حوار مع أقطاب الحوار: هل تبنون الجمهورية الثالثة؟ 2

عون ل<<السفير>>: أنا زعيم قوي .. هل المطلوب رئيس <<مخصي>>؟

لن أزور سوريا قبل أن تنكسر الحالة الخلافية.. ولن <<أدوبل>> على الحكومة

فيصل سلمان  - السفير 12/4/2006

 <<مؤتمر الحوار الوطني>> في إجازة، والمتحاورون يراجعون ما تم إنجازه وما بقي في انتظارهم على طاولة الحوار.

قصدت <<السفير>> أقطاب الحوار لتسألهم: هل تنظرون الى مؤتمركم على أن مهمته وضع الأسس للجمهورية الثالثة؟!

هنا الحلقة الثانية من الحوار مع العماد ميشال عون:

الحوار مع العماد ميشال عون متعب وممتع في آن. فالرجل قد يكون سهلاً منبسطاً ساعة، كما قد يتحوّل إلى جبل صعب التسلق ساعة أخرى.

نزعتان تميّزان شخصيته: الأولى هي تلك التي تميل إلى الطرافة حتى وإن حاول إخفاءها، والثانية هي تلك المتجذرة في سلوكه والتي طبعتها فترة وجوده في السلك العسكري.

إلا أن المتتبع لشخصية الرجل، لا بد وأن يتوقف طويلاً عند مرحلتين أساسيتين في مسيرته. المرحلة الأولى هي تلك التي أمضاها منفياً في باريس وخلالها تطوّر تدريجاً نحو السلوك المدني، والمرحلة الثانية وهي الأهم والأغنى، ما بين عودته إلى لبنان وبين تحوّله إلى زعيم سياسي فعلي.

ليس في استطاعة أحد أن يشرح بسهولة، كيف وصل العماد عون إلى ما هو عليه. غير متكلف، يتحدث بلغة الناس العاديين، زاهد نسبياً إلا في رغبته بالوصول إلى رئاسة الجمهورية، مستمع جيد حين يريد ذلك، ومتحدث متفلت حين يقتضي الأمر.

هو يقول إنه لم يؤذِ أحداً ولم يقتل أحداً وإنه انتهج سلوكاً وطنياً وقاتل <<بشرف>>، ولذا هو يعتبر أن الناس كافأته في الانتخابات في مقابل أولئك الذين تسبّبوا بالأذى للناس أو الذين كانوا فاسدين أو سكتوا عن الفساد.

براغماتي من الدرجة الأولى، يصعب تطويقه، فإذا حوصر، انزلق بخفة، وإذا فُرض عليه القتال قاتل نهاراً وفاوض ليلاً.

بعد عودته من باريس، مال في اتجاه التفاهم مع وليد جنبلاط فلم ينجح، فتحوّل نحو سعد الحريري فلم يتفقا، فلجأ إلى <<حزب الله>> وإلى حلفاء سوريا التي كان السبّاق في اعتبارها خصماً ومحتلاً فسعى في الولايات المتحدة الأميركية إلى استصدار قانون لمحاسبتها.

ومع ذلك لم يحاسبه جمهوره، لا بل زادت شعبيته حتى وهو يدافع بخجل عن الرئيس إميل لحود الذي سبق أن قال كل منهما في الآخر ما لم يقله <<مالك في الخمرة>>.

هو الآن في سباق مع عمره يقترب حثيثاً من الرابعة والسبعين، فإذا زدنا سنة ونصف السنة هي الفترة المتبقية من ولاية لحود، وصل إلى السادسة والسبعين... أليس من الأفضل أن يكون المرء رئيساً للجمهورية قبل هذا العمر؟

مدرك لهذا الأمر. يبتسم العماد عون ويقول إنها لن تكون مصيبة إذا لم يصل إلى الرئاسة، وبالتالي لا شيء ليخسره شخصياً.

ربما لهذا السبب بدأ البعض يمسك عليه ميله إلى تولية المقربين منه داخل التيار وداخل المؤسسات التي يملكها التيار أو ينوي امتلاكها وأبرزها المحطة التلفزيونية العتيدة، في الوقت الذي يواجه فيه التحوّل من تيار إلى حزب عقبات تنظيمية أبرزها إلى جانب صعوبة احتواء <<الجماهير>>، إشكالية أسبقية <<النضال>> وكفاءات <<المناضلين>>.

لم يعد العماد عون عصبياً. صار قادراً على تطويع غضبه. يقدح لحظة ثم يتمالك نفسه. ولكنه في تلك اللحظة يصيب أخصامه وفي مقدمهم وليد جنبلاط وسعد الحريري (وكل من لم يؤدِّ خدمته العسكرية الإلزامية) وسمير جعجع الذي تسبّب بالأذى للناس.

هو لا يلفظ الأسماء، يترك للمستمع أن يستنتج، تماماً كما يشرح قوله السابق حول <<رستم غزالة المال ورستم غزالة الإقطاع>> ولا يتردد في انتقاد أصحاب <<الروح الثأرية>>.

<<تقولون عني إني زعيم. حسناً أنا زعيم>>. ويدعم رأيه بأنه إذا خاصمته وسيلة إعلامية خسرت قراءها أو مستمعيها ثم يعطي أرقاماً إحصائية.. ومن حسن الحظ أنه صنّف <<السفير>> جريدة صديقة على حد وصفه.

حين قصدناه في فيلته المتواضعة في منطقة الرابية كان داخل غرفة مكتبه يستمع إلى زياد الرحباني في إذاعة <<صوت الشعب>> وكان بادي الارتياح.

يشعرك بأنه منتصر. هو يعرف أن الحرب خدعة، ولكن الكثيرين يتلذذون بالخديعة أكثر من النصر. وللنصر طريقان: الموالاة أو المعارضة.

يقول العماد عون إنه مارس <<المعارضة>> حتى الآن، ولكنه ما بعد الجلسة الأخيرة لمؤتمر الحوار الوطني المقررة يوم 28 الشهر الجاري، سيتحوّل نهائياً إلى المعارضة.

ولا ينسى الرجوع إلى أن السيد حسن نصر الله قال مرة داخل مؤتمر الحوار <<لقد جيء بالأقوى سنياً رئيساً للحكومة، وشيعياً رئيساً لمجلس النواب، فلماذا لا يؤتى بالأقوى مسيحياً رئيساً للجمهورية؟>>.

يرى أنصار العماد عون أنه <<نابليون لبنان>> فهل يتحوّل لبنان معه إلى الجمهورية الثالثة؟ سؤال في باطن الغيب.

شارك في الحوار:

دنيز عطا الله وعماد مرمل وسعد كيوان

؟ بداية.. كيف يقضي ميشال عون يومه؟

استيقظ عند السادسة صباحا، أمارس قليلا من الرياضة في الحديقة أمام المنزل، وإذا كان الطقس لا يسمح أقوم ببعض التمارين على آلة في الداخل، ثم أتناول ترويقة خفيفة. وابتداء من الثامنة ولمدة ساعة يتوافد الزوار الذين يأتون بدون موعد، وهم عادة من المقربين والأصدقاء الشخصيين والاقرباء. ومن التاسعة ولغاية الواحدة تبدأ المواعيد الرسمية، يليها غداء واستراحة. ومن ثم استأنف عند الثانية والنصف حتى التاسعة مساء...

؟ متى تقرأ الصحف؟

انا أسمع اكثر.. القراءة خفت كثيرا.. أقرا ملخصات، وإذا كان من موضوع مهم يتم تلخيصه أقرأه على الورق. اسمع الراديو والتلفزيون خلال ممارستي الرياضة وتناولي الفطور، وذلك <<للتخزين>>، لأن الكمية خفت كثيرا بالنسبة للسابق. عندما كنت شابا على الحدود كان لدينا أكثر من عشر ساعات <<تخزين>> في النهار بعد انهاء المهمات اليومية.

؟ هل اقتربت من السبعين؟

لقد تجاوزت السبعين...

؟ ماذا يعني لك العمر؟

تراكم تجربة ومعرفة بالأشخاص. ليس هناك انقطاع عندي ولا تحول، بل تأقلم أكثر.. فهم أعمق وصبر أكثر.

؟ بدأت تقلق.. العمر يقترب ورئاسة الجمهورية تبعد؟

ليس هناك علاقة بين الاثنين اطلاقا. الانسان لا يحقق ذاته بمسألة واحدة في حياته، فهي امتداد متواصل ولا يعني انهاء حياتي برئاسة الجمهورية. هناك رؤساء كثر لم يذكرهم التاريخ، وآخرون لم يصبحوا رؤساء وتجدهم في التاريخ. فالانجاز الوطني ليس في الوظائف المشغولة. تحكى مثلا عند المسيحيين قصة سمعتها من أكثر من شخص، انه يوم توفي القديس شربل الراهب كان هناك راهب واحد أشرف على دفنه، لأن الجميع ذهب للمشاركة في تشييع البطريرك الماروني في ذلك النهار. في ذاكرة المسيحيين هناك مار شربل وذاك البطريرك الذي لا يتذكر المسيحيون اسمه. لا علاقة اذاً للشهرة بالوظائف المشغولة.

؟ يعني انت تشبّه نفسك بالقديس شربل؟

لا، ولكن المقصود بالقول كيف تكون المقارنة في ذاكرة الناس.. يمكن أنا شيطان..

أنا ولحود والرئاسة

؟ عندما كنت قائدا للجيش هل كنت تعرف الرئيس اميل لحود؟

طبعا، كنت أعرفه جيدا.. ولكن انطلاقا من أخلاقيات المهنة العسكرية، والتقدير الخاص للضابط الذي يعمل معنا، اسمحوا لي ان لا أقيّم...

؟ أقصد أين كان موقعه؟

كان مديرا للغرفة العسكرية.

؟ وعندما كلفت برئاسة الحكومة؟

بقي هو في مكانه.

؟ بعدها عُيّن قائدا للجيش؟

انتقل الى المنطقة الأخرى.

؟ عندما كنت في قصر بعبدا أخرجك لحود منه، وأنت الآن تحاول القول له تفضل لأحل محلك؟

كلا. مسلسل الأحداث هو الذي يصنع حتمية الحدث، وليست المسألة تخطيطا اراديا. هناك حتمية للاحداث، وتكون فيها مصادفات.

؟ تكون مصادفة سعيدة؟

بصرف النظر عن تقديري الشخصي للمصادفة، الحدث يكون حاجة. هناك اشياء تسقط على الناس، ويكونون مرغمين على قبولها، وأخرى لتلبية حاجة. ربما تكون الآن حاجة وطنية لمصلحة البلد.. سعيدة أو غير سعيدة؟ هذا موضوع آخر. لو كانت الأمور سائرة بشكل طبيعي لما اجبرت على المنفى، ولما أصبح هو ربما رئيسا للجمهورية، ولم يكن ليحصل التمديد. كلها أحداث مرتبطة ببعضها، ليس بإمكاننا ان نصف الأحداث، السعيد منها وغير السعيد. يمكن الشعوب السعيدة لا تاريخ لها، التاريخ يسجل الأحداث العنيفة والصدامات والحروب فقط.

؟ في موضوع الرئاسة هناك أمر غير مفهوم.. هذا التواطؤ الضمني مع لحود والدفاع الضمني عنه، في وقت تعرضت انت أكثر من تعرض لهجوم من قبله، وأكثر من أسيء له في عهده.

تواطؤ ضمني أو علني.. بإمكان الانسان ان يفكر بروح ثأرية ويتصرف ثأريا، او بمسؤولية فيتصرف بطريقة مختلفة. سواء وجدت ظروف لتغيير الرئيس او اقالته، وأنا أرفض كلمة إقالة، نخلق جوا يستقيل معه الرئيس لحود.

؟ ولماذا لا تساهم في خلق هذا الجو؟

جئت أنا و<<حزب الله>> نتكلم بالاستقالة. هل كان <<حزب الله>> و<<حركة أمل>> سيتكلمون عن اقالة أو استقالة؟ جئنا كلنا سوياً وفكرنا في حل المشكلة وأن نبني وحدة وطنية حول الرئيس المقبل، واقتنعنا جميعا انه يجب طرح الموضوع. ولكن الروحية لا تأتي من طرف واحد. يفترض ان يكون في المقابل اناس حريصون على الوحدة الوطنية، وليس على اكتساب السلطة فقط.

؟ استقالة او إقالة، الحاصل ان الكلام وصل الى طريق مسدود...

عدم التقدم ليس مسؤوليتنا. لسنا نحن أصحاب العرض. لا <<حزب الله>> ولا حركة <<أمل>> ولا <<التيار الوطني>> من طالب بالاستقالة. نحن تجاوبنا، ولكن العرض كان: أقيلوا الرئيس لحود و<<ضبوا>> أغراضكم وارحلوا معه. هذا العرض لا يصنع وحدة وطنية ولا يوصل إلى نتيجة. اجمالا العرض يجب ان يكون ايجابيا كي نسير فيه.

؟ ولكن المأخذ عليك...

لماذا المأخذ دائما على المعارض وليس على المسؤول في سدة الحكم وعنده الأكثرية.

؟ هم عليهم مآخذ يسألون عنها، ونحن نسألك عن المآخذ عليك انت الآن.. دورهم آت لاحقا.

هذا اذا لم تكونوا قد رأيتموهم قبل قدومكم الينا. (ضحك)

؟ يعني القصد، أقيلوا اميل لحود، <<ضبوه>> في بيته، وأنتم اذهبوا الى بيوتكم ونصبوني رئيسا. هل هكذا يكون العرض ايجابيا؟.

لست انا من قدم العرض...

؟ انت كان موقفك في باريس تقريبا هكذا.

كلا لم يكن هكذا. نحن نحتكم دائما الى الرأي العام كي يكون لدينا سلوك ديموقراطي ونفكر انطلاقا من هذه القواعد. أنا لدي أربعة شروط لانتخاب الرئيس يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار انطلاقا من الواقع الذي عشناه. سأنسى العراقيل التي حصلت حتى لا اعود. أبدأ من واقع التمثيل الشعبي. هناك خلل كبير في القانون الانتخابي ولم تعد الأكثرية الشعبية ممثلة كما يجب.

الأمر الثاني، هناك عشرة مقاعد مطعون فيها أمام المجلس الدستوري. أول عمل قامت به الحكومة عند اصدار قانون العفو انها مررت بالتهريب قانون توقيف العمل في المجلس الدستوري. طعنّا به أمام المجلس الدستوري، ولكن المجلس توقف عن العمل وما زال معطلا لأن الحكومة لم تعين عضوين للمقعدين الشاغرين، رغم انه يمكن للمجلس ان يعمل بالقضاة الثمانية، ولكن عرفنا الأسباب التي عطل من أجلها.

؟ هل لذلك علاقة بالقاضي نصري لحود؟

لها علاقة بالحكومة التي تريد ايقاف عمل المجلس. هناك عشرة مقاعد يمكن ان تغير وجه الأكثرية والأقلية حتى ولو كان التمثيل سيئا. والأمر الثالث، كنا في جميع الأحوال عندما نتكلم عن استقالة لحود يقولون دائما ان الشعب اللبناني لا يرغب في الرئيس لحود، قلنا اذاً عند الكلام في البديل يجب ان يكون الشعب اللبناني هو المرجعية للاتيان برئيس جديد.

والسبب الرابع قدمه السيد حسن نصر الله، وهو انه بات هناك عرف جيء من خلاله بالأقوى سنيا كرئيس حكومة، والأقوى شيعيا كرئيس مجلس، فلماذا لا يؤتى بالأقوى عند المسيحيين كرئيس جمهورية، وهكذا يصبح هناك توافق وتوازن في السلطة. بإمكانهم ان يأخذوا ويعطوا. الأقوى هو الذي يقدر ان يأخذ اذا كان له الحق، ويعطي اذا كان عليه الحق. أنا مستعد ان أمضي من الآن في من تنطبق عليه هذه الاسباب الأربعة.

؟ ولكن قانون الألفين يسري على الجميع، عليك وعلى الآخرين. كان بإمكانك ان لا تشارك في الانتخابات ما دام القانون أعرج؟

شاركت في القانون الأعرج وخسرت مقاعد وما زلت الأقوى. فهل هناك ما يقال؟ انا صاحب العشرة مقاعد...

؟ لو شاركت في الحكومة هل كانت كل هذه الاعتبارات قائمة؟

لم لا؟.. الانسان يتعامل مع الواقع ويدافع عن حقه. لو لم اشارك في الانتخابات لما كنت حصلت على هذا الموقع، ولما كان أحد اعترف لي به. كان الجميع يشتغل حتى لا اتخطى ثمانية نواب، لأنهم كانوا سيخسرون الثلثين. يعني انهم اصلا حذفوا من المعادلة <<حزب الله>> و<<حركة أمل>> و<<التيار الوطني الحر>>، مع أنهم كانوا متحالفين مع الحزب والحركة. وعند تأليف الحكومة لو أردنا توزيع مقاعد الوزراء الاربعة والعشرين على <<أمل>> و<<حزب الله>> و<<التيار الوطني>> انطلاقا من عدد النواب، لما كان في امكانهم الحصول على الثلثين، بل النصف زائد واحد.

شروط الرئاسة

؟ البعض يقول ان شروط الزعامة متوافرة فيك وليس شروط الرئاسة. انت زعيم مسيحي قوي، ولكن المطلوب رئيس على مسافة واحدة من القوى السياسية يلعب دور الحكم. انت لا تتمتع بشروط الرئاسة.

لا أعرف ما هي شروط الرئاسة...

؟ ان لا يكون طرفا.. ويكون قادرا على محاورة الجميع...

أنا طرف؟

؟ ألست زعيما يا جنرال؟

اذا كنتم تقولون إني زعيم، حسنا انا زعيم. هناك شعبية فريدة من نوعها بكل تواضع. لأنني عندما ابرهن للناس عن قناعة معينة تسير الناس معي. بعد ورقة التفاهم مع <<حزب الله>> الناس ساروا معي، وتبعوني لأن لدينا صدقية عندهم. هل هذا يبعد الشخص عن موقع الرئاسة؟ تمكنت من ان أقترب من قناعة الطرف الآخر. لماذا لا أقدر ان اتعاطى بشجاعة وصدق مع الآخرين، عندما أشكل قناعة لدى الجهة المقابلة...

؟ النائب سعد الحريري في حديثه الى <<السفير>> قال ان الرئيس القوي هو ليس من يرفع صوته، بل من يقدر ان يحاور ويتقبل الآخرين...

وهل سمع صوتي؟.. لم يسمعه بعد.

؟ بعد كل هذا، ولم يطلع صوتك بعد؟

لا لم يطلع بعد.

؟ ليس في مؤتمر الحوار، أنت بشكل عام هجومي صدامي، يريدون محاورا يأخذ ويعطي مع الجميع...

من بدأ بالروح الثأرية؟ لا أريد ان أرجع الآن الى (...) قبل 28 نيسان. الآن هناك حوار هادئ، من يُرد ان يهاجم فليهاجم. بعد 29 الشهر هناك مساران: اما التفاهم على رئيس وهذا له سلوك او نكون معارضة لأننا الى الآن كنا <<مواربة>>. لعبنا كما في زمن العهد السوري. تركنا فرصة المئة اليوم ثم بدأنا بالحوار. لم تكن هناك معارضة منظمة وثابتة وفيها مواجهة.

؟ هل هناك مراهنة على نتيجة ايجابية في 28 نيسان؟

أعطينا مهلة كي نصل الى شيء. قد يكون هناك احساس ان يطلع شيء ولم يطلع أو العكس. لبنان رب المفاجآت.

؟ هل تنتظرون شيئا على أساس عوامل داخلية أو عربية او دولية او ماذا؟

أنا لغاية الآن لم تصلني اتصالات دولية ولا ضغوطات دولية، وإذا جاءت اختار على أساس قناعاتي اللبنانية، وأنتم تعرفون أن ما فعلته على المستوى الشخصي لغاية الآن أساء لي، والمواقف تعرفونها، لا اريد ان افصلها ولا أعمل من نفسي بطلا ولا ضحية. أنا العماد ميشال عون أمارس قناعاتي الوطنية لا ألتزم بشيء يمس الوطن، او يمس وحدته الوطنية. رفعت ثلاثة شعارات وقاتلت بها، وحتى يمكن بعد الموت ستجدني في نفس الموقف. لا أحد يغير قناعاتي، قناعات وليس عنادا. الحمد الله الذي اعطانا رؤية صحيحة، والبرهان على ذلك انه كلما نقوم بعمل جديد يتحسن الواقع الشعبي للوطن ويزيد الهدوء فيه.

لذلك، أنا مستمر في الدفاع عن قناعاتي ولن أذهب الى أحد خارج لبنان اسأله رأيه بشخص لبناني أعيش معه، اذا كان يصلح ان يكون رئيسا للجمهورية أم لا. هنا نخسر كل سيادتنا واستقلالنا، هنا تكون كل تضحياتنا بلا طعم، ولكن هذا لا يعني انه يجب ان نتواجه مع الآخرين، على العكس نريد صداقة اميركا وصداقة العالم العربي وصداقة اوروبا وفرنسا، العالم اليوم متكامل ويتفاعل مع بعضه.

؟ هل العرب يتصلون بك أيضا؟

أكيد، لديهم سفارات هنا.

؟ انت تتصل ايضا، لديك جولة عربية...

انا مدعو الى مؤتمر في قطر، ليست زيارة رسمية. أكيد هناك لياقات وواجبات اثناء الزيارة.

؟ هل ستزور دولا أخرى؟

فقط قطر.

؟ ألن تزور سوريا؟

كلا، ليس قبل ان تنكسر الحالة الخلافية، بعدها اسمح لنفسي بالذهاب أو عدمه، وطالما هناك حالة خلافية هناك حكومة تمثلنا، وأنا لا اريد ان <<ادوبل>> على أحد. كلكم تعرفون سلوكي، والآن تلاحظون سلوكي تجاه رئيس الجمهورية. هناك حالة خلافية وأنا لا أتعاون معه ضد الآخرين، ولا مع الآخرين ضده، حتى يبت الأمر سلبا أو ايجابا مع مخرج مشرف للازمة. دائما في حالة التأزم نبحث عن مخرج كي نعود ونتعاطى بشكل طلبعي.

الخلاف مع سوريا

؟ تكلمت عن وضع خلافي بين لبنان وسوريا، كيف تحدده وما هي نقاط الخلاف؟

نشأ الوضع الخلافي بعد الانسحاب، وتبعه اتهامات لسوريا، وقيلت رسميا اشياء كثيرة لا تتماشى مع مسار التحقيق. من يسلم بالتحقيق عليه ان ينتظر النتائج. صدرت دعوات لاسقاط النظام وغير ذلك. كل ذلك لم يكن يتناسب مع الواقع. الحالة الشعورية تمارس عندما لا يكون الانسان مسؤولا، أما عندما يكون مسؤولا فيجب ان تكون هناك ضوابط، وهذه الضوابط لم تحترم، واتخذت في سوريا بشكل عدائي.

؟ انت تدافع عن سوريا التي وقف رئيسها ...

لسنا عشيرة نريد ان نأخذ بالثأر. من يرد ان يثأر بشكل شخصي وهو في موقع المسؤولية فليستقل.

؟ هل نسيت كلام <<عبد مأمور لعبد مأمور>>؟

عندما تعرض رئيس الحكومة لهذا الكلام، أقوى جواب صدر عني. صدر في <<تلفزيون العالم>> وتجاهلوه وأخذوا يتساءلون لماذا العماد عون تأخر. تصريحي صدر في صباح اليوم التالي.

؟ ماذا قلت يومها؟

لن أذكر لأنكم صنفتموني و<<بطلتم تقرأوني>>، لا أريد تجديد الموقف لأن الظروف انتفت.

؟ ألا تريد تجديد الدفاع عن رئيس الحكومة؟

لا أريد تجديد الدفاع عن أحد، لا أريد... في الوقت المناسب أخذت الموقف المناسب.

؟ إذاً الدعوات لاسقاط النظام وفصل التحقيق عن العلاقة...

اللهجة الثأرية بدأت تتكلم، ولم يكن الكلام العقلاني مقبولا. عندما تتجند الأمم المتحدة ومعها لجنة التحقيق ومجلس الأمن الذي لم يتخذ يوما قرارات بهذه السرعة وبهذه الوتيرة للضغط على سوريا، فالكلام الذي كان يصدر كم كان سيزيد من ضغط الأمم المتحدة على سوريا؟ لا شيء. البلد <<فالت>>.. لا أمن. الأجهزة الأمنية منهارة ونريد ان <<نخانق>> ونكمل الحرب؟ هناك لغة عقل يتوقف عندها الانسان، موقف عقلاني. العفوية حلوة في الصداقة ولكن في الحياة العامة تولّد مشاكل.

؟ ولكنك ذكرت لنا نقاطا اعتبرتها سلبية في مواقف الآخرين من سوريا، ونحن سألناك عن النقاط الخلافية بين لبنان وبين سوريا مثل مسألة ترسيم الحدود والعلاقات الدبلوماسية...

أخذنا جميعنا موقفا منها، وسبقنا الحكومة في اكثر من نقطة ترسيم الحدود ومسألة اطلاق الموقوفين في سوريا والعلاقات الدبلوماسية.

؟ يعني انت لا تؤيد موقف وليد جنبلاط الذي يقول ان وجود نظام ديكتاتوري كالنظام السوري يهدد استقرار لبنان، ويدعو الى محاكمة الرئيس بشار الأسد على طريقة ما جرى للرئيس الروماني السابق نيقولاي تشاوشسكو؟

أنا لا اريد ان ألزم جنبلاط بمواقفي الشخصية طالما ان الموقف غير صادر عني. فأنا لا أؤيده بكل صراحة..

؟ كل موقف صادر عن غيرك لا تؤيده؟

هذا الموقف لا أؤيده. عندما يتكلم أحد في موضوع عليه ان يكون قادرا على تطبيقه. وهناك شعور عند المواطنين أكثر من شعور جنبلاط بمئة مرة، وعندما كانوا يطرحونه لم يكن أحد يأخذهم بعين الاعتبار. كل واحد خطف له ولد واعتبر ان سوريا خطفته، كان يعمل مثل وليد جنبلاط وأكثر. كان وليد جنبلاط لا يسمعهم، كانت مصالحه في غير محل. الآن لديه صحوة جديدة. جيد.. ولكن هذا الموضوع لا أؤيده. التنبيه يجوز والتحفظ يجوز ولكن يجب تحديد القدرة على الدفاع عن الموقف ومنع حصول نتائج سلبية، بعدها تتكلم. موقف كهذا يتخذ عندما يكون الانسان مهددا في عقر داره، عندها يصبح حق الدفاع عن النفس مشروعا، لأني اذا دافعت عن نفسي سأموت واذا لم أدافع سأموت، فلأدافع اذاً عن نفسي.

؟ ولكن جنبلاط مهدد في عقر داره. حياته مهددة.. هكذا يوحي.

لا أعرف كيف كانت علاقته ببشار الأسد. أتذكر انه في 13 تشرين دافع عن عبد الحليم خدام وعن الكل. من فترة أخذوا علينا التشبيه برستم غزالي.. لو شبهنا وقتها بغازي كنعان كان <<مشي الحال>>.

؟ هل اعتذرت عن هذا التشبيه؟

كلا...

؟ من كنت تقصد؟

أنا لم أسم أحدا، قلت ان هناك نهجا سياسيا كذا، ونهجا كذا، وتكلمت بالمطلق. لكن هناك صحيفة وضعت أسماء..

؟ على كل حال لم يكن صعبا ان يحزر المرء من كنت تعني.

 <<روقوا>> علي.. لقد عبرت بالمطلق عن نهج سياسي كان يطبق وما يزال موجودا، ونهج مالي كان يطبق وما يزال موجودا.. وإذا كنتم قد حزرتم أو فهمتم من المقصود، هل يكون الحق عليّ.

؟ الناس فهمت أيضا انك حرضت في أحد المواقف على حرق <<سوليدير>>.

هذا تنبيه.. أنا نبهت الى ان اي تظاهرة تريد ان تتجه الى بعبدا ستمر في فرن الشباك أوعين الرمانة الشياح، وبالتالي هل تضمن ان مجنونا ما لن يطلق النار على هذه التظاهرة وتتكرر حادثة 13 نيسان 1975، ومن ثم هل تضمن ألا يطلع على بال أحد ان يتسبب بمشكلة في <<سوليدير>>.. لا يكفي ان نعزي لاحقا او نستنكر إذا وقع حادث ما، المهم التوعية الى المخاطر قبل وقوعها واستباق الاحداث، وأنا أقول انه حتى إذا صدر عني ما قد يهدد بحصول مشكلة، اتمنى ان يجري تنبيهي ايضا الى ذلك..

؟ ما حصلت عليه من تأييد شعبي خلال الانتخابات النيابية الاخيرة، هل هو لكونك زعيما لبنانيا أم مسيحيا؟

هذا يعود الى خطابي الذي نلت على أساسه هذا التأييد.. خطابي كان استقلاليا ووحدويا، وذهبت الى عرين الموارنة المتهمين بالانعزالية، وحصلت على دعم من القلب.

؟ ألم يتم اللعب على الغرائز بشكل او بآخر.. وبالتالي ألا يمكن ان ينفضّ عنك الشارع في ظروف أخرى؟

التفاهم بيننا وبين <<حزب الله>> أكبر درس، وهو رفع من شعبيتنا ولم يحد منها.

؟ هل هناك استطلاعات تثبت ذلك؟

بالتأكيد.. كانت نسبة شعبيتنا بين المسيحيين .7 بالمئة فأصبحت 77 بالمئة.

؟ هل نستطيع الحصول على نسخة منها؟

هناك الاستطلاع الذي أجراه عبدو سعد.

؟ بالعودة الى الانتخابات.. أنت ترشحت في معقل المسيحيين، ولكن هل كنت واثقا من أنك ستجتاح بهذه الطريقة؟.. ولو كنت في حينه متأكدا من ذلك، هل كنت لتأتي بجميع النواب الذين أتيت بهم في كسروان؟

أخبروني أي الوجوه هي الاكثر إشراقا منهم، حتى أقر بأني قصرت في واجبي..

؟ ولكن تحت شعار التغيير والاصلاح أتيت ببعض الاسماء التقليدية، فأين الاصلاح والتغيير؟

التغيير يبدأ من الالتزام.. الكثيرون يصوبون مسيرتهم السياسية ويمشون معك.

؟ عادة، الاشخاص الذين يغيرون مسيرتهم السياسية لا <<تقبضهم>>، وهذا بالتحديد ما تأخذه على خصومك السياسيين الذين تتهمهم بأنهم انتقلوا من موقع الى آخر.

 <<روقوا>>، أريد ان أسلم بأن <<الكريما>> كلها موجودة عند غيري.. ليأتوا ويوقعوا قانون مكافحة الفساد او اتفاقية محاربة الفساد الصادرة عن الامم المتحدة او مشروع قانون يلزم الدولة بإجراء تحقيق مالي.. أنا لا فرق عندي إذا كان المرء أينشتاين ورفض التوقيع، بل من الافضل بكثير ان يكون معي إنسان عادي ما دام قد ربح صفة تمثيلية وبات بمقدوره ان يشاركني في التوقيع.

؟ المقصود أنك أتيت بشخصيات تقليدية، ما يتنافى مع الطرح التغييري لدى التيار.

لا أستطيع ان أقلب المجتمع دفعة واحدة من المرة الاولى.؟ بصراحة، هل كنت واثقا من أنك ستستقطب كل هذا الجمهور المسيحي في الانتخابات؟

عليكم أن تسألوا بعض المرشحين الذين كانوا خائفين ماذا قلت لهم عندما شكلت اللائحة، لقد قلت لهم <<مبروك>>، فنظروا الى بعضهم البعض وسألني أحدهم: جنرال، أنت تستطيع ان تكون رافعة لواحد او إثنين او ثلاثة منا، ولكن هل تستطيع ان تأخذ اللائحة كلها على عاتقك، فأجبته: مبروك عليكم كلكم، نحن موجودون من أجل ان نربح المعارك المستحيلة.

لا أتحمل مسؤولية أي رئيس

؟ هل تبدو الرئاسة أيضا معركة مستحيلة؟

 (ضاحكا) هذه أستغني عنها..

؟ الى أي حد انت مستعد للقبول برئيس تسوية من خارج 14 و8 آذار؟

لقد حددت الشروط الاربعة التي يجب أن يأتي الرئيس المقبل على اساسها، وإذا كانوا لا يريدونني، ليختاروا وحدهم من يشاؤون إذا وفروا له الاكثرية المطلوبة، ولكن أنا لا أتحمل مسؤولية أي شخص يتولى مهام الرئاسة..

؟ ماذا تقصد بأنك لا تتحمل مسؤولية أي شخص؟

أقصد انني لا أعطيه ضمانتي، لانني أعتبر ان صوتي هو ضمانة أمنحها للرئيس.. انتبهوا انا لست نائبا عاديا فزت بفارق بسيط من الاصوات، بل امتدادي هو على كل الارض اللبنانية وفي كل الطوائف، وعندما أعطي صوتي أكون أمنح دعما لمرشح معين باسم كل هؤلاء الذين أعطوني وكالة، وهذه الوكالة لا يمكن ان أجيرها لاي انسان، فإما ان أكون انا الرئيس وأضمنها وإما أخسرها ولكن الوكالة لا تُجير إطلاقا.

؟ لماذا الحوار إذاً ما دمت لا تقبل إلا ان تكون أنت الرئيس؟

أنا قلت إنني مستعد لان أخسر إذا استطاعت الاكثرية ان تأتي برئيس الجمهورية.. الاكثرية تريد ان تأخذ المجلس ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وأن <<ننضب>> نحن في بيوتنا.

؟ ربما تمكنوا من إقناعك..

لنفترض انك أعطيتني خمس ليرات أمانة وضعتها في جيبي وفي جيبي الاخرى هناك خمسة ملايين، ثم أتى أحدهم ورفع في وجهي المسدس طالبا أن أعطيه الليرات الخمس، تأكدوا أنني سأرفض ولو قتلني، أما إذا طلب الملايين الخمسة فاعطيه إياها مقابل حياتي، ولكن الامانة لا أتركها ولا أعطيه إياها.. هنا سذاجة العسكري الذي يحافظ على مبدئيته ويموت من أجل <<خشبة>> يرتفع عيها العلم اللبناني.

؟ هكذا يفعل الرئيس لحود الآن؟

آداب السلوك والمهنة لا تسمح لي بأن أتكلّم في هذا الموضوع.. أستطيع أن أنتقد الوضع السياسي..

؟ عندما البطريرك الماروني يقول..

أنا لا أؤيد الرئيس لحود سياسياً..

؟ إلا انك خففت كثيراً لهجتك حياله منذ عودتك الى لبنان.

النقد بدأ يطال موقع الرئاسة وليس الرئيس.

؟ أنت تتكلم الآن طائفياً.

إطلاقاً.. موقع الرئاسة مثل موقعي رئاسة مجلس النواب والحكومة، وعندما هاجم السوريون الرئيس السنيورة أطلقت تصريحاً لم يدلِ أحد بمثله.. أنا أدافع عن الموقف، وأتذكر هنا أنني في الماضي كتبت مقالاً عندما شاهدت ضابطاً للمخابرات يجلس الى شماله رئيس الحكومة والى يمينه رئيس المجلس النيابي خلال احتفال أقيم في الاونيسكو لمبايعة الرئيس حافظ الاسد، إذ رفضت بشكل قاطع أن يتصدّر الضابط الصفّ ويجلس بين الرئيسين، لأنه بالنسبة إليّ هذه المواقع الدستورية تكتسب رمزية معينة لا أقبل بأن يمسها أحد، وأريد ان أروي حادثة أخرى.. عام 1991 كان الياس الهراوي يزور باريس، وهو لم يكن يتقن التكلم باللغة الفرنسية إلا أنه أصرّ على استخدامها في تصريحه، فكان الحديث هزيلاً الى حد أنني لم أستطع متابعته وأقفلت التلفزيون؛ لأنني أعتبرت أن اللبنانيين يستحقون أفضل من ذلك، علماً أنني لو أردت التصرف كخصم سياسي لربما كنت قد شتمت او شمتّ. ما أريد قوله إن الامور لا تقارب من زاوية العداوة الشخصية، وان بناء الحياة الديموقراطية يتطلب احترام المواقع بمعزل عن الأشخاص الذين يشغلونها.

؟ هناك مَن يعتبر أنه من أجل احترام منصب الرئاسة لا بدّ من حل الازمة الحالية سريعاً، لان بقاء لحود ينعكس سلباً على المقام..

تطرحون عليّ السؤال وكأنني مسؤول عما يجري.. أنا مرشح حتى أملأ هذا المكان، وعندما أسمع ما يُقال عن لحود على طاولة الحوار وليس في الخارج حيث قرقعة التنك والشتائم التي تخطت كل الاصول، حين أسمع انه إما أن يأتي رئيس من صفوفهم وإما أن يبقى لحود برغم أنهم لم يتركوا تهمة إلا ووجّهوها إليه فإنني أستغرب بشدة ما يحصل.. كل ذلك حتى لا يصل ميشال عون أو غيره من المعارضين.

هل المطلوب

رئيس <<مخصيّ>>؟

؟ لماذا يخافون منك الى هذه الدرجة.. ما هو تقديرك؟

لم أقتل أحداً ولم أوجه ضربة كف إلى أحد، مع أنني كنت قائداً للقوات المسلحة وحاربت وقاتلت بشرف، وكل مواقفي وطنية.. إعثروا على لبناني واحد أذيته من أقصى لبنان إلى أقصاه.

؟ عندما يكون رئيس الجمهورية يمثل 70 بالمئة من المسيحيين سيغدو أقوى من عنتر، وغداً إذا أغضبك أحد قد تقفل البلد.. هل هذا مقبول في لبنان؟

لماذا معادلة الشخص القوي مقبولة في ما خصّ رئيس مجلس النواب او رئيس الحكومة؟

؟ لأن رئيس الجمهورية من المفروض أن يكون حَكَماً.

إذن.. يجب أن نوجد منصباً آخر للموارنة، ونمنح منصب رئاسة الجمهورية إلى الأقليات.

؟ تاريخياً، وباستثناء بشير الجميل، ليس مألوفاً أن يأتي رئيس حزب أو تيار رئيساً للجمهورية.

إميل إده ألم يكن رئيساً للكتلة الوطنية وبشارة الخوري رئيساً للكتلة الدستورية، وأنا لا أرى ان هناك ما يمنع الإتيان برئيس حزب رئيساً للجمهورية، إلا إذا كانوا يخشون من ان هذا الرئيس ربما يشكل أكثرية في المجلس النيابي، فلا بد من إلغائه إما عبر سيارة مفخخة سياسياً وإما مفخخة بالفعل، علماً ان تياري كوّنته عندما كنت قائداً للجيش ولم يصبح بعد حزباً رسمياً، وأنا اريد ان أعمل حتى يكون التنافس في لبنان على قاعدة الأحزاب، لأن <<الفرفطة>> الموجودة لا تشكل لا أكثرية متماسكة ولا أقلية متماسكة، والمطلوب ان تكون هناك مجمعات سياسية وفق خطوط واضحة.

؟ نحن نتكلّم عن رئاسة الجمهورية..

عفواً.. هل المطلوب رئيس <<مخصيّ>> (يضحك). أنا <<مش طالب>> إسقاط رئيس الجمهورية، ولكن إذا تنحّى أنا مرشح من دون أن يعني ذلك انني سأنتحر في حال لم أصل، ولهذا تراني مرتاحاً ومبتسماً برغم قولكم لي بان المعركة تبدو مستحيلة.

؟ حين يتعلق الامر برئاسة الجمهورية تركّز على مفهوم الاكثرية والتمثيل الشعبي، بينما تنكر على <<الأكثرية>> الحالية ان تؤدي دورها انطلاقاً من كونها أغلبية. كيف تفسر هذا التناقض؟

هنا وصلنا الى جوهر آخر يتصل بتركيبة لبنان التي هي فدرالية طائفية ما يفترض التوافق، وأنظر الى اللوكسمبورغ في اوروبا حيث إنها تتساوى مع إلمانيا في التصويت وتملك حق الفيتو.. نحن نظامنا توافقي وعندما نصل الى العلمانية التي نعمل لها وتتحقق المساواة في الواجبات والمسؤوليات يصبح بإمكاننا التحدث عن أكثرية وأقلية وفقاً لبرنامج سياسي، أما اليوم وبموازاة مناداتي باللاطائفية، فإن حقوقي تتيح لي أن أكون نائباً مارونياً او وزيراً من حصة الموارنة او رئيسا للجمهورية، فإذا كان طموحي ان أغدو رئيساً للحكومة، لانه <<مبحبح>> بالسلطة، لا حق لي.

؟ التوافق يصحّ على رئيس الجمهورية.

نعم..

؟ هناك كلام من البطريرك صفير الى وليد جنبلاط مفاده أنهما لا يريدان رئيساً عسكرياً، وإن يكن البطريرك يستدرك، ويقول: الجنرال أبلغني أنه لم يعد عسكرياً.

 (مبتسماً) فعلياً أنا لم أعد عسكرياً، ولكنني فخور بأنني متخرج من المدرسة العسكرية وكنت قائداً للجيش، وأتمنى ان يكون كل الذين يمارسون العمل السياسي قد أدّوا خدمتهم العسكرية، على الأقل كانوا عرفوا قرى لبنان وذهنيات الشعب اللبناني المختلفة وحالته الاجتماعية وكيف يتعاطون معه، وكانوا عرفوا أنه لا يوجد في لبنان قلب وأطراف بل هو قطعة واحدة.

؟ التجربتان اللبنانيتان مع العسكر في الحكم لم تكونا مشجعتين كثيراً..

من قال إن تجربة فؤاد شهاب ليست مشجّعة؟

؟ تجربة شهاب وبرغم انها كانت مضيئة عانت من ثغرة كبيرة هي المكتب الثاني وتجربة لحود انتهت الى المطالبة باستقالته.

بالنسبة إلى عهد لحود، أنا شخصياً دفعت غالياً ثمن وقوفي في الجهة الاخرى، وتقديري للرئيس فؤاد شهاب ولما أنجزه على صعيد بناء مؤسسات الدولة لا يعني أنني كنت موافقاً على مسألة المكتب الثاني.

نمط الحكم الحالي

أسوأ من الميليشيا

؟ ما الذي يضمن ان النظام الامني لن يتكرّر معك؟

هل تريدون ميليشياوياً؟ ألا تلاحظون معي أن نمط الحكم الموجود أسوأ من الحكم الميليشياوي على الصعد الادارية والسياسية والاقتصادية كافة، وأن هذه الذهنية تعمّمت على كل القطاعات، وان هناك تجاوزاً لحد السلطة وخرقاً للقانون عند التطبيق.. أتذكر انه كانت لدينا تعليمات من القائد لمرؤوسيه أن من يتخطى يدخل الى السجن، هنا يتخطون الدستور والقوانين..

؟ تتكلّم عن هذه الحكومة؟

كم مرة تجاوزت الحكومة القوانين، وكم مرة تمّ استغلال الحالات الاستثنائية التي تنص عليها القوانين لتصبح هي القاعدة على حساب القانون؟ كل ذلك لانه لا توجد ضوابط للحكم. ألا تتذكرون قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي فرض قسراً على اللبنانيين وبسببه ينام الناس في السجون من دون مبرر، وكيف جرى تهريب مشروع وقف العمل بالمجلس الدستوري، لأن هاجسهم عدم النظر في الطعون.

؟ هل ما تزال من أنصار نظرية <<الجيش هو الحل>>؟

هذه النظرية ليست لي.

؟ هل أنت ضدها؟

إدرسوا تاريخ حياتي.. أنا كانت لديّ مهنة عسكرية، ولكن من المعروف أنني لست متسلّطاً وأنني ضد العقلية العسكرية.

؟ علماً أنك متهم بالدكتاتورية؟

 (ضاحكاً) يتهمونني أيضاً بالخلاف مع زوجتي بعد 38 عاما من الزواج.

حزب التيار

؟ أنت متهم بتأخير ولادة حزب التيار الوطني الحر؟

قدمنا طلب ترخيص.

؟ عملياً.. هل تشكلت قيادة هذا الحزب وهيكلته؟

اولاً، في 18 أيلول الماضي أعلنا عن الميثاق الذي في ضوئه يقرّر الشباب ما إذا كان يريد الانتساب أم لا، لأن الانتساب ليس للجنرال عون، وأعطينا توجيهات بوضع نظام داخلي يقر مبدأ الانتخاب في كل شأن تمثيلي، على نسق النظام الرئاسي تقريباً، وبعد تسعة أشهر او سنة يجب تطبيق النظام الداخلي وإجراء الانتخابات، وحتى ذلك الحين يجب ضبط المنتسبين الوافدين بالآلاف، وهذه عملية كبرى تحتاج الى وقت، لأن حمل البطاقة يرتّب نوعاً من المسؤولية المعنوية على صاحبها.

؟ واحدة من المآخذ عليك أنك لست مهتماً كثيراً بالحزب وأنك تكتفي بكونك قائداً للتيار.

سأنطلق من مثال الانتخابات.. في كسروان نلنا 64 ألف صوت من بينهم 2200 هم أعضاء مناضلون في التيار والباقون <<حالة عونية>>. فمن سيستوعب هذا العدد الكبير ويهتم به.. الامر يحتاج الى جهد، وحتى في المتن يسألون لماذا تركت مقعداً شاغراً، وجوابي انني فعلت ذلك حتى أتيح لمن له صديق شخصي ويرغب في انتخابه إمكانية أن يستفيد من هذ المقعد الشاغر.

؟ هل تقدّم لكوادر التيار الدعم الكافي لانطلاق الحزب أم أنك لا تتابع هذا الملف، إلا في أوقات الفراغ؟

إذا تجاهلتم في الإعلام ما نقوم به، هذه ليست مسؤوليتنا. كان <<التيار>> حالة مكبوتة.. الناس لا تعرف بعضها.

؟ من المآخذ الاخرى عليك ان الوجوه التي تطل من <<التيار>> قليلة وأن أبرز هذه الوجوه صهر الجنرال جبران باسيل وليس مسموحاً أن يخطئ..

يخطئ من وجهة نظر مَن؟

؟ من وجهة نظره. لكن ألا يعبر عن وجهة نظر <<التيار>>؟

أليس متوافقاً مع توجّه التيار.. نعم أم لا؟

؟ المقصود هل جبران هو القيادي المدلل في التيار باعتباره صهر الجنرال؟

الحق على وسائل الإعلام. سأطلب منه ان يجيب فقط على القليل من المقابلات التي تطلب منه بكثرة.

؟ لكنه يشارك في كل الاجتماعات ويرافقك في زياراتك..

هل تعرفون أين كان جبران باسيل يوم كان عمره 19 سنة؟ كان يهرّب مناشير في مقعد سيارته إلى البترون وغيرها و..

؟ إذا كان هذا المعيار فمثله كثيرون في <<التيار>>..

أعطني واحداً يتكلّم مثله.. لو ان هناك خمسة او عشرة يتكلّمون مثله، عندها سأقول له: إبقَ في المنزل ولا تتكلّم.

؟ نبقى في الموضوع العائلي. هناك رخصة تلفزيون للتيار، ونجد أسماء بناتك وأصهرتك..

خلص..خلص. ماذا تريدون من بناتي وأصهرتي؟ أريد أن أؤسس للتلفزيون..

؟ ألم تجد من تثق به في <<التيار>>؟

أثق بالجميع.

؟ لماذا إذاً بناتك وأصهرتك؟

لماذا غيرهم؟

؟ لأنك رجل غير تقليدي وتتصرف كالتقليديين. ثم هل التلفزيون خاص أم عام؟

التلفزيون عام. ماذا بهم؟ كلهم من التيار.

؟ لكنهم بناتك وأصهرتك..

ممَ يشكون؟

؟ كيف هذا؟ انت رجل غير تقليدي تنشئ مؤسسة فتتصرف كالتقليديين؟..

أية أسماء أضع؟ سئلت في ما مضى لماذا تضع الاموال باسم زوجتك؟ فقلت للسائل أرسل لي اسم زوجتك فأضع الأموال باسمها..

؟ أنت حر بأموالك، لكن التلفزيون الناطق باسم <<التيار>> ليس تلفزيونك الخاص..

(بعد دقيقة صمت ردّ الجنرال).

لا اريد أن اجيب.

؟ لماذا؟

لاني لست مجبراً على إجابتك.

؟ بلى...

لأن مَن له أموال عندي ووضعتها باسمي في التلفزيون فليطالبني بها. أكتبي ذلك. لا يحق لك أن تطرحي عليّ هذا السؤال.

؟ كيف لا يحق لي وأنت تقول إنك رجل شفاف، وتنشئ اليوم تلفزيوناً تموله بملايين الدولارات..

من قال لك إنني أملكه؟

؟ عائلتك..

هل سأدفع أنا ثلاثين مليوناً من جيبتي؟

؟ أكيد لا . لذا نسأل لماذا لا توجد اسماء من دفع هذه الأموال؟

نحن وضعنا الآن مبلغاً تأسيسياً وهناك شركتان: الاولى تضم شركة الإرسال، والثانية فيها شركة الإنتاج والربح. يمكن لمن يريد، شراء أسهم فيها.

<<حزب الله>> و1559

؟ هل سيصمد التفاهم بينك وبين <<حزب الله>> أم <<سيفرط>> على الطريق؟

لا اعتقد أنه <<سيفرط>> في المدى المنظور.

؟ ما هي عناصر المناعة فيه؟

عناصر المناعة أنه أدخل اللبنانيين في السلام، وهناك انسجام وتشابك قوي على مستوى القاعدة. كما أنه يحترم الوحدة الوطنية وأسس التعايش، كما يحترم التوازن الذي يجب أن يحصل في البلد. نعتبره ثنائياً ينقصه شريك ثالث، وندعو الجميع الى الدخول. وُيسأل الآخرون عن سبب إحجامهم عن الانضمام إلينا لتتوازن السلطة.

؟ لماذا لم يذكر <<الطائف>> في وثيقة التفاهم؟

اذا أردنا ان نذكر كل النقاط المتفاهمين عليها منذ 1943 وحتى اليوم، نحتاج إلى مجلد.

؟ هذا أمر أساسي في تركيبة البلد بعد العام 1989.

وهل نحن نكرناه؟

؟ عصام أبو جمرة قال قبل فترة <<..نحن ضد الطائف>>.

أبو جمرة لا يتكلّم باسم التيار.

؟ ما موقفكم الحقيقي من الطائف؟

لقد أصبح الطائف دستوراً. لم يُحترم خلال خمسة عشر عاماً، وإنني أتساءل هل سقط في عيون من صنعوه أم لا؟ نحن اعترفنا بالطائف وقلنا إننا مع كل الإصلاحات الداخلية التي تمّت، ولكننا كنا نتحفّظ على الانسحاب السوري وآلياته وتاريخ تنفيذه. ولكنني أتساءل اي جهد تقوم به الأكثرية لتطبيق الطائف؟

؟ هل عاتبك الأميركيون والفرنسيون على التفاهم مع <<حزب الله>>؟

لقد أبدوا رأيهم. هم مع القرار 1559. نحن أيضاً مع 1559 ولكننا أعددنا إطاراً للتنفيذ..

؟ أنت مع القرار 1559؟

بالنتيجة عندما سنحقق مركزية الدولة ونعمل استراتيجية جديدة، يكون قد نفذ القرار 1559 بالمضمون العام. عندما يدخل السلاح في استراتيجية عامة يسقط 1559.

؟ تقول إنك لست مع تطبيق القرار 1559، في حين أنك كنت تفتخر أنك من صانعيه..

نعم كنت معه. طلبنا في حينه أن يتحول الجزء المتعلق بلبنان في قانون محاسبة سوريا الى مجلس الامن ليصبح مدعوماً دولياً. وأتوا بصيغة فيها نصوص من الطائف وافقنا عليها. وجدنا الوضع في لبنان مختلفاً. اصبحت لوحدي، والجميع يدعو الى حماية سلاح المقاومة. طريقتهم صحّ أو خطأ، لا فرق. أصبحت في موقع غلط بالنسبة للإجماع الذي وجدته في مواجهتي. اذا كان هذا هو الخيار اللبناني فعلينا السير به. هذا الخيار الذي يضم وليد جنبلاط و<<تيار المستقبل>> و<<الكتائب>> و<<القوات>> و... كان مطلبي خروج السوري وقد تمّ. هذه أتت اضافية. ذهبنا لنجد الحل الامثل الذي لا نتواجه فيه مع الامم المتحدة ويرضي حاجتنا الدفاعية ومركزية القرار الامني في الدولة، ويسقط القرار 1559 من ناحية استراتيجية الدفاع التي ستكون في ظل الدولة وليس في ظل الحزب. هذه مسؤولية يشترك فيها كل اللبنانيين. وإشراك اللبنانيين جميعاً لا يكون بقيادة حزب بل بقيادة الدولة. وهنا وصلنا الى مسؤولية الدولة عن الحدود ومسؤولية الدولة عن الدفاع و..

؟ لماذا لم يتبنَّ <<حزب الله>> ترشيحك للرئاسة إلى اليوم؟ الا تخشى في اللحظة الاخيرة الا يدعم <<حزب الله>> ترشيحك؟

وماذا يحصل؟

؟ <<حزب الله>> ناخب أساسي..

ماذا يحصل إذا لم يدعمني؟

؟ تتراجع حظوظك.

وإن يكن..

؟ بهذه البساطة؟..

(ضاحكاً) نعم بهذه البساطة.

؟ هل أبلغك <<حزب الله>> شيئاً رسمياً في هذا المجال؟

مَن هم المرشحون الآخرون للرئاسة؟

؟ نسيب لحود... بطرس حرب وغيرهما.

اسألوهم هل تمّ تبليغهم شيئاً.

؟ معروف أن علاقتهم فاترة ب<<حزب الله>>. اما انت فبينكما تفاهم، هل يطال هذا التفاهم الرئاسة؟

لا شيء خاصاً. لكني اعتقد ان مسار الامور الطبيعي يوصل الى التأييد.

؟ إذا لم توفق في الوصول الى الرئاسة، ولا كانت لأي من الاسماء المطروحة حظوظ. هل تقبل بأشخاص مثل رياض سلامة؟

أخسر المعركة ولا أجيّر لأحد. لا أناور.

؟ بعد سنة ونصف، اذا انتهت ولاية الرئيس لحود وبقيت المعطيات على ما هي عليه، كيف تحل الامور؟

لن تبقى المعطيات على ما هي عليه. ولكن من يخسر المعركة الآن يخسر لاحقاً كل شيء. هذا إذا اعتبر نفسه انه يخسر.

؟ ما هي التغيرات التي تتوقعها؟

لا أتوقع تغييرات، ولكن هل يحتمل الوضع اللبناني مناورات بعد؟ ممنوع وضع اليد على لبنان من قبل فئة واحدة. أهلاً بكم للمشاركة في السلم، على الاقل في <<سيبة>> من ثلاثة تجمع حولها آخرين. نحن وضعنا <<رجلين>> ل<<السيبة>>: <<حزب الله<< و<<أمل>> و<<التيار الوطني>> و<<الكتلة الشعبية>>.

؟ هناك جبهة اخرى تركّب حالياً من عمر كرامي ونجيب ميقاتي الى سليمان فرنجية وآخرين، هل ستشاركون فيها؟

كلا، لا نشارك فيها.

؟ يتردّد أنهم يصرّون على مشاركتك شخصياً فيها، وانت تقترح بيار رفول كممثل ل<<التيار>>..

لم أعرف ما هي بعد.. (فجأة يسأل عون، من خارج السياق)، قيل لي إن وزير الإعلام السوري قال عني شيئاً في جريدتكم؟

؟ قال عنك إنك تملك جرأة الخصومة وشرف المصالحة..

جيد أن السوريين أدركوا ذلك بعد

كذا سنة. عسى أن يدرك الباقون ذلك فلا يندمون لاحقاً.

؟ البقية أين؟ في لبنان؟

نعم في لبنان.

؟ مَن هو برأيك الناخب الاكبر في معركة الرئاسة <<حزب الله>> أو الولايات المتحدة؟

لا أقبل أن يُقال هناك ناخب أكبر وناخب أصغر خارج لبنان. الناس أحرار في الاستماع الى النصائح التي يريدون. لا احب ان اسمع كلاماً حول الناخب الاميركي او الناخب الفرنسي او المصري. يجب ان نكون على صداقة مع الجميع. لكن يجب ان نعرف أين مصلحتنا.

؟ لكن الأميركيين اصبحوا اليوم ضدك...

لا اعرف أين موقعهم.

؟ ماذا يقول لك السفير الاميركي؟

( يضحك ولا يعلّق).

انتخابات مبكرة.. و128 قضاء

؟ هل أصبحت الانتخابات المبكرة ممراً إلزامياً؟

أكيد. في كل بلد ديموقراطي هناك عودة الى الشعب عندما يشلّ المجلس..

؟ لقد استفتينا الشعب قبل عشرة أشهر..

وماذا في ذلك؟

؟ هل نجري انتخابات كل عشرة أشهر؟

هناك مفصل رئيسي ستتكون فيه سلطة جديدة...

؟ سيقولون لك لماذا قبلت بالقانون من الاساس؟

كلهم يقولون إن شعبيتي انخفضت. عظيم. ربما تحذفني المعادلة الشعبية.

كم استفتاء أجرى الاوروبيون والفرنسيون عند كل تعديل طرأ. عندما يحصل تغيير جذري في البلد يلزم الدخول في حقبة جديدة..

؟ عن أي تغيير جذري تتكلم؟ ما زلتم في الحوار. لم تتفقوا على رئيس، لم تقوموا بشيء..

قصة الرئاسة هذه تحتاج العودة الى الشارع. ولد المجلس مشلولاً وفقاً لقانون خاطئ. لنصلح قانون الانتخابات. قبل ان تقدّم الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب مشروعها، سنتقدّم بمشروع قانون الى المجلس النيابي.

؟ وفق اي تقسيم اداري؟

طرحنا سابقاً نظامين انتخابيين، الدائرة الفردية او النسبية. لكننا سنتقدم باقتراح قانون الى المجلس النيابي بنظام الدائرة الفردية، اي 128 دائرة. كما اننا سنتقدم بمجموعة قوانين واسئلة. نحن مقصرون، أو بصورة اخرى راعينا الظروف للحلول التفاوضية.

؟ متى المهلة الاخيرة لتبدأ الهجوم المضاد؟ هل هي في 28 الشهر؟

ليس في اليوم الثاني. الحد الفاصل نهاية الحوار.

جنبلاط.. الأهضم

؟ وصولاً إلى طاولة الحوار..

هناك تحفظ كبير على طاولة الحوار. ما صنعه هذا التفاهم على طاولة الحوار، اذا لم اكن في التنفيذ لا أسحب موافقتي على نتائج الحوار، ولكني لن اسمح بإعطاء الورقة الى سلطة لا اشترك انا في انشائها. لكن يمكن ان تُفشل. لا يكفي إعطاء وصفة الطبخة لتنجح، الطبخة تحتاج الى طباخ. من يملك الورقة يجب ان تكون لديه القدرة على تنفيذها..

؟ هذا يعني: ميشال عون رئيساً للجمهورية، سعد الحريري رئيساً للحكومة..

ليس هذا. طرحت في آخر جلسة للحوار فكرة تمنيت على الجميع التفكير فيها. خلاصتها انه في كل الانظمة الديموقراطية عندما يحصل تغيير في التوجه السياسي للدولة، إما ان تحصل استقالات وإما يحصل تعديل جزئي في الحكم، او تعديل جذري لتأليف حكومة جديدة. هل تعتقدون أننا في مرحلة تغيير النظرة في العلاقات اللبنانية السورية، وهل يستوجب ذلك تغييراً جزئياً او كلياً ليسير الموضوع؟.. فوجئنا أنهم يطالبون الحكومة التي حاربت أن تفاوض.

؟ ما رأيك في زملائك الجالسين معك الى طاولة الحوار؟

 <<كلهم مهضومين>> واصحاب نكتة.. وانا واحد منهم.

؟ مَن أهضمهم؟

وليد جنبلاط ..

؟ هل اقتنع الدكتور جعجع بوجهة نظرك على طاولة الغداء في موضوع الرئاسة؟

تبادلنا وجهات النظر. ما من احد مرتاح الى الوضع. طبعا طالب الحاجة ليس كالمستغني عنها. يتأثر أكثر إذا لم تأت نتائج التغييربسرعة.

؟ بعد الهدنة مع سعد الحريري عادت المناكفات المبطنة بينكما.. لماذا؟

من جهتي مرّت كلمة ودار حولها جدل. لكن وسائل الاعلام التابعة لهم ليست على مستوى، وتعرف من مركزها في التصنيف في التلفزيونات ومن نسبة القراء. هذا ليس رأي شخصي. هي قراءة في الإحصاءات. أعرف ان <<نيو.تي في>> هي الاولى في الاخبار، <<ال بي سي>> في الموقع الثاني، ثم <<المنار>> وال<<ان. بي ان>>.. وفي المرتبة الخامسة تلفزيون <<المستقبل>>.

؟ هل هذا فقط لأنهم يهاجمونك في إعلامهم؟

هذا جزء. لدينا نسبة مئوية مهمة من الشعب اللبناني تتابع الاخبار. وعندما جرى تغيير كلمات أو تغييب اخرى وحصل تلاسن اعلامي، فقد أثّر ذلك بالدرجة الاولى. لا يعبرون عن آراء الناس. هناك فترة وصلت فيها ال<<ام .تي. في>> الى مرتبة قبل ال<<ال. بي.سي>>، لانها فتحت عليّ..

؟ هل أنت تقول إنك قادر على رفع نسبة مشاهدي محطة تلفزيونية معينة أو زيادة قراء صحيفة معينة أو تخفيضها؟

 (ضاحكاً) نعم، بكل تواضع. لقد انتقدت صحيفة مرتين علناً فانخفض مبيعها.

؟ (ووسط ضحك ذي مغزى سألناه): <<ما رأيك في جريدة <<السفير>>>>؟

 (ضاحكاً) جريدة صديقة.. صديقة بمعنى أنها تؤدي دورها الاعلامي بموضوعية. لستُ ايقونة ليبخّرني أحد. لا اطلب الا نقل كلامي بموضوعية. في المرة السابقة قيل لي في مقابلة اذاعية إن السيد حسن نصرالله هدّد بقطع الرؤوس والايدي و.. استهجنت، وسألت ماذا قال بالتحديد. فقيل لي قال <<اذا>>، قلت هي شرطية اذا. وماذا أضاف؟ فقيل <<انه باللين والحوار يمكن ان نصل الى نتيجة>>، فقلت عندها: هذا ليس تهديداً.. هذا تنبيه بتعابير قاسية.

؟ هنيئاً للسيد حسن بدفاعك...

الحقيقة إن من سمع الإعلان، يظن أن السيد حسن <<وحش>>.

؟ لكن حتى لو كانت تحذيرية، فمن كان يحّذر؟

أيّاً يكن.

؟ لكن الجملة بحد ذاتها..

عنيفة.. عنيفة.

الحريرية والأحادية

؟ بماذا تنصح سعد الحريري الشاب الآتي الى السياسة؟

موقعي لا يسمح لي أن أعطيه نصائح. حوله مستشارون كانوا الى جانب والده ولديهم تجربة.

؟ المستشارون يعطونه <<الوصفة>>..

(يضحك عون مطولاً)...

؟ ما رأيك بنهجه السياسي؟

إنه نهج أحادي.