟ بين لبنان وإيران الكثير، وكثيره ما زال محور جدل وانقسام، وإن كان معظم اللبنانيين لا يؤيد ضرب المنشآت النووية الإيرانية، لأن حرباً من هذا النوع تصعب السيطرة على حرائقها، ولكن... بين نجاد «النووي» المتهم بخداع الغرب والعالم، ونتانياهو الكاذب الذي يدّعي أنه لا يخطط لأي حرب (خصوصاً على المنشآت النووية الإيرانية)، يكشف الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عن موهبة مسرحية تضاف الى «إنجازاته» في السياسة والمعارك التي خاضها. هو لا يفهم قلق رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من احتمالات التصعيد العسكري الإسرائيلي في المنطقة، بل يتطوع لتطمينه، إذ «ليس هناك أي نزاع بين إسرائيل ولبنان» كأن مزارع شبعا وكفرشوبا في كوكب آخر. ولا يخفي بيريز وده «الحريص» على مصلحة البلد الصغير، لذلك يعزو القلق الوحيد الى «وجود جيشين وسياستين» في لبنان.

ويكمل رئيس الطاقم السياسي والأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، محاولة بيريز دق إسفين جديد بين قسم كبير من اللبنانيين و «حزب الله» الذي يعتبره نتانياهو بمثابة الحكومة، بالتالي تستحق الوعيد والعقاب بتدمير كل البلد، إذا تحرشت.

ومرة أخرى، لا مناص من القول إن استهداف «الأضعف» قد يغني عن قصفٍ في منطقة الخليج، يتطلب شرعية دولية، لأن إمدادات النفط خصوصاً ستكون في مرمى البركان.

والحال أن أي لبناني لا يستسيغ في المقابل حديث جلعاد عن «دولة من ورق» بيع جزؤها الجنوبي الى «حزب الله»، مهما كانت الخلافات حول دور الحزب وسلاح المقاومة. الثابت أن الحرب البربرية في تموز (يوليو) استهدفت جميع اللبنانيين، قبل أن تكمل واشنطن دفاعاتها اللفظية عن لبنان وسيادته، وعن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. لذلك، وحتى مع إدارة الرئيس باراك أوباما، لا يمكن الرهان على أن «الغيرة» الأميركية على البلد ستتبدل، في حال صدقت توقعات نجاد بحرب في الربيع أو الصيف.

ما يرجح لبنان مجدداً ساحة لهذه «الجولة»، أن إيران تدرك مغزى نقل المعركة الى الخليج، وأن كل القوى الغربية وروسيا ستكون موحدة في تشكيل تحالف دولي لمحاصرة «المتمرد» ولو بالقوة. فأمن الطاقة وشريان النفط ما زالا أولوية دولية، ومن هذا المنظار يمكن تلمس القلق في تشديد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على أن مجرد «التهديد» بالسيطرة على مضيق هرمز يعتبر عملاً حربياً. وأما توقيت الربيع الذي تحدث عنه نجاد موعداً للحرب الإسرائيلية، من دون توقع ساحتها الأولى، فلعله يثير مزيداً من القلق على لبنان، إذ يوحي بأن طهران لن تسكت حتى على القرار الدولي المرجح لتشديد العقوبات عليها.

أغلب الظن أن تخيّل انطلاق الشرارة الأولى من لبنان، في مسعى إيراني لإرغام الدول الكبرى على الندم الذي يتمناه لها نجاد، يتقاطع أيضاً مع إشارات إسرائيلية وأميركية كثيرة، تكررت على مدى الأشهر القليلة الماضية، بعنوان وحيد هو إعادة القرار 1701 الى غرفة العناية الفائقة، بالتالي تحويله سلاحاً جاهزاً لاستدراج لبنان وتوريط «حزب الله». التوريط ذاته سهل المنال على الأقل إعلامياً ودولياً، بعد كل ما كشِف عن الشبكات الإسرائيلية، إذ يكفي إطلاق بضعة صواريخ في ظروف ملتبسة، وتحميل الحزب المسؤولية.

2010 ما زالت «سنة الامتحان» لدى الإسرائيلي، والأكيد حتى الآن أن «حزب الله» لا يسعى الى حرب كما قال أمينه العام السيد حسن نصرالله. والأرجح كذلك أنه لن يعطي حكومة نتانياهو الذريعة، لكنها قادرة على افتعالها... ولو بعيداً من لبنان.

لذلك كله، قد ينقسم اللبنانيون في قراءتهم لخطاب السيد حسن نصرالله في ذكرى قادة المقاومة الشهداء، رغم الاقتناع بالدور الإسرائيلي لافتعال ذريعة. وإذا كان ذا أهمية قصوى أن «حزب الله» لا يريد الحرب، يجدر التنبه أيضاً الى عودة الدولة العبرية الى اللعب على وتر تضخيم الدور الإيراني، من قبيل الحديث عن سعيه الى «تقسيم لبنان». بهذا المعنى ما تريده حكومة نتانياهو ومعها بيريز، هو نسف التهدئة في البلد، الى الحد الذي يهيّء الساحة لفقدان وحدتها قبل المواجهة.

والوحدة كما قبل تموز 2006، ستبقى أمضى سلاح في الدفاع عن لبنان.

 

مرسوم تجنيس» جديد يقرع الابواب: منح الجنسية للأجنبي المتزوج لبنانية «ضربة قاضية» في لعبة الخلل الديمغرافي

كتب طوني عيسى/الديار

البلد ذاهب في اتجاه فصل جديد من لعبة التغيير الديمغرافي وهذا الفصل سيكون «مرسوم تجنيس» آخر، بل هو «حلقة قاضية» في لعبة التغيير الديمغرافي الذي يتم في لبنان، وتتوالى فصوله صراحة وبطرق غير مباشرة ومموهة بعناوين مختلفة. هذا الفصل الجديد هو: منح الجنسية اللبنانية للاجنبي الذي يتزوج لبنانية، هو واولاده.

وهذا العنوان بمقدار ما هو مشروع من الناحية الانسانية كجزء من حقوق المرأة، والناحية الوطنية كجزء من حقوقها ايضا كمواطنة، فإنه يخبئ ألغاما قد لا يكون الدعاة اليه مدركين أبعادها. فالمعلومات تؤشر الى ان هذا العنوان مطروح بجدية على بساط البحث في المرحلة المقبلة، وان تمريره سيتم بطريقة تبعد عنه الطابع الديمغرافي وتلهي الرأي العام بأبعاده الانسانية والوطنية المجردة، والتي لا يختلف عليها اثنان. لكن هذا الطرح المحق من الناحية النظرية، سينفجر في التركيبة اللبنانية الحساسة طائفيا.

مثلما كان محقا نظريا تجنيس من لهم حق في الحصول على الجنسية اللبنانية قبل 16 عاما. لكن هذا المرسوم اخذ الى حيث يخدم مصلحة فئة دون اخرى...

رغما عن انف الدستور والقوانين المرعية الاجراء ومجلس شورى الدولة! النائب نعمة الله أبي نصر، الذي له صولات وجولات في ملف الجنسية والديمغرافيا منذ سنوات طويلة، يقول لـ«الديار»: ان الحملة التي تشن عبر وسائل الاعلام المرئية والمسمومة والمكتوبة، والممولة بملايين الدولارات لمنح الجنسية للاجنبي المتزوج لبنانية واولاده، انما هي حملة مشبوهة هدفها التلاعب بديمغرافيا البلد.

والاجواء التي تسود اليوم على الساحة اللبنانية تشبه تلك التي سبقت صدور مرسوم التجنيس في العام 1994، والذي امعن في ضرب التوازن الوطني الحساس، فجنس نحو مئتين وخمسين ألف شخص، ربعهم فقط من المسيحيين، في الوقت الذي يشهد النمو السكاني في لبنان تفاوتا تلقائيا لمصلحة بقية الطوائف.

واذا ما تم اليوم اقرار منح الجنسية اللبنانية للاجنبي المتزوج لبنانية ولاولاده، فإن خللا كبيرا من الناحية الديمغرافية سينشأ، لان هذا القرار سيتيح سهولة فائقة خصوصا لاصحاب جنسيات محددة، وهم من طوائف غير مسيحية، للزواج من لبنانيات وبناء عائلات تتميز عادة بعدد وافر من الاولاد والاحفاد، ما يعني - وفق ابي نصر - ان لعبة تكريس الخلل الديمغرافي في بلد شديد الحساسية في هذا المجال، كلبنان، ستكون قد بلغت مداها الاوسع علما ان البلد عاجز عن استيعاب الكثافة السكانية الهائلة في لبنان، وهذا لا ينطبق على المغتربين، لان المغترب لا يمنح الجنسية بل يستعيد جنسية آبائه.

وفي رأي النائب أبي نصر ان «ضخ جنسيات» اضافة الى لبنان، هذا البلد الصغير والمكتظ سكانيا سوف يشجع على مزيد من النزف في اتجاه الهجرة.

ولكن كيف تنظر المرجعيات والقوى المسيحية الاساسية الى هذه الخطوة في حال اقرارها؟

تماما كما جرى بالنسبة الى مرسوم التجنيس: صمت شبه كامل، يقول ابي نصر. في ذلك الحين وجدت نفسي وحيدا الى حد ما، مع زميلين لي في حقل المحاماة، في مواجهة المرسوم، ومن ثم في المعركة لابطاله، وقد ثبت في ما بعد ان المرسوم كان خطوة في الاتجاه الخطأ، وان اغلبية الذين شملهم تم تجنيسهم خلافا للقانون والدستور، ومن دون وجه حق.

وعلى رغم جهود رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا، ووزراء الداخلية الياس المر وسليمان فرنجية ثم زياد بارود، فإنهم لم يتمكنوا من نزع الجنسية عن الذين لا يستحقونها.

كما ان قرار مجلس شورى الدولة القاضي بذلك، والصادر بالاجماع، والذي وقع عليه قاض اصبح وزيرا هو خالد قباني، لم ينفذ رغم مرور سبع سنوات عليه، ورغم ان الدعوة بقيت عالقة من العام 1994 الى العام 2003 حتى تم صدور القرار! منح الجنسية الى زوج المرأة اللبنانية واولاده، سيكون ضربة قاضية في لعبة الخلل الديمغرافي.

هذا ما يعتبره النائب ابي نصر الذي يأسف لغياب الوعي لذلك لدى العديد من الاوساط المعنية، ويقول: ان كل خطوة يتم اتخاذها في المجال الديمغرافي تكرس واقعا جديدا تصعب ازالته.

فاليوم، وعلى رغم اقتناع الرأي العام والقوى المعنية اجمالا بخطأ مرسوم التجنيس مثلا، وعلى رغم ان خطاب القسم تضمن وعدا بإصلاح الخلل، وكذلك البيانان الوزاريان للحكومة الحالية والسابقة، فإن شيئا لم يتغير على ارض الواقع لجهة تنفيذ قرار صادر عن مجلس شورى الدولة ولم تنزع جنسية واحد من الذين حصلوا عليها من دون وجه حق.

ولو وجدت في مطلع التسعينات من القرن الفائت من وقف الى جانبي في رفض المرسوم لكنا اليوم في وضع افضل.

لكن ما نأسف اليه هو انه حتى قرار الشورى لم يكن ليصدر لو لم اتوجه بسؤال الى الحكومة بواسطة رئيس مجلس النواب، وتعيين جلسة مناقشة ثم طلب طرح الثقة بالحكومة على هذا الاساس. ورغم ذلك طال انتظار الحكم الى العام 2003 وبقي من دون تنفيذ حتى اليوم!

ويكشف ابي نصر ان احصاءات ودراسات قامت بها بعض السيدات العاملات في مجال منح الجنسية للاجنبي المتزوج لبنانية، اظهرت ان قرارا من هذا النوع يحمل في طياته مشروع امعان في الخلل الديمغرافي، خصوصا عندما يتبين ان هناك سهولة في طريقة الحصول على الجنسية اللبنانية من خلال زواج قد يكون صوريا فقط، ويمكن ان يعقبه طلاق او الاحتفاظ بأكثر من زوجة! ويبدي استغرابا للحملة الاعلانية التي يظهر فيها مثلا طفل شعره اشقر وعيناه خضراوان مكبلا بالسلاسل واحيانا في صدره مسدس، ويتم تصوير هذا الطفل وكأنه فاقد للجنسية، فيما هو في الواقع مواطن عادي يحمل جنسية والده، وقد يكون اميركيا او اوروبيا او عربيا، فلا بأس اذا لم يكن يمتلك الجنسيتين، جنسية الوالد اضافة الى الجنسية اللبنانية التي شاء القدر ان تكون لها حسابات دقيقة في موضوع التوازن، فهل نذهب الى خيارات تضيع الشخصية اللبنانية المميزة تحت عناوين براقة، قد تنطلق في بلد ولا تناسب بلدا آخر؟

النائب أبي نصر يكشف انه في صدد تحرك قريب له في مجلس النواب حول هذا الموضوع. لقد عرض الهواجس، فهل يمتلك الحلول؟

 

من «لقاء الأساقفة» الى براد ...علاقة «فاترة» بين الرابية و«الجيش الأسود»

الديار/ابتسام شديد

بين الرابية وبكركي علاقة «فاترة» هذه الأيام ، فالمؤكد انها عادت الى النقطة ذاتها التي كانت متوقفة عندها قبل ذلك اللقاء الشهير الذي حل فيه الجنرال ضيفاً استثنائياً في حضرة الأساقفة الموارنة في اجتماعهم الشهري قبل أكثر من شهرين شارحاً ومصارحاً رجال «الجيش الأسود «في النقاط الخلافية العالقة معهم ....

الواضح للمتابعين ان البطريرك الماروني ، في محطة إحياء ذكرى شفيع الطائفة المارونية وما رافقها من لغط سياسي ، عاد الى اللهجة ذاتها التي سلكها في الماضي في انتقاد السلوكيات السياسية للجنرال وإيصال الرسائل المشفرة له كما كان يحصل عند كل مفترق سياسي او محطة ، فعند سؤاله عن قداس براد، لم يتوان البطريرك عن التأكيد «انه لن يزور سوريا إلا وطائفته معه» ، هذا الجواب كان كافياً لإيصال الرسالة لمن يعنيهم الأمر «المحتفلون في براد» ، وهو استمرار لمواقف اعتراضية سابقة ضد سياسة زعيم الرابية «السورية» ، وانفتاحه على من لم تلتقهم بعد الكنيسة المارونية وتتصالح معهم ، ولو ان بعض» البرتقاليين» يعتبرونه انحيازاً واضحاً ومتجدداً الى الفريق المسيحي الآخر المتخاصم مع السوريين .

بالمؤكد فان الإشكالية الأخيرة على هامش ذكرى القديس الماروني ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة ، فما بين رأس الكنيسة المارونية وزعيم الرابية اختلافات كبيرة في وجهات النظر حيال الكثير من المسائل والملفات الساخنة .

يرى «البرتقاليون» ان عظات سيد بكركي ، تحمل دائماً رسائل مباشرة وخاصة الى عون والتيار ، القناعة الراسخة لدى الرأي العام البرتقالي ان خطاب بكركي موجه دائماً ضدهم ، وان صفير يضع حواجز تمنع التقاءه مع رعيته البرتقالية .

فالتواصل بين رأس الكنيسة ورعيته العونية شبه مقطوع تقريباً ، وهو في حال حصل فانما على مضض ونتيجة جهود ومساعي مجموعة عونية تتطلع الى إقامة علاقة ثابتة مع الصرح والى تنقية هذه العلاقة من الشوائب والإشكاليات.

إشكالية العلاقة طرحت أكثر من مرة على طاولة المجتمعين في الرابية لإيجاد الآلية الملائمة للتعاطي مع رأس كنيستهم ، ورئيس الاصلاح والتغيير طرحها كما تتحدث أوساط عونية في حضرة المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري الذي شارك فيه عون بفتح قنوات تبادل وجهات النظر والنقاش في عدد من المواضيع الخلافية، إلا ان التقارب الحقيقي بين الجنرال والبطريرك لم يحصل في اي مرحلة ...

القناعة التامة لدى عون «ان صفير لا يحب الاقتراب منه ، ولا يؤيده في مواقفه» .

يروي المتابعون للعلاقة «انها تمر دائماً بمدٍ وجزر «، و التاريخ يظهر ان النزلات مع بكركي أكثر من الطلعات «، اللقاء الأول بينهما كان في باريس بعد النداء الأول لمجلس المطارنة الموارنة، يومذاك تقلصت المسافة المتباعدة ، وفي مرحلةٍ ما بعد «خيانة «قرنة شهوان لسيد الصرح في انتخابات 2005، أعلنه «زعيم المسيحيين» استناداً الى نتائج تلك الانتخابات ، لكن تلك المسافة لم تعمر طويلاً، فما ان وقع الجنرال وثيقة التفاهم مح حزب الله حتى تغيرت المعادلة وتبدلت النظرة البطريركية الى الزعيم المسيحي .

فالأخير منح «المقاومة» الغطاء المسيحي المناسب للاحتفاظ بسلاحها .

لم تنجح مقاربة الجنرال التي قدمها في لقاء الأساقفة في إزالة الهواجس لدى أصحاب النيافة والسيادة ، يومذاك قال لهم عون «السلاح موجود ، وكل العالم حاول نزعه بالقوة وفشل ، ولذلك نظرياً لم تعد هناك إلا مقاربتان ، فإما نؤيده او نحتويه ، وانا شخصياً اخترت ان أؤيده لأنه مصدر قوة للبنان» ....

سقط الطرح العوني وعادت بكركي الى النغمة ذاتها مجدداً «جنرال الرابية يشرعن سلاح حزب الله ...

متمسكون بفكرة حصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية، بكركي ترى استحالة التعايش بين الديمقراطية التوافقية وسلاح المقاومة .

التباعد كبير في وجهات النظر، هذه هي الحقيقة الثابتة .

التقارب اليتيم يكاد ينحصر في الهاجس والمخاوف من التوطين الذي يدق ناقوسه الجنرال ويحذر منه ، بكركي ترى ان لبنان يكاد لا يتسع لأبنائه .

البحث في بحر العلاقة يظهر معطيات وحقائق كثيرة تصب جميعها في مكان واحد ، التقارب الجيد والثابت بين «من أعطي مجد لبنان» و «الزعيم المسيحي» لم يتحقق فعلياً في اي مرحلة ٍ ماضية ، كانت الضرورات المسيحية فقط هي التي تحتم حصول التلاقي في محطاتٍ معينة .

سيد بكركي له «رعيته المارونية المؤمنة «و الجنرال له «رعيته البرتقالية «الخاصة .

الوقائع المتداولة اليوم توحي ان بكركي منزعجة مما حدث في المناسبة المارونية الأخيرة ، الإشارات المبطنة أوحت بذلك ، فالجنرال الذي أقام قداسه «الماروني» الخاص لم يعايد البطريرك او أوفد الجزء القريب من حلقته الضيقة لإنجاز المهمة ، لا بل فان من قصدوا بكركي من أعضاء التكتل العوني منذ ما بعد زيارة براد «تسللوا «اليها خلسة ً او انهم حاولوا الإيحاء انهم يزورون البطريرك بصفة شخصية .

القاعدة المعروفة لدى «الفريق النيابي البرتقالي «،احتفاظ بعض نواب الاصلاح والتغيير الموارنة بهامش من الحرية والاستقلالية في التعاطي مع الصرح ويحرص عدد منهم على التمايز عن موقف التكتل والنأي بعلاقتهم بسيد الصرح عن التجاذبات السياسية او المواجهات المندلعة عادة بين بكركي والرابية في هذه الخانة يبرع فريد الخازن ونعمة الله ابي نصر وغسان مخيبر ، في حين يؤدي ابراهيم كنعان دور «ناقل الرسائل» ، ويسعى الآخرون الى تجنب الإحراج مع الصرح وعدم إزعاج الجنرال ، في حين تلتزم المجموعات العونية الملتصقة بالرابية ومن الدائرة الضيقة للجنرال التوجيهات وتحاذر عدم تجاوز الخطوط الحمراء .

 

لبنان بعد بيرنز والعقوبات على إيران: تصعيد وعودة الى تفريق 14 آذار!

اللواء/كتب المحلل السياسي: غادر معاون وكيل وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ويليام بيرنز بيروت بعد 24 ساعة حفلت باللقاءات، المعلن منها وغير المعلن، استطلع في خلالها المناخ اللبناني في ضوء الاحتفال الخطابي والشعبي في الذكرى الخامسة لإغتيال الرئيس رفيق الحريري، وشرح بإقتضاب مآل الخطوات الاميركية تجاه سوريا في ضوء تسمية روبرت فورد سفيرا مرشحا للعمل في دمشق، في انتظار اقرار التعيين في الكونغرس بعد الموافقة السورية المبدئية على الترشيح· كما نقل بيرنز وجهة نظر واشنطن من مجمل الاحداث على مستوى الاقليم وخصوصا بالنسبة الى الانتخابات العراقية والدور السوري في هذا الشأن، مركّزا على ما تنوي له واشنطن في الملف النووي الايراني، والموقف اللبناني في مجلس الامن عند طرح مبدأ تشديد العقوبات على التصويت في المنظمة الدولية·ويقول مصدر ديبلوماسي رفيع ان القرار اللبناني في شأن التصويت في مجلس الامن على اي قرار يستهدف تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران مؤجل الى حين طرح الامر رسمياً في مداولات المنظمة الدولية، علما ان هذا القرار اللبناني دون انضاجه الكثير من المشاورات الحكومية والسياسية الداخلية التي تفترض انها ستواجه اعتراضا شيعيا شديدا على انضمام لبنان الى هذا المسعى الاميركي، معطوفا على معارضة سورية مبدئية، وكلا الاعتراضان سيؤججان نقاشا سبق انتخاب لبنان الى عضوية مجلس الامن، تمحور حول ماهية الموقف اللبناني حيال ملفات حساسة ستطرح دوليا في السنة 2010، في مقدمها الملف النووي الايراني·

ويخشى المراقبون في بيروت ان تنسحب مهمة المسؤول الديبلوماسي الاميركي توتيرا للخطاب اللبناني، وربما تصعيدا سياسيا، ربطا بمواقف قوى الرابع عشر من آذار حيال <حزب الله> وسلاح المقاومة، ومع عودة ما تسميه قوى الرابع عشر من آذار <الاتهام التخويني> وإرتباط هذه المواقف مع ما تحضّر له واشنطن على مستوى الملف الايراني·

فالنائب محمد رعد تحدّث عن <مخاوف يثيرها بعض الذين لا يزالون يراهنون على كسر شوكة أهلنا المقاومين من قبل الصهاينة وأسيادهم الدوليين>، داعياً هؤلاء إلى <أن يعيدوا حساباتهم ويصحّحوا رهاناتهم>!· وسأل <الذين يريدون العبور إلى مشروع الدولة>: <أين هي مواقع القوّة التي بنوها منذ حرب تمّوز وإنتهائها إلى اليوم؟ أين القوّة في الثقافة والإعلام وفي الإقتصاد والتربية والصناعة والتجارة <والسياحة؟>·

والقيادي في <حزب الله> محمود قماطي رأى ان <هناك من يتناغم بشكل مقصود أو غير مقصود مع طروحات العدوّ الإسرائيلي الذي يحاول أن يدخل إلى الداخل اللبناني لافتعال الفتن والمشكلات>· وسأل <لماذا يحاول البعض طرح الإنقسام والخلاف بين اللبنانيين؟>·

يصف قيادي بارز في قوى الرابع عشر من آذار هذا الهجوم بأنه <تصعيد وتخوين متجدّد، قد يكون مرتبطا بنجاحنا في احياء ذكرى الرابع عشر من شباط، وقد يكون تهديدا صريحا لأيّ حوار أو نقاش في شأن كيفيّة التعاطي اللبنانيّ مع الأخطار الإقليميّة عشية بدء التحضير للعودة الى مؤتمر طاولة الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وقد يكون هذا الاتهام مرتبطا بالاحتمالين معا، نظرا الى ان طهران لن تقف بالتأكيد مكتوفة اليدين حيال تشديد العقوبات الاقتصادية عليها>·

ويعتبر القيادي ان الايام الآتية كفيلة بتوضيح الكثير من الالتباسات التي شهدتها الفترة الاخيرة، بفعل مجموعة من العوامل المربكة، بدءا من التغيير في الادارتين الاميركية والفرنسية، مرورا بإعادة التموضع في عدد من العواصم العربية والاقليمية، انتهاء بالدور السوري الجديد على مستوى الاقليم وفي العلاقة مع كل من واشنطن وباريس، والذي استوجب تعاطياً اميركياً ? فرنسياً متناقضاً في الشكل، لكنه متلاق في الجوهر على العودة الى محاولة تحييد دمشق عن طهران·

ويتوقع القيادي ان يعود التركيز في خطاب قوى الثامن من آذار على محاولة القسمة بين قوى الرابع عشر من آذار، لجهة السعي الى عزل الفريق المسيحي فيها عن تيار <المستقبل> من جهة، ولجهة استعمال العامل الاسرائيلي للتهويل مجددا على هذه القوى ولـ <هزّ> العصا في حال اراد احد من الافرقاء اللبنانيين التأثير على الانعطافة التي يستكملها تباعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط· ويلفت القيادي في قوى الغالبية الى ان <استمرار رهان قوى الاقلية على انهيار ما يجمعنا هو في الحقيقة استمرار لمحاولة حثيثة، مع سابق التصميم، على تفكيك العناصر التي هي في حد ذاتها عنصر امان لقوى الغالبية، والمتمثّلة في اتفاق مسيحي ? مسلم على مسلّمات لم يعد في استطاعة احد تجاوزها او ضربها او القفز فوقها او حذفها من المشهدية اللبنانية التي أسّست لها لحظة 14 شباط 2005، والتي لم يعد في الامكان تجاوزها او استثناؤها عندما تحين لحظة التأريخ للأعوام المؤسِّسة للاستقلال الثاني، لا سيما ان تيار <المستقبل> يدرك اهمية التنوّع داخل تجمع قوى الرابع عشر من آذار، وهو ليس مستعدا تحت اي شكل من الاشكال للتفريط بهذا الحلف الذي اثبت صلابة منقطعة النظير على امتداد اعوام خمسة حفلت بالاغراءات والتصفيات والتهديدات، ولم تستطع ان تغيّر قيد انملة في منظومة متنوعة متينة، تميزها قاعدة شعبية متحفّزة للتضحية في سبيل العناوين الاستقلالية والسيادية>·

 

بعد ان تأكد ان زيارته لا تزال غير مستحبّة توجّه الى قطر لمزيد من التطمينات

جنبلاط ينتظر تعبيد الطريق أمامه ونصرالله يتولّى المهمة

مصدر اشتراكي : «الاعتذار غير وارد وإعلان الندم مطروح»

الديار/صونيا رزق

اللقاء الاخير الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في حضورنجله تيمور والوزير أكرم شهيب، والمسؤول عن لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا تناول زيارة جنبلاط الى سوريا والتي كانت لا تزال متأرجحة بين القبول والرفض لان الزيارة ليست «مستحبة « بعد على قلب المسؤولين السوريين وفي طليعتهم الرئيس بشار الاسد بعد «التكويعات» المتعددة لزعيم المختارة والتي لم تستطع دمشق تحّمل دورانها ، واللقاء تناول ترتيبات هذه الزيارة والتي وضعت في خانة تسوية أوضاع جنبلاط مع حلفاء سوريا في لبنان ، حيث أطلع السيد نصرالله حليفه الجديد على آخر ما توّفر لديه حولها من خلال أحد معاونيه، والمعلومات بخصوص موعد الزيارة عادت لتتضارب من جديد بعد التواريخ المتعددة التي ُحددّت من قبل الاعلاميين ، لكن كثرة الزيارات التي يقوم بها جنبلاط حالياً تفتح العيون على خبايا وكواليس سياسية ، خصوصاً بعد زيارته قطر لاخذ التطمينات بطريقة رسمية .

مصدر في الحزب التقدمي الاشتراكي اكد ان نصرالله الذي عمل مطوّلاً على خط التهدئة بين دمشق والمختارة ، قام بتعبيد طريق العاصمة السورية امام جنبلاط وشدّد امام حاضرّي اللقاء الثالث يوم الاحد على ضرورة ان يمتثل جنبلاط بسياسته هذه المرة مع سوريا ، وعلى ضرورة تغليب لغة الحوار للتوافق على الملفات الداخلية وتكريس مناخ التهدئة ، واشار الى ان اللقاء اتى لترجمة مواقف الانفتاح على الفريق الاخر التي عّبر عنها جنبلاط ، إضافةً الى إجراء مراجعة معمّقة للمرحلة السابقة ، وتم التأكيد على ضرورة العمل من اجل الانتقال بلبنان والمنطقة من حالة التأزم الى حالة التعاون بما يمّكن البلاد من مواجهة الاستحقاقات المرتقبة وتحقيق المصالحة الشاملة.

ولفت المصدر الى الدور الذي يقوم به نصرالله لإعادة رأب الصدع بين زعيم المختارة وسوريا، خصوصاً بعد ان أكد زعيم «الاشتراكي» على ضرورة طّي صفحة الماضي وتطبيع العلاقات التاريخية مع الجار القوي ، مشيراً الى ان الطريق باتت مفتوحة مع سوريا لكن تنقصها بعض «الرتوشات» التي تكفّل بها السيدّ حسن نصرالله وتبقى الخطوة النهائية اي الزيارة التي نأمل ان تكون قريبة جداً.

واعتبر ان الخطاب الذي القاه حنبلاط في 14 شباط 2007 لا زال عالقاً في اذهان السوريين ، إضافةً الى التصريح الذي ادلى به الى صحيفة «واشنطن بوست» في كانون الثاني 2006 والذي اعتبره السوريون إهانة لهم ، مؤكداً ان السّيد نصرالله يعمل على تصحيح هذه الخطوات ، ولفت الى ان الزيارة التي قام بها زعيم المختارة الى قطر كانت بهدف الاطمئنان للوضع وان اللقاء مع النائب ميشال عون هناك تناول ايضاً هذا الموضوع .

وعما اذا كان سيقوم جنبلاط بتقديم الاعتذار من سوريا وبحسب ما تردّد ان هذا الاعتذار سيكون عبر احدى القنوات الفضائية ، قال « لا اعرف بعد ماذا سيتخذ النائب جنبلاط في هذا الاطار ، لان هنالك طروحات عدة لم يتم إتخاذ القرار فيها بعد، ومن الطروحات تقديم ما ُيشبه الندم السياسي ليس اكثر، وفي اعتقادي ان تقديم الاعتذار غير وارد قبل الزيارة».

ولفت المصدر الى ان جنبلاط قرّر دفن الماضي الى غير رجعة وهذه المرة لن يغيّر مواقفه انما سيراعي الظروف والمتغيرات الداخلية والاقليمية وحتى الدولية، وقال «السياسة مرحلة لا يجب الوقوف عندها انما علينا تخطيها بحسب المتغيرات واليوم النائب جنبلاط في الخط الوسطي ويجب مراعاة هذا الخط على الاصعدة كافة» .

ورداً على سؤال حول الطريقة التي شارك فيها جنبلاط في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري اذ جاءت وكأنها عملية «تطمين» للفريق الاخر بأنه اصبح بعيداً عن الاصطفافات السياسية كما أكد مراراً وبأن قوى 14 آذار لم تعد تعنيه، قال المصدر الاشتراكي « ما يهم جنبلاط هو تحقيق العيش المشترك بين اللبنانيين وتأمين مصلحة الطائفة الدرزية إضافةً الى سعيه لتصحيح العلاقات مع سوريا «، معتبراً ان انفتاح جنبلاط على قوى الثامن من اذار ليس موجهاً ضد احد بل من اجل الحفاظ على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي والوحدة الوطنية لمواجهة جميع الاستحقاقات الداهمة، ولهذا الأمر قام بهذه الخطوة لإيجاد مناخ توافقي على الرغم من أنه يدفع من رصيده الشعبي كي ينقذ لبنان من المؤامرات، مشدداً على أن زيارة جنبلاط الى سوريا ضرورية خصوصاً بعد اتخاذه سلسلة من المواقف المعتدلة. وبالنسبة الى العلاقة المستقبلية بين جنبلاط وسوريا والتي ستبدأ معالمها تظهر بعد زيارة دمشق ، ختم المصدر بالقول « بالتأكيد ستكون ايجابية بالنسبة للبنان وستساعد على فتح صفحة جديدة بين البلدين».

  

السيد حسن نصرالله وخطاب: "الصيغة الإبداعية" و"لغة التخوين"!!

ميرفت سيوفي

أحدث خطاب الأمين العام لحزب الله مساء الثلاثاء "نقزة" عند كثير من اللبنانيين، خصوصا وهو يضع معادلة التدمير في الحرب المقبلة، والتي مهما غلفها بنبرة تحدي صارخ هي غير مقنعة للبنانيين، ولنا على هذا الخطاب ثلاث ملاحظات أساسية، الأولى:

 أنه تعمد في خطابه التهكم ساخرا من بنية لبنان التحتية فالكهرباء عندنا "تنقطع" - ولم ينس أن يقول عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم - واللبنانيون معتادون على ذلك، متجاهلاً أن أحد الأسباب لهذا الانقطاع ما جره على البلاد في حرب تموز يوم قصفت محطة الجية، ومتجاهلاً أيضاً فتن قطع الطرقات النقالة بالدواليب المشتعلة وحادثة الشياح الشهيرة والهجوم على الجيش اللبناني بحجة انقطاع التيار الكهربائي، ليضعنا في أجواء ما قد يأتي، تدمير كامل محطات الكهرباء في لبنان، في مقابل الانزعاج في إسرائيل بسبب انقطاع الكهرباء عن المواطنين لمدة ساعة في منطقة طاولها القصف، بصراحة هذا كلام يدفعنا الى احترام دولة العدو التي يعنيها المواطن في الدرجة الأولى، فيما لم يكلّف السيد حسن خاطره بأن يفكر للحظة في حجم خراب البيوت الذي سيجرّه على شعب لبنان وفداحة الخسائر على المعامل والمصانع وأصحاب المحال والمواد الغذائية واللحوم مثلاً، مليارات من الدولارات لا يرف له جفن إن تكبد اللبناني خسائرها!!

 والتهديد - التباهي في معادلة عدد المطارات التي تمتلكها إسرائيل، والمطار ونص - بحسب تعبيره - في لبنان، أما معادلة قصف مطار بن غوريون، فنودّ أن نسأل كم صاروخ يحتاج مطار تل أبيب الى تدميره وكم ساعة قصف، فيما لا تحتاج إسرائيل الى أكثر من بضع طائرات وبضع دقائق لتدمّر مطار رفيق الحريري الدولي عن بكرة أبيه، وأخذ بدربه المرافئ، ومصافي النفط عندنا "اللي شي ماشي شي معطّل" في قمة اللامبالاة وعدم الاكتراث بالدمار الشامل الذي طاول في خطابه كل مؤسسات الدولة!!

 أما قمة الاستهتار بأرزاق اللبنانيين فكانت في تساؤله: لدينا بضعة مصانع فيما لدى إسرائيل مدن صناعية، إلى هذا الحد يستسهل السيد تدمير "جنى عمر" المواطن اللبناني، متجاهلا أن الصناعة في لبنان قائمة على مبادرات الأفراد، لكن ما هم حزب الله، فقد وعد وعودا كثيرة بالتعويض وبإعادة البناء في العام 2006 ولم يف بوعوده، بل وطالب بأن توضع أموال المساعدات العربية في يده ليقوم هو بالبناء للحلول محل الدولة...

 الملاحظة الثانية: هي في حديثه عن نظرة حزب الله إلى لبنان القوي القادر على حماية نفسه - وهي بحسب نصر الله - تكمن في "الصيغة الإبداعية" التي تقول "بشعبه ومقاومته وجيشه"، الأمر الذي جعلنا نتساءل: "وين الدولة في هذه الصيغة الانفصامية" لوطن بثلاثة رؤوس، والأخطر من تغييب الدولة عن هذه الصيغة، محاولته عزل لبنان عن العالم كله عبر طرحه جملة أسئلة تهكمية حول ما إذا كانت "الولايات المتحدة الأميركية أو القرارات الدولية أو المجتمع الدولي أو الحياد" قادرون على حماية لبنان، ليخلص إلى القول: "لسنا بحاجة الى أحد في هذا العالم ليحمي لبنان"... وهذه عملية عزل حقيقية للبنان عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي، واستفراد تام له من قبل حزب الله يجعله تحت رحمة خياراته وارتباطاته، وهذا عزل نرفضه رفضاً كاملاً كلبنانيين...

 أما الملاحظة الثالثة والأخيرة : فهي في تذكر حزب الدولة متى أرادها أداة لضرب كل من يخالفه الرأي، فقد طالب الدولة اللبنانية بما أسماه "موقف وطني" - وعدم اتخاذها يعني ضمناً خيانتها - لترد على ما وصفه بـ"كلام خطير جداً نسمعه منذ شهر في لبنان في مكان ضيق ومحدّد وليس ضمن قوى واسعة، والذي يقول إن وجود المقاومة في لبنان حتى لو لم تقم بأي شيء، يعتبر حجة كافية ليشنّ العدو حرباً على لبنان"، متجاهلاً عمداً أن هذا كلام شريحة كبيرة من اللبنانيين تطالب بوضع سلاح حزب الله بإمرة الدولة من ضمن استراتيجية دفاعية، حماية للبنان وشعبه، ولم يكن مفاجئاً أبداً أن ينزلق السيد نصر الله إلى لغة التخوين، فعقل حزب الله "ديكتاتوري" و"تخويني" على خطى الخطاب الإيراني، إما الصمت والخضوع والرضوخ لأوامره، وإما فالآخرين خونة متعاملين متآمرين، وعندما يعتبر أمين عام حزب الله أن الذين يقولون هذا الكلام: "منزعجون لأنه منذ حرب تموز حتى اليوم لم يحدث أي شيء على الحدود" ثم يحرك تهمة التخوين المعهودة متسائلا:"هل يجد البعض أن مشاريعه التي تبخرت في الآونة الأخيرة لا طريق لها إلا من خلال حرب إسرائيلية جديدة"، ثم يدعو إلى "الإقلاع عن هذا المنطق لأنه يعني أن هناك في الساحة اللبنانية مَن يراهن ويبرّر ويستدعي العدوان".

 "إسمح لنا يا سيد"، ليس في لبنان من يستدعي عدواناً على بلده وشعبه، ولا أحد يرفع الصوت بالحرب والشوق إليها سواكم، أما الخائف على وطنه الداعي إلى حمايته من عدوانية العدو فليس خائنا، لأن "درهم وقاية يا سيد خير من قنطار صواريخ"، ونقبل أن يكون الحكم بيننا وبينك استفتاء للشعب اللبناني تحت إشراف جهة محايدة، يجيب فيه اللبنانيون على سؤال واحد: هل تريدون حربا جديدة على لبنان يخوضها حزب الله والعدو الإسرائيلي؟ ونظن أنك أدرى بجواب اللبنانيين بدءا من جمهور الضاحية الجنوبية انتهاء بأهل الجنوب الخائفين من الحرب مثل كل اللبنانيين، فهم أول الضحايا سقوطا وأهل أول المناطق تدميرا وتهجيراً..

 حرام هذا العبث بأرواح ودماء وأعمار وأرزاق الناس وتدمير البلاد على رؤوس العباد، والسؤال الذي بودي أن أطرحه عليك: رسول الله (ص) لم يطلب ثأراً من كفّار قريش دماء سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عمّه وناصره، وقد قتل في معركة أحد ومثّل بجسده وشقّ صدره واستخرجت كبده لتلوكها هند بنت عتبة، فلا قتل هند ولا ثأر من "وحشي" الذي رماه برمحه القاتل عندما أمكنه الله منهما يوم فتح مكة، ففيم "دق النفير" هذا في كل يوم وتعريض البلاد للخراب تحت عنوان الثأر لاغتيال عماد مغنية، وماذا لو استخدم سواكم لغة طلب الثأر هذه بشهدائهم؟ أي أنهار من الدماء كانت ستجري في البلاد؟!

 ميرفت سيوفي

 

خطاب نصرالله :مديح ذاتي و"استخفاف إسرائيلي"واستياء بطريركي وتبرير جنبلاطي

 الخميس, 18 فبراير 2010/يقال نت

فيما تجاهل وزير دفاع الإسرائيلي إيهود باراك كلام الأمين العام ل"حزب الله"حسن نصر الله وخاطب دمشق  مباشرة محذرة إياها من مغبة مواجهة إسرائيل مسديا النصح إليها بالتحاور معها، قلل متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية من أهمية التهديدات التي أطلقها السيد حسن نصر الله، معتبرا أنها "ناجمة عن تعرضه لضغوط داخلية". إلا أن الآلة الدعائية التابعة ل"حزب الله"،إعتبر أن خطاب نصرالله الذي أطلقت عليه تسمية "توازن الردع"، قد أعطى مردوده في الوسط الإسرائيلي، عبر طلب الجهات المعنية وخاصة الرقابة العسكرية، من المراسلين والمحللين "ضبط النفس" وعدم الخوض في أي تحليل لمضمون الخطاب والرسائل التي تضمنها، خاصة أن جزءا أساسيا منها كان موجها للرأي العام الإسرائيلي، "مخافة أن يؤدي ذلك إلى ازدياد حالة الإحباط والإرباك لدى الجمهور الإسرائيلي، الذي بات يفتقد لمن يعطيه معنويات شـبيهة بتلك التي يعطيها نصر الله لجمهور المقاومة في لبنان وفلسطين والعالم العربي والإسلامي."وصدرت  في لبنان مواقف مرحبة بخطاب نصر الله،من الجهات التابعة أساسا ل"حزب الله"، أبرزها للرئيسين سليم الحص وعمر كرامي.

وتوافرت ل"السفير"معلومات مفادها أن البطريرك الماروني نصر الله صفير عكس أمام زواره انزعاجه من موقف  نصر الله، فيما قال النائب وليد جنبلاط للصحيفة إن المهم في كلام نصر الله أنه في موازاة تأكيده أنه لا يريد الحرب مع اسرائيل، طمأن الى أن المقاومة تملك من القدرات الدفاعية ما يكفي للرد على أي عدوان اسرائيلي، مستنتجا أن نصر الله "أراد أن يوجه للإسرائيليين الرسالة الآتية: لا تجرّبوا مجددا كي لا تخفقوا مجددا".

 

كيف يناقش "مجتمع" الضاحية الجنوبية همومه الإيرانية

النهار/تنشغل المراكز والمنتديات الثقافية في الضاحية الجنوبية لبيروت بمتابعة الملف الإيراني من مختلف جوانبه وخصوصا بعد الانتخابات الرئاسية وتداعياتها السياسية والشعبية داخل ايران وخارجها. ولاول مرة منذ انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 تتم مقاربة الملف الايراني في البيئات القريبة من "حزب الله"من منظار نقدي وليس من منظار ايديولوجي او عقائدي. صحيح ان هذه البيئات تؤكد دعمها للجمهورية الاسلامية وارتباط بعضها بولاية الفقيه والقائد السيد علي خامنئي، لكنها بدأت تطرح العديد من الاسئلة حول واقع النظام الاسلامي في ايران ومدى قدرته على مواجهة التحديات الخارجية والداخلية بعد 31 عاما من قيام الجمهورية الاسلامية. وقد عقدت خلال الاشهر الستة الماضية اكثر من ندوة ولقاء فكري وحواري كان محورها الملف الايراني.

كما ان العديد من القيادات والمسؤولين والباحثين الايرانيين الذين زاروا لبنان خلال الاشهر الماضية شاركوا في هذه الحوارات والنقاشات وقدّموا وجهات نظر مختلفة حول الوضع الايراني بين مؤيد للنظام او داع لضرورة التغيير في الاداء او محذر من مستقبله اذا لم ينجح في استيعاب المتغيرات.

ومن ابرز المراكز والمنتديات الثقافية التي اهتمت بالشـأن الايراني في الضاحية الجنوبية: "المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق (التابع لـ"حزب الله")، المركز الاسلامي الثقافي (مسجد الحسنين)، معهد المعارف الحكمية (يشرف عليه الشيخ شفيق جرادي)، مركز الامام الخميني الثقافي، منتدى الحوار الثقافي، مؤسسة الفكر الاسلامي المعاصر، مركز الحضارة لتنمية الفكر الانساني، المستشارية الثقافية الايرانية.

اما مركز شؤون الاوسط للبحوث والدراسات والتوثيق والذي كان من المؤسسات البحثية الناشطة حول ايران وتركيا فقد توقف عن اقامة الندوات الحوارية ويقتصر دوره حاليا على اصدار مطبوعتين فصليتين (الاولى باسم "شؤون الاوسط" والثانية باسم "العرب وايران"). فما هي ابرز القضايا والمواضيع المتعلقة بالملف الايراني والتي جرى النقاش حولها في هذه اللقاءات والندوات الحوارية؟ وما هي المعطيات والمعلومات التي قدِّمت من الباحثين والمسؤولين الايرانيين حول مختلف القضايا؟

مستقبل النظام

منذ اجراء الانتخابات الرئاسية والتداعيات السياسية والشعبية التي أدت اليها، وأهمها تطور حركة المعارضة الاصلاحية، بات السؤال الاساسي الذي يطرح في الندوات واللقاءات الحوارية: ما هو مستقبل الجمهورية الاسلامية الايرانية؟ وهل لا يزال النظام الاسلامي قادرا على استيعاب المعارضة الداخلية؟ وكيف سيتم التعاطي مع قيادات المعارضة الآتية من جانب النظام الاسلامي؟

حول هذا الموضوع تنوعت اجابات المسؤولين والباحثين الايرانيين او الباحثين اللبنانيين المعنيين بالشأن الايراني او المقيمين في ايران.

فأما المسؤولون الايرانيون الذين زاروا لبنان وعقدوا سلسلة لقاءات حوارية مع كوادر ونخب ثقافية لبنانية فقد اكدوا "متانة النظام الاسلامي في ايران وقدرته على استيعاب التحديات الداخلية والخارجية وتراجع دور قوى المعارضة". وشن بعض هؤلاء حملة قاسية ضد بعض القيادات الايرانية وخصوصا قادة المعارضة (السيد محمد خاتمي، السيد مير حسين موسوي، الشيخ كروبي) وشبهوهم ببعض اصحاب الرسول (ص) والامام علي (ع) الذين تراجعوا عن اقتناعاتهم وغيروا مواقفهم في سني حياتهم الاخيرة رغم موقعهم الرسالي والايماني. ودافع هؤلاء عن "ديموقراطية النظام" وعن نظرية ولاية الفقيه وقدرة هذه النظرية على حماية النظام من اعداء الداخل والخارج.

لكن في موازاة وجهة النظر الرسمية هذه برزت خلال المناقشات وجهتا نظر مختلفتان عنها، الاولى يعبر عنها باحثون وعلماء ايرانيون او لبنانيون مقيمون في ايران وحتى بعض الشخصيات القريبة من "حزب الله"، تؤكد ان النظام الاسلامي يواجه حاليا معضلة اساسية للدفاع عن احد انجازاته التأسيسية وهي التوفيق بين "ولاية الفقيه" و"الديموقراطية الشعبية"، في ظل تنامي حالة الاعتراض الداخلية لدى النخب الثقافية وبعض المرجعيات الدينية، وفي اوساط الشباب والطلاب وحتى لدى اركان اساسية في النظام، وكذلك الحفاظ على صورته النقية في تطبيق المشروع الاسلامي للحكم والادارة".

وتضيف هذه الرؤية ان "النظام الاسلامي معني بتطوير هيكلياته السياسية وبعض رؤاه الفكرية لاستيعاب المتغيرات وحالة الاعتراض الشعبية والا فستزداد حالة الابتعاد بين الجمهور الايراني الواسع والقيادة الاسلامية".

اما وجهة النظر الثانية والتي عبر عنها بعض الباحثين الايرانيين الذين يزورون لبنان بشكل غير رسمي فهي تعتبر ان "النظام الاسلامي وصل الى مأزق صعب وان حالة الاعتراض الشعبية ستزداد مستقبلا إن لاسباب سياسية او فكرية او اقتصادية مما قد يفتح الباب اما تغييرات كبيرة تطول هذا النظام واسسه"، ويعتبر هؤلاء ان "اللجوء الى العنف لقمع التحركات الشعبية لن يؤدي الى حماية النظام بل سيساهم ذلك في تكرار تجارب غيره من الانظمة غير الديموقراطية، مما يعني اننا امام نقطة البداية لانهيار النظام".

الحرب مع اميركا واسرائيل

القضية الثانية التي برزت في النقاشات والحوارات في المراكز والمنتديات الثقافية في الضاحية الجنوبية هي "الملف النووي" ومستقبل الصراع مع اميركا واسرائيل، او حول السؤال الاساسي: هل ستشن اميركا او اسرائيل حربا ضد ايران وحلفائها في المنطقة؟

حول هذه القضية او هذا الملف الحساس تداخلت الاسئلة والملاحظات مع المعطيات والمعلومات العسكرية والميدانية،مع الاشارة الى وجود اجماع لدى جميع الذين يناقشون هذا الملف من ايرانيين او لبنانيين او حتى بعض العرب والفلسطينيين من الذين شاركوا في النقاشات، على التأكيد على حق ايران بالحصول على الطاقة النووية السلمية وحتى الحصول على قنبلة نووية، مع ان بعض المسؤولين الايرانيين اكدوا "انه حتى لو ان ايران استطاعت تصنيع قنبلة نووية فإنها لن تقدم على هذه الخطوة حاليا لأنها ليست بحاجة لها اولا ولأن قرار القيادة الايرانية الشرعية (الامام الخامنئي) يؤكد على عدم السماح بذلك حاليا".

وشرح بعض المسؤولين الايرانيين في اللقاءات خطورة المعركة التي تخوضها اميركا واسرائيل، وبدعم من جهات اقليمية وعربية لمنع حصولها على التكنولوجيا الغربية، فأكد هؤلاء على انه هناك ستة علماء نوويين تم خطفهم او قتلهم خلال الأشهر الماضية وان كل الجهود الخارجية تتركز على تأخير المشروع النووي الايراني لكن العلماء الايرانيين يحققون نجاحات مهمة.

اما في الجانب العسكري فيقول احد القياديين القريبين من الحرس الثوري الايراني في احد اللقاءات "ان اسرائيل واميركا غير قادرتين على شن حرب ضد ايران، لان هناك 180 ألف جندي اميركي تحت مرمى النيران الايرانية (150 الفا في العراق، و30 الفا في الخليج والبحر) وان ايران هي اقوى قوة صاروخية في المنطقة، واسرائيل ليس لديها قدرات صاروخية قوية، وان اي هجوم اميركي او اسرائيلي على ايران سيؤدي الى اشعال المنطقة كلها في حرب مدمرة وسيكون لهذه الحرب تداعيات عسكرية وامنية واقتصادية خطيرة، واميركا غير قادرة على تحمل نتائج هذه الحرب حاليا، لانها مشغولة بحرب اخرى في افغانستان وباكستان واليمن، ولان عملية التسوية تمر في مأزق خطر".

ويضيف هذا القيادي انه "رغم استبعاد شن الحرب من اميركا واسرائيل، فان القيادة الايرانية اتخذت كل الاجراءات لمواجهة اي احتمال للحرب وقد تمت اعادة هيكلة القوات الايرانية من جيش وحرس وباسيج وتعبئة وان هناك مليونا ومئتي الف مقاتل ايراني مستعدون للقتال، وانه تم تطوير وتعزيز القدرات العسكرية الى مرحلة غير تقليدية".

ويختم القيادي ان "اسرائيل شنت حربين كبيرتين عام 2006 و2009 ضد لبنان وغزة، وخرجت منهما بخسائر كبيرة وهي غير قادرة على شن حرب جديدة لا تضمن الانتصار فيها".

اما عن فرض العقوبات الاقتصادية ضد ايران فيقول المسؤولون الايرانيون خلال المناقشات: ان هذه العقوبات لم تمنع سابقا من تطور ايران وهي لن تقف حجر عثرة امامها مستقبلا. وحول مستقبل "حزب الله" اية حرب قد تحصل فإن المسؤولين الايرانيين او مسؤولي "حزب الله" لا يقدمون اجابات واضحة او دقيقة حول ما سيجري لكنهم "يجزمون ان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات وهذا مرتبط بظروف الحرب وتطوراتها".

ايران ودول المنطقة وقوى المقاومة

لكن ماذا عن علاقة ايران بدول المنطقة وخصوصا السعودية وسوريا وتركيا، وبقوى المقاومة ("حماس"، "حزب الله")؟ وماذا عن الرهان على فك التحالف السوري - الايراني في المستقبل القريب؟ وهل تكتفي ايران بكونها دولة اقليمية قوية ام انها تطمح لتكون نداً للولايات المتحدة الاميركية في اطار المشروع التمهيدي "للدولة المهدوية"؟

هذه النقاط شكلت مدار نقاشات مطوّلة في اللقاءات الحوارية التي جرت في المنتديات الثقافية. وبدا واضحا ان هناك اتجاهين اساسيين، الاول الذي يتحدث بواقعية وموضوعية يقول ان على ايران ان تدرك حجم المخاطر والتحديات وان تسعى للتصالح مع الدول الاقليمية والعربية وخصوصا المملكة العربية السعودية لان اي صراع سعودي – ايراني يتحول صراعا مذهبيا وان العودة للعب دور شرطي المنطقة ليس من مصلحة ايران والشيعة، كما ان تحمل اعباء المواجهات مع الغرب والدول الكبرى سيؤدي الى تكرار "تجربة الاتحاد السوفياتي" وبدء الانهيار الداخلي نتيجة الاعباء الكبيرة للصراع.

في مقابل هذه الرؤية طرحت خلال النقاشات وجهة نظر ايرانية يؤيدها بعض اصحاب الاتجاهات الفكرية والدينية الشيعية تقول ان ايران هي "مشروع دولة الامام المهدي" وان مسؤوليتها التحضير للمرحلة الجديدة من الصراع مع الغرب.

اما على صعيد التحالف السوري - الايراني وعلاقة ايران بقوى المقاومة فقد اكدت الحوارات على ثبات هذه العلاقة وعدم صحة الرهانات على انفكاك سوريا عن ايران مهما كانت الاغراءات المقدمة الى سوريا، لان هذا التحالف قائم على اسس استراتيجية كبيرة.

لكن النقطة الاهم التي طرحها بعض المسؤولين الايرانيين فهي العلاقة الاستراتيجية بين ايران وتركيا والقائمة على اسس اقتصادية ومصالح متبادلة سواء بالنسبة للعراق او الوضع العربي، مما يجعل هذه العلاقة الثنائية اساسا متينا لاستقرار المنطقة وعدم ذهابها نحو الصراعات الاقليمية والمذهبية.

ملاحظات ختامية

ما يمكن استنتاجه من النقاشات والحوارات التي شهدتها المنتديات والمراكز الثقافية في الضاحية الجنوبية ان الملف الايراني هو الاولوية في دائرة الاهتمامات، والاسئلة التي تطرح حول مستقبل الجمهورية الاسلامية الايرانية ونظرية ولاية الفقيه هي اسئلة حقيقية، ورغم العلاقة المميزة التي تربط جمهور "حزب الله" وكوادره بالقيادة الايرانية فان ذلك لم يمنع من طرح الاسئلة والاستفسارات حول صحة اداء القيادة الايرانية داخليا وخارجيا، كذلك فان اشكالية العلاقة بين الديموقراطية وولاية الفقيه وتطوير التجربة الايرانية هي مدار بحث حقيقي بين النخب الثقافية الشيعية.

وفي الختام فانه بعد 31 عاما على انتصار الثورة الاسلامية وقيام الجمهورية الاسلامية، فان ما يجري في ايران لا يزال الشغل الشاغل لفئات شيعية كبيرة، وهذه الفئات تطرح اسئلة حقيقية حول هذه التجربة الاسلامية وما يمكن ان تواجهه في المستقبل، خصوصا في ظل ما يجري في العراق والتطورات التي شهدتها المنطقة في السنوات الاخيرة.

قاسم قصير – حارة حريك     

 

 لقاء الشوف يبدأ حيث انتهت القائمقاميّتان وحرب الجبل

عون وجنبلاط يقفزان فوق التناقضات ولكلٍّ حساباته

النهار/هيام القصيفي     

لا تشبه رؤية رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" ميشال عون في اطلالته على الشوف يوم السبت المقبل، رؤية الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط. هما يفترقان في كل شيء، والمسافة بينهما منذ معركة سوق الغرب، حتى لقاء الدقائق العشر في باريس عشية عودة الجنرال الى بيروت عام 2005، كرست الاختلال بين مفهومين ومقاربتين للملفات الداخلية والخارجية.

يتعامل الرجلان اللذان يلتقيان في احتفالية مشهدية، مع الحدث المرتقب من منظارين مختلفين، يتقاطعان في لحظة مفصلية داخلية واقليمية، بعد التحول الدراماتيكي الذي بدأ به جنبلاط اثر حوادث 7 ايار 2008. لكل منهما حساباته الخاصة التي تنطلق من المتغيرات الاقليمية والمحلية بعد الخروج السوري من لبنان. الا ان جسر العبور بينهما يلتقي عند نقطة مفصلية تتعلق بخصوصية جبل لبنان الجنوبي التاريخية ، التي تكرست بثنائية مارونية ودرزية، رغم التغير الديموغرافي الذي بدأ يرخي بثقله على الجبل من جهتي اقليم الخروب السني ومن ساحل المتن الجنوبي الشيعي.

ذاكرة حرب الجبل

لا يمكن حرب الجبل ان تغيب عن الحدث الشوفي، ليس من زاوية قضية المهجرين فحسب، بل لناحية المتغيرات السياسية التي حددت اطار تحرك جنبلاط منذ ذلك التاريخ الى اليوم. حاول جنبلاط الخروج من الشرنقة الشوفية، يوم استقبل الراحل داني شمعون في دير القمر. لكن اغتيال شمعون الابن اقفل الطريق امام اعادة وصل ما انقطع بين مجموعتين يجمع بينهما التاريخ والجغرافيا والدم. لم يستطع حزب الكتائب بدوره ايام الراحل جورج سعادة سوى ان يكرس بداية خجولة لعودة مسيحية الى الجبل الفارغ من نصف سكانه الاصليين.

واجه جنبلاط في الحرب عسكريا خصمين اساسيين، أولهما سمير جعجع الذي تحمل وزر حرب لم يكن له قرار سياسي في اتخاذها ولا في تقوقع ابناء الجبل في دير القمر. اما الخصم الثاني فكان قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون الذي وقف في سوق الغرب بقرار سياسي لا بقراره الذاتي. حاول جنبلاط مع بداية المتغيرات في المنطقة التي افضت الى خروج الجيش السوري من لبنان ان يختار بين خصميه السابقين. ثمة من اقنعه بان الحلف مع جعجع اهون شرا من اللقاء مع عون، الذي لم تبرق الكيمياء بينهما، فاختار رئيس الهيئة التنفيذية لـ"القوات اللبنانية" الذي ظلت العلاقة معه محكومة الى حد كبير بسقف العلاقة مع بكركي.

لم تستطع جمهورية الطائف الاولى ولا انشاء وزارة المهجرين ان تحققا تقدما ملحوظا في ملف عودة المسيحيين الى الجبل او ان تقفلا ملفا انفقت فيه مئات الملايين من الدولارات. بقي المسيحيون على حذرهم من العودة والاعمار والاقامة شبه الدائمة في قراهم. ادرك جنبلاط ان للاديار اهميتها وللكنائس موقعها ولبكركي صوتا مرجحا في دفع المسيحين الى العودة الى الجبل. وايقن الزعيم الدرزي ان ظروف حرب 1860 التي حفرت بلاطة عن شهدائها في كنيسة سيدة التلة في دير القمر، تختلف تماما عن مجريات حرب 1982 وتداعيات التهجير المسيحي، في منطقة تتغير ديموغرافياتها وتتبدل خرائط الاقليات فيها.

لم يكن جنبلاط يلعب في السياسة استنادا الى حجم الطائفة الدرزية، التي اعطاها حجما لم تأخذه في عز ايام والده. اختار نوابا ووزراء ووسّع قطر دائرة نفوذه، ايام السوريين وبعد خروجهم، فتحول زعيما لحركة الاستقلال كما كان زعيما للحركة الوطنية. لكن بقي شيء معلّق على خط الجبل، وهو البعد المسيحي الذي صار يحتاج اليه منذ ان بدأ التمدد السني والشيعي يجتاح الجبل.

في عز العداوة كان جنبلاط يمنع بيع اراضي المسيحيين، وفي عز السلم بدأ المسيحيون يبيعون اراضيهم. احتمى جنبلاط ببكركي، اراد تكريس المصالحة بين الثقل الشعبي والقرار السياسي. حمت بكركي جنبلاط، مع اول المتغيرات الاقليمية، واعطت حركته التي باشرها برفض انتخاب الرئيس اميل لحود ومن ثم التمديد له، بعدا وطنيا افتقده جنبلاط . ورفع البطريرك الماروني الكاردينال مارنصرالله بطرس صفير، من خلال زيارته التاريخية للجبل ، مظلة واقية فوق جنبلاط واعطاه زخما ترجم في العلاقة التي تفاعلت سياسيا مع "قرنة شهوان"، ثم مع "القوات اللبنانية".

لكن المصالحة الكبيرة في الجبل، بقيت في الاطار السياسي، ولم تتدرج الى تفاصيل الحياة اليومية الى حد تبلور مشروع حقيقي للعودة الى الجبل. تعاملت "القوات " مع جنبلاط على قاعدة سياسية عريضة، ساهمت في تأطيرها الحركة السياسية المتفاعلة بين 2005 و2010، ورسمت الاغتيالات حدودا له، فلم يتح للطرفين رسم خطة مستقبلية لها، ابعد من الانتخابات النيابية. وفي هذه المحطة بقيت "القوات" تحت سقف جنبلاط. لم يتمكن المسيحيون عموما من فرض من يريدون على اللوائح في المكان الذي يعتبره جنبلاط مربط خيله. كان جنبلاط صاحب قرار الرفض او القبول بهذا المرشح او ذاك. وكان ملف المهجرين مغيبا الى ان جاءت حرب تموز حين تفاعلت قضية التعويضات لسكان الجنوب، فبدأت"القوات" تتعامل مع الملف بحيثياته.

سلكت "القوات" مسكلا طبيعيا في الجبل، ولم تكن عودة "القواتيين" عودة استفزازية، بعدما تعمدت العلاقة بين الاشتراكيين و"القواتيين" في ساحة الشهداء. لم تكن السهرات المشتركة ولا حتى حلقات الرقص والنقاشات امرا تفصيليا في ساحة الشهداء. قد تكون الخيم التي نصبت، على غرار حي المهجرين الاول، اعادت وصل ما قطعته حرب الجبل حين تعارف الفريقان مجددا، فكان رجوع "القواتيين" الى قراهم رجوعا محكوما بسقف "ثورة الارز" التي غفرت كل الخطايا العتيقة.

متغيرات التموضع الجديد

قطع جنبلاط منذ 2 آب 2009 روابطه تدريجا مع مسيحيي "ثورة الارز"، وجاءت مشاركته في ذكرى 14 شباط الفائتة، تكريسا للخروج من الحركة الاستقلالية، التي تفهم اركانها دوافعه، بعد مراحل الذعر الاولى، ولم يخرجوا في الاعلام وفي السياسية لاستفزازه. استوعب رئيس "تيار المستقبل" ورئيس الوزراء سعد الحريري حركة جنبلاط، بدليل عدم الحشد من اقليم الخروب يوم 14 شباط حرصا على عدم استفزازه، وكذلك فعل جعجع والرئيس امين الجميل، لكن لمسيحيي 14 آذار حسابات مختلفة. فاذا كان الحريري مرتاحا الى وضعه والقاعدة التي يمتد عليها تياره، ويدرك تماما ان جنبلاط غير قادر على التحرر من كل التزاماته معه، فان جعجع يعرف جيدا ان جنبلاط قادر على قلب الطاولة على مسيحي 14 آذار والتفتيش عن حليف مسيحي آخر.

لا يمكن جنبلاط ان يتفلت من توازن مسيحي في الشوف الذي بدأ يتآكل بفعل المد السني. وكما افاد من التغطية المسيحية في الانتخابات السابقة ، يريد اليوم، بتموضعه، الارتكاز على حليف "حزب الله" المسيحي وصديق سوريا الجديد، في الحصول على تغطية مسيحية في "جبله".

في تموضعه الجديد، لم يعد جنبلاط قادرا على الارتكاز على مظلة بكركي، فاختار المقلب الاخر، حيث لا ود ولا تفاهم عونيا مع الصرح البطريركي. وهنا اهمية زيارة السبت لمطرانية الموارنة في بيت الدين حيث المطران ايلي نصار المعروف بمناهضته لجنبلاط. والزعيم الدرزي يعرف انه لا يستطيع امرار المرحلة الجدية من دون اثمان. وزيارة نصار اول هذه الاثمان. لكن الحبل على الجرار.

فعون لا يعود الى الجبل في زيارة يكتفي منها بالاحتفالية، هو يريد الصعود الى الشوف، تماما كما فعل في رحلته الجنوبية التي اطلق من خلالها اول انذار لرئيس مجلس النواب نبيه بري برغبته في استعادة نواب الجنوب المسيحيين الى بيت الطاعة المسيحي لا الشيعي. فكانت جزين اول الغيث.

يريد عون تكريس الزعامة المارونية في الجبل. فالجنرال المسكون بهاجس الرئيس كميل شمعون وصورته ومثاله، يدرك ان الزعامة المسيحية تكون في قلب الجبل، وان شذت زغرتا لمرتين عن القاعدة، فلانها امتداد للجبل الماروني التقليدي. ومن دير القمر التي قدمت اهم الزعماء الموارنة بلا منازع، وابرز رؤسائهم، يريد عون ان يكرس زعامة مارونية في حضور نواب جنبلاط المسيحيين، وهم يعرفون ان عين الجنرال على مقاعدهم، ويتخوفون من ان تكون مقاعدهم ثمن التموضع الجديد لجنبلاط، اذا ما استمر حتى الانتخابات المقبلة.

لا يقبل عون بانصاف حلول على ما يبدو. يريد اولا طي ملف المهجرين فعليا ونهائيا. ويريد المناصفة في القرار الشوفي، مجالس بلدية ونوابا، ويريد مناصفة في الحضور المسيحي حيث المراكز الادارية والرسمية والمدارس وكل المؤسسات العامة.

فهو يدرك ان العودة الى قضاءي الشوف وعاليه تكمل ما بدأه مع الشيعة في قضاء بعبدا. ولعل الشوف يعنيه اكثر. لقضاء عاليه خصوصية ما، فهو اعطى رئيسي جمهورية لكنه لم ينتج زعامة مارونية. لكنه قضاء قادر على قلب التوازنات الفعلية في الزعامة الدرزية، اذا ما توحد المسيحيون فيه، ليصبح القضاء الوحيد الذي تتحتم فيه المواجهة الدرزية المسيحية. اما الشوف فهو خاصرة جنبلاط الرخوة، واي حلف مسيحي سني سيكون حكما على حساب جنبلاط الذي بات اسير التحالف مع طرف قوي في اي انتخابات نيابية.

يشتهر جنبلاط بانه يلعب عند حافة الهاوية، لكن اللعب عليها ليس سليما دوما. وهو اليوم على مفترق طرق ليس سهلا، فاذا كان جعجع احترم الخصوصية التي نتجت من مفاعيل حرب الجبل ومن الشراكة مع الاشتراكي في "ثورة الارز"، فان عون متفلت من هذه الحسابات. وهو عائد الى الجبل ليختار نوابا ومجالس بلدية يقارع بها خصومه المسيحيين كما غيرهم، ولن يقبل ان يكون نوابه المستقبليون الا شركاء في قرار الجبل.

يكمن لقاء السبت في انه بداية التحدي الحقيقي لجنبلاط في تموضعه الجديد، فهو الذي يتمتع بعلاقة وطيدة مع بري، طبّع علاقته مع "حزب الله"، ويقبل على ارساء فك اشتباك مع عون . لكن من المبكر حقا الحكم على مسيرة التطبيع الجديد. ثمة هواجس واسئلة عن ترجمة حقيقة لهذا المسار، فاذا كانت الكيمياء مفقودة بين جنبلاط وعون، فان ثمة اسئلة جوهرية تترك اثرها فعلا، على مستقبل العلاقة التي لا تزال مبنية على لقاءات بين قيادات الصف الاول ولم تترجم بعد على مستوى القواعد. اذا ليس سهلا ان يتحول الشارع الجنبلاطي فجأة لقاءات مع حليف لمن قام بـ 7 ايار.

وليس سهلا على جنبلاط التعامل مع حيثيات جديدة بات مدركا معها ان الانفلاش الدرزي النيابي من حاصبيا الى راشيا وبيروت والجبل صار محكوما بالتزامات سياسية واسير تحالفات، اما مع الطرف الشيعي واما السني واما المسيحي.

قصة جنبلاط وعون تختصر يوم السبت بمعادلة القائمقاميتين. وكلا الزعيمين يحاول تخطي الاسباب الموجبة للخلاف. عون يريد ان ينسى ان جنبلاط بمساهمته في تركيب الحلف الرباعي تركه في انتخابات عام 2005 وحيدا ، ومنعه من تحقيق الوصول الى قصر بعبدا... وجنبلاط يريد ان ينسى 7 أيار.

 

مكتب العماد عون وزع برنامج زيارته إلى المختارة ودعا الى اوسع مشاركة في بيت الدين 

اعلن المكتب الاعلامي لرئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون في بيان اليوم، انه "سيزور قصر المختارة يوم السبت في 20 الحالي مترئسا وفدا من نواب التكتل ومسؤولين من "التيار الوطني الحر" تلبية لدعوة رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط. ويتضمن برنامج الزيارة الآتي: - الساعة 11,00: وضع أكاليل من الزهر على أضرحة كل من الرئيس الراحل كميل شمعون والشهداء داني شمعون وأفراد عائلته. - الساعة 11,30: زيارة كنيسة سيدة التلة في دير القمر ولقاء مع أهالي الدير في صالون الكنيسة. - الساعة 12,30: زيارة قصر المختارة. - الساعة 14,00: لقاء شعبي في دار مطرانية بيت الدين بدعوة من راعي أبرشية صيدا المارونية المطران الياس نصار وفي حضور النائب جنبلاط.

لقاء بيت الدين

الى ذلك، دعا "التيار الوطني الحر" أبناء الجبل إلى المشاركة في اللقاء الذي سيجمع العماد عون ورئيس اللقاء الديموقراطي في مقر المطرانية المارونية في بيت الدين، تلبية للدعوة التي وجهها راعي أبرشية صيدا المارونية المطران نصار، وجاء في نص الدعوة: "في إطار اللقاء الذي سيجمع رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ورئيس اللقاء الديموقراطي الأستاذ وليد جنبلاط في المختارة استكمالاً للمصالحة بين أبناء الجبل والتي كانت إحدى محطاتها البارزة زيارة صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الكلي الطوبى إلى الشوف وجزين سنة 2001، ورغبة منه بتكريس تلك المصالحة وبمباركة كل ما من شأنه أن يدعم وحدة الجبل ولبنان واللبنانيين، يدعو راعي أبرشية صيدا المارونية المطران الياس نصار أبناء أبرشية صيدا والأصدقاء إلى استقبال الزعيمين في دار المطرانية في بيت الدين يوم السبت في العشرين من شباط 2010 الساعة الثانية بعد الظهر.

يتخلل حفل الاستقبال كلمة لكل من راعي الأبرشية والنائب جنبلاط والعماد عون".

 

جعجع: الحريري حريص على وجوب اجراء الانتخابات في موعدها المحدد   

١٨ شباط ٢٠١٠ /  اثنى رئيس الهيئة التنفيذيية في القوات اللبنانية سمير جعجع على "الخطوة التي قام بها مجلس الوزراء بالأمس والتي تتجه في الاتجاه الصحيح"، ولكنه استغرب تأجيل الجلسة الثانية الى 27 من الشهر الحالي لاقرار مشروع القانون بشكل نهائي وارساله الى مجلس النواب.

واعلن في دردشة اعلامية في معراب ان "الاصلاحات أُقرت والتجربة ستُثبت مدى صحتها وان الفضل الكبير في اقرارها يعود الى رئيسي الجمهورية والحكومة الذين قاما بمجموعة اتصالات ومشاورات ادت الى ما ادت اليه ولو ان البعض وللأسف لم يكن يناقشها من باب الاصلاحات بل كمواضيع خلافية لغايةٍ في نفس يعقوب".

ولفت الى ان الخبر الذي ورد في احدى وسائل الاعلام والقائل ان جلالة الملك عبدالله والرئيس بشار الاسد اتفقا على تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان "عارٍ عن الصحة باعتبار ان خادم الحرمين الشريفين لم يتدخل يوماً في اي تفصيل في الحياة السياسية اللبنانية حتى اكثر اهمية من الانتخابات البلدية "، معتبراً ان هذا مؤشراً واضحاً عن نوايا الفريق الآخر في تأجيل الاستحقاق البلدي حتى وصلوا الى حد ادخال الملك عبدالله والرئيس الاسد في هذه العملية في محاولة اخيرة لتأجيل الانتخابات البلدية".

ورداً على سؤال، نفى جعجع ما سُرب في احدى الوسائل الاعلامية بأن رئيس الحكومة بات مقتنعاً بضرورة تأجيل الانتخابات البلدية ويعمل لاقناع رئيس الجمهورية بذلك، معللاً بأن الرئيس الحريري حريص على وجوب اجراء الانتخابات في موعدها المحدد فقام باتصالات لتحضير جلسة مجلس الوزراء بالأمس من اجل مناقشة الاصلاحات واقرارها.

وعن تخوف المسيحيين من قانون النسبية، قال جعجع "ان من طرح النسبية في البداية هو وزير الداخلية زياد بارود والى حد علمي ان يكون قد عارضها احد من المسيحيين او المسلمين ولو ان المسيحيين يفضلون النسبية على القانون المعتمد حتى اليوم"، مشيراً الى ان النسبية كمبدأ بات الجميع يُفضلهُ واصبح تقريباً متفق عليه"، مضيفاً "اما في ما يتعلق بالنسبية في الانتخابات البلدية فهناك وجهتا نظر: الاولى تقول بأن النسبية تُمكّن العائلات وكل الزعامات والفرقاء في قرية واحدة على ان تتمثل وبالتالي سيكون وضعها افضل فيما الثانية تقول بأن وجود الجميع في المجلس البلدي سينقل مشاكل القرية الى البلدية وبالتالي سيُعطل هذا الجسم التنفيذي الأمر الذي نتركه للأيام لتبرهن صحتها او عدمها".

ورداً على سؤال، جدد جعجع التأكيد على موقف أميركا وفرنسا واوروبا وكل دول العالم من لبنان والذي "لن يتغير لأن التاريخ لا يعود الى الوراء وعلى اساسه تُبنى السياسات والمصالح"، مذكراً "بالقرارات الدولية من الـ 425، 1559، 1680، 1701 و 1557 التي يحاول البعض تدميرها من وقت الى آخر فيما انها نقاط ارتكاز اساسية في السياسات الخارجية للدول التي تحترم نفسها، ثبتت كيان الوضع اللبناني بشكل نهائي". وكان جعجع قد التقى النائب خالد زهرمان الذي عرض للأوضاع السياسية العامة في البلاد ولاسيما موضوع الساعة الانتخابات البلدية اضافةً الى شؤون منطقة عكار.

 

طاولة الحوار الى الضوء من جديد: متى يبادر رئيس الجمهورية بالدعوة اليها؟ 

١٨ شباط ٢٠١٠ / كتب سلمان العنداري/طرح مصطلح الاستراتيجية الدفاعية في لبنان للمرة الاولى على طاولة الحوار عام 2006، حيث ناقش المجتمعون موضوعات اساسية، ومن بينها السلاح الفلسطيني وسلاح "حزب الله". وفي ظل طروحات متناقضة، بين المطالبة بمنظومة متكاملة تحمي لبنان، والتشديد على ضرورة وضع حد لسلاح المقاومة وتفرّدها بقراري الحرب والسلم فيه، لم يتم الاتفاق على ايجاد حلّ موحّد، ليتاجلّ البحث بهذه النقطة الحسّاسة بفعل متغيرات وتطورات وتوازنات اقليمية وداخلية فرضت نفسها على المشهد اللبناني.

عادت طاولة الحوار للانعقاد فور انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، حيث وعد بإعادة طرح المسألة الشائكة بعد انتهاء الانتخابات النيابية التي جرت في حزيران الماضي، ومقاربتها في اطار جديد ومفصّل، ياخذ بعين الاعتبار تمثيل القوى السياسية، واستشفاف موقفها النهائي من كيفية حماية لبنان، تمهيداً لبلورة الصورة النهائية لما يجب ان تكون عليه هذه الاستراتيجية.

وفي وقت تكثر فيه التهديدات الاسرائيلية، وتغلي فيها المنطقة برمّتها على خلفية التصريحات النارية، والمناوشات الكلامية التي تطلق من هنا وهناك، يعود موضوع الاستراتيجية الدفاعية الى الضوء من جديد. فماذا تقول القوى السياسية اللبنانية في هذا الخصوص؟، وما هو شكل طاولة الحوار المزمع عقدها قريباً، وما السبيل الانسب لحماية لبنان وتأمين استقراره وامنه؟.

بين ضرورة حسم القرارات المفصلية وضبط السجالات السياسية

تطالب كتلة "المستقبل" النيابية بعودة لجنة الحوار للانعقاد بأسرع وقت ممكن. اذ يرى عضو الكتلة النائب عمار حوري ان "من شأن طاولة الحوار التي ينتظر ان تناقش البند المتعلق بالاستراتيجية الدفاعية الوصول الى نتائج ملموسة وايجابية ترسو في نهاية المطاف الى حسم القرارات المفصلية بيد الدولة اللبنانية، وفي ذلك تلبيةً لحاجة اساسية تكمن في ترسيخ مزيد من الامن والاستقرار والسيادة والطمأنينة، لأن الاتفاق على استراتيجية دفاعية يساهم الى حد كبير في تجنيب لبنان المخاطر الاسرائيلية المتزايدة".

"حزب الله"، وهو الطرف الاساسي المعني بهذه المسألة، يعتبر على لسان عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي المقداد، ان "طاولة الحوار مهمة للغاية، لأنها تضبط التراشق والسجال الاعلامي في المواقف السياسية، وبالتالي اذا كان هناك من فريق معين لديه اي تحفّظ او مشكلة يريد ان يبحثها، ليكن ذلك في جو هادىء بعيد من الاعلام وبعيد عن الحسابات والسجالات الضيقة".

بين تعدد السلاح والتهديدات الاسرائيلية

ينطلق عضو كتلة "الكتائب" النائب فادي الهبر من الحاجة الماسّة لدولة قوية وقادرة كما اقرّها الدستور اسوةً بكل دول العالم لمواجهة العدو الاسرائيلي الغاصب، "ولهذا السبب فمن الضروري العودة الى درس الملفات الاساسية، ومن بينها اقرار الاستراتيجية الدفاعية التي ينتظر ان تبحثها القيادات الطائفية والسياسية والمؤسسة العسكرية، الا ان تعدد الجيوش والاسلحة داخل البلد، وبقاء السلاح في ايدي قوى خارجة عن الشرعية، امر لا يجوز ان يستمر لأنه مخالف للدستور اولاً، ولمنطق الدولة ثانياً، ومن هنا على الجميع الانضواء تحت لواء الدولة القوية والقرار الواحد في السلم والحرب، وتقوية الجيش اللبناني وقدرته على الدفاع والردع".

يخالف عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب علي خريس رأي الهبر، اذ يعتقد ان اهمية انعقاد طاولة الحوار تكمن في مواجهة التهديدات الاسرائيلية المستمرة، " فالمشكلة ليست عند الطرف اللبناني كما يقول البعض، والمسألة ليست بحاجة للشرح، فليست المقاومة من يعطي الذرائع للكيان الصهيوني للاعتداء علينا، كما انها لا تشكّل خطراً على لبنان بأي شكل من الاشكال، لأنه اذا اردنا تأمين مصلحة لبنان وتحصين مناعته، يفترض ان يحصل تفاهماً شاملاً يتعلق بكيفية حماية الحدود والاقتصاد والدولة، يضاف اليها وحدة الموقف الداخلي، وتضامن الشعب والجيش والمقاومة والحكومة".

لنقاش ايجابي وبنّاء على طاولة الحوار

وعن الشكل الذي يجب ان تتخذه طاولة الحوار اليوم، يشدد حوري انه "لا بد من الأحذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات النيابية، لأن ذلك يعكس الواقع التمثيلي للحال السياسي في البلاد، وبالتالي فإن اجراء بعض التعديلات امراً مطلوباً، ولا مانع من ان تمثّل فعاليات المجتمع السياسي اللبناني دون التوسّع بشكل يعطّل إمكانية الوصول الى نقاش ايجابي وبنّاء". وعن الموضوعات التي يمكن ان تطرح بالاضافة الى بند الاستراتيجية، يشير خريس ان "الموضوع الوحيد على جدول الاعمال هو مسألة الاستراتيجية الدفاعية، وان اي بحث في مواضيع اخرى يتطلب التوافق عليها".

وبينما يرفض خريس الخوض في موضوع مشاركة القوى السياسية على طاولة الحوار، مفضلاً "ترك المسألة لرئيس الجمهورية"، يأمل المقداد ان يكون كل اللبنانيين على طاولة تضم كل الافرقاء، " فتكون مناسبة بالغة الاهمية لإتخاذ موقف موحّد وجامع لردّ الاعتداءات الاسرائيلية، فلبنان دائماً مهدد وفي خطر دائم، والعدو يتربّص بنا شراً، واذا لم يكن هناك من موقف وطني جامع وواضح، فالامر سيزداد صعوبةً، اما اذا كانت النوايا والنيات موجودة في النقاش والعمل بشكل جامع من قبل الاطراف جميعها، ستكون الامور على الاسرائيلي اصعب مما يتصور".

وعن رؤية حزب الله للاستراتيجية الدفاعية، يقول المقداد ان "للحزب موقفاً واضحاً منذ ابتداء الطاولة ببحث الاستراتيجية، ويقول بان يطرح كل طرف من الاطراف موقفه ورؤيته المناسبة للاستراتيجية، على ان نطرح مقاربتنا الشاملة في نهاية المطاف".

فليأخذ فخامة الرئيس المبادرة

ووسط الدعوات المتكررة لعقد لجنة الحوار باقرب فرصة ممكنة، يتّفق الجميع ان الامر برمته منوط برئيس الجمهورية ميشال سليمان في الدعوة اليها مجدداً، اذ وبحسب خريس "فالرئيس وفق ما نسمع سيدعو الافرقاء الى الطاولة خلال فترة شهر الى شهرين كحد اقصى"، اما حوري فيكشف انه سأل الرئيس سليمان قبل اسابيع قليلة حول موعد استئناف النقاش على طاولة الحوار، فأجاب انه سيدعو اليها مع استكمال الهدوء السياسي ومناخات التهدئة في البلاد، ويضيف: "الامور اليوم برمتها منوطة بيد فخامة الرئيس، ونحن على ثقة كبيرة بانه لن يتأخر بالدعوة اليها، خاصةً وان الحاجة الى رؤية استراتيجية تتزايد في ظل تزايد المخاطر الاقليمية المحيطة بالمنطقة، وكون لبنان جزءاً لا يتجزّأ منها". وبالتوازي يتمنى عضو الامانة العامة لقوى 14 آذار الياس ابو عاصي على فخامة الرئيس ان يبادر الى عقدها باسرع وقت ممكن، "خاصةً وانه مرّ وقتاً طويلاً منذ الانتخابات النيابية الماضية ولم تلتئم بعد".

وفي هذا الاطار، يطالب الهبر رئيس البلاد بأخذ المبادرة والانطلاق الى حل سياسي يؤمن الحياة الطبيعية ومتطلبات المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات المحدقة، "فالرئيس سليمان هو القبطان الاساسي المسؤول عن ايصالنا الى شاطىء الامان، لأنه لا يمكن ان يكون هناك قرار للحرب والسلم خارج اطار الدولة، وان تكون البلاد مرتبطة بالمشاريع والتوترات الاقليمية".

قبل ان يصبح لبنان ساحة مشتعلة

تتخوّف الامانة العامة لقوى 14 آذار من استمرار المماطلة وتحويل الانظار عن موضوع الاستراتيجية الدفاعية والنظر اليه وكأنه موضوع غير مطروح على جدول الاعمال في الوقت الحالي، لتجدد في بيانها الاخير الدعوة الى ضرورة انطلاق طاولة الحوار الوطني في اقرب فرصة ممكنة "للتوصل الى استراتيجية واحدة تحظى بتوافق وطني شامل للدفاع عن لبنان في مواجهة الاخطار الخارجية المحدقة به وحفظ امنه الداخلي على قاعدة احترام كامل للدستور اللبناني نصاً وروحاً، والمؤسسات الشرعية ومرجعيتها الحصرية في رسم السياسات الوطنية في المجالات كافة، والقرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701 الذي حظي بإجماع اللبنانيين".

يخشى عضو الامانة العامة الياس ابو عاصي ان يدفع لبنان اثمان التشنجات التي تاخذ وجهة متصاعدة في المنطقة، "فيعود من جديد ساحة مفتوحة لعرض العضلات وتوجيه الرسائل". ويعتقد انه "من مصلحة اصحاب الشأن في حزب الله تصوير الامر وكأنه محسوم، فيما يريد البعض الاخر اغراق جدول اعمال طاولة الحوار بمواضيع شائكة تاخذ وقتاً في البحث بها، محاولين المساواة بين الاستراتيجية الدفاعية ومسألة تشكيل اللجنة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية على سبيل المثال، لتبقى المواضيع الاستراتيجية الكبرى معلقة، وبمنأى عن اي رقابة برلمانية او حكومية او رئاسية، لتسقط حينها طاولة الحوار".

وبانتظار افتتاح اولى جلسات طاولة الحوار في قصر بعبدا، يأمل ابو عاصي "الوصول الى استراتيجية دفاعية تحمي لبنان، ولا تسمح لأي من الاطراف الخارجية والاقليمية ان يكون لها مراكز قوة على حساب الشراكة والسيادة والاستقرار الداخلي"، الا انه ربط مجريات الملف النووي الايراني مع ما يجري على الساحة اللبنانية بالنسبة لسلاح حزب الله، " فبعد ساعتين من خطاب امين عام حزب الله بمناسبة ذكرى القادة الشهداء، كان هناك تصريحاً شديد اللهجة من قبل الرئيس احمدي نجاد هدد توعّد فيه الغرب، يضاف اليها جملة مواقف اخرى". فهل يتوصلّ القادة اللبنانيون لبت استراتيجية دفاعية نهائية، ام ان الامور ستبقى معلّقة ومغيّبة ومؤجلة حتى إشعار آخر؟.

 المصدر : خاص موقع 14 آذار

 

 المحكمة العسكرية ختمت محاكمة محمود رافع وحسين خطاب  

١٨ شباط ٢٠١٠ /ختمت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن نزار خليل وحضور ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي أحمد عويدات محاكمة محمود رافع وجاهيا وحسين خطاب (فلسطيني) غيابيا، لإقدامهما على قتل الأخوين محمود ونضال مجذوب في تاريخ 26/5/2006 بتفجير سيارة مفخخة أثناء خروجهما من منزلهما في صيدا.

وقد أبدى ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي عويدات مطالعته وطلب تطبيق مواد الإتهام في حق رافع والمتهم الآخر. ثم رافع وكيل المتهم محمود رافع المحامي انطوان نعمة فاعتبر ان "لا علاقة لموكله بقتل الأخوين مجذوب"، وطلب "إعلان براءته ، واستطرادا منحه أوسع الأسباب التخفيفية والإكتفاء بمدة توقيفه". وطلب رافع "البراءة".

ورفعت الجلسة للحكم المبرم. 

 

لبنان يواجه إحراج الضغوط والمزايدات الداخلية 

١٨ شباط ٢٠١٠ /روزانا بومنصف

ليس واضحا اذا كان الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي يزور لبنان حاليا سيستطيع ان يجد مخرجا لمشاركة لبنان في القمة العربية المقبلة التي تنعقد في ليبيا بعد السقف المرتفع الذي حدده زعماء الطائفة الشيعية للسلطة في لبنان رافضين ان تتمثل الدولة اللبنانية في هذه القمة. اذ لا يستبعد كثيرون في ضوء الموقف الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه بري من قصر بعبدا بالذات على اثر زيارة له لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والذي استتبع سلسلة مواقف لمسؤولين شيعة سياسيين ودينيين، ان يدفع ذلك رئيس الجمهورية الى طلب وساطة نظيره السوري مع رئيس مجلس النواب من اجل حل هذا الموضوع والقبول بمشاركة لبنان التي يتوجب حصولها، باعتبار ان الامر سيكون محرجا له جدا في حال تغيبه عن المشاركة في القمة ايا تكن القرارات التي يمكن ان تتخذها، وما اذا كانت ستبقى هذه القرارات في الادراج او انها ستسلك طريقها الى التنفيذ. هذا على الاقل ما يعتقده البعض من الذين لا يرون مسألة سياسية مماثلة على جدول اعمال مجلس الوزراء لكي يتخذ قرارا في هذا الاطار، رغم اهميتها، بغض النظر عن القرار الذي يمكن ان تتخذه الحكومة في هذا الاطار بالمشاركة او عدم المشاركة. ومعلوم ان الخيار الذي استبق به المسؤولون الشيعة رئيس الجمهورية هو عدم المشاركة، مما يضع الرئيس سليمان شخصيا في موقع صعب، في حين ان المشاركة عبر القائم بالاعمال الذي يتولى تسيير شؤون السفارة في ليبيا امر لن يكون مناسبا في ضوء تمثل الدول العربية على مستوى الملوك والرؤساء.

وايا تكن التسوية التي يمكن التوصل اليها، فعلى الارجح ستكون تسوية خارج مجلس الوزراء باعتبار ان مسائل من هذا النوع تحل خارجه بين المسؤولين المعنيين الكبار علما ان الامور قد تفضي الى مشاركة لبنان عبر رئيس الحكومة او ربما وفد وزاري رفيع. لكن الامر يطرح تساؤلات تطول جوانب اخرى من علاقات لبنان الخارجية، خصوصا انه سبق لوزير الخارجية علي الشامي ان اتخذ المبادرة في الطلب من البعثات اللبنانية اعتبار القرار 1559 ميتا، وكاد الامر يتفاعل سلبا على صعيد علاقات لبنان بالخارج لكون اي قرار لمجلس الامن لا يلغيه اي بلد معني او اي فريق لا يناسبه القرار لو لم تتم معالجة الامر بسرعة على اعلى المستويات. وهذه التساؤلات تتعلق بما اذا كانت هناك مواقف تستبق مواقف الحكومة اللبنانية في موضوع العقوبات التي يمكن ان يتخذها مجلس الامن ضد ايران مماثلة لموقف الخارجية ازاء القرار 1559.

فالمعلومات الديبلوماسية الاخيرة تفيد ان الموضوع سيطرح على مجلس الامن في نهاية الشهر المقبل او مطلع نيسان، وهو ما يرتقب ان تحضر الولايات المتحدة له عبر جولات لمسؤوليها الكبار في المنطقة، من بينها زيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لكل من المملكة العربية السعودية وقطر قبل ايام، فضلا عن الموقف الروسي المتكرر الذي بات يحذر من تشديد العقوبات على طهران، منذرا بأن روسيا باتت في مناخ الموافقة على العقوبات. وهذا الامر يضع لبنان في موقف او امام خيار صعب. فهو لن يرغب في ان يصوت مع فرض عقوبات جديدة على ايران لاعتبارات كثيرة مبدئية في الدرجة الاولى، فضلا عن عدم رغبته في احداث شرخ داخلي للاعتبارات المعروفة. ومن جهة يمثل الدول العربية مجتمعة كعضو غير دائم في مجلس الامن، ومن غير المرجح ان توافق هذه الدول على عقوبات دولية جديدة على ايران اقله علنا ومجتمعة عبر القمة العربية او غيرها علما ان ديبلوماسيين كثر يرجحون ان يكون الموضوع على جدول اعمال القمة العربية في ليبيا او اقله على هامشها في المحادثات الجانبية بين المسؤولين العرب. ويتعين على لبنان من جهة اخرى ان يوازن بين موقفه المبدئي ومصلحته والمسؤولية التي يرتبها عليه موقعه في مجلس الامن وعلاقاته مع الدول الكبرى التي تضغط بدورها من اجل تأمين اجماع في مجلس الامن على فرض عقوبات جديدة على ايران.

وما يخشاه كثيرون هو ان تبدأ المواقف منذ الان تستبق اي موقف مسؤول يتعين على السلطة اللبنانية اتخاذه بعد درس الموضوع، وان يتم العمل على الضغط داخليا على لبنان، من اجل الامتناع عن التصويت، بل للتصويت ضد القرار على ما كان الموقف في شأن استباق مشاركة لبنان في القمة العربية، الامر الذي سيوقع لبنان في مشاكل كبيرة جدا بحيث يكون اشبه بوقوعه بين المطرقة والسندان، خصوصا متى اضطر لبنان في ضوء الضغوط والمزايدات الداخلية او في ضوء محاولة فرض روزنامة سياسية معينة الى التصويت وحده ضد القرار من دون سائر الدول التي ستمتنع على الارجح، في حال عدم موافقتها على فرض عقوبات جديدة على ايران او عدم تصويتها بالاجماع على القرار. ويبقى في امتناع هذه الدول حماية لموقف لبنان الممتنع بدوره، في حين ان التصويت ضد سيعزله ويؤثر عليه سلبا، وهو ما على المسؤولين اللبنانيين تجنبه عبر التشاور مسبقا، على الاقل من اجل عدم تقييد لبنان او ارباكه منذ الان في الامم المتحدة او في علاقاته مع الخارج عبر المواقف السياسية لبعض المسؤولين او بمواقف وزارية استباقية.

المصدر : النهار

 

 لا تزجّوا المغتربين اللبنانيين في الصراعات الطائفية 

  ١٨ شباط ٢٠١٠ /رغيد الصلح

إشراك المغتربين في الانتخابات اللبنانية مطلب قديم ظل يتردد في الأوساط السياسية منذ فجر الاستقلال. جاء في البيان الوزاري لحكومة عام 1943 الاستقلالية والميثاقية ان لبنان لن ينسى للمغتربين تأييدهم لبلدهم يوم طلب منهم «نصرة الوطن والدفاع عن حقوقه». كما جاء في البيان تعهد من لبنان المستقل بـ «العمل على توطيد الصلة بين الوطن وأهل الاغتراب بكل وسيلة ممكنة».

لم يكن هذا الموقف مكرمة يغدقها لبنان المقيم على لبنان المهاجر، فخارج لبنان يوجد مئات الألوف من اللبنانيين واللبنانيات الذين يحملون جنسيات بلدهم. ولهؤلاء حق لا يمارى فيه في المساهمة في الحياة العامة في لبنان. على العكس من ذلك، فانه من واجب الدولة اللبنانية، ومن واجب جميع المعنيين بمستقبل لبنان وبمصير نظامه الديموقراطي، تيسير مشاركة المغتربين في الانتخابات النيابية والبلدية. هذا ما تفعله عادة الدول التي تصدر المهاجرين الى بلاد الاغتراب. بين الدول التي تنطبق عليها هذه الصفة، هناك دول مثل إيطاليا والبرتغال وفرنسا وكرواتيا وايرلندا الخ...، لم تكتف بترتيب مشاركة المغتربين في الانتخابات فحسب، وانما خصصت مقاعد نيابية لهؤلاء المهاجرين في البرلمانات في الأوطان الأم.

هناك الى جانب اللبنانيين الذين يحملون جنسيات بلادهم مئات الألوف من المغتربين والمغتربات المتحدرين من أصول لبنانية. أهالي هؤلاء هاجروا الى الخارج وعلى دفعات وعلى نطاق واسع ابتداء من القرن التاسع عشر، ولم يلبثوا ان تقطعت صلاتهم بالوطن الأم. بعض هؤلاء اندمج اندماجاً كاملاً في بلدان المهجر، ولم يعد لبنان بالنسبة إليه إلا ذكريات وأقاصيص متفرقة من تاريخ مضى وانقضى. البعض الآخر لا يمانع في تجديد الصلة بالبلد الأم. الموقف من هؤلاء المغتربين، وبخاصة هذه الشريحة الأخيرة منهم، هو أمر يثير نقاشاً في الأوساط اليوم. فأية مقاربة وأية منطلقات يعتمدها الذين ينخرطون في هذا النقاش؟

اتخذ هذا النقاش حالياً - وللأسف - منحى طائفياً وفئوياً غير مقبول. تجديد المطالبة بمناقشة «مشروع استعادة الجنسية اللبنانية للمتحدرين من أصل لبناني» والتشديد على «ضرورة أخذ حقوق اللبنانيين المقيمين خارج لبنان في الاعتبار» جاءا في سياق طائفي محض. والرد على هذه المطالبة الذي اعتبر ان وراء تحريك الموضوع «نوازع طائفية غير خافية على أحد»، جاء يعكس في حد ذاته مثل هذه النوازع التي ينسبها الى الآخرين.

فيما انحشر السجال حول هذا الموضوع في حلقة طائفية مغلقة، وفيما قدمه البعض في مجال المقايضة مع تخفيض سن الاقتراع من 21 الى 18 سنة، فانه انحدر الى نهج اقصائي بحت يقوم على مجابهة مصطفاة بين عالمي الشباب والاغتراب اللبنانيين. هذا النهج الاقصائي هو علة رئيسية في الجسم اللبناني. انه يجانب المقاربة المطلوبة والوطنية السليمة لمسألة المغتربين اللبنانيين في أكثر من نقطة وفي مقدمها النقاط والاغفالات التالية:

أولاً: لقد امتشق فريق أو أفرقاء السجال سيف الدفاع عن المغتربين أو ضدهم في غياب هؤلاء المغتربين، بينما كان من المفروض أن يطلب إليهم أو الى من يمثلهم من المنظمات أن يعبروا عن رأي الشتات اللبناني في هذه المسألة.

ثانياً: الخلط بين اللبنانيين واللبنانيات الذين يحملون الجنسية والذين يتمتعون بكافة الحقوق التي يملكها اللبناني المقيم، وبين المغتربين المتحدرين من أصل لبناني والذين لا يملكون هذه الجنسية. وإذ يضع البعض الفريقين في مركب واحد، فانه يسوغ، بصورة غير مباشرة، حرمان لبنانيين ولبنانيات من حقوق المواطنة، وهو ما يشكل انتهاكاً للدستور الذي يؤكد المساواة بين اللبنانيين.

ثالثاً: إن الجدل حول مشاركة الشتات اللبناني في الحياة العامة في لبنان لم يستند الى حقائق وأرقام تساعد على مناقشة هذا الموضوع بأسلوب عقلاني وهادف بل الى فرضيات غير محققة منها ما يأتي:

* إن اللبنانيين خارج لبنان هم أكثر عدداً من اللبنانيين داخله.

* إن غالبية المغتربين اللبنانيين ينتمون الى لون ديني أو طائفي واحد.

* إن غالبية هؤلاء تنتمي الى اتجاه سياسي أو فكري واحد.

في ظل هذه الفرضيات، يبدي البعض اعتراضه على مشروع قانون استرداد الجنسية اللبنانية، ويظهر تحفظاً على مشاركة المغتربين اللبنانيين في الانتخابات النيابية. الحجة المعلنة هي التخوف من طغيان لبنان المغترب على لبنان المقيم، أما الدافع الحقيقي لهذا الموقف فهو التحسب من طغيان مفترض لفئة دينية لبنانية على فئة أخرى. ولكن مهما تعددت الأسباب، وسواء كانت معلنة أم مضمرة، فانها تبقى في حيز التكهنات والفرضيات غير المؤكدة. فأين هي الأرقام التي تثبت أن المغتربين اللبنانيين هم أضعاف المقيمين؟ ومن أين للمعترضين على مشروع استرداد الجنسية اللبنانية التأكد من أن ملايين المغتربين سيزحفون للمشاركة في الاقتراع بحيث يقررون مستقبل لبنان ومصير اقتصاده نيابة عن لبنان المقيم؟!

حتى لو صحت هذه المخاوف، فكيف لنا أن نرحب بالأموال التي يرسلها المغتربون الى المقيمين، والتي ساعدت لبنان على الصمود في وجه الأزمات والكوارث الاقتصادية والسياسية التي نزلت به، ثم نضيق بهم إذا ساهموا عبر الاقتراع في تقرير مصيره الاقتصادي؟ كل تلك أسئلة تؤشر الى ابتعاد المتناظرين في قضية الاغتراب عن جادة الصواب والمنطق والمصلحة الوطنية.

المقاربة السليمة لقضية الاغتراب اللبناني جديرة بأن تنطلق من التمسك بالديموقراطية اللبنانية ومن الحرص على المصالح الوطنية والعربية. هذا التمسك يقضي بالتماس كل السبل المشروعة من أجل اشراك المغتربين في الانتخابات في لبنان. وهذا التمسك يقضي بأن يتاح للبنانيين واللبنانيات الاقتراع حيث هم في بلاد المهجر، فلا تكون العقبة المادية أو اللوجستية سبباً لحرمانهم من حقوقهم الديموقراطية، ولا تكون المشاركة في الانتخابات حكراً على الأغنياء أو أنصارهم فحسب.

المقاربة الديموقراطية السليمة لمسألة الاغتراب اللبناني ولحق المغتربين في المشاركة في الحياة العامة في لبنان تبدأ من الاقتناع بانه ما من «أكثرية استراتيجية» من النوع الموهوم والمفترض في الشتات اللبناني. ففي عالم الاغتراب تنوع في الآراء والاجتهادات والانتماءات الفكرية. وفي الشتات اللبناني، نجد الكثيرين من اللبنانيين أو من المتحدرين من أصل لبناني، ممن كانوا يرزحون في لبنان تحت وطأة التعصب الديني والطائفي، حتى إذا انتقلوا الى الديموقراطيات المتقدمة تحللوا من أسر التعصب السائد في لبنان، وتغيرت نظرتهم الى العديد من القضايا. فمن كان ينظر باستخفاف الى حرص اللبنانيين على الاستقلال والسيادة بات أكثر تفهماً وتعاطفاً مع هذا الحرص. ومن كان ينظر بتشكيك الى الحرص على عروبة لبنان وعلى صلته بالمنطقة العربية أصبح في بعض الأحيان سباقاً الى التأكيد على هذه الصلة.

المقاربة الوطنية لمسألة الاغتراب اللبناني تقضي بإشراك المغتربين في الحياة العامة في لبنان، وبالعمل معهم على خلق أفضل العلاقات مع دول المهجر. أليس للعديد من هؤلاء الفضل في «الذكر الرفيع الذي أقاموه لبلادهم حيث حلوا وأقاموا» كما جاء في خطاب الاستقلال المشار إليه أعلاه؟ ما فعله هؤلاء خلال الأربعينات جدير بالتكرار اليوم لأن لبنان في حاجة الى المزيد من الأصدقاء والداعمين. وما فعله هؤلاء بالأمس جدير أن يتكرر اليوم على نطاق أوسع بحيث يلعب الشتات اللبناني دوراً فعالاً في بناء مؤسسات للاغتراب اللبناني ومؤسسات للاغتراب العربي.

إن المهاجرين العرب في الخارج يواجهون صعوبات كثيرة ناجمة، بالدرجة الأولى، عن الأرابوفوبيا المنتشرة في أرجاء المجتمع الدولي، وعن الصراع المصيري الذي يخوضه العرب مع الحركة الصهيونية. المغترب اللبناني يستطيع المساهمة في إدارة هذا الصراع على نحو يخدم مصلحة اللبنانيين والعرب، وبإمكانه أن يشكل جسراً للتفاهم والتعاون بين بلدان الاغتراب والبلدان العربية. تحفيزاً لاضطلاع الشتات اللبناني بمثل هذا الدور، فلنبدأ ببناء الجسور بين المقيمين والمغتربين ولنب

المصدر : الحياة

 

تصعيد نجاد الخارجي لطمأنة الداخل الإيراني 

١٨ شباط ٢٠١٠ /أسعد حيدر

كل يوم يزداد الالتباس القائم بين وقوع الحرب اليوم، وعدم وقوعها غداً. لا أحد يجزم بحال من الحالين. أكثر من ذلك، الخطابات السياسية اللبنانية والعربية والاقليمية حتى الدولية، ترفع كل يوم من منسوب هذا الالتباس. هذه الحال تعكر حياة المواطن العاديّ في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً في لبنان، من مارون الراس جنوباً الى القنطرة وأبعد شمالاً. لا يمكن للمواطن الباحث عن لقمة عيشه بعرق جبينه أن يأمن على غد أبنائه مهما بلغ ايمانه واعتقاده بأن ما هو مكتوب قدرٌ لا مهرب له.

الحرب النفسية والخفية

في يوم واحد تقريباً عاش اللبناني العاديّ وهو مثال في أكثر من غيره لكل المواطنين العاديين على مساحة الشرق الأوسط على وقع أربعة خطابات أو تصريحات تحمل في طياتها نصاً ومضموناً، هذا الالتباس المتعب والمرهق معاً مسار الأحداث بدون ترتيب مقصود يتعلق بالأهمية:

[ السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله"، وفي خطاب ذكرى الشهيد عماد مغنية "أعلن التحدي وهدد بضرب البنى التحتية لإسرائيل". الانطباع الأول للمواطن العاديّ، ان الحرب واقعة لا محالة اليوم وليس غداً. من الطبيعي أن يضع السيد نصرالله النقاط على الحروف، وأن يؤكد جاهزية المقاومة، وأن يرد على اسرائيل الصاع صاعين. لكن القراءة المتأنية للخطاب توضح ان الحرب بعيدة، وأن ما يجري هو رد على "الحرب النفسية" التي يشنها العدو الاسرائيلي بحرب نفسية من العيار نفسه.

لو كانت اسرائيل تضمن بأن تكون تكلفة الحرب أقل من عائداتها ومكاسبها وأن تنتج نصراً أكيداً يتمثل باقتلاع المقاومة من لبنان كما حصل مع المقاومة الفلسطينية في العام 1982، وأن تحصل على ضوء أخضر أميركي قبل اطلاق الرصاصة الأولى، لاعتدت اسرائيل على لبنان وعملت على اجتياحه اليوم قبل الغد. اسرائيل مأزومة مثلها مثل العرب، لذلك تعمل على تقطيع مرحلة الوقت الضائع بعمليات أمنية تريدها تعبيراً مباشراً عن يدها الطويلة القادرة والحرة، لكن حتى مثل هذه العمليات اصبحت صعبة ومكلفة. فشل عملية دبي رغم النجاح في اغتيال القيادي مبحوح يؤكد ذلك. لم يعد أحد يسكت على مثل هذه العمليات، "الحرب الخفية" لم تعد خفية. أصبحت مكشوفة. مأزق اسرائيل كما قال السيد نصرالله يقوم على:

[ عدم القدرة على فرض السلام بشروطها".

[ عدم القدرة على شن الحرب".

وبوضوح مؤلم أحياناً، فإن "حزب الله" يعيش مأزقاً مزدوجاً. العمليات العسكرية للمقاومة مهما كانت محدودة غير ممكنة حالياً تحت سقف القرارات التي خرجت من قلب نصر حرب العام 2006. في الوقت نفسه الاستمرار في التعبئة والجهوزية يتطلب خطاباً تجييشياً حتى لا ينام أحد على الحرير. في الوقت نفسه الحزب مطالب بعد أن أصبح شريكاً في السلطة عليه واجبات مثلما له الحقوق، أن يعمل على تسهيل حياة المواطنين العاديين. أي باختصار فتح الطريق أمام عبور "قطار" النشاط الحكومي على مختلف الصعد المالية والادارية والمعيشية. مهما كان الوضع الاقليمي ساخناً وعلى موعد مع استحقاقات مفصلية، لا يمكن للحزب وغيره من القوى السياسية تعليق الحياة اليومية للبنانيين على "شمّاعة" نتائج هذه الاستحقاقات.

* تصريحات الرئيس أحمدي نجاد في المؤتمر الصحافي الثاني الذي يعقده بعد الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أنه أنجح "مذياع للحرب النفسية"، أبرز الاعلام عنه توقعه بوقوع حرب اسرائيلية في الربيع أو الصيف المقبلين". مجرد هذا الاعلان أثار الخوف والقلق لدى المواطن اللبناني العاديّ. لأن إسرائيل اذا شنت الحرب فانها ستكون ضد المفصل الضعيف وهو لبنان أو غزة ما دامت الحرب على إيران لن تقع.

آلية التخصيب

الواقع أن كلام نجاد كما هو منشور رسمياً في الاعلام الايراني الرسمي، لا يقول هذا التهديد مباشرة، لا بل أن موقعه في سياق كل ما قاله لا يؤشر الى وقوع الحرب، قال نجاد رسمياً: "وجود معلومات تفيد أن قادة الكيان الصهيوني يسعون الى شن حرب في الربيع والصيف المقبلين إلا أن قرارهم ما زال غير نهائي". هذا الكلام لا يمكن اخذه حرفياً إلا على وقع يوميات تطور الملف النووي الإيراني. طهران تريد في كل كلمة وكل حركة تأكيد موقعها القوي وفي الوقت نفسه تقديم العروض للتفاوض والتفاهم، قرار الحرب معلق وهو غير نهائي.

قبل 72 ساعة قال احمدي نجاد ان تخصيب الاورانيوم بنسبة 20 في المئة قد بدأ ونقطة على السطر. في مؤتمره الصحافي، عرض استبدال الاورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة حتى مع واشنطن. المشكلة التي تعترض هذا الملف أصبحت محصورة في تحديد "آلية" تسلم وتسليم الاورانيوم المخصب بنسبة 3,5 في المئة والاورانيوم المخصب 20 في المئة. لم تعد المفاوضات تتعلق حول حق إيران تخصيب الاورانيوم لقد حصلت عليه، المشكلة في حصولها على ضمانات كافية وثابتة حول تسلمها الاورانيوم الصالح لمفاعلها في الوقت المحدد.

الباقي "رسائل" الى الداخل الايراني. لأحمدي نجاد مشكلة مع هذا الداخل، خاصة وان وأد الاعتراضات العلنية في الشوارع والساحات لن يكون إلا موقتاً إذا لم يصل المرشد الى حل سياسي للأزمة. وهي ايضاً "رسائل" تطمين لهذا الداخل بأن العقوبات "لن تسبب مشاكل لايران"، بعد أن اقترب "منشارها" بسبب النجاح الذي تحقق بالالتفاف على روسيا". النبأ السيئ للايرانيين ان موسكو ستنضم الى مشروع قرار بتشديد العقوبات. المطلوب تهدئة مخاوف الايرانيين، طالما أن الحرب ليست في الأفق مع الأميركيين فليكن التهديد بخطر الحرب الإسرائيلية هو البديل، وخصوصاً ان اصغر كلمة في الرد هي "السحق".

الوزيرة هيلاري كلينتون والادميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الأميركية المشتركة، دخلا على الخط جامعين الحرب واللاحرب في وعاء واحد، عدم القبول بحيازة طهران للسلاح النووي أمر مفهوم ومقبول دولياً واقليمياً، والتهديد بالمواجهة إذا حصل ذلك أيضاً منطقي. لكن المسؤولين الأميركيين اللذين يمثلان الديبلوماسية والعسكر أكدا "ابقاء لغة الحوار والديبلوماسية مع إيران". بهذا يتم التأشير الى وجود "قنوات" للحوار ما زالت مفتوحة ويعمل على ابقائها وتطويرها.

مايكل وليامس موفد الأمين العام للأمم المتحدة، يؤكد أن الخبر السعيد هو عدم وقوع اصابة واحدة بالسلاح من جنوب لبنان منذ حرب 2006. معنى ذلك انه لم تطلق أي رصاصة من الجانبين الإسرائيلي واللبناني. يضيف الى ذلك أن لا حرب إسرائيلية على لبنان في المدى المنظور". وهو قول يحمل في مضمونه التطميني تحذيراً من المستقبل وإمكانية وقوع حرب. بهذا من حق المواطن اللبناني ان يبقى متيقظاً وقلقاً من هذا الاحتمال.

الحرب احتمال قائم لكنها ليست حتمية. الخطر موجود لان لبنان والمنطقة معه يعيشان منذ سنوات على "حافة الهاوية". عروض السلام والحرب، تقدم على هذه "الحافة" أي حركة خطأ أو عن سابق تصور وتصميم ستدفع بسرعة للانزلاق نحو الهاوية. هذه هي العقدة الحقيقية.

مطلوب القليل من التصريحات والخطابات الحربية، والمزيد من الجهوزية الصامتة والمتواصلة، تروع المواطن اللبناني. حتى الآن، كل ما يطلبه هذا المواطن المزيد من الخبز والخدمات. أرحموه يرحمْكم الله.

المصدر : المستقبل

 

رسالة من القلب لكل شخص عوني

ليش من القلب؟ لأنو عم بتوجّه لكل العونيّي، وعم خصّ برسالتي أحبابي أصحابي اللي عندن هالتوجّه...

وعم بتوجهلن من منطلق كوني"مسيحيّة ملتزمة" قبل ما كون "قوّات لبنانية"...

يسوع دعانا للإنفتاح على الآخر وللمحبّة... بس يسوع ما قبل يساوم على بيت الله، وطرد الباعة من الهيكل وقلب طاولات الصيارفة...

حلو الإنفتاح... بس مش هلقد...

ما عم بقدر إفهم ،كيف أيّ مسيحي بيقبل بهالتشابيه الدارجة هلأ عند الزعما "المسيحييّ" العونيّي:

- عون بيشوف إنو الحسين متل يسوع المسيح! مع العلم إنو يسوع هوّي إبن الله والمخلّص، ومار بطرس ما قبل ينصلب متل يسوع كيف بالأحرى....

- نقولا بيشوف "تضحيات" مغنيّة شبيهة بصيام المسيحيّين! وقت اللي صيامنا هوّي ذكرى لصوم يسوع ببستان الزيتون...

- باسيل بيشوف إنو مار مارون بذاتو ما في يعمل الي بيعملو عون...!!!

اللايحة طويلة بتشمل المسابح اللي عليها صورة نصرالله حد مار شربل والعدرا،الكليب، التهجّم على البطرك...

ما تحبّو القوات ولا الكتائب وماتصيرو 14 آذار...

بس عملو معروف،عملو معروف، ما تساومو على كلمة الله، وما تقبلو بالتجديف على الروح القدس اللي أخدناه بالمعمودية، وحبّو كل العالم (عون ونصرالله والأسد ونجاد...)

أصلا نحنا ما منكره حدا، بس كمان مش مستعدين نساوم بكلمة الله، تا يرضى عنّا فلان وعلتان،وبإسم "هالإنفتاح" نبيع مقدّساتنا....

صرخة من القلب لأحبائي العونيي...

... كونو مسيحييّ قبل ما تكونو عونييّ.

مسيحيّة ملتزمة

 

سقف "الشراكة" أعلى

خيرالله خيرالله

الخميس 18 شباط 2010

لم يكن نزول اللبنانيين بكثافة الى "ساحة الحرية" يوم الرابع عشر من شباط - فبراير2010 تأكيدا لمدى وفائهم لرفيق الحريري ورفاقه وجميع الشهداء الذين اغتيلوا في المرحلة التي تلت تفجير موكبه فقط. ما عكسه مشهد الأعلام اللبنانية تغطي وسط بيروت والخطب التي القيت في المناسبة ايضا وجود شراكة مسيحية- اسلامية حقيقية وعميقة في آن صنعها وكرّسها استشهاد رفيق الحريري والمشروع السياسي والإقتصادي والإنمائي الذي عمل الرجل الكبير من اجل تحقيقه. ربما يكمن الإنجاز الأكبر والأهم لرفيق الحريري في انه اسس لنواة صلبة يمكن ان تؤسس لوطن حقيقي للبنانيين. ظهرت هذه النواة في الرابع عشر من شباط 2010 بما يدل على ان التركة السياسية لرفيق الحريري ليست تركة عادية وان اغتياله كان بالفعل زلزالا وان ليس في الإمكان وصف الحدث وتفاعلاته بطريقة مختلفة. كان رفيق الحريري على حق عندما وصف النظام الذي يمكن ان يتخذ قرارا باغتياله بأنه "نظام مجنون"...

بعد خمس سنوات على غياب رفيق الحريري، يتبين يوميا ان مشروعه حي يرزق. انه مشروع بناء دولة لبنانية حديثة ذات مؤسسات عصرية تتعاطى مع العالم من منطلق ان لبنان موجود وليس مجرد "ساحة". كان مطلوبا القضاء على المشروع، فإذا به يطل برأسه مجددا مثبتا انه حاضر اكثر من اي وقت. يطل المشروع برأسه وروحه ويثبت حضوره عبر مئات آلاف اللبنانيين الذين نزلوا الى "ساحة الحرية" حاملين علم بلدهم أوّلا ورافعين صور سعد رفيق الحريري، رئيس مجلس الوزراء، ورايات "المستقبل" و"الكتائب" و"القوات" وحتى "التقدمي الإشتراكي". مجرد وجود سعد الحريري على رأس الحكومة اللبنانية يشير الى ان لبنان صامد وانه على استعداد للوقوف في وجه المحاولات اليومية الهادفة الى تحويل شعبه وقودا في معارك ذات طابع اقليمي لا علاقة له بها من قريب او بعيد، معارك مرتبطة بالرغبة الإيرانية في تجميع اكبر عدد ممكن من الأوراق من اجل صفقة ما. تأمل طهران بعقد مثل هذه الصفقة يوما مع "الشيطان الأكبر" الأميركي او "الشيطان الأصغر" الإسرائيلي... على حساب كل ما هو عربي في الشرق الأوسط.

في حال كان لا بدّ من البحث عن رابط بين الخطب الأربعة التي القيت في "ساحة الحرية"، فإن هذا الربط يتمثل في ارتكاز خطب كل من الرئيس امين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة والدكتور سمير جعجع والرئيس سعد الحريري، الذي كان آخر المتكلمين، على منطق الدولة. وهذا ما لم يستوعبه صغار الصغار من المسيحيين، اي اولئك الذين ليس في استطاعتهم ان يكونوا شيئا آخر غير ادوات لدى الأدوات الإيرانية والسورية. بالمناسبة، هناك محطات كثيرة في مسيرة الجنرال ميشال عون لا تشبه سوى مسيرة "ابو موسى" الذي انتهى بوقا للأجهزة السورية بعد انشقاقه عن "فتح" في العام 1983. هل هذه نهاية مسيحيي لبنان الذين صار عليهم ان يثبتوا انهم "ليسوا بقايا الصليبيين" عبر البحث عن شهادة في الوطنية من النظام السوري؟

كانت الخطب الأربعة خطبا تأسيسية لمرحلة جديدة تقوم على فكرة الدولة. انها الدولة اللبنانية التي تسعى الى افضل العلاقات مع الدولة السورية من الند الى الند. صحيح ان كلمة "الندية" لا تعجب عددا لا بأس به من المسؤولين السوريين وتثير حساسيتهم، إلاّ ان الصحيح ايضا ان الوقت كفيل بإقناع هؤلاء بـأن ما صدر عن الرؤساء الحريري والجميل والسنيورة والدكتور سمير جعجع هو في مصلحة العلاقات بين البلدين، بل في مصلحة سوريا أوّلا في المدى القصير والمتوسط والبعيد.

ثمة من يقول إنّ سقف الأربعة التي ألقيت في الرابع عشر من شباط- فبراير 2010 في "ساحة الحرية" كان دون سقف تلك التي القيت في السنوات الخمس الماضية، في مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري. قد يكون ذلك صحيحا شكلا. لكن لدى التمعن في المضمون، يمكن الخروج باستنتاج مختلف. السقف كان اعلى. هناك للمرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث اكثرية مسيحية- اسلامية متفقة على كيفية التعاطي مع سوريا. لقد صنع استشهاد رفيق الحريري الشراكة المسيحية- الإسلامية. ولأنه صنع هذه الشراكة التي تنادي بالعلاقات الندّية مع سوريا، ينصب الجهد السوري على ايجاد شرخ عميق بين المسيحيين. وهذا ما يفسر الى حد كبير استدعاء مسيحيين معينين الى براد، قرب حلب، للإحتفال بعيد مار مارون وكأن المطلوب افهام المسيحيين اللبنانيين ان النظام السوري هو وحده الذي يحميهم في حال كانوا لا يريدون ان يكون مصيرهم شبيها بمصير مسيحيي العراق وفلسطين.

كانت الخطب الأربعة للرؤساء الحريري والجميل والسنيورة والدكتور جعجع افضل رد على هذا الطرح السيء المتميز بقصر النظر والذي ليس في مصلحة سوريا او لبنان في اي شكل. كانت الرسالة الرباعية في غاية الوضوح وفحواها ان الشراكة المسيحية-الإسلامية هي التي تحمي اللبنانيين. انها تحمي كل الطوائف والمذاهب وتحمي كل اللبنانيين.

في الرابع عشر من شباط- فبراير 2010، كان رفيق الحريري حاضرا اكثر من اي وقت. بدا واضحا ان مشروعه الحضاري هو الخيار الوحيد المتاح الذي يصب في مصلحة مستقبل لبنان ومستقبل العلاقة بين سوريا ولبنان وبين اللبنانيين والسوريين. عاجلا ام آجلا، سيكتشف النظام السوري ان ليس امامه سوى الإعتراف بأن "الندية" في العلاقات مع الدولة اللبنانية تصب في مصلحته. مثلما اكتشف قبل عشر سنوات ان لديه مصلحة في علاقة طبيعية مع تركيا، فطرد عبدالله اوجلان من اراضيه، سيأتي اليوم الذي يكتشف فيه ان تركة رفيق الحريري لا يمكن الإستهانة بها وانه بغض النظر عن التحقيق الدولي والمحكمة الدولية، فإن المنادين بالحرية والسيادة والإستقلال في لبنان هم الذين يريدون بالفعل الخير للسوريين واللبنانيين.

لماذا لا يختصر النظام السوري الوقت ويستمع جيدا الى كل كلمة صدرت عن الشراكة المسيحية- الإسلامية، عن سعد الحريري وامين الجميل وفؤاد السنيورة وسمير جعجع. هل لدى النظام السوري مشكلة في التعاطي مع اللبنانيين الذين يقولون له الحقيقة كما هي وليس في استطاعته التعاطي إلاّ مع الأدوات وأدوات الأدوات من الذين يخجل المرء من ذكر أسمائهم؟

 

طبول الحرب وهمسات السلام في مثلث إسرائيل - سورية - لبنان

بول سالم

(الحياة)، الخميس 18 شباط 2010

قرع طبول الحرب ينافس همسات استئناف محادثات السلام عبر الحدود الشمالية لإسرائيل. ففي الوقت الذي عيّنت فيه الولايات المتحدة سفيراً جديداً لها في سورية، وتحدث مسؤولون عن احتمال استئناف المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وسورية في موعد لاحق من هذا العام، صدرت تصريحات نارية من جانب إسرائيل وسورية ولبنان حول إمكانية اندلاع حرب إقليمية.

هذه التوترات تصاعدت في أعقاب المناورات العسكرية الإسرائيلية في شمال إسرائيل في أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي. وقد حفز هذا سورية على استدعاء قوات الاحتياط، كما دفع «حزب الله» إلى وضع قواته ومسؤوليه في حالة تأهب قصوى.

وقد حذّر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الرئيس السوري بشار الأسد من أنه «سيخسر السلطة» إذا عمدت سورية إلى استفزاز إسرائيل، فيما قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم للإسرائيليين «تعرفون أن الحرب هذه المرة سوف تصل إلى مدنكم»، وحذّر زعيم «حزب الله» حسن نصرالله من أنه سيسحق إسرائيل، وأن الحرب «سوف تغيّر وجه المنطقة».

وعلى رغم أن مسؤولين عسكريين إسرائيليين أصروا على أن المناورات كانت روتينية، إلا أن هذا لم يهدئ المخاوف في بيروت وعواصم أخرى.

التوتر قد يكون مرتبطاً أيضاً بالتقارير التي نشرت أولاً في صحيفة «الرأي» الكويتية، التي ذكرت أن سورية تسمح لمقاتلي «حزب الله» بالتدرّب على منظومات صواريخ “SA-2” المضادة للطائرات في سورية، الأمر الذي طرح تساؤلات حول إمكانية سماح سورية بدخول مثل هذه الصواريخ إلى لبنان. هذه الصواريخ المضادة للطائرات تعتبر «خطاً أحمر» بالنسبة إلى إسرائيل، فقد كاد إدخال صواريخ مماثلة إلى لبنان أن يؤدي إلى الحرب في عام 1981، وتطلب الأمر تدخلاً مباشراً من جانب المبعوث الأميركي فيليب حبيب لتفادي حرب واسعة النطاق.

قضية الصواريخ قد تُفسّر جزئياً تكثيف الطلعات الجوية على علو منخفض من قِبَل الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية، لاختبار ما إذا تم جلب مثل هذه الأنظمة. ومن شأن ذلك أيضاً أن يُفسّر لماذا أطلقت إسرائيل مثل هذه التحذيرات القوية إلى سورية بهدف التوضيح بأن عمليات نقل الصواريخ هذه ستكون بمثابة تجاوز للخط الأحمر.

إلى ذلك، ثمة مخاوف جدّية في أوساط المسؤولين في الحكومة اللبنانية من أن احتمال نشوب حرب أخرى (من جانب إسرائيل على «حزب الله» ولبنان)، هو خطر حقيقي. إذ يمكن أن تندلع حرب بسبب هجمات إسرائيلية على بطاريات صواريخ مضادة للطائرات اذا وُجدت، أو أنها يمكن أن تكون عملية جوية وبرية واسعة النطاق على غرار حرب عام 1982.

يذكر هنا أن اجتياح عام 1982 كان الجولة الثانية من حرب أولى اندلعت في عام 1978 وفشلت إسرائيل خلالها في تحقيق أهدافها المُتمثّلة بإلحاق الهزيمة بمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان. وقد شكّلت هذه الجولة الثانية عام 1982 ضربة شبه قاضية للوجود الفعلي المُهيمن لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وكانت عملية واسعة النطاق وصلت إلى بيروت. والخوف الآن هو أنه بعد أربع سنوات من حرب عام 2006، قد تسعى إسرائيل إلى خوض جولة ثانية ومُدمّرة ضد «حزب الله»، في الوقت الذي تسير فيه الإدارة الأميركية على غير هدى، وترتبط سورية بعمليات تقارب مع المملكة العربية السعودية وأوروبا والولايات المتحدة.

وتُنذر التكهنات بأن إسرائيل قد تهدف إلى شل «حزب الله» لكونه يُشكّل تهديداً حقيقياً على حدودها الشمالية، وأيضاً إلى إضعاف إيران في أي مواجهة مرتقبة في شأن المسألة النووية. وهذا السيناريو الأخير تم نشره في عدد من الصحف العربية التي ادّعت أن مثل هذه التحذيرات نُقلت بواسطة مصادر استخباراتية غربية مختلفة.

ان أهالي الجنوب اللبناني يعربون عن قلقهم البالغ إزاء نشوب حرب جديدة، كما أن الحكومة اللبنانية قلقة من احتمال أن تستهدف أي حرب جديدة البنية التحتية للدولة اللبنانية والجيش، وأن من شأنها أن تخلّف قتلاً ودماراً على نحو يفوق ما حدث في حرب عام 2006.

وفي حين أن العديد من المراقبين لا زالوا يعتقدون أن احتمال نشوب حرب وشيكة هو احتمال ضئيل، إلا أن ثمة قلقاً شديداً في الأوساط الديبلوماسية من احتمال تصعيد التوتر. إذ عبّر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، مثلاً، في اجتماع عقده أخيراً مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، عن قلقه من احتمال نشوب حرب على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية، وربطه بالتوتر السائد بين إيران وسورية.

حرب غزة التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر) 2008 أخذت المنطقة والعالم على حين غرة، لذا، من المهم بالنسبة إلى العواصم الإقليمية والدولية، حتى لو بدا خطر نشوب حرب فعلية ضئيلاً، أن تأخذ مخاطر التصعيد الأخير على محمل الجد، وتتأكد من نزع فتيل الأسباب التي قد تكون وراءه أياً كانت.

أما إذا تمّت قراءة حرب البيانات الأخيرة من منظور مختلف، فيمكن أن تكون جزءاً من تموضع إسرائيل وسورية قبل استئناف المحادثات غير المباشرة بينهما. فقد عيّنت الإدارة الأميركية سفيراً في سورية بعد فترة انقطاع استمرت خمس سنوات، وأشار المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشيل إلى أن استئناف محادثات السلام الإسرائيلية - السورية يُشكّل أولوية هامة. كما أشار وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى استعداد تركيا لاستئناف محادثات من هذا القبيل، وأدلى الرئيس بشار الأسد وبنيامين نتانياهو بتصريحات مؤاتية لمثل هذه المحادثات، على رغم أنهما يختلفان حول شروطها.

إن الاستئناف المُبكّر للمحادثات الإسرائيلية - السورية، تحت الرعاية التركية أو الأميركية، سيكون تطوراً إيجابياً هاماً اذا حدث. فمن شأن ذلك أن يساعد في تهدئة التوترات المتصاعدة، ويكون خطوة بارزة إلى الأمام في عملية السلام المتوقفة.

نأمل في أن يكون هذا هو الاتجاه الذي ستسير فيه التطورات في مثلث إسرائيل - سورية – لبنان، وليس نحو حرب مدمّرة جديدة.