طالب بالجلوس لطاولة حوار تجمع الفرقاء الأساسيين لبحث كل القضايا

عون لـ" الوطن":   المطروح الآن هو وجود الدولة لأن هناك تعددية في القرار وانقسامات

الوطن 26 كانون الاول  2005 

قال رئيس التيار الوطني الحر اللبناني العماد ميشال عون إن مطالبته بالتنازل عن حقه في الترشح لرئاسة الجمهورية هي محاول اغتيال. مؤكدا أنه لا يمكن التنازل عن هذا الحق. وأشار إلى أن التدابير المتخذة حول منزله وعدم التحرك تجعله في إقامة جبرية. وأوضح عون في حديث مع "الوطن" أن المطروح الآن هو وجود الدولة لأن هناك تعددية في القرار وانقسامات.

وطالب بالجلوس لطاولة حوار تجمع الفرقاء الأساسيين لبحث كل القضايا. وقال بأنه يريد العودة للتأكيد على الخيارات الأساسية الموجودة في اتفاق "الطائف". وأكد عون أنه مستعد للذهاب إلى سوريا بعد جلاء التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. واعتبر أنه من الخطأ مهاجمة المبادرة التي يقوم بها أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى.

 

وفيما يلي نص الحوار:

* في تصريحاتك الأخيرة تحذير من اتجاه لبنان نحو التقسيم، ما هي المعطيات الفعلية لديك لقول ذلك؟

 

- المعطيات هي الواقع السياسي الحاضر وقد بدأ معي شخصيا مع تأليف الحكومة حيث انشطر قسم من اللبنانيين منها، على أساس أنه هناك أكثرية وقد سلمنا بالأكثرية.. ثم انشطرت الأكثرية ووقع تصادم سياسي عنيف مع أزمة شرق أوسطية تلقي بظلالها على الوضع اللبناني لا نستطيع أن نتنكر لها، حيث وصلت الحرارة إلى القاعدة متخطية المستوى السياسي والقيادي.

 

هناك احتقان في الشارع وضغط يمكن أن تفقد السيطرة عليه ومعه لن ينفع الندم. كل هذه المؤشرات تدل أن لبنان في أزمة.

 

نصائحي السابقة تركزت حول كيفية خروج سوريا من لبنان بترتيب مشرف ولم نلق أذانا صاغية. حتى بعد خروج سوريا نصحنا بالتهدئة وبأن لا لزوم لأن يشعر أحد بأنه مغبون. وحدث يومها سوء تصرف تجاهنا واعتبرنا البعض بأننا أصبحنا سوريين، بينما واقعنا التاريخي والسياسي يؤكد أننا تحملنا الكثير من المآسي لتحرير لبنان.

 

  كل ذلك يدل على أن الفكر السياسي على المستوى المسؤول في لبنان لم ينضج ويريد دفع نصف اللبنانيين باتجاه سوريا وينفذ نوعاً من التصرف الثأري. كل ما ورد يشكل أجواء ضاغطة على الوضع باتجاه السلبية.

*هل نفهم من كلامك أن هناك فرقاء لبنانيين يفكرون في التقسيم للخروج من المأزق الحالي؟

 

- إذا كان المأزق الصعب قائماً وانقطع الحوار، وتطورت الأمور، فإن التقسيم سيفرض نفسه. والحقيقة أننا لم نتجاوز التقسيم نفسيا حتى بوجود كل الاتفاقيات. أنا شخصيا دفعت الثمن في مواجهة الفكر التقسيمي الذي كان قائما. واليوم هناك لبنانيون يخشون أن يدفعوا ثمن التوحيد كما دفعوا في السابق ثمن التقسيم.

 

هناك حيرة لدى الشعب: إذا أردنا التقسيم فالأمر مرفوض وإذا أردنا التوحيد الأمر مرفوض. إلى أين نذهب؟ هل نحن فقط منذورون لنكون خرافا في مسلخ؟ لا يمكن الخروج من الوضع الحالي سوى بحوار الجميع على طاولة واحدة مع كل القوى الرئيسية كي نزيل المخاطر التي تهدد المواطنين.

 

* لماذا لم تشارك في الحكومة لتفادي كل ما يجري حاليا خصوصا أنك تدعو اليوم لحكومة أقطاب؟

 

- كنت أريد المشاركة في الحكومة الحالية لكنني وجدت أن الهدف من ذلك هو احتوائي. ولا أستطيع أن أتبع أي قرار سياسي إذا لم أشارك في وضعه. لذلك شعرت من خلال المفاوضات والتفاهمات على المقاعد أننا لسنا شركاء ويراد لنا أن نكون تبعيين لقرار واحد. وهاهو القرار الواحد قد أوصل إلى التصادم مع فئة داخل الحكومة.

 

*أين أنت الآن من هذا التصادم داخل الحكومة؟

 

- يجب أن يكون هناك توافق بين الجميع يسبقه نقاش حول الموضوعات الأساسية. لا يمكن اتخاذ قرارات من جانب واحد. لا يمكن اعتماد النظام الأكثري إلا في حال كان النظام علمانيا.

 

*لبنان على مفترق طرق وهناك أزمة حكومية؟

 

- ليست أزمة حكومية. المطروح الآن هو وجود الدولة لأن هناك تعددية في القرار وانقسامات. أرى الآن أن هناك تجميدا للصراع بسبب أن كل الأطراف لا تريد الذهاب بالصراع إلى الآخر، ولكن الصراع ممكن أن ينفجر في أي لحظة. الجميع يعرف أن الوضع خطير ونحن نسعى حاليا لجمع الأطراف حول طاولة حل وطني. وأنا لا أضع شروطاً على أحد. أنا أريد وضع أسباب الخلاف على الطاولة. أنا أريد أن نعيد تأكيد الخيارات الأساسية الموجودة في "الطائف ". وبالنسبة لي فإن كلمة " الطائف " لم تعد تعني شيئا لي، لأنه هناك من يحلف باسم الله ولا يحترم قسمه مع الأسف.

 

* هل تريد القول إن اتفاق الطائف وضع على الرف؟

 

لا- أريد أن نجدد مضمون "الطائف". هل في لبنان وحدة قرار أم تعددية قرار؟ ما معنى سيادة لبنان؟ هل كل فريق يستطيع إقامة دولته أم إنهم ينتظرون اللامركزية الموسعة؟

 

* تطالب بتنازلات من الآخرين. أي تنازلات يمكنك تقديمها أمام الآخرين؟

 

_ لا تنازلات لدي لتقديمها. نحن تنازلنا عن وكالة أعطيت للحكومة. نحن نقدم جهدا توفيقياً للعودة إلى التوافق.

 

* ربما يطلب الطرف الآخر منك التنازل عن المطالبة برئاسة الجمهورية؟

 

_ هذه محاولة اغتيال. هذا كمن يطالبك بالتنازل عن حرية الرأي أو عن ممارسة الاختيار السياسي. هذا لا يجوز. إذا طالبني أحد بهذا الشرط يمكن لي أن أرد عليه بالمطالبة بالاستقالة والرحيل عن البلد.

 

*أليست العقبة الأساسية أمام الحوار مع الطرف الآخر هي تمسكك بالترشح للرئاسة؟

 

_ وأين الاعتداء على الآخر إذا ترشحت للرئاسة؟ إذا كان المطلوب كما تقول يكون هناك محاولة للسيطرة على الوطن ورفض الآخر.

 

*هناك أكثرية نيابية ولا تسيطر على الوطن؟.

 

_ فلتسقطني في الانتخابات( الرئاسية). لتكن الأمور بشكل طبيعي وفقا لمنطق القانون والدستور. كيف يمكن للأكثرية النيابية أن تقول للرئيس الحالي أرحل، وتقول لآخر (أي لعون)، لديه طموح من ناحية نظرية للرئاسة، لا حق لك بالرئاسة. هذا تصرف خطأ. لنكن واقعيين: فليقوموا بإزاحة الرئيس الحالي ويرشحوا بدلا عنه ويوصلوه إلى الرئاسة، إذا كان لديهم القدرة على ذلك فليقوموا به، ولكن إذا كان لي رأي فإنهم لا يستطيعون أن يفرضوا علي الموقف. من حقي الطبيعي أن أترشح ولا يمكن التنازل عنه وما يطلب مني يعتبر اعتداء علي.

 

* لقد جوبهت مؤخرا بالتجاهل ولم يتم التجاوب مع مطلبك بالحوار وإنشاء حكومة أقطاب. ماذا ستفعل الآن؟

 

_ على العكس، فإن رئيس مجلس النواب تجاوب وزارني وفد من قبله. هناك إقرار بدعوتي. ورفضت الحوارات الثنائية لأنها تؤدي إلى قيام جبهات لا يسمح بها الظرف السياسي. الحوار المطلوب هو أن يكون بين الجميع وعبر السلطات الدستورية.

 

*هل ترى أن لبنان ممنوع من استعادة العافية وسط مشاريع التدويل والتعريب؟

 

-أنا لا أعترف لأحد بالسيطرة على لبنان وأسعى دائما إلى أن يبقى مصير لبنان بيد اللبنانيين بشرط أن يكون القرار بيد اللبنانيين ولا ينبع من قرار الآخرين. ولكننا نريد أن نكون أصدقاء للجميع ولا نريد أن نعادي أحداً.

 

* ما هي طبيعة العلاقة الحالية من النظام السوري؟

 

_ لا علاقة لي بالنظام السوري. ما زالت العلاقة عادية. ولم أحاول أن ابني علاقة قبل جلاء كل الغموض خلال الأحداث الأخيرة.حاولت أن أدعو السوريين إلى مؤتمر لبناني مع كل التشكيلات السياسية الموجودة لإيجاد مخرج مشرف لسوريا من لبنان ولم أوفق. وأنا مستعد للذهاب إلى سوريا بعد جلاء التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، عندها تقوم الحكومة اللبنانية ببناء العلاقة اللازمة.

 

أقول إن التوتر السياسي لا يجب أن ينعكس على العلاقة بين الشعبين وبين الدولتين. العلاقات ممكن أن تتوتر بين بلدين ولكن أحدا لا يقطع العلاقات الديبلوماسية ولا يوقف الاتفاقيات ولا يقفل الطريق. اليوم هناك اتهامات متبادلة وهناك من يقول إن سوريا متهمة باغتيال الحريري وتقوم بالجرائم التي تحصل. وهذه قضايا معلقة سيفصل بها القضاء الدولي والمحلي، نأمل جلاء القضايا هذه.

 

*هناك مبادرة عربية لتسوية العلاقات مع سوريا ما هو موقفك منها ومن مهاجمتها من قبل الأكثرية النيابية؟

 

_ من الخطأ مهاجمة هذه المبادرة. نحن في أزمة وكل مبادرة يجب أن ينظر إليها بإيجابية. الرفض المطلق لأي مبادرة خطأ.

 

* تقول تحليلات إن العماد عون يتخذ دائما موقفا محايدا. هل هذا هو دور الرئيس المقبل للبنان؟

 

_ أنا لا أصطنع هذا الدور. لا يمكن أن أكون طرفا في الانشقاق الحكومي. لم يطلعني أحد على أسباب الانشقاق لكي أكون طرفا. أنا دعوت إلى الحوار ولم أتخذ موقفا.

 

* في ظل الكلام عن التدويل أين يقف العماد عون؟

 

_ لم أر أي تدويل إلى الآن. أما المحكمة الدولية فإنني طالبت بمحكمة مشتركة لبنانية - دولية بسبب أن لبنان مستضعف أمنيا وسياسيا... وهذا يسمح بتطمين الخائفين على أمنهم وعلى شفافية القضاء.

 

*هل هذا مطروح في الحوار مع حزب الله؟

 

_ لم نطرح هذا الموضوع. طرحنا موضوع حماية المقاومة والوطن وحل مشكلة القرار 1559 والمبادئ التي يجب أن نحترمها في النقاش. وقد توصلنا تقريبا إلى الإطار للنقاش الذي هو بحاجة إلى الفريق الحاكم ليكون له صفة الالتزام.

 

*هل هذا يعني أن الحوار لن يستكمل مع حزب الله؟

 

_ لا على العكس. هذا لا يعني أنه إذا لم يكن هناك حوار حول القرار 1559 تكون العلاقات مقطوعة مع الحزب. حزب الله له شرعية التمثيل، حتى الأكثرية النيابية تعهدت بحماية سلاح المقاومة.

 

*هل تتعهد بحماية سلاح المقاومة وهل أنت مع استمرار المقاومة؟

 

_ قبل أن تنتهي المقاومة هناك أمور يجب تصفيتها مثل مزارع شبعا واعتداءات على الحدود وهناك موضوع أن سلاح المقاومة لن يتم بحثه بمعزل عن سلاح المخيمات الفلسطينية والأسلحة الأخرى الموجودة على الأرض اللبنانية.

 

*ما طبيعة الاتصال مع جنبلاط وهل هو بداية نهاية القطيعة؟

 

_القطيعة هي الاستثناء. إن شاء الله تكون بداية خير وتفاهم لبناني - لبناني واسع.

 

*هل تتوقع أن تذهب الأكثرية النيابية أكثر باتجاه معركة إسقاط رئيس الجمهورية؟

 

_ أعتقد أن الأسلوب الحالي لإسقاط الرئيس عقيم. إذا كان هناك أسباب أساسية لإسقاط الرئيس فإنها لا تطرح في الشارع. الخطأ المرتكب هو بإسقاط الرئيس في الشارع وهو تحد.

 

*أنت متهم بأنك لا توافق على ذهاب الرئيس إميل لحود إلا إذا كنت ستصبح الرئيس المقبل؟

 

_ هل سألني أحد عن هذا الموضوع؟ كيف تريدني أن أبني علاقة مع الآخر الذي يشيع عني ويكذب. من بادرهم بالطلب بالتفاهم علي رئيسا؟ وكيف لهم الحق باستثنائي من التفاهم كرئيس للجمهورية. كأنهم يريدون إسقاط الرئيس مجانا بينما لديهم خطة سياسية مسبقة ليضعوني تحت الأمر الواقع. هناك نوايا سيئة تدفعني إلى عدم الركون إلى أي تصرف سياسي.

 

* هل تريد اتفاقات موقعة؟

 

_ فلتكن. أنا أشجع كل ما هو مكتوب وموقع.

 

* ماذا تقترح على الحكومة لمواجهة الانهيار الأمني؟

 

_ هناك عدة حلول. يجب تغيير سلوكية الأجهزة الأمنية على الأرض إذ هم أتوا بأجهزة لها ولاء سياسي تهتم بأمن المسؤولين وليس بأمن اللبنانيين. بكل صراحة عينوا أجهزة أمنية بغير كفاءة مهنية (ولا أقصد الكفاءة الوطنية). هناك 15 جريمة لم يكتشف منها أي خيط. البلد مكشوف قبل اغتيال الحريري وبعد اغتياله. يجب التفكير بوسائل أمنية وبأمن سياسي.