الجمعية اللبنانية-البريطانية الدولية كرمت رئيس "التيار الوطني

النائب عون: سندعو إلى الحوار دائما وسيلة فضلى لحل النزاعات الإصلاح الفعلي يبدأ بالتغيير ومن أفسد الماضي لن ينقذ المستقبل

وطنية - 26/4/2006 (سياسة) كرمت الجمعية اللبنانية-البريطانية الدولية في لندن النائب العماد ميشال عون في فندق "لو رويال"- ضبيه، في حضور ممثل رئيس الجمهورية الوزير يعقوب الصراف، ممثل رئيس مجلس النواب النائب نعمة الله ابي نصر، فيما اعتذر رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة عن عدم الحضور. وشارك، الى عائلة المحتفى به، نواب "تكتل التغيير والاصلاح"، النائبان السابقان سليمان فرنجيه وزهير العبيدي، اللواءان عصام ابو جمرا ونديم لطيف، نقيب الاطباء ماريو عون، النقيب السابق للمحامين شكيب قرطباوي، الامين العام للحزب الديموقراطي اللبناني زياد شويري، القاضي سعد الله الخوري، حشد من الاعلاميين والمسؤولين والقياديين في "التيار".

بعد النشيدين اللبناني والبرطاني، قدم الاحتفال رئيس تحرير إذاعة "صوت الغد" حبيب يونس، ثم كانت كلمة الامين العام للجمعية اللبنانية-البريطانية الدولية في لندن عادل مالك الذي حمل رسالة الى العماد عون والجالسين الى طاولة المستديرة، وقال: "إن الحوار العقيم يجب ألا يأخذ المزيد من عمر لبنان واللبنانيين، وحيث اننا في موسم الكلام الغزير، نكتفي بما قل ودل. فليس بالشعارات وبتناول الاتهامات تحيا الاوطان، بل البداية تكون بتلاقي العقول والقلوب وإجراء المصالحات مع الذات أولا، بعيدا من اي تكاذب مشترك. فعشتم وعاش لبنان وطنا دائما نهائيا منيعا وشامخا".

وأضاف: "العماد عون رجل دولة استثنائي بكل المقاييس. هو صادق كحد السيف وقاطع كالقلم النظيف، صاحب رؤية يستشرف من خلالها آفاق المراحل الآتية على الوطن. إن اخصتار سيرة رجل بحجم العماد عون وفي عجالة، لعملية مستحيلة. لذا نهديك يا دولة العماد حروف الابجدية لتصوغ منها ما يليق بك إنصافا لتراث وطني عريق تجسده فارسا مرفوع الجبين في كل المراحل الصعبة".

وختم: "سنبقى جميعا على رجاء دائم بقيامة لبنان القيامة الفعلية ونهاية أطول جلجلة في التاريخ".

وتلاه رئيس الكلية الدولية للمملكة المتحدة المستشار لجامعة شرق لندن رئيس الجمعية اللبنانية-البريطانية الدولية خالد حنقير الذي قال: "من لندن عاصمة المملكة البريطانية العظمى احمل اليكم تحيات ابناء الارز الشامخ أبدا الراسخ في قلوبنا. أنقل اليكم رغبة أبناء لبنان العز في العودة الى أرض الابطال، الى وطن يساوي بين كل أبنائه في الحقوق كما في الواجبات، الى الوطن الحلم الذي بدأ يتحقق. فها هي أرضنا قد حررت بمعظمها ومزارع شبعا سوف تنضم اليها حتما، لان شعبا يستطيع ان يقاوم ويتحاور وينفتح لا بد ان ينتصر ويصل الى وطن سيد حر مستقل موحد. كثيرون هم من أبناء الوطن الواحد، من الشرفاء الذين لا يمكن أحدا إلا أن يحترم نضالهم من أجل الديموقراطية فالحرية فالمواطنية.

وكثيرون هم الذين انضموا اليهم بعدما أتيح لهم ان يفهموك دون تشويش من هناك او تعتيم من هنا، فأصبحت الرمز القائد لمليون أو يزيد. قريب أنت من مناصريك لكنك منفتح على كل فئات شعب لبنان الواحد، وهنا دولة الجنرال تكمن القوة. تخاطب الجميع بكل شفافية وعفوية ومحبة صادقة وإخلاص. ت

كره الطائفية وترفض كل أنواع الوصاية، السياسية والاقتصادية، القبلية والعصبية، فكنت رجل التفهم والتفاهم بامتياز. إنه لشرف عظيم لي اليوم أن أكلف من الكلية الدولية المملكة المتحدة ومن الادارة الاقليمية لجامعة شرق لندن وكذلك من الجمعية اللبنانية البريطانية الدولية تقديم درع الكلية الدولية للملكة المتحدة لندن للعام 2006 للحوار والاصلاح، تقديرا لجهودكم ومساعيكم من اجل بناء دولة يسودها الحوار الهادف الى الاصلاح والتقدم والازدهار بديلا من دولة الاشخاص والرعايا. صاحب الدولة والسعادة، اسمح لي ان اقدم لكم درع الكلية".

ثم بث فيلم وثائقي عن حياة النائب العماد عون، قبل أن يلقى كلمة قال فيها:

"أرحب بضيوفنا الأعزاء، وأشكر الجمعية اللبنانية-البريطانية ممثلة بالسيدين ابراهيم حنقير وعادل مالك، على هذه اللفتة الكريمة. إن اختياركم الاصلاح والحوار عنوانا لهذا التكريم ليس مصادفة، إذ لطالما حملت لواءهما في مراحل نضالي السياسي، فالحوار هو الطريق الوحيد لحل الأزمات، بينما الإصلاح هو الوسيلة الوحيدة لتطور المجتمع نحو الأفضل. وبما أن الحوار هو المسار السليم لإيجاد حلول للأزمات، فهو الضامن الوحيد لمنع الصدامات ضمن المجتمع الواحد وبين المجتمعات المختلفة، وفي حال تعطيله ليس من بدائل سوى الصراعات والحروب وما يستتبع ذلك من كوارث تعيد البشرية الى مراحل الهمجية، منقطعة بذلك عن حضارتها ومسقطة قيمها الإنسانية ومهدمة ما بنته من صروح متقدمة على صعيد الفكر والإعمار. فبالحوار تتحدد المفاهيم قبل الشعارات، ويحترم المضمون قبل الشكل، وتترسخ القواعد وتتثبت.

ولكوننا في لبنان نكرر هذه الكلمة، وغالبا من دون أن نعطيها مفهومها الحقيقي، فقد أصبح واجبا علينا ألا نغرقها في السوق الكلامية ونشوه معانيها. لربما كان لبنان الأكثر كلاما عن الحوار والأقل إنتاجا، فكثيرا ما تعقد لقاءات حوار، لا نعرف أبدا كيف تبدأ ولا كيف تنتهي.

فيكون هناك في ذهن المتعاطين شؤون الحوار، إبهام في معاني هذه الكلمة وإطار العمل الذي من خلاله تشخص أعراض المشكلة وحلولها المعقولة. وبسبب هذا الإبهام تفشل لقاءات الحوار. فالحوار ليس نقاشا وتبادلا كلاميا فحسب، إنه قبل كل شيء حالة نفسية فكرية يجب أن تشمل جميع المتحاورين قبل البدء به، وليكون الحوار مثمرا، يجب احترام بعض المبادىء الأساسية:

أولا : الجهوز النفسي والفكري لتقبل الرأي الآخر، مع الاستعداد لاعتماد هذا الرأي في حال الاقتناع به.

ثانيا: الاعتراف بالمشكلة، المقرون بإرادة حلها.

ثالثا: تمتع المحاورين بالحرية المطلقة، وعدم ارتباطهم بمعتقدات أو بحلول مسبقة.

رابعا: الشفافية والصراحة في طرح الموضوع.

خامسا: التفتيش عن الحقيقة، والتزام الحلول.

سادسا: مشاركة جميع الأطراف ذوي الصفة للبحث في الموضوع المعني به الحوار.

سابعا: شمول الحوار كل المواضيع المتعلقة بالموضوع المطروح أو المؤثرة عليه أو المتفرعة منه. إن هذه المبادى تشكل وحدة لا تتجزأ، وإذا فقد أحدها سقطت الفائدة منها جميعا، وفشل المحاورون.

لذلك، وأكرر القول، إن الحوار يتطلب درجة عالية من الجهوز الفكري، ليعطي المحاور أفضل ما عنده، وجهوزا نفسيا يجعله متقبلا للآخر، وقادرا على تبادل التجربة والمعرفة معه.

فالحوار ليس تفاوضا على تسوية، يفترض التنازلات المتبادلة وتحقيق مكاسب لأحد الأطراف على حساب الآخر، بل هو تفتيش مشترك عن حل لمشكلة. ولذلك فالحوار يختلف عن النقاش والجدل والتفاوض والمحادثات التي تخضع لغير شروط الحوار ولغير مبادئه، وبالتالي فإن نتائجها تكون مختلفة عن نتائجه. ومن البديهي أن نسعى دوما الى توسيع ثقافة الحوار التي نحن في أمس الحاجة إليها لتصبح لدينا اقتناعا وسلوكا في التفتيش عن حلول لمشاكلنا وآلية تبعدنا عن الاساليب الأخرى التي تحمل مخاطر التحول إلى صدامات تتعذر معها الحلول. لقد دعونا إلى الحوار في الماضي، ودعونا إليه اليوم وسندعو إليه دائما، وسيلة فضلى لحل النزاعات ضمن مجتمعنا المرتكز دائما على التوافق".

وأضاف: "بالانتقال الى الإصلاح، فهو أيها السادة كلمة كبرى تحمل معنى إيجابيا في جميع القطاعات والميادين التي تتناولها. الإصلاح هو تحسين أوضاع ما هو قائم، فإذا تناول البشر يعني اختيار الأفضل منهم لأداء عمل أو مهمة، وإذا عنى المؤسسات فهو يدل على تغيير بنيتها في سبيل إنتاج أفضل. ولكن واقع الكلام يختلف أحيانا عن واقع التنفيذ، وكثيرا ما تشرد المعاني وتضيع الأهداف، وتبقى الكلمة فارغة من دون معنى أو محتوى. عندما أسمع كلمة إصلاح في بعض الأنظمة أتذكر إحدى قصص الشاعر الفرنسي لافونتين وقد أوردها على لسان الحيوانات، ويروي فيها أنه في يوم من الأيام أصيبت مملكة الحيوان بوباء مرض الطاعون، فكثرت فيها الضحايا وجرف منها الموت العدد الكبير.

تجاه هول الكارثة تداعى أركان المملكة للتشاور في ما بينهم حول مسببات هذه اللعنة الإلهية علهم يكتشفون الأسباب فيقومون بالتوبة ويقدمون القرابين فتغفر ذنوبهم وخطاياهم، ويعودون إلى التنعم بالصحة والسلامة. وبعد تحديد الاعتراف العلني أسلوبا لاكتشاف الخاطئين، اجتمعت المملكة، وبدأ الأسد. فاعترف بأنه خلال أيام جوعه كان يهاجم القطعان فيفترسها، وقد تخطى ذلك في بعض الأحيان فافترس الرعاة أيضا. استهجن الحاضرون أن يكون ما قام به الأسد سببا في إغضاب الآلهة، واعتبروا أن ما فعل هو أدنى حقوقه الطبيعية. وتوالى على الاعتراف النمر الذي روى كيف خرب قرى بكاملها، والفيل الذي كسح غابات واسعة، واعتبرت جميع أعمالهم عادية لا تستحق أن تذكر، ولا يمكن أن تشكل أي سبب استفزازي للعزة الإلهية كي تصب جام غضبها على مخلوقاتها.

ولما وصل الدور إلى الحمار تذكر انه في أحد الأيام الحارة، كان جائعا وعطشا عند وصوله إلى أحد الحقول التابعة للدير، فأكل من قمحه عرض لسانه. عند سماع هدا الاعتراف صرخ الجميع بأنه ارتكب المعصية الكبرى، فانقضوا عليه وقتلوه كفارة عن جميع ذنوبهم واستدرارا لعطف الآلهة. هذه القصة التي حفظتها على مقاعد الدراسة، يذكرني بها الإصلاح الذي نسمع به من حين الى آخر، وهو لا يتعدى، سياسيا، العمل الثأري من بعض الصغار، وتقديمهم أكباش محرقة لتغطية الكبار. لم يأخذ الإصلاح في لبنان يوما معناه الحقيقي، لا من حيث شموليته جميع القطاعات، ولا من ناحية مضمونه، وقد اقتصر على عمل تبديلي بأشخاص لهم المنهجية والسلوك نفسهما، وأضحى نغمة قديمة ترددها جميع الحكومات عند وصولها، وتستعملها شعارا لإزاحة المحسوبين على الخارجين من الحكم، فتحملهم مسؤولية الفساد والاهتراء، لتأتي بمثلهم من أزلامها. وهكذا يأتي هذا النوع مما يسمونه إصلاحا ليؤمن استمرار نهج فاسد لحكم فاسد، يحاول، بعملية التبديل، احتجاز مراكز الإدارة وربطها به بغية احتكار المغانم والمحافظة عليها طوال مدة الولاية. هذا المفهوم المكسبي في ممارسة السلطة، يبقي الفساد حيث الفساد، ويبقي المحسوبية حيث المحسوبية.

فلا التزام للقوانين، ولا تحديث للأساليب، بل خضوع مطلق للرغبات السياسية، وغالبا ما تكون تعسفية وخاضعة للأهواء الخاصة. وأود الإشارة هنا إلى الالتباس والخلط بين مفهوم الإصلاح ومفهوم التأديب والاقتصاص. فالإصلاح يتناول بنية الدولة بينما التأديب والاقتصاص يطولان الأفراد الفاسدين. إن الاقتصاص من الفاسد ضروري، لكنه شأن القضاء، وهو ليس برنامجا حكوميا يقوم على تواصل الفضائح من دون تحقيق إنجازات على مستوى الوطن.

إن الإصلاح الفعلي يبدأ بالتغيير، فالذي أفسد الماضي لا يستطيع إصلاح الحاضر ولا إنقاذ المستقبل. والتغيير لا نعني به تغيير الأشخاص فقط بل تغيير النهج المتبع والأسلوب، وتغيير البنية الهادف الى زيادة الإنتاج واختصار الوقت مع المحافظة على المعايير الأخلاقية والقانونية. الإصلاح الذي نتوخاه أيها السادة يتخطى الإعلان الشفهي في الخطب السياسية والمتضمن النظريات المنسوخة من كتب الدراسة، فهو عملية جذرية تطبيقية تقوم على إخضاع كل من يتولى المسؤولية للمساءلة والمحاسبة وفقا للقوانين المرعية الإجراء، حيث ينتفي معها وجود رؤوس تتخطى سقف هذه القوانين. فهل الأيام المقبلة ستحمل معها حوارا منتجا يحمل حلولا؟ وهل سنكون على استعداد لبدء مسيرة إصلاح تطلق عهدا جديدا في نهج الحكم؟ الشكوك كبيرة لأننا استعدنا السيادة والحرية والاستقلال، لكن النهج السيادي الحر الاستقلالي لم يصل بعد الى مراكز القرار".

وختم: "أكرر شكري للحضور الكرام الذين شاركونا هذا اللقاء التكريمي وللجمعية اللبنانية-البريطانية التي دعت إليه".