عون لـ"النهار": لا شهوة حكم لديّ

أتحداهم إجراء انتخابات حتى بقانون الـ2000 

النهار  31 آذار 2006 

في الوقت الذي كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يرد امس على رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بسبب "حرب المفردات" في الخرطوم حول عبارة المقاومة، كانت "النهار" في الرابية عند رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون تسأله عن جلسة الحوار الاثنين المقبل، فيرد بكلمة مختصرة ومعبّرة: "هل ستبقى الحكومة الى الاثنين؟".

جاء هذا الكلام في لحظة كان القطب الآخر الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يطلق "راجمة" من المواقف عن المقاومة ومستقبل سلاحها والدفاع عن الاراضي اللبنانية في مواجهة الاخطار الاسرائيلية.

على أن ما حدث في العاصمة السودانية لا يزال محور نقاش في الصالونات السياسية لانه جرى نشر "الغسيل اللبناني" الداخلي على أشجار نخيل الخرطوم بين رئيس الجمهورية اميل لحود والسنيورة. وسرعان ما انتقلت هذه العاصفة الى بيروت بفعل الرياح السريعة التي لم تهدأ بعد، والتي اجتاحت جلسة مجلس الوزراء مس.

يتساءل عون "لماذا هذه المشكلة في الخرطوم؟ كنا في غنى عنها. ولماذا دخلنا في حرب المفردات؟".

وهو يعتقد انه كان على السنيورة الالتحاق بالوفد برئاسة لحود "أو عدم المشاركة في القمة والبقاء في بيروت".

ويستغرب ان البعض يطلب منه عدم الحديث عن ملفات الفساد الذي أغرق أكثر من موقع في لبنان. ويصر في معرض حديثه على انه سيتطرق دائما الى هذا الموضوع. 

  ورغم مضي نحو شهرين على ورقة التفاهم التي وقعها و"حزب الله"، لا يقصده مسؤول او ديبلوماسي إلا ويسأله عن هذه الورقة. و"يرتدي" الجنرال هنا ثوب المحاماة وهو يدافع عن هذه الورقة التي لاقت معارضة لدى بعض "قوى 14 آذار".

ويرفض فكرة ان الحزب استفاد من هذه الورقة أكثر من "التيار الوطني الحر"، ويقول بكل ثقة انها "انجاز لجميع اللبنانيين وجاءت تقدم حلولا للكثير من المشكلات والنقاط الخلافية التي كانت مطروحة في الشارع". ويشدد على ان "الديموقراطية التوافقية" هي الدواء في بلد مثل لبنان غير علماني تحكمه فيديرالية الطوائف. ويكرر ان من ثمار الورقة، السماح للاجئين اللبنانيين الذين توجهوا الى اسرائيل بعد التحرير في ايار 2000، بالعودة "لأنهم ليسوا مذنبين ولأن الحكومات المتعاقبة لم تتطلع اليهم".

ويقارن بين هؤلاء اللاجئين والنواب الذين وقعوا "عريضة الاكراه" على أساس انهم أجبروا على الاقتراع في مجلس النواب تحت الضغط السوري وأدى هذا الامر الى عميلة التمديد للرئيس لحود.

ويعتقد انه كان في امكان هؤلاء النواب ان يركبوا الطائرة ويغادروا لبنان ويرفضوا تعديل الدستور، فهم ليسوا كالفلاح في بلدات ميس الجبل وحولا ومرجعيون. 

ويبدي ارتياحه الى قيادة الحزب الذي لم يعد ينعت اللاجئين الى اسرائيل بـ"العملاء".

واذ يشرح الاوضاع النفسية الصعبة التي يعانيها الذين توجهوا الى اسرائيل، يتحدث بأسف عن "اولادهم الذين يتعلمون العبرية بدل العربية وبدل التعرف الى وطنهم". ويكرر "ان الحكومة قصّرت حيال هؤلاء".

ثم يستذكر عون معاناة شبان "التيار الوطني الحر" عندما كانوا يستدعون الى اجهزة المخابرات، وكيف ان شبكة الامان الدولية ومنظمات حقوق الانسان خففت من اوجاع هؤلاء.

وفي موضوع صوغ العلاقات مع سوريا كما ورد في الورقة، يقول ان المشاركين في مؤتمر الحوار "زايدوا علينا وطالبوا باقامة علاقات مميزة مع دمشق".

ويتابع مرافعته عن الورقة ليصل الى سلاح المقاومة الذي حصر بالدفاع عن الاراضي اللبنانية وانهاء ملف الاسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، وابرزهم سمير القنطار.

ويفيد ان موضوع الدفاع عن لبنان او خلق منظومة دفاعية ومصير سلاح الحزب مطروح على طاولة الحوار.

ويطلق رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" هذا الكلام ليقول حرفياً: "لست نادماً على هذه الورقة". وما يهمه هو ردة فعل الناس عليها.

واستكمالاً لموضوع "حزب الله"ن لا يبدي عون اي انزعاج من ارتباط الشيعة في الجانب الديني بقم الايرانية، على غرار علاقة المسيحيين بالفاتيكان، والسنة بمكة، "فالطائفة الشيعية عبّرت عن حالها وهويتها".

وماذا عن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، خصوصاً ان ورقة التفاهم مع الحزب تطرّقت اليها؟

يجيب: "الحكومة اللبنانية طرحت هذا الملف في شكل غير رسمي على اساس ان ثمة لجنة تتولاه، لكننا سنتابع القضية ولن ننساها".

ولماذا لم يرشحه الحزب رسمياً لرئاسة الجمهورية بعد توقيع الورقة، يرد عون مبتسماً: "حتى الآن لم نبحث مع الحزب في موضوع رئاسة الجمهورية، ولم يرد هذا الامر في ورقة التفاهم".

ويعود الى الكلام على المقاومة التي في رأيه اما ان تنتهي في الحكم واما على المشنقة، "ولو كنت مكانهم لما قبلت بالمشنقة".

وفي جانب آخر لا يزال مفعول الهدوء سارياً بين الرابية والمختارة، وهذا ما برز في الاسبوعين الاخيرين وظهر على طاولة الحوار في الجلسة الاخيرة بين عون ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط عندما طرح الاخير "خريطة طريق" للوصول الى رئاسة الجمهورية. ويغفل عون عبارة "ورقة عمل" بدل مصطلح جنبلاط، "على اساس ان خريطة الطريق غير مستحبة وتذكّرنا بالفشل"، وهو يقصد هنا ما حصل في الاراضي الفلسطينية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ويشير الى "تحسّن الاوضاع بين جنبلاط والتيار".

ويعود الى ما قبل الانتخابات النيابية الاخيرة ليذكر بأنه طرح ورقة عمل قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري "لنمشي على اساسها". ولكن لم يجاره الآخرون ويضيف: "الحكومة لا تريد ورقة، والبيان الوزاري كله عموميات ولا يكفي".

لا يزال عون يشكك في الصفة التمثيلية للاكثرية النيابية، باعتبار ان ثمة طعناً في 10 مقاعد، وقد جرى تغييب المجلس الدستوري، ولا يتورع عن القول ان "هذه المقاعد سرقت".

ولا يعارض اجراء انتخابات مبكرة، وعندما تقول له ان قانون الانتخاب لم يولد بعد، يجيب: "انا مستعد للمشاركة في الانتخابات ولو بقانون عام 2000، وبعدها ليحصل المرشح لرئاسة الجمهورية على 65 صوتاً في المجلس بدل الـ86".

ويتساءل: "هل يتجرأون على اجراء انتخابات مبكرة سواء على اساس النسبية او غيرها؟ انا لم استنفر الناخبين على اساس طائفي".

ويضيف: "الديموقراطية لا توصل الى طريق مسدود".

ويرجع في حديثه الى ما يدور على طاولة الحوار، ويكشف انه طرح على الافرقاء المشاركين الاستعانة بخمس شركات "محترمة" تعمل في حقل الاحصاء وتنظم استفتاء بين اللبنانيين وتسألهم عن اسم رئيس الجمهورية المقبل الذي يفضلونه، لكنه لم يحصل على اجوبة من اكثر المشاركين وفي المناسبة فإن نصرالله روى هذه الواقعة في صالون استقبالاته في في مقر الامانة العامة للحزب في حارة حريك.

موضوع ترشح عون لرئاسة الجمهورية امر وارد بالطبع، لكنه يعبر عن انزعاجه الشديد من عبارة "انا او لا احد" التي يسوقها خصومه نقلاً عن لسانه، لكنه في المقابل لا يخفي سروره بالثقة التي يمنحه اياها اللبنانيون في الاستطلاعات من خلال موقع الصدارة التي يحتلها في بورصة هذه الاستفتاءات.

وماذا عن جهادك للعودة الى قصر بعبدا؟ يرد: "ليست عندي شهوة الحكم".