«قوى 14 مارس» تريد رئيساً ينفذ مصالحها

عون لـ «البيان»: انتهى الخلاف مع سوريا بانسحابها من لبنان

ماري كلير فغالي - البيان 25 شباط 2006

في دارة رئيس »كتلة الإصلاح والتغيير« النائب ميشال عون في الرابية شرق بيروت، لا يتوقف الهاتف عن الرنين: لقد أذاعت إحدى المحطات التلفزيونية خبراً أن »الجنرال« نقل على عجل إلى احد مستشفيات العاصمة في حال صحية حرجة. يرد عون ساخراً: »هذه تمنيات أكثر منها معلومات«.

  في خضم المعركة السياسية الحامية في لبنان على موقع رئاسة الجمهورية ووضع الرئيس إميل لحود، يبدو »الجنرال« السبعيني مرتاحاً إلى إمكانات اختياره رئيساً للجمهورية، ومتفائلاً بمستقبل لبنان، رغم انقسام الآراء حوله في أوساط الطبقة السياسية اللبنانية.

ولعل مصدر راحته يعود إلى التأييد الشعبي الواسع حوله متمثلاً بنسبة الأصوات القياسية التي حققها في الانتخابات النيابية الأخيرة، وفاقت على حد قوله 75 في المئة من أصوات المسيحيين، فضلاً عن »ميل« قوى أخرى أبرزها »حزب الله« إلى تأييده.  وهو اذ يرفض إسقاط لحود في الشارع، يشدد على ان الهم هو الحفاظ على الجمهورية وليس على الرئاسة، واصفاً دعوات المعارضين – وخصوصاً فريق 14 مارس، بالاحتكام إلى الشارع بأنها ابتعاد عن الديمقراطية إذ تحاول أقلية فرض نفسها بالقوة. »البيان« التقت عون وأجرت معه الحوار الآتي:

- هل تعتبر نفسك مرشحاً لرئاسة الجمهورية؟

بالطبع، الناس رشحوني عندما فزت بالعدد الأكبر من الأصوات في الانتخابات النيابية الأخيرة، فضلاً عن التمثيل الوطني والمسيحي الواسع الذي أحظى به. لقد تعدت نسبة تأييدي في صفوف المسيحيين نسبة 75 في المئة. ولكي يكون موقع رئاسة الجمهورية مراعياً لصحة التمثيل المسيحي، على من يملأه أن يكون ممثل المسيحيين، وأن يحظى بتأييد وطني واسع.

- هل ستوقعون على العريضة النيابية لإسقاط الرئيس إميل لحود، خصوصاً وأن هناك من يعتقد أن لحود لم يعد موجوداً في الرئاسة؟

لا، لن نوقع على عريضة إسقاط لحود. المستهدف اليوم ليس شخص الرئيس، بل موقع رئاسة الجمهورية. ونحن ندافع عن الموقع وليس عن لحود. وليس بهذا الأسلوب لإسقاطه. هناك أكثرية نيابية اعتبرها مؤقتة لأن المجلس الدستوري لم يبحث في طعون قدمناها في عشرة مقاعد، لأن الحكومة الحالية شلت أعمال المجلس.

وإعادة النظر في هذه المقاعد سيخسر الطرف الآخر أكثريته المطلقة. ثم أن أكثرية الثلثين المطلوبة لتعديل الدستور غير متوافرة. إذن عندما تتخطى الأكثرية النيابية الحجم الذي يسمح بتعديل الدستور لتقصير ولاية الرئيس أو إنهائها، فهي تتخطى الدستور، وتتخطانا نحن كتكتل نيابي، مما يعتبر تخطياً لمجلس النواب وانقلاباً على الشرعية.

يجب الفصل بين إميل لحود ورئاسة الجمهورية، واتباع المسار الدستوري في هذه القضية. إذا نجحت الأكثرية في تحقيق هدفها بالطرق القانونية، كان به. وإلا فالعرائض لا تفيد إطلاقاً. كيف يقولون ان التمديد غير شرعي علماً بأن المجلس النيابي أيده في نهاية المطاف؟ أما اذا أخذنا في الاعتبار البند الوارد في القرار 1559 الذي طلب عدم التمديد، فهو اليوم بحكم الساقط لأن انتخابات أخرى أجريت نتج منها مجلس جديد يمثل الشعب اللبناني مهمته اتخاذ القرار المناسب.

وبالتالي لا يجوز تخطي مجلس النواب الحالي، لأن رئيس الجمهورية يمثل سلطة دستورية كما الحكومة. وفي حال الخلاف بينهما، لا يمكن الاحتكام إلى الشارع. وفي حال عدم توافر الأكثرية اللازمة لتعديل الدستور، يدعى الشعب مرة جديدة إلى الانتخاب، لفرز أكثرية قادرة على تعديل الدستور، وربما هذا لا يحصل.

اللجوء إلى الشارع ثورة، ولا يحق لحكومة قائمة وبيدها القوى الأمنية والجيش تحريك الشارع، وكأنها تدعو إلى الاعتداء على الرئيس أو قتله. على كل حال، لا يمكن تحديد تاريخ لإقالة رئيس الجمهورية، فلا دورة عادية لمجلس النواب قبل 22 مارس المقبل. وهم أصلاً لا يملكون الأكثرية المطلوبة. كان عليهم ان يأخذوا رأينا في الاعتبار قبل تحديد التاريخ.

- ما تأثير قيام البطريرك الماروني مار نصرالله صفير برفع الغطاء عن رئيس الجمهورية الماروني على الشارع المسيحي؟

لا تأثير. لا شيء. أنا أدعو الناس إلى عدم التظاهر، لأنه لا يجوز إسقاط رئيس الجمهورية في الشارع. هناك مؤسسات دستورية يجب احترامها. أطلب من اللبنانيين عدم التظاهر وخصوصاً ان نائبين (هما بطرس حرب والياس عطا الله) بشرا بسقوط ضحايا وسفك دماء، واستغرب أن لا أحد يعلق على الموضوع،

فيما اتهمت أنا بالتحريض يوم نبهت من احتمال وقوع خسائر مادية. حذرت من نتائج تجاوز الدستور في الشارع، فاتهمت بالتحريض على »سوليدير« والحجارة، وكأن لا قيمة للحياة البشرية، وكأن البلاد يحكمها عدد من المتمولين يخافون على أموالهم ولا تعنيهم حياة الشعب اللبناني.

- هل تعتبر رفض البطريرك وصول عسكري إلى السلطة موجهاً ضدك؟

لا لست معنياً بهذا الكلام. أنا تركت مؤسسة الجيش منذ 15 سنة، ولا اعتقد انه يقصدني أنا. اما إذا كان يقصدني، فهذا يعني خرقاً لحقوقي كانسان وكمدني. ربما قصد البطريرك شخصاً آخر، لا أحد يدري كيف تمر ألاعيب رئاسة الجمهورية في لبنان، خصوصاً ان اللبنانيين لم يألفوا معرفة رئيسهم المقبل قبل 24 ساعة على مجيئه، وكأن الرئاسة تهريبة.

الحوار و»حزب الله«

- هل تعتقد أن تجربة الحوار مع »حزب الله« يمكن أن تعمم على أفرقاء آخرين وتحديداً على فريق »14 مارس«؟

اعتقد أنها يجب ان تعمم، فلا أسلوب لحل المشاكل في لبنان بغير الحوار. الديمقراطية الحقة تقوم على الحوار والنقاش والتفاوض. أما المُحتكم إلى الشارع فليس ديمقراطياً بل هو أقلية يحاول فرض نفسه بالقوة.

- لكن شروط »14 مارس« للحوار وعناوينه لا تتفق بالضرورة مع نظرة حزب الله لحل الأمور، وخصوصاً في مسائل السلاح وترسيم الحدود والعلاقة مع سوريا، فهل تنجحون في جمع الطرفين؟

لا حل الا من خلال الحفاظ على حقوق اللبنانيين وتأمين سلامة أراضيهم والسلم في لبنان. والى اليوم لم ندخل مرحلة السلم، بل بقينا في حالة عدم الاعتداء. وقد انعكس التفاهم مع »حزب الله« إيجاباً على الشارع وأدخلنا حالاً من السلم، اذ شعرنا بتغيير الجو بين الشيعة والمسيحيين في مناطق تواجدهما. والتفاهم هذا لم يتم لعزل أي فريق آخر، بل ان الورقة تشكل تفاهماً مفتوحاً فوق الطاولة يمكن الراغبين في المشاركة الدخول فيها أياً كانت طائفتهم.

- هل فرض فريق »14 مارس« عليكم شروطاً للحوار؟

هم لا يرغبون في الحوار بل يناورون من دون تقديم أي طرح. فهم يريدون خلق فراغ بعد تنحية رئيس الجمهورية، ليكون لهم رئيس موظف لإدارة مصالحهم في الدولة، عوضاً عن رئيس يحترم موقعه ويمثل اللبنانيين. لذلك يمنعون أي مرشح له 10 مؤيدين مثلاً من الوصول إلى سدة الرئاسة. يريدونه رئيساً عارياً راسباً في النيابة أو في الانتخابات البلدية أو فائزاً بأصوات من خارج مناطقهم، وكأننا في نظام ديكتاتوري جديد يؤمن رغباتهم.

- لماذا إذاً دعتك أطراف »14 مارس« للعودة إلى الحوار؟

لم يدعني احد للعودة بل طلبوا مني الالتحاق بهم. هناك فرق بين الحوار والالتحاق. أنا ما زلت في »14 مارس«، لكنهم هم من غيروا. لقد تورطوا بمشاكل وسرقات وجرائم وفساد مع سوريا ومخابراتها يوم كانت تحتل لبنان لدرجة باتوا فيها بحاجة دائمة إلى شتمها كي يأخذوا براءة ذمة. أما أنا فلا احتاج إلى ذكر سوريا أوالإتيان على سيرتها، لأني لست متورطاً.

لم أعد على خلاف مع دمشق بعدما غادرت القوات السورية لبنان، ولست على خلاف معها على قسمة صفقة ولا على أموال خليوي ولا مطار ولا مرفأ، لم اختلف معها إلا على سيادة لبنان واستقلاله وهو ما جاء في رسالة وجهتها إلى الأميركيين عام 1989. قلت فيها إنني مستعد للتفاوض على أي اتفاق بين دولتين جارتين لكنني لا أقبل التفاوض على السيادة والاستقلال.

وأنا اليوم بعد رحيل قواتها عن لبنان أفصل بين الدولة السورية وبين المتهم فيها بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأطالب بكشف الحقيقة كاملة في هذا الملف لتحديد المسؤوليات وقيام المحاكمات اللازمة.

- كيف تقرأ ردة الفعل الأميركية على ورقة التفاهم بين »التيار الوطني الحر« و»حزب الله«؟

اعتقد أنها ايجابية جداً، ولمست ذهولاً لديهم لأنهم كانوا يظنون أن الورقة غير جدية. واستغرب البعض كيف تمكنت من انتزاع هذا الاتفاق مع »حزب الله« لأن بيننا ثقة خصوصاً أن العلاقة بين المجموعات لا تبنى على التكاذب والخداع والخيانة بل على المصارحة والتفاهم بينها.

- هل تشاركون في المبادرة الحوارية وماذا تقترحون فيها؟

 سنشارك بالتأكيد. وسنطرح 3 نقاط وردت في الاتفاق مع »حزب الله« تتعلق بتنفيذ الـ1559 وكشف الحقيقة في اغتيال الحريري والعلاقات مع سوريا. وإذا كانت لديهم اقتراحات أفضل في هذا الخصوص سنستمع إليهم.

- تحدث البعض عن احتمال استهداف احد أقطاب »14 مارس« قبل التاريخ المحدد لإقالة لحود للضغط لتسريع رحيله، هل لديك معلومات عن هذا الموضوع؟

يجب طرح السؤال على ميشال حايك وليس على ميشال عون.