تعهدات عون: حفر وتنزيل

عماد موسى

 

كل إثنين، ومباشرة بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، يمتّع العماد عون جمهوره الحبيب، بمطالعة سياسية شاملة، يفتح فيها أربعين ملفاً دفعة واحدة، وأربعين حنفية دفعة واحدة، وأربعين هلالاً على أربعين أزمة وأربعين حربًا على أربعين جبهة ويطلع بأربعين عنواناً تكفي لأربعين سكوبًا صحافيًا مثيرًا.

 

كل إثنين أنتظر عون بفارغ الصبر كما كنت أنتظر راكيل وأنطونيو وماكسيميليانو في "أنت أو لا أحد". وإن طلع في وجهي النائب ابراهيم كنعان يذيع بيان التكتّل أضرب عدوي بالتلفزيون. لا أقدر أن أستبدل الأصيل الكارسماتيك بمن تنقصه تلك النعمة. أنا من مدمني عون أو لا أحد. وحده بين السياسيين يفرحني بتصريح أشبه بصحن المخلوطة، أما المكونات الأساسية لطبخته الأسبوعية فهي: "التفاهم العالمي" مع "حزب الله"، خطط أميركا، الفساد، السنيورة، جنبلاط، المجلس الدستوري، السرقة، التوطين، والدين، والعين، والضيعة، والجرّة، والزراعة والاقتصاد والسياحة...

 

وفي كل مناسبة يحضرها أكثر من ثلاثة صحافيين  يعد العماد عون مفاجآت وحمامات تفرّ من عبّه وكمّيه. الإثنين طيّر أربع حمامات وطيّر صواب الجمهور بخبر يقول إن 4 من نواب الأكثرية سينضمون إلى "تكتّله" وأن أربعين على "وايتينغ ليست"، ومش عارف وين بدّو يحطّن.  وكالعادة قام عون بجولة أفق على القبور والماضي الأليم فطالب تحديداً بفتح مقبرة حالات وسائر المقابر الجماعية لأهداف تتعلّق بحصر إرث المتوفين، وتسهيل المعاملات مستنفرًا نواب جبيل الثلاثي خوري، موزايا، هاشم لمتابعة مقبرة حالات حتى النهاية. يقبرني اللي بيفهم! 

 

حالاً استجابت القوى الأمنية وتصرفت بناء على بلاغ من مواطن صالح شمّ رائحة كريهة. وقبل مرور  24 ساعة على كلام العماد عون الذي جاء حفرًا وتنزيلاً بُوشر الحفر. وللأسف الشديد لم  تعثر القوى الأمنية على عظمة. ولا على فك ولا على أثر لميت. 

 

إستشاط الجنرال موزايا غضبًا.

كيف؟

أين اختفى الأموات؟

إين طارت المقبرة؟

سرقوا المقبرة. مصّوا دم الشعب. إنها مؤامرة التوطين.

وموزايا  في غضبته الجسورة نسخة طبق الأصل عن دولة الرئيس عون وإن كان يفتقد إلى مزاياه الشمولية. ولموزايا كل الحق أن يحتجّ على فعالية "البوكلاند" التي  لم تحفر بعمق كاف ولا "فلحت" الأوتوستراد كما يجب، وله أن يعترض على عدم وصول خبراء الأدلة الجنائية إلى الموقع المشتبه به.

أي مهزلة هذه سيدي الجنرال! تمثيلية. ملهاة من صنع الأكثرية.

 

لا بد من إعادة الحفر حتى لو اضطر الأمر إلى نبش عظام أحيرام والآشوريين والبابليين والصليبيين الغزاة الذين دُفنوا بجوار جبيل وأقترحُ، كمواطن صالح أيضًا، تلزيم الحفر إلى التيّار الوطني الحر وهو يملك  معدات حفر حديثة وجرافات عملاقة وكومبرسورات يمكنها أن تقوم بالمطلوب. وليت رئيس التكتل يضع خبرته الجيولوجية في دراسة طبقات الأرض ونبش القبور "السياسية" ومحاكمة الموتى.

 

عون للتعهدات في خدمة الأحياء والأموات ولبنان العظيم وشعبه الغشيم. المقر الرئيسي: الرابية.