المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار 28 شباط/2012

البشارة كما دوّنها القديس لوقا 20/45-47/يسوع يحذر من معلمي الشريعة

وقال لتلاميذه بمسمع من الشعب كله: إياكم ومعلمي الشريعة، يرغبون في المشي بالثياب الطويلة، ويحبون التحيات في الساحات ومكان الصدارة في المجامع ومقاعد الشرف في الولائم. يأكلون بيوت الأرامل وهم يظهرون أنهم يطيلون الصلاة. هؤلاء ينالهم أشد العقاب

 

عناوين النشرة

*مستودع أسلحة وسيارات مسروقة في منزل مسؤول في "حزب الله"

*غصن التقى نجاد ووزيري الدفاع والخارجية/الرئيس الإيراني يسخر من إسرائيل

*نجل عضو المكتب السياسي في "حزب الله" محمود قماطي يجتاح مواطنين في الجيّة فيقتلهما وقوة من الحزب تفرغ السيارة الصادمة من الأسلحة!   

*وزير الدفاع الإيراني: تعزيز الجيش اللبناني جزء من استراتيجيتنا/أحمدي نجاد يدعو إلى التعاون بين إيران ولبنان لمواجهة الغرب وإسرائيل

*رأي المستقبل ليوم الإثنين/الغصن والمقاومة

*أزمة القبيّات" تفاعلت باعتداء على بائع الأرض/محامون يبحثون عن ثغر قانونية لنقض العقد وتأمين شار بديل

*السنيورة: الاجتزاء في المعالجة المالية مشكلة ولا صحة للكلام على دعمنا الثورة

*جنبلاط: مع تسليح المعارضة  والأسد مصاب بجنون العظمة  وآن لدروز سورية كي يناضلوا ضد طغيان نظامه القاتل 

*هل طُمر ملف صهر الرئيس ميقاتي؟ 

*مقاطعة لبنان مؤتمر تونس جنّبته مواجهة مع الحكم السوري/خليل فليحان/النهار

*سليم جريصاتي: محامي حزب الله ووزير اميل لحود... والأقل خطراً على زعامة ميشال عون/طارق نجم/موقع 14 آذار

*عون عن نحّاس: طائرة أسقطناها قبل أن نسقط معها/أسعد بشارة/الجمهورية

*القاضي "المقاوم" الذي تسلم العمل... والعين على العدل

*سليم جريصاتي يلتزم "حزب الله" وسوريا/ القاضي "المقاوم" الذي تسلم العمل... والعين على العدل/إبرهيم حيدر/النهار

*المسيحيون و"البعث".. مشروع "تأميم" الطائفة يقف عند أسوار بكركي/أيمن شروف/المستقبل

*كيف حكم "البعث" سوريا ولبنان؟ حكم النظام الأسدي يقوّض الأقليات مثلما يضطهد الأكثرية/المستقبل/وسام سعادة

*وزير المهجرين علاء الدين ترّو/ "لا أحد يستطيع التحكم لا بالدولة ولا بمجلس الوزراء"/ يأسف لتمادي حكم دمشق في القمع والقتل

*ماروني لـ "المستقبل": الحكومة مركبة بقرار سوري لالتهام الإدارة اللبنانية

*اوساط دبلوماسية رفيعة : النظام السوري سيعجز عن الحسم العسكري وحزب الله نصحه بالتمثل بتجربة 2005 في لبنان 

*ترحيل الطاغية كرة ثلج تتنامى ولا أحد يبالي بمصير "البعث"!/ وسام سعادة/المستقبل

*تغيُّر الوضع في سوريا يغيِّر الاصطفاف في لبنان وخلط أوراق وقلب تحالفات بين 8 و14 آذار/اميل خوري/النهار

*سوريا: استفتاء على أسلوب القتل/اياد ابوشقرا/الشرق الأوسط

*رئيسة المعارضة الإسرائيلية: صمت حكومة نتنياهو عن المذابح في سوريا أمر مخجل/ممارسة القمع ضد الانتفاضة ستطرح بشكل كبير في لقاء القمة مع أوباما

*سلحوا الثوار السوريين/الشرق الأوسط/طارق الحميد/الشرق الأوسط

*كيف نسقط نظام الأسد؟/ديفيد إغناتيوس/الشرق الأوسط

*الاستفتاء ورقة بيد روسيا لفرض بقاء الأسد واستمرار الصراع يزيد أخطار توسّعه إلى المحيط/روزانا بومنصف/النهار

*سياسات واشنطن تجاه سوريا وإيران تظهر منهج أوباما/مخاوف من خيارات عسكرية لحل مشكلات سياسية تؤرق البيت الأبيض/ديفيد سانغر/الشرق الأوسط

 

تفاصيل النشرة

مستودع أسلحة وسيارات مسروقة في منزل مسؤول في "حزب الله"

النهار/أدى اشتباك مسلح وقع أمس في بئر العبد في الضاحية الجنوبية الى جرح مؤهل في قوى الامن الداخلي شارك في دورية دهمت منزل مسؤول في "حزب الله" وصادرت منه كمية كبيرة من الاسلحة والذخائر وعدداً من السيارات المسروقة وجهازا متطورا يفكك رموز السيارات الحديثة المتطورة. وعلمت "النهار" من مصدر امني ان قوة أمنية تحركت بعد تحديد موقع سيارة "ب. ام - X5" حديثة، كانت سرقت امس من منطقة الحمرا، عبر جهاز "جي. بي. آر. أس" الذي اشار الى وجودها في منطقة بئر العبد أمام منزل نزار الحسيني وهو المسؤول في الحزب. وبوصولها الى المحلة، وقبل ان تباشر عملية الدهم، وصلت مجموعة من الحزب قوامها 3 مسلحين، وبعد تلاسن واسئلة عن عدم تنسيق مسبق حول العملية الامنية، حصل اطلاق نار على الدورية الامنية أصيب بنتيجته العنصر الامني في قدمه. الا ان القوى الامنية اصرت على اكمال مهمتها وتمكنت من سحب سيارة المسلحين بعد فرارهم، وإعادة السيارة المسروقة و4 سيارات حديثة مسروقة وجدت الى جانبها.

وبعد دهم المنزل على أثر فرار الحسيني، وتوقيف نجله، صادرت القوى الامنية كمية كبيرة من الاسلحة والذخائر قدرت بمستودع، اضافة الى جهاز متطور جدا يعمل على تفكيك رموز السيارات الحديثة المتطورة. اشار مصدر أمني الى "ان مسؤولين في "حزب الله" حاولوا التدخل لدينا والقول إن الاسلحة المصادرة من المنزل تعود للحزب، لكننا أصررنا على مصادرتها وهذا ما حصل".

 

غصن التقى نجاد ووزيري الدفاع والخارجية/الرئيس الإيراني يسخر من إسرائيل

النهار/ يواصل وزير الدفاع الوطني فايز غصن زيارته لطهران لليوم الثاني. واستقبله امس الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في حضور اعضاء الوفد المرافق وعرضوا خلال اللقاء الاوضاع العامة في المنطقة والتطورات الاقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها. وسخر نجاد من اسرائيل "التي اكثرت من التصريحات حول شن هجوم عسكري محتمل على المواقع النووية الايرانية"، وقال على حسابه على موقع "ايريب" الالكتروني "اذا واتتها (اسرائيل) الفرصة، فانها ستقضي على كل امم المنطقة (...). لكن بمشيئة الله، لن تتحقق امنياتها هذه".وكان غصن استهل زياراته بلقاء وزير الدفاع والاسناد الجوي في ايران الجنرال احمد وحيدي، وعقدا جلسة محادثات في حضور اعضاء الوفدين اللبناني والايراني تناولت التعاون بين الوزارتين. وقال وحيدي بعد اللقاء ان "تقوية الجيش اللبناني تعد جزءا من السياسة الاستراتيجية العامة لطهران، وان امن لبنان يضطلع بدور كبير في استقرار المنطقة". وقال غصن ان "ايران ولبنان تبادلا الدعم دائما ونأمل في ان يزداد التفاعل الثنائي"، وحذر اسرائيل من "اي اعتداء غير مسؤول على لبنان"، مؤكدا ان "هذا الهجوم سيواجه جيشا قويا وموحدا والمقاومة"، وسيكون محكوما "بهزيمة اخرى". كذلك التقى وزير الخارجية الدكتور علي لاريجاني، واجريا جولة افق تناولت تطورات المنطقة. ولبى مساء دعوة لاريجاني الى مأدبة على شرفه.

 

نجل عضو المكتب السياسي في "حزب الله" محمود قماطي يجتاح مواطنين في الجيّة فيقتلهما وقوة من الحزب تفرغ السيارة الصادمة من الأسلحة!   

موقع 14 آذار/قتل كل من هناء علي عياش وغسان شهاب العلايلي وجرح شخصين اخرين نقلا الى مستشفى الرسول الأعظم في بيروت للمعالجة في حادث سير مروع وقع على المسلك الشرقي للاوتوستراد الساحلي في بلدة الجية. وفي التفاصيل فقد أشارت قناة أخبار المستقبل الى انه وبينما كانت عياش تقوم باصلاح سيارتها التي تعطّلت على الاوتوستراد بعدما استدعت العلايلي من منطقة الناعمة، مرّ موكب لأحد مسؤولي حزب الله فاجتاح السيارة المعطّلة وكلا من عياش والعلايلي ما أدى الى وفاة الأولى على الفور فيما نقل الثاني الى مستشفى حمود للمعالجة لكنه ما لبث ان فارق الحياة.واضافت أخبار المستقبل ان المسؤول في حزب الله أصيب أيضا في الحادث الا ان الغريب قدوم قوة من حزب الله التي طوقت المكان وعملت على افراغ السيارة المصطدِمة من الاسلحة ما ادى الى أزمة سير خانقة. وفي معلومات خاصة بموقع "14 الألكتروني" فقد عُلم أن سائق السيارة المصطدِمة هو نجل عضو المكتب السياسي في "حزب الله" محمود قماطي ويُدعى ميسم قماطي. 

 

وزير الدفاع الإيراني: تعزيز الجيش اللبناني جزء من استراتيجيتنا/أحمدي نجاد يدعو إلى التعاون بين إيران ولبنان لمواجهة الغرب وإسرائيل

طهران - لندن: «الشرق الأوسط» /استقبلت طهران وزير الدفاع اللبناني فايز غصن بحفاوة وأولت زيارته أهمية خاصة مع استقباله من قبل كبار القادة الإيرانيين، في مقدمتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وتأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه الجمهورية الإسلامية لتقوية صلاتها بحلفائها في المنطقة مع التحديات التي تواجهها جراء الضغوط الغربية والعقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، وكذلك احتمال خسارتها أحد أبرز حلفائها في المنطقة، نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يواجه بدوره ثورة شعبية منذ نحو عام تطالب بإسقاطه. ووصف نجاد خلال لقائه غصن أمس العلاقات بين إيران ولبنان بـ«المتينة والتاريخية». وقال «العلاقات المبنية علي الإيمان ستبقى خالدة، لكن الذين يقيمون علاقاتهم مع باق الشعوب على أساس المصالح الشخصية والألاعيب السياسية والسلطة والحقد، فإن هذه العلاقات ستزول». ووصف نجاد، خلال اللقاء، إسرائيل بأنها «كيان بليد ومعاد للإنسانية»، وقال «إنه مما لا شك فيه أن المستكبرين لن ينالوا مبتغاهم الرام لإنقاذ الكيان الصهيون». وأضاف موجها حديثه لوزير الدفاع اللبناني أن «المستكبرين يعتبرون الشعبين الإيران واللبناني عائقا أمام تنفيذ برامجهم وسياساتهم السلطوية». وقال «إن المستكبرين متحدون ف تمرير أهدافهم المعادية للإنسانية ويستخدمون جميع إمكانياتهم لتحقيق هذا الهدف، لذا ينبغ علينا أن نتحد أيضا ف أهدافنا الإنسانية وأن نستخدم جميع إمكانياتنا». وحسب وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية الرسمية (إرنا)، فإن نجاد تطرق إل زيارته إل لبنان العام الماض، وقال إن «الأعداء لم يرتاحوا لهذه الزيارة الت كانت حافلة بالشهامة وأظهرت تضامن الشعبين الإيران واللبناني، لأن الأعداء يغضبون ويستاؤون كلما سادت الوحدة والألفة والمحبة بين الشعوب، لذا ينبغ أن نكون جنبا إل جنب وسندا لبعضنا أكثر من السابق». ونقلت الوكالة عن فايز غصن قوله إن «الشعب اللبنان لن ينسى أبدا وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية إل جانبه.. وإن الشعب اللبنان يتذكر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقفت بقوة إل جانبه ف كافة المراحل الصعبة، وأن الشعب اللبنان سيقف بقوة إل جانب الشعب الإيران العظيم». ونقلت عنه «إشادته» بـ«صمود الشعب الإيران ف مواجهة الأعمال الوحشية للقوى المتغطرسة»، وقال إن «العالم الاستكباري نفذ الكثير من المؤامرات ضد الجمهورة الإسلامية إلا أن جميع هذه المؤامرات قد فشلت، ولم تؤثر على الشعب الإيران، لأن هذا الشعب يقف موحدا إل جانب القيادة والنظام ويدافع ليس فقط عن مصالحه بل عن مصالح العالم الإسلام أضا». وأشار إل أن إيران «اضطلعت وبشكل جيد بدورها الرائد ف داخل البلاد وبخصوص التطورات الإقليمية، وأن الشعب اللبنان وباقي الشعوب المستقلة والحرة تقدر نعمة وجود الجمهورية الإسلامية الإيرانية».

 

 رأي المستقبل ليوم الإثنين/الغصن والمقاومة

بعد مأثرته "الخالدة" التي أطلقها من بيروت عن "القاعدة" وأخواتها في بلدة عرسال البقاعية، يطلق وزير الدفاع اللبناني، لكن هذه المرة من طهران، مأثرة جديدة لا تقلّ خلوداً... الوزير الخطير اكتشف من هناك أن أمن بيروت من أمن طهران، هكذا دفعة واحدة من دون أي فواصل أو اعتراضات، وكأنه صار بشكل أو بآخر مزايداً، أو على يمين التابع الأول للجمهورية الايرانية في لبنان، أي "حزب الله".

وكلنا يتذكر ان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، على سبيل المثال لا الحصر، لم يحسم في إحدى إطلالاته الأخيرة ما إذا كان حزبه سينخرط في أي مواجهة عسكرية أمنية تدخل فيها ايران على خلفية برنامجها النووي.. لقد أبقى الموضوع مبهماً لمعرفته بمدى حساسيته المحلية، ولأنه من الصعب على أيّ كان تبرير أي عمل قد يؤدي الى تدمير لبنان من أجل إيران. لكن وزير دفاعنا الخطير أبلغنا يوم أمس، ودفعة واحدة، أنه يمون على لبنان واللبنانيين من أصغرهم الى أكبرهم، وأن أمن اللبنانيين هؤلاء ليس مرتبطاً لا ببلدهم ولا بسلطات بلدهم ولا بمصالح بلدهم وإنما مباشرة بأمن طهران، وما أدراكم ما يعنيه هذا الكلام في هذه الأيام. قصة عجيبة غريبة فعلاً. وزير "الدفاع" اللبناني الذي يُفترض أن يكون مسؤولاً أمام حكومته ودولته وأهل بلده عن كل ما يمكن أن يمسّ هؤلاء، يتبرّع بتقديمنا جميعاً على طبق من مرمر الى إيران لجعلنا ورقة في ملف أوراقها الكثيرة وكأن سياسة النأي بالنفس ليست إلا نأياً فعلياً وحقيقياً وعملياً لبلدنا المنكوب عن كل ما يمتّ الى مصلحته العليا بصلة. وما عاد ينقصنا إلا أن يعلن حضرة الوزير ايمانه الراسخ بولاية الفقيه وأن يُصدر بعد ذلك "فتوى" توجيهية لـ"حزب الله" وللسيد حسن في شأن كيفية وضع الغالي والنفيس في خدمة إيران ومشاريعها الكثيرة وفي مقدمها مشروعها النووي.

 

أزمة القبيّات" تفاعلت باعتداء على بائع الأرض/محامون يبحثون عن ثغر قانونية لنقض العقد وتأمين شار بديل

رلى مخايل/النهار/ تطورت الأمور في بلدة القبيات في اليومين الاخيرين فوصلت الى اعتداء مباشر من الاهالي على ابن بلدتهم شاهين نادر، مما استدعى تدخل عدد كبير من فاعليات البلدة والمنطقة في محاولة لتسوية قضية بيع الارض. عاد موضوع بيع الارض في البلدة العكارية ذات الطابع المسيحي، الى الواجهة في عطلة نهاية الاسبوع مع تحرك شعبي للأهالي للمرة الثانية تعبيرا عن رفضهم لعملية بيع قام بها احد ابنائها شاهين نادر لقطعة ارض يملكها مساحتها 44 الف متر مربع على الحد الفاصل بين القبيات وعكار العتيقة لشخص يدعى خالد الاسعد. استنفار الاهالي الشعبي وعبر "الفايسبوك" ضد من سموه "بائع القبيات بثلاثين من الفضة"، كان استدعى تشكيل لجنة متابعة من اهالي البلدة ضمت المخاتير وممثلي الاحزاب والفاعليات السياسية، يترأسها الاب الكرملي ميشال عبود. اللجنة اليوم تعمل خلية ازمة، وتتحرك في اتجاهات متعددة سعيا الى حل لمسألة بيع الارض. ومع شعور الاهالي ان المفاوضات لاستعادة الارض لم تحرز تقدما، عادوا الى تحركهم الشعبي. فطيلة الاسبوع الماضي، كان التفاوض يجري في اتجاه ايجاد حل مع شاري الارض لم تؤد الى نتيجة. ومع تحرك الاهالي السبت الماضي، بدأ البحث عن ثغر قانونية لنقض عملية البيع لا سيما ان احد الورثة ايلي سماحة لم يوافق منذ البدء على عملية البيع، اضافة الى ان بعض الورثة توفوا منذ زمن وقد تكون هناك ثغر قانونية في عملية انتقال الملكية الى نادر، الاّ ان هذا الملف لا يزال يحتاج الى مزيد من الدرس، في حين ان الشارع يضغط لايجاد حل عاجل لأن الاهالي يريدون استعادة الارض بأي ثمن.  واكثر ما ازعج اهل البلدة الطريقة التي تمت بها صفقة البيع، على ما يقول الاب عبود. فالبائع شاهين نادر كان قد اعطى الاهالي وعدا بعدم بيع الارض الا لمسيحي. بعدما انتشر في الاشهر الماضية خبر في البلدة عن نيته بيع الارض لخالد الاسعد من عكار العتيقة. وتبين لاحقا انه اتم صفقة البيع "بطريقة ملتوية"، اثارت حفيظة اهل البلدة ضد البائع.

صفقة البيع

وفي التفاصيل ان نادر باع الارض لخالد الاسعد عبر وسيط من بلدة بزبينا يدعى اسحق الحموي الذي عاد وسجلها باسم الاسعد. قبل ان تسجل الارض باسم الاسعد في 28 كانون الثاني الماضي وكان الاخير قد اعطى وعودا بالبيع خلال العام الماضي لنحو 15 شخصا، وهناك من دفع له ثمن الارض كاملا. وما يتم تداوله ان نادر باع سعر متر الارض بـ 9 دولارات في حين ان خالد الاسعد باعها الى الآخرين بحوالى 30 دولارا للمتر. وقد بيعت منها مساحة كبيرة ولم يبقَ سوى 7 آلاف متر غير مباعة. ويذكر ان موقع الارض مهم جدا تقع على الطريق العام وتصل اليها امدادات المياه والكهرباء. وتطرح علامات سؤال كبيرة على قدرة الشاري المالية لا سيما انه عسكري متقاعد، وما اذا كانت هناك مؤسسات معينة تقف وراءه. والجدير ذكره ان من يملك قطعة ارض في عكار العتيقة لا يبيعها حتى لأهل بلدته، فالبلدة معروفة بكثافة سكانية وتضاؤل عدد قطع الارض الصالحة للبناء فيها. في حين لا يمكن اهاليها ان يتوسعوا في البناء سوى في اتجاه منطقة القبيات لأن لديهم خلافات قديمة على خلفية تملك الاراضي مع بلدة فنيدق المحيطة بهم.

عقد اجتماعي بعدم البيع

التحرك الشعبي نهاية الاسبوع اتى بعد تهدئة الامور طيلة الاسبوع الماضي افساحا في المجال للحوار مع الشاري حتى يتمكن جميع الاطراف من الوصول الى حل يرضي الجميع ولا يترك اي اثر على العلاقات في منطقة متنوعة طائفيا وتضم فئات سياسية عدة. وكان الاسعد طلب مهلة لاعطاء جواب عن مسألة رد الارض، في حين اودع بائع الارض جزءا من الثمن لدى كهنة البلدة على سبيل الامانة. لكن اي تقدم لم يلحظ على هذا الصعيد. ويشدد عبود على ان "لا احد من جوارنا يمكن ان يشكو من طائفية لدى أهل القبيات"، فالبلدة منفتحة على جوارها ويفيد العديد من بلدات الجوار من الخدمات الصحية والتربوية المتوافرة فيها. وتأتي حركة الاحتجاج في البلدة على احد ابنائها مرتكزة على عقد اجتماعي بين اهلها يقضي بالمحافظة على الارض، انطلاقا من ايمانهم بان تقليص مساحة الارض يؤدي الى تقليص وجودهم، وهم يحبون ارضهم ومتعلقون بها ودافعوا عنها في اوقات المحن وسقط العديد من ابنائها شهداء ليحافظوا على وجودهم فيها. اضافة الى ان الاهالي يرون انفسهم ملزمين نداء البطريرك بشاره الراعي والسينودس، ولولا لم تشعر الكنيسة بان هناك خطرا داهما لما كان هذا النداء للتمسك بالارض. في الاساس يدرك اهل هذه البلدة ان الارض تشكل المساحة والمدى الذي يمارسون فيه حريتهم وعاداتهم وتقاليدهم ويؤمن لهم حركة اقتصادية، ولا بد من استثمار هذه الاراضي حتى يبقى الناس في ارضهم.

استعادة الارض

وعما يتم تداوله ان الارض التي بيعت تقع في خراج عكار العتيقة وليس في القبيات، يوضح عبود ان قسما من اراضي القبيات تقع في خراجات بلدات اخرى مثل ارض الشنبوق التي يملكها اهل القبيات انما تعتبر من خراجات عيدمون. وماذا نعني هنا بالخراجات؟ اي ان سند الملكية يستحصل عليها من البلدة التي تتبع لها الخراجات. وعن الحلول المطروحة اليوم، وعلى ماذا يدور التفاوض؟ يجيب: يبدو ان التفاوض على استعادة الارض لن يكون سهلا وتعترضه عقبات كثيرة، لا سيما ان الشاري الاساسي الاسعد يتحجج ان بعضا ممن اشتروا من اهالي عكار العتيقة، ومنهم ايضا من منطقة المنية، لم يوافقوا على اعادة الارض واسترداد ثمنها. وقد يكون البحث عن ثغر قانونية لنقض البيع احد المخارج. والواضح ان اهل القبيات مصممون على ابقاء تحركهم مفتوحا وربما سيصعدون اكثر في الايام المقبلة. وبحسب غازي الياس عضو لجنة المتابعة: "ليس من السهل ان يهضم الاهالي عدم التمكن من استرداد الارض، ونحن نتابع يوما بيوم ما يجري لنقرر في ضوئه طبيعة التحرك التالي، ولن نرتاح قبل استرجاع الارض".

 

السنيورة: الاجتزاء في المعالجة المالية مشكلة ولا صحة للكلام على دعمنا الثورة

صيدا – "النهار"/رأى الرئيس فؤاد السنيورة طريقتين لمعالجة الموازنات السابقة "فاما اقرار الموازنات المعدة والتي تحدد السقوف الصحيحة للانفاق، واما رفع السقوف كما هو معمول في مشروع الـ8900 مليار ليرة، والذي يشمل عمليا رفع سقوف الانفاق وليس ابراء الذمة المالية". قال في لقاء اعلامي في الهلالية امس ان "هذا العمل يسري على كل الاعوام واجتزاء واحد منها ومحاولة ادانة فريق وتصوير آخر بالاصلاح هو خطأ كبير". وأوضح ان "ما جرى في عهد هذه الحكومة، حصل مثله في الفترة من 2006 الى 2010 ومنذ اعتماد نظام المحاسبة على اساس القيد المزدوج عام 1996 والامور تسير بالطريقة نفسها. وما يسري على سنة 2011 يسري ايضا على السنوات الخمس التي سبقتها، ومحاولة وصم هذه الاعوام بانها كانت مخالفة تجعلنا نقول ان عامي 2010 و2011 هما ايضا مخالفان. فلا احد يخترع البارود ولا احد يهول على الناس ويقول ان لا حسابات. كلها عواصف فنجانية يخترعونها ليبرروا هذا الكلام ولذر الرماد في العيون". واعتبر ان "الاجتزاء يفتح الباب لمشكلة" منتقدا "المشاحنات غير المجدية والتي لا توصلنا الا الى مزيد من التصادم. ودعا الى "رفع سقوف الانفاق حتى يصبح هذا الامر في شكل قانوني ويبقى خاضعا لرقابة ديوان المحاسبة ومجلس النواب". وفي الموضوع السوري جدد موقف "تيار المستقبل" عدم التدخل معتبرا ان "الكلام على اننا نساعد الانتفاضة بالسلاح والرجال لا اساس له من الصحة. وليست لنا مصلحة ولا قدرة على التدخل". وتابع: "لا يمكن ان نبقى غير مبالين لما يجري في سوريا لانه جزء من حالة "الربيع العربي" ونحن جزء من هذا العالم العربي ويجب الا نكون متفردين او في معزل عن التضامن (...) والاجماع العربي".

وتمنى تفادي العنف "سواء أكان كلاميا ام غير كلامي بما فيه السلاح الذي يجب ان يكون بيد الدولة حصراً". وختم: "عندما يصبح السلاح في أيدي الافراد يتحول مدعاة الى مجموعة كي تحاول ان تتسلح. وبذلك تفلت الامور. فالقوة يجب الا تستعمل الا من الدولة".

 

كشف أن الرئيس السوري وصف أمامه رامي مخلوف بأنه «مجنون»

جنبلاط: مع تسليح المعارضة ... والأسد مصاب بجنون العظمة ... آن لدروز سورية كي يناضلوا ضد طغيان نظامه القاتل 

بيروت/الراي/أكمل رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط هجومه «الصاعق» على النظام السوري وصولاً الى وصْف الرئيس بشار الاسد بانه مصاب بـ «جنون العظمة»، داعياً المعارضة السورية إلى رص صفوفها ومطالباً بتسليحها. ووجّه جنبلاط عبر جريدة «لوموند» الفرنسية كلمة إلى دروز سورية قائلا: «لا أريد أن أتحدث بأسلوب طائفي، النظام السوري يُروّج لقيام تحالف الأقليات، دروز سورية هم مواطنون سوريون، وهم إما مع النظام وإما ضده، في السابق قاتل الدروز الانتداب الفرنسي واليوم حان الوقت كي «يناضلوا» ضد طغيان النظام الذي يقتل المواطنين السوريين في كل مكان». واذ أكّد أنه لم يزر سورية منذ التاسع من يونيو الفائت، وصف حواره الأخير مع الرئيس السوري بأنه كان «سورياليا»، كاشفاً بعض ما دار معه من مواضيع حيث سأل جنبلاط الأسد عن موضوعين الأول حول ابن خالته رامي مخلوف، الذي تدور حوله شبهات بالفساد، فأجاب الرئيس السوري واصفاً مخلوف بـ «المجنون».  وعن الطفل «حمزة الخطيب» الذي عُذب حتى الموت، أجاب: «بشار الأسد قال إنه لم يتعرض للتعذيب لكنه قُتل». وتدارك معلقاً: «كيف يمكن تقديم مثل هذه الإجابات؟ أنا لا أعرف ... إنه مصاب بجنون العظمة». ورداً على سؤال عما إذا كان نظام الأسد سيسقط قريباً أجاب: «أبداً، كنت أتمنى ذلك، لقد وجد الغرب في الفيتو الروسي - الصيني ذريعة لعدم مساعدة الشعب السوري، ونظام الأسد عزز الأمن على حدوده مع إسرائيل، ومصلحة إسرائيل لدى بعض دول الغرب تتقدم على مصلحة الشعوب العربية». وإذا كان سقوط حمص من شأنه سحق المعارضة السورية، أجاب: «كلا، سقوط حمص لا يستتبع سقوط المعارضة، إنما يُسهل سعي النظام لوضع يده على الممر الاستراتيجي الذي يربط المدينة بمرفأ طرطوس، وهذا الأمر يُعزز التحالف الروسي - الإيراني - السوري».

 

هل طُمر ملف صهر الرئيس ميقاتي؟ 

في كل مرة يعود الملف نفسه في لبنان ليفتح على مصيبة اكبر مهددا المواطنين في لقمة عيشهم وامنهم الصحي الذي بات مباحا امام كل الخروقات من تلوث الغذاء، الى اللعب بتاريخ صلاحيته ولو على حساب صحة الناس وسلامتهم، التي من المفروض عدم التلاعب بها ابدا. فمنذ ايام هناك فضيحة مزدوجة شهدتها بلدة الغازية، بحيث منعت الأجهزة الأمنية ومن دون سبب مندوبي وسائل الإعلام من تغطية حدث هام، فأبلغت الأجهزة مصلحة حماية المستهلك عن وجود ٣٥ طنا من "الشيبس" الفاسد داخل مستودع في منطقة الغازية جنوب صيدا. أما الفضيحة الثانية والكامنة وراء الأولى فهي أن مالك البضاعة الفاسدة هو صهر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وهو رجل الأعمال رضا سوبرا. كميات الشيبس الهائلة إنتهت مدة صلاحيتها في العام ٢٠١١، لكن صهر ميقاتي قرر إستبدال الملصقات الحقيقية بأخرى تحمل تاريخ الـ ٢٠١٤.مصلحة حماية المستهلك علمت بذلك وأبلغت المعنيين، فتوجهت قوة مشتركة من إستخبارات الجيش والشرطة العسكرية الى المستودع حيث ضبطت بالجرم المشهود عددا من العمال يقومون بتوضيب البطاطا الفاسدة وتبديل الملصقات لمصلحة صهر رئيس الحكومة رضا سوبرا. المداهمة أسفرت عن توقيف تسعة عمال بين لبناني وغير لبناني كما صودرت كميات "الشيبس" الفاسدة وختم المستودع بالشمع الأحمر في وقت لاحق بناء لإشارة القضاء المختص.  "موقع 14 آذار" حاول متابعة القضية المذكورة عبر الاتصال بمكتب حماية المستهلك، لمعرفة مصير هذا الملف وابرز التطورات التي حصلت بشأن هذه الفضيحة، ولكننا للأسف لم نلقى اي جواب ربما بسبب الروتين القاتل بحيث طُلب منا الحصول على موافقة وزارة الإقتصاد للبحث في هذه القضية، او ربما لحساسية الملف وصاحبه؟

في هذا الاطار، أسف الخبير الاقتصادي غازي وزني وفي اتصال لموقعنا الالكتروني معه، لكون الرقابة في لبنان محدودة واعتبر انه على المواطن الانتباه والحذر الشديد من شراء اي سلعة قد يكون تم تغيير مدة صلاحيتها واستبدال الملصقات المنتهية تاريخها بغيرها، لافتا الى ان الدور الاساسي لمراقبة الامن الغذائي هو من واجب مصلحة حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد، مشيرا الى ان من مسؤولية الدولة مراقبة ووقف هذه الأنواع الخطرة من التزوير لحماية المستهلك ومنعاً من اي كوارث جديدة قد يقع ضحيتها المواطن. ختاماً، سنحاول مجدداً متابعة هذه القضية لعل وعسى ان يُكشف جديد هذه القضية ويٌعرف مصير من قام بعملية التزوير حتى وان كان قريباً لرئيس وزراء لبنان!*موقع 14 آذار

 

مقاطعة لبنان مؤتمر تونس جنّبته مواجهة مع الحكم السوري

خليل فليحان/النهار

 لم يخسر لبنان بمقاطعته "المؤتمر الدولي لاصدقاء الشعب السوري" الذي إنعقد في تونس الجمعة الماضي بدعوة منها، لانه لا يريد مواجهة مع النظام على اساس ان عنوان المؤتمر هو دعم الشعب السوري واتخاذ قرار من الحكم في سوريا، بدليل الرفض الرسمي لكل ما ورد في البيان الختامي وفي مداخلات الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الذي اقترح لجوء الرئيس بشار الاسد وعائلته الى روسيا مع ضمان قضائي. اضافة الى مداخلات الوزراء والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورفض وقف اعمال العنف كافة كما ورد في البيان الذي تضمن عقوبات تحضّر للاسد والقريبين منه. ومما أغاظ السلطات السورية اشراك "المجلس الوطني السوري" في المؤتمروالاعتراف به "كممثل شرعي للسوريين الساعين الى احداث تغيير ديمقراطي سلمي واتفقت (مجموعة الدول) على تعزيز التزامها الفعلي للمعارضة السورية". غير ان تحاشي الحكومة مواجهة مع القيادة السورية الحالية كانت ستؤدي ايضا الى اهتزاز سياسي كبير بين القوى السياسية في الداخل لم يرق بعض المعارضة الذي انتقد تغيبّ لبنان الرسمي عن مؤتمر تونس واعتبر انه اكثر من "النأي بالنفس" الذي درج على اتخاذه لدى اي اجتماع لجامعة الدول العربية حول الازمة السورية. وتجدر الاشارة الى ان لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي اتخذت هذا الموقف، والثالثة بعد روسيا والصين من بين 50 دولة شاركت في المؤتمر. ورأت مصادر وزارية مؤيدة لمقاطعة هذا المؤتمر الذي افرز تباينات جوهرية واساسية بين اعضاء الفريق الواحد على نوعية المعالجة المقترحة لاستعمال القوة العسكرية، بدليل تشكيك وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في جدوى ما اتخذ من قرارات وافق عليها "على مضض" وفقاً لما ورد في مداخلته، وعلى نقيضها دعا الى  تسليح المعارضة لمواجهة النظام والى "ازاحته طوعا او قسرا" بعدما "فقد شرعيته وصار اشبه بسلطة احتلال " و"لم يعد هناك من سبيل للخروج من الازمة إلا بإنتقال السلطة إما طوعا أو بالاكراه"، مشددا على ضرورة اتخاذ اجراءات تحمي الشعب السوري لان "حصر التركيز على طرق ايصال المساعدات الانسانية لا يكفي، وإلا لكنا كمن يريد تسمين الفريسة قبل ان يستكمل الوحش الكاسر افتراسها". ومما يذكر ان وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور تحفظ عن اقتراح تنحية الرئيس الاسد منذ 22 كانون الثاني عندما دعاه مجلس وزراء الخارجية العرب الى تفويض صلاحياته الى نائبه فاروق الشرع لاجراء الاستفتاء حول الدستور الجديد والبدء بتنفيذ الاصلاحات وتشكيل حكومة موقتة واجراء انتخابات. واشارت ان ليس في وسع لبنان ان يؤيد ما اقترحه الفيصل من تسليح للمعارضة وتولي دور ايصال الاسلحة من اكثر من منفذ في حين دأبت السلطات السورية بعد اسابيع قليلة من اندلاع الموجهات الدامية على إتهام لبنانيين بالاسماء وتحديد معابر يهربون منها كميات من الاسلحة الى المعارضة عبر حدوده معها، وأدى هذا الاتهام الى توغلات لقوات سورية داخل الاراضي اللبنانية مما دفع الجيش اللبناني الى اتخاذ مجموعة اجراءات عند عدد كبير من النقاط الحدودية لمنع تسرب أي اسلحة الى المعارضين في سوريا. مما يذكر ان سوريا أبلغت عبر بعثتها لدى الامم المتحدة عن تدفق اسلحة من لبنان الى الجمعية العمومية للامم المتحدة لدى انعقادها الاخير حول سوريا، وكذلك اكدت روسيا عبر بيانات رسمية عن امرار اسلحة الى الاراضي السورية من لبنان. وذكرت ايضا ان مؤتمر تونس لم تتمثل فيه كل اطياف المعارضة السورية، سوى ممثلين لـ"المجلس الوطني" بعدما اعتذرت "هيئة التنسيق للتغيير الديموقراطي عن "المشاركة على رغم وصولها الى تونس".

 

سليم جريصاتي: محامي حزب الله ووزير اميل لحود... والأقل خطراً على زعامة ميشال عون  

طارق نجم/موقع 14 آذار

"عون لا يطمئّن لأحد ولا يثق بأحد لذا قرر أن يتخلص من شربل نحاس عند اقرب فرصة خصوصاً وأن شعبية الوزير المستقيل باتت تتوسع داخل وخارج التيار على السواء"... بهذه العبارة وصف مقربون من التيار العوني عاصفة نحاس-عون الأخيرة, مضيفين انّ "الجنرال ميشال عون لطالما كان يتوجس خوفاً من أعضاء في التيار حالما يعلم أن رصيدهم الجماهيري بات يرتفع ويعمل على ابعادهم سريعاً عن مراكز النفوذ وتهشيمهم كي لا يتحولوا الى مراكز قوى تؤثر على قرارته السياسية ناهيك عن أن مراكز القوى هذه ستشكل مصدراً للمحاسبة حول الأسلوب الذي يتمّ فيه توزيع المغانم المالية داخل التيار منذ أن تحوّل من حالة سياسية نضالية تقوم على مناضلين حقيقيين إلى كيان نفعي يبتغي الربح ويعمل على استقطاب المنتفعين والممولين".

وانطلاقاً من ذلك، ونقلاً عن هذه المصادر, فإن عون "لم يكن يثق بالتالي إلا باقربائه وبالتحديد جبران باسيل ومن ثمّ الغرباء عن التيار أو العناصر الأضعف شخصية فيه بحيث يسهل الضغط عليهم والإمساك بهم، خصوصاً بعدما جعل عون من العديد من رفاق السلاح القدامى أمثولة للآخرين المستجدين".

وأشارت تلك المصادر إلى أنّه و"بعد تقديم شربل نحاس استقالته، إشرأبت الكثير من الأعناق من داخل التيار واعدة النفس في أن يفي الجنرال بوعوده التي يوزعها كعادته على اليمين وعلى اليسار عند الحاجة، وليتهرب منها لاحقاً كما عهدته. مما أدى إلى تحمية الاتصالات بين كوادر التيار الذين لم يتقبلوا أصلاً توزير نحاس وزميله فادي عبود القادمين من خارج البيت البرتقالي. وبالفعل طرحت أسماء عدة كان يمكن لميشال عون أن يعيد استقطاب تياره مرة أخرى من خلال اختيار أحداها وعلى رأسها اللواء نديم لطيف. ولكن اختيار جريصاتي لم يضع أمام المتذمرين في اوساط التيار إلا رسالة واحدة, مفادها أن الجنرال مازال على عقليته التي لن تسمح بوصول إلا من يضمن انبطاحه التام أمام إرادة الجنرال الذي لا يريد سوى مرتزقة وإجراء في خدمته لا يشكلون في أي وقت من الأوقات خطراً على زعامته الشخصية وتؤمن بالوقت عينه خدمات خفية لحلفائه".

وبالتالي فإن جريصاتي يبدو الأنسب بما يمثله من تقاطع بين حزب الله – أميل لحود – سوريا إضاف إليه ايلي سكاف، وجزء من صفقات جرت بين هذه الأطراف لشد مفاصل الحكومة المتداعية. ويبدو أن لإلياس سكاف الذي أبدى سروره لتوزير جريصاتي ابن زحلة، حصة محفوظة يطمح لتثميرها انتخابياً تدعيماً لموعه الذي اطاحت به انتخابات 2009 خصوصاً وأن سكاف قد اعترف أنّه سبق له وعرض اسم جريصاتي خلال تشكيل الحكومة الميقاتية، من دون ان تكون الظروف متاحة لتمرير خياره وسط الجشع العوني للتوزير. وفي هذا الاطار إنما يقوم سكاف ايضاً بمحاولة ردّ بعض الجميل الذي قام به جريصاتي لسكاف إبّان الانتخابات البلدية لمدينة زحلة والتي غطى جريصاتي من خلال علاقاته ما شابها من رشاوي وضغوط أفضت الى فوز اللائحة المدعومة من سكاف.

نبش تاريخ سليم جريصاتي عبارة عن نكش في قبور مازالت جثث الأموات فيها طرية. فالقاضي جريصاتي التصق بالرئيس المددة ولايته قصراً اميل لحود على اعتباره مستشاراً قانونياً، وقد سجل له في حينها بإقفال تلفزيون الـ"MTV" بالإضافة إلى "انجاز" آخر هو قيامه بإبطال نيابة غبريال المر الذي كان يوصف خلال عهد الوصاية السورية على اعتباره من انصار السيادة والاستقلال.

غير ان اسم سليم جريصاتي ورد في إحدى وثائق ويكليكس وبالتحديد البرقية رقم Beirut160307 المؤرخة في 12 تشرين الثاني 2007 والمصنفة سرية، حيث نقل السفير جفري فيلتمان (وبالمناسبة كان فلتمان وكل من يجالسه موضوعين ضمن خانة العملاء الصهاينة في ذلك الحين من قبل جماعة 8 آذار) عن لقاء جرى بينه وبين جريصاتي كيف وصف الأخير "ميشال عون بأنه مجنون ولن يصوت الى جانب ميشال سليمان لانتخابه رئيساً للجمهورية". واليوم بالتحديد فإنّ جريصاتي يبرز دوره على المستوى السوري كذلك في اجواء تثير السخرية للاستفتاء على الدستور السوري الجديد الذي شارك في صياغته وفصله على قياس بشار الأسد، مع العلم أنّ القضايا الشائكة لا تتعلق بما يرد في الدستور بل بما يصاحب امكانية تطبيقه من عدمها. فجريصاتي "تبرع" للذود عن نظام الأسد وتبييض صفحته حين زعم أنه 'تم تشكيل لجنة من المستقلين لتأليف دستور جديد قبل اندلاع الاحداث في سوريا", وفي حديث آخر أنّ "الدستور الجديد يرتكز على أنّ الشعب مصدر السلطة بالإضافة إلى مبدأ الفصل بين السلطات مع حكومة مسؤولة أمام مجلس الشعب وجعل القضاء مستقلاً". الغريب أن هذه النقاط التي افتخر جريصاتي بإدخالها على الدستور السوري كانت اصلاً موجودة ولا يعمل بها.

حظوظ جريصاتي لدى حزب الله كانت وافرة دون أدنى شك حيث بدا الحزب أكثر من مرحب بخيار توزير الجريصاتي كيف لا وهو المؤتمن على أهم الملفات التي ستطال رؤوساً قيادية في هيكلية الحزب والمحامي المفضل للحزب أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

مرة أخرى كان جريصاتي طوال سنة كاملة يتصدر المتهجمين على المحكمة الدولية مسخراً لغته القانونية لاعداد دراسات "تفند" إجراءات المحكمة طاعناً بشرعيتها داعياً الى وقف تمويلها. طوال الأشهر الماضية كان جريصاتي يتنقل بحركة مريبة بين الدراسات والمقالات والمؤتمرات الصحافية والندوات للطعن بالمحكمة، واضعاً كتفه على كتف النائب الحاج محمد رعد في مواجهة ما سماه "التعدي الفاضح على الدستور... لإن هذه المحكمة لا تنتهك فقط دستورنا وسيادتنا الوطنية إنما أيضا تهدد استقرارنا". الغريب أن جريصاتي لم يحرك ساكناً حين تمّ تمويل المحكمة !

إن كان جريصاتي قد أجّر مواهبه في الصياغة القانونية والألتفاف على المواد الدستورية لصالح حزب الله تارة ولصالح نظام الأسد طوراً آخر، فإنه لا بدّ أن يكون له صولات وجولات قريباً في مجال الطعن بعدد من القوانين التي لا تراعي مصالح جنرال الرابية ولا تسهل "انجازات صهره"، خصوصاً أن ميشال عون الذي وصف جريصاتي بـ"المشرع" يبدو عازماً على استحداث ما سماه نظام داخلي لمجلس الوزراء وربما القيام بطلب تعديلات قريبة في اتفاق الطائف. أخيراً ربما علينا أن نشكر شربل نحاس، قبل أن نودعه بلا رجعة، ولو مرة واحدة لأنه استطاع بإستقالته المهينة أن يفضح ميشال عون مرة أخرى ويبيّن زيف جنرال كان الأقل التزاماً تجاه أتباعه! *موقع 14 آذار

 

عون عن نحّاس: طائرة أسقطناها قبل أن نسقط معها

أسعد بشارة/الجمهورية

بعدما بدا في الساعات الأولى لاستقالة الوزير شربل نحاس أنّ شبحه لاحق العماد ميشال عون مؤنّباً الانقلاب على المبادئ، وبعدما سكن هذا الشبح مناصري «التيار الوطني» الذين لاحظوا كم كان قبول الاستقالة مجحفاً بحقّ الصورة التي رسمها العماد عون لنفسه، وهي صورة الرجل الذي لا يُساوِم على مبدأ وحقّ، بدأ عون بشنّ هجوم معاكِس على شبح نحاس لمحاولة طرده من أذهان المناصرينا

وهذا الهجوم ظهر على شكل كلام وديّ وتبريريّ قاله الجنرال بحقّ نحاس أمام الكاميرات، وعلى شكل استهداف شخصيّ للوزير المستقيل في الاجتماعات الضيّقة لكوادر التيار، بهدف إظهار نفسه بصفة الضحيّة بدلاً من الجاني. ولقد استغرب البعض من هؤلاء الكوادر هذه الازدواجيّة في التعاطي مع الاستقالة ومع الرجل الذي كان حتى الأيام العشرة الأخيرة رقماً صعباً داخل الحكومة، ممنوعة استقالته أو إقالته ومرتبطٌ وجوده فيها بوجود رئيسها. البعض الذي استمع للجنرال بالأمس في الرابية من كوادر ومنسقين يتكلم عن نحاس صُدِم، أما البعض الآخر فلم يُفاجأ لأنه تعايش طويلاً مع سلوك نكران الأصدقاء، وقطع الحبل بهم وسط البئر، لكن الجميع ذُهلوا بحقيقة أن العلاقة بين عون ونحاس لم تكن خلافاً لحميميّتها الظاهرة إلّا قناعاً للكثير من القُطب المخفية، بحيث بدا أن الجنرال أراد إنهاء صعود الوزير الملك في التكتل قبل أن تتطور إلى ما يُمكن أن يُهدد الوريث الملك وإلّا، فما معنى أن يقول عون عن نحاس أمام عشرات المنسقين: "أتينا به بعد أنّ نفضنا الغبار عنه وهو لا شكّ (رجل متعلم)، لكنه صار بدو يشوف حالو علينا ويأخذنا إلى حيث يريد بدلاً من أن نأخذه إلى حيث نريد".

وما معنى أن يضيف: "نحاس يُشبه طائرة أسقطناها لأننا لم نُرد أن نسقط معها، فتحطمت لوحدها ونجا الرُكاب"، وما معنى أن يقول: "هذا الرجل طعننا"؟

المعنى الوحيد على ما يبدو لكلام عون هو أن نحاس بإصراره المتطرف على عدم المساومة على تحقيق العدالة الاجتماعية، شكلّ عائقاً أمام الجنرال الذي أراده أن يكون سقفاً مرتفعاً للتفاوض لتحسين شروط صفقة متكاملة مع الشركاء داخل الحكومة وليس الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف، والدليل على ذلك أن الجنرال استثمر عناد نحاس وأوصله إلى حافة الهاوية قبل أن يدعه يسقط فيها لوحده، بما يُشبِه الفخّ المنصوب مسبقاً، خصوصاً حين شجّعه على عدم التوقيع على مرسوم النقل رابطاً مصيره بمصير الحكومة، ليقوم قبل أربعة أيام من الاستقالة بتركيب صفقة متكاملة مع الرئيس نبيه بري يطمح من خلالها لنيل حصة وازنة في ملف التعيينات وفي ملف الكهرباء وفي دفن ملف المازوت الأحمر وفي غيرها من المكاسب الدسمة التي يصعب أن تُقارن بنظر الجنرال "المبدئي" بالتمسّك بوزير "مزعج" كنحاس، بات وجوده داخل التكتل تحدياً للأقربين قبل الأبعدين. ويبقى السؤال: ماذا سيكون تأثير إقالة نحاس على العماد عون وعلى جمهوره الذي انتفض مَلثوعاً من هذه الجرعة الزائدة من المبدئية، (المساومة على رأس نحاس)؟ الأرجح أن الكلام الذي بدأ يقوله عون لكوادره بحقّ نحاس، أراد منه قطع الطريق على جمهوره الذي حوّل "الوزير المُقال" إلى "أيقونة إصلاح وتغيير"، وذلك عبر استعمال أسلوب التشويه الذي يهدف من خلاله إلى إفهام مناصريه بأن نحاس ليس أفضل من الذين خرجوا سابقاً من كنف التيار، وأنه مجرد "وزير مغامر" كاد أن يُهدد المصالح العليا للتيار.

لكن ما تناساه الجنرال أنه ساهم شخصياً بصنع الأيقونة التي يجهد اليوم لتشويهها، وما تناساه أيضاً أن جمهوره لم ينسَ بعد كلامه "الطازج" الداعم لنحاس الذي سبق الصفقة المتكاملة مع الرئيس نبيه بري.

ولأنّ هؤلاء الكوادر لم ينسوا، وبالتالي لم يتقبلوا تشويه الجنرال لصورة نحاس، فإنّ البعض منهم واجه "ساكن الرابية" واتهمه بأنه وصهره يسلكان في التعامل مع التيار سلوك العصابة، وهو كلامٌ قيل بالأمس لأولِ مرة بوجه الجنرال على مسمع عشرات المنسقين والمسؤولين. وصحيحٌ أن من قالوا هذا الكلام طردوا من الرابية في الاجتماع الصاخب، لكنّ الصحيح أيضاً أن الصدع في جسم التيار الذي أحدثته المساومة على رأس نحاس لن يكون سهلاً رأبه، في ظلّ تنامي حركة الاعتراض على التفردّ والشخصنة، هذا الاعتراض الذي يهدف إلى إعادة الاعتبار للتيار الوطني كمؤسسةٍ من الصعب أنها لو كانت موجودة أن يمرّ فيها حدثٌ كاستقالة نحاس مرور الكرام.

 

القاضي "المقاوم" الذي تسلم العمل... والعين على العدل

سليم جريصاتي يلتزم "حزب الله" وسوريا!

إبرهيم حيدر/النهار

 جاهر سليم جريصاتي بأنه تبنى بعض طروحات الوزير السابق شربل نحاس، لكن عندما يكون الاستقرار عنواناً يطغى على ما عداه، فهذا أمر يتقدم على كل شيء. ومن هذا المدخل قبل توزيره بعدما طرحه العماد ميشال عون "شخصية قريبة من نحاس"، خصوصاً أنه ليس عضواً في التيار الوطني الحر.  لا يخفي وزير العمل الجديد القاضي سليم جريصاتي، أن شخصيته ليست كنحاس ولا يفكر مثله في السياسة والاقتصاد. هو يسبقه بأشواط في انخراطه في آليات الاصطفاف القائم.

يكفي ان جريصاتي، الوزير الجديد، عاصر عهد الرئيس السابق اميل لحود. ويقال انه كان قريباً من العماد عون أكثر من اللازم، لكن خياره مع وجود الجنرال في المنفى الفرنسي، توزع بين الرئيس لحود قائداً للجيش وعند الياس سكاف في زحلة، وفي العلاقة بسلطة الوصاية في لبنان، وهو كان استاذاً جامعياً قبل ان يصبح عضواً في المجلس الدستوري بين 1997 و2009.

بات اليوم وزيراً في لائحة تكتل التغيير والاصلاح. كان واضحاً في اعلان التزامه ما يقرره التكتل ورئيسه. لكنه لم يقدم الوجه الآخر، الذي يعرفه الجنرال عون، تماماً كما يعرف علاقته بالرئيس اميل لحود. وموقفه المؤيد للنظام السوري، على رغم كل ما يجري في سوريا، وعلاقته الوطيدة بـ"حزب الله" التي لا يخفيها ويعلنها من مدخل معارضته للمحكمة الدولية. لكن العماد صارحه بأنه "خيار استراتيجي من خياراته، وعرفت أن أجواء تعييني كانت إيجابية لدى الحلفاء".

لا يتعب سليم جريصاتي ولا يكل في تصويبه نحو العدل. هو كان أسرّ لأصدقائه وللحلفاء والقريبين، تفضيله وزارة العدل، لو كانت المشكلة حصلت فيها بدل العمل، بعدما كان قد أعد ملفه ومشروعه لوزارة العدل قبل تأليف الحكومة. لكن وزارة العمل التي تسلمها لا تشكو شيئاً، فلتكن عنواناً للمجاهرة بالآراء الاشكالية داخل مجلس الوزراء، ومن باب القضاء والمحكمة والأمن، ولماذا لا يكون المال أيضاً. لكن العدل هو الأساس، اذا كان "مشروع الدستور السوري الجديد قد نصّ على العديد من الأمور المهمة في سوريا وفي مقدّمها استقلالية القضاء والتعددية الحزبية". هو يشيد بالدستور الذي طرح للاستفتاء، والذي يعالج "ما سمي بمعضلة المادة الثامنة التي كانت تنصّ على احتكار حزب البعث للسلطة. وهذا ما يناسب هذه المرحلة الانتقالية الأساسية لسوريا". فمن سوريا أولاً يسلط القاضي جريصاتي الضوء على لبنان، كيف لا وهو القانوني الأجنبي الوحيد الذي شارك في اجتماعات اللجنة الاستشارية التي شكلتها الحكومة السورية لمناقشة مسودة الدستور الجديد قبل اندلاع الحوادث، رغم اصراره على ان اللجنة لم تكن تضع الدستور السوري الجديد، وان اللجنة تألفت من المستقلين، وعلى هذا الأساس دعي الى المشاركة.

عين وزير العمل الجديد، اذاً، على العدل. هو في الأصل كان مرشحاً لهذه الحقيبة، عند البحث في الأسماء قبل تشكيل الحكومة الحالية. "حزب الله" كان مؤيداً بقوّة، لكن عون ارتأى ان يكون اسم وزير العدل منتسباً الى التيار، ويستطيع التحكم في مسار حركته، ما يعني ان توزير جريصاتي للعدل، لو تم، لكان قراره في مكان آخر. اما وقد أصبحت وزارة العمل اليوم من نصيبه، فلتكن مدخلاً للتصويب نحو ملفات أخرى، أكثر اشكالية.

قبل اختيار جريصاتي بين أسماء عدة، قال قريبون للعماد ميشال عون ان القاضي غير محسوب عليك تماماً، وهو الذي يتعاون مع "حزب الله" في مواجهة المحكمة الدولية، وقدّم له الكثير من الدراسات القانونية عن المحكمة وقراراتها وإجراءاتها، وهو لا يزال ضمن فريقه القانوني. كما انه قريب جداً من الرئيس لحود ومن زحلة الياس سكاف، والأهم انه قريب من النظام في سوريا. رد عون قائلاً، هذه مشكلتي، ومن أعينه اقرر مصيره بنفسي! غامزاً من تجربة شربل نحاس مع "التيار الوطني" كوزير للاتصالات ثم العمل.

يعني ذلك أن كلاً له وظيفة بالنسبة الى الجنرال... وعندما تنتهي، لا مبرر للاستمرار في التعاون، اذا حصل تعارض في الموقف أو اختلاف. لكن اختيار جريصاتي الذي كان الأكثر وضوحاً، على ما نقل عنه في وثائق "ويكيليكس"، عند لقائه السفير جيفري فيلتمان في 2007، نجم عن قرار اتخذ بين الحلفاء، وان كانت الكلمة الأخيرة في التسمية لجنرال الرابية، رغم ما ورد في الوثيقة المؤرخة في 12 تشرين الأول 2007، قول جريصاتي، "أن ميشال عون "المجنون" لن يصوت للعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية".

والواقع أن أحداً لم يعلق على الوثيقة المصنفة من جيفري فيلمتان، ربما بسبب بعد جريصاتي عن موقع القرار، او لعدم أهميتها، كمستشار قانوني للرئيس اميل لحود، والذي قال حينها ان قائد الجيش العماد ميشال سليمان لا يزال المرشح الرئاسي المختار من "حزب الله" وسوريا. وفي الوقت نفسه اعرب عن امله في بروز مرشح توافقي حقيقي بدلا من سليمان. لكنه كان جازماً، حينذاك، أن رئيساً من 14 آذار منتخب بالاكثرية المطلقة سيحاصر ويضعف فوراً. حزب الله سيستخدم في مواجهته رجالا مثل ميشال عون وسليمان فرنجية وآخرين للسيطرة فوراً على المؤسسات في البلد"، مشدداً على "وجود خطة معدة للتنفيذ". قال: "سيعم العنف والفوضى". "ثم تدارك بسرعة ان "مدة العنف والفوضى قد تكون قصيرة الأجل، لأن 8 آذار وعون مسلحون اكثر من 14 آذار. وتهزم قوى 14 آذار بسرعة في الشارع". اللافت أن جريصاتي توقع "الا يقاتل الجيش اللبناني من اجل 14 آذار. ووسط كل هذه المشكلات التي تنتج من انتخاب بالاكثرية المطلقة يبرز مجدداً اسم ميشال سليمان المنقذ من الفوضى والعنف". وهذا قريب مما حصل بعد السابع من أيار عام 2008. يذكر العارفون والقريبون من سليم جريصاتي، انه منذ 4 سنوات، على الأقل، ما خالف قراراً لعون، وما اتخذ موقفاً قانونياً أو سياسياً متعارضاً مع توجهات حزب الله، وما تجاوز سقف الموقف الرسمي السوري. لكنه بقي أيضاً على صداقة وتحالف سياسي مع الرئيس اميل لحود، ومع الزحلي الياس سكاف. هو الوحيد من قضاة المجلس الدستوري وقف مؤيداً الطعن الذي قدمه الياس سكاف في الانتخابات النيابية العام 2009، وبات له أصدقاء في زحلة، ربما تهيئة لخوض الانتخابات النيابية في السنة 2013، اذا ما حالت التحالفات السياسية والظروف دون ذلك. ويتذكر عارفوه أيضاً كيف وقف ضد الاتفاق الأمني اللبناني الأميركي.

سيكون لسليم جريصاتي، القاضي، الذي يتمتع بمؤهلات علمية، لا أحد يختلف عليها، دور محدد في مجلس الوزراء في هذه المرحلة السياسية من تاريخ البلاد، يتجاوز وزارة العمل، الى موقعه كوزير في الدرجة الأولى، حاسماً في خياراته للموقع "المقاوم" وتأييده للنظام في سوريا، مستمراً بما أرساه سياسياً الرئيس السابق اميل لحود. هو الموثوق من قيادة حزب الله في الشأن القانوني المتعلق بالمحكمة الدولية، وهو الملتزم قرارات العماد ميشال عون، وهو الجسر أيضاً لعلاقات محددة مع سوريا، وربما قناة معينة مع النظام.

يذكر أيضاً ان الوزير جريصاتي لم ير مشكلة في ان يتقدم اللواء السيد بشكواه الشهيرة الى القضاء السوري، حين صدرت الاستنابات القضائية في حق مسؤولين لبنانيين، لسبب أن هناك كماً هائلاً من اللبنانيين يلجأ الى القضاء الفرنسي والقضاء الإنكليزي والقضاء الجزائري، والقضاء المصري، والقضاء الأردني، في معرض اعمالهم وأشغالهم، وفي معرض أحوالهم الشخصية .

لكن... الأهم ان الجنرال عون، سيقتنع بعد مدّة بأن دوره يتجاوز الوظيفة التي حدّدت لوزير العمل الجديد.

 

المسيحيون و"البعث".. مشروع "تأميم" الطائفة يقف عند أسوار بكركي

أيمن شروف/المستقبل

قد يكون حكم "البعث السوري" للبنان ما بعد العام 1990، أي زمن السلم بعد سنوات مديدة من الحرب، هو المفصل الأساسي في الحياة السياسية اللبنانية قبل خروجه العسكري عام 2005. أما كيفية الحكم، فهي قامت أساساً على عنصر تخويف الطوائف من بعضها البعض، للقول إن مرجع الجميع في دمشق، وهي الوحيدة القادرة على طمأنة هؤلاء المهجوسين والخائفين من الآخر.

وبالطبع، فإن سياسة "البعث" قامت بصلبها على تخويف المسيحيين من المسلمين، بالتالي، جعل القيادات المسيحية من قبيل الخوف على الوجود، مرتبطة عضوياً بالقيادة السورية، التي تطمئنها إلى مستقبل وجودها هذا، وتعطيها بـ"المفرّق" كي تقبض منها بالجملة. الأمثلة على تلك السياسة كثيرة، لا تبدأ ببسط اليد على قيادة الجيش آنذاك، ولا تنتهي على أسوار القصر الجمهوري، وبين اليرزة وبعبدا، آلاف المواقع المؤثرة والمتأثرة بالهاجس الوجودي. يروي أحد السياسيين البارزين على الساحة المسيحية أن "الرئيس حافظ الأسد، عرف كيف يستغلّ نقطة الضعف عند مسيحيي لبنان بعد اتفاق الطائف، فهو مهّد للقبض على الطائفة من خلال نفي قائد الجيش آنذاك ميشال عون، ومن ثمّ، وكي يستتبّ له الأمر، زجّ بقائد القوات اللبنانية سمير جعجع في السجن. فخلت له الساحة، كون ما تبقى من قيادات هي أقل تأثيراً، وفي مجملها لا مانع لديها من احتلال سلطة عن طريق سوريا، أي مستعدة للانغماس في لعبة المصالح المتبادلة".

يقول السياسي: منذ ما بعد الطائف، بدأ السوري سياسة ممنهجة مع المسيحيين كما مع المسلمين، ففرض سيطرته على كل المواقع، وتحديداً الأمنية. عند المسيحيين، أخذ منهم موقع المدير العام للأمن العام وأمن المطار، والأخطر من ذلك أنّه حوّر مواقع الفئة الثالثة بشكل مخيف، فجعل من المسيحيين غير الموالين موظفين في مديريات هامشية لا تأثير لها. ثمّ عزّز سيطرته بإقصاء المسيحيين عن وزارة الخارجية، وإعادتهم إليها من بوابة من ينتهج سياسته بحذافيرها. فضلاً عن ربط رئاسة الجمهورية بقرار دمشق، ثمّ استغلال قيادة الجيش التي وضعت نفسها عبر إميل لحود في الحضن السوري تماماً، لكي يُنشئوا سلطة جديدة مستقلّة عن السلطة السياسية ولا تخضع بالعمق لقرار قد يأتي ولا يناسب البعث".

يضيف: "سليمان فرنجية كان من أكثر السياسيين التصاقاً بالنظام السوري. أصبح لديه كتلة نيابية وازنة، فتحوّل من منظار سوري إلى رمز مسيحي أساسي، وعليه، قالوا إنهم يُعطون الطائفة الكثير. ثم على هامش صعود فرنجية، فرّخوا زعامات مناطقية في المتن والبقاع والشمال وجبل لبنان. تقصّدوا أن تكون هذه الوجوه منتمية إلى منطقة معيّنة ولها طموح زعامة منطقة ليس أكثر، وهذا الأمر أتى لتعزيز الحضور السوري في موازاة عدم السماح لهؤلاء النصف زعامات أن يتخطوا بسياستهم الحدود المرسومة لهم".

أمّا من بقوا على ولائهم لجعجع أو لعون، فقد عرف السوري كيف يتعامل معهم، وعرفت الأجهزة الأمنية كيف تلاحقهم من "زنغة" إلى "زنغة". يقول أحد الذين استُهدفوا في تلك الفترة، "في مرّة من المرّات وصلت المخابرات إلى منزل فوزي الراسي وهو كان قواتياً أيام الحرب. اعتقلوه واقتادوه إلى وزارة الدفاع، وصل إليها وهو مفارق للحياة. هذا التذكير بحسب القواتي، هو من قبيل التذكير لمن نسي أو تناسى، كيف تعاطت سلطة الوصاية مع كل من يخالفها الرأي وتحديداً على الساحة المسيحية".

إذاً، استطاع "البعث" بشقيه السوري الأصلي واللبناني "المستزلم" أن يُخضع الطائفة عبر احتكار كل مراكز قرارها داخل الدولة وخارجها. وصل الأمر إلى أن بعض المسيحيين ممّن أعطي الكثير في تلك الحقبة، أن يزايد على السوريين بانتمائه وتمسّكه بنهجهم. يقول السياسي، ويضيف: "الاتفاق الثلاثي عام 1986 الذي أبرمته الميليشيات المتقاتلة آنذاك برعايةٍ سورية مباشرة، نظر الى لبنان من منظار الطوائف المتقاتلة والأحزاب المتناحرة، وأن نهاية الاقتتال في لبنان يجب أن تُفضي الى انتقال اللبنانيين من حالة فيديرالية متقاتلة الى حالة فيديرالية متهادنة تؤمّن العيش جنباً الى جنب لطوائف مسيحية وسنية ودرزية وشيعية. وفي حال نشوء خلاف لسببٍ ما، يعود الى الراعي السوري تأمين المصالحة والتفاهم في انتظار خلافٍ آخر ووساطة سورية أخرى".

هذه المعادلة، تقول بأن "لا ملجأ للجميع كون هذا الجميع خائف من بعضه البعض، إلا بالعودة إلى السوري ليُطمئنه". يقول السياسي: "إذا سلّمنا بهذه النظرة الفيديرالية نكون ساهمنا في ترسيخ فكرة المثالثة بدلاً من المناصفة في التوازنات الداخلية وأفسحنا المجال أمام اتفاق أي ثلثين من ثلاثة لإخراج الثلث الثالث من المعادلة، وهذا واردٌ في أي لحظة وأي ظرف وطني أو إقليمي أو حتى دولي".

حصيلة هذا التسلسل، تفيد أن السوري رهن المسيحيين، ولكن ماذا عن بكركي؟  يجيب السياسي: "الكنيسة المسيحية على مرّ التاريخ، وضعت نفسها في مكان محايد عن سلطة الدولة، بمعنى أنها أوجدت لنفسها كياناً مستقلاً بعكس المؤسسات الدينيّة الأخرى، فلا وجود لكاهن موظف لدى الدولة، بل يتبع مباشرة إلى الكنيسة، وهذه الكنيسة تتعامل مع الدولة باستقلالية تامة. وهذا ما أعطى لهذه الكنيسة على مرّ التاريخ، هذا التمايز عن باقي المؤسسات الدينية". هذا في المبدأ الكنسي، أمّا في النهج، فيقول السياسي: في زمن الوصاية، كان البطريرك نصرالله صفير هو رأس الكنيسة. وهو عايش لبنان في الاستقلال الأوّل ومن ثم عام 1958 وفي الحرب. ولديه قناعة ثابتة، بأن لا مجال لتقدّم البلد من الجوانب كافة إلا بوحدة إسلامية - مسيحية تتلازم مع المطالبة بسيادة لبنان واستقلاله، وهذا الإيمان الراسخ لديه، شكّل عائقاً أمام السوري في التمدد إلى أسوار الصرح". نجح السوري في فرض سلطته. لم يستطع مع بكركي. عاد البطريرك صفير والكنيسة ليردا عليه في العام 2000 من خلال نداء المطارنة. كرّس الأوّل نظريته بتلازم مسارات السيادة والاستقلال مع الوحدة مع المسلمين. كان لقاء قرنة شهوان. انضم النائب وليد جنبلاط علناً والرئيس الشهيد رفيق الحريري بشكل غير معلن. بدأت معركة إخراج السوري. طبقّت الكنيسة قناعاتها، لتقضي على قناعات لبنانيين "تسورنوا" وسوريين حاولوا "سورنة" المسيحيين، بل كل اللبنانيين.

 

كيف حكم "البعث" سوريا ولبنان؟ حكم النظام الأسدي يقوّض الأقليات مثلما يضطهد الأكثرية

المستقبل/وسام سعادة

يتحيّر المرء تجاه الدعاية الترويجية للنظام البعثيّ، خصوصاً في هذه المرحلة، مرحلة احتضاره الدمويّ، التي تشكّل فضيحة أخلاقية كبرى للضمير العالميّ، وتظهر تعطّلاً مريعاً في آليات تطبيق القانون الدوليّ. ولئن كانت هناك إبادات جماعية تتجاوز أضعاف أضعاف ما تقترفه كتائب بشّار الأسد حاليّاً، فإنّ الجرائم الحالية تتميّز بأنّها الجرائم التي تتم بشكل متواصل لأطول فترة ممكنة على مسمع ومرأى من كوكب الأرض برمّته، بعد التطوّر الحاصل في ثورة الإتصالات والمعلومات. أما سبب التحيّر، فهو أنّ أذناب هذا النظام، سواء في سوريا أو في لبنان، يروّجون له مرة بحجّة أنّه نظام علمانيّ مستهدَف من رجعيين وسلفيين، ومرّة بحجّة أنّه نظام أقليّات تريد الأكثرية المذهبية الغاءه، ومرة بأنّه نظام مقاوم ضدّ الإمبريالية الغربية.

وفي ما عنى مزعمه كنظام "مقاوم"، يتبيّن بمجرّد متابعة مسيرته، أنّه قام بضرب حركات المقاومة العلمانية أو التقدّمية سواء في لبنان أو في فلسطين، لمصلحة تزكية حركات مقاومة متشدّدة دينياً مثل "حزب الله" و"حماس" وحركة الجهاد الإسلاميّ. وتمثّل ذلك بشكل أساسي في التحريض البعثيّ الأسديّ، على مقولة ياسر عرفات حول "القرار الوطنيّ الفلسطينيّ المستقلّ"، ومحاربة أي تطوّر كيانيّ للذات الكفاحية الفلسطينيّة، وصولاً إلى التدخّل العسكريّ المباشر ضدّ المقاومة الفلسطينية، سواء في مشاركة الجيش السوريّ الواضحة في ضرب مخيم تلّ الزعتر، أو في الحرب التي خيضت ضد مرجعية أبو عمّار الفلسطينية بتزكية الانشقاقات بعد اجتياح بيروت وبعد عودة أبو عمّار الى لبنان من طريق طرابلس، أو بالإشراف السوريّ على حرب المخيّمات.

لكن الأكثر إثارة للدهشة، هي مناداة هذا النظام بحماية الأقليّات، وأنّه الوحيد الذي يمكنه أن يؤمّن وحدة وطنيّة بين هذه الأقليّات وبين الأكثريّة، فيمنع الأخيرة من التطرّف الدينيّ، ويمنع الأقليّات من الانفصال والانعزال ومن التحوّل إلى بؤر للمدّ الاستعماريّ الغربيّ أو لتدخّلات الدول المتربّصة شّراً بالأمّة العربية.

سبب الدهشة هنا نتبيّنه لو استفهمنا عن نسبة المسيحيين في سوريا مثلاً. فقد أجرى الباحث الديموغرافي يوسف كرباج دراسة مرجعية حول النسب الديموغرافية السورية في منتصف التسعينات، وهي الدراسة الأهم التي يُحتكم اليها حتى الآن. واستند في دراسته لأرقام عام 1953، ولمعدّلات الزيادة المختلفة بحسب المناطق من يومها، لينتهي الى النسب التالية، في ما عنى التسعينات: 70% من السكان من السنة، 10.4% من العلويين، 2% دروز، 1% اسماعيليون، أما المسيحيون والذين كانت نسبتهم 13.1% في الخمسينات، فقد صارت نسبتهم في ظلّ الحكم البعثيّ، العلمانيّ، والأقلويّ، 5.4%، وهي نسبة يخفّضها الباحث سلام كواكبيّ في دراسة له عام 2006 إلى 4,7%. وطبعاً، لا يحتاج المرء الى دراسات كثيرة، ليعرف أنّ السياسة التي اتبعتها سوريا، في عهد حافظ الأسد ثم نجله بشّار في لبنان، والتي خاضت معظم مواجهاتها العسكرية مع الميليشيات المسيحية، تسبّبت أيضاً في تناقص عددهم في لبنان.

وفي الداخل السوريّ، فإنّ السياسات "الاشتراكيّة" البعثيّة، وقمع الحريّات العامّة والخاصّة، وحرمان المسيحيين من حقوقهم الثقافية، وتصويرهم بمظهر أنّهم مهدّدون إذا ما سقط النظام، وأنّهم أوّل المهدّدين من النظام ما لم يعبّروا عن إسنادهم له، كلّ ذلك يفسّر تراجع هذه النسبة. وهناك من يرغب في توسيع الدائرة، ويبحث عن مسؤولية السياسة الأمنية السوريّة في دعم مجموعات التطرّف والتكفير التي كانت تفتح لها الحدود للقتال في العراق، والتي لعبت أيضاً دوراً أساسيّاً في استهداف الوجود المسيحيّ في بلاد الرافدين أيضاً.

يكفي هذا لإظهار أنّ الطبيعة "الأقلويّة" للحكم الأسديّ لا تجعل منه "حكم أقليّات متشاركة في مواجهة الأكثريّة"، وإنّما حكم يقوّض الأقليّات الأخرى، مثلما يضطهد الأكثريّة.

أما على الصعيد السياسيّ، فهذه الأقليّات بعيدة كل البعد عن القرار. ففي ما يتعلّق بالدروز، فإن النادي المغلق للنظام أوصد الباب أمام ضبّاطهم، منذ محاولة سليم حاطوم الانقلابية الفاشلة، وجرى إبعادهم تماماً في هذا الشأن بين العامين 1966 و1970. ولعلّ أكثر من فهم طبيعة هذا النظام من الناحية الطائفية هو أولاً الفرنسي ميشال سورا، ثم الهولندي نيقولاوس فان دام.

فالعالم الاجتماعي الفرنسي ميشال سورا، المغدور به عام 1986، فهم باكراً الكيفية التي يربط فيها هذا النظام بين شعاراته المختلفة، ليوجد شرعية زائفة. هذا النظام يتغنّى مثلاً بـ"الإصلاح الزراعيّ". لكن ذلك لا يعني أنّه يمثّل "صعوداً اجتماعياً للفلاحين" في المجتمع السوريّ، إنّما "صعوداً سياسيّاً لهم"، وبالإنابة، من خلال "صعود الضبّاط الريفيين"، أي من خلال إلغاء السياسة.

لقد بيّن سورا، أن النظام البعثيّ الفئويّ يستند على هذا النوع الملفّق من "الصراع الطبقيّ" مثلاً: بدلاً من خوضه في المجتمع، يجري خوضه داخل الأجهزة الأمنية، ثم تخوضه العصبية الغالبة ضمن الأجهزة الأمنية ضد المجتمع، تحت شعار الوحدة الوطنية. لكن هذه الوحدة الوطنية تستلزم إلغاء وحدة المجتمع في الوقت نفسه. وحدة النظام هي الوحدة الوطنية المطلوبة، وهذه تتأمن ببعثرة وحدة المجتمع!

فالعسكري البعثيّ الفئويّ يقول التالي: نحن نمثّل صعود الفلاحين في المجتمع السوريّ. إذاً، الصراع ضدّنا هو لإعادة المجتمع إلى خلف، إعادته إلى الإقطاع والرجعية. لكنه يقول أيضاً: نحن ضبّاط من أصل ريفيّ أو فلاحّي، وكل من يفكّر بإقصائنا عن مناصبنا يريد إرجاعنا إلى الريف والفلاحة، ولأجل ذلك لا بدّ من سفك الدماء، وبالتالي سفكنا للدماء هو من موقع وطنيّ، وتقدّمي، وقوميّ!

ذات يوم وقف حافظ الأسد أمام "اتحاد شبيبة الثورة" ليقول: "ما زلت أذكر أيّها الطلاب الأعزاء أني في المدينة التي كنت أدرس فيها سيّرنا تظاهرة كبيرة حين علمنا أن أحد الإقطاعيين الأوغاد قتل فلاحاً وهو يجرّب بندقية الصيد". هذا هو المنطق البعثيّ الفئويّ بتمامه. الأسلحة "الاشتراكية" ثم "الممانعة" التي جرّبها "الأب" ثم "الابن" لاضطهاد الشعوب السورية والفلسطينية واللبنانية لم تكن إلا للرّد على هذا "الإقطاعيّ الوغد". وهذا يترافق مع الطبيعة "الأقلويّة" للنظام. لكنها لا تعني أبداً "تحالف أقليّات"، ففي هذا "فساد الطبخة". إنما تعني: التقسيم الفئوي للمجتمع السوريّ من ناحية، أي الحؤول دون التبادل الحقيقيّ، والمشاركة الحقيقية بين مجموعاته المختلفة، وجعلها تخاف بعضها بعضاً، ليس فقط على الصعيد المذهبيّ أو الإثنيّ، بل أيضاً، وبشكل أساسيّ على الصعيدين المناطقيّ والعشائريّ. تحكّم النظام الأقلويّ بالحسابات المناطقية كما بالحسابات العشائرية هو الذي مكّنه من البقاء مطوّلاً، رغم الانتفاضات العديدة للشعب السوريّ، سواء عام 1964، أو في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، أو في الثورة الوطنية الكبرى التي تعيشها سوريا الآن، والتي تشكّل ذروة الربيع العربيّ. الهدف الأساسيّ من كل هذه السياسات "التفتيتية" هو إذن منع تحقّق النسيج الأكثريّ السوريّ في "جسم سياسيّ منظّم أو واعٍ"، وجعل حنق الأكثرية الشعبية على النظام سبباً من أسباب استمرار النظام، والخوف منه، وليس سبباً من أسباب تحلّله أو سقوطه.

أمّا الأقليّات فلا يخطب هذا النظام ودّها، إلا في "الملمّات". فهذه الأقليّات عليها أن تبقى خائفة، وخائفة أكثر من سواها.

عليها أن تخاف أوّلاً من العصبية الفئوية الغالبة. وعليها أن تخاف ثانياً من تحقّق النسيج الأكثريّ للمجتمع السوريّ في جسم سياسيّ موحّد.

إذاً، اضطرار النظام البعثيّ في لحظة تخلّعه واحتضاره الدمويّ اليوم إلى الاستعانة بـ"تحالف الأقليّات" يأتي ليكشف طبيعته لا كنظام مبني على هكذا تحالف، بل كنظام أقلويّ، يمارس اضطهاده على الأكثرية كما على الأقليّات الأخرى، ويتفرّد حتى ضمن الأقليّة المهيمنة بإيثار نظام له طابع عائليّ، أكثر منه طابعاً مذهبيّاً، وضمن العائلة نفسها، نظام له طابع فرديّ أكثر منه طابعاً عائليّاً.

هذا النظام شبيه إذاً بالدمية الروسيّة التي تخفي دمية صغرى فأصغر منها وهكذا. هو أولاً نظام شموليّ، لحزب يقود المجتمع والدولة على رأس جبهة من الأحزاب التي يحلم كل منها بالشمولية على طريقته (حزبان شيوعيّان ستالينيان في هذه الجبهة، وحزب شيوعيّ ستالينيّ ثالث موكل تمثيل المعارضة الوطنية "الشريفة" من خارج الجبهة!!). لكن هذه الدمية تخفي دمية أخرى وهو أنّه نظام عسكريّ. البعث "العسكريّ" ألغى تماماً البعث "المدنيّ" منذ انقلاب 1963، وبشكل تام منذ 1966. ثم تأتي هذه الدميّة لتخفي دمية أخرى، وهو أنّه نظام غير قائم على تحكيم الجيش بمصائر الناس، بل على حلّ الجيش. إلغاء الجيش النظاميّ، واستبداله بعصبية مسلّحة على رأس جيش "عقائديّ". وهذه أيضاً دمية تغلّف دمية أخرى: أي أنّه نظام طائفيّ، أقلويّ. وهنا أيضاً دمية أخرى: ليست كل الأقليّات مشاركة في هذه الطبيعة الأقلويّة للنظام، بل أقلية واحدة، هي الطائفة العلويّة. لكن، وبما أنّ النظام لا يعترف بطائفيته، بل يحظّر الحديث بالطائفية، فقد جاءت هذه الطائفية ذات طبيعة سريّة أو باطنيّة، وفي المقابل فرض على الطائفة العلويّة أن تبدّل من طقوسها وشعائرها، أي أن تلغي تمايزها الدينيّ بإزاء الأكثرية كي يكون من الممكن للعائلة الأسدية أن تحكم بأفضل وضع ممكن. ووراء هذه الدمية لا يطول الأمر حتى نكتشف أنّ هناك عشيرة واحدة تحكم وليس كل الطائفة العلويّة، ثم لا يطول الأمر حتى نكتشف أنّه نظام عائلتي الأسد ومخلوف، وفي النهاية تبرز الطبيعة الفردية لرأس النظام، وهذه الطبيعة الفردية، يجري تمييعها بتحليلات كثيرة حول الأجهزة، وصراعات الأجهزة، وما الى ذلك.

وفي كتابه "الصراع على السلطة في سوريا. الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة 1961 1995"، يستعرض الهولندي نيقولاوس فان دام، الذي عمل سفيراً لبلاده في مصر، كيف كان للأقليّات الثلاث، العلوية والدرزية والإسماعيلية، دور بارز في الصراعات داخل العسكر في الستينات، وكيف حُسِمَ هذا الصراع تدريجيّاً لمصلحة الاحتكار العلويّ للسلطة ثم لمصلحة الاستئثار الأسديّ، ويشير فان دام إلى أن التمييز ضد الضباط السنّة في الجيش كان تمييزاً واعياً، ومنهجياً، وبالأخص، في مرحلة الثنائيّ صلاح جديد وحافظ الأسد، أي ابتداء من سنة 1966، ثم في مرحلة استئثار حافظ الأسد ابتداء من حكم التصحيح.

وفي تحليل فان دام، أنّ الطائفية التي فشلت كانت تلك التي فضحت نفسها بشكل علني. وهذه حال محمد عمران. يقول فان دام إنه رغم "أن جديد والأسد، شأنهما شأن عمران، قد اعتمدا بصورة واسعة على أنصارهما الشخصيين من العسكريين العلويين للاحتفاظ بمراكز سلطتهما، ومن المحتمل أنهما استفادا من الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية لتقوية مراكزهما، إلا أنهما تمتعا بقدر من الحكمة بحيث لم يعلنا عن ذلك صراحة مثلما فعل عمران".

فقد صرّح عمران "أن الفاطمية يجب أن تأخذ دورها" داعياً بصراحة الى تكتل مذهبي بين العلويين والدروز والإسماعيليين داخل الجيش، لكنه في الوقت نفسه، وربّما للسبب نفسه، أي الطائفية الصريحة أو البواحة، أي تنكيل واسع ضدّ السكّان على أساس طائفيّ. لكن هذا لم يؤّهل التعاون بينه وبين المجموعة العسكرية البعثية السنية بالجيش في الستينات والتي كان يقودها أمين الحافظ قبل إطاحة جديد والأسد به في 23 شباط 1966 من أن يكون تعاوناً ديناميكياً فعالاً، حيث يشير فان دام الى عنصر فقدان الثقة بشدّة بين عمران والحافظ، ما جعل "أي نوع من التعاون المثمر بينهما أمراً مستبعداً للغاية".

في المقابل، كان جديد والأسد بحاجة إلى التنكيل على أوسع مدى، بغية بثّ روح التفوّق لدى العصبية التي يؤسّسون لنظامها الفئويّ الشموليّ، ولأجل ذلك كان على طائفيتهم أن تكون باطنيّة. فإذا كان تصريح عمران يعادل "الطائفية العلنية يجب أن تأخذ دورها"، فإن فلسفة النظام الأسديّ تقوم على مبدأ أنّ "الأمر للطائفية الباطنيّة" التي من شروطها تحريم تسميتها كذلك، ورمي أخصامها في الوقت نفسه بأنّهم رجعيون وطائفيون.

ففي العرف البعثيّ، الأسديّ، ليس الطائفيّ هو الذي يحتكر السلطة في فئة دون غيرها، والذي يغلّب الإنماء في مناطق دون غيرها، والذي يمنع الناس من التواصل من دون خوف ومن دون علاقات تخويف وترهيب في ما بينهم، إنما الطائفيّ في هذا العرف هو من يسميّ هذه الأمور بأسمائها، ويحتجّ على ذلك، ويقول بأنّ الوحدة الوطنيّة غير محقّقة، وأنّ عليها أن تكون هدفاً للسوريين يصبون إليه.

وكان آخر حاجز يحول دون الاحتكار الأقلويّ للمجموعة العسكريّة العلويّة على الجيش، بعد انقلاب 23 شباط 1966 هو التصدّي للضباط الدروز الفاعلين فيه، وهو ما اتخذ عنوان "وضع حد للمناورات الطائفية" كما جاء في وثائق المؤتمر القطري لحزب البعث بعد هذا الانقلاب، وقصد به استهداف وتصفية الضباط الدروز الفاعلين. وهكذا كانت نتيجة المؤتمر استبعاد حمد عبيد وسليم حاطوم الدرزيين من القيادة القطرية الجديدة، مع أنهما لعبا، لا سيما حاطوم، دوراً تقنياً بارزاً في انقلاب 23 شباط، ويقول فان دام في هذا الصدد إنه "رغم أن سليم حاطوم كان له نصيب الأسد في تنفيذ انقلاب 23 شباط 1966، إلا أنه لم يُكافأ على دوره الفعال والحاسم، بل أيضاً فقد اعتباره في الحزب" وهو ما دفع به الى تنظيم تكتّل انقلابيّ لم يكن صعباً على الثنائيّ جديد والأسد الإيقاع به في آب 1966. وبعد فراره إلى عمّان، سيعقد حاطوم مؤتمراً صحافياً يصرّح فيه أن "الوضع في سوريا مهدّد بوقوع حرب أهلية نتيجة لتنمية الروح الطائفية والعشائرية التي يحكم من خلالها اللواء صلاح جديد واللواء حافظ الأسد والفئات الموجودة حولهما".

وأدّت الممارسات "العقابية" لجديد والأسد بحقّ أبناء جبل العرب إلى تدخل قائد الثورة السورية الكبرى لعام 1925، سلطان باشا الأطرش، الذي أرسل برقية مفتوحة لرئيس الأركان السوري في كانون الأول 1966، يورد فان دام نصّها: "لقد اعتاد الجبل وما يزال أن يقوم بالثورات لطرد الخائن والمستعمر، ولكن شهامته تأبى عليه أن يثور ضد أخيه ويغدر ببني قومه. لهذا الرادع الوحيد نقتصر مبدئياً على المفاوضات". وبعد استبعاد الضباط السنة، والدروز (سليم حاطوم وفهد الشاعر)، والإسماعيليين (عبد الكريم الجندي الذي أجبر على الانتحار) عن مركز القرار، لم يطل الأمر حتى حُسِمَ الصراع داخل المجموعة العلويّة، لمصلحة حافظ الأسد. وهكذا تمكّن الأسد، بما يمثّله من عشيرة متواضعة، من إقصاء كل من محمّد عمران، الذي ينتمي الى اتحاد الخياطين العشائري ضمن الطائفة النصيرية، وصلاح جديد الذي ينتمي الى اتحاد الحدادين ضمن هذه الطائفة. ولمن يرغب في تصديق أكذوبة تقدميّة النظام البعثيّ، عليه أن يقرأ كيف تقدّم مواقع الكترونية عديدة نسب الرئيس بشّار الأسد فتقول "هو الرئيس الدكتور بشار الأسد ابن القائد الخالد حافظ الأسد، بن علي بن سليمان الأسد، بن أحمد بن ابراهيم تسيّد جبال الكلبية في حينه". ثم يعاد النسب الى "شيخ التنوخيين الأمير الشيخ علي بالعامود، ابن شمس الدنيا والدين صاحب الرايات الأمير المرسل الذي استشهد في جمرزل، واسمه القاسم الكلبي الكناني المدرسي الصوفي الأمير التنوخي ابن صاحب السرايا والسجايا". ثم الى "قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرّة بن زيد بن مالك ابن الملك حمير بن سبأ مؤسس الدولة السبئية باسم مملكة سبأ "إذ جاء الهدهد من سبأ بنبأ يقين" وسبأ ابن يشجب ابن يعرب ابن قحطان".

هذا ليس بتفصيل لناحية عبادة العائلة الأبدية لنفسها، ولناحية فشلها طيلة العقود الماضية، في فرض عبادة أفرادها على الشعب السوريّ المؤمن والطيّب، الذي يواجه آلة الموت البعثية بصوت واحد: "يا الله ما لنا غيرك يا الله".

 

وزير المهجرين علاء الدين ترّو/ "لا أحد يستطيع التحكم لا بالدولة ولا بمجلس الوزراء"

 يأسف لتمادي حكم دمشق في القمع والقتل

اقليم الخروب ـ "المستقبل"/أسف وزير المهجرين علاء الدين ترّو "لتمادي حكام دمشق في القمع والقتل ضد شعب مناضل بطل يكافح من اجل حريته وديموقراطيته واستقلاله الحقيقي". ولفت الى ان البعض "لا يزال يعيش عقلية الماضي، عقلية الانتقام والكيدية في ممارسة سلطاته، او ربما يظن نفسه انه منتصر اليوم بسبب وجود عشرة وزراء في هذه الحكومة"، مشدداً على أن "لا احد يستطيع ان يتحكم، لا بمجلس الوزراء ولا بالدولة اللبنانية". وأمل ان يكون التمرد الذي حصل من الوزير شربل نحاس برفضه توقيع مرسوم بدل النقل والمنح المدرسية، عبرة لكل الوزراء في الحكومة، "لأن التمرد على مجلس الوزراء وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هي خارج اطار المنطق والدستور والمؤسسات".

كلام ترو جاء خلال تمثيله امس، رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط في الجمعية العمومية التي عقدتها "جمعية الكشاف التقدمي" لهذا العام في مبنى مهنية شحيم، وتخللها تكريم النائب الراحل نبيل البستاني.  وقال ترو: "ان جمعية الكشاف التقدمي اختارت شعارا لهذا العام، كتحية وفاء الى صديق جمعية الكشاف التقدمي وداعم مسيرتها النائب السابق الراحل نبيل البستاني، فتحية الى روح البستاني ولعائلته، فهو لم يكن نائباً عادياً مر في هذه المنطقة، بل كان شخصاً مميزاً ومتميزاً، ولم يكن صديقا للكشاف التقدمي فحسب، بل كان صديقا للكشاف التقدمي وللحزب التقدمي الاشتراكي ولكل احزاب المنطقة وانديتها وفاعلياتها ورجال دينها مسلمين ومسيحيين، ولكل انديتها ومساجدها وكنائسها".

أضاف: "في العالم العربي أنظمة تتهاوى، الواحد بعد الآخر، القتل والصواريخ والدبابات تدوس على مواطني هذه الشعوب بجيوش ربما دعمتها هذه الشعوب ومولتها من الضرائب لتكون في مواجهة اسرائيل لا من اجل تحرير فلسطين، لكن سقطت كل هذه الشعارات ونرى هذه الجيوش العربية تدوس على شعوبها وتقتلهم بسلاحهم الذي يفترض ان يحميهم. فتحية الى كل الشعوب العربية التي أسقطت حكامها في مصر واليمن وتونس، وتحية الى الشعب الذي يقتل كل يوم في حمص وحماه ودرعا وفي كل الاراضي السورية، لأننا منذ البداية كنا مع الحل السياسي ومع المبادرة العربية للازمة السورية، لكن مع الاسف تمادى حكام دمشق في القمع والقتل ضد شعب مناضل بطل يكافح من اجل حريته وديموقراطيته واستقلاله الحقيقفي. فتحية الى الشعب السوري، لأننا في الحزب التقدمي الاشتراكي لا يمكن ان نسكت على اضطهاد الشعوب العربية وقتلها، لأن كمال جنبلاط اول من نادى بحرية هذه الشعوب العربية واخراجها من السجن العربي الكبير الذي وضعته فيه هذه الانظمة".

واشار الى الانقسامات حول المحكمة والسلاح والكهرباء، والخلافات حول التعيينات والـ 8900 مليار والـ11 ملياراً، مشدداً على وجوب "ان نحتكم الى الحوار في ما بيننا كلبنانيين ونحصن وحدتنا الوطنية ونحفظ سلمنا الأهلي في هذه الظروف الصعبة، لأننا لا نأمل لا سمح الله اذا حصل اي مكروه في لبنان، ان يكون هناك لا باريس 3 ولا 4 ولا 5، لأن العالم يمر بأزمة مالية، ولن يكون هناك ايضا دعم عربي في هذه الظروف العربية الصعبة التي تعيشها هذه الانظمة".

أضاف: "علينا ان نعي هذه المرحلة، وان نحتكم الى الحوار الذي هو وحده يحمي بلدنا ويحصن مؤسساتنا، لأنه ربما البعض لا يزال يعيش عقلية الماضي، عقلية الانتقام والكيدية في ممارسة سلطاته، او ربما يظن نفسه انه منتصر اليوم بسبب وجود عشرة وزراء في هذه الحكومة، فهذا البعض اذا كان يعتقد ذلك فهو مخطئ، لأن مجلس الوزراء هو مؤسسة دستورية مستقلة، لا فرق بين ثلاثة وزراء وعشرة وزراء، بين وزير لونه برتقالي او وزير لونه احمر او ازرق او اصفر، فكلنا متساوون في مجلس الوزراء، ويجب ان نكون كذلك في ملامسة القضايا، ومواجهة المشكلات، لأن ما نسعى اليه في الحزب التقدمي الاشتراكي حول التوافق في موضوع التعيينات، وهو موضوع اساسي، لأننا لا يمكن ان نتجاهل دور رئيس الجمهورية وموقعه وحياديته وصلاحياته التي يجب ان يقوم بها جميعها في موضوع التعيينات، خصوصا التعيينات المسيحية، وايضا دور رئيس الحكومة الذي هو رئيس مجلس الوزراء ورئيس السلطة التنفيذية، في اختيار رؤساء الاجهزة الرقابية، لأن لا احد يستطيع اليوم في ظل هذه التركيبة الحالية لمجلس الوزراء ان يحصل على الثلثين الا اذا كان هناك توافق حول هذا الموضوع، فلا احد يستطيع ان يتحكم، لا بمجلس الوزراء ولا بالدولة اللبنانية".

وأكد أن "الحكومة بحاجة اليوم الى مبلغ الـ 8900 مليار، لتغطية نفقات الفرق بين الصرف على القاعدة الاثني عشرية واحتياجات الدولة الحالية، فنحن اليوم في العام 2012، كان يجب على مجلس النواب ان يوافق على الـ 8900 مليار لأنها ضرورية من اجل زيادة الاجور في القطاع العام، والصرف على المشاريع الانمائية والحياتية للمواطنين اللبنانيين، ولكن كان على المجلس ان يجري عملية تسوية قانونية منذ فترة طويلة حول الاموال التي تجبى منذ العام 2006 وحتى العام 2011 ابان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وحكومة الرئيس سعد الحريري، لأن هذه الاموال صرفت ايضا على قاعدة الاثني عشرية مع فارق احتياجات المواطنين في تلك الظروف الصعبة التي كان فيها الانقسام الحكومي حاصلا، وفي مجلس النواب ايضا. فهذه الاموال لم تهدر بل صرفت على الملف اللبناني في القرى والبلدات اللبنانية، ونحن مع تسوية هذا الموضوع، ومع صرف الـ 8900 مليار".

وقال: "في موضوع الانتكاسة الحكومية التي حصلت، ربما ظن البعض أنه اكبر من مجلس الوزراء، فأي قرار في مجلس الوزراء لا يعود الوزير المعني مسؤولا عن هذا الموضوع، هي مسؤولية مجلس الوزراء وصلاحيته، هذا التمرد الذي حصل من الوزير شربل نحاس برفضه توقيع مرسوم بدل النقل والمنح المدرسية، نتمنى ان يكون عبرة لكل الوزراء في الحكومة، لأن التمرد على مجلس الوزراء وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هي خارج اطار المنطق والدستور والمؤسسات، علنا نستطيع في المرحلة المقبلة ان نخطو خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح من اجل تحصين الوضع الحكومي والسياسي في البلد، وترك المؤسسات الدستورية تقوم بواجباتها". ثم قدم ترو درع الجمعية الى كميل البستاني شقيق نبيل البستاني ومارون البستاني الذي ألقى كلمة شكر باسم عائلة البستاني قال فيها: "الوفاء هو شيمة الكبار، وأنتم منه، الوفاء للمرحوم النائب نبيل البستاني، الرجل الذي أحب الشوف والاقليم، وأحبه الشوف والاقليم".

 

ماروني لـ "المستقبل": الحكومة مركبة بقرار سوري لالتهام الإدارة اللبنانية

المستقبل/طالب عضو كتلة "الكتائب اللبنانية" النائب إيلي ماروني بقرار حاسم لانقاذ الشعب السوري من آلة القتل والمجازر الوحشية التي يمعن النظام في ارتكابها، مشدداً على أن "لا حل سوى بالتدخل المباشر". ووصف الإستفتاء على الدستور بأنه "كذبة كبيرة".

ورأى في حديث الى "المستقبل" امس، أن "الحكومة مهمتها تقاسم الحصص وإلتهام الوطن وبالتالي كل وزير فيها هو رئيس حكومة"، معتبراً أن "لا ولادة جديدة للحكومة لأنها مركبة بطريقة عجيبة، وبقرار سوري لإلتهام الادارة اللبنانية وليس مساعدتها". وأكد أن رئيس حزب "الكتائب" الرئيس أمين الجميل "يحاول ان يكون خيط التواصل بين القيادات اللبنانية، ويسعى على الصعيد الاقليمي الى عقلنة الثورات العربية وشرعنتها، من خلال خلق شرعة وميثاق حتى لا تلتهم الثورة ابناءها، وكي يكون هناك حفاظ على الطوائف".

وهنا نص الحوار:

[ كيف تقرأون نتائج "مؤتمر أصدقاء سوريا" ومردوده على الثورة السورية؟

ـ من المبكر الحديث عن نتائج لمؤتمر تونس رغم ان العنوان يظهر بسرعة، لكن إنسحاب وفد المملكة العربية السعودية جاء نتيجة الشعور بالاحباط لعدم إتخاذ أي قرار حاسم لوقف سفك الدماء. كما رأينا أنه في اليوم الاول بعد إنتهاء مؤتمر تونس، لا يزال سفك الدماء والقتل مستمرين في سوريا، والشعب السوري يناشد الضمائر العربية والدولية موقفاً حاسماً لإنقاذه من آلة القتل. من هنا نرى ان المؤتمرات التي تقدم مساعدات عينية وغذائية، لا لزوم لها اثناء الموت والدمار، فالشعب السوري بحاجة الى قرار حاسم تجاه هذا النظام، المستمر في تعنته ومجازره الوحشية.

[ برأيكم ماذا بعد مؤتمر تونس وما هي الاوراق المتاحة أمام المجتمع الدولي والعربي للتحرك لمواجهة ما يحصل في سوريا؟

ـ لا حل سوى بالتدخل المباشر، وقد رأينا ان مهمة المراقبين العرب فشلت وأن المبادرة العربية فشلت أيضا، كما أن مؤتمر تونس فاشل سلفا، وبالتالي رأينا ان النظام السوري يستفيد من الوقت ويعتمد المناورة. وما الاستفتاء على الدستورالا كذبة كبيرة كما يقول السوريون أنفسهم. من هنا ليس هناك حل سوى التدخل المباشر لوقف القتل، لأن الانسان في عصرنا الحاضر هو ملك الانسانية وليس ملك نظامه يتحكم فيه ويقتله ويدفنه ساعة يريد.

[ الى ماذا يمكن ان تؤسس خطوة الاستفتاء على الدستور، ألا يمكن إعتبار ذلك تنفيذاً للإصلاحات التي ينادي بها المجتمع الدولي؟

ـ أي إستفتاء حتى يكون إستفتاء ناجحا ومعبّرا، يجب ألا يتم في ظل القتل والدمار والسلاح، وبالتالي علينا العودة الى الشعب السوري الذي هو المعني الاول بهذا الاستفتاء، ففي حمص وإدلب ودرعا هناك مقاطعة له. كما يجب أن نسأل هل يجري الاستفتاء في المناطق الخاضعة للنظام، وفق قواعد الحرية والديموقراطية او بالضغط والقوة؟. على كل حال، فإن العبرة في تنفيذ الاصلاحات وأولها وقف القصف والقتل، وليس الاستفتاء على الدستور لتجديد ولايتين للرئيس الحالي، في حين لا تزال أصوات المدافع تدوي في المدن السورية.

[ هناك جلسة لمجلس الوزراء اليوم من دون تعيينات، وهي الاولى بعد الازمة، برأيكم هل هناك ولادة جديدة للحكومة؟

ـ بالعكس تماما، وفي كل مرة يطرح إستحقاق ما ستكون هناك إشكالية متنقلة. (وزير العمل السابق) شربل نحاس لم يكن وحده الاشكالية، بل الاشكالية موجودة في (وزير الطاقة والمياه) جبران باسيل ووزراء آخرين، لأن هذه الحكومة مركبة بطريقة عجيبة وبقرار سوري لإلتهام الادارة اللبنانية وليس مساعدتها. هذه الحكومة مهمتها تقاسم الحصص وإلتهام الوطن وبالتالي كل وزير فيها هو رئيس حكومة.

[ هل تعتقدون أن "التسوية" التي رعاها رئيس مجلس النواب نبيه بري ستدوم؟

ـ لقد قلت سابقا، انه في كل مرة تواجه هذه الحكومة إستحقاقا ما، سيضطر رئيس مجلس النواب، عافاه الله، الى أن يقوم بمبادرة لرأب الصدع مع (رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب) العماد ميشال عون وإقناعه بحصة جديدة مقابل تنازل في مكان معين، وبالتالي سيظل الرئيس بري في حالة طوارئ كي يستطيع إرضاء مطالب العماد عون التي لن تنتهي.

[ هل تتوقعون أن تثمر الجلسة النيابية في 5 آذار المقبل، أم ستكون خالية الوفاض، كالجلستين اللتين سبقتاها؟

ـ لا اعتقد ان الامور ستمر بسهولة في حين يستمرون في التجني على فريق كبير في البلد، وما دام هناك تعنت ورفض للاعتراف بأي مشاريع قوانين محالة من حكومة الرئيس (فؤاد) السنيورة، والتي إستمرت في أصعب الظروف في وقت كان الوزراء والنواب المؤمنون بسيادة لبنان يتعرضون للقتل، وفي الوقت الذي تناقض الاكثرية نفسها وتطلب تشريع مبلغ الـ 8900 مليار ليرة من دون معرفة أين أنفقت ومن دون موازنة، في حين من المعروف أين أنفقت الـ 11 مليار دولار، وفي الوقت الذي يريدون الاستمرار في إعتبار أنفسهم القضاة ورموز الاصلاح وهم في الحقيقة رموز الفساد.

[ هل هناك محاولات لمعالجة جدية لملف الـ 11 ملياراً؟

ـ يجب ان يعالج هذا الملف الذي كان محور تباحث بين الرئيس أمين الجميل والرئيس بري. وقد اتصل الرئيس الجميل عقب هذا اللقاء بالرئيس السنيورة ووضعه في اجواء لقائه بشكل مطول. وبالتالي من المفروض ان يكون هناك حل كامل وشامل ومتكامل، وإذا كانوا يريدون محاربة أي فساد يزعمون وجوده، فليتفضلوا باللجوء الى القضاء ولتفتح كل الملفات.

[ ما هي خارطة تحرك الرئيس أمين الجميل داخليا وخارجيا؟

ـ الرئيس الجميل يحاول ان يكون خيط التواصل بين القيادات اللبنانية، ويسعى على الصعيد الاقليمي الى عقلنة الثورات العربية وشرعنتها من خلال خلق شرعة وميثاق، حتى لا تلتهم الثورة ابناءها، وكي يكون هناك حفاظ على الطوائف وعدم غلبة طائفة على اخرى. وهذا الامر كان محصلة جولاته على كل من تركيا ومصر وجولاته المرتقبة في الايام المقبلة. وعلى الصعيد اللبناني يسعى ايضاً الى ان يكون هناك نوع من مؤتمر اسلامي ـ مسيحي لانقاذ لبنان لأننا وصلنا الى مرحلة، إذا بقيت مطالب بعض القيادات تتحكم فيها الغريزة والشهوة فسنفقد وطننا. ومن هنا يتعالى الرئيس الجميل على جراحه ويتغلب على كل الحواجز الموضوعة امام الحوار، ويتواصل مع الجميع ضمن اطار ثوابت ثورة الارز وحلفه في ثورة 14 آذار، لخلق ثغرة في جدار الازمة الحاصلة بين القيادات اللبنانية.

[ هناك دعم شخصي وسياسي يحرص البطريرك بشارة الراعي دائماً على توجيهه الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، كيف تقرأون هذه المواقف؟

ـ رئيس الجمهورية يتعرض لهجمة شرسة ومحاولة تحجيم دوره خصوصا من العماد عون، ومن الطبيعي أن يقول البطريرك الراعي كلمة الحق، التي هي الى جانب رئيس الجمهورية لتمكينه من متابعة مهمته كونه مؤتمناً على الدستور والوطن والمواطن. ودور البطريرك هو حفظ المقامات وليس تدميرها كما يفعل البعض الآخر.

حاورته: باسمة عطوي

 

اوساط دبلوماسية رفيعة : النظام السوري سيعجز عن الحسم العسكري وحزب الله نصحه بالتمثل بتجربة 2005 في لبنان 

موقع 14 آذار/يجمع المتابعون على ان النظام السوري اقر بان لا مفر من حصول التبديل على مستوى السلطة والمؤسسات في سوريا وبان التحول مصير محتوم. وتقول اوساط دبلوماسية رفيعة لموقعنا ان النظام السوري يركز كل مجهوده على البقاء جزءا من عملية التحول ويحرص بكل قواه على ان يتولى هذا الامر بنفسه وعلى ان يفرض ما امكنه من شروطه في هذا الاطار. وتشير الاوساط المذكورة الى ان النظام السوري قرر ان يتورط في خيار الحسم العسكري وهو سيذهب الى نهاية المطاف في هذا المجال مهما كانت النتائج سواء لصالحه ام كارثية عليه.

وتوضح الاوساط ان حزب الله اسدى للنظام السوري نصحا بالتمثل بما اقدم عليه الحزب بعد التمديد للرئيس اميل لحود واغتيال الرئيس رفيق الحريري وصولا الى ثورة الارز فانسحاب الجيش السوري من لبنان وانبثاق اول اكثرية نيابية ضد النظام الامني. وتلفت الاوساط الى ان حزب الله سعى يومها على رغم مهرجان شكرا سوريا في 8 آذار 2005 الى حماية نفسه بكل الوسائل وقد حقق نجاحات لا يستهان بها اقلها انه خفف خسائره الى حد بعيد جدا. وترى الاوساط ان النظام السوري اخذ بهذه النصيحة فوضع قاعدة مثلثة الاضلاع تقوم على الحسم العسكري واطلاق مشروع اصلاحات تخدم غاياته من مختلف الجوانب والسعي لاقناع الجميع بانه الاقوى والاكثر شعبية في سوريا وان الغطائين الاقليمي والدولي لا يزالان يؤمنان له كل مقومات الانتصار.

وتشير الاوساط الى ان مجازر حمص تؤكد ان النظام السوري سيمضي في الحسم الى نهاية المطاف وانه قد اقنع الروس بمقدرته على تحقيق ذلك الامر الذي سيضع على طاولة المفاوضات شروطا لصالحه ولصالح حلفائه اهم بكثير مما قد يحصده المعارضون ومن ورائهم العرب والغرب. الا ان الاوساط تؤكد ان النظام السوري سيعجز عن الحسم اذ كلما طالت مدة المواجهات كلمات ارتدت مفاعيلها السلبية ضد حكام دمشق وكلما بات الحسم مستحيلا وكلما غرق النظام في الدماء وارتكاب المجازر. وبهذا تضيف الاوساط سيتسع الموقفان العربي والدولي المعارضان للنظام السوري والداعي لرحيل الرئيس بشار الاسد ومحاكمته سواء على مستوى الراي العام ام المنظمات ام الاحزاب والتيارات والحكومات والبرلمانات. وتؤكد الاوساط انه بقدر ما تطول الازمة السورية ويغرق النظام في الحسم بقدر ما سترتفع وتيرة المقاومة والانهيار الاقتصادي والعقوبات العربية والدولية ضده. وبتقدير الاوساط ان تجارب التاريخ وسلوكية الشعب السوري تظهر ان المقاومة ضد النظام ستتسع يوما بعد آخر وانها ستشمل قطاعات جديدة ومناطق سوريا اضافية وستلجا الى اساليب متنوعة حتى ان الانشقاقات في الجيش السوري ستزداد وستتعمق. واخطر ما سيواجهه النظام من جراء تشبثه بالحسم ان المعارضة ستتسلح اكثر فاكثر وان ظاهرة المواجهات العسكرية والشعبية ستمتد الى مدن عدة الامر الذي سيكرر ظاهرة حمص هنا وهناك مع استنتاج وحيد يقوم على استحالة الحسم التام وتوزع الجيش السوري وتناثره جغرافيا.

وتتساءل الاوساط عما اذا كان الروس حسبوا حساباتهم جيدا ام انهم سلموا بان النظام السوري قادر على الحسم الامر الذي سيضعهم امام حقيقة صارخة ستؤكد لهم ان الشروط التي كانوا يتوخون الوصول اليها في اي وقت كان لرسم خارطة طريق الانتقال لن يبلغوها واقعيا.

وتشير الاوساط الى ان روسيا لا تزال جبارا فقط بآلتها العسكرية الا انها عاجزة عن استخدام ذلك في اي صراع فعلي اما واقعها الاقتصادي فيضعها في المرتبة الثانية عالميا بعد البرازيل مثلا.

هذا ويتعامل الرئيس بوتين واقعيا مع اليمين الروسي ليكسب كما اضافيا من الاصوات في معركته الرئاسية الامر الذي يبرر تشدده في تاييد النظام السوري.

وبعد ان تنتهي الانتخابات الرئاسية الروسية واذا عجز النظام السوري عن الحسم العسكري تبعا للتوقعات فان المنطق السليم يعني ان الروس سيضطرون لاعادة حساباتهم واذا رفض النظام ان يقدم على توجه استراتيجي مماثل فسيزداد حرج موسكو عربيا ودوليا وقد يقلل من احتمال استخدامها للفيتو امام اي قرار في مجلس الامن يتناول الازمة السورية. وترى الاوساط ان عجز النظام السوري عن الحسم سيزيد من النقاط لصالح المعارضة في ظل تفاقم الازمات التي يعانيها الايرانيون يوما بعد آخر وهو ما سيخفف من فعالية المساعدات التي يقدمونها للسوريين. من هنا تخلص الاوساط الى ترجيح رضوخ النظام السوري لخيار اعادة حساباته وتقييمه لمساره واساليبه بدل الاستمرار في عبثية المواجهة والحسم...والا فانه سيصل الى حائط مسدود. وتؤكد الاوساط ان حزب الله يعمل بكل قوته لحماية سلاحه وواقعه بكل ابعاده وتشعباته وكانت له تجربة لا بأس بها من هذا القبيل منذ العام 2005. وبتقدير الاوساط ان حزب الله سيلجا الى خيار واضح المعالم يقوم على التهديد المستمر وتفادي الانزلاق الى المواجهة الفعلية والذهاب الى نهاية المطاف وعرقلة قيام الدولة وانطلاقة عجلة المؤسسات حماية لسلاحه ومصالحه. وترى الاوساط ان حزب الله سيعتمد اي اسلوب يحقق له ذلك باقل خسائر ممكنة وبكلفة معقولة وهو سيبدي الاهم على المهم بكل واقعية وبراغماتية. وتقول الاوساط ان حزب الله لن يغامر باي عمل في الداخل اللبناني ولن يرتكب خطأ 12 تموز 2006 ولن يقع في المحظور وصولا الى التورط مجددا في الاعمال الامنية بكل اشكالها. الا انها لا تستبعد ان يستمر السيد نصرالله بشهر اصبعه ووهج سلاحه وصواريخه.

*موقع 14 آذار

 

ترحيل الطاغية كرة ثلج تتنامى ولا أحد يبالي بمصير "البعث"!

 وسام سعادة/المستقبل

يحصل مع النظام البعثي الدموي في سوريا شيء غريب. لا يجد حلاً أمامه غير الاستهانة بالعزلة العربية والغربية والدولية التي أخذت تلتف حول رقبته. لكن لمكابرته تلك جانب آخر: هو يحسب أن الشعب السوري في عزلة، وأن كل واحد راضٍ ومشغول بهمه في هذا العالم ولا احد بصدد نجدة الشعب السوري أو دفع البلاء عنه. معادلة بشار الأسد هي اذاً "أنا لست معزولاً حدّ الاختناق طالما ان الشعب السوري معزول أمام فوهة المدفع". مدهش كيف أن النظام نفسه الذي يفسّر كل ما هو حاصل في سوريا على أنه من فعل مؤامرة خارجية، يعتمد في الوقت نفسه على رهان من نوع أن لا أحد يبالي حقيقة بالشعب السوري وثورته. يعزي بشار الاسد نفسه اذاً وفقاً للمنطق التالي: "قد يكون نظامي فقد وظائف استراتيجية حيوية كانت له الا أنه ليس لسوريا بحد ذاتها او لشعبها اي أهمية استراتيجية تؤدي الى بطاقة حمراء دولية لا رجعة فيها". يقول الديكتاتور البعثي إنه يعوِّل على الموقف الروسي. لكنه اساسا يعوِّل على طريقته في احتساب ردّ فعل الغرب على فظائعه. يطمئن نفسه بأن سوريا ليست عائمة على بحر بترول، فيقول ان لا يد عربية او دولية تحسم الوضع لمصلحة الثوار. في الاساس يعتمد هذا الديكتاتور، الذي قدّم نفسه في البدء على انه هاوي معلوماتية، على احتقار جلّ ما تحقق في الثلاثين سنة الاخيرة سواء على الصعيد الاستراتيجي من هزيمة المعسكر الشرقي في الحرب الباردة، او على الصعيد العلمي والتكنولوجي مع ثورة المعلومات والاتصالات، او على صعيد تطور القانون الدولي والوعي الاخلاقي للبشرية. كل هذا بالنسبة اليه صفّ كلام ولا يؤخر، ولا احد سيحسم المسألة لمصلحة الشعب السوري. الردّ الوحيد الذي يملكه، بالاضافة الى سفك الدماء، هو تنظيم استفتاء.

الاستفتاءات كانت عموماً جزءاً لازماً من "المسخرة" البعثية. لكن هذا الاستفتاء بالتحديد هو "المسخرة" المطلقة: النظام يقول عن نفسه إنه بدءاً من تاريخه لم يعد بعثياً بمادة دستورية، انما بعثي بمادة بعثية موصوفة. فكما كان الإلغاء المنافق لحالة الطوارئ اول المذبحة البشارية، تأتي التعددية السياسية بتعديلات دستورية يستفتى فيها شعب ينكر على ابنائه في يوم الاستفتاء نفسه الحق في الوجود الفيزيائي.

ثم انه اذا كانت تنحية حزب البعث الكرتوني عن "قيادة المجتمع والدولة" هو مطلب شعبي سوري وديموقراطي عام قبل سنة، فإن لا الشعب السوري ولا اصدقاء سوريا الثائرة يبالون كثيرا الآن بمصير هذا الحزب الذي مسخه تماما حافظ الاسد، وأتى عليه بشار الاسد، ودفعه نحو الحفرة الاخيرة سقوط البعث الصدامي، وحوّله الى محض جيفة مدوّدة هذا التزاوج الممانعاتي بينه وبين نظام ولاية الفقيه الايراني، الذي ما كان للعقيدة البعثية الاصلية ان توفّق بنقيض اكثر رجعية وعنصرية منها سواه. لهذا، يستحق الاستفتاء البعثي، "البوست بعثي"، عبارة مدرسية حاسمة: هو استفتاء "خارج عن الموضوع". فالبعث كحزب خارج عن الوجود، والنظام البعثي هو اساسا نظام جيش طائفي تقوده عصبية اهلية على رأسها عائلة يقودها أرعنهم جميعاً. الجميع، كما في الشهر الماضي، كما في بدء العد العكسي لفصل الربيع، يبالي بأمر واحد: ترحيل بشار الاسد. وايا تكن المشكلات المثارة حول اشكال دعم عملية وميدانية للثورة السورية، فان ترحيل الاسد، والتثبيت على هذا الهدف، قد أضحى كرة ثلج داخلية واقليمية ودولية تكبر وتكبر. في الوقت المستقطع، يمكن التسلّي بتنظيم انتخابات داخل حزب البعث لاختيار مرشحه لرئاسة الجمهورية السورية الجديدة!.

 

تغيُّر الوضع في سوريا يغيِّر الاصطفاف في لبنان وخلط أوراق وقلب تحالفات بين 8 و14 آذار

اميل خوري/النهار

يحاول نواب وشخصيات مسيحية إقامة "تكتل" وسط او مستقل بين كتلتين كبيرتين هما 8 و14 آذار باعتبار ان تاريخ لبنان الحديث اثبت ان القوة السياسية الثالثة او كتلة الوسط، كانت غالبا الحل، وكان بعض اركانها يصل الى المناصب العليا في الدولة لأنهم يشكلون الاعتدال، في حين ان الكتل السياسية والحزبية المتشددة، كان حظها قليلا في الوصول الى المناصب العليا ولا سيما الى رئاسة الجمهورية، والمرة الوحيدة التي جاء فيها رئيس للجمهورية من المعارضة خلفا للرئيس الشيخ بشارة الخوري كانت مع الرئيس كميل شمعون، في ظل توسع المعارضة، ولم يكن عدد اعضائها يتجاوز العشرة نواب الا ان هذا العدد على قلته، كان يمثل اكثرية شعبية ساحقة استطاعت اسقاط الرئيس بشارة الخوري في "ثورة بيضاء". وكان المرشح البارز كميل شمعون ينافس الراحل حميد فرنجيه الذي ما لبث ان انسحب من المعركة عندما فضل عدد من النواب المسلمين الرئيس شمعون عليه، لأنه كان يلقب بـ"فتى العروبة الأغر"...

وعندما باشر الرئيس شمعون تأليف اول حكومة في عهده لم يأت بوزراء من المعارضة ولا من الموالاة لأن وزارة كهذه قد لا تنال الثقة باعتبار ان الاكثرية النيابية كانت لا تزال مؤيدة للعهد السابق، فعمد الرئيس شمعون الى تشكيل حكومة مختصرة من خارج المجلس. وعندما اشتد الصراع السياسي بين من هم مع "حلف بغداد" ومن هم ضده، وتحديدا "التيار الناصري" كان لا بد للخروج من حوادث 58 من الاتفاق على انتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية لكونه حياديا او وسطيا، حتى ان غالبية نواب كتلة الرئيس شمعون صوتت له رغم الخصومة بينهما، لأن شمعون الذي يقرأ جيدا في السياسة وتحولاتها فهم ان اختيار اللواء شهاب كان نتيجة توافق بين اميركا والرئيس عبد الناصر. وعندما اخفقت محاولات التجديد للرئيس شهاب، كانت له اليد الطولى في اختيار شارل حلو خلفا باعتباره حياديا وخارج الصراعات واعتقادا منه ان عهد حلو سيكون امتدادا لعهده، وقد أيدت هذا الخيار الاكثرية النيابية بعدما اجتماعت في فندق "كارلتون". ويومها قال النائب المرحوم ادوار حنين للعميد اده: "ان ضعفك بقوتك وقوة شارل حلو بضعفه". والرئيس حلو الذي ضاق ذرعا بتدخل ما كان يعرف بـ"المكتب الثاني" في كل شاردة وواردة ولا سيما في تشكيل الحكومات ساعد في الخفاء في تكوين "الحلف الثلاثي" من شمعون والجميل واده. واكتسح مرشحو هذا الحلف المقاعد النيابية في جبل لبنان بما فيها كسروان معقل اللواء شهاب، لكن هذا الفوز لم يمكن ايا من اركان هذا الحلف من الوصول الى رئاسة الجمهورية، وذلك لاعتبارات طائفية اكثر منها سياسية، فكان ان اختار "تكتل الوسط" الذي اجتمع في منزل الرئيس صائب سلام سليمان فرنجيه مرشحا لرئاسة الجمهورية، منافسا مرشح ما كان يعرف بـ"النهج الشهابي" وهو حاكم مصرف لبنان يومذاك الياس سركيس الذي خلف في ما بعد الرئيس فرنجيه في سدة الرئاسة وقد فاز سركيس بدعم من الرئيس حافظ الأسد اذ تولت القوات السورية التي كانت موجودة في لبنان جلب عدد من النواب الى قصر منصور المقر الموقت للمجلس تحت القصف المدفعي لتأمين النصاب وانتخابه. وقد خلفه الشيخ بشير الجميل الذي كان يمثل تيارا مسيحيا كبيرا في وجه فريق يمثل اكثرية اسلامية. واعتبرت سوريا ومن معها في لبنان ان فوزه بالرئاسة يقيم حكم الغالب والمغلوب. فتم اغتياله قبل ان يكمل مسعاه لتحقيق الوحدة الداخلية، وكان من الطبيعي في ذاك الظرف العصيب ان يصير اتفاق على انتخاب الشيخ امين الجميل رئيسا للجمهورية باعتباره أكثر قبولا من المسلمين من شقيقه بشير.

وبعد ذلك اختارت سوريا التي كان لبنان يخضع لوصايتها الياس الهراوي رئيسا للجمهورية ومددت له ثلاث سنوات، وبعده اختارت العماد اميل لحود قائد الجيش رئيسا للجمهورية وجددت له ايضا ثلاث سنوات... لكي تضمن بقاء تلك الوصاية. والسؤال المطروح الآن هو: هل ينجح اي تكتل وسطي ومستقل في ايصال مرشح منه الى رئاسة الجمهورية اذا ظلت البلاد منقسمة انقساما حادا بين 8 و14 آذار؟

الجواب في رأي بعض المراقبين يتوقف على تطورات الوضع في سوريا، فإذا جاءت هذه التطورات لمصلحة قوى 14 آذار فان نتائج الانتخابات النيابية المقبلة وربما انتخابات الرئاسة الاولى قد تأتي لمصلحتها. اما اذا جاءت لمصلحة قوى 8 آذار، فقد لا تتغير تركيبة مجلس النواب المقبل عما هي عليه حاليا، أي اكثرية نيابية ضئيلة اما لقوى 8 او 14 آذار الا اذا شدت التطورات في سوريا عصب جمهور 14 آذار. اما اذا لم يحسم الوضع في سوريا واستمر حتى انتخابات 2013 فيخشى ان تختلط الاوراق بين 8 و14 آذار وتبدل التحالفات او يعود الانقسام السياسي والحزبي الى حدته بين اللبنانيين، وعندها قد يكون الحل بالعودة الى "المستقلين" او "الوسطيين" ويتكرر ما حصل سابقا في الانتخابات الرئاسية. ولا بد من الانتظار لمعرفة ما ستتمخض عنه الاوضاع المتأزمة في سوريا، ومن يخرج منها منتصرا وأي تسوية قد يتم الاتفاق عليها للخروج منها وتكون لها انعكاسات على الداخل اللبناني.

 

سوريا

 

سوريا: استفتاء على أسلوب القتل

اياد ابوشقرا/الشرق الأوسط

إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه (صالح بن عبد القدوس)

دُعي السوريون، بلا خجل، أمس إلى استفتاء دستوري على وقع القصف المدفعي والصاروخي ونداءات الاستغاثة في عشرات المدن والقرى في طول سوريا وعرضها.

بعد مجزرة متطاولة تقترب اليوم من إكمال سنتها الأولى حصدت عشرات الألوف من القتلى والجرحى، وأخذ المعدل اليومي للضحايا يتجاوز الـ100 قتيل، يتوقع الحكم في سوريا أن يأخذ السوريون أولا، والعالم ثانيا، على محمل الجد استفتاء لا يقدِّم لهم إلا تعديلا سطحيا على طريقة القمع والقتل.

قتل سريع. قتل بطيء. قتل نفسي. قتل للكرامة. قتل للأمل. قتل بسلاح «الشبيحة». قتل بسلاح جيش فئوي...

هناك خيارات كثيرة يطرحها الاستفتاء على «الدستور الجديد» المقترح، الذي يحمل – ولو عن طريق المشورة – لمسات القاضي اللبناني سليم جريصاتي، المعين بالأمس وزيرا بديلا في الحكومة التي شُكلت برئاسة نجيب ميقاتي، والتي يؤكد السيد حسن نصر الله في كل مناسبة أنها مطلوبة وضرورية بالنسبة له... مهما كان الثمن.

لمن لا يعرف جريصاتي يكفي القول إنه المستشار القانوني السابق لرئيس الجمهورية اللبناني السابق إميل لحود فيما عُرف بـ«عهد الجهاز الأمني السوري اللبناني»، وعضو «المجلس الدستوري» الذي كانت له بصمات لا ينساها اللبنانيون في تسخير القضاء للأمن. وهو راهنا المستشار القانوني الفعلي لـ«حزب الله»... والعضو الأحدث عهدا في تكتل النائب ميشال عون، الذي كان سيضم العميد فايز كرم المُدان بالاتصال بإسرائيل، فيما لو فاز كرم في الانتخابات النيابية الأخيرة.

لمسات جريصاتي القانونية على «الدستور الجديد» لسوريا، تبشرنا بالكثير عن المستقبل الذي يعد النظام السوري به شعبه الصبور البطل... آخذا في الاعتبارات آراءه في الشأن الوطني العام والخيارات الإقليمية المصيرية. ولكن لماذا نستغرب وصول مهزلة الاستخفاف بعقول الناس وكرامتهم ومصائرهم إلى هذا الحد، طالما أن عدة عوامل تشجع مختلف مستويات «شبيحة» الحكم في دمشق؟

بالأمس، تمخض جبل مؤتمر «أصدقاء سوريا» في تونس – علنا على الأقل – عن جملة من فئران التمنيات بجانب اللفتات التي لا تردع... ولا تسمن ولا تغني من جوع. وقبله وَرَد على لسان كل من الجنرال مارتن دمبسي، رئيس الأركان المشتركة الأميركية، وآلان جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي، وآندرس فوغ راسموسن، أمين عام حلف شمال الأطلسي «ناتو»، كلام أقل ما يقال فيه إنه مُحبِط... ولكن يجوز أيضا النظر إليه على أنه تواطؤي وتآمري بامتياز.

ما أسمعه وأقرأ عنه أن لدى حكومات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة مستشارين متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإنسان، متعاقدين ومتفرغين، يقدمون النصح والتقديرات لأصحاب القرار. وبناء عليه أتوقع أن لدى القيادتين في واشنطن وباريس فكرة واضحة عن نفسية الرئيس السوري بشار الأسد، وطريقة تفكيره، وطبيعة ردات فعله.. إلخ.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن كلام دمبسي قبل أيام في مقابلة تلفزيونية على قناة «سي إن إن» – أكرر في مقابلة تلفزيونية وليس في جلسة استماع في الكونغرس عليه أن يقول فيها كل ما يعرفه – أنه «من السابق لأوانه اتخاذ قرار بتزويد حركة المعارضة في سوريا بالأسلحة، لأنني أتحدى أي شخص أن يوضح لي، وبشكل لا يقبل الجدل، طبيعة المعارضة السورية في الوقت الراهن».

وقال أيضا إن أي تدخل محتمل في سوريا «سيكون صعبا للغاية، وأعتقد أن الطريق المتبع حاليا والذي يقضي بالعمل لإيجاد توافق دولي (ضد سوريا) هو الطريق الصحيح، وليس اتخاذ قرار بالتدخل من طرف واحد». ولزيادة طمأنة «شبيحة» دمشق، قال – لا فض فوه –: «سيكون خطأ كبيرا الاعتقاد بأن سوريا هي ليبيا أخرى».

جوبيه، أيضا، أدلى بدلوه قبل التوجه إلى تونس مستبعدا تماما أي حل عسكري في سوريا، وهذا مع أنه لم يكفّ منذ أشهر عن مهاجمة النظام السوري... مبشرا بأنه وصل إلى نهاية الطريق. بل إنه وجه كلاما «عنتريا» فارغا بعد مقتل المصور الفرنسي ريمي أوشليك، مع الصحافية الأميركية الشهيرة ماري كولفن، في بابا عمرو بحمص.

وطبعا مَن يتابع الأخبار، يعرف أن فوغ راسموسن، وهو رئيس وزراء يميني دنماركي كانت له مواقف غير محمودة إبان فترة حكمه تجاه الإسلام والمسلمين، كرر الكلام عن أن «الحلف لا يعتزم التدخل في سوريا حتى في حالة صدور تفويض من الأمم المتحدة لحماية المدنيين»، ودعا إلى «إيجاد حل إقليمي»، كما أشار إلى أن «الحلف عمل بموجب تفويض من الأمم المتحدة لحماية المدنيين في ليبيا، وحصل كذلك على دعم نشط من قبل دول عربية، لم يتحقق أي من هذين الشرطين في سوريا».

بصراحة لو كنتُ الرئيس السوري – بنفسيته وشخصيته – وأتمتع بالدعم الدبلوماسي والعسكري من روسيا والصين وإيران، وسمعت مثل هذا الكلام... لفعلت بالضبط ما يفعله اليوم. لارتكبت مزيدا من المجازر، ونكّلت بشعب جرت بيني وبينه أنهار من الدماء والأحقاد.

أصلا بشار الأسد ما أقام للشعب السوري وزنا في يوم من الأيام، بل حصل على الرئاسة بالوراثة وتعديل دستوري فوري «غبّ الطلب» للتعجيل بتمرير الوراثة. وهو مقتنع بأنه «الرئيس القدر» لسوريا، الذي لولاه لضاع الشعب وأبيدت الأقليات، وإذا كان لنا تصديق السيد حسن نصر الله... لانتهت المقاومة وسادت إسرائيل!

هذه بالضبط هي الرسائل التي يتلقاها اليوم بشار الأسد... ولا يُلام إطلاقا إذا فهمها كما يفهمها. إنها رسائل سكوت وتواطؤ وتشجيع ضمني على مزيد من المجازر.

لا أعتقد أن شعبا، عربيا أو غير عربي، قدّم خلال السنوات الخمسين الماضية من بطولات توازي نصف ما يقدمه رجال سوريا ونساؤها وأطفالها. ولم أر شعبا يعاني من إصرار هذا العدد من المتواطئين والمتآمرين – وكذلك المخدوعين بحقيقة نظام دمشق – على خذلانه...

ولكن، بعيدا عن العواطف أعتقد أن الصورة باتت واضحة. نظام دمشق ما عاد «سيد نفسه»، وربما فقَد السيادة على نفسه منذ انتهى حافظ الأسد «الحقيقي» خلال السنوات الأخيرة من حكمه... قبل وفاته.

هذا النظام اليوم نظام تابع لإيران، وهو مربوط ومطلوب منه أن ينفذ مشروعا فئويا تفجيريا وتقسيميا على مستوى المنطقة. وهو، بخلاف كل الأكاذيب عن العروبة والعلمانية والتحرير والممانعة والعداء لإسرائيل، يراهن على خيارين لا ثالث لهما: الأول هو الهيمنة الإيرانية المطلقة على منطقة شرق المتوسط – بموافقة إسرائيلية ضمنية – باسم حماية الأقليات، والثاني تبرير التقسيم... تحت ذريعة حماية الأقليات من هيمنة الأصولية السنّية، وهذا أيضا، برضا إسرائيل ومباركتها.

إذا كان كلام دمبسي وجوبيه وفوغ راسموسن قد قيل من قبيل التواطؤ التآمري على السوريين... فهذا هو تفسيره المنطقي. أما إذا قد جاء عن طريق الخطأ فإنه إذ ذاك خطيئة كبيرة ما كانوا مضطرين لاقترافها، يصدُق معها قول الداهية الفرنسي تاليران: «أسوأ الأخطاء هو ذلك الذي لا يكون اقترافه ضروريا».

 

رئيسة المعارضة الإسرائيلية: صمت حكومة نتنياهو عن المذابح في سوريا أمر مخجل

ممارسة القمع ضد الانتفاضة ستطرح بشكل كبير في لقاء القمة مع أوباما

الشرق الأوسط/تل أبيب: نظير مجلي

إزاء الانتقادات الواسعة في إسرائيل حول الصمت الرسمي تجاه الأحداث في سوريا والاتهامات بأن الحكومة لا تريد مهاجمة نظام الأسد بشكل مقصود، أجرى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بحثا في جلسة الحكومة، أمس، وأعلن أن «ممارسة القمع العنيف لدك الانتفاضة السورية سيكون واحدا من المواضيع الأساسية التي ستبحث في لقاء القمة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما».

وكانت رئيسة حزب «كديما» المعارض، تسيبي ليفني، قد هاجمت الحكومة على صمتها واعتبرته تصرفا غير أخلاقي، معربة عن عدم ارتياحها لهذا الصمت وعدم فهمها له.. وقالت ليفني إن «هناك مجازر ترتكب ضد المدنيين في سوريا، ولا أجد أي تفسير منطقي لصمت الحكومة عليه». وأضافت ليفني «العالم كله يغلي ويصرخ ويتحرك ويفعل شيئا، سوى أقرب جيران سوريا، نحن في إسرائيل.. نظهر عاجزين بشكل معيب». وتساءلت ليفني عن سبب هذا الصمت وإن كانت تقف وراءه أهداف سياسية معينة، داعية الحكومة إلى المشاركة في المبادرات الإنسانية التي تنظمها الأمم المتحدة من أجل مد يد العون للشعب السوري، وأيضا التنديد بصوت عالٍ ضد أعمال القتل في سوريا. وقد اضطر نتنياهو، ولأول مرة منذ اندلاع المظاهرات في سوريا قبل سنة تقريبا، إلى تناول الأحداث قائلا إنها «مذابح إجرامية ضد المواطنين الأبرياء في سوريا». من جهة ثانية، وبعد عشرات المظاهرات الاحتجاجية على ممارسات النظام السوري ضد شعبه، خرج بضع مئات من المواطنين العرب في إسرائيل بمهرجان تضامن مع نظام الأسد. وقد ترأس هذا المهرجان، عضو الكنيست السابق عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عصام مخول، الذي يمثل أقلية داخل حزبه في تأييد سوريا. وقال مخول «إن ما يجري في سوريا هو مؤامرة إرهابية صهيونية ضد قوى الصمود»، وظهر معه عدد من الناشطين في الأحزاب العربية الوطنية الأخرى، من المعارضين لمواقف أحزابهم التي تهاجم النظام السوري. وانضم إليهم عدد من أهالي الجولان السوري المحتل، الذين انقسموا هم أيضا مع وضد النظام السوري.

 

سلحوا الثوار السوريين

الشرق الأوسط/طارق الحميد/الشرق الأوسط

للمرة الثانية أكتب عن ضرورة تسليح الثوار السوريين، كتبتها في 16 فبراير (شباط) الحالي، ونكررها الآن لأن الأوضاع على الأرض في سوريا تزداد مأساوية مع وحشية قوات طاغية دمشق، وليس الهدف من التسليح الرغبة بمزيد من العنف، بل من أجل أن يدافع السوريون عن أنفسهم، وهذا حق مشروع. فما لا يتنبه له البعض، في المنطقة، أو دوليا، أن نظام الأسد إلى زوال لا محالة، وهي مسألة وقت، لكن كلفة سقوطه الآن ستكون أقل بكثير من كلفة سقوطه متأخرا، فكلما تأخر الحسم في سوريا زادت معاناة السوريين، حيث ازدياد عدد القتلى، وكذلك ازدياد فرص دخول سوريا في حالة انهيار مهولة تعيدها إلى عقود للوراء، تفوق حتى حجم التأخر الذي سببه النظام الأسدي، الأب والابن. والأهم من كل ذلك بالطبع هو تضاعف حجم المعاناة الإنسانية للسوريين، خصوصا أن عدد القتلى في ازدياد، منذ الفيتو الروسي الصيني، حيث بات عدد القتلى السوريين يوميا قرابة المائة! وبالطبع، غني عن القول بأنه لا أمل في أي إصلاح في سوريا الآن، بل إنه من غير المفهوم كيف سيقوم السوريون بالاستفتاء على الدستور المسرحية المقدم من قبل الأسد في ظل كل هذا القتل الذي تقوم به القوات الأسدية؟ بل كيف يمكن التعويل على أي حلول سياسية ولم يقدم الأسد حتى ضابطا واحدا للمحاكمة بسبب قتل المدنيين، أو حتى تدمير المساجد! ولذا فإن خيار تسليح الثوار السوريين هو الخيار الأمثل اليوم، ووفقا لما يحدث على أرض الواقع في سوريا، فتسليح الثوار سيقطع الطريق على إطالة أمد المعاناة السورية، كما أنه سيقلص فرص وصول الناس إلى حالة اليأس، وحينها لا يمكن أن نلوم السوريين لو تحالفوا مع الشيطان، وليس تنظيم القاعدة، كما أن تسليح الثوار الآن، وتعجيل فرص سقوط الأسد، سيقلص من فرص «أسلمة» الثورة السورية، أو مرحلة ما بعد الأسد، القادمة لا محالة. والأمر الآخر الذي يجب أن نتنبه إليه هو أن تسليح الثوار سيغني حتى عن فرض مناطق آمنة بتدخل خارجي الآن، علما أن التدخل الخارجي قادم كلما تأخر سقوط الأسد. ومن هنا، فبمجرد تسليح الثوار سنجد المدن السورية تسقط الواحدة تلو الأخرى من يد الطاغية، مما سيعزز فرص مزيد من الانشقاقات، عسكريا وسياسيا، وهو الأمر الذي أبطأه بالتأكيد الفيتو الروسي الصيني، الذي كان ضوءا أخضر للنظام الأسدي ليقوم بقتل السوريين. ولذا كان الأمير سعود الفيصل محقا وهو يحمّل من استخدموا ذاك الفيتو المسؤولية الأخلاقية عن مقتل السوريين. وعليه فإن تسليح الثوار يعني أننا نقف مع الشعب السوري، على عكس إيران وروسيا اللتين تقفان مع الأسد، وتسلحانه ضد شعبه. وما يجب أن نتذكره أخيرا هو أن ما يحدث في سوريا هو ثورة حقيقية يريد الأسد إخمادها بالنار والسلاح. وبالتالي، فلا يمكن ردعه إلا بالسلاح، ولذا نقول: سلحوا الثوار ولا تطيلوا حجم معاناة وإذلال السوريين، فكلما تأخر سقوط الأسد كانت الكلفة أكبر.

 

كيف نسقط نظام الأسد؟

ديفيد إغناتيوس/الشرق الأوسط

عندما سقط المزيد من الصحافيين الشجعان، الأسبوع الماضي، خلال تأريخهم لمقتل أكثر من 6.000 من أبناء الشعب السوري على يد الرئيس بشار الأسد، تعالت الأصوات المتعاطفة المطالبة بتسليح ميليشيا المعارضة المحاصرة والمعروفة باسم «الجيش السوري الحر». تدفق المزيد من الأسلحة إلى المعارضة سيحدث من دون شك، بصورة أو بأخرى، لكنه لن يقيم سوريا ديمقراطية. فربما يكون السبب الأخلاقي في تسليح الثوار قويا، لكنه لا يتغلب على المشكلات العملية، فميدان المعركة هو قوة الأسد لا ضعفه. والمسار الأفضل للتغيير الديمقراطي في سوريا يكون في مزيج من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والضغوط الأخرى التي نوقشت خلال اجتماع «أصدقاء سوريا» الذي عقد في تونس، والذي طالب أيضا بوقف إطلاق النار. التزويد السري للمعارضة بالأسلحة يتوقع أن يحافظ على بقاء المعارضة، لكن تركيا والولايات المتحدة تعارضان أي تحرك لتدخل عسكري أو فتح الدعم أمام مقاتلي الثوار.

وقد حذر أحد مسؤولي الإدارة المتشككين من أن «الشيء الوحيد الدقيق بشأن الجيش السوري الحر هو أن عناصره سوريون. لكنهم لن يتمكنوا من تحرير سوريا، كما أنهم لن يتمكنوا من تكوين جيش». ربما يبدو ذلك قاسيا، لكن نقل الأسلحة إلى المعارضة السورية في الوقت الراهن لن يزيد سوى أعداد القتلى بين المدنيين. والثوار أكثر شتاتا وأقل تنظيما وتدريبا من أن يتمكنوا من تشكيل قوة وطنية فاعلة.

ولعل الاستراتيجية الأصوب تجاه سوريا تلك التي تتعامل مع أوجه الضعف الرئيسية للأسد، والمتمثلة في الجوانب غير العسكرية.. الأول هو المال، فمن دونه لا يمكن للنظام أن ينجو. والثاني هو التوتر الطائفي الذي عززه الأسد لأنه عزز من ادعاءاته بأنه حامي الأقلية العلوية والمجتمعات المسيحية.

لماذا المال؟ لأن نظام الأسد لا يزال باقيا لأنه يملك ما يكفي من المال لدفع رواتب الجيش، ودعم الاقتصاد، على الرغم من العقوبات وتقديم المال للآلاف من الأتباع. وقد أدركت الولايات المتحدة جوانب الضعف هذه عندما فرضت عقوبات اقتصادية في أغسطس (آب)، والتي تبعتها خطوات مماثلة من الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وتركيا.

لكن آلة النقد السورية لا تزال تعمل. وعلى الرغم من العقوبات لا يزال إجمالي احتياطي البنك المركزي السوري ما يقرب من 10 مليارات دولار، أو ما يقارب ستة أشهر من الصادرات، بحسب التقديرات الأميركية. وقد انخفض هذا الاحتياطي مما يقرب من 18 مليار دولار قبل تفجر النزاع قبل عام، هو انخفاض لكنه ليس معوقا. كما ترجع أسباب استمرار النظام السوري في جزء منها أيضا إلى اعتماده على النظام المصرفي اللبناني المزدهر. وقد حذر مبعوثا إدارة أوباما بشدة الحكومة اللبنانية في نوفمبر (تشرين الثاني) من أنها لا يمكنها الاستمرار في اللعب على كلا الحبلين. فإذا ما اكتشف تورط المصارف اللبنانية في تقديم الدعم من وراء الستار لدمشق، فسوف تكون العواقب وخيمة على النظام المالي اللبناني، بحسب مصدر في وزارة الخزانة الأميركية.

المشكلة الأكثر إثارة للقلق هي روسيا التي تقدم المال والغطاء السياسي لنظام الأسد. ويأمل المسؤولون الأوروبيون في أنه عندما يمنع المصرف المركزي الأوروبي التعاملات مع البنك المركزي السوري هذا الأسبوع، فسوف يجعل ذلك من الصعب على روسيا نقل المساعدات إليه. من المؤكد أن المزيد من العقوبات ستساعد، لكن في حال عدم إصرار روسيا على الحفاظ على نظام الأسد.

وعوضا عن اتهام السلوك الروسي بأنه «مهين»، كما وصفته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في تونس، ربما تكمن الإجابة الأفضل في جعل روسيا جزءا من الحل. وهو ما يعني منح الزعيم الروسي فلاديمير بوتين دورا في وساطة الانتقال - استضافة مؤتمر في موسكو، على سبيل المثال، يجمع المعارضة السورية والجامعة العربية والأتراك. وإذا ما تمكن ذلك من إسقاط الأسد من دون حرب أهلية فربما يمثل قدرا معقولا من الواقعية السياسة. الأمر الثاني هو مسألة التوتر الطائفي، فمن بين الأسباب الأخرى لبقاء نظام الأسد خوف الطائفة العلوية والمسيحيين من حمام الدم نتيجة عمليات القتل التي ستتبع سقوط الأسد. والولايات المتحدة وحلفاؤها الرئيسيون في المنطقة، المملكة العربية السعودية وتركيا، بحاجة إلى التعامل مع هذه القضية بصورة مباشرة. ينبغي أن تكون الرسالة هي أن أيام الأسد باتت بالفعل معدودة، وأن على الأقليات الانضمام إلى السنة في التحرك نحو التغيير الديمقراطي، بتطمينات أنه في الوقت الذي يقومون فيه بذلك ستحميهم ضمانات دولية.

جماعة الإخوان المسلمين، التي برزت كأقوى صوت في الربيع العربي، ستفوز بأصدقاء جدد إذا ما تمكنت من ضم تركيا إلى رعاية حوار يضم زعماء العشائر والبطاركة المسيحيين والديمقراطيين المسلمين.

لقد كانت شجاعة الشعب السوري، والصحافيين من أمثال ماري كولفين من صحيفة «صنداي تايمز» وأنتوني شديد من صحيفة «نيويورك تايمز»، الذين لقوا حتفهم خلال تغطيتهم مقاومة الشعب السوري لدبابات الأسد ومدفعيته، مصدر إلهام للعالم. لكن لأن حياة الكثيرين على المحك، ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها صياغة عملية تجلب تغييرا ديمقراطيا لا فوضويا.

* خدمة «واشنطن بوست»

 

الاستفتاء ورقة بيد روسيا لفرض بقاء الأسد واستمرار الصراع يزيد أخطار توسّعه إلى المحيط

روزانا بومنصف/النهار

 يعتزم الرئيس السوري بشار الاسد ان يوفر لروسيا من خلال نسبة الاستفتاء على الدستور الجديد ورقة قوية في مواجهتها خصومه الدوليين والعرب دفاعا عن وجوده وبقائه في السلطة، باعتبار ان هذه النسبة وفق ما توقعت مصادر سياسية وديبلوماسية متعددة ستكون مدروسة من اجل ان تأتي مناسبة وللزعم انه لا يزال يحظى بدعم الاكثرية السورية بحيث ان المعارضة اذا وجدت لا تشكل اكثر من 10 الى 15 في المئة من الشعب السوري. هذه النقطة حاول الرئيس السوري تسويقها دفاعا عن موقعه واستمراره في السلطة خلال الاشهر الماضية من دون طائل، ولو ان هناك اقرارا دوليا بان هناك فئات كبيرة لا تزال تدعمه لكن ليس وفق النسب التي يقول، باعتبار ان عدم وقفه العنف مرتبط بمخاوفه من حجم التظاهرات التي يمكن ان تنطلق ضد بقائه متى اتيح للشعب السوري ان يعبر عن رأيه صراحة. في حين ان الاستفتاء سيتيح له ان يدعم هذا التسويق بأرقام ستساعده روسيا والصين في تثبيتها نظرا الى حاجة كل منهما للتمسك بمنطق يساعدهما في مواجة المنطق الغربي الذي يطالب برحيل الرئيس السوري، خصوصا ان هناك احراجا في تعداد الضحايا من الشعب السوري يوميا بما يترك صدى سلبيا على الصعيد العالمي والغربي ضد روسيا والصين ومصالحهما. إذ أن روسيا حضت الرئيس السوري على التعجيل في الاستفتاء وعدم المماطلة كما كان يفعل في الاشهر العشرة الماضية لانها ستحتاج الى هذا الاستفتاء وما يعتبر خطوات اصلاحية في ظل الضغوط العربية والدولية عليها خصوصا في ظل تساقط المزيد من الضحايا السوريين يوميا. هذه الورقة يفترض ان ترفعها روسيا في وجه الغرب في مجلس الامن او سواه من المنابر الدولية في سعيها من اجل ان تحفظ للرئيس السوري ونظامه موقعا اساسيا وقويا في سوريا الجديدة بعدما تحول الموقف الروسي من دعم حل لسوريا على الطريقة اليمنية غداة التصويت في مجلس الامن على الحل العربي لليمن، وفق ما كان اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من الامارات العربية آنذاك، الى حل لسوريا باستمرار الاسد في السلطة، وبضرورة ان يشكل جزءا من الحل. فايا تكن الشكوك الدولية والاقليمية في صدقية هذا الاستفتاء في ظل حصار مستمر لمدن عدة وقصف للاحياء والبلدات وقدرة النظام على اخراج النتائج التي تناسبه في ظل غياب رقابة دولية او حيادية، سيكون الاستفتاء عنصرا اضافيا من عناصر المعركة في الدفاع عن النظام ضد المطالبين برحيله اولا، ولان هذا الاستفتاء سيفيد روسيا ايضا في الدفاع عن الرئيس السوري لجهة شروعه في الاصلاح السياسي وعدم تلكؤه في ذلك على رغم ما يحصل على الارض، وفي موازاة ما يعتبره وما يسميه مواجهة للمنظمات الارهابية ويدرجه في اطار المحافظة على الاستقرار في سوريا.

وتقول المصادر المعنية ان ما كان يردده الغرب عن رفضه التدخل العسكري في سوريا باعتبار ان سوريا مختلفة عن ليبيا قد اخذ اوجها او مبررات جديدة مختلفة وقوية عن تلك التي قدمت في الاساس لعدم التعامل مع سوريا اسوة بليبيا. ذلك ان الفيتو الروسي ومعه الفيتو الصيني انما بدرجة اقل اهمية قد نقل ثورة الشعب السوري الى نقطة خلاف دولية ولم تعد مقتصرة على كونها نقطة خلاف اقليمية مرتبطة بدعم ايران للنظام السوري في مقابل معارضته من غالبية الدول العربية وتركيا. اذ ان الرئيس السوري باستخدامه الحل الامني الذي وان كان يدمر سوريا فهو نجح في ان ينقل الصراع الداخلي في بلاده وان يحوله الى محور صراع دولي واقليمي. فاستمرار هذا الحل ساهم في نقل تداعياته الى لبنان مثلا كنموذج مصغر عما يحصل في الخارج بعدما لم يعد في الامكان بالنسبة الى افرقاء فيه السكوت على ما يجري من مذابح، في مقابل تشجيع افرقاء آخرين بالحل الذي يقوم به ودعمه نتيجة للخسائر التي يمكن ان يصيبهم في حال سقط او انهار. وقد شهد الاسبوع الماضي على الاقل تطورا لهذه المواقف مع النائب وليد جنبلاط الذي اخذ خيارا واضحا بدعم مطالب الشعب السوري مدفوعا باعتبارات طائفية درزية في شكل خاص واخرى انسانية قادت تاليا الى اعتماد الخيار السياسي القاضي بضرورة تنحي الرئيس السوري. فيما دافع العماد ميشال عون عن النظام وانهائه معركة حمص وانتقاله الى مرحلة التنظيف بعد ذلك في تبن واضح لدعم "حزب الله" النظام على رغم انتقاد هؤلاء ما يقولونه عن التدخل في شؤون سوريا معيبين على من يقف مع الشعب السوري ويقدم له المساعدة الانسانية خرق ما يسمى المعاهدات الموقعة بين لبنان وسوريا.

هذا الانقسام اللبناني في الموضوع السوري يفيد النظام السوري ايضا من حيث ايحائه باستمرار قدرته على نقل الصراع في بلاده الى دول الجوار، خصوصا ان بعض ما يشهده العراق ايضا لا ينفصل عن ارتباطه بالوضع السوري من الناحية الطائفية، مما يساهم في زيادة المحاذير ازاء الخيارات التي يمكن ان تعتمد في الضغط بقوة على الرئيس السوري من اجل التنحي.

 

سياسات واشنطن تجاه سوريا وإيران تظهر «منهج أوباما»

مخاوف من خيارات عسكرية لحل مشكلات سياسية تؤرق البيت الأبيض

واشنطن: ديفيد سانغر* /الشرق الأوسط

«سلح الثوار السوريين! وأثناء ذلك زود الإسرائيليين بما يحتاجون إليه - من قنابل اختراق التحصينات وطائرات التزويد بالوقود - حتى إذا قرروا توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، حققوا هدفهم من المرة الأولى».

وكان للدعوتين صدى كبير في واشنطن خلال الأيام القليلة الماضية. ويأتي المطلب بدعم الفرص ضد الحكومة السورية، التي تحصل على الأسلحة من روسيا وإيران، من عضوي مجلس الشيوخ، جون ماكين وليندسي غراهام. ويتصاعد الحديث عن تعزيز جدية التهديد الإسرائيلي بضرب المنشآت النووية الإيرانية في دوائر كثيرة، من ضمنها دوائر مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة ومراكز الأبحاث التي تتهم إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما بأنها لم تجعل مقولة «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» تهديدا حقيقيا.

وتختلف الحسابات الاستراتيجية في الحالتين، فمن المؤكد أن التدخل الإنساني في سوريا سيصبح مرادفا للسعي إلى تغيير نظام الحكم، مثلما فعل العمل العسكري في ليبيا. وأما الجدل الدائر حول مساعدة إسرائيل في الأساس فيعود إلى خلاف بين واشنطن وإسرائيل حول الطريقة الفعالة لإضعاف فرص حصول إيران على سلاح نووي، وما إذا كان من الأنسب استخدام القنابل أم العقوبات أم العمليات السرية.

بعد الحروب في العراق وأفغانستان وليبيا، يوضح رد فعل البيت الأبيض تجاه القضيتين شروط استخدام الرئيس الحالي للقوة أو سماحه بلجوء الآخرين لاستخدام القوة. كذلك يلقي هذا الوضع الضوء على المفهوم المبهم حول «نهج أوباما»، وهو المصطلح الذي ترفضه الإدارة الأميركية.

سوريا وإيران مشكلتان مترابطتان، حيث يرى الكثير من أفراد فريق أوباما أنه لا يوجد شيء يمكنه أن يضعف قدرة إيران على إثارة المشكلات والاضطرابات في المنطقة أسرع من خسارة ملالي إيران الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يعد حليفها الوحيد في العالم العربي. والطرح الذي عادة ما يسمع داخل البيت الأبيض وخارجه هذه الأيام، هو أنه إذا حدث صدع في نظام الأسد، فستضعف قدرة إيران على تزويد حزب الله وحماس بالسلاح، كما سيقل نفوذها. وإذا كان من الممكن منع إيران من المضي في طريق امتلاك القدرة النووية ببضعة قنابل مخترقة للتحصينات، فهناك أمل في عرقلة التحدي الإيراني لتكون أكبر قوة في المنطقة. أو هكذا يقال.

عادة يصعب إنكار جاذبية فكرة تزويد طرف آخر بالسلاح والتكنولوجيا للقيام بمهمة القتال؛ لذا اخترع الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت نظام الإعارة والاستئجار لتزويد البريطانيين بالطائرات والدبابات والذخيرة عام 1941عندما كانوا مفلسين، ووقع الرئيس السابق رونالد ريغان في المشكلات في صفقة «إيران - كونترا» التي كانت تهدف إلى تسليح متمردي نيكاراغوا من خلال تزويدهم بالدعم المالي بتحويل المال المخصص لصفقة أسلحة سرية مع البلد التي تفرض عليها الولايات المتحدة العقوبات حاليا. وفي اللحظة التي تظهر فيها استطلاعات الرأي أن الدولة الأميركية اكتفت من الحروب البرية ويتحدث البيت الأبيض عن «بناء الوطن في الداخل»، هناك إغراء بتزويد الثوار والإسرائيليين بالأسلحة، وتمني الحظ السعيد لهم، وتذكيرهم بالتواصل مع البيت الأبيض في حال نجاحهم.

وقال أحد كبار المسؤولين في الأمن القومي الأسبوع الماضي: «ليت الأمر كان بهذه السهولة».

أول سؤال يطرحه مسؤولون في البيت الأبيض عن الثوار السوريين هو السؤال نفسه الذي طرحوه بشأن ليبيا منذ عشرة أشهر: من هؤلاء؟

في ليبيا، لم يزود أوباما الثوار بالأسلحة، بل اختار الانضمام إلى العمليات الجوية التي قام بها حلف شمال الأطلسي.

أما في سوريا، حيث تجاوز عدد القتلى الستة آلاف بحسب أكثر التقديرات المتاحة، فلا يوجد ما يشابه عمليات لحلف شمال الأطلسي، حتى الآن هناك فقط حديث عن تدخل محدود للمساعدة في تدبير انقلاب أو فرض منطقة آمنة للمدنيين السوريين بالقرب من الحدود التركية. لذا يبدو تزويد الثوار بالأسلحة للوهلة الأولى هو أفضل الحلول المتاحة، لكن هناك قلقا من أن حركة الاحتجاجات قد تحولت إلى «مجموعة خطيرة وغير منظمة من المقاتلين المعارضين المسلحين»، على حد وصف ستيفن هايدمان، الخبير في الشؤون السورية في «المعهد الأميركي للسلام». ويوجد كيان يسمى الجيش السوري الحر، لكنه أقرب إلى مجموعات من الميليشيات بدلا من الجيش، فبعض أفراده من القبائل، والبعض الآخر يرتبط بعلاقات إقليمية أو عرقية، ولكن ليس لديه بنية تنظيمية واضحة.

الدرس الذي يمكن تعلمه من الصراعات السابقة هو أن تزويد الأطراف الأخرى بالأسلحة قد يكون مفيدا في التخلص من نظام كريه، لكن عادة ما تستخدم الأسلحة فيما بعد في الانتقام وتسوية المصالح. وعلى سبيل المثال ساعدت الأسلحة التي تم تزويد مجاهدي أفغانستان بها في جلاء الاتحاد السوفياتي عن البلاد وصناعة فيلم عظيم هو «حرب تشارلي ويلسون»، لكن تم استخدام بعض هذه الأسلحة ضد القوات الأميركية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001. والقلق من تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة أمر مختلف تماما، فلا يوجد حليف أقرب إلى الولايات المتحدة، ويعد الجيش الإسرائيلي من أكثر الجيوش تنظيما وانضباطا حول العالم، لكن يواجه الرئيس أوباما القرار الذي واجهه الرئيس السابق جورج بوش الابن عام 2008، عندما سعى الإسرائيليون للحصول على قنابل لاختراق التحصينات وطائرات تزويد بالوقود جوا ليتمكنوا من توجيه ضربة عسكرية ناجعة ضد المواقع النووية الإيرانية.

وأثار الطلب الإسرائيلي خلافا كبيرا داخل البيت الأبيض خلال فترة إدارة بوش، حيث شجع نائب الرئيس آنذاك، ديك تشيني، إعطاء الإسرائيليين كل ما يحتاجونه، وهو الذي دعم توجيه ضربة ضد مفاعل نووي في سوريا، بحسب قوله، وهو أمر قام به الإسرائيليون عندما تردد الرئيس بوش. ولكن غالبية أفراد فريق الأمن القومي في إدارة بوش استنتجوا أنه في حال أعطيت إسرائيل التكنولوجيا، ستزداد احتمالات استخدامها لها، مما يهدد بنشوب حرب في منطقة الشرق الأوسط، وقد توصل فريق أوباما إلى النتيجة ذاتها. وقال مسؤول رفيع من فريق أوباما بعد عودة وفد برئاسة توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي الأميركي، من إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي: «يتعلق الأمر بتوجيه إسرائيل نحو خيار من المرجح أن يعرقل المشروع الإيراني دون التسبب في ضربة مضادة». وتؤكد الإدارة سرا وعلنا أن الطريقة الأكثر فاعلية هي فرض عقوبات والقيام بعمليات سرية، وهو ما يقودنا إلى منهج أوباما. حينما يتعلق الأمر باستخدام القوة، يبدو أن الأمر يختصر باعتزام أوباما اللجوء إلى القوة أحادية الجانب عندما يكون هناك تهديد مباشر للمصالح الأميركية القومية، ويعد الهجوم على مجمع (زعيم القاعدة أسامة) بن لادن من أهم الأمثلة الحية على ذلك. ولكن عندما يكون التهديد محدودا ويتعلق بدرجة أكبر بالإبقاء على نظام عالمي محدد، فإن سجل أوباما يوضح أنه يصر على إصدار قرارات من الأمم المتحدة ومشاركة الكثير من الحلفاء.

وذلك يفسر الجهود الإسرائيلية المكثفة لإثبات أنه خلال سنوات قليلة يمكن لإيران أن تملك القدرة على تصنيع صواريخ بإمكانها الوصول إلى الولايات المتحدة، فهم يريدون أن يفرضوا إيران في الحالة الأولى (من التهديد المباشر على الولايات المتحدة). ويفسر هذا أيضا تردد أوباما في خوض الانخراط في حرب أهلية في سوريا، حيث المشاهد اليومية من هناك مروعة ولكن لا يوجد تهديد مباشر للمصالح الأميركية.

*خدمة «نيويورك تايمز»