حوار بين العمّ والصهر

عن موقع 14 آذار

24/5/2008

 

نفهم جيدا حال الهذيان التي تصيب "التيار الوطني الحر" ومسؤوليه. نقدّر جيدا حجم الخسارة التي منيوا بها في الدوحة بفعل القضاء على حلم النائب ميشال عون الرئاسي.

 

سقط مشروع "التيار الوطني الحر" السياسي بتلاشي الآمال الرئاسية لقائد هذا التيّار، ولم تعد تنفهم هوبرات صهره ولا محاولة افتعاله معارك وانتصارات وهمية.

 

شعر العونيون بخيبة أمل قاسية من حلفائهم في "حزب الله". فعون الذي كبّد المسيحيين الكثير بفعل تحالفه المستهجن مع "حزب الله" ودفاعه المستميت عن سلاحه خارج الشرعية بما يناقض كل تاريخ عون في الجيش اللبناني وبما يتناقض مع كل الثوابت المسيحية الاستقلالية.

 

قدّم عون كل التنازلات، وانبطح الى درجة غير مسبوقة، ولم يصل أي زعيم مسيحي في تاريخ لبنان الى ما وصل اليه عون من تنازلات مجانية قدمها الى "حزب الله" وإيران وسوريا. وصل الى التحالف الموضوعي في لبنان مع الحزب السوري القومي الاجتماعي ووئام وهاب وناصر قنديل. لم يتردد في فعل أي شيء لهثا وراء سراب كرسي وعدوه به في قصر بعبدا.

 

لكل ذلك كانت خيبة عون والعونيين كبيرة بعد تلاشي الآمال بالوعد الرئاسي. أصيب عون وصهره، الوزير العتيد، بصدمة كبرى في الدوحة أدت الى اشتباك الصهر المدلل مع نواب "حزب الله" المشاركين في مؤتمر الدوحة في الليلة الأخيرة التي أقر فيها الاتفاق.

 

حاول الصهر أن يدافع عن حق عمه بالرئاسة، لكن التعويض جاء برشوة الصهر بمقعد وزاري، فارتدّ الى عمّه ليقنعه بخوض معركة أخرى لتصوير انتصارات وهمية.

 

رسم خطة سخيفة من خلال تصوير أن تقسيم بيروت انتصار لعون! استغرب الجنرال العجوز كيف يمكن تصوير ذلك وهو من سعى جاهدا لنقل الأرمن في المدوّر وإلحاقهم بالدائرة الأولى. "ماذا سنفعل ونحن عجزنا عن ذلك وفقدنا رافعة حزب الطاشناق وبتنا تحت رحمة الناخبين المسيحيين الصرف من دون الطاشناق" قال عون في سرّه.

 

أعاد صهره العزيز تذكيره بتجاربه الماضية ولخص له قائلا: "جنرال، ليس المهم ما تفعل للمسيحيين بل ما تقوله لهم. ونحن سنحاول خداعهم عبر القول لهم إننا حققنا الانجاز".

 

ردّ الجنرال الخائب: "هل سيصدقوننا هذه المرة. كذبنا عليهم كثيرا. عام 2005 خضنا المعركة الانتخابية تحت شعار أن سلاح حزب الله مشبوه وخائن ويجب نزعه فورا. قلنا لهم إن مزارع شبعا حجة يستعملونها لإبقاء لبنان ساحة لسوريا وإيران. قلنا إن سوريا ولو انسحبت ستبقي عملاءها وأدواتها في الداخل لتقوم بالاغتيالات وابلبلة الأمنية، وعدنا وتحالفنا مع "حزب الله" ودافعنا عن سلاحه وبرأنا سوريا من كل جرائمها. هل يمكننا أن نخدعهم مجددا؟"

 

أجاب الصهر العزيز: "لا خيار جنرال أمامنا غير هذا. وهل تريدني أن أخسر التزامات البناء التي خصني بها "حزب الله" في الضاحية الجنوبية؟ هل تريد أن يتوقف دفق المال النظيف علينا وعلى العائلة؟ الفرصة أمامنا أن نستمر وأنا سأصبح وزيرا وسنجني المزيد من الأموال جنرال. لذلك سأتكفل أنا بحملة دعائية لنحاول خداع المسيحيين مجددا. لا تهتم جنرال، فلو كانت ذاكرة المسيحيين طويلة لما كانوا انتخبوك عام 2005 بعد كل ما فعلته بحقهم عامي 1989 و1990. اترك الموضوع علي".

 

هكذا انطلقت الحرب الاعلامية وانتشرت اللوحات الاعلانية. كتبوا عليها: "عون رجّع الشراكة الى الوطن".

 

مرّ رجل ستيني الى جانب اللوحة. تذكر مرحلة ذهبية من تاريخ نضال شباب "التيار الوطني الحر". وحده الخط على اللوحة ذكره بذلك. ابتسم بمرارة ورفع رأسه الى السماء قائلا: "المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين".