المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار 31 كانون الأول/2012

 

انجيل متّى 11/28-30/ الأحمال والقادر على حملها

"تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ . اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي ، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ ، فَتَجدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ . لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ " .

 

 

عناوين النشرة

*التنجيم والأبراج وقراءة المستقبل هي أعمال شيطانية/الياس بجاني

*الراعي في عظة الاحد: كفى التلاعب بمصير شعب ودولة ووطن! عون من بكركي: لا مانع من لقاء جنبلاط وبديل الحوار هو القتال

*جعجع التقى حسونة وشارك في احتفال

*قباني من طرابلس: مقولة أن المفتي انتقل الى الطرف الآخر اكذوبة ابليس؟ وكرامي يدعو ميقاتي الى دور أفعل تفاديا للفراغ

*بقعوني: حادث الاب سكاف لا يحمل أي خلفية سياسية او طائفية

*أوباما يوقع قانونا جديدا يهدف لمواجهة نشاطات إيران في أميركا اللاتينية

*٢٠١٣ تورط واسع لـ"حزب الله" في سوريا/علي حماده/النهار

*فخامة السفير وسعادة الوزير/احمد عياش/النهار

*"أكبر خطأ يرتكبه المسيحيون البقاء على هامش الأحداث"/جعجع: لن أكون مرشحاً تقليدياً لرئاسة الجمهورية

*لا يمكن لرئيس الجمهورية تجاهل.. تطاول أي سفير/ثريا شاهين/المستقبل

*نصر الله وعون.. شاول ويوناثان في مواجهة الثورة السورية/وسام سعادة/المستقبل

*تغيّرت قواعد الاشتباك في 2012 : عاد الاغتيال يلاحق قادة 14 آذار/إيلي الحاج

*رئيس الجمهورية " يعيّد" في سويسرا و"يطير " إليها مواطنا عاديا انتشار جديد لمئات مقاتلي "حزب الله" في حمص و"الحر" يتوعد : إسكات الأهالي عن قتلاهم بالمال

*نجيب ميقاتي: غلاف الكارثة البرّاق/ يوسف بزّي/المستقبل

*إحراجات يواجهها «حزب الله» بفعل الأزمة: النازحون وتراجع الغطاء العربي والانتخابات

*أوباما يوقع قانونا للحد من تأثير إيران في أميركا اللاتينية

*أكد أنه يهدد بخراب لبنان/عمار حوري لـ"السياسة": السفير السوري تحول إلى زعيم ميليشيا

*أشار إلى شكوك في كل تصرفات "8 آذار" / نائب "القوات اللبنانية" فادي كرم لـ"السياسة": عدم الاتفاق على قانون انتخابات يوجه ضربة قاضية للديمقراطية

*بعد تهديدات عائلات المخطوفين التسعة في حلب تركيا تحذر "حزب الله" من الاعتداء على قواتها في جنوب لبنان/حميد غريافي: السياسة

*النأي بالنفس: محكمة للقتيل.. وحكومة للقاتل بداية نهاية الجمهورية الانتقالية/جورج بكاسيني/المستقبل

*مصر/طلاب الدولة الدينية يواجهون دعاة الدولة المدنية... والأجواء ملبدة بالغيوم/المصريون متشائمون: الاستفتاء على الدستور قادنا إلى الانقسام

*أصابع الفتنة ارتفعت ثلاث مرات.. وقُطعت/فادي شامية/المستقبل

*عام "الفساد العام" في "محميّة" حزب السلاح

*2012 في عكار: عام التراجعات ومحاولات الفتنة والانتهاكات الأسدية

*الشمال والبقاع.. "حاضنة" تداعيات الأزمة السورية

*لا عودة الى الوراء في سوريا وخيارات الأسد صعبة سواء قرر البقاء أم الرحيل

*الصراع تحوّل إيديولوجياً وعلى العالم  التصدي لنشوء دولة مارقة  في منطقة ملتهبة

 

تفاصيل النشرة

 

التنجيم والأبراج وقراءة المستقبل هي أعمال شيطانية

بقلم/الياس بجاني

أعمال الرسل 19/18-20: "عندما تسود كلمة الله في حياة الناس اليوم، فسوف يمتنعون عن المشاركة في السحر، وسوف يزيلون ويدمرون جميع أشكاله في حياتهم".

تعلمنا كتب الأديان السماوية التي تعبد الإله الواحد الأحد وجوب إدانة ورفض ونبذ كل أعمال تحضير الأرواح، والوساطة، والشعوذة، والعرافة، والرقي، والأبراج، والتنجيم وقراءة الحظ والكف والمستقبل وتعتبرها كلها ممارسات إبليسية وتطالب المؤمنين أن يبتعدوا عنها ويتجنبوا كل يقوم بها لأنها التجاء لأشياء وقوى أخرى غير الله من أرواح وغيرها. وقد جاء في سفر اللاّويّين 20/27: "أي رجل أو امرأة كان مستحضر أرواح أو عرافا، فليقتل قتلا؛ وليرجموا بالحجارة".

"الأرواح المرشدة هي شياطين (كورنثوس الثانية 11/13-15): "هم رسل كذابون وعاملون مخادعون يظهرون بمظهر رسل المسيح، ولا عجب، فالشيطان نفسه يظهر بمظهر ملاك النور، فلا أقل من أن يظهر خدمه بمظهر الخدم الصالحين. هؤلاء عاقبتهم على قدر أعمالهم". والإنجيل يقول إن أرواح الموتى لا يمكنها الإتصال بنا لأن الأرواح الصالحة تنعم بملكوت الله مع البررة والقديسين في حين أن الأرواح غير المؤمنة وبسبب رفضها لله ومحبته وتعاليمه تنتهي في نار جهنم.

الشيطان يتظاهر بأنه طيب وخدوم فيقوم بإعطاء العرافين والمنجمين والسحرة وكل المشعوذين الكفرة بعض المعلومات عن أشخاص معينين لكي يقع هؤلاء في فخاخ التجربة ويبتعدوا عن الله ويقتنعوا بخدعة وشعوذة تحضير الأرواح وقراءة المستقبل مما لا يتفق مع تعاليم الكتب المقدسة. وقد جاء في رسالة القديس بطرس الأولى (05/07-10) "وألقوا كل همكم عليه وهو يعتني بكم. تيقظوا واسهروا، لأن عدوكم إبليس يجول كالأسد الزائر باحثا عن فريسة له. فاثبتوا في إيمانكم وقاوموه، عالمين أن إخوتكم المؤمنين في العالم كله يعانون الآلام ذاتها. وإله كل نعمة، الإله الذي دعاكم إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، هو الذي يجعلكم كاملين، بعدما تألمتم قليلا، ويثبتكم ويقويكم ويجعلكم راسخين".

في كثير من الأحيان يكون المنجم أو العراف ومدعي قراءة المستقبل هو نفسه مخدوعاً وواقعاً في التجربة فيسكنه الشيطان ويعمل شروره من خلاله دون أن يدرك ما يقوم به من أعمال كفر وشعوذة لا ترضي الله. من المهم في مكان أن يعرف الإنسان أن الله وهو أبيه السماوي لا يقبل له أن يلجأ لأي نوع من أنواع العرافة والشعوذة والتنجيم لأننا كبشر مخلوقين على صورته ومثاله ولا يمكننا أن ندرك ونعي إرادته في حياتنا بغير الصلاة والخضوع لمشيئته والتقيد بتعاليمه.

"وإذا كان أحد منكم تنقصه الحكمة، فليطلبها من الله ينلها، لأن الله يعطي بسخاء ولا يلوم، وليطلبها بإيمان لا ارتياب فيه، لأن الذي يرتاب يشبه موج البحر إذا لعبت به الريح فهيجته. ولا يظن أحد كهذا أنه ينال من الرب شيئا، لأنه إنسان منقسم الرأي متردد في جميع طرقه". (يعقوب 01/05-08). "لذلك أقول لكم: إسألوا تنالوا، أطلبوا تجدوا، دقـوا الباب يفتح لكم. فمن يسأل ينل، ومن يطلب يجد، ومن يدق الباب يفتح له.فأي أب منكم إذا طلب منه ابنه سمكة أعطاه بدل السمكة حية؟" (لوقا 11/09-11)

في الإسلام إن أساس التنجيم ظاهر البطلان، وما انتشر قديما إلا بين الأمم الوثنية التي كانت تقدس النجوم وتسجد لها: "ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون"  (فصلت 37). والإسلام التنجيم وكل باقي أشكال قراءة المستقبل محرمة وقد قيل، "كذب المنجمون ولو صدقوا، وقد جاء في حديث نبوي نقلاً عن صحيح مسلم: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". فإذا كان الذي يسأل العراف لا تقبل صلاته أربعين يوماً فما بالكم بالعراف نفسه؟

وفي الأديان الثلاثة، المسيحية واليهودية والإسلام كل أنواع التنجيم والعرافة محرمة وتعتبر أعمال شيطانية وبغيضة وقد جاء في سفر التثنية 18/09-14:  "لا يكن فيما بينكم من يحرق ابنه أو ابنته ذبيحة في النار، ولا من يتعاطى العرافة، ولا الشذوذ، ولا الفأل ولا السحر، ولا من يرقي رقية، ولا من يسأل جانا أو تابعة، ولا من يستشير أرواح الموتى، هذه كلها رجس عند الرب إلهكم وبسببها سيطرد أولئك الأمم من أمامكم. كونوا كاملين عند الرب إلهكم. فأولئك الأمم الذين تمتلكون أرضهم يسمعون للمشعوذين والعرافين، وأما أنتم فلا يجيز لكم الرب إلهكم مثل ذلك".

في أسفل بعض الآيات الإنجيلية من العهدين القديم والجديد التي تبين بوضوح كامل ابليسية وشعوذة وكفر كل أعمال المنجمين والعرافين والمدعين معرفة المستقبل:

اللاّويّين 20/06-09: "وكل من التفت إلى السحرة والعرافين وتبعهم في فجورهم أواجهه وأقطعه من بين شعبه. فتقدسوا وكونوا قديسين، لأني أنا الرب إلهكم. واحفظوا فرائضي واعملوا بها، أنا الرب أقدسكم. كل من لعن أباه أو أمه يقتل قتلا ودمه على رأسه".

اللاّويّين 20/27: "من كان من الرجال أو النساء ساحرا أو عرافا، يقتل رجما بالحجارة، ودمه على رأسه".

أعمال الرسل 08/09-13: "وكان في المدينة ساحر اسمه سمعان، فتن السامريين من قبل بأعمال السحر وادعى أنه رجل عظيم. فكانوا يتبعونه جميعا، من صغيرهم إلى كبيرهم، ويقولون: هذا الرجل هو قدرة الله التي ندعوها: العظيمة. وكانوا يتبعونه لأنه فتنهم بأساليب سحره من زمن طويل. فلما بشرهم فيلبس بملكوت الله واسم يسوع المسيح، آمنوا وتعمد رجالهم ونساؤهم. وآمن سمعان أيضا، فتعمد ولازم فيلبس، يرى ما يصنعه من الآيات والمعجزات العظيمة، فتأخذه الحيرة"

غلاطية 05/19-21: "وأما أعمال الجسد فهي ظاهرة: الزنى والدعارة والفجور وعبادة الأوثان والسحر والعداوة والشقاق والغيرة والغضب والدس والخصام والتحزب والحسد والسكر والعربدة وما أشبه. وأنبهكم الآن، كما نبهتكم من قبل، أن الذين يعملون هذه الأعمال لا يرثون ملكوت الله".

كولوسي 02/03-04: "فهو (الله) الذي تكمن فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة. أقول هذا لئلا يخدعكم أحد بالكلام المعسول"

كولوسي 02/06-08: "فاسلكوا في الرب يسوع المسيح كما قبلتموه، متأصلين راسخين فيه، ثابتين في الإيمان الذي تعلمتموه، شاكرين كل الشكر. وانتبهوا لئلا يسلب أحد عقولكم بالكلام الفلسفي والغرور الباطل القائم على تقاليد البشر وقوى الكون الأولية، لا على المسيح".

كورينثوس الأولى 02/10-11: "وكشفه الله لنا بالروح، لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. فمن هو الذي يعرف ما في الإنسان غير الروح التي في الإنسان؟ وكذلك ما من أحد يعرف ما في الله غير روح الله".

أعمال الرسل 13/04-12: "فأرسلهما الروح القدس، فنزلا إلى سلوكية ومنها سافرا في البحر إلى قبرص. فلما وصلا إلى سلاميس بشرا بكلام الله في مجامع اليهود، وكان يعاونهما يوحنا. فاجتازا الجزيرة كلها حتى مدينة بافوس، فوجدا فيها ساحرا يهوديا يدعي النبوة كذبا اسمه بريشوع، من حاشية سرجيوس بولس حاكم الجزيرة. وكان هذا رجلا عاقلا فدعا برنابا وشاول وطلب إليهما أن يسمع كلام الله. ولكن عليما الساحر، وهذا معنى اسمه، عارضهما وحاول أن يبعد الحاكم عن الإيمان. فامتلأ شاول، واسمه أيضا بولس، من الروح القدس، فنظر إلى الساحر وقال له: يا ابن إبليس، يا عدو كل خير، أيها الممتلئ بكل خبث وغش! أما تكف عن تعويج سبل الرب القويمة؟ ستضربك يد الرب، فتكون أعمى لا تبصر نور الشمس إلى حين. فسقطت على عينيه في الحال غشاوة سوداء، فأخذ يدور حول المكان ملتمسا من يقوده بيده. فآمن الحاكم عندما شاهد ما جرى، وأدهشه تعليم الرب".

أعمال الرسل19/18-20: "فجاء كثير من المؤمنين يعترفون ويقرون بما يمارسون من أعمال السحر. وجمع كثير من المشعوذين كتبهم وأحرقوها أمام أنظار الناس كلهم. وحسبوا ثمن هذه الكتب، فبلغ خمسين ألف قطعة من الفضة. وهكذا كان كلام الرب ينتشر ويقوى في النفوس".

رؤيا يوحنا 22/14-15: "هنيئا لمن يغسلون حللهم ليكون لهم سلطان على شجرة الحياة، وليدخلوا المدينة من أبوابها. أما الذين في خارج المدينة، (الجنة) فهؤلاء هم الكلاب والسحرة والفجار والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يكذب ويحب الكذب".

رؤيا يوحنا 21/08: "أما الجبناء وغير المؤمنين والأوغاد والقتلة والفجار والسحرة وعبدة الأوثان والكذبة جميعا، فنصيبهم في البحيرة الملتهبة بالنار والكبريت. هذا هو الموت الثاني".

اللاّويّين 19/31: "لا تلتفتوا إلى السحرة ولا تسعوا وراء العرافين فتتنجسوا بهم. أنا الرب".

الخروج 07/07-13: "وقال الرب لموسى وهرون: إذا قال لكما فرعون أريد عجيبة يأخذ هرون عصاه ويلقيها أمام فرعون لتصير حية. فدخل موسى وهرون على فرعون وفعلا كما أمر الرب. ألقى هرون عصاه أمام فرعون ورجاله فصارت حية. فدعا فرعون المنجمين والعرافين وهم سحرة مصر، فصنعوا كذلك بسحرهم. ألقى كل واحد منهم عصاه فصارت كل عصا حية عظيمة، ولكن عصا هرون ابتلعت عصيهم. فاشتد قلب فرعون قساوة حتى لا يسمع لموسى وهرون، كما قال الرب".

اشعيا 08/19-20: "فإذا قالوا لكم: أطلبوا الآيات والمعجزات من السحرة والعرافين الهامسين المتمتمين، فقولوا لهم: أما كل شعب يطلب الآيات والمعجزات من إلهه؟ من يا ترى يطلب شيئا من الأموات لأجل الأحياء؟ فاطلبوا أنتم يا تلاميذي شهادة الرب وشريعته من لا يفعل ذلك، فلا يضيء له الصبح".

دانيال 02/26-30: "فقال الملك لدانيال الذي اسمه بلطشاصر: أتقدر أنت أن تعلمني بالحلم الذي رأيته وتبين لي تفسيره؟ فأجابه دانيال: السر الذي تسأل عنه، أيها الملك، لا يقدر الحكماء ولا المجوس ولا السحرة ولا المنجمون أن يبينوه لك. لكن في السماء إلها يكشف الأسرار فأعلمك، أيها الملك نبوخذنصر، بما سيكون بعد هذه الأيام. حلمك وما تراءى لك، وأنت نائم في فراشك هو هذا: جاءتك أيها الملك، وأنت نائم في فراشك، أفكار في ما سيكون بعد هذه الأيام، والله الذي يكشف الأسرار أعلمك بسر ما سيكون. وهذا السر انكشف لي، لا لحكمة في أكثر من سائر الأحياء، ولكن لأعلمك أيها الملك بتفسير حلمك وأفكار قلبك".

الملوك الثاني 17/17 و18: "وأحرقوا له بنيهم وبناتهم في النار، وتعاطوا العرافة والسحر، وباعوا أنفسهم لفعل الشر في نظر الرب فأغاظوه. فغضب الرب جدا على بني إسرائيل ونفاهم من أمام وجهه، ولم يبق منهم إلا سبط يهوذا".

الملوك الأول  08/39-40: "فاسمع من السماء، من مقامك، واغفر وأعن مجازيا كل واحد بحسب عمله ومعرفتك ما في قلبه، لأنك أنت وحدك تعرف قلوب جميع بني البشر، ليخافوك كل أيام حياتهم على هذه الأرض التي أعطيتها لآبائنا".

في الخلاصة إن كل الذين يمارسون أعمال التنجيم والعرافة والرقي وقراءة المستقبل بكل أشكالها وتفرعاتها هم يخالفون تعاليم الأديان السماوية ويتحدون إرادة الله ويرضون أن يكونوا أداة للشيطان وعبيداَ لإرادة الخطيئة والكفر والجحود. : كما أن من يصدق هؤلاء ويسوّق لإعمالهم الشيطانية فهو شريك لهم ومعهم في كفرهم وارتكاباتهم والذنوب.

 

الراعي في عظة الاحد:كفى التلاعب بمصير شعب ودولة ووطن! عون من بكركي: لا مانع من لقاء جنبلاط وبديل الحوار هو القتال

كفى التلاعب بمصير شعب ودولة ووطن! كفى الخوف من التلاقي والتحاور بصدق وتجرد وشفافية! كفى التمادي في الفساد والسرقة وهدر المال العام وإفقار الشعب وإنهاك البلاد في التقهقر الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والانمائي

وطنية - إستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في التاسعة والربع من صباح اليوم رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، وعقد خلوة معه استمرت قرابة النصف ساعة، قال بعدها العماد عون:" الزيارة لتهنئة غبطته بالأعياد، وتم البحث في الامور العامة وطبعا في مثل كل مرة كنا متفقين وآراؤنا متطابقة حول الامور الاساسية في البلد، لكن الآن نتحفظ الاعلان عن هذه الامور حتى تعلن في حينها. واعتقد ان هذا خبر مفرح وبما أننا في فترة الاعياد أعيد الشعب اللبناني واتمنى ان تكون سنة 2013 سنة خير على لبنان خصوصا وان الله منحنا ثروة النفط وهي أعظم حدث اقتصادي في فجر التاريخ، وآمل أن تكون هذه الثروة الاقتصادية لمصلحة اللبنانيين والاستقرار، لان الارادة الدولية التي لها مصالح في هذه الثروة لديها مصلحة أن تساعد في فرض الاستقرار في لبنان".

وردا على سؤال حول مقاطعة فريق 14 آذار للحوار، قال:"المهم أن تتفق الاكثرية على حل معين ونحن مستعدون بعدها لمفاوضة الآخرين".

وعن إحتمال عقد لقاء مسيحي في بكركي، قال:" نتمنى أن يحصل، وبالنسبة لي أنا مستعد للقاء أي كان لايجاد حل، لأن الحل يحصل بالحوار وليس بالمقاطعة، والحوار هو بين أناس مختلفين وليس بين الاحباء. لذلك على المختلفين أن يتحاوروا لايجاد الحل وإلا لا حاجة للحوار".

وعن إمكانية لقائه مع جنبلاط، قال:" لا مانع، وعندما تدعو الحاجة بالطبع نلتقي معه ومع غيره، وعندما تكون هناك أزمة وطنية يلتقي المعارضون والموالون لايجاد حل والتمنع خطأ جسيم بحق الوطن".

وردا على سؤال عن بديل للحوار، قال:"القتال".

بعدها، توجه عون الى كنيسة الصرح حيث شارك في قداس الاحد الذي ترأسه الراعي وعاونه فيه المطارنة بولس صياح، حنا علوان، ناصر الجميل وجوزيف معوض ولفيف من الآباء.

وحضره أعضاء تكتل "التغيير والاصلاح" الوزيران فادي عبود وشكيب قرطباوي، والنواب: جيلبيرت زوين، ابراهيم كنعان، ناجي غاريوس، سيمون أبي رميا، اميل رحمة، نبيل نقولا، ميشال الحلو، آلان عون، يوسف خليل، نعمة الله ابي نصر، فريد الخازن، وليد خوري وحكمت ديب، الهيئات الاقتصادية في "التيار الوطني الحر" والمنسقين ، منسق العلاقات بين التيار والصرح البطريركي غابي جبرايل، كما حضرت قائمقام جبيل نجوى سويدان وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

العظة

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان:" صعد أبوا يسوع كالعادة الى أورشليم في عيد الفصح والصبي يسوع معهما" قال فيها:"تحتفل الكنيسة في هذا الأحد الأوّل بعد الميلاد بعيد العائلة المقدسة في الناصرة، التي تربى فيها يسوع - الإنسان بعناية ومثَل يوسف أبيه الشرعي بالتبني، ومريم العذراء أمه بالجسد. إعتادت هذه العائلة، المميزة بالتقوى ومخافة الله، على حفظ الشريعة الإلهية والقيام بالزيارة التقوية الى أورشليم كلَ سنة بمناسبة عيد الفصح. ولما كان يسوع ابن اثنتي عشرة سنة، "صعد مع أبويه كالعادة في عيد الفصح الى اورشليم". وهناك صارت حادثة ضياعه ووجوده في الهيكل. إنَ الحدث بجملته يحمل دلالات روحية متنوعة تشكل تأملنا اليو"م.

أضاف:" نود أولا أن نرحب بكم جميعا، وبنوع خاص بدولة الرئيس النائب العماد ميشال عون وأصحاب المعالي الوزراء والسعادة النواب، والمسؤولين في التيار الوطني الحر، وبكل العائلات الموجودة معنا اليوم. إننا نهنئكم، ومن خلالكم كل عائلاتنا، حيثما وجدت، بعيد العائلة المقدسة، شفيعة عائلاتنا المسيحية، المدعوة لتحقق رسالتها "ككنيسة بيتية تنقل الايمان المسيحي وتعلم الصلاة، وكمدرسة طبيعية أولى تربي على القيم الأخلاقية والاجتماعية والوطنية، وكخلية حية تعطي المجتمع إنسانا جديدا مهيأ للحياة فيه بأبعاده الاجتماعية والوطنية". هذا ما تعلمه الكنيسة باستمرار".

وتابع:" نفهم من زيارة عائلة الناصرة التقوية كل سنة في عيد الفصح إلى أورشليم، وفقا للشريعة الدينية، أن شعب الله في مسيرة حج نحوه، عبر التاريخ أولا، بالإيمان والصلاة، حتى بلوغه النهيوي الأخير بالمشاهدة السعيدة. تندرج العائلة في هذه المسيرة، وتستمد هويتها ووحدتها ورسالتها من لقائها بالله في هيكله الأرضي، وهو كنيسة الرعية التي تنتمي إليها كل عائلة. ترانا تجاه هذا الواقع أمام واجب تعزيز راعوية الزواج والعائلة في أبرشياتنا ورعايانا، وبخاصة عبر المنظمات والحركات المعنية بالعائلة، وعبر مراكز التحضير للزواج، ومراكز الاصغاء والمواكبة للأزواج والعائلات في تجاوز الصعوبات الزوجية والعائلية، وعبر لجان العائلة والحياة في الأبرشيات، وسائر النشاطات الروحية والتثقيفية التي تعزز روحانية الأزواج والحياة العائلية".

وقال:"إن الزيارة التقوية التي قامت بها العائلة المقدسة إلى أورشليم في عيد الفصح القديم، وما رافقها من أحداث قد أعطت ملامح فصح المسيح الجديد.فضياع يسوع، بانفصاله عن أبويه من دون علمهما، دشن بعدا جديدا في علاقة الإنسان بالله، كابن له ولد من الماء والروح ولادة جديدة، كثمرة لفصح المسيح أي موته وقيامته، وعبوره بالبشرية إلى حياة جديدة. وبجوابه لأمه: "ألا تعلمان أنه ينبغي أن أكون في ما هو لأبي؟"(لو2: 49)، علمنا يسوع حرية جديدة هي حرية أبناء الله الذين يعيشون في اتحاد كلي مع إرادة الآب، ويبلغون، عبر هذا الاتحاد، إلى كمال الحرية البشرية. فليست الحرية تفلتا من أي رباط، بل إن الحرية الحقيقية هي ملء الطاعة لله".

وتابع:" هذه الطاعة لله هي في أساس الطاعة لكل سلطة بشرية تأمر بالحق والخير والعدل والجمال، أكانت سلطة والدية في العائلة، أم دينية في الكنيسة، أم مدنية في المجتمع والدولة. وفي الواقع، بعد إعلان يسوع طاعته الكاملة لأبيه السماوي، "نزل مع والديه إلى الناصرة، وكان مطيعا لهما". وبفضل طاعته هذه لله الآب ولأبويه الأرضيين، "كان يسوع الصبي ينمو بالقامة والحكمة والنعمة عند الله والناس"(لو2: 52)".

أضاف:" أما الأيام الثلاثة، التي اختفى فيها يسوع عن نظر والديه، والتي كانت لهما سبب قلق وتوجع كبيرين، فقد استبقت الأيام الثلاثة بين الصلب والقيامة التي حجبت يسوع عن أنظار البشر في قبر مختوم بحجر كبير، وسببت ألما وقلقا كبيرين في مريم والتلاميذ ومحبي يسوع الكثر. كما بدأت هذه الأيام الثلاثة بتحقيق نبوءة سمعان الشيخ لمريم، عند تقدمة الطفل يسوع لله في الهيكل بعد ميلاده بأربعين يوما، إذ قال لأمه متنبئا: "ها إن هذا الطفل قد جعل لسقوط ونهوض الكثيرين وآية للخصام. وأنت أيضا سيجوز في نفسك سيف، فتنجلي خفايا قلوب كثيرة"(لو2: 34-35).

هذا يعلمنا أن مريم أصبحت، بآلامها مع يسوع، شريكة الفداء، وأمنا بالنعمة، ويعلمنا أن المسيح، بآلامه وموته على الصليب، أعطى معنى جديدا للألم البشري. فبآلامنا نصبح على صورة المسيح الفادي، وشركاء معه في عمل الفداء. ويعلمنا أخيرا أن آلامنا على تنوعها، الحسية والروحية والمعنوية، أصبحت بالمسيح آلام مخاض، إذ يولد منها كيان جديد. فمن موت المسيح وقيامته ولدت الكنيسة، البشرية الجديدة. ومن آلام مريم تحت الصليب تكونت أمومتها للمسيح الكلي الذي هو الكنيسة، ولكل إنسان، وقد تمثل بشخص يوحنا الحبيب، عندما قال يسوع لأمه: "يا امرأة، هذا ابنك!" وللتلميذ: "هذه أمك"(يو19: 26-27).

وتابع:" عدم فهم جواب يسوع من قبل يوسف ومريم وحفظه في القلب (راجع لو2: 50-51)، يدلنا إلى أن كلمة يسوع كبيرة علينا كما كانت كبيرة على يوسف ومريم. ما يعني أن إيماننا هو "سير في الطريق" ويمر أغلب الأحيان في الظلمة، ولكنه مدعو ومرشح لينضج. لم تفهم مريم كلمة يسوع، لكنها حفظتها في قلبها، تتأمل فيها حتى تصل شيئا فشيئا إلى نضجها.

كلمات يسوع في الإنجيل هي دائما أكبر من تفكيرنا. وتتجاوز بكثير عقلنا. فلا يجوز تحجيمها والتلاعب بها، لكي نجعلها على قياسنا. ينبغي أن نحترم بتواضع عظمتها مع مقتضياتها. فالإيمان يعني الخضوع لهذه العظمة والنمو خطوة خطوة نحوها. مريم تشكل المثال في هذا الإيمان، وصورة الكنيسة التي، مثل مريم، تحفظ الكلمة الإلهية في قلبها وتنقلها إلى كل إنسان(راجع كتاب البابا بندكتوس السادس عشر: طفولة يسوع، صفحة 173-181)".

وقال:" هو اليوم عيد العائلة المقدسة ننطلق منها كأساس للعائلة المسيحية بما تنطوي عليه من هوية ورسالة، لنبني عائلتنا الاجتماعية والوطنية. لا يمكن أن تبنى العائلة الدموية والعائلة الاجتماعية والوطنية إلا على كلمة الله التي تجعلنا في حالة طاعة لها في كل ما توحيه لنا عبر ظروف حياتنا اليومية وأحداثها. إذا لم نقرأ هذه الأحداث والظروف العائلية والاجتماعية والوطنية، في ضوء كلمة الله، نبقى أسرى عتيقنا في النظرة والموقف والحكم على الأمور. فلا بد من ان نقرأ معا أزمات الحياة على مستوى العائلة والمجتمع والوطن، بصلاة وتأملٍ وحوار، وبتبادل وجهات النظر ونوعية القراءة. إن الأحكام المسبقة، والتوقف عند الموقف القديم والنظرة القديمة، تجعلنا في حالة أسر محكم، كالذين هم وراء قضبان الحديد في السجن".

وتابع:" نحن في اليوم ما قبل الأخير من سنة 2012. فلنطو مع آخر ساعاتها كل السلبيات، ولننفتح على الجديد الذي تدشنه نعمة الميلاد والسنة الجديدة 2013 الآتية إلينا من نعم الله. نحن لم نتجاوز المحن والسقوط بقدراتنا ولا بانقساماتنا والعداوات، ولا بأقوالنا ومواقفنا الإيجابية والسلبية. بل تجاوزناها بقدرة الله ويده الخفية التي كانت تنتشلنا من الوقوع في الهاوية (مز44: 4)، في كل مرة شارفنا على فوهتها. فمن الضرورة أن نستعرض هذا الأمر، ونشكر عناية الله، ونتعظ متذكرين الصالحات، ومتناسين السيئات، وتائبين عن الخطايا. ولنتق إلى الجديد الذي يرينا وجه الله وجودته. كفى البقاء على المواقف السلبية! كفى التخوين والإدانة! كفى التلاعب بمصير شعب ودولة ووطن! كفى الخوف من التلاقي والتحاور بصدق وتجرد وشفافية! كفى التمادي في الفساد والسرقة وهدر المال العام وإفقار الشعب وإنهاك البلاد في التقهقر الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والانمائي!

وختم:" تعالوا نتوق إلى الجديد النازل علينا من فوق، في ذكرى ميلاد الإله الذي صار إنسانا "وملؤه النعمة والحق"، على ما كتب يوحنا في مقدمة إنجيله(1: 14). إذا استمرينا في أن نرث العتيق الذي ليس من الله بل من العالم، لن نكون أبدا في جديد. وابن الله الذي صار إنسانا، متضامنا مع البشرية جمعاء، قد جعلنا معه ورثة لله، أي لكل ما هو جديد نأتيه بنعمته وكلمته في حياتنا الخاصة والعامة.

فلنملأ السنة الجديدة من الحضور الإلهي ليكون لها معنى. فالزمان اليوم هو الوقت المقبول: ونحن في سنة الإيمان، وبين أيدينا الإرشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة"، وفي أذهاننا والقلوب وهج زيارة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، الذي أعاد إلينا بكلماته الثقة بالله وبالذات وبالوطن صاحب الرسالة والنموذج، وكشف لنا معنى وجودنا وقيمة حضورنا في لبنان وبلدان الشرق الأوسط.

وهكذا من عقول وقلوب متجددة نرفع نشيد المجدِ والتسبيح للآب والابن والروح القدس، ألإله الواحد، آمين".

استقبالات

بعد القداس، إستقبل البطريرك الراعي في صالون الصرح المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية.

 

جعجع التقى حسونة وشارك في احتفال

وطنية - نظمت رابطة "كروس رود" - مكتب مصابي الحرب في القوات اللبنانية احتفالها الميلادي السنوي في معراب حيث وزعت الهدايا على أبناء المصابين والمعوقين المنتسبين الى الرابطة والكراسي المتحركة والكهربائية الخاصة بالمعوقين بتقدمة من قطاع أميركا الشمالية في القوات.

وكانت مناسبة عايد فيها جعجع الأطفال والمصابين وأعضاء الرابطة، واعتبر ان "اللقاء مع "كروس رود" ككل عام مختلف وله طابعه الخاص لأن الجهد المبذول يكون مضاعفا عن المصالح والمكاتب الأخرى داخل الحزب". وقال: "أنا أراقب عملكم دوما، فأنتم رابطة مميزة وعائلة واحدة، يضع فيها كل شخص تعبه ومجهوده على قدر إمكانياته لتتقدم وتستمر الى الأمام أكثر فأكثر. ومساهمة مقاطعة أميركا الشمالية هي مبادرة مشكورة، ونحن سعداء جدا بهذا العمل، وبرؤيتكم تعتمدون على بعضكم بعضا داخل الحزب من دون الاتكال على أحد، فأنتم تتسلقون الجبل بجهدكم الفردي".

أضاف: "منذ سبع سنوات خرجت القوات اللبنانية من معتقلها الى الحرية، وحاولوا طيلة عهد الوصاية وضعنا تحت الأرض، ولكن كما ترون فإن نظام الوصاية نفسه سيكون مصيره تحت الأرض قريبا".

وتمنى للجميع أن تكون أيامهم كلها أعياد "لإيصال المسيرة الى نجاحها الأخير وتحقيق الوطن المنشود".

سعيد

بدوره، ألقى رئيس رابطة "كروس رود" فادي سعيد كلمة، وجه خلالها "تحية محبة وتقدير لاعضاء الهيئة الادارية للرابطة، على كل جهودهم وتضحياتهم لسنوات من دون مقابل بهدف خدمة احتياجات الرفاق المصابين والمعوقين وتأمينها". وشكر "لقطاع الانتشار في مقاطعة اميركا الشمالية المجهود الكبير الذي قام به شباب القوات هناك عبر تأمين معدات طبية لمصابي الحرب من كراس وغيرها، وشكر أيضا لمكتب لندن - مقاطعة اوروبا لمساهمتهم بمشاريع عديدة نقوم بها سويا، كما نخص بالشكر الكبير رجل الأعمال السيد ابراهيم صقر لصداقته لنا ووقوفه بجانبنا". وقال: "الذكرى اليوم هي ولادة يسوع الذي هو رمز القيامة، وللوصول الى القيامة كانت المسيرة شاقة وطويلة ومغمسة بالدم والشوك، مسيرة اسمها "درب الصليب"، ومن قلب الدم والمعاناة والشوك، وجدت رابطة "كروس رود"، التي تعني "درب الصليب". كروس رود" هي جزء من القوات، وهي ضمن جهاز الشهداء والمصابين والاسرى، وهي قلعة من قلاع المؤسسة. ان "كروس رود" ليست عنوانا للاستعطاف، وهي ترفض ان تكون عنوان شفقة أو حاجة بأي وقت، فنحن نملك خلفيتنا الثقافية وطموحاتنا ورؤيتنا للمستقبل، ونخاف على لبنان كأي فرد، ونعرف كيف نوصل رسالة القوات اللبنانية بأبهى صورة".وختم: "من أعطي كثيرا يطلب منه الكثير". وانطلاقا من هذا القول سنبقى على الوعد، اليوم كما الأمس، ونوجه صرخة لكل رفاقنا الشهداء، مهما تأخر الموعد، سوف نلتقي، ومهما بعدت المسافات، ستبقى أرواحكم تضيء أيامنا. وكلمة للقائد الحكيم، مهما قست الايام وأمعنت جورا، نحنا أوفياء، أبدا اوفياء".

درويش

ثم ألقى رئيس جهاز المصابين والشهداء والأسرى طوني درويش كلمة شرح فيها "كيفية ولادة هذا الجهاز الجديد ضمن حزب القوات تزامنا مع زمن الميلاد الذي سيعنى بالاهتمام بشؤون وشجون عائلات الشهداء والمصابين والأسرى"، متمنيا "أعيادا مباركة للجميع وعاما جديدا مليئا بالنجاح والأمن والطمأنينة".

البارد

من جهته، شكر رئيس قطاع الاغتراب في القوات أنطوان البارد "لمقاطعة أميركا الشمالية المساعدات التي أرسلتها الى "كروس رود" وبالأخص مكتب تامبا"، وقال: "مهما فعلنا لن نفي شهداء المقاومة حقهم، ونحن لن نترك أي مناسبة إلا وسنقوم بمد يد المساعدة والعون الى رابطة "كروس رود"، ومفاجأة العام المقبل هي إعداد مشروع مكتبة عامة لحزب القوات اللبنانية تعنى بالشأن التربوي والثقافي".

بارودي

أما ممثل قطاع أميركا الشمالية والمسؤول عن المشاريع الانتاجية طوني بارودي فعايد الجميع، وقال: "ان المساعدة المقدمة ليست سوى عيدية بسيطة من المغتربين الى المصابين الذي ضحوا بدمائهم ليبقى لبنان".

وختم: "يا حكيم، كمغتربين سنكون عند حسن ظنكم وستكون الانتخابات النيابية المقبلة مفصلية، فنحن نرفض ما قدمته لنا الحكومة في قانونها عبر تخصيصنا بستة نواب فقط، نحن نريد ان ننتخب في بلدنا وبالتساوي مع جميع اللبنانيين".

وتضمن الاحتفال عروضا ترفيهية للأطفال ومسرحية للأطفال وفيلما وثائقيا عن القوات اللبنانية. وفي الختام، وزع بابا نويل مع جعجع الهدايا على الأطفال وسلمت الكراسي الجديدة للمعوقين.

وكان جعجع التقى وفدا من نقابة الصيادلة برئاسة النقيب ربيع حسونة الذي أطلعه على أجواء زيارات المعايدة التي يقوم بها مجلس نقابة الصيادلة إلى مختلف القيادات السياسية، وقال حسونة: "بحثنا في المواضيع والمشاريع التي تهم النقابة والصيادلة وتصب لصالح حماية صحة المواطن، ولا سيما في ظل الظروف الدقيقة التي نمر بها ووضع الصحة العامة وأهمية رفع اليد عن التجار والدخلاء على مهنة الصيادلة لأن هذا يؤدي الى الضرر بصحة المواطن ويؤثر على المجتمع ككل، فهذا الموضوع خطير ومن المفترض اتخاذ إجراءات حاسمة فيه، وقد لقينا تجاوبا ودعما من الدكتور جعجع في هذا الشأن".

 

قباني من طرابلس: مقولة أن المفتي انتقل الى الطرف الآخر اكذوبة ابليس؟ وكرامي يدعو ميقاتي الى دور أفعل تفاديا للفراغ

وطنية - أكد الرئيس عمر كرامي انه مع "وحدة الصف"، ودعا الرئيس نجيب ميقاتي إلى "القيام بمبادرة جدية لايجاد الحلول وأن يكون دوره أفعل"، ناقلا عن المفتي محمد رشيد قباني "إصراره على أنه على مسافة واحدة من جميع الافرقاء"، ودعا الى "حسم الامور الخلافية بالانتخابات صونا لوحدة الطائفة".

بدوره أكد مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني "الإصرار على إجراء انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الاعلى بعد نشره اسماء لوائح الشطب للهيئة الناخبة أوائل السنة، واعتبار المجلس الحالي منتهي الصلاحية ابتداء من يوم غد ولا شرعية لهذا المجلس بعد انتهاء مدة ولايته المحددة بثلاث سنوات وكل كلام غير ذلك باطل، ولا يحق لنائب رئيس المجلس الدعوة إلى أي جلسة كما لا يحق له ترؤس أي جلسة في غياب رئيس المجلس الذي هو مفتي الجمهورية بحسب المرسوم الاشتراعي الرقم 18 الذي يجيز لنائب الرئيس ترؤس جلسات المجلس في غياب الرئيس اذا كان رئيس المجلس مسافرا او مريضا، لكن في ظل وجود خلافات في الرأي لا يحق له دعوة المجلس او ترؤسه بوجود الرئيس".

كلام كرامي وقباني جاء بعد زيارة قام بها قباني الى دارة كرامي في طرابلس حيث عقدا جلسة استمرت نحو ساعة ونصف الساعة حضرها المدير العام للأوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة ومدير العلاقات العامة في دار الفتوى الشيخ شادي المصري والدكتور ابراهيم محسن. وكان بحث عن أوضاع الطائفة والتطورات المتلاحقة حيال المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى.

قباني

بعد اللقاء، قال قباني: "جئنا في صبيحة هذا اليوم الى دارة الرئيس عمر كرامي للتشاور في أمور المجلس الشرعي الاسلامي التي تأخذ نقاشا واسعا وأود أن أقول أن يوم غد الاثنين هو آخر ايام المجلس الاسلامي الشرعي، وكل ما يقال بعكس ذلك من اجتماع للمجلس وأخذه قرارا للتمديد لمدة سنة هذا عمل باطل، لأن في المرسوم الاشتراعي الرقم 18 ليس هناك جلسة يدعو اليها نائب الرئيس الا في حالة واحدة وهي يقوم نائب الرئيس مقام مفتي الجمهورية وهي في حالة غيابه والغياب تعني اما في مرضه واما لسفره خارج البلاد وهكذا كان العمل في كل المجالس أيا كانت هذه المجالس اقتصادية أو سياسية أو شرعية لا يقوم نائب الرئيس مكان الرئيس الا في حال غيابه ومعنى الغياب السفر خارج البلاد أو المرض فقط، أما إذا اختلف الرئيس مع نائب الرئيس أو المجلس مع الرئيس، فيأخذ نائب الرئيس المجلس ويجتمع معه فهذا غير موجود في الأنظمة اطلاقا".

أضاف: "لذلك نعتبر أن ما يجري باطلا لجهة اجتماعات المجلس، ثم ان المرسوم الاشتراعي الرقم 18 ينص على أن المجلس الشرعي يجتمع في مقر مفتي الجمهورية وبذلك اي جلسة خارج هذا المقر غير شرعية وباطلة، والمجلس الشرعي لم يجتمع في مقر مفتي الجمهورية لأن أبواب مقر مفتي الجمهورية كانت مغلقة، لأن هذا اللقاء للمجلس لم يدعو اليه مفتي الجمهورية فكيف يتم فتح أبواب مقر دار الفتوى. هم اجتمعوا على درج دار الفتوى والصور واضحة جدا وقرروا وهم واقفون وأسموها جلسة. هؤلاء يعملون لتقسيم الصف الاسلامي، دعوة للانتخابات هي دعوة حسب الدستور والقانون والمرسوم الرقم 18 وهذا المجلس كان مجلسا منتخبا منذ 3 سنوات وانتهت ولايته، التمديد للأمور الاستثنائية، وكل منهم يتذرع ويقول أن الظروف استثنائية بينما نرى أن انتخابات نقابات المهن الحرة تجري ولم تكن هناك ظروف استثنائية وأيضا انتخابات مجالس وادارات عامة تجري، والمجلس النيابي الحالي هم يقولون بأنفسهم لا بد من اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، فلماذا انتخابات المجلس الشرعي لا؟".

وتابع: "أحب أن أقول أن هناك أهدافا سياسية وراء التمديد للمجلس والسبب يكمن في مشروع لسحب صلاحيات مفتي الجمهورية ليس صلاحيات محمد رشيد قباني بل مفتي الجمهورية أيا يكن، وأنا لا أقبل بأن يأتي مفتي جمهورية من بعدي هزيلا لا يستطيع أن يتخذ قرارا واذا اختلف مع أحد ويقوم نائب الرئيس ويجمع المجلس ويتخذ قرارات في وجه مفتي الجمهورية، اذا هذه ليست دار فتوى وليس مجلسا شرعيا، وهنا لا بد من اصلاح المؤسسة الدينية وأعتبر أن المجلس الشرعي مستمر بأركانه الطبيعيين أي اصحاب الدولة رؤساء الحكومات السابقين ورئيس الوزراء الحالي ومفتي الجمهورية رئيس هذا المجلس. أما هؤلاء الأعضاء فأنا أحترمهم وأنا اقدر لهم دورهم ولكن ما يقومون به موقف سياسي يريدون من خلاله تسييس المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى وأنا ارفض ذلك ليس كراهية لسياسة معينة كما يشاع أن مفتي الجمهورية أصبح في مقلب آخر وفي سياسة أخرى هذا كذب وافتراء. مقولة أن مفتي الجمهورية انتقل الى الطرف الآخر هذه اكذوبة ابليس؟"

وردا على سؤال عمن يتحمل فشل مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي أجاب: "الحقيقة ما طرح ليس مبادرة الرئيس ميقاتي، والرئيس ميقاتي أنا احترمه وأحترم كل الرؤساء السابقين ولا أود أن ادخل في صراع مع احد الرؤساء لا في قلبي ولا في نفسي ولا في الظاهر إطلاقا، فالرئيس ميقاتي أمامه مشاكل كثيرة ويوجهون اليه شتى انواع السهام المختلفة وأنا أعذره بموقفه، وهو ما بين أن القانون ومفتي الجمهورية أن يأخذ قراره وأنا أعرف ذلك من محبتي للرئيس ميقاتي ولجميع الرؤساء السابقين، لكن الرئيس ميقاتي لا يريد أن يفتعل مشكلا مع الطرف الآخر، فقلت له يا دولة الرئيس ميقاتي كل من يأتي اليك قل له أنني قلت لمفتي الجمهورية الحالي ومن يريده يذهب الى مفتي الجمهورية وأنا حاضر بكل قوة وقدرة وأنا أضعف الناس كإنسان لكن في الحق أقوى من الجميع والحق هو القانون، الحق هو اجراء الانتخابات هو تعزيز المؤسسات الدستورية والشرعية والقانونية وأنا أدعو لانتخاب المجلس الشرعي الأعلى بأقرب وقت وسوف ننشر لوائح الشطب أوائل العام، وعندما لم أنشر لوائح الشطب في الدعوة السابقة لم أنس وكنت أعرف، لكن ما فعلته الا ما فعله المفتون من قبلي كلهم على مدة 60 سنة ولم يكن أحد يعترض، هؤلاء يعترضون فقط للتستر وراء القانون ولهم هدف سياسي ولن أمكنهم من تسييس دار الفتوى، دار الفتوى هي للجميع وأنا لست مع سياسة ضد أخرى أبدا، ولست مع مسؤول ضد مسؤول، هذه هي دار الفتوى. ولكن لا يريدون ذلك بل يريدون أن تكون دار الفتوى لهم وهذا لن يكون".

وختم قباني: "كان هناك حل في الجلسة مع الرئيس ميقاتي ومع من حضروا معه الدكتور خالد قباني والدكتور سهيل البوجي امين عام مجلس الوزراء والحل الذي طرحوه ان تجرى الانتخابات خلال ثلاثة اشهر وان يدعو مفتي الجمهورية الى الانتخاب وان تنتهي ولاية المجلس الحالي باعلان النتائج. أناأعلم أنهم لن يمكنوني من اعلان النتائج في اية انتخابات لذلك طلبت وقلت نحن نمدد للمجلس الحالي الى 31 آذار أي ثلاثة أشهر وننهي هذه الخلافات بالانتخاب فأنا ليس لي هدف الا الانتخاب فلم يقبلوا بأن تحدد ولاية المجلس بـ31 آذار ولم يقبلوا بهذا التمديد، لأنهم يعتبرون بأن الجلسة التي عقدوها على درج دار الفتوى بالتمديد الكامل لمدة سنة هي شرعية وهي ستقرر بحسب رأيهم وهذا باطل. وقبلت بالتمديد لمدة ثلاثة اشهر لأنهي القضية فما رضوا بذلك وهم يحتجون، اي من هم وراء الأعضاء، ويقولون أن اعضاء المجلس لم يرضوا، وقيل لي خلال الجلسة التي عقدت على درج دار الفتوى ان القرار ليس لأعضاء المجلس، فقلت أنا أعرف القرار لمن، فإذن صاحب القرار هو من افشل هذه المبادرة".

كرامي

من جهته قال كرامي: "استمعنا الى مفتي الجمهورية خلال تشريفه الى مدينة طرابلس هذا الصباح، وجلسنا معه جلسة ممتعة فيها الكثير من الروحانيات، وطبعا بحث المشاكل التي تحدث عنها سماحته الآن، وكنت أتمنى على رئيس الوزارة العامل دولة الرئيس نجيب ميقاتي أن يلعب دورا في ايجاد حلول لهذه الأمور، واليوم في المناقشة مع سماحته فهمنا أشياء كثيرة لا يعرفها الرأي العام أو لديه فكرة غلط عنها، وكما قال سماحته القانون يجب أن يطبق وهذا ما يبغيه المفتي وما نبغيه عدم تسييس المجلس الشرعي وهذا هو مطلبي أنا في الأساس، حيث كنا نقول دائما من يتبوأ مركز الافتاء يجب أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، والحمد لله ما سمعناه اليوم من سماحة المفتي يريد أن يطبق هذا المبدأ".

أضاف: "على كل حال سماحة المفتي ونحن وكل اركان الطائفة نسعى الى الاصلاح ورأب الصدع واجراء الانتخابات وليس من اجل التسييس وان شاء الله نصل الى حلول ايجابية في دار الفتوى والمجلس الشرعي الأعلى سواء كان سينتخب الان أو يبقى هذا المجلس، كلهم سوية يبغون الاجراءات الصحيحة التي تنعكس خيرا على الطائفة وعلى الوطن، وان شاء الله سماحته يقود هذه الأمور لنصل جميعا الى هذه النتائج الطيبة".

وردا على سؤال عن الفراغ الذي سيتركه المجلس الشرعي ابتداء من 31-12-2012 أجاب: "قلت رأيي ولا يزال أنه لعدم الدخول في الفراغ كان على رئيس الوزراء العامل القيام بمبادرة وأن يكون دوره أفعل، على كل حال ان شاء الله بالشكل الذي يرضي الجميع ويعزز وحدة الطائفة ويقويها".

 

بقعوني: حادث الاب سكاف لا يحمل أي خلفية سياسية او طائفية

وطنية - وصل المدبر البطريركي لأبرشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج بعقوني الى دار المطرانية في طرابلس للاطلاع على خلفية الحادث الذي جرى مع الاب عبد الله سكاف.

يشار الى أن سكاف كان تعرض للضرب مع ابنه من قبل شابين دون ال 18 سنة وتم توقيفهما. وأكد بقعوني في تصريح "أن الحادث لا يحمل أي خلفية سياسية او طائفية وجميع أبناء المدينة هم أخوة"، وتمنى على وسائل الاعلام عدم تحميل الحدث اكثر من حجمه"، معتبرا "ان الامور انتهت عند هذا الحد"، شاكرا للاجهزة الأمنية "الجهود التي بذلتها لا سيما توقيف المعتدين على الاب سكاف".

 

أوباما يوقع قانونا جديدا يهدف لمواجهة نشاطات إيران في أميركا اللاتينية

واشنطن: محمد علي صالح/الشرق الأوسط

وقع الرئيس باراك أوباما أول من أمس على مشروع قانون كان الكونغرس أجازه لمواجهة زيادة النشاطات الإيرانية في أميركا اللاتينية. ويدعو القانون وزارة الخارجية إلى أن تعد، خلال ستة شهور، استراتيجية للتصدي لنمو الوجود والنشاط المعادي لإيران في المنطقة. ويدعو القانون إلى أن تكون هذه الاستراتيجية سرية، ولا يطلع عليها سوى أعضاء الكونغرس، مع نشر ملخصات من وقت لآخر. كما يدعو وزارة الأمن الداخلي إلى تعزيز المراقبة على حدود الولايات المتحدة مع كندا والمكسيك لمنع أي عناصر ناشطة من إيران، ومن الحرس الثوري، ومن فيلق القدس، ومن حزب الله، أو من أي منظمة إرهابية أخرى، دخول الولايات المتحدة.

وبالنسبة لدول أميركا اللاتينية، يدعو القانون إلى خطة لعمل لمختلف وكالات الاستخبارات من أجل ضمان الأمن في هذه الدول. ويدعو إلى «خطة لمكافحة الإرهاب والتطرف» من أجل عزل إيران وحلفائها.

وكانت الحكومة الأميركية أكدت مرات كثيرة أنها تراقب نشاطات إيران في أميركا اللاتينية. لكن، قال مسؤولون في الخارجية ووكالات الاستخبارات الأميركية أنه ليس هناك ما يدل على نشاط غير قانوني لإيران في دول أميركا اللاتينية. وأن أيا من هذه الدول لم تعلن ذلك، غير اتهامات قديمة من جانب الأرجنتين بعد تفجيرات في معابد يهودية هناك.

وأشارت مصادر إخبارية أميركية إلى أن إيران تخضع لسلسلة من العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي. وبينما تؤكد إيران أنه مدني سلمي، تشتبه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أنه يخفي شقا عسكريا.

وقالت المصادر إلى أنه، منذ عام 2005، فتحت إيران ست سفارات في أميركا اللاتينية، وبهذا رفعت عدد سفاراتها هناك إلى 11 سفارة. وفتحت أيضا 17 مركزا ثقافيا. وأن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد زار عدة دول في أميركا اللاتينية خلال السنوات القليلة الماضية. وأن إيران تقيم علاقات وثيقة مع بوليفيا، وإكوادور، وفنزويلا.

في العام الماضي، عندما عرقلت السلطات الأمنية الأميركية، وعلى رأسها مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) ووكالة محاربة المخدرات (دي آي إيه)، مؤامرة شبكة لها صلة بإيران لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير، قالت السلطات إن الشبكة كانت تخطط أيضا للقيام بهجوم على السفارة السعودية، والسفارة الإسرائيلية في واشنطن.

وإن المؤامرة شملت أيضا تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية في بيونس آيرس. وربط هؤلاء بين هذه المؤامرة وهجوم على السفارة الإسرائيلية في بيونس آيرس، اتهمت إيران بأنها كانت وراءه، في 1992.

وقبل سنوات قليلة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تجميد ممتلكات أميركية لمؤيدين لحزب الله في فنزويلا. وقال بيان للوزارة: «يقلقنا أن حكومة فنزويلا تخدم وتحمي مؤيدي حزب الله، والذين يجمعون تبرعات لهم. وسنستمر في كشف الشبكة الإرهابية العالمية لحزب الله. وندعو الحكومات المسؤولة في كل العالم لعرقلة وأبطال نشاطات حزب الله».

وأوضح البيان أن دبلوماسيا إيرانيا هناك استغل وظيفته لجمع تبرعات وتأييد لحزب الله. وكان رئيسا لمركز الشيعة الإسلامي في كراكاس، عاصمة فنزويلا. وأن فنزويليا من أصول عربية كان دبلوماسيا في سفارة فنزويلا في سوريا، ثم في سفارتها في لبنان. وقابل مسؤولين في حزب الله هناك، وساعد سفر بعضهم إلى ومن فنزويلا.

في غضون ذلك دعا وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي أمس نظيره الأميركي المقبل إلى أن يستخلص الدروس من الماضي ويتجنب السياسات «الاستفزازية» التي تلحق ضررا بالمصالح الوطنية الأميركية.

وجاءت تصريحات وحيدي على خلفية تقارير إعلامية مفادها أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يقوم باستعراض قائمة من المرشحين لشغل منصب وزير الدفاع خلفا للوزير الحالي ليون بانيتا الذي أعلن نيته الاستقالة.

وطالب وزير الدفاع الإيراني في تصريحات للصحافيين في طهران أمس وزير الدفاع الأميركي المقبل بأن يتصرف بحكمة، وقال: «أنصحهم بالتفكير والتصرف بحكمة وتجنب الاستفزازات في تصرفاتهم وتعاطيهم في مواقف جديدة لا تعنيهم لأن هذا الخط من التصرف (تجنب التحركات الاستفزازية) سوف يخدم مصالح الشعب الأميركي وشعوب العالم وسوف يحفظ ماء وجه الولايات المتحدة» بحسب وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء.

وأضاف أن المسؤولين العسكريين الأميركيين لم يظهروا سلوكيات حكيمة ومنطقية في الماضي، معربا عن أمله في أن «يستخلصوا الدروس من هذه القضايا والتحرك في اتجاه يخدم مصالحهم ومصالح شعوب العالم أيضا».

وأشارت «فارس» إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها «سعوا منذ فترة طويلة إلى إثارة التوترات وتصعيدها في الشرق الأوسط والخليج في محاولة لتبرير انتشارهم العسكري في المنطقة».

وتابعت أن الولايات المتحدة نشرت في وقت سابق من العام الحالي طائرات من طراز «إف - 22 رابتور» في قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات بعد نزاع بين طهران وأبوظبي بشأن الملكية والسيادة على ثلاث جزر في الخليج.

 

٢٠١٣ تورط واسع لـ"حزب الله" في سوريا

علي حماده/النهار

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان المعارضة السورية لن تتمكن من حسم المعركة ضد بشار الاسد على الارض. وقال ايضا ان الاسد ابلغ الى المبعوث الدولي الاخضر الابرهمي انه لن يتنحى عن السلطة. وانطلاقا من ذلك استنتج لا فروف ان الحل الوحيد المتبقي امام المعارضة السورية هو الجلوس الى طاولة المفاوضات مع الاسد والبحث في تطبيق خطة جنيف التي تنص في بنودها على تشكيل حكومة ائتلاف وطني بمن فيهم النظام، وبقاء الاسد في سدة الرئاسة، على ان تكون الحكومة صاحبة صلاحيات موسعة تعمل على تنظيم مرحلة انتقالية يجري فيها الاعداد لانتخابات، ثم لدستور جديد، وصولا الى انتخابات ٢٠١٤ الرئاسية. كان الاخضر الابرهيمي واضحا بقوله ان التغيير يجب ان يكون حقيقيا لا تجميليا. ولكن ما لم يقله هو ان تحركه الاخير انما جاء استنادا الى معطيات استجدت على الارض، واهمها ان النظام يفقد يوما بعد يوم زمام المبادرة، ويتراجع تقريبا في كل مكان، وصولا الى محيط العاصمة دمشق حيث يتم التحضير لمعركة كبرى يتوقعها الخبراء العسكريون في نهاية شباط المقبل او منتصف آذار على الابعد. اكثر من ذلك، بدأت ملامح افتراق في تقويم المرحلة بين موسكو وطهران: الاولى ترى انه حان الوقت للجلوس الى طاولة مفاوضات وتقديم تنازلات مؤلمة، ولو تضمنت خروج بشار الاسد ومعه مجموعة من المقربين الى منفى، في حين تعتبر طهران ان مرحلة التنازلات لم تحن، وبالتالي فإن الحوار يجب ان يكون شكليا لأن المعركة لم تحسم بعد، ولأن تقديرات الايرانيين على الارض تشير الى انه لو تمكن النظام من الصمود طوال السنة المقبلة بدعم مكثف من روسيا وايران، فإنه سيجبر الجميع على الجلوس معه الى طاولة المفاوضات للتوصل الى صيغة وسط يتم فيها تقاسم السلطة، على ان تنقذ ماكينة النظام الامنية والعسكرية من التفكيك.

في المقابل لا ترى المعارضة ضرورة للجلوس الى طاولة المفاوضات مع النظام اليوم، وهي لم تجلس معه في مرحلة سابقة، وتراهن على الارض، وعلى الحسم العسكري.

عندما نشير الى افتراق بين موسكو وطهران في تقويم المرحلة، لا نعني ان ثمة خلافا على المآل النهائي : الطرفان يريدان المحافظة على النواة الصلبة للنظام، وان معدلة، بمعنى انه اذا اقتضت الضرورة خروج الاسد وعائلته الاقرب، يمكن التعويل على صف ثان من اركان التركيبة الامنية والسياسية قادرة بدعم روسي - ايراني على ولوج مرحلة تقاسم للسلطة مع المعارضة المنقسمة في ما بينها والابقاء على ارجحية واضحة في الحكم الفعلي.

يتبين مما تقدم ان روسيا تبدو أكثر تشكيكا في قدرة بشار على الصمود لامد طويل، بينما تظهر ايران بمظهر الطرف الذي يقاتل في دمشق دفاعا عن طهران نفسها. هنا الفارق الواضح.

على الارض تبدو الحقائق مختلفة: سوريا متجهة نحو صراع مسلح واسع ستتورط فيه طهران اما مباشرة واما عبر "حزب الله" مما سيزيد هشاشة الوضع في لبنان.

 

فخامة السفير وسعادة الوزير

احمد عياش/النهار

من يحب ان يختار رأس السنة موعداً لتقييم عام تنتهي ايامه وسنة على وشك الولادة، سيجد ان الـ2012 هي سنة النفوذ السوري المستمر في لبنان بجيش "حزب الله". واذ ظن اللبنانيون ان الايام الاخيرة من السنة تسجل تحولاً عبّر عنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء عندما "انّب" وزير الخارجية عدنان منصور و"أدّب" السفير السوري علي عبد الكريم علي على خلفية تعاطي الوزير مع مذكرة السفير بحق وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، فقد خاب ظنهم في اليوم التالي عندما انبرى السفير السوري يهاجم سليمان ويحاضر في المؤامرة التي تتجلى في "الهجوم على الجمهورية العربية السورية والتصويب عليها" ليلحقه الوزير منصور بامتداح مذكرة السفير التي تتصف "بكل الاصول". اذن، فقد ابى سفير النظام السوري ان تنصرم السنة من دون ان تكون له الكلمة الاخيرة لبنانياً وان يثبت منصور انه في خدمة هذه الكلمة. اما حكام الجمهورية فقد خيّم على رؤوسهم الطير وكأنهم، اذا ما احسنّا الظن لا يعيرون السفير ووزيره اهمية او، اذا ما اسأنا الظن فهم قد سلّموا بأن السفير هو صاحب الفخامة فعلياً وان وزير خارجيتنا هو سعادة السفير في خدمة فخامته. وبين هذا وذاك فان العقل اميل الى سوء الظن الذي قيل انه غالباً من حسن الفطن.

زائر مطار رفيق الحريري الدولي هذه الايام يجد ان نبوءة من يحمل المطار اسمه قد ابصرت النور بعد نحو عقدين من انطلاق المشروع الذي غيّر وجه لبنان. فالحريري طوال العقد الاخيره من القرن الماضي وحتى منتصف العقد الاول من القرن الحالي عمل على ان يكون لبنان صاحب دور ليس على قياسه بل على قياس بلد يجمع لبنان وسوريا معاً. وها هو المطار الذي يضج كخلية نحل هذه الايام يخدم لبنان وسوريا معاً بعدما أُقفل مطار دمشق. وصار مألوفاً ان يصل يومياً اركان النظام السوري الى بيروت الى جانب الآلاف من المواطنين السوريين لكي يعبروا جواً من هنا الى العالم. وفي اي حال، فان سلوك هذا النظام لا يوحي بأنه يعترف بجميل لبنان ومطاره مما يؤكد رأي الشاعر القائل: "اذا اكرمت الكريم ملكته" ولكن على شاكلة نظام وسفيره "الكريم" فان النتيجة ستكون تمردا! مهلاً، أليس من مصلحة النظام السوري ان يحافظ على حسن العلاقات مع لبنان ولو تملقا من اجل ان تبقى له نافذة على العالم بعدما سدت النوافذ عليه بما فيها مطار دمشق؟ يجيب احد الخبراء بالنفي. وهو يرى ان مطارات سوريا التي حولها النظام مسرحاً لطائراته الحربية تنفذ "بنك اهداف" في طليعتها الافران التي يتشظى امامها المواطنون السوريون المصطفين طوابير لن تكون اقل قيمة من مطار بيروت الذي يقوم بواجبه موقتاً في انتظار ان يقرر النظام السوري وبمباركة من طهران وبتنفيذ من "حزب الله" ان ينضم المطار الى بنك الاهداف السوري. واول أهداف هذا البنك لبنانياً هو اسكات الصوت الذي يعلن "مطار رفيق الحريري الدولي يرحب بكم!”.

 

"أكبر خطأ يرتكبه المسيحيون البقاء على هامش الأحداث"/جعجع: لن أكون مرشحاً تقليدياً لرئاسة الجمهورية

أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "انه لن يكون مرشحاً لرئاسة الجمهورية "بالشكل التقليدي".

ولفت الى ان "التحالفات الانتخابية في زحلة هذا العام ستكون قائمة حول القضية التي نؤمن بها لا أكثر ولا أقل، وكل من هو خارج القضية لا مكان له بيننا". ورأى أن "المسيحيين لا يمكن أن يبقوا في هذا الشرق الا اذا أثبتوا أنهم في أصل هذا الشرق وتفاعلوا مع قضاياه سلباً ام ايجاباً"، معتبرا أن "أكبر خطأ يرتكبه المسيحيون هو البقاء على هامش الاحداث".

وقال في حديث إلى مجلة "زحلة الفتاة" أمس: "نحن في 14 آذار أعلنا منذ البداية اننا مع الثورة السورية من دون التعاطي بالشؤون العسكرية، لسبب بسيط وهو حتى لا نتعارض مع مبادئنا التي نؤمن بها، ومن موقع رفضنا التدخل لدى الآخرين كما نرفض نحن التدخلات بلبنان. علينا ان نتذكر تشييع شهداء لحزب الله، وان ننظر الى ما جاهر به السيد حسن نصرالله من مواقف اعلن فيها دفاعه عن عائلات لبنانية على الجانب الآخر من الحدود وادعى بأنهم يدافعون عن أنفسهم. نحن موقفنا واضح كما قلت ضد التدخل العسكري في سوريا، ولا نقبل العكس، وحسناً فعل الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر باللجوء الى القضاء ضد من أساؤوا اليهما".

ورداً على ما قيل عن وجود استطلاعات رأي تؤكد ان عددا كبيرا من المسيحيين باتوا خارج فريقي 14 و8 آذار، قال: "انا لست مع هذا التوصيف، لأنني اطلعت بنفسي على استطلاعات رأي تناولت موقف المسيحيين من جعجع وعون، وجدت قسماً معي وقسماً آخر مع عون، أما القسم الثالث فهو لا مع عون ولا جعجع، ولكن عندما تسأل هذه الشريحة اسئلة سياسية تجد ان ثلثي هؤلاء مع توجهات 14 آذار، اما في ما يتعلق بالحكومة، فقد جرى استطلاع رأي في كسروان مع الناس حول الحكومة وتبين ان 66 % من الناس في كسروان ضد الحكومة. وان احزاب 14 و8 آذار في كسروان لديها تقريبا القوة نفسها، ولكن هناك كتلة كبيرة تجد طرحها وميلها السياسي لمصلحة 14 آذار".

وعما يتردد بأن عون هو الاقوى مسيحياً، رد بالقول: "فعلاً انه الجنرال وهو الأقوى بين المسيحيين ولكن شيعياً. لقد قاموا باستطلاعات من خلال وكالة تابعة لهم حتى تظل توحي بهذا الامر، فكانت النتائج وفق وكالتهم تارة 23,5 % لمصلحتي واخرى 23% لمصلحة عون ثم العكس وبالفارق نفسه، وكذلك بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ومن هنا استنتجوا ان عون ما زال الزعيم الاول، فكيف ذلك؟ ففي اي استطلاع رأي هناك مساحة هامش الخطأ ما بين 2 و3 %، وخلال الدراسة سألوا سؤالاً للمسيحيين نشروه في جريدة الاخبار من دون انتباه، والسؤال كان "من هو الزعيم الذي تكرهه بالتتالي"، فكانت النتائج ان اكثر الزعماء المكروهين مسيحياً بالتتالي: احمد الاسير، وليد جنبلاط، نجيب ميقاتي، نبيه بري، حسن نصرالله وسعد الحريري ثم ميشال عون، سليمان فرنجية، سمير جعجع، يعني اذا سلمنا جدلاً انني وعون في النسبة نفسها ايجابياً، الا ان عون وفق هذا الاستطلاع يتقدمني سلبياً، لذا علينا الانتباه لأننا سنتعرض لحملات اعلامية كثيرة من هذا النوع ليظهروا ان عون هو الزعيم المسيحي الاول، الا انه في الواقع هذا الامر غير صحيح اطلاقاً".

وشدد على "اننا كمسيحيين لا يمكن أن نبقى في هذا الشرق الا اذا أثبتنا اننا اصل هذا الشرق. وحتى نكون من هذا الشرق، علينا أن نتفاعل مع قضاياه سلبا ام ايجابا، واكبر خطأ نرتكبه ان نكون على هامش الاحداث، لأننا عندها سنصبح على الهامش، بل يجب ان نكون على الطاولة، ونأخذ قرارنا، فأنا ضد المنحى الذي يدعو اليه عدد من المسيحيين بالابتعاد والعزلة عما يجري، لأن الحياة مستمرة وماشية فاما أن تمشي معها أو تصبح على قارعة الطريق".

واعتبر أن زيارة وفد 14 آذار الاخيرة التضامنية لغزة، "لها بعدها الانساني، للتضامن مع شعب عربي هو شعب فلسطين، الذي لدينا علاقات مع دولته كدولة عضو في الجامعة العربية".

وعن ترشحه لرئاسة الجمهورية، قال: "لن أكون مرشحاً لرئاسة الجمهورية بالشكل التقليدي، من حيث ترتيب المواقف التي تتلاءم، او الاتصالات مع الكتل، والقيام بصفقات وغيرها من امور، بل انا اكمل عملي بشكل طبيعي، ولكن اذا اقتربت الانتخابات وتبين ان هناك توجهات لدى بعض الكتل في أن اكون في موقع الرئاسة، فطبيعي انا اتمنى ذلك من باب انني اصبح في موقع يتيح لي تحقيق مشروعي واهدافي وتطلعاتي للبنان".

أضاف: "ان الاطراف الداخلية والخارجية سئمت من حالة الدولة اللبنانية القائمة ومن الضعف الذي تعانيه بحيث تبدو دولة مشلولة ومنحلة، وأكد لي عدد من المسؤولين العرب الذين التقيتهم أنهم اذا فكروا في تجميد الوضع في لبنان وتقوية الدولة فعلينا الذهاب الى اختيار رئيس جدي وفاعل".

وتابع: "يطل علينا البعض بالقول ان لا صلاحيات لرئيس الجمهورية لتفعيل عمل الدولة، بل على العكس تماما بالامكان تفعيل المؤسسات واقامة الدولة وتعزيزها بالصلاحيات الموجودة ما المشكل في ذلك؟".

ورأى أن "ما يجري في زحلة منذ 5 سنوات ثورة بالمعنى الحقيقي"، مؤكدا ان "الثورة لا تستكمل فورا، بل تلزمها مراحل عدة، وما صنعه الرأي العام في زحلة شيء مميز، وما حدث خطوة على طريق الالف ميل، وعلى اي زحلاوي الا يحكم على 14 آذار أو القوات من خلال هذه الفترة القصيرة الانتقالية. انها مرحلة استثنائية، فزحلة تشهد تحولات عميقة وكثيرة، ونحن ننتظر خطوات ناجحة أنجزتها القوات اللبنانية في المدينة".

وعن الوضع الانتخابي في زحلة، شدد على أن "لدينا مشروعنا السياسي الواضح، فمن يؤيد مشروعنا يمكن البحث معه، فلا مصلحة لنا ابداً في التعاطي مع اي كان من خارج مشروعنا السياسي. نحن لسنا قيادة تقليدية همنا الحفاظ على مناصبنا ولسنا في زحلة بوضع ضعيف، فكل من هو مع القضية أهلا به"، معلناً أن "تحالفاتنا الانتخابية ستكون تحالفات قائمة حول القضية التي نؤمن بها لا أكثر ولا أقل، وكل من هو خارج القضية لا مكان له بيننا".  وأمل ان تحمل الاعياد "بذور ميلاد جديد فعلي للبنان أقله مع الانتخابات النيابية المقبلة".

 

لا يمكن لرئيس الجمهورية تجاهل.. تطاول أي سفير

ثريا شاهين/المستقبل

أثارت تصريحات السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم علي علامات استفهام حول أهدافها وخلفياتها، لا سيما في ضوء ما عبّر عنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان حول ضرورة أن يلتزم جميع السفراء المعتمدين في لبنان بالأصول الديبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات الدولية. وتعتبر مصادر ديبلوماسية، أنّ السفير المعتمد لدى دولة، ليس من شأنه أن يعطي مواعظ أو يقدم رأيه، وإذا ما كانت لديه آراء معينة حول قضايا محدّدة يمكنه أن يرسل باسم حكومة بلاده كتاباً خطّياً بها إلى وزارة الخارجية، وليس أن يقوم عبر وسائل الإعلام بالتنبيه والنصح، واللجوء إلى ما يشبه التهديد المبطّن، لا سيما بعد أقل من 48 ساعة على كلام لرئيس الجمهورية حول دور السفراء. ومن المفترض أن تستدعي وزارة الخارجية أي سفير يقوم بمثل هذه الأعمال، وإذا ما كرّرها من المفترض، بحسب الأصول الديبلوماسية، اعتباره "شخصاً غير مرغوب فيه" وفقاً للمصادر. ومن المفترض أن تتقيّد الوزارة بموقف رئيس الجمهورية، وتقوم بتوجيه تنبيه إلى السفير المعني. فعلى أي سفير يمثّل دولة معيّنة أن يعمل مع بلاده على حلّ مشاكلها، وأن يترك لبنان واللبنانيين يحلّون مشاكلهم بأنفسهم.

لكن المصادر تعتقد أنّ كلام السفير جاء كردّ غير مباشر على موقف الرئيس سليمان، ومن منبر الرابية كمرجعية مسيحية. مع أنّ الرئيس لا يمكنه تجاهل أي حدث يُفترض أن يتخذ موقفاً منه. وفي كل الأحوال، بقي موقف الرئيس موجّهاً إلى جميع السفراء، وفي الوقت نفسه سجل موقفاً متزناً، أظهر فيه الحفاظ على خطوط التواصل مفتوحة. إلاّ أنّ الأمور نتيجة مواقف السفير لن تصل إلى حدّ القطيعة، ولن يكون ذلك هدفاً لبنانياً في النهاية، إنّما الهدف لفت النظر إلى التصرّفات "غير الديبلوماسية" والتي لا يمكن السكوت عنها. وكان سبقها اجتماع لا يلتزم الأصول الديبلوماسية في العلاقات بين الدول، وهو اجتماع السفراء الأربعة الروسي والصيني والإيراني والسوري قبل نحو أسبوعين. وعلى الأقل كان يُفترض إعطاء العلم لوزارة الخارجية، وفي الأصل لا يحق لهم اللجوء إلى مثل هذه السلوكيات.

ولن تصل الأمور إلى حدّ الطرد، لأنّ السفير السوري يمثّل دولة للبنان علاقات معها من كافة النواحي. وتقول المصادر إنّ عوامل كثيرة تحول دون اتخاذ مثل هذه الخطوة. أوّلها، أنّ وزارة الخارجية لن تقوم حتى باستدعائه، تبعاً للجهة التي يمثّلها الوزير عدنان منصور والتي تعتبر النظام السوري حليفاً لها. وثانيها، أنّه عملياً مَن يرسم السياسة الخارجية في بعض المواقف "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه برّي. مع أنّ هذه المسألة ملقاة في الدستور على عاتق رئيس الجمهورية. كما أنّ هناك نسبة عالية من الشعب اللبناني، إن عن طريق الضغط السياسي أو المحبّة، لا تزال تؤيّد النظام السوري. وهذا ما يعتمد عليه السفير السوري.

ولا يستطيع لبنان اتخاذ مواقف كبيرة حيال سفير دولة تؤيّدها هذه النسبة. إنّما تترك الأمور لتأخذ مجراها، والتي لا بد في النهاية أن تتأثّر بتطورات الوضع السوري على الأرض.

وكذلك تقول بعض الآراء الديبلوماسية بضرورة تطبيق فحوى الاتفاقيات الدولية في التعامل مع السفير السوري ولو وصل الحد إلى اعتباره "شخصاً غير مرغوب به" إذا ما كرّر سلوكه. وتقول أيضاً بضرورة سحب السفير اللبناني ميشال خوري من دمشق، على اعتبار أنّ النظام القائم باتت لديه إشكالية في شرعيته مع معظم الدول في العالم والتي لم تعد تعترف بشرعيته، وبما أنّه ليس هناك من نظام بديل فالأفضل سحبه في انتظار حكم جديد. لكن المصادر تشير إلى أنّ ذلك لن يحصل، وسيعمد لبنان إلى ترك الأمور تسير كما هي في انتظار تطورات كبيرة. كما تشير إلى أنّ السفير اللبناني في الواقع موجود دائماً ومنذ سنة على الأقل في لبنان، بسبب الأوضاع السورية. مع أنّه يزور السفارة بين وقت وآخر. والسفير اللبناني لا يتم استقباله على الإطلاق، والسفير السوري لا يزال يأخذ في سلوكه مجرى أنّ لبنان ما زال تحت سيطرة سوريا، التي إذا ما وجدت نفسها مهدّدة في نواحٍ ما، ترفع من مستوى ضغوطها على لبنان.

ومنذ إقامة العلاقات الديبلوماسية قبل أربع سنوات تقريباً، كان يظهر أنّ دمشق، بحسب المصادر، ستتعامل مع السفير اللبناني بالشكل الذي تعاملت فيه معه. وكان الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري بالنسبة إليها "سوبر سفير". فأقامت العلاقات الديبلوماسية ونزعت من مضمونها كل المعنى. الآن السفير اللبناني يمكث على الغالب في لبنان بسبب الخطر في سوريا من جراء الأحداث. والديبلوماسي الثاني في السفارة رامي مرتضى هو حالياً في بيروت، بعدما تمّت ترقيته إلى رتبة سفير وتعيينه لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وسيتسلم منصبه قريباً، ولم يتم بعد تعيين خلف له، وهناك تكلفة كبيرة لوجود السفارة لدى سوريا.

 

نصر الله وعون.. شاول ويوناثان في مواجهة الثورة السورية

وسام سعادة/المستقبل

حليفان رئيسيان لبشّار الأسد على الأرض اللبنانية: حسن نصر الله، وميشال عون. كان وقت لمْ يرَ فيه الرجلان أمراً يحدث في سوريا. ثم كان وقت رأيا فيه حسماً سريعاً للوضع لصالح النظام. الأوّل اتصل "بأصدقائه" في أيّام "الحسم النهائي" في بابا عمرو فأخبروه بأنّ لا شيء في حمص، فلم يكذّب خبراً، الى ان "وجد نفسه" بعد ذلك ببضعة أشهر، يعترف بأنّه يقاتل في حمص، دفاعاً عن "القرى اللبنانية" على الأراضي السورية. والثاني، وعدنا بـ"ذات ثلاثاء" تنتهي فيه العملية التأديبية البعثية للشعب السوريّ، لكنه وجد نفسه بعد ذلك، مثلاً في أيلول الماضي، يحذّر بجدّية من سقوط النظام الأسديّ ويقول بالحرف "ان تغيير النظام في سوريا قد يقضي علينا وعلى لبنان لأن الأنظمة التي ستأتي تفكيرها يرجع الى القرن الرابع عشر".

اللافت في هذا القول، ومن بعد الذعر الذي يطبعه من حتمية انتصار الثورة السورية، ان صاحبه يعتبر الموقف من تغيير النظام في سوريا مسألة تعني الداخل اللبناني. وكان عون نفسه، برّر نقلته من "سيادي" الى "اسدي" بعد عودته من المنفى، بحجة ان تغيير النظام في الشام ليس بمسألة تعني الداخل اللبناني، بل حاول ان يروّج وجماعته العكس. اللافت هو ربطه "فكر" الثورة السورية بـ"القرن الرابع عشر" الميلادي. وهذا يعيدنا بشكل أو بآخر الى بعض من اطروحة "الصراع على تاريخ لبنان" لأحمد بيضون. فالقرن الذي اختاره عون لنبذ الثورة السورية بحجة انتسابها اليه هو قرن اصطنعت له كل جماعة لبنانية تاريخاً خاصاً لنفسها، ولتاريخ منطقة كسروان بالأخص فيه. فالشيعة يرون ان المماليك اخرجوهم وقتها من كسروان وجبيل، وبعض الموارنة يرون ذلك ايضاً، وثمة من يرى العكس، اي ان الموارنة كانوا المستفيدين في بعد زمني معيّن من هذا التهجير المملوكي للشيعة. أما ميشال عون فهو من حيث يدري او لا يدري يضغط كل هذا فوق بعضه بعضاً ويسقط على القرن المذكور ثنائية الكراهية التي يروّج لها اليوم. فمن جهة، المماليك وابن تيمية والثورة السورية وتيار المستقبل، وكل هؤلاء من القرن التاسع عشر، أما محمود احمدي نجاد وبشار وماهر الأسد وحسن نصر الله فمن عصر ما بعد الحداثة. وعندما يقيم عون الدنيا ويقعدها ضد "شريعة الاخوان" كما يسمّيها، فكما لو انه لم يوقع اتفاقاً تبعياً مع "حزب الله" قبل ست سنوات، او ان "حزب الله" حزب ديموقراطي ليبرالي علماني، لا شريعة غيبية له، ولا ولاية فقيه، ولا حرساً ثورياً هو امتداد له. اكثر من ذلك: ان لم تكن عقلية "أحكام أهل الذمّة" هي تلك التي تجعل الجماعة المسيحية في قيد الجماعة الشيعية المسلّحة التي يحصر بها السلاح، وتناط بها الحماية، فما الذي تكونه "الذميّة"؟!

أم انه "تحالف الاقليات"؟

لكن حينها هو تحالف بين اقليات مسلّحة ومقاتلة وبين اخرى لا تملك السلاح ولا تملك غير كيل المدائح للسلاح الاقلوي، البعثي او الخميني، وكيل الأهاجي لمن يقف بالمرصاد.

وتيار العماد عون كان عمد بالفعل الى محاكاة هذا التصور لتحالف الاقليات قبل سنوات عديدة. منذ عودته وتفاهم مار مخايل، وصولا الى سفره لسوريا ولقائه بشار الاسد وحجّه الى براد. فاذا كان حسن نصر الله وجد ضالته في ما اسماه "قرى لبنانية في سوريا"، فان ميشال عون قبل ذلك بكثير كان لجأ الى التلاعب بالهويات الوطنية على هواه: فالأقلوي السوري شريك اللبناني (المحض) في "المشرقية". أما الأكثرية السنية فعنصر دخيل، قدم الينا بالفتوحات. هذا أيضاً معنى آخر لحديث ميشال عون عن "العودة الى القرن التاسع عشر". عنده ان الاكثرية السنية ليست من هذه البلاد، وانها اما دخيلة واما مؤقتة. أمّا نظام بشار الاسد فأصيل سواء تحت عنوان "ما في شي صير بسوريا" وما تحت عنوان "ستطول الى ابد الآبدين".

حسن نصر الله لا يمكنه في المقابل ان يستعير تماماً العبارات نفسها. هو في النهاية قائد لجماعة دينية مهدوية مسلّحة، ولا يمكنه ان يتظاهر بحمل مشعل التنوير والعقلانية في مواجهة الاسلاميين السوريين. لكن الغريب ان هذا تحديداً ما يفعله. يحدّثك عن ظلامية المسلحين الاسلاميين في سوريا، ثم يتحدّث الى مقاتلي القاعدة او من هم مشتبه بهم بعلاقتهم معها، فيقول لهم انهم قد غرّر بهم.

العام الماضي كان عام البدع في طريقة تناول "السيد حسن" للثورة السورية. بدأه باستعجال الحسم لصالح النظام وانهاه بالاطمئنان الى انها "طويلة، طويلة"، ملقياً مسؤولية ذلك على المعارضة التي ترفض الحوار.

المدهش هنا، ان نصر الله القى المسؤولية على هذه المعارضة بهذا الشكل، لكنه اختزال الثورة في جبهة النصرة والنصرة في تنظيم القاعدة دون اي تخصيص او تمييز، فهل انه يدعو مثلاً لحوار وطني بين النظام البعثي وتنظيم القاعدة، ام انه يعوّل على "تفاهم مار مخايل" بين النظام والتنظيم في وجه متن الثورة السورية؟

هو اكتفى بمخاطبة التنظيم. وكان فعلها سابقاً ذات يوم، ايام التفجيرات المروعة في العراق. النصيحة التي يسديها للمسلحين العابرين للحدود انهم مغرّر بهم، وانه نصب لهم شرك من طرف الامبريالية الغربية لكي يجري اصطيادهم واستئصالهم.

من حيث "لا يدري" تطوّع زعيم "حزب الله" بذلك لاعتبار تنظيم القاعدة وليس تنظيمه هو الد اعداء الاستكبار العالمي. والا، لماذا تنصب لهم الامبريالية مثل هذا الشرك الدموي المتواصل؟ طبعاً، كان يمكن لنصر الله ان يكون اكثر انسجاماً مع منطقه لو قال: يا اخوتي في تنظيم القاعدة، ان الاستكبار العالمي ينصب شركاً دموياً لنا ولكم كي نتقاتل نحن ويفوزوا هم. لكنه لم يقل شيئاً من هذا القبيل. هو خارج المصيدة. هذه قناعته. هو شريك في الصيد. هذه ايضاً قناعته. هو عدو الاستكبار. نعم، لكن كيف؟

في المقابل، سجّل حسن نصر الله سابقة هذا العام: اعترافه بأن حزبه ضحى بخيرة شبابه على مذبح اهواء الضباط الاسديين في لبنان، كما حدث في مجزرة ثكنة "فتح الله"، وانه بذل كل ذلك فداء للمقاومة، والوجهة الاساسية للصراع، أو قبلته، فلسطين. قالها نصر الله في معرض محاججة الاستقلاليين اللبنانيين الذين عبثاً "يؤلبون" الماضي نابشين في ذكرى ثكنة فتح الله. لكنه لم ينتبه الى انه ما كان ليجرؤ على هذا الكلام لولا بطولات "الجيش السوري الحرّ".

ولأن الوجهة "فلسطين"، فقد تعرّض "حزب الله" لمأزق جديد مع اتضاح موقف "حركة حماس" من الموضوع السوريّ، علماً ان مشكلته الكبرى تبقى ازدواجية موقفه، وموقف ايران من الصعود "الاخواني" في طول العالم العربي وعرضه. من جهة، هذا الصعود يوحي في مكان ما، بمحاكاة ولو نسبية للثورة الايرانية، رغم ان هناك الف فارق وفارق، وكان المرشد علي خامنئي قد استبشر منذ ثورتي تونس ومصر قرب قيام "شرق اوسط اسلامي". ومن جهة ثانية، يركّز "حزب الله" اكثر فاكثر اتهامه للثورة السورية بأنها "اسلامية" بعد ان كان يتهمها بأنها "اطلسية" في المقام الاول. الآن، صار يكتفي بتوسيع وتمغيط حجة واحدة ضد الثورة: وهي ان "جبهة النصرة" صارت على لائحة الارهاب الأميركية. هل فاته انها على هذه اللائحة، الى جانبه؟

"شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ"، هذا ما جاء في المرثية العتيقة.

نصر الله وعون لم يفترقا في موقفهما المعادي لثورة الشعب السوري لكن هذه الثورة جعلتهما يقولان على التوالي الشيء ونقيضه: خارطة كاملة من الأمثلة على تهافت المنطق. اكتفينا بايراد نتف منها قليلة.

 

تغيّرت قواعد الاشتباك في 2012 : عاد الاغتيال يلاحق قادة 14 آذار

إيلي الحاج

قيادة قوى 14 آذار مجتمعة. دخلت قوى 14 آذار السنة 2012 على الساعة السورية وتخرج منها على الساعة السورية أيضاً. لم تفعل عملياً سوى  تلقي الضربات والسعي إلى صون وحدتها ولبنان من خلال منع انفجاره طائفياً ومذهبياً لمصلحة خصومها،  وانتظار خبر سعيد: سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

كان الرئيس سعد الحريري استثناء في أدائه. حجز الرجل مقعده على منصة احتفالات النصر السوري المرتقب من خلال وقوفه علناً ونهائياً، قلباً وقالباً بجانب ثوار البلد المجاور، خلافاً لحلفائه الذين تفاوتت مواقفهم بين الإكتفاء بالدعم الكلامي والدعوة إلى تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، بمعنى عدم التدخل في شؤون غيره لئلا يعطي هذا الغير عذراً لتدخله. كان في إمكان التحالف السيادي على ما يقول أحد أعضائه البارزين سمير فرنجية أن يشاركوا في تحريك الرأي العام العالمي لمساندة السوريين المنتفضين على نظام ذاق اللبنانيون على يده تباعاً، بطوائفهم وأحزابهم أهوالاً لا توصف. وكان في إمكان التحالف أيضاً أن ينظم حملات إغاثة ضخمة للسوريين يساهم فيها المجتمع اللبناني بكل فئاته . لكن ترجمة موقفه اقتصرت على لقاءين تضامنيين في سن الفيل والبريستول، وكلام سياسي - إعلامي.

إلا أن للحذر عند الداعين إليه أسباباً ستظهر لاحقاً في رسائل دموية ومدوية.

الإطلالة الأولى لقوى 14 آذار كانت في 14 شباط، في مؤتمر "البيال" الذي تميز بتلاوة رسالة من "المجلس الوطني السوري" وكلمة منقولة عبر شاشة ضخمة للرئيس سعد الحريري فحواها" أيها اللبنانيون لا تخشوا شيئاً مهما احتدمت الأوضاع فأنا أضمن العيش المشترك". الرسالة السورية وكلمة الحريري قوبلتا بحملة إعلامية وسياسية قاسية من قوى 14 آذار ركزت على الجانب الشخصي، لا سيما المالي فضلاً عن الموقع السياسي الأضعف الذي يقف فيه رئيس الحكومة السابق وتياره "المستقبل"، وعلى صفة "المغامرة" في الموقف من الأحداث السورية.

بعد مؤتمر "البيال" جمع البطريرك الماروني بشارة الراعي القادة الموارنة في بكركي وخرجوا باتفاق على اعتماد فكرة "اللقاء الأرثوذكسي" القائمة على انتخاب أبناء كل مذهب نوابهم. الخبر سقط كحجر على مياه بركة راكدة، لكن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع سارع إلى لملمة ردود فعل حلفائه المسلمين الذين لم يخف بعضهم تذمره. ولم يتمكن أركان الحوار في بكركي من تسويق الفكرة الأرثوذكسية لدى حلفائهم في الجانبين فانتقل الـ14 آذاريون منهم إلى اعتماد فكرة "الدوائر الخمسين" فوافق عليها حلفاؤهم، في حين وافق فريق "تكتل التغيير والإصلاح" على مشروع قانون الحكومة القائم على النسبية و13 دائرة وعاد لاحقاً إلى اقتراح "الأرثوذكسي" في اقتراح قانون من غير أن يحظى بتأييد من حلفائه الذين لزموا الصمت. رست المعادلة على أكثر من قانون لا يحظى أي منها بالغالبية في مجلس النواب.

وفي آخر شباط كان الحدث "قواتياً" في الذكرى الـ16 لحل الحزب في "البيال" أيضا، حيث ألقى جعجع خطاباً أطل به على العالم العربي وثوراته ومشكلاته وتضمن شهادات لشخصيات من بلدان عربية عدة. كل أبواب العرب ستفتح لجعجع من عواصم دول الخليج وصولاً إلى غزة. 

في ذكرى 14 آذار عاد  التحالف إلى "البيال" بعدما كان سمير فرنجية أعد وثيقة جديدة حملت تسمية "السلام في لبنان"، كانت الغاية منها  أن تخرج التحالف من محليته والحسابات الصغيرة  لكنها خضعت لتعديلات جمة أفقدتها جزءاً كبيراً من أهميتها، ومختصرها أن شعب لبنان هو الذي أطلق الربيع العربي ويبقى طليعة التغيير في المنطقة. وتميز الإحتفال بإطلالة شبابية وجهت إنتقادات مباشرة إلى أداء قوى 14 آذار في حضور قادتها، وسُجل عدم امتلاء المقاعد في القاعة.

وتعرض جعجع لمحاولة اغتيال في 4 نيسان بإطلاق ثلاث رصاصات ثقيلة عليه من بنادق قنص متطورة بينما كان في حديقة منزله في معراب. أدرك جميع المعنيين على الأثر أن قواعد الإشتباك تغيرت، وسقط مبدأ أساسي كان قد اتفق عليه في الدوحة هو التوقف عن أعمال الإغتيال، ودخل لبنان بالتالي مرحلة توتر أمني طبعت ما تبقى من أيام السنة. في آخر نيسان انعقد لقاء واسع في معراب تضامنا مع جعجع شارك فيه نحو 150 شخصية، وتميز بمداخلة للمناضل والكاتب الراحل نصير الأسعد انتقد فيها بقوة أداء القيمين على 14 آذار . اختصر الكلمات الكثيرة سؤال من نوع: هناك تغيير كبير يحدث في المنطقة فماذا أنتم فاعلون؟ وانتقد بعض الحضور ردود الفعل الخجولة على محاولة الإغتيال، كان يجب في رأيهم الإحتجاج بصخب وقطع الطرق والتظاهر.

كان جواب جعجع إن "العالم لا يتطلع إلينا في هذه الحقبة. العرب يقتصر اهتمامهم على الشأن السوري، وليس في بال أي دولة رحيل حكومة نجيب ميقاتي أو استمرارها . نحن مضطرون في هذه المرحلة إلى استيعاب ما يجري والإنتظار حتى تنقشع الآفاق ولا يمكننا القيام بمبادرات سياسية كبيرة".

مر نيسان أيار وحزيران على وقع سجالات استأثر بقسم واسع منها موضوع داتا الإتصالات الهاتفية وضرورة تسليمها إلى المحققين في جريمة محاولة اغتيال جعجع وجرائم أخرى. تخلل تلك الحقبة في في 20 أيار مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد عند حاجز للجيش في الكويخات بعكار، مما أثار المشاعر واضطر قيادات 14 آذار إلى التحرك ومواكبة الوضع لحظة بلحظة وزار وفد منها ضم ممثلين لحزب "القوات" بلدة البيرة  بعدما جرت اتصالات بجعجع أدت إلى إحباط مشروع فتنة طائفية في عكار، إذ أراد فريق في القبيات قطع المياه عن بلدات إسلامية مجاورة رداً على إقامة حواجز منعت مرور عسكريين. أبلغ جعحع فاعليات في القبيات أن أي تحرك من هذا النوع يعني صداماً مع "القوات" فطوي الموضوع. ونجحت مساعٍ اضطلعت بها قيادات المنطقة ولاقتها الأمانة العامة لقوى 14 آذار في تجاوز الفتنة، على قاعدة أن الشيخ عبد الواحد ورفيقه شهيدا الوطن وليس الطائفة.

إلا أن الباب فتح من وجهة نظر التحالف على مزايدات تجلت في اعتصامات قرب ثكنة صربا  وفي الأشرفية والحازمية وأمكنة أخرى، ولافتات وشعارات باسم "أصدقاء الجيش" استنكرت توقيف عدد من الضباط والعسكريين للتحقيق في ما جرى عند حاجز الكويخات.

في 4 تموز نجا النائب بطرس حرب من محاولة إغتيال في مصعد مكتبه في بدارو فتكررت ردود الفعل المستنكرة والغاضبة والسجال حول الداتا وتضامنت 14 آذار مع حرب باجتماع نيابي انعقد في منزله. ورفض "حزب الله" تسليم أحد كوادره محمود الحايك إلى التحقيق لسؤاله عن سبب وجوده في المكان الذي جرت فيه المحاولة. تأكد عند ذلك أن قواعد الإشتباك في لبنان قد تغيرت.

وجاء 14 آذار مدَد معنوي كبير من حيث لا تتوقع، ففي 9 آب أوقف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الوزير السابق ميشال سماحة الذي أقر على الفور بصحة تسجيلات بالصوت والصورة تثبت نقله متفجرات إلى لبنان زوده إياها اللواء السوري علي المملوك. هذا الإنجاز الذي يُحسب لرئيس فرع المعلومات اللواء وسام الحسن كلّفه على الأرجح حياته لاحقاً. وسيدرك المعنيون السياسيون أيضاً أن دعم الثورة السورية يعني دخول حقبة أمنية فوراً. مطالع تشرين الأول طغت في أوساط قوى 14 آذار المناقشات حول ذهاب حزب الكتائب اللبنانية بعيداً في تمايزهم عن الحلفاء في مواقفه السياسية، وخرج الموضوع إلى العلن إثر مداخلة لمنسق الأمانة العامة فارس سعيد خلال حلقة تلفزيونية تستضيف النائب سامي الجميّل. جرت اتصالات متعددة الإتجاه والمصدر بعد ذلك ولقاءات ، وزار سعَيد بكفيا حيث التقى الرئيس أمين الجميّل والنائب الجميّل واتُفق على عودة الكتائب إلى المشاركة في الأمانة العامة. لكن المواقف السياسية والتوجهات ظلت ناتئة بين حزب الكتائب وبقية الأحزاب والشخصيات التي يتشكل منها التحالف ، خصوصا في ما يتعلق بالمواقف من رئاسة الجمهورية والدعوة إلى المشاركة في الحوار الوطني وفي مواضيع تشكيلة الحكومة والتعامل مع رئيس مجلس النواب والبطريرك الماروني والمؤسسة العسكرية ومقاربة الأحداث في سوريا والمنطقة وسوى ذلك.

في 19 تشرين الأول اغتيل اللواء وسام الحسن بسيارة مفخخة في الأشرفية أوقعت إلى جانبه قتيلين وعدداً كبيراً من الجرحى ودماراً كبيراً. على الأثر اجتمعت قيادات قوى 14 آذار في "بيت الوسط" وقررت مقاطعة أي جلسة نيابية تشارك فيها الحكومة ودعت إلى استقالتها وتشكيل حكومة حيادية وأقامت اعتصاماً شبابيا في مخيم رمزي قرب السرايا وآخر قرب منزل الرئيس

نجيب ميقاتي في طرابلس. أزعجت المقاطعة فريق 8 آذار الذي كان السبّاق إليها في ظل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لكنها لم تحمل ميقاتي على الإستقالة.

خارجياً سارعت قوى 14 آذار إلى زيارة غزة من خلال وفد مصغر ولافت ضم ممثلاً لحزب "القوات اللبنانية" هو النائب أنطوان زهرا بعدما فكت "حماس" ارتباطها بإيران، وكانت استهلت السنة بزيارة  وفد كبير إلى عرسال

عبر عن التفاعل مع الوضع السوري ومعاناة اللبنانيين على الحدود. 

إلا أن البلاد دخلت نفقاً بات الخروج منه شديد الصعوبة . فعلى رغم عودة اللجنة المصغرة لدرس اقتراحات قوانين الإنتخاب إلى الإنعقاد في الأسبوع الأول من السنة الجديدة، لا تبدو عودة الحياة السياسية إلى طبيعتها احتمالاً قريباً، فيما الوضع الإقتصادي والمعيشي يضغط على الجميع ويفاقمه منع الرعايا العرب من زيارة لبنان بفعل التهديدات التي وجهت إليهم إثر خطف حجاج شيعة لبنانيين في سوريا.

وفي نهاية السنة تقف 14 آذار أمام استحقاقين – تحديين كبيرين:

- إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها والفوز فيها بغالبية من دون نواب الزعيم والنائب وليد جنبلاط، على ما قال رئيس "حركة الإستقلال" ميشال معوض في إحياء ذكرى والده الرئيس الشهيد في 30 تشرين الثاني الماضي، مع ما يستتبع ذلك من جمع كلمة أطراف  التحالف وصوغ تركيبات ومعادلات صعبة في داخله.

- حماية السلم الأهلي على رغم خطورة ما يتوقع أن تشهده سوريا ومعها لبنان في السنة 2013 وفي انتظار أن يستقر عقربا الساعة السورية على موعد لطالما انتظرته 14 آذار من دمشق وراهنت على وقعه في بيروت.

 

رئيس الجمهورية " يعيّد" في سويسرا و"يطير " إليها مواطنا عاديا

فوجئ ركاب الطائرة التي توجهت صباح أمس من بيروت الى جنيف برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء في ما بينهم كأي مواطنين عاديين، فعلا التصفيق على متن الطائرة فور دخولهما كما عبارات الترحيب التي تمنت لرئيس البلاد التوفيق في مهمته لقيادة السفينة الى بر الأمان. وكان الرئيس سليمان توجه الى سويسرا لتمضية عطلة رأس السنة على ان يعود الى بيروت مطلع العام لترؤس جلسة مجلس الوزراء الخاصة بملف النازحين

 

انتشار جديد لمئات مقاتلي "حزب الله" في حمص و"الحر" يتوعد : إسكات الأهالي عن قتلاهم بالمال

عن مسؤول الإعلام المركزي في الجيش السوري الحر فهد المصري البيان الآتي: قام أبطال كتائب النور بضرب احد حواجز الجرد في جبال القلمون بالاشتراك مع كتيبة المجاهدين الاحرار وتأتي العملية بالتزامن مع قيام ميليشيا حزب الله الإرهابية بإرسال مئات من العناصر الإجرامية وتعزيزات عسكرية وأمنية إلى المناطق الحدودية مع سورية من جهة القلمون بهدف التدخل و حماية طريق دمشق ـ حمص من الوقوع تحت ىسيطرة الجيش الحر لا سيما بعد قيام كتائب أسود السنة بضرب حاجز جسر النبك قبل يومين  إن الجيش الحر يتوعد  الأسد وعصاباته وميليشيا حزب الله  الإرهابية بزلازل وبراكين مدمرة وعمليات نوعية وكبيرة في القلمون وريف حمص ونتوعد المجرم حسن نصر الله بأن كل مجرم من عصابته سيتجرأ ويدخل الأراضي السورية فعليه أن يحفر قبره بيديه ونشدد بأن الثمن الذي سيدفعه حزب الله سيكون غالياً وكبيراً جداً وفي العمق نتيجة إمعانه في معاداة الشعب السوري والاعتداء على مواطنينا وأراضينا  ونعتقد أن حسن نصر الله يعرف تماما ماذا نعني بالعمق بعد تسلمه عشرات الجثث من عناصره الإجرامية التي زهقت أرواحها على يد أبطالنا الأشاوس على ترابنا الوطني

إننا نؤكد للشعب اللبناني العظيم أهلنا وأخوتنا ومن كل الملل والنحل والطوائف والمذاهب بأن حزب الله اشترى سكوت وصمت أهالي قتلاه بمبلغ 20 ألف دولار عن كل قتيل لكنه يتمكن من إسكات أهالي القتلى من أبناء العشائرالكبيرة لأنهم رفضوا دفنهم أبنائهم كالقطط لكننا سنسعى ومنذ الآن أن نكشف هوية القتلى والتسجيل المصور

 

نجيب ميقاتي: غلاف الكارثة البرّاق

 يوسف بزّي/المستقبل

في بلاد الإنجازات، وفي دول السعي نحو الأفضل، يسري ذاك التقليد السنوي لاختيار "شخصية العام" (رجل أو امرأة). ففي تلك المجتمعات حيث ثقافة المنافسة لما هو خير ومفيد تطبع عالم السياسة كما البيئة العلمية أو المجتمع الثقافي أو الحقل الاقتصادي.. فتكون الشهرة قائمة على حوافز المأثرة والإبداع والنجاح. وهذا ما يتيح لفكرة التقدم أن تهيمن، ولفكرة المصلحة العامة أن تتسيد، ولفكرة التطور أن تتحقق، ولفكرة الازدهار أن تتجسّد.

ويصحب هذا الاحتفاء العام والعلني نظام قيم أو منظومة أخلاقية تترجم نفسها على الدوام في تبوؤ الأكثر كفاءة مقاليد القيادة، وفي تصدر الأفضل إبداعاً واجهة المجتمع. وهذا ما يصون تلك المجتمعات من فساد أحوالها ومن اختلال بنيانها.

كل هذا حاوله اللبنانيون على مدار 15 عاماً (1990 2005) لإرساء حياة سياسية واقتصادية وثقافية "تركض" لاهثة نحو اكتمال نصاب الدولة والمجتمع، عملاً وإعماراً وتعليماً وتوظيفاً، وأخلاقاً وقانوناً وقيماً جديدة، كان السعي نحو الأفضل ونحو الإنجاز يكاد يكون الإرادة الغالبة على عمل اللبنانيين اليومي. بل بوسعنا الادعاء أن انتفاضة الاستقلال هي ذروة التعبير عن رغبة اللبنانيين بالقبض على المستقبل الأفضل. كانوا هم "شخصية العام" 2005.

لكننا الآن، نحن عند خاتمة 2012. ومنذ ذاك الربيع المفعم بالوعود انقضت سبع سنوات، ذهب فيها لبنان مكبلاً بقوة السلاح وسياسات الفتنة، سنة بعد سنة، من السيئ إلى الأسوأ الى الأشد سوءاً، فيما ترتسم الكارثة في الأفق.

هكذا خرجنا من نطاق المجتمعات التي تحصي إنجازاتها ونجاحاتها، لنعدد إخفاقاتنا وخيباتنا، وهكذا ما عادت المآثر حاضرة بقدر حضور المصائب والمخاطر.

يمكن القول إن هناك فعلاً تأسيسياً لـ"الزمن الرديء"، أو هو "الحجر الأساس" لمرحلة الانحطاط التي نعيش وقائعها. يمكن تعيين "غزوة" 7 أيار 2008، بوصفها نكوصاً الى ما قبل العام 1990 وعودة للسلاح الميليشياوي الفئوي الطائفي كفاعل أول في السياسة، وبوصفها خروجاً على الدولة والمجتمع، وانقلاباً على النظام والإرادة العامة.. هي اللحظة التي ابتدأ منها مسار الانزلاق نحو الانحطاط المتفاقم.

أفضى هذا كله الى أن يكون العام 2012 واحداً من أسوأ الاعوام التي عاشها اللبنانيون، وأكثرها استدعاء للخجل الوطني، ومدعاة للخوف والتشاؤم. هو العام السابع لمسلسل الاغتيالات ومحاولات الاغتيال، لكنه العام الأول الذي بات فيه القاتل علنياً متمتعاً بالحصانة. هو عام الصفر الاقتصادي ودونه. صفر يتضخم مبتلعاً أرقام الاقتصاد. هو عام إضافي من النذالات التلفزيونية المتفاقمة ابتذالاً للسياسة واللغة والأفكار. وهو عام الفتنة المتنقلة من مدينة الى مدينة والانفلات الأمني المتنقل على طول الخارطة اللبنانية، كما هو عام ازدهار عصابات الخطف وعشائر الخطف. هو عام ذروة جديدة من الفساد "المتأنق" بأيديولوجيا الطهارة، لابساً قبعة "الإصلاح". عام من تفاهة وابتذال عميمين ومكرسين بشعار "النأي بالنفس".

لذا، وتماشياً مع تقليد اختيار "شخصية العام" كان لزاماً علينا اتساقاً مع واقع حال عامنا الآفل، أن نبحث عن "أسوأ شخصية" لا "أفضل شخصية"، بوصفها الممثل الشرعي لسنة 2012، ورمزها المعبّر.

يمكن بسهولة أن نجد وفرة من الأسماء والشخصيات التي منحت العام 2012 الكثير من السيئات، وسببت الكثير من أعمال الشر، وأسهمت في الكثير من أفعال الفساد، وتورطت في الكثير من أسباب الضعف والانحطاط.

سيخطر ببالنا زعيم "حزب الله"، حسن نصرالله، كونه المحرّض والآمر والمخطط والمدبر في كل المجريات الكارثية التي توالت على لبنان منذ صيف العام 2006 مروراً بأيار 2008 وصولاً الى خطبه الحربية في عاشوراء. لكن، ورغم أنه أشبه بـ"الكابوس الأول" في السياسة اللبنانية، إلا أنه ليس رمزاً حصرياً أو استثنائياً للعام 2012.

يبرز ميشال سماحة بصفته "المجرم الأول" لهذا العام، فهذا الرجل الغليظ والعدواني، الذي يجسد كل ما يتصف به أتباع النظام السوري من وضاعة وخسة وميلاً أصيلاً نحو الإجرام والإرهاب، مثّل في فعلته الشنيعة، الموغلة في الشر، الجذر الأصلي لمفهوم السياسة في عقلية "الممانعة": القتل والكذب. مع ذلك، فإنّ سماحة لا يرقى الى سوية أسوأ شخصية للعام 2012، كونه ليس المسؤول الأول عما حلّ باللبنانيين من وهن ويأس وسوء حال، إنه علامة أكيدة على هذه الحقبة المظلمة.

قد يظن البعض أن هذه السنة تميزت بتهافت السياسة وركاكتها، وببروز ظواهر تؤكد على هشاشة السلم الأهلي واستنفار العصبيات وانكفاء المجتمع المدني وتقهقر سلطة الدولة والقانون. فيجدون مثلاً في أحمد الأسير دلالة على هذه الوقائع وعلماً عليها ومثالاً ساطعاً على انتكاس الحياة السياسية وتدهورها، لكننا نرى أن الأسير أو وئام وهاب أو حتى ماهر المقداد "بطل الخطف"، هم شخصيات النتائج لا الأسباب، هم من عوارض الداء العام، الأشبه بالطفح الخارجي، وليسوا الورم بحد ذاته. أعراض جانبية لا أكثر، حتى "الصهر المعجزة"، جبران باسيل، الذي أنهى هذه السنة بالمزيد من صغائر عنصريته، المعطوفة على فساد شغبه، ليس سوى ظل من ظلال هذه الحقبة المعتمة، وإن رشحه البعض ليكون أسوأ شخصية لهذا العام، كونه رجل اللاإنجاز الكهربائي.

على هذا المنوال، تحفل حياتنا اللبنانية بالعديد من الشخصيات النماذج التي "أنعمت" علينا بالسنوات العجاف. إنما وبحثاً عن "الرجل الأول"، رجل العام بامتياز، لا بد من اختيار نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة الحالي.

بالتأكيد هو ليس مجرماً، وقد يسعنا القول من الصعب اتهامه بالفساد، ونجزم بأنه مهذب عموماً، وهو رجل مسالم، ويتمتع بخصال ديبلوماسية وباللباقة. سنجد فيه الكثير من الصفات الحميدة والجيدة. لكن، ورغم كل هذا هو بامتياز "أسوأ شخصية" لهذا العام. إنه الممثل "الشرعي" والرسمي، إنه "المسؤول" الأول في السلطة التنفيذية التي ترسم السياسات العامة وتتخذ القرارات. إنه يتحمّل وزر وتبعات أعمال حكومته وخياراتها، وما تنفذه من إجراءات.

يجسد الرئيس ميقاتي، منذ لحظة قبوله دور "حصان طروادة" في انقلاب حلف 8 آذار، السمسار الذي يسوّق مبدأ "التعايش" بين الدولة والدويلة والتأقلم مع سلاح الأمر الواقع وتسويف أي اعتراض أو معارضة، مشرعناً الكارثة ومدبجاً التبريرات لتسليم رقبة البلد والعباد للسيّاف البطّاش، وبهذا المعنى، أرسى ميقاتي تقليداً سياسياً جديداً قوامه الحكم بالاستقالة، أي ممارسة السلطة مع التخلي الطوعي عن صلاحياتها ومنحها لـ"مرشد" الجمهورية، القوي المتغطرس الجبار، الذي لا يجوز إغضابه.

يلعب الرئيس ميقاتي دور "ملاطفة" الوحش، وهو من أجل ذلك مستعد أن يهب أطفاله عشاءً للوحش، إن كان هذا ثمناً مناسباً لما يسميه "الأمان" و"راحة البال".

ليس "النأي بالنفس"، شعار الرئيس ميقاتي الأثير، مبدأً سيئاً بحد ذاته، لكن هذا الشعار إذ ينزاح عن معناه ويتحول إلى التهرب المستمر من أي مسؤولية، يصير مدخلاً واسعاً لترك البلاد بلا أي قرار وبلا أي قيادة فعلية، كربّان سفينة يقفل حجرة القيادة وينام أثناء عاصفة، متأملاً في غفوته أن تكون المنامات خالية من الأمواج العاتية. وتلك على الأرجح أسرع طريقة للذهاب الى ظلمة الأعماق.

يمكن الظن أن "فلسفة" الرئيس ميقاتي تقوم على تجويف السياسة من أي موقف، إفراغها من أي خيار. تجميدها في صفر المعنى. بحيث أن القول أو الصمت سيّان، يخاطب الجميع بكل الكلمات من دون أن تحمل هذه الكلمات أي محتوى. "النأي بالنفس" بات نأياً عن مطلق سياسة.

ترتّب على هذه "الفلسفة"، التي نجد أصولها في "البراغماتية" الإنهزامية لحكومة فيشي إبان الاحتلال النازي لفرنسا، استسلاماً مواظباً من قبل الدولة للمتسلطين عليها داخلياً وإقليمياً، وتقييداً عنيداً للبنانيين لغير إرادتهم، وتواطؤاً متمادياً في معايشة الإرهاب والاغتيال.. بل والترويج لـ"حسنات" مهادنة القاتل ومقاسمته السيادة والدولة والمصالح والمؤسسات والتخلي عن حق تقرير المصير أو الاعتراض.

ونجم عن ظاهرة الميقايتة عودة سريعة الى أخلاقيات "ثقافة التابع"، التي أرستها الوصاية السورية وحوّلت رجال السياسة اللبنانيين الى "أزلام" متدافعين على أعتاب مكتب ضابط مخابرات دنيء ولئيم، وهذا ما يطعن بكل التضحيات والجهود التي بذلها اللبنانيون كي ينجزوا استقلالهم ويستعيدوا كراماتهم ويستردوا دولة تحكمهم بشرعية النظام الديموقراطي والخيار الحر.

يحلو للرئيس ميقاتي أن يقول إنه لا 8 ولا 14، رافعاً "الحياد" عنواناً له، رغم علمه أن حياداً مثل هذا هو اغتراب بالدولة عن مسؤولية الدولة وعن طلاب الدولة وعن "واجب" الدولة. فيكون حياده البكاء على القتيل والنوم مع القاتل. هكذا وطّد نجيب ميقاتي الأرضية والفضاء العام لليأس واللامعنى واللاأمن واللااقتصاد واللاسياسة، تاركاً لبنان، بقرار رسمي، للسلاح اللاشرعي، للخطف، للشبيحة، لأشباه ميشال سماحة، لمسلحي الزواريب، لوزراء على شاكلة باسيل وصحناوي منصور... قرار رسمي بـ"تجميل" الخراب.

يخيّل إلينا أن وظيفة ميقاتي، بمعناها الفعلي، هي جعل القنبلة مغلّفة بأبهى غلاف هدايا برّاق. إنها الخدعة الأسوأ، وهي الخدعة التي يحياها اللبنانيون في هذه الحقبة.

"غلاف" ميقاتي المنمّق للكارثة، يجعله "شخصية العام" 2012 الأسوأ.

 

إحراجات يواجهها «حزب الله» بفعل الأزمة: النازحون وتراجع الغطاء العربي والانتخابات

بيروت - وليد شقير

تقول مصادر سياسية بارزة لـ «الحياة» إن استمرار الأفق المسدود في الأزمة السياسية الراهنة في لبنان مع تزايد تداعيات الأزمة السورية على أوضاعه غير المستقرة، بات يسبب إحراجات لا حصر لها عند جميع الأطراف السياسيين، لا سيما «حزب الله» الطرف الأقوى على الساحة والذي يشكل الدعامة الأساسية لاستمرار الحكومة الحالية التي يرفض تغييرها بعد أن تحوّل مطلب سقوطها بالنسبة الى قوى المعارضة محور أي ثغرة يمكن أن تفتح في جدار التأزم السياسي الذي تصاعد في لبنان منذ 3 اشهر.

وتشير هذه المصادر الى أن الإحراجات التي تطاول «حزب الله» باعتباره العمود الفقري للأكثرية الحالية تأتيه من خصومه ومن حلفائه وأصدقائه على السواء، وباتت تتطلب منه خطوات وقرارات جريئة تساهم في تخفيف تعرض لبنان لأضرار المرحلة الدقيقة على الصعيد الإقليمي ولتحصينه حيال انعكاسات التأزم الناجم عما يدور في سورية على علاقات مكوناته.

وترى هذه المصادر أن هذه الإحراجات تتراوح بين ما هو يومي وآني يطرأ بفعل تطورات الأزمة السورية، وبين ما هو جوهري واستراتيجي في تحالفاته وموقعه الإقليمي واللبناني.

وتقول هذه المصادر إن على رغم أن جميع الأطراف في «قوى 8 آذار» و «قوى 14 آذار» تعتمد في مواقفها سياسة انتظار ما ستؤول إليه الأزمة في سورية، فإن هذا الانتظار لا يلغي التحديات التي تواجهها والتي تستنزفها بهذا القدر أو ذاك وهي في حال الانتظار.

وتعدد هذه المصادر بعض القضايا التي تحرج «حزب الله» وتفترض أن يلجأ الى سياسة أكثر ليونة في تعاطيه مع التأزم السياسي اللبناني بالآتي:

1 - تزايد أعباء قضية النازحين السوريين والفلسطينيين على لبنان والتي لبعض حلفائه موقف سلبي حيالها، لا سيما بعد اندلاع معارك مخيم اليرموك الفلسطيني في ضاحية دمشق. ففضلاً عن أن هذه المعارك أدت الى خروج «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» بقيادة أحمد جبريل من المخيم بدخول «الجيش السوري الحر» ومجموعات معارضة إليه، يطرح استمرار المعارك في المخيم، والذي استهدف في الحصيلة حليفاً رئيساً للحزب ولإيران، السؤال عما إذا كان انتقال مقاتلين من «القيادة العامة» الى لبنان سيزيد على الحزب أعباء تأمين مظلة لتزايدهم على الأرض اللبنانية.

إلا أن الإحراج في هذا المجال يزداد عند الحزب في ما يخص اللاجئين الفلسطينيين الذين تزايدوا بعد معارك اليرموك في ظل موقف سلبي من حلفائه في «التيار الوطني الحر» الداعي الى إقفال الحدود في وجه هؤلاء. وهو أمر لا يتناسب مع موقف الحزب الداعم للشعب الفلسطيني ولا يتناسب مع كل عناصر التعبئة السياسية والأيديولوجية للحزب في ما يخص شعارات الممانعة والمقاومة والتضامن مع الفلسطينيين، هذا فضلاً عن أن الحزب سيكون مدعواً لكل هذه الأسباب الى تسهيل إقرار خطة استيعاب النازحين السوريين والفلسطينيين التي ستبحث في مجلس الوزراء، وقادته لم يكونوا مرتاحين لمواقف حلفائه حيال إيواء هؤلاء.

أما بالنسبة الى النازحين السوريين الذين بات عددهم يفوق الـ 160 ألفاً، فإن أمام الحزب، باعتباره الفريق الفاعل في الحكومة والأكثر قدرة وتأثيراً في الأكثرية، تحدي الحؤول دون تنامي النقمة عليه في صفوف هؤلاء، بسبب مواقف حلفائه السلبية منهم، بحجة أن في صفوفهم «إرهابيين» أو نشطاء معادين للنظام.

«حماس» و«الأخوان»

2 - تراجع الغطاء العربي والسنّي للحزب في سياسته بالعلاقة مع الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، بدءاً من انفكاك التحالف بين إيران وحركة «حماس»، على الصعيد الفلسطينيين. وإذ يعتبر حلفاء إيران أن على رغم انتقال «حماس» الى الموقع المنحاز الى الثورة السورية والرافض لسياسة النظام السوري وبالتالي اختلافها مع إيران على دعمها له، فإن بقاء «الجهاد الإسلامي» في فلسطين على علاقتها الوثيقة مع طهران يبقي للأخيرة ورقة مهمة في موطئ القدم ضمن الخريطة الفلسطينية، هذا فضلاً عن اعتقاد بعض قادة «حزب الله» والقيادة الإيرانية بأن ثمة جناحاً في «حماس» ما زال يصر على استمرار التحالف معها نظراً الى الدعم التسليحي الذي تقدمه الى المقاومة في غزة. إلا أن المتتبعين لما آلت إليه علاقات الحزب العربية، بسبب موقفه المنحاز الى النظام في سورية، يرون أن هذا لا يلغي واقعاً جديداً نشأ هو انفكاك قيادة «حماس» عن هذه السياسة، فضلاً عن أن الأخيرة وجدت مصادر تمويل أساسية بديلة أهمها المصدر القطري الذي تجلى أثناء زيارة أمير دولة قطر غزة، حيث أعلن عن مساعدات مالية لإعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي عام 2008 - 2009.ويذكّر هؤلاء، في سياق الحديث عن تراجع الغطاء السنّي العربي للحزب، بابتعاد «الإخوان المسلمين» عن الحزب، الذين كانوا ساندوه ودعموا مواجهته لإسرائيل عام 2006، خلافاً لنظام حسني مبارك آنذاك. فحكم الإخوان في مصر أخذ موقفاً منحازاً الى الثورة السورية ويساند الحلول التي تدعو الى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وباتت مصر في ظل قيادة «الإخوان» هي التي ترعى الأوضاع السياسية والأمنية في غزة، حيث كانت اليد الطولى في التفاوض على وقف العدوان الإسرائيلي الأخير، وفي التفاوض على الهدنة من دون أي دور لإيران. وهي تواصل جهودها لرعاية تنفيذ خطوات المصالحة الفلسطينية.

وبينما يرى حلفاء طهران والحزب أن للأولى أوراقاً لا تقل أهمية هي صلاتها مع فرقاء في دول عربية عدة مثل بعض دول الخليج كالبحرين، وفي اليمن حيث يجب عدم الاستهانة بصلاتها مع أطراف الأزمة فيه، فإن متتبعي خريطة العلاقات الإيرانية يرون أن هذه الأوراق لها وظيفة الإزعاج للخصوم، لكنها لا تتيح للسياسة الإيرانية التغطية اللازمة لاستراتيجيتها العربية.

3 - لهذا التراجع في الغطاء العربي لسياسة الحزب وأهمها العطل الذي أصاب التغطية السورية بسبب الأزمة المفتوحة في بلاد الشام، امتدادات على الصعيد اللبناني. ويلاحظ مراقبون حياديون أن هذا الامتداد، أدى الى فكفكة مجموعات وهيئات دعم الحزب إنشاءها ونموها في بعض الأوساط السنّية التي لـ «تيار المستقبل» النفوذ الراجح فيها، هذا فضلاً عن أن المزاج السنّي الشعبي العام أظهر تصاعداً في التضامن مع الثورة السورية، ما زاد في ظهور مجموعات مضادة للنظام السوري وللحزب في لبنان مثل ظاهرة إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا الشيخ أحمد الأسير، أخذت تتجرأ على الحزب وقائده.

أما المجموعات التي تعرضت للتفكيك، فبعضها في طرابلس والآخر في عكار، فضلاً عن منطقة الطريق الجديدة في بيروت. وكان لهذا التفكيك امتداده الفلسطيني، إذ أعلن تنظيم «أنصار الله» الذي يتواجه في مخيم عين الحلوة، قطعه العلاقة مع «حزب الله» بسبب دعمه للنظام السوري، بعد أن كان هذا التنظيم يصنف على أنه حليف رئيس للحزب، الذي اقام معه علاقة مبكرة.

4 - مع اعتقاد خصوم «حزب الله» اللبنانيين أن الإحراجات التي يواجهها بسبب رعايته للتركيبة الحاكمة الحالية في لبنان، منذ إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري بداية عام 2011، تكبر وتزداد، لا سيما على الصعيد الاقتصادي، فإن الإحراج الذي يبدو ملحّاً هو المتعلق باستحقاق الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، لا سيما إذا حال تباعد المواقف بين الفرقاء حول قانون الانتخاب دون التوافق على قانون جديد، ما سيفرض إجراءها على قانون الستين الحالي الذي يقول عدد من حلفاء الحزب، لا سيما حليفه الرئيس العماد ميشال عون إنه لن يقبل أن تجرى على أساسه، ما يعني السعي الى تأجيلها، الأمر المتعذر لأن لا أكثرية نيابية توافق على التصويت لقانون التمديد للمجلس النيابي الحالي، ولأن إحالة مشروع للتمديد للبرلمان من الحكومة قد يكون متعذراً أيضاً طالما أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يعارض ذلك ومعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط. وهذا يحرج الحزب لأن تأجيل الانتخابات متعذر، (إلا إذا حصل حدث أمني ما قد يزيد في إحراجه) وإجراؤها يتطلب حواراً معمقاً بينه وبين خصومه لتجرى على قاعدة قانون الستين، يتناول ما بعدها. وباب الحوار ما زال مقفلاً، وقد يتطلب مبادرة ما منه بالعلاقة مع قوى المعارضة، لا سيما «تيار المستقبل»، فيما يشكل استمرار الحكومة الحالية عائقاً أمام إطلاق أي حوار.

 

أوباما يوقع قانونا للحد من تأثير إيران في أميركا اللاتينية

عواصم - ا ف ب, د ب أ: وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما, قانونا يهدف إلى تطويق النفوذ الإيراني في أميركا اللاتينية عبر ستراتيجية ديبلوماسية وسياسية يفترض أن تحددها وزارة الخارجية الأميركية.

ودعا قانون تطويق إيران في النصف الغربي من العالم الذي أقره الكونغرس مطلع العام الحالي, وزارة الخارجية إلى أن تعد خلال 180 يوما ستراتيجية "للتصدي لنمو الوجود والنشاط المعادي لإيران" في المنطقة.

وطالب وزارة الأمن الداخلي بتعزيز المراقبة على حدود الولايات المتحدة مع كندا ومكسيكو "لمنع أي عناصر ناشطة من إيران والحرس الثوري وقوته فيلق القدس وحزب الله أو أي منظمة إرهابية أخرى, من دخول الولايات المتحدة". ويفترض أن تكون هذه الستراتيجية سرية ولا يطلع عليها سوى البرلمانيين, لكنها ستتضمن ملخصا عاما للنشر. وداخل دول أميركا اللاتينية, ينص القانون على خطة لعمل لمختلف وكالات الإستخبارات من أجل ضمان الأمن في هذه البلدان إلى جانب "خطة لمكافحة الإرهاب والتطرف" من أجل عزل إيران وحلفائها. من جهة أخرى, ذكرت صحيفة "غلف نيوز" الإماراتية أن سفينة إيرانية لنقل البضائع غرقت في المياه الإماراتية بسبب سوء الأحوال الجوية لكن مروحية أنقذت أفراد طاقمها الستة. وغرقت "سفينة الجسورة" التي لم يعرف حجمها ولا نوع حمولتها, أول من أمس, في مياه هائجة على بعد 10 أميال من ساحل إمارة أم القيوين, بعيد مغادرتها إمارة الشارقة عائدة إلى إيران. وكانت أجهزة الدفاع المدني التقطت نداء استغاثة من الطاقم وأرسلت مروحية للشرطة مدعومة بزوارق لخفر السواحل لإنقاذ البحارة الستة الذين كانوا يواجهون خطر الغرق.

على صعيد آخر, دعا وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي, أمس, نظيره الأميركي المقبل إلى أن يستخلص الدروس من الماضي ويتجنب السياسات "الاستفزازية" التي تلحق ضررا بالمصالح الأميركية.

ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء عن وحيدي قوله "أنصحهم بالتفكير والتصرف بحكمة وتجنب الاستفزازات في تصرفاتهم وتعاطيهم في مواقف جديدة لا تعنيهم لأن هذا الخط من التصرف (تجنب التحركات الاستفزازية) سيخدم مصالح الشعب الأميركي وشعوب العالم وسيحفظ ماء وجه الولايات المتحدة". وأضاف أن المسؤولين العسكريين الأميركيين لم يظهروا سلوكيات حكيمة ومنطقية في الماضي, معربا عن أمله في أن "يستخلصوا الدروس من هذه القضايا والتحرك في اتجاه يخدم مصالحهم ومصالح شعوب العالم أيضا". وجاءت تصريحات وحيدي على خلفية تقارير إعلامية مفادها أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يقوم باستعراض قائمة من المرشحين لشغل منصب وزير الدفاع خلفا للوزير الحالي ليون بانيتا الذي أعلن نيته الاستقالة.

 

أكد أنه يهدد بخراب لبنان/عمار حوري لـ"السياسة": السفير السوري تحول إلى زعيم ميليشيا

بيروت - "السياسة": توقفت مصادر نيابية معارضة عند الكلام الخطير الذي أدلى به السفير السوري علي عبد الكريم علي من الرابية, في أعقاب زيارته لرئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون, مشيرة إلى أن موقفه هذا انعكاس للوقائع الميدانية على الأرض بعد سلسلة من الهجمات الموجعة لقوات الثورة السورية على جيشه في أكثر من محافظة, وذلك بالتزامن مع الحديث عن مبادرة دولية من أبرز شروطها إقصاء الرئيس بشار الأسد عن الحكم. وفي هذا السياق, قال عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري لـ"السياسة" إن حراك السفير السوري تجاوز كل الأعراف الديبلوماسية وتحول إلى زعيم ميليشيا يهدد بخراب لبنان. وأضاف "من المؤسف أن يتيح العماد منبره لمهاجمة لبنان والسيادة اللبنانية, بغض النظر عن الجهة التي تهاجم وتهدد, فهذه الجهة سبق وأخبرنا عون أنه يناضل ضدها, ثم اكتشفنا لاحقاً أن حجم التفاهمات من تحت الطاولة كانت هي المتحكمة بالمواقف السياسية الحقيقية للعماد عون, وبالأخص بعد أن بات منبر الرابية خارج الحسابات اللبنانية وبات للنظام السوري منبر آخر في لبنان". أما وزارة الخارجية فهي مع الأسف تحولت إلى فرع لوزارة الخارجية السورية, والتي بحكم الواقع والتقدم للمعارضة السورية أصبحت بحكم الساقطة عسكرياً, لذلك استعانت بورقة الاحتياط اللبنانية. وعن نجاح اللجنة الفرعية في إقرار قانون جديد للانتخابات, رأى حوري أن هذا الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على مدى اقتناع الفريق الآخر بالتوصل إلى الحل المنشود, واستعداده للتفاهم على قانون انتخابي يغلب بالدرجة الأولى مصلحة لبنان على المصالح الفئوية الضيقة لهذا الفريق.

 

أشار إلى شكوك في كل تصرفات "8 آذار" / نائب "القوات اللبنانية" فادي كرم لـ"السياسة": عدم الاتفاق على قانون انتخابات يوجه ضربة قاضية للديمقراطية

بيروت - "السياسة": لم تهدأ العاصفة التي أثارتها تصريحات السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي, والتي وجه فيها انتقادات غير مباشرة إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي كان طالبه بالتزام الأصول الديبلوماسية المعتمدة وعدم استخدام المنابر الرسمية للتهجم على الوزراء والقيادات السياسية. وفي خطوة بدت لافتة ومستغربة في آن واحد, دافع وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور عن السفير السوري, واصفاً الحملات التي تشن عليه بـ"الأمر المعيب". ورأى نائب "القوات اللبنانية" فادي كرم أن ممارسات السفير السوري في لبنان تعكس في جانبٍ كبير منها القناعة التي ما زالت موجودة لدى النظام السوري بأن لبنان تابع له, و"هذا سبب مشكلتنا معه, ويعتبر نفسه وصياً على لبنان, وللأسف فإن هذا النظام الذاهب إلى الزوال والذي يعيش آخر أيامه, سيبقى يتصرف بهذه الطريقة". وقال كرم في تصريح لـ"السياسة" إن "السفير السوري في لبنان ليس سفيراً, بل هو رجل مخابرات, لأن السفارة السورية ليست سفارة بل هي مركز مخابرات". ولفت في مجال آخر إلى أنه "إذا كان لدينا حس وطني, فيجب أن نصل إلى نتيجة, أي اجتماعات اللجنة المختصة بقانون الانتخابات, فنحن سنشارك بكل إيجابية ونتوقع كـ"قوات لبنانية" التوصل إلى قانون انتخابي الأقرب إلى الأفضل تمثيلاً". وأضاف أن "المطلوب الاتفاق على قانون انتخابي لإجراء الاستحقاق النيابي على أساسه, وإلا فإنه سيصار إلى توجيه ضربة قاضية للديمقراطية في حال لم تحصل الانتخابات النيابية في موعدها". وأشار كرم إلى أن "لدينا خشية وشكاً في كل تصرفات فريق "8 آذار" من خلال إصراره على الذهاب إلى خطوات غير ديمقراطية ولشل الدولة والمؤسسات".

في المقابل, شكك الوزير علي قانصوه بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها إذا لم يتم التوافق على قانون جديد, مشدداً على أهمية الحوار الوطني, وإلى تلبية دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى الحوار, ومعتبراً أن تداعيات الأزمة السورية على لبنان قد تحول دون إجراء الاستحقاق النيابي في موعده.

 

بعد تهديدات عائلات المخطوفين التسعة في حلب تركيا تحذر "حزب الله" من الاعتداء على قواتها في جنوب لبنان

حميد غريافي: السياسة

أعلن ديبلوماسي تركي في لندن, ان الاستخبارات التركية وحلفاءها داخل لبنان وسورية, إضافة الى قيادة القوات الدولية في منطقة الناقورة جنوب لبنان, حذرت قيادة "حزب الله" من أن أي اعتداء على القوات التركية في "يونيفيل" المرابطة في بلدة الشيعتية بقضاء صور, على خلفية تهديدات عائلات المخطوفين الشيعة التسعة, في حال لم تتدخل انقرة بقوة نفوذها لدى مقاتلي الثورة السورية الذين يحتفظون بهم في حلب لإطلاق سراحهم, "سوف يواجه بإجراءات ميدانية على الارض, من شأنها منح قيادات الجيش اللبناني المسؤول الأول والأخير القرار الدولي 1701 عن سلامة قوات "يونيفيل" في لبنان, حصانة اكبر في مقاومة تجاوزات تلك العصابات في جنوب الليطاني المحظور وجودها فيها اصلا".

ونقل الديبلوماسي التركي لـ"السياسة" عن مسؤوليه في وزارة الخارجية التركية "غضبهم من تصرفات الجماعات المؤتمرة بأوامر دمشق وطهران في بلد مستقل وسيد وحر هو لبنان, مؤكدين انهم وجهوا تحذيرات الى حكومة نجيب ميقاتي بواسطة قنواتهم الديبلوماسية والى رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش بواسطة طرف لبناني ثالث".

وأضاف أن مفاد تلك التحذيرات أن "تركيا ودول حلف شمال الاطلسي التي تنتسب اليه, لن تتردد للحظة واحدة في الدفاع عن قواتها في جنوب لبنان او مياهه الاقليمية اذا حاولت عصابات حسن نصرالله وضباط الحرس الثوري المتواجدين بينها, الاعتداء على تلك القوات, خصوصا بعدما اصدر "الجيش السوري الحر" في حلب بيانا سحب بموجبه يده من وساطته في ملف المخطوفين اثر حملات الشتائم التي تعرض لها من وسائل اعلامية في قوى "8 آذار" اللبنانية الملحقة بـ"حزب الله", ما حمل اهالي المخطوفين على قطع طريق العسكر الرئاسي اللبناني في منطقة بعبدا شرق العاصمة, وعلى توجيه تهديد الى القوة التركية في "يونيفيل" البالغ تعداد افرادها العسكريين 360 عنصرا يقومون بنشاطات خدماتية ويشاركون في نزع الالغام الاسرائيلية ولا يسيرون دوريات مؤللة اصلا وهم يعملون بشكل حميم مع القوات الايطالية دون ان يكون لهم اي تواصل مع القرى الشيعية جنوب الليطاني".

وقال الديبلوماسي التركي ان قيادة الجيش اللبناني "مسؤولة عن اي اعتداء على القوات التركية او غير التركية في لبنان, وان حكومة رجب طيب اردوغان حذرت قيادة الجيش اللبناني من مغبة اي عمل ضد مواطنيها العسكريين في الجنوب او المدنيين في الداخل اللبناني كالاختطاف او الاغتيال او الاعتداء الجسدي, مقابل اطلاق الثوار السوريين الشيعة التسعة في حلب, دون ان تكون لتركيا اي علاقة بالموضوع, وبعد محاولات مضنية قامت بها وزارة الخارجية التركية لاطلاق سراحهم, و"حزب الله" وسعد الحريري مطلعان على تلك الجهود".

وأكد الديبلوماسي ان "تركيا دولة لا يمكن التلاعب معها او تهديدها من قبل عصابات ارهابية مدرجة على كل لوائح الارهاب في العالم امثال "حزب الله" والحرس الثوري الايراني ومجرمي بشار الاسد وشبيحته, ولديها كل الامكانات للرد على اي اعتداء على قواتها في جنوب لبنان, وهناك دلائل سابقة على جديتها في اجراءات رد الاعتداءات عليها, من أهمها قضية تسليم النظام السوري زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله اوجلان الى انقرة بعدما حشد الجيش التركي دباباته على حدود سورية".

 

النأي بالنفس: محكمة للقتيل.. وحكومة للقاتل بداية نهاية الجمهورية الانتقالية

جورج بكاسيني/المستقبل

لم يعرف اللبنانيون استقلالاً ناجزاً.. منذ الاستقلال.

ظنّوا في العام 1943 انه صار لهم وطن مكتمل السيادة، قبل أن تنقضّ بعد ثلاثة عقود قوات الاحتلال الإسرائيلي على جزء من أراضيه، وتتسلّل قوات الوصاية السورية إلى ما تبقى منها.

احتفل اللبنانيون بذكرى الاستقلال، على مدى ثلاثين عاماً، وجيشان يتقاسمان وطنهم.. إلى أن تحقّق الاستقلال الثاني مع انسحاب الجيش السوري في العام 2005 (بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في العام 2000) قبل أن يكتشف اللبنانيون مرة جديدة ان استقلالهم الثاني لم يكتمل هو الآخر طالما أن "ملائكة" الوصاية بقيت حاضرة في حياتهم اليومية، والسياسية والرسمية، إلى أن عاد هؤلاء "الملائكة" إلى السلطة، وحدهم، يتحكمون بالبلاد والعباد، تماماً كما كانت الحال في أيام الوصاية العسكرية.

معنى ذلك أن اللبنانيين لن يعرفوا استقلالاً ناجزاً طالما أن النظام السوري (المستمر منذ أربعين عاماً) قائم، وبالتالي قادر على استنباط أشكال مختلفة من الوصاية على لبنان، وإن صار خارج الحدود، تماماً كما كان الحال قبل دخول جيشه إلى لبنان. ذلك ان النظام الذي دشّن انتهاك السيادة اللبنانية عبر أذرعه الفلسطينية في النصف الأول من السبعينيات (بعد سنوات قليلة من توليه السلطة في سوريا)، واصل سياسة الانتهاك هذه، بداية، عبر تسلل جيشه إلى لبنان من بوابة قوات الردع العربية، وصولاً إلى تحوله جيش وصاية بالتمام والكمال، لينفرد بالسيطرة على القرار اللبناني.

وهكذا فُرّغ الاستقلالان الأول والثاني من مضمونهما، ليصبح رهان جزء كبير من اللبنانيين مع حلول الربيع السوري معقوداً على سقوط النظام السوري الذي يساوي بالنسبة إليهم استقلالاً "ثالثاً وثابتاً".

هي المرة الأولى التي يشعر فيها اللبنانيون أنهم على عتبة استقلال ناجز... كما لو ان النظام الآيل إلى السقوط هو نظامهم، أو هم جزء منه. يتطلعون إلى فصل بين المسارين (نقيض التلازم) يُتوّج باستقلال حقيقي مقرون بنظام ديموقراطي في سوريا شبيه بنظامهم، باعتبار أن أزمة لبنان المزمنة مع النظام السوري لم تكن بسبب من وصايته على اللبنانيين وحسب، وإنما أيضاً بسبب اختلاف طبيعة النظامين. فعلى امتداد ثلاثين عاماً ونيّف دأب النظام السوري على تحويل لبنان إلى نظام شبيه به، وقد نجح في ميادين كثيرة. اما اليوم فتنقلب الآية بحيث أصبحت الفرصة متاحة لكي يصبح النظام السوري شبيهاً بنظيره اللبناني وليس العكس.

وبذلك يصبح لبنان على أبواب جمهورية ثالثة بمجرد سقوط هذا النظام الذي تمكّن من الاجهاز على الجمهوريتين الأولى والثانية، رغم وجود مؤثرات داخلية وخارجية أخرى لعبت أدواراً في هذا المضمار.

ذلك ان الجمهورية الأولى التي جسدّت الاستقلال الأول العام 1943 معطوفاً على اقرار دستور لبنان العام 1926 بعد إنشاء لبنان الكبير العام 1920، حقّقت الحدود الجغرافية للبنان التي جرى انتهاكها من قبل جيش الوصاية السورية من جهة، ومن قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة مقابلة.

أما الجمهورية الثانية التي ولدت مع اتفاق الطائف العام 1989 فحقّقت هي الأخرى الحدود السياسية للبنان، مع إقرار اللبنانيين مجتمعين بلبنان "وطن نهائي لجميع أبنائه"، بعد أن كانت خارطة "لبنان الكبير" أصغر من طموحات غالبية المسلمين، واكبر من طموحات غالبية المسيحيين. لكن الحدود السياسية انتُهكت أيضاً مع هيمنة النظام السوري على القرار اللبناني بما في ذلك على تنفيذ دستور الطائف، مما فرّغ "الحدودين" الجغرافية والسياسية من معناهما، حتى بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري، باعتبار ان دور النظام السوري في لبنان وإن تراجع إلا انه استطاع ان يحافظ على قدرة تعطيلية وتخريبية في آن منعت اللبنانيين من التنعّم باستقلالهم الثاني.

وبهذا المعنى يمكن القول إن ما شهده اللبنانيون منذ العام 2005 وحتى اليوم، إنما كان عبارة عن مرحلة انتقالية في جمهورية انتقالية، لا يمكن أن تتوّج باستقلال حقيقي الا بسقوط النظام السوري القابض على أنفاس اللبنانيين، كما السوريين. وأن رحيل هذا النظام يمثّل الفرصة الحقيقية لا بل الطريق الأوحد لبناء جمهورية ثالثة تكرّس "الحدودَين" الجغرافية والسياسية للبنان.

ذلك أن المعادلة التي حَكَمت اللبنانيين منذ العام 2005 وحتى اليوم، المفروضة من النظام السوري وحليفه "حزب الله"، رست على مرحلتين أوصلتا البلاد إلى أفق مسدود: الأولى فوز قوى 14 آذار في الدورتين الانتخابيتين 2005 و2009 ، فحسَمت الأكثرية لكنها لم تحكم، فيما حَكَمت قوى 8 آذار في 2010 (بواسطة أكثرية مزورة) ولم تحسم، أي انها لم تتمكن من إضفاء شرعية على هذه "الأكثرية"، بدليل عدم قدرتها على الحفاظ على الأكثرية في ملفين مهمين هما تمويل المحكمة الدولية وقانون الانتخاب. فوقع لبنان بين أكثريتين "وهمية" و"مزورة"، واحدة غير قادرة على الحكم، وثانية غير قادرة على الحسم. فيما ابتدعت حكومة نجيب ميقاتي نظرية غير مسبوقة تحت شعار "النأي بالنفس"، ظنّاً من رئيسها أنه بذلك يمنع الصِدام بين "الأكثريتين" المشار إليهما، فلا أحسَنَ النأي حيث يجب النأي، ولا أحسَنَ التدخّل حيث يجب التدخّل، فصار شعاره رديفاً لمعادلة تجمع الشيء ونقيضه على طريقة: تمويل محكمة للقتيل.. وتشكيل حكومة للقاتل.

فكيف يمكن أن تستقيم حياة ديموقراطية ودستورية في وطن نصفه موالٍ لنظام آخر؟

الجواب بسيط: لن تستقيم العجلة الديموقراطية في لبنان قبل سقوط هذا النظام. والعقود السابقة خير برهان على ذلك، وكذلك المستقبل.

 

طلاب الدولة الدينية يواجهون دعاة الدولة المدنية... والأجواء ملبدة بالغيوم 

المصريون متشائمون: الاستفتاء على الدستور قادنا إلى الانقسام

القاهرة: محمود عطوان/السياسة

حالة الانقسام المجتمعي التي تعيشها البلاد في الفترة الراهنة جراء سياسات جماعة الاخوان المسلمين التي عمقت الخلافات وزادت من حالة الاستقطاب السياسي الذي يبدو انه سيكون مقدمة لخلافات أكبر بين القوى السياسية في مرحلة ما بعد الاستفتاء, تعد مؤشراً خطيرا فقد أشار خبراء السياسة والمفكرون إلى أن مرحلة ما بعد الاستفتاء ستشهد الكثير من السيناريوهات على صعيد الصراع بين التيارات المدنية والاسلامية وبين التيارات الدينية وبعضها البعض, لأن تلك الفترة الصعبة ستغير مسار الأوضاع السياسية والاقتصادية, وأكدوا على أهمية مشاركة كل القوى السياسية في اتخاذ القرار لتحديد أجندة للخروج من الأزمة الراهنة في اطار حوار توافقي يضمن نجاحه.

للتعرف على المزيد من سيناريوهات مرحلة ما بعد الاستفتاء كان هذا التحقيق:

يقول المفكر القبطي جمال اسعد: نتائج الاستفتاء أيا كانت لا تمثل أي حالة من حالات الاستقرار فنحن في هذه المرحلة أمام حالة من التشرذم والتشدد السياسي لكل القوى السياسية وفي حالة مصادمات وصلت إلى ما يسمى بالاعتراض الأهلي, فضلا عن مزيد من الفوضى السياسية التي أدت في النهاية إلى انقسام المجتمع بين ما يسمى بدعاة الدولة المدنية أمام الدولة الدينية, والدستور الذي كان حلا للمشكلة أصبح جزءا كبيرا فيها حيث تم اختطاف الدستور لتأسيس دولة دينية ما أدى لمواجهة حقيقية على أرض الواقع بين التيارات المختلفة ووصلت تلك المصادمات إلى تهديد حقيقي لأمن وسلامة الوطن.

ويجب ألا نعول كثيرا على نتائج الاستفتاء بقدر ما نسعى للبحث عن حل للخروج من هذا المأزق في هذه المرحلة الانتقالية وهذا لا يتأتى الا اذا اقتنعت التيارات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين أن مصر لا يمكن أن تحكم بفصيل واحد وأن المشاركة التي تمت في التحرير وأسقطت مبارك من الممكن أن تعود مرة أخرى.

وأضاف أسعد, ان الاخوان لم يطرحوا أجندة حل ذات مراحل زمنية واضحة لذلك ثبت أنهم غير قادرين على حكم مصر كما أن المعارضة بمفردها لا يمكن أن تحكم وهنا التوافق كان طبيعيا أن يستمر حيث انه بعد أي ثورة في حالة الفوضى لا بد أن يستمر التوافق حتى تتم اعادة الشرعية الدستورية ويستقر المجتمع ثم بعد الاستقرار يمكن أن يتنافس المتنافسون بالتيارات المختلفة, ولذلك هنا لا بد أن يمد رئيس الجمهورية يده وفورا إلى المعارضة ويتم الاتفاق على المواد الخلافية في الدستور التي سيتقدم بها الرئيس لمجلس النواب القادم مع وجود ضمانات حقيقية تضمن تعديلها لأن المجلس له حق الرفض أو القبول لتلك التعديلات واذا ما رفض فهنا ستكون الطامة الكبرى وسيتطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه, وأشار إلى أن الاسراع في اقرار الدستور والانتقال إلى الانتخابات البرلمانية سيؤدي إلى مزيد من الانقسام وعدم الاستقرار ووقتها لا يمكن أن تتم الانتخابات في هذه الحالة لأنها من الممكن أن تتحول إلى حرب أهلية ولا بد أن يكون هناك اتفاق حول المواد الخلافية قبل الانتخابات وهذه مسؤولية رئيس الجمهورية باعتباره السلطة الحاكمة, وعلى التيار الاسلامي أن يتنازل عن استكباره وغروره لأن الوطن للجميع والظروف الحالية غير الطبيعية تفرض وجود مشاركة وتضامن والا لن تسير سفينة الوطن إلى بر الأمان.

وطالب أسعد كل القوى السياسية بالمشاركة في اتخاذ القرار لتحديد أجندة موقتة للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد, ويجب أن يكون الحوار توافقيا حتى نضمن نجاحه.

صراعات دينية

ويقول الدكتور محمد الخولي الباحث السياسي والتاريخي في مجلس الشعب, اذا تم اقرار الدستور بشكله الحالي فاننا بصدد صراعات دينية مستقبلية كبيرة حيث ستصطدم التيارات الدينية مع بعضها البعض فالسلفيون يساندون الاخوان الآن في اقرار الدستور وبعدها سيطالبون بنصيبهم ودورهم في المؤسسات الأمر الذي سيؤدي إلى نشوب صراعات بينهم, فما يقوم به الشيخ حازم أبو اسماعيل في هذه الفترة لا يمكن أن يكون من دون مقابل في المستقبل وبالتالي فنحن بصدد صفقة بين السلفيين والاخوان ستكشف عنها الأيام المقبلة, أما اذا ما تم رفض الدستور فالصراع سيكون مقتصرا فقط على تأسيس اللجنة التي ستضع الدستور.

وأشار د. الخولي إلى أن مشكلة التيارات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين تتمثل في أنهم ما زالوا لا يرون الآخر ولا يستمعون له, مناشدا تيار الاسلام السياسي أن يتقي الله في مصر. وانه كان يتمنى أن تضع الدستور لجنة من خبراء القانون الدستوري, لاعداده بشكل جيد وفق مواد واضحة ومانعة بعيدا عن العبارات الانشائية غير المفهومة التي تفتح المجال للاجتهاد والتأويل بأكثر من طريقة.

جبهة الانقاذ الوطني

يقول الدكتور أحمد زارع - عميد كلية الاعلام والفنون بجامعة الأقصى الأسبق وأستاذ الاعلام بجامعة الأزهر: جرى الاستفتاء بمنتهى الشفافية والنزاهة وبطريقة ديمقراطية رائعة على عكس ما كان يحدث في الاستفتاءات التي كانت تتم في عهد النظام السابق وما ذكرته القوى المدنية والليبرالية من وقوع بعض المخالفات لا يؤثر بأي حال من الأحوال على نتيجة الاستفتاء, محملا هذه القوى مسؤولية حالة الانقسام التي يشهدها المجتمع في المرحلة الحالية والتي أدت إلى وقوع اشتباكات واصابات بين أبناء الوطن الواحد, حيث رفض أعضاء جبهة الانقاذ الوطني الدخول في الحوار الوطني الذي دعت اليه التيارات الاسلامية ومؤسسة الرئاسة للتوصل إلى حل توافقي على المواد الخلافية التي يعترضون عليها في الدستور, فهم يسعون فقط إلى تحقيق أهداف خاصة وليس مصلحة الوطن والمواطن كما يزعمون, وما يؤكد ذلك التصريحات التي أطلقها بعض أعضاء الجبهة قبل الاستفتاء بأنهم لن يتقبلوا النتيجة سواء جاءت بنعم أو لا دون مراعاة لمدى تداعيات ذلك على أمن واستقرار البلاد ودون ادراك لواقع الأزمة الاقتصادية التي نحن بصددها الآن.

وأكد د. زارع على أنه اذا تم اقرار الدستور فسوف تنتهي الفترة الصعبة الراهنة وتقل إلى حد ما حالة الاحتقان التي تسببت فيها القوى المدنية والليبرالية ونبدأ في الاستعداد للانتخابات التشريعية والتخطيط لكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية ونبدأ في بناء مؤسسات الدولة, أما اذا تم رفض الدستور فان البلاد ستدخل في نفق مظلم لأن التيارات المدنية والليبرالية والاسلامية لن تتفق على أي لجنة قادمة لوضع الدستور حتى لو جاءت منتخبة.

لذلك فمن المتوقع أن تشهد البلاد موجة جديدة من الصراعات بين التيار المدني الليبرالي والتيار الديني اذا ما تم رفض الدستور ستؤثر بلا شك على مسار البلاد امنيا واقتصاديا.

ويقول الدكتور كمال حبيب المفكر السياسي والخبير في شؤون الجماعات الاسلامية, هناك نسبة كبيرة ترفض الدستور وعلى الرئيس أن يضعها في اهتمامه ويحرص على أن يكون المجال مفتوحا بعد الاستفتاء لمشاركة جميع القوى الوطنية لتحمل عبء تلك الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد حاليا, لانه لا يمكن أن يتحملها تيار واحد دون باقي التيارات الأخرى الأمر الذي يؤكد أهمية وجود صيغة لحكومة توافق وطني أو ائتلاف سياسي برئاسة أي عضو من جبهة الانقاذ الوطني من أجل التخفيف من حدة الاستقطاب مع توسيع مساحة مشاركة الجميع للحد من حالة الانقسام الراهنة في المجتمع.

واذا ما تم اقرار الدستور فان المشهد سيظل كما هو ثبات التوحد بين القوى المدنية لمواجهة التيارات الاسلامية مع انتقال الصراع بينهما إلى الانتخابات البرلمانية لأن آثار ما جرى خلال الفترة الماضية ستبقى قائمة كما هي, بالاضافة إلى أن المعارضة لها نسبة تأييد في الشارع يمكن أن تستغلها في الحصول على نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان القادم.

كما يجب على مؤسسة الرئاسة أن تتحاور مع كل القوى وتصل إلى صيغة توافق لا يكون فيها غالب ولا مغلوب, فالاسلاميون والليبراليون لا يمكنهم حكم مصر دون الآخر والأزمة الراهنة بينهما لن تنتهي الا بالحوار.

مزيد من الاحتقان الداخلي

أما عبدالله محمود - الباحث السياسي بمركز البحوث والدراسات بشبكة الاعلام العربية فيرى أنه في خضم التصارع السياسي ما بين النظام السياسي الحاكم المدعوم بتأييد التيارات الاسلامية في مواجهة تحالف المعارضة السياسية الرافض للدستور والاستفتاء تظهر سيناريوهات ما بعد عملية الاستفتاء والتي تشير إلى مزيد من الاحتقان السياسي الداخلي المترتب عليه انقسام في جميع مناحي الحياة السياسية ومؤسساتها ما بين قوى المعارضة من جهة والنظام الحاكم والتيارات الاسلامية من جهة أخرى, والتي ستنعكس وبلا شك على الأوضاع الأمنية الداخلية بما يؤثر بالسلب على الوضع الاقتصادي للبلاد ويزيده سوءا يفوق بكثر ما هو عليه الآن.

وانتقد " عبدالله" قوى المعارضة لعدم اتخاذ خطوات حقيقية ملموسة تحرص من خلالها على عدم انقسام الشعب المصري ما بين مؤيد ومعارض وترمي للحفاظ على وحدة المجتمع فالمعارضة السياسية الحقيقية هي التي تتخذ من موقفها المعارض موقف بناء ونقد وليس انقسام وصراعات تودي بحياة أبرياء, وقد افتقدت قوى المعارضة التفكير الواعي الذي أدى لاهتزاز صورتها بشدة لرفضها دعوات الحوار الوطني التي وجهت لها من قبل مؤسسة الرئاسة وحزب الحرية والعدالة والجمعية التأسيسية للدستور للتوافق حول المواد الخلافية التي يعترضون عليها, ما أثر بالسلب على صورتها في الشارع المصري.

 وفي الوقت ذاته يؤخذ على مؤسسة الرئاسة موقفها المتخاذل ازاء عدم السيطرة على المؤسسة الأمنية للقيام بدورها في حماية حرية التعبير والتظاهر وحماية المتظاهرين على اختلاف توجهاتهم وألا تترك الفرصة لوقوع أعمال عنف, ويجب أن تفعل دورها بشكل أقوى للحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة وعلى الدور الحقيقي في كونها ممثلة لكل جموع الشعب دون فصيل بعينه وبعد اقرار الدستور يجب أن تتبنى مبادرة لوضع كافة القوى السياسية على طاولة حوار وطني حقيقي يحقن الدماء, يسعى للتوافق لا الخلاف, يبني على أسس حقيقية تحقق الأهداف الحقيقية التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير.

 

أصابع الفتنة ارتفعت ثلاث مرات.. وقُطعت

فادي شامية/المستقبل

إذا كانت الأحداث الأمنية المتعددة في العام 2012 قد شكلت صدمة للبنانيين وجميع المتابعين، فإن تجميعها، وإعادة قراءتها يدفع إلى الذهول، بالقدر نفسه الذي يمنح القارئ رؤية واضحة عن أحداث سنة كاملة، بما يسمح له أن يحدد المسؤوليات بقدرها.

الاغتيالات ومحاولات الاغتيال

لا شك أن الاغتيالات ومحاولات الاغتيال تأتي في طليعة الأحداث الأمنية الكبرى في العام 2012، حيث سُجلت ثلاث عمليات اغتيال كبرى هذا العام؛ اثنتان منهما أفشلتهما العناية الإلهية (محاولتا اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والنائب بطرس حرب)، فيما نجحت العملية الثالثة فأودت بحياة اللواء وسام الحسن.

غير أن سجل الاغتيالات لم يقتصر على ذلك، إذ لم يكد يخلو أسبوع من العام 2012 من الحديث عن هذا الموضوع، تارة من خلال تهديدات بالقتل، وتارة من خلال الاشتباه بمحاولة اغتيال، وتارة من خلال إحباط مخطط اغتيال "قبل دخوله حيز التنفيذ"... فضلاً عن لوائح الموت، التي تزيد وتنقص كما أسهم البورصة، حتى بات العشرات من النواب والقيادات والإعلاميين ورجال الدين خارج البلد، رجاء السلامة من شبح يتربصهم بالإعدام بلا محاكمة.

أولى محاولات الاغتيال الكبرى استهدفت شخصية لطالما كانت تستشعر الخطر المحدق بها؛ الدكتور سمير جعجع. في استهدافه، استخدم المجرمون أسلوباً "إبداعياً" لمواجهة الاحتياطات الأمنية التي يتبعها قائد "القوات اللبنانية"، والتي تقضي بعدم خروجه من منزله المحصن في معراب، فاستعملوا بندقية قناص من مكان بعيد من منزله وأطلقوا ثلاث رصاصات على الرأس، لكن انحناءة صغيرة من جعجع في اللحظة القاتلة أنقذت حياته. علّق وزير الداخلية على الحادثة بالقول: "الله خلّصنا" (6/4). تقاطر الزعماء في لبنان وخارجه لتهنئة جعجع بالسلامة... وتوصلت الأجهزة الأمنية إلى نتائج جيدة، ولو أنها لم تتوصل إلى الفاعل... وحده إعلام "حزب الله" أبى تصديق أن العناية الإلهية أنقذت "القديس" و"الرومانسي الذي انحنى ليقطف وردة" على ما قيل استهزاءً-. زوجة جعجع وآخرون اعتبروا حديث المشككين دليل إدانة لهم!.

ووقعت ثاني محاولات الاغتيال الكبرى على النائب بطرس حرب. كان الأسلوب "إبداعياً" أيضاً؛ تفخيخ مصعد المبنى، لكن العناية الإلهية تدخلت في اللحظات القاتلة. في (5/7) أصدر مكتب حرب البيان الآتي: "اشتبه عناصر الحماية في البناء الذي يقع فيه مكتب النائب بطرس حرب بوجود عناصر غريبة تثير الشبهة فأُلقي القبض على أحدهم بعدما تعاركوا معه، وكان يحمل خنجراً، ما أصاب بعض العناصر، وأحد الأطباء الذين يعملون في البناء بجروح، إلا أنه جرى القبض عليه واتصلوا بالأجهزة الأمنية لتسليمه". ما حصل لاحقاً أن سيارة قاتمة الزجاج حضرت إلى المكان وادعى من بداخلها أنهم من مخابرات الجيش فاستلموا المشتبه به، ليتبين لاحقاً أنهم رفاقه في الجريمة، وبمراجعة "كاميرات" التصوير في المنطقة، توصل المحققون في "شعبة" المعلومات إلى أن المشتبه به في محاولة الاغتيال يدعى محمود حايك، لكن إضفاء "حزب الله" على حايك صفة "مقاوم" حال دون تسليمه، وفي(20/12) أي بعد أكثر من خمسة أشهر على محاولة الاغتيال، وبعد سلسلة من التصريحات المستاءة من النائب حرب؛ فاتح رئيس الجمهورية مدعي عام التمييز عن السبب الذي يحول حتى الآن - دون توقيف حايك (خبير متفجرات في "حزب الله.!").

وخلافاً للمحاولتين السابقتين؛ فقد نجح المجرمون في المحاولة الثالثة في استهداف اللواء وسام الحسن، بسيارة مفخخة غداة خروجه من منزل سري في الأشرفية، بعيد عودته إلى لبنان عبر مطار رفيق الحريري (19/10). وحسب النائب نهاد المشنوق فهناك "صور أظهرت وجود مسؤول تنظيمي في حزب الله هو سليم عياش (المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري) في موقع جريمة الاغتيال"(1/11)! في حين تحدثت معلومات أخرى أنه حسين عنيسي (وهو متهم أيضاً بجريمة اغتيال الشهيد الحريري)، وأن الحسن نفسه كان قد اكتشف وجود مجموعة من "حزب الله" تراقب تنقلاته.

تحليل حالات الاغتيال ومحاولات الاغتيال تفضي ولو على سبيل الاشتباه- إلى نتيجة مرعبة. ثمة شريك في الوطن يستعمل القتل وسيلةً في العمل السياسي.!

ولتتم الصورة، ينبغي أن لا تغيب عن الذاكرة وقائع ذات صلة: إطلاق النار على منزل النائب السابق مصطفى علوش من قبل عناصر تابعة لـ "الحزب السوري القومي" (1/1)- محاولة اغتيال الصحفي مصطفى جحا بإطلاق النار على سيارته على طريق الدامور (15/4)- مطاردة مسلحين مجهولين للنائب بطرس حرب في تنورين (21/7)- الاشتباه بمحاولة اغتيال النائب نهاد المشنوق في منطقة رأس بيروت (1/11)- تهديد النائب هادي حبيش شخصياً (7/11) بعد تهديد مجموعة من النواب من رقم سوري تهديد النائب خالد ضاهر وشقيقه مباشرة (13/11)- اكتشاف عبوة في الطريق الجديدة بعد مرور موكب النائب عمار حوري بدقائق (8/12) - إطلاق نار على موكب النائب انطوان زهرا ثلاث مرات خلال شهر ونصف شهر على ما كشف زهرا بنفسه (23/12).

وفي السياق عينه؛ سجل العام 2012 تحذيرات أمنية لعدد كبير من الشخصيات: الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس نبيه بري- النائب وليد جنبلاط، النائب السابق مصطفى علوش- النائب سامي الجميل، المفتي مالك الشعار، اللواء أشرف ريفي... وغيرهم كثيرون ممن يحكى أن اسمهم على لائحة الاغتيال.

الاشتباكات المسلحة

لا تقل الاشتباكات المسلحة خطورة عن عمليات الاغتيال. بعض الاشتباكات التي سجلها العام 2012 كانت كبيرة إلى درجة استمرارها أياماً دون أن تهدأ، لكن الانفلات الأمني عموماً شجّع على استخدام السلاح في اشتباكات مذهبية أو عائلية أو مناطقية أو بناءً على خلافات شخصية.

وتظهر قراءة وقائع الاشتباكات أن "حزب الله" بصفته التنظيم المسلح الأول- هو الحاضر الأكبر فيها، بغض النظر عن المسمى العائلي، كما أنه حاضر من خلال الجماعات المسلحة التي يدعمها (الطريق الجديدة- طرابلس- صيدا)، فضلاً عن ارتباط أماكن الاشتباكات بالسلاح، بحيث عزز انتشاره من استعماله في صراعات عائلية.

وإذا استثنينا جولات الاشتباك في طرابلس، والاشتباكات التي لم تشهد كثافة نيران؛ فإن العام 2012 شهد 24 اشتباكاً مسلحاً على أقل تقدير. وتأتي الاشتباكات في طرابلس في طليعة الاشتباكات الكبرى، بعدما تحول جبل محسن ومحيطه صندوق بريد تنفجر رسائله عند الطلب. أكثر من جولة قتال وقعت هناك وأوقعت العشرات بين قتيل وجريح.

أما بالنسبة للاشتبكات الأخرى، "الأقل شأناً"، فقد بدا واضحاً أنها تتركز في مناطق السلاح، حيث تأتي الضاحية الجنوبية في طليعة المناطق التي شهدت في العام 2012 اشتباكات مسلحة. ولعل أبرز هذه الاشتباكات: اشتباك بين عناصر من حركة "أمل" وأخرى من "حزب الله" في الشياح والغبيري على أثر إشكال فردي بين عائلتي فاضل والمصرفي أوقعت جريحاً (12/4)- إشكال بين أهالي بلدتيْ الماري في حاصبيا (غالبية درزية) وعين عرب في مرجعيون (غالبية شيعية) أوقع سبعة جرحى (15/4)- إشكال أودى بحياة الشابين محمد عقيد صلح وخاله محمد نديم بقبوق في مدينة بعلبك (19/4)-إشكال بين عناصر من آل حيدر وأخرى من آل المقداد في حارة حريك (24/4)- إشكال بين أفراد من عائلتي السبع وحرب في برج البراجنة (29/4)- الاعتداء المسلح على إدارة مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك (30/4)- اشكال مسلح على خلفية ثأرية بين آل المذبوح وآل طليس في بلدة علي النهري (30/4)- اشتباك فردي في بلدة فنيدق في الشمال أوقع سبع إصابات بين قتيل وجريح من آل طالب والكيك (2/5)- اشتباك بين آل المقداد وآل كركي في المشرفية أدى إلى مقتل مواطن وجرح آخر (21/5)- اشتباك كبير في الطريق الجديدة بين مجموعات شاكر البرجاوي المدعومة من "حزب الله" وعناصر مسلحة من أهالي المنطقة أفضت إلى إخراج البرجاوي من الطريق الجديدة وإحراق مكتبه، واكتشاف عشرات الوثائق بداخله حيث تظهر قيامه بجمع المعلومات وكتابة التقارير عن التحركات المؤيدة للثورة السورية في المنطقة (22/5)- اشتباك في محلة كراكاس في الحمرا لأسباب شخصية بين سامر أبو عقل وهاني الشنطي وبين قوة أمنية حضرت إلى المكان (24/5)- إشكال في المنية بين مناصرين لكاظم الخير ومؤيدين لكمال الخير (24/5)- اشتباك في طرابلس بين أفراد من عائلتي النشار والجنزرلي (4/6) إشكال في الهرمل بين آل شمص وعواد (16/6)- إشكال بين شبان من الطاشناق وآخرين من "حزب الله" و"أمل" في النبعة (26/6)- اشتباك عائلي في باب التبانة (27/6)- إشكال مسلح بين شبان من آل ضيا وآخرين من آل حرب (17/7)- إشكال في طرابلس بين عائلة الموري المدعومة من "حزب الله" وعناصر مسلحة مناوئة للحزب (22/7)- إشكال فردي في المريجة أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخر ( 10/8)- قتل مصطفى شقيف في خلدة على خلفية أحداث السابع من أيار (25/8)- إشكال بين عناصر من "التقدمي الاشتراكي" وآخرين من حركة "أمل" (31/8)- إشكالات متعددة في السعديات بين عدد من أهالي المنطقة وعناصر من "حزب الله" (خلال شهر أيلول)- إشكال في طرابلس بين عناصر من حركة "التوحيد" وعناصر أخرى مناوئة لـ "حزب الله"، ما أدى إلى مقتل الشيخ عبد الرزاق الأسمر (20/10)- إطلاق النار ومقتل المواطن علي طافش غدراً على الطريق الساحلي بين صيدا وبيروت(24/10)- اشتباك بين مناصرين للشيخ أحمد الأسير وآخرين تابعين لـ "حزب الله" في صيدا أودى بحياة شابين من أنصار الأسير وعدد من الجرحى وإطلاق نار في المدينة (11/11).

كما سجل العام 2012 حادثة الكويخات الخطيرة، والتي أدت إلى مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه على أحد حواجز الجيش اللبناني (21/5)، وظاهرة تفجير محلات الخمور في صور وجوارها (ستة محال) لا سيما في شهر نيسان الماضي، وبروز ظاهرة الشيخ أحمد الأسير لا سيما بعد قطعه إحدى الطرق الرئيسة بين صيدا وبيروت في شهر تموز الماضي، وظهور عصابة آل المقداد التي قامت باختطاف سوريين وتهديد أجانب خلال شهر آب الماضي، رداً على ظهور أحد أبنائها في شريط مصور في سوريا يعلن فيه أنه مع النظام السوري، حيث اعتبره ذووه مخطوفاً وطالبوا بإطلاقه.

اشتباكات مع القوى الأمنية

لم تسلم القوى الأمنية أيضاً من انفلات السلاح، حيث أطلقت النيران غير مرة على الجيش وقوى الأمن الداخلي. ويعتبر هذا الواقع الخطير نتيجة حتمية لانفلات السلاح وتأكّل هيبة الدولة.

في (4/4) أصيب ثلاثة عسكريين بإطلاق النار على دوريتهم في بعلبك، وفي (5/5) وقع اشتباك بين دورية لمكافحة المخدرات وأحد المطلوبين في الهرمل، وفي (7/5) وقع اشتباك مشابه في النبي شيث لكنه أدى هذه المرة إلى إصابة 19 عسكرياً وإعطاب عدد من الآليات، وفي (8/7) تصاعدت الاحتجاجات على القوى الأمنية العازمة على إتلاف كميات مزروعة في البقاع من الحشيشة، فيما يشبه الثورة المسلحة، واللافت في الأمر أن نواباً يمثلون الأمة سايروا الغاضبين وراحوا يدافعون عن مطالبهم!، وفي (1/9) وقع إشكال بين آل جعفر في بعلبك وقوى الأمن الداخلي؛ أودى بحياة أحد عناصر قوى الأمن، وأدى إلى جرح ثلاثة من آل جعفر، وفي (21/9) تعرضت دورية من الجيش لإطلاق نار في الغبيري ما أدى إلى إصابة عسكريين، وفي (1/11) وقع إشكال بين بعض أهالي عرسال وعناصر حاجز تابع لقوى الأمن الداخلي؛ أدى إلى جرحى من الجانبين.

أما الاشتباك الأبرز مع القوى الأمنية في العام 2012، فشهده مخيم نهر البارد في شهر حزيران الماضي، وقد أدى إلى مقتل فلسطينيين وسقوط تسعة جرحى وتوتر كبير، ما لبث أن هدأ.

في السياق، أوقف الأمن العام الشاب شادي المولوي (14/5) بتهمة الإرهاب، لكن توقيفه أدى إلى تداعيات كبيرة لم تنته بإطلاقه في (22/5) ثمة ملابسات وتناقضات غريبة رافقت الحادثة، أفضت إلى إعطاء توصيف سياسي لها.

أصابع الفتنة

أخطر مما سبق كله؛ أصابع الفتنة التي ارتفعت ثلاث مرات على الأقل في العام 2012:

المرة الأولى عندما حاول وسام علاء الدين ومجموعته (من سرايا المقاومة) في شهر حزيران إحراق قناة "الجديد" بسبب شتم الشيخ أحمد الأسير من خلالها للسيد حسن نصر الله. خطة علاء الدين قضت بإحراق "الجديد" ثم مهاجمة قناة "المستقبل" لإيقاع الفتنة، لكن خطته تعثرت بتعثره غداة إشعال النار في مبنى "الجديد". أعقب ذلك عراضات مسلحة من اتباع علاء الدين للضغط من أجل إطلاق سراحه، وقد وصلت إحدى هذه العراضات إلى مبنى وزارة الداخلية نفسها، كما تسبب المحتجون بقطع طرق رئيسة أهمها طريق المطار غير مرة، ما أسهم في صدور النصائح المتلاحقة من عدد من الدول لعدم زيارة رعاياها لبنان... وعندما أطلق سراح علاء الدين نهاية شهر آب الماضي أعلن أنه حاضر لفعل "أي شيء إذا قرر أحد ما الاستهزاء بالسيد حسن نصر الله"، لأنه "لا يمكن لأحد أن يرفع إصبعه بوجه السيد حسن!".

المرة الثانية عندما رفع ميشال سماحة إصبعه من على شاشة المنار (وغيرها) محذراً من مخطط لـ "القاعدة" يهدف إلى اغتيال عدد من القيادات، في الوقت الذي كان يحضر فيه بنفسه لتفجير عدد من الشخصيات السياسية للنظام السوري مصداقاً لنبوءته. أوقف سماحة ببراعة "شعبة" المعلومات، فقُضي على الفتنة، وإن كان كثيرون يعتقدون أن اللواء وسام الحسن دفع حياته ثمناً لقطعه أصبع الفتنة هذا.

المرة الثالثة في( 24/10 )عندما ادعى الشاب إيهاب العزي من خلال وسائل إعلام "حزب الله"- أن مجموعة إسلامية متطرفة بترت أصابعه في الطريق الجديدة على خلفية مذهبية، ما كاد يشعل فتنة لا يعلم مداها إلا الله، لكن تدخل الجيش في الوقت المناسب حال دون ذلك، بعدما أقر العزي أن روايته مختلقة، وأن شباناً من "منطقته" هم من أقدموا على بتر أصابع يده، لأسباب لها علاقة بدراجة نارية مسروقة.

الخطف جنائياً وسياسياً

إلى جانب الاغتيالات والاشتباكات والفتن المتنقلة؛ سجل العام 2012 أعمال خطف سياسي وجنائي؛ هي الأعلى منذ نهاية الحرب الأهلية (23 عملية اختطاف غير خطف مجموعات كاملة من السوريين على يد عصابة آل المقداد). السوريون شكّلوا نسبة كبيرة من المختطفين، فضلاً عن المختطفين لأسباب مالية، فالمختطفين الأجانب، فيما تداخل الاختطاف السياسي بالجنائي في أكثر من حالة.

وتظهر قراءة وقائع الخطف؛ لا مبالاة خطيرة من الدولة تجاه مواطنيها، بدليل لجوء أكثر المواطنين الذين تعرضوا للاختطاف إلى حل مشكلتهم بأيديهم، عبر دفع فدية مالية للخاطفين، فيما لم تكلف الأجهزة المختصة نفسها عناء إصدار مجرد بيان توضيحي شافٍ عن الغالبية العظمى من حوادث الاختطاف، كما ان التوقيفات والملاحقات كانت خجولة ومحدودة رغم أن العديد من الخاطفين معروفون بالأسماء (عصابة حسن علي جعفر على سبيل المثال لا الحصر).

في (5/2) أَفرج الخاطفون عن رجل الأعمال السوري محمد غياث الجابي، بعدما خطفوه قبل أربعة أيام على طريق المصنع مقابل فدية مالية، ولم تصدر الجهات الرسمية المختصة بياناً واضحاً. وفي (11/2) أطلق الخاطفون الأشقاء الثلاثة هشام وعماد وأسامة عبد الرؤوف والعامل لديهم خالد عبد السلام الحمادة، مقابل فدية مالية، ولم تصدر الجهات الرسمية المختصة بياناً واضحاً. وفي (23/2) خُطف مرشد سعيد كايد من دورس في البقاع على يد عصابة حسن عباس جعفر، وأُفرج عنه لاحقاً بعد دفع فدية. وفي (29/2) أُطلق سراح المختطفين السوريين براء وعلي عز الدين بعد خطفهما من منزلها في زحلة، على يد عصابة برئاسة محمد فياض اسماعيل، ويرجّح أن إطلاقهما تم بفدية. في (4/3) أفرج الخاطفون عن الفتى زياد خالد أبو إسبر بعد خطفه أربعة أيام من بعلبك لقاء فدية مالية. وفي (11/4) خطف مسلحون حسن محمود يحفوفي وطالبوا بفدية مالية.

وعلى أثر اختفاء السعوديين توفيق وعبد الله الشقاقيق في (16/4) ولمدة ثمانية أيام، وتمكّن المخطوفيْن من الفرار بعد قفزهما من الطابق الأول في أحد المباني في منطقة دوحة عرمون حيث كانا قيد الاحتجاز، وضعت "شعبة" المعلومات يدها على الملف، ونجحت بتوقيف الخاطفين بعد توجه أحدهم لمصرف بقصد سحب حوالة مالية. الخاطفون الثلاثة كانوا من الجنسية العراقية، وقد عذبوا ضحاياهم بالضرب والصعق الكهربائي، فضلاً عن تصويرهم عراة طيلة مدة الاحتجاز.

في (12/5) تمكّن الجيش اللبناني من تحرير اندريه الياس جرجس الذي كان اختطف على يد مجموعة من المسلحين مؤلفة من ثلاثة أشخاص؛ طلبوا بفدية لإطلاق سراحه. وفي (17/5) خُطف أحمد وعلي صخر من بلدة معلول، وتم الإفراج عنهما بوساطة من رئيس بلدية عرسال وبدون فدية مالية. وفي (21/5) خُطف خالد عدنان عز الدين، على يد عصابة حسن عباس جعفر، من بلدة النبي عثمان ونقل الى حي الشراونة في بعلبك، وتمّ الافراج عنه لقاء فدية مالية. وفي (4/6) خُطف حسام شحاده البشراوي من بعلبك على يد أشخاص من آل جعفر وتم الإفراج عنه بعد دفع فدية مالية. وفي (8/6) خطف السوري حبيب البريمو على طريق عام رياق - بعلبك وأطلق سراحه "حبياً". وفي (21/6) خطفت عصابة حسن عباس جعفر في صوفر؛ إبراهيم زين الأتات وأفرجت عنه لقاء فدية مالية. وفي (28/7) خطفت العصابة نفسها حاتم بدر علي وأطلقت سراحه لقاء فدية. وفي (16/8) خُطف السوري حسان يحيى خشروم من شتورة على يد العصابة نفسها، وأُطلق سراحه في بعلبك مقابل فدية مالية.

في (19/8) أُفرج عن رجل الأعمال رجا الزهيري بعد خطفه لثلاثة أيام. خطف الزهيري وإطلاقه ترافق مع اضطرابات أمنية، وكاد أن يتسبب بفتنة (الزهيري مقرب من "الحزب التقدمي الاشتراكي")، لكن جهوداً سياسية وأمنية كبيرة بذلت لتأمين إطلاق سراحه، فيما بقيت أسباب خطفه وكيفية إطلاقه غير واضحة إلى اليوم.

في (24/8) خُطف السوري خالد محمد المشهداني لكنه ما لبث أن أُطلق بلا فدية، وفي اليوم نفسه خطفت عصابة حسن عباس جعفر المواطن محمد حسن صبرا من بلدة الفرزل، وأطلقته في اليوم التالي بعد دفع فدية مالية.

في (25/8) خطفت عصابة من آل المصري الكويتي عصام ناصر ابراهيم الحوطي وطالبت بفدية مالية، لكن وساطة من أحد وجهاء المنطقة بإشراف الرئيس نبيه بري أفضت إلى إطلاقه دون كفالة، ودون توقيف أحد!.

في (6/9) خطف فايز أديب في جديتا ونُقل إلى بريتال، وفي ما بعد تم الإفراج عنه لقاء فدية مالية، وفي اليوم نفسه خُطف رجل الأعمال بسام طليع طربيه من البترون، وتم إطلاقه لاحقاً بظروف غامضة، ولم يصدر بيان من الجهات المختصة حول الموضوع.

في (13/9) خُطف جورج وديع وطوني ديب سعادة على يد أفراد من آل جعفر في حي الشراونة في بعلبك، ولكن تم إطلاق سراحهما من دون فدية مالية، ولم تصدر الجهات المختصة أي بيان توضيحي. وفي اليوم التالي خطفت عصابة من آل المصري فؤاد جورج داوود في بعلبك، وأطلقته لقاء فدية، وفي اليوم الذي تلاه خطفت عصابة حسن عباس جعفر؛ كريس ستراك كشيشيان وطالبت بفدية، لكن أُطلق سراحه لاحقاً بلا فدية، ولم يصدر بيان توضيحي من أية جهة مختصة. وفي اليوم نفسه خُطف وليد مصطفى خيطو في بعلبك، لكن أُطلق سراحه بعدما قطع أهله إحدى الطرق في المنطقة.

في (17/9) خُطف شقيق نقيب الأفران وصاحب أفران بشارة؛ يوسف بشارة من بصاليم، وتم إطلاقه بعد يوم واحد في مار مخايل بعد دفع فدية مالية. وفي (18/9) خُطف علي أحمد منصور في منطقة غزة البقاعية من قبل مجهولين طالبوا بفدية مالية، لكن بصمة على سيارة منصور أرشدت القوى الأمنية إلى كشف هوية خاطفه، بعد حصوله على الفدية المالية، ما أدى لتوقيف الفاعل في منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية.

في (21/9) تعرض الشاب شربل داغر لعملية خطف واعتداء وسرقة على طريق الحدث كفرشيما، ولاذ الفاعلون بالفرار باتجاه حي السّلم في الضاحية الجنوبية.

ويضاف إلى عمليات الخطف هذه؛ المخطوفون السوريون والمخطوفان التركيان على يد عصابة المقداد، الذين حررهم الجيش اللبناني في 11/9/2012.

بالمقابل؛ تشكل مأساة المخطوفين اللبنانيين في أعزاز جرحاً مستمراً وسبباً للتوتر وتهديد الآخرين، فيما الدولة عاجزة -حتى الآن- عن إنهاء هذه المأساة، لتقاعسها أولاً، ولمواقفها المخزية تجاه الثورة السورية جراء سيطرة "حزب الله" على قرارها ثانياً.

.. وعلى الاقتصاد سلام!

ثمة أحداث أمنية كثيرة أخرى وقعت في العام 2012؛ مما يمكن إدراجه في خانة الإرهاب، أو الاعتداءات الخارجية من "الشقيقة" سوريا أو العدو "إسرائيل"، أو تورط فريق لبناني في القتال خارج الأراضي اللبنانية أو انطلاقا منها ... أو مما يعتبره البعض في لبنان أعمالاً لـ "المقاومة"، بما في ذلك انفجارات مخازن الأسلحة في طير فلسيه (5/2)، والنبي شيث (3/10)، وطيرحرفا (17/12)... أو إرسال طائرة تجسس إلى أراض العدو!

لا شك أن مجموع هذه الأحداث الأمنية الكثيرة قد حوّل لبنان إلى بلد مرعب لسياسييه وإعلامييه حتى باتوا يفضلون تركه أو تجنب التجوال على طرقه، وإلى بيئة طاردة للاستثمارات، ومخيفة للسياح، ومقلقة لبنيه المتمولين؛ ينام فيه الناس على واقع ويصحون على واقع آخر... والأنكى أن المسؤول الأول عن هذا الواقع الاقتصادي المتدهور، "حكومة السلاح" ومن وراءها وأتى بها، لا يخجل من الحديث عن النهوض بالاقتصاد وتحميل الفريق الآخر (قوى 14 آذار) مسؤولية الحال الخطيرة التي بلغها اقتصاد البلد (خطاب السيد حسن نصر الله في 16/12).

واقع الأحداث الأمنية للعام 2012 يظهر -رغم المكابرين- أن انتشار السلاح هو المشكلة الأولى في البلد، وأن تخوين منتقديه، أو عدم الإصغاء لهم، أو التشاطر عليهم باعتبار زيارة بعض قياداتهم غزة اعترافاً بالمقاومة في لبنان وإيفاءً لحقها على ما جاء على لسان نصر الله متجاهلاً فارق الواقعين- كل ذلك لا يغني بلداً من كارثة اقتصادية واجتماعية وأمنية بات يعيشها، ولا تسمن من خوف بات يتهدد مصيره.

 

عام "الفساد العام" في "محميّة" حزب السلاح

المحرر الأمني/المستقبل

يطوي هذا العام أيامه وساعاته الأخيرة على كثير من الملفات الأمنية والقضائية الخطيرة، التي باتت جعبة "حزب الله" مثقلة بالكثير منها، بعدما منح كوادره ومحازبيه الحكم الشرعي إن لم يكن "التكليف الشرعي" لتغطية جريمة قتل أو إغتيال أو عمليات خطف وترهيب، قبل أن يرفّعهم الى مرتبة القديسين ويجعلهم فوق القانون وأسمى من المحاسبة والملاحقة وحتى المساءلة.

المؤسف أن شريعة "حزب الله" حلّت مكان القانون وربما تقدّمت على الدستور، في هذا الزمن الرديء الذي أحكمت فيه ميليشيا مدججة بالسلاح، قبضتها على البلاد بسلطاتها السياسية والقضائية وأغلب أجهزتها الأمنية التي لم تعد ترفع قشّة من مكانها الا بأمر هذه الميليشيا، وفق ما تقتضيه مصالحها حتى باتت الدولة بكل مؤسساتها دولة الولي الفقيه الذي لا يردّ طلبه ولا تُخالف إرادته.

مناسبة هذا الكلام، أن ما يسود في لبنان حالياً هو شريعة غاب يأكل فيها القوي الضعيف، ولأن "حزب الله" حوّل البلد الى غابة ومحمية لمشروعه الذي تتخطى أهدافه حدود الوطن، لا يختلف إثنان هنا على أن حكم القانون، أو العدالة في هذا البلد، باتت مسألة إستنسابية في ظل حكم هذا الحزب، ذلك أن العدالة والقانون لا يطبقان في هذه الأيام الا على المساكين والدراويش الذين لا سند لهم ولا ظهر يحميهم، لا بل يمكن تركيب الملفات لهم وزجهم في السجون من دون أن يجدوا من يستمع الى مظلوميتهم، كما أن القانون لا يسري هنا الا على أخصام الحزب حتى لو كانوا نواباً وسياسيين وإعلاميين ورجال فكر وأصحاب رأي حرّ، في حين تبقى جرائم الحزب بدءاً من ترهيب الناس وقطع الطرق والإتجار بالمخدرات والدواء المزور، وصولاً الى القتل والإغتيالات بمنأى عن المحاسبة، لا بل أن هذه الجرائم "المباركة" تزيد مرتكبيها مراتب، وتجعلهم من "صفوة" الناس وأطهر الناس وأشرف الناس، كما أن جرائم الحلفاء الذين لا يجرؤون على إخراج رؤوسهم من تحت عباءته تزيدهم عزّة وتبقيهم في خانة الإصلاحيين والتغييريين حتى لو تكدست ثرواتهم على حساب الشعب وإمتلكوا الطائرات الخاصة، وحتى لو غرقوا في السمسرات والصفقات وأغرقوا الناس في الفقر والعوز والعتمة، ولا ضير في ذلك طالما أنهم أصحاب شعار "الإصلاح والتغيير" ورافعي شعار بناء دولة القانون والمؤسسات الذي ورثوه عن عهد إميل لحود المشؤوم الذي كان عهد الإغتيالات التي إرتكبت بالتكافل والتضامن بين الحلفاء المحليين والإقليميين.

هذا الكلام ليس من باب التجني والإفتراء، إنما هو حقيقة تثبتها الوقائع والأدلة والشواهد التي لا تعد ولا تحصى، وهناك عشرات الجرائم التي أثقلت مسيرة هذا الحزب، وكشفت الوجه الحقيقي لبرنامجه، كما أن سلته باتت تفيض بالمتورطين في جرائم الإغتيال والقتل، ولا مشكل مهما إزداد عددهم وتضاعفت جرائمهم ما دامت يد العدالة قاصرة عن أن تطالهم أو تمسك بهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، من المفيد تذكير "حزب الله" برعايته للإغتيالات وعمليات القتل، ويكفي في هذا الباب الإشارة الى حمايته للمتهمين الأربعة في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وبإغتيال المناضل جورج حاوي ومحاولتي إغتيال الوزيرين مروان حمادة والياس المر، وهم قياديون أمنيون من الصف الأول، وضعهم في مصاف القديسين وتحدى العدالة الدولية بالتعهد بعدم تسليمهم حتى بعد 300 سنة، بما يشكل تحدياً للمحكمة الدولية، وإستفزازاً سافراً لجمهور رفيق الحريري الواسع، ولأهالي الشهداء وظلماً ليس بعده ظلم للشهداء الأموات منهم والأحياء.

وإذا كان "حزب الله" يزعم زوراً وبهتاناً أن المحكمة الدولية هي محكمة اميركية إسرائيلية هدفها النيل من المقاومة، يقتضي هنا سؤاله عن سبب رفضه القاطع تسليم أحد مسؤولية الأمنيين وهو محمود حايك المتهم بمحاولة إغتيال النائب بطرس حرب، وما هي الموانع التي تحول دون تقديمه للتحقيق اللبناني طالما أنه لا يثق بالقضاء الدولي؟، ولماذا أوعز الى الحكومة واللجنة القضائية المستقلة بعدم تسليم "داتا" الإتصالات على أثر إحباط محاولة إغتيال الدكتور سمير جعجع وإكتشاف مخطط محاولات لإغتيال الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سامي الجميل واللواء أشرف ريفي واللواء وسام الحسن قبل إغتيال الأخير بأشهر قليلة؟، كيف ينبري هذا الحزب عند كل إغتيال الى الطلب من الفريق المستهدف بالقتل بالسيارات المفخخة الى عدم التسرع في الإتهام السياسي تجنباً للفتنة، ويدعو الى إنتظار نتائج التحقيق، وعندما يصل التحقيق الى نتيجة والى مشتبه به أو متهم من الحزب يرفض تسليمه ويضرب عرض الحائط بكل التحقيقات ونتائجها؟.

طبعاً جرائم حزب المقاومة لم تتوقف عند هذا الحدّ، ويكفي الإشارة الى أن السلاح الذي يتمسّك به هذا الحزب ويدعي أنه لحماية لبنان واللبنانيين، هو السلاح نفسه الذي يُقتل به اللبنانيون، وآخر ضحايا هذا السلاح الجريمة التي إرتكبها مقاتلو الحزب على "جبهة التعمير" في صيدا وذهب ضحيتها الشابان لبنان العزي وعلي سمهون من دون أي سبب يستدعي إرتكاب هذه الجريمة، وبقاء القتلة أحراراً حتى من دون أن تصدر مذكرات جلب بحقهم أو بلاغات بحث وتحر، في حين تمّ إصدار بلاغات البحث والتحري بحق 24 شخصاً ممن ظهروا في مسيرة تشييع الشهيدين المظلومين العزي وسمهون، وكانوا يحملون سلاحاً فردياً، وقبلها جريمة قتل النقيب الطيار سامر حنا وإسقاط طائرته وتقديم شخص للمحاكمة ككبش فداء عن الحزب علماً أن هذا الشخص لم يبق في التوقيف لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يصدر حكم قضائي بحقه رغم مرور أربع سنوات على الجريمة، عدا عن قضية مقتل الزيادين التي إرتكبها ستة أشقاء من آل شمص، الذين يحظون بحماية الحزب، ولا يجرؤ أحد على تعقبهم أو حتى السؤال عنهم، وهذا ما أقرّ به صراحة أحد المتهمين في هذه القضية أمام المجلس العدلي منذ أيام، حيث أكد المتهم المخلى سبيله أن الأشقاء شمص يقيمون جميعاً داخل المربع الأمني لـ"حزب الله" في الضاحية الجنوبية ويلتقي بهم يومياً وهم يتجولون ويعيشون حياتهم الطبيعية، فضلاً عن دور هذا السلاح الأساسي في قلب المعادلة السياسية وتطيير حكومة وتنصيب حكومة أخرى، وعدا عن إحتلاله وسط بيروت لأكثر من سنة ونصف، وإجتياح السابع من ايار والضحايا الأبرياء الذين سقطوا نتيجة مغامرة هذا الحزب، وفرض إتفاق الدوحة بالقوة ومن ثمّ نسف كل بنوده بقوة هذا السلاح ايضاً.

الغريب أن جنوح حزب السلاح نحو الإغتيالات والعمليات الأمنية لم تقتصر على لبنان، إنما إمتدت الى الخارج على نطاق واسع، ولا داعي هنا لتعداد عمليات خطف والأجانب وإغتيال السفراء وتفجير السفارات وخطف الطائرات، إنما يكفي الإشارة الى عمليتين حديثتين وهما الإتهام الذي ساقه القضاء البلغاري ضد "حزب الله" وإيران بتفجير حافلة للركاب في مطارها الرئيسي في 20 تموز الماضي، ما أحرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في زيارته لبلغاريا، حيث لم يستطع أن يقدم التبريرات بعدما واجهته الحكومة البلغارية بما لديها من أدلة، والثانية المخطط الذي كان يستهدف مصر والذي إكتشف على أثر توقيف شبكة سامي شهاب في مصر، ومحاكمة هذه الشبكة التي أدينت من القضاء المصري بمحاولة القيام بأعمال إرهابية في مصر والتخطيط لإستهداف عدد من السفن في قناة السويس، والذي إستطاع "حزب الله" تهريب شهاب بوسائله الخاصة في خضم الفوضى التي كانت تعمّ في أيام الثورة.

أما الجرائم المالية والأخلاقية، فحدث ولا حرج، وتكفي الإشارة في هذا المجال الى ضلوع هذا الحزب في جرائم تصنيع المخدرات والإتجار بها في الداخل والخارج، من خلال إكتشاف مصانع الكابتاغون في البقاع وداخل دار للعبادة يديرها شقيق النائب حسين الموسوي المتواري عن الأنظار، أو المحمي بالجهاز الأمني نفسه الذي يحمي قتلة الرئيس رفيق الحريري، كما تكفي الإشارة الى تورط الحزب في عملية إدخال الأدوية المزورة الى لبنان وإغراق الأسواق اللبنانية بأكثر من 400 صنف من الدواء الفاسد والمغشوش، من خلال محمود فنيش شقيق الوزير محمد فنيش الذي أثبتت وزارة الصحة والجامعة العربية تزوير ملفات عائدة لهذه الأدوية التي باتت موضع شبهات وتضع صحة المواطنين في خطر حقيقي.

هذه الأمثلة إن دلّت على شيء فإنما تدلّ على أن "حزب الله" هو الذي يحكم البلد ليس بقوته السياسية إنما بعضلاته وبسلاحه المنتشر في كل زاوية ليفرض عبره شروطه ويثبت دعائم حكمه، وللدلالة على إستنسابية الملاحقات والمحاكمة، لا بد من السؤال عن مآل التحقيقات في شبكة ميشال سماحة ـ علي مملوك ولماذا لم يتقدم هذا التحقيق ولم يصدر القرار الإتهامي رغم دعوة رئيس الجمهورية أكثر من مرة لحسم هذه المسألة؟، أين أصبحت التحقيقات في قضية إغتيال اللواء وسام الحسن الذي أدى إغتياله الى كشف البلد أمنياً؟، لماذا لم يحرك النائب العام التمييزي الإخبار المقدم من ثلاثة نواب حول تهديدات الجنرالات الثلاثة ميشال عون وجميل السيد ومصطفى حمدان الصريحة والواضحة بالصوت والصورة بقتل اللواء الحسن؟، ولماذا الإخبارات التي قدمت ضدّ أخصام "حزب الله" تسير بسرعة لافتة؟.

العجز الأمني الرسمي عن تعقب متهمي "حزب الله" بالجرائم المشار اليها، يبررها مصدر أمني لـ"المستقبل"، فيوضح أن "تعقب هؤلاء في المناطق الواقعة تحت سيطرة "حزب الله" له محاذير امنية". ويؤكد المصدر أن "قضية من هذا النوع تحتاج الى قرار سياسي لا يبدو متوفراً حتى إشعار آخر". ويسأل "إذا كان ممنوعاً على الأجهزة الأمنية فتح طريق المطار أو الطرق التي يقطعها محتجون في الضاحية لأسباب عادية، كيف يمكن تنفيذ مداهمات لتوقيف مسؤولين من "حزب الله" بهذه السهولة؟، هذه مغامرة بكل ما للكلمة من معنى". ويذكر المصدر بأن "الأمن هو أمن سياسي ويفرض بقرار سياسي، قبل أن يكون إجراءً قمعياً أو ردعياً".

 

2012 في عكار: عام التراجعات ومحاولات الفتنة والانتهاكات الأسدية

المستقبل/كيف سيكون عليه الحال في عكار 2013، وكيف ستكون الصورة فيما لو سقط الأسد أو استمر نظام حكمه. هل يستمر منسوب التوترات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وهل يزداد حجم الانتهاكات والتدخلات والاستباحة السورية اليومية، والتي بدأت مع مطلع 2012 بحدث ألهب مشاعر أهلها تمثل بعملية قتل متعمد للفتى ماهر حمد، في 20 كانون الثاني الماضي، على متن مركب للصيد في العريضة، واحتجاز جثته من قبل شبيحة الأسد قبل إعادتها. ثم أن عكار تجاوزت قطوعاً أمنياً خطراً كاد أن يفجر البلاد تمثل باغتيال الشيخ الشهيد أحمد عبد الواحد ورفيقه محمد مرعب في 20 أيار الماضي. واختتمت عامها هذا، في 19 كانون الأول بمأساة أكثر تراجيدية تمثلت بحادثة تلكلخ التي ذهب ضحيتها عشرة شبان من الشمال عبروا أراضيها، من بينهم اثنان من أبنائها، مالك الحاج ديب وعبد الكريم ابراهيم، من بلدة فنيدق.

عكار هذه كيف سيكون عليه حالها في السنة المقبلة، وكيف ستواجه الاستحقاق الانتخابي المقبل. يمكن وصف عام 2012 بالنسبة الى عكار بأنه عام التراجعات والانتكاسات التي بدأ مسارها الانحداري منذ انهيار حكومة الوحدة الوطنية، حكومة الرئيس سعد الحريري، بعيد الانقلاب الأسود الذي أطاحها في 12 كانون الثاني 2011، وأطاح بالتالي الخطط التي كان تضمنها بيانها الوزاري وركّز أساساً على "أولويات الناس"، ومنها مشاريع الصرف الصحي والمياه والكهرباء والطرق وغيرها من المشاريع الطموحة المعدة لعكار، وصولاً الى موضوع التعيينات، ومنها احتمال تعيين محافظ لعكار مع ما كان سيتبع ذلك من تحريك للدورة الاقتصادية والنشاط الإداري والاجتماعي والتربوي والثقافي، ما يدفع بعجلة إزالة الفقر في عكار الى الأمام. كل هذه الانتكاسات وصولاً الى التوترات الأمنية المتعاقبة كان أحد أبرز مسببيها بلا أدنى شك، هذه الحكومة التي نأت بنفسها عن حماية أهلها من القصف السوري واختطاف أبنائها من أرضهم في30 نيسان، من بينهم محمد ياسين مرعب ومهدي ياسين، وقبلهما بقليل وحمود محمد الابراهيم. الى خطف وقتل عدنان المحمد من تل اندي. ثم خطف الفتى سامر النعيم في شهر 11 من البلدة عينها (لم يكشف مصيره حتى اليوم)، وهي التي نأت بنفسها اقتصاداً وتنمية لتحصل على علامة صفر لدى أبناء هذه المنطقة.

وبالتالي يمكن اعتبار العام الذي مضى عام الأحداث الثقيلة الوقع على المنطقة، مع تحول نوعي سلبي الطابع في سياسة هذه الحكومة، وهو اعتماد سياسة إدارة الظهر تجاه كل شيء يخص عكار وأبنائها، عبر اعتماد مبدأ صارم: "صفر تجاوب معي، يعني صفر مشاريع، ويعني صفر تعيينات، وصفر حماية وأمن واستقرار، وصفر اهتمام"، فتعمدت معاقبة عكار على أساس أن ولاءها السياسي لا يساوم. وهي مع قوى الرابع عشر من آذار، فلماذا تكلفة الخاطر إذا كانت تتحداني وليست معي؟. وإن أمكن أيضاً فأيضاً، يمكن اعتبار 2012 كالذي سبقه العام والذي ملأ سماء عكار بالكثير من الأحداث العاصفة المعطوفة على التحولات الهائلة التي كانت تحصل في سوريا وارتداداتها في الجسم العكاري، فطغت قضية النازحين على ما عداها كهاجس قض مضاجع العكاريين في ظل غياب دور الدولة، وتطوع الأهالي لتأمين الحماية لهم ولأنفسهم وتعزيز صمودهم بأشكالها وأطرها المختلفة، وكان في نفس الوقت عام محط أنظار منظمات وهيئات وأصحاب قرار نظراً لحساسية هذا الأمر.

ولعل زيارة السيناتور جو فيلتمان الى قرى وادي خالد في نيسان الماضي، وتسلمه مذكرة من الأهالي والنازحين شكلت محطة بالغة الوضوح لكل من يعنيه الأمر في النظام السوري أو الدولة المتقاعسة، بأن ما هو حاصل الآن ليس مشابهاً لما كان من قبل، وأن حماية النازحين قضية ذات أولوية بنظر الجميع ولا يمكن المهادنة فيها، الأمر الذي غيّر الكثير من المسارات في هذا الشأن.

الغضب السوري.. قصفاً وإرهاباً

هذا الواقع المتزامن مع غضب سوري حتى الشراسة، شكل بوصلة لسلوكيات النظام مع معارضيه وأهله، فأعمل قصفاً وقتلاً وإرهاباً وخطفاً ولو من وراء الحدود، ما جعل اسم المنطقة رهن المداولات على المستويات الرسمية وفي الإعلام المحلي والعربي والدولي.

ومع ذلك، ظل الإعلام الموالي للنظام اللبناني، يجهد بكل ثقله محاولاً استنهاض حليفه السوري المتخبط نتيجة اندفاعة الثورة، معتمداً منهجية عمل من جل أهدافها صب الزيت على النار عبر اصطناع الأضاليل واختلاق الفبركات عن قواعد عسكرية تارة للجيش الحر ومعسكرات للقاعدة والشيشان والأفغان وكل شياطين الأرض، وتحديداً في وادي خالد ثم في الدريب، حسب مزاعمهم، ما أفضى الى أمرين اثنين: انزعاج لدى الأهالي مما يبث وينشر، وثانياً، زيادة العين الحمراء سورياً من نشاط الإعلاميين، ما أدى الى استشهاد مصور تلفزيون "الجديد" علي شعبان عند نقطة المتحدة العرموطة على يد كتائب الأسد في التاسع من نيسان، الأمر الذي هز الإعلام اللبناني والوسطين الشعبي والرسمي.

وظلت اليد السورية وأدواتها تعمل جاهدة على مبدأ التوتير محاولة بشتى السبل إحداث بلبلة أمنية على المستوى المذهبي والطائفي، عبر إعادة نبش القبور في ملفات طواها الزمن منذ عشرات السنين فحصلت توترات في سهل عكار وفي الدريب وجواره أطفأتها أيدي العقلاء والجهد الواعي الذي أظهرته اعتدالية تيار المستقبل في أكثر من محلة وقرية وبلدة.

ماذا يحمل معه عام 2013؟

يحمل العام 2013 كل هذه الأزمات مجتمعة، إضافة الى المستجدات، ومنها موضوع الإفتاء في عكار وما ارتكب بحق المفتي اسامة الرفاعي من عدم التجديد له على خلفية سياسية، والانقسام الحاد الذي خلفته في الوسطين الديني والسياسي وخطورة هذا الملف وما يحمله من آثار لجهة أوضاع المشايخ والأئمة والعلماء ومستحقاتهم.

كما يحمل العام الجديد حدثاً لا يقل أهمية، يتمثل في تعيين المحافظين ورؤساء للمصالح والدوائر وما يستدعيه ذلك من ضرورة بذل جهد إضافي من قبل تيار المستقبل منسقيات وكوادر وقواعد ونواب الى قوى الرابع عشر من آذار، حيث أن زيارات نواب الثامن من آذار وحلفائها لا تنقطع عن وزاراتهم للإمساك بالحبل بدءاً من وسطه في مواضيع حساسة كدوائر التربية والمساحة والسجل العدلي والميكانيك والمستشفى الحكومي والعقارية وحتى القائمقامية وموظفيها والنفوس، وصولاً الى الأجهزة الأمنية وسواها، ما يعني أن هناك معركة أكثر من جدية ستُخاض منذ لحطة تطبيق المراسيم التطبيقية وإجراء التعيينات اللازمة لها، عدا نظرة الأفق الأوسع الخبيثة التي تحاول من خلالها الوزرات الميقاتية التمدد نحوها عبر مشاريع حيوية مهمة كمطار القليعات، ومرافئ الصيادين والمنطقة الحرة في جوارها. فكل يوم يحمل أخباراً عن شراء نهم للأراضي في محيط المطار، الى الإفراج عن مبالغ الصناديق لاستثمارها انتخابياً في مشاريع مقرة منذ عقود وطلب اليوم أحياء عظامها الرميم.

أولويات كثيرة واستحقاقات بالغة التعقيد يواجهها أهالي المنطقة وأكثريتهم السياسية والشعبية، منها الحفاظ على السلم الأهلي، الاستعداد الجاد للاستحقاق الانتخابي، تهيئة الظروف لمعركة التعيينات، دفع ملف النازحين وحماية الحدود كأولوية، معركة التعويض على الأهالي الذين قصفت منازلهم في النورا، الدبابية، العبودية، وادي خالد التي لا تكترث لها حكومة كلنا للوطن، الى مقارعة زبائنية الحكومة في مشاريع الكهرباء والمياه والمشاريع الكبرى، كما هي تفعل في محطة العيون الكهربائية التي انتهت أعمال تنفيذها وترفض تدشينها لأسباب محض انتخابية، الى النضال اليومي المتمثل بحق أهلنا البسطاء بتأهيل المستشفى الحكومي وإعادة تجهيزه باعتباره عاملاً منقذاً لمئات العكاريين الفقراء، الى إطلاق مشروع الجامعة اللبنانية الذي بدأ الكلام عنه وتكريسه في عهد حكومة الرئيس الحريري، الى الطرق الدائرية حول حلبا والجسور والتقاطعات الضرورية، ومشروع بحيرة الكواشرة والبحيرات الجبلية المخصصة للمنطقة والسدود، وإحداث تغيير نوعي في التنظيم المدني عبر رفض "طابق الميقاتي"، الى ما هو أفضل بكثير.

يبقى أن إطلاق ورشات تدشين مشاريع الرئيس سعد الحريري، ومن أبرزها سوق الخضار في العبدة وبراد الفاكهة في فنيدق الذي بات على وشك الانتهاء، الى مشاريع ومستوصفات صحية ومدارس لم يتم تدشينها تعيد بعض التوازن في مسيرة الألف ميل التنموية التي أوقفت عمداً بالانقلاب الأسود.

إذا كان 2012 في عكار عام التحديات الجسام والصمود في وجه التحديات الكبرى، فإن عام 2013 لن يقل خطورة عما سبقه عند الحدود كمثل أن تواجهنا استحقاقات مماثلة لما جرت مع الحدود السورية، أو انتقال الماكينة الأسدية العسكرية الى اللاذقية وطرطوس المجاورة لعكار.

يبقى أن بعضاً من الأمل بدأ يظهر ويضخ في الجسم العكاري شيئاً من الحركة، بموازاة الصورة القاتمة وهي استحداث اتحادات بلدية منتجة كاتحاد نهر الأسطوان، والدريب والسهل، ومشاريع بلدية عملاقة رغم الشح الحكومي في مستحقات البلديات، الى افتتاح فرع لجامعة البلمند، رغم طابعها الخاص.

 

الشمال والبقاع.. "حاضنة" تداعيات الأزمة السورية

المستقبل/تحتل مناطق البقاع والشمال (من عكار الى طرابلس) المربع الأول من أزمة متداخلة تستقر في الجوار السوري. هذا التداخل فرضته أولاً، الجغرافيا، عبر حدود تمتد كيلومترات طويلة شرقاً وشمالاً، وعوامل التواصل الاجتماعي السياسي المتراكم منذ ما قبل قيام الدولتين وترسيم الحدود بينهما. وأخيراً الظروف المتعددة التي طبعت علاقات البلدين على المستويات كافة، من دون تجاهل تداعيات الأزمة الحالية في سوريا والتي تجلت في المجالات كافة: سياسياً، أمنياً، اقتصادياً، نزوحاً كثيفاً. والمؤكد أن هذه التداعيات، وإن أرخت بثقلها على لبنان عموماً، إلا أن المناطق المعنية أكثر من غيرها، تبقى البقاع والشمال، الحاضن الأساس لهذه العناوين. فالمعارك العسكرية في الداخل السوري المجاور، كثيراً ما وصلت شظاياها الى الأراضي اللبنانية، قصفاً وقنصاً وإطلاق نار أوقعت في العديد من الحالات ضحايا من المواطنين اللبنانيين. ولم يتورع جيش النظام السوري عن انتهاك السيادة اللبنانية في بعض مناطق الشمال والبقاع. كما أن طرابلس، شكّلت بالنسبة الى النظام السوري وأعوانه المحليين، ساحة اختبار أمنية ومصدراً لرسائل عابرة للحدود أحياناً، ومحلية في أغلب الأحيان. وكذلك الحال في بعض قرى البقاع الشمالي التي تعرضت، في مرات عدة، لاعتداءات شبيحة النظام السوري. وفي الجانب الانساني، فقد شكلت مناطق البقاع والشمال، الملاذ الأهم لآلاف النازحين السوريين، يتقاسمون ومضيفيهم اللبنانيين شظف العيش نتيجة سياسة الحكومة اللبنانية التي نأت بالنفس عن هموم الناس وأوجاعهم. وهكذا، سُجل تجاهل رسمي وإهمال غير مبرر حيال قضية النازحين، مع مواقف عنصرية من قبل بعض أطراف الحكم.

 

لا عودة الى الوراء في سوريا وخيارات الأسد صعبة سواء قرر البقاء أم الرحيل

الصراع تحوّل إيديولوجياً وعلى العالم  التصدي لنشوء دولة مارقة  في منطقة ملتهبة

موناليزا فريحة/النهار

راهن العالم على الوقت في سوريا، متناسياً أن نظام بشار الاسد سيد هذه اللعبة التي راهن عليها مرارا وانتصر. على مدى أكثر من عشرين شهرا ، كان العالم يعد الايام للأسد ،تارة بالاسابيع وطورا بالاشهر، فيما النظام السوري يهتز ولا يقع.مؤشرات كثيرة توحي بأن الوقت  بدأ ينفذ حقا هذه المرة لا للأسد فحسب وإنما لسوريا كلها.فمعه  وعلى الارجح من دونه،تتجه سوريا الى خيارات صعبة.

 

عندما اختار نظام الاسد في آذار 2011 قمع مجموعة من الفتيان كتبوا على الجدران   شعار"الشعب يريد اسقاط النظام" الذي كان يدوي في ميادين مصر وتونس، لم يكن بالتأكيد يعرف أنه يكتب بداية النهاية لحكم استمر أربعين سنة، وربما لاستقرار سوريا ايضاً.لم يخطر بباله أن حركة التمرد العفوية التي انطلقت في درعا القاحلة ستتمدد وتتمدد الى الارياف والمدن، قبل أن تتحول حربا شعواء هي الاكثر دموية في القرن الحادي والعشرين.

لاعودة الى الوراء في  سوريا. ولت ايام كان فيها نظام البعث حاكما بأمره ، وصارت ماضيا.  لم يعد ذلك النظام الذي حكم سوريا بقبضة من حديد طوال اربعين سنة قائماً، وإن يكن رأسه لم يسقط بعد.  

في الواقع،  منذ وصل "الربيع العربي" الى سوريا، كان واضحاً أنه لن يزهّر فيها بسهولة.ومع مرور الوقت، أثبت بشار الاسد حقا أنه ليس حسني مبارك ولا زين العابدين بن علي ولا حتى معمر القذافي، وإن يكن الدم البارد قاسماً مشتركا بين الاثنين .

خلال 21 شهراً، أصم الاسد أذنيه عن  دعوات شعبه له بالتنحي، وتحدى العقوبات الدولية على نظامه. عرقل الحل السياسي وأحبط كوفي أنان قبل الاخضر الابرهيمي.راهن على روسيا القلقة على مصالحها والحريصة على مشاكسة أميركا، وشد ظهره بايران التي يشكل آخر حصن لها في مواجهة الغرب.

أظهرت  الانتخابات البرلمانية التي أجريت في ايار الماضي أن السلطة السورية كانت لاتزال متماسكة، خصوصا  بفضل أجهزتها الأمنية والعسكرية،  غير أنها شكلت خطوة أخرى في فراغ ، وأطالت عمر الازمة،إذ لم تفض  إلى أي تغيير في المشهد السياسي والأمني في البلاد ، بعدما  مضى النظام في قمعه اية تظاهرات، واصفاً اي تحرك ضده، سلمي كان أم غير سلمي بأنه "الارهابي".

وشكل اتفاق جنيف الذي وضعته المجموعة الدولية حول سوريا   فرصة حقيقية من أجل دفع الأزمة السورية نحو حلّ محتمل، قبل أن ينكب كل فريق على تفصيله على قياسه،   وخصوصا في ما يتعلق بآلية المرحلة الانتقالية، ودور للاسد فيها.ضاع الاتفاق بين الاخذ والرد، وبدأ البحث عن نسخة محدثة له .وبدا في حينه أن  هذا الارباك السياسي أكسب الثوار زخما  على الارض .

تغيير المعادلة

بعد صيف ساخن،  نجح الثوار في تغيير المعادلة. فقدت قوات النظام السيطرة على شمال البلاد وأرياف المدن الكبيرة، بما فيها حلب وحمص،ودقت أبوب العاصمة دمشق،عرين النظام.

منذ أشهر ، يظهر النظام علامات متزايدة على ضعف ووهن.فبعدما كانت المعارك أشبه بعمليات كر وفر بينه وبين الثوار، تراجعت القدرة الدفاعية لقواته، وفشلت محاولات عدة له لدحر خصومه، على رغم استخدامه ترسانته الحربية بكل مكوناتها، من سلاح جوي ومدافع وآخرها صواريخ سكود.

تظهر يوميات المعارك أن الثوار طوروا كثيرا قدراتهم القتالية منذ الشتاء الماضي، مما أتاح لهم  السيطرة على مناطق واسعة وبالتالي وضع يدهم على أسلحة وذخائر.وحاليا هم يسيطرون على خطوط المواصلات في ادلب وحلب والرقة.وكل ذلك ساهم في رفع معنوياتهم.

 وبضبطهم   أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ تطلق من الكتف وقذائف صاروخية وأسلحة أخرى من القوات الحكومية، صار الثوار  يتمتعون بنوع من الاكتفاء الذاتي.وبذلك، تجاوزت التطورات على الارض الجدل في الغرب في شأن تسليح الثوار ، وإن  كان خبراء يقرون بافتقار هؤلاء الى الخبرة القتالية والمعلومات الاستخباراتية.

وشكل اخفاق قوات النظام  الصيف الماضي في استعادة السيطرة على حلب  وضواحيها   نقطة تحول في الحرب.

وفي رأي خبراء عسكريين، تعاني القوات الحكومية انهاكاً متسارعا مع مقتل أكثر من ألف من رجالها وجرح أربعة الاف آخرين شهريا في الاشهر الخمسة أو الستة الاخيرة.وفي المقابل،يخسر الثوار نحو 850 رجلا شهرياً ويتمكنون بسهولة من استقطاب مقاتلين جدد.

في اختصار، نجح الثوار الى حد بعيد في ردم الفجوة العملانية التي كانت تتميز بها قوات النظام في بداية الحرب.ومع أن قوات الاسد لا تزال تتمتع بقدرات مدفعية متقدمة، يكتسب الثوار قدرات قتالية سريعا.ولم يعد أمام الاسد الا الخيار الكيميائي لقلب قواعد اللعبة، وإن تكن خطوة كهذه تعتبر ، بمعايير حليفته روسيا قبل خصومه الغربيين، انتحارا سياسيا وتسرع نهايته.

سوريا تدفع الثمن

لم يحصل  التبدل في ميزان القوى بلا ثمن لسوريا والسوريين. لقد فاقم انتشار السلاح بين فريقي النزاع المأساة، معززا الفرز الطائفي فيها ومحولا مساحات واسعة من مدنها التاريخية ركاما.نصف مليون سوري على الاقل شردوا من سوريا ولجأوا الى دول الجوار، ومليون ونصف مليون آخرون نزحوا داخل بلادهم.هؤلاء وأولئك يعيشون في أوضاع مزرية ولا يعرفون متى تنتهي محنتهم.

والى هذا الجانب الانساني للمعاناة، اتخذ القتال منحى ايديولوجيا وتحول  صراعاً على هوية سوريا الجديدة. ففي ظل التردد الغربي في مساعدة الثوار، عززت السعودية وقطر نفوذهما وألقتا بثقلهما وراء المجموعات الاسلامية، آملة في التأثير في توجهات السلطة المقبلة، وابعادها من فلك  العدو اللدود ايران .

غيَّر هذا التدخل بعضا من وجه الانتفاضة. ازداد العداء لأميركا والغرب، وصارت اللحى قيمة مضافة بين الثوار الذي يطلقونها تجسيدا لقناعاتهم حينا، وسعيا  الى تعاطف من دول اسلامية.

ومنذ منتصف الصيف الماضي،ارتأى السوريون "الرقص مع الشيطان"، على أن يصفوا حساباتهم معه لاحقا.  أفسحوا في المجال لدخول الجهاديبن بقوة على خط الانتفاضة. عراقيون وأفغان وفلسطينيون ولبنانيون هبوا لنصرة أخوانهم السنة الذي يواجهون بشار الاسد "الكافر"، وإن كانوا يضمرون أهدافا تذهب أبعد بكثير من مجرد اطاحة النظام. بخبراتهم القتالية وأسلحتهم، ساعد هؤلاء في تغيير ميزان القوى في المعركة ، ولكنهم ايضا يوشكون على خطف الثورة التي تحولت بشعاراتهم أشبه بصراع ايديولوجيات.

المعارضة السياسية

ويزيد المشهد كآبة عجز  الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية  الذي رأى النور في تشرين الثاني في الدوحة عن تثبيت أقدامه في الداخل السوري.فوقت ينتزع المجلس مزيدا من الاعتراف الدولي، ليست واضحة بعد الخطوات التي حققها في احدى مهماته   الاساسية وهي تشكيل تنسيقيات لمعالجة المسائل الامنية والانسانية في المناطق المحررة.

كذلك، لا تزال غامضة نتيجة المهمة الموكلة الى المجلس العسكري الاعلى بقيادة سليم ادريس بتنسيق تمرير السلاح الى المجموعات المسلحة المعتدلة، تمهيدا لتنظيمها تحت لوائه.فمع ضبط الثوار مزيدا من الاسلحة من القوات النظامية، ليس معروفا ما اذا كان المجلس قادرا على ضبط هذه المجموعات .

على رغم التحفظات والانتقادات، لا شك في أن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والمجلس العسكري الاعلى يشكلان خطوتين مهمتين في اتجاه ارساء هيكلية واضحة للمعارضة السورية، بعد مرور عشرين شهرا على بدء الانتفاضة  ، ولكن على رغم تعهداتهما التعاون والتنسيق لتوفير الشروط الدنيا لعملية انتقالية سليمة، ليست ثمة مؤشرات كبيرة لقدرتهما على تجاوز الانقسامات داخل المعارضة السورية، وهو ما يزيد الاخطار التي تنتظر سوريا.

الخناق يضيق

الخناق يضيق على بشار الاسد، ونظامه بدأ يقر بذلك. أعطت واشنطن الضوء الاخضر لنشر صواريخ الباتريوت على الحدود السورية-التركية.فاروق الشرع  أرسل  اشارة واضحة الى أن النظام يبحث عن مخرج (وإن يكن وزير الاعلام حاول التملص منه لاحقا).في أسابيع أو أشهر أو حتى سنة، سيكون على الاسد الاختيار (إذا أتيح له المجال) بين المنفى، علما أن الطريق الى المطار مقفل حاليا ، وبين البقاء في دمشق والموت فيها متمسكا بتطلعات والده حافظ الاسد الى "نظام علماني" في سوريا ، وبين التوجه شمالا الى معقل العلويين ليتحول على غرار جده زعيما للاقلية العلوية.

 ليس واضحا بعد السيناريو الذي سينهي به الاسد حكم اسرته لسوريا.ولكن ايا كان،  ، يبدو الصراع على  هذه البلاد مرشحا لمرحلة جديدة مقلقة.فبعد كل الدماء التي سفكت والغزائز الطائفية التي استنفرت، لم يعد الاسد الا جزءا من الازمة، ولن يشكل رحيله الا جزءا من الحل.فمع النفوذ السياسي الضعيف للائتلاف الوطني وتزايد نفوذ الجماعات المسلحة، سيبدأ أولئك الذين أكلوا العصي مع نظام الاسد،عدها.

في أسوا السيناريوات، قد تبدو سوريا كما كانت عليه عام 1923، مجموعة من الطوائف المتنازعة تسيطر كل منها على منطقة وسط حال من الفوضى، الامر الذي سيزيد احتمالات تحول الحرب الاهلية في سوريا حروبا بالواسطة.فالخطوط الطائفية في لبنان لا تزال جاهزة، و"حزب الله" على أهبة الاستعداد لنصرة العلويين في لبنان وعلى تخومه ايضا. الاردن يقف على حافة الهاوية، وتركيا،"الدولة القوية " خسرت دورها في المنطقة وهي مهددة بخسارة أكبر .وإذا تردد الغرب في مد الاسلاميين بالاسلحة والمال،ثمة دول أخرى لن تبخل في ذلك، طبعا من أجل تعزيز نفوها فيها اكثر وعزل الجمهورية الاسلامية .أما ايران فلن تتوانى عن القيام بواجبها!.

تجنب السيناريو الاسوأ

وسط هذه السيناريوات المتشائمة لسوريا، هل لا تزال ثمة فرصة بعد لانقاذ ما تبقى في معالم الدولة في سوريا ؟

في مقال كتبه أخيرا في مجلة "فورين بوليسي"، حدد السفير الاميركي فريديريك هوف ثلاثة خطوات يمكن المعارضة السورية والعالم اتخاذها لتجنيب سوريا الكأس المرة.

أولا، يطالب المعارضة بتسريع تنظيم نفسها، وذلك من تنسيق تام بين المجلس العسكري الاعلى والائتلاف الوطني.

ثانيا، يحض الائتلاف الوطني على تحويل نفسه حكومة انتقالية، قد تكون برئاسة رياض حجاب الذي يعتبر الشخص الانسب لمثل هذا المنصب بسبب معرفته بحزب البعث والاجهزة الامنية، على أن تستقر  هذه الحكومة في شمال سوريا حيث  تحظى باعتراف دولي واسع لحكومة شرعية لسوريا.ومثل هذا الاعتراف يمكن منحه في مقابل التزامات واضحة من الحكومة العتيدة لبناء سوريا التي تضمن حكم القانون وتكفل حقوقا متساوية لجميع مواطنيها  وتبني سلطتها على موافقة مواطنيها.

ثالثا،يناشد الولايات المتحدة ودولا أخرى انشاء علاقات تعاون أمني مع هذه الحكومة وتوفير السلاح والتدريب لها.فوقت يتعين على واشنطن والدول الغربية النافذة دعم جهود الابرهيمي لتنظيم عملية انتقالية يتنحى بموجبها الاسد وشركاؤه طوعا، قد يكون ضربا من الجنون الرهان على استعداد الرئيس السوري للقيام بالخطوة الصحيحة.

الى ذلك، يدعو هوف اميركا الى تسليح المعارضة، معتبرا أن الاسلحة هي المفتاح الاساسي لاي جهة تريد التأثير في اتجاه سوريا الجديدة.ويحضها مع حلفائها، وتحديدا والى كل هذه الجهود، يضيف هوف وجوب تواصل المعارضة السورية مع الاقليات السورية، بما فيها المسيحيون والاكراد، التي لا تزال خائفة من مرحلة ما بعد "الشيطان" الذي تأقلمت على العيش معه.ومع تمدد "القاعدة" بزي "جبهة النصرة" في سوريا، يصير التعامل مع مخاوف الاقليات ضرورة ملحة.

تحديات كبيرة يتعين على العالم التصدي لها في سوريا إذا أراد تجنب نشوء دولة مارقة وملاذ جديد للارهاب في منطقة ملتهبة، ولعله قبل كل شي عليه النزول بثقله لضمان بديل قابل للحياة للنظام المتداعي أساسه المواطنة لا الطائفة ولا الاتنية ولا العرق ولا اي شكل من الأشكال التي تؤدي الى تقسيم البلاد أو الانتقال بها من ديكتاتورية الى أخرى.