نص الخطاب الذي القاه الجنرال ميشال عون في ساحة الشهداء في نفس اليوم الذي عاد فيه من المنفى 

8 أيار 2005

 

"يا شعب لبنان العظيم"... مرتين ردد الجنرال عبارته المعهودة، بعدما اصر خلال مقابلاته التلفزيونية على اطلاقها مباشرة امام الحشود التي فاق عددها في ساحة الشهداء، وفقا للوكالات، المئة الف، عقب إنشاد النشيد الوطني اللبناني كاملا. وكالسابق، اشعلت جملته الشهيرة الجموع قبيل تلاوته كلمة بدت في جانب منها اشبه بـ"أمر اليوم"، و"خطاب قسم" في جانبها الآخر. فكشف عن بعض من مضامينه بالأمس وآثر ترك مضامين اخرى الى اليوم التالي، "الى التغير الآتي". وما لم يقله الخطاب قالته بعض اللافتات التي حملت توقيع "التيار الوطني الحر" الذي حيا من"كان أمينا على السيادة والحرية والشعب يريدك رئيسا للجمهورية." وبين مضمون وآخر رسالة وتصفيق وهتافات توزعت في اكثر من اتجاه: الى انصار "التغيير"، في الداخل والاغتراب، وانواعه وذهنية المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الذي بات على الابواب تمهيدا لبناء الدولة الحديثة مطالبا بمنح المغتربين حق الاقتراع، والمتوجسين منه مطلقا سلسلة تساؤلات "تطمينية" عن الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية.

 

وقال الجنرال : "يا شعب لبنان العظيم، قلت لكم يوما ان العالم يستطيع ان يسحقني ولن يأخذ توقيعي، اعود اليكم اليوم والعالم لم يستطع سحقي ولم يأخذ توقيعي، قلت لكم مرة: عار على العالم الحر ان يقوم جنرال بلباس مرقط، ويقول لهذا العالم، ان الحياة، ان الوجود خارج اطار الحرية هو شكل من اشكال الموت، بينما العالم يخاف العسكريين، وها انا اعود اليكم اليوم ولبنان اصبح سيداً حراً مستقلا.

 

طبعا لما استطعنا تحقيق هذا الانجاز لو لم يكن هناك ابطال في قواتنا المسلحة كانوا النموذج في الدفاع عن هذا الوطن، وفي شعبنا الكريم الذي اعطى كثيرا من الشهداء، ولذا كانت اول انحناءة امام ضريحهم. ومن ثم لم يكن في امكاننا ان نقوم بهذا الانجاز لو لم يكن شبابنا وعلى رأسهم الشباب الجامعي يحمل الشعلة ويبقيها مضاءة، وهو رمز للمقاومة السلمية التي ادت الى وصول الصوت الى اغترابنا وانتشارنا في العالم.

 

اما الانتشار اللبناني في مختلف بقاع الارض فقام بدور عظيم برفع الصوت اللبناني المكبوت على ارضه واوصل القضية الى اعلى المراجع الدولية، وهي تنتج اليوم استقلالا للبنان وحرية وسيادة، والمنتصر اليوم هو شعبنا الذي قام بالضربة القاضية في الرابع عشر من آذار، الذي اضاء الشعلة على ارض الوطن كله.

لذلك نعد مغتربينا بأن نشركهم في حياتنا الوطنية بعدما ادوا قسطا لا يمكن ان نسدد ثمنه الغالي الا بإشراكهم في حياتنا السياسية، من خلال تأمين حق الاقتراع لهم مثل بقية الدول الديموقراطية في العالم.

 

هذا كان امرنا الى اليوم الذي نحتفل به باستعادة قرارنا الحر، ولكن غدا سيكون يوم آخر.

 

انني ارى في وجوهكم واقرأ في عقولكم، وأشعر بقلوبكم توقا الى التغيير، وهذا التغيير آت، حتماً آت. ان لبنان لن يحكم بعد اليوم بذهنية القرن التاسع عشر، نريد ان نكون ديموقراطية حديثة تتفاعل قيادتها مع مواطنيها، نريد ان يكون هناك التزام امامكم لبرامج انتخابية وعلى اساسها تحاسبون الذين مثّلوكم خلال اربع سنوات. لا نريد نماذج قديمة تمثل قطاعات اقطاعية استمرت الى الآن بدون مساءلة ومحاسبة. اعتباراً من الغد سيكون لنا موقف من كل هذه الامور، وسنتابع معكم هذه الامور الاساسية.

 

يقولون اننا جئنا وبعضهم يخافنا، هل هناك مبرر للخوف ممن يدعو الى الوحدة الوطنية، من خلال وحدة العائلات السياسية اللبنانية والمجموعات الطائفية المجتمعية؟ هل هذه دعوة الى المشاكل؟ واقول لكم اذا تكلمت طائفيا فانبذوني. لا اننا ندعو الى وحدة الموقف، الى وحدة النضال من أجل تحديد، وانجاز اهداف محددة تعرفونها مسبقاً، وإلا ضاعت الامانات وبقي لبنان يجر اذيال الخيبة.

 

لا نريد بعد اليوم عصبات طائفية تتناحر وتتقاتل وتهدم ذاتها. نريد بالفعل وبالروح وبالعمل وبالكلمة وحدة وطنية هي اقوى قوة في الدفاع عنكم وفي الدفاع عن لبنان، نريد ان نحارب المال السياسي الذي افسد الجمهورية  نظاما ورجالا ووضع لبنان على حافة الافلاس. نريد مجتمعا، وان كان عنده انتماء طائفي ينتخب بفكر سياسي، في هذه الحالة فحسب ينقذ لبنان.

 

عشتم وعاش لبنان وسنكون على تلاق دائماً".