سنة على الرحلة من السفارة إلى العودة...

جلجلة المنفى على ألسنة رفاق الجنرال

 إعداد غسّان سعود – صدى البلد

الأثنين, 08 مايو, 2006

 "كل نهار عشته بعد 13 تشرين الأول 1990 كان إضافياً، لقد عشت كل الخوف والقلق اللذين يسبقان الرحيل". تقول كلودين, الابنة الوسطى للعماد ميشال عون.

أما الرئيس السابق لفرع الأمن العسكري في مخابرات الجيش الكولونيل فؤاد أشقر, فشعر ذلك اليوم "بذلّ وانكسارِ ملازمين لإصراره على تحمل المسؤولية". يقول: إن دماغه توقف لمدة أسبوع, حين وعى في سجن المزة السوري لما حصل. وبقيَ خمسة عشر عاماً من دون شعور, حتى طلب إليه الجنرال في باريس أن يعود إلى لبنان ليحضر للعودة. ويشير أشقر إلى أن أبشع لحظة في حياته كانت حين نزعت النجوم عن كتفيه مع دخول الضابط السوري إلى مكتبه.

شريك العماد عون في الحياة العسكرية والحكومة والمنفى والعودة لاحقاً, اللواء عصام أبو جمرة, لم يصدق أن "العالم كله تخلى عنّا وأن "كل شيء قد انتهى".

لحِقَ أبو جمرة بالعماد عون في السفارة الفرنسية. هناك قضى الجميع ساعات مجنونة، تخللتها إتصالات بعائلاتهم للاطمئنان عليهم وبحث سبل وصولهم سالمين إلى السفارة الفرنسية في الحازمية. اضافة الى الاستعلام عن العسكر والأهالي. استمرت الاتصالات حتى الساعة الواحدة بعد الظهر, حين قطع خط السفارة. وعند الخامسة والنصف بعد الظهر أوصل السيد إيلي حبيقة عائلة العماد ميشال عون إلى السفارة الفرنسية بعد أن احتل افراد القوات السورية بقيادة الضابط السوري علي ديب قصر بعبدا وعبثوا بمحتوياته، ونقلوا تحت أنظار قائد الجيش في حينه العماد إميل لحود وضابط مخابرات البقاع آنذاك جميل السيد (الذي نسق الهجوم مع السوريين من البقاع إلى بعبدا) ملفات المخابرات المحفوظة في وزارة الدفاع إلى ثكنات سورية.

سجن الحازمية

شكلت السفارة سجناً كبيراً وان مريحاً، فأثارت ضيق صدر أبو جمرة, الذي كان يصر على الخروج منها. راح يؤكد لأصدقائه أن ليس للدولة شيء عليه. بخاصة أنه بعد العمل والجهد اللذين بذلهما في حياته العسكرية التي قضاها بأمان وإخلاص, أو في خدمة المواطنين في الوزارات, لم يكن يفكر قط أنه سينفى من وطنه في يوم من الأيام. يردد بهدوء "لم أكن أفهم ماذا يحصل، أو متى ننتقل ومتى نعود".

حياة السفارة، جعلتهم يمتحنون حقيقة أن كل ممنوع مرغوب. فأبو جمرة فكر يومياً في سهولة قص الشريط الشائك عند حدود حرم السفارة, أو المرور من فوقه والذهاب إلى منزله، لكن العقل كان يردعه, لمعرفته أن السوري له عندهم ثأر, وأن تصرف السوري معهم لن يكون حضارياً في حال إلقاء القبض عليهم. ملأ الجنرال وقته في القراءة, حتى قراءة القاموس الفرنسي وحفظ المفردات الكثيرة. وكان يسجل رسائل صوتية إلى أنصاره وزوجته وبناته. إلى جانب كتابة بعض المدونات والخواطر. وكتب رسائل عدة بالفرنسية إلى بناته على ورق رقيق جداً.

تقول كلودين: إنها كانت تراسل العماد عون كثيراً، لتخبره عن تعبها وثورتها وعدم احتمالها كل ما يحصل معه. وكان الجنرال يجيبها بأفكار إيجابية. وتؤكد أن والدها لا يعرف معنى الاحباط. بخاصة أنه يعيش مسيحيته بشكل عملي, يغنيه بالرجاء والأمل ويشجعه على التمسك بحقوقه. فيعرف كيف يُشعر من يحتاجه، أنه يستند إلى جبل. في أحد ردود الجنرال على ابنته كلودين، يقول: "أشتاق إليكِ، وهذه الرسالة تعوض قليلاً، وستصبح ذكرى جميلة بعد سنوات. رغم صعوبات هذه المرحلة السوداء في تاريخنا. واعلمي أن المساعدة في خلاص لبنان تكون في نشاطاتكم ووجودكم وحتى في منفاكم. وإذا خلص لبنان تكونون شاركتم في تحريره، وإن سقط سيرتاح ضميركم لأنكم بذلتم كل جهد ممكن في سبيل الواجب المقدس". كلودين التي تحتفظ بالرسائل وترفض نشرها. تُقلبها بحنان، وتفضح دموعها كماً كبيراً من الذكريات المرة التي يحاول المنفيون السابقون نسيانها.

يتذكر أبو جمرة كيف كانوا يترقبون مرور المؤيدين الذين يطلقون ابواق سياراتهم على ايقاع "جنرال" حين يجاورون السفارة. وكانت تصلهم يومياً آلاف الرسائل من المؤيدين، والأنباء عن الشعارات التي تملأ معظم المناطق اللبنانية وتتوعد "عودة عون" وتطالب بجلاء الجيش السوري.

هذه التحركات الصغيرة كانت تؤثر في الجنرالات, فتفرحهم وتزيد من معنوياتهم وتؤكد لهم أنهم ليسوا وحيدين, وتشعرهم بأن كثيرين يحملون الهم والمهمة وأن القضية لا ترتبط بشخصهم.

النفي إلى فرنسا

في السابع والعشرين من آب اجتمع مجلس النواب وأقر قانوناً فرض على الجنرالات الانتقال إلى فرنسا لمدة خمس سنوات. وفي اليوم التالي حضرَت إلى السفارة مجموعة من المدنيين الفرنسيين يرافقهم جنرال فرنسي يدعى روندو، أبلغ الموجودون خطة الانتقال إلى فرنسا, وبدأت الاستعدادات للرحيل. بعد 11 شهراً في السفارة الفرنسية، استعد الجنرالات للمغادرة ولقاء عائلاتهم.

الطائرة الفرنسية الخاصة التي انتظر الجميع رؤية الجنرالات يصعدون فيها غادرت من دونهم، لتنتظرهم في قبرص, بعدما وصلوا اليها بحرا, على متن ثلاثة قوارب سريعة, انتقلوا منها إلى باخرة عسكرية فرنسية متوقفة خارج المياه الاقليمية اسمها "أنكتيل". كان المشهد أقرب الى سيناريوهات أفلام السينما الهوليوودية. إذ انتقلوا بسيارات السفارة الفرنسية المصفحة تحت جنح الظلام إلى شاطئ الـgolden beach بين ضبية وأنطلياس, فصعد العماد عون مع الجنرال الفرنسي في أحد المراكب, والجنرالان معلوف وأبو جمرة في مركب ثانٍ والرائد فارس في المركب الثالث. وانتقلوا إلى السفينة المنتظرة في عرض البحر, لينظروا منها إلى أضواء بيروت وجبل لبنان للمرة الأخيرة قبل خمسة عشر عاماً.

"فيلا غابي"

انتشرت مقولة الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران "قضية الجنرال عون جزء من شرف فرنسا", والتي أطلقها في 13 تشرين الأول 1990. هذا الموقف الشجاع من الرئيس الفرنسي الراحل, هو ما جمع شمل الضباط وعائلاتهم في مرسيليا, بعد أشهر من الفراق.

 

فيلا غابي المرسيلية تقع مثل بعبدا, قبالة المتوسط, لكن من المقلب الآخر. زرعت برجال الحرس الفرنسي. وعلى المدخلين الخارجي والداخلي تفتيش صارم لا يراعي أحداً، وآلات تصوير وضبط صور الزوار وبصماتهم وتراخيص المرور. في الداخل هواتف لا تتوقف من كل أقطار العالم. ويُتأكد مصدر المكالمة لبنان, حين تسرح الدمعة على خد عون. الفيلا تحولت منذ اليوم الأول لوصول الجنرال إلى فرنسا خلية نحل لا تهدأ. ولكن رغم كل هذه الحركة كانت ملامح عدم الراحة لا تفارق عون والجنرالات الآخرين, ولا تنسيهم أنهم منفيون. تحمل ابو جمرة شهرين, قبل أن يقرر الانتقال إلى منطقة "نيس" التي يقيم فيها عدد كبير من اللبنانيين, وتضم مدارس وجامعات لإرسال أولاده إليها. وتبعد عن باريس أكثر من 100 كلم, وهي المسافة المحددة من قبل السلطات الفرنسية لاقامة الجنرالات اللبنانيين المنفيين على أراضيها, بموجب الاتفاق مع السلطة القائمة في بيروت.

"الحجر الكلامي"

"محاولات اغتيال، ومن ثم اجتياح عسكري واحتلال، تلتها إقامة جبرية وإسكات وإبعاد. كانت صورتي على شاشة التلفزيون من المحرمات. وكانت كل كلمة تصدر أو تنقل عن لساني تشعل حرباً في الدولة المضيفة، فتذكرني بوجوب الصمت". هكذا يختصر العماد ميشال عون السنوات الأولى في المنفى.

كان الجنرالات ممنوعين عن الإدلاء بالتصاريح السياسية, بحسب الشروط الفرنسية المتفق عليها مع السلطات اللبنانية. فانصرفوا إلى الكتابة والقراءة. ثم استحدثوا إذاعة فريدة في تاريخ النضال اللبناني، إذ عملوا على جمع القصاصات الصحافية وتسجيل صوت قارئها ثم وضعها على الهاتف في شكل يتيح للمتصل بالرقم المحدد أن يستمع إلى نشرة إخبارية. ولاحقاً بدأوا السفر إلى خارج فرنسا لإلقاء المحاضرات, وراحوا يراسلون الصحف. وكان أبو جمرة من أول المشتركين مع جريدة النهار الالكترونية للاطلاع أكثر على تفاصيل الوضع الداخلي اللبناني.

في مرسيليا كان الجنرال في شبه اقامة جبرية واقعية. ملأ صباحه بقراءة الصحف، واهتم بتعلم برامج كمبيوتر عدة, فأتقن استعمالها خلال بضعة أشهر. كان يطبع مقالاته بنفسه, ويبحث في المواقع الالكترونية على الانترنت لمواكبة التطورات الدولية واللبنانية. واقتصرت ممارسته الرياضية على لعب كرة الطاولة في شكل يومي. ونظم التواصل المباشر مع التيار في لبنان، فانتقى عدداً من الشبان الذين يثق بهم للاطلاع منهم على تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بيروت. وكان يمضي وقتاً طويلاً على الهاتف. وظل يفاخر برفضه "السير الاعمى في اتفاق الطائف" الذي شرَعَ الوجود السوري الى ما لا نهاية.

لاحقاً إنتقل العماد عون وعائلته إلى منزل معزول في محلة «هوت ميزون» في منطقة المارن، شرق باريس. حيث عاد الجنرال الى عنايته بالأرض , مهتما كثيراً بالزراعة. كان يقضي أكثر من ساعتين يومياً في الحديقة, يزرع بصبر, كما في السياسة والنضال, منتظرا مطر الرجاء من السماء وبالتالي حصادا وفيرا لزرعه. وتتذكر كلودين سعيه الدؤوب للنقاش مع عائلته والأصدقاء في المسائل الروحية، بالإضافة إلى متابعته بشكل مكثف للأفلام الوثائقية والعلمية.

بعد "البيت العالي" وأعوام الابعاد "القانوني" الخمسة وفق قانون العفو, انتقل عون الى باريس, حيث سكن قرب حديقة "مونسو" في الدائرة السابعة عشرة . بدأ باستعمال الـmsn للتواصل مع أنصاره. وكان يتفقد بريده الإلكتروني بشكل يومي ويجيب على الرسائل التي ترده, ويتواصل مع الشبان المكلفين الاهتمام بالموقع الالكتروني للتيار الوطني الحر, فيتابع صفحاته بدقة, وازداد اهتمامه بتطور أجهزة الكمبيوتر.

"التفكير في العودة"

في العام 1996 انتهت السنوات الخمس التي حُددت للجنرالات كمدة نفي. واكتشف أبو جمرة أن زوجته مصابة بمرض السرطان في الرأس وأن عمرها المتبقي قد لا يتعدى خمس سنوات، ففكر جدياً في العودة إلى لبنان، وطلب من ابنيه داني وفادي أن يعودا لجس النبض والتحضير لاحتمال العودة، وحرصاً منه على عدم زواج ابنيه من أجنبيات. مرض الزوجة سبب ألماً كبيراً لأبو جمرة كما يقول المقربون منه. وبعد إجراء عمليتين جراحيتين لها، عادت الزوجة إلى لبنان فازداد إصرار أبو جمرة على العودة إلى بلدته, آملاً إنتهاء معاناتهم مع انتهاء عهد الرئيس الياس الهراوي سنة 1995. لكن التجديد للهراوي أصابهم بالخيبة والنكسة, وأدركوا أن العودة ستتأخر أكثر.

التمديد للهراوي سعّر الثورة العونية التي راحت تأخذ طريقها إلى الظهور, بخاصة في الجامعات ذات الغالبية المسيحية. واهتدت المجموعات العونية في تلك السنوات إلى "النشرة اللبنانية" التي كان يكتبها العماد عون أسبوعياً ويرسلها عبر البريد الالكتروني لتوزع في لبنان. ويقول عون: "في تلك الظلمة الداكنة, كان إنجاز الانترنت يتخطى المراقبة المسبقة واللاحقة، ويخرج عن امكان المصادرة، فأعطانا الفسحة الحرة لتسليط الأضواء تباعاً على حقيقة مواقفنا. الحقيقة تنتصر في النهاية، ولكن كلفتها عالية جداً ولا يعرف حجمها إلا من يدفعها".

عادت كلودين عون إلى لبنان في العام 1997 لتكتشف التغيير الهائل الذي أصاب وطنها, وأصيبت بإحباط حين شاهدت تأقلم طبقة سياسية كاملة مع الواقع السلطوي السوري.

في العام نفسه توفيت زوجة أبو جمرة. ودع الزوج جثة زوجته في مطار باريس ليلاقيها في بيروت آلاف العونيين الذين ساروا في جنازتها. وما زال يتقد غضب أبو جمرة من عدم قيام "رفيقه في الخدمة" الرئيس أميل لحود بالاتصال به للتعزية أو إيفاد أحد. فكتب أبو جمرة في 18 – 12 – 1998 مقالاً بعنوان "صلاحيات الرئيس بين الطائف ودمشق" نشر في جريدة الحياة. فحُوِل أبو جمرة إلى المحكمة بتهمة القدح والذم بالرئيس. ظلت الدعوى قائمة أعواما, قبل أن تقفل قبل أسبوعين.

 

 البكالوريا في السفارة والجامعة بأسماء وهمية

الأثنين, 08 مايو, 2006

مع جمع شمل أبرز القياديين العونيين في السفارة الفرنسية بدأوا الكلام مع السفير الفرنسي رينيه ألا عن سبل اللجوء السياسي الى باريس، إفرادياً أو عائلياً، وطريقة الانتقال إلى الخارج. لكنهم علموا بعد الظهر أنهم باقون في سفارة الحازمية مدة من الزمن، فبدأوا يتوزعون على الغرف. العماد عون وعائلته في "غرفة الوزير" في الطابق الأول، الجنرال معلوف في غرفة منفردة في الطابق الأول. وأبو جمرة وابنه فادي، والرائد حبيب فارس في الطابق الأرضي.

تقول كلودين: إنها تبلغت في اليوم الثاني لوجودهم في السفارة, نجاحها وشقيقتها شانتال وفادي أبو جمرة في امتحانات الشهادة الرسمية، فأصر السفير الفرنسي رينيه ألا وزوجته على الاحتفال بالنجاح، رغم طغيان الحزن والقلق على الموجودين.

وحدد بعد أسبوع سفر عائلات الجنرالات إلى فرنسا, في حين يبقى الضباط في الحازمية. هكذا أمضت العائلات خمسة اشهر في التنقل من مكان إلى آخر. تسجلت بنات الجنرال عون, كما تقول كلودين أيضا, في الجامعة تحت اسم عائلة شامي لأسباب أمنية. ولم يستطعن البوح بحقيقة هويتهن حتى لأكثر المقربين بين أصدقائهن. ولم يستطع الجنرالات مهاتفتهن قبل مرور خمسة أشهر.

 

التحضير للعودة ونصيحة شيراك الحريص

الأثنين, 08 مايو, 2006

 عشية الموعد الذي حددوه لعودتهم إلى لبنان في السابع من ايار 2005 أرسل الرئيس الفرنسي جاك شيراك جنرالاً من مكتبه يحمل رسالة لهم تنصحهم بعدم العودة قبل الانتخابات, لأنه لا يستطيع أن يضمن لهم أمنهم, ولأن ثمة صواريخ قد تكون معدة لإسقاط طائرتهم. لكنهم أصروا على العودة. انشغلوا بالمقابلات الصحافية وتحضير أماكن الإقامة في لبنان واقفال منازلهم في فرنسا ونقل الأثاث والكتب والتذكارات الكثيرة.

تقول كلودين: إن صدمة 13 تشرين الأول 1990 استمرت خمسة عشر عاماً ولم تدرك مع عائلتها ما حصل, إلا عشية التحضير لعودة الجنرالات. فخلال بحثها في الأرشيف استوعبت مرور خمسة عشر عاماً. وشعرت فجأة أن كل شيء يعود إلى طبيعته.

قبل مغادرة طائرة الجنرالات إلى لبنان قال عون للصحافيين: "اترك قطعة من قلبي في فرنسا ومع شعب فرنسا الذي وقف الى جانب اللبنانيين دائماً".

في باريس صعد عون إلى الطائرة التي أقلته, بجواز سفر رئيس حكومة لبنانية سابق، كان ممنوحاً له طوال مدة إقامته في الخارج. وعلى أرض مطار بيروت كانت العبارة الأولى التي نطق بها الجنرال "هذا يوم فرح وابتهاج". واعتبر بعد 319 يوماً في السفارة الفرنسية و4996 يوماً في المنفى الباريسي" أنه عاد الى لبنان, بعدما استعبدته غيمة سوداء طوال 15 عاماً ".

انشغل الجنرالات بصورة الآلاف المحتشدين على طول الطريق من مطار بيروت إلى ساحة الشهداء لتحيتهم بعد أن غادروا لبنان "اضطرارياً" تحت جنح الظلام عبر مراكب خُبئت في انتظارهم. ويؤكد أبو جمرة شعوره منذ السابع من أيار بأنه رجل جديد. وقد ثبت له عدم انقطاع الرابط المعنوي الذي أنشأته المعارك العسكرية وعلاقة الحياة والموت بين الشعب اللبناني وأشهر المنفيين في تاريخ لبنان. واستعاد الآلاف الذين أحاطوا العماد ميشال عون في ساحة الشهداء وقفة "يا شعب لبنان العظيم" في باحة قصر بعبدا في نهاية الثمانينات ورسم العماد عون جوانب من صورته العامة الجديدة. التي لا يمكن استيعابها من دون فهم إيمان عون بمقولته": ها انا اعود اليكم اليوم والعالم لم يستطع سحقي ولم يأخذ توقيعي".

كلودين، تؤكد بعد سنة على عودتها, أنها لن تغادر لبنان أبداً بعد اليوم، وتعترف أنها حتى الساعة لا تزال تسأل نفسها بين الحين والآخر: "معقول الجنرال رجع؟ ".

 

 استثمار اللوبي اللبناني"

الأثنين, 08 مايو, 2006

   تتبع المنفيون الحركة العونية في لبنان بدقة. وازداد اهتمامهم بمحاولة التأثير في القرار الدولي عبر إنشاء لوبي لبناني في دول الانتشار وتوجيهه. فبدأ مشوار قانون محاسبة سورية واستعادة السيادة اللبنانية في واشنطن, وكانت للعماد عون دور بارز في اقراره, حين شهد أمام الكونغرس وقدم مختصراً عن التجربة اللبنانية من وجهة نظره، ومن ثم القرار 1559.