لقاء الرئيس العماد ميشال عون

مع طلاب جامعة سيدة اللويزة NDU

26 نيسان 2002

أدار اللقاء الإعلامي الأستاذ الياس الزغبي

 

أحييكم في هذا اللقاء،

في كل لقاء لي معكم أشعر دائماً بسعادة عظيمة، لأنه يكون لقاءً مع الوطن ولقاءً مع مستقبل الوطن.

لقد غبت عن الأرض مدة اثنتي عشرة سنة ولكنني لم أغب عنكم بالفكر والروح والمتابعة ولا حتى للحظة واحدة، وأشعر اليوم بأن كثيرين من الموجودين في الوطن، أولئك الذين يخاطبونكم وهم مرفوضون منكم، هم المنفيون، أما أنا فمعكم أعيش يومياً، لذلك أتحسس كل مشاكلكم وأتابع أفكاركم، وأفهم تمنياتكم وأمانيكم وأعمل لتحقيقها.من أكبر أمنياتنا نحن اللبنانيين ومن أكبر أهداف التيار الوطني الحر، عودة الوطن إلى الوطن، عودة لبنان إلى لبنان، لأن الوطن هو الذي يعيش فعلاً حالة النفي، النفي من السياسة العامة الدولية، النفي عن وجوده وعن كيانه. اليوم، يمكنني أن أقول لكم بأن لبنان قد عاد، عاد لأنه لم يعد مقبولاً في العالم ( وقد سعينا جاهدين لذلك) أن يرتبط لبنان بأي مسار آخر لا سوري ولا غيره، ولا أن يرتبط بأي حل لمسألة الشرق الأوسط ولا بأي مسارات أخرى، لا بتقدّمها ولا بتراجعها. لبنان دولة قائمة بحد ذاتها بسيادتها واستقلالها. وقرارها الحر يرتبط بها وبشعبها، وسيادتها على أرضها غير منقوصة واستقلالها غير منقوص، هذا ما سعينا إليه، وهذا ما بدأ يُترجم بتبنّيه من قبل المراجع الرسمية الفاعلة، وخاصة الولايات المتحدة التي من دونها لا سلام ولا حرب على الكرة الأرضية لأنها القوة العظمى الأولى. وبالرغم من الجراح التي أصابتنا بسبب سياستها كان لا بد من فهم هذا الواقع والعمل انطلاقاً منه لتغيير القناعات.

إن أحداث الأعوام الاثني عشر السوداء التي تلت 13 تشرين 1990، أظهرت لكل العالم بأن السياسة التي اتُبعت تجاه لبنان وفي المنطقة زاخرة بالأخطاء الكثيرة، وأوصلت إلى مآسٍ جديدة وقضت على نتائج مفاوضات السلام وخاصة فيما يتعلّق بالفلسطينيين وبلبنان، لقد ذوّب لبنان، لم يعد لديه سيادة، انهار سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والفرق كبير بين ما كان وبين ما آل إليه، فاللبناني كان يعمل في السابق ليحسّن وضعه، واليوم هو يجاهد ليحاول إبقاءه على ما هو عليه كي لا يتدهور أكثر.ولكننا الآن بدأنا نصعد من هذا الوادي السحيق ومن هذه الهاوية، طبعاً لا يزال هناك نقطة هامة جداً وهي الوضع الاقتصادي، وأعتقد أنها ستكون نقطة النهاية التي ستبشّر بانطلاقة جديدة، ولكنّها تحتاج لكثير من التضحيات، طبعاً هناك آمال كبيرة ولكن مع كثير من التضحيات، فالخراب الاقتصادي الذي ضرب لبنان جراحه عميقة جداً وتحتاج إلى الكثير من الوقت كي تتبلسم، نحتاج إلى الوقت لتغطية الديون التي تراكمت على لبنان بسبب السرقات وبسبب السياسة الاقتصادية غير العاقلة والتي لا تتوافق أبداً مع السياسة اللبنانية. لن أتحدث الآن في الاقتصاد، سأتحدث في المواضيع  السياسية والاجتماعية والدولية الطارئة وتأثيراتها على المنطقة.

الحوار مع الحضور:

أسئلة الأستاذ الياس الزغبي:

- لقد ركّزت في مداخلتك على أن الأزمة الرئيسية من الآن فصاعداً هي الأزمة الاقتصادية الخانقة، وأوحيت بأن الأزمة السياسية هي على مشارف الحل، أو دخلت مدار الحل، هذا التفاؤل يظهر واضحاً منذ مدة في أحاديثك وخاصة حديثك الأخير على تلفزيون ال MTV، هل هذا التفاؤل هو كلاسيكي وتقليدي، مبني على تفاؤل القائد الكلاسيكي أمام قواعده كي يبثّ فيهم روح الأمل ويكسر روح الإحباط واليأس، أم هو تفاؤل موضوعي مبني على معطيات ستؤدي إلى حل أزمة لبنان؟

- يجب توضيح بعض النقاط لفهم أسس هذا "التفاؤل"،

أولاً، بالنسبة لي إن كلمتي تفاؤل وتشاؤم لا معنى لهما مع احترامي لكل من يستعملهما إذ لهما مدلول معيّن عند الناس، أنا أعتبر أن الناس عندما يكونون في مرحلة تشاؤم فهذا يعني أنهم في مرحلة صعبة، والرؤية لديهم محدودة أو محجوبة، أو أنهم لا يستطيعون التحرّك، فيسمون هذا الوضع تشاؤماً، وهناك مراحل أخرى تكون فيها الحياة أسهل والتحرك أسهل والرؤية أوضح فيسمّونها مرحلة تفاؤل، بالنسبة لي الحياة تمرّ "بطلعات ونزلات"، هناك مراحل صعبة يجب أن نبقى مستمرين فيها، وحتى لو حُجبت الرؤية نهائياً يبقى لدينا الرجاء.

والمسيحيون يفهمون جيداً موضوع الرجاء وأهميته لأنه في أساس إيمانهم، فهو الذي يجعلنا نتوخّى النور ونحن في أعمق الظلمات حتى ولو لم نره، ودون أن يكون هناك أي ارتباط بين فكرنا وبينه، أي دون أي دليل، أنا لا أتشاءم أبداً، فمهما صعُبت المرحلة يبقى لدي الرجاء، فنحن لا نعرف الإحباط أبداً.

أما التفاؤل فتعني أن العمل أصبح سهلاً، أنا الآن "متفائل" لأنه أصبح هناك مؤشرات ورؤية أوضح إنطلاقاً من الأحداث التي بدأت في 11 أيلول والتي سببت خسائر بشرية كبيرة، ولكنها خلقت وضعاً جديداً وأصبحت مفصلاً تاريخياً بين مرحلتين، وستتغيّر بسببها كل المعطيات، وهذا ما عبّرت عنه في النشرة ما قبل الأخيرة (العدد 229) تحت عنوان "غداً يوم آخر"، وختمتها بقولي "وداعاً أيها الإرهاب"، وقد حدّدت فيها تصوري للمرحلة القادمة، وقلت أن هناك حرباً عالمية على الإرهاب، وها هي قد بدأت في أفغانستان ولا تزال مستمرّة.

لن تكون حرباً كلاسيكية كما الحرب الأولى والثانية، هي عالمية لأنها ستشمل العالم ولا أحد خارج دائرتها، والولايات المتحدة التي تشكّل حالياً الدولة العظمى في العالم أعلنت بوضوح" إما معي أو مع الإرهاب" لم تقل "معي أو ضدي" بل "مع الإرهاب"، فكما أن 11 أيلول وضعها أمام مأساة، وضعت هي العالم أمام خيارات.

وتناقض مفهوم الإرهاب بين بعض الدول والولايات المتحدة سيولّد شرارات الحرب التي ستكون متفرقة وفي عدة دول، بدأت في أفغانستان، ثم انتقلت إلى القضية الفلسطينية، واليوم هي مطروحة على المنظمات الموجودة في سوريا ولبنان.

هذا الوضع الموجود حالياً سيتغيّر، ولقد استطعنا أن نخلق أخيراً القناعات اللازمة بأن لبنان يجب أن يعود دولة مستقلّة ولا يتبع المسارات الأخرى، لأنه بتبعيته للمسارات كان سيذوّب ويُقدَّم كجوائز ترضية كما كنت أقول دائماً، اليوم بإمكاني أن أؤكّد بأن عهد لبنان "جائزة الترضية" قد انتهى وأصبح هناك خيارٌ آخر، هو لبنان السيد الحر والمستقل بكامل أراضيه وكامل شعبه.

وهناك أيضاً تغييرات على صعيد الأنظمة، ففي المنطقة سيكون هناك انتقال من الأنظمة الأوتوقراطية والتيوقراطية إلى الأنظمة الديمقراطية، فالأنظمة التي تستعمل السيف لفرض إرادتها وفكرها الإيديولوجي أظن أنها ستنتهي في المرحلة التالية.

بعد الحرب العالمية الثانية كان عنوان المرحلة موضوع "حق الشعوب في تقرير مصيرها"، والآن بعد حرب الإرهاب أعتقد أن العنوان سيكون "حق الشعوب في الديمقراطية" وليس فقط حق تقرير المصير، لأنه لا يمكن لشعب أن يقرر مصيره إذا لم يكن لديه نظام ديمقراطي يسمح له بالتعبير وبحرية المعتقد.

 

-  أنت تبني موقفك على مؤشرين، أحداث 11 أيلول والتغيير الحتمي للأنظمة الأوتوقراطية والتيوقراطية في المنطقة، ولكن لندخل في التفاصيل، هناك قانون أميركي مطروح أمام الكونغرس وهو جديد وفريد من نوعه بالنسبة للبنان، ويطلب بشكل واضح وحاسم من سوريا أن تسحب جيشها المحتل من لبنان، وبناء على القرار 520 وليس على الطائف، ويفصل المسارين ويعتبر السيادة والاستقلال والقرار الحر في لبنان مصلحة مباشرة أمنية وقومية للولايات المتحدة، وطبعاً كان للتحرك الذي قمتم به، ولزيارتك للولايات المتحدة، ولتحرك كل القوى اللبنانية خصوصاً مجلس المنظمات الأميركية اللبنانية في أميركا، كان لكل ذلك دور فاعل ومباشر في إنتاج هذا القانون، فهل أن موقفك المتفائل والأمل بالتغيير مبنيان على هذا القانون، وما هي أهميته الحقيقية؟

- هذا القانون هو جزء لأنه الخطوة الأولى لتحقيق هذه الأهداف الأربعة الكبيرة التي ذكرت، ولعودة لبنان إلى طاولة المفاوضات، وهنا أريد أن أوضح قليلاً بعض الأمور في هذا القانون وكيفية صنعه، يجب أن نميّز أولاً بين التوصية والقانون، التوصية ليست ملزمة للإدارة الأميركية ولها حرية الأخذ بها أو عدم الأخذ بها، بينما مشروع القانون هذا يرسم السياسة الأميركية ويقطع الطريق أمام المحلّلين والمجتهدين في تفسير الموقف الأميركي، ويطرح بشفافية سياسة أميركا، وهو ملزم للإدارة الأميركية.

هو إذاً أكثر من مؤشّر، إنه إنجاز يعود فيه لبنان دولةً تفاوض عن نفسها، وتجلس إلى طاولة المفاوضات، وهي من يوقّع، ولن تعود دولة تابعة لتقدّم المسارات ولا تابعة لحل قضية الشرق الأوسط، ولن يُفرَض على لبنان ما لا يَقبل به ويُطلب منه توقيعه ويوقّعه.

وهنا يجب على لبنان أن يكون لديه تصوّراً واضحاً لنفسه وليس للآخرين، فالمسألة ليست عفوية، فلنفترض أن إسرائيل قالت لنا لقد أعطيتكم كل مطالبكم بالتفاوض، فلا يمكننا أن نتحجّج بقصة عالقة في الأرجنتين، هذا لا يجوز في مفاوضات دولية، ولا يمكن أن يتم التعامل بمنطق الفوضى الذي تعامل فيه لبنان لغاية الآن، منذ الآن سيكون هناك ثنائية المفاوضات، وكل فريق سيتحدث عن نفسه فقط.

هذا القانون كان مخصصاً للبنان ولكنّهم أسموه The Syria Accountability Act،  ولكنّه في الأساس كان مفترضاً أن يكون Liberation Act of Lebanon ، ولكن بما أنه كان هناك عدة مشاريع قوانين تتعلّق بسوريا من ناحية الإرهاب ومخالفاتها واستيرادها النفط من العراق وبعض صناعات الغاز والأسلحة البيولوجية، دمجوا هذه القوانين، وما يعنينا نحن هو موضوع لبنان، وقد لخصّه الأستاذ الزغبي بوضوح في سؤاله، وهذه الأمور قد أصبحت سياسة إلزامية للولايات المتحدة ولا أحد يمكنه أن يسأل بعد اليوم ما هي سياسة الولايات المتحدة، هذه هي سياستها مكتوبة في قانون، والمحللون سيصبحون عاطلين عن العمل، فالنوايا لم تعد موجودة ولم تعد موضع تكهّنات وتحاليل واستنتاجات وعلم الغيب، هي الآن مكتوبة أسود على أبيض، لذلك أعتبره إنجازاً وليس مؤشراً. وهناك أيضاً إنجازات أخرى نحضّر لها، ولا يجوز الإعلان عنها الآن قبل أن يعلن عنها صانعوها.

يبقى أن نذكّر بأن لبنان هو صانع حضارة في الشرق الأوسط، هي حضارة اللقاء وخلاصة الثقافات، هو نوع من عصارة الحضارات، وهو الذي ورّدها في القرن التاسع عشر لكافة الدول العربية وسيعود لهذا الدور، وسيكون الدور الأساسي في المرحلة المقبلة.

 

-  هل ترى أننا متجهون نحو صدام حضارات أم حوار حضارات، كي يكون للبنان دور في حوار الحضارات؟

- في الحالتين سيكون للبنان دورٌ، ففي الصراع يجب أن يكون هو المهدئ، وفي الحوار يجب أن يكون هو المحرك والمساعد، فإذا كان هناك من صدام سيكون دوره كالمهماد، يخفّف من الصدام، وإذا كان هناك من لقاء فسيكون المشجّع، وأجواؤه يجب أن تسهّل اللقاء والحوار.

فلبنان، وبفضل الجامعات الموجودة فيه والتي جمعت طلاباً من كل الدول العربية والأسيوية والشرق أوسطية منذ زمن بعيد، أعطى الكثير من الحضارة للعالم، هو من أعطى العالم ما يتخاطبون به حالياً، صحيح أنه لا يجب علينا أن ندّعي ونغترّ بأشياء ليست موجودة لدينا ولم نقم بها، ولكن أيضاً يجب أن لا نتواضع ونتجاهل ما أعطيناه حقاً، لسنا شوفينيين ولكن هذا هو واقعنا. فجامعتي اليسوعية والأميركية في لبنان خرّجتا كل الأجيال السياسية المهمة في الشرق الأوسط، واليوم ازدادت الجامعات ومعها تزداد أجيال الخريجين.

 

- هل تتوقع تغييرات جيوسياسية في المنطقة ابتداءً من العراق مروراً بلبنان وسوريا وانتهاء بالضفتين الغربية والشرقية في الأردن، مما يعني تأثيراً على اتفاقات وكيانات رسمها "سايكس بيكو

-عادة، في مراحل التغيير، كالتي تحصل حالياً وتشبه الزلازل، لا يثبت إلا الكيانات القوية، من هنا إذا أراد اللبنانيون لبنان وطناً لهم فعليهم أن يفهموا بالدرجة الأولى ما هو تحديد "الوطن"، وهذا التحديد لا يخضع لمزاجية الأشخاص والقوى، مفهوم "الوطن" هو عالمي ويعني أرضاً وشعباً، والوطن يجب أن يتمتّع بمواصفات معنوية وهي السيادة والاستقلال، وكذلك بشرعة ودستور للحكم يحدّد وضعه السياسي والصلاحيات فيه، فإذا لم يكن هناك من احترام لهذه الأساسيات فالوطن والكيان "بيطير"، ويحلّ محله شيء آخر، وقد يكون أثبت منه.

لذلك كلّ المخاطر واردة، وفي هذا المجال ينقص اللبنانيين الكثير من الوعي. يجب أن لا يسعى اللبنانيون في هذه المرحلة إلا لتوحيد جهودهم كي يدافعوا عن وحدة أرضهم وعن وحدة شعبهم وعن سيادتهم واستقلالهم.

ومن هنا يجب أن نكون نحن اللبنانيين صوتاً واحداً يعلن أننا نريد لبنان سيداً حراً مستقلاً، وأن تعود سوريا إلى سوريا، وانطلاقاً من هذا الفاصل نبني علاقاتنا معها كما تستوجب الجيرة والأخوة والصداقة من علاقات طيبة بين الاثنين، ولكن علاقات السيطرة والتذويب كما هي حال علاقتنا اليوم فهي غير موصوفة إلا بلغة العصابات والمافيا، هي تماماً كالعلاقات التي تفرضها المافيا على المجتمعات التي تسيطر عليها، إذ لا توجد علاقات بين دولة ودولة، وهذا ما نريد الخلاص منه.

 

- لمّحت في الآونة الأخيرة إلى خيارات سياسية جراحية صعبة وذلك عندما تحدّثت عن أن السيادة لها مفهوم واحد، وإذا أرادت بعض شرائح اللبنانيين اعتبار أن بقاء سوريا في لبنان وهيمنتها لا يؤثران على السيادة،  فهذا يعني أن هناك مشكلة جوهرية وعميقة بين اللبنانيين ويجب مواجهتها بشجاعة، وكأنك ألمحت إلى ما يسمّى التقسيم أو الفيدرالية أو احتمالات صعبة أخرى، فهل يمكن أن توضّح لنا المقصود بذلك؟

- إذا بقي الوضع على هذه الحال فلن تكون النتائج من ضمن الأهداف التي ندافع عنها، أي وحدة الأرض والشعب والدولة السيدة الحرة المستقلة. سأكرر كلاماً قلته لكم عام 1989، أي منذ 13 عاماً، لقد قلت " إن مساحة لبنان هي مساحة الحرية في هذا الشرق، فحتى لو كان هناك صخرة واحدة عليها حرية فستكون هذه الصخرة هي لبنان،" وخلافاً لهذا الموضوع لسنا مستعدين أن نقبل بأي شيء آخر غير الوطن الحر، نحن نريد لبنان وطناً حراً لكل اللبنانيين الذين يريدون أن يكونوا أحراراً، أما الحلول الأخرى فهي ستكون مسؤولية الذين رفضوا لبنان كوطن سيد حر ومستقل، وليست مسؤوليتنا نحن.

 

- هناك من يقول أن الوجود السوري تخطّى مسألة الاحتلال إذ إنه دخل في عمق النسيج اللبناني السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، فهل مجرد انسحاب عسكري سوري أو حتى انسحاب المخابرات، هو كافٍ لإنهاء حالة "السورنة" أي التأثير على التفكير اللبناني، وكيف يمكن استعادة الحالة اللبنانية الحرة من هذا الاحتلال السيكولوجي؟

- صحيح أن هذا الموضوع قد أخذ حجماً كبيراً ولكنه حجم غير نهائي وقابل للانحسار، لقد سبق وتحدّثت في لقاء تلفزيوني عن اثنتي عشرة دورة تخرّجت من الجامعات خلال هذه الأعوام، وهؤلاء الخريجون هم من النخبة اللبنانية الرافضة للخطاب الأيديولوجي، والرافضة للوضع السوري المتغلغل في لبنان، وهي لا تزال تنادي بالقيم الثابتة والتي هي قيم كونية، فالحريات والعدالة والسيادة والاستقلال وحق الاختلاف عن الآخر، هي قيم كونية وليست مقتصرة على لبنان، وهي أيضاً مناهضة للوضع السوري. وهذا جزء كبير من نضالنا ضد تطبيع النظام السوري في نفوس اللبنانيين، هذا النظام الذي يقوم على الفكر الواحد وعلى الخضوع وعلى القبول بما تفرضه القوة. فعندهم مثلاً، واحد زائد واحد قد تساوي ثلاثة، ولا يمكن أن تنكر أو تعترض على ذلك، وإذا لم يعجبك الجواب فعليك أن ترحل لأن الجواب لا يتغيّر.

نحن نقاوم هذه الأنظمة الديكتاتورية التي فُرضت على اللبنانيين. صحيح أن هناك قسماً من اللبنانيين تماشوا للأسف مع النظام السوري بسبب مصالح آنية وذاتية ومحدودة، (لأنني لا أعتقد أنه هناك مصلحة فعلية لأحد بقيام هذا النظام غير المصلحة الذاتية الضيقة) وصحيح أنهم خضعوا، لكن نحن لا نزال رافضين ومتمرّدين على الوضع.

ثم عندما يتغيّر هذا الإعلام الموجّه المفروض علينا، وعندما يصبح بإمكان الأحرار مخاطبة الشعب، يصبح الشعب على صورة قياداته وليس على صورة الخاضعين، حالياً هذا هو النموذج الذي يقدّم في الحكم، وتعرفون أن الحاكم بالنسبة للشعب هو كالأب بالنسبة للأولاد، يتشبهون به، فإذا كان همّ الحاكم هو المال، وإذا كان خاضعاً وزاحفاً فسيحصل أمر من اثنين: إما أن يتشبه المواطن به كما يتشبه الولد بأبيه، ويظن أن ما يقوم به هو الصحيح وهو القيم، وإما أن يتمرّد عليه ويكون عكسه تماماً.

لا يوجد اليوم نموذج جيد ليقتدي به اللبنانيون، فلذلك نجد حالة الضياع هذه في الوضع اللبناني، ولكن عندما تعود النماذج الجيدة وتأخذ مكانها في المجتمع اللبناني فإن الشعب يصطلح وكل شيء يعود إلى مكانه.

 

- يرى البعض أن التيار الوطني الحر قد أخذ عنك الروح الاستعلائية، ويسميها البعض الشوفينية أو حتى العنصرية ضد الغرباء وخاصة السوريين، هل التيار هو الجبهة الوطنية وهل الجنرال عون هو جان ماري لو بين(LE PEN

- لقد سبق وسُئلت عمّا إذا كنت قرضاي، فأجبت لا لبنان أفغانستان ولا أنا قرضاي، واليوم أقول: لا التيار الوطني الحر هو الجبهة الوطنية في فرنسا، ولا أنا LE PEN"، لبنان يبقى لبنان، والجنرال عون يبقى الجنرال عون، يبقى ضمن مجتمعه وتفكير مجتمعه وأفكاره السياسية.

 ولأشرح لكم الوضع أكثر سأستعين ببيت الشعر هذا، وبالمناسبة أنا من محبّي الشعر العربي،

" يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل"

الضيف مكرّم عندنا، وهذا من طبيعتنا، ولكن أحياناً كثيرة يصبح الضيف ثقيلاً، وفي مرحلة من المراحل كان الفلسطينيون ذلك الضيف الثقيل وقد تخطيناها، واليوم هناك ضيف أثقل من الثقيل، " مش بس قعد بالبيت، ولكنه نبّش البيت، وفركش العيلة، مدّ إيدو على المرا، على الولاد، على الأرزاق، وعلى دفتر الشيكات، وما ترك شي"

فعندما تصل الأمور إلى هذه المرحلة يجب وضع حد لها، ويجب إعادة الضيف إلى بيته، ولا يمكن بعد ذلك لأحد أن يتهمنا بالعنصرية.

 

 أسئلة الطلاب : 

 

- كيفما تنقّلت في الجامعة أرى طلاباً يضعون علامة "الأوميغا"، شعار التيار الوطني الحر، أو طلاباً يضعون الصليب المشطوب شعار القوات اللبنانية أو يضعون صورة الشيخ بشير، وغيرهم من الشباب الملتزمين بأفكار أخرى، وكلّهم يريدون ال 10452 كم2 ويريدون لبنان أزلياً سرمدياً، ويريدون الحرية والسيادة والاستقلال، ولكن عندما تسنح لهم أول فرصة للرحيل فلا يترددون أبداً فما هي الرسالة التي توجهها لهم ؟

 

- الوطن لا يقاس بمقياس الربح والخسارة، وهو ليس شركة تجارية نقفلها عندما تبدأ بالخسارة ونتركها ونرحل. طبعاً الحاجة تفرض على الإنسان أن يسافر ولكن ليس كما يحصل الآن، ما يحصل هو هجرة كبيرة، وما أريد قوله للشباب هو "طالما أنكم تحمّلتم وبقيتم حتى الآن، الأمل آت والأوضاع السيئة ستزول، فتحمّلوا قليلاً بعد."

أما بالنسبة للشعارات التي ذكرتها، "فالأوميغا" هي L’Unité de résistance  ، ومدلولها واضح فهي ترمز إلى المقاومة، وصورة الشيخ بشير ترمز إلى الوفاء لشخص الشيخ بشير، ولكن الصليب هو رمز إيماني ولا يجوز احتكاره كشعار سياسي. المسيحية هي ديانة كونية، وآخر ما قاله السيد المسيح أمام بيلاطس عندما سأله "أنت تقول انك ملك" فأجابه "أنت قلت"، سأله "أين مملكتك؟" أجاب "مملكتي ليست من هذا العالم".

المسيحيّة هي قيم نمارسها وتُستشّف من سلوكنا السياسي والأخلاقي والاجتماعي، ولكنها ليست سياسة، المسيحية تجمع القيم بالمطلق، بينما السياسة تحمل التسويات وتتعلّق بالواقع ولا مجال لربطهما معاً، فالموقع على مستوى المسيحية يجب أن يكون قيمياً بالمطلق، كما الكنيسة مثلاً ودورها كضامنة للحقوق الكبرى والقيم الكبرى، أما الموقع على مستوى السياسة فيخضع للتسويات وللواقع.

من هنا، لا يجوز أن نتلاعب بشعار "الصليب" الذي نحمله جميعاً، ونحمله كرمز للسلام ورمز لتضحية السيد المسيح بذاته، واستشهاده لفداء البشرية جمعاء.

 

- صبحي الطفيلي المتهم بقتل جنود وضباط من الجيش اللبناني، وسلطان أبو العينين المحكوم بالإعدام يتجولان بحرية في لبنان ويظهران على وسائل الإعلام، والفلسطينيون الذين أطلقوا الكاتيوشا والذين قيل أنهم اعتقلوا، أطلق سراحهم بكفالة 100 ألف ليرة لبنانية، أما نحن، طلاب التيار، فعندما نتظاهر لنطالب بحريتنا وبسيادة واستقلال لبنان نُعتقل وتكون كفالتنا 3 ملايين ليرة لبنانية، فما رأيك "بسورنة" القضاء وجعله أداة من أدوات قمع الرأي الحرّ ؟

- إن التيار الوطني الحر وشعاراته يشكل خطراً فعلياً على الأنظمة الديكتاتورية وعلى الأنظمة العميلة القائمة، صاروخ "الغراد" ليس خطراً، كلمة "حرية" هي الخطرة، أولاً لأنه لا يمكن لأحد أن يقف أمامها ويواجهها، وثانياً لأنها تجتاز الحدود.

هناك أنظمة تخاف من هذه الكلمة، وأنتم بالفعل تخيفونهم، فالكلمة الحرة تخيف أكثر من "الغراد"، لقد سبق وقلت لكم أن علاقة سورية مع نظامنا أصبحت كعلاقات المافيا، فالعدالة إذا لم تكن شاملة وإذا لم تطبق على الجميع، وإذا لم تحترم القانون، وإذا لم تحمل المساواة، فهي لا تعود عدالة بل تصبح Code  مافياوي، يُطبّق على الخصوم وليس على الأصدقاء، والدولة اللبنانية حالياً هي هكذا، ليس لديها قضاء ولا تطبيق قوانين، بل Code  مافياوي، فمن هو ضمن المافيا يحق له أن يقتل ويمنحونه وساماً، ومن هم ليسوا مع المافيا يُقتلون ويُعتدى عليهم دون أي عقاب، فإذا زال الإنصاف والمساواة أمام القضاء زالت الدولة.

وما هو أوقح من ذلك عندما ينبري أحد "رؤساء" الدولة، أو أحد المصادر، ويتحدّث ويستفيض عن دولة القانون، وهذا الأمر بلغ من الوقاحة حداً جعل اللبنانيين يلعنون اليوم كلّ المسؤولين ولا يطيقون رؤيتهم لا على تلفزيون ولا في صحيفة.

ولو لم يكن هناك من اعتداء على حريتنا، وعلى حياتنا الخاصة، وعلى ممتلكاتنا وعلى أرزاقنا، لما كانت هناك ضرورة لنكون ذلك التيار المتقدّم الذي يدافع عن هذه الأهداف العليا. لذلك، ولأن الوضع شاذ، فالجميع مدعوون ليكونوا في التيار، وليساعدوا التيار للوصول إلى الأهداف التي يدافع عنها، والتي تعني الجميع.

 

- هناك رأي في البلد يقول بأن المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان تحتاج إلى اتفاق مسيحي مسلم وفي ظل غياب هذا الاتفاق فالمطالبة لا قيمة لها، فما رأيك ؟

- بقاء الجيش السوري في لبنان هو الذي يحتاج إلى تفاهم وليس رحيله، هو غريب عن أرضنا وكي يستطيع البقاء يجب أن يكون هناك اتفاق، هذا من ناحية المبدأ، أما من ناحية أخرى فإن الفريق الذي لا يريد رحيل الجيش السوري يعني أنه لا يريد سيادة واستقلال لبنان، وهنا تُطرح المشكلة.

لا يحق لأحد أن يطرح قضية السيادة كموضوع للاتفاق، إما أن نريد الوطن أو لا نريد الوطن، أما لعبة استعمال المجموعات المسلحة القريبة من سوريا في افتعال المشاكل، فهي تعتبر جزءاً من الإرهاب، ولذلك نحن نؤيد السياسة المتّبعة ضد الإرهاب لأننا أول ضحاياه.

أما من يعتبر هذا الأمر لا قيمة له فيكون جاهلاً للمبادئ الأساسية لقيام المجتمعات، ولدي لوم على بعض الأشخاص الذين يطلقون نوعاً من الدعوات الخضوعية ويقولون "إذا ما حكيتوا معنا بيروح استقلال لبنان وبيروح الوطن..."

الوطن لا يزول بل هم من سيزول، فلماذا سيزول استقلال لبنان؟ لبنان سيبقى ولو على صخرة، ومن يريد أن يعيش فيه عليه أن يعيش ضمن شروط قيام الوطن بمفهومها الدولي، ولست أنا من يحدّد هذا المفهوم، ولا حزب الله ولا الكتائب ولا القوات ولا أحد، الوطن له مفهوم في القاموس الدولي، ولا يستطيع من يشاء أن يحدّده على مزاجه ووفقاً لمصالحه.

ثم، لا يحق للمتعاونين les collaborateurs أن يمثّلوا الوطن ولا بأي شكل، في الجزائر هرب المتعاونون إلى فرنسا، وفي فيتنام لم يكن لهم أي دور رغم أنهم كانوا نصف السكان تقريباً، الدور في قيام الوطن هو للاستقلاليين، أما من لا يريد هذا الوطن فليرحل عنه.

 

- المعارضة مدعوة للحوار مع السلطة، فإذا كان مطلب المعارضة هو خروج الجيش السوري، وإذا كانت السلطة معيّنة من سوريا فماذا يمكن أن ينتج عن هكذا حوار، طالما أننا لا نأمل بأن تطلب الدولة اللبنانية من سوريا أن تخرج جيشها من لبنان؟ أليس من الأفضل أن يكون الحوار مباشرة مع سوريا؟

- سوريا تضع واجهة من العملاء في السلطة كحاجز بينها وبين المعارضة، وخطأ المعارضة يكون عندما تريد محاورة السلطة، فسوريا تتلطّى وراء كل خلاف لبناني- لبناني، والمحتل دائماً، وفي كل  بلاد العالم، يضع واجهة من العملاء حاجزاً بينه وبين المقاومة، وهذه نقطة الخلاف الأساسية بين التيار وبين بقية المعارضة، هم يريدون مخاطبة سلطة عميلة ترفض مطالبهم، وفي المقابل سوريا تعلن على الملأ بأن اللبنانيين غير متفقين وتستغل هذا الأمر، وهذا لا يجوز أبداً.

أما بالنسبة للحوار مع سوريا، فسوريا لا تريد أن تحاور لذلك نحن مدعوون للمقاومة، قد بدأناها سلبية وسياسية دولية، نحاول تطويقها من كل الجهات كي نستطيع الحصول على حقوقنا منها.

لا يوجد سلطة لبنانية تمثل اللبنانيين، هناك Préfet  سوري معين في لبنان، رجل إرتباط سوري معيّن بين الإدارة اللبنانية والإدارة السورية ، يجب فهم ذلك بكل بساطة، "فخامة الرئيس ودولة الرئيس ومعالي الوزير" كلها ألقاب واهية مُنحت لتغطّي عمالة معيّنة لسوريا.

كلّهم في الصالونات يبكون ويقولون " مش طالع بإيدنا شي " ، إذا كان الأمر كذلك فلماذا رضيتم أن تدخلوا في الحكم؟ اتركوا الحكم، وليعيّنوا وزراء ونواب ورؤساء سوريين، فلماذا ترضون أن تكونوا الغطاء لهم؟

أسئلة من مندوبة ال LBC

-  في مقابلتك التلفزيونية الأخيرة مع ال MTV ، لوحظ أنك شننت حملة على كل الفعاليات الموجودة في لبنان لا سيما البطريركية، فإذا عاد الجنرال إلى لبنان فمع من سيتحالف؟

- قبل كل شيء أرفض كلمة "شننت حملة" رفضاً قاطعاً، كما أرفض كلمة "هجوم الجنرال" التي يستعملها بعض الإعلاميين، أنا لا أهاجم أحداً ولا أشن حملات، أنا أنتقد واقعاً وأردّ على تهجمات طالتني شخصياً، رددت على الأستاذ غسان تويني لأنه أطلق شائعة عني، رددت على حديث للشيخ أمين وهو مسجل عندكم، رددت على قرنة شهوان بناء على بيان أصدروه وانتقدت بعض ما جاء فيه، أخذت البطريرك شاهداً على واقعة لأنه يعرف حقيقة ما جرى ولم يقل شيئاً حتى الآن.

إذاً لا يمكنك أن تقولي "شننت حملة" أنا رددت على ما قالوه، وعندما سئلت في المقابلة عن رأيي في بعض الشخصيات أردت أن تكون إجابتي انطلاقاً مما يقومون هم به ، لم أشن حملة على أحد بل وصفت واقعاً معيناً، ورددت على اتهامات تعرّضت لها.

أما عن حلفائي، فهم كل من يسير في الخط الوطني الذي ندافع عنه، فهل المطلوب أن أتحالف مع أشخاص لا يريدون لبنان وطناً سيداً حراً مستقلاً ويريدون فقط أن يلعبوا أدواراً؟

ثم، بعد معركة التحرير لدينا معركة أخرى هي معركة التحرر ولست مستعداً أن أقبل بأن المراكز النيابية هي مخصّصة فقط لأبناء العائلات، لا، هي مخصّصة لأبناء الجامعات الذين يستحقونها وليس لأبناء العائلات الذين يرثونها، تحالفي هو مع جيل طالع يريد أن يغيّر الوضع، وليس مع أشخاص هم استمرارية لعهد المتصرفية، أو لخريجي السفارات والقناصل. هناك مجتمع يتغير، هناك آلاف الجامعيين وأصحاب الكفاءات فلماذا يريدون حذفها، ولماذا تجيَّر وكأنها حصر إرث لأناس أوصلونا إلى الخراب؟ هل سمعتم في أي بلد في العالم يدور الوزير في دائرة دائمة، يسقط لأنه فشل ثم يعيّن من جديد لأنه فاشل، ‍ فهل يحصل هذا إلا في لبنان؟

نحن طلاب تغيير، ولا شيء لدينا ضدّ أبناء العائلات إذا كانوا أيضاً أبناء جامعات وأصحاب كفاءات واستحقوا مراكزهم، ولكن نرفض أن نكون إرثاً يتوارثونه.

لقد سُئل إدوارد كيندي مرة إذا كان يريد أن يكون رئيساً للولايات المتحدة، وقالوا له " شقيقك الأول كان رئيساً، وشقيقك الثاني كاد أن يكون، ولكنه قُتل، ألا تريد أن تترشّح أنت؟ " فأجابهم وكان يومها "سيناتور" في مجلس الشيوخ، " أنا لم أصل بعد إلى ما وصل إليه أخوتي ، ولم أقم بعد بما يؤهلني للترشّح لمركز الرئاسة "

فكم لبناني يمكنه أن يقول اليوم مثل هذا الكلام ؟؟؟

 

- لوحظ  في الفترة الأخيرة أن التحرك الطالبي هو أكثر فعالية على الأرض من المعارضة فهل أنت مستعد لتوجيه هذا التحرك؟

- نحن من يوجهه، أو على الأصح نحن من يوعّيه، وقد أصبح يملك الوعي الكامل لقضيته، ويتدرّب على أخذ القرارات، دورنا هو إعطاؤه النصائح وإرشاده من خلال تجربتنا، وهو يعيش تجربته بكل كفاءة. والأكيد أن هؤلاء الشباب هم مستقبل لبنان.

 

- هناك فريق يلومك ويعتبر أنك تتبع سياسة النظريات في وقت تسود فيه سياسة الممكن ، فما تعليقك؟

- "الممكن" ليس سلة نفايات نضع فيها كل شيء. هناك "الممكن"، نعم، ولكن هناك أيضاً حاجة لرفض "اللامقبول" في المجتمع. "الممكن" له حدود دنيا، وليس كل شيء مقبولاً، فتعيين رئيس مخفر في آخر قرية في لبنان أصبح خاضعاً للمخابرات السورية، فهل هذا مقبول؟؟ ما هي حدود "اللامقبول" إذن؟

ومن يقول أن السياسة هي فن الممكن، فليتفضّل ويحدّد لنا ما هي حدود اللامقبول في المجتمع حتى لا يصبح كل شيء ممكناً.

 

- هل تعتبر أن المعارضة هي تحت السقف السوري في لبنان؟

- لغاية الآن نعم، لأنها صوتية فقط.

 

- يعني أنك لست مستعداً للتعاون معهم؟

أنا مستعد للتعاون مع الجميع حتى مع حزب الله كما سبق وقلت بهدف الخروج من الحالة التي يتخبّط فيها لبنان، وضمن شروط السيادة والاستقلال.

ولكن ما لا أقبله هو الخطابات التلفزيونية الاستيعابية، الخطاب ضد السوري إذا لم يرفق بأفعال يكون لامتصاص نقمة الشعب، فما الذي يقومون به على الأرض؟ إذا أدليت بمائة خطاب ولم أتظاهر ولم أنزل إلى الأرض، ولم أكوّن إرادة شعبية، ولم أسع لتغيير في السياسة الدولية، كما حصل في استصدار قانون الكونغرس الجديد، فما هو الإزعاج الذي أسببه لسوريا ؟؟ عملنا جاهدين لنصل إلى هذا القانون، فماذا فعلت المعارضة؟

والآن، يقرأون هذا القانون ويقولون " لا، الله يخليكم هذا القانون فيه عقوبات لسوريا وبكرا بيتهمونا بأننا صرنا صهاينة.."

لديهم دائماً عقدة الخوف أو ربما لديهم ملفات لا أعرف، لا يرون بوضوح. نحن نرحب بالجميع، البيت مفتوح والقلب مفتوح والعقل مفتوح، ومكتب التيار الوطني في بيروت مفتوح وكل الحلقات مفتوحة، فأهلاً بهم ولكن ليكن خطهم واضحاً، ودون بلبلة.    

 

- إن شاء الله نراك قريباً على منبر ال LBC جنرال.

- إن شاء الله، وإذا دعوتمونا فلن نتخلّف.

أسئلة الطلاب :

- طالب من حزب الأحرار:

      1-  لقد هاجمت لقاء قرنة شهوان و..

- لم أهاجم، وللمرة الألف أقولها، لا تستعملوا الكلمات في غير مكانها، أنتم طلاب جامعات فابقوا ضمن معنى الكلمة، أنا عندما أنتقد فقرة في بيان وأقول أنها غير سليمة وأبين الخاطئ فيها فلا أكون أهاجم، أنا أشرح الوضع وأنت حر أن تؤيده أو لا.

 

 2- أنت اتهمت لقاء قرنة شهوان بأنه تحت السقف السوري فهل تعتبر أن الأستاذ دوري شمعون وهو عضو في هذا اللقاء، هو تحت سقف السوري، وماذا قصدت في مقابلة الMTV عندما قلت أنه جيد ولكن يلزمه قليلاً بعد، فما هو هذا القليل؟

- تسألني أسئلة شخصية جداً، وفي كل الأحوال فإن صاحب العلاقة يعرف جيداً ماذا أعني بهذا القول بالنسبة له شخصياً.

أنت تسأل عما إذا كان دوري شمعون تحت السقف السوري، سأكرر لك بأنني أخذت فقرة من بيان وقّعه أعضاء قرنة شهوان، وهذه الفقرة تربط سيادة لبنان والتوطين بإقامة الوطن الفلسطيني، وهذا يعني أنه إذا لم تُحلّ القضية الفلسطينية فليس من المفروض أن تعود سيادتنا، هذا موقف بشع جداً وهو أبشع من السقف السوري، فماذا يحصل إذا لم تُحلّ المشكلة الفلسطينية؟ ألن يكون لنا الحق بوطن؟

لهذا السبب انتقدتهم وقلت وأكرّر أنني أقطع يدي ولا أوقع هكذا بيان.

لماذا تعتبرون دائماً أنه إذا لم تتفق مواقف الشخص مع الآخر فهذا يعني أنه يهاجمه؟ أنا لم أهاجم ولكنني أقول أن هذا الموقف هو خطأ وألف مرة خطأ. نحن نعمل في كل المراجع الدولية لنتمكّن من فصل قضية لبنان عن غيرها من القضايا لأن قضيتنا لا يمكن أن تحل إذا بقيت مرتبطة بكل مشاكل العالم، وكل بلد وله مشاكله، فيأتون هم، وطوعاً يربطونها بقضية أخرى عالقة منذ اكثر من خمسين عاماً!!، كما سبق وربطتها الدولة بالمسار السوري، هل تعرفون معنى هذا الربط؟؟ " يا محلا السقف السوري، أبشع من السقف السوري."

- الأستاذ الياس الزغبي:

- لوحظ أن أعضاء قرنة شهوان ردّوا بهدوء على انتقاداتك، ولكن الأستاذ وليد جنبلاط تهجّم عليك وقال أنه يشرّفه أن يكون تحت السقف السوري فما تعليقك؟

- إذا كان هذا الشيء باختياره ف OK، أنا معه أنه يشرّفه، ولكن إذا كان مفروضاً عليه، فعليه هو وحده أن يفكّر إذا كان يشرّفه أو لا، وليس أنا.

 

- يعتقد البعض أن الردود الهادئة لأعضاء قرنة شهوان عليك تعود لغياب الحجة لديهم، بينما يعتقد البعض الآخر أن ذلك يعود لأنهم حريصون على العلاقة معك، ولأن الأهداف واحدة بينما الأسلوب يختلف، فما رأيك؟

- أنا أرى أن هذا الأسلوب هو خاطئ، وانتقدته وحدّدت موضع الانتقاد، فماذا سيقولون، هل سينكرون البيان؟ البيان واضح، وأنا لم أنتقد "نوايا" كما يفعل الآخرون دائماً معي، ينسبون لي نوايا ويهاجمونني على أساسها، وهذا ما يدخل في باب الهجوم والتهجم. أن تهاجم شخصاً لأنك تعتقد أنه سيقول أو سيفعل شيئاً خاطئاً.

أنا لا أتبع هذا الأسلوب أبداً، أنا أنتقد حدثاً حصل وأُظهر الخطأ فيه، وأتمنى أن يتبّع الآخرون الأمر نفسه معي، فمن لديه شيئاً ضدي أتمنّى عليه أن يعلنه بوضوح لا أن يشن حرب نوايا، دائماً أسمع كلاماً بأن "العماد عون فكّر بكذا ويريد أن يقوم بكذا"، كقصة رئاسة الجمهورية مثلاً وغيرها، قالوا أنني كنت أنوي أن أكون رئيساً وأنني أريد أن أقوم بكذا وكذا... هذه ليست إجابات ولا ردود ولا انتقادات، هذه تهجمات، الإجابة تكون عندما تقول: "العماد عون فعل كذا وننتقده على ما قام به."

لغاية الآن لا أحد ينتقدني على عمل قمت به، ينتقدونني على النوايا، أو يزايدون ويقولون" ليس هو من سيعلّمنا الوطنية ويعلمنا الاستقلال والسيادة"، هذا الكلام غير مقبول فأنا لا أريد أن أعلم أحداً لا الوطنية ولا الاستقلال. أريد أن ينتقدوني على أعمال محددة قمت بها، ومن هذا المنطلق، من لديه شيئاً ضدي فليتفضل ويعلنه وأكون شاكراً له.

 

أسئلة الطلاب :

- القانون المقدّم للكونغرس يقول بالانسحاب السوري وفقاً للقرار 520، وبأن القضية اللبنانية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية أو غيرها، وبأن استقلال لبنان هو مصلحة قومية للولايات المتحدة، فما هو سر التحوّل في السياسة الأميركية وما مدى التزامها؟

- بين اتفاق الطائف الذي كان تسوية مخالفة للدستور اللبناني قام بها أشخاص لا يمثّلون الشعب اللبناني ومنتخبين منذ العام72 ، وبين تجربة طويلة فاشلة في لبنان خلال هذه السنوات، وبين جهد كبير نقوم به ، وبين كل الأحداث التي طرأت على العالم مؤخراً، حصل تغيير في السياسة الأميركية، وكنا موجودين، وعملنا لإدخال لبنان إلى اللعبة السياسية الدولية.

أهمية هذا القانون أنه ليس موقفاً قد يتغيّر، هو قانون يصدر استناداً إلى القوانين الدولية وإلى المواقف السياسية الأميركية، ووضعت في إطار قانون كي لا تبقى مصدراً للاجتهاد وللتأويل، وهذه ضمانته، إذ بعده لن يعود هناك مجال للتساؤل كيف تفكّر الولايات المتحدة، فهي قد وضعت تفكيرها ضمن قانون، وعليها أن تنفّذه، بينما المواقف السياسية يمكن أن تتغيّر.  

لقد أصبح انسحاب سوريا من لبنان وفقاً للقرار 520 من ثوابت السياسة الأميركية، لأن في لبنان هناك لبنانيون يطالبون بهذا الانسحاب من خلال التظاهر والوسائل الديمقراطية.

في هذا القانون القرارات الدولية يجب أن تنفّذ، فكما نُفذ القرار 425 وانسحبت إسرائيل من لبنان، يجب أن يُنفّذ القرار 520 وتنسحب سوريا من لبنان، وهذه الضمانة الوحيدة والأكيدة.

 

- هل تعتقد أن خلاص لبنان سيكون "على البارد" أو "على الساخن"، وما تفسيرك للانسحاب السوري الذي حصل مؤخراً، هل هربوا أم أنهم ينفّذون الطائف فعلاً؟

- عندما يُطرح قانون كهذا، وتُفرض عقوبات على سوريا إذا لم تنفّذ المطلوب منها، فذلك لا يعني بالضرورة أن أميركا تتجه لحرب ضد سوريا، ولكنها تتجّه على الأقل إلى مرحلة من الضغط أقوى من التفاوض حول الموضوع، لقد أقفلت باب التفاوض، وبدأت بأخذ الإجراءات.

نحن نريد أن نأكل عنباً لا أن تقتل الناطور، يهمنا أن تبقى سوريا، وهي الجار و"الشقيق"،  بوضع جيد، ولا نريد لها أي ضربة عسكرية، ولا نريد حتى أن تُفرض العقوبات عليها، ولكن إذا كانت هذه العقوبات هي الوسيلة لإرغامها على الخروج من لبنان فلا بأس بها، وهي لا تزال سلمية.

في كل الأحوال، "على الساخن أو على البارد" لا يهم، المهم أن ترحل سوريا من لبنان، وإن شاء الله تكون هذه الرسالة كافية، وتقرّر سوريا ترك لبنان لا أن تعمد إلى عرقلة القانون كما تحاول أن تفعل الآن، لأنهم لن يتمكّنوا من ذلك.

أما بالنسبة للانسحاب الذي حصل منذ فترة، فالظروف التي فرضت نفسها في هذه المرحلة جعلت السوريين يعدّلون في التوزّع العسكري لديهم وفي انتشارهم على الأرض، فكما شاهدتم على التلفزيون، لقد انسحبوا من أماكن سبق وانسحبوا منها في العام الماضي، وغداً يعودون إليها وينسحبون منها في العام المقبل، وأيضاً وفقاً للطائف.

هذا "الانسحاب" هو إعادة تمركز غير مرتبط باتفاق، فلكي يصبح الانسحاب صحيحاً يجب أن يواكب بجدولة للانسحابات مع خرائط، يجب أن يحددوا تواريخ وأماكن الانسحابات الحالية والقادمة. أما ما أسموه انسحاباً فهو ليس بالانسحاب ولا يحمل أي إيجابية، رغم مسارعة البعض بإعلانه عملاً إيجابياً.

في كل الأحوال إن المسؤولين في لبنان يعتبرون كل شيء إيجابياً، الأمور دائماً جيدة ولا يوجد أي شيء غير إيجابي، بينما الحقيقة هي أنه لم يحصل بعد أي شيء إيجابي في لبنان والبرهان على ذلك هو ذلك التدهور المستمر والوضع الذي يسير من سيئ إلى أسوأ، فما الذي تحسّن؟ لا شيء..

 

- نريد أن تضعنا قليلاً في أجواء زيارتك لأميركا وما دار فيها من أحاديث.

- حصلت لقاءات عدة، وبشكل عام كان هناك تحليل لأوضاع الشرق الأوسط وللأنظمة الموجودة فيه وللإرهاب، والحديث الأهم كان عن دور لبنان وكيف تحوّل من مدرسة تسامح واعتدال في الشرق الأوسط إلى مدرسة تطرّف وإرهاب بعد الاحتلال السوري له، وكيف أن التطرف أخذ يسود على الاعتدال، وما هو السبيل لإعادته إلى دوره الأساسي.

وتحدثنا أيضاً عن النظام العالمي الجديد، وقلت للأميركيين إن هذا النظام لا يمكن أن يقوم على البعد الاقتصادي فقط، يجب أن يكون له بعد حضاري وروحي وثقافي، وهذه الأبعاد يجب أن تُستوعب، ولا يمكن استيعابها وتطبيق هذا النظام الجديد ما لم يكن هناك بقع تواصل بين الحضارات ومجتمعات فيها توازن، كي يتم التبادل في جو اختياري وطبيعي، لا بين ساحق ومسحوق.

ولبنان كان النموذج الأوحد في العالم لهذا التبادل الحضاري ولهذا التفاعل.

وتحدثنا أيضاً عن ضرورة إقامة أنظمة ديمقراطية في المنطقة، وقلت لهم "إذا أردتم فعلاً محاربة الإرهاب والقضاء عليه فيجب أن تسعوا لإقامة أنظمة ديمقراطية"، لأن الأنظمة الأوتوقراطية هي التي توّلد الإرهاب، هم يخلقونه عن عمد لأنهم بحاجة إلى عداوات ليبرّروا فشلهم في بلادهم، وليوجهوا عدائية المجتمع نحوه، فيتلاعبون بالوضع النفسي لهذه المجتمعات.

فعندما يصبح المجتمع ديمقراطياً، يصبح التنافس فيه على التطوير والإنماء والتحسين، وعلى مزيد من حقوق المواطن، كما يحصل في كل الدول الديمقراطية، ولكن الأنظمة المتخلّفة لا يناسبها ذلك، إذ أنها تحتاج إلى عدائيات لتوجّه الشعب تجاهها، ولتبرّر القمع كما يفعلون، يقتلون سكان مدينة بكاملها، ويصفّون الناس،  ويأخذونهم من بيوتهم وهم نيام ويتهمونهم بالتآمر على الدولة وما إلى ذلك من أعمال قمعية إرهابية، وهنا أسأل لو لم تكن إسرائيل موجودة، فكم من شخص كان قد بقي في السجون في لبنان وفي سوريا؟؟، قلائل دون شك، إذ أن معظم نزلاء السجون تهمتهم هي التعامل مع إسرائيل، وإليكم ما حصل مع توفيق الهندي وحبيب يونس وأنطوان باسيل وغيرهم.

الأنظمة يجب أن تتحرر كي تصبح مستقرة. في الأنظمة الديمقراطية نجد الكثير من الضجة ولكن نجد أيضاً التغيير من ضمن اللعبة السلمية، بينما في الأنظمة الأوتوقراطية التي لا يوجد فيها حرية تفكير سياسي وحرية معتقد، نجد دائماً الصدامات والحروب. فالسلام لن يستقر إلا مع ديمقراطية الأنظمة.

هذه الأمور هي أهم ما تحدثنا عنه، وطبعاً تحدثنا عن الأزمة اللبنانية بالتفصيل، عن حقوق الإنسان في لبنان، عن الاقتصاد، عن التصرّف السوري، عن الإطفائي المهووس الذي يشعل النار ويقول لك أنا عائد لأطفئها. وأذكر هنا بآخر ما ابتدعوه في هذا الشان، هو الخبرية السائدة حالياً بأن "حزب الله سيأكلنا إذا تركت سوريا لبنان"، وهنا سأكتفي بطرح هذا السؤال:" من أين يأتي السلاح لحزب الله؟؟؟"

 

- سؤال أخير، متى ستعود لأننا اشتقنا لك كثيراً، نعرف أنك موجود في لبنان في قلوبنا جميعاً، ولكن متى ستعود فعلاً؟

-  الوقت لم يعد طويلاً، بقي لدي بعض الأمور لإنجازها وبما أن لبنان بدأ يعود إلى لبنان فأنا سأعود معه.

- الأستاذ الياس الزغبي:

- أمور مثل ماذا؟

- متابعة التحرك الخارجي، ففي لبنان لا يوجد عندي حرية العمل.

- ختاماً، هناك مفارقة في الخوف عند اللبنانيين، هم خائفون من الهدوء الحاصل في الجنوب، والذي التزمه حزب الله نتيجة التهديدات الأميركية مع "باول"، ونتيجة "النصائح" التي قدمها وزير خارجية إيران "خرازي"، فهل هذا الهدوء يعطي المجال لحالة ستاتيكو جديدة فيعود الوضع إلى ما كان منذ 12 سنة، أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة؟

 

- اليوم في السياسة الأميركية الجديدة، لم تعد أميركا وحلفاؤها تكتفي بحالة "هدوء"، هي تريد تفكيك قدرة من يصنّفونهم إرهابيين، تفكيك قدرتهم على العمل حالياً ومستقبلاً، الهدوء هو عملية شلّ، وسيتبعه التفكيك، وهذا الهدوء إذا لم يتبعه تفكيك، فلن يستمر طويلاً وسيعود الوضع ساخناً.

وهنا أشدد أن المهم هو النتيجة التي سنصل إليها، ونحن الآن في المرحلة ما قبل الأخيرة، والهدوء سيتبعه تفكيك.

في لبنان تعامل الكثيرون مع حزب الله من خلال "التقية"، يتمنون في داخلهم أن يُضرب، ويشجعونه في العلن ويثنون على مواقفه، ويدفعونه باتجاه الصدام، وهذا توجّه سيئ وخاطئ.

ونحن عندما ندعو حزب الله لترك السلاح والتحوّل إلى العمل السياسي فذلك لأننا لا نريده أن يُضرب، وإلا لكنا شجعناه على الخطأ ودفعناه كما يدفعه غيرنا.

قلتها وأكررها، يجب أن يحصل طلاق نهائي في لبنان مع البندقية، داخلياً وخارجياً، هناك حل للشرق الأوسط وسيُفرض، فلماذا زيادة الخسائر أكثر، ولماذا زيادة الضحايا.

فليتفضل الجميع ويعودوا إلى أنفسهم في ظل القوانين اللبنانية والدستور اللبناني ويعودوا إلى حالتهم اللبنانية، ولا تخافوا فلا الهدوء سيطيل الستاتيكو، ولا الانفجار سيحصل قبل أن يكون هناك قرار بالتفجير إذا كان هناك من قرار.