ابو جمرة يروي لـ(الانوار) قصة بدء الحوار واسباب توقفه ويحدد احتمالات نجاحه:

 الرئيس لحود لن يرفض الاستقالة اذا ما تحقق اجماع في مؤتمر المجلس على استقالته

الانوار  حاوره: فؤاد دعبول ونينا رستم 13  آذار 2006

كتب تاريخه السياسي، يوم تسلم منصبه الوزاري، كنائب رئيس للحكومة الدستورية. مارس مسؤولياته بذهنية السياسي الجديد، وصرامة الرجل العسكري القديم. يومئذ، في العام 1989، عهدت اليه عدة حقائب وزارية. لكنه اضفى عليها في ظروف الحرب، مرونة السياسي، من دون ان يتخلى عن لهجة العسكري. ولا احد ينسى له، انه في الحكم، كان الوزير عصام ابو جمرة، المستقيم الرأي والتصرف، والقائد الحازم بلا منازع. يوم لم يكن في البلد خطوط هاتف، لا الى الداخل ولا الى الخارج. ويوم لم يكن في اي منطقة نور، حمل الكهرباء الى المناطق. وخاطب الموظفين بالمثل الذي ذهب مثلا سائراً، يريد النور لا الظلام و(نقطة على السطر)! اعطى الحكم نزاهته، واخذ منه العذاب. جاء من منطقة اعطت النوابغ من السياسيين والادباء والصحافيين. ومن المنطقة التي خرج منها فارس الخوري رئيس وزراء سوريا ابان الاستقلال، يعود اليها رجلاً في (تيار) جارف شعبياً.

حكى لـ(الانوار) قصة الحوار، ووضع فوق حروفها. وترافع عن رفيقه في السلاح وفي السياسة، بلهجة المحامي واسلوبه، ليقول ان العماد ميشال عون عاد الى لبنان، ليقود الناس الى المستقبل، وليقود الجمهورية في متاهات الاطماع.

وعندما، كنا نغادر منزله، وصل (المباشر) الى داره، ليسلمه حكما قضائيا ببراءته ومنع التعقبات عليه، لانه كان محالا الى المحكمة، بتهمة العمل على استرداد السلطة من الرئيس لحود في العام .1998

اما الان فيؤكد ان رئيس الجمهورية لا يرفض الحوار، ولكن الحوار لانهاء ولايته الا اذا حصل اجماع على استقالته، وحينها لا يمكن ان يرفض.

وهذه هي وقائع الحوار:

عشية استئناف الحوار، هل تعتقدون انه كان في نصفه الاول كان كما يقال، لبنانياً للمرة الاولى، أم انه مغطى بمداخلات وتأييدات ومعارضات إقليمية ودولية?

- بحسب معلوماتي فان الحوار بدأ لبنانياً، وان المبادرة الحوارية بدأت من عند الرئيس نبيه بري. وكان طرحها النائب غسان تويني بعد مقابلة رئيس الجمهورية، على اساس ان يكون هناك حل. لكن يبدو ان الموضوع لم يتابع بالشكل الذي كان مطروحا فيه. الرئيس بري تبنى الحوار وسار به داخل مجلس النواب، ومن ثم تطور لما يعرف بالصف الاول. ولم نعد نعرف من الاول من الثاني. المهم ان الحوار لبناني، ولا يمكن أن نمنع الاطياف حوله او الإيحاءات او فرض الواقع، لان قضية لبنان ليست داخلية. فسوريا كانت في لبنان اكثر من ربع قرن، والسعودية لها مداخلات منذ اتفاق الطائف وما قبله، ومصر تلعب دوراً منذ 1958 وفرنسا لها يد، وكذلك اميركا. تاريخ لبنان حافل بالتدخلات الاجنبية على مر العصور فاذا كان الحوار اليوم لبنانياً بنسبة 80 بالمئة فهذه نعمة، ونكون تقدمنا كثيراً. يجب ان يتفاهم المتحاورون على ما فيه مصلحة لبنان، ويخرجوا بحلول ترضي الشعب اللبناني.

الاجماع اولاً

أشرتم للمرة الأولى الى ان لرئيس الجمهورية ضلعاً في هذا الحوار?

- على العكس كانت هناك مداخلة، بان يكون نوعاً من حل المشكلة، وعلى هذا الاساس وضعت استقالة الرئيس بالتصرف، اي ان الحل كان بان توضع استقالته بتصرف البطريرك، كنوع من الحل لكنه تعثر، فتلقفه رئيس مجلس النواب، فكان الحوار بهذا الشكل. لكنه تلاشى وغاب.

هل تعتقدون ان رئيس الجمهورية أبدى تفهماً لمنطلقات الحوار، وعندما ظهرت الحوارات وتشعباتها احجم عن إعطاء ما كان مزمعاً على إعطائه.

- اذا سلمنا ان رئيس الجمهورية لا يرفض الحوار، فهو يهمه ان يكمل ولايته المممددة ثلاث سنوات (بالتي هي احسن) ومن دون صدمات. هذا المنطق البسيط للامور. وهو لن يرفض الحوار، ولكن ليس الحوار لانهاء ولايته. الا اذا حصل اجماع في الحوار على استقالته، وحينها لا يمكنه ان يرفض.

الصف الاول اولا واخيرا

الحوار توقف، وفريق يقول انه توقف بسبب تصريحات النائب وليد جنبلاط، والرئيس بري يؤكد ان ما قاله في واشنطن، سبق وقاله في قاعة الاجتماع، وفريق آخر يقول ان الحوار توقف ليعود المتحاورون الى قواعدهم وقياداتهم، مع انهم من الصف الاول، فما هي اسباب توقف الحوار وما الاحتمالات لاستئنافه غداً?

- عندما أعلن الرئيس بري الحوار من الصف الاول، كنا نتمنى ان يبقى كذلك، وألا يتغيب النائب وليد جنبلاط لأي سبب كان. وزيارته الى الخارج، وكان بامكانه ان يؤجلها اسبوعاً. فعندما نتحدث عن باب اول، فيجب ان يتابع على هذا الاساس، وان يرفض دور من يتغيب اذ ثمة قرارات مهمة جداً ومسؤولية. والتشاور عبر الهاتف لاخذ المواقف، ممن هم خارج الجلسة، يجعل الامر مختلفاً عما هو عليه داخل الحوار. برأيي كان يجب فرض حضور كل سياسيي الباب الاول، على أن يلغى دور أي منهم في حال تغيب، او ان يؤجل الحوار اذا كان السبب قوياً للغياب، اما أن يأتي سياسيو الباب الثاني، فهذا عذر لتأخير الحوار ونسفه. وهذا ما حدث، فتأجل الحوار وحصل نوع من الأخذ والرد.

 

يحكى عن مداخلات للعماد ميشال عون داخل مؤتمر الحوار كان موضع تقدير المؤتمرين. فهل قدم تنازلات أو مد جسوراً مع الآخرين، والى أين يمكن ان تقود هذه الجسور? هل الى حلول ام الى تعقيدات ام مشاكل من هنا وهناك?

- العماد عون شخص لبناني في تكوينه وكيانه. ولا يمكن ان يطرح حلولاً الا لمصلحة لبنان. وهذا لا يختلف عليه الناس اذا كانوا فعلاً مخلصين لبلدهم. طروحات العماد عون لا يمكن إلا ان يوافق عليها، من يرى مصلحة لبنان اولاً. اما من لديهم ارتباطاتهم ومصالحهم الشخصية، ويرون مصلحة الوطن من خلالها، قد لا يتفقون مع العماد عون.

البعض يأخذ على العماد عون انه يطرح مسألة إما هو لرئاسة الجمهورية او لا أحد، او دور للبنانيين ليصلوا الى رئاسة قوية ومرتاحة وتؤمن تطلعاتهم. فهل انحصرت طروحات العماد عون بشخصه?

- لماذا يحق للجميع ما لا يحق للعماد عون?

الترشح يتطلب توافقاً.

- النجاح الإجمالي يتطلب التوافق. نحن نتمنى ان يتفقوا على العماد عون، لانه يجمع بشخصه ميزات قد لا تتوفر عند الجميع. لذا ندعوهم الى تسمية مرشح يمكن مقارنته بالعماد عون، يهمنا اولاً ان يكون رئيس الجمهورية بالمستوى المطلوب، من حيث الخبرة والشخصية والدعم السياسي والقاعدة الشعبية التي تدعمه بالاضافة الى امكان الاتصال بكل الفرقاء. فالدستور ينص على ان رئيس الجمهورية هو رجل الوفاق بين كل الاطراف. فاذا كان بامكان العماد عون التواصل مع الجميع، والوصول اليهم بكل جرأة ومسؤولية وفرض نفسه بالمنطق الإيجابي اللبناني، فهذا يعني انه ليست عنده سلبيات. ما المطلوب من ميشال عون في الرئاسة، ولا يمكنه ان ينفذه? وما النقص في ميزاته حتى يرفض? هو لم يقل (أنا أو لا أحد) بل قال ان اكثر من لديه نواب موارنة، ويبلغ عددهم 21 نائباً، وحصل على 75% من القاعدة الشعبية المسيحية. وفي استطلاعات الرأي نال 46 بالمئة، والذي يليه كانت نسبة اصواته 12%. واذا الفرق شاسع. هو يتكلم مع الجميع ولديه الخبرة السياسية. وفي كل الميادين. فما الذي لا يمكنه ان ينفذه? هكذا يبحث الموضوع.

اليوم هناك رئيس جمهورية وحكومة ومسؤولون عن السلطة التنفيذية. فلماذا لا يطرحون على المرشح، نقاطاً اساسية يجب تنفيذها? وقبل انتهاء ولاية الرئيس لحود، توجد استقالته وسلاح (حزب الله) والسلاح الفلسطيني وقانون الانتخابات والتجنيس. هذه المواضيع يجب ان تطرح على المرشح، وبناء على رأيه، يتم اختياره أم لا. فاذاكان سيتفق مع الحكومة مسبقاً حول هذه الامور، اقله فليحدد الاتجاه الذي ستسلكه طريقة معالجة هذه الملفات الاساسية. حينها يكون اختيار الرئيس مفيداً، ويصب في مصلحة الوفاق اللبناني خلال السنوات الست التي ستمر.

هناك (نقزة) لدى البعض من العماد عون...

- لانه عسكري?

يزعم اصحاب النقزة ان لديه عقلية صعبة وغير مرنة مع الناس، لانه آت الى الرئاسة ليمارس مسؤوليات بذهنية مختلفة عن ذهنية رجل ديمقراطي.

- في بداية كلامكم قلتم ان العماد عون كان في جلسات الحوار الرجل المرن والوفاقي الذي يسعى الى الوصول الى حلول لبنانية مفيدة. ثم ان صلاحيات رئيس الجمهورية بموجب اتفاق الطائف أو الدستور اللبناني، معروفة ومحددة. وعندما يخالف الدستور ثمة طرق لمعالجة الامر. لكن اذا كان بامكان رئيس الجمهورية، بحكم القوانين قادراً على ان يفرض الحل الأصلح، او ان يكوّن بعض الاقتراحات التي تسيء الى لبنان، أو للحلول المعروضة كنوع من الاستغلال أو اي شيء يشوبه الشك فمن حقه ذلك. فكيف نتحدث عن الدستور من جهة، ونعاكسه من جهة أخرى? يجب ان يتفق رئيسا الجمهورية والحكومة على تطبيق الدستور، وهذه نقطة اساسية لا يجب الاختلاف عليها.

  حسابات العودة

لا يزال هناك من يُروّج ان العماد عون جاء الى لبنان على أسس معينة أحبها المعارضون له الآن والمؤيدون لتكون جسر عبور بين الماضي والحاضر. وثمة من يرى انه جيء بالعماد عون الى لبنان بارادة شعبية، وباتفاق غامض شارك فيه السوريون والسلطة والعماد لحود والقوى التي جعلته ينقلب فور وصوله من مؤيد وصانع لـ 14 آذار الى مقاوم لأركان 14 آذار.

- عندما كنا ما نزال في فرنسا، فكرنا في العودة بعد صدور قانون سيادة لبنان واستقلاله عن الكونغرس الاميركي ثم القرار .1559 حينها اصبحت عودة العماد عون شبه محتمة، نتيجة لحتمية الانسحاب السوري من لبنان. وليس خفياً على احد ان كل الاطراف زاروا العماد عون في منزله في فرنسا، ممن كانوا يوالون سوريا ومن (المستقبل) و(الاشتراكي)، حتى ان وليد جنبلاط زاره ايضاً. انما هذا لا يعني اي اتفاق أجراه العماد عون قبل مجيئه من فرنسا. فهو دعا الى الحوار، علناً في تشرين 2004، للبحث في انسحاب سوري لا يسبب صدامات وآثاراً سيئة بين لبنان وسوريا. وطلب الحوار مع كل الاطراف اللبنانيين سواء أكانوا من 14 أو 18 آذار او من يتولون السلطة في العهد السوري، لكنهم تحدثوا اليه بشكل جانبي ومن دون ان يكون الحوار مفتوحاً او رسمياً.

وحصلت إيجابيات من السلطة وسلبيات ممن يسمون انفسهم 14 اذار اي (المستقبل) و(الاشتراكي)، فكانوا لا يريدون عودتنا الى لبنان. وسألنا مرات عدة لماذا هذه العداوة والنفور، دون ان نلقى الجواب، وسئل سعد الحريري في احد برامج الحوار التلفزيونية فلم يجب بل قال (منا ومنهم). وسأعدد باختصار محاولات عرقلة رجوعنا، التي بدأت مع السلطات الفرنسية، اذ ارسل الرئيس جاك شيراك موفداً شخصياً من قبله، ليخبرنا ان فرنسا لا تؤمن عودتنا الى لبنان. لكننا قررنا العودة في 7 ايار ولنكن شهدا. وعدنا تحت التهديد ان الصواريخ ستقصف طائرتنا.

ثم هناك قانون الانتخاب، اذ أقر قانون الألفين بعد ان كانت غالبية اللبنانيين تريد قانون القضاء. واستثنينا من تأليف اللوائح في بيروت والجنوب وجبل لبنان. وشاركنا في الانتخابات لنحقق ما حصلنا عليه. وكل ذلك رغم اعلان الجنرال عون من باريس، ان يدنا ممدودة للمستقبل والاشتراكي بشخصي سعد الحريري ووليد حنبلاط. لكننا ما زلنا نجهل السبب حتى الآن.

وبالنسبة الى تأليف الحكومة، اتفاق العماد عون مع الحريري على نسبة ثلث الحكومة، وجاءت النتيجة معاكسة. وما ان رفض العماد عون المشاركة حتى بادروا للاتفاق مع خصمهم فعينوا وزراء لرئيس الجمهورية بدلاً من حليفهم الذي هو اساس 14 اذار.

وجاء دور رئاسة الجمهورية فقالوا ان ميشال عون ينادي بالمحاسبة. المحاسبة للماضي هي عبرة للمستقبل الذي أرى انهم يخافون منه. لذا يراهنون على رئيس جمهورية يكون بتصرفهم ولا يخالفهم. وهنا ننتقل الى امر ليس معتمداً في لبنان، هو الحزب الحاكم في مجلس النواب والحكومة والرئاسة. الانتخابات لم تجرَ على هذا الاساس في لبنان. فلو تمت كما في أميركا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري ليسيطر الحزب الفائز على كل شيء، كنا قلنا ان حزب (المستقبل) استولى على الحكم لاربع سنوات، بعدها نطرح الانتخابات الجديدة التي يقرر بموجبها الشعب، ما اذا كان سيجدد له او سينتخبنا نحن.

ويقول هؤلاء ايضا، انهم لو انعموا النظر في تحالفات العماد عون، لوجدوا ان حلفاء اليوم هم أعداء الامس...

- صحيح. فاذا كان مَنْ معنا صار ضدنا هل نعادي كل الناس? الباقون أليسوا لبنانيين اذا لم يكونوا من المستقبل او الاشتراكي?

المسألة - في رأيهم - انكم أتيتم للإصلاح وقمع الفساد فوضعتم أيديكم في أيدي رموز الفساد... واعداء الاصلاح.

- هل كل من تحالفنا معهم، ومن صوتوا لنا فاسدون? اذا ثبت فسادهم، وظللنا ندعمهم، يكون هذا الكلام صحيحاً. اما اذا لم يثبت ان أياً من هؤلاء فاسد، فالتعامل معه يكون كأي لبناني او حزب من اتجاه آخر.

يأخذون عليكم بأن العماد عون يردد القول ان لديه الاكثرية المسيحية فيما كان يشدد على كونه لبنانياً وليس طائفياً. ولم يقل يوماً ان الموارنة يؤيدونه والسنّة او الشيعة يعارضونه، بل انه لكل لبنان. فهل تراجع الى حد القول انه يمثل الاكثرية المسيحية?

- ما يحصل أنه يتم اجتزاء الكلام، فتؤخد عبارة من جملة. وهنا أريد ان اسأل كيف يفسر حصول العماد عون على 84% من اصوات الشيعة في آخر إحصائية أجريت? وكذلك توجد نسبة من السنّة الذين يؤيدونه. ومجموع المؤيدين من الطائفتين يوازي نسبة المسيحيين او قد يتعداها، عندما نقول ان لدينا اكثرية مسيحية، يكون ذلك في سياق الحديث عن ان رئيس الجمهورية ماروني والقاعدة المارونية يجب ان تؤيده ليتكل عليها. وهذا لا يعني أنه يجب الا يدعم من الطوائف الاخرى، ففي النهاية رئيس الجمهورية لكل اللبنانيين، الجنرال عون أمضى حياته في مؤسسة العيش المشترك، وشعبيته حاضرة عند الشيعة، وايضاً عند السنّة في عكار او بيروت او صيدا.

لكن معارضيه يقولون ان الناس لم يعطوا العماد عون الاكثرية المسيحية ليتحالف مع حلفاء سوريا، ويخاصم من عادوها في الماضي?

- ثمة وجهة نظر في هذا الكلام بالمطلق. لكن في الواقع السياسي هو ليس عملياً، لان من سيحكم لبنان يجب أن يتعامل مع كل اللبنانيين. فيكافئ الصالحون ويعاقب الفاسدون. وعدا عن ذلك، فان كل اللبنانيين متساوون. اما غير ذلك فهو تجنٍّ.

ثمن التفاهم الصعب

هل تعتقدون ان العماد عون خسر رئاسة الجمهورية بمجرد تفاهمه السياسي مع (حزب الله)?

- هل بامكان رئيس الجمهورية ان يحكم لبنان اذا كان على خلاف مع (حزب الله) والشيعة بصورة عامة? التفاهم عبارة عن وثيقة تلاقٍ. التواصل مع (حزب الله) بدأ منذ كنا في باريس، والوفاق معه ليس جريمة بل مقدرة على التفاهم مع حزب بهذا الحجم. اما البحث فيكون في البنود الواردة، واذا ظهر أي خطأ فيمكن الحديث عنه. وحتى (المستقبل) وسعد الحريري هل هو على عداء مع (حزب الله)? ومتى كان وليد جنبلاط معادياً لحزب الله? حتى اليوم هو يختلف معه على نقطة معينة، لكن هل يناصبه العداء? وهل نسينا تاريخه مع المقاومة? لماذا ما هو محلل لكل الناس محرم على العماد عون? ثمة وزير من (حزب الله) في حكومة السنيورة ومن حركة امل وغيرها?

اصلحوه ولا تحاربوه

ويقولون ايضا ان العماد عون تسرع في التفاهم مع (حزب الله) تحت وطأة الانتخابات في بعبدا - عاليه بعد وفاة النائب ادمون نعيم، فأعطاه كل شيء ولم يأخذ منه الا النظر، في عودة اللبنانيين من اسرائيل?

- ورقة التفاهم درست قبل شهور من وفاة النائب نعيم وبنودها تطال امورا كثيرة. وفي المطلق يمكن تسجيل مأخذ على بعض الكلمات، وهي مطروحة للحوار ويمكن تصحيحها. فاذا كان هناك بند افضل مما هو موجود ورفضه العماد عون، عندها يمكن ان يلام. حيث يحصل نوع من التفاهم بين الطرفين على الحد الادنى بالنسبة للمواضيع المطروحة. وهذا التفاهم هو وثيقة تعرض على الطرف الثالث اذ لا ميشال عون رئيس جمهورية ولا حسن نصرالله رئيس مجلس نواب. والوثيقة لم تبث ولم تحرز الاكثرية النيابية. كما ان كل بند يجب ان يفسر بقانون. اذ كل ما ورد يمكن ان يصحح ويعدل لما فيه مصلحة لبنان وان ينال اكثرية الثلثين. يجب الا نأخذ الامور من المنظار الضيق. فننطلق مما قد يتهيأ لنا بأنه ثغرة صغيرة، فنهاجم اتفاقا قد يكون لمصلحة لبنان اذا درس بايجابية.

التوافق الديمقراطي

موقف العماد عون من رئاسة الجمهورية، هل هو لمصلحة الرئاسة او الرئيس او لعدم مجيء رئيس توافقي في لبنان?

- التوافق لا يمكن ان يشمل كل المواضيع المطروحة والدستور اللبناني ينص على اتخاذ القرارات بالتوافق والا بالتصويت، وباكثرية الثلثين في القضايا الاساسية، وهذه هي الديمقراطية. لذلك طرحت المواضيع الشائكة للتوافق عليها أو التصويت أو عدمه، وفي هذه الحالة يكون هناك توافق ايضا على عدم اتخاذ قرار. وفي اوروبا عندما انشئت (ماستردج)، عرضت للتصويت وفي احد البلدان الاوروبية لم تنل موافقة 50 بالمئة من الاصوات. فتركت فترة وبعد توعية الناس اعيد التصويت وتم القبول بنسبة تتعدى الـ 50%. هذا ما يجب حصوله في اي ديمقراطية.

المبالغة في المواقف

هل يستغل العماد عون هذه النقطة، ليصعّد حملته على اكثرية 14 اذار الشعبية، ضد مجيئه رئيسا للجمهورية?

- اي خطوة يتخذها الجنرال عون تفسر وكأنها بهدف الرئاسة مهما كان الثمن. هذا نوع من المبالغة. العماد عون ماروني يحق له الترشح الى الرئاسة ويتمتع بكل الصفات اللازمة لذلك، وليس فاقدا الاهلية كي لا يترشح، لكن القول، ان كل ما يقوم به هو في سبيل الرئاسة فأعتقد انه مبالغ به.

دوركم ودورهم

اين هو دور الوزير السابق اللواء عصام ابو جمرة في التيار الوطني الحر بعدما لم يتمكن العماد عون من اعطائكم مقعدا نيابيا في الانتخابات?

- بالنسبة الى الانتخابات النيابية، لم يكن هناك مكان مناسب لاترشح عنه، بقناعتي، لا في الجنوب ولا في عاليه. والعماد عون طرحني للوزارة، لكن تم الاختيار بشكل مغاير لمبادئنا كتيار. وهذا لم يزعجني اطلاقا، لان عندي ما يكفي من الالقاب وما زلت في مجال السياسة اعمل، كما لو كنت نائبا عن منطقتي او وزيرا. وفي التيار اعمل وكما لو كنت نائبا للرئيس، ومركزي فيه معروف، ولا احد يمكن ان يأخذه. فأنا من المناضلين في التيار، ومكاني طبيعي ومعروف. ويوم تحصل تسميات لوظائف قيادية ويتم استثنائي في حينها يمكن التساؤل. واظن ان تاريخي ونضالي يثبتان انني اصلح للوظيفة التي اتولاها في التيار.

انا لا يضر بي شيء، ولا يزعجني شيء، بل على العكس اتابع عملي بكل قناعة ولم اتوقف يوما بعيدا عن كل الحرتقات التي يروجها ضعفاء النفوس.

(التيار) (الحزب)

العماد عون صاحب شعبية كبرى، واطلق الحزب الذي يعبر عن توجهات التيار وتطلعاته السياسية. لكن هذا الحزب لم يأخذ البعد الجماهيري فهل مرد ذلك الى تقلص شعبية العماد، ام انه مقبول كصاحب تيار، وليس كرئيس حزب?

- بين اللبنانيين هناك انتساب رهيب للتيار وانتشار، لكن الانتساب الى حزب معين يجعل الانسان يتردد ويفكر في ما قد ينتج خصوصا في لبنان، ففي التيار ما من مسؤولية حصرية اسمية. من هنا نحن نشدد على ان (التيار الوطني الحر) لبناني من لبنان ولكل اللبنانيين. ولا شيء عندنا اهم من مصلحة لبنان. وشعارنا العلمنة التي تحب الدين، لكنها ترفض ان يكون وسيلة للوصول، اضافة الى الديمقراطية والمواطنية والمبادىء الاخرى التي اعلنت في الشرعة. وهذا لا يمكن ان يشكل خطرا على اي كان. لذا يجب الا يخاف الناس من الانتساب.

بين 14 آذار ذكرى التحرير و 14 آذار 2005 ماذا يمكن ان تقول?

- عندما يكون المرء خارج لبنان ويرى الامور بمنظار مختلف عما هو في الداخل. والواقع اللبناني متعدد ومعالجته تحتاج الى نفس طويل وقدرة على تخطي امور كثيرة.

بين 14 آذار و 14 آذار كانت مرحلة تجربة واقع، رغم اننا اكثر من عاشه قبل غيابنا. لكن بعد 15 سنة، نحتاج اقله الى سنة لننخرط في الاجواء ونتمكن من حل المشاكل والعقبات الكثيرة الناشئة عن التعامل مع الاحزاب والطوائف والشخصيات المتعددة والمركبة.