أكد أن نزع سلاح حزب الله نهاية المطاف وليس أوله

عون  : لديّ قناعات وهدف والوقت لن يغلبني إلا إذا مت

الخليج  25 تشرين الثاني 2005 

تحفظت مصادر امريكية في ردها على سؤال ل”الخليج” أمس حول ما اذا كان هناك تفكير امريكي جديد ومواز للتصعيد الحالي تجاه نزع سلاح حزب الله، ورفضت الرد بالنفي أو الايجاب حول افكار جديدة مطروحة أكدتها مصادر اخرى غير رسمية في واشنطن، تحدثت عن مقترح لكسب “عقول وقلوب” حزب الله باعتبار ان المدفع او السلاح ليس هو الحل بل تغيير العقلية وأن يتم ادماج حزب الله في العملية السياسية وهذا هو التحدي على حد وصف تلك المصادر، لأنه حتى بافتراض نزع سلاح حزب قسراً او طوعا من دون حدوث تغير في العقلية فهذا لن يمنعه من التسلح “تحت الارض”، واستمرار عملياته المسلحة أيضاً.

وتراهن اطراف سياسية لبنانية، على ما يبدو على هذا الحل الذي يأتي متوافقاً وسياسات الدبلوماسية العامة التي تروج لها واشنطن حالياً.

وحول هذه النقطة أكد النائب اللبناني العماد ميشال عون في لقاء خاص مع “الخليج” عشية انتهاء زيارته لواشنطن انه ناقش مسألة حزب الله مع العديد من المسؤولين الامريكيين الذين التقاهم في واشنطن من مكتب نائب الرئيس ديك تشيني والخارجية (التقى امس الأربعاء ديفيد ويلش) و”البنتاجون” وغيرهم. ولكنه تحفظ على اعطاء المزيد من التفاصيل وأكد انه “صار هناك حديث معهم حول كيفية معالجة قضية نزع سلاح حزب الله”. وقال: “نزع سلاح حزب الله نهاية المطاف وليس أوله، هناك مشاكل متداخلة تحل خطوة خطوة، وللتوصل الى تفاهم مع حزب الله وحل قضية تنفيذ القرار ،1559 وليس الى مواجهة، يجب أن نصل الى حل يبدد “مخاوف” و”ضامن” لمواضيع أساسية.

وتحفظ العماد عون عن ذكر تفاصيل، مبرراً ذلك بأن المطروح أفكار “ما فينا نحكيها” قبل أن تصل لأصحاب العلاقة.

  عون أكد انه التقى بالعديد ممن يمثلون الإدارة الأمريكية ويعملون “بمطبخها السياسي” وكلهم يقومون بتوصيل الأفكار التي جاء بها الى واشنطن من أجل لبنان ومنها الترسبات الباقية من وقت “الاحتلال السوري” على حد وصفه، والتي تؤخر تثبيت السيادة والاستقلال والتقدم على المسار الديمقراطي في لبنان، بالإضافة الى بعض التوترات التي تنعكس بطريقة مباشرة على لبنان وفي الشرق الأوسط بطريقة غير مباشرة، وأيضاً مسألة سلاح حزب الله والسلاح غير الشرعي في لبنان. وأكد ان مشكلة الديمقراطية في لبنان لم تحل بعد مادام هناك شراء أصوات واستعمال للعنصر الطائفي والمذهبي، في اشارة لما يعنيه بترسبات الاحتلال، والتي تتضمن استخدام وسائل غير مشروعة في عملية الانتخابات نتيجة قانون انتخابي ما زال من مخلفات سوريا، أسفر عن مجلس نواب يفقد الصفة التمثيلية للشعب اللبناني.وطالب عون بإجراء تعديل لقانون الانتخاب واعتماد النظام النسبي أو الدائرة الصغرى، مؤكداً ان هذا دور المجلس النيابي اللبناني الذي سيقوم بالتصويت على مثل هذا القانون باعتباره شأناً لبنانياً.

وانتقد عون بشدة من قاطعوا احتفالات عيد الاستقلال اللبناني، وقال انه يعتبر ذلك خطأ جسيماً، وتساءل “ما علاقة احتفالنا بعيد الاستقلال بالخلاف السياسي بين لحود وتكتل الحريري مثلاً، لدينا حكومة قائمة ولها رموزها، وعلى الكل ان يحترم البروتوكول ورغم انني ضد لحود في سياساته، لكن هذا ليس له علاقة، وأعتقد ان الذين يتجاوزون هذه الحدود تجاوزوا مفهوم الثوابت الوطنية”.

ورداً على سؤال حول تخلفه عن حضور احتفال السفارة اللبنانية في واشنطن بعيد الاستقلال، أكد عون انه تلقى دعوة من السفارة في واشنطن لكنه نظراً لجدول زيارته المزدحم لم يتمكن من المشاركة لا سيما لقاءاته مع العديد من أبناء الجالية اللبنانية الذين أتوا من مختلف أنحاء الولايات المتحدة وكندا للقائه. وكان الكثير منهم يجلسون منتظرين في قاعة مجاورة لمكان حوارنا معه.

وكانت زيارة عون لواشنطن قد تحددت منذ وقت وقامت السفارة الأمريكية في بيروت -حسبما صرح ل”الخليج”- بإعداد وتحديد اللقاءات الرسمية لعون في واشنطن وهي اللقاءات الأولى المعلنة بعد سنوات طويلة كان يلتقي خلالها بشكل غير رسمي المسؤولين الأمريكيين لا سيما خلال زيارته في عام 2001 حيث كانت اجتماعاته معهم تتم في الفندق أو أحد المطاعم.

وأشار عون الى انتهاء “موقف قديم” كان أحد الأشخاص بالخارجية الأمريكية سابقاً -وعلى مدى سنوات- يشكله حين كان يقف حاجزاً أمام تعاطي الإدارة الأمريكية سواء البيت الأبيض أو البنتاجون مع الملف السوري بالنسبة للبنان حيث كان يصر دائماً في كل مرة تطرح فيها مسألة الانسحاب السوري من لبنان ان سوريا في لبنان تمثل عامل استقرار.

واعتبر عون ان الخطوة الأساسية التي حركت كل شيء تمت عندما توصل ومجموعته الى استصدار قانون من الكونجرس يلزم الإدارة به وقد تم لهم هذا.

وأكد عون ل”الخليج” انه في حالة صحة ما تردد سابقاً عن صفقة تسوية سورية - أمريكية فإن هذا سيكون شيئاً “لا يضرنا” بل على العكس، لكنه أضاف: “الى الآن لا أرى ان السوريين على وفاق مع المحقق الدولي، وما أخشاه ألا تصل للاستحقاق في موعد منتصف ديسمبر/ كانون الأول، ما يفتح الباب لاتخاذ قرارات أو عقوبات اقتصادية ضد سوريا وفقاً للبند السابع، واعتقد ان الوضع سيصير سيئاً جداً. واستبعد ان يتم فتح سفارة سورية في لبنان لأن الوضع متشنج جداً الآن”. واعتبر عون أن سوريا الآن وضعها دقيق جداً فالحكم ضعيف وقلق ولا يبدو ان هناك جهازاً سياسياً بديلاً، على حد وصفه.

وحول الوضع بين لبنان وسوريا في حال فرض عقوبات، قال عون إن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة واضح وملزم لكل الدول الأعضاء، واعتبر ان اتفاقية التيسير الحدودي بين الدول العربية وتبادل السلع والمنتجات، في حال اتخاذ اجراءات عقابية ضد سوريا، سوف تكون غير فاعلة وقال: “اذا صار تدبير دولي ضد سوريا فهذه الاتفاقية العربية سيتوقف مفعولها مع سوريا”.

وأكد عون ان حواره مع الجانب الأمريكي جار في اطار تبادل وجهات النظر والحوار، واستبعد ما يتردد عن كون واشنطن دولة وصاية تتدخل في كل شاردة وواردة، وأضاف: “لكن أكيد بيعطونا نصائح وهي غير ملزمة لنا”.

عون أكد انه لم يناقش مع الأمريكيين أبداً مسألة ترشيحه لرئاسة لبنان وسخر عون من انتقاد البعض لا سيما في بعض الصحف اللبنانية بأنه يزور واشنطن لبحث موضوع مستقبل رئاسة الجمهورية، وقال: هذا كلام غريب أنا جئت لواشنطن لتدعيم سيادة واستقلال لبنان ولمحاولة ازالة ترسبات الاحتلال السوري.

وبالنسبة لمسألة نزع السلاح غير الشرعي في لبنان أكد عون في حواره مع “الخليج” انه يعتقد بشدة بضرورة نزع الأسلحة غير الشرعية كافة سواء داخل المخيمات الفلسطينية أو خارجها فهي على حد قوله في النهاية أرض لبنانية ينبغي أن تكون خاضعة فقط لحماية وسلاح الدولة اللبنانية أسوة بالحال في سوريا ومصر والأردن.

وجدد عون دعوته لإعادة لبنانيي الجنوب من “اسرائيل” وقال: “لا يجوز أن نترك هناك عوائل اللبنانيين ومنهم أطفال صاروا الآن شباباً يدرسون في الجامعات “الاسرائيلية”، هم أبرياء وقد تعممت التهم عليهم وهذا خطأ بالأساس حيث تم اعتبار كل مقيم داخل الخط الحدودي قبل الانسحاب “الاسرائيلي” متهماً. هذا اسلوب قضائي غير عادل وبالنسبة ل “لحد” قال: “لحد بيرجع وبيلاقي مصيره القضائي، اذا بده يرجع عليه أن يتحمل مصيره ويواجهه قضائيا”.

عون أكد ارتياحه من نتيجة زيارته لواشنطن وعندما سألته عن ماهية ما ناقشه بالبنتاجون، واذا ما كانت هناك أفكار حول مساعدات عسكرية للبنان قال: انه ليس قادماً بخطة وليس مسؤولا بالحكومة أو موفداً منها بل جاء بمبادرة شخصية كانت بالأساس لتقديم الشكر للكونجرس الذي أطلق المبادرة من أجل لبنان، وللتعرف والحوار مع العديد من المسؤولين الأمريكيين لا سيما أنها المرة الأولى التي يلتقيهم فيها رسميا. وأكد ان حواره في البنتاجون كان لتبادل الآراء والنقاش لا سيما انه رجل مهتم وخبير بالأمور الجيوبولتيكية والجيواستراتيجية وان حواراته معهم غير ملزمة. وفي نهاية الحديث قال عون: “لدي قناعات معينة وهدف معين أعمل من أجله، الوقت ما بيغلبني إلا اذا مت”.