المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار الرابع من كانون الأول/2010

المزامير الفصل 105/1-5/بركات الله لشعبه

إحمدوا الرب وادعوا باسمه، وعرفوا الشعوب بأعماله. أنشدوا للرب ورتلوا له، وتأملوا في جميع عجائبه. هللوا لاسمه القدوس، واطلبوه فتفرح قلوبكم. إلتمسوا الرب وعزته، واطلبوا وجهه كل حين. أذكروا عجائبه التي صنع، ومعجزاته وأحكام فمه،  هو الرب إلهنا، في كل الأرض أحكامه.

 

ويكيليكس وصنوبر بيروت

موقع ليبانون ديبايت/لم يكن ينقص المرحلة الراهنة إلا وثائق ويكيليكس لتكتمل الصورة بين أزمة القرار الظني وما يدور في فلكه من سيناريوهات حول إثارته لحرب سنية – شيعية في لبنان والمنطقة، وبين مداولات دبلوماسية لأبرز السياسيين العرب مع الخارجية الأميركية حول مواقفهم الضمنية من  ايران مروراً بما يتم تداوله في الخفاء. ومع نشر هذه الوثائق، يرى القارئ نفسه محاطاً بوابلٍ من الإخبار والشائعات والدسائس إن صحّ عِشرها، لإشتعلت المنطقة من المحيط الى الخليج في حروب لا متناهية. ويكيليكس اليوم هي صورة دولية مصغّرة عن صنوبر بيروت في مجال نشر الأعراض والفضائح، التي رغم فداحتها، تبقى في نطاق الإستيعاب. الحمد لله أن هذا الصنوبر موجود في بيروت. فلو كان مثلاً موجود في الشام أو طهران أو الرياض، لكانت السنة اللهب المنبعثة من مصافي النفط وآبار النزاع الخفي قد غطّت سماء هذا الشرق.

 

الولايات المتحدة: المحكمة لا يمكن ان تكون ورقة مساومة او لعبة كرة قدم سياسية

نهارنت/أفادت البعثة الاميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك امس الخميس أن السفيرة سوزان رايس أكدت أنه "من المهم للغاية ان نتذكر ان الحكومة والشعب اللبنانيين هما اللذان طلبا المحكمة الخاصة بلبنان والامم المتحدة قدمت الدعم لرغبتهما في انهاء الافلات من العقاب، وهذا مهم للغاية". وأضافت ان المحكمة "لا يمكن ان تكون ورقة مساومة او لعبة كرة قدم سياسية، ولا يمكن ان تكون فرصة لتدخل الاغراب"، مؤكدة ان على المحكمة أن "تمضي الى الامام على الاساس الذي طلبه وتوقعه الشعب والحكومة اللبنانيان" 

 

أوساط "حزب الله": مسعى فرنسي - سعودي لتأخير صدور القرار الاتهامي

نهارنت/تؤكد كل المعطيات والمعلومات المتوافرة محليا أن التسوية السعودية السورية وضعت على نار حامية في ظل الضغوط التي تمارسها قوى الثامن من آذار للخروج بصيغة تسوية قبيل صدور القرار الظني. وكشفت أوساط حزب الله لصحيفة "الشرق الأوسط" عن أن "هناك مسعى سعوديا مستجدا للإسراع ببلورة صيغة تسوية قبل صدور القرار الاتهامي، موضحة أنه "وفي حين تسعى واشنطن لإصدار القرار قبل الخامس عشر من الشهر الحالي، نلمس مسعى فرنسيا سعوديا لتأخير إصدار هذا القرار". وأضافت الأوساط: "التسوية التي تطبخ تتمحور حول نقطتين أساسيتين يبدو أن تيار المستقبل بدأ يقتنع بهما ألا وهما ضرورة عدم اعتماد القرار على شهود الزور أو على شبكة الاتصالات المخترقة. هاتان النقطتان جزء من سلة متكاملة تخطت حظوظ نجاحها نسبة الخمسين في المائة".

اوساط معارضة: نرفض إدراج شهود الزور على طاولة الحوار والمعركة دخلت مراحلها الأخيرة والخطيرة

نهارنت/اكّدت أوساط معارضة أن جهد رئيس الجمهورية "مشكور لكن ما يجب التنبّه له هو ضرورة تجنب الدعسات الناقصة المكلفة". وذكرت الاوساط لصحيفة "السفير" ان "المعارضة ابلغت سليمان رفضها الاستجابة لطلبه فيما خصّ إدراج ملف شهود الزور في طاولة الحوار، خصوصاً أن "المعركة" دخلت في مراحلها الأخيرة والخطيرة". وأوضحت الأوساط أن موضوع شهود الزور يجب ألا يتم التعاطي معه على أساس أنه مادة قابلة للتمييع وهذا ما لا تقبله المعارضة بأطيافها كافة وأن المكان الطبيعي لبحث هذا الموضوع هو داخل مجلس الوزراء الذي يجب أن يتم السعي إلى عقده سريعاً للانتهاء من هذا الامر، وإحالته إلى المجلس العدلي، من دون إبطاء. واشارت الأوساط الى أن الظرف الحالي يتطلب مواكبة ما يجري من مساع عربية، سورية سعودية، بأفكار وطروحات مساعدة وخطوات تصب في خدمتها وليس بمشاورات قابلة لأن تفسر على أنها نوع من التشويش. واضافت انه "حتى ولو كانت تلك المشاورات منطلقة من خلفيات بريئة القصد منها تحريك الوضع الداخلي في اتجاه إعادة تواصل حواري بين الفرقاء". ورأت انه "من هنا نعتقد أن الاولوية التي يجب التركيز عليها ليس إجراء مشاورات بين رئيس الجمهورية والفرقاء بما يتخم جدول أعمال الحوار بمواد خلافية وتفريغ محتواها، بل يجب أن تكون المشاورات بين رئيسي الجمهورية والحكومة لإيجاد المخرج الملائم لملف الشهود عبر جلسة سريعة لمجلس الوزراء، بما يقود في النهاية الى ترسيخ الاستقرار".ورأت المصادر "أن كل الجهود يجب ان تنصب في اتجاه احتواء تداعيات القرار الاتهامي ومخاطره وليس بخطوات قد تبدو أنها تلاقيه وتنسجم مع سياسة ركوب الطائرة لتضييع الوقت وقتل الفرص". 

 

النائب غازي يوسف: الفريق الآخر يتعمد تضييع الوقت والتسوية على اساس الغاء المحكمة وإلغاء القرار الاتهامي

نهارنت/اكّد عضو كتلة "المستقبل" النائب غازي يوسف "ان الفريق الآخر يعطل عمل المؤسسات ويضع شروطا للافراج عن اجتماعات مجلس الوزراء، بما يؤكد أنه يتعمد تضييع الوقت". واشار في حديث لـ"أخبار المستقبل"، الى أن الجانب الفرنسي أكد للرئيس سعد الحريري ان ليس على اللبنانيين الاختيار بين العدالة والاستقرار. واوضح "أن العمل على التسوية بدأ منذ اشهر على اساس الغاء المحكمة والتنصل منها، وتحولت لإلغاء القرار الاتهامي"، مشيراً الى "ان هذا الأمر غير ممكن بتاتا". وأكد أن "لا أحد يعلم بتاريخ صدور القرار الاتهامي، لا من قبل أحد الاطراف اللبنانية الداخلية، ولا من قبل الاطراف الغربية، بدليل أنه كان هناك اخبار صحافية ذكرت ان القرار الاتهامي كان سيصدر في اليومين الماضيين. وشدّد على انه "رأينا ان هذا الأمر لم يحصل، وان تلك الاخبار كاذبة، وأن الأمر الوحيد المؤكد هو حتمية صدور هذا القرار".

واعتبر "ان هناك تعطيلا واضحا لعمل المؤسسات من قبل الفريق الذي يضع شروطا، ويطالب بتنفيذها للافراج عن اجتماعات مجلس الوزراء، مشددا على أن تضييع الوقت يتم من قبل ذلك الفريق. واشار الى "أن ترحيل ملف الشهود الزور الى طاولة الحوار مشروع حل للافراج عن جلسات مجلس الوزراء دون وضع عراقيل".

واكّد ان "لدي معلومات تقول أن قوى 8 آذار كان لديها موقف سلبي من هذا الطرح، وانها لا تريد أن تبحث على طاولة الحوار إلا موضوع سلاح المقاومة او الاستراتيجية الدفاعية".

وذكر "ان افادات الشهود ما زالت سرية، وبالتالي لا يمكن احالتها لا على محكمة عادية ولا على مجلس عدلي، وعلينا انتظار القرار الاتهامي وصدور أقوال هؤلاء الشهود للحكم عليهم، سواء من قبل المحكمة الدولية او من قبل مقاضاتهم في المحاكم اللبنانية". ونفى ما ينشر عن "وجود وثيقة خطية قد توصل اليها الطرفين السعودي - السوري لاتفاق تسوية بشأن المحكمة الدولية"، مضيفاً "أن هذا الكلام بعيد جدا عن الواقع، والى أن هناك محاولة لبث نوع من التسويات التي لا ترقى الى أن تؤخذ بجدية". وأشار الى أنه لا يمكن الوصول الى حل للأزمة اللبنانية، من دون حوار داخلي، مهما كثرت المحاولات الخارجية، الا أن الطرف الآخر يرفض هذا الحوار.

ورأى النائب يوسف في ملف وزارة الاتصالات، "أن الارباح التي حققتها الوزارة من خلال عمل "اوجيرو" وعمل شركتي الخليوي، لكن الوزير شربل نحاس يتلكأ بارسالها الى وزارة المالية، وهناك مال يحتفظ به، ويدعي ان هذا المال هو للبلديات ويرفض تحويله، وهذا أمر من ضمن مخالفات عديدة لقوانين يقوم بها نحاس". وحول ما ذكرعن انه "تراكمت في حساب الخزينة العامة لدى مصرف لبنان فوائد مالية كبيرة حققها قطاع الاتصالات بلغت قيمتها نحو 814 مليون دولار و12 مليون يورو و535 مليار ليرة، الا ان وزارة المال تتعمد اغفال هذه المبالغ التي تعلنها في بياناتها الشهرية"، قال: "ان هذه اخبار مغرضة" ، مؤكدا "أن هذه الاخبار لا تمت الى الحقيقة بصلة، وأن هذا المال هو مال عام، يستخدم لتسيير اعمال الدولة ولدفع رواتب المصاريف التشغيلية والفوائد المترتبة على الدين العام". وعلّق يوسف على كلام النائب نبيل نقولا الذي قال "إننا اصبحنا نعيش في دولة المافيا، وليس في دولة القانون"، واوضح "ان هذا الرد بعيد جدا عن المنطق وعن الخطاب العقلاني والعاقل، وهذه ليست المرة الاولى التي يتكلم فيها بهذه النبرة الفوقية وباحتقار الناس وتوصيفهم بطريقة مشينة".

ورأى "انه يعتمد على حصانته النيابية لاستعماله هذا الكلام". 

 

"الأنباء" الكويتية: توقعات واحتمالات وسيناريوهات "مرحلة ما بعد القرار الظني"  

  نقلت صحيفة "الأنباء الكويتية" عن عدة مصادر بعض توقعات واحتمالات وسيناريوهات "مرحلة ما بعد القرار الظني":

تتحدث مصادر قريبة من حزب الله عن احتمال فرض عقوبات على لبنان، بناء على طلب من الأمم المتحدة، لإرغام لبنان على تسليم متهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري، بحسب القرار الاتهامي للمحكمة الدولية. تتحدث مصادر إعلامية في 14 آذار عن "سيناريو تصعيد مؤسساتي" بعد صدور القرار الظني لشعور حزب الله بأنه بات يمتلك أكثرية نيابية مع انضمام كتلة النائب وليد جنبلاط الى قوى 8 آذار أو جزءا من هذه الكتلة، وهذا سيجعله قادرا على تطبيق انقلاب دستوري غير مخالف للدستور. أحد خيارات حزب الله بعد صدور القرار الظني بساعات ان يقوم وزراؤه الأحد عشر (وزراء حزب الله وبري وعون وفرنجية + عدنان السيد حسين) بالاستقالة ما يعني إقالة الحكومة وتحويلها الى حكومة تصريف أعمال والاتجاه الى المجلس النيابي لتسمية شخصية سنية غير الحريري وتكليفها تشكيل حكومة جديدة على عاتقها مسؤولية اصدار قرارات ترفض المحكمة الدولية. مصادر سياسية قريبة من المعارضة تقول ان حكومة الرئيس سعد الحريري ستكون اولى ضحايا القرار الظني، لأن المعارضة ستسعى لمواجهة تداعيات هذا القرار من خلال القيام بمجموعة واسعة من الخطوات السياسية لتصحيح الوضع الذي نشأ عن انقلاب عام 2005. مصادر في قوى 8 آذار تقول انه إذا ما صدر القرار الظني وشرعت بعده أطراف سياسية محلية وإقليمية ودولية في إكمال هجومها الذي بدأته من خلال "الشرعية الدولية" وتحويل حزب الله إلى طرف إرهابي مع من يغطيه من حلفاء ودول، فقد يصل لبنان إلى فوضى سياسية شاملة وعودة تجربة اللاشرعية لحكومة فؤاد السنيورة إلى حد العصيان المدني وعدم الاعتراف بالفريق الحاكم.

 

لتكثيف المشاورات توصلاً لتسوية ترتكز على اتفاقيْ الطائف والدوحة"

العبدالله لـ"NOW Lebanon": جملة مؤشرات ومعطيات عن قرب صدور القرار الظني.. والكلام عن إحالة "شهود الزور" إلى الحوار لا معنى ولا لزوم له 

جمال العيط ، الجمعة 3 كانون الأول 2010

إعتبر وزير الشباب  والرياضة علي العبدالله أن "الإحاطة الدولية والإقليمية والعربية للوضع اللبناني هي ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى، من أجل المساعدة على إخراج لبنان من وضعه السياسي المتأزم"، لافتاً إلى أنه "ومن منطلق تأثّر لبنان بمحيطه العربي والإقليمي، جاءت المبادرة العربية وبالأخص السعودية – السورية لتشكّل غطاءاً أمنياً وسياسياً على الوضع اللبناني". العبدالله، وفي حديث لموقع “nowlebanon.com” دعا إلى "تعزيز مظلّة الأمان العربية على لبنان، من خلال تكثيف المشاورات والمباحثات الهادفة إلى الخروج بتسوية ترضي كافة الأفرقاء السياسيين اللبنانيين بحيث ترتكز في مضامينها على اتفاق "الطائف" الذي أصبح دستور لبنان، وعلى اتفاق "الدوحة" بما احتواه من نقاط مشتركة موافق عليها من قبل جميع الأفرقاء". وإذ استغرب اعتبار هذه المبادرات الخارجية بمثابة "التدخّل بالشأن الداخلي  اللبناني"، شدد على كونها "تأتي في سياق مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الراهنة، وهي بالتالي تصب في خانة تحصين الوضع الداخلي والوحدة الوطنية والاستقرار العام ومسيرة السلم الأهلي اللبناني"، مطالبًا في الوقت عينه "بتفعيل دور لبنان الداخلي لتلقّف الجهود والمساعي السعودية – السورية"، وأثنى في هذا المجال على "مبادرة رئيس الجمهورية باتجاه إجراء مشاورات مع أقطاب الحوار من أجل إعادة إحياء طاولة الحوار الوطني والتشديد على أهمية التواصل بين القوى السياسية اللبنانية للخروج من الأزمة الراهنة". العبدالله الذي لفت إلى "توافر جملة مؤشرات ومعطيات تفيد بقرب صدور القرار الظنّي" دعا في المقابل "القوى المعنية المسارعة للحد من تداعيات هذا القرار عبر إحالة ملف "شهود الزور" إلى المجلس العدلي من قبل الحكومة اللبنانية"، واصفًا الكلام عن إحالة ملف شهود الزور إلى طاولة الحوار بأنه كلام "ليس له أي معنى ولا لزوم، لأنّه ملف مطروح أساساً على طاولة مجلس الوزراء".  وفي هذا السياق، إتهم العبدالله "البعض بأنه يصر على تمييع ملف شهود الزور عبر تضييع الوقت أكثر واكثر"، وأشار أنّ "سياسة المماطلة هي التي أدّت من قبل المعارضة إلى تعليق انعقاد جلسات مجلس الوزراء  وطاولة الحوار"، معتبرًا أنّ "مقاربة الوضع المعيشي والحياتي للمواطنين تحصل إدارياً، والحكومة تتدخّل عندما لا تقوم الإدارات العامة المعنية بعملها كما يجب"، وأضاف مستدركًا: "لكن هذا لا يعفي مجلس الوزراء والوزراء من القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم في معالجة الملفات الحيوية والهامة المتصلة بالشؤون المعيشية والحياتية  التي تطال كافة شرائح الشعب اللبناني، كما يقع على عاتق الإدارات الرسمية أن تبذل أقصى الجهود الذاتية لمكافحة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار ومترتبات ذلك من أعباء ثقيلة على كاهل المواطنين".

 

مؤامرة سين-سين

محمد سلام

الخميس 2 كانون الأول 2010

اختلط الكلام، قديمه بجديده أو بقديمه المجدد، وبقي الموقف على حاله. سقط نهائيا الرهان على تظهير أي موقف مسبق برفض القرار الاتهامي الموعود صدوره عن المحكمة الدولية، وسقط أيضا الرهان نهائيا على تظهير موقف برفض القرار الاتهامي الموعود بعد صدوره.

الخياران الغبيان سقطا لأن الأول، أي رفض القرار قبل صدوره، بني على فرضية أن القوى المؤيدة للمحكمة ستتبنى موقف حزب السيد حسن نصر الله بأن المحكمة إسرائيلية، وكل ما يصدر عنها مرفوض لأنه إسرائيلي. قوى الاستقلال رفضت تبني الخيار لأنها لا تعلم ماذا سيتضمن القرار الاتهامي، ولأنها تعلم أن المحكمة ليست إسرائيلية ولا أميركية، بل هي دولية، كما محكمة النظر في جرائم يوغوسلافيا السابقة ومحكمة النظر في جرائم الرئيس السوداني.

وسقط الخيار الثاني أيضا لأن قوى الاستقلال ترفض التعهد مسبقا بتبني خيار رفض القرار الاتهامي بعد صدوره، لأنها لو قبلت لكانت سجلت على نفسها إدانة لغبائها وتصديقها سيناريوهات الأضاليل التي يطلقها حزب السيد حسن عن قرار اتهامي مفترض، ومواعيد حددت له، وتأجيل لإصداره ومساع لتأخير صدوره.

سقط الرهان لأن رئيس الحكومة سعد الحريري قال في طهران إن لبنان يرفض الدخول في أي حلف ضد إيران، ما يعني تماما وبنفس المستوى من الأهمية والإلتزام أن لبنان يرفض أيضا الدخول في أي حلف تقوده إيران.

سقط الرهان لأن الرئيس الحريري أكد من طهران على التزام لبنان معادلة الثالوث، غير المقدس طبعا، حيال الجيش والشعب والمقاومة. ما يعني أن الثالوث هذا، غير المدرج في الدستور، يبقى قائما على قاعدة وروده في البيان الوزاري لحكومة الحريري معطوفا على فقرة دعم المحكمة الدولية وقرارات الأمم المتحدة حيال لبنان. فإذا سقطت إحدى القاعدتين، تسقط الثانية ... حتما.

سقط الرهان لأن الرئيس الحريري وقّع في إيران سلسلة تفاهمات ثقافية، اقتصادية، عمّالية، ولم يوقع اتفاقية سياسية أو عسكرية واحدة. سقط الرهان لأن الحريري غادر إيران من دون أن يوقع على ما يرقى إلى مستوى "اتفاق طهران" بديلا مما كان يعرف باتفاق القاهرة لعام 1969 تاريخ تنازل لبنان الغبي عن سيادته للعرب، وهو ما عاد المجلس النيابي وألغاه، مستعيدا السيادة الوطنية من العرب، ما لا يتيح المجال لتعاظم الغباء مجددا والتنازل عن هذه السيادة ... لغير العرب.

سقط الرهان لأنه حتى لو افترضنا أن الحريري تنازل عن المحكمة الدولية على قاعدة "نسيت وسامحت" – وهو المستحيل طبعا- فإن ذلك لا يعني، ولن يعني، أكثر من تنازل وريث عن حصته من إرث من والده.

ولكن، وكما لن يتمكن أحد من التنازل عن إرث المعلم كمال جنبلاط لأن هذا الإرث هو حق عام لكل من تعلم ولكل من يريد أن يتعلم، فلن يتمكن أحد من التنازل عن إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري لأنه ملك من تعلّم ومن يريد أن يتعلم من تلك المسيرة التي تجسد نضال شعب في شخص.

سقط الرهان لأنه، وببساطه، لا يستطيع أحد أن يتداهى كما نائب جزين زياد أسود ليقول إن الحريري ليس أكثر أهمية من استقرار البلد، وبالتالي يجب أن يتنازل عن المحكمة الدولية.

النائب المحترم نسي أن المحكمة هي المحكمة الخاصة بلبنان، وليست المحكمة الخاصة بالحريري. وبالتالي هذه المحكمة معنية بتحديد من قتل أو حاول قتل جميع الشهداء، وليس فقط الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

المحكمة، على ما يعرفه النائب المتداهي، معنية بالإجابة عن جملة أسئلة، ليس أقلها من قتل باسل فليحان ومن قتل جبران التويني، ومن قتل وليد عيدو، ومن قتل جورج حاوي، ومن قتل أنطوان غانم، ومن قتل سمير قصير، ومن قتل بيار الجميل، ومن قتل فرانسوا الحاج، ومن قتل وسام عيد، ومن قتل مي شدياق ومن قتل مروان حمادة ومن قتل الياس المر. نعم، من قتل شدياق وحمادة والمر، فهؤلاء قتلوا ... وعاشوا كي يشهدوا ويشاهدوا عقاب من حاول قتلهم.

النائب المتداهي على طريقة دس السم في الدسم أراد فقط أن يحصر الخسارة برجل واحد، بشخصية سياسية لبنانية مسلمة سنية، كي يقطع صلة الدم بالمحكمة لدى بقية الشرائح اللبنانية ... لكنه لم يوفق، ولن يوفق.

معلمه، النائب ميشال عون، يقول إن لبنان غير موجود كي ينقسمّ. لا ضرورة للسؤال: إن لم يكن البلد موجودا، فكيف يكون هذا النائب ميشال عون موجودا؟

 يبدو أن شعار الرئيس الشهيد، ما حدا أكبر من البلد، لم يصل إلى مسامع سعادة النائب والعسكري السابق، ولكنه حتما وصل إلى مسامع ناخبيه ... بدليل أنهم انتخبوه، وانتخبوا تابعه في جزين، ما يعني أن البلد موجود وناسه موجودة. فوجب عليه الاعتذار من ناخبيه عن إساءته لهم واعتبارهم غير موجودين.

الرهان سقط، وبقي أصحاب السيناريوهات ذات المحاكاة يهددون ويتوعدون، ويحددون مهلا ويزعمون أنهم لا يريدون إيقاظ الفتنة.

من يريد إيقاظ الفتنة؟ من يهدد ويحاكي، أم من يقول لا أريد أن أقاتل بل أريد حقي؟

الجواب بديهي، ومع ذلك يستمر سيل التهديد، وآخره العرض السخي الذي قدمه الشيخ نعيم قاسم للرئيس الحريري بأن يتخلى عن المحكمة قبل القرار الاتهامي، وليس بعده.

 سقط الرهان، ومع ذلك ما زالوا يصرون على التهديد والوعيد وتحديد مواعيد. ... ولن يحصلوا على نتيجة.

سقط الرهان، ومع ذلك يطل نائب "التغيير والإصلاح" النابغة سيمون أبي رميا ليحذر من "تشنج الشارع السني بناء على القرار الظني ثم حصول تفجير ما في الضاحية، وبعدها تفجير مسجد ما في طرابلس".

مشكور، فعلا، النائب أبي رميا على غيرته، على السنة والشيعة معا، وإصراره على أن القرار الظني سيدخل البلد في فتنة سنية-شيعية.

"هل يتحملون وزر إدخال لبنان في آتون فتنة سنية-شيعية بسبب القرار الظني؟"، وقال: "لا يضحكوا علينا ان القرار الاتهامي سيتهم اشخاصا من حزب الله غير منضبطين، فعندما يقول نصرالله انه بعد القرار المبادرة لا تعود بـ"ايدينا" هو على حق لانه يزرع في اذهان السنة بلبنان ان الشيعة قتلوا زعيمهم".

من يزرع في أذهان السنة أن الشيعة قتلوا زعيمهم يا سعادة النائب؟ بربك، كن شجاعا وقل الحقيقة. كن صادقا وقل الحقيقة. من يزرع في أذهان السنة أن الشيعة قتلوا زعيمهم؟

هل سمعت سنيا واحدا يتفوه بهذه الضلالة يا سعادة النائب؟

هل سمعت من يستفز عاطفة مذهبية عمياء لدي السنة وغير السنة أيضا غير أصحاب "اليوم المجيد" و"العملية الموضعية النظيفة" وأهل المحاكاة الإلكترونية، وبعض الجنرالات المتقاعدين الجهابذة من صيادي المقاعد السياسية، أو الفاشلين في السياسة والعسكر معا ممن يعتقدون أن معراب تسقط في ساعتين؟

بربك قل الحقيقة يا سعادة النائب أبي رميا، أمام ربك لا أمام ناخبيك. من أساء إلى مؤسسة الجيش؟ من يقول أريد من الجيش أن يدافع عني، أو من يروج لمشاريع عسكرية لا يلحظ فيها دورا ولا حيزا يتيح للمؤسسة العسكرية القيام بمهمة حفظ الاستقرار؟

هم، كما تعلم جيدا، وكما نعلم جيدا، يتمسكون بالـ"سين-سين"، بعلانية فاجرة، وباطنية متآمرة.

الـ"سين-سين" في قاموسهم الباطني-الواقعي لا تشير إطلاقا إلى التواصل السوري-السعودي، الذي حصد عائداته الأردن وليس لبنان بعدما أنجز العرش الهاشمي المصالحة بين الرياض ودمشق لتفادي البقاء أسير الإرهاب "الأيروقاعدي" الذي صُدّر إلى فنادقه بعدما تحدث عاهله عن خطر "الهلال الشيعي".

الـ"سين-سين" في قاموسهم هي مؤامرة تهدف إلى إهراق الدم "السني السني" بديلا من الفتنة أو الحرب الأهلية.

أتريد أن تقول لي إن تنظيم "القاعدة" في العراق الذي كان يقوده الزرقاوي قرر معاقبة العرش الهاشمي بتكليف من أسامة بن لادن لأن جلالة الملك عبد الله الثاني كان قد حذّر من خطر "الهلال الشيعي"؟

لم يعد هناك وجود لتنظيم "القاعدة". الجيل الأول انقرض أو انفرط. الجيل الثاني، أي جيل ما بعد حرب أفغانستان، ينتمي إلى تنظيم "الأيروقاعدة" أي القاعدة الإيرانية، وهو يستهدف كل من يهدد مصالح نظام ولاية الفقيه. قاعدته في إيران، وإمرته في إيران وميادينه ... كل ما يزعج إيران وحلفاء إيران.

"الأيروقاعدة" هي التي ستنفذ الـ"سين-سين" الباطنية في لبنان، هي التي ستريق الدم السني-السني لحساب أسيادها. هذه حقيقة يجب على التنظيمات الإسلامية السنية أن تتوقف عندها مليا، لأنها إن كانت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كانت تدري ولا تصلح فالمصيبة أعظم.

الواقع الميداني على الأرض اللبنانية يؤشر إلى خطر "الإيروقاعدة" بوضوح لا يغفله إلا ضرير البصيرة، أو الجاهل، أو الغبي أو المتغابي.

ضخ السلاح إلى "الأيروقاعديين" في صيدا، وقد فصّلناه في المقالة السابقة، يوضح أهداف "الأيروقاعديين"، ومن دون لبس.

قاذف الإنرغا المعلوم-المجهول في طرابلس-جبل محسن وعدم توقيفه وتوقيف محركه مع أن اسمه أصبح معلوما، وفق ما ذكره النائب بدر ونوس، أيضا يؤشر إلى "الإيروقاعديين" ودورهم في مؤامرة الـ"سين-سين".

إطلاق الإرهابي المحكوم غيابيا عمر بكري بقرار قضائي، ومن ثم مفاخرته باعتناق "الإيروقاعدية" عقيدة جهادية، أيضا يوحي بالقصد.

قراءة جغرافيا الأحداث غير المفهومة، أو الملتبسة، في البقاع، أو غير البقاع أيضا تثير سيلا من التساؤلات المقلقة، التي تغلفها ظلاميات "الأيروقاعدة".

اشتباك ملتبس الأهداف والأسباب في حوش الحريمي السنية بين حلفاء يسفر عن ضحايا ويؤدي إلى انتشار الجيش. إطلاق نار على رائد ورتيب من مديرية المخابرات في مجدل عنجر لا يعرف سبب وجودهما في المنطقة غير المرتبط بقيام دورية من الشرطة العسكرية بتنفيذ مهمة من صلب اختصاصها. يستشهد العسكريان، ينتشر الجيش في مجدل عنجر ويبدا مداهمات لم تنته بعد، وتنشأ حالة عداء بين مجدل عنجر السنية وجارتها بر الياس السنية التي ينتمي إليها الرتيب الشهيد.

مقتل رتيب آخر من عديد مخابرات الجيش في اعتداء ملتبس في مجدل عنجر. ينشّط الجيش مهام البحث عن المطلوبين غير المعلومين في البلدة، وتنشأ حالة صراع ضمني بين المجدل السنية وجارتها الصويري، السنية أيضا، وهي مسقط الشهيد. النتيجة: المجدل محاصرة بعدائين. 

يعثر على السيارة المشتبه في أن مطلقي النار على الرتيب إبن الصويري قد استخدموها في منطقة بين شتورة وسعدنايل السنية. ينتشر الجيش حتما لوضع اليد على الآلية ومتابعة التحقيق. تتردد إشاعات في البقاع مفادها أن مطلقي النار على الرتيب الشهيد قد يكونوا متوارين في جب جنين السنية أو القرعون السنية. إذا استمر تواتر الإشاعات، فمن الطبيعي أن تداهم البلدتان.   قراءة سريعة لخارطة الحدث البقاعي تظهر أن تردداته انتشرت، بل تفشت، بسرعة ملفتة من المصنع شمالا إلى حدود مزارع سحمر-يحمر-مشغرة إلى الجنوب-الغربي حيث قاعدة حزب الـ"سين-سين" الباطنية، مع التمسك بمفصل سعدنايل شتورة. قراءة سياسية للقراءة الجغرافية تطرح تساؤلات مقلقة عن أرض "الإيروقاعدة" وأهدافها.

تسعى القيادات الحكيمة، من روحية وسياسية وبلدية وعائلية في البقاع إلى استيعاب ودفن مؤامرة الـ"سين-سين". ولكن المطلوب، الإسراع في ذلك وتوضيح الرؤية لكل المعنيين كي نحبط المؤامرة الباطنية، وكي لا نتيح المجال لفتح جرح الـ"ميم-ميم"، أي الصراع المسيحي-المسيحي، وهو الشق الثاني من مؤامرة الدم.

في بيروت، تتفرع "الإيروقاعدة" في أزقة الطريق الجديدة كحبيبات الفطر السام، تجمع كل ما هو منحرف، تشحذ السكاكين ... تمهيدا لإراقة الدم السني-السني على قاعدة وأد الفتنة السنية-الشيعية. وأد الفتنة، أي فتنة، لا يكون إلا بالحفاظ على المحكمة، والتمسك بقراراتها، وإظهار الحقيقة، لأنها وحدها، وحدها فقط، تحفظ الاستقرار.

أما الدعوات إلى تسوية، أو تسويات على حساب الحقيقة، فليست أكثر من زرع للفتنة في أجساد الأجيال الآتية. الأمة لا تنسى الشهداء، ولا تتنازل عن حقها في إرثها منهم.

 

بين المواجهة والتسوية

حازم الأمين

يجب ألا نوقف التفكير والتأمل بظاهرة الجنرال ميشال عون، وألا نعتقد أننا أشبعناها تدقيقاً، اذ إن في استمرارنا في تأويل الظاهرة وتقليبها نوعاً من مراجعة الذات والتوقف عند ما يمكن ان يتوقع المرء من حاله ومن نفسه. فميشال عون عينة ممثلة حقاً لأنفسنا نحن اللبنانيين المتوسطي الحال والذكاء والفطنة. وهو اذ يُدهشنا كل يوم باستخفافه بذكائنا وبقواعد عيشنا وسلوكنا، انما يفعل ذلك مدفوعاً بشيء يساورنا جميعنا. يدعي الجنرال انه الممثل الأبرز للمسيحيين في لبنان، وهو ومن موقعه الافتراضي هذا يخوض حروباً صغيرة جاعلاً ممن يدعي تمثيلهم بحجم هذه الحروب. فهو قال في تصريح له هذا الاسبوع ان عملية المفاوضة والمحاورة يتولاها عن فريق "8 آذار" كل من أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، في وقت يتولى هو فيه الهجوم على الرئيس الراحل رفيق الحريري وعلى فترة حكمه. لتوزيع الادوار هذا معنيان، الأول يتمثل بالموقع الهامشي لميشال عون، وبالتالي لمن يمثلهم في عملية صياغة التسوية الداخلية، أو صياغة مشهد الانفجار. فعون أبعد المسيحيين الذين يدعي انه ممثلهم عن عملية المفاوضة، وعن المساعي الجارية لايجاد مخرج للمأزق اللبناني، وأوكل هذه المهمة لحلفائه الكبار. سليمان فرنجية مثلاً لم يفعل ذلك، فهو يُقدم نفسه على انه في قلب ما تجري صياغته، وهو على رغم هامشيته التمثيلية، يُدرك ان خطوطاً وقنوات من الصعب قطعها في الحياة السياسية اللبنانية، ويدرك أيضاً ان استهداف دور طائفة بكاملها ينطوي على مغامرة قد تطيح ما تبقى من اسباب اللحمة الداخلية.

أما المعنى الثاني للموقع الذي يقترحه ميشال عون على المسيحيين، فهو مكمل لعملية تهميشهم الجارية، اذ من المفترض وفق خطة الجنرال ان تقتصر وظيفتهم التمثيلية على جانبها الداخلي، ذاك المتصل بالحروب الصغيرة في المجلس النيابي، وفي أحسن الاحوال ان يتحولوا الى جماعة تتولى مهمة شق الطريق الى المواجهة الكبرى التي سيتولاها الحلفاء في حال حصلت. بكلام أوضح، يتولى ميشال عون، مسيحياً، مهمة التمهيد للمواجهة، في حين يتولى سليمان فرنجية، مسيحياً أيضاً، مهمة التمهيد للتسوية.

لكن، فلنتأمل قليلاً حال المسيحيين وفق هذه المعادلة. ففي حال حصول التسوية سيكون المسيحيون على هامشها اذا افترضنا ان عون ممثلهم، اذ ان الأخير لن يكون في صلبها. أما اذا افترضنا المواجهة فقدرة عون على المشاركة فيها ضئيلة ومحدودة، ومن سيتولى تحريك "الشوارع" لن يكون جنرالنا الفذ. ومرة أخرى سيكون المسيحيون على هامش الحدث الجلل.

لن يتمكن الجنرال من تصديع موقع الطائفة السنية في لبنان، فهذه مهمة مستحيلة في ظل وضع طائفي داخلي وإقليمي على هذا القدر من التعقيد. لكن الخوف على موقع المسيحيين في ظل سعيه لقيادتهم سيكون مضاعفاً. والظروف الكثيرة التي تجعل من قلق المسيحيين مشروعاً، سيكون على رأسها تصدّر عون عملية تمثيلهم.

 

العلاقة بين سليمان والمعارضة المسيحية إلى مزيد من التراجع

ماذا يجري بين رئيس الجمهورية وعون ـ فرنجية؟ 

عماد مرمل (السفير)

يبدو ان العلاقة المتأرجحة أصلا بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والمعارضة المسيحية تشهد في هذه الآونة المزيد من التراجع. ويمكن القول استنادا الى شهادة العارفين ببواطن تلك العلاقة، انها باتت حاليا أكثر سوءا مما كانت عليه في السابق.

ولئن كانت المشاورات التي يجريها سليمان مع أقطاب هيئة الحوار قد أتاحت له تجديد التواصل المباشر مع كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية بعد فترة من الانقطاع، إلا ان الانطباعات التي تكونت لدى بعض المطلعين على مضمون الاجتماعين، أوحت بأن الامور قبلهما ربما كانت أفضل مما انتهت إليه بعدهما.

يسود المعارضة عموما، ولا سيما بين قادتها المسيحيين، شعور بان رئيس الجمهورية ذهب بعيدا في «رماديته» التي تحولت الى نهج قائم بحد ذاته، في حين ان هناك محطات مفصلية من غير المقبول التعامل معها على أساس «لا أبيض ولا أسود»، كما يردد قيادي مسيحي بارز يرى ان المشكلة لا تعود الى غياب الصلاحيات، بل الى تغييب القرار.

ويقر القيادي المذكور بان العلاقة بين سليمان وقطبي المعارضة المسيحية (عون وفرنجية) مصابة في المرحلة الراهنة بكل اعراض مرض «أزمة الثقة». يحوي كلامه ما يتجاوز حدود العتب واللوم، موحيا بان هناك خيبة أمل كبرى تسود هذين القطبين حيال النهج المعتمد من رئيس الجمهورية منذ انتخابه.

يتسع بيكار الانتقادات التي يعددها القيادي المسيحي المعارض، ليطال خلال استدارته مجموعة من الامور التي تمتزج فيها القضايا الاستراتيجية بالتفاصيل اليومية وحتى الطباع الشخصية، وليس ملف شهود الزور سوى واحدة من عينات متراكمة تختزن تضاريس التعقيدات التي تتحكم بتجربة رموز المعارضة المسيحية مع رئيس الجمهورية.

وفي هذا السياق، يشير القيادي المسيحي البارز في المعارضة الى انه يكاد يكون متيقنا من ان رئيس الجمهورية كان سيصوّت الى جانب الفريق الآخر، ضد إحالة قضية شهود الزور على المجلس العدلي لو انه اضطر الى اخضاعها للتصويت في مجلس الوزراء.

تضرب هذه النقطة على الوتر الحساس في جسم المعارضة، لأن المسألة هنا لا تتعلق ببند خلافي عادي، يحتمل ترف «التقدير الاستنسابي»، كما يقول المصدر القيادي الذي يعتبر ان الحياد الظاهر لرئيس الجمهورية في ملف شهود الزور على قاعدة الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، إنما يعبر في جوهره عن انحياز ضمني الى منطق قوى 14 آذار، أو أقله يصب في خدمته، لان هذا «الحياد السلبي» أدى عمليا الى تعطيل آلية المعالجة والمحاسبة التي تتلاءم وخطورة الجرم الذي ارتكبه شهود الزور. وينطلق القيادي البارز في المعارضة المسيحية من هذه التجربة، ليستنتج ان سليمان ارتكب مؤخرا خطأ في ترتيب أولوياته، فقدّم المحكمة على المقاومة كما أوحى سلوكه، وخصوصا لجهة نمط تعاطيه مع ملف شهود الزور الذي كان يتطلب موقفا حاسما من رئاسة الجمهورية، باعتباره ملفا يتعلق بالامن القومي للبلد، إضافة الى كونه يشكل أحد مفاتيح الألغاز في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ويلفت الانتباه الى ان سليمان سعى باستمرار الى التوفيق بين مقولتي ان المقاومة خط أحمر والمحكمة الدولية خط أحمر، لكن عندما حصل التصادم بين الخطين وجاء أوان المفاضلة وحسم الخيار من خلال «اختبار» شهود الزور، إذا به يتمسك بمعيار التوافق في التوقيت الخاطئ، ليتناغم بذلك مع مصلحة رئيس الحكومة الرافض خيار التصويت على إحالة الملف على المجلس العدلي. ويرى القيادي ان عدم إشارة سليمان الى المقاومة في خطاب عيد الاستقلال، كان مؤشرا الى هذا المنحى، إذ ان إغفال التطرق اليها خلافا للعادة، في لحظة تشهد أخطر عملية استهداف لها من قبل المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، لا يمكن إدارجه في خانة «سقط سهوا»، بل هو يعكس في أحسن الحالات تقديرا خاطئا لاولويات المرحلة.

والمفارقة، بحسب القيادي، ان استبعاد المقاومة عن الخطاب الرئاسي جاء في مناسبة هي على صلة وثيقة بمعنى هذه المقاومة وإنجازاتها، إذ ان الاستقلال ما كان ليصبح ناجزا لو بقي الاحتلال الاسرائيلي جاثما على الاراضي اللبنانية ولم يتم تحرير معظمها عام 2000.

ومن نافذة ملف شهود الزور، يطل القيادي البارز في المعارضة المسيحية على علاقة سليمان بالرئيس سعد الحريري، معتبرا ان رئيس الجمهورية يبالغ في مراعاة حساسيات رئيس حكومته وحساباته، بينما المطلوب منه ان يكون أكثر حزما ووضوحا في إدارة علاقته معه، وبالتالي في إدارة شؤون الدولة، منعا لتعطيلها تحت شعار الحرص على التوافق في كل شاردة وواردة. ويرى القيادي ان هناك حاجة أحيانا، بل ضرورة، كي يضرب رئيس الجمهورية بيده على الطاولة ويقول «كفى» لحالة الشلل التي تسود العديد من أجهزة الدولة، والتي تمعن في استنزاف العهد والبلد يوما بعد يوم، مشيرا الى انه لا يجوز ان يقبل سليمان بأن يبقى مجلس قيادة قوى الامن الداخلي على هذه الحال من الاهتراء من دون ان يحرك ساكنا لانه يخشى ان يصطدم مع الحريري، ولا يجوز ان يقبل باستمرار الشغور في مراكز إدارية حيوية من دون ان يبتكر مخارج مناسبة. وإذا كان إقرار التعيينات يتطلب اتفاقا بين القوى التي يتكون منها مجلس الوزراء، إلا ان ذلك لا يعني انه ليس بمقدور رئيس الجمهورية ان يُحدث، عبر موقف ما، صدمة سياسية تخترق الامر الواقع القائم وتدفع الآخرين الى تحمل مسؤولياتهم.

المهم بالنسبة الى القيادي البارز في المعارضة المسيحية، ان يستعيد رئيس الجمهورية المبادرة، وأن يملك الاستعداد لقول الكلمة الفصل عندما يستشعر ان المصلحة العليا تقتضي الادلاء بها، لأن الدولة لا تدار بالتراضي دائما ولا بتوزيع الالتزامات المتضاربة في هذا الاتجاه وذاك، ثم حين يأتي أوان تسديدها يحصل المأزق.

 

مسوّدة تسوية خطّية بين أيدي عبد الله والأسد ونجل الملك

نقولا ناصيف/ الأخبار

أيهما يسبق الآخر، التسوية التي تبرمها الرياض ودمشق أم القرار الظني الذي تعتزم المحكمة الدولية إصداره؟ عامل الوقت، وحده، يجعل سباقهما مدخلاً إلى الحلّ أو إلى المواجهة. لكن ما يدور بين العاصمتين يوحي بالخيار الأول.

حتى الأيام القليلة المنصرمة، كانت المعطيات المحيطة بالجهود السعودية ـــــ السورية لحلّ الأزمة اللبنانية، أفضت إلى الآتي:

1 ـ أنجزت الرياض ودمشق مسوّدة خطية لتسوية سياسية لم يطّلع على مضمونها سوى الملك السعودي عبد الله والرئيس السوري بشّار الأسد ومستشار الملك ونجله الأمير عبد العزيز. وأحيطت المسوّدة بكتمان بالغ في بنودها وتفاصيلها حتى في الأوساط الوثيقة الصلة بعبد الله والأسد ومعاونيهما الذين لم يطّلعوا عليها.

2 ـ بتكليف من عبد الله، وضع عبد العزيز رئيس الحكومة سعد الحريري في أجواء مسوّدة التسوية، لكن من دون إطلاعه على مضمونها الحرفي.

3 ـ استقبل الرئيس السوري المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل، وأطلعه بدوره على أجواء المسوّدة دون نصّها. حملها الخليل إلى نصر الله، ثم عاد إلى دمشق حاملاً الجواب، ومفاده أنه قد تكون لحزب الله بعض الملاحظات الشكلية عليها. كان تعقيب الأسد أن هذه الملاحظات تعالج في الوقت المناسب. بذلك، عبّر الرئيس السوري عن رضاه عن الحلّ المقترح، ولم يرَ فيه حزب الله مصدراً لإقلاقه على مقاومته.

اقترنت هذه المعطيات بالمساعي التي أجرتها العاصمتان حتى قبل مرض الملك. إلا أنّ الاتصالات شبه الدائمة بينهما مذ ذاك عزّزت هذه الجهود. سرعان ما وصلت أصداء المسوّدة إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان.

الأحد الماضي (28 تشرين الثاني)، أجرى الرئيس اتصاله الدوري بنظيره السوري وناقش معه الأوضاع، فأبدى له الأسد ارتياحه إلى الحوار المتقدّم بينه وبين العاهل السعودي. كان سليمان قد عبّر للرئيس السوري عن قلقه من الانقسام الداخلي وشلّ السلطة الإجرائية، وتزايد الضغوط المتبادلة بين قوى 8 و14 آذار، فضلاً عن جدل وحملات إعلامية عالية النبرة. فأبرَز له الرئيس السوري انطباعات عبّرت بدورها عن ارتياحه النفسي والواقعي إلى مسار الاتصالات الدائرة مع الملك، الآيلة حتماً ـــــ بحسب الأسد ـــــ إلى تسوية سياسية. حضّه أيضاً على أن يكون مطمئناً إلى النتائج المتوخاة من الاتصالات ولو تطلّبت بعض الوقت، وأنّ التأخير في حال كهذه لا يعود مهمّاً ما دام سيفضي إلى حلّ للأزمة. أخطره الأسد بأن الوضع في لبنان لا يبعث على قلقه، وهو تحت سيطرة الحوار السعودي ـــــ السوري.

كان ما باحه الرئيس السوري مصدر التفاؤل والارتياح الذي أبداه، في الأيام الأخيرة، رئيس الجمهورية في أحاديثه إلى زواره، وعكس فيه استمرار الرهان على الدور السعودي ـــــ السوري، مع إصراره على اضطلاع الأفرقاء اللبنانيين بدور مواز. إلا أن الحريري الذي التزم كتمان ما اطلع عليه، لم يفصح لسليمان عن مناخ التسوية الذي أحاطه عبد العزيز علماً به، أضف عدم إلمامه ببنودها.

إلى هذا، كان الوزير غازي العريضي، موفد رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى دمشق، قد أبلغ السبت الماضي (27 تشرين الثاني) معاون نائب الرئيس السوري اللواء محمد ناصيف أنه أمضى الليلة السابقة مع الحريري، عشية سفر الأخير إلى طهران، واستمع منه إلى موقف متقدّم من المحكمة الدولية والقرار الظني، مفاده أنه مستعدّ للذهاب في أي تسوية تتفق عليها الرياض ودمشق في شأنها، وأنه يحتاج إلى غطاء سعودي كامل في هذا الخيار. كان الأسد قد سمع العبارات نفسها من سليمان عندما أسرّ إليه موقف الحريري في القمّة التي جمعتهما في 16 تشرين الثاني في دمشق. وسمع ناصيف قبل ذلك من جنبلاط الموقف نفسه في 9 تشرين الثاني.

بذلك بات الخيار الذي ينتظر رئيس الحكومة، وهو الخروج من القرار الظني بادئ بدء ومن ثم من المحكمة الدولية، حتمياً، ويتركز على الآتي:

1 ـ تقدّم جهود التسوية السياسية على ما عداها من احتمالات شتى للمواجهة، بدأ الحريري يستعد لها، سواء بتأكيده أكثر من مرة أنه لن يقبل بأن يصبح دم والده الراحل الرئيس رفيق الحريري سبباً لفتنة داخلية، أو بتأكيد التزامه ما تقرّره السعودية. وبات أقرب من أي وقت مضى إلى إجراء مراجعة مختلفة لمعادلة كان قد طرحها وتصلّب في التمسّك بها، وأصبح الآن في حاجة إلى مبرّرات التخلص منها، هي اقتران الاستقرار بالعدالة. واقع الأمر أن التسوية المتوقعة تفصل كلياً بين الاستقرار والعدالة، وتغلّب الأول على الثانية.

2 ـ لا يعدو الإصرار اللافت للأمين العام لحزب الله على الإشادة بالدور السعودي ـــــ السوري، للمرة الثانية في 11 تشرين الثاني بعد أولى في 28 تشرين الأول، إلا صدىً لرهان الرئيس السوري على الملك عبد الله، وعلى التقدّم الذي أحرزه الحوار الدائر بينهما. في الحصيلة لم يفسح هذا الحوار لأي من الدول الواسعة النفوذ ـــــ ولو بتفاوت ـــــ في لبنان، الدخول شريكاً فيه مع الرياض ودمشق. فاتخذ كل منها، كإيران وتركيا وفرنسا وقطر، دور الداعم لمساعي التسوية، والبقاء على مسافة مشتركة من طرفي النزاع.

فاوضت السعودية نيابة عن الحريري، لأنها الأقدر على اتخاذ قرار بات يتطابق مع مصالحها مع سوريا، ولأنها الأقدر على إلزامه إياه. وفاوضت سوريا باسم حزب الله كي توفر ضماناً إضافياً لسلاحه، من غير أن ترغمه على تقديم أي تنازل موجع كالذي سيقدم عليه رئيس الحكومة.

3 ـ لا اجتماع لمجلس الوزراء قبل صدور القرار الظني، ولا اجتماع له قبل التسوية. بيد أن مجلس الوزراء ينعقد في حال محتملة واحدة، هي إدانته القرار الظني إذا سارع المدعي العام للمحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار إلى إصداره في وقت قريب، قبل تسليم رئيس الحكومة بالتسوية. في ظلّ القرار الظني، لن يجلس الحريري قبالة وزيرين ينتميان إلى حزب اتهم القرار الظني ضمناً أعضاء فيه باغتيال والده الرئيس الأسبق للحكومة. ولن يجلس أيضاً وزيرا حزب الله ووزراء المعارضة مع رئيس حكومة التزم الصمت حيال القرار الظني نفسه ولم يُدنه للفور.

 

مهنئاً لبنان باستعادة صوته "صوت الحرية والكرامة"، محمد سلام: التخريب الذي حصل داخل المبنى يذكّرنا بأيام المخابرات السورية

موقع الكتائب/علّق الصحافي محمد سلام على الإنطلاقة الجديدة لإذاعة "صوت لبنان" الأشرفية، وروى مشاهداته بعد معاينته للمبنى. فقال لصوت لبنان 100.3 و100.5 "عندما سمعتُ بعنوان الحرية والكرامة استرجعتُ ذكرى كانت قد قطعت بفعل فاعل لمدة 16 سنة، وكنتُ أعلم ان "صوت لبنان" هي صوت الحرية والكرامة فور إنطلاقها على الهواء منذ زمن، في لبنان وفي العراق وفي السودان وفي قبرص وفي كل دول العالم، ولكن غابت الحرية والكرامة الى حين سمعناها مجدداً منتصف ليل أمس". وأضاف سلام "شكراً لان لبنان استعاد صوته وشعار الحرية والكرامة في زمن مفصلي هو بحاجة إليه، فلبنان عاد الى إذاعة ديارنا اللبناني، من مبناها على تلة الأشرفية التي تطل على كل بيروت". وتابع قائلاً "ما أدهشني بعد زيارتي المبنى ليل أمس هو استرجاعي ذكريات ومشاهد متناقضة، ففي الطابق الثاني حيث التخريب تذكّرت مشهد المخابرات السورية بعد خروجها من منطقة ضهور الشوير وكأن قدم همشية مرت من هنا، وتذكّرت البوريفاج بعد خروج المخابرات السورية منها، وهذا المشهد أزعجني. كما زرتُ الطوابق الأخرى، من السطح حتى الأرض، زرتُ هذا البمنى العزيز الذي بني بعرق ال56 إنساناً الذين بقوا مع صوت الحرية والكرامة". وختم قائلاً "هيئناً للبنان باستعادة صوته، وصوت الحرية والكرامة وعودته الى دياره، ديار الحرية والكرامة في مبنى "صوت لبنان" من تلة الأشرفية المطلة على بيروت الواحدة".

 

لئلا يتركنا المسيحيون

الجمعة, 03 ديسيمبر 2010

حسان عمر القالش *الحياة

http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/208494

عندما تزوجتُ، قبل عامين، قدّمت لي الكنيسة في مدينة صافيتا، ذات الغالبية المسيحية، سجّادتها الحمراء الطويلة، وفرقة الكشافة الموسيقيّة التابعة لها، هديّة في حفلة الزفاف، كون العروس ابنة صافيتا، على رغم أنها علويّة، غير مسيحيّة. وكون العريس صديق المدينة وأهلها. يحدث هذا التوافق بعيداً من السياسة والتسييس، الحاصلين في المنطقة، وبعيداً من سياسات القتل والابادة التي يتعرض لها المسيحيون في العراق وغيره من البلدان. ذلك أن تسييس الانقسام الديني والمذهبي في المشرق، طمس جميع أوجه المثاقفة والتعايش الكائنة ما بين تلك المكونات. على أن التعصّب، في المقابل، سمة غالبة عاشتها وتعيشها مجموعات كثيرة أيضاً. فليسوا قلّة، المسيحيون المتعصبّون المُنطَوون على أنفسهم والناظرون إلى غيرهم نظرة التّعالي والتفوّق. وان كان موقفهم هذا ناتج من ردّ فعل اجتماعي تمارسه كل أقليّة تعيش وسط غلبة ثقافة وسياسة الأكثريّة. كما ينتهج كثير من المسلمين ثقافة متعصّبة ومنغلقة من نوع آخر، ترى في المسيحي، ذاك الشريك الوطنيّ المفروض عليهم بعوامل التاريخ والجغرافيا والاجتماع، وتنظر إليه نظرة فوقيّة كمواطن من الدرجة الثانية، أو كصاحب ديانة لا توصل إلى «الجنّة». والراهن، أن أخطر الأخطاء التي تواجه الوجود المسيحي، على الأرض وفي الوجدان العام، انتهاج سياسة تجاهل هذا العنصر الوطني الأساسي. بداية من دساتير الدول وقوانينها، والحياة السياسية فيها، التي شهدت قبل عقود كتابات ومحاضرات أنطون سعادة وميشيل عفلق المتعلقة بالاسلام، التي فُسّرت بأنها محاباة وتقرّب من الثقافة الدينيّة الغالبة، وهما، المسيحيان، مؤسّسا أهم حزبين قاما على فكرة القومية وتجنب الاصطدام بالدّين. هذه المحاباة، اضافة إلى خجل الفكر والخطاب القوميّين، من استعمال مفردات وألفاظ ذات مدلول ديني أو مذهبي، ساهم في يقظة الخطاب الديني المسيّس الذي استثمره الاسلام السياسي، ومن ثم بعض الأحزاب المسيحية اليمينية ابان الحرب الأهلية في لبنان. وهو ما ترافق مع أفول جاذبية الخطاب القوميّ وايديولوجيته.

كما أن العارف والمدرك لأهمية الوجود المسيحي وأصالته، يقدّر احدى أهم عمليات المثاقفة بين المسيحيين والمسلمين بمختلف طرقهم ومذاهبهم، وهي التزاوج والمصاهرة. والحال أن هذه العملية التي تؤدي إلى تشكيل فسيفساء حقيقيّة، بعيداً من الشعارات الرائجة، ممنوعة من القيام بدورها. ذاك أنه لم توجد حكومة حتى اليوم، تجرّأت على تحديث قوانين الأحوال المدنيّة فيها بما يسمح ويشرّع التزاوج بين المسلمين والمسيحيين، ويحدّ من تديين حياة البشر وتحكّم الزعامات الدينية بالفضاء الاجتماعي العام. وهكذا وصولاً إلى برامج ومناهج التربية والتعليم المدرسيّين، التي تزرع في الأجيال الناشئة بذور التربية الاسلامية الكلاسيكيّة، وتتجاهل الاضاءة على التربية المسيحية. هكذا يغيب المكوّن المسيحي من الوجدان العام ولا يشكّل في الذاكرة الجماعية أساساً قويّاً وراسخاً من أساسات المواطنة والوطنية، ما يؤدي إلى تشكّل صورة ناقصة وغير ناضجة عن المجتمعات والأوطان، ستتسبّب عبر الأجيال، في الاساءة إلى تلك الأوطان وتشويهها. وليست الصّور الآتية من العراق ومصر ولبنان، الا بداية لهذه النهاية.

* كاتب وصحافي سوري

 

التسوية وإهدار الفرص

وليد شقير/الحياة

http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/208612

يشهد لبنان قدراً من اللغط والحملات الإعلامية المتبادلة بين فرقائه، وكمية لا تحصى من الاتهامات المتبادلة والمناورات التي لا يتوانى بعض الفرقاء عن ممارسة عملية تسميم الأجواء خلالها، بذريعة أن الغاية تبرر الوسيلة وبالتالي تبيح إدخال المعطيات المغلوطة في أذهان الرأي العام.

وتستدعي هذه الحالة التي مضى عليها أكثر من 6 أشهر، نتيجة الخلاف على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التوقف عندها والتدقيق بمفاعيلها، خصوصاً أنها باتت تتحكم بالحياة السياسية اللبنانية وتصنع أحداثها اليومية، على الأقل في وسائل الإعلام، فيما الوقائع الفعلية، وراء الكواليس، مغايرة تماماً، بل مناقضة لها.

هكذا مثلاً، يصبح ملف شهود الزور سبباً لتجميد أعمال الدولة ومجلس الوزراء وصولاً الى تأخير إصدار الموازنة، فيما الموقف الفعلي للقوى السياسية التي تحمل لواء هذا الملف، هو أنها مستعدة لمقايضته بتسوية مع رئيس الحكومة سعد الحريري، على موضوع صدور القرار الاتهامي تقضي بأن يعلن رفضه المسبق الاتهام المفترض لعناصر من «حزب الله» بالتورط في جريمة اغتيال والده. وهكذا تطلب قيادات في المعارضة من المعنيين بذل جهود من أجل تأجيل القرار الظني في الاجتماعات المغلقة. وحين تُبذل هذه الجهود من قبل أطراف محلية ودول، يكون الموقف أن التأجيل غير مقبول لأن المشكلة هي في الاتهام المفترض، والمطلوب موقف من هذا الافتراض قبل أن يصبح اتهاماً.

وهكذا أيضاً، يُطلب من الحريري الابن التراجع عن الاتهام السياسي لسورية بالتورط في الجريمة وأن يدين شهود الزور، كما فعل في 6 أيلول (سبتمبر) في سياق إقباله على تسوية سياسية مع دمشق يفترض أن تنسحب على العلاقات اللبنانية الداخلية، لا سيما مع «حزب الله»، فيصبح هو المتهم، بدلاً من تشجيعه على تطوير أرضية التسوية اللبنانية.

يكبر الحديث عن الفتنة بين اللبنانيين وتنفخ فيه التصريحات منذ أشهر بحجة القرار الاتهامي المنتظر، ويستند الترويج لها الى وثائق بعضها يثبت عدم صحته، والى تسريبات يساهم الذين يحذرون من شبح الفتنة في إشاعتها ويشاركون في ترسيخ الاتهامات التي تتضمنها لدى الرأي العام.

وفي وقت يستبعد الفريق المقابل المعني باندلاع الفتنة، أي فريق الحريري وحلفائه، حصولها لأنه أصلاً لا يملك وسائل العنف التي تغذيها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذا النفخ في نارها: لماذا لم يصدر هذا القرار الاتهامي منذ أشهر، طالما أن هدفه إشعال الفتنة؟ ألم يكن صدوره في أيلول أو في تشرين الأول (اكتوبر) أو تشرين الثاني (نوفمبر) أكثر ملاءمة في التوقيت لإطلاق هذه الفتنة طالما أنه خاضع للرغبات الأميركية والإسرائيلية وأن ما فيه من اتهامات صيغ فقط من أجل التسبب بالفتنة؟ ألم يكن التسبب بالفتنة لو صدر هذا القرار أسهل مما هو عليه بعد الآن؟

ويقود التساؤل حيال مدى ملاءمة التوقيت مع هدف افتعال الفتنة الى تساؤل آخر: هل إن الترويج للتسريبات سيقود الى اعتياد الرأي العام على الاتهامات التي تؤشر إليها هذه التسريبات، حين يصدر القرار الاتهامي، إذا صح أنه سيتضمن الاتهامات نفسها؟ وهل سيقود هذا الى عدم اكتراث الرأي العام بهذه الاتهامات، بحيث يزول عنصر المفاجأة لديه؟ وإذا ثبت أن ما تضمنته التسريبات من اتهامات هو مغاير لما سيتضمنه القرار الاتهامي وأن الوقائع التي ساهم من يحذرون من الفتنة صباحاً ومساء في ترويجها، مغايرة لما سيستند إليه؟

يجمع الأطراف اللبنانيون على أن تسوية ما ستنتج من الحوار السعودي – السوري. وهي تسوية يواكبها على الأرجح سعي الى ضمانات دولية حول أثمان إبرامها وتنفيذها تتعلق بعلاقات سورية الدولية، مقابل ضمانها الاستقرار في لبنان عبر اتفاقها مع الرياض. فماذا سيحل عند إتمام التسوية بكل الضجيج والاتهامات لفريق من اللبنانيين بالعمالة لأميركا وبالانخراط في «مشروع الفتنة الأميركية - الإسرائيلية»؟ لقد أدت الحملات السياسية التي شهدها لبنان في الأشهر الماضية الى إهدار الكثير من الوقت على اللبنانيين، طالما أنها أدت الى شلل الدولة وبُنيت على افتعال الملفات والاتهامات بحيث باتت القوى التي تولت هذه الحملات أسيرة ما افتعلته، فأهدرت بدورها فرصاً كثيرة وأحرقت المفاعيل الإيجابية لخطوات خارجية ومحلية، بدءاً من الانفتاح الغربي وتحديداً الفرنسي على قوى المعارضة، انتهاء بانفتاح الحريري على طهران خلال زيارته لها... فالنتيجة كانت استمرار الشلل لمؤسسات الدولة.

 

لبنان: سليمان يعمل على نقل ملف شهود الزور إلى هيئة الحوار

باريس – رندة تقي الدين ؛ بيروت – «الحياة»

«الحوار»

أبدى الرئيس اللبناني ميشال سليمان تفاؤله بإمكان التوصل الى مخرج يقضي بمعاودة عقد جلسات مجلس الوزراء قريباً، بالاعتماد على اقتراحه بحث ملف شهود الزور في هيئة الحوار الوطني، فيما أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري من باريس بعد اجتماعه مع نظيره الفرنسي فرانسوا فيون أن مجلس الوزراء سيُعقد فور عودته الى لبنان.

وعلمت «الحياة» أن الرئيس سليمان أبدى تفاؤله أمام زواره بإمكان الخروج من الشلل والجمود في عمل المؤسسات ومجلس الوزراء وباستئناف اجتماعات هيئة الحوار الوطني استناداً الى المشاورات التي يجريها مع أقطاب هذه الهيئة والتي استمرت أمس لليوم الثاني ووجه خلالها أسئلة الى هؤلاء عن كيفية استئناف الحوار الوطني وجلسات مجلس الوزراء.

وفيما اعتبر الحريري أن تحرك رئيس الجمهورية أمر جيد، أكد رداً على سؤال أنه لا يضيع الوقت «بل أن الذين يتهمونني بتضييع الوقت هم الذين عليهم أن يقوموا ببعض الأمور وهم يعرفون أنفسهم ولم يقوموا بما عليهم بعد».

وقالت مصادر شخصيات شاركت في المشاورات التي يجريها الرئيس سليمان وينتظر أن يتابعها اليوم مع أركان هيئة الحوار أنه يسعى الى «تحييد» ملف شهود الزور الذي ربط «حزب الله» وحلفاؤه بين بته في مجلس الوزراء وبين استئناف جلساته، عن اجتماعات الحكومة لتتمكن من الاجتماع لتسيير أعمال الدولة والقضايا الحياتية. وذكرت هذه المصادر أن سليمان يسأل أقطاب الحوار عن رأيهم في بحث ملف شهود الزور على طاولة هيئة الحوار كمخرج لشروط المعارضة التي أبلغه أقطابها أن ما يهمهم هو اتخاذ موقف من القرار الاتهامي المنتظر صدوره عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان واحتمال توجيه الاتهام الى عناصر من «حزب الله» بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وأوضحت مصادر القيادات التي شاركت في مشاورات سليمان أن الأسباب الموجبة التي يطرحها لنقل ملف شهود الزور الى هيئة الحوار، أنه موضوع حساس يمس الوحدة الوطنية وأن التوصل الى توافق في شأنه يقوي الوحدة الوطنية. وهذا ينسجم مع البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع، التي هي النقطة الوحيدة على جدول أعمال الهيئة والتي تشكل الوحدة الوطنية ركناً أساساً فيها.

وأفادت مصادر سياسية أن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أبلغ سليمان أنه يعتقد بأن جدول أعمال هيئة الحوار محصور بالاستراتيجية الدفاعية «لكن إذا كنت ترى لظروف استثنائية أن تتم معالجة ملف شهود الزور عبر الهيئة فلا مانع بدعوة الهيئة الى ذلك، من أجل الخروج من الأزمة التي نحن فيها ومن تعطيل مجلس الوزراء». وكان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون وزعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية تحفظا أول من أمس على فكرة سليمان. ولم يعرف ماذا كان جواب رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد الذي اجتمع أمس مع سليمان. ووضع رعد اللقاء مع رئيس الجمهورية «في خانة المشاورات الضرورية في هذه المرحلة. وقال لتلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله» إنه «في الوقت الذي ينشط فيه المسعى السوري – السعودي لتسوية الأزمة التي يحتمل أن تفاقمها المحكمة الدولية المسيّسة، فإن المرحلة تقتضي بذل مساع جادة لمواكبة وملاقاة الجهد الإقليمي لننأى بلبنان عما يحاك ضده».

إلا أن مصادر المشاركين في المشاورات قالت إن سليمان أبدى تفاؤله بإمكان اعتماد مخرج ما. وقالت إن البحث في ملف شهود الزور في هيئة الحوار قد يكون مناسبة لطمأنة «حزب الله» الى الموقف من القرار الاتهامي الذي قد يصدر عن الادعاء العام الدولي في المحكمة الخاصة بلبنان، بحيث يتم تنظيم إدارة الأزمة التي تعيشها البلاد، بدلاً من تعطيل المؤسسات.

وأوضحت المصادر أن سليمان يرتكز في تفاؤله أيضاً الى أن الاتصالات السعودية – السورية تحرز تقدماً، يوجب على المسؤولين في لبنان احتضان الوضع الداخلي في انتظار صدور القرار الاتهامي غير المعروف تاريخ صدوره. كما أن سليمان يرى أن تداعيات صدور القرار الظني لن تكون كما يشاع ويقال وإنه ليس قلقاً من حصول أعمال عنف وإنه يفتش عن مخرج لإراحة الوضع الداخلي.

واجتمع سليمان أمس، إضافة الى السنيورة ورعد، مع وزير الاقتصاد محمد الصفدي، النائب عن حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وأيد الصفدي نقل ملف شهود الزور الى هيئة الحوار فيما أكد بقرادونيان وقوفه مع الحوار وقبول الغير وسماعه، فيما دعا جعجع الى الانتظار 24 ساعة لمعرفة ما إذا كان الفريق الآخر سيتجاوب مع دعوة سليمان.

وفي باريس رأت مصادر فرنسية مواكبة لزيارة الحريري حيث استضافه أمس نظيره الفرنسي فرانسوا فيون الى مائدة غداء في قصر ماتيينيون بحفاوة ظاهرة، أن هذه الزيارة أتت بدعم كبير للحريري وحكومته ولحرصه على استقرار لبنان وانفتاحه على جميع الأطراف والإبقاء على الحوار مع الجميع وتوحيد الموقف اللبناني، وهي المواقف التي عبّر عنها في جميع لقاءاته في باريس.

وسأل فيون الحريري، خلال اللقاء، عن انطباعاته عن زيارته إيران وعن موقع «حزب الله» بالنسبة الى الشيعة في لبنان، وكذلك عن علاقته برئيس الجمهورية ميشال سليمان. ووصف الحريري عمل سليمان بالإيجابي جداً وقال إن التعاون معه جيد.

وأكد فيون، وكذلك وزيرة الخارجية ميشال آليو ماري ما كان أعلنه الرئيس نيكولا ساركوزي من أن لا أحد يمكنه التدخل في عمل المحكمة الدولية، فهي مسار مستقل، وفرنسا تدعمه، ولا أحد يعرف متى يصدر القرار الاتهامي. وجددت آليو ماري الموقف الفرنسي من أن المحكمة مستمرة حتى في حال عدم توفير تمويل لها، إذ لا يمكن أن تتوقف.

وقالت المصادر إن الحريري أثار مع فيون موضوع المساعدات العسكرية العالقة للجيش اللبناني، خصوصاً الطوافات والصواريخ. واعتبرت المصادر أن سؤال فيون الحريري عن موضوع التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية مؤشراً الى اهتمام فرنسا بمساعدة لبنان، لا سيما أن رئيس الوزراء الفرنسي لفت الى أن على شركة «توتال» أن تهتم بالموضوع. وشرح الحريري الخطوات اللبنانية في هذا الإطار، مشيراً الى دراسات لتحديد المياه الإقليمية القبرصية ومناقشات مع سورية قبل طرح العروض في فترة مقبلة.

وخلصت المصادر، الى أن الدعم الذي تلقاه الحريري من المسؤولين الفرنسيين عزز موقعه كرئيس لحكومة لبنان في هذا الظرف الدقيق وعزز هدفه بالسعي الى حفظ الاستقرار وتوحيد اللبنانيين. وأوضح الحريري للمسؤولين الفرنسيين الذين التقاهم أنه أبلغ المسؤولين الإيرانيين خلال زيارته طهران أن انقسام اللبنانيين يضعف مواجهتهم لإسرائيل، تماماً كما يضعف الانقسام الفلسطيني أوضاعهم في مواجهة إسرائيل.

وأشارت المصادر الى أن ساركوزي سيستقبل الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع المقبل وسيؤكد الحرص على استقرار لبنان باعتباره في مصلحة سورية، وأكدت باريس أن طموحها للعب دور على المسار السوري – الإسرائيلي لن يكون على حساب استقرار لبنان.

وقالت المصادر الفرنسية المطلعة إن ساركوزي أظهر صداقة كبرى حيال الحريري وشجعه على سعيه للاستقرار ووحدة الصف.

وكان الحريري التقى مساء أول من أمس أمين عام الرئاسة كلود غيان كما كان التقى مساء الثلثاء الفريق الديبلوماسي الرئاسي مستشار ساركوزي الديبلوماسي جان دافيد ليفيت ومعاونه للشرق الأوسط نيكولا غالي. وزار الحريري النائب السابق نسيب لحود في منزله للاطمئنان الى صحته.

 

«ويكيليكس» وتعرية الأسرار الديبلوماسية

راغدة درغام – دبي/الحياة

http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/208611

عندما تزول زوبعة تسريبات «ويكيليكس» عن الإعلام والاهتمام العالمي وتنحسر الدهشة بها قريباً، سيبقى واقع الأدلة والتوثيق العلني للديبلوماسية السرية حدثاً ذا معنى، حاضراً ومستقبلاً. ستترتب على نشر وثائق المراسلات الديبلوماسية استحقاقات لا تنحصر بكيفية وحرية وسرية المحادثات غير العلنية وإنما تطاول صنع القرار بحد ذاته. فما تم نشره حتى الآن من تسريبات «ويكيليكس» لم ينطو على جديد مدهش، لكنه أوضح معالم سياسات عدة ستدفع أصحابها الى حسم القرار والخيار. هذه التسريبات وضعت الرئيس الأميركي باراك أوباما في طليعة القادة الذين سيضطرون للحسم بين خيار الديبلوماسية والخيار العسكري نحو إيران. وهذا بحد ذاته قد يؤدي إما الى إدراك القيادة الإيرانية أن مسافة اللعبة السياسية المحنكة بدأت تتقلص، وبالتالي، حان وقت التراجع عن التصعيد واستبداله بمضاعفة حظوظ الصفقة السياسية من أجل قطع الطريق على الخيار العسكري، إما بقرار أميركي أو بتوريط إسرائيلي لإدارة أوباما. وإما قد تؤدي وثائق «ويكيليكس» الى التعجيل بضربة عسكرية لإيران بسبب ما كشفت عنه من تقدم كبير في حيازة إيران على القدرات المتطورة في برنامجها النووي العسكري بمساعدة كوريا الشمالية، أي إن هذه الوثائق قد تفتح باباً جديداً لما يسمى «الصفقة الكبرى»، وفي الوقت نفسه ستزداد الضغوط من أجل حسم التعامل مع الملف النووي الإيراني عسكرياً. لذلك، يجدر بالقيادات العربية أن تبدأ بالتفكير والتعمّق في الاستراتيجيات المتاحة ما بعد «ويكيليكس»، لا سيما أن هذه التسريبات قد تضع الخطاب السياسي العربي في موقع أضعف تجاه كل من إيران وإسرائيل، لأسباب مختلفة. فإذا كان هناك احتمال تجدد الحديث عن عناصر «الصفقة الكبرى» أو إذا كان هناك احتمال لعمل عسكري أميركي – إسرائيلي نحو إيران، ستكون للتطورين إفرازات على الدول العربية الأفضل مواجهتها باستراتيجية استباقية. هذه الاستراتيجية ضرورية أيضاً لأن ما تم نشره من وثائق «ويكيليكس» حتى الآن ليس سوى جزء من آلاف الوثائق التي ربما تحمل بين طياتها الجديد والمدهش. فنحن لا نعرف إن كانت الصحف التي حصلت على «سبق» نشر الموجة الأولى من الوثائق قد مارست دور «الرقيب» على نفسها وحجبت عمداً الوثائق الأهم والأخطر. لا نعرف إن كان الفوج الثاني من الوثائق سيكشف، مثلاً، عن المراسلات الديبلوماسية السرية التي تفضح الجانب الإسرائيلي في اللعبة السياسية السرية بعدما ركز الفوج الأول على المواقف العربية من التسلح النووي الإيراني. نعرف، بالتأكيد، أن تسريبات «ويكيليكس» وثّقت فقط الديبلوماسية السرية المقننة مع الولايات المتحدة، وليس تلك المقننة مع روسيا أو الصين مثلاً. وإذا كان من إيجابية للولايات المتحدة في هذه الفضيحة فإنها تكمن في «شفافية» السياسة الأميركية، لأن ما حملته الوثائق سبق تسريبه عبر المسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا الى الإعلام شرط حجب أسمائهم. اللهم، إلا إذا كان ما حُجِبَ نشره هو المفاجأة التي تم احتواؤها بديبلوماسية سرية مدهشة.

لربما من إيجابيات تسريبات «ويكيليكس» أن تكف القيادات عن التحدث بلغة معينة مع قاعدتها الشعبية وبلغة مخالفة ومناقضة مع الحكومات الإقليمية والدولية. فالجمع بين اللغتين في خطاب واحد واضح له أكثر من مردود بعدما أثبتت «ويكيليكس» خرافة السرية في الديبلوماسية الخفية. فهو قد يوقف نزيف انعدام الثقة بهذه القيادات ويضع حداً لتدهور الاحترام الشعبي لها. وهو أيضاً قد يفيد في بناء علاقة شراكة حكومية – شعبية وصوغ مواقف تدهش الذين راهنوا دوماً على انتصار الازدواجية العربية. فهذه التسريبات تقدم أدوات إقامة تلك الشراكة.

الارتياح الإسرائيلي لنشر وثائق «ويكيليكس» لا يدل على صدقية مواقف القادة الإسرائيليين. ما قاله رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو واصفاً المجتمع الإسرائيلي بأنه مفتوح حيث «لا يوجد فرق كبير بين ما يقال في السر وما يقال في العلن» هو الازدواجية بعينها. فإسرائيل، ونتانياهو بالذات، تختبئ وراء اعتبارات «الأمن القومي» لإخفاء المعلومات وتحريف الوقائع ومنع الإعلام من ممارسة عمله. وهي بذلك تتعمّد منع مجتمعها والعالم من الاطلاع على ما تقوم به من خروقات وانتهاكات للقانون الدولي ولحقوق الإنسان بذريعة «الأمن القومي الإسرائيلي».

تسريبات «ويكيليكس» تحدّت جذرياً اختباء الحكومات وراء ذريعة «الأمن القومي» كما تحدّت الإعلام للكف عن الإذعان حالما ترفع حكومة ما تلك الراية في وجهه. مؤسس موقع «ويكيليكس»، جوليان اسانج، ليس داعية بنّاءة ولا ينطلق من مبدأ إصلاح الحكومات أو الإعلام. وبحسب مقرب منه شارك في «قمة مجلس الأجندة العالمية» التي نظمتها حكومة دبي بالتعاون مع «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أن جوليان اسانج يكنّ أشد الكراهية والازدراء للصحافيين والسلطة على السواء. هدفه أن يكشف ليفضح ويدمّر وليس أن يكشف ليُصلح ويعيد البناء. على رغم ذلك، نجح هذا الرجل «المطارَد» والمطلوب للعدالة في أن يجبر السلطة والإعلام على إعادة النظر في علاقاتهما، وعلى إعادة التدقيق في الذات، وعلى بدء التفكير في أسس جديدة لعلاقات مختلفة. وهذا أيضاً قد يكون من إيجابيات ما فعلته تسريبات «ويكيليكس».

مثال آخر من الإيجابيات قد يتمثل بكف القيادات عن إنفاق الأموال والجهود والتظاهر بالاحترام والتقدير لبعضها البعض لتقطع المسافة مباشرة الى قدر أكبر من الصراحة والصدق وتبادل الآراء في الديبلوماسية والخيارات المتاحة. بالطبع، أن ملح رجال السياسة وأكثرية قادة الدول هو المواربة وإخفاء الأوراق في لعبة السياسة وفنون التفاوض. هذا سيستمر. لكن مستوى اللعبة قد يرتفع ليس لأن الاستخبارات في الدول لم تكن تتصور أو تعلم بفحوى البرقيات والمراسلات الديبلوماسية، وإنما لأن لا داعي للتظاهر بعكس التقليدي المعهود بعدما تم الكشف عنه علناً. وعليه، ربما يكون الأداء السياسي والديبلوماسي أرفع مستوى.

لن يرحب الديبلوماسيون بتسريبات تسلبهم أدوات اللعبة الديبلوماسية الممتعة التي تقترب من التجسس أساساً بسبب ذلك القدر من السرية التي تحاط به المواقف معظم الوقت بلا ضرورة أو حاجة. وللشماتة، إن الديبلوماسية الأميركية منذ سنوات عدة أخذت على عاتقها الاختباء وراء السرية، إما من اجل السيطرة على الإعلام نفسه وليس فقط السيطرة على المعلومات، أو من أجل التضليل عمداً باستخدام بذيء أحياناً لوسائل الإعلام والإعلاميين. وأيضاً للشماتة، إن الكثير من الوسائل الإعلامية الأميركية خضع للعبة الجديدة مع الإدارة والكونغرس الأميركي وفقد البوصلة الأخلاقية وأصول المهنة. تسريبات «ويكيليكس» لن تصلحه بالضرورة لكنها قد تفرض قواعد مختلفة على الإعلام وعلاقته مع السلطة، والعكس بالعكس.

الصين – وكذلك روسيا الى درجة أقل – لا تعاني من مشكلة مماثلة، سلطة أو إعلاماً، لأن السلطة أساساً لم تتظاهر بأنها ديموقراطية تؤمن برسالة الإعلام لتنوير الناس وليكون شاهداً ومراقباً للسلطة كي يحاسبها الناس. هذه ليست مشكلة الصين، ولا هي مشكلة الإدارة الأميركية مع الصين. مشكلتها قد تكون في كشف «ويكيليكس» عما كانت كوريا الجنوبية عرضته طبقاً لبرقية أميركية سرية من حوافز تجارية لإقناع الصين بقبول كوريا موحدة حال انهيار نظام بيونغ يانغ، فيما نقل سفير واشنطن لدى سيول معلومات بأن الكوريين الجنوبيين يعتقدون أن الصفقات التجارية المناسبة ستساعد في تهدئة «مخاوف الصين إزاء التعايش مع كوريا بعد إعادة توحيدها» وارتباطها بتحالف مع الولايات المتحدة.

فإذا كانت الصين جاهزة سابقاً للتجاوب مع أدوات الترغيب بصفقات وحوافز تجارية، لربما تكون اليوم أقل استعداداً لذلك لأنها باتت مُحرجة علناً. وهذا افراز مهم من افرازات تسريبات «ويكيليكس». ثم أن الوثائق أيضاً تحدثت عن موافقة صينية على الالتحاق بإجماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على قرار تعزيز العقوبات على إيران مقابل حوافز وتعهدات ومكافآت ضخمة. وهذا الكشف بدوره قد يؤثر في الجولة المقبلة من التفاوض بين الدول الخمس وإيران – سلباً أو إيجاباً – لا سيما أن الصفقات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا في ما يتعلق بالدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية وغير ذلك أسفرت عمّا تؤكد وثائق «ويكيليكس» انه أفضل إنجاز سياسي لباراك أوباما: حشد موافقة روسيا والصين على تعزيز العقوبات على إيران. لغة المصالح وتزاوج الحوافز الاقتصادية مع الاعتبارات الأمنية ليس جديداً في علاقات الدول. الجديد هو أن تعرية الأسرار الديبلوماسية سيؤثر قطعاً في تموضع كافة الدول لفرز خريطة جغرافية سياسية مختلفة. قد يقال إن تسريبات «ويكيليكس» أوضحت كيف أن الولايات المتحدة هي «إمبراطور بلا ثياب». وقد يقال إن الأسوأ هو في استمرار تظاهر أمثال الصين وروسيا بأنهما «إمبراطور غير عار» لأن موقع «ويكيليكس» لم يصبهما بسهم الفضائح والإحراج.

قد يتم احتواء الأفواج الأخرى من التسريبات، وقد يكون جوليان اسانج قد استعد لذلك مسبقاً، والآتي أعظم. إنما ليس كافياً أن «تتضامن» قيادات العالم في التعرض لـ «ويكيليكس» أو ملاحقة اسانج. يجب على القيادات الاستفادة من دروس «ويكيليكس» بدلاً من دفن رؤوسها في الرمال وهي تتمتم «جريمة» أو «مؤامرة» أو «فخ» أو «لا يعنينا» أو «خطورة» كشف الأسرار. يجب الاستباق بسياسات واعية تستفيد من قراءة معمقة لما نقلته البرقيات السرية من اجل تجنب الحروب بدلاً من الاضطرار لها، ومن اجل التموضع الذكي في حال حدوث «الصفقة الكبرى» أو في حال حدوث تداعيات لما يسمى بذلك «الفخ» أو «المؤامرة». أثناء «قمة مجالس الأجندة العالمية» بدأ «المنتدى الاقتصادي العالمي» بناء «شبكة تجاوب مع المخاطر» هدفها الجمع بين قادة الفكر من مختلف القطاعات والعالم سوية مع صناع القرارات لتصوّر الحلول ورسم استراتيجياتها وللتجاوب مع التحديات الملحة ومع المفاجآت العالمية الخطيرة. تسريبات «ويكيليكس» استحوذت على مخيلة واهتمام هذه الحفنة المميزة من قادة الفكر إنما مع انتظار وضوح ما إذا كانت هذه «زوبعة في فنجان» لا سابقة لها أو حدثاً جذرياً لن نعرف مخاطره أو فوائده ما لم نطّلع على مئات الآلاف من الوثائق السرية التي لم تُنشَر لعلها تتطلب «شبكة تجاوب» لا مثيل لها.

 

ماروني: إذا تبيّن أن كرم تعرّض للتعذيب فيكون التحقيق معه باطلاً

أكد عضو كتلة "الكتائب اللبنانية" النائب إيلي ماروني أن "تسريب أي معلومات عن أي تحقيق هو أمر يسيء إلى التحقيق نفسه"، مشيراً إلى أنه "إذا تبيّن أن التحقيق مع العميد فايز كرم قد تمّ تحت التعذيب فكل التحقيق يكون باطلاً، لأن أي تحقيق يجري تحت التعذيب يكون باطلاً بحكم القانون". ماروني، وفي حديث لمحطة "Otv"، أضاف: "لا يجوز أن نُسيء إلى فايز كرم أو إلى أي متّهم بالعمالة قبل صدور القرار الظني بحقّه، لأننا نكون أصدرنا الحكم مسبقاً، وهذا الأمر غير الجائز"، وتابع ماروني: "حرام أن نتّهم أحد بالعمالة أو نصيغ اتهاماً بخلاف السبب"، داعياً إلى "انتظار الأحكام والقرار الظني، إذ قد يظهر انه بريء". كما شدد ماروني على أنه "من حقّ النائب ان يسأل الحكومة وهي تردّ، وليس مدّعي عام التمييز"، متمنياً على رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "يأخذ الاجراء المناسب في هذا المجال".

 

اندراوس تسأل عبر موقعنا: من له مصلحة باختفاء عيد وشحادة..."حزب الله" ام اسرائيل؟ 

باتريسا متى/وضع نائب رئيس "تيارالمستقبل"النائب السابق انطوان اندراوس الكلام الصادر عن حزب الله الذي يتهم فيه الرئيس الحريري بتضييع الوقت من خلال زياراته للخارج" في سياق الهجوم الذي يتعرض له الرئيس الحريري وقوى 14 آذار ككل في وقت ينتظر الجميع صدور القرار الاتهامي، معتبرا أن الكلام قد نفذ لدى قوى المعارضة في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء وفي وقت تكثر فيه صدور التسريبات حول القرار الاتهامي". اندراوس وفي حديث خاص لموقع "14 آذار" الالكتروني اعتبر "أن قوى الثامن من آذار هي من تملك المصلحة باطلاق كل هذه الاتهامات كما لها مصلحة بالتخفيف من ايجابية الزيارات التي يقوم بها الرئيس الحريري الى كل دول العالم، مستغربا عدم رضى هذه القوى على زيارة الحريري لايران التي من وجهة نظري لم تعجب القيادة السورية أيضا".

وأكمل:"انها المرحلة التي ينتظر الجميع فيها القرار الاتهامي ، وهذه المرحلة ستمر اما عن طريق الحوار واما من خلال فتح كل طرف جبهة، و مصلحة لبنان لا تكمن الا بما يقوم به فخامة رئيس الجمهورية من استقبالات ومشاورات ليظل حكمه حكما موضوعيا و ليبقى على تواصل مع الجميع لتأمين المصلحة العامة".

وعن التباين في الكلام بين دعم ايران للمحكمة والعدالة في لبنان وكلام حزب الله الذي يصف المحكمة بالاسرائيلية والأميريكية قال اندراوس:"اعتدنا على ايران التي تعتمد نهج اللغتين في كلامها فتتكلم بشيء وتضمر شيء آخر مختلف كليا، وهذه طبيعة الأنظمة الدكتاتورية الشمولية كما سوريا الذي ينطبق عليها الأمر نفسه".

وتابع:"أنا أشك في أن تكون ايران فعلا داعمة للقرار الاتهامي وللمحكمة مع أن ايران هي من أكثر الدول التي لها مصلحة بالاستقرار لأن عدمه يولد الخراب عليها كما على سوريا والسعودية و على كل الدول المحيطة وخاصة على من يدعم حزب الله".

أما بالنسبة للمحكمة الدولية التي يصفها حزب الله بالاسرائيلية فتسأل اندراوس قائلا:" أن الشهيدين وسام عيد وسمير شحادة هما من اكتشفا الأرقام التابعة لحزب الله في موضوع الاتصالات فان كانت المحكمة فعلا اسرائيلية لماذا قتل وسام عيد ؟؟ فمن مصلحة اسرائيل في هذه الحالة ابقائه على قيد الحياة ليتهم حزب الله بشكل مستمر. من هنا، فالوحيد الذي له مصلحة في اختفاء هذين الشخصين هو حزب الله لأنهما من كانا يملكان المعلومات عن ضلوع حزب الله في الجريمة" .

وردا على سؤال حول المساعي السورية - السعودية وتتطورها قال اندراوس:" أعتقد أن هناك جمود في هذه المساعي والكلام الذي يصدر عن قوى الثامن من آذار اللافت الى استمرارها وايجابيتها هو كمن يريد اتهام الآخرين بموقع آخر، لأنه وبحسب تقديري فأن كل من سوريا والسعودية ينتظران القرار الاتهامي ولا أحد يستطيع التصرف الا بعد صدوره والواضح أن الاقتناع بات ثابتا لدى الجميع أن الاستقرار مطلوب من سوريا وايران ".

وعن احتمال انعقاد لقاء يجمع كل من الرئيس الحريري بأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، أردف اندراوس:"الرئيس الحريري هو رئيس حكومة حزب الله كما هو رئيس حكومة فريق 14 آذار، هو رئيس حكومة كل لبنان ، فمن هنا أنا اعتبر هذا الكلام قلة احترام لموقع رئيس الحكومة لأنه كما يقابل حزب الله رئيس الجمهورية يقابل رئيس الحكومة انطلاقا من موقع رئيس الحكومة كل لبنان. اما اذا كانوا يعتبرونه غير ذلك فليس أمامهم سوى الاستقالة من الحكومة ".

وردا على سؤال حول مصير طاولة الحوار ولقاءات رئيس الجمهورية قال :" طاولة الحوار باتت بالنسبة لي بمثابة فولكور قديم لأنه لم ينتج عنها شيء حتى القرارات التي صدرت عنها لم تنفذ لأن تنفيذها ليس في يدنا بل في يد القيادتين السورية والايرانية، فالطاولة تبقى موجوة شكليا ليظل هناك تلاقي وحوار بين الأفرقاء، مع الشكر لرئيس الجمهورية على محاولته وضع الطاولة على السكة الطبيعية وطرح موضوع ملف ما يسمى بشهود الزور لأنه من الأفضل أن يكون الملف على طاولة الحوار وأن ينعقد مجلس الوزراء لأن اللبنانيين بحاجة لخدمات يقدمها المجلس لهم" .

وتطرق اندراوس في حديثه الى الهجوم الذي يمارسه نواب تكتل التغيير والاصلاح على وزيرة المال ريا الحسن، وخاصة نصيحة النائب عباس الهاشم لها بالاستقالة، فقال:" ان عمل النائب عباس الهاشم بات مقتصرا على الصعود على التلفزيونات والبهورة، فليتفضل النائب الهاشم بطرح موضوع الثقة في مجلس النواب ، فاما يربح أو لا كما كنا سنفعل نحن مع أي وزير آخر". وختم اندراوس حديثه معربا عن عدم تخوفه من المرحلة التي تلي صدور القرار الاتهامي" لأنهم هم من يريد اخافتنا بالتهويل ولكننا لن نرضخ أو نخاف، فكفاهم وان فكروا بالنزول الى الشارع، فهذه ستكون أكبر عملية انتحار يقوم بها حزب الله خاصة بعد صدور القرار الاتهامي لأنه سيدين بذلك نفسه، اضافة الى أنه سيكون لوحده ولن يجد أحد قبالته ".

 

ما رأيك يا خامنئي ان تبدأ بنفسك؟  

 http://www.alshiraa.com/details.php?id=6229

الشراع

  ما رأيك يا خامنئي ان تبدأ بنفسك؟

السيد علي خامنئي يريد استمرار المقاومة في لبنان حتى إزالة اسرائيل، وتلميذه محمود احمدي نجاد يدعو الى إزالتها من الوجود، ومدير مكتب تلميذه رحيم صفائي مشاري يدعو الى صداقة بين اسرائيل والشعب الايراني.

وسبق لخامنئي ان طالب الشعب اللبناني بأن ينازل اميركا في لبنان، كما سبق له ان طالب الشعب الفلسطيني ان يضحي بآخر رجل وامرأة وطفل فيه حتى تتم ازالة اسرائيل!!

وخامنئي ونجاد والإعلام الايراني التابع للسلطة الحاكمة يطالب العرب والمسلمين بالجهاد ضد اسرائيل وأميركا الى ان يتم الانتصار عليهما.

كل هذا عظيم ولكن،

هل ستظل السلطة الايرانية الحاكمة على دين بني اسرائيل الذين قالوا لموسى إذهب أنت وربك وقاتلا: إنا نحن ها هنا قاعدون؟

ألم يقل رب العالمين فضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً؟

ألم يمنع خامنئي جموعاً ايرانية متحمسة للقتال ضد اسرائيل من التوجه الى غزة اثناء حرب اسرائيل ضدها نهاية 2008 وبداية 2009؟

ألم تمنع السلطة الايرانية جهوداً شعبية لفك الحصار الصهيوني عن غزة بعد هذه الحرب ومنعت تنظيم قافلة اسطول ايراني لحمل المؤن الى ابناء فلسطين المحاصرين في غزة؟

السيد علي خامنئي يريد استمرار المقاومة وهو يقصد حزب الله حتى تتم إزالة اسرائيل؟! وكل ما يفعله هذا الحزب هو الفعل المتمادي بفائض قوته لإزالة لبنان من الوجود، في خدمة عظيمة الأثر للعدو الصهيوني.

انظروا

كيف يستدرج حزب الله المجتمع الدولي.. (فضلاً عن الاغلبية العربية الشعبية والرسمية) الى استصدار القرارات التي تقيد عمل المقاومة.. وتجعل السيادة اللبنانية على أرضها تخسر وتكاد تتلاشى.

القرار 1559 في 3/9/2004، وصف حزب الله بالميليشيا (كما المنظمات الفلسطينية التي تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية لحسابات لا علاقة لها لا بقضية فلسطين ولا لمصلحة لبنان).

وهذا القرار جاء بعد ان تمادى حزب الله في اختطاف كل لبنان من أجل افتعال المقاومة لتحرير مزارع شبعا، وهي حسب الوثائق التي تحتفظ بها الأمم المتحدة حتى الآن أراضٍ سورية ينطبق عليها القراران 242 و338، ولا ينطبق عليها القرار 425 الذي نفذ بأكمله وفق المنطوق الشرعي الدولي حيث صدر عام 1978.

القرار الدولي 1701 الذي صدر يوم 15/8/2006 جاء نتيجة استدراج حزب الله لإسرائيل إلى حرب مدمرة قال فيها أمين عام الحزب حسن نصرالله، انه لو كان يعرف نتائجها المدمرة لما كان أقدم على هذا الاستدراج.

القرار 1701 ينتقص من السيادة اللبنانية على أراضي الدولة اللبنانية لأنه جاء بجيوش 20 دولة أجنبية (معظمها أطلسي) فضلاً عن جيشين من تركيا وقطر.

القرار 1757 الذي صدر تحت البند السابع الذي يجيز التدخل في لبنان بالقوة العسكرية لتطبيق ما صدر لأجله وهو تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بقتل رفيق الحريري ومتابعة تنفيذ قراراتها وأحكامها بالقوة.

قرار العدوان على بيروت يوم 7 أيار/مايو 2008 الذي كشف ان حزب الله قرر وقف القتال ضد إسرائيل منذ سنتين ونصف، وانقلب لمقاتلة الشعب اللبناني ومؤسساته الدستورية ومحاولة إخضاع أجهزته الأمنية.

يا سيد خامنئي

الذي يريد استمرار المقاومة ضد إسرائيل، عليه أن يكون في مقدمة الصفوف لا أن يحارب بالمناظير وقواته تحتل الأراضي العربية وتعمل فيها الفتن خدمة لإسرائيل.

يا سيد خامنئي

إذا كنت قلت هذا الكلام في وجه سعدالدين الحريري لتطلب منه التنازل عن دم أبيه لمصلحة حزب الله بدءاً من الجلوس مع أمينه العام حسن نصرالله، وصولاً إلى التنازل عن المحكمة التي ستحاكم قتلة والده، فعليه أن يقنع حزب الله أن يسلم قتلة الحريري إذا جاء القرار الظني متهماً للحزب بإرتكاب هذه الجريمة.

يا سيد خامنئي

تركيبة لبنان الطائفية والمذهبية كانت في وجهها الإيجابي تحدياً حضارياً للعدو الصهيوني.

تركيبة لبنان كما يجسدها اليوم حزب الله هي الخادمة الأفظع لإسرائيل التي تدعو لمقاومتها.. ابدأ بنفسك أولاً ثم بمن يعتبرك مرجعيته.. ان كنتم صادقين

 

لماذا يربط حزب الله نفسه بمواقف تدينه؟  

 حسن صبرا / الشراع

http://www.alshiraa.com/details.php?id=6230

كل المهل التي ربط حزب الله نفسه بها، للرد على صدور القرار الظني الذي اعلن امينه العام حسن نصرالله، انه يتضمن اتهاماً لعناصر في الحزب بالمشاركة في جريمة قتل رفيق الحريري.. سقطت الواحدة تلو الأخرى.

فمهلة تراجع رئيس الحكومة عن قبول صدور القرار الظني هذا سقطت.. ولن يتراجع سعد الحريري، لأنه ببساطة لا يملك قدرة ولا أحقية ولا امكانية هذا التراجع.. ليس لأنه ((ولي الدم)) فقط، بل لأن سياسة الثنائية الشيعية خلال فترة التهيئة للمحكمة وقبل صدور القرار 1757 بإنشائها، سلمت مجلس الامن الدولي حق اصدار قراره هذا، دون رأي للحكومة اللبنانية التي انسحب وزراء هذه الثنائية منها، فضلاً عن اقفال المجلس النيابي، بما جعل النواب الـ 71 يرسلون بطلب انشاء المحكمة الدولية، التي صارت ملكاً للمجتمع الدولي، بعد ان خسر لبنان بسبب سياسة هذه الثنائية امكانية المشاركة في اي شأن من شؤونها.

والمهلة التي اعطاها حزب الله عبر أمينه العام وعلناً وبشكل تهديدي للغطاء العربي للبنان الممثل بلقاء الزعيمين العربيين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الاسد، وقد حدد لها زمناً هو نهاية شهر ايلول/سبتمبر (هل تذكرون خطاب نصرالله هذا؟) سقط زمنها ولم يعد احد يذكرها.. بل ان نصرالله نفسه اعلن تأييده لهذا الغطاء مضيفاً اليه ان ايران تنضم الى جهود المملكة العربية السعودية وسوريا في هذا الغطاء!؟.

والمهلة التي اعطاها حزب الله لوليد جنبلاط كي يؤدي دوره في اقناع سعد الحريري برفض المحكمة، واقناع اصدقاء جنبلاط في باريس وواشنطن (فضلاً عن السعودية) لم تسفر الا عن تمسك المجتمع الدولي والعربي نفسه بصدور القرار وقيام المحكمة وبدء جلساتها ليبنى على الشيء مقتضاه.

اقصى ما فعله جنبلاط هو طلبه علناً بإلغاء المحكمة الدولية لبنانياً.. وبالإجماع.

والمهلة التي اعطاها حزب الله لرئيس مجلس النواب نبيه بري كي ينجح في زحزحة فرنسا عن دعمها للمحكمة الدولية وبدء عملها ومتابعة ومناقشة القرار الظني بعد صدوره تمهيداً لبدء جلساتها، وحاولها الرئيس بري في باريس انتهت بخصام حقيقي بين بري ووزير خارجية فرنسا برنار كوشنير ظهر في تعذر لقاء الرجلين في بيروت.. رغم لقائهما الصريح جداً، وربما بسبب هذه الصراحة التي سمعها بري من كوشنير في باريس.

لذا،

القرار الظني سيصدر وحزب الله يعد اللبنانيين بمفاجأة السيطرة على لبنان اذا صدر هذا القرار حاملاً اتهامات لعناصر في داخله بإرتكاب جريمة قتل الحريري.

مرة أخرى،

ربط حزب الله نفسه، بأنه لن يقبل اتهام اي من عناصره بإرتكاب هذه الجريمة، وقد هدد وتوعد من اعلى قياداته بدءاً من نصرالله الى كل عناصره في الشارع ونوابه ومعمميه وأجهزة إعلامه بقطع اليد التي ستمتد لتعتقل متهماً من الحزب يرد اسمه في القرار الظني!!

ربط حزب الله نفسه بأنه سيخيّر اللبنانيين: إما العدالة.. وإما الاستقرار، يعني اذا اردتم الوصول الى العدالة في محاكمة من قتل الحريري، فعليكم ايها اللبنانيون ان تنسوا الاستقرار لأنه سيصبح بين يدي ميليشيا الحزب في كل لبنان.

ربط حزب الله نفسه بالزعم باستحالة وجود عناصر غير منضبطة في صفوفه وقد قالها حسن نصرالله لسعد الحريري في لقائهما الاخير: ان هناك استحالة لاختراق حزب الله، او وجود عناصر غير منضبطة!! والحزب يعرف والدنيا كلها كذلك بأن اسرائيل اخترقت الحزب عشرات المرات ونفذت عمليات اغتيال لعناصر وأطر وقيادات في حزب الله بمساعدة مباشرة من عناصر حزبية (تذكروا سائق سيارة امينه العام الثاني عباس الموسوي، وتذكروا متابعة سيارة عماد مغنية من الضاحية الجنوبية لبيروت الى دمشق..) وغيرهما عشرات الاغتيالات كلها تمت بمشاركة ومساعدة عناصر من حزب الله.

ربط حزب الله نفسه بقول امينه العام حسن نصرالله بأن اي اتهام يوجه الى اي عنصر من حزب الله بقتل الحريري هو إتهام لحسن نصرالله نفسه، ولم يتعظ نصرالله ولا حزبه من كلام الرئيس بشار الاسد بأنه اذا ثبت مشاركة اي سوري في ارتكاب هذه الجريمة فإنه سيحاكم بتهمة الخيانة العظمى.. هناك فرق.

ربط حزب الله نفسه برفض منطق العدالة التي اعتمدتها المحكمة الدولية في اجراءاتها ونصوصها القانونية وخلاصتها ان مشاركة اي عنصر من الحزب في ارتكاب الجريمة ستحمله وحده المسؤولية دون ان تنعكس بالضرورة على حزبه.

ربط حزب الله نفسه امام العالم: اما تجنب ذكر اي اسم لأي عنصر من الحزب في المشاركة في هذه الجريمة، واما تكسير لبنان فوق رؤوس ابنائه.. وهذه دعوة مفتوحة من الحزب الى اسرائيل للمشاركة في هذا التكسير، بعد ان يجعل حزب الله بإحتلاله للمؤسسات الدستورية وفرض جماعاته رؤساء لها.. لبنان دولة فاشلة تفتح الطريق لاسرائيل لتتعامل معه كدولة ارهابية تحيل الوطن بحربها مع الحزب الى ارض محروقة.

أليس الأجدى لحزب الله ان يذهب الى المحكمة اذا اتهم القرار الظني جماعة فيه بإرتكاب الجريمة ليقدم مطالعته، ويحاول إظهار براءته بدل ان يرتكب جرائم اخرى اذا كان مرتكباً لهذه الجريمة الارهابية؟

 

وسام عيد البطل الذي كشف قتلة الحريري فاغتالوه  

 الشراع

   http://www.alshiraa.com/details.php?id=6223

*عبد المجيد غملوش جمع هواتف مجموعة دعم فريق القتل واستخدم هاتفاً منها للاتصال بصديقته ما مكن وسام عيد من اقتفاء أثره

*بسبب سذاجة غملوش توصل عيد إلى الاخوين حسن ومعين خريس وهما من عناصر حزب الله أحدهما كان موجوداً في موقع الانفجار

*أدت تحقيقات عيد إلى اكتشاف ان مجموعة من خطوط الهواتف الأرضية متصلة بمستشفى الرسول الأعظم

*اتصل أعضاء من حزب الله بعيد وأخبروه ان الهواتف التي كان يتعقبها استخدمها عملاء الحزب في عملية تجسس ضد الموساد وطلبوا منه الانسحاب من التحقيق

*كتأكيد للتحذير تعرض المقدم وسام شحادة رئيس عيد لمحاولة اغتيال عام 2006 لكنه نجا بأعجوبة

*أرسل عيد تقريره إلى الأمم المتحدة لكنه أدخل في قاعدة بياناتها بواسطة شخص لم يفهمه أو لم يهتم به فاختفى التقرير

*الخبراء أكدوا ان عيد قد تلقى معلوماته من أحد ما وتساءلوا هل يمكن أن يكون متورطاً

*فريق الأمم المتحدة وجدوا لدى عيد مهارات مثيرة لا يمكن أن يضاهيها أي من الأجانب في المنظمة الدولية

*في عام 2008 مزقت قنبلة سيارة عيد وقتلته ومعه حارسه وثلاثة من المارة

*لم يكن لدى أي من أعضاء فريق اتصالات المحكمة شك في سبب موت عيد وهو معرفة حزب الله انه تم اكتشاف تقريره وانه اتفق مع المحققين على التعاون معهم

*لم يكن العقيد وسام الحسن موجوداً يوم الاغتيال وقدم عذر غياب واهناً على أقل تقدير بنظر لجنة التحقيق

*سجل مكالمات الحسن أظهر انه هو الذي اتصل بأستاذه وليس العكس وذلك بعد ان قابل الرئيس رفيق الحريري مساء اليوم السابق للاغتيال

*أوضحت أبراج الهواتف المحمولة المحيطة بمنـزل الحسن انه قضى الساعات السابقة لاغتيال الحريري يتحدث في الهاتف عكس ما قاله بأنه كان يستعد للامتحان

*براميرتس قال إن الحسن طرف هام في التحقيق وان الاشتباه فيه سيكون ذا نتائج سلبية

*التقرير السري ذكر ان التحري عن الحسن سيكون له نتائج سلبية إذ قد يتسبب في تدهور العلاقات بين لجنة التحقيق والاستخبارات اللبنانية وانه لو كان متورطاً في مقتل الحريري قد تقرر الشبكة تصفيته

*بين عامي 2004 و2005 حصل 279 حواراً بين الحسن والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل الذي تحدث بدوره 602 مرة مع وفيق صفا

*مسؤولون أميركيون وصفوا الحسن بأنه العدو اللدود لحزب الله وقالوا ان الاشتباه فيه يصب في مصلحة الحزب واعتبروا ان وضع لجنة التحقيق تقريراً به دليل على عدم كفاءتها

*أحد المحققين قال: ((لقد كذب علينا الحسن بشأن عذر الغياب كان المفترض أن يموت في الموكب، هذه علامات استفهام))

*طلب بيلمار مساعدة الاستخبارات الأميركية لكن طلبه رفض

*بيلمار ليس محبباً لدى المسؤولين الأميركيين الذين يعلمون انه يقضي وقتاً طويلاً في هوسه بديكورات مكاتبه في الأمم المتحدة وشراء الملابس المصممة خصيصاً له واستعراض قدراته القضائية وتصميم درع خاص به

*أحد الذين عملوا مع بيلمار سابقاً قال: ((لو كنت من مؤيدي نظريات المؤامرة لقلت انه تم تعيين بيلمار هناك كي لا يفعل شيئاً على الاطلاق))

*المعلومات السرية التي تحصل عليها وكالات الاستخبارات لا تصلح كدليل في المحكمة الخاصة بلبنان

*أكثر من واحد من المحققين السابقين يعتقدون انه إذا تم نشر أدلة الاتصالات للشعب اللبناني سيعترف نصرالله ان عناصر حزب الله كانوا قرب موقع اغتيال الحريري لتعقب قتلة إسرائيليين

*المسؤول السابق في إدارة بوش سكوت كاربنتر أشار إلى ان حزب الله قد يفلت لأنه لا يرى إرادة دولية للمضي قدماً في اتهامه

*وسام عيد طلب من شقيقه محمد تصوير فيلم فيديو له وهو يعمل في مكتبه بمقر مديرية قوى الأمن في بيروت

*عائلة عيد مدركة ان لبنان سيدفع الثمن غالياً لو تم توجيه اتهام لقتلته

مقدمة ((الشراع))

قد يكون تقرير المحطة الاعلامية الكندية ((سي. بي. سي)) آخر حدث إعلامي يطل على العالم للحديث عن أسرار في مسيرة قتل رفيق الحريري، لكنه الأخطر على الاطلاق، لما يتضمنه من معلومات، ليس بالضرورة قبول وقائعها أو استنتاجاتها كما هي، لكنها، ستظل علامات استفهام إلى أن يصدر القرار الظني الخاص بتحقيقات لسنوات في هذه الجريمة، فيؤكدها كلها أو بعضها أو ينفيها كلها أو بعضها.

((الشراع)) تعيد نشر التقرير الكامل نقلاً عن ((العربية نت)) دون تدخل، بعد ان أصبح ملك العالم كله تاركة للقارىء أن يستنتج من الوقائع والاسقاطات والاتهامات ما يساعده على تحمل صدمة صدور القرار الظني بالزلزال الذي سيحمله إلى اللبنانيين والعالم.

ليس كل ما ورد في التقرير معتمداً.. إلى أن يصدر القرار الظني.

وقد يكون هذا التقرير كما ما سبقه من نشر إعلامي في ((دير شبيغل)) و((لوفيغارو)) و((مورننغ ستار)) وغيرها مقدمات أو محاولات جس نبض أو تهيئة المناخ أو اختباراً لاستعداد اللبنانيين عموماً على تحمله.

وقد يكون مقدمة أو جزءاً من إشارات لصفقات قد تعقد لتسهيل تمرير القرار الظني بما يحمله من مفاجآت في أسماء مشاركين محتملين ما كان يخطر في بال أحد إمكان ورود أسمائهم في هذه الصفة من الفعل.. وقد يكون إيراد أسمائهم مقصوداً لإقناع الرافضين للقرار الظني والمحكمة بأنها ستكون عادلة.

أعدت قناة CBCالكندية تقريراً خاصاً عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري في فبراير/ شباط 2005. وجاء في التقرير المطول الذي أعده نيل ماكدونالد، أنه حتى أواخر عام 2007، أي بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على عملية الاغتيال، كانت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة قد بدأت بعض التحقيقات الجدية. وسلط التقرير في سياق عرضه للقضية، الضوء على شخصية الحريري، الذي قال إنه الملياردير ومقاول البناء الذي أعاد إنقاذ وترميم تراث بيروت المعماري الذي مزقته الحرب الأهلية، وأخذ على عاتقه مسؤولية استعادة لبنان لريادته التجارية.

وقال التقرير إن الشحنة الناسفة التي فجرت موكب الحريري، أطلقت عنان القوى في لبنان للحد الذي لا يمكن أن يعرف أحد مداه، وأن اغتياله أيقظ كل اللبنانيين. وأنجز الغضب السريع للبنانيين ما عجز الحريري عن تحقيقه أثناء حياته، وأعطى دفعة لما سمي بـ((ثورة الأرز))، وهي حالة توافق سياسي لبناني نادر.

ولبعض الوقت بدا فعلاً أن لبنان يتحرك نحو حكم القانون وديموقراطية حقيقية، ولكن في نهاية عام 2007 انحسر كل ذلك، وبقي القتلة طلقاء.

وفي البيت الأبيض بدأ مسؤولون بارزون استنتاجاً أن الأمم المتحدة لن تتوصل لشيء، وتبين أنهم كانوا على صواب.

ووجد تقرير ((سي بي سي)) الذي استغرق إعداده شهرا اعتمادا على مصادر متعددة داخل لجنة الأمم المتحدة وعلى بعض تسجيلات اللجنة، تردداً وبيروقراطية وعدم الكفاءة تصل لحد الإهمال.

ومن بين أشياء أخرى علمت ((سي بي سي)) أن:

- الأدلة التي تم جمعها من قبل الشرطة اللبنانية ومن بعدها الأمم المتحدة، تشير على نحو ساحق لحقيقة أن منفذي الاغتيال كانوا من حزب الله. وحصلت ((سي بي سي)) على أدلة على أن أجهزة هاتف نقال، وأجهزة اتصالات أخرى كانت في صلب العملية.

- محققو الأمم المتحدة وصلوا إلى قناعة بأن تحقيقهم جرى اختراقه من حزب الله وأن غياب الحماية للجنة قاد على الأرجح لمقتل رجل أمن لبناني شاب كان متعاوناً بشكل كبير مع التحقيق الدولي.

- أن المطلعين في تحقيق الأمم المتحدة كانت لديهم شكوك في أن رئيس البروتوكول الخاص للحريري، والذي يشغل حالياً، رئيس جهاز الاستخبارات اللبناني، كان متواطئاً مع حزب الله، ولكن تلك الشكوك التي وضعت آنذاك في مذكرة داخلية لم تتم متابعتها وغالباً لأسباب دبلوماسية.

توصيل الهواتف المحمولة

ويمضي التقرير للقول إنه في أشهرها الأولى بدت لجنة الأمم المتحدة واعدة، ووضع رئيسها، القاضي الألماني ديتليف ميليس، تقريراً مدوياً افترض أن سوريا، أمرت، إن لم تكن نفذت عملية الاغتيال، واعتبر ميليس أن عملاء غير محددين نفذوا المهمة.

ولكن الشخص الذي خلف ميليس في المنصب، وهو محقق بلغاري، اسمه سيرج براميرتس، بدا أنه أكثر اهتماماً بتفادي الجدل، بدلاً من بذل أي جهد جدي لمواصلة تحقيق جاد، على الأقل وفقاً لما ذكره من عملوا معه.

وتحت قيادة براميرتس أمضت اللجنة معظم وقتها في مطاردة ما اتضح أنه مقدمات خاطئة، ونظريات مؤامرة غير قابلة للإثبات.

وهذا لا يعني محاولة القول إن اللجنة لم يكن لديها محققون جيدون، بل على العكس كان لديها عدد من أفضل المحققين لدى أجهزة الشرطة في الغرب، لكن لم يتم إقناع براميرتس بأن يفوض بما يريده هؤلاء المحققين وهو تحليل بيانات الاتصالات والتي ربما تعد واحدة من أنجع وسائل تحليل وجمع المعلومات في الوقت الحالي.

وتستخدم عملية تحليل المعلومات أجهزة كومبيوتر قوية وبرامج متطورة للغاية لغربلة وفرز ملايين الهواتف النقالة بحثاً عن أنماط ونماذج لتحديد الشبكات، وتقود تلك التقنية لإدانات داخل قاعات المحاكم، كما تقود الضربات الصاروخية في أماكن مثل اليمن وأفغانستان.

وبشكل يكاد يكون غير قابل للتصديق لم تقم لجنة التحقيق الدولية في لبنان بأي تحليل للاتصالات خلال السنوات الأولى من عملها ، وإلى قرب نهاية عمل براميرتس، إلى أن دفعه أحد المحققين على السماح للجنة بالبدء في فحص سجل المكالمات الهاتفية.

تحقيق اختراق

في هذا الإطار، في أكتوبر/ تشرين الأول بدأت الأمور تسير بشكل متسارع، وتمكن أعضاء اللجنة من الحصول على جميع المكالمات الهاتفية التي أجريت خلال السنة التي اغتيل فيها الحريري، والتي تحوي كميات ضخمة من المعلومات، وتم توفيرها لشركة بريطانية تسمى ((أف تي أس)) لاجراء تحليل لها.

وتتبعاً للشبكات، صمم المحققون رسماً بيانياً يظهر مدى اتساع شبكة الاتصال بين المشتبه فيهم بتنفيذ الضربة وآخرين من حملة الهواتف المحمولة.

ووصل محققو الأمم المتحدة الليل بالنهار لإدخال البيانات في برنامج اسمه ((آي بيس))، بعدها في ديسمبر/ كانون الأول بدأ مختص من شركة ((أف تي سي)) بفحص نتائج التحليل الذي يظهره الحاسوب. خلال يومين دعا محققو الأمم المتحدة إلى اجتماع، وحدد شبكة صغيرة من الهواتف المحمولة، في المجموعات الثماني، والتي كانت تغطي شبكة اتصالات الحريري على مدار أسابيع قبل اغتياله.

وحققت اللجنة اختراقاً فردياً قوياً منذ تأسيسها، حين التقطت عبارة ((لقد تمزقت الأرض)) ضمن كلمات تفوه بها أحد الناس في الغرفة في اليوم الذي حددت فيه الشبكة.

وما عرضه المحلل البريطاني عليهم لم يكن سوى الميدان الذي وقع فيه الانفجار وشهد عملية الاغتيال، أو على الأقل الهواتف المحمولة التي كانت بحوزتهم في ذلك الوقت.

للمرة الأولى بدأ المحققون بالبحث كانت المشكلة أن عملية التتبع مضى عليها ثلاث سنوات، وهذه الفترة طويلة جداً مما يعرف بـ((الساعة الذهبية)) للحصول على أفضل النتائج.

ما زال هناك شيء آخر، فعندما بدأ المحققون عملهم الدؤوب وإعادة فحص عملهم مرة أخرى تكشف لهم شيء جديد ألا هو أن الانفجار كان أكثر من مجرد تمزيق للأرض.

أحد الأشخاص تتبع تقرير لجنة المحققين وعثر على تقرير من شرطي لبناني ذي رتبة متوسطة كان قد أرسل إلى الأمم المتحدة في الأشهر الأولى من عام 2006.

وفاة رجل وطني

قبل وفاته الدامية عام 2008، كان وسام عيد شخصية غير عادية في عالم الشرطة العربية الغامض والفاسد عادة.

لم يكن يريد أن يصبح رجل شرطة ولا ضابط استخبارات. لم يكن يريد أن يكون رمزاً للسلطة في مجتمع عربي شمولي لكن لم يكن أمامه خيار.

حين كان يؤدي الخدمة العسكرية، لاحظ المسؤولون في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهي الجهاز الأمني الشامل في لبنان، أن عيد حاصل على شهادة في هندسة الحاسبات.

في ذلك الوقت كانت المؤسسة الأمنية في لبنان بصدد إنشاء قسم لتكنولوجيا المعلومات وكانت هذه البداية.

((لقد كان رجلاً وطنياً" كما قال أبوه محمود وهو جالس في غرفة المعيشة بمنزل العائلة في دير عمار بضواحي طرابلس.

قطعة الأثاث الرئيسية في الغرفة هي صورة لابنه. الوجه المنحوت للابن الشاب يحدق في الزوار بينما يمتدحون فيه ويحكون روايات عن حياته.

أمه سميرة هي مثال للكرامة الإسلامية. هي امرأة متدينة وهذا يساعدها على تحمل الأسى الذي تشعر به. باقي أفراد الأسرة ليسوا في شدة التدين لكن كلهم يدركون الواقع الوحشي لبلدهم وكيف اصطدم ذلك الواقع مع إصرار عيد على ملاحقة أناس هم من ضمن الأخطر على مستوى العالم.

كان عيد نقيباً في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي حيت تم اغتيال رفيق الحريري عام 2005 وقد ضمه رئيسه في العمل المقدم سامر شحادة إلى تحقيقات الحادث.

قيل لعيد إن لبنان هو الذي يجري التحقيق لكن كانت الأمم المتحدة مشتركة فيه أيضاً. كان يجب على عيد التعامل مع الأجانب الذبن كانوا يعملون من فندق قديم مهجور على التلال المطلة على بيروت.

عملية إقصاء

لم يكن النقيب عيد مهتماً بالخوض في بعض النظريات المبالغ فيها التى انتشرت في لبنان في ذلك الوقت، كان يرى أن الوصول للقتلة سيكون عن طريق إجراء عملية إقصاء.

استطاع عيد أن يحصل من شركات الهاتف اللبنانية على سجلات المكالمات التي تم تسجيلها على أبراج الهواتف المحمولة المحيطة بفندق ((سان جورج)) الذي حدث عنده الانفجار المروع وأحدث حفرة عميقة في الأرض. بمجرد أن حصل على سجلات المكالمات، بدأ عيد في تصفية مئات الهواتف التي وجدت في المنطقة في ذلك الصباح باستثاء هواتف القتلى الـ 22 ثم أفراد موكب الحريري ثم من تواجدوا بالقرب من موقع الانفجار الذين تم سؤالهم وثبت أن لديهم عذر تغيب.

بعد وقت قليل تمكن من التعرف على الهواتف التي استخدمها القتلة الذين تم تسميتهم ((المجموعة الحمراء)). لكنه لم يتوقف عند هذه المرحلة فقام بتتبع أبراج الهاتف المحمول التي سجلت عليها مكالمات قام بها القتلة وقارن هذه السجلات بجدول تحركات الحريري فاكتشف أن هذه الشبكة كانت تتعقب رئيس الوزراء الأسبق.

الواضح أن أصحاب هذه الهواتف المشبوهة كانوا فريقاً منظماً حيث كانوا يتصلون ببعضهم البعض ولم يستخدموا قط هاتفاً خارجياً وبعد الاغتيال مباشرة اختفت الشبكة الحمراء للأبد.

لكن اكتشف عيد صلة أخرى حيث استطاع أن يتعرف على ثمانية هواتف أخرى كانت تستخدم في الوقت نفسه عن طريق الأبراج نفسها التي سجلت مكالمات فريق القتل. هذا ما يسميه خبراء استخبارات الإشارات الهواتف ((الموازية)).

ما اكتشفه النقيب عيد هو أن كل عضو من أعضاء الفريق كان لديه هاتفان وأنهم كانوا يستخدمون الهواتف البديلة للاتصال بشبكة دعم أوسع كانت نشطة لمدة عام على الأقل، أطلقت الأمم المتحدة على هذا الكيان الموازي ((المجموعة الزرقاء)).

مزيد من الشبكات

كانت المجموعة الزرقاء منظمة أيضاً إلى حد كبير حيث بقيت شبكة ((مغلقة)) ولم يرتكب أي من أعضائها أحد الأخطاء التي ينتظر محققو الاتصالات أن يقع فيها المشتبه فيهم.

لكن كان أعضاء المجموعة الزرقاء أيضاً يستخدمون هواتف موازية وظل عيد يتبع هذه الخيوط التي ظلت تتشعب وتتسع.

حدثت الطفرة الكبرى حين تم حل المجموعة الزرقاء وجمع هواتفهم خبير إلكترونيات صغير يعمل مع حزب الله ويدعى عبد المجيد غملوش. وفقاً لأحد محققي الأمم المتحدة، كان غملوش ((ساذجاً)).

حين تم إسناد مهمة جمع والتخلص من هواتف المجموعة الزرقاء، لاحظ غملوش وجود رصيد متبقٍ في بعض منها واستخدمه للاتصال بصديقته مما مكن النقيب عيد من اقتفاء أثره. كأنه كتب اسمه على لوح أبيض ورفعه أمام مقر مديرية قوى الأمن الداخلي. بسبب سذاجة غملوش، توصل الى أخوين يدعيان حسن ومعين خريس وهما من عناصر حزب الله وأحدهما كان موجوداً في موقع الانفجار.

واصل النقيب عيد جهوده وتمكن من التعرف على المزيد من الهواتف ذات الصلة المباشرة أو غير المباشرة بفريق القتل ومن خلال هذا وصل لشبكة ثالثة وهي تتكون من فريق مراقبة طويل الأمد وتم تسميته بـ((المجموعة الصفراء)).

أدت التحقيقات التي قام بها عيد الى اكتشاف، وهو أن كل شيء متصل بمجموعة من خطوط الهواتف الأرضية بداخل مستشفى الرسول الأعظم التابعة لحزب الله والواقعة في جنوب بيروت التي تخضع تماماً لسيطرة الحزب.

قيل منذ وقت طويل أن المقاتلين المتطرفين يديرون مركز عمليات من داخل هذه المستشفى.

بعد ذلك تمكن محققو الاتصالات من التوصل لشبكة أخرى من أربعة أعضاء أطلق عليها ((المجموعة الوردية)) وهي كانت على اتصال بالمستشفى بشكل غير مباشر عن طريق شبكات أخرى.

اتضح أن هذه الهواتف كانت في غاية الأهمية حيث أن مصدرها الحكومة اللبنانية نفسها وحين تحرت وزارة الاتصالات عن الأشخاص الذين تم إصدار هذه الهواتف لهم جاء الرد في شكل سجل حكومي غير واضح المعالم.

وحصلت CBC على نسخة من هذا السجل الذي تم تقديمه للجنة وقد تم فيه تظليل أربعة سجلات في عمود طويل من الأرقام السداسية وبجانب هذه السجلات تمت كتابة كلمة ((حزب الله)) باللغة العربية.

يحتل أعضاء من حزب الله عدة مقاعد بالبرلمان اللبناني وفي هذا الوقت كانوا أعضاء في الإئتلاف الحاكم وهذا يفسر امتلاكهم لهواتف مصدرة من قبل الحكومة اللبنانية.

وأخيراً، حصل عيد على دليل من أفضل مصدر: اتصل أعضاء من حزب الله به وأخبروه أن الهواتف التي كان يتعقبها كان يستخدمها عملاء الحزب في عملية تجسس مضادة ضد وكالة الاستخبارات الإسرائيلية الموساد وطلبوا منه أن ينسحب من التحقيق.

كان هذا التحذير في شدة الوضوح.

كنوع من تأكيد التحذير، تعرض المقدم سمير شحادة، رئيس عيد في العمل لمحاولة اغتيال في ايلول/سبتمبر 2006 وقتل الانفجار أربعة من حراسه وأفلت هو من الموت بأعجوبة ثم تم إرساله بعد ذلك لإقليم كيبيك بكندا للعلاج.

في هذه الأثناء، كان عيد قد أرسل تقريره للأمم المتحدة وبدأ العمل في تحقيق آخر.

تم إدخال تقرير عيد في قاعدة بيانات الأمم المتحدة بواسطة شخص لم يفهمه أو لم يهتم بتقديمه فاختفى التقرير.

غضب ممزوج بالخزي

بعد عام ونصف، في كانون الاول/ديسمبر 2007، ظهر تقرير عيد وشعر فريق الأمم المتحدة للاتصالات بالحرج ثم بالريبة.

إدعى عيد أنه لم يستخدم سوى ملفات ميكروسوفت إكسيل في تقريره. ووفقاً لخبير بريطاني هذا مستحيل.

قال الخبير البريطاني إن لا أحد يمكنه كتابة تقرير من هذا النوع دون الاستعانة بتقنيات حاسوبية رفيعة المستوى ودون أن يكون قد حصل على تدريب مهني فائق التخصص أي لا يمكن أن يتمكن هاو من تحليل ما يقرب من ملايين السجلات الهاتفية حتى يتمكن من الوصول للشبكات المذكورة. كان عيد وفقاً للخبراء مجرد هاو.

خلص الخبراء الى أن عيد يجب أن يكون قد تلقى مساعدة من أحد قد مده بهذه المعلومات. هل يمكن أن يكون هو نفسه متورطاً؟

كان هذا في كانون الثاني/يناير 2008 وكان مفوض جديد من الأمم المتحدة تولى التحقيق هو القاضي الكندي دانيال بيلمار. بدأ المحققون يشعرون بأنهم على وشك الوصول لشيء. قام المحققون بالتحقيق مع عيد وبشكل ما أصبحوا على قناعة أنه قام بالأمر بنفسه.

يبدو أن عيد كان لديه القدرة على إجراء العديد من العمليات الحسابية بناء على التخمين كالذين يعرفون الحركات التي سيقوم بها خصومهم في الشطرنج والأفضل من ذلك هو أنه كان مستعداً لتقديم العون بشكل مباشر. لقد أراد أن تتم معاقبة قتلة الحريري ولم يعبأ بتحذيرات حزب الله.

كان هذا احتمالاً مثيراً بالنسبة لفريق الأمم المتحدة فها هو محقق لبناني لديه قدرات ومهارات لا يمكن أن يضاهيها أي من الأجانب في الأمم المتحدة.

بعد أسبوع، التقى فريق أكبر من الأمم المتحدة بالنقيب عيد وسار كل شيء على ما يرام.

في اليوم التالي، 25 كانون الثاني/يناير 2008، بعد مرور ثمانية أيام على لقائه الأول مع فريق الأمم المتحدة لقي النقيب وسام عيد المصير نفسه لرفيق الحريري. مزقت القنبلة سيارته ذات الدفع الرباعي وقتلت معه حارسه وثلاثة من المارة.

نقل التلفاز اللبناني جنازة عيد وكانت هناك مشاعر غضب ممزوج بالخزي.

لم يكن لدى أي من أعضاء فريق اتصالات الأمم المتحدة شك في سبب موت عيد وهو معرفة حزب الله أنه تم اكتشاف تقرير عيد وأنه التقى بمحققي الأمم المتحدة وأنه اتفق على التعاون معهم.

على الفور قام فريق الاتصالات بجمع سجلات أبراج الهواتف المحمولة بالقرب من موقع الانفجار الذي أودى بحياة عيد آملين أن يكون القتلة قد خلفوا مرة أخرى آثاراً يمكن تعقبها.

لكن لم يكن هذا حقيقياً هذه المرة فلم يخلفوا شيئاً. هذه المرة فعل القتلة ما كان يجب أن يفعلوه منذ وقت طويل: استخدموا اللاسلكي وليس الهواتف المحمولة واللاسلكي لا يمكن اقتفاء أثره.

أصبح فريق الأمم المتحدة بصدد مشكلة كبيرة ألا وهي أن عدوهم يعرف بالتفصيل ماذا يفعلون وتفاصيل التحقيق الذي يقومون به.

وكلما فكر محققو الأمم المتحدة في الأمر كلما زاد تركيزهم على رجل واحد: العقيد وسام الحسن، الرئيس الجديد للاستخبارات اللبنانية.

عذر تغيب واهِ

العقيد وسام الحسن رجل محير ومثير للرهبة في بلده شأنه شأن الكثيرين من رؤساء وكالات الاستخبارات في الشرق الأوسط.

اهتمت الأمم المتحدة بالعقيد وسام الحسن لسببين الأول أنه كان من أهم الوسطاء بين لجنة التحقيق ومديرية قوى الأمن الداخلي والثاني أنه كان مسؤولاً عن أمن رفيق الحريري وقت وقوع الاغتيال.

لم يكن الحسن موجوداً في موكب الحريري يوم الاغتيال وكان عذر الغياب الخاص به واهناً على أقل تقدير.

في يوم 9 تموز/يوليو 2005، أخبر العقيد الحسن محققي الأمم المتحدة أنه كان يحضر دورة تدريبية للحاسوب في الجامعة اللبنانية.

قال الحسن إن يوم 13 شباط/فبراير، أي قبل الاغتيال بيوم واحد، تلقى مكالمة من أستاذه يحيى ربيه أخبره فيها أنه يجب أن يمر باختبار في اليوم التالي.

أضاف الحسن أنه بعد عشرين دقيقة اتصل الحريري به واستدعاه ووصل بالفعل لمنزله الساعة 9.30 مساء وحصل منه على إذن بالتغيب لحضور الامتحان في اليوم التالي.

أمضى الحسن صباح اليوم التالي بأكمله في الاستذكار استعداداً للامتحان وقال إنه أغلق هاتفه المحمول حين دخل الجامعة وكان هذا هو الوقت الذي قتل فيه الحريري.

رواية مختلفة

لكن سجلات مكالمات الحسن لا تتفق مع أقواله.

في الواقع، الحسن هو الذي اتصل بأستاذه وليس العكس وكان هذا بعد أن قابل الحريري مساء اليوم السابق للاغتيال وليس قبلها.

كما أوضحت أبراج الهواتف المحمولة المحيطة بمنـزل الحسن أن الحسن قضى الساعات السابقة لاغتيال الحريري يتحدث في الهاتف بينما وفقاً لأقواله كان يستعد للامتحان في ذلك الوقت.

أجرى الحسن أربعة وعشرين مكالمة بمعدل مكالمة واحدة كل تسع دقائق.

ما كان مريباً أيضاً بالنسبة لمحققي الأمم المتحدة هو أن كبار المسؤولين الأمنيين في لبنان لا يخوضون امتحانات عادة.

عذر تغيبه واهٍ ومتضارب كما ورد في تقرير سري للأمم المتحدة. التقرير نفسه ذكر أن الحسن "مشتبه فيه محتمل في مقتل الحريري)).

تم إعداد التقرير، الذي حصلت الـ ((سي.بي.سي)) على نسخة منه، عام 2008 بناء على طلب غاري لوبكي، المسؤول الأسبق في شرطة الخيالة الكندية الملكية والذي ترأس لجنة تحقيق الأمم المتحدة في ذلك الوقت.

وفقاً للتقرير، لم يتم التأكد من صحة عذر التغيب الذي تقدم به الحسن.

هذا لا يعني أن محققي الأمم المتحدة لا يريدون التحقق من عذر التغيب لكن أرادوا تفنيد روايته أولاً ثم مواجهته.

على الأقل، أرادوا الاتصال بأستاذه يحيى ربيه.

لكن الرئيس التالي للجنة التحقيق سيرج براميرتس استبعد هذا وقال إن الحسن طرف هام في التحقيق وإن الاشتباه فيه سيكون ذا نتائج سلبية.

احتمال تدهور العلاقات

يقول التقرير السري إن التحري عن الحسن سيكون له نتائج سلبية حيث أنه قد يتسبب في تدهور العلاقات بين لجنة التحقيق والاستخبارات اللبنانية وأنه لو كان متورطاً في مقتل الحريري قد تقرر الشبكة تصفيته.

لكن أضاف التقرير أن التساؤلات التي أثيرت حول ولاء ونوايا الحسن يجب أن يتم التحقق منها ولكن بهدوء.

((لذا يوصى بالتحري عن وسام الحسن في صمت)).

لكن حتى هذا لم يحدث وتجاهلت إدارة اللجنة هذه التوصية.

ما زال المحققون السابقون في الأمم المتحدة يرتابون في الحسن والذي يقولون إنه تم استبعاده كخيط في التحقيق.

أصبح الحسن رئيس وسام عيد في العمل بعد اغتيال الحريري لذا بالطبع كان على دراية بالاهتمام الذى حظي به تقرير عيد والاجتماعات التي تمت بينه وبين فريق الأمم المتحدة.

((لقد كان شخصاً تافهاً)) كما قال مسؤول سابق في الأمم المتحدة. ((لذا لا أعتقد أنه شارك في الاغتيال لكن لا يمكن أن نتأكد مما كان يعرفه)).

على الأقل أصبح مصدر اهتمام كما قال مسؤول آخر.

بعد أن تم الاتصال به في لبنان اليوم، رفض الحسن التعليق.

مزيد من المكالمات

رغم تلقيهم تعليمات بعكس ذلك، قام محققو الأمم المتحدة بجمع سجلات مكالمات وسام الحسن في أواخر عام 2004 وكل عام 2005.

في ذلك الوقت، وقع 279 حواراً بين الحسن وحسين خليل، النائب الأول لرئيس حزب الله حسن نصر الله. كما تحدث خليل 602 مرة مع وفيق صفا المعروف في الأوساط الاستخباراتيه أنه الرجل الصلب الذي يدير قسم الأمن الداخلي في حزب الله.

لكن لم يسأل أحد الحسن عن هذه المكالمات أيضاً.

لكن الحسن لديه من يدافعون عنه فهو حليف قوي لرئيس الوزراء اللبناني الحالي سعد الحريري.

كما أن بعض المسؤولين الاميركيين السابقين، بعض منهم كان في المكتب البيضاوي حينما عبر الرئيس الأسبق جورج بوش عن استيائه من عدم فعالية لجنة التحقيق، يقولون إن الحسن عدو لدود لحزب الله وإن الاشتباه فيه هو في الواقع في مصلحة الحزب

أضاف أحد هؤلاء المسؤولين أن كون لجنة تحقيق الأمم المتحدة كتبت تقريراً تعتبر فيه الحسن مشتبهاً فيه فهذا دليل على عدم كفاءتها.

لكن العديد من محققي الأمم المتحدة السابقين يجمعون على الأمر ويعتقدون أن حزب الله اخترق اللجنة وأنهم استخدموا الحسن في هذه الأثناء.

((لقد كذب علينا بشأن عذر التغيب)) كما قال أحد المحققين. ((كان المفترض أن يموت في الموكب. هذه هي علامة الاستفهام)).

ذكر الأسماء

مرت ستة أعوام على اغتيال رفيق الحريري. توسعت لجنة الأمم المتحدة لتتضمن تسعة تفجيرات عامة دون استهداف وأحد عشر تفجيراً وعملية اغتيال بأهداف بما فيه النقيب وسام عيد

تحولت لجنة تحقيق الأمم المتحدة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان الدولية في مدينة لاهاي وأصبح دانيال بيلمار المدعي العام فيها.

حتى الآن أنفقت لجنة تحقيق الأمم المتحدة حوالى 200 مليون دولار ويقال إنها على وشك توجيه الاتهامات في مطلع 2011.

المحكمة لديها ميزانية تصل لـ 40 مليون دولار ويعمل فيها 300 موظف من 61 دولة. المحكمة لديها مقر رئيسي وفريق من المدعين ومكتب دفاع وقضاة ومحققين وفريق بحث وحتى لديها حق الدخول في معسكرات الاعتقال.. لكن ليس لديها متهم واحد.

بيلمار لا يقدم أية تقارير عن سير التحقيق كما كان سيرج براميرتس يفعل. كان براميرتس يدلي بتصريحات للإعلام اللبناني من وقت لآخر ليؤكد أن العدالة تتخذ مجراها وأن التحقيق سري ولا يجب التسرع.

رفض بيلمار مراراً الإدلاء بتصريحات لشبكة الـ ((سي.بي.سي)) للأخبار بشأن هذا التقرير.

فريق الاتصالات التابع للجنة أصدر سلسلة من الرسوم البيانية لشبكات الهواتف ذات الصلة باغتيال الحريري.

في الأشهر السابقة الأخيرة, قام فريق المحققين بوضع أسماء محددة على بعض الهواتف ((الحمراء)) التي استخدمها فريق قتل الحريري.

لكن وفقاً للعديد من المصادر تكمن المشكلة الكبرى في تحويل تحليلات الاتصالات إلى أدلة يمكن الاعتماد عليها في المحكمة هذا يعني أنه يجب العثور على سجلات مالية أو شهود أو أدلة أخرى للتمكن من التعرف على الأشخاص المستخدمين لهذه الهواتف.

تقول مصادر إن حتى منتصف عام 2009 لم يتم تنفيذ هذا.

((لم يكن هناك أية أدلة دامغة)) كما قال أحد المطلعين السابقين. ((ولم يكن هناك أمل في العثور على أيه أدلة لأن من الذي ستجعله يقوم بالتنقيب في أنحاء بيروت الجنوبية؟ لا يمكن أن ترسل. هذا مستحيل)).

الأكثر من ذلك لم تقم اللجنة بمراقبة المكالمات حتى بعد أن تعرف المحققون على بعض الهواتف التي لم يتم تدميرها.

في جميع الأحوال، سيعرف حزب الله إذا تم تقديم طلب رسمي للسلطات اللبنانية لمراقبة المكالمات نظراً لاتصالات الحزب الواسعة ولن يسمح بيلمار للمحققين العاملين معه بشراء أجهزة تنصت دون الحصول على موافقة رسمية.

لكنه ذهب لواشنطن وطلب مساعدة الاستخبارات الاميركية وقابل هناك مستشار بوش للأمن القومي ستيفن هايدلي ووزيرة الخارجية في ذلك الوقت كونداليزا رايس.

لكن لم يحقق له طلبه. واشنطن لم تختر بيلمار لهذه الوظيفة وهو ليس محبباً بشدة لدي المسؤولين الاميركيين الذين كانوا يعلمون أنه يقضي وقتاً طويلاً في هوسه بديكورات مكاتبه في الأمم المتحدة وشراء الملابس المصممة خصيصاً له واستعراض قدراته القضائية وتصميم درع خاص به.

لقد شاهد العاملين في المحكمة بيلمار وهو يرسل مسؤولين أمنيين لأحياء التسوق في بيروت للسؤال عن إمكانية حفر شارة عائلته على قطع من المجوهرات.

((لو كنت من مؤيدي نظريات المؤامرة لقلت إنه تم تعيين بيلمار هناك كي لا يفعل أي شيء على الإطلاق)) كما قال أحد المسؤولين السابقين الذين عملوا معه.

المعلومات السرية التي تحصل عليها وكالات الاستخبارات لا تصلح كدليل في محكمة لبنان التابعة للأمم المتحدة ونظراً لوجود تسريبات ومشكلات أخرى في لجنة تحقيق الأمم المتحدة لم تكن أي وكالة استخبارات في الغرب على استعداد لتقديم مثل هذه المعلومات الحساسة.

حين سأل هايدلي بيلمار بلياقة عن ما الذي يعتبره نجاحاً في التحقيق: توجيه الاتهامات أم الاعتقال الفعلي أم إعلان المشتبه فيهم بشكل رسمي، لم يتمكن القاضي الكندي من إعطاء إجابة محددة.

في هذه الأثناء، شن حزب الله حملة مضمونها أن الوصول لأدلة دامغة شبه مستحيل.

مع تردد شائعات حول ان المحكمة ستوشك على توجيه اتهامات بدأ الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في توجيه تحذيرات وإعلان أنه لن يتقبل اعتقال أي من أعضاء الحزب.

هذا التحذير لا يمكن الاستهانة به حيث أن حزب الله يدير ميليشيات خاصة أقوى من الجيش اللبناني كما أنه طلب أن يتم حل المحكمة التي تقوم الحكومة اللبنانية بتمويل جزء من نفقاتها.

في الأشهر الأخيرة، ادعى حزب الله أكثر من مرة أن إسرائيل هي التي قتلت رفيق الحريري.

أكثر من واحد من المحققين السابقين في الأمم المتحدة يعتقدون أن لو تم نشر أدلة الاتصالات للشعب اللبناني سيعترف نصرالله أن عناصر حزب الله كانت قرب موقع اغتيال رفيق الحريري لكنها كانت تتعقب قتلة إسرائيلين.

لا يوجد أي من الأدلة التي جمعتها الأمم المتحدة تشير لإسرائيل بل كلها تشير لحزب الله. لكن اتهام إسرائيل دائماً يلقى صدى في العالم العربي.

التراجع

يقول أحد المسؤولين السابقين في لجنة التحقيق أن الأشهر الأخيرة تحت إدارة بيلمار شهدت تقدماً ملحوظاً في جمع الأدلة التي تدعم تحليلات شبكات الاتصالات لكن عاد ليقول إن هذه الأدلة ما تزال عارضة.

قد يكون هذا عذراً يستخدمه رئيس الوزراء سعد الحريري وحلفاؤه لعدم حل المحكمة.

قام سعد الحريري وحلفاؤه في البداية باتهام سوريا باغتيال الحريري ثم تراجعوا في الأشهر الأخيرة وقام الحريري بتبرئة سوريا. بهذا فقد تراجع عن تصريحاته أمام محققي الأمم المتحدة في عام 2005.

كما طالب سعد الحريري بالتحقيق في تصريحات حسن نصرالله بشأن تورط إسرائيل في اغتيال رفيق الحريري.

ديتليف ميليس، أول رئيس للجنة تحقيق الأمم المتحدة، أخبر ((سي.بي.سي)) مؤخراً أنه من البداية كان من الواضح أن سوريا أعطت الأمر باغتيال الحريري وأنها في استخدامها لحليفها حزب الله للتنفيذ، هذا أمر منطقي.

أضاف ميليس أن رفيق الحريري لم يكن فقط يطالب بانسحاب سوريا من لبنان لكن أيضاً نزع أسلحة حزب الله.

سكوت كاربنتر، المسؤول الأسبق في إدارة بوش والذي يتم إرساله إلى لبنان عقب اغتيال الحريري، يتفق مع ميليس.

لكنه أضاف: ((هل يمكن أن يفلت حزب الله؟ أجل. لا أرى إرادة دولية للمضي قدماً في هذا. لولا توجد إرادة دولية كيف سيتمكن الشعب الللبناني من المضي قدماً في هذا؟)).

ذكرى الشهيد

تم ترقية النقيب وسام عيد لرتبة رائد بعد وفاته وهو الآن يرقد في قبر ليس بعيداً عن منـزل عائلته في دير عمار.

صور عيد في كل مكان في المدينة: في الشوارع والمقاهي والمطاعم. هو الآن يوصف بالشهيد.

يقول محمد عيد إنه في أواخر عام 2007 بدأ شقيقه وسام في الإقامة بمكتبه بشكل دائم وكان على قناعة أنه لن يعيش طويلاً.

طلب من محمد أن يصور فيلم فيديو له وهو يعمل في مكتبه بمقر مديرية الأمن في بيروت. الفيلم في حد ذاته ليس به أي شيء لافت للنظر لكنه يؤثر بشدة في كل من يشاهده.

تقول سميرة أم عيد إن ولدها كان هدية للبنان وتعتقد أنه كشهيد سيبقى معها للأبد.

((لو لدينا أشباه لوسام في لبنان لكان هذا البلد في أفضل حال)) كما قالت. أما بعلها فهو يحدق بأسى في الفراغ.

سميرة وبعلها وأبناؤهم الثلاثة يعرفون بشكل مؤكد من قتل وسام.

لكن هذا لبنان وهم يعرفون جيداً عواقب الإفصاح عما يعرفون.

((لا يمكتني أن أفتح فاهي فلدي أبناء آخرين أريد حمايتهم)) كما قالت سميرة.

يقول محمد إن عائلته مدركة أن لبنان سيدفع الثمن غالياً لو تم توجيه اتهام لقتلة وسام. ((هذا ليس الوقت المناسب)) كما قال محمد.

لكن كانت العائلة على دراية كاملة بمهارات وسام التحقيقية.

في عام 2009، قبل أن تنتقل لجنة التحقيق إلى مدينة لاهاي، قام مدعٍ أسترالي كان يعمل في اللجنة ويدعى رايلين شارب بزيارة مفاجئة لعائلة عيد.

كانت تبكي وهي تقول إنه لولا ابنها ما كانت هذه اللجنة وصلت لأي شيء

 

عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر

لا تسوية من دون جعجع والوصول الى معراب يمر عبر بيت الوسط

  http://www.alshiraa.com/details.php?id=6222

الشراع

  عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر:لا تسوية من دون جعجع والوصول الى معراب يمر عبر بيت الوسط

*التسوية المقبولة عدم المس بالمقاومة مقابل عدم مسها بالأمن الداخلي

*ايران اكدت للحريري: المس بالسلم الاهلي اللبناني خط احمر وهي تدرك ان كلفة رصاصة الفتنة أغلى من القرار الاتهامي

*((حزب الله)) غير مرتاح لزيارة أردوغان لبنان وغير متحمس لزيارة الحريري إيران

* الإيراني والتركي وضعا حول لبنان كماشة حضانة إقليمية ومنع للفتنة وتحذير من تسييس المحكمة من دون المس فيها

حراك محلي وإقليمي لافت يقوم به قادة لبنان والمنطقة بهدف تجنيب البلد اية تداعيات سلبية قد تنتج عن القرار الظني لمدعي عام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال بيلمار، وأبرز هذا الحراك تمثل بالزيارتين المهمتين الأولى لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى لبنان والثانية لرئيس الحكومة سعد الحريري الى إيران والتي لها دلالات كبيرة خاصة وانها جاءت في ظل مرحلة قلق الإنتظار التي يعيشها لبنان عشية صدور القرار الظني وانتظار نضوج التسوية التي تعمل عليها كل من المملكة العربية السعودية وسوريا.

هذه المواضيع كانت المحور الأساس لهذا الحوار الذي أجرته ((الشراع)) مع نائب كتلة المستقبل النائب عقاب صقر عشية عودة الرئيس سعد الحريري من إيران.

# بعد زيارتين إقليميتين، الأولى لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى لبنان، والثانية لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الى إيران، هل قد ينتج عن ذلك تجنّب لبنان احتمال تداعيات سياسية وأمنية للقرار الظني؟

- لا شك ان التركي أدى دوراً أساسياً في المنطقة في الفترة الأخيرة، وتحديداً دور المواءمة والمصالحة، ودور تهيئة المنطقة لمناخات سلمية حتى الى المدى البعيد مع إسرائيل، فكيف إذا كان ما بين عناصر المنطقة، ويعتبر ان لبنان جزءاً أساسياً من استراتيجية التهدئة أو التوتر في المنطقة، والتركي يرى انه إذا انفجر لبنان ستنفجر المنطقة وصولاً الى تركيا، حتى أنه متخوّف من وجود العلويين والسُنة في لبنان، كذلك يرى التركي ان التسوية في لبنان تعني التسوية على مستوى المنطقة. والأمر نفسه بالنسبة للإيراني الذي يعتبر ان انفجار لبنان هو تحويل إيران الى دولة شيعية بمواجهة العالم كله، وأيضاً بمواجهة السُنة والعالم الإسلامي وضد الغرب ومع إسرائيل، وبالتالي هو أيضاً حريص. لذلك نرى ان هاتين الدولتين الآن تؤديان دور الإطفائي الى حد كبير، فالتركي بعد أن كان حيادياً انتقل الى التدخل الإيجابي، والإيراني انتقل من تدخل سلبي الى تدخل إيجابي، وكل ذلك على قاعدة مصالح هذه الدول التي أصبحت مرتبطة بأن لا يكون هنالك أي مشكلة في لبنان، فلذلك أنا أعتبر أن كلام اردوغان والكلام الإيراني كان واحداً. فأردوغان أتى ليقول احترام المحكمة الدولية وعدم المساس بالأمن في لبنان، وبالأمس نائب الرئيس الايراني رحيمي يقول إبعاد المحكمة الدولية عن المهاترات السياسية، وحل كل المشاكل بهدوء، وبالتالي هناك خطان يسيران فيهما التركي والإيراني بأنهما لا يريدان إلغاء المحكمة الدولية، ولكن لا يريدان أن تكون مسيّسة أبداً، والتركي حذّر من تسييسها، وفي الوقت نفسه يتم حل المشاكل بهدوء، بمعنى أن الفتنة والإشتباك وسيناريو التهويل ممنوع، لأنه كما قال الرئيس الايراني احمدي نجاد عندما زار لبنان ((بأن هدوء لبنان مصلحة استراتيجية إيرانية)) والتركي والإيراني يشدّدان على حكومة الوحدة الوطنية والحفاظ عليها، حتى أن الإيراني ضرب موعداً بعد شهرين للرئيس الحريري، والتركي كان يقول أنه يريد أن يبقى على تواصل مع الرئيس الحريري. إذاً هذه المواقف وتحديداً الموقف الإيراني متقدّمة جداً.

أما لقاء اردوغان بالرئيس الحريري فهو يُعزز هذه المناخات، أي مناخات التهدئة وتدعيم المحكمة وعدم تسييسها، وذهاب الرئيس الحريري الى إيران يُعزّز المفاهيم نفسها، ويمكن ان الإيراني والتركي وضعا حول لبنان كماشة حضانة إقليمية ومنع الفتنة وتحذير من تسييس المحكمة من دون المس فيها، وتكامل الدورين مع الدور السعودي – السوري الذي هو الدور الأساس الذي يعمل على المطبخ الداخلي. بمعنى ان هناك مطبخاً داخلياً وهناك مكوّنات ثقة تدعم هذا المطبخ هي المكوّن التركي والمكوّن الإيراني والمكوّن القطري، لأنه كلما كبرت مروحة الدول الضامنة لهذا الإتفاق كلما ارتاح الطرفان في لبنان. فـ((حزب الله)) يريد المزيد من الدول الضامنة وكذلك فريق ((14 آذار/مارس)) يريد الشيء نفسه، وبالتالي عندما يأتي الإيراني فيكون ذلك عامل ثقة كبيرة لـ((حزب الله)) ولنا في الوقت نفسه، وكذلك عندما يأتي القطري والتركي يشكّلان عامل ثقة لنا ولـ((حزب الله)). وفي كل الأحوال السوري والسعودي أيضاً حيث السعودي يُشكّل عامل ثقة كبيراً لـ((14 آذار/مارس)) ولشريحة كبيرة من ((8 آذار/مارس))، والسوري أيضاً يشكّل عامل ثقة لـ للأخير ولشريحة من ((14 آذار/مارس)).

# لكن ((حزب الله)) لم يكن مرتاحاً الى هذه الدرجة لزيارة الرئيس أردوغان، وكان يقول أنكم نقلتموه من دارفور الى الكواشرة؟

- الملاحظ ان هذا السقف الذي يتحدث من خلاله الإيراني والتركي والعربي لا يرضي ((حزب الله))، لأن الأخير كان يريد إلغاء القرار الإتهامي أو إلغاء المحكمة. اليوم لاحظنا ((حزب الله)) ليس مرتاحاً لزيارة اردوغان ولا مُتحمّساً كثيراً لزيارة الرئيس الحريري إيران، وقد عبّر عن ذلك السيد حسن نصرالله عندما وصفها بأنها عملية تقطيع للوقت، وكذلك إعلام ((حزب الله)) لم يكن مُهتماً بما فيه الكفاية لزيارة الحريري إيران، وكان هناك تركيز من هذا إعلامه على رسائل تنبيهية وتحذيرية للرئيس الحريري، علماً بأن الرسائل الإيرانية لم تكن كذلك، وبالتالي فإن ((حزب الله)) في مكان ما غير راضٍ عن هذا النوع من التسوية، لكن هذا لا يعني أنه يريد عرقلتها، بل هو يحاول تحسين شروطه، لكن الدول الإقليمية مثل إيران وتركيا وقطر تعرف بأنه لا إمكانية لما يطرحه حزب الله في السوق الدولية. والمجتمع الدولي ليس كلبنان كأن طرفاً يهدّد فيرضخ الطرف الآخر، وبالتالي هذا قرار مجتمع دولي، ويمكن القول ان إيران وتركيا تقرآن المسألة كدول بينما ((حزب الله)) يقرأها كحزب، ودائماً تكون قراءة الحزب مختلفة وأصغر من قراءة الدول، بحيث لا تلتقي مع بعضها، لكن هذا لا يعني أن هناك تنافراً وتعارضاً، بل يعني أن هناك اختلافات وتباينات بين منطق الدولة ومنطق الحزب، ونحن لا يمكن أن نتعاطى إلا مع منطق الدولة، مع المجتمع الدولي، آخذين في الإعتبار هواجس ((حزب الله)).

رسائل ايرانية للجميع

# لقد جاءت زيارة الرئيس الحريري إيران في ظل خطاب مختلف تماماً لـ((حزب الله)) عن الخطاب الإيراني، علماً ان إيران هي الحاضنة للمقاومة ولـ((حزب الله))، ويُقال إن ما حُكي في إيران هو ليس ما تريد قوله فعادة الإيراني لا يقول ماذا يريد، بل يتحدث بلغة أدبية وشعرية ودبلوماسية، لكن لم يقل الإيراني للحريري ما هو المطلوب منه تجاه ((حزب الله))؟

- الإيراني تحدث بوضوح مع الرئيس الحريري، وكذلك الرئيس الحريري كان واضحاً معهم، وكان لدى الإيرانيين هاجس واحد على رأس الأولويات هو أنهم لا يريدون أي مشكل في لبنان، بل يريدون انسجاماً كاملاً في لبنان، لأن ذلك جزء من مصلحة المنطقة ومصلحة إيران ومصلحة لبنان، هذا ما قاله الإيرانيون، وفي الوقت نفسه قالت ايران إنها لا تريد أن تتخلى عن العدالة، لكن إحذروا من التسييس الذي سيؤدي الى مشكلة بين اللبنانيين، وبالتالي كانت رسالة واضحة جداً ليس فيها مجاملات ولا أي شيء آخر، والإيراني كان يعبّر عن استراتيجيته لرئيس الحكومة اللبنانية في أحرج لحظة في لبنان، ولا يمكن أن يكون في ذلك مجاملات وكلام شاعري وما الى ذلك، والبيان الختامي الذي تلاه رحيمي كان يعبّر عن وجهة النظر الإيرانية. وأعتقد ان الإيراني لا تنقصه الشجاعة ولا الجرأة ولا الصدقية في أن يقول للرئيس الحريري ماذا يريد، خاصة وان المنطقة على شفير اشتعال، وبالتالي الإيراني أعطى الرسالة التي كان أعطاها أحمدي نجاد اثناء زيارته لبنان، وهي بغض النظر عن المحكمة، ممنوع المس بالسلم الأهلي.

# لكن هذه الرسائل يجب أن تُوجه الى رئيس الحكومة وفريقة أم لـ((حزب الله)) أي للأقوى الذي يحمل السلاح والى من هو قادر على زعزعة الأمن؟

- برأيي هذه رسالة للجميع وتحديداً لـ((حزب الله)) قيلت لرئيس حكومة لبنان هنا في لبنان وسمعها حزب الله، ثم تكررت من إيران لكي يسمعها الجميع، فعندما تقول إيران للرئيس الحريري ان السلم الأهلي خط أحمر، وأنها تدعم حكومة الوحدة الوطنية، وتضرب له موعداً جديدا، فهذا يعني ان إيران تقول لمن يهمه الأمر ان لا مسّ بالسلم الأهلي، وأنا إيران راعية ((حزب الله)) أُعلن ان السلم الأهلي خط أحمر، وبالتالي لا يستطيع حزب الله أن يقول ((مع احترامي لإيران أنا لا آخذ برأيها)) لأنه عندها ستُتهم إيران باللعب على الحبال وتوزيع الأدوار، وبالأصل إيران ستتضرر لأن من مصلحتها أن لا ينفجر لبنان حتى لا تتحول الى قوة شيعية، لأن لبنان غير غزة، والإنفجار سيأخذ طابعاً سنياً - شيعياً، مسلماً ومسيحياً، وستُتهم إيران بأنها أوجدت مكوّناً شيعياً ليسيطّر على بقية المكوّنات الطائفية في لبنان. وسوف تصطدم مع العالم العربي والإسلامي، وستتسع فجوة اصطدامها مع الغرب، وحتى الكنيسة لن تسكت على ذلك. ولا أعتقد أن من مصلحة إيران أن تدخل في صراع مع كل هؤلاء من أجل محاربة قرار ظني، تحت شعار أن هذا القرار قد يؤدي الى فتنة. لذلك نبّهت إيران ان خطر القرار الإتهامي إذا صدر مع شبكة أمان، أقل بمليون مرة من خطر الفتنة.

# لكن في الوقت الذي سمع فيه الرئيس الحريري هذا الكلام الإيراني أثناء الزيارة، كان السيد نصرالله يدعو الى رفض القرار حتى لا يتعذر في ما بعد الوصول الى تسوية؟

- برأيي في هذا المجال قال السيد نصرالله كلاماً دقيقاً عندما قال ((دعونا نصل الى التسوية قبل القرار حتى لا يتعذر ذلك بعد القرار)) ولكن لم يقل ما هي هذه التسوية، ولم يقل ان التسوية تكون برفض المحكمة ورفض القرار، وحتى أنه توجه بكلامه الى المحكمة سائلاً: لماذا قامت بهذه الإجراءات الخاصة بمحاكمة الشهود؟ بمعنى أنه كان يخاطب المحكمة لأول مرة. برأيي أنه في مكان ما كان يقول ((انه عندما يصدر القرار سيتضح أن ما كنا نقوله عن هذا القرار صحيح))، أي أنه بدأ يتحدث عن صدور القرار.

# إنها معركة رأي عام؟

- صحيح، ولكن في النتيجة في مكان ما أصبح حزب الله مُقتنعاً بأن هذا القرار لن يتوقف ولكنه يطلب تسوية قبل صدوره، وهذه التسوية تكفل احتضان مرحلة ما بعد القرار. وأنا أقول كلنا نريد التسوية اليوم، ولكننا نريدها أن تكون بالشكل المطلوب.

# لكنه تحدث بلغة تهديدية، مُحذّراً من تعذُّر أي تسوية بعد صدور القرار، وأن تفلت الأمور من عقالها، بينما إيران في هذا الوقت تقول إن الأمن خط أحمر؟

- لذلك لم يتحدث السيد حسن عن الأمن، ولم نعد نسمع أي حديث عن سيناريوهات الأمن، وبدأنا نسمع كلاماً من حزب الله وهذا ما قاله السيد نصرالله ((نحن والجيش اللبناني حريصون على البلد وعلى السلم الأهلي)) وبالتالي أصبح هناك التزام بالخط الاستراتيجي والذي برأيي ان الدخول فيه مغامرة لكل المنطقة، ومغامرة بمستقبل حزب الله ومغامرة للوضع الجيواستراتيجي لإيران.

واليوم أدرك حزب الله خطورة هذه المسألة، وكنا نقول لهم بأن هذه مسألة خطيرة جداً، ولا يمكنكم التعاطي مع البلد وكأنه طائرة خطفتموها وتريدون رمي الركاب. ربما السيد حسن نصر الله يحاول الضغط في هذا المجال، ولكن نحن نريد التسوية اليوم قبل الغد.

التسوية الممكنة

# ما هي التسوية الممكنة؟

- التسوية واضحة وهي أولاً إلغاء المحكمة الدولية غير وارد لا دولياً ولا عربياً، وكذلك إلغاء القرار الظني كواحد من إفرازات المحكمة والقرار الإتهامي غير وارد، ولا يمكن أن يتم .

# إذا أين هي التسوية؟

- خطوط التسوية الاستراتيجية عدم المس بالمقاومة وبسلاحها بأي شكل من الأشكال، مهما كانت طبيعة القرار الإتهامي، مُقابل ان المقاومة لا تمس بأي شكل من الأشكال بالأمن الداخلي اللبناني أو تُهدّد بالمساس فيه. في المقابل سيكون هناك تعهّد واضح من طرف 14 آذار/مارس ومن كل الأطراف العربية بمحاربة ومواجهة أي نوع من الإستهداف السياسي لـ ((حزب الله)) في المحكمة، وحزب الله أيضاً سيكون معنا في استكمال طريق المحكمة لمنع الإغتيال السياسي، وبالتالي هذه العناصر تشكّل تكافلاً في ما بينها بأنه لا مسّ بالمقاومة وسلاحها، ولا استهداف سياسي لـ((حزب الله)) ولا مسّ من قبل المقاومة وسلاحها بالأمن الداخلي، ولا يُسمح بالإغتيال السياسي من قبلنا ومن قبل حزب الله وهذه هي معادلة خارطة الطريق.

# هل تم طرح هذه المعادلة وهل يتم العمل عليها؟

- السوري والسعودي يعملان الآن على ترجمة هذه المعادلة، وماذا ستفعل الحكومة اللبنانية وكيف تظهر الموقف، وما هو موقف الرئيس الحريري، وكيف يتم اللقاء بينه وبين السيد حسن نصرالله، هذا ما يتم العمل عليه الآن.

# أين أصبح المسعى السوري- السعودي؟

- أصبح في خواتيمه، وهناك لمسات أخيرة للوصول الى التوقيت المناسب للقاءات والخطابات المطلوبة، ولما سيقوله كل طرف، وفي أي وقت ومع من يلتقي.

# هل لك أن توضح كيف يتعذر لقاء الرئيس الحريري مع السيد نصر الله في لبنان، بينما تم اللقاء بين رئيس الحكومة وولي الفقيه؟

- في مكان ما وضع السيد حسن حداً بأنه لن يقابل أحداً طالما هناك قرار اتهامي، أي وضع حداً لهذا اللقاء.

# علماً أنه يُقال إذا طال القرار الظني عناصر من حزب الله قد يذهب بعيداً الى إيران، والحديث عن قائد الحرس الثوري الإيراني؟

- حتى الآن كل هذا كلام بكلام، لأنه لا احد يعرف ما إذا كان القرار يطال عناصر من حزب الله ولا أحد يعرف ما إذا كان حتى يطال حزب الله او عناصره. في كل الأحوال إيران تتعاطى كدولة مع قرار دولي ومع رئيس حكومة لبنان الذي هو أحد أكبر أبوابها الى العالم العربي والإسلامي، ومع وضع لبنان برمّته.

# ولكن هل إيران حريصة الى هذه الدرجة على تنفيذ القرارات الدولية؟

- إيران تعرف ان هذا قرار دولي يصعب مواجهته، وبالتالي بالرغم من أن إيران تعتبر ان القرار الدولي المتعلق ببرنامجها النووي قرار جائر، ولكن ولا مرة انقطعت عن التعاون، وفي كل مرة تُعلن أنها تريد الإستمرار في التعاون، حتى القرار الذي تعتبره جائراً حول برنامجها النووي إيران تتعاطى معه وتعقد اجتماعات بشأنه وتتواصل وتلتزم في هذا المجال فهي ملتزمة بإبقاء المراقبين الدوليين في مصانعها، وتُعلن أن كل مصانعها تحت الرقابة الدولية، وبالتالي إيران لا يمكن أن تكون حزباً وعليها الإلتقاء مع كل الناس، وهي كانت مصمّمة على اللقاء مع الرئيس سعد الحريري، وتم تعيين لقاء مع السيد علي خامنئي برمزية وبدلالة واضحتين على أننا نقابل كبار الزعماء، وهذه رسالة من إيران لكل العالم العربي والإسلامي، والى اللبنانيين بأن السيد علي خامنئي التقى بسعد الحريري، وبالتالي رسالة موجهة الى هؤلاء الذين كانوا يستسهلون الدخول الى بيت الحريري والذين اتهموه بالعمالة والإرتهان.

# هل هذا يعني انه ظلّله بعباءته وأنه اصبح من ((أهل البيت)) ممنوع المسّ به؟

- ليس بمعنى ظلّله، ولكن كان هذا رداً من السيد علي خامنئي بأنه التقاه، واليوم ماذا سيقولون؟ هل سيقولون ان هذا سعد الحريري المتآمر مع أميركا ومع إسرائيل ضد المقاومة جلس مع السيد علي خامنئي. وفي الوقت نفسه نائب الرئيس الإيراني تحدث عن حكمة وحنكة الرئيس الحريري وعن الثقة به، والسيد خامنئي يُعلن انه مرتاح لدور الرئيس الحريري وعلاقاته مع السيد نصر الله كزعيم لبناني، وبالتالي ماذا سيقول بعض صعاليك حزب الله التُبع لـ((حزب الله)) وبعض كراكوزات حزب الله الذين يتهمُّونه بالعمالة والإرتهان. وأنا أعتقد انه في مكان ما ومن خلال التعاطي الإيراني مع الرئيس سعد الحريري، ان إيران تقول لهؤلاء انتبهوا أنتم تذهبون بعيداً بالمغامرة بمستقبلكم وبالواقع الجغرافي السياسي لإيران، وبالتالي هذه رسالة للبنانيين، ورسالة الى العالم العربي والإسلامي ولبنان بأن إيران تريد الإنفتاح عليهم من هذه البوابة، التي تعرف إيران مدى أهمية رئاسة الحكومة اللبنانية في وجدان العالم العربي والعالم الإسلامي، وبمعنى السُنة التي تنفتح عليهم إيران بكل المعايير والمعاني وصولاً الى الإنفتاح التاريخي بفتوى السيد علي خامنئي منع شتم نساء الرسول عليه السلام، بمعنى ان إيران بإنفتاحها هذا تقوم بغسل التاريخ، وبالتالي إذا كانت إيران سائرة باتجاه إنهاء أحقاد تاريخية بين السُنة والشيعة، فهي لن تساعد في فتح أحقاد جديدة.

# هل ان زيارة الحريري لإيران ولقاءاته هي نتيجة مسعى سعودي؟ أم العكس ان الإيراني يجد أن لبنان قد يؤدي دوراً بين إيران والعالم العربي ذات الإمتداد السني؟

- الإيراني يدرك أهمية رئاسة الحكومة اللبنانية برمزيتها الطائفية واللبنانية والوطنية والسياسية والدولية فيريد أن يدخل من هذا الباب، وفي الوقت نفسه يدرك جيداً أن هناك أزمة كبيرة في لبنان أدت الى شرخ الى حد ما، أو ستؤدي الى شرخ لبناني - لبناني، عربي - إيراني، وفي مكان ما سني - شيعي ودولي - إيراني، فإذا الإيراني لعبها بمشكل فسوف يدخل في مشكل مع جميع هؤلاء الأطراف، وإذا دخل عليها من باب التسوية سيخلق له جسوراً مع كل هؤلاء الأطراف، وبالتالي أراد أن يدخلها من باب التسوية التي تمد له الجسور مع كل الأطراف، لأنه أدرك ان سعر الرصاصة أغلى من سعر الطريدة بالفتنة، وبالتالي إطلاق رصاصة الفتنة أغلى بكثير من القرار الإتهامي الذي ثمنه أخف بكثير فلماذا يُطلق الفتنة على القرار الإتهامي، وهذه الطلقة أكبر بكثير من القرار الإتهامي، وبالتالي رأى عدم الدخول في مشكلة مع دول العالم ومع العالم الإسلامي، ومع نصف اللبنانيين، ومع السعودية من أجل قرار إتهامي لا نعرف من سيتهم.

# كُلفة القرار الظني بالنسبة لك أخف، لكن ماذا عن كُلفته على المقاومة؟

- ان أي قرار اتهامي حتى لو اتهم عناصر ((حزب الله)) فإن كُلفته أخف بكثير من الفتنة، ولأن هناك مجالاً لآلاف المرافعات بما فيها حديث ((حزب الله)) عن استنساخ وزرع الخطوط وغير ذلك، وربما يرد ((حزب الله)) على القرار الإتهامي بمليون طريقة ويقوم بتهشيمه بمليون طريقة، ويستطيع أن يدافع عن نفسه بمليون طريقة، لكن إذا دخل في الفتنة فلا مجال أمامه للدفاع، ونكون وقعنا في المحظور، ويكون بذلك ((حزب الله)) أطلق رصاصة الرحمة على المقاومة، وعلى مستقبل ((حزب الله)) لأن الفتنة هي مشروع انتحار، بينما القرار الإتهامي مشروع قلق وخطر لـ((حزب الله)) ولمشروع المقاومة.

# لكن ألا تعتقد ان القرار الإتهامي إذا قبل به ((حزب الله)) هو مشروع انتحار للمقاومة؟

- أبداً ليس مشروع انتحار للمقاومة، أنا أقول في حال إتُهم عناصر من ((حزب الله)) فأمام ((حزب الله)) وأمامنا مليون طريقة لكي نقول لا نريد التسييس، وسنكون يداً بيد لنرى أين التسييس وأين عوامل الدفاع، و((حزب الله)) نفسه يقول ان الإتصالات ليست دليل إتهام، وان هذا القرار هشّ، وهذا جيد.

# هم يرفضون الوصول الى مرحلة ما بعد صدور القرار الظني الذي يتهم ((حزب الله)) ان يقول الرئيس الحريري ((أنا سامحت)) وبالتالي يكون قد صغّر الحزب وقضيته؟

- لن يقول سامحت، لكن إذا رأى ان هذا القرار غير مبني على أدلة، سيقول هذا قرار غير مبني على أدلة. نحن لسنا ذاهبين باتجاه تصغير ((حزب الله)) ولا إلى مسامحة، نحن ذاهبون إلى قراءة هذا القرار الظني و((حزب الله)) يقول بشكل واضح القرار ضعيف قانونياً وضعيف سياسياً لأنه مسيّس، والأدلة التي استند إليها هشّة، وأن لديه مليون دليل بأن الفاعل إسرائيل وليس ((حزب الله)) فهذه العناصر كلها تشكّل مضبطة اتهام للقرار، وباستطاعة ((حزب الله)) أن يواجه القرار بكل راحة، وعندما نجد ان هذا صحيح سنكون مع ((حزب الله)) وأمامه في مواجهة هذا القرار. وبالتالي الرئيس الحريري سيكون مع ((حزب الله)) في هذه المعركة لكي يثبت فيها ((حزب الله)) حقه.

# كيف ستتعاملون مع هذا القرار إذا كان وفق ما نشرته الـ((سي. بي. سي)) اتهام عناصر من ((حزب الله)) واحتمال تورّط العقيد وسام الحسن؟

- بالإمكان دمج وثيقة صحيحة ومئة ألف معلومة خاطئة ونخلطها ببعضها، وبالتالي نحن لا نعلّق على هذا الأمر وسننتظر القرار الظني، خاصة اننا حتى الآن سمعنا مئة نسخة عن هذا القرار، تارة ((حزب الله)) وتارة ((حزب الله)) ووسام الحسن وتارة عناصر أصولية مع ((حزب الله)) وغير ذلك، فلماذا نلجأ الى التكهُنات، وما علينا إلا انتظار صدور هذا القرار لنرى مضمونه، فإذا دان وسام الحسن نقرأه فإذا كان موضوعياً نوافق عليه، وإذا دان سعد الحريري نقرأه ونعطي رأينا، وإذا دان ((حزب الله)) أيضاً نقرأه ونعطي رأينا، وبالتالي ليس لدينا أي مشكلة وأي مُسبقات، وجميعنا تحت سقف التعاطي القانوني البعيد عن التسييس في هذا القرار، لأنه في النهاية بيلمار سيقدّم قراراً ظنياً بإنتظار أن يصدّقه فرانسين حتى يُصبح اتهامياً، وبالتالي حتى الآن لم ندخل في حُكم مُبرم، بل ما زلنا نتحدث عن احتمال الظن والإتهام، ولا يوجد لا إدانة ولا حُكم.

# هل ما نُشرعلى موقع ((ويكيليكس)) يجعلك مُقتنعاً بأنه لا تُسيّس هذه المحكمة حيث نُشرت آلاف الوثائق السرية التي تدين أميركا وإسرائيل، هل هذا الأمر يجعلك تضع المحكمة في منأى عن التسييس؟

- أبداً، أنا أقول المحكمة ليست مقدّسة وليست مسيّسة حتى الآن، وعندما يصدر القرار الإتهامي سيتضح إما إنها محكمة لا شُبهة عليها وإما أنها مسيّسة، ولكن لا يمكن أن نحكم على تسييسها بالظن وبالإعتقاد وبالنية.

# لو أبعدنا السياسة والقادة السياسيين في لحظة صدور هذا القرار، من يضمن عدم فلتان الشارع؟

- الذي يضمن عدم فلتان الشارع القيادات السياسية التي لديها القدرة على ضبطه في لحظة.

# ولكن هناك حالات كثيرة شهدناها فلت الشارع ولم يتم ضبطه؟

- بتقديري قد يفلت الشارع للحظة، ولكن أعتقد ان الجميع يعي المخاطر ولا أحد يريد أي مشكل، وأي شيء يحصل يكون مُرتّباً سلفاً، ودعيني أذكّر أنه في أحداث 7 أيار/مايو الرئيس سعد الحريري أعلن أنه لا يريد المواجهة، فلم يرفع أي واحد يده، وكانت يومها الناس فلتانة، وعندما قال السيد حسن انتهينا وحصلت الدوحة، توقف كل شيء في لحظة مع أننا كنا في قلب الفتنة.

# هل القرار الظني تأخر لأسباب تقنية أم تم تأجيله بسبب الوضع السياسي في لبنان؟

- لماذا دائماً يُقال تأخر صدور القرار الظني، ولا نقول انه كان سيصدر في الـ2013 وتم تقريب الموعد.

# لأنه أُعطيت مواعيد كثيرة لصدور هذا القرار، مرة في رمضان ومرة بعد العيد ومرة في أيلول/سبتمبر؟

- صحيح كل هذه المواعيد، نرى ان موعداً أعطاه اشكينازي وموعداً أعطته جريدة ((الأخبار)) وموعداً جريدة ((السفير))، يعني هناك صحف قريبة من ((حزب الله)) تعطي الموعد وتؤخره، وأشكينازي أعطى موعداً حيث بنى عليه ((حزب الله)) حملة كبيرة، وفي النهاية كان كذباً حيث انقضى أيلول وانقضى التشرينان وسيأتي كانون، ولم يصدر القرار، وقلنا لهم كلام اشكينازي يُقصد منه الفتنة.

# السيد خامنئي دعا الحريري الى تعزيز علاقته بالسيد نصرالله وللقائه، بإعتقادك هذا الكلام كان يجب توجيهه الى الحريري أم الى نصرالله؟

- هذا حصل لأن الحريري موجود في إيران، ولكن أنا أعتقد أنها رسالة موجهة الى الجميع.

# لكن هل يحتاج النظام الإيراني للتوجه الى نصرالله عبر الرسائل وعبر الحريري؟

- بمعنى ان السيد الخامنئي يتحدث للرئيس الحريري ليسمع جميع اللبنانيين، وأكثر من ذلك قال خامنئي للرئيس الحريري ((أنا أرتاح للعلاقة الطيبة بينك وبين السيد حسن نصرالله)) يعني أتمنى أن تُفتح الأبواب، وهذا الكلام يصل للجميع وأتصوّر انه وصل الى مسامع السيد حسن نصرالله، وبالتالي الرئيس الحريري دائماً ينتهج سياسة اليد الممدودة، وكان جوابه أن يده دائماً ممدودة، ولذلك عندما يقول الخامنئي أنا مرتاح للعلاقة الطيبة، فهذا يعني انه يقول أنا أطلب أن يكون هناك علاقة ممتازة بينك وبين السيد نصرالله لأنه ضمانة للبنان.

# لماذا هذا الإحتضان الإيراني لسعد الحريري في هذا الوقت؟

- لأن إيران تُدرك وأدركت أكثر وأكثر خطورة إنفجار أي شرارة في لبنان، وذلك لثلاثة أسباب:

الأول: وهو انه عندما تنفجر بين سني وشيعي فإن لبنان ليس غزة، وهذا يعني ان إيران الشيعية احتلت لبنان السني - المسيحي الخ.. وعندها سيتحرك العالم الإسلامي والعربي والكنيسة ستتحرك وستتضاعف الضغوط على إيران المحاصرة دولياً، وتُصبح محاصرة عربياً وإسلامياً وحتى من الكنيسة ومن الفاتيكان، لأنه في النهاية هذا البلد الرسالة استولى عليه ((حزب الله)) وهذا الأمر ليس يسيراً على إيران.

الثاني: وهو إذا حصل هذا الأمر فبالتأكيد سيصاب لبنان بإنهيار إقتصادي، فهل تستطيع إيران أن تتحمل إنهيار لبنان إقتصادياً؟ هي اليوم تحمل غزة، ولكن هل تستطيع أن تتحمل غزة ولبنان بوجود الحصار المفروض عليها والذي يمنعها من تحمّل حتى غزة؟

الثالث: هل تستطيع إيران أن تُناطح العالم كله من أجل قرار اتهامي قد يتهم عناصر لا يحملون بطاقة حزبية، حيث يُقال انه سيتم اتهام عناصر من ((حزب الله)) للوصول الى السيد حسن، لنفترض أنهم اتهموا ((اكس)) من الناس فأين هي بطاقته الحزبية؟ أنا أفهم مثلاً إذا اتهموا شخصاً سورياً يصلوا الى رأس النظام، ولكن في حزب مثل ((حزب الله)) من يملك بطاقة انتساب لكي يتم الوصول الى رئيس ومرؤوس عليه؟ ومن يعرف من هم هؤلاء العناصر، كل هذا إذا تم اتهام عناصر من ((حزب الله)).

# لكن وصلت الأمور الى حد اتهام عماد مغنية؟

- من قال عماد مغنية، هذه هرطقة، وكيف وصلوا الى أرقام هاتفه ومن يعرف رقم هاتف عماد مغنية، وبالتالي كل هذه هرطقة، وهل رقم هاتف عماد مغنية ثابت ومعروف ومسجّل في الشركة؟

# لكن نصرالله تحدث عن خرق للإتصالات وكذلك الوزير شربل نحاس؟

- أنا أقصد كيف عرفوا ان عماد مغنية اتصل؟ وهل هناك من يعرف رقم عماد مغنية؟ وهل كان لديه رقم هاتف ثابت؟

# ألم تقتنع بما قدّمه شربل نحاس عن خرق إسرائيلي للإتصالات، وأنها يمكن أن تصل الى أي رقم في لبنان؟

- لنفترض انه تم زرع خط في هاتف عماد مغنية، ولكن السؤال من هذا الذي يعرف رقم هاتف مغنية ومن يعرف ما إذا كان هذا الرقم يخصه، وكذلك إذا أعطينا هذا الرقم للمحكمة فمن يُثبّت ان هذا الرقم هو رقم عماد مغنية؟.

# ألا تؤمن ان هناك اختراقات إسرائيلية للإتصالات وباستطاعتها تركيب جريمة على شخص لم يرتكبها؟

- أكيد هناك اختراقات إسرائيلية للإتصالات، ولكن أنا أقبل أنهم يُركبون جريمة، ولكن ربما يمكنهم تركيب جريمة عليّ أنا، ويزرعون خطاً في هاتفي، ولكن كيف يمكنهم تركيب جريمة على شخص لا يعرفون رقمه؟ لأنه لو كان الإسرائيلي يعرف رقم عماد مغنية كان قتله منذ زمن أولاً، وثانياً الأكيد ان عماد مغنية لم يكن يحمل رقم هاتف أكثر من ساعة، وبالتأكيد رقمه ليس بإسمه.

أما في موضوع زرع الخطوط والإستنساخ، ففي السابق كان يُقال ان إسرائيل تتلاعب بالداتا، وهنا لديّ سؤال مشروع: إذا كانت إسرائيل تستطيع ذلك فلماذا لم تلعب بداتا عملائها لحمايتهم؟ أما اليوم فالأمر اختلف حيث يقولون ان الأمر لا يتعلق باللعب بالداتا، بل إن إسرائيل قادرة على الإستنساخ وزرع خطوط، وهذا موضوع آخر، وربما هذا ممكن أكثر من مسألة اللعب بالداتا، وبالتالي عندما سمعت هذا الكلام واستمعت الى السيد حسن تقدّمت من النائب حسن فضل الله بطلب عقد اجتماع عاجل يضم خبيراً من استخبارات الجيش الذي كشف هذا الإستنساخ وخبيراً من شركة الإتصالات وخبيراً من الهيئة الناظمة وخبيراً دولياً، وأن نرفع توصية من لجنة الإعلام والإتصالات الى الحكومة، إذا تبيّن ان هناك استنساخاً وزرعاً للخطوط، وبالتالي تبعث الحكومة بمذكرة بهذا الشأن الى مجلس الأمن الدولي بأن هناك عملية استنساخ وزرع، وبذلك تصبح وثيقة دولية يمكن للبنان أن يستند إليها فيما بعد في حال كان هناك اتهام مُستند على الإتصالات، وعندها نرفع دعوى على إسرائيل في هذا السياق تحديداً غير الدعوى الأساسية، وثانياً نكون قد ثبّتنا في مجلس الأمن هذا الأمر. وحتى الآن مازلت أنتظر جواب السيد حسن فضل الله حول عقد هذا الإجتماع، وأنا تقدّمت بهذا الطلب بناء على كلام السيد الذي دعا الى إستشارة خبراء في هذا الأمر.

الظروف تغيرت

# هل ترى ان الظروف التي نشأت فيها المحكمة الدولية مختلفة تماماً عن الظروف الدولية الحالية، يعني السياسة الأميركية اختلفت من عهد بوش الى عهد اوباما، وهناك إنسحاب قريب من العراق وهناك دور إيراني إيجابي جديد ودور تركي، وبعد ان كانت أميركا داعمة لثورة الأرز نجدها اليوم أقل اهتماماً، وحتى ان زيارة فيلتمان للبنان جاءت رداً على زيارة نجاد، أي كانت بمثابة ردّة فعل، هل في ظل هذه الظروف تجد ان المجتمع الدولي مازال يدعمك في المحكمة الدولية حتى النهاية؟

- بالتأكيد كل الظروف تغيّرت ما من شك في ذلك، ولكن المحكمة الدولية هي إفراز من إفرازات النظام العالمي الجديد الذي أُرسي بعد الحرب العالمية الثانية، وضرب هذا النظام تعني ضرب منظومة كاملة من العلاقات الدولية أُنشئت بعد حرب عالمية كلّفت الملايين من القتلى وهزّت أميركا وأوروبا واليابان، وبالتالي لا يتم إلغاؤها لا بقرارات إقليمية ولا محلية ولا حزبية ولا دولية، وهذا الأمر غير وارد، لذلك حتى لو أرادت أميركا أن تجد طريقة فلا يمكن إلغاء المحكمة هذا أولاً، وثانياً المحكمة مطلب لبناني ومحاولة عرقلتها وليس إلغاءها من الداخل اللبناني، ستضع طرفاً ما بموقع تنقله فيه من احتمال الإشتباه الى موقع المُدان الذي هو ((حزب الله)).

فلذلك ولو تغيّرت كل الظروف الدولية أنا أستطيع الإستفادة من هذه التغيّرات لمعالجة المحكمة في إطار بعيد عن التسييس، وبعيد عن الإستهداف، وبعيد عن عمليات اللفلفة، وبالتالي المناخ الذي نشأت فيه هذه المحكمة ربما كان مناخاً يعتبر فيه طرف أنه مُستهدف، أما المناخ اليوم ومع الحصانات الإقليمية ومع تغيّر المزاج الأميركي، ومع النظرة الأوروبية الجديدة يسمح لنا أن نقوم بإجراء محكمة بشروط أفضل بمليون مرة، وبالإبتعاد عن التسييس بقدر الإمكان وبحضانة الوضع اللبناني لأنه لم تعد هناك قوة تريد تفجير الوضع اللبناني، وبرأيي حتى الأميركيون لا مصلحة لديهم في تفجير الوضع اللبناني، وأكثر من ذلك الإسرائيلي يعرف أنه إذا انفجر الوضع في لبنان حدوده لن تكون آمنة، وبالتالي لا مصلحة مباشرة لأحد بالتفجير، والإسرائيلي مصلحته بإبقاء نار الحديث عن الفتنة، لكن لا مصلحة له بوقوع فتنة وإنفجار وأن ينـزل ((حزب الله)) على الأرض لأن الحدود سوف تُفلت، وقد كتبت الصحافة الإسرائيلية وكذلك بعض الصحافيين القريبين من ((حزب الله)) بأن إسرائيل ليست جاهزة لقرار ظني يتهم ((حزب الله)) ويؤدي الى خلل في حدودها، وبرأيي هذا ليس لأن إسرائيل تحبنا. ولا مصلحة لأميركا بانفجار الوضع في لبنان ولا أوروبا، وبالتأكيد السعودية وسوريا وإيران . فلذلك نحن أمامنا شروط ممتازة للسير بالمحكمة الدولية، وتحقيق أفضل شروط العدالة وأبعد ما يكون عن التسييس، من دون أن يؤدي ذلك الى خراب البلد، بل بالعكس الى أن نصل الى مواءمة العدالة والإستقرار بما يفيد الجميع وبعيداً عن عقلية الثأر والإضعاف والتهشيم غير الموجودة في ذهننا كـ((14 آذار)) تجاه ((حزب الله))، وعلى ((حزب الله)) أن يقتنع بأننا جميعاً في مركب واحد، وإذا غرق أي طرف سيغرق الجميع.

# متى نبدأ بلمس النتائج الإيجابية لزيارة إيران وللمسعى السوري - السعودي؟

- النتائج الإيجابية لزيارة إيران تمت ترجمتها من خلال الخطابات التي سمعناها وبالحراك الإيراني الذي سبق الزيارة والذي يتبعها الآن، وبالتالي بدأت تُترجم فوراً، وبحسب رأيي فإن الترجمة الكاملة لنتائج زيارة إيران وزيارة اردوغان والمسعى السوري-السعودي سنبدأ نلمسها بعد اللقاء السوري-السعودي المرتقب، والذي أتمنى أن يكون عما قريب، والذي سيُترجم ويجوجل كل هذه المحاصيل من المشاورات واللقاءات الإقليمية والدولية، وضمّها الى آراء وهواجس اللبنانيين التي أخذ بها السوريون والسعوديون بكل تفاصيلها واشتغلوا عليها، وبالتالي ضم كل هذه العناصر، يعطينا المشهد الكامل الذي يسمح لنا بوضع الأبعاد التفصيلية لخريطة الطريق التي ذكرتها والتي تم الإتفاق عليها.

# هل ترى ذلك قريباً او ان ذلك مُرتبط بصحة الملك عبدالله؟

- الأمر مُرتبط أكثر بإنضاج الإتصالات الداخلية والخارجية، وإن شاء الله سيُترجم ذلك في أقرب وقت ممكن، والأمر لا علاقة له بصحة الملك بقدر ما هو مُتعلق باستكمال جوجلة الآراء وحصول التأييد.

# لقد تعرّضت لانتقاد كبير بسبب ما قيل انه دفاع مستميت عن "القوات اللبنانية" وأنك ألقيت كلمة في احتفال "القوات" لم تكن مُدرجة خلال تقديم الحفل؟

- أولاً الحديث عن تسوية بعزل فريق لبناني لا يمكن أن يحلم به أحد، وبالتالي هذه ليست تسوية بل عملية تهشيم جديدة للبلد، ووضع ناس على الهامش سيتحولون في ما بعد الى نقيض لأي تسوية، وبالتالي التوصل الى تسوية بعزل ((القوات)) غير مقبول.

# لكن من يطرح تسوية بدون ((القوات))؟

- كل الكلام تحت الطاولة بأن التسوية بدون سمير جعجع، ويجب أن يتخلى سعد الحريري عن سمير جعجع، وأكثر ناس إلغائيين هم جماعة ((الإصلاح والتغيير)) والذين تعرّضوا في السابق للإلغاء والشطب، والآن يريدون تسوية بشطب الآخرين.

# هل حُكي بوضوح مع الرئيس الحريري في هذا الموضوع؟

- كلا، ولكن هذا مطروح في الإعلام، وفي الكلام السياسي، وفي الخطابات السياسية لـ ((8 آذار/مارس)) بأن سمير جعجع مشروع إسرائيلي-أميركي وان ((القوات)) مشروع دخيل وصولاً الى التحدُث عن الدخول الى معراب، وهذا الكلام قاله عاصم قانصوه، وتكرر على لسان أحد الوزراء وعلى ألسنة صحافيين، وبالتالي أنا قلت رسالة واضحة مع أنهم اتهموني بأني قلت الشيعة و((حزب الله)) وهذا كله كذب، كذلك قالوا اني قلت انهم لن يصلوا على كعب حذاء معراب، مع اني قلت لن يصلوا الى كعب معراب كمن يقول على كعب الدرج.

# هل ذكرت ((حزب الله))؟

- أبداً، أنا قلت من قال انه يصل الى معراب خلال ساعتين، أحدهم قال ذلك والبعض ردّدوا هذا الكلام، ولكن لم أقل ((حزب الله))، أنا قلت لو كان لهم مئة رأس لن يصلوا الى كعب معراب، لأن الوصول الى معراب يمر عبر بيت الوسط وبكفيا وكل لبنان، ونحن جميعاً يد واحدة، وهم اعتبروا هذا الكلام بأنه شتيمة لأني دافعت عن أحد البيوت السياسية في لبنان، وأصبح الحديث عن دخول بيوت الناس والدوس على كرامتها مشروعاً، بينما اصبح الدفاع عن بيوت الناس عيباً.

# لكنهم اعتبروا الأسوأ في ما قلته ان الدخول الى معراب يمر عبر بيت الوسط، وهل لهذه الدرجة بيت الوسط يحمي معراب؟

- نعم بالتأكيد.

# ولن يتخلى عنه؟

- كلا، لن يتخلى ولا يمكن الدخول الى معراب، لأن الدخول الى معراب دخول على بيوت الناس أنا أسأل لو قيل الدخول الى عين التينة أو حارة حريك ماذا كان سيحصل، هذا الكلام عيب عن الدخول الى بيت الوسط ومعراب وسعد الحريري لن يبقى في منـزله، وبالتالي تراهم كل الوقت يشتمون بأقسى أنواع الشتم والسخافة والإسفاف، ويهاجمون الناس في بيوتها وأعراضها وكراماتها، وعندما تقول لن تدخلوا على بيوت الناس يقولون يا للعار، ما هذه الوقاحة أنا لم أرَ وقاحة أكثر من هذا.

إذاً عليهم أن لا يحرّفوا الكلام، أنا قلت كعب معراب، عملوها كعب حذاء، وقالوا اني ذكرت ((حزب الله)) وأنا لم أفعل ذلك.

نعم أنا مصمم على كلامي بأن الدخول على بيت أي سياسي وعلى رأسهم معراب ممنوع، وعليه أن يمر في كل لبنان، ولا أحد يستطيع ذلك لأنه في النهاية هل مطلوب من سمير جعجع أن يذهب الى تسوية وإهانته، ومطلوب من ((14 آذار/مارس)) الذهاب الى تسوية وأن تُقدّم تنازلات لمصلحة لبنان، وفي الوقت نفسه تُشتم. أنا أرى هذه ليست تسوية بل طرح إستسلام وطرح إهانة غير مقبول، ومن يريد أن يذهب مع الناس الى تسوية يجب احترام كراماتهم وبيوتهم، ودعوتها للتسوية وليس بإهانتها في بيوتها وكراماتها ويُخونها ويدعوها الى تسوية، وبالتالي هذه تكون تسوية مُذلّة واستسلام.

وهنا أريد أن ألفت الى أنه لو أحدهم قال يريد الدخول الى عين التينة أو حارة حريك لكان ردّي بنفس العنف وأعنف بمئة مرة، وسأقول له رأس رأسك لن يصل الى كعب درج عين التينة أو حارة حريك.

# هذا يعني انهم كانوا محقين عندما دافعوا ومنعوا دخول المحققين الدوليين الى عيادة الدكتورة إيمان شرارة؟

- الأمر مختلف، لأن دخول المحقق الدولي كان بطلب استئذان، وهذا شيء والدخول الى بيوت الناس والدوس على رقابها أمر آخر.

# هل كان إهداء سعد الحريري رشاشاً للدفاع عن نفسه في لبنان وللقول له نحن معك لتدافع عن نفسك في لبنان، أو لأنه أقر بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة فسلموه هذا الرشاش للدفاع عن هذه المعادلة، كيف قرأت ذلك؟

ج- أنا بتقديري هذا الأمر له رمزية كبيرة جداً، بمعنى من المعاني ان هذا السلاح الإيراني عندك يا دولة الرئيس ونحن جاهزون لإعطائك السلاح متى أردت ذلك، وهذه عينة رمزية من وزير الدفاع، بمعنى أننا جاهزون لتسليح لبنان، وأنا اعتبرتها أن بندقية إيران بين يدي الشيخ سعد وهذا بمثابة تقدير كبير، لأنه عندما يقدّر وزير الدفاع أي ضيف كبير يُقدّم له السلاح كهدية ولن يعطيه وردة أو أي شيء آخر، والرئيس الحريري قبل الهدية، ولكن هديته الكبرى من إيران والسلاح الأساسي الذي نريده من إيران هو سلاح التعاطي الإقتصادي والعلمي.

# إيران عرضت تزويد لبنان بالسلاح هل ستقبلون بذلك؟

- لا مشكلة لدينا في ذلك إذا كان هذا لا يتعارض مع الإتفاقات الدولية، ومع موقع لبنان الدولي، ونحن وإيران نتفهم ذلك، نحن نريد الدعم من إيران، ولكن إيران تعرف أنها يجب أن تدعمنا بحدود أن لا تؤذينا تجاه المجتمع الدولي، فإذا كان هذا الدعم لا يتسبب في مشكلة قانونية للبنان مع المجتمع الدولي فنحن راغبون به، وحتى لو كان يؤدي الى مشكلة سياسية راغبون به، لأن من يريد إثارة مشكلة سياسية معنا فليتفضل ويُسلّحنا أكان الأميركي أوغيره، فإذا رفض تسليحنا نأخذ السلاح من إيران، ولكن إذا كان ذلك سيؤدي الى مشكلة قانونية فسوف ننظر في الأمر.

حوار هدى الحسيني