فوضى المسؤولية تنتهي بالحسم العسكري

الوزير السابق اللواء عصام ابو جمرة

 

 منذ عشرة ايام في طرابلس والبترون انفجر الوضع الامني، بين قوى الامن وفتح الاسلام على اثر سرقتها مصرف المتوسط ومداهمة قوى الامن السارقين في احدى الشقق التي يقيمون  فيها في طرابلس .

 

وحدث ان هاجمت هذه المنظمة  عناصر الجيش في محيط مخيم نهر البارد ، وقتلت غدرا 23  جنديا وضابطا. فتدخل الجيش وحسم وجود المنظمة في البترون وطرابلس وطوقها في مخيم نهر البارد "الذي فيه كل شيء الا الخيم .؟؟"  وما زال يتبادل النار معها ويضيق الطوق عليها .

 

اما التساؤل كيف دخل هؤلاء المسلحون الى لبنان مع هذا الكم من الاسلحة ؟ وكيف انتشروا في لبنان وتمركزوا في المباني في طرابلس وغيرها ، خاصة بعد اعترافها  بحادث عين علق؟ واهمال التنسيق بين الاجهزة الامنية قبل المداهمة، مواضيع هامة جدا لا بد من التحقيق بها واتخاذ التدابير بحق المخطئين فيها بعد استئصال هذه الحركة .

 

متولو السلطة وجميع الاحزاب والهيئات في لبنان استنكرت القتل البربري الغادر للعسكريين. ودعمت الجيش ووقفت الى جانبه وايدت استئصال هؤلاء الارهابيين، بالقضاء علي المقاومين منهم واحالة المستسلمبن الى القضاء وملاحقة الفارين اينما كانوا. والسفراء العرب والاجانب، دعموا الدولة وهاجموا منظمة فتح الاسلام الارهابية واعتبروا الامن والاستقرار الاساس، والسلطة اللبنانية هي صاحبة القرار .

 

 قيادة الجيش بعد ان طوقت المخيم سمحت للاهالي بالخروج منه الى اماكن اخرى في الشمال منعا لاصابتهم عرضا في هذا القتال، كما سمحت بدخول المؤن للباقين واخراج الجرحى والمصابين .

 

نعم سيطر الجيش على الوضع في طرابلس  وباقي المناطق بعد تطويقه نهر البارد، رغم تمكن بعض عناصر فتح الاسلام من العبث بالامن  بتفجير سيارة في الاشرفية وفردان وعاليه، كما بالقاء بعض القنابل الصوتية في البربير وزحلة وغيرها. الا ان كل هذا بقي ضمن اطار  سيطرة القوى المسلحة على الوضع العام، خاصة بعد ان حصلت على ما يحتاجه الجيش من ذخائر ومعدات من اميركا .

 

 ومر اسبوع ولم يحسم الامر بالتسليم او بالاستئصال من المخيم بالطرق المناسبة. فانتقلت الحرب من نهر البارد الى شاشات التلفزيونات بين الزعماء رؤساء الاحزاب واللاهوتيين وغيرهم من الطامحين وكان منها موقف السيد نصرالله الذي ايد الجيش واعتبره خطا احمر وطالب بملاحقة الارهابيين المعتدين عليه لمحاكمتهم .. وحذر من دخول المخيم حفاظا على القاطنين فيه واعتبر ذلك  خطا احمر؟ فعلت المواقف المنتقدة من جهة والمؤيدة  من جهة اخرى وطال الاخذ والرد والوضع في نهر البارد يراوح مكانه بين اشتباكات متقطعة وهدنات تموينية للمتبقين في المخيم فالى متى؟

 

 وكان ملفتا للنظر ومنذ اليوم الاول  ظهور ممثلي منظمتي التحرير وحماس بمقابلتهما رئيس الحكومة العرجاء وقادة الاحزاب ورجال الدين والاهتمام الزائد بابرازهما على شاشات التلفزة لتكرار مواقفهما الشاجبة لفتح الاسلام وعملها الاجرامي المسلح ضد جيش لبنان والتبرؤ منها حيث انه لم يظهر فلسطيني واحدا بين القتلى والملاحقين منها وتكرار تاييدهما لانهاء هذه الحركة المسلحة  .

 

والملفت اكثر اعلان  بعض العسكريين الفلسطينيين رفض التدخل  لضبط الوضع الا بواسطة الوية  مشتركة تؤلف بامرة قادة فلسطينيين ينسقون مع قيادة الجيش؟ لفرض نفوذهم وتحسين وضعهم مع الدولة ؟ مما ذكرنا بايام زمان ايام السبعينات، ايام عرفات وغيره من الابوات قادة المنظمات الفلسطينية: كجبهة التحرير وفتح والصاعقة وغيرها وذكرونا بما كانت تنتهي به الجدلية بين اللجان المتعددة، وما وصلت اليه البلد من قتال على الجبهات وحروب دامية وعمليات انتقامية خاضت  بعضها اسرائيل وبعضها سوريا وخاض معظمها اللبنانيون ودفعوا ثمنها اكثر من مئتي الف قتيل ودمار بيروت ومعظم  لبنان وانهيار اقتصاده وهجرة ابنائه .

 

لذلك ولان السلطات اليوم  في لبنان مفككة وفاقدة الفعالية وتعيش في فوضى المسؤولية: منذ اللحطة الاولى اعلنا اننا  مع الجيش ندعمه ونؤيده في قتاله ضد هؤلاء الارهابيين الغادرين لاستئصالهم وهكذا فعل معظم اللبنانيين وان كانت الاطالة بهدف تكتي تمويني انساني فلا باس لكن نقولها بصراحة :اذا لم يحسم الوضع،  بالقاء القبض على من اجرم بحق العسكريين واللبنانيين الامنين وتقديمهم الى العدالة وبسرعة لن يكون  تطور الامور  لصالح الجيش واللبنانيين .. وسيتكرر ما حدث الان لاحقا مع المنظمات المسلحة الاخرى، وما اكثرها ؟ هذا ما علمتنا اياه الايام وهذا ما نخشى الوقوع به اليوم؟

 

ان أي اتفاق لن يكون افضل من اتفاق القاهرةعام  1969 وملكارت عام 1973 وغيرها والنتيجة كانت شل الجيش ثم تفسيخه وبعده انقسام البلد، ومن يجعل الضرغام للصيد بازه تصيده الضرغام فيما تصيدا .فهل نعتبر؟

 

في 29/5/2007