استطلاع لمركز بيروت للأبحاث والمعلومات: العماد ميشال عون في المرتبة الأولى رئاسياً 

رئيس مركز بيروت للابحاث والمعلومات السفير 15  تشرين الثاني   2005 

بعد صدور القرار الدولي 1636 الذي يفرض على سوريا ضرورة التعاون غير المشروط مع مجلس الامن الدولي حول التحقيق في قضية اغتيال الحريري، قام مركز بيروت للأبحاث والمعلومات بإجراء استطلاعٍ لمعرفة طريقة تفاعل الشارع اللبناني مع هذه التطورات الجديدة. نُفِّذ هذا الاستطلاع في الفترة الواقعة بين 3 تشرين الثاني 2005 و9 تشرين الثاني 2005، وشمل عيِّنة من 800 مستطَلع موزعين على جميع المحافظات اللبنانية. توزَّعت العينة على مدن وقرى جرى انتقاؤها عشوائياً وروعِيَ في اختيار المستطلعين التوزيع الطائفي بصورة تتناسب وحجم الكتلة المذهبية لكل طائفة، وكذلك روعِيَ في العينة الفئات العمرية المختلفة بحيث جرى اختيار المستطلعين من جميع الأعمار. وبعد انتهاء الفريق الاستطلاعي، أُدخلت الاستمارات في الكمبيوتر وتم استخراج المعلومات الواردة فيها وتحليلها وفقاً لبرنامج ACCESS، وتقنيات VBA، Oracle وSQL، وقد عملت على تحليل البيانات مجموعة من الأكاديميين المختصين في البرامج الاحصائية والبرمجية.

تضمنت الاستمارة أربعة أسئلة هي:

السؤال الأول: هل تعتقد أن قرار مجلس الأمن 1636 الأخير محق أم غير محق؟

السؤال الثاني: هل تعتقد أن القرار سيُضعِف رئيس الجمهورية اميل لحود؟

السؤال الثالث: إذا تنحى الرئيس إميل لحود، من تُرشّح مكانه للرئاسة؟

السؤال الرابع: هل تؤيد الدعوة لعقد اجتماع للقوى المسيحية في بكركي للبحث في اسم رئيس الجمهورية المقبل؟

نتائج الإستطلاع

السؤال الأول: هل تعتقد أن قرار مجلس الأمن 1636 الأخير محق أم غير محق؟

رأى (67,6%) من المستطلعين ان قرار مجلس الأمن الأخير غير محق بشأن سوريا، فيما قال (32,4) منهم إن هذا القرار محق.

السؤال الثاني: هل تعتقد أن القرار سيُضعِف رئيس الجمهورية؟

قال (67,8%) من المستطلَعين إن هذا القرار سوف يؤثر سلباً على رئيس الجمهورية ويُضعف موقفه، في حين قال (32,2%) منهم إنه لن يؤثر أبداً على موقفه.

السؤال الثالث: إذا تنحى الرئيس إميل لحود، من ترشح مكانه للرئاسة؟

عندما طرحنا هذا السؤال على المستطلعين، كان التأييد الأكبر لميشال عون الذي حل في المركز الأول بنسبة (31,9)، يتبعه نسيب لحود ثانياً بنسبة (15,5%)، ثم بطرس حرب ثالثاً بنسبة (12,6%)، ليأتي سليمان فرنجية رابعاً بنسبة (8,6%)، بينما حلّ خامساً سمير جعجع بنسبة (7,9%)، يليه جان عبيد في المركز السادس بنسبة (2,6%)، والمرشح الذي سوف يؤيده الحزب التقدمي الإشتراكي في المركز السبع بنسبة (1,7%)، أما المركز الثامن فكان من نصيب روبير غانم وغطاس خوري بالنسبة نفسها (1,6%)، ليحل معاً غطاس خوري والمرشح المدعوم من تيار المستقبل في المركز السابع بنسبة متساوية هي (1,4%)، وكان (2,7%) من المستطلعين قد اختاروا أسماءً عديدة أخرى، أما باقي المستطلعين والذين يشكلون (10,5%) فكان جوابهم أنهم لا يرشحون أحدا لرئاسة الجمهورية.

السؤال الرابع: هل تؤيد الدعوة لعقد اجتماع للقوى المسيحية في بكركي للبحث في اسم رئيس الجمهورية المقبل؟

أيّد (59,1) من المستطلَعين الدعوة لعقد اجتماع للقوى المسيحية في بكركي للبحث في اسم رئيس الجمهورية المقبل، بينما رفض هذا الأمر ما نسبته (40,9%) منهم، وذلك لأسباب عديدة سنأتي على ذكرها لاحقاً.

قراءة سياسية لنتائج الاستطلاع

بيّن استطلاع مركز بيروت للأبحاث والمعلومات حول قراءة الشارع اللبناني لتداعيات القرار 1636 وانعكاسه على الملف الرئاسي، مجدداً، أن المرتكز الأساسي لتكوين آراء اللبنانيين هو المواقف السياسية لزعماء الطوائف دون غيرهم، وأن أي انقساماتٍ نلحظها في النتائج المستخلصة تعكس واقع الاصطفافات الطائفية ومواقف قياداتها، مما يجعلنا نستخلص مجدّداً أن هذه الظاهرة هي بعكس الحال في الدول الديموقراطية حيث تتحدد خيارات القيادات والأحزاب، صعوداً أو نزولا أو ثباتاً، بالاستناد إلى رأي الجمهور. أما في لبنان فإن رأي الجمهور يتغير تبعاً لتبدُّل رأي القيادة أو الزعامة السياسية أو الطائفية.

وتجلّت ظاهرة الاصطفاف الطائفي، في الإجابات على السؤال الاول من خلال المواقف المتباينة للأكثرية الساحقة من أبناء الطائفة الشيعية مع مواقف الاكثرية الساحقة من أبناء الطوائف الأخرى، وتكرر الامر نفسه في الاجابات الواردة على السؤال الثاني المتعلق بتاثير القرار 1636 على موقع رئيس الجمهورية اميل لحود (أنظر الجدول).

أما بالنسبة الى السؤال الثالث المتعلق بخيارات اللبنانيين الرئاسية في حال تنحي الرئيس لحود، جاءت آراء المستطلعين لدى مختلف الطوائف متنوّعة ولعلّ السبب في ذلك هو عدم تبّني قيادات الطوائف لأي مرشّح. ولكن الاستطلاع، أظهر تقدّماً واضحاً للعماد ميشال عون، كمرشح رئاسي محتمل، على مستوى معظم الطوائف، مقارنة مع الاستطلاع الذي أجريناه مؤخراً، وكان قد احتل فيه أيضا، المرتبة الأولى، وقد يكون مرد ذلك هو حضوره الإعلامي والسياسي الكثيف والترديد الدائم بأنه <<المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية>> وحفاظه على خطابه المتعلق بالبرنامج الإصلاحي والتوازن السياسي، مما يجعل منه المرشّح الابرز للرئاسة الأولى حتى الآن. واللافت للانتباه أن نسبة التأييد له عند السنة قد ارتفعت من نحو 9% إلى نحو 20%، وقد يكون التواصل مع تيار المستقبل هو سبب إضافي لهذه الزيادة المضاعفة.

ويظهر الاستطلاع أيضاً أن رئيس حركة التجدد الديموقراطي نسيب لحود قد تقدّم عما كان عليه سابقاً على المستوى العام وعند كل الطوائف دون استثناء، وجاء في المرتبة الثانية، وهي النسبة الاعلى التي حصل عليها حتى الآن في استطلاعات مركز بيروت(15,5%)، وذلك على الرغم من النتائج السلبية للانتخابات النيابية الأخيرة التي لم يحالفه الحظ فيها، وكذلك انتهاؤه من مرحلة التقييم وبتكثيف ظهوره الإعلامي والسياسي في الأسابيع الأخيرة وتعبيره عن مواقفه السياسية المعتدلة التي لاقت تأييداً لدى أوساط المستطلعين، إضافةً إلى العامل المرتبط بازدياد الاهتمام لدى المستطلعين بملّف الرئاسة الأولى لشعورهم بجدية قرب الاستحقاق والاستفادة من ازدياد اهتمام الرأي العام بالملف الرئاسي (ارتفعت نسبة المهتمّين بملّف رئاسة الجمهورية من 73,4% إلى حوالى 89,8% حسب الاستطلاع السابق). واللافت للنظر أن نسبة التأييد لنسيب لحود عند الطائفة الشيعية قد ارتفعت بشكل ملحوظ وسبب ذلك قد يكون مرتبطاً بمقاربته المعتدلة لملّف سلاح المقاومة.

كما بيّن الاستطلاع تراجع النائب بطرس حرب لدى كلّ الطوائف تقريباً وجاء في المرتبة الثالثة بنسبة 12,6% مقارنةً مع 16,6% في الاستطلاع السابق، وقد يكون ذلك مرتبطاً بزيادة شعبية الجنرال عون وعودة نسيب لحود على الساحة السياسية.

وحلّ في المرتبة الرابعة النائب السابق سليمان فرنجية متقدّماً بشكل كبير عما كان عليه في السابق بنسبة 8,6% مقارنةً مع 4,5% في الاستطلاع السابق والسبب هو زيادة نسبة التأييد عند أبناء الطائفة الشيعية نتيجة مواقفه السياسية المعلنة والمنسجمة مع مواقف القيادات الشيعية رغم شعورهم بعدم وجود نيّة لديه بالترشّح.

وبيّن الاستطلاع أيضاً تقدّماً ملحوظاً لقائد تيار <<القوات اللبنانية>> الدكتور سمير جعجع، فاحتّل المرتبة الخامسة بنسبة 7,9% مقارنةً مع 5,5% في الاستطلاع السابق ولا نحتاج إلى جهد كبير لتبيان سبب هذا التقدّم خصوصاً بعد عودته من الخارج وتسليط الضوء عليه إعلاميا. ويبدو أن طلته السياسية والإعلامية تلقى استحساناً نسبياً لدى معظم الطوائف نسبياً لا سيما لدى الطائفة السنية حيث نال 4,7% من أصوات أبنائها والطائفة الدرزية 8,6% والتي يرتبط مع قياداتهما بتحالف سياسي.

وفي المراتب المتبقية لم يظهر الاستطلاع تقدّماً ملحوظاً لأي من المرشّحين الآخرين الواردين في الجدول وذلك بسبب قلّة الظهور الاعلامي كما قلّة المواقف السياسية المعلنة.

وقد أظهر السؤال الرابع أن أكثرية اللبنانيين على مختلف طوائفهم وبنسب متقاربة بين المسلمين (أنظر الجدول) وكذلك بالنسبة للمسيحيين، ولكن بنسبة أعلى، يؤيدّون اجتماع القوى المسيحية، في بكركي، وهو ما يعكس الاعتقاد لدى اللبنانيين بأن الموقع المخصص لطائفة معيّنة يختاره أبناؤها واللافت للنظر أن الطائفة الدرزية التي لا تملك موقعاً رئاسياً لم تؤيد بأكثريتها الاجتماع المسيحي المذكور.