المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
أخبار يوم
16 كانون الثاني/2010

إنجيل القدّيس متّى14/1-12

في ذلِكَ الوَقْتِ سَمِعَ هِيْرُودُسُ رَئِيْسُ الرُّبْعِ بِخَبَرِ يَسُوع، فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: «هذَا هُوَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان! لَقَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، ولِذلِكَ تَجْري عَلى يَدِهِ الأَعْمَالُ القَدِيْرَة!». فَإِنَّ هِيْرُودُسَ كَانَ قَدْ قَبَضَ على يُوحَنَّا، وأَوْثَقَهُ وطَرَحَهُ في السِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيْرُودِيَّا، ٱمْرَأَةِ أَخِيْهِ فِيْلِبُّس، لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَها!». وأَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ، إِنَّمَا خَافَ مِنَ الجَمْعِ الَّذي كَانَ يَعْتَبِرُهُ نَبِيًّا. وفي ذِكْرَى مَوْلِدِ هِيْرُودُس، رَقَصَتِ ٱبْنَةُ هِيْرُودِيَّا في وَسَطِ الحَفْل، وأَعْجَبَتْ هِيْرُودُس، فَأَقْسَمَ لَهَا أَنْ يُعْطِيَهَا مَهْمَا تَسْأَل. وحَرَّضَتْهَا أُمُّها، فَقَالَتْ: «أَعْطِني هُنَا، عَلى طَبَق، رَأْسَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان!». فَٱغْتَمَّ المَلِك. ولكِنْ مِنْ أَجْلِ القَسَمِ والمُتَّكِئِيْنَ أَمَرَ بِأَنْ يُعْطى لَهَا. فَأَرْسَلَ وقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا في السِّجْن. وحُمِلَ الرَّأْسُ على طَبَق، وأُعْطِيَ لِلصَّبِيَّة، والصَّبِيَّةُ حَمَلَتْهُ إِلى أُمِّهَا. وجَاءَ تَلامِيْذُ يُوحَنَّا، فَرَفَعُوا جُثْمَانَهُ، ودَفَنُوه. ثُمَّ ذَهَبُوا فَأَخْبَرُوا يَسُوع.

 

بالصوت تعليق الياس بجاني لليوم/مصطفى جحا، صوت صارخ شهد للحق وانتهى قرباناً على مذبحه/مع عناوين الأخبار/15 كانون الثاني/10/أضغط هنا

ملخص التعليق/يتذكر أحرار لبنان اليوم شهيد الكلمة والحقيقة الكاتب والمفكر مصطفى جحا في الذكرى الثامنة عشرة لاغتياله/لقد كشر الشر عن أنيابه وافترس بوحشية ودون رحمة المفكر جحا يوم الأربعاء في 15 كانون الثاني 1992 في بلدة السبتية، قضاء المتن الشمالي، حيث أطلق يومها القتلة الأبالسة النار عليه وهو في سيارته فأردوه، فيما أطفاله الثلاثة يشاهدون الجريمة البشعة وهم عاجزون عن مد يد المساعدة لوالدهم الملطخ بدمه الطاهر. حتى الآن لم يتم القبض على أي من هؤلاء القتلة، وهو حال كل الجرائم التي طاولت وتطاول قادة ومفكرين ورجال دين أحرار وسياديين في لبنان/آمن جحا بحق الآخر ورأى ضرورة لفهمه والتعامل معه بمساواة وعدل وإيمان. رفض التحجر والتعصب وثقافة الموت وكتب في مواضيع اعتبرها أصحاب العقول العفنة من الأصوليين والمارقين والإرهابيين من المحرمات. لم يساوم ولم يخف ولم يماشي مخططات أعداء لبنان والإنسانية ووقف في وجه الداعين للعنف متصدياً لهم بقلمه وفكره وعزيمته الحديدية. دفع حياته ثمناً لقناعاته ورحل بطلاً شامخاً أبياً. إلا أن ذكراه باقية في القلوب والضمائر، وفكره باق في وجدان لبنان الرسالة، ودمه الطاهر امتزج بتربة وطن الأرز المقدسة. لبنان صمد وانتصر بفضل تضحيات أمثال جحا الشجعان والشرفاء، وبإذن الله لن تغلب وطننا الغالي قوى الشر ما دام من يحمل مشعل الحق والحقيقة والرسالة من أبناؤه البررة مستعد لتقديم نفسه قرباناً على مذبحه. ألم يقل السيد المسيح: "ما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه من أجل الآخرين" ؟ نعم لقد بذل جحا نفسه من اجل الحق والحقيقة ومن أجل لبنان المحبة والإنفتاح.

في ذكرى اغتيال مصطفى جحا الثامنة عشرة

مصطفى جحا الغائب الحاضر أبداً... نجل جحا لموقع "القوات": كتاباته وأفكاره شكلت نوعاً من حالة مقاومة فكرية

موقع القوات/مصطفى جحا، لم يمت. ومن قال إن الموت هو نهاية الوجود؟ فهو عاش حراّ، مناضلاً ومقاوماً. ارتأى أن يكتنف تراب لبنان من دون وداع محبّيه، كالناسك الذي يكتنف تراب محبسته من دون إذن رؤسائه ومؤمنيه. اختار الحقيقة بمنأى عن أيّ تأثير خارجي، حزبي أو عشائري أو أممي أو ديني.

قاتلو الجسد مجهولون، إلا ان محيي روحه وأفكاره معروفون. تمكّن الزمنيّون والأرضيّون والدهريّون من قتل مصطفى جحا مادياً، لكنهم لم يستطيعوا تحييده عن مسار التاريخ الذي حفظ للكبار سمّواً وتألّهاً. من غرائب الحقيقة أنّها تجذب وتخلق الأعداء في آن. وقد ذهب مصطفى الكاتب والمفكّر اللبناني المولود عام 1942 ضحيّة هؤلاء الأعداء بعدما تعرّض للكثير من المضايقات والملاحقات نتيجة كتاباته ومواقفه أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، ما دفعه للجوء إلى منطقة بدارو في بيروت قبل ان يتم اغتياله يوم الأربعاء 15 كانون الثاني 1992 تم في السبتية - قضاء المتن الشمالي بإطلاق النار عليه وهو في سيارته BMWبيضاء وذلك في تمام الساعة التاسعة إلا ربع صباحاً، بعد أن أوصل أولاده مصطفى، ازدهار وغريد إلى مدرستهم. حيث تم اعتراض سيارته من قبل سيارة يستقلّها 3 مسلحين وأرغموه على التوقف. وترجّل مسلّحان وتقدما نحوه، الأول من الناحية اليسرى حيث كان الشهيد وراء المقود والثاني من الناحية اليمنى ليشهرا مسدّسين مزوّدين بكواتم للصوت وأطلقا عليه وابلاً من الرصاص فاستشهد داخل سيارته. ليعود المجرمون ويفرّوا في سيارتهم التي كانوا يستقلّونها.

وبعد حضور القوى الأمنية والقضائية، والطبيب الشرعي، تبيّن أن الشهيد مصطفى جحا أصيب بأكثر من عشر رصاصات في رأسه وصدره وذراعيه. لجحا ٢٤ مؤلف وكتاب أهمها: الخميني يغتال زرادشت، لبنان في ظلال البعث، أية عروبة أية قضية، لعنة الخليج، رسالتي إلى المسيحيين، جزيرة الكلمات وغيرها. واختفت كتبه ومؤلفاته من الأسواق اللبنانية بعد اغتياله رغم توافرها بأعداد ضخمة في ذلك الوقت.

وفي ذكرى اغتياله الثامنة عشرة، اجرى موقع "القوات اللبنانية" الالكتروني حديثاً مع نجل الشهيد مصطفى مصطفى جحا الذي أعرب عن أسفه "لأن احداً لم يأت على ذكره بعد مرور 18 سنة على اغتياله، انطبعت فيها صورة السواد نتيجة الهيمنة من قبل قوى ظلامية". واشار الى ان هذه الظروف دفعته الى العمل بالأسلوب ذاته الذي عمل به مصطفى جحا، والذي لم يكن لمعاني الرضوخ والخوف أيّ وجود في قاموسه، فكانت اهمية إعادة نشر كتاباته التي أثر اغتياله. وشدد جحا على أن الكلمة تفعل فعلها أكثر من السياسة. وقال: "لو لم تكن كلماته وفكره وكتبه سيفاً مسلطاً على رقاب من يظلمون هذا البلد لما اغتيل"، مشيراً إلى ان هذه الكتابات والأفكار شكلت حالة مقاومة فكرية وأيديولوجية وأثرت بالناس بشكل كبير، ومؤكداً ان اغتيال الشخص جسديا لا يعني اغتياله فكريا، فهناك دائما من يحمل رسالته ويكملها. جحا، دعا السلطة القضائية إلى الكشف عن حقيقة اغتيال مصطفى جحا، كون المجرم "مجهول معروف"، متمنياً على الدولة التعامل مع هذه القضية بجدية أكبر. وأكد أن لبنان يستأهل التضحيات الكبيرة، فهو منبع للحضارة والثقافة وحرية الكلمة والرأي، رافضاً ان يبقى لبنان تحت أي نوع من أنواع الهيمنة. ورأى جحا أن البلد يمرّ بمحنة كبيرة على الصعد كافة: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها. وشدد على وجوب أن تتعامل الدولة بشفافية ووضح تجاه الأحداث والجرائم التي تحصل في لبنان، خاتماً حديثه بالتنويه بالدور الايجابي الذي تقوم به "القوات اللبنانية" في المجتمع اللبناني، ومنتقداً محاولات الضغط وعزل "القوات اللبنانية" بسبب طرحها ومبادئها وأفكارها.

 

التعيينات والغاء الطائفية السياسية محور لقاءات بكركي الهندي: دعوة بري لتشكيل الهيئة تجاوز للمــادة 49

المركزية – شكل موضوعا التعيينات الادارية والغاء الطائفية السياسية مادة نقاش اساسية بين البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير وزواره، حيث التقى الوزير السابق كرم كرم، الذي قال: "في ظل ما يشهده العالم من اصطفافات دينية، وفي ظل ما تشهده المنطقة من اصطفافات مذهبية وطائفية وما نعانيه في لبنان من طائفية، في البيت والشارع والمدرسة والكيان والاحزاب، يأتي الكلام عن الطائفية السياسية وهي وجه من اوجه الطائفية".

واضاف:" لا اعتقد انه بامكاننا ان نعالج هذا الامر اذا لم نعالج نواحيه الاخرى وخصوصا الطائفية التي تتعلق بحياتنا اليومية. لذلك نحن نطمح جميعنا الى ان يكون هناك مواطنية حقة تساوي بين كل اللبنانيين كمواطنين ولا تعامل اللبنانيين كأفراد لطوائف، لكن حتى نصل الى ذاك الهدف علينا ان نعالجه تدريجيا ومن نواحيه الاخرى حتى من ناحية الغاء الطائفية في نفوسنا".

واعتبر كرم "ان هناك أمرا يمكن ان يكون تجربة لنا في الغاء هذه الطائفية وهي التعيينات الادارية او المداورة في المناصب الادارية، بعد ان اصبح لكل ادارة مذهب او طائفة ولكل منصب ايضا. فاذا كانت النيات حسنة فلنشرع من هنا ليجتمع كل الزعماء السياسيين وامراء الطوائف على اتفاق بينهم على ميثاق شرف يعلنون فيه للبنانيين اننا لن نتدخل في التعيينات الادارية ولن نطلب حصصا في تلك التعيينات وان مؤسسات الدولة الرسمية المعنية بهذا الامر واجهزة الرقابة هي التي ستختار الموظف الكفوء في المكان المناسب ولا تعتمد الا على الكفاءة وعلى النزاهة وعلى الاخلاق. ليقوموا بإعلان ذلك لنرى اذا كانوا جديين حقا في الكلام عن الطائفية السياسية".

وعما اذا كان نقل رسالة ما من الرئيس نبيه بري الى البطريرك صفير، قال كرم: "لم انقل رسائل لغبطة البطريرك ولا لهذا الصرح، كل ما انقل من الصرح ومن غبطته وله، اجواء المحبة والتقدير والاحترام من الجميع سواء من لبنان او في غير لبنان، وكلكم تعلمون ما يتمتع به هذا الصرح وغبطة البطريرك من احترام وتقدير في كل الاوساط سواء كان في لبنان او في العالم العربي".

الاحدب: بعدها، استقبل البطريرك النائب السابق مصباح الاحدب وعرض معه التطورات والمستجدات على الساحة الداخلية، لا سيما موضوع الغاء الطائفية السياسية.

بعد اللقاء قال الاحدب: "الغاء الطائفية الجميع يعلم انها امر مهم جدا استراتيجيا ودستوريا بالنسبة للبنان، وجميعنا يطمح لان نكون في دولة مدنية تحفظ المساواة بين المواطنين وتحافظ في الوقت عينه على خصوصيات الطوائف والثقافات المتعددة ايضا". أضاف: "المشكلة ليست في طرح الموضوع بل هي في مسار هذا الطرح والتوقيت. من ناحية المسار عندما يقول البطريرك صفير، الغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص، في رأيي طبعا، ولكنه يعبر ايضا عن واقع ان الشريحة الكبرى من اللبنانيين لا تملك الثقة بهذه الطبقة السياسية المنغمسة بالطائفية والمذهبية، فكيف لفاقد الشيء ان يعطيه؟".

وتابع: "في المقابل، هناك تساؤلات لدى الناس بالنسبة للتوقيت وهذا موضوع مهم، ولكن هل هذا هو الموضوع الداهم اليوم؟ لا سيما ان هنالك مواضيع أكان بالنسبة للتوتر المذهبي في المنطقة والوضع المتفجر فيها، من اليمن الى العراق، ايران، لغزة، وهذا قد يسبب لا سمح الله بعدوان اسرائيلي جديد على لبنان، أليس الاجدى بنا اليوم ان نكون مركزين داخليا على طرح وضع شبكة أمان لمواجهة هكذا اعتداء، بدلا من الدخول في هذه السجالات التي أخشى ان تسمم الوضع الطائفي اكثر من ان تلطفه".

* لماذا الاصرار لدى الرئيس بري على طرح هذا الموضوع في ظل رفض الاكثرية النيابية والشعبية له؟

- "في رأيي، كان بالامكان طرح هذا الموضوع مع انطلاق المجلس النيابي بالمناصفة. وكما قلت هناك تساؤلات لدى الرأي العام بالنسبة للتوقيت واعتقد ان الجميع يعلم ان العمل على تركيز شبكات امان لمواجهة ما قد نواجه من تهديدات مداهمة، كان افضل من طرح هكذا مواضيع، في الوقت الراهن، تخلق سجالات".

* هل في رأيك طرح الرئيس بري اليوم هو للتغطية على مطالبة البعض لسحب سلاح "حزب الله"؟

- اعتقد بأن هنالك لاعبين سياسيين ماهرين لدى الطرف الاخر وكل ما تفسر قد يكون صحيحا".

الخازن: والتقى البطريرك صفير بعد ذلك النائب والوزير السابق فريد هيكل الخازن الذي لم يشأ التصريح بعد اللقاء.

روجيه اده: استقبل رئيس حزب السلام المحامي روجيه اده، الذي قال: "اذا كان دولة الرئيس نبيه بري والامين العام لـ "حزب الله" ليسا بطائفيين فمن الطائفي اذن؟ نواجه اليوم ازمة، يشعر اهل الشيعة انهم سيدفعون الثمن غاليا لاي حرب اسرائيلية على ايران او استباقيا على لبنان. ومن اجل الهاء اهل الشيعة عن خوفهم على اولادهم وعلى منازلهم، وعلى مستقبل عائلاتهم وعلى امنهم القومي، لاحظنا تصعيدا عند نصرالله ونبيه بري، واخيرا تصعيد الوزير محمد العبد الله بالقول ان سلاح "حزب الله" باق طالما اسرائيل موجودة على حدود لبنان وليس في داخله، على حدوده".

ورأى اده "اننا في ازمة نظام فتحها سلاح "حزب الله" عندما لم يعد له دور بعد عام 2000 لتحرير الارض، وازمة النظام هذه مستمر فيها، يصور لاهل الشيعة انه من خلال هذا السلاح سيعزز موقعهم لغاية ان يحكموا لبنان كما حكموه منذ اتفاق الدوحة - استسلام الدوحة".

الهندي: كما استقبل البطريرك الدكتور توفيق الهندي الذي قدم أربع ملاحظات على موضوع الغاء الطائفية السياسية، الاولى: ان المادة 95 من الدستور فيها من الالتباس المقصود بين الغاء الطائفية السياسية والغاء الطائفية. اما الملاحظة الثانية فهي ان المادة 95 تنص ان على مجلس النواب المنتخب بالمناصفة ان يشكل الهيئة العليا لالغاء الطائفية، وبالتالي القرار عند مجلس النواب وليس عند رئيس مجلس النواب، اما رئيس مجلس النواب فعليه فقط ان يذكر مجلس النواب بالمادة 95 ليس الا.

وتابع: "اما الملاحظة الثالثة فهي ان الرئيس بري اعتبر ان عدم تشكيل الهيئة تحول دون تنفيذ بعض مواد الدستور والقوانين الاخرى، وهذا صحيح ولكن الاصح ان بند بسط سيادة الدولة في اتفاق الطائف على كل الأراضي اللبنانية هو بند يخص وجود الدولة بحد ذاتها، وعدم تنفيذه حال ويحول دون تنفيذ عدد كبير من بنود الطائف ومواد الدستور. اما الملاحظة الرابعة فهي ان المادة 49 من الدستور تنص على ان رئيس الجمهورية هو من يسهر على سلامة تنفيذ الدستور وعلى المحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه وبالتالي هو القيم على انتظام الحياة الوطنية الدستورية والسياسية في البلد، وليس رئيس المجلس النيابي او رئيس الوزراء وبالتالي المرجعية هي في بعبدا، وليست في دمشق او القاهرة، او الرياض، او باريس او واشنطن او طهران. على الجميع ان يدرك هذا الامر، يقبل به ويتصرف على هذا الاساس".

من جهته، قال رئيس المركز اللبناني للتخطيط والانماء نبيه شاهين، الذي جاء مهنئا البطريرك صفير بالاعياد: "طالبت صاحب الغبطة ان يسعى مع المسؤولين الى ابعاد التعيينات الادارية وغيرها من اجهزة الدولة واداراتها عن المتسلطين عليها والمتاجرين بها وبالشعب والمنصبين انفسهم قيمين على البلد ومقدراته وهم رمز الفساد والافساد".

واضاف: "حان الوقت لان يصبح الاصلاح ومحاربة الفساد واقعا ومقياسا جديين وليس فقط شعارات رنانة يطلقها الحكام للاستخفاف بعقول الناس وذكائهم. يجب ان يكون موضوع الادارة وتسيير شؤون الدولة والعباد منزها عن السياسة والطائفية والمحاصصة وخاضعا فقط لهيئة عليا تقرر وتنفذ وتعين منطلقة فقط من الكفاءة والنزاهة والولاء للوطن ومصالحه فقط".

ومن الزوار ايضا رئيس حركة التغيير المحامي ايلي محفوض، وفد من بلدة اده في بلاد جبيل ضم رئيس البلدية المهندس انطوان اده، كاهن البلدة الخوري رينيه جعارة واعضاء من المجلس البلدي حيث اطلع البطريرك صفير على المشاريع التي تنفذها في البلدة، الامير حارس شهاب، وفد من المجتمع المدني لقوى 14 اذار، المحامي الياس الزغبي وميشال معيكي فالسيدة ليلى كرامي.

 

اهتمام فرنسي بالغ بزيارة الحريري وتساهل في تقديمات باريس 3 وتخوف من انتكاسة أمنية قد تجر لبنـان الى حرب مع اسرئيل مصدر في الخارجية: القرار 1701 احتوى 1559

باريس – من مراسل الوكالة: المركزية - في إطار التحضيرات الجارية لزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى فرنسا بين 20 و22 الجاري أعلن مصدر في الخارجية الفرنسية أن المسؤولين الفرنسيين سيستمعون الى نظرة الرئيس الحريري للاصلاحات وخطة الحكومة في هذا الإطار وسيؤكدون التزام فرنسا بباريس – 3 وأنها لن تعتمد سياسة متشددة بالنسبة الى إعطاء الحكومة اللبنانية ما تبقى من مبالغ ضمن باريس – 3 إذا لم تحقق الاصلاحات المطلوبة منها لكنها في المقابل لن تتساهل لدرجة كبيرة.

من جهتها لاحظت الأوساط الفرنسية أن برنامج لقاءات الرئيس الحريري في فرنسا لا يقل أهمية عن البرنامج الذي وضع لزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اليها باستثناء العشاء الذي أقامه الرئيس نيكولا ساركوزي على شرفه في الاليزيه. ولفتت الى أن الحريري سيلتقي الى ساركوزي رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب وأرباب العمل الفرنسيين. كما أشارت الى توقيع اتفاقات بين وزراء الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية الللبنانيين مع نظرائهم الفرنسيين على الصعد العدلية والاقتصادية والأمنية. من جهة اخرى قالت المصادر أن فرنسا لا تملك معلومات واضحة عن امكان شنّ عملية اسرائيلية ضد لبنان وحزب الله في الوقت الراهن كما تداولت بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. ولفت المصدر الى أن الوضع في الجنوب ورغم الهدوء السائد راهنا قد يتعرض الى انتكاسة ويجر لبنان الى عملية عسكرية في حال اكتشفت اسرائيل أن حزب الله يملك صواريخ تطال الطائرات الاسرائيلية.

وفي موضوع المحكمة الدولية أوضح أن الاستقالات التي توالت أخيرا لمسؤولي المحكمة تتعلق بالمسيرة المهنية للقضاة ولا تباطؤ متعمدا بعمل المحكمة مجددا دعم فرنسا الدائم للمحكمة. وتوقفت الأوساط عند مدى الاهتمام الفرنسي بلبنان إذ سجلت 13 زيارة لوزير الخارجية برنار كوشنير اليه منذ بداية العام الماضي وثلاثة لقاءات بين رئيسي الجمهورية ولقاءان على مستوى رؤساء الحكومة وثلاثة لقاءات على مستوى الوزراء أي ما يقارب العشرين لقاء على المستوى الرسمي ما يوثق العلاقة اللبنانية - الفرنسية ويفتح صفحة جديدة بين البلدين بعد إنجاز عملية التطبيع في لبنان وانتهاء عملية إعادة وضع لبنان على السكة التي بدأت في مؤتمر الدوحة. الى ذلك، لفت مصدر في الخارجية الفرنسية الى أن القرار 1701 احتوى القرار 1559 مشيرا الى أن فرنسا تسعى الى أن يطبق القرار 1701 كاملا كما تعمل باتجاه تقوية الجيش الذي يعتبر أساس تقوية الدولة والسلطة.

 

الارهاب" طبق اساسي في محادثات جونز وتأكيد على المساعدات العسكرية للجيش مشعل يتحدث عن "لمسات اخيرة "قبل توقيع المصالحة الفلسطينية مطران حمص زار بكركي تمهيدا لتعبيد الطريق امام دعوة صفير لزيارة دمشق

المركزية – شكلت الساحة اللبنانية اليوم محطة اساسية لعدد من الزوار الاجانب والعرب ذات الصلة بالوضعين الداخلي والاقليمي. فمستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي الجنرال جيمس جونز حط رحاله صباح اليوم في بيروت وجال على الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري حاملا رسائل اميركية تؤكد دعم مهمات الجيش اللبناني في تنفيذ قرارات مجلس الامن ذات الصلة وتعزيز الشراكة والتشديد على الدعم الاميركي المستمر للبنان سيد وحر ومستقل كما التذكير بالمقولة الاميركية "ان لا شيئ على حساب لبنان". اما رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي زار لبنان بشكل مفاجئ في اطار جولة عربية والتقى بدوره الرؤساء فكانت له جملة مواقف من الملفين الفلسطيني الداخلي والفلسطيني اللبناني. وفيما تنتظر العاصمة اللبنانية وصول الموفد الاميركي الخاص لعملية السلام جورج ميتشيل في اليومين المقبلين تبقى انظار الداخل مصوبة في اتجاه موضوعي التعيينات وهيئة الغاء الطائفية السياسية اللذين يبقيا مادة سجال ونقاش اساسية في اللقاءات والمواقف السياسية.

جونز: ففي مهمة لم يعلن عن اهدافها تماما كما لم يعلن رسميا عن الزيارة بحد ذاتها وصل جونز الى بيروت اليوم وعرض مع الرؤساء الذين التقاهم شؤونا امنية متصلة بملفات الارهاب واكد بحسب معلومات "المركزية" على اهمية التنسيق في هذا المجال . وسمع المسؤول الاميركي من الرئيس سليمان مواقف اعتبرت ان التدابير الاميركية المنوي اتخاذها حيال المسافرين من لبنان والاجراءات الاعلامية تساهم في الاساءة الى العلاقات بين البلدين وكرر ثوابت لبنان بمواجهة الارهاب والدفاع عن الحريات الاعلامية .اما الرئيسان بري والحريري فأكدا ضرورة حل القضية الفلسطينية كمنطلق لحل الازمة في المنطقة.

كما زار جونز قيادة الجيش حيث بحث مع القيادة شؤونا تتعلق بالمساعدات الاميركية العسكرية للجيش.

مشعل: اما الضيف الفلسطيني فاكد اثر لقاءاته مع الرؤساء على ان المفاوضات قطعت شوطا اساسيا في اتجاه توقيع المصالحة الفلسطينية في القاهرة ولم يبق الا اللمسة الاخيرة، مشيرا الى انه يمكن تسوية موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات بما يلبي مصالح الجميع ومشددا على ان لا شيئ يعلو فوق سلطة القانون والدولة.

الحريري الى الامارات: في هذا الوقت، من المتوقع ان يزور بيروت في وقت قريب وفد سوري رفيع المستوى برئاسة رئيس الحكومة محمد ناجي العطري الذي كانت زيارته مرتقبة هذا الاسبوع غير انها ارجئت لكثرة انشغالات الرئيس الحريري وانهماكاته الداخلية والخارجية فهو يتوجه وفق معلومات "المركزية" الى الامارات العربية المتحدة يوم الاحد المقبل على ان يزور باريس يوم الاربعاء الامر الذي حتم انعقاد جلسة مجلس الوزراء الثلثاء.

اهداف بري: وفي سياق متصل،اعربت اوساط سياسية مطلعة عن استغرابها لإصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري على المضي في طرح انشاء هيئة الغاء الطائفية السياسية وإثارته إعلامياً على الأقل على رغم علمه ويقينه ان ما يطرح يباعد بين اللبنانيين اليوم وتحديداً في هذه المرحلة من الاستقرار والتوافق. وتوقفت الأوساط هذه عند اقدام الرئيس بري على خطوته الخلافية هذه من دون التمهيد لها مع المرجعيات السيايسة والروحية والمعنية وهو العامل على اشباع خطواته صغيرة وكبيرة درساً ومشورة قبل الإقدام عليها والكشف عنها للملأ، والسؤال الذي توقفت عنده الأوساط هل يمكن ان يكون رئيس المجلس الذي لم يفاتح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المعني الأول في موضوع تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية من خلال ما لحظه الدستور في هذا المجال قد أقدم على ما أقدم عليه من غير تمحيص وحسبان أم ان وراء الأكمة ما وراءها في الموضوع وفي هذا الوقت بالذات حيث يعمل أهل الداخل والخارج على استجماع الأوراق في أيديهم استعداداً لما قد يطرح من حلول ومخارج للملفات العالقة في لبنان والمنطقة.

التحرك السوري: وفي خطوة غير بعيدة عن سياسة الامساك بالأوراق لفتت الاوساط السياسية الى تحرك دمشق الغامض على الساحة اللبنانية وقالت ان سوريا تواصل في اطار تعاملها مع القيادات اللبنانية على تنوع مواقعها سياسة اللعب على التناقضات فهي من جهة تعمل على كسب رضا مكونات الغالبية الحكومية من خلال ما تبديه من انفتاح واستعداد للحوار والتعاون ومن جهة أخرى تمارس سياسة "قب الباط" لعناصر فلسطينية وأخرى متطرفة في عبور أراضيها باتجاه الحدود اللبنانية ومن ثم التسلل الى المخيمات الفلسطينية وخصوصا الى تلك البعيدة عن حدودها ومنها تحديداً مخيم عين الحلوة ومخيم الرشيدية في صور.

أما بالنسبة الى ما تبديه وتمارسه من انفتاح فاعتبرت الاوساط انه في أعقاب زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى دمشق في العشرين من شهر كانون الأول الماضي تواصل السلطات السورية مساعيها الرامية الى اعادة اللحمة لعلاقاتها مع مختلف المكونات المسيحية وما ذلك إلا بهدف تفكيك ما يعرف بقوى الرابع عشر من آذار وهي تستند في ذلك الى حلفائها وخصوصاً من المسيحيين سواء في الشمال او في العاصمة وجبل لبنان حتى يقال انها تمارس في هذا المجال سياسة التقارب من رجال الدين مسيحيين ومسلمين.

وكشفت عن ان القيادة السورية كانت طلبت في الآونة الأخيرة الى المطران الماروني لمدينة حمص زيارة بكركي فزارها في مسعى لإزالة الشوائب من ملف العلاقة بين بكركي ودمشق وللتمهيد لاحقاً لدعوى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الى زيارة دمشق.

جنبلاط: وفي الحديث عن مواعيد وتوقيت زيارة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الى سوريا اوضحت الاوساط ان الأخيرة التي كانت اشترطت لاستقبال رئيس التقدمي زيارته الرئيس السابق للجمهورية اميل لحود تبلغت رفض لحود القاطع لحصول مثل هذا اللقاء باعتبار ان لا وجود لجنبلاط في قاموسه السياسي وبالتالي لا خلاف معه.

 

رأى أن طرح بري للمساومة على بند السلاح وخلق مادة خلافية ماروني: لنثبت في التعيينـــات أننا أمام مشروع قيام الدولـة

المركزية – رأى عضو كتلة "الكتائب" النائب ايلي ماروني ان "طرح انشاء هيئة الغاء الطائفية السياسية في لبنان غير مناسب في الوقت الراهن"، معتبرا ان تحقيق هذا الموضوع يحتاج لوقت. وابدى خشيته من ان يكون الهدف من هذا التوقيت خلق مادة خلافية جديدة او المساومة على بند السلاح او للتعمية على مواضيع ستطرح لاحقا"، سائلا: "كيف سنلغي الطائفية السياسية اذا كانت موجودة في كل مكان؟ ولفت في حديث الى "المؤسسة اللبنانية للارسال" الى ان "طرح الغاء الطائفية السياسية يمس بالنظام اللبناني الطوائفي"، مؤكدا ان "تحقيقه يحتاج الى توافق لبناني". متسائلا "هل يجب ان نستمع الى هذا الطرح فيما لا أحد يريد مناقشة طرحنا لموضوع السلاح". وأشار الى ان "الواقع اللبناني متأزم ونحن مختلفون حول كل شيء وثمة اختلافات حول ادارة الدولة وثمة صرخة عند المسيحيين لأن ادارات الدولة فارغة منهم". وقال: "لنثبت في التعيينات اننا أمام مشروع قيام دولة ونعتمد معايير الكفاءة وليس المحسوبيات ولنضع الانسان المناسب في المكان المناسب". وسأل: "هل نفذ القرار 1559 أولا للمطالبة بإلغائه، فالسلاح غير الشرعي موجود في المخيمات وخارجها ولم تبسط سلطة الدولة على الاراضي اللبنانية كافة؟". ورأى ماروني ان "لوليد جنبلاط الحرية في أن يأخذ القرار الذي يناسبه، ولكن يمكن القول انه أفضل طرح بأسوأ وقت". وسأل: "هل كان ليتم لقاء الشويفات او الجاهلية التي حضرها النائب وليد جنبلاط لولا موافقة سوريا". وإذ رحب "بعودة العلاقات الاميركية مع العماد عون"، لفت الى أنه "عندما تزورنا السفيرة الاميركية نصبح عملاء"، مشيراً الى ان "الذي يحمي لبنان من اسرائيل هو علاقاته الدولية والتزامه بقرارات الامم المتحدة".

 

دو فريج أسف لإستمرار البعض في سياسة العرقلـــة: طروحاتهم تجعلنا نشكك في صدقية حرصهم على الإنماء

المركزية- أسف النائب نبيل دو فريج لإستمرار سياسة العرقلة التي تتبعها بعض الأطراف في الأقلية النيابية"، داعيا هذه الأطراف الى "إبعاد السياسة عن الأمور المتعلقة بالشؤون الحياتية للمواطن اللبناني". وقال دي فريج في تصريح اليوم: "إن تعاطي هذه الأطراف في خلال الإجتماع الأخير للجان المشتركة كان مخيبا للآمال، خصوصا في ما يتعلق بالمشاريع المزمع تنفيذها بتمويل من البنك الإسلامي والبنك الدولي في بيروت الكبرى والعديد من المناطق، لاسيما في الجنوب ، ومنها سد بسري الذي يؤمن مياه الشفة الى بيروت والضاحية الجنوبية، وذلك بعدما إعتقدنا أن أجواء المصارحات والتصريحات الإيجابية ستنعكس إيجابا على الوضع الإنمائي في البلد". أضاف :"إن الطروحات غير المقنعة التي قدمها البعض خلال إجتماع اللجان تجعلنا نشكك في صدقية الذين يدعون الحرص على الإنماء وإطلاق المشاريع الحيوية وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين مختلف القوى اللبنانية". وختم: "إن الكلام الذي سمعناه خلال الإجتماع، والذي إتخذ في بعض الأحيان طابعا غير لائق، يجعلنا نتخوف من أن لا تكون المرحلة المقبلة كما يتمناها الشعب اللبناني، ونأمل في أن نكون على خطأ في هذا الشأن، ونتمنى على هؤلاء أن يعيدوا النظر في موقفهم وأن يدركوا أن هذه المشاريع ستعود بالنفع على الشعب اللبناني بما فيهم من إنتخبهم لتمثيله في المجلس النيابي".

 

ترو: الضجة حول إلغاء الطائفة السياسية أكبر من المشكلة والإجتهادات لإيجاد آلية للتعيينات هو لإطالــة أمد الفراغ

المركزية- اعتبر النائب علاء الدين ترو أن الضجة حول الغاء الطائفية السياسية أكبر من المشكلة ورأى أن الإجتهادات لإيجاد آلية للتعيينات هي ربما لإطالة أمد الأزمة والفراغ في الإدارة. وقال في حديث إذاعي"، ان موضوع التعيينات الإدارية "سياسي ومن صلاحية مجلس الوزراء مجتمعا، لكن هناك آليات لتعيين هؤلاء في الفئة الأولى، منها هيئات الرقابة ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش وديوان المحاسبة، وإذا تعذر الموضوع هناك آليات أقرت في المجلس النيابي بإجراء امتحانات لتعيين موظفي الفئة الأولى وكان قد باشر بها الرئيس فؤاد السنيورة، وهي آلية صالحة ونتج عنها فعلا كفاءات إدارية وعلمية تستطيع أن تتبوأ مراكز الفئة الأولى مع الأخذ في الإعتبار المناصفة والمناطقية في توزيع مراكز الفئة الأولى".

وأكد "أن الإجتهادات التي تبذل لإيجاد آلية إنما هي من أجل إطالة أمد الأزمة وربما لإطالة أمد الفراغ في الإدارة، محاولين الإفادة من أمد الأزمة ربما من أجل مصالح أو مكاسب".

وفي موضوع إلغاء الطائفية السياسية قال ترو: "إن الضجة المثارة حول الموضوع أكبر من المشكلة بكثير، وما يتم الآن هو هيئة لا سلطة تقريرية لها في موضوع إلغاء الطائفية السياسية ويلزمه توافق سياسي بين اللبنانيين، ولا بد من تسريع الموضوع نظرا للحالة الطائفية والمذهبية القائمة في البلد"، مشيرا الى أن الموضوع "كان مطروحا منذ بداية الحرب الأهلية في البرنامج الإصلاحي للحركة الوطنية الذي طرحه الشهيد كمال جنبلاط وبعض الأحزاب اليسارية". واعتبر أن إلغاء الطائفية السياسية هو "مسؤولية الرؤساء والبرلمان وهيئات المجتمع المدني ومسؤولية جميع اللبنانيين المؤمنيين بان الطائفية يجب انتزاعها من لبنان".

وشدد ترو على ضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها لأنه لا يجب تأخير الإستحقاقات الإنتخابية لما لهذا الموضوع من أهمية، ويجب ان نثبت للعالم اننا جاهزون لإجرائها في موعدها بأجواء ديموقراطية وهادئة"، مشيرا الى انه في موضوع التعديل في قانون الإنتخابات البلدية، فإننا "نستطيع ضمن المهل المتبقية لإجراء بعض التعديلات".

أما في موضوع تقسيم بيروت الى ثلاث دوائر قال: "يجب ان تبقى موحّدة لتكون فاعلة وقادرة على القيام بالأعباء".

وعن المصالحات، قال: "يجب ان تكون اوسع وأشمل، وليس بهذه السهولة يمكن ان نزيل رواسب 7 أيارمن النفوس، وقد أقدمنا على هذه الخطوة من أجل تشجيع الآخرين".

 

رفض الاستنساب فــي تطبيق الطائف في ظل السلاح غير الشرعي الاحرار: المطلوب اولا واخيرا تكريس مرجعية الدولة بالاقوال والافعال

المركزية – اعلن حزب الوطنيين الاحرار ان "المطلوب اولا واخيرا تكريس مرجعية الدولة بالاقوال والافعال"، آملا ان "تنسج التحالفات على قاعدة البرامج لا الاملاءات الخارجية والمصالح الذاتية والاهواء المتقلبة". ورفض "الاستنساب في تطبيق بنود اتفاق الطائف انطلاقا من موازين القوى التي يفرضها السلاح غير الشرعي".

وقال الحزب في بيان اصدره بعد اجتماعه الدوري برئاسة نائب الرئيس روبير الخوري:

1- ننظر بعدم اكتراث إلى المصالحات التي تجري وفق التقاليد البدائية أو الإصطفافات الموحى بها، أكان من الداخل أم من الخارج، ووفق تقاطع المصالح الآنيّة التي تظل من المتغيرات.

ونرحب في المقابل باللقاءات والمصالحات والمصارحات التي تهدف إلى تعزيز حظوظ قيام الدولة وتحصين مؤسساتها، وإلى تعميم ثقافة الحوار وقبول الآخر والاعتراف بخصوصيته لترسيخ الوفاق والوحدة الوطنية من ضمن التعددية.

ونؤكد، في ضوء ما تشهده الساحة اللبنانية على هذا الصعيد وفي ظل التصريحات الصادرة عن الأطراف المعنيين، ان المطلوب أولاً وأخيراً تكريس مرجعية الدولة بالأقوال والأفعال. ومعلوم أنه سواء تعلق الأمر بتوفير الأمن والأموال فهو عائد إلى الدولة وعلى عاتقها وفي صلب دورها. مع التسليم بأن من شأن التقارب في وجهات النظر وإزالة التشنجات، وإحلال النقاش الموضوعي والمكاشفة البناءة الشفافة مكان التخوين والتشكيك ومحاكمة النيات، تقوية جانب الدولة وتسهيل قيامها بمهامها. على أمل أن نصل إلى يوم يصبح فيه الولاء للوطن حصراً، ولا يعود ثمة مرجع سوى الدستور والقوانين، وتنسج التحالفات على قاعدة البرامج لا الإملاءات الخارجية والمصالح الذاتية والأهواء المتقلبة، وتتم مأسسة الحوار المسؤول لحل كل المشاكل والإشكاليات.

2 – نرفض المضي في استنساب تطبيق بنود الطائف، استمرارا للحقبة السورية لإضعاف مقومات لبنان وإرهاق أبنائه بالتجاذبات وتغيير وجهه، إنما هذه المرة انطلاقاً من موازين القوى التي يفرضها السلاح غير الشرعي لخدمة مصالح من يمتلكه ومواقعهم، والإصرار على استغلاله لتكريس أمر واقع تحت عناوين طوباوية وشعارات فضفاضة وتصريحات مجاملة.

ونؤكد ان الهدف الأساس لاتفاق الطائف هو قيام الدولة القادرة على فرض سلطتها بأدواتها الذاتية على كامل تراب الوطن. وهذا الهدف لا يتحقق إلا، كما نصّ اتفاق الطائف، بحل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وبامتلاك الدولة حصرية السلاح وقرار الحرب والسلم، وبإزالة الجزر الأمنية والمناطق " المقفلة " كي لا تبقى ملاذا للخارجين عن الدولة والعابثين بأمنها وبأمن المواطنين. ناهيك عن الشوائب التي تعيق عمل المؤسسات والنواقص التي ظهرت بنتيجة الممارسة، والتي تعرقل انتظام الدولة ومؤسساتها وتسبب التوتر والخلاف.

ونعتبر التصدي لهذه الأمور المكرّسة بنصوص دستورية واجباً يسبق ويفوق تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية رغم أهميتها كنص دستوري.

وعندنا أن وحده التلكؤ في المساهمة بقيام الدولة يعطل كل المواد الدستورية الأخرى، تماماً كما يؤدي تصدع أسس البناء إلى سقوطه وخسارته. أما الكلام على إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص فكلام حق وليس المقصود به التأجيل إلى ما لا نهاية كما يدعي المغرضون إنما هو دعوة كل مواطن إلى التنظيف أمام بابه والبادئ أفضل.

3 – توقفنا أمام جريمة اختطاف الطالبين الجامعيين في منطقة سامي الصلح - بدارو التي انتهت بإطلاقهما بعد دفع مبلغ من المال فرضه الخاطفون. ونخشى أن نكون أمام صفحة جديدة من الإجرام عنوانها الانتقال من سرقة السيارات وفرض خوّة على أصحابها لاستعادتها، إلى جرائم الخطف ثم الإطلاق مقابل دفع فدية كما حصل بالأمس.

ونلفت إلى التداعيات الخطرة لأعمال الخطف لما تثير من هواجس وتعيد إلى الأذهان من ذكريات أليمة. وخصوصا ان اللبنانيين لا يزالون ينتظرون بياناً رسمياً يزف إليهم خبر إطلاق المواطن جوزف صادر وعودة المفقودين والمعتقلين في السجون السورية. إننا، إذ نثني على عمل الأجهزة المختصة، نطالبها بمزيد من التنسيق في ما بينها لأن الآمال معقودة على فعاليتها، وهي مدعوة إلى مضاعفة الجهود للمحافظة على حياة المواطنين وحريتهم وأمنهم وكرامتهم.

كما نطالب الحكومة بتوفير كل الوسائل والإمكانات البشرية والمادية لها لتتمكن من القيام بواجبها على أكمل وجه. ونهيب أخيراً بالجميع إدانة هذه الجرائم وعدم لجوء أي فريق إلى تغطية مرتكبيها أو إيجاد الأسباب التخفيفية لهم.

 

نصرالله في افتتاح الملتقى العربي- الدولي لدعم المقاومـــة: أميركا تحاول محاصرة صوتنا عبر قرار الحظر على الفضائيات

المركزية- أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن "لبنان المنتصر الذي استطاع أن يطرد المحتل من أرضه صنع لشعبه وأمته موقعا جديدا ومتقدما على طريق النصر الحاسم"، ودعا الى مساندة المقاومة بالدرجة الاولى لمواجهة الحرب النفسية الهائلة التي يسمونها الحرب الناعمة لأن أميركا تحاول محاصرة صوت المقاومة عبر قرار الحظر على الفضائيات.

كلام نصرالله جاء في خلال افتتاح الملتقى العربي- الدولي لدعم المقاومة في الأونيسكو تحت عنوان " مع المقاومة" حيث قال:" لبنان تخلى عن أعجوبة قوة لبنان بضعفه الى حقيقة قوة لبنان في حقيقة تضامن جيشه وشعبه ومقاومته،الى لبنان المنتصر الذي استطاع أن يطرد المحتل من أرضه صانعا لشعبه وأمته موقعا جديدا ومتقدما على طريق النصر الحاسم، ورأى نصرالله أن "حرب تشرين 1973 كانت مفصلا مهماً في الصراع مع إسرائيل"، مشيراً الى أن "الجيشين المصري والسوري سطرا ملاحم بطولية وتاريخية لا تنسى ووضعا حدا للأمل الصيوني بالتوسع"، معتبراً أن "أخطر تحول في تاريخ الصراع هو بعدما أخرج النظام المصري مصر من معادلة الصراع مع اسرائيل، وما ستقدمونه من رؤى ومواقف عظيمة الأثر على وعي شعوبنا وارادتها وثقتها بالمستقبل، منذ أن قامت قوى الهيمنة والاستقرار بايجاد اسرائيل ككيان غاصب وثكنة عسكرية متقدمة، كانت تطمح الى اقامة كيان قوي استيطاني توسعي يشكل الضمانة الدائمة لمصالحهم في المنطقة فيما عرف بمشروع اسرائيل الكبرى".

أضاف:" أحيا نجاح الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 82 بإقامة اسرائيل الكبرى لكن المقاومة أخرجتها من لبنان ذليلة مهزومة في 25 أيار، كان هذا إعلانا صارخا لسقوط نظرية اسرائيل الكبرى، وكان بداية التنظير لاسرائيل العظمى المتفوقة، ثم كانت انتفاضة الأقصى في فلسطين وبدأت اسرائيل العظمى تشعر بالضعف وتتحدث عن معركة الوجود، فغزة المقاومة تخرج الاحتلال بالمقاومة وتمنى الصهاينة لغزة أن تغرق البحر ولكنها لم تغرق وستغرقهم، شنت اسرائيل بعد ذلك حربها العدوانية على لبنان في 2006 لسحق المقاومة فبقيت المقاومة وقويت وتعاظمت وشنت الحرب لاستعادة هيبة الردع الضائعة فضاع ما بقي من هيبة الردع".

وقال:"ضاعت أحلام اسرائيل العظمى في مارون الراس وبنت جبيل ليختم على مشروع اسرائيل العظمى بالدم الأحمر في غزة 2008، وسرائيل تعيش اليوم مأزقا هي تتحدث عنه، مأزق الجيش الذي لا يقهر، مأزق القيادة، مأزق الثقة بالنظام والمؤسسات ومأزق الثقة بالمستقبل، وهي تحاول أن ترمم ذلك كله عبر قرع طبول الحرب والتهديدات اليومية، هذه التهديدات التي ما عادت تخيف إلا الجبناء والمهزومين أما الذين خبروا ساحات الجهاد فإنهم يشتاقون الى اللقاء والمواجهة ليصنعوا لأمتهم عزا جديدا ونصرا جديدا.

ولفت الى أن اسرائيل تستعين على المقاومة بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن وبعض الأنظمة العربية وإقامة الجدران الفولاذية، لكنها تحسب للمواجهات العسكرية ألف حساب، ولأول مرة تبحث اسرائيل عن ضمانات النصر في أي حرب مقبلة.

وشجع استفراد قوى الهيمنة في العالم أن تذهب في مشروعها بالهجوم على شعوبنا مقتنصة ما اعتبرته فرصة تاريخية في حسم صراعها مع أمتنا فكان احتلال أفغانستان والعراق والتهديد لايران وسوريا ومحاولة السيطرة على لبنان دعم الحروب على لبنان وغزة، وكان الهدف استهداف حركات المقاومة واسقاط الحركات الممانعة لمشروع الهيمنة وانجاز تسوية للقضية الفلسطينية بالشروط الأميركية الاسرائيلية وإدخال المنطقة نهائيا في العصر الأميركي الصهيوني، وكان عنوان المعركة هو الشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عن مخاض ولادته كونداليزا رايس، استطاع مشروع المقاومة وأهلها أن يحققوا انجازات تاريخية كبيرة، صمدت حركات المقاومة في كل الساحات أمام الحروب ومحاولات التصفية الجسدية والمعنية وصمدت أمام الضغوط والعزل وتمسكت شعوبنا بثقافة الكرامة والحرية فدخلت مفاوضات التسوية في حالة الكوما وانهار مشروع الشرق الأوسط الجديد أمام قبضات المجاهدين ودماء النساء والأطفال والعجزة، يمكننا بالحد الأدنى اليوم أن نتحدث عن الفشل الأميركي والاخفاق والتراجع وكل هذه مقدمات السقوط لهذا المشروع وللحرب على أمتنا، انتصارات المقاومة تحققت في أسوأ الظروف العربية والدولية، في ظروف عاشت فيها الحصار والطعن بالظهر حتى من ذوي القربى، نقول هذا لنؤكد لشعوبنا أن خيار المقاومة هو خيار حقيقي واقعي عقلائي منطقي منتصر وله آفاق كبيرة وليس نزوة غضب ثائرة، وتالياً مشروع المقاومة وحركاتها بحاجة لكل أشكال الدعم والمساندة والاحتضان وخصوصا في مواجهة الحرب النفسية، وهناك أخطار ما زالت تواجه حركات المقاومة، وأهمها حرب التشويه للمس بوعيها ومصداقيتها وثقة أهلها فيها وأمتها على المستوى العام، عبر النقاش بجدواها وتبعاتها مع انتصاراتها الواضحة، واتهامها بارتكاب جرائم لا علاقة للمقاومة بها بل هي تدينها، الى اتهامه بالمفاسد الأخلاقية من ترويج المخدرات وغير ذلك، الى اتهامها بالارتهان لدول اقليمية وخاصة ايران وسوريا المشكورتين دائما على دعمهما الغير مشروط، الى وصمها بالارهاب واتهامها بثقافة الموت، الى حشرها وجرها الى صراعات داخلية تأبى الدخول فيها، الى الضغط على حركات المقاومة لتغيير أولوياتها، الى محاصرة المقاومة ومحاصرة صوتها من خلال منعها من الحضور في المؤتمرات ومن خلال القرار القانوني الذي تعمل الادارة الأميركية على اصداره لكم الأفواه والذي يستهدف بالدرجة الأولى المنار والأقصى إن كان لي من دعوة أو مناشدة لهذا المؤتمر، أن تساندوا المقاومة بالدرجة الأولى لمواجهة هذه الحرب النفسية الهائلة التي يسمونها الحرب الناعمة، التي كانت من أهم أسباب سقوط الاتحاد السوفياتي كما اعترف الأميركيون، وأنا أؤكد أن هذه الحرب لن تهزنا بل سنواجهها بالوعي

في كل حروبنا الماضية قلنا حسبنا الله ونعم الوكيل فانتصرنا وفي المستقبل سنقول حسبنا الله ونعم الوكيل وسننتصر، وأنا أعدكم كما كنت أعدكم دائما في أي مواجهة مقبلة سنفشل العدوان ونهزم العدو ونصنع النصر التاريخي الكبير ونغير وجه المنطقة، المستقبل في هذه المنطقة هو مستقبل المقاومة والعزة والكرامة والحرية واسرائيل والاحتلال والهيمنة الى زوال".

 

واشنطن: الهجوم على المصريين الاقباط مقلق جداً

القاهرة - و ص ف -رأى مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الديموقراطية وحقوق الانسان والعمل مايكل بوزنر الذي يزور مصر حالياً، ان الهجوم الذي أدى الى مقتل ستة مصريين اقباط عشية احتفالهم بعيد الميلاد "مقلق جداً" بالنسبة الى الولايات المتحدة ويكشف "مناخاً غير متسامح". وقال في مؤتمر صحافي في القاهرة إن "الاحداث المأسوية التي حصلت في نجع حمادي مقلقة جداً ... انها جزء مما نعتبره مناخا غير متسامح".   وكان ثلاثة رجال اطلقوا النار عشوائياً في 6 كانون الثاني على مجموعة من الاقباط، عشية احتفالهم بعيد الميلاد، لدى خروجهم من كنيستين متجاورتين في مدينة نجع حمادي بصعيد مصر.    وأكد الديبلوماسي الاميركي ان المصالحات الودية بين المسلمين والاقباط غير كافية. وقال: "ينبغي اجراء تحقيقات قضائية... ينبغي ان يتوقف الاحساس بالافلات من العقاب وان تكون هناك عدالة". لكنه اضاف ان ثمة حاجة الى مزيد من المعلومات لايضاح ابعاد الحادث ومعرفة "من المتورط ومن الذي امر بالقتل؟"  ويزور بوزنر مصر للمرة الاولى بصفته مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الديموقراطية وحقوق الانسان والعمل. وسيزور كذلك الاردن واسرائيل.

 

مصر:القطيعة مستمرة مع "حزب اللّه" والتطبيع مع جنبلاط مسألة وقت

نهارنت/نفى أحد الديبلوماسيين العرب الذين زاروا مصر أخيرا، علمه بأي عمل أمني مصري ضدّ "حزب الله" في لبنان، مشددا على ان "مصر ليست عدو "حزب الله"، لكنها "تحركت يوم تهدّد أمنها القومي".  ولفت الديبلوماسي في حديث الى صحيفة "الاخبار" الى أن العلاقات بين مصر و"حزب الله" مقطوعة منذ حرب غزّة، يوم دعا السيد نصر الله الجيش المصري إلى الانتفاضة على قيادته السياسية، "فمصر ترى جيشها خطاً أحمر ممنوع الاقتراب منه لأي كان. على كلّ، "حزب الله" خسر جزءاً من شعبيّته في مصر، بسبب هذا الكلام لأن المصريين يُقدسون جيشهم". وشدد الديبلوماسي على أن "مصر ليست طرفاً في الصراع الداخلي اللبناني، مؤكدا دعمها الحكومة اللبنانيّة كائناً من كان رئيسها، "حتى لو كان السيد حسن نصر الله".

وعن الموقف في خلال 7 أيار، اشار الدبلوماسي الى أن " مصر ستدين "حزب الله" إذا ما استعمل سلاحه في الداخل مجدداً. وهي ستدينه إذا ما سبّب مشاكل داخليّة وخارجيّة للبنان".

واعتبر الديبلوماسي ان "تطبيع العلاقة مع النائب وليد جنبلاط يحتاج إلى وقت"، مشيراً إلى أنه أُبلغ بأن بعض العاملين في السفارة المصريّة في بيروت يلتقون بعض المسؤولين في الحزب الاشتراكي أو بعض نواب اللقاء الديموقراطي، مؤكداً دعوته الإعلام اللبناني إلى عدم تكبير الموضوع، "فالعلاقة بين مصر ووليد بك قديمة".

ورأى ان الامور بين سوريا ومصر ذاهبة صوب التطبيع. واشار الى انه لم يعد هناك خلاف جوهري بين الطرفين، وأن التوتر قد زال، "ونقاط الاختلاف باتت أقلّ بكثير من نقاط الاتفاق".

 

مشعل يبحث الوضع في لبنان وغزّة مع الرؤساء اللبنانيين

نهارنت/أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل أنّ السلاح الفلسطيني لحركة "حماس" يحتاج الى بحث، مشدداً على أن لا شيء فوق سلطة الدولة والقانون.

وكشف مشعل في تصريح له بعد زيارته رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي، أنّه ناقش التطورات الفلسطينية مع الحريري، خصوصا موضوع المصالحة والوضع الفلسطيني الداخلي والصراع العربي-الإسرائيلي، ومستجداته السياسية والميدانية، لافةً الى أنه تم التطرق الى الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان. وعن التقدم على مسار المصالحة الفلسطينية، قال: "شرحنا لدولة الرئيس أننا قطعنا شوطا كبيرا، ولم يبق إلا الشوط الأخير"، مضيفا: "نحن نريد ورقة منسجمة ومتطابقة مع تفاهمات تفصيلية"، مطالباً راعي المصالحة بالإسراع في هذا الأمر لنوقع المصالحة في القاهرة.

 

جونز يبحث مع المسؤولين اللبنانيين كيفية القضاء على بؤر الإرهاب

نهارنت/استهل مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما الجنرال جيمس جونز، زيارته الى بيروت الجمعة بلقاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان وتباحث الطرفان حول موضوع المساعدات العسكرية الاميركية للجيش. كما أثار الرئيس سليمان مع جونز الموقف اللبناني من الاجراءات الاميركية في حق المسافرين اللبنانيين وقانون فرض العقوبات على بعض المحطات التلفزيونية فضلاً عن الانتهاكات الاسرائيلية للقرار 1701. والتقى جونز كل من رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري, حيث ناقش معهم كيفية التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة للقضاء على بؤر الإرهاب في لبنان والمنطقة،. ويتبع الجنرال جونز المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل الذي يصل الى بيروت الإثنين المقبل ضمن الجولة التي بدأها في باريس ثم بروكسل

 

الغاء الطائفية السياسية: تحفطات والحريري يدعو بري للتريث

نهارنت/اتسعت دائرة الردود على الطرح الذي اطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن تشكيل الهيئة لالغاء الطائفية السياسية، وبرز تحفظ من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اشترط "الاجماع"، والبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الذي رأى انه "يجب الغاء الطائفية من النفوس قبل الغائها من النصوص"، ليضافان الى موقف رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون الذي رأى انه يجب "تثبيت قواعد النظام قبل الوصول إلى الغاء الطائفية السياسية". وذكرت صحيفة "النهار" ان الحريري "سيقوم بسلسلة اتصالات تهدف الى دعوة بري الى التريث في المشروع تمهيداً لاطلاق حملة سياسية واعلامية تهدف اولاً الى التأكيد ان لا نية لتسفيه الطرح او مهاجمته في مقابل العمل على طيّه راهناً في انتظار انضاج الظروف الملائمة له وذلك من خلال لقاءات ثنائية ومتعددة الطرف تعقد لهذه الغاية. واضافت ان الحريري "اكد لنواب كتلته وفريقه السياسي ضرورة التواصل مع الجميع وعدم فتح اي سجال في هذا الشأن بل العمل على صياغة حوار هادئ وموضوعي صوناً للوحدة الوطنية". وكان الحريري أكد أن "هذا الموضوع يلزمه إجماع"، مضيفا انه "إذا كانت هناك مواقف لا تحبذ هذا الموضوع، فهذا يعني انه ليس هناك إجماع عليه. من هذا المنطلق نحن نتعاطى مع ما يجمع اللبنانيين، واعتقد أن الرئيس نبيه بري في هذه الروحية".

وذكرت مصادر في "تيار المستقبل" لصحيفة "النهار" ان ثمة اموراً اقل حساسية بكثير وضعت على طاولة الحوار الوطني واحتاج كل بند منها الى اجماع سياسي، اما اليوم فالموضوع يطرح من دون تأمين هذا الاجماع اقله على الطرح، وما يطرح من شأنه ان يشكل مادة خلاف، ولذا لا بد من تهيئة المناخ والارضية الصالحة على المستوى الوطني واقتناص اللحظة المناسبة للطرح".  واكدت ان "لا نية لدى "تيار المستقبل" لانتقاد هذا الموضوع لانه جزء من الطائف كما انه جزء من الاقتناع السياسي، لكن الامر يتطلب تهيئة الظروف واختيار التوقيت المناسب من اجل تجنب اي تداعيات سياسية يمكن ان تترتب عليه". وفي المقابل، اكد المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل الاستمرار في طرح موضوع الغاء الطائفية السياسية. ورأى في حديث الى صحيفة "السفير" ان "القضايا الدستورية إذا أخضعناها للإجماع، إنما نحوّلها إلى قضايا خلافية"، سائلا "فهل هذا هو المطلوب"؟

 

القوى الامنية تقبض على اربعة اشخاص خطفوا الشابين فرح وجمهوري

نهارنت/ ألقت قوى الامن الداخلي الخميس القبض على خاطفي الشابين زاهي نعوم فرح وروبير ماريو جمهوري ليل الاثنين الماضي في جادة سامي الصلح.

وكشف مصدر أمني لصحيفة "النهار" ان دورية من شعبة المعلومات اوقفت في الاولى والنصف فجر الخميس سيارة من طراز "بي ام في 5 ×" تتجول في منطقة سن الفيل وفي داخلها اربعة اشخاص، وكان في حوزتهم ثلاثة مسدسات حربية. واضاف المصدر انه "بعد التدقيق في هوياتهم اخضعوا للتحقيق وتبين انهم يشكلون عصابة للسلب والخطف والسرقات وانهم من قاطني الضاحية الجنوبية. واشار المصدر للصحيفة ان "اثنين منهم هما "ح. ص". و"ع. ف" اعترفا بانهما نفذا عملية "خطف" الشابين فرح وجمهوري في بدارو ليل الاثنين الماضي واطلقاهما بعد حصولهما على فدية مالية". واذ تم توقيف الاربعة بناء على اشارة القضاء، اشار بيان صدر عن وزارة الداخلية الى ان المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي أبلغ وزير الداخلية زياد بارود ان التحقيق جار مع الموقوفين لكشف الملابسات بالتنسيق مع النيابة العامة الاستئنافية. وكان فرح وجمهوري وفيما كانا عائدين فجر الثلاثاء الى منزلهما، اعترضهما اربعة مسلحين يستقلون سيارة "ب.أم.ف" في بدارو وشهروا باتجاههما السلاح واقتادوهما بالقوة في السيارة باتجاه فرع احدى المصارف حيث سحبوا اموالاً وأتصلوا في الثالثة فجراً بذوي المخطوفين مطالبين بفدية مالية قدرها 10 آلاف دولار ومهددين بقتلهما ان لم يدفعوا الفدية. وبعد سلسلة مفاوضات، تمّ الاتفاق على ان يصار الى تسليم الفدية في الخامسة فجراً في الطيونة، وعندما تسلم المسلحون الفدية سلموا الشابين الى ذويهما. وأوضح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي في حديث الى صحيفة "المستقبل" ان الخاطفين لم يطلقوهما الا بعدما دُفع لهم مبلغ عشرة آلاف دولار في أطراف الضاحية. ووصف العملية بأنها"مؤسفة"، لافتاً الى انها بقايا وضع الضاحية الذي كان خارجاً عن سلطة الدولة".

 

جنبلاط: فئة من الشارع الدرزي لم تتقبل ما حدث في2 آب وتحتاج إلى ترويض

نهارنت/تبين ان المسألة العالقة التي تؤخر زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الى سوريا لا تعود الى " اسباب شخصية" بل هي متصلة في عبارة قالها جنبلاط لصحيفة "الواشنطن بوست" يوم الأربعاء 4 كانون الثاني 2006 وعدّها الرئيس السوري بشارالأسد مهينة للشعب السوري، ويطلب إيضاحاً في شأنها. وذكرت صحيفة "الاخبار" ان الامر يعود الى كلام جنبلاط الى الصحافي الاميركي دافيد إينياتيوس الذي سأله ماذا يطلب من الولايات المتحدة، وأجابه، "لقد أتيتم (الأميركيون) إلى العراق باسم حكم الأكثرية. يمكنكم فعل الأمر ذاته في سوريا". وهو اللكلام الذي فسره السوريون بانه دعوة للأميركيين إلى اجتياح سوريا. واضاف جنبلاط للصحيفة، "أن المطلوب منه توضيح هذه العبارة. وهو سيفعل. لكنه لا يقول متى"، موضحا أن الأمر ينتظر الظرف المناسب له ولسوريا. ورأى جنبلاط ان "طريق الشام فُتحت سياسياً. وزال التوتر وأكدنا الثوابت مع سوريا التي هي اتفاق الهدنة مع إسرائيل والعلاقات المميّزة واتفاق الطائف". وقال "طبعاً اعترفنا للشعب السوري وجيشه بتضحياته في لبنان إبان الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وتصدّيه له. ولكن عام 2005 كنا في أوج الهيجان. كان الشعب اللبناني في غليان بسبب الاغتيالات. كانت هناك ردود فعل من الجانبين. قلت ما قلته في 14 آذار 2007 في ساحة الشهداء نعوتاً وألفاظاً، ورفعوا صورتي في تظاهرة في ساحة المرجة في دمشق على أنني حاخام إسرائيلي. كانت هناك ردود فعل متبادلة. ليست لديّ فكرة إذا كان السوريون قد تجاوزوا فعلاً هذه النعوت، ولم يصلني شيء عن ذلك. كانت المرحلة السابقة مثقلة بالشحن والغليان من كلا الجانبين. أتذكر أيضاً مذكرات التوقيف التي صدرت في حقي حينذاك". واشار جنبلاط إلى "دور إيجابي جداً" ل"حزب الله" في شقّ طريقه إلى دمشق "تحت عنوان طيّ صفحة الماضي وحفظ كرامة الفريقين وموقع الطائفة الدرزية". ولا يفصح جنبلاط متى يوضح العبارة، ولكنه يرى في المصالحة مع سوريا عاملاً إضافياً في إراحة الوضع الداخلي. واعرب جنبلاط عن قلقه من الشارع الدرزي الذي لم يتقبّل بعد استدارة زعيمه في 2 آب 2009 من العداء لسوريا إلى استعادة التحالف معها. قسم من الشارع الدرزي لا يزال ينفر من هذا التحوّل و"يحتاج إلى ترويض"، رغم معرفة جنبلاط أنه يتخذ أحياناً قرارات "ليست شعبية ولا شعبوية".

 

خلاف بين الأقلية والأكثرية يؤدي الى تطيير نصاب جلسة اللجان

نهارنت/إعترض نواب "حزب الله" و"أمل" و"البعث" و"القومي" على إتفاقية إطارية بين لبنان والبنك الإسلامي للتنمية بشأن المساهمة في تمويل برنامج إعمار لبنان وقيمته 425 مليون دولار، أثناء جلسة اللجان المشتركة الخميس، واصفين البرنامج بـ"غير العادل". مما أدّى الى مشادة كلامية أدت إلى تطيير نصاب الجلسة. وفي التفاصيل بحسب صحيفة "اللواء"، تبرع رئيس مجلس الإنماء والإعمار المهندس نبيل الجسر بشرح حيثيات المشروع، فخاطبه النائب نواف الموسوي مطالباً بإخراجه من القاعة لأنه غير ذي صفة بعد إنتهاء مدته، ما أثار حفيظة النواب عاطف مجدلاني، علاء ترو وسيرج طورسركيسيان، معتبرين أنّ رئيس الجلسة فريد مكاري هو الذي يحدد الصفات. وطالب نواب الأقلية برد المشروع فيما طالب نواب الأكثرية بإقراره، وتدخل النائب مروان حمادة مطالباً بعدم رده والوقوع في مطب التعطيل، لكن نصاب الجلسة كان قد طار، واكتفى مكاري بعد الجلسة ببيان مقتضب تجنب فيه الإشارة إلى ما حصل في الداخل. هذا ولم يحدد مكاري موعداً للجلسة المقبلة بإنتظار لقاء أو إتصال مع الرئيس بري لسؤاله عن مبدأ "التسهيل" الذي تم الإتفاق عليه بين الرئيسين بري والحريري لإطلاق الورشة التشريعية المكثفة للمجلس. 

 

الحريري الى باريس: تصميم فرنسي على الدعم وتوقيع على اتفاقات

نهارنت/يستعد رئيس الحكومة سعد الحريري لزيارة فرنسا من 20 كانون الثاني الى 22 منه هي الأولى لدولة غربية منذ توليه منصبه، في محطة ستشكل تكريسا للدعم الفرنسي للبنان وعلاقة الثقة التي تربط البلدين. وينقسم برنامج محادثات الحريري مع المسؤولين الفرنسيين الى شقين سياسي واقتصادي. وأوضحت مصادر فرنسية، ان باريس التي رعت التوافق اللبناني تريد معرفة نظرة الحريري الى الحوار الوطني اللبناني الذي تشجعه وموقفه من الاستراتيجية الدفاعية.

وستتناول المحادثات العلاقات اللبنانية – السورية بعد زيارة الحريري لدمشق وخريطة اعادة العلاقات الطبيعية التي رعتها باريس ومنها عملية ترسيم الحدود وموضوع السلاح خارج المخيمات وقضية المفقودين اللبنانيين. اما الملفات الاقتصادية الثنائية فسيبحث فيها الحريري مع رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون انطلاقا من الاصلاحات التي تنوي الحكومة اللبنانية القيام بها. وستتناول المحادثات موضوع باريس 3 والقرض الفرنسي الذي "كانت وزيرة المال الفرنسية كريستين لاغارد التي زارت لبنان في كانون الأول الماضي، قد وقعت مع نظيرتها اللبنانية ريا الحسن، اتفاق تمديده ل 2010 وهو بقيمة 500 مليون يورو، صرفت منه 150 مليوناً وما تبقى مرفق بشروط من الدولة الفرنسية وضعت في إطار مؤتمر باريس - 3 بين الحكومة الفرنسية وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة". ويبدو حسب صحيفة "النهار" ان "هناك موقفا فرنسيا اكثر ليونة وتساهلا حيال بعض الشروط منذ لقاء الرئيسين ميشال سليمان وساركوزي في عطلة عيد رأس السنة في باريس"، في حين استبعدت المصادر لصحيفة "الحياة" تليين هذه الشروط من الجانب الفرنسي "لأنه لم يتم بعد حسم ذلك والحكومة الفرنسية ستسأل الحريري عن تقييمه لما يمكن للبنان القيام به من اصلاحات وخصخصة قبل اتخاذ اي قرار بتليين الشروط". وسيتم التوقيع على اتفاقات في مجالات الامن والعدل والبحث العلمي خلال زيارة رئيس الحكومة الذي سيرافقه وفد يضم وزراء الداخلية والعدل والخارجية والشؤون الاجتماعية.

ويشار الى ان الحريري يبدأ زيارته لباريس صباح الخميس بلقاء مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في مقر إقامته. ثم يجتمع الى فيون الذي يقيم أيضاً مأدبة غداء على شرفه في اليوم الأول من زيارته في قصر رئاسة الحكومة ماتينيون. ويلتقي بعد الظهر رئيس مجلس النواب برنار أكويي في مقر البرلمان ومساء يقيم رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه مأدبة عشاء على شرفه.  اما لقاء الحريري ساركوزي فسيكون الجمعة و يقيم الرئيس الفرنسي مأدبة غداء على شرفه في قصر الإليزيه.

 

عون سأل سيسون عن اسباب انقطاعها عن زيارة الرابية؟

نهارنت/توقفت صحيفة "السفير" عند الزيارة الاولى التي قامت بها الخميس السفيرة الاميركية ميشال سيسون الى الرابية، بعد انقطاع سنة كاملة. وذكرت الصحيفة "أن عون بادر إلى سؤال سيسون عن سبب ابتعادها طيلة الفترة الماضية، فبادرت إلى تقديم أسباب غير مقنعة، أبرزها أنها اختارت الابتعاد خلال فترة الأزمة السياسية وانتظرت إلى حين انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة واستتباب الأوضاع". واضافت حسب الصحيفة "إنها منذ الآن فصاعدا، وبعد إطلاق ورشة العمل الحكومية، ستزور الرابية دوريا". وتمحور البحث بين الجانبين حول عناوين إصلاحية إدارية واقتصادية واجتماعية وإنمائية، يتعلق معظمها بعمل الوزارات التي يتولاها وزراء "التيار" والمعارضة، خاصة أن بلادها تعمل على وضع برامج مساعداتها للسنة الجديدة. ووصفت قناة O.T.V الزيارة "بأنها تعبير لسقوط معسكر التصادم وانتصار معسكر التفاهم لدى الإدارة الأميركية".

 

حوادث سير متفرقة في جويا والدامور وخلدة

نهارنت/إصطدمت شاحنة يقودها مصطفى مسلماني في عدد من السيارات أثناء توقفها في ساحة جويا بالقرب من مخفر الدرك، ما أدى الى مقتل المواطن محمد صالح من البلدة، وجرح آخرين نقلا الى مستشفى جبل عامل في صور للمعالجة، وتضرر العديد من السيارات، ومن بينها آلية تابعة لمخفر درك جوي، وقد حضرت الى المكان القوى المختصة وفتحت تحقيقا في الحادث. وصباحاً اجتاحت شاحنة سيارة مدنية على المسلك الغربي من أوتستراد الدامور في داخلها أم وثلاثة أطفال وجيب للجيش اللبناني. وقد سارعت سيارات الإسعاف الى نقلهم الى المستشفيات، مما أسفر الى مقتل شخص، فيما اصيب اربعة اخرون بجروح وكسور لا تخلو من الخطر. وفر سائق الشاحنة وتابع سيره بسرعة زائدة. وفي محلة خلدة صدمت صباح اليوم سيارة BMW يقودها المواطن محمد خالد الخطيب المواطن محمد منير برجاوي الذي نقل الى مستشفى رفيق الحريري وهو مصاب بكسور وجروح. وقد تم توقيف الصادم بناء لاشارة القضاء.

 

 إعفاء سعود الفيصل لأســباب صحـيـة؟

علمت «السفير» من مصادر عربية، ان الأوساط السياسية العليا في السعودية تداولت ان اليوم الجمعة سيشهد إعفاء وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل من منصبه، نظرا لظروفه الصحية. وفيما ان هذا الامر متوقع منذ فترة، يكمن الجديد في تعيين الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز رئيسا للحرس الوطني (وهو منصب شغله طويلا والده الملك عبد الله)، والأمير خالد بن عبد الله بن عبد العزيز رئيسا لرعاية الشباب والرياضة، والأمير سلطان بن فهد سفيرا في فرنسا. («السفير»)

 

العريضي وشهيب وأبو فاعور في الرياض

 السفير/وصل وزراء «اللقاء الديموقراطي» غازي العريضي وأكرم شهيب ووائل أبو فاعور، ليل أمس، إلى الرياض. وتردد أن سبب الزيارة اجتماعي، وربما يتخللها لقاء بعض المسؤولين السعوديين.

   

الانتماء" انتقد المصالحات: صك براءة لقوى التعطيل

النهار/اعتبر تيار "الانتماء اللبناني" ان المصالحات التي تحصل "شكلية واستعراضية وفارغة من أي مضمون". وسأل بعد اجتماعه امس برئاسة أحمد الأسعد: "هل أصبح الذين يعملون لمصلحة المحور الاقليمي، مع مشروع قيام الدولة اللبنانية؟ وهل أقروا أخيراً بمسلمة أن يكون قرار الحرب والسلم حصرياً بيدها؟ وهل تراجعوا عن ممارساتهم وهيمنتهم؟ وما هي التنازلات التي قدمتها القوى السياسية والتي تبرهن للرأي العام انها أصبحت مع مشروع قيام الدولة؟ واذا لم تقدم هذه القوى السياسية شيئا، فلماذا المصالحات؟ هل هي رضوخ لواقع اقليمي معين؟". ورأى ان هذه المصالحات "تشكل هدنة سياسية مرحلية وهشّة، وهي بمثابة نذير شؤم لانفجار أزمة جديدة (...)"، منتقدا سياسة "تبويس اللحى وقلب الحقائق رأسا على عقب وتحويل الهزائم انتصارات وهمية". ولفت الى "اننا نعيد الكرة ونحوّل هذه الهزيمة في حق الذين آمنوا بفكرة لبنان انتصاراً استعراضياً سخيفاً خالياً من اي مضمون". وأضاف أن المصالحات تمثل "صك براءة للقوى السياسية التي عطلت قيام الدولة منذ اعوام وبمثابة استسلام وخضوع، كما انها تضرب عرض الحائط نضال اللبنانيين وصمودهم منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري".

 

الهوية والسيادة": طرح إلغاء الطائفية مغاير لحركة التاريخ والمجتمع اليوم

النهار/رأى "لقاء الهوية والسيادة" ان طرح الغاء الطائفية السياسية "مغاير لحركة التاريخ والمجتمع اليوم".

عقد اللقاء اجتماعا في مقره في عين الريحانة، في حضور مرافق اللقاء النائب البطريركي المطران غي بولس نجيم ممثلا البطريرك الماروني، مؤسس اللقاء الوزير السابق يوسف سلامة، النائب السابق بيار دكاش والاعضاء.وعقب انتهاء الاجتماع تلا سلامة البيان الآتي:

“- أولاً: في السياسة الخارجية:

أ - العلاقات اللبنانية – السورية:  يراقب اللقاء ما تشهده العلاقات اللبنانية السورية من تطورات بعنواني الحوار والمصارحة بهدف اعادة صياغة هذه العلاقات على اسس جديدة تستخلص العبر من تجارب الماضي، بمعنى ابعاد العلاقة بين الدولتين عن الشخصنة والحزبيات الضيقة، واعادة بنائها على اسس مؤسساتية (...).

ب – نوّه اللقاء بزيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، في مقدم وفد حكومي لتركيا، ويأمل في ان تكون وضعت لبنان على خط الشراكة الاقليمية في رسم خريطة الطريق المعدة لمسار السلام في الشرق الاوسط.

- ثانياً: بالنسبة الى تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، يلاحظ اللقاء انه في خضم صعود التيارات الدينية في منطقة الشرق الاوسط والعالم، يبدو لنا ان طرح الغاء الطائفية السياسية مغاير لحركة التاريخ والمجتمع اليوم. ومواجهة هذا المد تتطلب العمل على الغاء الطائفية ككل وتعطيل مفاعيلها السلبية على المجتمع المدني، واحلال المواطنية بدل الطوائفية.

- ثالثاً: في بناء الدولة، يرى اللقاء ان الادارة هي العمود الفقري في بنيان الدولة الحديثة، مما يستوجب ان تتم التعيينات الادارية حصرا وفقا لمعايير الكفاية والاخلاص للوطن لتأتي برجالات يستطيعون النهوض بهذه الادارة المترهلة ويساهمون في تحصين الدولة وبناء الوطن.

- رابعاً: مباشرة الاعداد لمؤتمر وطني عام في لبنان، وذلك في سياق الاستعداد لسينودس الشرق الاوسط.

أ- تكليف المعهد الوطني للتثقيف الديموقراطي الذي انشأه اللقاء الاعداد لهذا المؤتمر، على ان تدعى الى المشاركة فيه كل الاحزاب والتيارات والتجمعات والقوى السياسية والاجتماعية على مستوى كل لبنان.

ب- تحديد موضوع المؤتمر بالآتي: العائلات الروحية في لبنان، الدعوة، الدور والرسالة، وذلك في ضوء الواقع والتحديات التي يعرض لها والمكتسبات المتصلة بهذه الدعوة والرسالة والدور، استنادا الى خبرة التاريخ وانتظارات المستقبل.

 

    

عون يشعر بالمرارة من طريقة تصرف «رفيق السلاح» عندما يخرج «جمر» أبو جمرا من تحت الرماد 

عماد مرمل (السفير)، الجمعة 15 كانون الثاني 2010

نجح العماد ميشال عون مؤخرا في «احتواء» الجزء الأكبر من «المعارضة الداخلية» التي نشأت على ضفاف التيار الوطني الحر خلال مراحل متعددة، ويمكن القول إن صفحة جديدة فتحت بين الجنرال و«الكوادر المتذمرة»، بعد جلسة «غسيل قلوب» تمت في الرابية، الأمر الذي من شأنه أن يعطي قوة دفع لمحركات الماكينة البرتقالية التي لا تتوقف عادة عن الهدير.

وعلى خط مواز، كان العماد عون يلتقي النائب وليد جنبلاط في اجتماع مصارحة ومصالحة، فيما التهدئة مستمرة بينه وبين تيار المستقبل منذ جلسات الحوار العميق التي جمعته إلى الرئيس سعد الحريري في أعقاب التكليف الثاني.

لكن هذه الصفحة الجديدة المفتوحة في أكثر من اتجاه، لم تتسع بعد لاسم اللواء عصام أبو جمرا الذي «تمرد» على الرابية احتجاجا على قرار جنرالها تسمية وزراء من خارج التيار، وتغييب التمثيل الأرثوذكسي عن الحصة العونية، مطالبا بتطبيق النظام الداخلي للتيار و«مأسسة» آليات اتخاذ القرار، قبل العودة إلى «البيت الزوجي».

وفي حين حاول سعاة الخير في السابق، أكثر من مرة، إعادة وصل ما انقطع بين الرجلين من غير أن يوفقوا، تبدو طريق الوساطة خالية هذه الأيام بعدما أدى استبعاد اللواء أبو جمرا عن لقاء الرابية بين عون وجنبلاط بحضور وفدين من «التيار» و«التقدمي»، إلى جعل الجمر يتقد من جديد في قلب أبو جمرا.

وبقدر ما أحس «اللواء» بأن «الجنرال» خذله، أحس عون بدوره بأن «رفيق السلاح» صدمه عندما أخرج الخلاف أو سوء التفاهم بينهما من الغرف المغلقة إلى السطح، مقدما للخصوم هدية مجانية ومتيحا لهم فرصة الشماتة أو الاستثمار السياسي والإعلامي، «علما أن من أهم شروط الانضباط التنظيمي هو إبقاء أي تباين في وجهات النظر ـ مهما بلغ من حدة ـ ضمن قنوات النقاش الداخلي البعيد عن الضوضاء، وصولا إلى معالجته بأقل الخسائر الممكنة».

ويعتبر المتحمسون لـ«الجنرال» أن أبو جمرا يحمل مطالب شخصية أكثر منها عونية، وأن أزمته الفعلية تعود إلى عدم توزيره، أما ما ينادي به من إصلاحات داخل التيار فليس سوى قشرة خارجية هدفها تغطية المضمون الحقيقي لموقفه. ويتساءل هؤلاء: لماذا استفاق أبو جمرا فجأة في هذا التوقيت بالذات على الحاجة إلى تطبيق النظام الداخلي وتطوير آليات عمل «التيار» وهو الذي يعمل إلى جانب العماد عون منذ سنوات طويلة، وهل كانت هذه الصحوة لتحصل لو سماه الجنرال وزيرا؟

في المقابل، يتمسك أبو جمرا بإبداء الخشية من أن ينزلق «التيار الحر» نحو منطق التوريث، «ونحن الذين نشأنا وتكاثرنا على أشلاء الأحزاب التي تستند إلى الفرد والعائلة»، منبها إلى أن الأحزاب المماثلة اندثرت مثل الكتلة الوطنية والأحرار أو ضعفت مثل الكتائب، «وبالتالي فإن الهدف من المنحى التصحيحي أو الإصلاحي الذي أنادي به هو اكتساب مناعة إضافية للحؤول دون انتقال عدوى النزعة الفردية أو الاحتكار العائلي إلى التيار القائم على حيوية الديموقراطية ومحاربة الإقطاع».

ويؤكد أبو جمرا انه باق في التيار الوطني الحر «لأن التيار جزء مني وأنا جزء منه، ومن يرفضني يستطع أن يغادر هو، أما أنا فمكاني الطبيعي والدائم في قلب التيار».

ويروي كيف انه وافق على أن يخوض معركة الأشرفية الصعبة خلال الانتخابات النيابية الأخيرة كرمى لعيون «التيار» و«الجنرال»، وكيف أنها كلفته الكثير معنويا وماديا «علما أنني كنت أعرف منذ البداية أنني أخوض مجازفة محفوفة بالمخاطر»، ويستعيد المحطات النضالية المشتركة مع عون من أيام الجيش وصولا إلى الحكومة العسكرية وتجربة المنفى، انتهاء بالعودة إلى لبنان وما تلاها من معارك سياسية صعبة، «ليتبين لي في نهاية المطاف أن من ضحى جرى تهميشه».

ويشير إلى أنه لم يكن قادرا على تقبل طريقة التعامل مع ملف المشاركة في الحكومة والتي عكست الحاجة الملحة إلى الإسراع في تقويم الاعوجاج. ومنعا للاجتهاد والتأويل في تفسير موقفه الاعتراضي، يشدد أبو جمرا على الاعتبارات الآتية:

ـ عدم القبول بتعيين وزراء باسم التيار من خارجه، وهو المزدحم بالكفاءات والطاقات، لا سيما أن الجنرال عون لم يتخذ هذا القرار بالتشاور معنا.

ـ الاعتراض على عدم اختيار وزير أرثوذكسي من ضمن حصة التيار، برغم الفوز في الانتخابات النيابية بقرابة 75 بالمئة من أصوات المسيحيين الأرثوذكس.

ـ رفض التخلي عن موقع نائب رئيس الحكومة الذي خضنا من أجل تعزيزه مواجهة حادة مع الرئيس فؤاد السنيورة، وأنا شخصيا كنت رأس حربة في هذه المعركة، فإذا بالحصيلة لا تتناسب وحجم الجهد الذي بُذل.

وانطلاقا من هذه الاعتبارات التي أفرزها مخاض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، يضيء أبو جمرا على ما يرى انه مكامن خلل تنظيمية تتمثل في تجاوز النظام الداخلي للتيار والذي ينص على تشكيل مجلس وطني هو بمثابة مجلس نيابي، وهيئة تنفيذية واختيار معاونين للقائد، لافتا الانتباه إلى أن مثل هذه الإجراءات كفيلة بتحقيق الرقابة المطلوبة والشراكة في القرار.

ويشير أبو جمرا إلى انه وبرغم المرارة الشديدة التي شعر بها نتيجة تجاهل مآخذه، «كنت حريصا على لملمة الموضوع لقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر، وبادرت قبل أكثر من أسبوعين إلى زيارة العماد عون في الرابية، ثم ظهرت على شاشة الـ«أوتي في» وتعمدت أن أعطي انطباعا بأن الاجتماع كان إيجابيا من أجل إعطاء فرصة للتفاهم، علما أن اللقاء لم يكن إيجابيا ولم نتوصل خلاله إلى معالجة نقاط الخلاف بيننا، لكن وبدلا من ملاقاة حسن النية لدي فوجئت في اليوم التالي بمواقف حادة تصدر عن الوزير جبران باسيل، فاضطررت إلى الرد عليه».

ويستهجن أبو جمرا ألا يبادر العماد عون إلى دعوته للمشاركة في لقاء المصارحة والمصالحة مع النائب وليد جنبلاط في الرابية والذي حضره قياديون من التيار الوطني الحر إلى جانب قياديين من الحزب التقدمي الاشتراكي، متسائلا: هل يجوز أن يصبح التفاهم مع وليد جنبلاط أو سعد الحريري أسهل من التفاهم معي، وهل يعقل أنه في الوقت الذي يصالح فيه الجنرال خصومه السابقين، يختلف مع أحد أبرز المقربين منه ورفاق دربه؟

ويوحي أبو جمرا بأن الأمور عادت إلى المربع الأول بعد استبعاده عن لقاء الرابية الأخير بين قيادتي «التيار» و«التقدمي»، علما «أنني أعطيت أكثر من إشارة حسن نية لتجاوز الواقع الراهن إنما من دون نتيجة»، قائلا: أنا رجل مبدئي ومؤسس في التيار، لا شيء يغريني أو يخيفني، لقد فقدت الكثير خلال مسيرتي، باستثناء الكرامة والشرف، ولن أتخلى عنهما الآن... في حياتي كلها لم أكن ممن يقفون في الصف ولن أفعلها.

لكن، وبموازاة كل هذه الاعتراضات، يحرص أبو جمرا على عدم إعطاء موقفه أبعادا تتجاوز الحجم الذي يريده لها، مؤكدا انه لا يقود حركة انقلابية أو انشقاقية، بل يدعو إلى التصحيح والإصلاح من داخل التيار وتحت سقفه. وأكثر من ذلك، يقطع الطريق على أي محاولة للاستثمار السياسي على خلافه الحالي مع عون من خلال توضيحه بأن خياراته السياسية الكبرى ما تزال ثابتة وتشكل امتدادا للخط الاستراتيجي للتيار الوطني الحر سواء بالنسبة إلى التفاهم مع حزب الله أو العلاقة السليمة بسوريا.

 

تحذير إسرائيلي: المواجهة حتمية مع "حزب الله" 

عبد الكريم أبو النصر (النهار)

الجمعة 15 كانون الثاني 2010

"ترفض الدول الغربية البارزة وعلى رأسها اميركا وفرنسا وبريطانيا وجهة النظر الاسرائيلية القائلة بأن الحرب بين اسرائيل و"حزب الله" حتمية، آجلا ام عاجلا، نظرا الى القدرات التسلحية الكبيرة للحزب وارتباطاته الاقليمية، وتدعم جهود المسؤولين اللبنانيين الساعين الى تأمين شبكة حماية دولية للبنان من اي اخطار اسرائيلية يمكن ان يتعرض لها نتيجة انعكاسات نزاعات وازمات اقليمية حادة وكبرى على اوضاعه الداخلية. وتتحرك هذه الدول الغربية مع جهات دولية وعربية اخرى على جبهات عدة لمحاولة منع نشوب حرب جديدة تلحق اضرارا وخسائر هائلة بلبنان واللبنانيين وهو ما يتطلب خطوات واجراءات محددة يتخذها الاطراف المعنيون بالامر".

هذا ما اكدته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية في باريس وثيقة الاطلاع على هذه القضية. واوضحت ان جهات اسرائيلية رسمية حذرت دولا غربية معنية بالامر في الفترة الاخيرة من ان الحرب مع "حزب الله" حتمية من غير ان تحدد موعدا معينا لنشوبها، وذلك نتيجة ثلاثة عوامل اساسية هي الآتية:

أولاً: إن "حزب الله" يخضع لتعليمات القيادة الايرانية في الدرجة الاولى وهو متضامن تماما مع ايران التي هي في حال مواجهة متصاعدة مع الدول الكبرى ومع اسرائيل بسبب تصميمها على امتلاك السلاح النووي مما يشكل تهديدا امنيا بالغ الخطورة للدولة العبرية، واي مواجهة عسكرية مع ايران سيكون "حزب الله" طرفا اساسيا فيها.

ثانياً: إن "حزب الله" يملك ترسانة كبيرة من الاسلحة، منها اكثر من اربعين الف صاروخ، غير خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية، وهو لن يتردد في استخدامها ضد اسرائيل ايا تكن الانعكاسات على لبنان اذا ما اقتضت مصالح المحور الايراني – السوري ذلك.

ثالثاً: إن الحكم اللبناني، بقطع النظر عن نياته، عاجز عن ضبط اسلحة "حزب الله" ومنعه من استخدامها، مما يعني ان لبنان الرسمي يتخلى، فعلا، عن مسؤولياته والتزاماته حيال المجتمع الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة، وهو ما يعطي الحكومة الاسرائيلية "مبرر" اتخاذ الاجراءات الضرورية، في الوقت الملائم، لتعطيل القدرات العسكرية والقتالية للحزب الموجهة ضدها اساسا، او لحماية اراضيها ومواطنيها من اي هجمات يشنها الحزب.

وقالت المصادر الاوروبية إن الجهات الاسرائيلية الرسمية حذرت الدول الغربية التي اتصلت بها من ان اي حرب مقبلة مع "حزب الله" ستكون مختلفة جذريا عن الحروب السابقة، مشددة على النقاط الآتية:

أولاً – لن تقبل اسرائيل بخوض حرب استنزاف طويلة هذه المرة مع "حزب الله" تتعرض خلالها، وطوال اسابيع، المدن والمنشآت الاسرائيلية لآلاف الصواريخ والقذائف، بل ان اي حرب جديدة ضد الحزب ستكون حربا كاسحة ومدمرة للغاية وستشمل غارات جوية وضربات صاروخية وقصفا بحريا وهجمات برية مركزة على جبهات عدة وفي مختلف المناطق اللبنانية وتستهدف قيادات الحزب والمواقع والمنشآت والقواعد والمؤسسات والمباني التابعة له والتي يملك الاسرائيليون معلومات عنها. وحرب غزة التي جرت في نهاية 2008 ومطلع 2009 هي صورة مصغرة عن تلك التي يمكن ان يتعرض لها لبنان.

ثانياً – ستكون حرب اسرائيل المقبلة ايضا حرب "معاقبة لبنان لتوفيره الشرعية للنشاطات العسكرية لـ"حزب الله" وامتناعه عن اتخاذ الاجراءات الرادعة المطلوبة دوليا لمنع وصول الاسلحة الى الحزب. ولذلك ستطاول الهجمات الاسرائيلية منشآت ومواقع لبنانية حيوية عدة وعلى نطاق اوسع مما حصل خلال حرب صيف 2006.

ثالثاً – لن توقف اسرائيل حربها على لبنان، هذه المرة، ما لم يوضع حد نهائي وحاسم لمشكلة "سلاح حزب الله" بجوانبها المختلفة بحيث تتخذ الاجراءات اللازمة لبنانيا ودوليا لتحقيق ذلك. وتنوي اسرائيل التعامل مع "حزب الله" وسلاحه في الحرب المقبلة كما تم التعامل خلال غزو لبنان عام 1982 مع الوجود الفلسطيني المسلح في هذا البلد، ذلك ان الاسرائيليين واصلوا في حينه ضغوطهم العسكرية الى ان تم اخراج المقاتلين الفلسطينيين من الاراضي اللبنانية. وما يريده الاسرائيليون في الحرب المقبلة مع لبنان هو مواصلة ضغوطهم العسكرية والسياسية الى ان يوضع حد "لخطر اسلحة "حزب الله" على الدولة العبرية"، كما اكد مسؤول اسرائيلي لوزير خارجية دولة اوروبية.

تعهدات نتنياهو

وافادت المصادر الديبلوماسية الاوروبية المطلعة ان الدول الغربية البارزة المهتمة بمصير لبنان تتعامل جديا مع التحذيرات الاسرائيلية ولذلك حرصت على اثارتها مع جهات عربية معنية مباشرة بالامر، وهي تتحرك على الجبهات الآتية لمنع نشوب حرب اسرائيلية – لبنانية مدمرة جديدة:

أولاً: طالبت هذه الدول الغربية الحكومة الاسرائيلية بالامتناع عن شن حرب على لبنان او تنفيذ هجمات عسكرية على اهداف فيه بطريقة "استباقية" لمحاولة تدمير او تعطيل القدرات التسلحية لـ"حزب الله" اذا لم تتعرض الدول العبرية لاي هجوم كبير انطلاقا من الاراضي اللبنانية، او اذا لم ينفذ "حزب الله" عمليات "ارهابية" او "تخريبية" ضد اهداف ومنشآت اسرائيلية مهمة في الخارج. وشددت هذه الدول في اتصالاتها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض المسؤولين الاسرائيليين الكبار على ان "حق الدفاع عن النفس" الذي يمكن ان تتذرع به اسرائيل لضرب لبنان لن يكون مقبولا لدى اي جهة دولية بما فيها ادارة الرئيس باراك اوباما، اذا لم تتعرض الدولة العبرية لهجوم كبير من "حزب الله" يستهدف اراضيها او مصالحها ومنشآتها الحيوية في الداخل والخارج. واكدت ان الدول الغربية المعنية بالامر حصلت على "تعهدات" من حكومة نتنياهو انها لن تشن اي هجوم على لبنان ومواقع "حزب الله" فيه من دون وجود "دوافع ومبررات قوية وجدية" لذلك. ويرى ديبلوماسي اوروبي مطلع ان هذه الصيغة الاسرائيلية "غامضة وغير دقيقة وتترك الباب مفتوحا امام احتمالات عدة".

ثانياً – طالبت هذه الدول الغربية نظام الرئيس بشار الاسد، في اتصالات مختلفة اجريت معه، باتخاذ اجراءات حقيقية وجدية وبالتفاهم مع السلطات اللبنانية الرسمية لضبط الحدود بين البلدين في انتظار ترسيمها رسميا ونهائيا ووقف عمليات ارسال او تهريب الاسلحة عبرها الى "حزب الله" وكذلك الى تنظيمات فلسطينية مرتبطة بدمشق، والعمل في الوقت عينه على "اقناع" الحزب بالامتناع عن شن اي هجمات على اسرائيل انطلاقا من لبنان وذلك تطبيقا لقرار مجلس الامن الرقم 1701 الذي التزمته الحكومة اللبنانية رسميا، وحرصا على الامن والاستقرار في هذا البلد وفي المنطقة عموما، ولعدم اعطاء اي ذرائع لاسرائيل لمهاجمة الاراضي اللبنانية. وفي هذا المجال قال لنا ديبلوماسي غربي مطلع "إن موضوع سلاح "حزب الله" اساسي في الحوار الاميركي – السوري وان مناقشات جدية وحادة جرت في شأنه بين مسؤولين اميركيين وسوريين في مناسبات عدة خلال الاشهر الاخيرة، اكد خلالها الجانب الاميركي انه ليس ممكنا تحسين العلاقات  الاميركية – السورية ما لم توقف شحنات الاسلحة السورية والايرانية برا وبحرا الى "حزب الله"، واذا لم يضغط على الحزب لمنعه من تفجير حرب جديدة مع اسرائيل".

واضاف: "ان الحوار الاميركي مع نظام الاسد في شأن هذه القضية لم يحقق اي نتائج حتى الآن وان القيادة السورية ترفض تقديم ضمانات الى الاميركيين تتعلق بوقف تسليح "حزب الله" او بالضغط عليه على اساس ان من حق الحزب امتلاك الاسلحة واعتماد المقاومة المسلحة ضد اسرائيل ما لم يتم التوصل الى سلام سوري – اسرائيلي ولبناني – اسرائيلي".

شروط الحماية الدولية

ثالثاً – اوضحت الدول الغربية في اتصالاتها مع المسؤولين اللبنانيين ان المجتمع الدولي يتعاطف فعلا مع لبنان ويدعمه ويتفهم ظروفه الداخلية المعقدة والحساسة ويريد حمايته من اي حرب اسرائيلية محتملة. لكن الدول الغربية ذكرت في الوقت عينه بأن من الضروري ان يتحمل الحكم اللبناني مسؤولياته كاملة لحماية بلده من اي حرب اسرائيلية، اذ ان الحماية الدولية لن تكون كافية وحدها اذا لم تتخذ القيادات اللبنانية القرار الكبير القاضي بالتفاهم مع "حزب الله" على تبني استراتيجية دفاعية جديدة تتخذ في اطارها ثلاثة قرارات اساسية هي: موافقة "حزب الله" على وضع اسلحته وخصوصا الثقيلة والصاروخية منها في تصرف الجيش اللبناني والسلطة الشرعية وتطبيق هذا القرار فعلا وخلال فترة زمنية غير طويلة، موافقة "حزب الله" على التخلي عن قرار الحرب للدولة الساعية الى استعادة ما تبقى من اراض لبنانية محتلة والى تسوية مشالكها العالقة مع اسرائيل بالوسائل الديبلوماسية وفقا لما تنص عليه قرارات مجلس الامن ذات الصلة، مواصلة تطبيق القرار 1701 جديا من اجل تحقيق وقف اطلاق نار دائم بين لبنان والدولة العبرية بمساعدة الامم المتحدة والدول الكبرى، مما يؤدي الى اقفال الجبهة اللبنانية – الاسرائيلية امام اي عمليات او نشاطات عسكرية من الطرفين كما هو الحال على الجبهة السورية – الاسرائيلية، في انتظار تحقيق السلام. وكما قال مسؤول عربي كبير لرئيس دولة اوروبية: “يجب ان تكون مشكلة سلاح "حزب الله" موضوعا اساسيا في المحادثات اللبنانية – السورية وهو ما يتطلب بذل جهود عربية ودولية وليس فقط لبنانية لاقناع نظام الاسد بضرورة مساعدة الحكم اللبناني على اعتماد الاستراتيجية الدفاعية التي تضبط استخدام سلاح "حزب الله" وتسحب من الحزب قرار الحرب. ومن شأن هذه المساعدة السورية ان تؤدي الى تعزيز العلاقات بين لبنان وسوريا وكذلك الى تحسين علاقات نظام الاسد مع الولايات المتحدة ودول اخرى".

وشرحت المصادر الاوروبية المطلعة ان هذه الدول الغربية اوضحت في اتصالاتها اللبنانية والعربية "ان الحماية الدولية للبنان من اي حرب اسرائيلية محتملة تضعف بل تسقط اذا ما شن "حزب الله" هجمات كبيرة على اسرائيل او على اهداف مهمة لها في الخارج، سواء في اطار وقوفه الى جانب ايران او لاي سبب آخر". وشددت "على ان الحكم اللبناني يتحمل في هذا المجال مسؤولية اقليمية ودولية وليس فقط مسؤولية لبنانية. اذ ان اي حرب جديدة لن تعرض هذا البلد لاخطار جسيمة فحسب، بل انها تهدد ايضا الامن والاستقرار في المنطقة. فبقدر ما تتحمل القيادات اللبنانية مسؤولياتها الذاتية في هذا المجال ويعمل الحكم اللبناني على تطبيق القرارين 1559 و1701 وغيرهما من قرارات مجلس الامن ذات الصلة، ويتخذ تاليا، في اطار الاستراتيجية الدفاعية الجديدة، الاجراءات الضرورية لضبط استخدام سلاح "حزب الله" ولمنع الحزب من التصرف كما يريد في تعامله مع اسرائيل، بقدر ما يلقى لبنان الدعم الدولي المؤثر الذي يحميه من الاخطار الاسرائيلية المحتملة".

ولفتت المصادر الاوروبية المطلعة الى ان الدول الغربية "لم تتمكن من التوصل الى اي تفاهم مع القيادة الايرانية في شأن "حزب الله" وسلاحه بما يساعد الحكم اللبناني على تبني الاستراتيجية الدفاعية الملائمة، اذ ان المسؤولين الايرانيين يرون ان ما لم يتم التوصل الى تفاهمات مع الدول الكبرى مقبولة لدى القيادة الايرانية وتتعلق ببرنامجها النووي وبالقضايا الاقليمية الاساسية، فإن الجمهورية الاسلامية تمنح ذاتها الحق في مواصلة تعزيز قدرات "حزب الله" والافادة من موقعه في الساحة اللبنانية ومن امكاناته لتأمين نوع من الحماية للبرنامج النووي الايراني او للرد بالصواريخ على اي هجمات اسرائيلية تستهدف المنشآت النووية والحيوية الايرانية".

ولخص ديبلوماسي اوروبي مطلع الوضع بقوله: "لن يستطيع مجلس الامن ومعه الدول الكبرى حماية لبنان من اي حرب اسرائيلية محتملة عليه ما لم يتم تأمين مجموعة ضمانات وعوامل اساسية ابرزها اخضاع "حزب الله" واسلحته لقرارات السلطة الشرعية اللبنانية وليس لقرارات القيادتين السورية والايرانية. وهذا مطلب يؤيده اللبنانيون في غالبيتهم العظمى. وهذه ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية وتتطلب تعاون دول عدة عربية واجنبية مع الحكم اللبناني لانجازها".

 

إلغاء الطائفية السياسية "مسارٌ" وليس "خطوة".. وميثاق العيش المشترك يساوي المناصفة و"وقف العدّ"

بري "يحورك" حول المثالثة وتعديل الطائف؟

نصير الأسعد (المستقبل)، الجمعة 15 كانون الثاني 2010

في التعليقات على دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى تشكيل "الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية"، قالت قوى وشخصيات سياسية عدّة كلاما كثيراً إعتراضاً على هذه الخطوة. قيل كلامُ حق عن "توقيت" الدعوة. وكلامُ حق عن "الانتقائية" في الأولويات. وكلامُ حق عن ذلك الحماس لتشكيل "الهيئة الوطنية" من جانب قوى لم تكن متضررة من "الطائفية السياسية". وكلامُ حق عن ذاك التعلق الاستثنائي بالدستور فيما كان الدستور في سنوات خلت مجرد "وجهة نظر" أو "إجتهاد سياسي" بالنسبة الى البعض. غير أن الحجة الأساسية التي احتوت عليها التعليقات المعترضة كانت أنه من غير الجائز إطلاق عملية إصلاحية تصل الى حدود التغيير في النظام، في ظل سيادة منقوصة للدولة على أرضها وعلى ناسها، وفي ظل خلل قسري بين المكونات اللبنانية ناجم عن وجود السلاح بين أيدي فئة طائفة في البلد ما يشكل عامل ضغط في كل الاتجاهات.

بيد أن تلك التعليقات جميعاً على أهميتها، لم تناقش في العمق دعوة بري في جانبها "الميثاقي".

صحيحٌ تماماً ما قاله الرئيس بري لجهة أن الدستور ينص على أن "على" المجلس النيابي المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين أن يشكل "الهيئة الوطنية". وصحيحٌ أيضاً أن تشكيل "الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية" لا يعني "إلغاء الطائفية السياسية"، الأمر الذي يقول بري بـ"أنه يحتاج الى عقود من الزمن.

"المناصفة" هي "المشترك" في ميثاق العيش

غير أن الأخذ بنصوص الطائف وبـ"فلسفته" سيقود الى وضع "الهيئة الوطنية" و"إلغاء الطائفية السياسية" في مكانهما "الطبيعي".

في الطائف أي في "وثيقة الوفاق الوطني" كما في الدستور، ثمة نصّ على "شيء" إسمه "ميثاق العيش المشترك".

كلمة "مشترك" تعني أن هناك طرفين على الأقل" في ذلك "العيش". وعليه فإن "ميثاق العيش المشترك" هو إختصارٌ لـ"ميثاق العيش الإسلامي المسيحي".

في الطائف أي في "وثيقة الوفاق الوطني" كما في الدستور، ثمة نصّان محددان عن "العيش المشترك". النصّ على "المناصفة" بين المسلمين والمسيحيين باعتبارها "الناظم" للعلاقات الإسلامية المسيحية ضمن النظام. والنصّ تالياً على أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، أي لا شرعية لأي سلطة تناقض "المناصفة".

وعندما أُقرت "المناصفة" كانت فلسفتها آنذاك أن المسيحيين يقبلون بالتنازل عن الإمتيازات التي جعلت النظام قبل الطائف نظاماً شبه رئاسي، لمصلحة الشراكة أو المشاركة وإنتقالها الى مجلس الوزراء مجتمعاً كسلطة للقرار، في مقابل "المناصفة".. و"التوقف عن العدّ" أي التوقف عن إحتساب أعداد المسلمين والمسيحيين.

..وهي صيغة "تشبه" إلغاء الطائفية

هذا الأمر: "المناصفة" و"التوقف عن العدّ"، ينبغي تذكّره باستمرار لدى مقاربة قضايا "الشراكة الوطنية". أي لو كان الميثاق الوطني يعتبر أن ميثاقاً آخر للعيش "المشترك" سيأتي بعده لماذا اعتبر أن "المناصفة" هي النهاية و"لا عدّ بعد ذلك"؟. وبكلام آخر، في "فلسفة" الطائف، بقدر ما يصح اعتبار "المناصفة" صيغةً من ضمن "الطائفية السياسية"، فإن "المناصفة" صيغةٌ من صيغ "إلغاء الطائفية السياسية".

ربّ سائل، لعله الرئيس بري نفسه: إذا كان ما تقدم صحيحاً، لماذا نصّ الطائف والدستور على "تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية" إذاً؟.

جواباً عن هذا السؤال، يقتضي القول إن النصّ على تشكيل "الهيئة الوطنية" موجود بالفعل، لكنه غير "محدد". هو أشبه بـ"إشارة" أو "فلاش". فالنص لا يعطي "الهيئة" صفةً تقريرية، ولا يحدد لها آجالاً، ولا يحدد معنى "إلغاء الطائفية السياسية" أصلاً.

"تجاوز" الطائفية هو مطلب البطريرك وعلى أي حال، فبمجرد أن يعترف بري بأن تشكيل "الهيئة" لا يعني "إلغاء الطائفية السياسية"، وبمجرد أن يعترف بأن "إلغاء الطائفية السياسية" مسألة عقود طويلة، فإنه يعترف ولو ضمناً بأنه ليس أمام خطوة إصلاحية "داهمة"، وبأن المسألة التي يحكي عنها الطائف والدستور إنما هي "مسارٌ" وليست "خطوة". أي أن "الفلاش" يعني أن الطائف والدستور يقولان الآتي: "المناصفة" هي القاعدة، و"ما بعد المناصفة" تطويراً للطائف ومن ضمنه هو "تجاوز" الطائفية السياسية تدريجاً وبـ"دوزات" مدروسة، لمراكمة ظروف الانتقال من الطائف ومن ضمنه تكراراً باتجاه "الدولة المدنية". وهذا بالضبط معنى تكرار البطريرك نصرالله بطرس صفير مقولة "إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص". مع التذكير بأن الكنيسة، وفي مقررات المجمع البطريركي عام 2006، كانت السبّاقة الى طرح هدف قيام "الدولة المدنية".

"إما وإما".. و"الحوركة"" حول "المثالثة"

إذاً، إن للاعتراض على دعوة بري أسباباً ميثاقية فوق الأسباب السياسية المباشرة.

على أن الرئيس بري، بالإضافة الى ما تقدم، عزّز في مؤتمره الصحافي أول من أمس العديد من المخاوف من دعوته.

فهو حذّر بل لعله "هدد" من أن "تعطيل تشكيل الهيئة الوطنية لا ينعكس على استمرار تعطيل درس طرق تطبيق مادة دستورية هي المادة 95 فقط، انما أيضاً على استمرار تعطيل مواد دستورية أخرى يرتبط تطبيقها بتطبيق المادة 95". ولفت في هذا السياق الى المادة 22 المتعلقة بإنشاء مجلس الشيوخ، والمادة 24 المتعلقة بقانون الانتخاب! وأضاف ان "مسائل ستتعطل بتعطيل تشكيل الهيئة منها قانون انتخاب المغتربين وقانون اللامركزية الإدارية الموسعة"!.

إذا كان "مفهوماً" ان إنشاء مجلس الشيوخ يرتبط بقيام "الهيئة" وحتى بإلغاء الطائفية السياسية نفسها، فما علاقة "قانون" الانتخاب و"قانون" المغتربين و"قانون" اللامركزية الإدارية بكل ذلك؟.

هل يعتمد بري صيغة "إما وإما"؟ إما تشكيل "الهيئة" وإما تعطّل الدستور؟. إمّا تشكيل "الهيئة" وإمّا تعليق للدستور أو تطويعه؟. إما تشكيل "الهيئة" وإما إعادة النظر بالطائف "بما أنكّم أيّها المعترضون ترفضون تنفيذ مادة منه؟. هل ثمة "حوركة" متجددة حول "المثالثة"؟ أم ثمة حسابات معينة أخرى؟

 

هل صحيح أن بري يريد تتويجاً "تاريخياً" لمسيرته فأقدم على إثارة موضوع إلغاء الطائفية السياسية؟

ابراهيم بيرم /النهار

يحلو للبعض أن يدرج "هجمة" رئيس مجلس النواب نبيه بري على مشروع تأليف هيئة تدرس السبل الآيلة الى الغاء الطائفية السياسية، في خانة الإثارة و"افتعال الحيوية" السياسية، كون رئيس حركة "أمل" صار رمزاً لمدرسة دأب روادها على ابتكار دينامية سياسية، مع علمه المسبق بأنها ستقود الى ردود فعل صادمة أو متفقة مع الفكرة المطروحة للنقاش.

ومدرسة "المخضرمين" عينها تعتبر ان جذب الضوء وردود الفعل وايجاد مساحة تَساجُل هي في ذاتها نجاح للفكرة حتى وإن لم تحقق هدفها المرتجى.

وصاحب هذه الرؤية قد يذهب بالتعاطي مع حركة الرئيس بري على أساس أنها جزء من موقعه ودوره السياسي والدستوري، وتستلزم دوماً العمل لإطلاق دينامية سياسية تعيد إحياء مرجعيته كرئيس لمجلس النواب.

ويميل متبنّو هذه الرؤية الى خلاصة فحواها انه بناء على ذلك، فإن شاغل موقع الرئاسة الثانية بلا انقطاع منذ عام 1992، سينجح بعد أن يطلق دعوته ويستمع الى ردود الفعل المشككة والمؤيدة، في العودة الى سيرته الاولى، وكأن شيئاً لم يكن، وتالياً يكون قد قال كلمته ومشى.

بالطبع ثمة في عمق الواقع السياسي اللبناني الكثير من التعقيد والعقد والهواجس والظنون التي تجعله محصناً ضد أي طرح جديد من شأنه أن يحدث تغييراً في المعادلة والنظام السياسي الشاخص بعناد منذ نيف وستين عاماً، كمثل الطرح الذي يرفع بري لواءه منذ أشهر عدة، ويتعامل معه "كقدر مستعجل"، وعليه فإن الكثيرين ما زالوا يستغربون في دواخلهم اصرار رئيس المجلس على حماسة عملية احياء يومية لطرحه المستجد، ويتعجبون من قدرته على المضي قدماً فيه برغم قوة "الهجمة" المضادة عليه والكفيلة بإيقاعه في لجة اليأس وبحر القنوط.

لكن الذين هم على تماس وتواصل مع الرئيس بري لا يستبعدون في المطلق أصلاً  فرضية تبناها البعض، وجوهرها ان بري الذي يتصدر بقوة واجهة العمل السياسي منذ عام 1984 في لبنان زعيماً سياسياً وشاغلاً لكرسي الرئاسة الثانية منذ 18 عاماً، يريد أن يختم مسيرته السياسية بعمل كبير يقارب حد اطلاق الفكرة الأكثر صعوبة والأكثر اثارة، تجعله في عداد الزعامات التاريخية اللبنانية. وعليه، فإن هؤلاء يعتبرون ان الامر بالنسبة الى بري ابعد من هذه الرؤية، واعمق من تلك النظرة.

وهم في هذا الإطار يحبذون اولا إلقاء الاضواء على التوقيت الذي اختاره بري ليدفع الى الواجهة مرة واحدة بهذه الفكرة الشاقة والشائكة في آن واحد.

فبري عندما بث الحياة في هذه الفكرة التي كانت مدفونة الى حد بعيد في طيات اتفاق الطائف، يعلم تمام العلم ان البلاد مقبلة على مرحلة سياسية جديدة، فيها من روحية الهدوء والاستقرار الشيء الكثير، وفيها عناوين التوافق والتفاهم اكثر من عناوين التجاذب.

والى ذلك لا تخفى على "نباهة" بري ان ثمة فسحة وفرصة لا يستهان بهما من شأنهما المساعدة في رسم موازين قوى جديدة في دورة الحياة السياسية في البلاد. ومن البديهي ان بري يحتاج في الوقت عينه الى حراك جديد، وحيويات مختلفة، تحيي دور مجلس النواب ومرجعيته هو، التي نالها من سهام "التشويه" الشيء الكثير في الاعوام الاربعة الماضية بعدما اقدم على خطوة يصعب على غيره الاقدام عليها وهي قفل ابواب المجلس في وجه حكومة كان يعتبرها فاقدة للشرعية.

واستطراداً اختار الرئيس بري اول فرصة هدوء تعقب عواصف سياسية وامنية دامت ما يقرب من خمسة اعوام، مستغلاً انشغال كل قوة او شريحة سياسية بمعالجة شؤون بيتها الداخلية واعادة ترتيب اولوياتها وتبويبها، لطرح فكرته الصادقة للجميع، حلفاء وخصوماً من دون استثناء. وفوق هذا كله، يأتي بري بطرحه هذا والكل خارج من ازمة سياسية عميقة استطالت وتشعبت الى حد بلوغها شفا حفرة من حرب اهلية، وقد اظهرت امرين اثنين، الاول هشاشة التركيبة السياسية التي اعتبرت في حين من الدهر انها تركيبة عجائبية وشافية كونها تنبثق من اتفاق الطائف الذي شاء الكثيرون ان يسموه اتفاقاً مصيرياً رسم خطاً فاصلا في تاريخ الكيان اللبناني، والثاني الحاجة الى فعل يطور هذا النظام ويدفع به لارتياد افق اكثر صلابة.

و"فضيلة" اخرى يتسلح بها بري لمواجهة هجمه الرافضين لطرحه، وهي انه لا يأتي بفكرة من ظهر الغيب، تفرض نفسها للمرة الاولى على ألباب السياسيين والمهتمين، فالفكرة قرينة كل الموجات التطويرية والتغييرية التي سادت البلاد في مطالع السبعينات ورفعت لواء الغائها، بدءاً من البرنامج المرحلي للحركة الوطنية، واستطراداً في برامج كل الاحزاب والتيارات الوطنية والعلمانية والتغييرية، لا بل ان الرئيس الاسبق فؤاد شهاب اشار اليها بصراحة وبجلاء وعدّها آفة وعلة من علل النظام اللبناني عام 1970 ، عندما حاول مريدوه آنذاك اقناعه بترشيح نفسه مجددا للرئاسة الاولى في محاولتهم الاخيرة لاستعادة الحكم قبل ان ينساب من بين ايديهم لاحقاً.

ومن باب لزوم ما لا يلزم الاشارة  الى ان الفكرة عينها منصوص عليها صراحة في مقدمة دستور الطائف وموضوعه، كباب من ابواب العبور الى تطبيق بنود اخرى تقع في خانة تطوير النظام وتحديثه وعصرنته، وابرزها بند مجلس الشيوخ وبند اللامركزية الادارية وما يرتبط بهما، مثل بند الانماء المتوازن.

وثمة امر آخر، لا شك في ان بري يضعه في اعتباره، عندما بادر الى التمسك بطرحه الجديد والترويج له، وهو ان سوريا المحاصرة دوماً بتهمة تعطيل تطبيق اتفاق الطائف  ابان "وصايتها" على الساحة اللبنانية، او انتقاء بنود منه تلائم مصالحها وتلبي تطلعات حلفائها دون سواها، هي الآن في خارج دائرة التأثير الحاسم على هذه الساحة.

ولا ينكر اصحاب هذه الرؤية ان بري بطرحه هذا اوجد مستفيدين وخاسرين. فالمستفيدون هم بالدرجة الاولى "حزب الله"، الذي وإن كان لا يبدو متحمساً كل الحماسة لهذا الطرح على نحو يبدو معه وكأنه شريك لبري في الإعداد والاخراج، وذلك لحسابات تتصل بنهجه المستجد والراغب في البقاء خارج دائرة السجالات واثارة الملفات الحساسة والمثيرة للجدل، الا ان الحزب لا يجد ضيرا في ايجاد نوع من التوازن بين الملفات الكبرى وفق ما يذهب البعض، عندما يربط بين موضوع الغاء الطائفية السياسية والتغطية على سلاح المقاومة، وإن كان في الحزب من يعتبر طرح بري جدياً يستأهل التعامل معه بجدية، ويرى ان له مكاناً مشروعا في السجال السياسي، لاسيما وان الحزب اتى على ذكر امر الغاء الطائفية السياسية في الوثيقة الاخيرة التي صدرت عن مؤتمره العام الثامن.

وثمة مستفيد آخر من هذا الطرح هو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، الذي ارسل اكثر من رسالة جلية وصريحة تؤيد ما يذهب اليه الرئيس بري ودافع من حيث المبدأ عن شرعية طرح الفكرة على بساط البحث والنقاش، ويستغرب التعاطي معها بهذه السلبية.

ومع ان ثمة من يرى ان الفكرة قد احرجت "حليف حليفه" اي النائب العماد ميشال عون الا ان في صف المعارضة من يرى ان هذا الطرح لا يتعارض مع طروحات العماد عون ورؤاه على المدى الزمني البعيد، خصوصاً وان عون قارب السياسة وولجها من باب الدعوة الى دولة مدنية تؤسس للاصلاح والتغيير.

ثمة في الاوساط السياسية غير المتحمسة لطرح الرئيس بري من يرى ان الرجل كان في العقدين الماضيين واحداً من "فرسان" اللعبة الذين كرسوا، في ممارستهم الحكم والسلطة، الطائفية بأجلى صورها واستفادوا من وجودها الى اقصى الحدود، لا بل ان بين هؤلاء من لا يخجل من الاشارة الى ان بري كان "شريك" المحاصصة الطائفية التي مهدت المسرح لحالة "الفساد" المشكو منها، وعليه فإن الرجل يبغي من وراء هذا الطرح ذي المضامين التقدمية و"التطويرية" اما الحصول على "براءة ذمة" او التطهر من آثام المرحلة الماضية التي لم يمر عليها الزمن، وانه بالتالي يبغي اعادة انتاج نفسه سياسياً. الا ان الامر الاكيد ان طرح بري كشف، ربما للمرة المئة، ان في البلاد، ورغم الازمة التي مرت بها خلال الاعوام القليلة الماضية، قوى غير جادة في الإقدام على اي فعل او نهج من شأنه ان يطور التركيبة السياسية، او يشذّبها بعض الشيء وينزهها عن صورتها السيئة.

اما عنصر المفاجأة لدى بعض المحيطين بالرئيس بري فهو هذه اللامبالاة التي تتعاطى فيها قوى اساسية مثل تيار "المستقبل" مع طرح بري، مما يدل على اطمئنان هذه القوى الى ان الامر كله غير جدير بالاهتمام، في حين ان هناك من بين هؤلاء من يقول بأن هذا التيار هو الآن في مرحلة انعدام وزن تجعله قاصراً عن التعاطي جدياً مع الأمور المصيرية، وينصرف الى أمور اخرى اكثر الحاحاً.

 

الأقباط والأقليات في الحقبة الجديدة: قمع المجتمع لا الدولة

جهاد الزين/النهار     

تهبط علينا أخبار الاصطدامات الطائفية بين مسلمين واقباط في بيئات شعبية في مصر، والتي غالباً ما يتحوّل فيها الاقباط الى ضحايا، كالمنبّه الساعة في غرف النوم، لا لتخبرنا بشيء جديد بل لتخرجنا من سبات عابر.

حصلت هذه الاصطدامات مرة اخرى... ومن المأسوي القول انها ستحصل مرة اخرى في حي شعبي في احدى المدن او احد الارياف المصرية. الواقعية تتطلب انتظار حصولها المفاجئ هنا او هناك او هنالك في مجتمعات رغم تراثها التعايشي تتحول اكثر فأكثر الى غيتوات دينية ضيقة او واسعة، المساحة والعدد ليسا المعيار هنا بل الانغلاق الطقوسي والحياتي.

سيكون من الاستسهال تحميل الدولة المصرية منفردة مسؤولية ما بلغته الحالة الطائفية. ولكن العوامل المتفاقمة السياسية والإيديولوجية والاقتصادية والاجتماعية تجعل ما وصلنا اليه ظاهرة ليست محصورة بمصر وحدها في منطقة المشرق العربي ذات التنوّع الديني والمذهبي. لا سيما حيث يشكل المسيحيون تقليدياً قطب الثنائية الدينية الاقلاوي او قطب التعددية الأساسي مقابل الحضور الأكثري للمسلمين، لا بل ان الاصطدامات الدينية تصل في مجتمعات الاكثرية الاسلامية الى باكستان وماليزيا.

المسؤولية الامنية للدولة المصرية اكيدة بل بديهية على هذا الصعيد. لكن المجتمع المصري ليس حالة خاصة في المشرق العربي من الاحتقان ذي التعبيرات الدينية، الى حد بات يمكن معه القول ان عدداً من الكيانات الوطنية يشهد الآن ظاهرة قابلية، بل جاهزية مجتمعاتها لممارسة العنف على بعضها البعض، اقليات واكثريات، مع بلوغ الاحتقان الديني حدا بات يتخطّى مسؤولية الدولة الوطنية نفسها، او قدرتها الامنية والاستيعابية.

هل هي الاصولية الدينية؟ ام ان الاصولية الدينية نفسها هي نتيجة سياسية للاحتقان الانغلاقي الذي بلغته مجتمعاتنا بتضافر عميق ومتداخل ومعقّد لعوامل عالمية ومحلية. لقد قيل في التسعينات ان "العولمة" تشكّل في اكثر من مجال تحديا للسلطة التقليدية للدولة الوطنية. انه تحد من اعلى، اي من خارج في منظومة علاقات عالمية، ولكن الظاهرة التي نحن بصددها، الانتقال من قمع الدولة الى قمع المجتمعات، اي الى تشكّل القوة القمعية للمجتمعات وسلاحها الاول التعصّب الديني، هو تحد "من تحت"، من الداخل، لسلطة الدولة الوطنية التقليدية، اذا جاز هذه المرة التعبير المقابل.

على ان المفارقة الهائلة الدلالة التي ترتسم الآن بوضوح مأسوي مع انتهاء القرن العشرين ان مسيحيي منطقة المشرق العربي من مصر الى العراق مروراً بلبنان وسوريا وسائر بلاد الشام، استقبلوا اوائل ذلك القرن بتفاؤل سياسي كبير عندما أدت نهاية الامبراطورية العثمانية الى نشوء دول اصبح لهم فيها حضور سياسي اساسي بل متساو وحتى متقدم. ها هم اليوم اذا اجرينا جردة للقرن العشرين كقرن نشوء الكيانات الوطنية في المنطقة، يجدون انفسهم وقد تراجعوا ديموغرافياً بأرقام خطرة تعبر عنها قياداتهم الكنسية بأشكال معلنة وصريحة.

لقد بدأ القرن العشرون في الاناضول وبسبب الحرب العالمية الاولى ونتائجها المباشرة بفراغ ديموغرافي شبه كامل من بضعة ملايين من المسيحيين اليونانيين نتيجة الصراع بين مشروعين: الدولة – الامة اليونانية التي اعتبرت الامتداد الى آسيا الصغرى جزءا من صورتها "التاريخية" عن نفسها يونانياً ثم بيزنطياً، والدولة – الأمة التركية التي كانت في حالة ارتداد نحو دولة بديلة عن امبراطورية مهزومة. كذلك بصورة من الصور دفع الأرمن ثمن صراع بين الدولة – الامة الارمنية والدولة – الامة التركية، كان مسرحها الاجزاء الغربية والجنوبية من الاناضول.

الجماعة المسيحية التالية التي دفعت الثمن المباشر لتشكل "الكيان الوطني" الجديد كانت الجماعة المسيحية العراقية في الدولة العراقية التي ستنشأ من ثلاث ولايات عثمانية سابقة. لقد خرج الآشوريون فعلياً من السياسة العراقية مبكراً. فرغم المآسي التي لا يزال يتعرض لها مسيحيو العراق الآن من سهل نينوى مع الاكراد و"البن لادنيين" الى الموصل وبغداد مع التطرفين السني والشيعي (حتى البصرة)، رغم ذلك ليس صحيحاً ان شبه "الانقراض" المسيحي في العراق بدأ في السنوات الاخيرة. لقد كانت الضربة القاصمة – وبتوريط بريطاني للآشوريين – على يد الجيش العراقي الملكي في الصدام الشهير الذي افتتح هجراتهم الحديثة الى الجزيرة السورية... والآن الى محيط دمشق ونسبياً حلب. وهما محيطان يشهدان ازدهاراً اجتماعياً كنسيا مسيحياً عماده مسيحيو العراق ومسيحيو منطقة الجزيرة في اقصى الشرق الشمالي السوري، فيما تشكل سوريا عموماً - وهذه ظاهرة تحتاج الى درس – وضعاً معاكساً للاتجاه التراجعي المسيحي في المنطقة وتحديداً بين مصر وفلسطين والعراق، مع استثناء ايجابي ايضاً للثلاثة بالماية المسيحية من شرق الاردن برعاية سياسية من النظام تجعل نسبة مقاعدهم في بعض المؤسسات التمثيلية تتخطى الى 6 بالماية فأكثر. لكن يبقى الوجود الديموغرافي الاساسي المسيحي في بلاد الشام هو في سوريا، بينما الكتلة الرقمية الكبرى لا تزال – وستظل – لأقباط مصر، المختلف على تقديرهم العددي بين سبعة الى عشرة ملايين.

إذاً اسفر القرن العشرون، المفترض انه، وهو كذلك، قرن انشاء الكيانات الوطنية التي ساهمت النخبة المسيحية المشرقية في التمهيد لها منذ نهاية القرن التاسع عشر، اسفر في نهايته عن تراجع ديموغرافي – سياسي دراماتيكي لمسيحيي المنطقة، كانت الحرب الطائفية في لبنان آخر فصولها في ربع هذا القرن الاخير بين 1975 – 1990. واذا كان بعض التطرّف القبطي قد حاول الترويج من بعض المهاجر الاوروبية والاميركية الى نوع من "المسيحية المقاتلة" في مصر لم تتحوّل في اي يوم الى ظاهرة جدية داخل المجتمع القبطي الاوسع نفسه، فإن لبنان كان يشهد في حربه الأهلية آخر واقوى انواع "المسيحية المقاتلة" التي انتهت لأسباب عديدة ايضاً الى تعرض المسيحيين لنكبة ديموغرافية في الجبل وبعض مناطق اخرى. وأحد الاسئلة المفترض ان تشغل بعض النخبة السياسية اللبنانية هو هل تبدي النخب السنية والشيعية تساهلاً، بل تراخياً، (اذا لم نقل تواطؤاً) امام الاصولية الاجتماعية التي باتت تسيطر على البيئتين السنية والشيعية في لبنان، وهي تتخطى مجرد "الاصولية السياسية"، بل بشكل من الاشكال يمكن القول انها ليست بالضرورة متماهية معها تماماً. فيمكن للاصولي الاجتماعي، السني او الشيعي، ان يكون حتى ضد حزب اصولي سياسي، ولكنه في الممارسة الاجتماعية اكثر تشدداً منه او اكثر تطابقاً معه. هذه الاصولية الاجتماعية المتمادية والمتعددة الطبقات، كيف تنعكس – رغم شعارات الاعتدال – في تحوّل النظام الطائفي اللبناني الى اولويات فعلية جديدة في علاقة لبنان بالمنطقة. حتى ان التأمّل في الحالة اللبنانية، ولو ابتعدنا قليلاً، قد يفضي الى تفسير برنامج "لول" التلفزيوني غير المألوف في اطلاق النكات الجنسية، باعتباره احد اشكال الرد في "لاوعي" بعض البيئة المسيحية على هذه الاصولية الاجتماعية الفجّة عند المسلمين. فجاجة في الليبرالية الاجتماعية تقابل الفجاجة في الاصولية الاجتماعية.

انتقال "مركز" القمع الى المجتمعات... هو حتماً انتقال سياسي في نوع تشكّل السلطات على المدى الابعد. سلطات الممانعة او سلطات التكيّف؟ لكن الاكيد حالياً ان بعض اكثر السلطات سلطوية تخلّى عن "السلطة الثقافية" للاصولية مقابل الاحتفاظ بالسلطة الأمنية السياسية.

 

موقف المطارنة الموارنة عكس رداً ضمنياً على الاستهداف

مسار مزدوج في التعامل مع التحرّك الخارجي لسليمان

روزانا بومنصف/النهار     

بادر مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الاربعاء الماضي الى الاشادة "بكل الزيارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الحكومة"، معتبرا "ان من شأنها ان توثق روابط الصداقة بين لبنان وبعض دول العالم وتجعل لبنان حاضرا على الصعيد الاقليمي والعالمي مما يعود عليه بالنفع والفائدة ".

ويبدو موقف المطارنة الموارنة ردا ضمنيا على استهداف زيارات رئيس الجمهورية للخارج وخصوصا زيارتيه الاخيرتين لكل من واشنطن وباريس. وعلى رغم مرور بعض الوقت على هاتين الزيارتين لم تفته العودة الى الاشادة بالتوجه الخارجي الذي يعبر عنه تحرك رئيسي الجمهورية والحكومة والذي يصب في مصلحة اعلاء شأن لبنان في الخارج والسعي الى موقع لاعب في المنطقة ولو كان دوره صغيرا.

وكشف الترحيب العام بزيارة الرئيس سعد الحريري لتركيا وغياب الانتقادات لها جزءا من المشهد الاتهامي من حيث تسليط الضوء ولو في شكل غير مباشر على من يقوم بهذه الانتقادات، باعتبار ان هذه الزيارة لم تنقّز من يجب ان ينقزوا لان سوريا سبقت لبنان الى تركيا بأشواط، فضلا عن ان تركيا التي تعرف كيف تدير علاقاتها مع دول المنطقة لن تساهم في استفزاز سوريا في العلاقة مع لبنان، والكثير مما يحصل انما يحصل تحت المظلة الراعية للعلاقات التركية - السورية، أكانت اتصالات تركيا تجرى بايران او بسواها كلبنان مثلا.

وهذا الامر يكشف ان منتقدي رئيس الجمهورية في زياراته للخارج، اما انهم يعبّرون عن الخارج الاقليمي القريب كما يرى كثيرون لكون هؤلاء لا يرون مصلحة داخلية فعلية للبنانيين في القيام بذلك في حال كانوا يتطلعون الى المصلحة اللبنانية، واما هو بتحريض من هذا الخارج، واما هو ايضا سعي الى تبييض الوجه مع الرئيس السوري بشار الاسد في التهجم على رئيس الجمهورية وانتقاد زيارته لواشنطن التي لا تزال علاقاتها فاترة بدمشق، على رغم طموح هذه الاخيرة الى عودة العلاقات بين الجانبين الى ما قبل عام 2003، ويسوؤها ان تكون للبنان هذه الصلة بواشنطن او الا تمر هذه العلاقة عبرها الى لبنان بدلا من عكس ما يحصل من حيث المبدأ حتى الآن، علما ان سوريا لم تظهر مرة انزعاجها على نحو مباشر او صريح من زيارات الرئيس اللبناني للخارج وفق ما تقول مصادر سياسية عليمة. الا انه يخشى ان يكون عدم القدرة على اظهار الاستياء مباشرة لرد الفعل الذي تستثيره عودتها الى التدخل في شؤون لبنان من الداخل ومن المجتمع الدولي على السواء، هو الذي يدفع في اتجاه توجيه الرسائل غير المباشرة.

وتثق مصادر سياسية في بيروت بان الاستهداف نفسه كان سيطول زيارات الرئيس الحريري للخارج لولا ان هذه الاخيرة لا يفصلها الكثير عن الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة لدمشق، ولولا ان ثمة حذرا كبيرا في الايحاء ان هناك عودة الى التعامل مع زيارة الحريري للخارج كما كان يتم التعامل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في كل زيارة كان يقوم بها للخارج، حتى لو كانت المهمة الضمنية لتحركه تسويق سوريا ومطالبها لدى دول في الخارج. لكن الاسلوب نفسه يعتمد مع رئيس الجمهورية في ظل مسار مزدوج اذا صح التعبير، وفق ما يعتقد ان سوريا تستمر في ممارسته مع لبنان:

الاول هو سياسة رسمية تتعامل مع المسؤولين على انها لا تفهم لماذا تحصل الانتقادات وتقلل شأنها وربما تحمل رئيس الجمهورية على نحو خاص رسائل معينة يمكن ان ينقلها الى المسؤولين في الخارج خصوصا ان رئيس الجمهورية عمل منذ وصوله ولدى لقائه اي مسؤول اميركي زائر على التشجيع على اعادة فتح الابواب بين الولايات المتحدة ودمشق والتحاور معها.

والمسار الآخر هو بواسطة الحلفاء في بيروت، او حتى الاعلام السوري من اجل الضغط على رئيس الجمهورية وابقائه كأنه في موقع من يرتكب خطأ او من يضطر الى التنسيق على نحو كثيف ودقيق مع سوريا في السياسة الخارجية وعدم الخروج عن هذه التوجهات.

ومعلوم ان ثمة استياء لدى بعض الدول الصديقة للبنان التي تلاحظ ان اي تغيير لم يطرأ على سياسته الخارجية على رغم التحولات التي شهدها لبنان في الاعوام الاخيرة، مما يعد دليلا على ان الانتقادات لزيارات رئيس الجمهورية تهدف الى ابقاء هذه الزيارات كتلك التي يمكن ان يقوم بها مسؤولون آخرون في مواقع اقل اهمية من موقع الرئاسة الاولى تحت سقف السياسة الخارجية السورية في كل عناوينها وتفاصيلها.

اما التبريرات لذلك فتتم تحت ذريعة ان هؤلاء المنتقدين انما يقومون بذلك اعتقادا منهم انهم يسدون خدمة للنظام السوري ويبيّضون وجههم معه، او ان الذريعة الاخرى هي ان عدوى الحرية الاعلامية في لبنان سرت على الاعلام في دمشق فاصبح معبرا بحرية عما يراه اعلاميا وسياسيا من دون ان تكون هناك توجيهات رسمية في هذا الاطار، وهو الامر الذي تقول مصادر سياسية زائرة لدمشق ان الاخيرة باتت تعتمده ردا على الانتقادات والتوجيهات التي تنقلها الصحافة السورية والتي يبدي الزوار اللبنانيون خشية ان تكون تعبر عن تدخل سوري يستفز اللبنانيين مجددا، فتقول ان الصحافة السورية حرة بعدما عجزت سوريا عن المونة على المسؤولين السياسيين في لبنان من اجل اسكات الاعلام او تخفيف انتقاداته لها والمواقف التي ينقلها في هذا الاطار.

 

 الفرصة" ضاعت مع المجلس الأول عام 1992 وليس في "الطائف" ما يوجبها في المجلس الرابع

الحماسة المذهبية لإلغاء الطائفية سبب قويّ لإبقائها

المستقبل - الجمعة 15 كانون الثاني 2010 - وسام سعادة

إنّ حماسة بيئة طائفية مذهبية بعينها، أكثر من سواها، لإلغاء "الطائفية السياسية" هو سبب إضافيّ للإبقاء عليها.

لا يعود ذلك فقط إلى ما تولّده هذه الحماسة من "فتور" أو "نفور" لدى الطوائف الأخرى عند طرح الموضوع. الأخطر من ذلك أنّه، ومع هذه الحماسة، يصير "إلغاء الطائفية" جزءاً من الخطاب الطائفيّ، بل يصير هو الخطاب الطائفيّ في أعلى درجات احتقانه.

الخطاب الطائفيّ ينقسم في العادة بين خطاب تفرزه طائفة ما لـ"تحصيل" ما تعتقده أنّه حق لها أو لأحد أبنائها، وبين خطاب تفرزه طائفة أخرى لـ"المحافظة" على ما تعتقده حقّاً أو ضمانة.

ويمكن أن يتطوّر الخطاب الطائفيّ لتسويغ "تحالف" بين طائفتين بوجه ثالثة أو لعقد "مصالحة" أو لتبرير "تبديل في التحالفات"، وقد يتزيّن الخطاب الطائفيّ بسمات "المساومة" و"المناقصة" و"التقاطع" بين طائفتين، أو يرتدّ إلى "المزاحمة" فـ"الاحتكاك" فـ"الاصطدام"، أو يكشف عن نزعات "هيمنيّة" و"إلحاقيّة" و"إقصائيّة" و"إلغائيّة".

أما الحماسة لإلغاء "الطائفية السياسية"، أو حتى لتشكيل "الهيئة الوطنية" المكلّفة بالتحضير لذلك، فليست من النوع الذي تفرزه طائفة "تحصيلاً" لحقوق أو نشداناً لـ"ضمانة". هذه الحماسة هي بالتالي لنزعات الهيمنة والإلحاق والإقصاء والإلغاء أقرب.

هذا من دون النظر إلى طبيعة البيئة الطائفية التي تطرح على نفسها الشروع في إلغاء "الطائفية السياسية". فلا أحد يستطيع القول إنّها بيئة سبق فيها تحقّق "الفرد" بعامّة، و"الفرد المواطن" بخاصة، البيئات الطائفية الأخرى. ولا أحد يمكنه الزعم أنها بيئة تزدهر فيها اليوم قيم الحداثة والتنوير والتقدّم والنظرة العلمية إلى الكون والفساد والنظرة العلمانية إلى الدولة والمجتمع أكثر من البيئات الطائفية الأخرى، لكي تكون هذه الحماسة لإلغاء الطائفية معلّلة في حدّها الأدنى. العكس صحيح. البيئة الأكثر رغبة في الشروع بإلغاء الطائفية هي البيئة التي تحتضن كامل الترسانة الأيديولوجية للثورة الإيرانية، القائمة على أقصى حالات تسييس الدّين، وهو ما يجاهد ضدّه قسم كبير من الشعب الإيرانيّ اليوم.

والمقابل أيضاً صحيح. فالبيئة الأكثر نفوراً من إلغاء الطائفية السياسية هي البيئة التي يتحقّق فيها "الفرد" بعامّة، و"الفرد المواطن" بخاصة، أكثر من سواها، والتي تتسرّب إليها نتف من الحداثة والتنوير والعلمانية نظراً لرواج سمات "الإقتداء بالغرب سلباً وإيجاباً" ضمن هذه البيئة.

إذا كانت الحال كذلك، فإنّه يمكن الافتراض أنّ البيئة المنادية بإلغاء الطائفية السياسية، رغم كونها كبيئة مسيّسة للدين أكثر من سواها، هي بيئة غير مقتنعة بما لها من دور وحجم ووزن ضمن الصيغة التوازنية القائمة على أساس "المناصفة الإسلامية المسيحية". وبهذا المعنى تتكشّف حقيقة شعار "إلغاء الطائفية السياسية" كما يطرح اليوم "تحريراً للطائفية" من قيد المناصفة الإسلامية المسيحية، فننتقل بذلك من "طائفية سياسية"، أي طائفية تضبطها الدولة، إلى طائفية بلا ضوابط، أي طائفية تضبطها ثلاثية "الديموغرافيا" و"السلاح" و"الأيديولوجيا الدينية" على الطريقة الإيرانيّة.

والمفارقة أنّ تشكيل "الهيئة الوطنية" المكلّفة الإعداد لهذا الإلغاء يطرح على أنّه "واجب" لا خيار فيه، علماً أنّ ليس في القانون الدستوريّ من "موجبات" إلا تلك التي تتعلّق بتنظيم "الفصل والتكامل" بين السلطات إن كنّا في نظام برلمانيّ، وتنظيم "الفصل والتوازي" بين السلطات إن كنّا في نظام رئاسي. كل ما عدا ذلك يخضع للعبة التداولية بين الأطراف السياسيين، بل للعبة التأويلية المتعلّقة بتفسير الدستور ومن له الصلاحية في ذلك. والعجب، كل العجب، أن يكون تشكيل مثل هذه الهيئة لا يحتاج إلى "التوافق" كما قيل، في حين أن البيئة نفسها تستلزم التوافق في كلّ شيء، ابتداء ممّا في تعريف "الدولة"، أي دولة، أنّ لا "توافق" حوله، بل "وجوب"، وهو احتكار الدولة كدولة لمنظومة العنف الشرعيّ، ووصولاً إلى أصغر وأدق التفاصيل، حيث تطالب هذه البيئة بـ"التوافق" في كلّ شيء، وحول كلّ الملفّات، إلا عند طرح الموضوع الذي يتعلّق فعلاً بـ"التوافق"، بل هو الموضوع الوحيد الذي يحتاج إلى "التوافق"، أي موضوع إلغاء "الطائفية السياسية".

عجب أيضاً، أن يصار إلى الرّبط بين قضايا لا رابطة "سببية" فيما بينها: فما علاقة "السير أو عدم السير" بتشكيل "الهيئة الوطنية" بـ"السير أو عدم السير" بإعطاء الجنسية للمغتربين الذين من أصل لبنانيّ؟ أمّا القول بأنّ أوّل مجلس ينتخب على أساس المناصفة كان عليه السير بتشكيل هذه الهيئة، فتلك حجّة ضدّ تشكيلها الآن، بل أنّها الحجّة المفترض فيها أن تحسم الأمر بالإقلاع عن تشكيل هذه الهيئة واعتبار هذه المادة من الدستور "معلّقة" أو "منسوخة". فأوّل مجلس انتخب على أساس المناصفة ضيّع الفرصة: لأنه أنتخب في ظلّ عدم الالتزام بروزنامة "إعادة انتشار القوات السورية" كما نصّ عليه إتفاق الطائف، ولأنّه انتخب في ظلّ عدم الإلتزام بقانون إنتخابيّ عادل بما في ذلك التصوّر الذي وضعه إتفاق الطائف لهذا القانون، ولأنّه أنتخب في ظلّ عدم الإلتزام بحلّ كافة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية على أرض لبنان كما نصّ عليه إتفاق الطائف. وما دامت الفرصة ضاعت في إنتخابات مجلس 1992 فإن ما نصّ عليه الطائف صار غير قابل للتنفيذ، ولا يوجد في إتفاق الطائف ما يقول إنّه إذا لم يقم هذا المجلس بذلك فعلى رابع مجلس يأتي بعده أن يحضّر لذلك!

 

مواقف من طرح بري تشكيل هيئة إلغاء الطائفية ودعوات الى مناقشة ديموقراطية بعيدة عن المجاملات

المستقبل - الجمعة 15 كانون الثاني 2010 - تواصلت أمس، ردود الفعل المتباينة على طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية والتي راوحت بين معارض ومؤيد، فيما ذهب البعض الى الدعوة الى مناقشة ديموقراطية في المجلس النيابي لكي يدلي كل الافرقاء بآرائهم بحرية بعيدا عن المجاملات لا سيما وان هذا الطرح يثير هواجس فئة غير قليلة من اللبنانيين".

صقر

أوضح عضو تكتل "لبنان اولا" النائب عقاب صقر، في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "هناك مواضيع عدّة أقل حساسية من إلغاء الطائفية طرحت بالمفرق على طاولة الحوار"، واعتبر "ان طرح برّي يتضمّن الكثير من الأفكار وبالتالي يجب طرحه للنقاش". لافتا الى" مواضيع أقل أهمية احتاجت لإجماع القوى السياسية، وبالتالي هذا الطرح يحتاج أولاً لتوفير المناخ المؤاتي وانضاجه، نظراً لحساسيته".

اضاف: "أي طرح نشعر انه سيؤدي الى خلاف يجب التريّث في إعلانه ويجب طرحه أولاً في الحوارات الثنائية والغرف المغلقة قبل إعلانه أمام الرأي العام، وذلك بعد الأخذ بالإعتبار الظروف السياسية والوطنية. إن إلغاء الطائفية السياسية مدرج في الدستور واتفاق الطائف"، معتبراً أنه "عندما نقول إن التوقيت غير مناسب فهذا لا يعني اننا نريد حذفه من الدستور، بل يجب تمهيد الظرف السياسي له ".

وعن ربط إلغاء الطائفية باللامركزية الإدارية وقانون الإنتخابات ومجلس الشيوخ، قال: "إن هذه المطالب التي يطرحها برّي محقّة وحيوية، وما عرضه بالأمس جاء منسجماً وأزال الكثير من الإلتباسات وفتح المجال امام نقاش حيوي وموضوعي وحقيقي، ولكن المشكلة فقط تكمن في التوقيت والظروف التي تحتاج للإنضاج، علماً أن كل هذه الطروحات ضرورية، ولا يوجد اختلاف حولها، ولكن يجب وضعها في سياقها الطبيعي الذي يؤمّن نجاحها". وختم:" نحن نؤيد طرح برّي، لكن في الوقت عينه يجب تأمين ظروف نجاحها".

قباني

وأكد عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد قباني في حديث الى "المؤسسة اللبنانية للارسال"، أن كتلته النيابية أعلنت أنها مع تطبيق كل بنود الطائف"، مشيراً إلى أن "تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية هي جزء من الدستور اللبناني"، لكنه اعتبر أنه "يجب أن نختار التوقيت الذي لا يحدث خلافا داخليا". وأوضح "اننا لم نسمع سوى بعض الأصوات الرافضة أما سائر الأفرقاء فهم إما مع تشكيل هذه الهيئة أو يعطون بعض الملاحظات حول التوقيت". ودعا إلى "إجراء مناقشة ديموقراطية في إحدى الجلسات الخاصة في المجلس النيابي لكي يدلي كل الأفرقاء بآرائهم بحرية وبعيدا عن المجاملات".

مجدلاني

وأعلن عضو"الكتلة "النائب عاطف مجدلاني انه "لا يعرف سبب اصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري على طرحه تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية"، مقرا في الوقت نفسه أن تشكيل "الهيئة" بند وارد في الدستور وفي اتفاق الطائف". واعتبر ان "طرح تشكيل" الهيئة" يثير هواجس لدى فئة غير قليلة من اللبنانيين" .

وقال في حديث الى محطة "اي ان بي" : "اذا أصرينا عليه فإن ذلك يثير مشكلة ولا يطرح حلا ونحن مع إلغاء الطائفية في شكل عام والذهاب الى الدولة المدنية".

خريس

وأوضح عضو كتلة "التحرير والتنمية" النائب علي خريس أن "موقفنا واضح بشأن تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وهو ينطلق من اتفاق الطائف، الذي علينا أن نسعى إلى تطبيق ما تبقى من بنوده ".

وقال لمحطة " otv" أمس:" على حكومة الوحدة مسؤولية تنفيذ ما تبقى من الطائف، والقيام بإصلاحات جذرية. وموضوع الهيئة، كما قال الرئيس بري، ليس مزحة وهذا موضوع جدي وموضوع عام ويخدم المصلحة الوطنية العليا ويخدم مصلحة المواطن."

وعن موقف رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون من موضوع إلغاء الطائفية السياسية، رد خريس: "الرئيس بري تكلم في تشكيل هيئة لإلغاء الطائفية، ولم يتكلم في إلغاء الطائفية فوراً، ولا شيء يتم إلا بالإجماع وهذه نقطة مهمة وأساسية".

وفي حديث الى وكالة "اخبار اليوم" قال خريس:" إن برّي لم يطرح إلغاء الطائفية السياسية، بل هو ينطلق من الدستور واتفاق الطائف، لذا دعا الى تشكيل هيئة الغاء الطائفية، علماً أن برّي أشار الى أن الإلغاء قد يحصل بعد 20 أو 30 سنة". وأكد "إننا لا يمكن أن نتراجع عن هذا الطرح، فليعمل من لا يريد الطائف على تعديل هذا البند، وليقل صراحة انه لا يريد إلغاء الطائفية السياسية ولا تشكيل الهيئة، وبالتالي يريد تعديل هذه النقطة من الدستور، وعندها عليه تقديم اقتراح معيّن لتعديل هذا البند او لإلغائه بالكامل".

وسأل: "هل هناك كارثة إذا أردنا تطبيق الدستور والطائف؟!"، مشيراً الى أن "هذه المسألة ليست إستنسابية، فيلكن معلوماً عند الجميع أننا نتكلّم عن تشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية، وقانون إنتخابي جديد حسبما ورد في الطائف، وإنشاء مجلس الشيوخ، واللامركزية الإدارية وتنفيذ ما تبقى إتفاق الطائف".

* وأيد النائب السابق فيصل الداوود في تصريح أمس طرح الرئيس بري وقال: "هذا عمل دستوري مشروع يجب وضعه موضع التنفيذ، بعد تأخير دام عشرين عاما، ولا يمكن ان تبقى علة لبنان الطائفية مرضا يسري في جسده ويأكل منه ليقضي عليه".

* ووجه عميد المغتربين اللبنانيين السفير فؤاد غندور رسالة الى بري أعلن فيها تأييده لـ "مواقفه الوطنية الجريئة التي تبعث الأمل في نفوس اللبنانيين في الداخل والخارج". وقال: "الطائفية السياسية يا دولة الرئيس أمّ البلاء كانت ولم تزل السبب الرئيسي للأزمات الإجتماعية والسياسية والقومية منذ ما قبل ولادة لبنان الكبير".

* وقال وليد نور الدين: "لقد ارتقى الرئيس بري عن كل السجالات والمصالح الآنية ليضع في المقام الاول أمّ المشكلات وهي الطائفية السياسية".

 

الإدارة الأميركية تقرّر الانفتاح على عون بعد قطيعة سنة

الحريري وصفير يتحفظان على مبادرة بري

السفير/نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في استدراج معارضي إلغاء الطائفية السياسية إلى إشهار مواقفهم علنا، لكن ذلك «لم ولن يجعله يتراجع عن قناعة دستورية وسياسية»، بحسب ما نقل عنه زواره ليل أمس، رافضا الدخول في سجال سواء مع الرافضين كليا أو الذين يتبنون نظرية «الإلغاء من النفوس قبل النصوص» أو المطالبين بإجماع وطني على الأمر.

واكتفى المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل بالقول، ليل أمس، لـ «السفير» انه «بعبارة واحدة، نحن مستمرون في طرحنا، والقضايا الدستورية إذا أخضعناها للإجماع، إنما نحوّلها إلى قضايا خلافية، فهل هذا هو المطلوب»؟

وجاء موقف النائب خليل ليشكل نوعا من الرد غير المباشر على موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي شاء التعليق على دعوة بري لتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية بصيغة «دردشة» مع الصحافيين في السرايا الكبيرة، مؤكدا أن «هذا الموضوع يلزمه إجماع. وفي رأيي أن الإجماع على هذا الموضوع هو الأساس. وإذا كانت هناك مواقف لا تحبذ هذا الموضوع، فهذا يعني انه ليس هناك إجماع عليه. من هذا المنطلق نحن نتعاطى مع ما يجمع اللبنانيين، واعتقد أن الرئيس نبيه بري في هذه الروحية».

وقالت أوساط نيابية بارزة في تكتل التحرير لـ «السفير» انه لا تغيير في القواعد الدستورية وكل ما يثار يزيد الرئيس بري إصرارا وتمسكا بقناعته. الآلية هي نص دستوري ملزم كغيره من بنود الدستور، أما تنفيذ إلغاء الطائفية فهو لا يتحقق إلا بإرادة وطنية مشتركة وليس بمنــطق الفرض».

بدوره، حيا رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي الرئيس بري على طرح تشكيل الهيئة معلنا تأييده «مئة في المئة»، وقال «نظامنا السياسي أثبت فشله ولا خلاص من كل ما نشكو منه وآخره أزمة السير المتمادية إلا بإقامة دولة القانون والمؤسسات».

في المقابل، جدد البطريرك الماروني نصر الله صفير، رفضه طرح الرئيس بري وقال «هناك من ينادي بتشكيل هيئة لإلغاء الطائفية السياسية، لكن هناك من يقول انه يجب إلغاء الطائفية من النفوس قبل إلغائها من النصوص، وإذا ألغيت من النصوص ولم تلغ من النفوس فلن يتغير شيء وسيظل الناس على ما هم»! من جهة ثانية، توقف المراقبون عند أبعاد الزيارة الأولى من نوعها لسفيرة الولايات المتحدة ميشيل سيسون، إلى الرابية، منذ حوالى السنة، حيث التقت العماد ميشال عون على مدى ساعة.

وعلمت «السفير» أن عون بادر إلى سؤال سيسون عن سبب ابتعادها طيلة الفترة الماضية فبادرت إلى تقديم أسباب غير مقنعة، أبرزها أنها اختارت الابتعاد خلال فترة الأزمة السياسية وانتظرت إلى حين انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة واستتباب الأوضاع، وقالت إنها منذ الآن فصاعدا، وبعد إطلاق ورشة العمل الحكومية، ستزور الرابية دوريا.

وتمحور البحث بين الجانبين حول عناوين إصلاحية إدارية واقتصادية واجتماعية وإنمائية، يتعلق معظمها بعمل الوزارات التي يتولاها وزراء «التيار» والمعارضة، خاصة أن بلادها تعمل على وضع برامج مساعداتها للسنة الجديدة. يذكر أن مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال جيمس جونز سيصل إلى بيروت اليوم ويلتقي كبار المسؤولين فيها.

إلى ذلك، استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري، في السرايا الكبيرة، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، على مدى ساعة. وقال الحريري للصحافيين إن اللقاء «كان ممتازا، وهو يأتي في إطار اللقاءات الدائمة والتواصل في ما بيننا». وقالت أوساط مقربة من فرنجية لـ «السفير» إن «البحث تناول مختلف الملفات السياسية بما فيها ملف التعيينات الإدارية، وكانت الأجواء ايجابية وممتازة وهو يأتي في اطار تعزيز العلاقة الثنائية التي تشهد يوما بعد يوم تطورا اضافيا». ولم تستبعد أوساط الجانبين أن يقوم الحريري في المرحلة المقبلة بزيارة فرنجية سواء في بيته في الرابية أو في الشمال. من جهة ثانية، يلقي الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصر الله كلمة عبر الشاشة في افتتاح «الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة» في قصر الأونيسكو عند الثالثة من بعد ظهر اليوم.

 

 لحود وجنبلاط بانتظار موعد المصافحة... والندم!

 ملاك عقيل/السفير

لا يجد العديد من حلفاء دمشق، ممن واكبوا عن قرب «إعادة الانتشار» السياسي لبعض أقطاب وقوى الرابع عشر من آذار منذ انتهاء الانتخابات النيابية، تفسيراً مقنعاً للايحاءات المنظّمة بوجود «شروط سورية» تحكم توقيت اجتياز النائب وليد جنبلاط نقطة المصنع. ترتسم علامات التعجّب على وجوههم عندما يتحدثون عن «تسريبات» مشبوهة المصدر، تحاول التشويش على استحقاق أصبح في حكم الحاصل سياسياً، لكن تنقصه «بعض التفاصيل التقنية». هكذا سيسلك جنبلاط الخط العسكري باتجاه العاصمة دمشق من دون الالتزام بدفتر شروط مسبق، تندرج ضمن بنوده زيارة الرئيس اميل لحود في دارته في اليرزة. وفق التصور الجنبلاطي، استكمال معالم خريطة الاستدارة «العروبية والقومية» لا يتطلب بالضرورة التحضير لجلسة مع لحود، قد تكون آخر لقاءات «الجلوس على كرسي الاعتراف» قبل مصافحة الرئيس بشار الأسد. المختارة تؤكد: جنبلاط لم يطلب موعداً ولم يسع الى لقاء لحود... ودمشق لم تطلب ذلك أصلاً. في المقلب اللحودي تأكيدات تحمل المغزى نفسه: «فخامة الرئيس» لم يطلب زيارة من جنبلاط ولا هو ضدها بالمطلق... جلّ ما ينتظره من «البيك النادم» موقف سياسي يُنصف لحود كشخص وكرئيس جمهورية خلال عهده السابق، خصوصاً بعدما دار «البيك» دورة كاملة ليتماهى مع المواقف الاستراتيجية لاميل لحود الذي لم يغيّر فاصلة واحدة فيها.

ثمة في المقلب الجنبلاطي من يتصور ان المصافحة بين جنبلاط والاسد تبدو أقرب الى الاستيعاب من مصافحة لحود ـ جنبلاط، وإن كان بشار شخصياً قد نال نصيبه من النعوت الجنبلاطية على قدر المساواة مع لحود. في خلفية المصافحة الأولى مشاهد من محطات تاريخية «ناصعة» من التنسيق و«الذوبان» في المحور العروبي الممانع، شهدت انتكاستها الأولى بدءاً من العام 2000 وبلغت ذروتها في العام 2005. في خلفية المصافحة الثانية مسلسل طويل من الكباش والفتور والصراع العلني ترجم باستحالة تقارب الكيمياء بين من جاهر بحساسيته المفرطة «على العسكر»، ومن استحال عليه إخفاء نقمته على «زعماء الميليشيا». في الخلفية التاريخية صورة مغايرة بعض الشيء. الوالد جميل لحود المنتقل من السلك العسكري الى العمل السياسي نائباً ووزيراً كان يلقب بـ«الجنرال الأحمر»، نظراً لفكره اليساري الميّال الى فكر كمال جنبلاط...!

عندما رفض قائد الجيش اميل لحود الموافقة على ترقية العقيد رجا حرب (قائد جيش التحرير الشعبي) الى رتبة عميد، لم يكن بذلك يرفع المتراس الوحيد أمام جنبلاط، فمسيرة الرجلين تشهد على جولات من قلة الثقة المتبادلة ومن الإحساس المشترك «المبكر» بأن لكل منهما مقاربة سياسية مختلفة عن الآخر، بالرغم من ومضات الانسجام النادرة بين «البيك» و«الجنرال» الذي أصبح رئيساً.

يتذكر أحد الضباط المقرّبين جداً من لحود عند تعيين هذا الأخير قائداً للجيش «الزيارة المفاجئة التي قام بها جنبلاط الى ثكنة رياق في البقاع حيث عرض عليه تزويده بسيارة مصفحة لحمايته». قبِل لحود العرض الجنبلاطي، لكنه ما لبث ان أعادها اليه بعد نحو ثلاثة أشهر شاكراً له التفاتته. زيارات لحودية نادرة الى المختارة وزيارات «الساعات» لجنبلاط الى الحمام العسكري في عين المريسة من دون مرافقين... واكبت نهاية علاقة بدأت دافئة. فصدور قرار مجلس الوزراء عام 1992 الذي كلّف الجيش تسلّم المباني الرسمية التي كانت تحتلّها الميليشيات، أشعل حرباً مصغّرة بين «الجنرال» و«البيك»، حيث أمر لحود الوحدات العسكرية، كما في كل المناطق، باسترداد قصر بيت الدين، المقر الصيفي لرئيس الجمهورية، والمكتبة العامة في بعقلين. حاول الياس الهراوي الضغط على لحود لمنع ترجمة القرار رغم النص الواضح الصادر عن مجلس الوزراء. أصرّ «الجنرال» على التنفيذ، لكن الحكومة برئاسة رشيد الصلح آنذاك، انقلبت على قراراتها، وأعادت ما «أٌخِذ بالعسكر» من جنبلاط عبر عقود نقلت ما في «عبّ الدولة» الى الجيبة الجنبلاطية... مجدداً.

لاحقاً جاهر «البيك» بأنه «لن ينسى في حياته» إصرار لحود على نزع تمثال كمال جنبلاط من على مدخل القصر الرئاسي في بيت الدين عندما أعاد ابن بعبدات تدشين «صيفية الرؤساء» في عقر دار جنبلاط... جفاء العلاقة وصل الى حد إصدار الرئيس لحود تعليمات بمنع دخول جنبلاط القصر الجمهوري... بالجينز. «قشور» كانت تخفي عمق الفجوة بين الرجلين حول النظرة الى مسألة «الحكم القوي». في كتاب كريم بقرادوني «صدمة وصمود» يقول لحود «ان كمال جنبلاط عارض كل رؤساء الجمهورية منذ الاستقلال حتى اغتياله في العام 1977، وتعامل معهم على أساس انهم اغتصبوا منه موقعاً يعود له. ووليد جنبلاط مشى على خطى والده، وهو يرى في كل حكم قوي تهديداً مباشراً لزعامته». الزعيم الدرزي كان أطلق عملياً صفارة الإنذار الرسمية لبدء صراع «الديوك» عندما لم ينتخب لحود رئيساً للجمهورية، وردّ العماد المنتخب الضربة باستبعاده عن أولى حكوماته.

المقرّبون من قائد الجيش السابق يشيرون الى ان الرئيس كان يحب «هضمنة» جنبلاط وأسلوب تفكيره. أوساط «البيك» تذكّر بدعوة لحود جنبلاط وزوجته نورا والعائلة بمناسبة زفاف ابنه تيمور الى عشاء عائلي في قصر بيت الدين، على الرغم من الملابسات التي رافقت تأجيل العشاء في البداية. يومها أبدى لحود اعجابه بشخصية تيمور جنبلاط قائلاً «هو يفكر مثلنا»... لكن مسار الأحداث السياسية، والرفض «الجيني» لجنبلاط للتمديد لإميل لحود، فرضا تمترس الرجلين خلف معسكرين، كان رفيق الحريري قاسمهما المشترك.

ما كان مصنفاً من المحرمات بين أعوام 2004 و2009 تتم اليوم مقاربته بقليل من الدبلوماسية من الجانبين اللحودي والجنبلاطي. لكن في المختارة يبرز شح أكبر في الكلام عن هذه المسألة. «لا موعد مقرراً لزيارة لحود ومقاربة المصافحة المتوقعة بين الرئيس السوري بشار الأسد والمصافحة التي يتم الحديث عنها في الاعلام مع الرئيس لحود هي مقاربة خاطئة، ولا علاقة لهما ببعض». لكن ماذا عن مبدأ اللقاء «في السياسة ليس هناك مع أو ضد. المسألة غير مطروحة الآن، وعندما تطرح سيُبنى على الشيء مقتضاه. زيارة دمشق مختلفة تماماً، نحن جاهزون لهذه الزيارة في الوقت الذي يناسب القيادة السورية وقيادة «الحزب الاشتراكي» تمهيداً لطي صفحة الماضي».

خلال أحد اللقاءات التي جمعت جنبلاط مع الوزير السابق وئام وهاب تم الاتفاق «ارتجالياً» على التحضير لـ«غداء الجاهلية» وإعداد لائحة الأسماء. لم تكن دمشق في تلك اللحظة الطرف الثالث المقرّر لتلك الجلسة «الحميمة». ملاحظة يتقصّد حلفاء دمشق تسليط الضوء عليها للتأكيد أن سوريا لا تضع «خارطة طريق» يجب على جنبلاط الالتزام بها قبل لقائه الرئيس الأسد. تعترف أوساط لحود بهذا الواقع، لكنها في الوقت عينه تشير الى ان عروض «سيرك المصالحات» في الأساس لا يعني دمشق كثيراً، بل تبدو بعيدة عن متابعة تفاصيله وردود فعل «الجماهير» عليه. دمشق، بتأكيد الأوساط، منشغلة بمتابعة محورين مفصليين في المنطقة: مسرح عمليات أساسي في العراق قائم على سؤال من سيحكم العراق بعد خروج القوات الاميركية نهاية 2010، والهواجس تبدأ من حدود دير الزور، ومسرح العمليات الفلسطيني والدور التركي في المنطقة. ووسط هذا المشهد تبرز تساؤلات لحودية من نوع جدوى الاستقبالات اللبنانية «الاستفزازية» لوفد الكونغرس الاميركي برئاسة جون ماكين «مجرم الحرب» من فيتنام الى العراق...

 

 

 

 

 

هل تحتاج المادة 95 لمؤتمرات أخرى لتفسيرها؟ راءة في رد عون على توضيحات بري

 احمد زين/السفير

قد يحتاج رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقد مؤتمر صحافي آخر وربما لثالث ورابع وخامس لتوضيح المادة 95 ـ دستور لشرح ماذا يعني تشكيل الهيئة الوطنية التي تقترح الطرق الآيلة لإلغاء الطائفية السياسية. ومبرر هذه الحاجة انه قبل ان يصل حدود صوته في المؤتمر الأخير الى الجدار المواجه للمكان الذي كان يقف عليه، صدرت ردود فعل، ربما كانت مقبولة قبل ان يوضح ما أوضحه، أما بعد المؤتمر، فقد أصبحت ردود الفعل تلك غير ذلك تماماً، ومدعاة للاستغراب والدهشة، خصوصاً اذا ما كانت صادرة عن قيادات وطنية مشهود لها بالحرص على الدستور.

وما يستوقف في ردود الفعل على المؤتمر الصحافي ما أبداه رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي الذي أعقب مؤتمر الرئيس بري وما صرح به رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي. ولأن ما تناوله النائب العماد أعم وأشمل، يمكن التوقف عنده لمناقشة الردين معاً.

يقول النائب العماد عون في تعليقه على المؤتمر الصحافي للرئيس بري «ان هناك كثيراً من النصوص تجب معالجتها قبل الوصول الى إلغاء الطائفية السياسية التي تعد تتويجاً لتغيير النظام». وهنا لا بد من لفت نظر النائب عون الى ان تشكيل الهيئة الوطنية لا يعني ان إلغاء الطائفية السياسية قد حصل، ولهذا فإن شرط معالجة النصوص أولاً للتشكيل هو شرط ساقط. والمسألة الثانية الأهم هنا هي في اعتبار ان إلغاء الطائفية السياسية هو تغيير للنظام أو تتويج لعملية هذا الإلغاء. فكيف عرف النائب عون ان ما ستقترحه الهيئة الوطنية ومن ثم ما سيقره مجلسا النواب والوزراء سيؤديان الى تغيير النظام؟ هل استمع الى ما أوضحه رئيس المجلس في مؤتمره حول هذه المسألة؟

ويعدد النائب عون «قضايا» تقتضي معالجتها قبل الوصول الى إلغاء الطائفية السياسية، ويقول: في مجلس النواب هناك نظام داخلي، لكن يجب تحديد مهل للقوانين واللجان وهذا لم يحدد بعد...». والحقيقة ان رئيس تكتل الاصلاح والتغيير يربط توفير هذا الشرط بإلغاء الطائفية السياسية وليس بتشكيل الهيئة. لكن في الحالين لا بد من التساؤل: ما هو الرابط او كيف يمكن رصد تأثير ما بين إلغاء الطائفية السياسية أو تشكيل الهيئة الوطنية وتحديد مهل القوانين واللجان؟

في مطلق الأحوال، يدرك النائب عون ان النظام الداخلي النافذ الاجراء يحدد في الفصل السابع منه تلك المهل بدقة ويحدد الدستور المهل المتعلقة بالقوانين. وإذا كانت بعض اللجان لا تتقيد بتلك المهل بعلم رئاسة المجلس فهذا يعود الى طبيعة بعض المشاريع. فمشروع اللامركزية الإدارية أو مشروع قانون الايجارات لا يمكن لأي لجنة لو اجتمعت على مدار الساعة ان تنجزهما في مدة 15 يوماً مثلاً، والعماد عون يدرك ذلك أكثر من غيره.

ويبدو واضحاً ان تركيز العماد عون في رده على المؤتمر الصحافي كان يستند الى إلغاء الطائفية السياسية في معظم ما أثاره. وهنا المفارقة. فمبادرة رئيس المجلس لا تقضي بإلغاء الطائفية والرئيس بري يدرك جيداً انه ليس مخولاً بذلك. فالرئيس بري بادر الى طرح اجراء ملزمٍ له، بحكم الدستور، وكان مؤملاً من العماد عون ان يتقدم بسؤال او مساءلة للرئيس بري إذا كان لم يقدم على العمل لتشكيل الهيئة بدلاً من مساءلته عن طرح تشكيلها، ولفت النظر الى أمور مبنية على إلغاء الطائفية السياسية.

ويقول العماد عون «هل لدينا القدرة على ان نحرر المواطن من طائفته؟ إذ كنا قادرين على ذلك فلنبدأ. وبالتالي هناك تدابير تجب مراعاتها قبل الوصول الى إلغاء الطائفية، إذ لا يمكن ان نلغي المسار الخاطئ بسرعة خصوصاً اننا ما زلنا غير متفقين على الأشياء المبدئية. ألم نفشل في تشريع الزواج المدني الاختياري؟».

وفي هذا يمكن القول ان المسألة ليست مطروحة على طريقة «إذا كنا قادرين أم غير قادرين»، نحن قادرون لأن المشترع الدستوري أولانا القدرة. أما توقيت الإلغاء للمسار الخاطئ بسرعة، فإن المشترع ذاته قد رفض مثل هذا الاحتمال، وقيدنا بالمرحلية، من دون ان يحدد مساحة هذا الإلغاء، فقال بتشكيل الهيئة التي تمرحل الوصول الى الإلغاء وحدوده. فلو كان المشترع يدرك اننا قادرون لما فرض تشكيل الهيئة أبداً ونص مباشرة على اجراء الإلغاء.

ويتطرق رئيس كتلة التغيير والاصلاح الى مسألة أخرى تلامس المسألة الطائفية ولو عن بعيد، فيقول «ان صلاحيات رئيس الجمهورية لا تعرف ما هي. كما ان صلاحية تفسير الدستور هي ـ بحسب الطائف الذي يريد الجميع تطبيقه ـ بيد المجلس الدستوري.. فلماذا لعبوا بالقوانين وأصبح تفسير الدستور من عمل مجلس النواب، مشيراً الى ان اللبنانيين يختلفون على كتاب التاريخ. وبسبب التاريخ خسروا الحاضر وسيخسرون المستقبل».

ان هذا القول يستدعي التوقف عنده في أكثر من جانب، لا ترتبط مع بعضها. فالقول ان صلاحيات رئيس الجمهورية لا تُعرف ما هي غير دقيق. فهذه الصلاحيات واضحة جداً وإذا كان من شكوى في هذا المجال فسببه ليس النص إنما «جمود التفسيرات الدستورية» السائد، او تنازل جهة ما عن استعمال كامل الحقوق التي أولاها الدستور لها.

أما صلاحية تفسير الدستور فقد كانت في نص اتفاق الطائف منوطة بالمجلس الدستوري. هذا صحيح جداً. لكن المشترع نفسه الذي وضع اتفاق الطائف عمد في جلسة 21/9/1990 الى سحب هذه الصلاحية من المجلس الدستوري وإناطتها بمجلس النواب. ومن العودة الى محاضر المناقشات يتبين ان من اثار هذه المسألة واصر عليها بقوة كان رئيس حزب الكتائب الدكتور جورج سعادة وأيده جميع النواب الذين وضعوا اتفاق الطائف بعد تقديم أسباب موجبة وموضوعية لذلك. وفي مطلق الأحوال، إذا كان العماد عون يرى مشكلة في هذا فيمكن ان يتقدم باقتراح للتعديل. فالدستور ـ كما اتفاق الطائف ـ ليس منزلاً. وما يجب قوله هنا ان تعديل قانون ما سيان أكان دستورياً أم عادياً لا يمكن ان يوصف «باللعب». وما هو مهم في قول النائب عون اشارته لاختلاف اللبنانيين حول كتاب التاريخ والخسارة الوطنية المتأتية عن هذا الاختلاف. ففي هذا المجال يمكن التأكيد ان ما أبداه النائب عون كان نسخة طبق الأصل عما اثاره الرئيس بري في مؤتمره وقدمه كواحدة من المهام الأساسية التي ستكون على جدول أعمال الهيئة الوطنية. ولا بد من لفت النظر هنا الى ان تشديد الرئيس بري على هذه المسألة وصل الى حدود توزيع شريط لمحطة «الجزيرة» لتوضيح خطورة استمرار الاختلاف حول هذا الكتاب. فهل استمع رئيس تكتل التغيير والاصلاح الى المؤتمر قبل اشارته الى الكتاب أم لا؟ ان التوقيتين اللذين انعقد فيهما هذا المؤتمر وذاك يمكن ان يجيبا عن السؤال؟

ان الحديث ومناقشة وتقييم مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتشكيل الهيئة الوطنية، تتطلب أولاً وأخيراً ادراك سبل تشكيلها ومعرفة من يرأسها ومن هم أعضاؤها الحكميون ومهمتها وحدود هذه المهمة. أما الاستناد الى حكاية الذئب والحمل لاتهام الأول للثاني المتواجد تحت مسقط الماء بأنه قطع الماء عن اجداده، فلا يمكن ان يكون سبيلاً لبناء أوطان ولا لقيام دولة المؤسسات والقانون وإحداث اصلاح أو تغيير مهما كانت حدود نطاقهما.

 

حوري لموقع "14 آذار": يجب اختيار توقيت آخر لطرح تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية لأن الهواجس ما تزال موجودة 

  ١٥ كانون الثاني ٢٠١٠

سلمان العنداري: موقع 14 آذار

وصف عضو تكتل "لبنان اولاً" النائب عمار حوري طرح الرئيس نبيه بري تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية بانها "هدف نبيل ووطني ودستوري، لكنه يجب ان يترافق مع القناعات والممارسات التي يجب ان تحضّر لتقبل هذه الخطوة باطمئنان وارتياح بعيداً عن الهواجس، مما يجعلنا نقتنع بضرورة اختيار توقيت آخر لطرح هذا الموضوع الدقيق".

حوري وفي حديث خاص لموقع "14 آذار الالكتروني"، قدّم قراءته حول هذا الموضوع، معتبراً أن "نصّ الغاء الطائفية السياسية جاء في اتفاق الطائف وفي الدستور، ولكن في الوقت نفسه، تحدثت النصوص عن ثلاث مراحل في هذا الاتجاه، المرحلة الاولى هي العمل وفق خطة مرحلية، وورد ذلك في المادة 95، والمرحلة الثانية تتضمن اتخاذ الاجراءات الملائمة من قبل المجلس النيابي لتحقيق هذا الهدف، ليظهر له على ضوء اجتماع النواب ما هو مناسب من خطوات، بما فيها توقيت المرحلة اللاحقة المتضمنة تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية".

واستذكر حوري ما قاله الرئيس الشهيد رفيق الحريري: "لو بقي في البلاد مسيحي واحد تبقى المناصفة، لأنه من خلال هذه المناصفة اضاف المسيحي للبنان قيمةً حضاريةً تراكمية، لما كان هذا البلد بدونها وبدون ميثاق العيش المشترك، ولهذا ما يجب ان لا نلغيه وان نحافظ عليه بكل ما اوتينا من قوة هو المناصفة، وما يجب ان نلغيه هو شوائب نظامنا الديمقراطي مع تفعيل وتطوير هذا النظام".

ولفت حوري إلى ان "اموراً اقل حساسية واهمية من هذا العنوان كانت موضع خلاف بيننا كلبنانيين، وقد توافقنا على وضعها على طاولة الحوار، حيث كان كل بند من بنودها بحاجة الى اجماع القوى السياسية الممثلة على الطاولة، وبالتالي فان هذا الموضوع يحتاج حكماً لاجماع وطني، ومن جميع العائلات الروحية المكونة لمجتمعنا بلا استثناء قبل الخوض فيه، فهو مسار وليس مجرد خطوة بذاتها، واذا كان هناك مواقف لا تحبّذ الموضوع الآن، فهذا يعني انه ليس هناك اجماعاً وطنياً عليه في هذا الظرف، والاصرار عليه من شأنه ان يشكّل مادة خلاف، لذا لا بد من تهيئة المناخ والارضية الصالحة على المستوى الوطني واقتناص اللحظة المناسبة للطرح".

واكد حوري ان "الغاء الطائفية السياسية جزء من اتفاق الطائف ومن "قناعاتنا السياسية"، ولكن الامر يتطلب تهيئة الظروف واختيار التوقيت المناسب لتجنّب اية تداعيات سياسية يمكن ان تترتب عليه. واذا كان هذا الموضوع سيؤدي الى انقسام وطني، فلا يجوز ان يكون طرحه سبباً لخلاف جديد. كما ان اموراً حساسة بهذا الحجم تحتاج لتهيئة الظروف المناسبة على المستوى الوطني لطرحها. ولهذا، فاعتراضنا على توقيت طرح تشكيل الهيئة الوطنية المدرجة فعلاً في الدستور واتفاق الطائف، لا يعني بأي حال من الاحوال الدعوة لالغاء البند، انما يعني تجنيب البلاد اية نزاعات وطنية سياسية والعمل على تهيئة الظروف المناسبة كي يصبح موضع التنفيذ".

ولفت إلى أن كتلة "المستقبل" تؤيد كل المساعي الآيلة لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف، "على ان لا يكون انتقائياً، بل معبراً على التزام ثابت بأحكام الطائف نصاً وروحاً، لذلك فإن خطواتنا بهذا الشأن العام يجب ان تراعي اسس ومتطلبات العيش المشترك، فاذا الهدف نبيل ووطني ودستوري (وهو كذلك)، لكنه يجب ان يترافق مع القناعات والممارسات التي تحضّر لتقبل هذه الخطوة باطمئنان وارتياح بعيداً عن الهواجس، مما يجعلنا نقتنع بضرورة اختيار توقيت آخر لطرح هذا الموضوع الدقيق".

وعما اذا كان هناك من يحاول مقايضة دعوة بري لتشكيل الهيئة بسلاح "حزب الله" وبقائه، رفض حوري اصدار التهم، الا انه لمّح انه "بمجرد طرح الموضوع في ظل هذا التوقيت وفي ظل هذا المناخ السياسي فانه سيقود حتماً الى الاستنتاج بان المقايضة مطروحة". يذكر ان النائب حوري سيقدّم قراءة شاملة عن موضوع الغاء الطائفية السياسية في ندوة خاصة ينظمها المركز الكاثوليكي للاعلام نهار الثلاثاء المقبل في المجلس النيابي، يشارك فيها كل من النواب علي حسن خليل، جورج عدوان، والمطران بشارة الراعي.

 

السعد يروي لموقع "14 آذار" مسار "هجرة" المسيحيين و"عودتهم" الى الجبل منذ 1983  

١٥ كانون الثاني ٢٠١٠

يعتبر عضو "اللقاء الديمقراطي" نائب عاليه فؤاد السعد ان عودة المهجرين الى الجبل قد تمت ولم يبق منها الا القليل. ويوضح السعد في حديث خاص لموقع "14 آذار" الإلكتروني، وهو احد كبار المعنيين بقضية المهجرين منذ اكثر من 25 عاماً ان المسيحيين شرعوا يغادرون الجبل ما ان تواجدت قوات الاحتلال الاسرائيلي صيف العام 1982 فيه لافتاً الى ان التهجير القسري وقع مطلع شهر ايلول 1983 بسبب حرب الجبل فترك من بقي من المسيحيين فغادر من استطاع منهم الى بيروت ولجأ الآخرون الى بلدة دير القمر الشوفية.

ويشير السعد الى ان "المسيحيين اخلوا الجبل جماعياً وهي ظاهرة فريدة من نوعها ولم تشهد مثلها المناطق اللبنانية الاخرى في خلال الحرب وان كان الطابع الطائفي في الكثير الكثير من محطاتها قد تسبب بفرز لبنان طائفياً يوماً بعد آخر". ومع ذلك يضيف السعد: "راح البعض يعبر عن قناعته ويتكلم منذ ليلة التهجيرمطلع ايلول 1983 وفي سنوات الحرب عن عودة المهجرين الى الجبل واعادة بناء و ترميم ما تهدم في يوم من الايام".

ويوضح السعد انه "يجوز القول ان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط كان في طليعة الذين اعتقدوا منذ اللحظة الاولى بان عودة المهجرين ستحصل عاجلاً او آجلاً وبان لبنان لن يبقى مقسماً". ويقول السعد: "ما ان هدأت الامور في الجبل حتى بادرنا الى البحث في السبل الكفيلة بتحقيق العودة وقد عرضت على رئيس الجمهورية آنذاك امين الجميل وعلى جنبلاط مشروعاً قضى باطلاق عملية العودة وبانشاء مجلس خاص بذلك على غرار مجلس الجنوب وكان ينبغي ان يتحول العامل الاساسي لاعادة اللحمة بين ابناء الجبل وهو كان سيلعب دوراً معنوياً وقد نصت القوانين المتعلقة بعودة المهجرين التي وضعت عامي 1991 و1992 على انشاء هذا المجلس الا انه انشيء صندوق مركزي للمهجرين ووزارة للمهجرين".

ويلفت الى ان "الامن والمال شكلا اهم عنصرين لاطلاق عجلة العودة حيث كان يجب ان يشعر المهجر بالارتياح عندما يقرر ان يعود الى مسقط رأسه ولم يكن يجوز ان يوضع عسكري لكل مواطن عائد لحفظ امنه وسلامته وتوفير الحماية لعائلته بالقوة العسكرية".

ويوضح السعد ان النائب وليد جنبلاط "هو الذي لعب الدور الاساسي ليشعر المهجرون بالارتياح في الجبل عندما يقررون ان يعودوا حيث كان يجب اقناع الدرزي المقيم بحتمية عودة المهجر المسيحي وقد نجح جنبلاط في هذه المهمة". ويضيف: "العودة تمت وهي مستمرة ولم تحصل ضربة كف بين المقيمين والعائدين طيلة حوالى عقدين من الزمن وقد تمكن جنبلاط من تأمين عودة آمنة سالمة فاستعاد الجميع املاكهم كافة عدا القرى التي لم تنجز فيها المصالحات".

ويشير السعد الى ان "توفير الاموال كانت على عاتق الدولة والى ان التعويضات التي حصل عليها المهجرون لم تكن لتكفي عمليات البناء و الترميم فهي اعطيت بخلفية رمزية لتشجيع ابناء الجبل على العودة التي تحملوا هم انفسهم كلفتها". ويعتبر السعد انه "كان من الافضل لو سميت هذه التعويضات بمساعدات للمهجرين سواء في البناء ام الترميم"، لافتاً الى ان "الدولة استطاعت ان تؤمن الاموال اللازمة في هذا الاطار بغزارة في السنوات الاولى التي تلت خطوات العودة وسرعان ما راحت هذه الاموال تشح وتتكاثر الصعوبات".

اما قضية الفروع دائماً حسب السعد "فقد استلزمت اموالاً اضافية فالمهجر كبرت عائلته وتزوج ابناؤه او معظمهم مما حتم التعويض عليه وعليهم في الوقت نفسه ولم تكن الاموال اللازمة لذلك تتوافر دائماً الامر الذي زاد من الاعباء وادى الى اتساع نطاق مهام وزارة المهجرين وصندوق المهجرين ودورهما الميداني".

ورداً على سؤال عن مواقف الاطراف المسيحية التي كانت في صفوف المعارضة والمقاطعة وعن تاثيرها على عودة المهجرين يقول السعد: "كان الكتائبيون والقواتيون والاحرار والعونيون والكتلويون يقاطعون سياسياً لكن الاهالي جميعهم كانوا يلبون الدعوات الى المصالحات في القرى والبلدات ويقدمون طلبات التعويضات وهم كانوا يستفيدون من هذا كله لبناء البيوت او ترميمها بغض النظر عن الخط السياسي والانتماءات الموالية او المعارضة يومذاك". ويؤكد انه لم يسأل اي مهجر عن هويته السياسية عندما كان قرر العودة والى اي تيار او حزب ينتمي وقد استعاد ممتلكاته كلها.

وعن المصالحة التاريخية التي رعاها البطريرك الماروني مار نصرالله صفير في الجبل صيف العام 2001 يرى السعد انها "كانت مصالحة معنوية بين المسيحيين والدروز وقد اعطت المزيد من المعنويات للعودة حيث شاهد صفير المأساة والهدم من ناحية واعادة البناء والترميم والعودة من ناحية ثانية". ويضيف السعد: "كانت المصالحات اقيمت في القرى والبلدات فاتت زيارة البطريرك صفير لتكلل كل هذه المصالحات بشكل شامل وتام بين المسيحيين والدروز".

وعن تأثير التحالفات السياسية بين "اللقاء الديمقراطي" وقوى "14 آذار" على عودة المهجرين والمصالحات في الجبل يقول السعد انها "تحالفات سياسية ولا علاقة لها بالعودة بتاتاً".

ويشير السعد الى ان "عدم توفر الاموال هو السبب الذي يحول دون عودة المهجرين الى بلدتي عبيه وعين درافيل والى ان العودة لم تتم بعد في كفرسلوان وبريح بفعل الخلافات التي لم تحل بعد بين بعض الاهالي". ويؤكد السعد ان "العودة تمت الى القرى والبلدات الاخرى كلها وانه اذا لم يكن تواجد العائدين كثيفاً الا في العطل الاسبوعية والاعياد واشهر الصيف فانه يعود الى ظاهرة النزوح من الجبال والارياف الى المدن وهو ما تعاني منه الدول كافة". ويرى ان تأثير زيارة البطريرك صفير الى الجبل يبقى اهم بكثير من زيارات اي من السياسيين العماد ميشال عون وسواه التي تعطي ايجابيات وفوائد معينة في اطار عودة المهجرين. ويشير الى ان النائب جنبلاط والعماد عون بحثا في انهاء عودة المهجرين وفي تسريع الخطوات الآلية الى تحقيق ذلك مما يتطلب توفير الاموال. ويعتبر السعد ان الخطوات التي قد يقوم بها التيار الوطني الحر في الجبل ستكون بمثابة تتمة لمسار اساسي حصل بفعل زيارة البطريرك صفير عام 2001. ويضيف: "قد توضع لوائح تتضمن اسماء لمن لم يحصلوا على تعويضاتهم او حصلوا عليها ناقصة وقد يعطى هؤلاء ما يستحقونه و التنسيق قائم اساساً بين كل الاطراف المعنية بالعودة وقد دخل التيار الوطني في سياق العمل التنسيقي مما سيعزز الخطوات المتبقية وما يجب القيام به لاقفال هذا الملف". ويؤكد السعد انه "اذا تشكلت لجان تنسيق بين الحزب الاشتراكي والتيار من خلال الوزير اكرم شهيب والنائب الان عون فانه لا يعني ان شهيب سيقطع العلاقات مع الاطراف الاخرى". ويشدد السعد على ضرورة الا تستغل اللقاءات السياسية اذ لم يعد هناك الا جزء بسيط جداً من العودة وهي كانت ناجحة من البداية مهما قيل في هذا الاطار.

 المصدر : خاص موقع 14 آذار

 

قمح الشام» لم ينقطع يوماً عن الدروز وجنبلاط لن يتوقف عن قرع أبوابها حتى تفتح أمامه

رئيس التقدمي بارع في تفتيت حلفائه وإرضاء خصومه ويبقى حاجة للجميع

فؤاد شهاب قال لكمال جنبلاط : «بلّش من الأخير»... ووليد جنبلاط على نفس الخطى

رضوان الذيب/الديار

عند كل زيارة للشهيد كمال جنبلاط مع كتلته الى الرئيس الراحل فؤاد شهاب كان المعلم الشهيد يبدأ كلامه مع الرئيس شهاب بالقضايا القومية وصولا الى الصراعات الداخلية ويختم كلامه بطلب تعيين مختار في الشوف او تزفيت طريق، وتكرر المشهد اكثر من مرة مما حدا بالرئيس شهاب في احد اللقاءات وعند بدء كمال جنبلاط بالكلام ان قاطعه بالقول: «شو رأيك كمال بك لوبتبلش من الاخير». وكما «المعلم الشهيد»، فان وليد جنبلاط على خطى والده تقريباً، وقضايا الشوف ومنطقته وطائفته تتقدم على كل القضايا، وبالتالي فان التبرير الوحيد لكل انقلاباته السياسية هو مصلحة الاقلية الدرزية وسط صراعات المنطقة الكبيرة. ولذلك، ومع كل تكويعة سياسية وعند كل «تبدل» يترك ضحايا حلفاء ام اعداء.

هذا هو وليد جنبلاط وعلى الجميع ان يرضوا به كما هو، ولكل مرحلة اصدقاؤها وتحالفاتها وعناوينها من القومية الى الوطنية والعروبة وفلسطين وصولاً الى السيادة والاستقلال والقرارالحر و«زبال في شوارع نيويورك». ورغم كل الانقلابات والتبدلات فان كل السياسيين في لبنان وخارجه يعترفون ويقرون بان جنبلاط يمثل «نكهة فريدة ومميزة للحياة السياسية اللبنانية» ولولا مواقفه وقفشاته فان السياسة لا حياة لها، ولا حيوية، ولاكلها الصدأ والموت السريري.

امر عجيب ان يقوم هذا الرجل على تشجيع التباينات ودعم فريق على اخر في الحزب الشيوعي اللبناني وفي نفس الوقت يبقى حليف الشيوعيين بكل اطرافهم، كما ان دوره في خلافات القوميين في الجبل امر معروف ورغم ذلك يبقى مقبولاً من القوميين ويجتمع بهم ساعة يشاء، حتى ان دوره كبير في نعي الحركة الوطنية اللبنانية ويبقى الصديق الاقرب الى «فيلسوف ومنظر» الحركة الوطنية محسن ابراهيم. وهذا ما مارسه بحق الناصريين وغيرهم ويبقى الاقرب الى هؤلاء، حتى ان الفلسطينيين بمختلف ميولهم ورغم دخوله في خلافاتهم بالعمق يبقى الاقرب الى الجميع. وتقول المصادر «ما سر هذا الهوس بوليد جنبلاط من جميع القوى يسارا ويميناً، هل يعود لاتقانه ممارسة «ديبلوماسية الانتصار» وفي نفس الوقت «ديبلوماسية الهزيمة» كما هو حاصل اخيراً». وتجزم المصادر بان قوة جنبلاط تكمن في غياب المحاسبة في حزب يطغى عليه الطابع الطائفي البحت وفي ظل رأي عام درزي مقتنع بان جنبلاط في كل خطواته يعمل لمصلحة الطائفة الدرزية «ولا يخونها» مطلقاً. وهو حر بتصرفاته السياسية طالما الطائفة بخير، ولاجل مصلحة الطائفة «يهون كل شيء».

اما الآن فالمشهد يتكرر «عبر قطع الحبل مع حلفائه وتركهم في قعر البئر» يتخبطون بمشاكلهم ولا هم عنده حجم الضحايا، طالما ان المرحلة الاقليمية تتطلب الانفتاح على «الخصوم» مهما كان لونهم وشكلهم وحدّة الصراع معهم، ويتحول شعار «يا بيروت بدنا التار من لحود و...» الى «يا بيروت بدنا الحلف مع لحود ومع...» وما المشكلة في اطلاق مثل هذه الشعارات لان وليد جنبلاط يدرك بانه عندما يقرر الانقلاب مجدداً فان الجميع من 14 آذار و8 آذار بانتظاره و«عناقه واحتضانه». ورغم انه في مؤتمر حق العودة للفلسطينيين «غمز من» موضوع مرفأ جل البحر واضعا الذين يرفضون اعطاء الحقوق المدنية للفلسطينيين في نفس خانة الذين اوقفوا العمل في مرفأ جل البحر ورغم هذه الرسائل لا يتوانى عن زيارة الرئىس الحريري في بيت الوسط والاشادة بمواقفه ودعم الحكومة وهذه هي ميزة جنبلاط؟ لكن جنبلاط يعترف ان تطورات المرحلة الاخيرة تختلف جذريا عن سابقاتها نتيجة ابعادها الاقليمية والدولية وان الصغار يذهبون فرق عملة في لعبة الكبار، ولذلك يدرك جيدا ان محطة دمشق الاخيرة سيصلها في النهاية لكن امامها الغاما كثيرة يعترف بها وربما يقرّ بان من حق السوريين ان يتعاملوا مع انفتاحه الاخير بكل «حـذر»، وبكـل توجس.

وبالتالي فهو لن يحبط مطلقا من طرق ابـــواب دمشــق لإدراكـه جيـدا بأن مشـروع الشـرق الاوسـط الجـديد انـتهى الى غيـر رجـعة مـع الانهـيارات الامـيركـية في افغانستان والصومال وباكستان والعراق ولبنان. فجنبلاط يدرك ايضا ان حرب تموز بدلت كل المعادلات وان مرحلة ما قبل حرب تموز مختلفة جذريا عن مرحلة ما بعد حرب تموز وتاريخ لبنان مع حرب تموز يختلف جذريا عن تاريخ الـ 1943 وبالتالي فإن هذه التبدلات تتطلب تموضعا جديدا لا عودة عنه ربما لعشر سنوات واكثر وهذا يتطلب «إضعافاً» وتحديدا للذين يقفون ضد سوريا الان، يقابل ذلك خطوات ستصل الى ابعد من دروز فلسطين والاردن لإرضاء دمشق لأن جنبلاط يدرك بأنه دون العودة الى الينابيع العربية والقومية لا يمكن ان «ينام» مرتاحا دون قلق، وهذا يتطلب مصالحة «اصغر» معارض في الجبل وتحديدا المصنفين في خانة الولاء لدمشق وتعرضوا لمضايقات كبيرة وعنيفة من رموز معروفة.

لكن اللافت ان التبدلات الجنبلاطية بدأت تحظى بقناعة مطلقة من الذين صنفوا في خانة المعترضين على خطواته الانفتاحية وهم اقلية ومن اصحاب المصالح والسوابق لان التبدلات الاقليمية السريعة والخطوات الانفتاحية الدولية على سوريا جعلت هؤلاء يقتنعون ان اللعبة اكبر من اللبنانيين جميعا ولا بد من «تحييد الرأس» والانحناءة حتى مرور العاصفة.

اما المشايخ والاغلبية الساحقة من الطائفة الدرزية فهم مرتاحون جدا للانفتاح الجنبلاطي على سوريا فقمح الشام لم ينقطع يوما عن الدروز وفي كل المراحل المفصلية والقلق الذي ساد طوال الـ 4 سنوات الماضية على الوجود والمصير ينتهى ويزول نهائىا مع وصول جنبلاط الى قصر المهاجرين.

  

إلغاؤها دونه محاذير أبرزها الإطاحة بالتسوية ورفع منسوب الخلافات

هيام عيد/الديار

مع انطلاق مرحلة الاعداد لتأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، بدأت جديا ردود الفعل الصريحة والمباشرة حول «الغاء الطائفية» الذي نص عليه الدستور وبعد اقل من مرور 24 ساعة على انعقاد المؤتمر الصحافي لرئيس مجلس النواب نبيه بري والذي دافع فيه عن الطرح واعلن انه يندرج في سياق تطبيق وثيقة الوفاق الوطني.

وتنذر هذه الردود بتحويل هذا الطرح الى كرة ثلج ستكبر في المرحلة المقبلة وستترك تداعيات عدة على ابرز الملفات السياسية المطروحة امام السلطة الحالية.

وبحسب اوساط سياسية مطلعة فان «المنطقية» التي تميز بها طرح الغاء الطائفية تشكل نقطة يكاد كل الاطراف السياسيين يتفقون عليها ولكن تبني هذا الطرح والسير في طريق تنفيذه واقعياً يثير العديد من نقاط الاستفهام والتساؤلات الحذرة والمشككة من التحول الكبير الذي سيتعرض له الواقع السياسي والاداري والامني في البلاد على المدى البعيد وبالتالي الوصول الى مرحلة تغيير النظام القائم على حد قول النائب العماد ميشال عون.

واعتبرت الاوساط ان باكورة الردود السياسية على «الغاء الطائفية» تكاد تختصر مجمل المواقف التي بدأت تظهر تباعاً اعتباراً من الامس والتي ترتدي ابعاداً طائفية بالدرجة الاولى ثم سياسية و حتى وطنية في بعض الحالات.

ولفتت الى ان الخلاف ليس جديداً وكذلك الطرح كونه بدأ التداول به منذ ما قبل اندلاع الحرب اللبنانية وتعرض لحركة مد وجزر خلال السنوات التي تلت اتفاق الطائف وخصوصاً بعد الانتخابات النيابية الاولى.

وعلى الرغم من ان العوامل القانونية والوطنية وحتى السياسية الراهنة تحتم الوصول الى مرحلة سياسية خالية من الاعتبارات الطائفية فان الواقع الطائفي الحالي ما زال يسجل منسوباً مرتفعاً من العصبية والاحتقان الخطيرين كما اضافت الاوساط السياسية التي شددت على ان شعار الالغاء من النفوس قبل النصوص كفيل بإيصال الساحة الداخلية الى المرحلة المنشودة وحتى ان لم يتحقق الغاء الطائفية عبر قوانين خاصة، وبالعكس فان التوصل الى هذا الامر من خلال النص فقط سيدفع بالوضع الى مسار جديد لا يخلو من المحاذير التي ينبه اليها اكثر من مرجع سياسي وديني ومن كل الطوائف اللبنانية دون استثناء. وبالتالي فان توفير الظروف الملائمة لمثل هذا الشعار يتطلب توافقاً سياسياً شاملاً وليس قائماً على التسوية بحدها الأدنى كما هو حاصل الآن حسبما لاحظت الاوساط السياسية التي كشفت ان اي تغيير في الستاتيكو الحالي سيدفع حكماً نحو تغيير أساسي حيث ستتبدل بسرعة الاولويات السياسية والامنية بشكل خاص. وهذا الواقع يشكل العائق الاول والاساسي امام السير بشعار الغاء الطائفية السياسية ولو تم ذلك من خلال انشاء هيئة للاعداد لمقترحات في هذا الشأن ويكون تقريرها غير الزامي كما اكد مراراً الرئيس بري في مؤتمره بمجلس النواب اول من امس.

وفي هذا المجال فان السبيل للخروج من مستنقع الطائفية السياسية الحالية ليس في زيادة موضوع خلافي وطائفي مئة بالمئة الى سلسلة المواضيع المدرجة على طاولة الحوار الوطني لاستحالة الاتفاق عليها في النقاش داخل المؤسسات، بل عبر المباشرة باعداد مناخ اعلامي وشعبي متفهم لمساوئ بقاء عنصر الطائفية في الادارة بعيداً عن اية مخاوف من ذوبان او ابتعاد طائفة معينة عن الحياة العامة كما أوضحت الاوساط السياسية التي توقعت ان يؤدي التناقض ما بين الهدف الوطني المنشود من قبل الجميع والواقع الحالي الى الاطاحة بأية محاولات يجري العمل بها لاخراج الساحة الداخلية من التجاذبات الطائفية والمذهبية.

 

على 14 آذار سحبها من التداول بقبول الآلية/عون يبيع المسيحيين موقفاً مستعجلاً

فادي عيد/الديار

جزم مصدر في تكتل 14 آذار حول ما يحصل داخل «التيار الوطني الحر» بأن أي انتفاضة لن تحدث على خط العماد ميشال عون العائلي او السياسي، وذلك لمجموعة اسباب اولها قوة شخصية ميشال عون، وثانيها عدم وجود شخصية في المواجهة تستطيع ان تقول لا، وثالثها رغبة البعض في الحفاظ على مواقعهم لأن ليس لهم موقع آخر، بحيث يفضلون ان يحتفظوا بما هم عليه، عوض أن لا يكون لهم مكان يطلّون منه سياسياً. أضف الى ذلك، أن تقدم مواقع القوات اللبنانية لدى الشباب، ان في الجامعات او في الثانويات، يجعل من العماد عون محط تساؤل لدى جماعته، بالأخص انه يتغير ولا يملك تنظيماً حزبياً متماسكاً، بينما الدكتور سمير جعجع ثابت في مواقفه لا يتغير ومتلائم مع قواعده.

واذا كان «الحكيم» قد ولد سياسياً من رحم حزب الكتائب بعدما تجرأ وانتفض على خيارات سياسية معاكسة لنضالات الحزب في حينه، فإن «العماد» ولد من رحم المؤسسة العسكرية، لكن أحداً لم يتجرأ على معارضته بالرغم من تغييره في موقفه الى حدود الانقلاب.

وها هو اليوم يبيع المسيحيين موقفاً مستعجلاً في ملف إلغاء الطائفية السياسية، وهو العارف أن هذا الملف بأي آلية قد يقرّ لن يبلغ خواتيمه، بالأخص ان عون لم يعد محط ثقة في هكذا ملفات بعدما انقلب على شعاراته المرتبطة بسلاح الجيش لصالح سلاح خارج الجيش، آخذاً في طريقه الاستراتيجيا الدفاعية في المضمون، بعدمما تتالت مواقفه المؤكدة على أن سلاح «حزب الله» يجب ان يبقى. واذا كانت المرحلة المقبلة حبلى بالمفاجآت سواء العسكرية منها او الامنية او السياسية، وذلك بعدما ارتفع منسوب الخطاب العدائي بين اسرائيل من جهة و«حزب الله» من الجهة المقابلة، الا أن الخطر في ذلك لا يزال يكمن في أبعاد ما قد يواجهه لبنان شعباً ومؤسسات وبنية تحتية في حال وقعت المواجهة، لأن هذه المواجهة، والتي تبدو حتمية بعدما أكد زعماء العدو الاسرائيلي دخول اسلحة استراتيجية لصالح «حزب الله»، لن تكون كما يعتقد البعض نوعاً من توازن الرعب، انما رعباً حقيقياً سيعيد لبنان وبنيته التحتية من القرن الواحد والعشرين الى قرون مظلمة. وسأل مرجع كنسي بارز، لماذا لا يقف العماد عون على صراحته ويتمنى بهذه الصراحة على «حزب الله» تغييراً عوض ان يتوقف على ملفات غير مجدية تبيع الاوهام ولا تغني عن جوع؟ واذا كان الصديق من يصدق القول لصديقه، كما يقول الامام علي، أردف المرجع، فإن صدق عون في كتابه البرتقالي المسحوب من الاسواق، يفرض عليه اذاما صدق ان يعي تلك المخاطر ويقولها لصديقه وحليفه، عوض أن يهاجم حليف حليفه حول إلغاء الطائفية السياسية.

واذا كان لقوى 14 آذار من منطق سياسي عقلاني، ختم المرجع نفسه، فعليهم ان يسحبوا مادة إلغاء الطائفية السياسية من التداول عبر إقرارها ضمن هيئة تبحث شؤونها فلا تطغى نقاشاً او سجالات على الاستراتيجيا الدفاعية وسلاح «حزب الله» اليوم، كما كانت تطغى بالأمس ولأمد طويل على وجود الجيش السوري في لبنان، ومن لا يتعلم من أخطائه..

لن يتعلم!

 

 اسئلة وهواجس على هامش مؤتمر الغاء الطائفية السياسية

فؤاد ابو زيد/الديار

قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في مؤتمره الصحافي حول الغاء الطائفية السياسية، كل شيء تقريباً يدور حول هذه المعضلة الوطنية المزمنة، باستثناء الرد على السؤال الآتي: كيف يمكن الغاء الطائفية السياسية، وفي الوقت ذاته المحافظة على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين التي نص عليها دستور الطائف بالنسبة الى النواب والوزراء، والى توزّع الرئاسات الثلاث، خصوصاً ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان سبق له وصرّح لـ«الديار» بأنه مع تطبيق الغاء الطائفية السياسية شرط المناصفة وما نصّ عليه الدستور بأن لا شرعية لكل ما يناقض صيغة العيش المشترك، وهذا يعني بكل وضوح ان هناك ورشة دستورية كبيرة لا بد من القيام بها لتصويب مسار البدء في عملية الغاء الطائفية السياسية ولا يمكن ان يكون انشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية اولى لبناتها، بل هناك اساسات ضرورية ليقف عليها لبنان في طريق تغيير الصيغة الوطنية التي انشئت على قاعدتها الدولة اللبنانية منذ العشرينات من القرن الماضي ومروراً بفترة الاستقلال الاولى في العام 1943 وصولا الى اتفاق الطائف الذي يتحمّس الرئيس بري لتطبيقه، بعد تجاهله وتجاوزه او تطبيقه مبتوراً طول مدة 20 سنة مضت.

باستثناء النائب وليد جنبلاط المستفيد الاكبر من الغاء الطائفية السياسية، لان التعويض على الطائفة الدرزية سيكون رئاسة مجلس الشيوخ الذي ستناط به القضايا الاساسية والمصيرية في دولة لبنان الآتي، كما ان اجراء انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي سيسمح للزعيم الدرزي، ولزعماء الطوائف الاسلامية الاخرى، بحصد الاكثرية الساحقة من المقاعد النيابية، بعد التغيّرات الديموغرافية التي طرأت على الوجود المسيحي في جميع المحافظات بما فيها محافظة جبل لبنان مركز الثقل المسيحي، ولذلك فان مسارعة جنبلاط الى دعم حليفه الرئيس برّي، يمكن فهمها من هذه الزاوية، وعلى الاخرين ان يفهموا ويتفهموا تحفّظ المسيحيين وتخوّفهم من هذه القفزة في المستقبل المعروف منهم، بأنه سوف يكون مستقبلاً غير مشرق بالنسبة اليهم، لانه سوف يكون نهاية وجود الدولة الوحيدة ذات الوجه المسيحي في هذا الشرق المسلم.

اذا كان الرئيس برّي مصرّاً على فتح هذا الملف الملتهب، على الرغم من معرفته بخطورته وحساسيته، فانه يكون ربما يرمي صنّارته في هذا المكان، ليصطاد سمكة في مكان آخر، قد تكون في ملف التعيينات مثلاً، او لتعطيل اي دعوة لاجراء تعديلات دستورية تطال صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، او كما اشيع، لتجويف دور طاولة الحوار عند بدء مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، لان المضيّ في طرق هذا الباب، دون الاخذ في الاعتبار تداعياته السيئة التي يمكن ان تحصل، والتي قد يكون اولها الاصرار على الغاء الطائفية من النصوص والنفوس والقوانين، واعلان لبنان دولة مدنية، الدين فيها للكنائس والجوامع والخلوات، مع ممارسة الشعائر والطقوس بكل حرّية واحترام، بعيداً من الحكم والحكومة وتقاسم الدولة طائفياً، امّا ثانيها فالبدء في تطبيق اللامركزية الادارية الموسّعة التي تعطي لكل مكوّن من مكوّنات هذا الوطن اقصى ما يمكن من القدرات التي تساعده على انهاض مناطقه في نظام حكم يحفظ وحدة لبنان مركزياً.

ان التركيز اليوم، يجب ان ينصبّ على امرين اثنين لا ثالث لهما، الاول، مواكبة نشاط رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس الحكومة سعد الحريري في سعيهما لاقامة شبكة امان داخلية قائمة على العقلانية والموضوعية والهدوء والمصالحات والانصراف الى تثبيت دعائم الدولة وتحقيق مطالب الناس المزمنة، وتوفير اكبر حجم من الصداقات والتعاون والتأييد من الدول الشقيقة والصديقة القادرة على تمتين شبكة الامان الداخلية بما تملك من تأثير ونفوذ وقدرة وهيبة، ومتى تمكّن لبنان من اجتياز الاخطار والمطبات والصعاب التي تعترض طريق تقدمه وتهدد سلامته، يمكن عندها للملفات الداخلية الصعبة ان تفتح دون خوف من انفجارها بوجه الكلّ.

 

قرى الجنوب الحدوديّة: الحرب بعد 40 يوماً؟

ميرفت سيوفي/الشرق

عندما تخطّ أقلام بعض الكتاب والمحللين محذّرة ومنبّهة من أجواء المنطقة الملبّدة في المنطقة، والتصعيد الإسرائيلي "المقلق" الذي يتحدّث عن الخرق المستمر للقرار 1701 عبر استمرار تهريب السلاح إلى حزب الله وارتفاع ترسانته الصاروخية، ويأتي التهديد دائماً مصحوباً بتدريبات مكثّفة تشير إليها وتكشف عن مشاهد منها وسائل إعلام جيش العدوّ، تطلق بحقّ هؤلاء تهم قاسية بحقّ - ونحن من هؤلاء الذين يتابعون بدقة ما يحدث وينبّهون منه - فحيناً هم أبواق للعدو وتهديداته، وحيناً هم "مأجورون" يكتبون لقاء ما يدفع لهم لكتابته، ولكن هذه المرّة قد يختلف الأمر قليلاً، عندما تكون أجواء الحذر والترقّب والخوف منشورة في قلب صحيفة تحتكر الولاء والدّفاع عن المقاومة وعن حزب الله...

كان مفاجئاً ما نشرته إحدى أكثر الصحف التصاقاً بالمقاومة عن واقع أبناء القرى الحدوديّة في الجنوب اللبناني، وقد يكون من المفيد إعادة تسليط الضّوء على حال التوتر التي تنتاب أبناء الجنوب بسبب الحديث المطّرد عن نشوب حرب إسرائيليّة على لبنان، والسلوك الإنساني المصاحب لهذا القلق، وبالطبع العمالة تُهمة من الصعب أن توجه الى الصحيفة التي أماطت اللثام عن واقع يجري حجبه عن الإعلام اللبناني، فيما إعلام المقاومة لا يعترف إلا بالشّحن والاستعداد الدائم للحرب والموت!!

 فبحسب ما نشرته الصحيفة نقلاً عن لسان حال قلق أبناء بلدات جنوبيّة أشبه بمفاجأة، والطبيعي أن أبناء هذه المناطق هم الذين يتحسسون رائحة الحرب ومخاطرها لأنها عندما تقع، تقع عليهم أولاً، وقد أشارت الصحيفة إلى تحمّل أبناء الجنوب النتائج النفسية المترتبّة عن الشائعات بشأن حرب محتملة حيث يتملك الخوف الأهالي وخصوصاً أطفال القرى الحدودية، وبغضّ النظر عن مصادر هذه الشائعات.

 وأوردت الصحيفة كلاماً رواه أهل الجنوب بأنفسهم فإحدى الطالبات "تتصرف ورفاقها وكأن الحرب تطرق أبوابها" أما أغرب ما يستند إليه هؤلاء فكلام المنجّمين الذين لمّحوا ليلة رأس السنة إلى إمكان حدوث حرب إسرائيلية قاسية وتخشى الطالبة ورفاقها أن تصدق تصريحات بعض السياسيين اللبنانيين والإسرائيليين فتقول:"جرّبنا الحرب، وبدأنا نتوقّع حدوثها في أقرب وقت، ولا أحد يطمئننا، لذا، فأبناء بلدتي يترقبون ساعة الصفر فيتوقفون عن مزاولة أعمالهم بانتظار من يأتي ليبرّد قلوبهم"، وتؤكّد الطالبة أنّ:"التصريحات أخافت الجميع هنا، وخصوصاً أنّ أخبار الحرب توسّعت لتشمل حكايات عن أسماء أشخاص محدّدين من الوسط الجنوبي"..

 طالبة أخرى من عيتا الشعب روتْ:"لقد قيل لنا إنّ أحد أبناء بلدة الخرايب وهو شيخ جليل يدعى أبو قاسم، تنبّأ سابقاً بحرب تمّوز وبانتصار المقاومة، وأنه ذهب إلى السيّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله وأبلغه ذلك".. وقد تنبّأ بحرب مقبلة في الذكرى الأربعين لعاشوراء، وأنّ هذه الذكرى ستكون هي ذكرى وفاته، لأنّه توفي في يوم عاشوراء، لذا فالأهالي يتوقّعون الحرب بعد أربعين يوماً".

 وأكدت المواطنة الجنوبيّة" أنّ أبناء بلدتها وإن تعوّدوا على الحرب، فإنّهم يخشون أن تقع قريباً بعد هذه الشائعات، وأشارت إلى أنّ أحدهم عمد منذ يومين إلى بيع محلّه التجاري والهرب إلى بيروت الأمر الذي أغاظ بعض المقاومين"...مواطن جنوبي من عيترون قال: "إن كثرة الأنباء عن حرب مقبلة أخافت الأهالي هنا، بعدما ذاقوا لوعة الحرب في تموز، كما أنّ الحركة التجارية شلّت، وتوقف البعض عن بناء منازلهم، وبدأ بعض الذين يحملون الجنسيات الأجنبية يتأهّبون للسفر".

 وخلص المواطن العيتروني إلى "مطالبة المسؤولين، لاسيما السيد حسن نصر الله، بطمأنة الأهالي، فوحده يستطيع منع هذه الشائعات والتصدّي لها، مذكّراً "من يدلي بتصريحات أو توقعات عن حرب مقبلة، أنّ عليه أن يعلم أن هناك مواطنين هم الأكثر تعرّضاً في أي حرب مقبلة، وبالتالي فإن هذه التصريحات تقلقهم وتخيفهم وتشلّ حياتهم، أو على الأقلّ توقف أعمالهم الاقتصادية ومشاريعهم المستقبلية".

 هذا ليس كلام تحليل سياسي، ولا رأياً لكاتب صحافي، ولا نصاً لصاحب قلم مأجور وظيفته الترويج لهكذا أخبار، هذا صوت أبناء الجنوب الخائفين والقلقين على حياتهم وأرزاقهم وبيوتهم من نُذُر حرب يُقولون أنها مقبلة وحياتهم اليوميّة خاضعة لهذا القلق الدائم، لأن "ترقّب الحرب، هو أصعب بكثير من الحرب نفسها"، وبالطبع الحديث عن الصاروخ الإيراني الذي تدّعي إسرائيل أنه دخل ترسانة حزب الله "فاتح 110" أو فاتح 220" حتى، لن يطمئن قلوب اللبنانيين عموماً الذين لا يقلّ قلقهم عن قلق أبناء الجنوب الذين ذاقوا مرارات العدوانات الإسرائيليّة المتكرّرة عليهم، أما المتوقعون وسواهم، فيبدو أن لأهل الجنوب أيضاً من يتوقع لهم ويصدّقون توقّعاته، خصوصاً عندما يكون الحديث عن "شيخ جليل" ترك موعد وفاته علامة على صدق توقعه لحرب في الذكرى الأربعين لمأساة كربلاء... فمن يُطمئن الناس على طول وعرض الأرض اللبنانيّة!!

 

لبنان دولة الطائفة أم دولة الإنسان؟

العلاّمة المجتهد السيد علي الأمين

12 / 03 / 1995

إن عنوان ندوتنا هذه (لبنان دولة الطائفة أم دولة الإنسان) قد يبدو منه في النظرة الأولى أن هناك تنافياً واختلافاً بين الطائفة والإنسان لأن طبع العطف والترديد الموجودين في العنوان أن يكون هناك تغاير بين الطرفين مع أن الطائفة هي إنسان أيضاً وحينئذ قد يقال بأن العنوان لا يخلو من دلالة على التكرار أو من دلالة على التغاير بين المتفقين ولكن بنظرة ثانية الى العنوان يتضح لنا أن المقصود ليس نفي الإنسانية عن الطائفة وإنما المقصود إن الطائفة تعني حصة خاصة من الإنسان وهو الذي انتمى الى دين معين أو مذهب خاص والمقصود من كلمة الإنسان الواردة في العنوان الذي نجرده عن الوصف الديني أو المذهبي الخاص عند وضع القوانين وسن التشريعات وإنشاء المؤسسات وعلى هذا فإن المقصود بكلمة الإنسان المواطن بلا قيد والمقصود بكلمة الطائفة المواطن مع القيد وبهذا البيان ينتفي التكرار ويبقى التغاير بين الطرفين في العنوان بالعموم والخصوص.

وبعد هذه المداخلة الموجزة نعود الى صلب الموضوع لنبحث عن أجوبة لبعض الأسئلة التي يثيرها عنوان الندوة وهذه الأسئلة هي على التوالي:

ما هي نظرتنا الى لبنان؟

وما هي نظرتنا الى الدولة المرجوة؟

وكيف نصل اليها؟

أما عن نظرتنا الى لبنان الوطن فنلخصها بالآتي:

إن لبنان ليس مجرد جغرافيا معينة ذات مساحة محددة لأنه ليس باستطاعتنا أن نأخذ قطعة من الأرض في استراليا أو في غيرها من دول العالم ولهاالمواصفات نفسها من حيث المساحة والجغرفيا ونسميها لبنان وهذا يكشف لنا عن أن لبنان الوطن هو معنى لا ينطبق على سواه وهذه حقيقة تؤكدها بديهية علم المنطق التي تقول بأن الخاص والجزئي يستحيل أن ينطبق على غيره، فلبنان هو وطن ذو خصوصيات تميزه من غيره وتكمن هذه الخصوصيات إضافة الى حدوده الدولية المعترف بها في تاريخه وإنسانه والمعادلة التالية هي التي تعطي الصورة الواضحة عن لبنان الوطن وهي: الجغرافيا + التاريخ + الإنسان =لبنان. فالإنسان الذي كتب صفحات التاريخ على تلك الجغرافيا المحددة ولا يزال يحافظ عليها هذه الخصائص بمجموعها هي التي تحدد لبنان وتجعله واحداً يمتاز عما عداه.

ومن الواضح أن الإنسان عندما يولد تنشأ له علاقة بالأرض التي ولد عليها وعلاقة بمحيطه العائلي الأوسع الذي يشمل وطنه وقومه وهذه العلاقة مع الأرض والشعب سابقة على علاقة الإنسان بالدين وقد جاء الدين بعد ذلك لتعزيز ارتباط الإنسان بوطنه وعائلته الكبيرة التي يشاركه افرادها الخصائص نفسها التي جعلته يرتبط بالأرض يرتبط بقومه وعائلته وقد اعتبر الدين الوطن من المقدسات التي يجب الدفاع عنها والمحافظة عليها والمتهاون بوطنه متهاون بدينه حتماً ولذلك ورد في بعض النصوص الدينية (إن حب الأوطان من الإيمان) و(إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل فانظر حنينه الى وطنه).

وعلى هذا الأساس يجب أن تكون علاقة الإنسان بوطنه فلا يجوز أن تكون العلاقات مع الشعوب الأخرى على حساب الوطن ولا يجوز أن تكون روابط الأديان على حساب الأوطان لأن روابط الدين تنتج عنها علاقات متبادله مع الحفاظ على خصوصية الوطن والشعب كما في قوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) فإن التعارف لا يعني الذوبان والإلغاء بل يعني التواصل والعلاقات التي تقوم بين طرفين أو أطراف مع بقاء الخصوصيات التي تجعل منهم أطرافاً متعددة وعند ذلك يكونون شعوباً وقبائل لأن كلمة (شعوب) و(قبائل) تعني التعدد ولا يوجد تعدد بدون المحافظة على الخصوصيات. وفي رأينا أن بعض النصوص السابقة مما تؤكد على ارتباط الإنسان بوطنه وشعبه وليس هذا الارتباط من العصبية المذمومة كما ورد في بعض التعاليم الدينية (ليست العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن العصبية أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين) والذي أردت أن أصل اليه من هذا العرض أن لبنان الوطن الذي شكل الإنسان جزءاً أساسياً من معناه لم يؤخذ في إنسانه قيد ديني أو مذهبي لأن ارتباط الإنسان بالوطن أمر سابق على الدين والدين لم يأت لألغاء هذا الارتباط بل جاء لتمتين الروابط وتعزيزها.

النظرة الى الدولة

وبما أن الدولة هي انبثاق عن الوطن أرضاً وشعباً فيجب أن تكون الدولة بحجم الوطن في تشريعاتها ونظامها السياسي ومؤسساتها، ولما لم يكن لبنان مذهباً وإنما هو جغرافيا محددة وتاريخ وإنسان فلا يصح أن تكون الدولة لطائفة أو لجماعة بل يجب أن يكون محورها الإنسان ودينها العدالة مهما كان الانتماء الديني للأفراد مختلفاً لأن الدولة من ناحية فلسفية يجب أن تكون انعكاساً لصورة الوطن فإذا كان الوطن للجميع فالدولة ينبغي أن تكون للجميع وضرورة الدولة كمؤسسة هي نابعة من حاجة الوطن والمواطن لها وليست هذه الحاجة مقصورة على فئة دون أخرى ولا يمكن لدولة تروم الدوام لنفسها والتقدم لشعبها أن تبني الوطن على حجم طائفة أو حزب لأن ذلك سيجعل منها دولة العشيرة والقبيلة وليست دولة الإنسان الذي يشكل جزءاً أساسياً من معنى الوطن وليس المطلوب من الدولة أن يكون لها دين غير دين العدالة بين أبناء الوطن وقد عبر الامام علي (ع) عن ضرورة الدولة ودينها بقوله "إنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل بإمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع بها الفيء ويقاتل به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ للضعيف من القوي حتى يستريح بر ويستراح من فاجر) فالدولة والحكومة أمر لا بد منه للناس ولكن هناك مواصفات لا بد من توفرها لإقامة العدل وهي:

ـ توزيع الثروة بعدالة

ـ ونظام لدفع أعداء الخارج

ـ ونظام لأمن السبل (أمن داخلي)

ـ ونظام قضائي لإنصاف الضعيف من القوي

فليست المنفعة تأتي من إسلامية النظام كما لا تأتي المضرة من مسيحية النظام إنما تتولد المنفعة من عدالة النظام ومن جوره تأتي المضرة، وهكذا الحال بالنسبة الى الحاكم فلا يأتي العدل منه إذا كان مسلماً ولا يأتي الجَوْر منه إذا كان مسيحياً فإن مسألة الحكم والحاكم ترتبط بالعمل والسلوك والنظام السياسي الذي يحكمهما وإن الدولة المرجوة في لبنان هي التي تأخذ في الاعتبار في نظامها السياسي طبيعة الشعب اللبناني الذي يمتاز بصيغة حضارية فريدة وهي صيغة العيش المشترك التي تعتبر صيغة ضرورية لاستمرار الكيان اللبناني وديمومته وقد أثبتت الأحداث التي جرت على الأرض اللبنانية طيلة خمسة عشر عاماً أن لبنان لا يكتب له البقاء وطناً لجميع أبنائه إلا من خلال صيغة العيش المشترك في كل المناطق اللبنانية.

وقد رأينا كيف بدأت العافية تعود الى لبنان وطناً موحداً عندما أزيلت الفواصل المصطنعة بين المناطق اللبنانية وسرعان ما اجتمع شمل العائلة اللبنانية. وتترسخ هذه الصيغة بالعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد لأن الإنسان كما قال السيد المسيح (ع) "لا يحيا بالخبز وحده" بل العدالة هي الأهم لحياته وبقائه، ولذلك نرى أن النظام السياسي يجب أن يحافظ على الصيغة اللبنانية التي تعني قبول بعضنا بالبعض الآخر ضمن عائلة واحدة اسمها الشعب اللبناني وضمن وطن واحد اسمه لبنان المؤمن برسالات السماء والرافض للمذهبية التي تولد التعصب وتقلل الدين.

وهنا نستحضر قول جبران "ويل لأمة تكثر فيها المذاهب ويقل فيها الدين"، كما نستحضر قول الشاعر القروي رشيد سليم الخوري رحمه الله الذي يقول في مناسبة عيد الفِطر:

"صياماً الى أن يفطر السيف بالدم

وصمتاً الى أن يصدح الحق يا فمي

أفطرٌ وأحرارُ الحِمى في مجاعة

وعيدٌ وأبطالُ الجهاد بمأتم!

بلادك قدّمها على كل ملة

ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

أكرم هذا العيد تكريم شاعر

يتيه بآيات النبي المعظم

ولكنني أصبو الى عيد أمة

محررة الأعناق من رق أعجمي

الى علم من نسج عيسى وأحمد

وآمنة في ظله أخت مريم

فقد مزقت هذي المذاهب شملنا

وقد حطمتنا بين ناب ومنسم"

ولن نردد معه قوله: "سلام على كفر يوحد بيننا". بل نقول: سلام على حب يوحد بيننا ولعل هذا هو المقصود له لأنه يقول في قصيدة أخرى:

"يا قوم هذا مسيحي يذكركم

لا ينهض الشرق الا حبنا الأخوي"

فالدولة ينبغي أن تقوم على أساس العيش المشترك وعلى العدالة في نظامها السياسي، وهذا ينتج عنه المشاركة الفعالة في مختلف المجالات ومن مختلف الفئآت. وينبغي أن يتحول الحوار بين المسيحية والإسلام من عالم الشعار الى عالم المؤسسة التي تخرج الأجيال المؤمنة بالحوار الذي يجعلنا بنياناً متماسكاً مؤمنين بضرورة المحافظة على أصول البناء الوطني وقواعده، ولذلك يجب أن يكون لدينا في لبنان الكتاب الديني الواحد الذي ندرس فيه عظمة الخالق وأهداف الأنبياء وأخلاقهم. وأما الخصائص الدينية الأخرى والمذهبية فيأخذها الطالب من البيت والكنيسة والمسجد، ولا يجوز أن نعطي أبناءنا في المدارس الدروس الدينية مختلفة حيث يخرج الطالب من قاعة الدرس في ساعة الدين الإسلامي إذا كان مسيحياً وفي ساعة الدين المسيحي يخرج الطالب إذا كان مسلماً، فإننا بذلك نفرقهم صغاراً فكيف نطلب الوحدة منهم كباراً؟! ويجب أن تقوم الدولة بتأليف الكتاب الواحد، ليس على مستوى الدين فقط بل على مستوى التاريخ أيضاً، لأننا من خلال الكتاب الواحد نحفظ الوطن الواحد ونصون خصوصيات الشعب الواحد.

الدين للرحمن جل شأنه

فتوحدوا وهو الكبير الغالب

ولإخراج الحوار من دائرة اللقاء والشعار الى طور المؤسسة يجب إضافة الى ما مر أن ننشئ المعهد الديني المشترك الذي ندرس فيه المسيحية والإسلام حيث يدرس الشيخ والخوري على مقعد واحد وفي مدرسة واحدة، بذلك نتعرف على القواسم المشتركة بينهما وما أكثرها.

وكلما تعمق الفهم المشترك ترسخ العيش المشترك الذي يشكل عماد لبنان ورسالته التي يجب تعميمها الى كل بلدان العالم، لأن صيغة العيش المشترك واللقاء بين أتباع الرسالات السماوية هي الصيغة الوحيدة التي تشكل مصدر الأمان والاطمئنان للجماعة البشرية ولن يتم هذا الأمل المنشود الا عبر اللقاء والتوافق على ضوء الأهداف للرسالات السماوية.

وقد حدثتنا روايات دينية عن النظام العالمي في عهد الإمام المهدي (ع) مؤكدة على ضرورة اللقاء بين المسيحية والإسلام من خلال وجود السيد المسيح والإمام المهدي عليهما السلام على رأس نظام العدل الإلهي في آخر الزمان. وإذا كان أمر المجتمع البشري لا يصلح آخره الا بلقاء بين المسيحية والإسلام فهذا يدلنا بالتأكيد على أن صراع المجتمع البشري اليوم وغداً لن تكون له نهاية سعيدة إلا بالتوافق واللقاء بين المسيحية والإسلام. ولبنان هو الذي يشكل المنطلق لهذه الضرورة الدينية التي أرسى قواعدها القرآن الكريم على المحبة والمودة (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون).

(وقل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة من أمري أنا ومن أتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين).

وأخيراً لا يسعني الا أن أجدد لكم شكري جميعاً راجياً أن أكون قد وفقت في إيصال الفكرة المطروحة في العنوان وأستميحكم عذراً إن وقعت في زلل أو خلل.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا أنت مولانا.

عشتم وعاش لبنان

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جريدة  المستقبل - الجمعة 6 تشرين الأول 2006

محاضرة ألقاها المفتي العلامة السيد علي الأمين بتاريخ 12 آذار 1995 في قاعة الويستيلا الكبرى في سيدني ـ استراليا، بدعوة من رابطة الخريجين العرب الاستراليين، وارتأت "المستقبل" ان تعيد نشرها لأهميتها