ورقة التيار الوطني الحر وحزب الله وكل ما كتب حولها حتى الآن من تقارير وأراء وتحاليل مع وضد بما في ذلك الموقف الأميركي الرسمي

كل ما نشر ما بين 8 شباط و2 أذار 2006

 

قراءة في النتائج: تفاهم عون و<<حزب الله>>

ينتج تقارباً في المواقف السياسية العامة

ونسبة تأييد العماد عون للرآسة زادت من 37,3 الى 46,6 %

 عبدو سعد  - السفير 2 آذار 2006

أظهرت نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز بيروت أن ظاهرة الاصطفاف الطوائفي حول العناوين السياسية المطروحة في لبنان اليوم هي ظاهرة ثابتة، وذلك نظرا لتحرك مزاج الشوارع الطائفية تبعا لمواقف قادته، وإذا كان هناك من متغير لافت للانتباه، فانه متصل بالتقارب الذي حصل بين <<حزب الله>> و<<التيار الوطني الحر>> والورقة التي تم إقرارها بين الجانبين وانعكست في الأرقام التي أظهرها الاستطلاع شيعيا ومسيحيا، فيما كان الثبات في المواقف واضحا في الشارعين السني والدرزي تبعا لمواقف الزعامتين الجنبلاطية والحريرية. 

  من الواضح ان نسبة التاييد لاقالة الرئيس اميل لحود تراجعت نسبيا في ضوء المواقف التي اطلقها العماد ميشال عون، بإصراره على الربط بين الإقالة او الاستقالة وبين التوافق المسبق على البديل من دون وضع أي <<فيتو>> على أي مرشح رئاسي.

ففي استطلاع اجراه المركز ونشرته <<السفير>> في نهاية شهر كانون الثاني 2006، تبين ان حوالي خمسة وسبعين بالمئة من المسيحيين يؤيدون تقليص ولاية لحود، بينما ايدت حاليا نسبة ستين بالمئة تقريبا الدعوة لاسقاط لحود من قبل قوى الرابع عشر من شباط. كذلك تراجعت النسبة شيعيا من 15 بالمئة قبل شهر الى اقل من خمسة بالمئة حاليا. اما عند السنة فقد بقيت النسبة ذاتها تقريبا. وعند الدروز ارتفعت النسبة من 86 بالمئة الى حوالي التسعين بالمئة.

واللافت للانتباه ان المستطلعين الذين اختاروا ميشال عون رئيسا للجمهورية في العينة المسيحية هم أنفسهم تقريبا الذين رفضوا إقالة لحود من قبل قوى الرابع عشر من شباط.

وبدا واضحا وجود تماسك في موقف الكتلة الشيعية المستطلعة في المواضيع المطروحة كافة سواء الموقف من رفض إقالة إميل لحود أو تأييد ميشال عون رئاسيا وكذلك الموقف من الانتخابات المبكرة، كذلك كانت الحال على مستوى الكتلة المسيحية التي تتأثر بميشال عون وموقفها من العناوين نفسها تقريبا.

 وكان لافتا للانتباه أن العينة الارمنية التي شملها الاستطلاع بدت أيضا متماسكة مثل الشيعة تحديدا في الأرقام العالية الرافضة لإقالة لحود والمؤيدة لميشال عون والمطالبة بالانتخابات المبكرة، مما يعبر نسبيا عن الاستياء الذي تشهده القواعد الحزبية الارمنية نتيجة التهميش السياسي الذي أصابها في الانتخابات النيابية الأخيرة، فضلا عن بروز حضور قوي للتيار الوطني الحر في الوسط الارمني نتيجة تحالفه معها في المتن وزحلة.

ولوحظ تقدم أرقام العماد ميشال عون كمرشح رئاسي بديل للحود إذا استقال، على الصعيد الوطني عموما والشيعي خصوصا، وذلك بالمقارنة مع الاستطلاعات السابقة ولا سيما في نهاية كانون الثاني 2006.

فقد زادت نسبة التأييد للعماد عون لبنانيا من 37,3 الى 46,6 % وعند المسيحيين من 42,3 بالمئة الى 46,4 بالمئة وعند الشيعة من 57 الى 80 بالمئة وعند السنة من 18,2 الى 21,6 بالمئة، وذلك على حساب تراجع ارقام النائب السابق نسيب لحود (المرتبة الثانية) والنائب بطرس حرب (المرتبة الثالثة). وللمرة الاولى ظهر اسم المحامي شبلي الملاط مرشحا رئاسيا ونال النسبة نفسها التي نالها سليمان فرنجية من كل الطوائف باستثناء الشيعة. وسجل تقدم طفيف للدكتور سمير جعجع عند كل الطوائف من 3,2 الى 4,4 بالمئة. وحل رياض سلامة في المرتبة السابعة.

ولوحظ وجود اهتمام اكبر بالموضوع الرئاسي بنسبة أربعين بالمئة قياسا للاستطلاع السابق في ك2 الماضي (من 20 إلى 12 بالمئة الأشخاص الذين لم يقدموا جوابا).

أما النسبة المؤيدة للانتخابات النيابية المبكرة، فقد تراجعت من 78 بالمئة إلى 73 بالمئة.

ولوحظ أن الأكثرية الساحقة شيعيا ومسيحيا مع الانتخابات النيابية المبكرة، ويمكن تفسير لذلك متصل بموقف الناخبين الشيعة الاحتجاجي على موقف بعض قادة الاكثرية من المقاومة وفي المقابل، التفاف مسيحي متزايد حول مطالبة العماد عون بالانتخابات المبكرة، فيما سجل تراجع عند السنة والدروز وذلك مرده الخشية من ان تأتي الانتخابات المبكرة بنتائج مخالفة للنتائج الحالية.

وفي موضوع توصيف الاكثرية ل<<حزب الله>> بانه مقاومة وليس ميليشيا، كان من الطبيعي ان تنال المقاومة هذه النسبة العالية أي اكثر من 75 بالمئة كونها لم تمارس منذ نشاتها أي عمل ميليشيوي وربما كانت حصلت على ارقام اكبر لولا الحملة التي تعرضت اليها من بعض قوى الاكثرية بدليل تراجع الارقام سنيا ولكن بصورة لافتة للانتباه عند الدروز (49 بالمئة من الدروز اعتبروها ميليشيا بنتيجة موقف وليد جنبلاط).

ورفضت الاكثرية من المشاركين في الاستطلاع وتحديدا بنسبة 58 بالمئة نزع سلاح المقاومة بالرغم من كل الحملات التي تتعرض اليها. وبالعودة الى استطلاع اجري منذ سنتين اعطت نسبة 67 بالمئة موقفا رافضا لنزع سلاح المقاومة بينها نسبة 88 بالمئة من السنة والدروز ونحو 35 بالمئة من المسيحيين. اما الان فقد نزلت النسبة درزيا الى 26 بالمئة وسنيا الى 55 بالمئة فيما زادت مسيحيا بفضل التقارب الأخير بين عون و<<حزب الله>>.

وأيدت نسبة أكثر من 68 بالمئة استمرار المقاومة حتى تحرير المزارع ووضعنا في الخانة السلبية كل من اشترط تأكيد لبنانيتها قبل تأكيد حق المقاومة ولولا ذلك لكانت النسبة الإجمالية اكبر.

واللافت في هذا السياق هو ما أظهرته العينة بان مئة بالمئة من المستطلعين الشيعة أيدوا استمرار المقاومة حتى تحرير المزارع وإذا كان لا يوجد شيء في علم الاستطلاع اسمه مئة بالمئة (216 شخصا شملهم الاستطلاع شيعيا)، فان هناك حاجة في المرحلة المقبلة إلى تكبير العينة من اجل كسر النتائج المئوية. وفي موضوع تأييد المقاومة بأسر جنود إسرائيليين لمبادلتهم بالأسير سمير القنطار ورفاقه، قالت الأكثرية الساحقة نعم وخاصة، عند الدروز بخلاف موقفهم من المقاومة ونزع سلاحها، إذ أيدت نسبة ستين بالمئة منهم تقريبا أنها تؤيد اسر جنود إسرائيليين وذلك مرده إلى الصورة التي تركها <<حزب الله>> في أذهان اللبنانيين عموما حول قدرته على المبادلة الناجحة في المرحلة السابقة وكون سمير القنطار ينتمي الى الطائفة الدرزية.

مدير مركز بيروت للابحاث والمعلومات

 

تفاهم "حزب العقيدة" و"حزب "الرجل"

بقلم حكمة ابو زيد

النهار 28/2/2006: لم أُفاجأ بنتيجة الاستفتاء على ورقة تفاهم "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ولا بنسبة التأييد لها من قبل اللبنانيين وهي، على كل حال، نسبة عالية في ظل التباينات الصارخة في الواقع اللبناني.

قد يكون جميع الذين شملهم الاستفتاء من الشيعة، او اكثريتهم الساحقة، أيّدوا ورقة التفاهم لان احد طرفيها هو "حزب الله". وما يقرره الحزب صحيح وسليم، عند هؤلاء، ولا بد من تأييده والموافقة عليه. فالتزام قرار القيادة هي "تكليف شرعي" عند جماهير الحزب حتى لو لم يكن هناك "تكليف" رسمي صادر عمن له سلطة اصداره يعطيه حصانة عدم الخضوع للمناقشة ويمنع عنه الاعتراض.

وقد يكون معظم المؤيدين المسيحيين متعاطفين مع العماد ميشال عون وموافقين على طروحاته السياسية، ولكنهم ليسوا معه بالمطلق ومع مواقفه وتصرفاتهم كلها. انهم يخضعونه لمحاسبة يومية قاسية، ودقيقة، ويشرحون ما يقوم به ويشرحونه اذا اقتنعوا، وينتقدونه اذا لم يقتنعوا. من هنا في رأيي – مع كل احترامي لانضباطية محازبي "حزب الله" وانصاره – تبرز اهمية موافقة 54 في المئة من المسيحيين الذين سئلوا رأيهم في ورقة التفاهم بين "حزب الله" والعماد ميشال عون. وهنا لا يجوز القفز فوق واقعين مختلفين للحزب و"التيار الوطني الحر". فـ"حزب الله" كيان مؤسسي له عقيدته الدينية، ومرجعيته الطائفية، وله قاعدته الشعبية ذات اللون المذهبي الواحد، وله هرميته التنظيمية التي تنبثق منها قيادته المنوط بها ادارته واصدار القرارات باسمه.

اما "التيار الوطني الحر" فمختلف تماما. انه يمثل شريحة مهمة من المسيحيين الذين ينتمون الى جميع الطوائف المسيحية وليس الى طائفة بعينها، ويشاطرهم هذا التمثيل مواطنون آخرون ينتمون الى طوائف غير مسيحية وان بنسب اقل من المسيحيين، وجميع هؤلاء يتحلقون حول شخص واحد هو العماد ميشال عون، يؤيدون مواقفه ويتبنون طروحاته ويلتزمون ما يلتزم به وينفذونه. انهم "حزب الرجل" حتى اشعار آخر، بينما "حزب الله" هو حزب العقيدة والطائفة وليس حزب رجل من الرجال او حزب تنوع طائفي.

الى اين بعد هذا كله؟ الى القول ان اتفاق "حزب العقيدة" بقاعدته العريضة الملتزمة، مع "حزب الرجل" بقاعدته المتنوعة والمسيسة، اراح اللبنانيين واثبت لهم ان التفاهم بين المختلفين ممكن ومفيد، وان الشرط الاساس لنجاحه هو اعتراف كل واحد بالآخر المختلف عنه ومعه، وتسليمه بحقه في ان يكون مختلفا عنه ومعه. هذا في الاساس والمطلق، اما في واقعة التفاهم بين "حزب الله" والعماد عون فقد طمأنت اللبنانيين القلقين الى ان اقوى قوة شيعية واكبر قوة مسيحية قالتا علنا وصراحة، وبصدق، لا للحرب لا للاقتتال الداخلي، لا عودة للذبح على الهوية. وقد كانت اجوبة المواطنين واضحة وحاسمة على هذه المسألة في الاستفتاء. يبقى الامل ان يتحول هذا التفاهم الى مدخل لقيام احزاب او تحالفات او كتل مختلطة، تضم قوى سياسية ومواطنين من غير لون طائفي واحد، تعيد لبنان الى ما يشبه ثنائية القيسية واليمنية، ثم الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية، حيث كان الخط السياسي هو الجامع وليس العصب الطائفي او الديني!

لقد كانت الثنائيتان ناجحتين في زمانيهما، وحققنا انجازات وطنية مهمة. ويبدو الزمن الراهن، بما فيه من اخطار واحداث وتطورات، هو الوقت الملائم للعودة الى مناهل هذه الثنائية واعتماد اسسها علها تطهر لبنان من دنس العهر الطائفي.

 

ليست تحالفاً وإنما ورقة تفاهم جديرة بالاهتمام..

وليد قاطرجي 24/2/2006

عندما يتلاقى اللبنانيون يصبح كل شيء ممكناً، هذا ما ظهر خلال اللقاء الأول الذي جمع العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله في كنيسة مار مخايل. ورغم الاختلاف بينهما، إلا إنهم توافقوا على عدة نقاط أساسية تهم الرأي العام الذي سئم من الاتفاقات الثنائية التي تعقد ومن ثم ُتنقض دون معرفة تفاصيلها. إلا من خلال الاجتهادات التي تطلق مباشرة عند كل لقاء من قبل وسائل الأعلام التي كانت تعمل بالمقابل على أطلاق التأويلات التي تتسبب في انتشار الشائعات بين اللبنانيين.

إن أهم ما ميّز هذه الورقة هي أنها اشتملت على تحديد وتوضيح النقاط الخلافية بين اللبنانيين، وأبرزت العناوين الأساسية المطروحة على الساحة اللبنانية، التي ينتظر مناقشتها من قبل الفرقاء الفاعلين على الأرض، خاصة أولئك الذين يمتلكون القواعد الشعبية. فان ما تم إعلانه من قبل الطرفين كان موضع احترام من قبل الرأي العام الذي استطلعت آرائه مباشرة بعد إعلانها، وظهرت النتائج لتعزز أهميتها في هذه الظروف من اجل التخلص من حالة الاحتقان والاصطفاف الفئوي والطائفي، كما واعتبر المستطلعون توقيتها بالجيد لوقف الحملات المتبادلة والحد من الشائعات التي انعكست توترا في الشارع خلال الفترة الماضية.

واعتبرت أيضاً بأنها من أهم الخطوات العملية لصد الأطماع ووقف مسلسل التخريب والاغتيالات، ومحاصرة المفسدين الذين ما يزالون يعبثون بمصالح البلاد.

كما أنها أتت في الوقت المناسب من اجل إعادة الحوار بين اللبنانيين بعيدا عن التدخلات الخارجية. وإن حدوث هذا اللقاء يثبت من جديد بان الحوار هو السبيل الوحيد لحل جميع الخلافات العالقة، كما انه يأتي لدحض المقولة الكاذبة التي تصور اللبنانيين بأنهم عاجزين عن حل مشاكلهم بأنفسهم وفرصة من اجل تفعيل العمل الوطني وتنظيمه للنهوض بالوطن والحفاظ على مكتسباته، التي تحققت بفضل التضحيات الكبيرة من قبل هذا الشعب العظيم على  مختلف انتماءاته. وما يميّزها أيضا إنها صدرت نتيجة للقاء الأول للطرفين اللذين ينتظران توسيع الحوار ليشمل جميع القوى وعلى رأسهم رئيسي تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي.

إن النقاط المذكورة في ورقة التفاهم تمكن الفرقاء على الساحة اللبنانية من الالتقاء حول طاولة مستديرة لمناقشتها للحد من المخاطر المحدقة في البلاد والعمل سوياً لتعزيز الوحدة الوطنية. كما إنها ورغم إطلاق النار على بعض بنودها من قبل بعض المشككين الذين يعملون من خلال المشاريع المشبوهة، إلا أنها ما تزال خاضعة للنقاش والحوار من قبل جميع القوى، وذلك من اجل إيجاد آلية صالحة لحل المشاكل العالقة خاصة بما يتعلق بالقضايا الخلافية  كالديمقراطية التوافقية وقانون الانتخاب، وموضوع بناء الدولة والمؤسسات، ووقف الهدر ومحاربة الفساد وتطهير العمل العام من المفسدين، وإنهاء مأساة الأسرى  واللاجئين  اللبنانيين الموجودين في إسرائيل، ومعالجة المسائل الأمنية المختلفة بما فيها ملف الاغتيالات السياسية والعمل بجدية لمعرفة حقيقة من خطط ونفذ جرائم الاغتيال بدءا بالشهيد الرئيس رفيق الحريري ووصولا إلى الشهيد جبران تويني.

إلى جانب معالجة ملف العلاقات اللبنانية السورية بجميع نقاطه خاصة بما يتعلق بترسيم الحدود بما فيها مزارع شبعا، وإطلاق جميع المخطوفين والمعتقلين من السجون السورية، وإقامة علاقات دبلوماسية، ومعالجة ملف العلاقات اللبنانية الفلسطينية، والتوافق على حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته.

من الخطأ أن يعتقد أي فريق بأنه يستطيع فرض سياسة الأمر الواقع على القوى والتيارات الأخرى أو من يخالفه في الرأي. من هنا فإن ورقة التفاهم المعلنة بين التيار الوطني الحر وحزب الله ستظل ورقة تفاهم لا أكثر مطروحة للنقاش من قبل الفرقاء السياسيين بعيدا عن التفسيرات والتأويلات المختلفة التي يطلقها بعض الأفلاطونيين الجدد، وستبقى خطوة مهمة جديرة بالاهتمام، ومحاولة جدية تؤسس لمرحلة جديدة في العمل السياسي بين الفرقاء تستوجب النقاش بعيدا عن المصالح الشخصية والمشاريع المشبوهة التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة الخطيرة والحرجة.

 

 

 

عون ونصرالله على "اللائحة السوداء"!

ادمون صعب – النهار 24/2/2006

"لا يشعر بالعار من لا يعرف العار. ولا يعرف العار من لا يعرف الشرف. ويا لذل قوم لا يعرفون ما هو الشرف وما هو العار". انطون سعاده

هل بدأ السباق الى بعبدا من واشنطن حيث أعطت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أمس اشارة الانطلاق بزيارتها بيروت واستثناء العماد ميشال عون، الزعيم المسيحي الماروني الاقوى، من جدول أعمالها؟ بل هل خدمت مقاطعة رايس عون ومنحته حظوظا أكبر للرئاسة؟

الجوابان عن هذين السؤالين ليسا بالبساطة التي يتصورها البعض، سواء أكانوا من أنصار عون، أم من أخصامه. ذلك ان العماد ميشال عون كان يعرف سلفا ان تفاهمه و"حزب الله"، وإن منحه عمقا وطنيا، سيجر عليه مجموعة من "الويلات" السياسية والطائفية الخارجية والداخلية.

وعندما قال في الاسبوع الماضي ديبلوماسي صديق في الطائرة التي أقلتنا من برشلونة الى بيروت، بطريق أمستردام، ان عون بات على "اللائحة السوداء" في واشنطن، استنادا الى أقوال سمعها من الخارجية الاميركية ومن أوساط قريبة من رايس، لم نستغرب "معاقبة" الاخيرة زعيم "التيار الوطني الحر" علنا امس بامتناعها عن لقائه على غرار ما فعلت سابقا وجاراها في ذلك معظم المبعوثين الاميركيين الى لبنان.

لا بل كان مدهشا في السابق ومثار تساؤلات كثيرة حرص مبعوثي واشنطن على لقاء عون دون سائر القادة السياسيين، وكأنها كانت تبلغ من يعنيهم الامر انها تعتبر ان عون هو الزعيم المسيحي الاقوى، والبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير هو الزعيم الروحي الأوحد.

فهل تقصّد عون – وهو الحاسوب الدقيق – تفاهمه مع "حزب الله"، وخصوصا انه أحد المشاركين الرئيسيين في صوغ القرار 1559 الذي اعتبر في أحد بنوده قاتلا للحزب، أخذ مسافة من السياسة الاميركية التي غرقت في المستنقع الدموي العراقي، ولم تتقدم قيد أنملة في موضوع إخضاع سوريا لمشيئة واشنطن في الموضوع العراقي، وللمجتمع الدولي في موضوع جريمة العصر الهمجية المتمثلة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ كذلك هنا الجواب مزدوج. أي أنه تقصّد وغامر في الوقت نفسه. والبعض يرى انه قامر أكثر مما غامر. إذ لم يكن سهلا لعون، وكذلك لـ"حزب الله"، التوافق على ما أنجزاه في ورقة التفاهم من أمور كان تأمين توافق عليها من رابع المستحيلات. وقد سبقا فيها أي حوار، نظرا الى ان البنود الخلافية التي اتفقا عليها هي التي كانت تؤخّر الحوار وتستبعده، مثل ترسيم الحدود والتمثيل الديبلوماسي مع سوريا، والعلاقات بين بيروت ودمشق، وتسليم سوريا باستقلال لبنان وسيادته الكاملة على أرضه، وتمتعه بحرية القرار في الداخل والخارج، اضافة الى القبول بعودة اللبنانيين الذين لجأوا الى اسرائيل، ومتابعة ملف المعتقلين في السجون السورية. وهي أمور لم تكن تخطر في البال، لا أثناء وجود القوات السورية في لبنان، ولا بعد خروجها منه في 26 نيسان الماضي. كذلك لم يكن سهلا اقناع جمهوريهما بما حوته ورقة التفاهم التي وقعت داخل كنيسة مارونية على خط تماس سابق، بين سيد شيعي معمم يتمتع بهالة شبه مقدسة لأنه والد شهيد وشيخ الشهداء في مواجهة العدو الاسرائيلي، وبين جنرال سابق في الجيش نشر رجاله (اللواء الثامن) حول الضاحية الجنوبية خلال مجزرة صبرا وشاتيلا وأعطاهم أوامر بانقاذ أي فلسطيني يهرب من المخيمين وتوفير الحماية له، الامر الذي أغضب المخافر الميليشياوية المتقدمة التي استحضرها الاسرائيليون لمعاونتهم في المجزرة داخل المخيمين وخارجهما.

كذلك هو وفّر الحماية للضاحية وأهلها في تلك المجزرة التي كان يمكن ان تمتد الى داخل الأحياء الشيعية.

تضاف الى ذلك معرفة الجنرال بوضع المقاومة، وبسلاحها، وبما يمكن ان ينجم من أحداث وعدم استقرار للبنان، في حال حصل تدخّل عسكري خارجي لاجبار "حزب الله" على تسليم سلاحه، أو جرت محاصرة للمخيمات الفلسطينية من أجل تجريدها من السلاح تنفيذا للقرار 1559، الامر الذي تحاشته الحكومة بذريعة انه يجب ان يخضع لحوار داخلي بين اللبنانيين، ثم بين اللبنانيين والفلسطينيين. وثمة من يرى انه لم يكن هناك بد من تفاهم "حزب الله" وزعيم "التيار"، وإن أغضب ذلك واشنطن، نظرا الى انه يستحيل شطب سوريا من المعادلة الرئاسية، والاكتفاء بالصوت الاميركي الذي قد يعتبر غضبه على عون "نعمة" له تكسبه استقلالية عن الخارج، كما تكسبه مسحة "وطنية" لا بد منها لأي مرشح طامح الى الرئاسة الاولى، وتفتح امامه طريق الشام، اذا كان لا بد من التفاهم مع سوريا على رئيس لا يكون ضدها، ويرفض ان تُحكم بلاده من دمشق.

وثمة أوساط لا تستبعد ان تكون ورقة التفاهم بين عون و"حزب الله" والتي تتضمن بنودا تعني سوريا مباشرة، قد عبرت مسودتها الحدود ونالت مراجعة دقيقة ممن يعنيهم الامر هناك بحيث لم يجدوا فيها بنودا ليسوا مستعدين للقبول بها، وخصوصا ان "حزب الله" حليف كبير لسوريا في لبنان، وقد جعلته الغالبية المناهضة لها فيه يدفع ثمن هذا التحالف "نبذاً وعزلاً وشطباً" على ما قال في "يوم القدس" الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. إذ ليس معقولا ان يقبل الحزب بترسيم الحدود والتمثيل الديبلوماسي، وعلاقة الند للند بين دولتين مستقلتين، حرتين، وسيدتين، دون موافقة احداهما، وهي الاقوى، أي سوريا.

من هنا يمكن اعتبار ورقة التفاهم برنامجا رئاسيا مبدئيا لأي مرشح للحلول مكان الرئيس اميل لحود، سواء استقال أو أطيح بأي وسيلة كانت. واذا كان من غير الضروري ان يكون المرشح للرئاسة العماد عون نفسه، فان مندرجات الورقة قد جسدت معنى الاستقلال والسيادة والقرار الحر الامر الذي عجزت عن التعبير عنه وتجسيده حركة 14 آذار. ومن هنا أيضاً نفهم، ربما، أسباب استثناء رايس لعون من لقاءاتها في بيروت ومساواته بـ"حزب الله"! ان الوضع دقيق، وخصوصا بعد التفجير الكبير للمزار الشيعي في سامراء العراق، وتعطيل جلسة مجلس الوزراء، والاجواء التي تسيطر على "الشوارع" المختلفة، ويغلب عليها طابع التشنج الطائفي والمذهبي. لذلك يجب تفادي الدعسات الناقصة، من الآن حتى 14 آذار، وسلوك طريق الحوار والتوافق، سواء في انزال لحود عن "عرشه" وهو أسوأ رئيس عرفه لبنان، او في التعامل مع طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس نبيه بري في 2 آذار المقبل وتلقّى حيالها تحفظات غير مبررة. علما ان اللبنانيين انتظروا مثل هذه الفرصة للتلاقي والتصالح والتحاور، عقدا ونصف عقد. ولا بد ان يخرج الدخان الابيض من ساحة النجمة وليس من أي ساحة أخرى. فهل تتحقق أمنية اللبنانيين بعد طول انتظار؟

 

ما تعامى عنه الياس الزغبي

المحامي/انطوان فؤاد الحاج

النهار 23/2/2006: ليس بتكليف من احد، ولا دفاعاً عن السيد حسن نصر الله ودولة الرئيس العماد ميشال عون، فكلاهما بغنى عن ذلك، نبدي الملاحظات التالية، احقاقا للحق وانصافا للواقع والتاريخ:

- إن التفاهم بين القطبين الكبيرين هو اتفاق – اطار وليس معاهدة، فما كان من داع لأن يثور الاستاذ الياس الزغبي ويتهم احد الفريقين (يصفه بالمتمرس) بتفخيخ العبارات وتلغيم الكلمات وتصويره كأنه يعتمد الغش والتدليس في تعاطيه مع الفريق الآخر (يصفه بالمتمرن). علماً ان تاريخ الفريقين الناصع يشهد لهما بالشفافية والصدق في التعاطي مع الآخرين ايا كانوا.

- وضع هذا الاتفاق القطار على سكة تقارب قد يتوّج بوثيقة وطنية تاريخية وشرّع الباب امام افرقاء آخرين للانضمام اليه لبناء لبنان الغد، الذي يحلم به كل مواطن: لبنان الدولة الديموقراطية التوافقية القادرة والعادلة والمتحررة من اية وصاية.

- ابرز هذا الاتفاق ضرورة حل مشكلة المعتقلين في السجون السورية. وقد ابدى السيد حسن نصر الله كل استعداد لتسهيل البت بهذه المعضلة التي تراوح مكانها منذ سنوات، في حين لم يرغب احد او لم يجرؤ على التعاطي معها بجدية لا على المستوى الرسمي ولا على الصعيد الحزبي.

- نزع هذا الاتفاق صفة العملاء عن افراد جيش لحد الذين اضطرتهم الظروف الاجتماعية الى التعاطي مع الدولة المحتلة بحكم الامر الواقع، بعدما تخلت عنهم الدولة اللبنانية. وافسح في المجال امام العائلات، من كل الطوائف لقيد اولادهم في دوائر النفوس وفي المدارس اللبنانية. وقد يثمر الحوار لاحقا عفوا عاما مع  تطور الاوضاع والظروف.

- اظهر التفاهم اهتماماً كبيراً بالمغتربين، وهم الجناح الآخر للوطن وهذا الموضوع لم توليه الحكومة الحالية ولا سابقاتها اي اهتمام.

فكم من مراسيم وقرارات لاعادة الجنسية للمتحدرين من اصل لبناني ولاشراكهم في الحياة السياسية بقيت نائمة في الادراج ومجرّد وهموسراب؟

- ان مجرد قبول "حزب الله" بمباشرة حوار حول السلاح الفلسطيني وسلاحه بالذات يعتبر تنازلا مهما من قبله ذلك انه ابدى نية طيبة لايجاد حل ما. وسواء أطال هذا الحوار أم قصر فانه بالنتيجة لن يبقي الوضع على حاله. فلا سبيل لايجاد حلول الا بالحوار وأي طارق بن زياد جديد مستعد لنزعه بالقوة سيغرق البلاد في حرب اهلية جديدة لن ينجو منها احد.

- ان المطالبة بترسيم الحدود وبالتبادل الديبلوماسي بين لبنان وسوريا كان حلما بالنسبة الى فئة من اللبنانيين وبموجب هذا التفاهم اضفى "حزب الله" اجماعا لبنانيا حول هذين المطلبين وترسيم حدود مزارع شبعا قد يشكل مدخلا لحل مسألة سلاح "حزب الله" وبالتالي يمكّن الجيش من الاضطلاع بمسؤولياته كافة على الحدود.

- طالب فريقا التفاهم بقانون انتخاب عادل يعكس ارادة الشعب الصحيحة في التمثيل النيابي وتركا الغوص في التفاصيل لحين اعداد مشروع قانون جديد ليتسنى لهما مناقشته في العمق.

- أظهر السيد حسن نصر الله محبة فائقة ورغبة صادقة في التعايش الاخوي مع المسيحيين بحضوره الى كنيسة مار مخايل لدفن احقاد الحرب التي انطلقت من جوارها عام 1975 حين لم يكن الحزب والتيار قد ابصرا النور بعد.

- لقد تعامى الاستاذ الياس الزغبي عن كل ما تضمنه الاتفاق – التفاهم من ايجابيات وأثار بركان غضبه على ما ورد من عبارات ومفردات فغرق  في السفسطة الكلامية وعبثية الانتقاد لمجرد الانتقاد الذي لا طائل منه ولا نتيجة.

محام

 

قراءة حرفية في ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني والبيان الوزاري

ومقارنة من النصوص حول عناوين اساسية بينها سلاح المقاومة

 جيزيل رزوق - الأنوار 22 شباط 2006

اذا كان الجدل السياسي القائم في لبنان اليوم يتركز على نقاط رئيسية كسلاح المقاومة، العلاقة اللبنانية - السورية، العلاقة اللبنانية - الفلسطينية وقانون الانتخاب... فقد شكلت هذه النقاط عناوين محورية في كل من البيان الوزاري، وورقة التفاهم المشترك بين حزب الله والتيار الوطني الحر والبرنامج السياسي لـ(التيار)، جاعلة قيام اي حوار سياسي بعيداً عن هذه النقاط ناقصاً وغير متلمّس لجوهر التناقضات الحاصلة بين الأطراف السياسية. وثيقة التفاهم المشترك بين حزب الله و(التيار) فتحت، من خلال تطرقها الى هذه المواضيع، السجال واسعاً امام قراءات اختلفت وفقاً للاصطفافات السياسية الحاصلة على الساحة اللبنانية... 

  فهل عدّل (التيار) بمواقف تعتبر مبدئية بالنسبة اليه? هل صحيح ان حزب الله حقق انتصاراً بجعل (التيار) اكثر ليونة، لا سيما لجهة موقفه من سلاح المقاومة? ام ان (التيار) هو الذي دفع حزب الله الى البحث في نقاط يعتبرها من المسلمات كالعلاقة اللبنانية - السورية?

لكن هذا (التفهم المستجد) - كما يعتبر البعض - لمواضيع كسلاح المقاومة والعلاقة اللبنانية - السورية، كانت قد سبقته مرونة اكبر عبّر عنها نص البيان الوزاري...

كيف وردت هذه العناوين: سلاح المقاومة. العلاقات اللبنانية - السورية، العلاقات اللبنانية - الفلسطينية وقانون الانتخاب في كل من وثيقة التفاهم، البرنامج السياسي لـ(التيار) والبيان الوزاري?

العلاقة اللبنانية - السورية

اوردت ورقة التفاهم المشترك بين التيار وحزب الله العلاقة اللبنانية السورية كالتالي:

ان اقامة علاقات لبنانية - سورية سوية وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة واستخلاص ما يلزم من العبر والدروس ولتلافي ما علق بها من أخطاء وشوائب وثغرات، وبما يمهّد الطريق للنهوض بهذه العلاقات على اسس واضحة من التكافؤ والاحترام الكامل والمتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة الى اي شكل من اشكال الوصاية الخارجية. لذا يجب:

 أ - اتخاذ الحكومة اللبنانية كافة الخطوات والإجراءات القانونية المتعلقة بتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الأمم المتحدة وذلك بعدما اعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة.

ب - ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بعيداً عن التشنجات التي تؤدي الى تعطيل العملية التي طالما احتاج لبنان وسوريا الى انهائها ضمن اتفاق البلدين.

ج - مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من اجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية في اجواء بعيدة عن الاستفزاز والتوتر والسلبية التي من شأنها إعاقة البت في هذا الملف على نحو ايجابي.

د - اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين وتوفير الظروف الملائمة لها بما ينقل العلاقة من الأفراد والمجموعات الى علاقة بين المؤسسات بحيث تؤمن استمرارها وثباتها).

اما البرنامج السياسي للتيار فقد ذكر تحت عنوان السياسة الخارجية مقطعاً يتحدث فيه عن العلاقة مع سوريا على الشكل التالي (انطلاقاً من دعمنا للقانون الدولي، يأتي دعمنا لسوريا في مقاومتها لاسرائيل. وبعيداً عن الماضي الأليم نرغب في اقامة علاقات حسن جوار مع سوريا، على قاعدة الحفاظ على الاستقلال والسيادة لكل من البلدين. وهذا ما يجب ان يترجم من خلال إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين وفقاً للقواعد الدولية. علاقاتنا الثقافية، والتكامل الجيوستراتيجي بيننا وبينها يقتضي بلا شك اكثر من عقد شراكة.

يجب ان يعاد النظر بالاتفاقات الثنائية التي وقّعت خلال الخمسة عشر عاماً الماضية والتي اتسمت بالإذعان وعدم المساواة. وذلك على قاعدة المصالح الاستراتيجية للبلدين.

لقد انتفت الحدود بين الدول نتيجة العولمة، ولكن هذه العولمة ادّت الى انتصار الحقوق غير القابلة للتصرف الخاصة بالفرد).

كما في القسم الخاص بالإصلاحات، يُذكر تحت عنوان استعادة المبادرة في حقل السياسة الخارجية ان احد الأهداف تقضي بأن تكون (العلاقة مع سوريا على قاعدة المصالح المشتركة. حل لقضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية. تبادل العلاقات الدبلوماسية. رسم نهائي للحدود. إعادة النظر في مجمل الاتفاقات الثنائية المعقودة بين البلدين).

البيان الوزاري

اما نص البيان الوزاري فقد حدد العلاقة اللبنانية - السورية في الفقرة الثنائية في العلاقات العربية والدولية. فورد ما يلي: (انطلاقاً مما نص عليه اتفاق الطائف تؤكد الحكومة حرصها على إقامة علاقات صحية وجدية ومميزة وراسخة مع سوريا مرتكزة في ذلك على روابط الأخوة والتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة.

وتؤكد الحكومة التزامها بأن لبنان لن يكون ممراً او مستقراً لأي تنظيم او قوة او دولة تستهدف المساس بأمنه او امن سوريا تأكيداً لمبدأ ان امن لبنان من امن سوريا وبالعكس.

كما تجدد الحكومة تأكيدها على التضامن والتعاون مع الشقيقة سوريا وعلى أهمية تنسيق الموقف من الصراع العربي الاسرائيلي. وستبادر الحكومة فور نيلها الثقة الى معالجة ازمة الحدود الطارئة بما يعيد الأوضاع الى مسارها الطبيعي والى ما ينبغي ان تكون عليه العلاقات بين بلدين جارين وشقيقين، وان تعمد الى معالجة السلبيات الاخرى التي تضرّ بمصالح البلدين، والتطلع الى مستقبل مشرق وتعاون كامل في مختلف المجالات، وذلك في اطار السيادة والاستقلال لكل منهما لدرء المخاطر والتحديات الناجمة عن الضغوطات والتحولات الاقليمية والدولية.

وتؤكد الحكومة على التزامها بمتابعة قضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية وذلك من خلال اللجنة المشتركة اللبنانية - السورية التي تم الاتفاق عليها بين البلدين).

العلاقات اللبنانية - الفلسطينية

جاء في ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله ما يلي:

(ان معالجة الملف الفلسطيني يتطلب مقاربة شاملة تؤكد من جهة على احترام الفلسطينيين لسلطة الدولة اللبنانية والتزامهم بقوانينها، وتجدد من جهة اخرى التضامن مع قضيتهم واستعادتهم لحقوقهم وذلك حسب القواعد التالية:

أ - ان الوضع الاجتماعي للفلسطينيين يستدعي الاهتمام الشديد لناحية تحسين الظروف المعيشية وتأمين المستوى اللائق لأسس الحياة الانسانية الكريمة وفق ما يقتضيه التعاون الثنائي وشرعة حقوق الانسان، اضافة الى اعطائهم التسهيلات اللازمة للانتقال داخل وخارج الأراضي اللبنانية.

ب - ان حق العودة للفلسطينيين هو امر اساسي ثابت، ورفض التوطين هو امر يجمع عليه اللبنانيون ولا يمكن التراجع عنه بأي شكل من الأشكال.

ج - تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينيين في اطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمن حسن التنسيق والتعاون.

د - معالجة ملف انهاء السلاح خارج المخيمات وترتيب الوضع الأمني داخلها يجب ان يتم في اطار الحوار الجاد والمسؤول والحثيث بين الحكومة اللبنانية والفلسطينيين بما يؤدي الى بسط سلطة الدولة وقوانينها على كافة الأراضي اللبنانية).

برنامج (التيار)

اما في برنامج (التيار) السياسي فقد ورد ايضاً تحت عنوان السياسة الخارجية ما يلي (لا يمكن ان يتجاهل سلام عادل حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولة سيدة وهوية فلسطينية، ولقد آلت الانتخابات الفلسطينية الى تسلّم محمود عباس مقاليد السلطة، وهو ما شكل خطوة هامة على طريق استعادة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره.(...) لم تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين مثار خلاف طالما ان سائر القوى السياسية قد اجمعت على مناهضة توطينهم على الأراضي اللبنانية، فلبنان، البلد ذو الكثافة الديموغرافية وهي الأعلى في العالم، لا يمكنه تحمل توطين شريحة تشكل عشر عدد سكانه لكي لا يتسبب ذلك بإحلال التوازن الديموغرافي وبتعريض التوازن الطائفي الذي يشكل نسيجاً يتميز به مجتمعه للخطر.

مع ذلك تشكل هزالة مقومات العيش للاجئين الفلسطينيين في المخيمات مشكلة على الصعيد الانساني. وعليه من الضروري تنظيم اوضاعهم اسوة بباقي الأجانب، مع اعطائهم حق التنقل بحرية وخروجهم من وضعهم الحالي).

كما ورد في الإصلاحات المقترحة في اطار (استعادة المبادرة في حقل السياسة الخارجية) ان من بين الأهداف (رفض توطين الفلسطينيين على قاعدة المعيار الديموغرافي ومن اجل المحافظة على تنوع المجتمع اللبناني الثقافي والحضاري. هذا اضافة الى حق الفلسطينيين في دولة وفي هوية).

اما البيان الوزاري فقد توقف عند القضية الفلسطينية كالتالي: (تعتبر الحكومة ان اساس عدم الاستقرار في المنطقة يعود الى استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية واغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني ومنعه من اقامة دولته المستقلة على ارضه. وهي تعتقد ان السلام لا يمكن ان يتحقق مع استمرار الاحتلال للأرض وعدم اعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية الكاملة والمشروعة، بما فيها حق العودة المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194).

المقاومة وسلاحها

جاء في ورقة التفاهم المشتركة تحت عنوان (حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته) ما يلي:

(ان حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته هما مسؤولية وواجب وطني عام تكفلها المواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان، لا سيما في مواجهة اي تهديدات او أخطار يمكن ان تنال منهما اي جهة أتت. من هنا، فإن حمل السلاح ليس هدفاً بذاته وانما وسيلة شريفة مقدسة تمارسها اي جماعة تحتل ارضها تماماً كما هي اساليب المقاومة السياسية.

وفي هذا السياق، فإن سلاح حزب الله يجب ان يأتي من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدّين: الحد الأول هو الاستناد الى المبررات التي تلقى الإجماع الوطني والتي تشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، والحد الآخر هو تحديد الظروف الموضوعية التي تؤدي الى انتفاء اسباب ومبررات حمله.

وبما ان اسرائيل تحتل مزارع شبعا وتأسر المقاومين اللبنانيين وتهدد لبنان فان على اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم وتقاسم اعباء حماية لبنان وصيانة كيانه وامنه والحفاظ على استقلاله وسيادته من خلال:

1 - تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي.

2 - تحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

3 - حماية لبنان من الأخطار الاسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمل اعبائها والإفادة من نتائجها.

البرنامج السياسي للتيار الوطني توقف عند موضوع المقاومة وبسلاحها في ملحق خاص حمل عنوان (ملحق رقم 1: مسألة حزب الله) ونص على التالي:

ينص كل من القرار 1559 واتفاق الطائف على تجريد كافة الميليشيات من اسلحتها. مما يطرح اشكالية الوجود المسلح لحزب الله.

بغض النظر عن رأي هذا الطرف او ذاك من خيارات حزب الله الايديولوجية وعلاقاته مع سوريا المشكوك في حسن نواياها تجاه لبنان. فإن عمله العسكري حتى انسحاب القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان كان يندرج في اطار مقاومة الاحتلال، وفقاً لما تنص عليه قرارات الأمم المتحدة.

بعد الانسحاب الاسرائيلي تلاشت مشروعية العمل المسلح لحزب الله، فخلق ازمة على الصعيدين الوطني والدولي، فهو يضع لبنان في مواجهة القانون الدولي من جهة ويهدد الوحدة الوطنية من جهة اخرى بوصفه ينم عن احتكار للقرار الوطني من قبل طرف واحد.

وليس من شأن علاقة حزب الله المعلنة مع ايران المتشددة وتحالفه مع حركتي الجهاد الاسلامي وحماس، اللتين يصنفهما الغرب في خانة الحركات المعادية للسلام، ان يبدد الشكوك المحيطة بأهداف حزب الله الحقيقية وبالمخاطر المتصلة باستراتيجيته.

وليست ذريعة مزارع شبعا بالبرهان المقنع في هذا الإطار، فهي لم تنجح بإخفاء النوايا السورية الكامنة خلفها، وهي غير مقبولة من الأمم المتحدة على حد ما قاله موفد الأمين العام للأمم المتحدة لدى زيارته دمشق في آذار (مارس) .2005 فأراضي شبعا هي سورية من وجهة نظر القانون الدولي، واذا ما ارادت سوريا التنازل عنها فعليها ابلاغ الحكومة اللبنانية رسمياً بذلك، لكي تبادر هذه الأخيرة الى إعادة ترسيم الحدود لدى الأمم المتحدة.

ان الحرص على السيادة الوطنية ليس حكراً على طائفة واحدة، ولا يجوز ان يكون كذلك. على العكس تماماً، ان المحافظة على انجازات المقاومة واجب وطني، ولا ضمانة للمقاومة الا التفاف اللبنانيين حولها. ومسألة السيادة الوطنية هي اهم الثوابت الوطنية على الاطلاق، وتبديد مخاوف حزب الله بشأنها، يعيده الى العائلة اللبنانية كغيرها من الأطراف ولا تجوز مناقشة مصير حزب الله داخل العائلة اللبنانية، على اساس الوحدة الوطنية وفي اطار المؤسسات اللبنانية.

اما نص البيان الوزاري فقد توقف عند موضوع المقاومة كالتالي: (تعتبر الحكومة ان المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير ارضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والأطماع الاسرائيلية والعمل على استكمال تحرير الأرض اللبنانية، والاستمرار في رفض التوطين الذي يخل بالحق العربي الفلسطيني. ويتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني. وتعلن الحكومة عن اهتمامها بمتابعة قضية الأسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل للإفراج عنهم).

قانون الانتخاب

توقفت ورقة التفاهم عند موضوع قانون الانتخاب كالتالي:

ان اصلاح وانتظام الحياة السياسية في لبنان تستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري (قد تكون بالنسبية احد اشكاله الفعالة) بما يضمن صحة وعدالة التمثيل الشعبي ويسهم في تحقيق الأمور التالية:

1 - تفعيل عمل الأحزاب وتطويرها وصولاً الى تحقيق المجتمع المدني.

2 - الحد من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية.

3 - توفر فرص متكافئة لاستخدام وسائل الإعلام المختلفة.

4 - تأمين الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الانتخابي.

ان الحكومة والمجلس النيابي مطالبان بالتزام اقصر المهل الزمنية الممكنة لإقرار القانون الانتخابي المطلوب.

اما برنامج (التيار) السياسي فقد قارب الموضوع تحت عنوان احياء المؤسسات الدستورية، معتبراً ان الوضع القائم يتمثل بغياب تمثيل حقيقي للشعب بفعل قانون انتخابي مجحف. وبالتالي فان الخطوات العملية تتمثل بوضع قانون انتخابي جديد: اي دائرة انتخابية فردية، نظام اكثري. ام دائرة موسعة ونظام نسبي وحق الاقتراع والترشيح للمغتربين.

كما جاء تحت عنوان (احتضان الانتشار) بأن الوضع القائم يتمثل بتهميش حقوق المغترب الأساسية (حق الاقتراع وحق الترشح) وان الخطوات العملية تقضي بوضع قانون انتخاب جديد يكرّس حق المغتربين في الاقتراع والترشح.

من جهته توقف البيان الوزاري عند موضوع (اصلاح النظام الانتخابي) وذكر ما يلي:((...) تعتبر الحكومة ان اصلاح نظام الانتخابات يتصل اتصالاً وثيقاً بما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني لجهة إلغاء الطائفية السياسية(...) وعلى هذا الأساس ستقوم الحكومة بعد نيلها الثقة بتأليف هيئة وطنية خاصة لوضع قانون الانتخاب الذي يؤمن ضمن الأسس والمعايير التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني التمثيل الصحيح للشعب اللبناني في الإطار الديمقراطي البرلماني وبما يؤمن مشاركة الشباب بفعالية من خلال تخفيض سن الاقتراع(...)).

 

العماد عون... حساب الأرباح والخسائر

بقلم المحامي عبد الحميد الأحدب – النهار 22/2/2006

كل عمل عظيم كان في الاساس مغامرة: النبوءة، الثورة، الحرب، اكتشاف اميركا، وهبوط الانسان على سطح القمر. من هنا فإن ما سمي ورقة التفاهم المشتركة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، حتى ولو كانت مغامرة الا انها عمل عظيم، وهي ليست المغامرة الاولى في تاريخ لبنان! ففي سنة 1943 كان الاستقلال مغامرة عند المسيحيين الذين تخلوا عن الحماية الفرنسية ومغامرة عند المسلمين الذين تخلوا عن مطلب الوحدة مع سوريا. وسنة 1958 كان انتهاء الحرب الاهلية مغامرة عند المسيحيين الذين سلموا بتسوية كانت ترضية لعبد الناصر، في الوقت الذي كان المد الناصري كابوسا لهم! ولكن الملاحظ في مغامرة ورقة التفاهم فارق... ذلك ان مغامرة الاستقلال سنة 1943 كانت بين الموارنة ممثلين بالشيخ بشارة الخوري والسنة ممثلين برياض الصلح، ومغامرة انهاء الحوادث الاهلية سنة 1958 كان فيها الموارنة ممثلين بريمون اده وبيار الجميل والسنة ممثلين برشيد كرامي وصائب سلام، بينما مغامرة ورقة التفاهم سنة 2006 يتمثل فيها الموارنة بالعماد ميشال عون ويتمثل فيها المسلمون بالشيعة هذه المرة وليس بالسنة ويتمثل الشيعة بـ"حزب الله".

وتبقى ورقة التفاهم متراجعة كثيرا عن موقف النائبة بهية الحريري في 14 آذار 2005 حين قالت لسوريا: "الى اللقاء يا سوريا" دون ان تفرق بين النظام والشعب في سوريا! وان كانت تظاهرة 14 شباط 2006 في ذكرى اغتيال الرئيس الحريري التي جاوزت المليون قد سجلت موقفا عظيما هو الآخر من النظام السوري وقلبت هي ايضا الطاولة من جديد! حتى صار في الامكان القول ما قبل 14 شباط 2006 لا يصلح لما بعده!

وليست هذه هي المرة الاولى في التاريخ التي يتغير فيها مجرى التاريخ على يد من يغامرون في مراجعة المألوف والمعروف. فاغتيال الحريري غيّر مجرى التاريخ وغيّر المألوف والمعروف. فماذا عن مغامرة ورقة التفاهم التي تبدو سائرة في الاتجاه المعاكس! nفي فرنسا جاء الجنرال ديغول الى السلطة سنة 1958 نتيجة عصيان العسكريين في الجزائر الذين طالبوا بديغول ليحقق لهم معادلة "الجزائر فرنسية" فاذا بديغول هو الذي يقلب المعادلة الى "الجزائر جزائرية". وقد ادرك ديغول بحسه التاريخي واقع الازمة وتغلب على عواطفه وانانيته ليغلب مصلحة فرنسا العليا فتعرض لحملة تخوين وصلت الى حد محاولة اغتياله ولكنه نجا وانقذ فرنسا.  في لبنان كان الجيش سنة 1958 هو سند المسيحيين ودوره اساسي في حماية سياستهم، ومع ذلك فقد عرف الرئيس فؤاد شهاب كيف يحيّده في حوادث 1958 الاهلية، التي كان فيها عبد الناصر واحلاف واميركا وانكلترا و... و... واذ حيّد فؤاد شهاب الجيش فانه حماه من الانقسام. ولما وقعت ثورة 14 تموز في العراق وجلس بعدها السفير الاميركي في القاهرة مع عبد الناصر اتفقا بسهولة على ان فؤاد شهاب هو رجل الساعة الذي يحل مشكلة الانقسام والحرب الاهلية في لبنان! وهكذا انتهت احداث 1958 بتفاهم "اللاغالب واللامغلوب" وتوافق الموارنة مع السنة! وطبق فؤاد شهاب اي الشهابية سياسة سماها العروبيون وقتها "قليل من العروبة خير لدفع الكثير منها" وهي سياسة لم تكن حائزة كل رضى المسيحيين، ولكنها بتفاهمها مع عبد الناصر على ان تكون سياسة لبنان الخارجية ناصرية وسياسته الداخلية لبنانية، حولت لبنان جزيرة فيها امن وامان وذلك طوال خمسة عشر عاما، في حين كانت عواصف الناصرية تهز العروش والجيوش في المنطقة العربية بأسرها، وصار لبنان جزيرة السلام وسط كل هذه العواصف. وتعرض فؤاد شهاب لحملة مسيحية من التخوين ونجحت بواسطة الحلف الثلاثي في اغتياله سياسيا، ولكن الايام ولاسيما ما حصل بعد الـ75 اثبت ان فؤاد شهاب كان مصيبا وكان يبحث عن سلام وامان لبلده دون ان يعرض سيادة لبنان واستقلاله لأي مساس!

هل يبحث الجنرال ميشال عون عن مثل هذا الدور في مغامرة ورقة التفاهم مع "حزب الله"؟

لعل العماد عون معذور، اذ ان قوى 14 آذار ناصبته العداء منذ وطأت قدماه ارض لبنان، ان كان في الانتخابات النيابية، ام في تأليف الحكومة، التي اعطي فيها اميل لحود اربع وزراء ولم يعط ميشال عون في الوزارة لا المكان ولا المكانة التي تناسب مجموعته النيابية! لهذا قال سعد الحريري منذ ايام "كلنا غلطنا".

يبقى ان ورقة التفاهم فيها خطوات لبنانية لـ"حزب الله":

1 – سلاح "حزب الله" لم يعد مرتبطا بتحرير فلسطين بل صار مرتبطا بتحرير لبنان من خلال تحرير مزارع شبعا. وهذه خطوة لبنانية تتخلى عما طبخه جميل السيد مع النظام السوري ايام الوصاية.

2 – بعد ذلك اي بعد شبعا، فان استقلال لبنان وسيادته وحمايته من الاخطار الاسرائيلية يكون من خلال حوار وطني يؤدي الى صوغ استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون.

3 – ترسيم الحدود مع سوريا الذي كان عند النظام السوري مطلبا اسرائيليا صار في ورقة التفاهم مطلبا وطنيا لبنانيا. وهذه خطوة لبنانية عظيمة.

لقد كانت مشكلة فرنسا في الخمسينات مع الجزائر وحلها ديغول رغم الفرنسيين، وكانت مشكلة لبنان سنة 1958 هي المد الناصري وحلها فؤاد شهاب رغم السياسة المسيحية المحافظة.

ومشكلة لبنان الحقيقية اليوم بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وانتهاء الوصاية السورية هي سلاح "حزب الله" والتغطية السياسية التي ما زال الحزب يعطيها للسياسة السورية في لبنان.

فاذا نجح العماد ميشال عون في تغليب الشق اللبناني على الشقين الايراني والسوري عند "حزب الله" فيكون قد نجح في مغامرته وحوّل ورقة التفاهم الى ميثاق وطني. وليد جنبلاط قال منذ ايام للعماد عون فليجرب، انا جربت وما طلع بايدي. ولكن العماد عون يحتاج لكي ينجح الى دعم جنبلاط وتيار المستقبل!

هناك استحقاقان هما تحديان عظيمان في المستقبل القريب تتقرر في ضوئهما كل نتائج المغامرة:

الاول – هو تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال المغفور له الرئيس الحريري والتي قد يكون للنظام السوري مسؤولية كثيرة او قليلة فيها! ماذا ستكون ردة فعل "حزب الله" اللبنانية على ذلك؟

والثانية – والاهم ان ضرب المفاعلات النووية الايرانية يكاد يصبح امرا حتميا لان ايران لم تعد قادرة على التراجع – كما حصل حين تورط العرب سنة 1967 – واميركا واوروبا لم تعودا قادرتين ايضا على التراجع خصوصا ان ايران هي جارة آبار النفط العربية كلها! فهل يرد "حزب الله" اذا ضربت ايران باستعمال الاسلحة التي لديه لضرب اسرائيل؟ وماذا ستكون ردة الفعل الاسرائيلية حينئذ حيال لبنان، لبنان الاقتصاد والخدمات والمصارف والاتصالات والكهرباء والماء والجسور ولبنان المجتمع المدني؟

اذا استطاع التفاهم بين "حزب الله" والعماد عون ان يرجح الجانب اللبناني على الجانب الايراني عند "حزب الله" فان لبنان سيكون قد نجا من قطوع رهيب! واذذاك تصبح لورقة التفاهم قوة ومعنى كبيرين. واضافة الى كل ذلك وباهمية كل ذلك، فان العماد عون طرح خلال خمسة عشر عاما من سنوات النفي شعار الاستقلال، والى جانبه شعار "المحاسبة" ووعد بان تكون حربه للتحرير وضد الفساد. والفساد اصبح في العالم الثالث مثل الاستبداد، لان الانظمة المستبدة اذا كانت تحرم شعوبها من الحرية فان الانظمة الفاسدة تحرم شعوبها من الرغيف، والشعوب التي تعاني الاستبداد تفقد حريتها وكرامتها الانسانية، والشعوب التي تعاني الفساد تفقد خبزها وتعاني الفقر والجوع. لعله اذا استطاع العماد عون ان ينجح في مغامرة تجنيب لبنان القطوع الرهيب اذا ضربت المفاعلات النووية الايرانية، اذذاك يستطيع ان يتابع مسيرة فؤاد شهاب الذي خطط لبناء دولة المحاسبة التي تعثرت ثم انهارت سنة 1970.

لقد نجح الشيخ بشارة الخوري في مغامرة الاستقلال سنة 1943 ولكنه سقط في امتحان الفساد، وهو الذي اسقطه. ونجح الرئيس فؤاد شهاب في بناء دولة مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي والقضاء العادل، ولكنها دولة اسقطت سنة 1970. فهل جاء وقت اقتران السيادة والحرية بدولة نظافة الكف؟

لقد انتشر الفساد في لبنان بعد الطائف حتى اصبح يضاهي الاستبداد والمخابرات ثم اختلط الفساد بالمخابرات، فلا نعالجن واحداً دون الآخر!

الرئيس سليم الحص ادراكا منه لمشكلة ما بعد السيادة والاستقلال اعلن ولادة مؤسسة محاربة الفساد منذ ايام.

دولة الاستقلال والسيادة لا تحلق الا بجناحي الحرية ونظافة الكف، ولا تستطيع ان تحلق بجناح واحد، لان الحرية بلا نظافة كف ضعيفة غير محصنة وتبقى في مهب الرياح ونظافة الكف بلا حرية تبقى عرضة لاول نسمة استبدادية!

 

لقاء عون نصر الله: ما له وما عليه

وجيه قانصو  - السفير 20/2/2006

لم يكن اختيار كنيسة مار مخايل، كموقع للقاء بين الجنرال عون والسيد حسن نصر الله، وكما فسر البعض، تحريكاً لذكرى الحرب القابعة في لا وعي اللبنانيين، أو ترسيماً رمزياً للحدود الفاصلة بين مناطق نفوذ كل من حزب الله والتيار الوطني الحر، بل كان احتضان فناء الكنيسة وأروقتها لهذا اللقاء بمثابة صدمة إيجابية مضادة للغة القتل والقطيعة، قادرة على محو ذاكرة الرصاص والقذائف التي استوطنت في جدران الكنيسة لسنوات طويلة، وحولت الرمزية السلبية حول الكنيسة التي خلقتها الحرب في أذهان اللبنانيين من كونها نقطة انقطاع بين منطقة ومنطقة وبين مجتمع ومجتمع آخر، لتأخذ رمزية إيجابية في كونها نقطة إتصال وتواصل واندماج، وتنتقل من كونها علامة عبور من حد إلى حد آخر لتصبح نقطة ارتكاز في صناعة وتوليد رؤى مشتركة لحياة مشتركة في لبنان.

من الخطأ قراءة الاتفاق الذي تم بين التيار الحر وحزب الله من زاوية تسجيل الأهداف المتبادلة بينهما، ضمن لعبة من انتزاع تنازلات أو تحقيق مكاسب على حساب الآخر. بل لعل ما يعتبر تنازلاً من طرف يسجل لصالح ذلك الطرف لا ضده، إذ فيه رغبة من ذلك الطرف في تصويب أدائه وقدرة على التكيف مع المتغيرات والتحولات التي قد تتطلب تقديم تنازلات أو إجراء تصحيح في الرؤية أو النهج. عدّ المكاسب والتنازلات بين الطرفين، يغيب روح الاتفاق ومغزاه، ويضيع الرسالة التي أطلقها الاتفاق، والتي يبدو أنها ذات طبيعة شاملة، يؤهل الوثيقة أن تكون مسودة قابلة للنقاش بين كل اللبنانيين وليس فقط بين طرفي الوثيقة. لذلك فإن جزئيات الاتفاق لا ترى إلا من خلال بنائه الكلي وعبر الوجهة التي يرغب كلا الطرفين التموضع في ساحتها.

ويمكن التقاط أربعة مشتركات كلية تحكم منطق الاتفاق: أولها بناء دولة عصرية ذات سيادة تحظى بثقة مواطنيها وقادرة على مواكبة احتياجاتهم وتطلعاتهم. ثانيها: أن الحوار الوطني الداخلي عبر مشاركة كل الأطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية، هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات والقضايا ذات الطابع الوطني والتي تقتضي التوافق العام. ثالثها: الرغبة في تطوير حياة سياسية تنطلق في مراحلها الأولى من الديموقراطية التوافقية، وتنتهي في مراحل نموها إلى مستوى المجتمع المدني. رابعها: معالجة بعض المسائل الحساسة في بعدها الإنساني والاجتماعي لا من وجهتها السياسية والمبدئية التي تفتح الباب على المزايدات والتشنج.

هذه المبادئ الأربعة، قد رفعت اللبس بشكل نهائي وبنحو موثق ومكتوب، حول سلاح المقاومة، حيث أن ضرورة الحوار تعني أن الحديث عن هذا السلاح لم يعد من المحرمات أو من الثوابت التي لا تقبل النقض. بل اقترن مصيره ووضعه النهائي بحسب نص الوثيقة، باستراتيجية الدفاع الوطني التي يتوافق عليها اللبنانيون ويتحملون أعباءها. وهذا يعني أن حزب الله يكون قد تخلى طوعاً عن كل امتداد إقليمي (على فرض وجوده) لهذا السلاح، ورفع الشكوك عن أية وظيفة له خارج الوظيفة المحلية التي تبقى رهناً بإجماع اللبنانيين. مع هذه الوثيقة، تم إعادة إنتاج المقاومة على الشرط الوطني الذي قوامه الدولة والوفاق العام، ولم يعد هنالك معنى لأحلاف دولية يكون سلاح المقاومة جزءاً منها.

لعل مطالبة الوثيقة سوريا بترسيم الحدود مع لبنان والإفراج عن المساجين اللبنانيين في سوريا والدعوة إلى إقامة علاقات دبلوماسية، علامات بارزة على بداية بروز تمايز واضح بين الموقف السوري وبين التزامات حزب الله الداخلية. أي ما كان يبدو تحالفاً سياسياً قد انتقل إلى نوع من التعاطف أو التضامن المتبادل بينهما، وما كان يبدو تطابقاً في المواقف، تحول إلى توافق في جانب واختلاف في جانب آخر، واتصال في موقع وانقطاع في آخر. بل لعل حزب الله يحاول استعادة حقه في التصدي للشأن العام الذي حرم منه بحكم التوزريع السوري السابق للأدوار السياسية في لبنان، وهذا سيمنحه مرونة وتحرراً كافيين في حراكه الداخلي وفي تحديد خياراته السياسية، ويمكنه من نسج علاقاته الداخلية بحسب المنطق الطبيعي لا المدبر لتفاعلات الواقع السياسي في لبنان.

لم تأت عبارة <<مجتمع مدني>> سهواً في الوثيقة، بل أعتقد أن كامل دلالاتها السوسيولوجية والسياسية المستقرة في قاموس علم الاجتماع السياسي مقصودة فيها. وفكرة المجتمع المدني تقوم على الفصل بين الدَّولة والمجتمع بمعنى استقلالية المؤسسات المجتمعية عن مؤسسات الدولة (أي استقلال الفرد والكيانات الاجتماعية عن تحكم الدولة)، وعلى اعتبار الفرد كمواطن أي ككائن حقوقيّ قائم بذاته في الدَّولة لا مجرد عضو في مجتمع (أي أن الفرد شريك كامل في صناعة كل مستويات ومراتب الحدث السياسي)، وعلى الفرق بين التَّنظيمات المجتمعيّة المؤلفة من مواطنين أحرار تآلفوا بشكلٍ طوعي وحر وبين البنى الجمعيّة العضويّة الّتي يولد فيها الإنسان من دون أن يملك خيار الانتماء إليها (أي حماية الفرد من ضغط وإكراه الخصوصيات الطائفية ووجود مدى نشاط فاعل خارجها). بحيث يكون المجتمع المدني كما يقول هيغل، عبارة عن ذلك الحيِّز الّذي يتصرَّف فيه البشر كأفراد أحرار لا كأعضاء مباشرين في العائلة أو منعكسين في الدَّولة. بالمجتمع المدني يتجلى الفرق بين الحرية السياسية التي هي ساحة إبداع وفعل التزام تجاه الآخر وشعور بالمسؤولية، وبين حرية البدوي التي لا تعرف سوى التنقل والارتحال، ويتجلى الفرق أيضا بين المجتمع الطبيعي الذي يوفر الانتماء على أساس قرابة الدم، وبين المجتمع الذي يوفر الانتماء على أساس المواطنة التي تعني مشاركة الفرد وفعاليته السياسيتين.

الدلالة السياسية والاجتماعية للمجتمع المدني، تعني أن حزب الله كما التيار الوطني الحر منذ الآن، منخرط أو مطالب بالانخراط بإعادة إنتاج تكوينه السياسي على أساس مقتضيات المجتمع المدني، التي تفرض إيجاد مستويات تضامن سياسي طوعية تكون عابرة للطوائف وقائمة على برامج متعددة الأبعاد تكون منطلقاً للاستقطاب والتعبئة، والتقليل من الاعتبار العقائدي أو المذهبي الذي رغم خصوبته الاستقطابية والتعبوية، إلا أنه يعزز السلوك الطائفي ويغيب الوعي بالمواطنة، ويقوي الركون إلى عصبيات المولد والدم كبديل عن حس المجتمعية الطوعية.

ويمكن القول، ان الوثيقة قد أخرجت حزب الله من تنظيم البعد الواحد، تنظيم المقاومة، إلى تنظيم الأبعاد المتعددة، حيث تم نسج فكرة المقاومة في الوثيقة داخل حبكة سياسية أكثر تعقيداً وأكثر شمولية لتأخذ موضعها الطبيعي والمنطقي داخل المشروع الوطني العام، وتلتحم مع مكونات الحياة المطلوبة لصناعة واقع يوفر الرفاه والأمن معاً.

بهذه الاعتبارات مجتمعة، لم يكن حزب الله هو الذي جذب عون إلى ملعبه كما تصور بعض التحليلات الصحافية، بل أرى أن عون نجح في جعل حزب الله يضيف إلى نفسه التزامات داخلية جديدة، وفي أن يجعل من المقاومة شأناً أبعد من خصوصية حزب الله وفي مساعدة حزب الله أيضا على أن يصبح أوسع من المقاومة. وبالاعتبارات ذاتها، نجح حزب الله في أن يجعل من التيار الحر شريكاً متضامناً مع المقاومة ومتفهماً لمخاوف اللبنانيين على الحدود مع إسرائيل من العواقب المؤلمة التي سيتعرضون لها إذا تم نزع سلاح المقاومة قبل أن تتبلور استراتيجية دفاع واضحة ومضمونة، أي انتقل التيار الحر أيضا من مستوى التعبير عن هواجس وطموحات خاصة إلى التعبير عن هواجس جميع اللبنانيين. استطاع عون أن يجعل حزب الله ينقل قواعده إلى الداخل، واستطاع حزب الله أن يجعل التيار الحر يتمدد فوق رقعة الوطن ليطل على آلام وهواجس اللبنانيين على الحدود مع إسرائيل.

ما لم يذكره الاتفاق، ربما كان مسكوتاً عنه لدواع مرحلية أو ظرفية، ولكننا، وفي سياق الاقتناع بأن الوثيقة ليست مجرد اتفاق بين طرفين، بل هي وثيقة تصلح أن تكون مسودة للتفاهم بين اللبنانيين، مع قابليتها للنقد والحذف والإضافة، نود أن نسجل النقاط التالية:

أولا: بما أن الوثيقة تناولت عناوين وطنية عامة لا تختص بحزب الله ولا بالتيار الوطني الحر، فإن المطلوب مشاركة الجميع من قوى وفعاليات في إبداء الرأي حول العناوين المذكورة ضمن إطار الحوار الوطني الواسع الذي دعت إليه الوثيقة. أي لا نريد للوثيقة أن تكون عبارة عن شكل تحالف سياسي بين قوتين في لبنان تحركها اعتبارات المصالح الآنية والمشتركة بينهما، بقدر ما نطمح إلى أن تكون مشروعاً وطنياً عاماً قابلاً لأن يضع مرتكزات جديدة للحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في لبنان.

ثانيا: مجانبة الوثيقة لإشكالية الطائفية بشكل واضح ورئيسي، والتي هي أصل الإشكالات، يخلق في داخلي خوفاً، من أن تكون الوثيقة قد انطلقت من مسلمة ميشال شيحا، بأن الطوائف هي البوابة الطبيعية والنهائية لعبور المواطن إلى وطنه، وأن التضامنات الطائفية هي التعبير الأوحد عن التعددية الطوائفية في لبنان. فنحن حتى الساعة ما نزال نعيش فيدرالية طائفية مبطنة بحيث يكاد يكون هنالك عنوان وطن وهمي جامع لأوطان متعددة، وتعدد مجتمعات مستقر وغير معلن اسمه مجتمع الطوائف على حساب المجتمع الواحد، وتمايزات ثقافية قائمة على القطع والفصل في أكثر مشاهدها وصورها. لنقل بصراحة، بأن الطائفية في لبنان ما تزال سمة كل الكيانات السياسية تقريباً، والتي قد يخلو خطابها منها صراحة ولكنها المقوم الأساسي لتضامناتها وتحالفاتها. وإذا كانت شكوى باقي الشعوب من السلطات الشمولية التي تسحق الخصوصيات الثقافية والدينية وتدمر الانتماءات الاجتماعية، فإن أزمة الحياة في لبنان تكمن في غياب المجال العام الجامع، وفي ضعف الوعي بالدولة كشخص قانوني ومعنوي متميز عن الأشخاص الطبيعيين الذين يمثلونه، وفي فقدان الحد الأدنى من المعتقدات المشتركة والتمثلات العامة التي تبني الثقافة الوطنية الجامعة المطلوبة لاستمرار المجتمع السياسي.

والسؤال هو: إذا كان بالإمكان، وهو كذلك، تفكيك الملازمة بين التعددية الطوائفية والطائفية السياسية، وأن أسس المجتمع المدني لا تقوم إلا بتضامنات سياسية ومجتمعية عابرة للحدود والفواصل الطائفية، مع حفظ الخصوصية التي لا تملك حق أو قدرة ممارسة الإكراه والحصار على الفرد، فما هي قدرة كل من حزب الله والتيار الحر على تلبية الرهان المستحق في الدخول الطوعي في رحلة التحول الذاتية لخلق نواة المجتمع المدني، الذي يوفر أرضية تضامنات جديدة تزاحم عصبيات المولد والدم وتولد هوية وطنية تتقوم بالمشترك العام وتنتج خطاباً على أساس البرنامج لا الهواجس وعلى المشاركة لا التمايز.

لعل حل المشكلة في لبنان لا يكمن في وضع قواعد للعبة السياسية فقط، ولكن يكمن بنحو مسبق تحديد مواصفات الملعب وتحديد ماهية وطبيعة اللاعبين أيضا. بعبارة أخرى، البحث في حقيقة هذا الوطن حول المسألة الطائفية وفي طبيعة القوى الممثلة والمعبرة في داخله، يسبق ويحدد منطقياً البحث في القواعد التي تشرط الأداء والسلوك السياسي.

ثالثا: لم تتعرض الوثيقة لتلك الثنائية المربكة بين المقاومة والدولة، رغم انتهاء مبرراتها. فالإقرار بحق المقاومة في تحرير المزارع وتحرير الأسرى، لا يعطي حزب الله حيزاً مستقلاً عن الدولة ومنفصلاً عن اعتباراتها الدبلوماسية والتزاماتها الدولية في إدارة مسألة التحرير. بل أعتقد أن استراتيجية الدفاع الوطني التي نص عليها الاتفاق، لا توضع بعد تحرير المزارع والاسرى، بل لا بد أن يتم وضعها في أقرب وقت ممكن، لرسم إطار واستراتيجية أداء وقواعد تنسيق واضحة في عملية التحرير أيضا. هذا الأمر يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ويحل بعض الالتباسات حول مسألة المقاومة الدولة. فكما أن الدفاع عن لبنان يتطلب استراتيجية موحدة، كذلك فإن التحرير أيضا يتطلب استراتيجة موحدة، ليعفي حزب الله من تبعات التفرد بشأن ذي طابع عام، ويلغي أي التباس أو تعارض بين سيادة الدولة وضرورة المقاومة.

رابعا: مسألة مطروحة للتفكير على حزب الله، رغم تعقد آلياتها ومراحلها، وهي التفكيك بين المقاومة التي هي مشروع ومسؤولية وطنية عامة ولا تحتمل بطبيعتها أن تكون من مختصات قوة خاصة في لبنان، وبين حزب الله كقوة سياسية تطابق مشروعها في فترة سابقة مع المقاومة، ولكنها مؤهلة أن تطل على الواقع اللبناني بكل تفاصيله، وأن تقدم برنامجها الإصلاحي أو التنموي أو حتى الإيديولوجي. هذا التفكيك يوسع حيز كلا الطرفين ويوسع مداهما، إذ ان التلازم والتطابق بين المقاومة وحزب الله، فرض لاعتبارات إقليمية سابقة، انكفاء حزب الله عن أكثر العناوين العامة الداخلية كي لا يساء إلى قدسية وحيادية المقاومة، وفرض خصوصية إيديولوجية ومذهبية للمقاومة، منعها وأعاقها من أن تكون مشروعاً عاماً يتطوع للتصدي له كل اللبنانيين.

قد لا يتطابق الاتفاق مع الصورة الطامحة حول لبنان الذي هو حتى إشعار آخر، وطن نهائي لجميع اللبنانيين. إلا أن هذا الاتفاق خرق حالة التعبئة الطائفية التي تتحكم بالمشهد السياسي منذ فترة طويلة، وحرك خيال المحبين لأوطانهم وأيقظ فيهم الأمل بإمكان المستحيل.

() استاذ جامعي

 

لقاء عون - نصراللـه في خضم المزاج الشعبي المضطرب

اتفاق الليل لن يمحوه النهار و"فيتامين" سي ضد التطرف

 النهار 18 شباط 2006

 تعددت الاوصاف التي اطلقت على اللقاء الذي جمع امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله والنائب العماد ميشال عون بصفته زعيما لـ "التيار الوطني الحر". تنوعت التشبيهات فكان "الزلزال"، و" لقاء الجبابرة"، و"لقاء القمة"، و"الانقلاب"... الوصف سياسي، ويختلف وقعه ومغزاه بإختلاف الجهة التي تطلقه، وخصوصا ان الانطباعات الاولية عن هذا اللقاء راوحت ما بين تأييد شديد لم يصل حد اطلاق الرصاص ابتهاجا، ومعارضة مطلقة تسببت ببعض حالات اغماء في تجسيد كاريكاتوري لمن اساءه حصول هذا الاجتماع.

"فيتامين سي"، هكذا وصف احد الظرفاء اللقاء الذي جمع نصرالله وعون في كنيسة مار مخايل في الشياح في 6 شباط الفائت. ويكتسب تحديد التاريخ هنا، استطرادا، اهمية قصوى بعدما اصبح المواطنون مقسمين ومنقسمين وفق الروزنامة التي كانت تستخدم في السابق لتحديد الاعياد والمناسبات الرسمية، فإذا بها تتحول اليوم ميزانا لقياس منسوب الوطنية، او سلكا شائكا يفصل ما بين اللبنانيين ويحدد مواقعهم ومواقفهم وانتماءاتهم، وربما تاريخ ميلادهم الجديد وفق التقويم اللبناني.

واذا كان لا بد لخروج لقاء نصرالله – عون عن هذه القاعدة، فإن" فيتامين سي" يصلح لأن يكون بديلا للتعريف عن هوية المنضوين تحت هذا اللقاء. والتشبيه مستوحى من اللونين الأصفرالذي يرمز الى الحزب و البرتقالي الذي اعتمده "التيار" شعارا له، ليس بسبب انعدام الخيارات بعدما حجزت الاحزاب والطوائف الاخرى كل الألوان ، بل لأن التيار اراد ان يتماهى مع الثورة البرتقالية التي انطلقت قبل اعوام في أوكرانيا، واحدثت انقلابا في السلطات.

الاصفر ايضا، هو لون الحامض الغني بالفيتامين"سي"، والبرتقالي، لون البرتقال الذي يعتبر عصيره مفيدا جدا في تنشيط الجسم. فكيف اذا اجتمع اللونان ، او بالاحرى مُزج عصير الحامض مع الليمون؟ النتيجة، ستكون من دون شك ايجابية!

   يختصر هذا التشبيه التوقعات والامال التي علقتها الأوساط الشعبية والمسيحية والشيعية وبعض العلمانيين - على لقاء نصرالله – عون ، وخصوصا أن البلاد في حاجة الى منشط حيوي لا ينطوي تناوله على أي مضاعفات جانبية في ظل اجواء التشنج والقلق التي ارخت بثقلها على البلاد وتكاد تخنق العباد. فكل طرف يشد الحبل السياسي صوبه ، والحبل ملفوف حول اعناق اللبنانيين الذين بإسمهم تخاض حاليا معارك تتجاوز داحس والغبراء في شراستها، على امل الا تتفوق على حرب البسوس في طول مدتها.

لم ينجُ هذا اللقاء من تعليقات المواطنين وتندراتهم واطلاق النكات التي تعبر عن وجهة نظر مؤيدة او معارضة. ونشطت الرسائل الهاتفية بصفتها وسيلة لترويج هذه الطرائف تماشيا مع موضة العصر، ولم يوفر الانترنت ايضا لبث الصور المركبة المستوحاة من اللقاء – الحدث. وهكذا، أصبح عون "سماحة العماد"، وصار نصرالله "جنرالا"، ومزجت شعارات الطرفين وهتافاتهما لتنتج شعارات جديدة مستوحاة من المناسبة ، مثل "يا الله ويا الله احفظ لنا عون الله"، و"عونك راجع من نصرالله" بدلا من الشعار القديم "عونك جايي من الله "... اما اطلاق ابواق السيارات وفق نغمة خاصة بأنصار التيار: " ترتتتتاه جنرال"، فأصبحت " ترتتتتاه نصرُالله"!

 خلاف واختلاف

لا يعكس الانطباع الايجابي ازاء لقاء عون- نصرالله رأي كل اللبنانيين بطبيعة الحال، انطلاقا من حق الاختلاف اولا، وخلاف المرجعيات السياسية التي تمثل فئات متنوعة من المجتمع، وهذا الأهم، مع إحدى هاتين الزعامتين او مع كلتيهما. لذا، ثمة من يعتبر ان تأييد هذا اللقاء ينحصر بين انصار التيار والحزب، وعددهم ليس بقليل، ولا يتعدى هذه الدائرة في ظل الانقسامات السياسية والمذهبية الحادة التي يشهدها المجتمع اللبناني. فحين يكون رأي الفئات الشعبية نسخة مكررة عن رأي زعاماتها، تنتفي الحاجة الى معاينة المزاج العام واستطلاع الرأي لأن النتيجة غالبا ما تكون معروفة سلفا ربطا بالمنطقة والطائفة والمذهب. لذا، فإن رد انصار القوات اللبنانية مثلا على هذا اللقاء كان واضحا في عدائه. فالعماد عون بالنسبة اليهم "خائن"، كما يصفه احد القواتيين المنفعلين، " وها هو اليوم يتحالف مع انصار السوريين والايرانيين، اي حزب الله ، طمعا في الوصول الى رئاسة الجمهورية". وتتشعب موجبات الادانة الى حد اعتبار ان العماد عون" قدّم تنازلات بالجملة لحساب نصرالله وجاءه من موقع ضعف، فلم يكن لقاء ند للند، بل لقاءً بين قوي وضعيف".

من الصعب بمكان الوقوع على اي مناصر للقوات اللبنانية قادر على قراءة هذا اللقاء خارج اطار هذه المقاربة. وهذا ليس ناتجا عن تبن حرفي لخط الحزب ومواقفه فحسب، بل عن اقتناع شخصي مرتبط بالنشأة التي ترى في الآخر عدواً . فيقول قواتي آخر " انا حزب الله بيخوفوني". يبدو هذا الشاب عاجزا عن تقديم اي تفسير علمي وسياسي لهذا الخوف، فهو تارة يربطه بامتلاك حزب الله للسلاح، وطورا بمشروع الدولة الاسلامية التي تندرج في رأيه في صلب اهداف الحزب. ولكن خوفه هو، في الواقع، من موروثات الحرب التي لا تزال آثارها حاضرة في النفوس وخصوصا عند الجيل الجديد الذي سمع عن هذه الحرب ونشأ على تداعياتها. فحتى بين انصار" التيار الوطني الحر" تجد بعض الذين يساورهم القلق من الاتفاق مع" حزب الله". انه قلق وليس خوفا وتشنجا. وهو مرتبط بالدرجة الاولى بموضوع حيازة هذا الحزب السلاح. ولعل هذا ما يضاعف صعوبة المهمة الملقاة على عاتق "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"المطالبين بتفسير الاتفاق ومناقشته مع القاعدة الشعبية، ليس بهدف ترويجه ولكن عملا بمقتضيات الحوار الناجح الذي لا يُفترض ان ينحصر في رأسي الهرمين والنخب المحيطة بهما. اذ يشكو شاب جامعي مثلا في سنته الأولى انه يجد نفسه عاجزا عن مواجهة المنطق الذي يتهمه بانه اصبح عضوا في الحلف الإيراني. وتعبّر فتاة ناشطة في التيار عن حماستها للقاء عون- نصرالله وتتحدث بإعجاب كبير عن "حزب الله" الذي يتميز، في رأيها، بالانتظام والرصانة. ولكنها لا تتردد في ان تختم حديثها بإبداء بعض القلق وإن بتحفظ كبير.

لا يختلف منطلق القلق عندها عن منطلق الخوف عند الشاب القواتي رغم الفارق الكبير ما بين الاثنين في التعبير عن هواجسهما والفارق الأكبر في القدرة على خوض نقاش او حتى ابداء الرغبة في ذلك. انها مجددا تركة الحرب التي أفرزت البلاد ما بين مسلم ومسيحي لأكثر من 15 عاما. ولم يأت السلم ليبدد هذا الانقسام والتقسيم ويعالج اسبابه، بل غلّفه بغشاء شفاف نسج على مقولة "عفا الله عما مضى" وطرز بشعار التعايش الذي سرعان ما تقطعت خيطانه عند اول ازمة او منعطف سياسي. والمشهد السياسي اليوم يروي فصولا كاملة و بالتفاصيل المملة في شأن هذه الحقيقة التي يحاول البعض التغاضي عنها او استغلالها حتى الرمق الاخير. والمفاضلة بين هذين الحالين اشبه بالمقارنة بين السيئ والأسوأ.

تفاؤل شعبي

ولكن يبدو، في المقابل، ان هذا الواقع نفسه ساهم في تعزيز مناخ التفاؤل الذي شاع في الاوساط الشعبية عقب لقاء عون – نصرالله قبل نحو اسبوعين. ولا حاجة هنا للخوض في لعبة الارقام التي اصبحت عملة رائجة تُبنى على مقتاضاها سياسات البلاد ومستقبلها، بل يكفي رصد بعض من جوانب مزاج الفئات الشعبية التي تُخاض بإسمهم المعارك وتقدم على قربانها "التضحيات" ، لتبيان منسوب التفاؤل الذي خلفه لقاء امتص كثيرا من الهواجس والمخاوف التي عبقت بها الاجواء في الآونة الاخيرة، وبدت وطأتها مضاعفة على كل من يعتبر انه خارج حدود جغرافيا السياسة المستحدثة.

في هذا المعنى، فإن نسبة لا بأس بها من المواطنين، وخصوصا اولئك الذين يرفضون ان يُصنفوا انفسهم في اي خانة حزبية او سياسية أو -- بنسبة أقل -- طائفية ومذهبية، ارتاحت الى هذا اللقاء، ورأت فيه انطلاقة جديدة بالبلاد نحو استقرار سياسي وأمني لا يزالان مفقودين منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل عام.

ومصدر التفاؤل يعود في الدرجة الأولى الى الثقة بالرجلين، فصراحة عون وصدق نصرالله يولدان شعورا بان" اتفاق الليل لن يمحوه النهار". هكذا علّق شاب مسيحي في العقد الثالث على اجتماع هذين الرجلين معتبرا ان "البلاد بحاجة الى من تثق به، لا الى اشخاص يبدلون آراءهم ومواقفهم اسرع مما يبدلون ربطات عنقهم". ويضيف هذا الشاب ان"التحضير لهذا الاتفاق استغرق وقتا طويلا وانضج على نار هادئة، مما يعني ان الامور لم تفرضها مصلحة آنية أو شروط ظرفية تنتهي مفاعيلها مع انقضاء الظروف التي اوجبتها". انها المرة الأولى التي تخرج فيها عبارة الحوار من الاستهلاك اليومي وتتحول حقيقة ملموسة. لقد استعادت هذه الكلمة -- الاكثر استخداما في القاموس اللبناني والاقل ممارسة في الاداء اليومي -- معناها الأصلي في اجتماع الرجلين، بعدما أصبح للحوار منطقه الخاص على الساحة اللبنانية حيث تحول الى مرادف للتراشق الكلامي، وتبادل الشتائم والاتهامات والمنازلات، وعرض العضلات.

تعاطف ضمني

قلة هم في الواقع الذين اطلعوا على ورقة التفاهم وتبحروا في تفاصيلها، ولكن اجتماع شخصين يمثلان قاعدتين شعبيتين كبيرتين ومن طائفتين مختلفتين كان اكثر من كافٍ لأن يشيع اجواء التفاؤل بأن البلاد وضعت على سكة المنطق اخيرا. ومن هذا المنطلق يعتقد يساري عتيق ان" لبنان لم يشهد ورقة تفاهم بأهمية تلك التي انجزها عون – نصرالله منذ تأسيس البرنامج المرحلي للحركة الوطنية". في حين يذهب مناضل يساري مخضرم ابعد من ذلك فيقول ان" هذه الورقة هي اهم من البرنامج المرحلي الذي كان يعكس اراء وتطلعات فئة سياسية من لون واحد هي اليسار اللبناني، في وقت تعكس هذه الورقة قواسم تفاهم بين قوتين سياسيتين مختلفتين في التركيبة الطائفية".

ورغم ان القراءة الشعبية اكثر بساطة وعفوية في انتقاء توصيفاتها وتقويمها لهذا الحدث، فإنها لا تخرج عن اطار التعبير عن الشعور بالراحة والاحساس بالامان، بعدما كان الخوف من التطرف وعودة الحرب يقلقان الكثيرين. هكذا ترى فتاة مسيحية تحرص مرارا وتكرارا على التأكيد انها ليست من انصار "التيار" ولا من انصار "القوات اللبنانية"، تفاهم عون- نصرالله. وتضيف انها تكن احتراما كبيرا لشخص نصرالله في معزل عن موقفها من "حزب الله". ورغم انها لا تتفق مع كثير مع المواقف التي يطلقها نصرالله، فهي لا تستطيع ان تمنع نفسها من الاستماع الى اقواله، لأن الرجل، كما تقول، صادق ومنطقي وعقلاني.

وفي المقلب الآخر، يتوج شاب شيعي دفاعه عن العماد عون بعد نقاش صعب وطويل مع زملاء له في العمل ينتمون الى "القوات اللبنانية" ويكنون عداءً كبيرا للعماد عون بالقول "اذا نجح (العماد) ميشال عون الماروني، في استقطابي وامثالي من الشيعة، فهذا انجاز كبير يُسجل في خانته".

لا يعود قبول الشيعة للعماد عون والدفاع عنه الى المرحلة التي بدأ فيها الاعداد لهذا اللقاء، بل تمتد جذورالغزل أبعد من ذلك بقليل، لتستقر عند البدء بالتحضير للمعركة الانتخابية النيابية في أيار الفائت. فرغم ان الحزب كان متحالفا آنذاك مع "القوات اللبنانية" و"الحزب الاشتراكي" و"تيار المستقبل"، ورغم اصدار نصرالله تكليفا شرعيا بانتخاب اللائحة التي تمثل هذا التحالف الرباعي في قضاء بعبدا -- عاليه، فإن الشيعة عموما كانوا متعاطفين ضمنا مع التيار الذي كان يدرك هذه الحقيقة في العمق.

يقول شاب شيعي، يقطن في الضاحية الجنوبية ولكنه ينتخب في الجنوب، انه قرر ان يدهن جدران منزله باللون البرتقالي، وان يقدم طلب انتساب الى "التيار" تعبيرا عن اعجابه بمواقف العماد عون الذي لم يكن معجبا به في السابق. ولكن الرجل تغيّر، كما يقول، وأصبح اكثر عقلانية ومنطقا في زمن أصبحت فيه الموضوعية مطلبا ملحا بعدما تحول رفع السقف السياسي نهجا يكاد يلامس الغيوم، ولكن من دون وجود اساسات صلبة في اغلب الاحيان.

رفعت صور الجنرال في الضاحية الجنوبية، وهذا طبيعي فهو ابن هذه المنطقة وله مناصرين فيها وسبق ان خاض معركة انتخابية فيها منذ بضعة اشهر ، ويستعد لخوض معركة جديدة بعد بضعة اسابيع. ولكن السؤال هل ستُرفع صور نصرالله في الضواحي الشرقية لبيروت، او بالاحرى في المناطق التي يتمتع فيها التيار بثقل شعبي كبير؟

في كل حال، فان ثمة من يعتبر انه من المبكر الحكم على هذا التفاهم، ولا بد من منحه بعض الوقت ليثبت نجاحه أو فشله. وقد يحتاج اللونين الاصفر والبرتقالي الى لون أزرق يقيه من "صيبة العين"!

فهل تنجح الدعوة الى الحوار في استقطاب مزيد من الألوان المؤمنة بالحوار لغة للتوصل الى تفاهم؟

 

باريس مرتاحة لوثيقة "التيار" و"حزب الله" ولعودة الحريري... ومتريثة بشأن الرئاسة

18 فبراير, 2006 البلد- اعتبرت أوساط رسمية فرنسية في حديث الى "صدى البلد" ان الوثيقة المشتركة التي أعلنها "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" في السادس من شباط "تنم عن تحليهما بروح المسؤولية العالية والحوار البناء". وتنظر هذه الأوساط "باهتمام" الى البنود الواردة فيها لا سيما ما يتعلق منها بالاتفاق حول ترسيم الحدود بين لبنان وسورية وإقامة علاقات دبلوماسية بينهما وحل موضوع الموقوفين والأسرى اللبنانيين في سورية وبعض العناصر التي كانت منتمية الى "جيش لبنان الجنوبي" في اسرائيل.

في المقابل ان التقارب الحاصل بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" في نظر هذه الأوساط الرسمية "يعطي مؤشراً جديداً على عملية الاستقطاب الجديدة الجارية على الساحة اللبنانية". وأضافت المصادر المسؤولة "ان ما يهمنا في الدرجة الأولى الفقرة المتعلقة بنزع سلاح حزب الله في هذه الوثيقة المرتبطة في الواقع بالحوار الوطني اللبناني الذي ننادي به منذ أكثر من سنة والذي تأخر".

وتلاحظ "انه في غياب الحوار الوطني الشامل فبالطبع نرحب بأي وثيقة تكون خطوة في هذا الاتجاه".

وتشير المصادر الفرنسية الى ان "روح المسؤولية لا تتجلى فقط بإصدار الوثيقة بعد حوار طويل بين الجانبين ولكن أيضاً بعملية ضبط الحشود في أثناء ذكرى عاشوراء".

وتبدي هذه الأوساط ارتياحها أيضاً للنتائج المباشرة لعودة رئيس تكتل "المستقبل" النيابي الشيخ سعد الحريري الى بيروت "واستعادة امساكه من الناحية الرمزية بالوسط السني بعد أعمال الشغب التي رافقت التظاهرة التي نظمت ضد نشر رسوم الكاريكاتور المسيئة للنبي محمد وتوجهت الى القنصلية الدنماركية في الأشرفية".وتستعيد هذه الأوساط "المكانة التي كان يتمتع بها رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري كصلة وصل وجسر بين كل الأفرقاء اللبنانيين".أما بخصوص المطالبة بإقالة الرئيس اميل لحود، فتتريث باريس "وتراقب عن قرب مواقف كل الأطراف، ونحن نلاحظ تنوعاً كبيراً فهناك من يدعو الى آلية قانونية وآخر الى تحرك شعبي فيما يعارض العماد ميشال عون ويتحفظ الكاردينال الماروني البطريرك نصرالله صفير".

وتضيف هذه المصادر "ان التمديد للرئيس لحود كان وراء القرار 1559، وتذكرون الاعلان الرئاسي الصادر في 25 كانون الثاني عن مجلس الأمن الذي ركز على التدخل الخارجي في عملية الانتخاب".وتتابع هذه المصادر: "ان الفقرتين العمليتين في القرار 1559 هما نزع أسلحة الميليشيات واخراج الجيش السوري. أما في ما يتعلق بالتمديد للحود فلم يكن الأمر انقلاباً على النظام. ولهذا ليس من الواضح استشراف ما يمكن أن يقوم به هذا الطرف أو ذاك على الصعيد الدولي".

 

من 1559 إلى 1958

سليم نصار – النهار 18/2/2006

استبعدت توقعات الصحف اللبنانية ان يصل عدد المشاركين في الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، الى أكثر من مئة الف نسمة. وقد استندت تلك التوقعات الى معطيات ومتغيرات محلية رأى فيها المعلقون مصدراً كافياً لإضعاف الحماسة الشعبية التي ميّزت مناسبة 14 شباط الماضي. ومن المؤكد انهم استبعدوا أنصار "التيار الوطني الحر" الذين طلب منهم العماد ميشال عون الوقوف على الحياد بعد توقيعه ورقة التفاهم المشتركة مع "حزب الله". السبب الثاني الذي عزز هذا الاستنتاج تمثل في تخلي المفوض الالماني ديتليف ميليس عن متابعة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتسليمها الى نائب المدعي العام في محكمة الجزاء الدولية البلجيكي سيرج براميريتز. وكان من الطبيعي ان يترك قرار انسحاب ميليس أثراً سيئاً في نفوس الذين راهنوا على شهرته وخبرته في اكتشاف الحقيقة، خصوصاً ان خلفه بدّل اتجاهات التحقيق، وباشر في ملاحقة جهات أصولية مرتبطة بالانتحاري أحمد أبو عدس.

السبب الثالث الذي ألقى بظله على توقعات انحسار أعداد المشاركين في تظاهرة الثلثاء الماضي، فرضته أصداء أحداث "الأحد الاسود" في الاشرفية، ذلك ان التظاهرة التي قام بها أكثر من ثلاثين ألف شاب سني وقاطعها "حزب الله" انحرفت عن أهدافها بعدما نجحت عناصر مدسوسة في نقل السخط والهياج من القنصلية الدانمركية الى كنيسة مار مارون. وقد زعزعت ذيول هذه الواقعة ثقة الجمهور المسيحي بالشراكة التي فرضتها موجة الاغتيالات مع الفريق السني، الامر الذي دفع بعض النواب المسيحيين الى تسويق دعوة الاقتداء بالعماد ميشال عون، وحجتهم ان الفريق السني مستعد لفسخ شراكة الميثاق الوطني مع حليفه الماروني عند أول منعطف، تماماً كما فعل في الخمسينات والستينات خلال العهد الناصري، او في السبعينات يوم انقلب على شريكه لمصلحة المقاومة الفلسطينية.

ومع ان تدخل دار الفتوى والقيادات المسيحية حال دون الوقوع في فخ الفتنة، الا ان ملابسات هذه الحادثة المفتعلة ظلت تهدد بنجاح تظاهرة 14شباط، خصوصاً بعد موجة التشويش التي رافقت عودة سعد الحريري الذي غاب عن لبنان مدة ستة أشهر، ثم عاد فجأة على متن طائرة تجارية خاصة بقصد التمويه والتضليل. ويبدو ان عبارات التخويف والتحذير التي سمعها من أصدقاء وزعماء التقاهم في القاهرة والرياض وباريس وواشنطن، قد أثرت على نفسيته بدليل انه وافق على مخاطبة الحشود من خلف زجاج الوقاية ضد رصاص القناصين. علماً أن قرار عودته الى بيروت قوبل بالممانعة والتحفظ من قبل بعض أفراد العائلة والاصدقاء الذين تخوفوا ان يصيبه ما أصاب الشهيد جبران تويني. ولكنه تسلح بالقدر وقرر المشاركة، معتبراً ان تغيبه ولو لأسباب أمنية، سيصدم الجماهير المحتشدة لإحياء الذكرى الاولى لاستشهاد والده.

تكرار تظاهرة المليون نسمة أثار الكثير من الاسئلة حول معانيها السياسية، وما اذا كانت دوافعها العميقة ما زالت مرتبطة بشعارات 14 شباط أم لا؟

المراقبون الديبلوماسيون في بيروت، قدموا تفسيرات مختلفة حول الاسباب الكامنة وراء الحشود التي تدفقت من أحياء العاصمة والقرى النائية متجاوزة كل الصعاب والعراقيل واساليب التهديد. وكان من شدة حرصها على إظهار حضورها ان رفعت نصف مليون علم لبناني، اضافة الى مئة شعار انحصرت كلماتها المعبرة بطلب الاستقلال الناجز والسيادة الوطنية الحرة. ويرى هؤلاء المراقبون ان تلبية النداء الذي أطلقه قبل سنة تقريباً الشهيد جبران تويني، تأتي بمثابة تكرار لتأكيد مطلب الاستقلال عن الوصاية السورية من قبل السنّة والدروز والموارنة. وربما تصور خطباء ساحة الشهداء ان استقالة الرئيس اميل لحود قد تحرك الوضع المجمد وتفتح ثغرة في جدار الأزمة السياسية – الاقتصادية الخانقة.

وكما ان التظاهرة الحاشدة دلت على تجانس القوى المعارضة في مواجهة التيارات الاخرى، الا ان تجربتها السلمية قد يتم تفعيلها في الصيف المقبل بهدف اسقاط الرئيس، كما حدث مع الرئيس بشارة الخوري عام 1952، خصوصاً بعدما تحدى العماد ميشال عون هذا التكتل في حديث أجراه مع مجلة "الافكار"، ووصف زعماءه بأنهم عاجزون عن اسقاط الرئيس لحود لأنهم لا يملكون الارضية. وأوحى في حديثه أنه وحده قادر على تنفيذ هذه العملية، لأن من يريد اسقاط الرئيس – حسب كلامه – يجب أن يكون قادراً على اقفال العاصمة، وعلى تجميع نصف عدد الذين استقبلوه لدى عودته من المنفى في ساحة الشهداء.

ويستدل من هذا التفسير أن العماد عون لن يشارك في عملية اسقاط الرئيس لحود، إن كان بواسطة الضغط الشعبي أم بواسطة الاكثرية البرلمانية. في حين يرى الوزير المعارض مروان حماده أن موقف عون لا ينبع من حرصه على مقام الرئاسة، وإنما من حرصه على تنفيذ اتفاق سري مع اميل لحود بأن موعد استقالته يتزامن مع التحضير لانتخاب عون خلفاً له. ومثل هذا الخيار زكّاه السيد حسن نصرالله عقب إعلان ورقة الحوار الوطني في كنيسة مار مخايل، حين قال إن حزب الله يرى في العماد عون مرشحاً حقيقياً لرئاسة الجمهورية لكونه يملك الاهلية الذاتية والشعبية لهذا الموقع.

واللافت في هذا المجال، ان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني كان قد أبلغ سعد الحريري بأن العماد عون هو المرشح المفضل لدى إدارة بوش، لأنه يملك مواصفات القيادة والكفاية. ولكن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تحاشت تحديد الاسم في حديثها مع "المؤسسة اللبنانية للارسال"، وقالت إن الرئيس المقبل يجب أن يمثل التطلعات الى بناء لبنان مستقل للمستقبل. وذكرت أن هذا الوصف يدخل في إطار تحرير المؤسسات السياسية من التدخلات الاجنبية التي مورست في الماضي. ويستخلص من كلامها أن واشنطن لم تعد ترى في العماد عون الرئيس الذي يعبّر عن طموحات اللبنانيين في الاستقلال عن سوريا، بدليل انه قيّد الرئاسة بموقف "حزب الله" الموالي لدمشق وطهران (...)

يجزم نواب "اللقاء النيابي الديموقراطي" ان العماد ميشال عون تسلح بالتأييد الاميركي كي يعود الى لبنان عبر البوابة السورية. وكلفت دمشق وسيطا لبنانيا يعيش في باريس، باجراء حوار مع عون انتهى بالموافقة على الرجوع من المنفى من دون المرور في مكتب المدعي العام عدنان عضوم. وتزعم جماعة جنبلاط ان الزعيم الدرزي اظهر كل ليونة اثناء التشاور حول مرشحي الجبل وعاليه، ولكن تنازلاته قوبلت بالرفض القاطع، والسبب – كما يقول جنبلاط – ان اتفاق عون مع المير طلال ارسلان كان جزءا من صفقة متكاملة بكفالة اميل لحود الذي يقسم انه لن يخرج من قصر بعبدا الا لمصلحة ميشال عون.

ومن اجل تحقيق هذا السيناريو يصار حاليا الى انشاء تجمع نيابي واسع تكون نواته كتلة حزب الله – امل – التيار الوطني الحر، اضافة الى عشرة نواب يمكن استمالتهم بالوعود المغرية. وفي حال وصل العسكري الثالث الى قصر بعبدا، فان تعاونه مع سليم الحص او عمر كرامي يكون مضمونا. ويحتمل ان يتعهد في خطاب القسم ان يكرر ما اتفق عليه في ورقة التفاهم مع "حزب الله" الذي سيبادر الى اعلان انخراط قوته المقاومة في صفوف الجيش اللبناني المنتشر حتى الحدود الدولية. وقد قادت المخاوف من احتمال تطبيق هذا السيناريو الى اعلان خطب نارية طالبت باستقالة اميل لحود على ألسنة سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع. كما وصفت حدتها في وسائل الاعلام، بأنها كانت مصحوبة بانسداد آفاق التسوية مع "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية، اي انها استعادت مأزق "عبور الروبيكون" عندما تصبح المواجهة امرا لا مفر منه.

والسبب ان كل المبادرات المطروحة تدعو الى احياء الاتفاقات اللبنانية – السورية، الامر الذي يعتبره جنبلاط التفافا على القرار 1559، بحيث ينسى الناس صراخ الشهداء الذين ملأوا القبور. لذلك قام بنسف جسور المصالحة الوطنية، ولو ادى ذلك الى انهيار كل ما رممه رفيق الحريري في جمهورية الظلام. وقرأ المراقبون في خطابه ايضا صورة الانسحاب الكامل من قضية الحوار مع "حزب الله" لأنه يريد بناء علاقات خارج اطار التبعية لدمشق (...) عقب الزيارة التي قام بها وزير خارجية ايران منوشهر متقي لدمشق وبيروت، اعلنت الوزيرة الاميركية كوندوليزا رايس انها ستطلق تحركا ديبلوماسيا لدرس الازمة النووية الايرانية مع دول المنطقة. وقد اختصر السيد حسن نصرالله في خطابه الخميس الماضي، موقفه من المشروعين باعلان خياره للمشروع الايراني – السوري في مواجهة المشروع الاميركي – الاسرائيلي. والبعض يذكر ان خيارا مماثلا طرح على اللبنانيين عام 1956 ولما قررت حكومة كميل شمعون الانحياز الى المشروع الاميركي، انفجرت ثورة 1958.

والمؤسف ان التاريخ يكرر نفسه وانما بواسطة اشخاص آخرين!

 

حساب الحقلة وحساب البيدر

بقلم مهى عون – النهار 18/2/2006

إذا لم يأت اليوم، حساب الحقلة على حساب البيدر، فهل يعني ذلك أنه لن يأتي غداً أو بعد غد؟ الجواب مرتبط بمدى ذكاء بل دهاء المخطط، وبسعة درايته وعلمه بالمواد التي يتعامل معها. ولكن الظاهر اليوم، خصوصاً بعد تظاهرة "الأحد الأسود" في الأشرفية، أنه أخطأ في الحسابات، من ناحية عدم تقديره الصائب للوعي الشعبي ولا سيما المسيحي، والذي فوت عليه فرصة، كانت مؤاتية لإشعال فتنة طائفية من جديد. وفي مجال تقييم نسبة نجاح أو فشل هذه الأهداف "الحميدة" لا بد من التوقف عند المعطيات والحيثيات الآتية:

أولاً - ليست هذه التظاهرة كمثيلاتها التي عمت العالم العربي والإسلامي مثلما ادعت بعض المراجع الدينية. وهي بغض النظر عن كونها مشروعة ومحقة، من ناحية الدوافع والمبررات، ليست مجرد تظاهرة  فلتت من عقالها، الأمر الذي أدى إلى تفاقم واستشراء العنف، بل هي في الحقيقة تختلف عن التظاهرات الأخرى وتتباين، من ناحية اضمارها المسبق نيات تخريبية إن لم نقل إرهابية، والتي تمثلت بالتعبئة المعنوية المستشرسة، والمادية (حجارة وفؤوس وعدة للحرق والتفجير) والتي كانت بحوزة هذه الحشود المندفعة. وهي تعبئة تفسر أيضاً عدم تراجع هذه الجماعات رغم الخمسة آلاف عيار ناري، والتي حسب وزير الداخلية بالوكالة، أطلقتها قوى الأمن، مشكورة، في الفضاء، تداركاً لمجزرة أكيدة.

ثانياً - وقد يكون من الأهداف المبيتة أيضاً لهذه التظاهرة، إحداث جو غضب وتأفف في صفوف المسيحيين خصوصاً مسيحيي 14 آذار، يؤسس لفك ارتباط قائم بينهم، وبين الأكثرية الحاكمة. وقد يكون ذلك، عن طريق إظهار عجز الحكومة عن  حماية أرزاقهم ومنازلهم، اليوم، عطفاً على فشلها البارحة، في حماية حياة قادتهم وزعمائهم ومفكريهم، غداة تعرضهم للتهديد الأكيد بالاغتيال. وهنا لا بد من الاعتراف بان هذا المسعى نجح نسبياً، أما وقد تمثل باندفاع بعض المسيحيين إلى مهاجمة الحكومة، عن طريق تحميلها المسؤولية عن عدم الاحتراز، والتقصير في التوقع والتحضير الكافي والضروري، من أجل مواكبة تظاهرة محض سنية، كان مخطط  لها أن تخترق منطقة محض مسيحية.

ثالثا - ليس من المستبعد تأمين أو استكمال هكذا تباعد في المستقبل، وصولاً إلى الطلاق الكامل، فتفكك تجمع 14 آذار، عن طريق افتعال أحداث قد لا تكون مشابهة بالشكل ولكن مشابهة في النيات والأهداف، أي تلك المروجة دائماً لمقولة عجز الحكومة وتقصيرها  في الحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم.

رابعاً -لا بد من التأكيد أيضاً، أنه لو حصلت مواجهة فعلية بين قوى الأمن والمتظاهرين، لكان أدى ذلك حتماً إلى قيام موجة من الغضب العارم والاحتجاج، تتهم الحكومة بارتكاب المنكر والمحرّم، في حق متظاهرين إسلاميين يدافعون عن حقوق نبيهم، المهدورة والمنتهكة في عالم الغرب. ولكان الشارع الإسلامي اتهم الأكثرية بالتواطؤ مع هذا الغرب، وصولاً إلى المطالبة باستقالة الحكومة. ولكان شكل ذلك ربما سبباً كافياً لاستقالتها، ولكانت فعلت ذلك طوعاً، نسبة الى حجم هذا الاتهام وخطورته. وغني عن التذكير بأن مطلب الاستقالة هذا، عزيز على قلوب بعض الأطراف السياسيين المعروفي الميول والأهواء، ناهيك عن الانتماء. في السياق ذاته يندرج الانزعاج من حصر الاستقالة بالوزير السبع، في حين المطلوب والمرتجى، كان استقالة الحكومة بكامل طاقمها. أما الأهداف الأبعد  فهي في أن تكر السبحة، أي أن تأتي حكومة جديدة تتشكل بأكثرية المعارضة الحالية، والتي ليست في الواقع سوى مجموعة لرموز المرحلة السابقة، تقرر انتخابات مبكرة، تأتي بأكثرية الثلثين الموالية لها في مجلس النواب، تطرح بعدها موضوع تقصير مدة الرئاسة الأولى، يليها انتخاب رئيس يتماشى مع هذه المنظومة الجديدة ويلبي رغباتها.

خامساً - وفي هذا المجال لا بد من  كلمة حق تقال بالنسبة الى تجمع 14 آذار، الذي رغم تسرع بعضه في إعلان معلومات أمنية متأخرة، ناهيك عن كونها غير أكيدة، لأنها غير مقرونة بالبراهين والوقائع، فهو من دون شك، أصاب عندما سمى هذا الهجوم المدبر والمبرمج "محاولة انقلابية".

سادساً - أما السؤال الذي يطرح نفسه، فهو يتناول التزامن الذي حصل بين هذه التظاهرة ولقاء كنيسة مار مخايل. فهل في هذا التزامن نية لحض المسيحيين الحائرين من مواقف العماد عون الأخيرة، إلى الالتفاف من جديد حوله، وحول هذا اللقاء المريح المطمئن والواعد بينه وبين شريحة إسلامية واعية ورصينة ورافضة للانجرار بتظاهرة التكسير والإرهاب؟ وهل يندرج هذا التزامن في مجال  لفتهم إلى الأخطار المحدقة، كل الأخطار التي من الممكن أن تستهدفهم  كطائفة مسيحية، نتيجة  تنامي الحركات الأصولية السنية في لبنان، والتي تعمل جهات معلومة على الترويج لها في المرحلة الراهنة، ولا سيما تلك المتعلقة بتنظيم القاعدة؟ وكأن هذه الجهات تدلهم على الخيار الصحيح، والضامن لحمايتهم وأمنهم، بعيداً عن المناخات السنية غير المنضبطة، والتي قد تصل إلى الإنعتاق من عقالها، وصولاً إلى الخروج عن إرادة دار الإفتاء وتوصياتها، مثلما ظهر ذلك بوضوح خلال تظاهرة "الأحد الأسود".

يبقى أن عالم السياسة شيء والواقع الحياتي شيء آخر. وما يخطط ويبرمج على الورق وضمن غرف مغلقة لا يصح دائما، وربما يصح  فقط ضمن عمليات إرهابية محدودة الأطر.

 

لقاء من افتراق طائفي آخر

أحمد جابر –السفير 16/2/2006

 أحاطت المبالغة بوصف اللقاء الذي جمع أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، ورئيس التيار الوطني الحر، العماد ميشال عون. رفع بعض الوصف <<حصول اللقاء>> الى مرتبة الحدث التاريخي، وأعطاه بعض آخر، سمة الزمن التأسيسي، ولم يفت كثيرين الاستبشار بتعاظم موجة اللقاء حتى تكسر شيئاً من حدة الحالة الطائفية المستشرية، على اطراد، بين صفوف اللبنانيين.

تنحسر المبالغة المشحونة بالآمال، إذا ما عرضت على تواضع الوقائع الثقيلة، وتتراجع الاستخلاصات <<الوردية>> إذا ما احتكم التحليل الى مقدمات <<كوابيس>> البنية اللبنانية، خاصة في هجعتها الراهنة. كمقدمة أولية ضرورية، يلح سؤال: من التقى من كتعريف سياسي، وكموقع اجتماعي؟ هل كان اللقاء بين تيارين، أم بين <<موضعين>> سياسيين، لهما ثقلهما المادي والمعنوي والسياسي، المحلي، ويعيشان حالة من القصور، تمنعهما من التمتع فعلاً وواقعاً بمواصفات <<التيار>> القادر على الانتقال، بفعل حركيته، من <<محيط طائفي>> إلى آخر؟! واقع الحال يقترع في مصلحة نفي <<صفة التيار>> القادر على الاختراق، حتى ولو كان ذلك هو اسم أحد فريقي اللقاء. مثلما يدل على تراجع الفريق الآخر الى داخل منطقته <<الاجتماعية>> الأصلية، حتى ولو كان عنوانه الدفاع عن الوطن. استنتاج أول: لم يكن لقاء كنيسة مار مخايل، جمعاً لتيارين عامين بل كان عملية استقواء بين موقعين، <<متطلبين>> والى حد ما، ضعيفين، ودائماً بمقاييس القدرة على العبور من أحكام المصلحة الخاصة المباشرة ونظراتها، الى ما هو أرحب منها وطنياً، مصلحة ورؤى، تتناول الراهن المباشر، وتخاطب المستقبل البعيد... قلل الموقع <<الخاص>> من وعود اللقاء، وكان من شأن المناخ الطوائفي العام، (وسيكون له) أن يستكمل الإجهاز على ما تبقى من وعود!!

على خلفية ذلك، لا يقوم النص، الذي أعلن خلاصات اللقاء، مقام الوضعية السياسية التي انطلق منها حزب الله والتيار الوطني الحر. بل ان الانتباه يذهب مباشرة، الى استقراء مناخات النص ودوافعه، ولو لم يهمل منطوق الكلمات المباشرة التي تليت أمام وسائل الإعلام.

في خلفيات النص، ثمة استفهام عن المقصود باللقاء، ما بين القوتين السياسيتين؟! اي عن الدوافع التي جعلت الاجتماع ممكناً، توقيتاً ومكاناً.

في حالة التيار الوطني الحر، يجهد القيمون على شؤونه للحفاظ على صفة <<الاختراق>> والشمولية التي ينسبونها الى حركتهم، لذلك يصير قيد القاعدة الاجتماعية الطائفية للتيار، ثقيلا ومعرقلا، على صعيد الوجهة، وان كان متعذرا تجاوزه والتحرر منه على صعيد الواقع الملموس. تلامس <<وطنية>> التيار الشعارية دائماً، فيما تخاض معركته اليومية فوق مسرح امتلاك حصة <<التمثيل المسيحي>> الوازن، ليصار الى توظيفها في ادارة <<معركة التمثيل>> السياسي الطوائفي العام. في هذا المجال جاء العماد ميشال عون الى اللقاء وفي جعبته <<طروحات استقلالية>> ووزن تمثيلي، وشعار إصلاح وشفافية، و<<خطاب وضوح>> لا يحبذ حديث الكواليس، وأسبقية <<قرار حر>> يريد من الجميع النزول عند ضرورات الاعتراف بريادته الاستشرافية والاستباقية... الخ. ما ورد، يشكّل اوراق اعتماد تقرأ في سطورها <<الخلفية>> غاية العماد عون المقدمة على سواها من الغايات، وهي مسألة الوصول الى كرسي رئاسة الجمهورية. لا يغيب في هذا المجال التكامل بين التمسك <<بصفة التيار الاختراقية الجامعة>> وبين مواصفات قائد التيار، التي تؤهله لأن يكون رجل الدولة المشترك والجامع، والممثل لأوسع <<ائتلاف سياسي>> لبناني!! بالمضمون الذي صار لصيقاً بكل ائتلاف:

في سبيل <<الغاية الرئاسية>> سجل خطاب التيار الوطني الحر تراجعاً أساسياً عن مفصله الاستقلالي. مرة اخرى لا يشكل النص مادة <<القول الفعلية>>، بل ما يحيط بالنص، وما يمكن ان يحوله الى مادة ممارسة، تنقله الى الواقع المحسوس الذي يضيف الى <<البند الاستقلالي>> حقاً، بما يتلاءم وبما يتوافق، مع <<النضج الاستقلالي>> الذي بات متاحاً للوطن، لكن دون التراجع عنه. لقد أعطى التيار الوطني الحر موقفا نكوصيا متراجعا عن نبرته الاستقلالية، وأخذ عناوين متداولة، لم يحتدم الخلاف يوما حولها، بقدر ما كان العراك ناشبا دائما حول تفسيراتها. للدلالة، لا بأس من إيراد عينة مما تضمنه البيان الذي صدر عن اللقاء بين <<العماد والسيد>>: تطلب الشفافية والمصلحة الوطنية... في الحوار، دون السؤال عن إمكانية ذلك، وعن السياسة التي تعيق حصول الأمر، وعن العامل الطائفي الرابض خلف كل إعاقة ينسحب الامر على الدولة وبنائها، حيث تقدم الوقائع الطوائفية نقضاً لفكرتها منذ البداية، وينطبق التوصيف، على العلاقة بسوريا والسياسة الأصلية التي حكمت سياستها في لبنان ومطارح المراجعة، فيما بعض أركان هذه السياسة ما زال قيد الفعل والتأثير في الحياة السياسية اللبنانية...!! لقد أعطى <<العماد>> في المواضيع <<السيادية>> وكرر غيره في مواضيع <<الفساد والاصلاح والتوطين وحتى الفارين الى اسرائيل...>>، وأخذ <<السيد>> بالمقابل، ما يتيح له متنفسا، ولو آنيا، في الممرات الداخلية اللبنانية، دون ان يقدم بالمقابل ما ليس من خطابه، ودون ان يذهب الى حدّ التحديد القاطع والحاسم، في المواضيع التي تشكل خطوطاً حمراء لديه، خاصة: مسألة سلاح المقاومة، وكل التداعيات السياسية المترتبة على عنوان حماية لبنان وصون استقلاله.

التدقيق في العناوين الآنفة يؤكد بوضوح ان <<حزب الله>> اخذ فعلا، والتوقف امام العناوين الفرعية الاخرى <<حول احترام السيادة اللبنانية، واستقلال لبنان، وضد اي وصاية...>> يشير بوضوح ايضاً الى ان <<الحزب>> ناور وأعطى <<مجاملة>>، وفي ذهنه، أنه عندما تتواجه قوة <<وقائع المقاومة وحماية لبنان وقدسية وشرف السلاح، وظروف القتال وانتفاء مبرراته...>> عندما يتواجه كل ذلك، مع <<متانة>> نص الإعلان، فإن المحصلة المعروفة ستكون إطاحة النص من قبل طوفان الوقائع.

على صعيد الترجمة العملية، لما ورد في بيان اللقاء، يتمتع <<حزب الله>> بقدرة فورية على نقل ثمرات السياسة المقطوفة من البيان، إلى رصيد <<غلته المحلية>>، إذ بإمكان الحزب القول إنه ما زال <<اللاعب الأساسي>> طرداً وجذباً في محفل السياسة اللبنانية العامة، وأنه الرقم الأصعب، الذي لا يمكن تجاوزه، وان استراتيجيته التي تشكل رافعة وضعه لقيت <<تفهماً من محاور>> إضافي، وان خياراته المحلية والاقليمية قلّلت من عدد <<المستهجنين>>... من شأن ذلك، ان يزيد من رصيد الثقة لدى جمهور حزب الله، وان يعزز مكانة الحزب ايضاً لدى <<الشيعية السياسية>> التي يقتطع حزب الله <<النص الأوفر>> من نطقها السياسي حاليا... خارج ذلك لن يصير <<الحزب>> مادة في اليوميات السياسية للتيار الوطني الحر، ولن يفوز بالانتقال الى محافل خارج محافله، فذلك دون قدره <<التيار>> وهو، قد لا يكون من ضمن حسابات حزب الله المباشرة ايضاً... من البديهي الاستطراد هنا للقول، إن <<التيار الوطني الحر>> لن يكون على جدول <<الشيعية السياسية>> بمبادرة من <<حزب الله>>؛ لأن ذلك ليس مدرجا على جدول أعماله، ولا على جدول اهتمامات البيئة الاجتماعية الحاضنة <<للحزب>>. القدرة <<التثميرية>> المنوّه عنها لدى الحزب، والمدرجة في جدول أرباحه، يبدو التيار الوطني الحر محروماً منها، وتسجل في رصيد خسارته. إذا ماذا يستطيع <<التيار>> أن يقدم لمحيطه الأهلي، من مطالب انتزعها من <<حزب الله>> وألزمه بالعمل على متابعتها، وكيف يفسر تنازله الفعلي عن أطروحاته الخاصة (بغض النظر عن صحتها او عدم صحتها)، خاصة في المجالات <<السيادية>> التي ظل نصها مبهماً، والمرشحة للمزيد من الإبهام في ظل ارتفاع النبرة الطائفية من كل الجهات؟! لا يستطيع <<التيار>> الإفصاح تماما عن <<رئاسياته>>، لذلك، فإن الهروب الى المعميات البيانية، مرشح لزيادة إرباكه، يساعد على ذلك، وضوح الخطب الطوائفية المتبادلة، التي لم تترك مجالاً للمجاملات المعروفة، مثلما تعمل على تضييق فسح <<التسويات السياسية>> المعقولة والمقبولة من ضمن منطق النظام الطائفي اللبناني وليس بالخروج على أحكامه.

حصل اللقاء، نعم، لم يكن تأسيسياً ولا تاريخياً، فللصفتين قواهما ومناخهما وموضوعاتهما وحركيتهما، غير المتوافرة.. لذلك، كانت الظرفية شديدة الوطأة على الطرفين، فكان لا بد من صورة ونص... حتى افتراق طائفي آخر.

() كاتب لبناني

 

كيف يقرأ "عوني" سابق ورقة حزب الـله – التيار الوطني الحر؟

الياس الزغبي – النهار 16/2/2006

أثارت الورقة المشتركة التي اعلنتها قيادتا "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بتاريخ 6/2/2006 تعليقات وردودا سياسية متنوعة اقتصرت على بعض الجوانب والبنود، بدون ان تغوص على الاساس، ولم ترقَ الى موقف نقدي علمي تستحقه مضامين هذه الورقة، خلافا لما ذهب اليه بعض السياسيين (الرئيس سليم الحص وسواه...) في اعتبارها نصاً إنشائياً تضمن عموميات وثوابت يلتقي حولها جميع اللبنانيين، مقللين بذلك من دقة مراميها ومؤدّياتها، وخلافا للقول بأن مجرد اللقاء بين السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون هو أهم من الورقة في حد ذاتها.

صحيح ان اللقاء بين قيادتين لبنانيتين من هذا المستوى مهم وضروري وواعد، ولكن الاصح، بل الأهم، بل الأخطر، هو ما تضمنته الورقة – "الوثيقة"، أي جوهر اللقاء، وليس فقط شكله ومستوى أطرافه وشخوصه. والصحيح ايضا ان ظاهر النص انشائي تقليدي، بل ربما مدرسي، لكن معظم تفاصيله وفقراته تضمر اكثر مما تظهر، وتنصب افخاخا سياسية وسيادية وامنية و"مفاهيمية" كثيرة، وقع فيها، ربما عن غير قصد، بسبب قصور ما، أو قد يكون أرادها عمدا وعن سابق تصور وتصميم (وهنا الطامة الكبرى)، الفريق المفاوض باسم العماد عون (وهو في أي حال فريق متمرن في مواجهة فريق متمرس)، بحيث جاء النص، في شكل ساحق، مطابقا مئة في المئة للخطاب السياسي والاستراتيجي لـ"حزب الله"، برغم بعض التعابير التجميلية "الحداثية" التي، هي نفسها ايضا، تحمل التباسا، سواء لجهة مفهومها السياسي كعبارات: "المجتمع المدني" و"المال السياسي" و"العصبيات الطائفية"، او لجهة موقعها الشرطي التعقيدي في النص مثل عبارات: "التوظيف السياسي" و"بعيدا من التشنجات"، وحتى عبارات "السيادة والاستقلال والتكافؤ...".

وسنشرح، في سياق هذه القراءة، الالتباسات المقصودة والغموض "غير البنّاء" في بعض المفردات، اضافة الى معالم الالتحاق الكامل بمنطق "حزب الله" في السياسة الداخلية والخارجية ودلائله. وسنبيّن كيف حصلت سابقة، للمرة الاولى، في التاريخ السياسي الحديث، ينتهي التفاوض فيها بين طرفين الى التزام تام من أحدهما مواقف الآخر تحت شعار التنازلات المتبادلة وفرائض التسوية؟! فالورقة لا تتضمن اي تنازل من "حزب الله"، ولم تكن تسوية بين موقفين بل مجرد التحاق موقف بآخر، ولا يجوز تبرير ذلك بانها مجرد ورقة بين طرفين مطروحة للنقاش مع الاطراف الاخرى وانها غير ملزمة، فهي على الأقل تلزم طرفيها ومن يمثلان، حتى شعار آخر.

وسنوضح كل هذه الالتزامات والمرامي في هذا النقاش الذي نقدمه، عبر اعتماد المنهج نفسه الذي اعتمدته الورقة، اي المنهج التدريجي الطولي المنطلق من السهل الى الصعب الى الأصعب، ومن البسيط الى الأكثر تعقيدا بين البند الأول (الحوار) والبند العاشر (حماية لبنان – سلاح "حزب الله")، على اساس دمج بعض البنود المترابطة واهمال بعض العموميات التي لا تشكل مثارا للجدل، وذلك اختصارا للبحث:

اولا – في الحوار والديموقراطية التوافقية

ان الدعوة الى اعتبار الحوار الوطني "السبيل الوحيد لحل الازمات" امر محمود يريده جميع اللبنانيين، الا ان الورقة تربطه بشرط "مشاركة الاطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية  والوطنية". لا شك في ان "حزب الله" يرمي من وراء ذلك الى اشراك حلفاء "الخط السوري" من خارج مجلس النواب، وقد يكون العماد عون يريد الأمر نفسه، ولكن هل يستطيع أن يحول اذ ذاك دون اشراك أطراف "14 آذار" (وبينهم نواب سابقون وشخصيات "قرنة شهوان" وحزبان مسيحيان غير ممثلين في المجلس...)؟ وما هو، في أي حال، معيار "الحيثية السياسية والشعبية والوطنية"؟ ان هذا المعيار يتطلب وحده حلقات حوار، ويدخلنا في متاهة الحوار على الحوار، وينقل الخلاف من الجوهر الى الشكل، فنغرق في التحديدات والتوصيفات ومن هم أصحاب هذه "الحيثية". لعل من وضع هذا الشرط يضمر كل ذلك لنسف الحوار قبل ان يبدأ.

اما ان تكون الديموقراطية التوافقية هي "القاعدة الأساس للحكم" فهذه مسألة يلتقي حولها الجميع، ولكن السؤال هو: واذا لم يحصل توافق فكيف تتم ادارة الدولة وصنع القرار؟ هذا السؤال لم يجب عليه طرفا الورقة، بل تعمدا اغفال ما ينص عليه اتفاق الطائف والدستور لجهة اكثرية الثلثين، ولا نعتقد أنهما سيتورعان عن التمسك بالمبدأ الدستوري في احتساب هذه الاكثرية في حال توصلا ذات يوم الى امتلاكها في وجه الاكثرية الراهنة (تجمّع 14 آذار) التي قد تصبح اقلية. والا، كيف نفسر رفضهما لأكثرية الثلثين في مجلس الوزراء وتشبثهما بها في مجلس النواب منعا لانهاء حالة تمديد فرضتها الوصاية السورية؟

ثانيا – في قانون الانتخاب وبناء الدولة

يقدم نص الورقة شكلا جذّابا ومضمونا ملتبساً: لم يحسم موقف الطرفين من النظام الانتخابي (نسبي او اكثري، وهذه الـ"قد" تزيد الامر غموضاً)، كما لم يحسم حجم الدوائر. اذاً، ليس من جديد تطرحه الورقة في هذا المجال وقد اغفلت كليا اعتماد سن الـ18 للاقتراع. ولكن، هناك في هذا البند عبارتان تستوقفان القارىء: "قيام المجتمع المدني" و"الحد من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية".

- هناك، لا شك، التباس مفهومي في ورود عبارة "المجتمع المدني"، فالمفهوم العلمي يعني باختصار مجتمعا قائما على اساس المواطنة وليس على اساس الملة، مجتمعا ديموقراطيا غير طائفي وغير عسكري، يؤدي الى العلمانية. اذا كان "التيار الوطني الحر" يعتمد، فعلا، هذا المفهوم، فهل هذه هي حال "حزب الله"؟ وما هي المنفعة من تعبير جذاب لا يحمل مضمونه؟

- و"الحد من تأثير المال السياسي" أمر ضروري وملح، ولكن يجب توحيد الموقف من هذا المال وطرق استخدامه: فهناك مال يستخدمه مرشحون ورؤساء لوائح اثرياء ويغدقونه على ناخبين ومجموعات ناخبة، وهناك مال يغدقه مرشّحون وشخصيات على رؤساء لوائح. وجهان لعملة واحدة فاسدة. في الحالة الاولى يشتري المال ضمير الناخب وفي الحالة الثانية يشتري ارادة النائب. ولعل الاولى اقل شرّا بسبب الفقر والقهر. وتندرج ايضا تحت المال السياسي كل المساعدات الهائلة تحت عناوين اجتماعية ومعيشية وصحية وتربوية وزراعية تقوم بها احزاب وقوى من خارج الدولة. ولا يستطيع اي طرف ادعاء الطهارة والعفة في بؤرة المال السياسي.

اما "الحد من العصبيات الطائفية" فيتطلب عدم لجوء الداعين اليه الى استخدام هذه العصبيات، ولو من باب رد الفعل، وعدم توظيف غبن طائفة ما وتوقيته على عتبة اي استحقاق، كما يتطلب الكف عن فتاوى التحريم والتكليف الشرعي.

ان بناء الدولة ومكافحة الفساد يبدأان من الذات وليسا مجرد قفازات شعارية نقذفها امام الخصوم في بازار تحقيق المكاسب الآنية. وتبدو "معايير الجدارة والنزاهة ونظافة الكف" في تعيينات الادارة مجوّفة من معناها الصحيح طالما ان طرفي الورقة، مثل سائر القوى السياسية، اخفيا التزامهما "المعايير" الطائفية تحت عباءة عبارة "العدالة والتكافؤ". ويلفت في بند بناء الدولة كلام صحيح على تعطيل المجلس الدستوري بفعل "التجاذبات السياسية"، مقابل اغفال أي اشارة الى تعطيل مجلس القضاء الاعلى، وكأن النظر بعين واحدة يؤدي الى مشهد اصلاحي كامل!

ثالثا – مفقودو الحرب واللبنانيون في اسرائيل

ان فتح ملف المفقودين في الحرب مسألة بالغة الاهمية على الصعيد الانساني، ولكنها تعيد نكء العداء على الصعيدين السياسي والوطني، خصوصا انها تفتح مرحلة ما قبل الطائف وقانون العفو الاول (1991)، ومن المستحيل ان يكون كشف مصير المفقودين عادلا وكاملا بالعودة الى أكثر من ثلاثين سنة تغيّرت خلالها موازين وزالت قوى ورحلت قيادات وتشوّهت معالم ووقائع وتعاقبت مسؤوليات. وتصبح المسألة اكثر تعقيدا حين تطالب الورقة بـ"كشف اماكن المقابر الجماعية"، وكأن المقصود فقط تسجيل نقاط في الاشتباك السياسي الداخلي بدون الالتفات الى مسؤوليات خطيرة ومعقدة لقوى خارجية ابرزها النظام السوري والمنظمات الفلسطينية وكل روافدها. ثم ماذا عن المقابر الجماعية فوق الارض على مدى الحرب من قانا الجنوب الى كل "قانات" لبنان، فهل الضحايا المكشوفون في الساحات والشوارع اقل قيمة من المدفونين تحت الثرى، لا نظن أن احدا من اهل الحرب لا تلاحقه مقبرة ما، تحت الارض او فوقها. والمطلوب هو الخروج من الكيدية وتطهير الذاكرة لا فتح جروحها.

أما في مسألة اللبنانيين في اسرائيل فلم يحصل "التيار" على أي تراجع من "حزب الله" الذي "يسمح" بما قاله السيد حسن نصرالله بعد تحرير الجنوب. صحيح ان كلمة "عملاء" لم ترد في نص الاتفاق، لكن نصرالله كان حريصا على قولها بقوة خلال حفل اعلان الاتفاق على مرأى ومسمع الشريك المتدثر بحكمة الصمت. ومن تراه يضمن سلامة المبعيدن الموصوفين عملاء درجة اولى؟ لقد صدر قانون عفو عام عن جرائم الحرب سنة 1991 بعد عام واحد من انتهاء الحرب، فهل كثير على القائلين بعودة اللبنانيين من اسرائيل السعي الى قانون عفو عنهم بعد مرور قرابة ست سنوات على انتهاء حرب الجنوب؟

رابعاً - في الاغتيال السياسي والاصلاح الأمني

ان ادانة الاغتيال السياسي، وتحديداً اغتيال الرئيس الحريري، تشكّل قاسماً مشتركاً بين اللبنانيين. وورقة "حزب الله" – "التيار" لم تشذّ عن القاعدة، لكنها شدّدت "على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقرّرة رسمياً" بدون أي ذكر للقرارات الدولية المؤسسة والراعية لهذا التحقيق، وبدون أي اشارة الى تقريري لجنة التحقيق الدولي، وقد تحاشى النص حتى لفظة "التحقيق الدولي". لم يحصل هذا النقص سهواً بالطبع، على الاقل من جانب "حزب الله"، اذا سلمنا بأن "التيار" سلّم بهذه الصيغة عن غير قصد. هذا النقص المقصود يعود الى العقيدة الاستراتيجية لدى "الحزب"، فهو لا يقيم وزناً للقرارات الدولية، ولا نعثر في أدبياته السياسية على المطالبة بتطبيق أي قرار دولي باستثناء القرار 194 (حق العودة للفلسطينيين)، حتى ان القرار 425 يرى "الحزب" انه هو الذي نفذه بالقوة وليس الامم المتحدة. أما عدم الاشارة الى تقريري لجنة التحقيق الدولية فمردّه الى أنهما يتضمنان تحميل النظام السوري مسؤولية واضحة والاشتباه بأسماء مسؤولين سوريين كبار، بينما طرفا الورقة لا يريدان التزام هذا التوجّه قبل انتهاء التحقيق... وبعده المحاكمة.

ولكن ما يثير الانتباه هو مسارعة واضعي الورقة الى المطالبة بـ"ابعاد هذه القضايا (القتل والتفجير) عن محاولات التوظيف السياسي". لا يتطلب الامر مشقة في التفكير لاكتشاف ان هذا الشرط هو لتغطية الموقف غير الحاسم في ادانة عمليات الاغتيال والتفجير، ولتبرير عدم توجيه أي اصبع اتهام، ولو خجول، الى الجهة المرتكبة. وفي الاساس، التوظيف السياسي لأي حدث أمر مشروع، وكل القوى السياسية توظف أحداثها شرط أن تكون الوسائل والاهداف سليمة. ألم يوظف "حزب الله" تضحياته في السياسة وشعبية الانتخابات، ومثله فعل العماد عون، فتحولت الدماء والدموع وليالي القهر والصبر والنفي وحرارة الخطاب الى مداميك صرح سياسي والى صناديق الاقتراع؟ وهكذا تفعل كل القوى السياسية، ولا عيب.

وفي الاصلاح الامني تلفت الدعوة الى "تحديد واضح للعدو من الصديق".  العدو واضح: اسرائيل. ماذا عن الصديق؟ كان على ثنائي الورقة أن ينتبه الى انقلاب الصديق الذي يصبح "أدرى بالمضرّة"، على قول الشاعر العربي، ما يوجب تطوير العقيدة الامنية بما يتناسب مع "مكامن التهديد الامني والثغر الامنية" التي لم تجرؤ الورقة على تسميتها لئلا تغضب المعابر السائبة والمواقع الفلسطينية المنيعة و... "مسألة الارهاب"!

خامساً - في العلاقات اللبنانية – السورية

المثير للدهشة (والصدمة) هو موافقة تيار العماد عون على نص يقول بمراجعة "التجربة السابقة" (هكذا بالحرف) للعلاقات اللبنانية – السورية، "لتلافي ما علق بها من أخطاء وشوائب وثغر" (هكذا ايضاً بالحرف)، وحين يشير بخجل الى الوصاية يصفها بـ"الخارجية". اذا، ما كنا نسميه احتلالاً سورياً، او في ألطف التعابير وصاية وهيمنة، اصبح في ورقة "حزب الله" مجرد "تجربة" يمكن اعادة تجريبها في أي وقت بعد تنظيفها من الاخطاء والشوائب... والثغر!

أيها الموقعون، أسرعوا وعالجوا هذه الثغر كي تكتمل "التجربة" الجديدة الموعودة وتأتي هذه المرة بأحلى حلّة!

وكي تكتمل "التجربة" يجب أن تغسل "الوثيقة" يديّ النظام السوري من دم مزارع شبعا "بعد أن أعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة" (هكذا بالحرف)، والطابة الآن في ملعب الحكومة اللبنانية، أما الحكومة السورية فذمتها بريئة، وليس عليها تقديم أي وثيقة او خريطة او اقرار خطي. واذا شاءت أن تفعل فتهدي لبنان خريطة مزوّرة كما فعلت عام 2001.

ولا جديد في موافقة "حزب الله" على العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، فهذه دخلت حواشي أدبياته قبل التوقيع باسابيع. أما ترسيم الحدود وكشف مصير "المعتقلين" (وليس المفقودين) في سوريا فمشروطان بوقف "التشنجات وأجواء الاستفزاز والتوتر والسلبية"، تماماً كاشتراط الحوار بأصحاب "الحيثية"، والتحقيق في الاغتيالات بعدم "التوظيف السياسي".

سادساً - في العلاقات اللبنانية – الفلسطينية

لا يختلف لبنانيان على ضرورة "تحسين الظروف المعيشية ومستوى الحياة الانسانية" للفلسطينيين، واعطائهم "التسهيلات اللازمة للانتقال"، وكذلك لا خلاف على حق العودة ورفض التوطين. لكن "المطب" في هذا البند يكمن في "تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينيين في اطار مؤسساتي فلسطيني واحد". واضعو الورقة يعرفون ان توحيد فلسطينيي لبنان أمر صعب، بل ربما مستحيل، وحتى الآن لم يشكّلوا وفداً موحداً للحوار مع الحكومة اللبنانية، وسيظل هناك منظمة او أكثر تتلقى أوامرها من الحكم السوري وتقيم مواقع محصنّة كما في الناعمة والبقاع وترفض تسليم السلاح، فيكون الربط الذي تضعه ورقة نصرالله – عون بين معالجة البؤر الفلسطينية المسلحة وانتظار تشكيل مرجعية واحدة للفلسطينيين بمثابة تأجيل المعالجة الى أمد غير منظور، وهذا يصب في الاستراتيجية العامة لـ"حزب الله". ثم ان الورقة لا تشير، لا من قريب ولا من بعيد، الى البدائل، اذا دأبت المنظمات على التذرّع بخلافاتها تهرّباً من الحل، وما اذا كان من واجب الدولة اذذاك فرض القانون وموجبات السيادة اللبنانية. فليس عند طرفي الورقة أي تصوّر للحل الا الحوار "الموحّد" الذي لن يأتي، واذا أتى يدور على نفسه بسبب عدم وجود بديل منه.

سابعاً - حماية لبنان – سلاح "حزب الله"

هنا يتمثل الانجاز الابرز الذي حققه فريق "حزب الله" في كل مفاصل النص، فبعد مقدمة عامة عن صون الاستقلال والسيادة "كمسؤولية وواجب وطني عام تكفلهما المواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان"، يصف حمل السلاح بأنه "وسيلة مقدسة". فهل في وسع المؤمن أن يتخلى عن مقدساته الاّ اذا كفر؟ ولن يكفر. اذاً، سلاح "حزب الله" في رتبة المقدّس، وقد اعترف له العماد عون بقدسيته، والمسألة باتت بين أيدي الالهة.

ويمضي النص الى وضع سلاح "حزب الله" (لا يقول المقاومة، عمداً) بين حدّين كلاهما يضمن مبررات حمله: الاول هو ان الابقاء على السلاح يشكّل مكامن القوة للبنان واللبنانيين، والثاني هو "الظروف الموضوعية" لانتفاء اسباب حمله، فمن يقدّر هذه الظروف وكيف واين ومتى، طالما ان المبرّر فكرة مطلقة مفتوحة وتجريدية، هي حماية لبنان؟!

والأشد غرابة هو تغييب كلي لدور الجيش اللبناني فلا يأتي واضعو النص على ذكره حتى حين يتحدثون عن "صوغ استراتيجية دفاع وطني". كان عليهم، على الاقل، الاشارة الى موقع متقدّم للجيش او اشرافه على هذه الاستراتيجية، خصوصاً ان أحد طرفي الاتفاق كان قائداً للجيش.

وقد تم اهمال كامل لمسألة ارسال الجيش الى الجنوب واغفال كل القرارات الدولية، بما فيها قرارات التمديد لقوات الطوارئ، وصمت مطبق حول أهم قرار دولي خاص بلبنان (1559). كما ان الطرفين قفزا بخفة مريبة فوق ما يحكم الوضع بين لبنان واسرائيل، أي اتفاق الهدنة (عام 1949)، وقرّرا ان اطار العلاقة هو فقط سلاح "حزب الله" واستراتيجية دفاع" تحت عنوان حماية لبنان. فهل هناك أخطر من هذا الانزلاق؟

ولا يتردد الجانبان في حضّ اللبنانيين على "تحمّل مسؤولياتهم وتقاسم أعباء حماية لبنان"! ولكن، أليس الجيش هو الذي يشكّل بامتياز حالة المشاركة هذه؟ أليس جميع اللبنانيين، بكل مناطقهم وطوائفهم، ومن بينهم "حزب الله"، ممثلين فيه، ويتقاسمون من خلاله "أعباء حماية لبنان"، فما معنى كل الزوائد والاضافات؟

من حق العماد عون الشخصي أن يلتزم السياسة التي يريد، أن يؤيد كلياً خطاب "حزب الله" ووسائله وأهدافه، وأن يتخذ مواقف يقتنع بها، ولكن، ليس من حقه الشعبي إلزام الذين فوّضوه بخيارات مغايرة لتلك التي كان التفويض على اساسها، فالوكالة ليست مطلقة، وفي المنطق الحقوقي والقانوني يحق للموكل فسخ العقد مع الوكيل او عزله اذا خرج عن منطوق العقد وأضرّ بمصلحة صاحب الوكالة. خصوصاً ان ما كان العماد عون بقوله عن خطورة سلاح "حزب الله" في اطلاق الآلة التدميرية الاسرائيلية ضد لبنان لا يزال طرياً في الذاكرة. وعلى سبيل النموذج فقط، هنا مقطع حرفي تحت عنوان "مسألة حزب الله" من البرنامج الرسمي لـ"التيار الوطني الحر" – الطريق الآخر – الذي أطلقه في ايار 2005 قبل بضعة ايام من الانتخابات النيابية:

"بعد الانسحاب الاسرائيلي تلاشت مشروعية العمل المسلح لحزب الله، فخلق ازمة على الصعيدين الوطني والدولي. فهو يضع لبنان في مواجهة القانون الدولي من جهة ويهدّد الوحدة الوطنية من جهة أخرى... وليس من شأن علاقة حزب الله المعلنة مع ايران وتحالفه مع حركتي الجهاد الاسلامي وحماس أن يبدّد الشكوك المحيطة بأهداف حزب الله الحقيقية وبالمخاطر المتصلة باستراتيجيته وليست مزارع شبعا بالبرهان المقنع في هذا الاطار، فهي لم تنجح في اخفاء النوايا السورية الكامنة خلفها... فأراضي شبعا هي سورية من وجهة نظر القانون الدولي، واذا أرادت سوريا التنازل عنها فعليها ابلاغ الحكومة اللبنانية رسمياً بذلك، لكي تبادر هذه الاخيرة الى اعادة ترسيم الحدود لدى الامم المتحدة".

مقارنة بسيطة بين هذا المقطع وما جاء في "وثيقة" نصرالله – عون تقطع الشك باليقين، ولم يعد الصباح في حاجة الى الكلام المباح.

كاتب سياسي

 

وثيقة تفاهم» عون نصرالله شكّلت «الحدث» وما زالت اصداؤها تتردّد..

أوساط سياسية : عون جلب الاستقلال وليس هو من يعيد سوريا

 دوللي بشعلاني  الديار 13 شباط 2006

 التفاهم مفتوح لأطراف ذات صفة تمثيلية وسيحصل هذا قريباً

ما زالت اصداء تفاهم عون - نصرالله الذي حصل يوم الاثنين الماضي في 6 شباط الجاري والذي شكل «الحدث» بعد يوم واحد على «الاحد الاسود» الذي طال منطقة الاشرفية بأعمال العنف والشغب بحجة الاستنكار امام القنصلية الدنماركية التي يقع مكتبها في احدى بنايات حيّ مار ‏نقولا في الاشرفية - تتردّد على الساحة اللبنانية في الصالونات السياسية كما في منازل اصحاب الرأي العام.

هذا التفاهم الذي عقده كلٌّ من النائب الجنرال ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول «وثيقة تفاهم» ضمّت عشرة بنود تمّ التوصل اخيراً الى التوافق عليها بعد فترة من وضع هذه البنود ودراستها ومناقشتها من قبل «الزعيمين»، وصفه البعض بأنه «لقاء الجبابرة» ويؤسس لصفحة مشرقة من تاريخ لبنان، في حين تجهّم وجه البعض الاخر لدى حصوله لعدم فهمه ما حصل، ووضعه في خانة «التفاهم غير المنطقي» نظراً لبعد كلّ من سياسة الرجلين ‏عن بعضها البعض - بحسب رأي هذا البعض الاخر - ووجد فيه بعض ثالث «نقلة نوعية» او شيئاً ‏جديداً يحدث على الساحة اللبنانية الداخلية ولم يستطع وصفه او تفسيره منتظرا ما قد يتأتى عنه من نتائج مستقبلا.

 وهذه الآراء لا تختصر كل آراء المسؤولين اللبنانيين ولا آراء الشعب اللبناني المتنوعة، لا سيما وانّ كلاً من هؤلاء يفهم هذا التفاهم او هذا اللقاء من وجهة نظره السياسية الخاصة به ومن خلال رؤيته للبنان الذي يريده.

اوساط سياسية بارزة قريبة من التيار الوطني الحر قيّمت هذا التفاهم وقرأته من وجهة نظرها بعد ان تعمّقت في مضمون الوثيقة فرأت اولا انه «ثمة نجاح لهذا اللقاء على مستوى الشكل اولا، لا سيما من خلال الندية التي كانت ظاهرة ليست فقط بهالة وهامة «الزعيمين» اللذين التقيا، انما ظهرت ايضا في المكان الذي تمّ فيه اللقاء اي في صالون كنيسة مار مخايل ‏الذي يقع جغرافيا على حدود الضاحية الجنوبية لبيروت، ودينيا على اعتبار ان مار مخايل ‏هو شفيع العماد ميشال عون... وما يحمله هذا الرمز الديني من التقاء شعب واحد في منطقة  تعايش حقيقي بين أبنائه. الى جانب ان هذا اللقاء جاء تتويجا لتفاهم وتأسيسا لمرحلة لاحقة ‏جدية، وليس حادثا عابرا في الزمن السياسي المتقلّب - كما يحلو للبعض اعتباره».

 واضافت الاوساط: و«على صعيد المضمون ثمة «ورقة تفاهم» هي بحدّ ذاتها ناطقة، الاّ ان غالبية من سمعناهم يعلّقون عليها بدوا اما سيئي النية واما من هواة السياسة، لا سيما ان اي شخص يتعاطى السياسة بجدية وموضوعية يبدأ عادة بقراءة «وثيقة التفاهم» قبل التعليق ‏عليها - وهذا من البديهيات - ولكن مع الاسف، فإن غالبية من علّق عليها بدا وكأنه لم ‏يقرأها، وهذا نقص وعيب في تعاطي السياسة، فعندما يكون هناك نصّ مكتوب لا يجوز الاجتهاد ولا التفتيش عن النص بل يجب البدء بالنص وفهمه ثم ننتقل الى ما وراء النص وليس العكس.

ورأت ان البنود العشرة لهذه الوثيقة لا سيما الديموقراطية التوافقية واقتراع المغتربين ‏والتلاقي حول النظام النسبي، الى معاهدة مكافحة الفساد وعودة اللبنانيين من اسرائيل، وتحرير الاسرى المعتقلين في السجون الاسرائيلية، وصولا الى بند سلاح المقاومة وترسيم الحدود والعلاقات الديبلوماسية وتحرير مزارع شبعا وملف المفقودين خلال الحرب وغيرها.

كلها مواضيع كان يعجز الآخرون عن اثارتها في الرأي العام وفي اطار العلاقة مع حزب الله، وقد جرى التفاهم حول هذه المواضيع باصرح العبارات واوضحها. وبالتأكيد لن يفهمها من لا يفهم اللغة العربية، لا الآن ولا بعد مئة عام.

امّا كيف قرأت هذه الاوساط، التهمة التي تُلصق بالجنرال عون بعد هذا التفاهم بأنه يتفاهم ‏او «يتحالف» مع ابرز حلفاء سوريا في لبنان، فتقول: لنفترض ان تهمة العلاقة مع سوريا ‏صحيحة - وهي عكس ذلك - علينا ان نسأل: هل تضمنت الوثيقة مصلحة سورية ام مصلحة لبنان، وفي اي اطار يمكن وضع ترسيم الحدود والعلاقات الديبلوماسية مع سوريا وموضوع عودة ‏اللبنانيين من اسرائيل اضافة الى ذلك، فقد كان الكلام واضحاً خلال المؤتمر الصحافي الذي ‏اعقب توقيع التفاهم، بان «العماد عون هو بعد لبناني في كل العالم ولا يجوز لاحد ان يتهمه بانه بُعدٌ خارجي في لبنان... وهو الذي جلب الاستقلال الى لبنان وليس - هو العماد عون الذي يوقع تفاهما يعيد سوريا الى لبنان».. وتلفت الى انه اذا كانت هذه التهمة صادرة عن بعض الاشخاص فهي صادرة عن اناس يتهمون سواهم. بما فيهم اصلاً.

اما ما هو الاسخف - بحسب رأي الاوساط نفسها - فهو ما نسمعه من ان هذا التفاهم هو «لقاء عابر» او «تحالف استثنائي»، ويبدو انّ الذين يتكلّمون على هذا النحو انما يقيسون كلامهم ‏على التحالف الرباعي او يقيسونه ربما على ما كان من تحالفات ضد العماد عون قبل ‏الانتخابات واثناءها وبعدها، لا سيما وانها كانت تحالفات ظرفية وآنية وعابرة... اما ‏العماد عون فمعروف بصفة الثبات والصدقية والالتزام، ولكن يبدو ان هذه المفاهيم لم يتعرّف بعد عليها الوسط اللبناني السياسي كفاية.

وشدّدت الاوساط اخيراً على انّ هذا التفاهم ليس حصرياً - ولن يكون ثنائياً فقط - بل هو ‏مفتوح لانضمام افرقاء آخرين اليه، ولكن بالتأكيد، فالاطراف المدعوة هي التي تتمتع بصفة تمثيلية، وليس الاطراف الطفيلية في السياسة اللبنانية... فالمدعوون للانضمام الى هذا ‏التفاهم هي الاطراف التي لها حيثية شعبية وهي تعرف نفسها. وتُشدد الاوساط على انضمام بعض ‏هذه الاطراف الى هذا التفاهم قريباً - على ما تؤكد - وقريباً جداً..

 

المسكوت عنه أكثر من المعلن

فارس إشتي – النهار 13/2/2006

ترتدي ورقة التفاهم المشتركة أهمية خاصة في الحياة السياسية في لبنان لأسباب عدة:

أولها، أنها نص مكتوب ومعلن لا قول شفهي ولا تفاهم سري، الأمر الذي يجعلها معياراً يحتكم إليه الطرفان ويحكم عليه الآخرون.

ثانيها، أنها تمثل قوى وازنة في الحياة السياسية يمكن معها أن تكون ورقة حكم أو ورقة معارضة.

ثالثها، تميزها بالنص البرنامجي بما يعنيه من شمولية ككل  لغالبية القضايا الراهنة وبما تحوي نقاطه من تنازلات متبادلة بين الموقعين عليه وبما تتغافل عنه من نقاط خلافية.

رابعها، توقيتها في مرحلة تشهد استقطابات طائفية حادة، قيادية وقاعدية، تخرج معها الأقوال والأفعال والتوجسات عن حدود أي ضبط للاجتماع السياسي في لبنان وتدفع الناس إلى قلق على مصيرهم وأمنهم واجتماعهم.

وتدفع هذه الأهمية إلى التمعن فيها مساهمةً في إغنائها وفي دفع النقاش الدائر في لبنان نحو السياسة بدلاً من التعميات الإيديولوجية والشخصانية التي تحكمه.

I- بيئة إنتاج الورقة وظروفها

لقد جاء إعلان الورقة في ظروف تميزت بـ:

1- توتر إقليمي- دولي حول قضايا إقليمية: العراق، المفاعل النووي الإيراني، مشروع وصول "حماس" إلى السلطة، التحقيق الدولي في اغتيال الحريري، وما يختبىء خلفها من مصالح اقتصادية. وهذه القضايا مرتبطة أشد الارتباط بالوضع اللبناني وبقوى لبنانية، ومفتوحة على احتمالي التسوية والتفجير.

2- توتر داخلي حاد بين الطوائف وقواها وضمن كل طائفة حول الموقف من القرار 1559 وملحقاته واستتباعاته، وحول حصص كلّ منها، كطائفة وكقوة ضمن الطائفة، في التوازن الذي اختل بعد استشهاد الرئيس الحريري ولم يرسُ على توازن جديد.

وقد عبّرت هذه القوى وغيرها عن ذلك بالتحذير من أجواء اقتتالية داخلية، وإن اتخذ أحياناً طابع التطمين، كما شهد توترات عملية في أكثر من منطقة، كان طرفا الوثيقة مشاركين فيها، الأمر الذي يدفع إلى خروج الصراع عن حدوده وسقفه المشترك.

3- حوادث التباريس (الأحد 5/2/2006) وما شهدته من إخلال بالأمن أولاً ومن صبغة طائفية ثانياً ومن توجس مقلق أدين، قيادياً، واعتمل شعبياً.

4- أزمة اعتكاف وزراء "حركة أمل" و"حزب الله" (التمثيل الشيعي في الحكومة) وما أثارته من نقاشات دستورية وسياسية حادة.

5- انتخابات بعبدا – عاليه الفرعية وما مثلت في الانتخابات السابقة وما تمثله، راهناً، من دلالات للتحالفات السياسية وللانتخابات الرئاسية المقبلة.

II- بنية الورقة

إن ورقة التفاهم تعلن موقفاً من عشر قضايا وتسكت عن قضايا فماذا عن القضايا المعلنة وماذا عن القضايا المسكوت عنها؟

أ- في القضايا المعلن عنها:

1- إقرار بالحوار سبيلاً وحيداً لإيجاد الحلول وهو أمر ايجابي جداً لكنه أمر مجمع عليه من كل القوى بالإعلان على الأقل. إلا أن اللافت في شروطه ثلاث ملاحظات:

- القول بمشاركة "الأطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية". فهل واو العطف تعود على الحيثية أو السياسية؟ أي هل القول بثلاث حيثيات سياسية وشعبية ووطنية أم بحيثية واحدة توصف بالسياسية والشعبية والوطنية؟ وما هي حدود هذه الحيثية؟ هل هي الوصول إلى حد التمثل في البرلمان أم حد بناء قوة سياسية؟ أم الترشح إلى الانتخابات؟ ومن يحدد هذه الحدود؟ البحث السوسيولوجي أم إرادة الأقوياء؟ أم ماذا؟

- "شمول كل القضايا ذات الطابع الوطني والتي تقتضي التوافق العام" فهل يعني هذا الشمول مراجعة المتفق عليه في الطائف أم يعني البقاء تحت سقف الطائف؟

- غياب لحظ المؤسسات الدستورية، البرلمان والحكومة، في هذا الحوار. فهل يعني هذا أنه حوار يشكل مقدمة لحوار داخل هذه المؤسسات؟ – وهذا ما لم يقله النص – أم أنه حوار يتجاوزها؟

2- إقرار بالديموقراطية التوافقية كأساس للحكم في لبنان، وهو أمر قام عليه النظام اللبناني منذ الاستقلال وتحمله القوى الطائفية في حالات احتمال استبعادها، وفيه في الإيجابية الكثير إن في مراعاة البيئة المجتمعية أو تعزيز روح الاعتدال أو في وقتية العمل به إلى أن تتحقق "الشروط التاريخية والاجتماعية"... وهنا ملاحظات عدة حول هذا الإقرار:

- ما هي حدود التوافق؟ هل كل القضايا أم قضايا محددة؟ وما هي؟

- هل القضايا التي حددها الدستور في تعديله بعد الطائف هي حدود التوافق أم أن التوافق يتجاوزها؟ وما هي أطراف التوافق؟ هل الطوائف كافة؟ أم الطوائف الكبرى؟ وهل القوى السياسية، بما فيها الأحزاب والقوى غير الطائفية/ كافة أم بعضها؟

- ما هو مصير البند الرابع (بناء دولة عصرية وقادرة) ببنوده كافة والبند السابع (المسألة الأمنية) في شقه الثاني؟

- وهل التوافق محصور بين الطوائف في "الطابق العلوي" أم ممتد الى داخل كل طائفة وداخل كل مؤسسة من مؤسسات الدولة؟

3- الإقرار بقانون انتخاب عصري "قد تكون النسبية أحد أشكاله" وهو إقرار إيجابي جداً رغم "قد" التقليلية وقد طالبت به حركات شبابية وقوى سياسية وشخصيات غير طائفية في الزمن الراهن وفي ما مضى. ملاحظات عدة حوله:

- لماذا "قد التقليلية" وهناك إجماع عالمي على أحد نظامين: النسبية أو الدائرة الفردية لصحة التمثيل الشعبي؟

- والا تتناقض المطالبة بالحدّ من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية مع البنية الإجتماعية لكلا الطرفين ولكل الأطراف الفاعلة التي تطالبها الوثيقة بذلك.

4- الإقرار ببناء دولة عصرية حائزة على ثقة المواطنين وقادرة على مواكبة حاجاته وموفرة للأمن عبر معايير العدالة والكفاية والجدارة والنزاهة والقضاء العادل ومعالجة الفساد. وهذا الإقرار مطلب مهم وأساسي وهو مطلب دائم منذ الاستقلال لم تخرج قوة من القوى المتعاقبة عن القول به.

ويمكن طرح الملاحظات الآتية حوله:

- هل تشكل الأمور المطروحة: معايير العدالة، القضاء العادل ومعالجة الفساد شروطاً كافية لبناء هذه الدولة؟ ألم يشهد تاريخ لبنان الحديث، وبخاصة التجربة الشهابية، جهداً مميزاً وملموساً لتحقيق هذه الدولة وربما بأكثر مما تقوله الوثيقة وقد حال دون إكمالها عاملان لم تلحظهما الوثيقة: الطائفية والعامل الخارجي.

- كيف تتحقق استقلالية القضاء؟ وما هو رأي موقعي الوثيقة بذلك، وفي التداول أكثر من رأي ومن بينها مشروع للرئيس حسين الحسيني؟ وكيف يحترم عمل المؤسسات الدستورية (المجلس العدلي والدستوري) وتبعد عن التجاذبات السياسية وهي في أصل تكوينها خاضعة للتجاذبات؟ وما هي الآلية المقترحة لإنتاج هذه الاستقلالية؟ وهل تشكيل المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الدستوري والعدلي ضمن شرط التوافق الذي هو تسوية للتجاذبات؟

- كيف تتحقق معالجة الفساد وما هي آليتها؟ وهل معالجة الفساد مقتصرة على الخاضعين لمؤسسات الرقابة في الدولة أي الموظفين؟ وماذا عن فساد السياسيين؟ وهل الفساد محصور بمؤسسات الدولة؟ وألا يوجد فساد في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني؟

5- وفي "المفقودون خلال الحرب" و"اللبنانيون في إسرائيل" و"المعتقلون في سوريا" التفاتة انسانية مطلوبة بإلحاح، إلا أنها بحاجة لتوضيحات.

الأول: إن مسؤولية الكشف عن مصير المفقودين غير محصورة بالقوى والأحزاب اللبنانية فهناك قوى فاعلة خلال الحرب غيرها وأبرزها: أجهزة الدولة نفسها، والقوات السورية العاملة في لبنان، والمنظمات الفلسطينية.

الثاني: إن مراعاة الظروف السياسية والأمنية والمعيشية لعودة اللبنانيين في إسرائيل– أو ما تسميهم المقاومة وجمهورها العملاء– ضرورية إلا أن شروط بناء الدولة احترام قانونها الذي يعتبر إسرائيل عدوا، توجب تطبيق المراعاة ضمن القانون لا خارجه.

6- إدانة الاغتيالات والتشديد على استمرار التحقيق الرسمي من دون مساومات، هذا متوافق مع الإجماع اللبناني والعربي والدولي حوله، إلا أن الملاحظة حول التوظيف السياسي؛ فإذا كان المقصود بذلك الكلام السياسي من دون تقديم البيّنة فهذا مطلب محق في هذه القضية وفي كل قضية. أما إذا كان المقصود بذلك عدم استخدام التحليل السياسي والوقائع السياسية فهذا مناقض لطبيعة الاغتيال السياسي ولطبيعة السياسة نفسها.

7- المطالبة بالإصلاح الأمني، أجهزة وخطة وسلوكاً ومراقبة، من دون المساس بالحريات العامة، وهذا المطلب مجمع عليه قولاً ومطلوب شعبياً. إلا أن ذلك يتطلب موقفاً من الطائفية والمحسوبية المتحكمة بهذه المؤسسات كما في غيرها، في تخصيص مناصب ومواقع لفئات معينة يُلزم الدستور التوافق عليها (تعيين موظفي الفئة الأولى) أي يضعها الدستور في الموقع السياسي وتحت رحمة المحسوبيات السياسية وتصبح تالياً الدعوة للتحييد متعذرة التحقيق.

8- إقامة علاقات لبنانية- سورية صحيحة وهذا مطلب مجمع عليه، وإن شابه توتر مزدوج: سلبي وإيجابي خلال المرحلة السابقة. وما يشوب النص حول العلاقات ثلاثة أمور:

- عدم تحديد "العبر والدروس لتلافي الأخطاء والشوائب والثُغر".

- عدم التطرق إلى العلاقات الاقتصادية بين البلدين وهي علاقات فيها من التكامل الشيء الكثير وفيها التنسيق المؤسسي وما نصت عليه الاتفاقات ولم يصر إلى تنفيذه.

- عدم اتخاذ موقف من مطالبة البعض سوريا بالتعاون الكامل مع التحقيق.

9- معالجة العلاقات اللبنانية– الفلسطينية معالجة شمولية، بتحسين الظروف المعيشية مع التمسك بحق العودة ورفض التوطين والعلاقة المؤسسية بين الدولة والفلسطينيين ومعالجة ملف إنهاء السلاح خارج المخيمات والأمن داخله. وهذه المعالجة مجمع عليها إلا أن ما لم يقله النص صراحة يدور حول مضمون تحسين الظروف والحياة الكريمة. فهل تتضمن حق ملكية مسكن، مثلاً، وحق العمل؟

- طبيعة الإطار المؤسسي الواحد. فهل هو منظمة التحرير أم مؤسسات جديدة؟

- وحول طبيعة معالجة ملف إنهاء السلاح والوضع الأمني فهل بنزعه أو بتنظيمه وكيف؟

10- حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته، وهو نص حمال أوجه بفقراته الثلاث. ففي حين تعلن الفقرة الاولى حق "أي جماعة تُحتل أرضها" باستخدام السلاح، وهو بديهي، فإن الفقرة الثانية المتعلقة بسلاح "حزب الله" فتحمل التباساً في حدها الأول وعدم حسم الموقف منه في المقاربة الشاملة والحدين معاً، وهو موقف دون موقف الحكومة في بيانها الوزاري ودون موقف رئيسها في المجلس النيابي.

أما الفقرة الثالثة فقد حصرت المهمات الثلاث التي هي مبررات الحد الأدنى لبقاء سلاح المقاومة باللبنانيين، والتي قد تعني السلطة وأجهزتها كما قد تعني اللبنانيين كلهم إلا أنها بالتأكيد لا تحصرها بـ"حزب الله" وحده.

ب - المسكوت عنه في النص

لم يتعرض النص لكل القضايا المطروحة في الحياة السياسية اللبنانية– وهذا واضح مما قاله طرفا الوثيقة بإعلان ما اتفق عليه. إلا أن تحديد المسكوت عنه في النص، وبعضه ذو دلالات كبيرة، قد يغني نقاش الوثيقة.

والمسكوت عنه يقع في اربعة محاور:

الأول: اتفاق الطائف الذي لم يرد ذكره في الوثيقة، لا بل يظهر في بنودها– كما ذكر في نقاشها التفصيلي – تفلت من نصوصه في بندين رئيسيين: الحوار والديموقراطية التوافقية. فهل تدعو الوثيقة لاتفاق جديد يعدل الطائف؟ أم أن "استعجال" إعلان الوثيقة اسقط تدقيقاً وتفصيلاً في بنودها أم أنه أصبح بحكم البديهية لا تحتاج إلى ذكر؟

الثاني: القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي لم يرد ذكرها في أي بند من بنود الوثيقة– وهي في هذا شبيهة بكل نصوص القوى الفاعلة وبخاصة التحالفية منها. فهل هذه القضايا والسياسة العامة التي تحكمها موضوع خلاف في الرؤية بين الطرفين؟ أم أنها موضوع لا يستحق الاهتمام، وبخاصة أن الأزمة الاقتصادية خانقة والمديونية مرتفعة؟

الثالث: ما أورده النقاش عن التباسات وغموض وتناسٍ في كل بند من البنود، فهل هذا التحاشي متعمد لخلاف في الرأي بين الطرفين أم أنه وقع سهواً بفعل الاستعجال؟

الرابع: قضايا الصراع الاقليمي التي لم تلحظها الورقة، رغم التأزم الداخلي حولها، فهل السكوت تجنبا للخلاف حولها ام لتحييد نسبي عنها، وقد يكون هذا المطلوب، وكيف؟

والسؤال الذي يطرح، بعد نقاش المعلن والمسكوت عنه، مزدوج:

أيهما الأكثر أهمية: المعلن أم المسكوت عنه؟ أو بكلام آخر: المتفق عليه أم المختلف حوله؟ وبخاصة أن المعلن مبادئ عامة تلقى إجماعاً أو شبه إجماع، وغالبية المسكوت عنه، تفصيل في المبادئ. والسياسة عمل في التفاصيل والخلافات تقع فيها.

وماذا إذا اتخذ أحد طرفي الوثيقة موقفاً من المسكوت عنه مخالفاً للمتفق حوله، وبخاصة أن بعض المسكوت عنه قد يكون الموقف منه ملحاً. وما هي آلية تفسير الالتباس في النص وآلية حل الخلافات في المختلف عليه؟

III- وظيفة الورقة

بعد هذا العرض لبيئة الورقة وبنيتها، تظهر استثنائية البيئة وعادية البنية، الأمر الذي يدفع للسؤال: لماذا الورقة إذن؟ وما هي وظيفتها؟ وأظن أن طرفي الورقة، بما يمثلان وبما يقولان، أهم من الورقة. ووظيفة الورقة هي:

1- ضبط حالة التوتر الطائفي الذي أعقب حوادث التباريس (الأحد 5/2/2006) وما رافقها من هواجس شعبية مقلقة. فالموقع الوازن لكل منهما في طائفته وعلى مستوى الوطن من جهة، وإعلان تعاونهما، وهما المتباعدان أصلاً، من جهة ثانية، وتضمن إعلانهما التمسك بالحوار من جهة ثالثة، ساهمت في تطمين الناس إلى بقاء الصراع في لبنان ضمن الحدود المضبوطة والسلمية.

2- الإعلان الضمني للتحالف في معركة بعبدا – عاليه الفرعية، وتعديل مزاج الناس عشية يوم الأحد المائل في اتجاه دعم "قوى 14 آذار" بشد الانتباه إلى قضية أخرى من جهة وبتعزيز موقع مرشح العماد عون في حال الانتخاب، وحصته في مرشح التوافق في حال التسوية، وما ترمز اليه المعركة من دلالات على الاحداث اللاحقة والمتلاحقة وصولا الى انتخابات الرئاسة واستقرار توازن جديد.

إن آنية الوظيفة لا تقلل من أهميتها فالسياسة– أو هذا ما يفترض– ليست خطاباً إيديولوجياً، على أهمية الإيديولوجيا في التعبئة السياسية وعلى خطورتها في حجب الواقع، بل تدبير آني لقضايا مطروحة، غير منفصل عن التاريخ ولا عن المستقبل.

وطرفا الوثيقة المقران بالحوار والتوافق مدعوان لحوار وتوافق سياسي– اقتصادي – اجتماعي لقضايا الوطن والناس فيه– الى أن يصبحوا مواطنين– مع كل القوى.

استاذ في الجامعة اللبنانية

 

 

لا إشارة إلى القرارات الدولية ولا إلى إنتشار الجيش جنوباً

نوفل ضو –النهار 13/2/2006

يستحيل على من يتابع الوضع اللبناني أن يتجاهل حجم التأثير الذي أحدثه اللقاء بين الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون على موازين القوى التي تتحكم باللعبة السياسية اللبنانية. فمجرد انعقاد اللقاء حدث بذاته كرس الطلاق السياسي بين "تحالف قوى 14 آذار" من جهة، والعماد ميشال عون من جهة مقابلة، وبالتالي كرس التقارب بين عون و"تحالف قوى 8 آذار".

وعلى الرغم من أن العماد عون والسيد نصرالله حرصا على عدم إدراج اللقاء في إطار متاريس الإصطفاف السياسي والحزبي، مشددين على أن لقاءهما لا يحول دون استمرار حوار كل منهما مع الأطراف السياسيين الآخرين على الساحة اللبنانية، فإن الثابت أن العماد عون أعطى قوة مضافة الى "تحالف 8 آذار" زادت من إرباك "تحالف قوى 14 آذار" في لحظة سياسية مثقلة بتداعيات حوادث الشغب التي شهدتها منطقة الأشرفية اخيراً.

وفي معزل عن القراءة السياسية للقاء بحد ذاته، فإن "ورقة التفاهم" التي توجته تستحق قراءة متأنية لمضمونها الحرفي لما له من دلالات سياسية على طبيعة المواقف التي اجتمع عليها كل من نصرالله وميشال عون.

وإذا كان توصيف الرئيس سليم الحص لمضمون الورقة بأنه "إنشائي"، يقارب بواقعية مضمون بعض من البنود العشرة لا سيما تلك التي تعتبر من باب المسلمات والعموميات التي يمكن قراءتها في معظم الأوراق الصادرة عن "تفاهمات" مماثلة، فإن الدخول في التفاصيل، والتعمق في التعابير يسمح باستنتاجات أكثر دلالة على التوجهات السياسية و"التنازلات" التي قدمها الطرفان وصولا الى صياغة مشتركة للموقف من ملفات ومواضيع أساسية تعتبر جوهر الأزمة ولب السجالات الدائرة منذ أكثر من سنة.

أولا: جاء في ورقة التفاهم تحت عنوان الحوار بند يشير الى هوية أطراف الحوار على الشكل الآتي: "مشاركة الاطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية، وذلك من خلال طاولة مستديرة".

إن تعبير "ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية"، هو محور أساسي من المحاور الخلافية على الساحة اللبنانية. ففي حين يعتبر "تحالف قوى 14 آذار" أن الحوار يجب أن يتم داخل مجلس النواب، وبالتالي بين القوى السياسية المنضوية تحت لواء "14 آذار" من جهة وكل من حركة "أمل" و"حزب الله" فقط من بين تحالف القوى الذي كان يعرف بلقاء "عين التينة"، كتكريس سياسي لنتائج انتفاضة الاستقلال والخروج العسكري السوري من لبنان، جاء الموقف المشترك لـ"التيار الوطني الحر" و"حزب الله" نقطة التقاء تترجم تحالف "حزب الله" و"أمل" مع الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية التي كانت منضوية في لقاء عين التينة في مواجهة لقاء قرنة شهوان من جهة، وتحالف العماد عون مع الشخصيات ذاتها في الانتخابات النيابية الأخيرة.

بكلام آخر فإن عبارة:" مشاركة الاطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية" تحيي الدورالسياسي لمواقع خسرت الانتخابات النيابية، أو تراجع حجم تمثيلها، ابرزها: الامير طلال ارسلان، النائب السابق سليمان فرنجية، الرئيس عمر كرامي، حزب البعث، الحزب السوري القومي الاجتماعي الخ... وهذا ما يعني عمليا تجاوزا لنتائج الانتخابات النيابية وتعطيلا لورقة "الأكثرية" التي يمسك بها "تحالف قوى 14 آذار".

ثانيا: خلا البند الثالث الذي يحمل عنوان قانون الانتخاب من أي إشارة الى لب المشكلة المتمثل في تقسيم الدوائر الانتخابية، ما يعني أن الجانبين لم يتمكنا من صياغة موقف مشترك عملي لهذه الناحية في حين ان الإشارة الوحيدة الى تفصيلات قانون الانتخاب جاءت من خلال صيغة النسبية وفقا للنص الآتي :"إن إصلاح وانتظام الحياة السياسية في لبنان يستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري، قد تكون النسبية أحد اشكاله الفعالة، بما يضمن صحة وعدالة التمثيل الشعبي"...

إن هذه الصياغة تثبت أن الجانبين لم يحسما موضوع "النسبية"، لا سيما أن مراجعة للواقع الانتخابي تثبت أن الانتشار الجغرافي لانصار العماد عون يجعله مستفيدا من قانون النسبية في حين أن اعتماد النسبية من شأنه أن يفقد "حزب الله" وحركة "أمل" الكثير من المواقع النيابية التي عادة ما يحصلان عليها بفضل صيغة "الأكثرية".

أما الإشارة الى ضرورة "تأمين الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الانتخابي"، فهي نقطة تمكن العماد عون من انتزاعها على الرغم من الموقف الشيعي التقليدي الذي سبق للرئيس نبيه بري ان عبر عنه مرارا لناحية التحذير من أن "مطالبة البعض بمنح المغتربين حق الاقتراع قد تقابلها طلبات بتطبيق الغاء الطائفية السياسية".  

ثالثا: تحت عنوان "اللبنانيون في اسرائيل" جاء ما حرفيته:" انطلاقا من قناعتنا، إن وجود اي لبناني على ارضه هو افضل من رؤيته على ارض العدو، فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل تتطلب عملا حثيثا من اجل عودتهم الى وطنهم، آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والامنية والمعيشية المحيطة بالموضوع. لذلك، نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم استرشادا بنداء سماحة السيد حسن نصر الله بعد الانسحاب "الاسرائيلي" من جنوب لبنان، واستلهاما بكلمة العماد عون في اول جلسة لمجلس النواب".

وفي حين خيل لبعض المعنيين بهذا الملف أن المقاربة المذكورة ربما تكون بداية "تنازل" قدمه "حزب الله" للعماد ميشال عون من أجل حل معضلة انسانية واجتماعية بما من شأنه تدعيم الموقع الشعبي المسيحي لـ"التيار الوطني الحر"، جاء "توضيح" السيد حسن نصرالله في إطار إجابته على أسئلة الإعلاميين خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع العماد عون ليقضي على هذه الآمال لا سيما من خلال قوله: "... وعلى الشباب الذين تورطوا بالعمالة ان يسلموا انفسهم الى القضاء اللبناني، والقضاء اللبناني رأينا كيف تعاطى مع الذي سبق". من هنا يمكن القول بأن هذه الصيغة لم تأتِ بجديد على هذا الملف، ولكنها كرست صيغة سبق للسلطات اللبنانية أن تعاطت بها منذ العام 2000.

رابعا: في البند المتعلق بالاغتيال السياسي تحت عنوان "المسألة الأمنية"، جاء ما حرفيته: "... بقدر ما ندين عملية اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وصولا الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدد على اهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسميا وصولا الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي امر لا يمكن إخضاعه لاي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وإنزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير. لذا، من الواجب إبعاد هذه القضايا عن محاولات التوظيف السياسي التي تسيء لجوهرها، وجوهر العدالة التي يجب ان تبقى فوق اي نزاعات او خلافات سياسية".

والواضح في هذا النص غياب الإشارة الواضحة الى قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالاغتيالات السياسية في لبنان، وإن كانت عبارة "وفقا للآليات الرسمية المعتمدة" يمكن أن تفسر على أنها إشارة ضمنية الى التحقيق الدولي والمحكمة ذات الطابع الدولي التي أقرت المطالبة بها الحكومة اللبنانية.

والنص يعكس موقفا واضحا لـ"حزب الله" منذ البداية برفض اتهام سوريا بما شهده لبنان من اغتيالات ومحاولات اغتيال، وللعماد عون بضرورة الأخذ في الاعتبار كل الاحتمالات وعدم استباق نتائج التحقيق في توجيه الاتهام.

خامسا: يعتبر العنوان الثامن من "ورقة التفاهم" الخاص بالعلاقات اللبنانية - السورية العنوان الأبرز والأهم بالنظر الى ما تضمنه من مواقف.

فقد جاء في الفقرة "أ" ما حرفيته: "إتخاذ الحكومة اللبنانية كافة الخطوات والإجراءات القانونية المتعلقة بتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الامم المتحدة، وذلك بعد ان اعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة".

وبذلك يكون كل من "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" قد تبنيا علنا وجهة نظر الحكومة السورية التي عبر عنها الرئيس السوري بشار الأسد أمام المحامين العرب بقوله عن مطالبة الحكومة اللبنانية سوريا بتقديم الوثائق التي تثبت لبنانية مزارع شبعا الى الأمم المتحدة إن على من يطالب بالشيء أن يثبت ملكيته له. علما أنه سبق للحكومة اللبنانية أن رفعت الى الأمم المتحدة الوثائق التي تثبت ملكية لبنانيين لمزارع شبعا، فكان رد المنظمة الدولية بأن الملكية شيء وحق السيادة شيء آخر. وبالتالي فقد طالبت الأمم المتحدة صراحة بوثائق سورية رسمية وخطية تقر فيها الحكومة السورية بلبنانية المزارع ليصار في ضوء الإقرار السوري الى تعديل القرارات الدولية الخاصة بالوضع في تلك المنطقة من طريق مجلس الأمن الدولي، السلطة الدولية الوحيدة المخولة بذلك.

وجاء في الفقرة "ب": "ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، بعيدا عن التشنجات التي تؤدي الى تعطيل العملية التي طالما احتاج لبنان وسوريا الى إنهائها ضمن إتفاق البلدين".

ويظهر جليا من خلال هذه الصيغة ان كلا من العماد عون والسيد حسن نصرالله يعتبران الوضع السياسي الراهن غير ملائم لترسيم الحدود، ويعتبران ازالة التشنجات شرطاً من شروط الترسيم خلافا لرأي الأكثرية القائل بأن الترسيم هو عامل من العوامل المؤدية الى إزالة التشنجات في العلاقة بين لبنان وسوريا.

في المقابل، نجح العماد عون من خلال الفقرتين "ج" و"د" في انتزاع اعتراف من "حزب الله" بوجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية خلافا للنفي السوري المتكرر، وبضرورة إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين ولو بعد " توفير الظروف الملائمة لها بما ينقل العلاقة من الافراد والمجموعات الى علاقة بين المؤسسات بحيث تؤمن استمرارها وثباتها"، وفقا لنص الفقرة "د".

سادسا: نصت الفقرة "ج" من البند التاسع تحت عنوان العلاقات اللبنانية - الفلسطينية على ما يأتي: "تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينيين في إطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمن حسن التنسيق والتعاون".

لقد كان "الاطار المؤسساتي الفلسطيني الواحد الممثل للفلسطينيين في لبنان" مسألة بالغة التعقيد في المرحلة التي سبقت فوز حركة "حماس" في الانتخابات الفلسطينية التشريعية الأخيرة في ظل تعدد المرجعيات لدى التنظيمات الفلسطينية الموجودة على الأراضي اللبنانية. أما اليوم وفي ظل فوز "حماس"، والخلافات المتصاعدة على الساحة الفلسطينية حيال السياسات الواجب اعتمادها على المستويين الداخلي والخارجي فإن ربط مصير السلاح الفلسطيني بوحدة المرجعية الفلسطينية من شأنه أن يشكل لغما معطلا لتنفيذ قرار مجلس الوزراء اللبناني في هذا المجال لا سيما في ظل رئاسة فلسطينية تمسك بها حركة "فتح"، وسلطة تنفيذية تمسك بها حركة "حماس" وتنظيمات أخرى تقيم في دمشق وتحتفظ لنفسها بهامش من المناورة بعيدا عن كل من "فتح" و"حماس".  

سابعا: جاء في البند السابع تحت عنوان حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته: "إن حمل السلاح ليس هدفا بذاته وإنما وسيلة شريفة مقدسة تمارسها اي جماعة تحتل ارضها تماما كما هي اساليب المقاومة السياسية".

لقد نجح العماد عون من خلال هذا البند في تصنيف حركته السياسية في اطار المقاومة اللبنانية، وانتزع من "حزب الله" اعترافا بشرعية المقاومة السياسية وأهميتها من خلال اعتبار حمل السلاح وسيلة شريفة مقدسة تماما كما هي اساليب المقاومة السياسية.

ولكن "حزب الله" في المقابل، انتزع من العماد عون الورقة الأهم في صراعه مع المطالبين بتنفيذ القرار 1559، وهي ورقة حق المقاومة في الاحتفاظ بسلاحها حتى بعد تحرير مزارع شبعا واطلاق الأسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية. وجاء النص الوارد في البند العاشر ليترجم المعادلة الجديدة كالآتي: "وبما أن إسرائيل تحتل مزارع شبعا وتأسر المقاومين اللبنانيين وتهدد لبنان فإن على اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم وتقاسم أعباء حماية لبنان وصيانة كيانه وامنه والحفاظ على استقلاله وسيادته من خلال:

1- تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي.

2- تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

3- حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون، وينخرطون فيها عبر تحمل أعبائها والإفادة من نتائجها".

ثامنا: إن قراءة استنتاجية لمضمون ورقة التفاهم بين "حزب الله" والعماد عون تظهر أن النص:

1- خالٍ من أي إشارة الى أي من القرارات الدولية والبيانات الرئاسية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي في خصوص معالجة الوضع اللبناني، مما يعني عمليا تفاهما بين العماد عون و"حزب الله" على التخلي عما تصفه الأكثرية النيابية بمظلة الشرعية الدولية، لمصلحة توازنات وتفاهمات داخلية جديدة كما يقول "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، ولمصلحة التحالف الاقليمي السوري - الايراني كما يقول أطراف "تحالف 14 آذار".

2- خالٍ من أي دعوة لنشر الجيش اللبناني على كامل التراب اللبناني ولا سيما في المناطق الجنوبية والقرى الحدودية تحديدا.

3- خال من أي إشارة الى ملف المهجرين المسيحيين من الضاحية الجنوبية الذين لا يزالون بعيدا عن منازلهم لاعتبارات أمنية على علاقة بخضوع مناطقهم المعروفة بـ"المربع الأمني" للتدابير الأمنية التي ينفذها "حزب الله" لحماية قياداته.

أما في ميزان القراءة الاستراتيجية للقاء بين نصرالله وعون فيمكن القول إن عون اعترف للمقاومة بحق البحث في الاحتفاظ بالسلاح حتى بعد انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا وتحرير الأسرى، في مقابل دعم نصرالله لعون في انتخابات بعبدا - عاليه والاعتراف به مرشحا جديا للانتخابات بقوله: " نحن نرى في العماد عون مرشحا حقيقيا وجديا لرئاسة الجمهورية ويملك الاهلية الذاتية والشعبية لهذا الموقع".

صحافي

 

العلاقة المتعرجة بين "حزب الله" و"التيار الوطني"

م 1990 حتى تفاهم الشياح

كتب بيار عطاالله: النهار 13/2/2006

اللقاء بين الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس "كتلة التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، يخرج العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" الى مستوى متقدم لم تبلغه يوما بين الطرفين المتنافرين في الشكل والمضمون والمتوافقين تكتيكيا على مواجهة جملة امور. ايجابيات هذا اللقاء واضحة لجهة بناء علاقة ثقة بين طرفين رئيسين في لبنان وتبريد الاجواء المحتقنة في البلاد واطلاق مبدأ الحوار في ظل تردد الحكومة اللبنانية ومجلس النواب امام هذه المهمة. لكن السؤال هو عن مدى قدرة "التيار" على تحمل وزر هذه العلاقة والنتائج التي ستترتب عليها لدى الرأي العام المسيحي اللبناني.

يمتلك كل من الحزب والتيار تاريخا مختلفا عن الآخر وايديولوجيا متناقضة تماما ومنطلقات مغايرة، ربما كان من ابرز تجلياتها عدم عودة اي من المهجرين المسيحيين الى حارة حريك التي تهجرت قديما منذ ايام الحركة الوطنية اليسارية والتنظيمات الفلسطينية المسلحة. وكان يفترض بالقوة الشيعية المسيطرة حاليا على تلك الانحاء ان تبادر الى تصحيح هذا الوضع التزاما منها بما اعلن من تحالف مع التيار، وخصوصا في بلدة حارة حريك مسقط العماد عون وملعب طفولته، والتي كثيرا ما يعود زعيم التيار بالذاكرة الى احيائها الجميلة التي كانت قائمة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

بين المعابر والانتخابات

العلاقة بين التيار والحزب قديمة بدأت مع التظاهرات التي سيرها "المكتب المركزي للتنسيق الوطني" المؤيد للعماد ميشال عون الى المعابر المقفلة عام 1990، احتجاجا على الحصار الذي فرضته القوات السورية على المناطق التي كانت مؤيدة للحكومة الانتقالية بقيادة العماد عون. في تلك الحقبة نزلت تظاهرة ضخمة من بلدة الحدت في اتجاه معبر الكفاءات ووقف مناصرو العماد قرب تحصينات الحزب المواجهة للمناطق الشرقية، وهم يلوحون بالاعلام اللبنانية ويهتفون من اجل فتح المعابر وفك الحصار والحرية والسيادة والاستقلال. لكن تلك المحاولة اليتيمة انتهت بعد فترة وجيزة عندما اجتاحت القوات السورية المناطق الشرقية في 13 تشرين الاول 1990.

انقطع الحوار الى ان استعيد بحكم "الجيرة"، بعدما اخذ "التيار العوني" ينتظم تدريجا ضمن الحد الادنى المسموح به للعمل السياسي للتيار الذي رفع شعار "الحرية والسيادة والاستقلال" ومواجهة "الاحتلال السوري". بدايات اللقاءات كانت مطلع التسعينات بين مسؤول العلاقات العامة في الحزب نواف الموسوي من جهة والدكتور ابرهيم حتي ونعمان ابي انطون عن التيار. واستمرت اللقاءات طويلا وخصوصا عندما كان الحديث يدور عن الاعداد من اجل "السينودس من اجل لبنان"، وتناولت غالبية المواضيع التي كانت في جدول اعمال المجمع الكنسي، وهي امور تعني كل اللبنانيين لا المسيحيين وحدهم. ويذكر ناشطون في تلك الفترة ان الجانبين اتفقا على امور اساسية مثل التعددية والمواقف من اسرائيل وانسحاب جيش احتلالها من جنوب لبنان، واختلفا ايضا على امور اساسية مثل العلاقة بسوريا وانسحاب الجيش السوري من لبنان. ولكن سرعان ما انتكس الحوار بين الجانبين عندما اعلن العماد عون خلال عملية "عناقيد الغضب" سنة 1996، ان "حزب الله هو شكل من اشكال الاحتلال". ورغم هذا الكلام الذي اوحى ان الحوار بين الجانبين "طبخة بحص" لن تؤدي الى نتيجة، عادت الامور وانتظمت بين الجانبين على خلفية انخراط "الجناح اليساري" في التيار في هذا الحوار وانسحاب المحاورين السابقين الذين اعتبروا من "يمين التيار". ومع هذا التطور نسج الحزب والتيار تحالفا انتخابيا في مواجهة لوائح "تيار المستقبل" وحلفائه خلال انتخابات نقابتي المعلمين والمهندسين سنة 1996، ولكن حسابات التيار لم تتفق مع حسابات الحزب الذي بدل تحالفاته في منتصف الطريق، وانتهى الامر بهزيمة قاسية للتيار ومرشحيه وفي مقدمهم المهندس حكمت ديب.

الالتباس والتعارض

اثر ذلك لم تمر الامور بسلام، اذ "انتفضت" مجموعة من "التيار" على ما جرى وكانت تدعى "ندوة الاربعاء"، ووجهت في حينه رسالة الى العماد ميشال عون في باريس عرضت فيه لموقفها من الحوار والتحالف مع الحزب. ومما جاء في المذكرة: "ان مسيحيي لبنان وهم 45 في المئة من سكانه لا ينساقون وراء ما يرونه مهددا لبقائهم وحريتهم، وان التحالف مع حزب الله كنصرة الدكتور سمير جعجع للطائف. لا ربح فيه. فإن نجح التحالف خسرنا وان خسر التحالف خسرنا، ثم انه ليس صحيحا ان عدو عدوك صديقك، عدو عدوك ربما اضمر لك عداء اشد(...)".

رد العماد ميشال عون كان قاسيا اذ طلب من ممثله الشخصي آنذاك، اللواء المتقاعد نديم لطيف توجيه اللوم والتأنيب الشديد الى واضعي الوثيقة وطلب من شخصيات اخرى مستقلة كانت تنشط الى جانب التيار ان "لا تتدخل في ما لا يعنيها". ورغم امتعاض معظم قواعد "التيار" وكوادره مما جرى، تولى اليساريون في "التيار" ومعظمهم قريب من النائب السابق نجاح واكيم، الحوار مع الحزب.

واستنادا الى قيادي في التيار عايش تلك المرحلة، كان واضحا انه كلما صعد العونيون من نشاطهم الداعم لشعار "السيادة والحرية والاستقلال وجلاء الجيش السوري عن لبنان" كانت العلاقة بالحزب تتراجع، واصبح واضحا ان "اليساريين" في التيار لم ينجحوا في تجاوز ما فرقته الثوابت والايديولوجيا وخصوصا في مواجهة قضايا مهمة مثل الانتخابات النيابية التي تشبث "التيار العوني" بمقاطعتها، وذهب "حزب الله" الى اوسع مشاركة فيها وتاليا الى الانخراط في مسيرة الدولة.

سبب آخر لتراجع العلاقة بين الجانبين كان انتخاب الرئيس اميل لحود اذ وصلت العلاقة بعده الى ادنى مستوى لها. وعندما كان العماد ميشال عون يعلن منفردا من باريس معارضته هذا الانتخاب كان الحزب يندفع قدما في مبايعة الرئيس، الذي وفر سندا قويا للمقاومة وغطاء لها في معركتها لاخراج جيش الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان. وهكذا افترق الجانبان كل الى خياراته. ومع انتخاب الرئيس اميل لحود وصل زخم انشطة "التيار العوني" من اجل تحقيق جلاء الجيش السوري عن لبنان الى اقصى مستوى وخصوصا بعد احداث 7 آب. وانتشر ناشطو التيار من باريس الى لندن والولايات المتحدة الاميركية لحشد الدعم لهذه القضية. وبلغت هذه الانشطة ذروتها باصدار "قانون محاسبة سوريا وتحرير لبنان". ومع ارتفاع عدد النواب الاميركيين الذين وقعوا على مشروع القانون، كان عدد الدول المؤيدة لانسحاب الجيش السوري من لبنان يرتفع تدريجا وصولا الى القرار 1559 الذي ولد من رحم قانون الكونغرس الاميركي. وتاليا كان التيار العوني هو ابو القرار وراعيه وحاميه.

دعم القرار 1559 والتحالف مع "حزب الله" مسألة تثير دون ريب علامات استفهام كبيرة، فهل يجد التيار تبريرا لهذا التناقض وكيف يمكن ان يتعامل مع دوائر القرار، وخصوصا في واشنطن حيث امتلك اللوبي اللبناني وبعد طول معاناة، مدخلا الى الادارة الاميركية وموطئ قدم فيها يمكنه من اسماع صوت اللبنانيين جميعا وصوت المسيحيين تحديدا؟

 

6 شباط 2006... تاريخ مفترق

بقلـم الدكتـور ناصيـف قـزّي

13/2/2006: مخطئ من يحاول حصر لقاء الجنرال عون والسيد حسن نصر الله، والذي تخلله الإعلان عن ورقة تفاهم مشتركة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، في سياق اللقاءات العاديَّة التي جرت وتجري على الساحتين المحلية والدولية، على أنها لقاءاتٌ لأجل لبنان.

مخطئ من يحاول أن يخفِّف وهج لقاء، أقل ما يقال فيه أنه وطني بامتياز، وتاريخي بامتياز، لما يحمل في طيّاته من مضامين ودلالات. والمؤسف المؤسف أن يكون قد انبرى لتك المهمة التفكيكية، كالعادة، وللأسف، جوق من "السفسطائيين القدامى والجدد"، الحاضرين دوماً لكشف ما يوكَلُ إليهم أن يوهِموا الناس به على أنه الصواب. والمؤسف أيضاً، أن يكون قد انضم إلى ذلك الجوق، من انتَدَب نفسه، من بعض رموز السياسة الدولية الأحدية التي تزيَّنَت ب"وسام الحقيقة"، لحماية الديمقراطية في العالم وحق الشعوب بالسيادة والحرية والإستقلال... وأي سيادة... وأي حرية... وأي استقلال...!؟

كلنا يعي أن للكبار في هذا العالم مصالح، قد تتوافق مع مصالح الصغار حيناً، وتتناقض معها أحياناً؛ وما يحدِّد ذلك، ليس بالضرورة الوضوح والتميُّز، ولا هو الحق والصوابية، بل مقتضيات السياسة الدولية العامة. لكن ما لم يعد بمقدورنا أن نفهمه، هو أن يتنطّح البعض، من السياسيين المحليين، على عادته، وكما في كل مرة تسير فيها الأمور باتجاه ايجابي، لجهة تلاقي اللبنانيين من منطلق وطني جامع؛ أن يتنطَّح هذا البعض إلى الإعتراض، ولو على لون الورق وأرقام الفقرات والفواصل والنقاط، أو أن يدخل في الهرج والمزاح وتقديم افتراضات لا أساس لها، أو يقول بأن ما جرى لم يأت بجديد. ومن ثم يصار إلى مكننة تلك الإعتراضات وتعميمها.

ألا يدل ذلك إلى خلل ما، وفي مكان ما، في عربة من شُبِّه لنا أنهم بُناة دولة وحراس وطن؟

واهِمٌ من يدّعي أنه يؤسس للبنان جديد وميثاق جديد، معولاً بذلك، وبصورة حصريَّة، على ما يمليه قناصل الدول من نصائح وإرشادات. وواهم أيضاً من يظن أنه يختصر الوطن بأكثريَّة مزعومة، غير آبه بطليعة من هم، على الأقل، أسياد أنفسهم وبيدهم القدرة على استنباط الحلول.       

6  شباط 2006... تاريخ مفترق...!؟

إن ما جرى عصر السادس من شباط عام ستة وألفين، الموافق للسابع من محرم عام سبعة وعشرين واربعماية وألف، إنما هو انطلاقة عظيمة ومباركة لحالة ميثاقية متجدِّدة وبنّاءة. وخير دليل على ما نقول، هو أن تلك الحالة قد تكرَّست بين فريقين، على الرغم من أنّهما شكَّلا لفترة طويلة وفي ظروف مغايرة، كلٌّ من جانبه، حالة متطرفة باتجاه ما، بدا أنهما أكثر واقعية وشفافية وإعتدالاً وتعقلاً وشجاعة، وقد قدّما المصلحة الوطنية، بالقول والفعل، على كل اعتبار. 

فإذا كنا حقا نريد مصلحة لبنان، فعلينا أن نعترف، واضعين جانباً كل انانيّاتنا والخلافات، بأنّ ما انبلج من كنيسة مار مخايل في السادس من شباط، إنما هو نمط جديد في التعاطي بين اللبنانيين، ينبء بفجر جديد. وقد خرجت معه الكنيسة التي علقت في ذاكرتنا كخط تماس بين اللبنانيين، لتصبح منطلقا لحوار تأسيسي صادق وعميق فيما بينهم؛ خرجت، ليخرج معها الوطن من البراويز الجامدة التي ظن البعض أنها أُعِدَّت لنتأبَّد بها.

إن ما جرى، والذي قد يكون بداية النهاية للحرب اللبنانيَّة الباردة، هو قبل كل شيء نهاية سياسات التكاذب والجدالات المسدودة الأفق. ناهيك عن أنه يستبدل الإصطفافات الطائفية والمذهبية والنفعية السائدة، بنمط جديد من العلاقات التي تستلهم المصلحة الوطنية العليا، لتعكس، ليس فقط الحالة اللبنانية الحقيقية، بل حقيقة لبنان التاريخية التي طالما حورّتها سياسات خاطئة عن مسارها الصحيح، والذي هو فعل تلاق بناء بين الجماعات اللبنانية كافة.

وبعد، هل يعقل أن يختلف اثنان على ضرورة "مشاركة الأطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية" في عملية الحوار الوطني؟

هل يختلف اثنان على ضرورة أن تكون الديمقراطية التوافقية "قاعدة للحكم في لبنان"، في ظل واقعه الحالي؟

هل من معترض على وجوب الإعتماد على "قانون انتخاب عصري، قد تكون النسبيَّة أحد أشكاله الفعالة"، ليحقق "تفعيل عمل الأحزاب وتطويرها وصولا إلى تحقيق المجتمع المدني"، و"يؤمن الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الإنتخابي"؟

ألا يجب "اعتماد معايير العدالة والمساواة والتكافؤ والجدارة والنزاهة في بناء الدولة"، وبالتالي "معالجة الفساد من جذوره"، و"العمل على إصلاح إداري شامل"؟

من منا لا يرغب في عودة الأسرى والمبعدين؟

من منا لا يريد كشف حقيقة الإغتيالات المروعة وتحقيق العدالة، وبالتالي "وضع خطة أمنيَّة متكاملة تقوم على مركزيَّة القرار الأمني"؟

والعلاقات اللبنانيَّة السوريَّة، ألا نريد جميعنا أن ننهض بها "على أسس واضحة من التكافؤ والإحترام الكامل والمتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة إلى أي شكل من أشكال الوصاية الخارجيَّة"، وبالتالي "تثبيت لبنانيَّة مزارع شبعا"، و"ترسيم الحدود"، و"كشف مصير المعتقلين"، وإقامة علاقات دبلوماسيَّة بين البلدين"؟

ألسنا جميعنا مع "حق العودة للفلسطينيين" و"رفض التوطين"، ومعالجة ملف السلاح الفلسطيني "بما يؤدي إلى بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانيَّة"؟

ألسنا جميعنا معنيين "بحماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته"، وبالتالي "صياغة إستراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون" لحل مسألة سلاح المقاومة؟

هذا هو ابرز ما في ورقة التفاهم. فعلى ماذا نحن مختلفون؟

أما آن الأوان كي تعلو أصوات المخلصين، انطلاقاً من لقاء مار مخايل التاريخي بين الزعيمين الوطنيين، الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله، مطالبة بإعادة ترسيم العلاقات بين الأطراف اللبنانيين كافة على أسس ميثاقية سليمة كتلك التي اعتمدتها الورقة، على طريق ترسيم حدود الوطن واستكمال بناء الدولة السيدة، الحرة، والمستقلة... دولة المواطن والمؤسسات؟

فيا بعض الساسة... لو تُحَمِّلوا عنا، رأفة بالوطن وبنا، زعاماتكم البائدة وحساباتكم العائلية والشخصيَّة الضيقة، فتأتوننا بأوراقكم المُحْكَمَة، لنصوغ وأياكم مستقبل لبنان.

أمكتوب أن تبقى احلامُنا مسكونة بالعفاريت؟

أيجوز أن تبقى بعض المنابر الإعلاميَّة، وخاصة منبر الكرسي البطريركي في بكركي، وحتى بعض البرامج التلفزيونية السياسية، منصات إعلانية ووسائل ترويج لمن يتوسل نفعا لنفسه على حساب ما يجب أن يكون... والوطن في مهب الريح؟

الحق الحق أيها السادة أن ما حدث في السادس من شباط لم يُثلج قلوب اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، فحسب، ولا سيما بعد انتكاسة الأشرفية المستهجنة والمستنكرة من الجميع، بل أكد لهم، مرة جديدة، أنهم قادرون على حل خلافاتهم بأنفسهم مهما استفحَلَت، وأنهم قادرون على استنباط الحلول، وبالتالي دفع المسارات كافة باتجاهها الصحيح.

فاستلهاماً بورقة التفاهم التاريخية تلك، وانسجاماً مع اعتبار الوطن فوق الجميع، حيّوا على الوفاق أيها الساسة... حيّوا على خير العمل.

 

النائب السابق اعتبر لقاء عون. نصرالله  نقطة بداية لحوار كل الفرقاء اللبنانيين

 صلاح حنين لـ "السياسة": اللبنانيون  يتطلعون لبناء دولة عصرية تزيل مخاوفهم  من فشل حكم تحملوا أوزاره 30 عاما

13/2/2006:  بيروت - من صبحي الدبيسي:اكد النائب السابق المحامي صلاح حنين انه لم يحسم امر ترشحه للمقعد النيابي في دائرة بعبدا-عاليه بعد, ولم يطرح نفسه مرشح تسوية في هذه الدائرة, معتبرا ان التسوية تطرحها قوى معينة لها تأثيرها في الانتخابات النيابية وانه ينطلق من مبدأ حواري تحاوري يهدف الى خدمة الناس والدفاع عن حقوقهم وقضاياهم وهو مستمر على قراره سواء في النيابة او خارجها. كلام حنين جاء خلال حوار ل¯ »السياسة« تناول فيه احداث الاشرفية حيث اتهم الحكومة بالتقصير وسوء التنظيم من قبل المتظاهرين, وطالب باجراء تحقيق جدي لمعرفة خلفيات الحدث ودوافعه ومن يقف وراءه, مشيدا بحكمة اهالي الاشرفية الذين فوتوا فرصة الاخلال بالسلم الاهلي.

»السياسة« التقت حنين في هذا الحوار:

* كيف قرأت ما جرى في تظاهرة الاحد الفائت وما نتج عنها من أعمال تخريبية بهدف اشعال فتنة طائفية في البلاد?

- السبب الذي قامت من اجله التظاهرة مشروع وتقبلناه من وجهة الحرص على معتقدات الناس الدينية وكرامة الانبياء والرسل. وهذا الامر نابع من قناعتنا وتراثنا واحترامنا لمشاعر الاخرين. ولكن ما حدث لا يستوجب ما حصل في تظاهرة الاحد... اذا كان هناك اساءة ما, فعلى المستائين التقدم من الدولة بطلب ترخيص التظاهرة بطريقة سلمية وهذا حق لكل لبناني ان يعبر ديمقراطيا عن رايه ولم يكن ضروريا ان تفلت بالطريقة التي حصلت.واعتقد ان ما حصل مرده برأيي لسببين:

أ ¯ سوء التنظيم من قبل المتظاهرين: وهنا يجب ان يحصل »تحقيق دقيق« لمعرفة من يقف وراء الفلتان.

ب ¯ السبب الثاني: وجود ثغرة كبيرة لدى الحكم والحكومة والاجهزة الامنية التي لم تقم ابدا بواجبها بالحصول على المعلومات اللازمة واخذ الاجراءات اللازمة للمحافظة على امن المواطنين... صحيح ان ما حصل كان نتيجة تصرف مجموعة استغلت التظاهرة لتنفيذ مآرب خاصة وهذه مسؤولية المنظمين ومسؤولية الحكومة على السواء... من حق الناس التظاهر بطريقة سلمية ومن واجب الدولة المحافظة على التظاهرة كي لا يحصل اي فلتان... وهنا لا بد من الاشادة بدور الاهالي والمواطنين الذين شاهدوا باعينهم حجم التعديات على املاكهم وارزاقهم وكانوا على درجة عالية من الحكمة وعدم الانجرار في ردات فعل كادت تسيء لمسيرة العيش المشترك لو قيض لها ان تحصل...

وحكمة اهالي منطقة الاشرفية العالية حالت دون تفاقم الامور وفوتت الفرصة على المصطادين بالمياه العكرة... وهنا نعتبر ان سكان هذه المنطقة كانوا حكماء اكثر من الدولة وكانوا على درجة عالية من الوعي اكثر من المنظمين للتظاهرة الذين لم يكن عندهم اي حكمة لتنظيم اوضاعهم, حتى فلتت الامور من ايديهم وحصل ما حصل... نحن نطالب بتحقيق كامل وشامل مع الموقوفين ومعرفة لماذا حصل ذلك سواء كان المنفذون لبنانيين او سوريين او فلسطينيين. ولماذا تصرفوا بهذه الهمجية والبربرية ومن طلب منهم ذلك.. المهم متابعة التحقيق حتى النهاية لتحديد المسؤوليات واتخاذ الاجراءات اللازمة. وان لا تمر القضية وتعالج بسطحية كما تعودنا على معالجة ما سبق من قضايا نسمع بها حين حدوثها وبعدها لا نعد نعرف شيئا. ولا يتم تحديد المسؤوليات. برايي ان الحكومة وقعت بخطا كبير قبل وخلال التظاهرة, وبالتالي عليها التعويض الفوري على المتضررين ليس فقط تعويضا بل ايضا تعويضا معنويا وفي السياسة والامن, ويجب ان تتم محاسبة منفذي الاعتداءات حتى لا تتكرر مثل هذه المسائل في المستقبل.

نوايا سيئة

* لماذا انحرفت التظاهرة عن مسارها? وهل هناك نية لتخريب السلم الاهلي في لبنان?

- هذا الامر يجب ان يظهره التحقيق, وبرايي هناك نوايا سيئة تقف وراء بعض المشاركين في التظاهرة وما حصل في الشام قبل يوم واحد كان يجب ان يلفت نظر المسؤولين كي لا يحصل تكرارا له في لبنان, طبعا الامور تجاوزت الحدود وهناك مجموعات مرتبطة ربما بمنظمات او باجهزة, من الممكن ان يكون لها مصلحة بما حصل. وهذا من واجب التحقيق ان يكشفه لتحديد المسؤوليات.. لانه يوجد بعض من لديهم مصلحة بربط ما حدث في الشام قبل يوم واحدمع ما حدث في بيروت اليوم التالي على اعتبار المعتقد السائد ان اللبنانيين لا يستطيعون العيش الا بوجود وصاية عليهم والا سيعود الى لغة التقاتل فيما بينهم.. لهذا السبب اعود واكرر القول ان سكان منطقة الاشرفية-التباريس كانوا على قدر عالٍ من الوعي وضبط النفس, ما يؤكد بان اللبنانيين ليسوا على استعداد للعودة الى التقاتل فيما بينهم على عكس بعض المنظمات والاجهزة التي يجري تحريكها للوصول الى نتائج سلبية. من هنا يجب التاكيد على وعي المواطنين الذي تجسد وتبلور لدى سكان منطقة الاشرفية... نعم هناك نوايا خفية للعودة الى الوراء لكن الناس ترفض ذلك لهذا فشل مخطط المتامرين على امن اللبنانيين. وعلى الحكومة ان تحسم امرها وتتعاطى مع موضوع الامن بجدية كي لا يتكرر ما حصل, لاننا لا نستطيع ان نتكل في كل مرة على حكمة المواطنين.. المواطنون يريدون السلام يريدون حوارا جديا في هذا الوطن.. ولهذا اصبح المواطن ينظر الى هذه المسائل بجدية اكثر من حكومته التي عليها ان تحافظ على سلامته وتصون ممتلكاته..

* هل تعتقد ان استقالة الوزير السبع كافية لتحمل المسؤولية?

- طبيعي اذا كان هناك فشلا في موضوع معين على المسؤول ان يستقيل.. هذا جيد على الاقل يوجد مسؤول اعترف بمسؤوليته واستقال. انما هل الاستقالة تمنع تكرار مثل هذه الامور? الاستقالة برايي محطة اتت مقابل فشل موضوع معين وهذا شيء جيد. لكن هذه الاستقالة لا تؤكد حصول التحقيق كما هو مطلوب, فالتحقيق الجدي اهم من الاستقالة. نحن نريد نظاما يحكم بجدارة ويزيل القلق من نفوس المواطنين الذين تحملوا فشل الدولة ثلاثين سنة وهذه كافية جدا ولولا وجود مواطن لبناني قادر وحكيم وجريء لكانت الدولة انهارت منذ زمن. اين دور الحكومة اليوم??.. لا في الموقف السياسي موجود ولا في الموقف الامني له اثر.. الحكومة يجب ان يكون عندها قرار سياسي وامني واضحين.

* بيان فريق 14 اذار اعطى اشارات لافتة عن تدريبات وسلاح مهرب من سورية الى لبنان, ما مهمة هذا السلاح وهل انت على علم به?

- اذا كانت المعلومات مؤكدة على الحكومة ان تعرف كيف تتحقق من هذا الموضوع وتعالجه باقصى سرعة.. اليوم يوجد كلام كثير من كل الاتجاهات.. ما دور الاجهزة والحكم? وهل دور الحكم التنصت على الناس في الامور البسيطة ام دور الامن والاجهزة حماية المواطن?? اذا كانت الاخبار صحيحة, فعلى الدولة ان تتحرك. ما يهمني معرفته اين دور الدولة.. اين دور الحكم.. يجب ان يصار الى تحقيق في هذا الموضوع, هناك اشخاص اعترفوا بامور قاموا بتنفيذها. ولم نعد نسمع عنهم شيئا... الاساس في التدقيق بالكلام الذي نسمعه واعود واقول هذه مسؤولية الحكومة..

مقعد المواطنين

* في موضوع انتخابات بعبدا-عاليه انت من الاشخاص الذين لديهم »ارث سياسي في هذه المنطقة, فهل حسمت خيارك للترشح خلفا للنائب الراحل الدكتور ادمون نعيم?

- هذه الامور لا علاقة لها بالارث, السياسة للمستقبل. والمقعد النيابي ملك الناس, فمن يتولاه يشغله في خدمة الناس وبقرار منهم وبارادتهم ايضا. حتى ولو استمر النائب في المقعد مئة سنة يكون ذلك بقرار من الناس ولخدمتهم. انا يهمني فصل هذا الموضوع عن الارث علما ان كل واحد منا يرث اعمال اسلافه وهذا مدعاة فخر واعتزاز ان يرث كل منا ما قدمه اسلافه من اعمال جيدة, انما هذا موضوع معنوي وليس موضوعا سياسيا فانا ارفض الارث السياسي.. انا رجل ديمقراطي ولا اعتبر ان المقعد النيابي ملكا خاصا بالنائب.. انه مقعد ناخبي بعبدا-عاليه, الناس في هذه المنطقة تختار من تريد وتعيد اختياره اذا كان وجوده ملبيا لطموحاتهم, الارث المعنوي جزء من الشخصية وليس له علاقة لا بالسياسة ولا بالمقاعد النيابية, هذا المقعد للناس ولناخبي بعبدا-عاليه وعليهم ان يقرروا من يرونه مناسبا لخدمة منطقتهم...

* الناخبون يختارون من يمثلهم في الندوة النيابية فهل قررت الترشح وهل هناك اشارات لتكون مرشحا توافقيا في هذه الدائرة?

- انا اليوم في فترة مراقبة ولم احسم امر ترشحي بعد.. ولكن لا يستطيع احد ان يطرح نفسه مرشح تسوية.. ولا يوجد مرشح باب اول ومرشح باب ثاني.. اذا كان هناك تسوية فان القوى السياسة تتفق وتسمي مرشحها. اما التسوية عندما تاتي من القوى السياسية عندما تتفق على شخص ما, وبهذا المعنى لا وجود لمرشح تسوية.. انا منذ العام 1992 بدات بتجهيز نفسي لخدمة الناس في الموقع النيابي اذا ارادوا انتخابي لهذا الموقع. بدات حملتي الانتخابية سنة 1992 وفي ال¯2000 وصلت الى الندوة النيابية واشتغلت في المجلس وخارجه وبقيت على تواصل مع الناس وفي خدمتهم.. وفي 2005 خرجت من المجلس النيابي وما زلت مستمرا في خدمة الناس وعندما يريدون اختياري مجددا لتمثيلهم فانا سامثلهم بشرف. هذا المركز مقدس ويجب الوصول اليه في الاطار السليم كي يتم العمل به في نفس الاطار, وهذه المسالة مهمة جدا بالنسبة لي.

* هل ان اسباب المفاضلة بينك وبين النائب عبد الله فرحات على لائحة عاليه-بعبدا في الانتخابات الماضية كانت بسبب استقلاليتك عن قرار الكتلة التي كنت تنتمي اليها?

- هذا غير صحيح, اولا: لان النائب فرحات كان في الموقع الذي هو فيه... ما حصل كان تحالفا جديدا طرا على الساحة وتم السير به ولم يبقَ مكانا كافيا, فجرى الاستبدال, واذا كان ذلك بسبب قراري الحر المستقل, فهذا جيد لاني متمسك بقراري المستقل وبالناس وثقتهم بي... وهذا الجسر اهم شيء وهو قاعدة ثابتة. اما ان يكون قراري تابعا للاخرين ممكن ان يوصلني الى النيابة, انما بشكل غير لائق بحيث لا يكون القرار مستقلا بما هو مرتبط بمستقبل البلد.. والا يكون الوصول الى النيابة نوعا من الوصولية..

نقطة بداية

* كيف قرات لقاء نصر الله-عون?

- حتى الان لم ادخل في تفاصيل الموضوع, لكن في المبدا للقاء جيد وايجابي.. والمقصود ان تلتقي القوى السياسية مع بعضها. وكل حوار يجب ان يكون فيه ورقة عمل.. ودائما في ورقة العمل امور متفق عليها واخرى قيد المعالجة يجري درسها لتحقيقها وتقاطعها في وقت او في اخر.. اللقاء نقطة بداية على ان يضم مستقبلا كل الفرقاء. هذا الحوار يجب ان يكون جديا ومركزا ويكون له متابعة جدية... وامكانية الوصول لحلول سياسية تخدم البلد والمواطنين, بما ينعكس ايجابا عليهم وكل حوار لا يؤدي الى هذه النتيجة يدخل في خانة الفشل لا في خانة النجاح. فالنجاح لا يقاس في الحوار, بل بنتائجه على الناس.

* كيف ترى مستقبل لبنان في ظل الاوضاع الضبابية التي تسود البلاد . وهل انت متفائل بعودة الحياة الطبيعية للبنان?

- لا احب استعمال كلمة تفاؤل, بل استعمل كلمة ايجابية وسلبية. فانا انسان ايجابي دائما وعندما اطرح نفسي لتمثيل الناس اكون ايجابيا بشكل كلي, لان لبنان كان وسيبقى خلفنا ستة الاف سنة ولا يحق لنا ان نشكك بهذا الماضي, واذا كنا نمر اليوم بمرحلة ضبابية وبرايي انها مرحلة عابرة اذا كان المسؤولون على قدر المسؤولية, فالضباب لن يزول لوحده, قناعتي ان المواطنين اللبنانيين سبقوا سياسييهم عندما نزلوا الى ساحة الحرية وهم الذين قرروا مستقبل البلد.. على السياسي ان يلحق بالناس بالحد الادنى.. اللبنانيون مؤمنون ببلدهم ويريدون العيش مع بعضهم.. وعلى المسوؤلين مواكبة هذا الطموح. لبنان سيبقى والشعب اللبناني سيبقى على الرغم من كل الماسي التي مر بها لبنان منذ الف سنة الى اليوم.. ما يهمنا اليوم ان يبقى لبنان ويكون راس حربة في هذه المنطقة في كافة مجالات الفكر والاقتصاد والسياسة والكرامة وفي صدارة الديمقراطية وان يترسخ مفهوم حكم جدي ومعارضة جدية, مطلوب حكم يتحمل المسؤولية ومعارضة تعارض وتتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الذي برهن اكثر من مرة تمسكه بهذا البلد.

 

انتقد مواقف (المستقبل) و(القوات) وتصريحات بيار الجميّل

النائب نبيل نقولا عن المشاركة في 14 شباط: نحضر بصفة رسمية إذا دُعينا 

الأنوار  13 شباط 2006 

أجرى الحوار: أنطوان فرح ـ أنطوانيت قاعي

لأسباب تقنية، جاء لقاء الأسبوع هذه المرة آحاديا، وتحوّل الحوار المفترض بين كتلة الاصلاح والتغيير وكتلة المستقبل، الى حوار بين (الأنوار) والنائب نبيل نقولا، عضو الاصلاح والتغيير. الحوار، وان افتقد الى الثنائية، انما جاء ساخناً على اعتبار ان الأسئلة كانت مباشرة وهدفت الى ملء الفراغ بسبب عدم وجود طرفين سياسيين حول الطاولة المستديرة. النائب نقولا كان بدوره واضحاً واعتمد صيغة الاجابات المباشرة، وكان من البديهي ان تخطف مفاعيل اتفاق التعاون بين حزب الله والتيار الوطني الحر، الجانب الأكبر من الكلام. وقد دافع نقولا عن اتفاق التعاون بما أوتي من حجج ووسائل اقناع.

 ولم يتردّد نقولا في توزيع الانتقادات على بعض الأطراف. وشمل بعنايته وزير الصناعة الشيخ بيار الجميّل، معتبرا انه غير ناضج سياسيا، ومن الأفضل أن يُفسح المجال أمام والده الرئيس أمين الجميّل لاطلاق المواقف.

وكشف نائب المتن ان التيار الوطني الحر لن يشارك على مستوى التعبئة الشعبية في ذكرى 14 شباط، لكنه سيشارك عبر وفد اذا وجّهت الدعوة اليه للمشاركة، (لكن حتى الآن لم يوجّهوا الينا مثل هذه الدعوة))...

اتفاق التعاون بين كتلة الاصلاح والتغيير وحزب الله طاله الكثير من الانتقادات، وقابلتها اشادات فأين الافادة منه، وما المقصود من توقيته?

- كلما اجتمع طرفان لبنانيان معا هناك افادة والمهم في الموضوع انها المرة الأولى في لبنان بعد الاستقلال استطاع فريقان لبنانيان لديهم تمثيلهم ان يخلقوا نواة اتفاق من داخل لبنان اذ عادة كل الاتفاقات في لبنان تحصل في الخارج وتفرض علينا لنقبل بها. هذه المرة الأولى التي نصل فيها كلبنانيين الى اتفاق مشترك حيث وضع كل طرف ما لديه على الطاولة معتبرا ان ما لديه يمكن استكماله مع الطرف الآخر الذي أتحاور معه وهذا هو الحوار الحقيقي، كون الحوار لا يحصل بين طرفين متّفقين انما بين طرفين يملك كل منهما مشروعه السياسي ليتوصلوا الى النقاط  الايجابية الموجودة وترك الملفات التي تحمل خلافات مطروحة وصولا الى حوار حولها. هذا عنوان عريض ولكن الدخول في التفاصيل يقود الى الهاجس الأساسي الذي يتحكّم بالموضوع وهو سلاح حزب الله حيث يرى البعض ان الاتفاق رسّخ وضعاً قائماً كان الحزب يدعو اليه?

- طرح حزب الله كان متمسكا بالسلاح بعد تحرير مزارع شبعا وصولا الى القدس أما اليوم فحزب الله عاد الى لبنان ليعود حزبا لبنانيا وطنيا. لكن الطرح المتداول من قبل حزب الله كان لحماية لبنان ولكن حماية لبنان تحمل التباسا كونه موضوع فضفاض فكيف سنصل الى اتفاق لحماية لبنان?

- الحوار مع حزب الله كان قد بدأ منذ فترة طويلة كما ان كلمة مقاومة ليست محدودة لهذه الدرجة ففي سويسرا لا تزال المقاومة موجودة حتى اليوم حيث هناك أشخاص حاضرون لردّ أي هجوم عليها لكن تحت قيادة الجيش وهذا ما توصلنا اليه مع حزب الله. وثمة أمر أساسي، اذ لا يمكن بناء سياسة عسكرية على صفحات الجرائد، وفي العادة أي سياسة دفاعية في أي بلد في العالم تبحث بواسطة لجان مختصة بعيدا عن الاعلام، اليوم حزب الله على لسان السيد حسن نصرالله طالب بمعرفة ما يريدون من خلال الجلوس على طاولة مستديرة وبحث المواضيع بعيدا عن صفحات الجرائد دون ان يكون ذلك تنفيذا لاتفاقات دولية من خارج لبنان لها علاقة بمصالح دول أخرى، ان ما حصل بين التيار الوطني وحزب الله هو اتفاق على ان نجتمع كلبنانيين لنقرر أي سياسة دفاعية نريدها للبنان ونوعها وأين موقع الجيش فيها وكذلك الشعب اللبناني ومن خلال هذا نخلق سياسة دفاعية تنفي كل المخاوف حول حماية لبنان. وهنا أضيف ان ما حصل في الأشرفية يدفع حزب الله الى التمسّك بسلاحه أكثر كون ذلك يفتح المجال لأطراف أخرى للحديث عن أمن ذاتي. فحزب الله لديه هواجسه ومخاوفه انطلاقا من عدم وجود سياسة دفاعية في لبنان، والسؤال على من سيتّكل في حال سلّم سلاحه، لهذا السبب يجب ان نسحب قضية سلاح حزب الله من التداول الدولي ونضعها على طاولة مفاوضات بين اللبنانيين وهذا ما اتفقنا عليه مع حزب الله وبالتالي يجب ألاّ نعطيه حجما آخر.

ترسيم الحدود

في ما يتعلق بمزارع شبعا التي تحتاج الى ترسيم الحدود مع سوريا، فقد شملها الاتفاق فيما بينكم ولكن (ضمن المناخ المؤاتي) وهذه جملة مطّاطة وتحتمل أكثر من اجتهاد?

- اذا كنت تملك قطعة أرض ودخلت مع جارك في نزاع على الحدود، أول ما تقوم به هو طلب افادة عقارية وترسيم الحدود بعد ان يقدّم كل منكما صكّ الملكية والخريطة وعلى هذا الأساس يحل النزاع، وفي لبنان أتساءل لماذا حتى هذه الساعة لم تقدّم الدولة اللبنانية أي مستند لاثبات هذه الملكية.

أليس هذا الطرح هو الطرح السوري?

- ليس طرحا سوريا على الاطلاق ولكنه طرح منطقي ففي لبنان ثمة وثائق تعود الى عامي 1956 و1960 عندما بدأ ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا فلماذا لا نقدّمها الى مجلس الأمن وعندها على سوريا ان تقدّم ما لديها من وثائق لاجراء رسم الحدود وفقا لهذه الوثائق.

ما المقصود بعبارة المناخ المؤاتي ومن يحدّد المناخ المؤاتي لترسيم الحدود?

- المناخ المؤاتي هو ألاّ نقول فقط على سوريا ان تقدم فيما نحن أصحاب الحق نقف جانبا. فسوريا دولة عدوة ولا تريد ان تقدّم اثباتات فهل ننتظر الى أجل غير مسمّى. وأنا أقول ان هذا يثبت ان حزب الله يريد الاسراع برسم الحدود ولكن على الدولة اللبنانية ان تقدم ما لديها من أوراق ثبوتية.

معركة بعبدا ـ عاليه

العماد عون وضع معركة بعبدا ـ عاليه في اطار المواجهة مع سعد الحريري لمنع وصوله الى رئاسة الجمهورية وفتح النار على تيار المستقبل، ألا تعتبرون أنكم دخلتم في لعبة المحاور بتعاونكم مع الطرف الشيعي ومهاجمة الطرف السنّي?

- أنا لا أفهم لماذا عندما نتكلم عن انتخابات وديمقراطية يضعوننا موقع الهجوم، لقد قلنا ان سعد الحريري هو الذي يخوض معركة بعبدا ـ عاليه، والذي يحصل على الأرض لا يمكن الهروب منه فهو الذي رشّح مي شدياق وكان قد سبق ذلك حملة على العماد عون بعد مضي ساعات على وفاة النائب ادمون نعيم، وقد سئل العماد عون على الـLBC عن موقفه في ما خصّ الانتخابات فأجاب: نحن أساسا لدينا طعون في المنطقة ولا زلنا في المعركة الانتخابية وعلى الفور اجتزأ حديثه وقيل ان العماد عون فتح المعركة الانتخابية وبعدها فوجئنا، بعد دفن النائب نعيم نشرت جريدة السفير ان سعد الحريري رشح مي شدياق، التكذيب حصل ووقفت الأمور بعد ان ردّت الجريدة على التكذيب، فاذا قلت ان سعد الحريري هو رئيس الأكثرية فهل أكون قد شتمته ولماذا عليّ ان أقول بأن المعركة في بعبدا ـ عاليه مسيحية ـ مسيحية وهي ليست كذلك انما هي معركة وطنية وهي تحتوي كل الفئات سنّة، شيعة، دروز... فلماذا نعتبرها مسيحية رغم ان المسيحية فيها تشكّل أكثرية اذ تبلغ 52% ورغم ان المقعد ماروني لكنه ينتخب من قبل الكل، وبما انهم يقولون انها معركة 14 آذار فمن هو رئيس تكتل 14 آذار أليس سعد الحريري? اذاً نحن نعتبر هذه المعركة هي معركة الحريري بوجه قواتي فأين الخطأ.

ألم تربطوا الانتخابات بمعركة رئاسة الجمهورية?

- نحن لم نربطها برئاسة الجمهورية انما قلنا ان الحق يعود الى أصحابه فما حصل في المعركة الماضية كان بهدف اقصائنا.

ألم يقول العماد عون ان الهدف هو اثبات ان العماد عون لا يتمتع بأكثرية في الشارع المسيحي? لمنع وصوله الى رئاسة الجمهورية?

- هذا ما قاله الرئيس الجميّل وسمير جعجع ايضا الذي اعتبر ان الأمور تغيّرت كونه خارج السجن، انما العماد عون قال انه اذا كان المقصود من هذا معرفة ما اذا كنت أمثّل أم لا فسأسير بالموضوع، المشكلة انها عملية تحد ونحن نقبل التحدي مثلما حصل في ترشيح العماد عون الى الرئاسة فنحن الذين رشحناه ووصلت اليهم بأنه هو من رشح نفسه، القصة تبدأ بتحد وعندما نقبل به نصبح على خطأ ويتم اجتزاء الأمور، علما انهم بدأوا اذ اعتبروا ان المعطيات تغيّرت وروّجوا ان المقعد للقوات اللبنانية ووصل الأمر الى حد ان الدكتور جعجع أراد اعطاءنا دروسا بالأدبيات السياسية، اذاً كان ثمة عملية مصادرة للشعب اللبناني وتحديدا للمواطن في بعبدا ـ عاليه ومصادرة لقراراته وكأننا في عصر اقطاعي، وهذا التحدّي قبله العماد عون.

فرص التوافق

الى أي مدى ثمة فرصة للتوافق في بعبدا ـ عاليه خاصة بعد لقاء النائب عدوان بالعماد ميشال عون?

- في هذا الاطار ثمة خبث في السياسة، فالدكتور بيار دكاش أعلن نفسه مرشحا توافقيا وقد وافق العماد عون عليه رغم ان لدى التيار عناصر لديها الكفاءة لتقوم بهذه المعركة.

لكنه خاض المعركة الانتخابية على لائحتكم?

- الموضوع اليوم مختلف فالدكتور دكاش خاض المعركة على لائحتنا ضمن تحالف انتخابي في ظرف معيّن وبعد ان انتهت الانتخابات عاد دكاش الى شخصيته السياسية.

لو فاز دكاش في الانتخابات هل كان ليعمل خارج اطار كتلة التغيير والاصلاح?

- في الانتخابات الأخيرة كان ثمة ظرف تحالفي معيّن أما اليوم فثمة أمور جديدة، فالدكتور بيار دكاش أعلن عن نفسه كمرشح توافقي لماذا لا نؤيّده.

مي شدياق بدورها أعلنت انها مرشحة مستقلة?

- ثمة فرق، فتاريخ دكاش السياسي معروف كونه كان في الكتلة الوطنية وفي فترة من الفترات كان مع كميل شمعون وهو بالتالي يتمتع بشخصية مستقلة عن التيار الوطني وليس مناضلا أو منتميا الى التيار ورغم انه خاض الانتخابات معنا إلاّ انه اليوم أعلن انه مستقل ووفقا لما يتمتع به من استقلالية وافقنا عليه كمرشح توافقي، أما في ما خص مي شدياق فلا تاريخها السياسي، ولا ممارستها على الأرض تدلّ على انها محايدة فهي بالقوات اللبنانية وترشيحها شبيه بترشيح حكمت ديب أو غاريوس أو أي شخص آخر في التيار.

الى أي مدى لديكم استعداد للتوافق خارج اطار المرشح دكاش?

- هل من مرشح آخر توافقي لنبحث بالموضوع?

هل هناك تمسّك بدكاش أم ان مبدأ التوافق مفتوح?

- دكاش رشح نفسه وزار الجميع معلنا انه مرشح توافقي فاذا انتفت الصفة التوافقية عنه فلدينا الاستعداد للبحث بالأسماء ولكن هو أعلن نفسه ونحن أيّدناه وبالتالي لا يسعنا ان نتركه في منتصف الطريق فذلك ليس من أخلاقياتنا أو آدابنا وعندما يعلن دكاش انه غير قادر على الاستمرار كتوافقي، يتغيّر الموضوع.

أحداث الأشرفية

لننتقل الى تظاهرة الأشرفية التي خلقت ردود فعل، والمآخذ على التيار انه في هكذا أحداث يتجه نحو الحكومة دون البحث عن الطرف المسؤول?

- في لبنان، أما لدينا حكومة مركزية وكل مطالبنا محصورة بهذه الحكومة او ان نكون فئات لكل منها دولة، وكلما حصل أمر أتهم جهة معيّنة به وهذا وضع غير مقبول، اليوم ثمة حكومة مسؤولة عن أمن المواطن وكل ما يحصل يتجه نحوها. وهنا أسأل، حتى هذه اللحظة هل صدر بيان من الحكومة يتهم سوريا فاذا هي لم تبادر هل عليّ كمواطن ان اتهم سوريا، هذا يعيدنا الى منطق الدويلات والفئات حيث كل يغني على هواه علما ان كل شيء يجب ان يمر من خلال الحكومة وهنا يأتي دورنا كمعارضة ان نفعّل دور الحكومة وألاّ تكون مغيّبة ضمن التجاذبات الموجودة على الساحة، في الواقع من خلال تفعيلنا لها ندعوها الى تحمّل مسؤولياتها والتهمة يجب ان تصدر عنها ونحن كشعب لبناني سندعمها.

الى أي حدّ خلقت أحداث الأشرفية خوفا لديكم وهل هذا دليل على صعوبة التفاهم الاسلامي ـ المسيحي?

- الأحداث أظهرت وجود تفاهم اسلامي ـ مسيحي ولكن ما حصل ان المظاهرة هي حدث منظّم وهنا أتهم الحكومة اذ ثمة قانون يرعى المظاهرات فلماذا لم يطبّق، وأسأل الحكومة اذا اعتبرنا ان كل الدول المجاورة لنا أعداء فمن عليه ان يحمينا منها، اليوم ثمة مظاهرة وقد علمت الحكومة ممن تتشكّل هذه المظاهرة ووفقا للقانون رقم 17 الحصول على رخصة يفرض تحديد عدد المتظاهرين على ان يكون 5% من الموجودين انضباط للمظاهرة اضافة الى خريطة لسير المظاهرة، اضافة الى كل هذا، اذا وجدت الحكومة ان المظاهرة قد تشكّل خللا أمنيا فيحق لوزارة الداخلية ألا تسمح لهم أو ان تحوّلها الى منطقة أخرى، فما الذي طبّق من هذه النقاط لماذا لا يعرض وزير الداخلية الاجراءات التي اتخذها.

في البداية اعتبروها مظاهرة صديقة لكنها خرجت عن سيطرتهم?

- لا يمكن القول ان الحكومة بريئة انما على الحكومة ان تأخذ الاحتياطات ففي حال كانت سلمية يجب ألاّ توجّه الى أحد واذا كانت غير سلمية يجب أخذ كل الاحتياطات. لذلك فاما هناك تقصير أو نيّة مبيتة، وبالتالي استقالة وزير الداخلية لا تكفي فالمطلوب ان ترحل الحكومة كونها فشلت على الصعيد الاقتصادي والأمني...

ألا يخلق هذا فراغا حكوميا?

- هم أكثرية فليؤلفوا حكومة من أكثرية. السيد حسن نصرالله اعلن ان الحلف الرباعي انتهى.

هل المقصود تشكيل حكومة من دون حزب الله وأمل ومن دونكم?

- نعم ليشكّلوا لوحدهم الحكومة.

ليس هذا بمثابة تعقيد للأمور?

- يمكنهم ان يشكّلوا حكومة اتحاد وطني بالمعنى الصحيح وليس حكومة غير معروف انها أكثرية أو أقلية أو اتحاد وطني بمعنى لا لون لها ولا طعم، فاذا كانوا أكثرية ويدعون بأنهم قادرون فليطبقوا النظام الأكثري ويؤلفوا حكومة من الأكثرية النيابية الموجودة عندها نوافقهم اذا نجحوا وننتقدهم اذا فشلوا وهذا من ضمن العمل الديمقراطي حيث على المعارضة ان تصحح أداء الحكومة.

قانون الانتخابات

هل ما زلتم تدعمون اجراء انتخابات نيابية مبكرة?

- ندعم الفكرة على أساس وضع قانون انتخابي جديد مختلف عن الذي أوجد هذه الأكثرية.

في الوثيقة مع حزب الله لم تضعوا رؤية لقانون الانتخابات اذ قلتم قد تكون (النسبية)?

- هذا يعني ان ثمة مجال للوفاق مع الآخرين وهم لا يفهمون ذلك فالوثيقة هي ورقة عمل وليست انجيل أو قرآن ومن خلال جلوسنا مع الآخرين يمكن ان نعدّلها، ونحن كتيار مع النسبية وحزب الله يؤيدها.

تنازلات

ما هي التنازلات التي قدمها حزب الله في الوثيقة?

انا لا ارى وجود تنازل، انما ثمة وفاق حصل.

أين بدل حزب الله بمواقفه?

- حزب الله وصل الى نقطة تكلم فيها عن حماية لبنان فقط في وقت كانوا يتهمونه بارتباطات مع ايران وسوريا. هذا اضافة الى قبوله بعلاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا فهنا اقفل الطريق على كل من يتهمه بالارتباطات الخارجية اذا لن تعود هناك علاقة بين حزب الله وسوريا او ايران.

لكن العلاقات الدبلوماسية لا تضع حداً للتحالفات?

-نفهم التحالفات بين دولة واخرى ولكن ليس بين فريق في دولة ودولة اخرى.

هل العلاقات الدبلوماسية تمنع قيام تحالفات بين افرقاء?

- العلاقات الدبلوماسية لا تجعل من لبنان امتداداً خارجياً لأي دولة اخرى اذ تنحصر العلاقات بين الدولتين من ضمن الحكومة المركزية.

كيف تقرأ الموقف الأميركي من الاتفاق بين عون وحزب الله والذي عبر عنه والش?

- فليسمح لنا الأميركيون فحيناً يتهموننا بأننا لا نجلس على الطاولة لنتحاور وفي وقت جلس فيه فريقان لبنانيان ليصلوا الى الحوار ينتقدون الحوار. والأميركي يقول ان حزب الله ارهابي لأنه قتل اميركيين ولكن الفلسطينيين بدورهم قتلوا اميركيين وما زالوا يستقبلون ابو مازن حتى اليوم فلماذا يحق لغيرنا ما لا يحق لنا. في الواقع لا يمكن بناء العلاقات على الأحقاد فمن الممكن ان تكون الأعمال الارهابية قد حصلت فبين المانيا وفرنسا قتل الملايين وهذا لم يمنعهم من التعاون. برأيي من حقنا كلبنانيين ان يكون الاتفاق على مستوى لبناني - لبناني للمرّة الاولى ونطلب من الخارج ان يؤيدنا.

كيف يفسر موقف العماد عون من وصف الرهائن الغربيين بجواسيس?

- هو لم يقل ذلك وهنا ايضاً تدخل لعبة الإعلام الخاطئ اذ قال (قد يكونوا) ففي لبنان كان السوريون الآمر والناهي. فمن الذي اطلق يدهم? الأميركيون. ولماذا يحملوننا اموراً سبق ان وافقوا عليها? ولماذا ما كان صالحا لمدة 15 سنة يعترضون عليه اليوم. فليسمحوا لنا في الاستنساب بين ما يخدم مصالحنا او لا يخدمها. نريد ان نضع حداً لهذا ونرى كلبنانيين اين تكمن مصالحنا والا نكون اداة لمصالح الآخرين على ارضنا.

ذكرى 14 شباط

بعد ايام ذكرى 14 شباط فهل لدى التيار قرار بالمشاركة?

- اولاً حتى الساعة لم تتم دعوتنا.

هل تحتاجون الى دعوة?

- لماذا تمت دعوة قوى اخرى?

وفي حال تم توجيه الدعوة?

- في حال توجيه دعوة نحن ككتلة سنشارك وخاصة كتيار وطني. ولكن بالنسبة للتعبئة الشعبية نعتبر ان هذه المناسبة هي للذكرى ونريدها ان تمر بذهن كل لبناني كذكرى أليمة وآمل للمستقبل ولا نريد ان تحدث امور في هذا اليوم تدفع الناس الى اعتبارها مناسبة انشقاق. فالممارسات التي تحصل على الأرض منذ استشهاد النائب تونيي حتى الساعة لا تشجع لندعو الشباب للنزول الى ساحة الحرية بسبب الاحتكاكات التي تحصل بين عناصر غير منضبطة كما يصفونها الا انها السبب في وقوع مشاكل كون القيادة لا تسعى الى ضبط القاعدة. علما ان هناك حرية لمن يريد ان يشارك بصفة شخصية فنحن لا نريد احتكاكات وقد رأينا ما حصل عندما استشهد النائب التويني حتى عندما وقعت احداث الأشرفية تعرّضت سيارة مرافقي العماد عون امام كنيسة مار مارون للاعتداء من قبل أناس يحملون اعلاماً للقوات والكتائب، لقد حطموا سيارة المرافقين ولولا حكمة العماد عون ودعوته للانسحاب لوقع مشكل. ونحن لا نريد ان تكون هذه ذكرى اختلاف انما ذكرى للبنان أجمع ولكن نعتبر اننا قلبياً مشاركين ورسمياً في حال دعينا. وفي ما خصّ اتهامات 14 آذار لنا فأنا ادعوهم كذلك كما شارل ديغول في ليلة تحرير فرنسا يوم انقلب المتعاملون الى حلفاء فأطلق عليهم تسمية (مقاومة الساعة 11 ليلاً). و14 آذار اشبههم بمقاومة الساعة 11 ليلاً بينما نحن طيلة 15 سنة كنا فوق السقف السوري وكان ممنوع على احد ان يقترب منا، فحتى بعد القرار 1559 كلهم تكلموا عن انسحاب الجيش السوري الى البقاع وإعادة تمركز ونحن وحدنا طالبنا بالخروج السوري الكامل اليوم سمعت حديثاً للنائب بيار الجميل وكنت أتمنى لو لم يتكلم اذ ان الخبرة السياسية لا تزال تنقصه، ومن الأفضل ان يفسح المجال لوالده لكي يتحدث ويتخذ المواقف. اذ قال ان العماد عون بلقائه مع حزب الله يطلب رئاسة الجمهورية فليعلم هو و14 آذار ان العماد عون لن يطلب رئاسة الجمهورية الا من الشعب اللبناني وليس من 14 آذار وهو يريد الجمهورية وليس رئاسة الجمهورية.

وفي احدى حواراتي مع المستقبل لمست انهم يرفضون العماد عون كرئيس للجمهورية لأن شخصيته اقوى من الدستور حسب قولهم. فأجابتهم هل ان رجلاً يطالب بفصل السلطات وبدولة القانون التي تحمي المواطن كيف يمكنه ان يتعدى على الدستور. هذا الموضوع مهم جداً وقد طالبنا المستقبل بوضع ورقة مطالب لما يريدونه فجاء جوابهم بأن العماد عون (صرّح كذا بالأمس...). المشكلة انهم لا يريدون ان يفعلوا شيئاً، اذ يعتبرون انفسهم الأكثرية ويضعون بعض المسيحيين في الواجهة كموظفين لديهم. عندما يبدأون بوضع حد للتفكير بالأكثرية والأقلية تحل الأمور ففي لبنان كل طائفة بحد ذاتها اقلية وعندما يجتمع اثنان يصبحان اكثرية. كلنا اقليات وهذا ما لا يفهمونه.

 

كيف يتلبنن "حزب اللـه"؟ ومتى؟

علي حماده- النهار12/2/2006

في البيان الاخير لـ"قوى 14 آذار" اشارة قوية الى أن سلاح "حزب الله"فقد الإجماع حوله وبات قضية خلافية بين اللبنانيين. وهذه الاشارة تعكس حقيقة المناخات اللبنانية حيال هذا السلاح المتفلت من كل رقابة لبنانية والمندرج من ضمن أجندة محور طهران – دمشق. كما تكشف الموقف العام اللبناني (عدا ثنائي "حزب الله" وحركة "أمل") حيال امتلاك حزب وفئة سلاحا يضاهي سلاح الدول الاقليمية وينفرد بقرار الحرب والسلم من دون مشورة بقية اطياف الشعب اللبناني. لقد اصبح هذا السلاح عبئا على وحدة البلاد وعلى مشاعر الاطمئنان التي ينشدها ملايين اللبنانيين الى مستقبل اولادهم على هذه الرقعة من الارض.

واذا كان "حزب الله" يعمل على كسر طوق الاعتراض الذي بدأ يطفو على السطح عبر التوجه شطر "التيار الوطني الحر"، فهذا أمر جيد، ولكن يحول  دون كسر هذا الطوق الموقف الفعلي للتيار ولزعيمه ولقواعده من البندقية التي لا يمتلك سلطة  الضغط على زنادها سوى طرف من خارج الدولة يعلن جهارا تحالفه مع جهة اقليمية تتوجه كل اصابع الاتهام صوبها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبقية الاغتيالات، فضلا عن المحاولات الحثيثة لتخريب السلم الاهلي في البلاد رفضا للاستقلال والحرية. ان البندقية التي يرفعها "حزب الله" هي بندقية مثيرة للخوف في لبنان، وهي موضع خلاف سوف يتعاظم يوما بعد يوم بسبب رفض الحزب اللبننة التي وحدها تجلب الاطمئنان على قاعدة "لبنان أولاً واخيراً".

لا نقول هذا من باب العداء للحزب، الذي نكن له ولقيادته الاحترام، انما من باب فتح المناقشة والحق في الاختلاف مع جهة، أياًًً تكن هذه الجهة، وأياً تكن تضحياتها عظيمة. فلبنان للجميع وليس لفئة دون اخرى. والاختلاف في النظرة الى الامور لا يقلل "وزن" الرأي الآخر، الذي يبقى أولاً وأخيراً رأياً لبنانياًًً.

إن المشكلة مع "حزب الله" هي في اصطفافه بجانب النظام السوري ودفاعه المستميت عنه. وفي الوقت الذي يتساقط  الاحرار في لبنان الواحد تلو الآخر، ترتفع وتيرة التناغم بين الحزب والنظام السوري ليصل الأمر الى حد رفض ممثليه واستتباعا ممثلي حركة "أمل" الدفاع، وإن بالكلمة، عن كرامة رئيس حكومة لبنان، ردا على قيام الرئيس السوري بشتمه علنا عبر شاشات التلفزة. وبالطبع لن نذكّر بالموقف السلبي من المحكمة الدولية، ومن توسيع التحقيق الدولي ليشمل بقية الجرائم من محاولة اغتيال مروان حماده الى اغتيال جبران تويني، وصولا اليوم الى الهجمات المستمرة على أطراف الحكومة التي يشارك فيها "حزب الله"، فيصفها السيد حسن نصرالله بـ"الميليشيات"! والسؤال هنا: اذا كان "حزب الله" يرفض الدفاع عن احرار البلاد واستقلالييها وإن بالكلمة، فكيف نأتمن سلاحه على ارواحنا ومستقبل اولادنا؟ ولو كان للحزب موقف مغاير من سلوكيات النظام السوري لتدافع اللبنانيون من فئات أخرى الى تقديم طلبات انتساب اليه!

ان اسئلة كثيرة مطروحة للمناقشة مع الاخوة الأعزاء في الحزب. ومنها السؤال  الجوهري: كيف يتلبنن "حزب الله"؟ ومتى؟

 

موفدون لـ"عون" جالوا على سفارات لتبديد قلقها من تفاهمه مع "حزب اللـه"

دول القرار 1559 تخشى من "نتائج خاطئة غير محسوبة"  لوثيقة  6 شباط

كتب نقولا ناصيف: النهار 12/2/2006

بعدما أقر الرئيس ميشال عون والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كنيسة مار مخايل في 6 شباط وثيقة تفاهم سياسي بين الطرفين، التقى موفدون لـ"عون" ديبلوماسيين أجانب، ولاسيما منهم أولئك المعنية حكوماتهم بالقرار 1559، وأطلعوهم على فحوى الوثيقة وشرحوا لهم بنودها، موضحين أن ليس فيها ما ينبغي أن يحملهم على القلق ويبرر تحفظ دولهم.

فكان جواب ديبلوماسي بارز في سفارة كبرى معنية بقرار مجلس الأمن أن حكومته تتفهّم الجهود وتقدّر الوقت الذي استغرقه الحوار من  أجل التوصل الى وثيقة 6 شباط، إلا أن القلق الذي يساور حكومته هو الخشية من أن تؤدي الوثيقة الى تأجيل تنفيذ ما تبقى من القرار 1559، وتحديداً ما يتصل بتجريد "حزب الله" من سلاحه.

ويستعيد هذا الديبلوماسي جانباً مما سمعه من الموفد الشخصي للعماد الذي وصف وثيقة التفاهم بأنها "إيجابية جدا كونها تحاول أن تسحب "حزب الله" من تهمة الإرهاب". ويضيف أن جوابه كان: "إن الخوف الذي يساورنا هو أن يؤدي هذا التفاهم الى نتائج خاطئة غير محسوبة، وتحديداً تأجيل غير محدود لتنفيذ القرار 1559".

وكانت سفارات دول كبرى تلقت تفاهم عون - نصرالله بما يشبه الصدمة، في غمرة ضغوط كانت واشنطن وباريس ولندن تمارسها لفرض مزيد من العزلة السياسية على الحزب، وإن أبدت حكوماتها في الظاهر انفتاحها على تمديد مهلة الحوار الداخلي اللبناني سعياً الى تنفيذ القرار. إذ ما يبدو ملحاً بالنسبة اليها، يقول المصدر الديبلوماسي المعني، هو تسليم كل الأفرقاء علناً بالتزام تنفيذ القرار 1559. ويحمله ذلك على إبداء الملاحظات الآتية:

1 - ليس للدول المعنية بالقرار أن تعرقل أي حوار لبناني ومع أي فريق كان، وليست هي أيضاً مَن يقرر الإتجاه الذي ينبغي أن يقود اليه الحوار اللبناني ما دامت تريد أن يؤول في نهاية المطاف الى تنفيذ القرار 1559. وهي ستدعم كل حوار يفضي الى هذه النتيجة، لكنها ستناوىء أي مسعى يتوخى تأجيل تنفيذه.

2 - ليس لدى الدول المعنية بالقرار روزنامة محددة تريد إلزام الحكومة والأفرقاء اللبنانيين اياها. إلا أن بعض ما ورد في الوثيقة يثير الارتياب مثل الدعم غير المحدود لـ"حزب الله" وتأكيد استمرار مقاومته ما دام ثمة تهديد اسرائيلي للبنان. اذ من شأن ذلك أن يحمل الحزب على اعتبار التهديد قائماً، وإنه سيظل كذلك ما دامت اسرائيل موجودة تبريراً لاستمرار الإحتفاظ بالسلاح.

3  - رغم أن الوثيقة رسمت خطوات مرحلية لإنهاء الوجود المسلح لـ"حزب الله" هي تحرير مزارع شبعا وإطلاق المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، والضمانات الضرورية التي يتطلبها لبنان لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لسيادته وأراضيه، فإن المزارع تبقى البند الأكثر تعقيداً.

 

وتبعاً لما يقوله الديبلوماسي البارز، فإن سفارته تسمع باستمرار من افرقاء لبنانيين كثيرين أن تحرير المزارع يشكّل خطوة أولى رئيسية لتجريد "حزب الله" من حجة تمسكه بالمقاومة والسلاح، في حين أن حكومته تقارب الموضوع بكثير من القلق، وترى أن الأمر ليس بالبساطة التي يعتقدها البعض لأسباب شتى: أولها "الجغرافيا الغامضة" لمنطقة المزارع والتي من شأنها حمل سوريا - إذا تحررت المزارع - على الادعاء إن الإنسحاب لم يكن كاملاً ولا يزال ثمة جزء محتل. وثانيها أن الدول المعنية بالقرار 1559 لا تتوقع من سوريا تعاوناً لحل مشكلة مزارع شبعا، على الأقل في ما يتصل برسم الحدود والذي يضع المزارع تحت السيادة اللبنانية. وثالثها أن الإدارة الأميركية ليست متحمسة في هذه المرحلة لممارسة ضغوط على اسرائيل بغية حملها على الإنسحاب من المزارع في غمرة الإنتخابات الاسرائيلية المنتظرة وبعد وصول "حماس" الى السلطة في فلسطين، ناهيك بأن أي ضغط أميركي على الدولة العبرية حالياً من شأنه أن يرتد على جهود واشنطن.

4 - ان الدعم التي تقدمه الدول المعنية بالقرار 1559 الى الحكومة اللبنانية، لا يحجب النصيحة التي أسدتها هذه الدول اليها، وهو أن عليها ألا تبالغ في تقديم دعم غير محدود الى "حزب الله" يحمله على افتعال حوادث لانتهاك "الخط الأزرق" في الجنوب وضرب الإستقرار في مزارع شبعا، وألا تبالغ كذلك في اتخاذ "موقف فاضح" يُستشم منه أنها لا تريد تنفيذ القرار 1559.

5 -إن الضمانات التي وردت في وثيقة التفاهم بين عون ونصرالله ويتذرّع بها "حزب الله" للإحتفاظ بسلاحه، قد نصّ عليها القرار 1559 عندما تحدث عن سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي، علماً أن واشنطن - والكلام للديبلوماسي البارز - تحاول الحد من الإنتهاكات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية بغية إضعاف تأثير سوريا و"حزب الله" في هذه المنطقة. لكن جهوداً كهذه قد تبدو لإسرائيل غير مقنعة بسبب وجود "ميليشيا مسلحة" على الجانب الآخر من الحدود مع لبنان.

ولا يتردد الديبلوماسي المذكور في إبداء ملاحظة سلبية على وثيقة 6 شباط، هي أنها شكّلت ظهيراً جديداً لرئيس الجمهورية إميل لحود للبقاء في منصبه ومواجهة الضغوط السياسية التي تحاول من خلالها قوى 14 آذار لدفعه الى التنحي، وخصوصا ان استمراره في السلطة لا يزال بدوره جزءاً من البنود غير المنفذة في القرار 1559.

 

التيار الوطني الحر» «مرتاح» لانعكاسات «ورقة التفاهم» على الشارع المسيحي

باسيل: تهدف الى اضعاف مشاريع الدويلات ولا تشمل «حماية سوريا وايران» 

الديار - ملاك عقيل  12 شباط 2006 

في مواجهة «اسطول» اعلامي - سياسي يسعى لاستهداف «القاعدة» الجامعة التي انطلق منها التيار الوطني الحر» و«حزب الله» ليبنيا معاً وثيقة «القواسم المشتركة» التي اختارا كنيسة مار مخايل مكانا رمزيا لاعلان بنودها العشرة، انصرفت الآلة الدفاعية لكل من الفريق ‏المسيحي والشيعي لتسويق «ورقة» اضعاف مشاريع الدويلات وتقوية الدولة المركزية، كما يصفها القيادي في «التيار» جبران باسيل، في مهمة تبدو مطوّقة «بحقول الغام»، انفجر فيها ‏اللغم الاول عندما اجتزأ الرجل الثاني في «منظومة» قوى الاكثرية النائب وليد جنبلاط مدعوما «بالخطأ التحريري» غير المقصود في صحيفة «المستقبل» جزءا اساسيا من «ورقة مار مخايل» تتناول موقف «التيار» و«الحزب» من التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق ‏الحريري وتشدد على اهمية استمراره «وفق الآليات المقررة» التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية.

«اللغم» الثاني انفجر ايضا من المختارة، حيث تبنّى الزعيم الدرزي «رسميا» مهمة اعلان ما رفضت الحكومة قول عكسه: حل «ميليشيا «حزب الله» والحاقها بالجيش، والاعداد لورقة تبدأ من ‏منطلق ان مزارع شبعا لبنانية الملكية اما السيادة عليها فليست للبنان».

اكثر من اتهام طال وثيقة رفض كل من «التيار» و«الحزب» وصفها «بالانتفاضة» او «بقمة» الاصطفاف المسيحي - الشيعي في مواجهة المحور الدرزي - السني، وتركزت الاتهامات على استلهام ما بين السطور وتحويله الى «مشاريع» صدام مستقبلية او الاستنكار «لتنكر» الوثيقة لاتفاق ‏الطائف وللقرارات الدولية وعلى رأسها الـ 1559، وصولا الى حد اقحام الوثيقة برمتها ضمن المخطط السوري - الايراني «المشبوه» في لبنان..

  وفيما بدا اتفاق التفاهم «غائبا» عن ذكر بعض الاشكاليات ذات الحساسية المفرطة لدى قوى ‏الاكثرية، فان «التيار الوطني الحر» يشدد على انها ليست «دستورا»، بل وثيقة «القواسم المشتركة» التي ارتقت الى مستوى الانجاز مع تلاقي طرفين كل واحد اتى من موقع متناقض عن الاخر: «التيار» من موقع الخصومة الشديدة لسوريا و«الحزب» من موقع الحليف لدمشق، وهذا بحد ذاته كفيل برأي «التيار» بدحض كل الاتهامات التي تستهدف «وطنية» هذه الورقة ‏الثنائية.

ينظر «التيار الوطني الحر» «بارتياح» واسع لانعكاسات الورقة المسيحية - الشيعية على «شارعه» بالتحديد وعلى الساحة المسيحية عموما واذا كان من المفترض ان «حزب الله» ليواجه صعوبة تذكر في «تسويق» هذه الورقة في «شارعه الممسوك»، فان «التيار» يقارب ‏الموضوع من زاوية مختلفة ويقول باسيل «في الجانب الشيعي المسألة ليست لان الشارع «ممسوك» فقط، بل لان الشارع مرتاح لهذا الاتجاه. تعاطف هذا الشارع مع «التيار» وشخص الجنرال بات معروفا. ويّبرر هذا الاتجاه اكثر، لان ما يجمع بين الشارعين هو النضال والمقاومة ومواجهة ‏الاحتلال واستخدام اساليب شريفة لتحقيق السيادة والاستقلال. 

ما لجهة الشارع المسيحي فنحن لم يكن لدينا شك بأن هذه هي توجهات المسيحيين وديانتهم ديانة محبة وتسامح، واحداث 5 شباط هي دليل واضح على هذا التوجه». واتفاق التفاهم جاء برأي باسيل «ليغلّب منطق الحوار على منطق التصادم، نحن مرتاحون لانطباعات الناس والتهاني التي توجه الينا ترى في ‏الوثيقة ما يرتقي الى مستوى الانجاز وبداية قيام «الجمهورية الثالثة». لكن هناك بعض ‏الاطراف «المتضررة» التي لا ترى في الوثيقة الا انتقاصا من دوره ويهمه تشييع اجواء من ‏التشكيك، ومن يقرأ في ارقام الاستطلاعات يتبين صوابية طرحنا وانعكاسه الايجابي على الشارع ‏المسيحي». ان اي فريق ولاي اسباب متعلقة بالخارج وازالة الاحتلال، فان القرار الامني في البلد على ‏الصعيد الامني والخارجي سيبقى محصوراً بالدولة اللبنانية. كما ان الكل معني بمواجهة الارهاب الذي يصوّره البعض على انه فقط اسلامي، لكن حزب الله يقول اليوم بأن الارهاب يطال المسيحي والمسلم على حد سواء ولا بد من مواجهته... كما ان البؤر والثغرات الامنية التي كان التيار» قد طالب بالتعاطي معها جدياً عبر خطة متكاملة وتحدث عنها العماد عون في اول ‏جلسة لمجلس النواب، قد عولجت بوضوح في هذه الوثيقة، فيما كان البعض يعتبر ان الحزب يحمي ‏هذه البؤر، لكنه في هذه الورقة يؤكد حزب الله انه يتعاطى معها بمسؤولية وجدية كاملة».

الوثيقة والرئاسة

«التيار» يقر «بالانجاز» المشترك في صياغة ورقة «الدليل» الى «الجمهورية الثالثة»، لكن هل قطع هذا الانجاز الطريق امام «الجنرال» للوصول الى رئاسة الجمهورية عبر البوابة الاميركية - ‏الفرنسية، واذا صح التعبير هل «استغنى عن خدمات الاميركي» في رسم خريطة الوصول من ‏الرابية الى بعبدا؟

قرارات العماد عون ونهجه السياسي غير محكوم «بورقة الرئاسة»، يرد باسيل ويتوسع في شرح ‏المسألة بالقول على الساحة الداخلية اذا كان هذا الهدف، فكان عليه ان يطمح لعلاقة تعاون مع الاكثرية النيابية لا ان يختار طريق الاقلية. على المستوى الخارجي، العقل الباطني للناس يفترض ان الوصاية السورية قد استبدلت بالوصاية الاميركية وتحديداً في موضوع اختيار ‏الرئيس واليوم نرى العماد عون يقر وثيقة اتفاق وطنية مع حزب الله.

هدف الجنرال واضح، هو القيام بخطوات «لا تُخرّب» الوضع في لبنان، الاهتمام الخارجي بلبنان ‏مطلوب لكن ليس على حساب مصلحتنا. نستطيع في الداخل ان نقرر ما هو الافضل للبنان، خاصة ‏اذا كان هذا «الافضل» لا يتعارض مع المفهوم العام لبناء الدولة ولمركزية قرارها ولا ‏يتناقض ايضاً مع القرارات الدولية».

لكن لماذا خَلَت «وثيقة مار مخايل» من اي اشارة مباشرة الى عبارة «القرارات الدولية»؟ يجيب باسيل «موقفنا من القرارات الدولية مفهوم، موقف الحكومة مفهوم. وهذه الورقة تسهّل ‏عملية الحوار الذي تطلبه اليوم الشرعية الدولية».

وعلى الخط الرئاسي يوضح باسيل «الاميركي يدرك والداخل اللبناني ايضاً ان البلد لا يستقيم ‏اذا تم شطب ثلثه، من غير الجائز الاتيان برئيس جمهورية على «جزء» من الجمهورية، اعتقد ان ‏لا احد سينصحنا السير بهذا الاتجاه، واذا نصحونا هم يعرفون باننا لا نقبل هكذا نصائح...»

وفي هذا السياق، ثمة تساؤلات حتى ضمن الدائرة العونية حول «الخدمة» التي ستؤديها وثيقة ‏التفاهم المشتركة لايصال «الخطاب الاصلاحي» للجنرال الى قصر بعبدا، لكن باسيل يؤكد «ان ‏الوصول الى الرئاسة من دون امكانية تحقيق البرنامج الاصلاحي لا تعني شيئاً. ما قمنا به هو ‏خطوة باتجاه تعزيز البرنامج الاصلاحي. وكلما تمت تقوية هذا البرنامج بقوى تلتف حوله وتحميه وتلتزم به كلما اصبحت امكانية الوصول الى الرئاسة لتنفيذه اقوى..».

الحوار

بعض بنود الوثيقة يستدعي القيام بمقاربة في المضمون والخلفية، ولا شك ان نقاطاً اساسية فيها بدأت تأخذ مداها الواسع في النقاش الداخلي. الرئيس نبيه بري حدّد موقفه من ‏‏«النوعية» المشاركة في ورشة الحوار الوطني «سياسو الصف الاول»، البند رقم واحد في ‏الوثيقة تحت عنوان الحوار يتحدث «عن مشاركة الاطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية ‏والوطنية في حوار الطاولة المستديرة». فهل يلتقي الخطان؟ يقول باسيل «اي حوار يبدأ لا ‏اعتراض لنا عليه، المهم ان يجد اللبنانيون انفسهم في اي اتفاق يتم التوصل اليه، لان ‏الاجماع مطلوب في هذه المرحلة. اذا كانت الصيغة المطروحة ان يجتمع في البداية اطراف الصف ‏الاول، ويُعتبر في المقابل ان اطراف الصف الثاني والثالث اذا جاز التعبير ممثلين في الحوار، اما من مشكلة. المعيار ان لا يبقى اي طرف ذات حيثية تمثيلية «وظلمة» قانون الانتخاب ‏خارج طاولة الحوار. مع العلم ان الحوار يمكن ان يبدأ بصيغة ثلاثية ثم يتوسع ليصبح سداسياً او اكثر...»

الديمقراطية التوافقية

«تعريف» بند «الديمقراطية التوافقية» في الوثيقة يوصي بان فريقي التفاهم لا يقبلا تكرار ما حصل في جلسة مجلس الوزراء يوم انسحب الوزراء الشيعة منها: «الديمقراطية التوافقية ‏القاعدة الاساس للحكم في لبنان واي مقاربة للمسائل الوطنية وفق معادلة الاكثرية والاقلية تبقى رهن تحقق الشروط التاريخية والاجتماعية للممارسة الديمقراطية الفعلية». ‏النص المكتوب واضح واهميته انه «ظهّر» الموقف العوني من هذه المسألة الشائكة، ويشرح ‏باسيل «بغض النظر عما حصل في جلسته مجلس الوزراء، ان جوهر الممارسة السياسية ارتكز على الديمقراطية، حتى عندما كان المسيحيون «متهمين» «ببلع» السلطة كانت هذه القاعدة معتمدة. ‏الغاء المسيحيين واعطاء الصلاحيات لفريق واحد ايضاً لن يوصل الى مكان واداء الحكومة من ‏سبعة أشهر حتى الآن يؤكد على ذلك. التوافق يجب ان يحكم علاقاتنا مع بعضنا خصوصاً في الامور ‏المصيرية. لكننا نوّصف الواقع اليوم، ونقول اننا نطمح في المستقبل ان يقوم حكم على اساس ‏المواطنية وليس الانتماء الطائفي، وحتى الوصول الى هذه المرحلة يتطلب اعتماد المنطق ‏التوافقي، وهذا ليس بعيداً عنا لانه موجود في الطائف».

«حزب الله» والمجتمع المدني

«اصلاح وانتظام الحياة السياسية يستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري قد تكون ‏النسبية احد اشكاله الفعالة» موقف عام التقى عليه «التيار و«حزب الله» من دون ان يدخلا في عمق التفاصيل كما يؤكد باسيل «لاننا وفق روحية الورقة لم نفترض طرح اشكاليات، واذا تحدثنا بقانون محدد نكون قد استبقنا مهمة لجنة قانون الانتخاب او كأننا نفرض «صيغتنا» على الآخرين. لقد وضعنا اطار عام للمسألة الانتخابية وهي مفتوحة للنقاش، وقد اعتبرنا ‏ان ما يحقق المجتمع المدني ويفعّل عمل الاحزاب هو النظام النسبي». اعتقد بانه لبناني مئة في المئة. ويتهمونه بالعمل على اقامة دولة اسلامية، والوثيقة ‏ايضا اثبتت انفتاحه على كل القوى وكافة الصيغ المتطورة اللاطائفية. الوثيقة صيغت بارادة طوعية، لا غلبة فيها لطرف على اخر بمعنى لا احد بموقع قوة بالنسبة للآخر».

العودة من اسرائيل

لا شك ان قبول «حزب الله» بتوجيه نداء «سريع» للبنانيين الموجودين في اسرائيل بالعودة الى  طنهم «مع الاخذ بعين الاعتباركل الظروف السياسية والامنية والمعيشية المحيطة بالموضوع» قد رفع على الرغم من عدم اخذ كل من «التيار» والحزب بلغة «تسجيل النقاط»، من «منسوب» ‏مصداقية عون في الشارع المسيحي العام حيال التزامه تبني المطالب المحقة والعادلة «حتى الآخر» في وقت بدا فيه حزب الله من جهة اخرى اكثر ليونة ومطواعية في التعاطي مع مطالب ‏هذا الشارع، وان كان الحزب يعتبر «ان عملاء الصف الاول» الذين انخرطوا في النسيج ‏الاسرائيلي غير مشمولين بهذا النداء، يقول باسيل «لقد خلقنا الجو المناسب، بدون اي توصيفات، لمن يرغب بالعودة ان يعود الى وطنه. اما من يريد استثناء نفسه من هذه الدعوة لاعتبارات سابقة او لاحقة، فهو الذي يأخذ القرار بالبقاء في اسرائيل

وفي سياق الحديث عن «مكاسب مسيحية» في هذا الموضوع يعلق باسيل قائلا «هل كل الموجودين في ‏اسرائيل هم من المسيحيين؟ طبعا لا.. اما اذا اراد البعض اعتباره مكسبا مسيحيا فهذا ‏الامر جيد ايضا. لقد قال السيد نصرالله ان الادبيات التي استعملناها «ريحنا بعضنا فيها حتى نريح الناس»، ولنخلق لهم الظروف المناسبة التي تدفعهم الى الاحساس بان ارتباطهم في لبنان، اقوى من ارتباطهم بأي بلد آخر».

التحقيق الدولي

وعلى عكس ما سوق له النائب جنبلاط افردت وثيقة مار مخايل فقرة كبيرة ومتكاملة تناولت ‏التحقيق الدولي والاصلاح الامني تحت عنوان «المسألة الامنية» ردة فعل جنبلاط التلقائية على ‏غياب المطالبة «بالحقيقة» في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بدت مقصرة عن ‏الاحاطة بالمقاربة العونية - الحزبية الشاملة لهذه المسألة في الوثيقة، لكن في المقابل غاب ‏عن الورقة المشتركة بند المطالبة بتعاون سوريا الكامل مع لجنة التحقيق الا ان باسيل يؤكد ‏‏«اننا التزمنا وهذا الاهم في المقررات والآلية المتبعة في التحقيق وهذا يعني اننا دعمنا ‏الحكومة اللبنانية التي يرأسها فريق الاكثرية، وسلمناه «القرار في التحقيق ونتائجه».

وابعد من التحقيق نفسه، يضيف باسيل، توجهنا نحو مفهوم العدالة الذي يجب ان يبقى فوق اي نزاعات وبعيداً عن المساومة لكنه في الوقت عينه بحاجة الى من يحميه، لان من اذى هذا المفهوم هو الفريق الذي استبق التحقيق والامم المتحدة و«تقويل» لجنة التحقيق ما لم تقله...».

رفض العودة الى «الوصاية»

ويرد باسيل على من يعتبر ان الوثيقة اهملت 15 سنة من الوصاية السورية بالقول «ندعو ‏الجميع الى قراءة متأنية للوثيقة. لقد طالبنا بعلاقات صحيحة مع سوريا بعد مراجعة ‏التجربة السابقة .. وعلى قاعدة رفض العودة الى اي شكل من اشكال الوصاية الخارجية ...» لقد وضعنا القواعد التي على اساسها نقدر ان بني علاقات دون هيمنة طرف على طرف آخر.

لذلك تحدثنا عن الندية في العلاقة واحترام سيادة واستقلال البلدين ورسمنا الاطار الذي من ‏خلاله نستطيع ان نسير نحو هذه العلاقة».

العلاقات اللبنانية - السورية

هذه الرؤية المشتركة للطرفين في موضوع العلاقات اللبنانية - السورية قادت الى ما يشبه تبني «التيار» لخطاب الحزب في موضوع مزارع شبعا وترسيم الحدود في مقابل موافقة المقاومة خطيا ولاول مرة في تاريخها على اقامة علاقات ديبلوماسية مع دمشق وهو المطلب «المزمن» في «اجندة» ‏الجنرال على مدى سنوات الوصاية السورية وحتى الى ما بعد الانسحاب من لبنان، ويكشف باسيل ‏‏ بانه في حقيقة الواقع لم يكن هناك خلاف بيننا وبين «الحزب» على المبادىء العامة لناحية ترسيم الحدود واقامة العلاقات الديبلوماسية وانهاء مسألة المعتقلين في السجون السورية. ‏الاهمية في مقاربة الموضوع تكمن في كون كل طرف اقر من موقع مغاير تماما عن الاخر :التيار  من موقع الخصومة الشديدة والنضالية ضد سوريا، و«حزب الله» من موقع الحليف لها. ما جمعنا ‏هي النظرة الى المستقبل، فيما اخذنا من الماضي العبر من التجارب السيئة، ورفض العودة له، ووضعنا للمستقبل هدف «افضل العلاقات» الذي يتطلب سدّ كافة الثغرات التي تعترض بناء ‏هذه العلاقة»

ويستدرك باسيل قائلا «كان بإمكاننا ان نكتفي بعبارة «العلاقات الديبلوماسية» بين البلدين. نحن تفهّمنا ان هذه المطالبة تقتضي توافر ظروف ملائمة لها، و«حزب الله» تفهم ان هناك من يحاول تصويره بأنه يصبّ في الخانة السورية، فأعلنوا تأييدهم لقيام علاقة مؤسساتية مع سوريا وليس بين الافراد والمجموعات في سوريا. ان كل جملة في هذا المعنى تحمل ما يكفي من المعاني لتؤكد عمق التفاهم القائم بين الطرفين».

الارض محتلة، لكن عندما تتحرر الارض يتم التفتيش عن وسائل اخرى لحماية لبنان بتوافق واجماع اللبنانيين وعبر وضع سياسة جامعة بعيدة عن الفئوية والطائفية والحزبية، لصياغة ‏سياسة استراتيجية الدفاع عن كل الاخطار المحدقة بلبنان. وفي هذا السياق، لقد قدّم «حزب ‏الله» نفسه كفريق وطني منزّه عن المصالح الخاصة ومقدما المصلحة الوطنية فوق اي اعتبار»

«مصير» السلاح

لكن ماذا سيكون موقف «التيار» اذا ما، وقبل الجلوس الى طاولة الحوار حول سلاح المقاومة، تعرضت سوريا او ايران لضربة ما وقرر حزب الله «الثأر» والرد انطلاقا من الاراضي ‏اللبنانية... هل سيتبرأ «التيار» من «وثيقة شرعنة» مبررات حمل السلاح؟

يرد باسيل «هذه الوثيقة لم تذكر حماية سوريا ولا ايران، ولم تتحدث عن الوضع الفلسطيني في فلسطين. الوثيقة واضحة في تعريف «سبب» حمل السلاح، حزب الله واضح جدا في الوثيقة بأنه معني بحماية لبنان عبر تحرير «المزارع» وتحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

وماذا عن خطاب نصرالله المعروف حول «امتدادات» الآلة الدفاعية لسلاح المقاومة التي تشمل ‏ايران وسوريا وفلسطين، يقول باسيل «الوثيقة لا تتضمن اية اضافات خارجة عن سياق ما ورد حول تحرير المزارع وتحرير الاسرى، نحن متفقان جيدا حول هذا الموضوع» نحن نتعاطى مع الحزب ‏وفق ما ورد في هذه الوثيقة وليس استنادا الى اي خطاب اطلق قبلها». وهنا تكمن، برأي باسيل، مسؤولية كل اللبنانيين «وقوى البريستول» تحديدا في ان يتركونا نحن «وحزب الله» في هذا ‏الخيار اللبناني الصافي ويقفوا معنا في هذا الخيار، لا «ان يدفشوا» حزب الله نحو خيارات ‏اخرى خارجية...» ويأخذ باسيل وثيقة التفاهم بين يديه ليدل على خيارات «حزب الله» المستقبلية والواضحة والثابتة» التي تضمنتها الوثيقة:

تغليب المصلحة اللبنانية على اي مصلحة اخرى بالاستناد الى ارادة ذاتية وقرار لبناني حر ‏من شروط نجاح الحوار شمول كل القضايا ذات الطابع الوطني، تحييد الاجهزة الامنية عن المحسوبيات السياسية وان يكون ولاؤها وطنيا بالكامل، يتحدث «الحزب» ايضا عن «مركزية القرار الأمني» حماية لبنان وصون استقلاله هما مسؤوليتان وواجبان وطنيان...، وان استعمال ‏السلاح وسيلة شريفة تمارسها اي جماعة تحتل ارضها وليس تدافع عن ارض غيرها... والاهم ان مبررات حمل السلاح تلقى الاجماع الوطني والتي تشكل مكامن القوة للبنان وليس مكامن ضعف...

ويتحدث الحزب عن استراتيجية دفاع وطني وليس «اقليمي».

ويقرّ باسيل بأن «عامل الثقة» حاضر بقوة في العلاقة بين «التيار» و«حزب الله» وهو في ذلك ينطلق اقل من تجربة شخصية في هذا المجال «لقد عشت تجربة كنت اتعاطى فيها مع موضوع سلاح ‏الحزب بنظرة مغايرة تماما عن الوضع الحالي... لكن عندما جلست على طاولة الحوار مع «حزب الله» ولمست مقدار الجهد المشترك بين الطرفين لصياغة وثيقة القواسم اللبنانية المشتركة» لا يحق لي بعدها افتراض ماذا يكنّون من نوايا، وكيف كانوا يفكرون في السابق... علينا ‏‏«كتيار»الالتزام بهذا المشرع، ومحاولة جذب كل اللبنانيين اليه...»

وفي حال «خروج» حزب الله عن وثيقة القواسم؟

يرد باسيل «سنرى اولا اسباب الخروج، لأن هذا الامر قد تعود مسؤوليته الى الاطراف التي ‏«تنكّل» بهذه الوثيقة... على كل، اتفاقنا محصور بالبنود العشرة الواردة في الورقة، واي ‏امر خارج عن الورقة نحن براء منه...»

 

والانضباط أخطر من الفوضى أحياناً

علي حماده – النهار 11/2/2006

الحديث عن "الاكثرية الوهمية" بحسب التعبير الذي ادلى به الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في معرض تسديده الضربات الى التيار الاستقلالي العريض في البلاد، يعني انه يعتقد ان تيار التبعية للنظام السوري وللأجندة الخارجية للجمهورية الاسلامية في ايران هو التيار الاكثري الفعلي في البلاد. فهل اعتبر نصر الله ان توقيعه وثيقة مشتركة مع "التيار الوطني الحر" يكفيه زادا كي  يعتبر ان مظلة "حزب الله" باتت تضم تحت جناحها في ما تضم، تيارا مسيحيا رئيسيا؟ هذا التيار الذي كان جمهوره ولا يزال يتحسس الحالة الاستنفارية الدائمة التي يمثلها "حزب الله" في لبنان، فلا يتوقف تحشيد الناس المستمر في اطار إبراز  "البراثن" داخليا، ولا يخلو حشد من مظاهر التأطير العسكري "الاسبرطي" النزعة الذي يعيد لمن يقرأ التاريخ القديم  استذكار  التناقض الكبير بين اسبرطة – العسكرة، واثينا – الكلمة والديموقراطية والذي ادى في مرحلة اولى الى سقوط اثينا  تحت سيطرة الاسبرطيين، وفي مرحلة ثانية استعادت اثينا نفسها بعدما استطاعت "هضم"  العسكرة  فكان التنوير والكلمة ابقى من السلاح والعسكرة.

ذهبت اسبرطة وبقيت اثينا. ذهب قادة اسبرطة العسكريون الكبار، فيما بقيت اثينا بفلاسفتها وعلمائها وشعرائها ومؤرخيها  منارة مشعة حتى يومنا.

ان العسكرة الدائمة للمجتمعات في ظل ضمور الاقتناع بالشعارات المرفوعة مؤداها الى تآكل داخلي وتزايد في نسبة المعارضين والمعترضين. و"حزب الله" رغم  اقتناع امينه العام بأنه لم يحظ يوما  باجماع حول  امتلاكه للسلاح دون سواه في لبنان، يعرف ان المظلة اللبنانية قد سقطت عمليا عن هذا السلاح لادراك اللبنانيين انه مرتبط بأجندة محور دمشق – طهران اكثر من ارتباطه بمصالح الداخل اللبناني. لذلك يبقى هذا السلاح، والعقلية  التي تمسك بزمامه، مصدر خوف للآخرين في لبنان رغم كل الانضباط الذي يتسم به التحشيد بمئات الالاف (على نقيض الفوضى التي تميزت بها تظاهرة الاحد الماضي في الاشرفية). فاذا كان الخوف من الفوضى مبررا، فان الخوف من التنظيم الحديدي المنتمي الى منظومة المحور السوري – الايراني يبقى اكبر. لذلك نكرر انه بات  لزاما فتح الحوار حول سلاح "حزب الله" في اطار تحديد مهماته ووضع افق زمني ووظيفي ليتم تسليمه في ما بعد الى الدولة اللبنانية  التي تمثل كل اللبنانيين.

ان التطرق الى استحقاق البحث في امر سلاح "حزب الله" امر مشروع، وخصوصا ان الحزب يعلن جهارا تحالفه مع النظام السوري وانتماءه الى محور يضم النظام السوري وايران، مع كل ما يعني ذلك من استعداد  لجعل لبنان مختبرا لحروب هذا  المحور الاقليمية. وهنا نذكر بالحرب الارهابية التي كانت ولا تزال تزرع الموت في صفوف احرار هذا الوطن وآخرهم جبران تويني، في حين ترفض عيون بعضهم ملاحظة خطورة الموقف مستعينة  بالاوهام  لدفن المخاوف.

خلاصة القول ألا يتسرع احد في لبنان في طرح مقارنة خاطئة بين مظاهر فوضى في مكان ومظاهر انضباطية حديدية في مكان آخر، لأن الانضباط الحديدي الهادف والمسلح حتى الاسنان اخطر من الفوضى المشتتة في غالب الاحيان.

 

الباب مفتوح امام المناخ الحواري في انتظار الخطوات العملية

أديب أبي عقل – الأنوار 11/2/2006

من بين الركام والحطام والدمار الذي تركته اعتداءات الأحد الفائت في منطقة الأشرفية، ومع بدء نفض الغبار ومسح الأضرار تمهيداً للتعويض لعودة انطلاق ورشة العمل ودورة الحياة، يبدو ان هذه النكبة - السياسية اكثر منها المادية - عجلت وإن لم تكن ضرورية في وضع جميع القيادات على اختلافها وخلافها امام ثابتة اساسية وهي ان جلوس الجميع الى طاولة الحوار بات هو الحل الوحيد الذي لا بد منه ولا بديل عنه كي يستطيع لبنان عبور حقل الألغام السياسية والأمنية والاقتصادية ليضع نفسه على الرصيف الذي يوصل الى برّ الأمان والاطمئنان. ويعتقد مصدر حكومي ان لقاء زعيم التيار الوطني الحرّ النائب العماد ميشال عون الأمين العام لـ(حزب الله) السيد حسن نصرالله في كنيسة مار مخايل في الشياح وورقة التفاهم السياسي التي نتجت عن هذا اللقاء، فتحت الباب امام بدء وضع الدعوات الى الحوار والتلاقي موضع التنفيذ، خصوصاً وان كل فريق معني بالحوار حيال الثوابت والمسلمات الوطنية لديه تصور او ورقة عمل للحوار يتلاقى الكثير من بنودها مع ورقة التفاهم التي اذيعت من كنيسة مار مخايل.

وعلى خلفية اعطاء صورة مغايرة تماماً لصورة الأحد الفائت شكلاً ومشاركين تحرك رئيس الحكومة فؤاد السنيورة حيال القيادات الروحية التي دعاها في يوم عيد مار مارون وذكرى عاشوراء الى اجتماع في السراي الحكومي حيث سيتم توزيع محضر اللقاء على دول العالم اجمع، كوثيقة سياسية لبنانية وحيث سيحمل رئيس الحكومة هذه الوثيقة معه الى الفاتيكان ليسلمها بـ(اليد) الى قداسة الحبر الأعظم البابا بندكتوس السادس عشر في حال حصل لقاء او يرسلها الى دوائر الفاتيكان في حال لم يتم اللقاء بسبب اضطرار الرئيس السنيورة الى العودة وفي حال كانت (أجندة) لقاءات الحبر الأعظم منشغلة في هذه الفترة.

وفيما تولى الجانب الحكومي اذا جاز التعبير فتح قنوات الحوار بين القيادات الروحية التي ثبت انها لا تزال تشكل الغطاء اللازم والضروري للقيادات السياسية - مع الأخذ في الاعتبار ان ذلك يعود الى التركيبة اللبنانية التي مهما نحت صوب العصرنة لم تستطع الخروج من دائرة (العباءات) الروحية - بدأ الجانب النيابي الذي يمثله رئيس المجلس النيابي نبيه بري يتهيأ ويتحفز لإطلاق الحوار السياسي والوطني الشامل على خلفية الدعوة التي كان اطلقها رئيس المجلس واصبحت الطاولة المستديرة التي اوصى عليها قيد الإنجاز.

ويكشف المصدر ان الدعوات سيبدأ توجيهها نهاية الشهر الجاري حيث سيتولى رئيس المجلس شخصياً القيام بسلسلة اتصالات ولقاءات مباشرة مع القيادات الروحية ليضعها في اجواء ورقة الاقتراحات المعدّة لهذه الغاية، في وقت يتولى وفد نيابي مصغّر و(مختلط) القيام بجولة على القيادات وهي ستكون وبحسب توصيف الرئيس بري نفسه قيادات (الصف الأول) التي يرغب رئيس المجلس ومن خلال مشاورات بعيدة من الأضواء اجريت في ان لا يتجاوز عدد المشاركين اثني عشر شخصاً.

ذلك ان اقتصار المرحلة الأساسية التأسيسية لمثل هذا الحوار على عدد محدود ومحدّد يسهّل النقاشات ويدور الزوايا بشكل افضل مما لو كان موسعاً، فضلاً عن ان اي نتائج تصدر عن مثل هذا الاجتماع تشكل سلفاً الغطاء السياسي الواسع والمطلوب للحلقات التالية من الحوار والتي ستتوسع من خلال لجان متابعة فرعية بطبيعة الحال تواصل البحث في الطروحات التي لا تزال في حاجة الى المزيد من الحوار للتوصل الى توافق في شأنها.

ويلفت المصدر الى ان سرعة النتائج المتوخاة من اجتماع قيادات الصف الأول هي ضرورة في المرحلة المقبلة التي تحمل بعد محطة 14 شباط الثلاثاء المقبل، محطة 14 آذار ومن ثم محطة مؤتمر بيروت - 1 مطلع الربيع مبدئياً، ولكن قبل ذلك محطة الانتخابات الفرعية في قضاء بعبدا - عاليه التي قطعت الاتصالات في شأن التوافق حيالها شوطاً متقدماً جداً وباتت قاب قوسين من اعلان اسم المرشح التوافقي للمقعد الماروني الذي شغر بوفاة النائب المرحوم ادمون نعيم، خصوصاً وان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط قرأ التوافق من زاوية اخرى لا علاقة لها بحسابات ربح مقعد او خسارته، او زيادة عدد هذه الكتلة مقعداً وخسارة تلك لمقعد، بمقدار ما يراها من زاوية استراتيجية سياسية تنطلق من وحدة الحد الأدنى للصف المسيحي وتحاشياً لأي زيادة في توتر اشكالية العلاقة بين (حزب الله) والحزب التقدمي الاشتراكي.

ولم يستبعد المصدر الحكومي نفسه ان تشهد الأيام القريبة المقبلة لقاء بين العماد عون والنائب جنبلاط يزيد من مساحة الدعوات الى الحوار ويؤسس كذلك لتجميد الوضع بين نصرالله وجنبلاط حيث هو ومنع استمرار التدهور تمهيداً لبدء التحضير لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الطرفين وهي من الصعوبة بمكان ولكنها بالتأكيد ليست مستحيلة، وان الظروف والمناخات الحوارية التي بدأت تسود على الساحة هي عامل مساعد في تهيئة الأجواء وان كانت المواقف لا تزال تحمل انتقادات ولو بوتيرة اخف من السابق.

 

ولش انتقد تفاهم "التيار" و"حزب اللـه" وواشنطن ستبلغ عون استياءها مباشرة

واشنطن – من هشام ملحم: النهار 11/2/2006

أعرب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ولش عن قلق حكومته من "التأثير السلبي" للتفاهم الذي توصل اليه اخيرا "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" حيال تنفيذ قرار مجلس الامن 1559 في بنده الخاص بنزع سلاح "حزب الله" وانهاء وضعه "كدولة داخل دولة"، وانتقد تبريرات النائب العماد ميشال عون لممارسات "حزب الله" السابقة ومن بينها خطف الرهائن الاجنبية.

وافادت مصادر اميركية مسؤولة اخرى ان التفاهم الاخير بين الامين العام للحزب حسن نصرالله وزعيم التيار العماد عون هو بمثابة "تطور سيئ ومزعج ويهدف الى اضعاف قوى 14 آذار". واضافت ان "مواقف عون لا تنسجم مع مواقفه السابقة من القرار 1559 ومن دور سوريا في لبنان". ورأت ان "حزب الله" هو المستفيد الاول من التفاهم، لانه حصل على غطاء مسيحي لسلاحه الى امد غير محدد. واضافت المصادر ان "واشنطن ستبلغ عون استياءها القوي هذا في اتصالات مباشرة معه، ومن هنا رغبتها في الوقت الراهن في عدم اتخاذ موقف علني اقوى من موقف السفير ولش".

وقال ولش في مؤتمر صحافي لمراسلي وسائل الاعلام الاجنبية في واشنطن ان حكومته تدرك صعوبة حل مشكلة سلاح الميليشيات بالنسبة الى لبنان، وكرر ان حكومته "دعت دائما الى حوار لبناني لحل هذه المسألة والتقدم من اجل انهاء وضع الدولة داخل الدولة الذي تتمتع به احدى هذه الميليشيات في الوقت الحاضر". واضاف: "نعتقد انه يجب تطبيق الـ1559 بشكل كامل وان امن اللبنانيين واستقرارهم ورفاهيتهم سوف تتعزز اذا نفذ القرار بشكل كامل. ولكننا لا نريد ان نرى عملية حوار تعطي اي طرف الحجة لتفادي مسؤولياته حيال القرار 1559". وترك ولش طريقة تحقيق الحوار للبنانيين "ما دام ان هدف نزع الاسلحة واضح وما دمنا نرى تقدما في هذا الاتجاه".

وتفادى ولش اول الامر التعليق مباشرة على لقاء عون – نصر الله، مشيرا الى انه "لقاء بين تيارين سياسيين وليس نقاشا شاركت فيه الحكومة اللبنانية". وقال: "ان الجميع يعقدون اجتماعات سياسية"، واستدرك "ولكننا نتعامل مع مؤسسات الحكومة، ونطلب منها احترام ارادة المجتمع الدولي. ان يكون هناك حوار لبناني لتحقيق ذلك، فهذا امر نقبله، ونحن صبورون، ولكن يجب ان يكون في اتجاه تحقيق الهدف المعبر عنه في القرار 1559 اي نزع السلاح". وكرر موقف حكومته ان "حزب الله" تنظيم ارهابي، يتلقى تمويلا اجنبيا ويميل الى اتباع الارشادات الاجنبية" في اشارة ضمنية الى علاقة الحزب بايران. وفي اشارة الى تصريحات عون حول تاريخ "حزب الله" واعلانه ان الاجانب الذين خطفوا في السابق لم يكونوا سياحا، قال ولش: "نحن نعترض على الاوصاف التي اعطاها بعض الزعماء اللبنانيين والتي تبدو كأنها تبرر بعض النشاطات الارهابية في تاريخ هذا التنظيم، وعلى سبيل المثال خطف الرهائن. وكما تعلمون لقد عانى مواطنون اميركيون على ايدي هذا التنظيم، ولهذا نعتبره تنظيما ارهابيا". وبسؤاله هل يعتقد ان لقاء عون – نصرالله يمكن ان يعطل تطبيق القرار 1559، اجاب: "نحن قلقون حيال اي تفاهم، بصرف النظر عن وضعه، يمكن ان يؤجل مثل هذا القرار" المتعلق بنزع الاسلحة. وهل قصد عون عندما تحدث عن السياسيين الذين برروا ممارسات "حزب الله" السابقة، اجاب: "نعم".

على صعيد آخر، كرر ولش تحميل سوريا مسؤولية حرق السفارة الدانماركية في دمشق وايضا التورط في حرق الممثلية الدانماركية في بيروت، وجدد الاتهام الذي وجهته في اليوم السابق وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى سوريا وايران بتخريب الاستقرار والامن في المنطقة "لاهدافهما الضيقة"، ولاحظ انه "ليس مصادفة ان يحدث العنف في بيروت بعد يوم من حدوثه في دمشق". وقال انه خلال اقامته في العاصمة السورية سنتين "لم ير مرة واحدة اي تظاهرة الا كانت تحت سيطرة او ادارة السلطات الحاكمة"، واضاف: "وبالنسبة الى بيروت، فانني اود ان الفت الى انه من المثير للاهتمام حقيقة انه من بين المعتقلين بتهمة اللجوء الى العنف هناك عدد مفاجئ من غير اللبنانيين".

ورفض مقارنة وضع الحكومة اللبنانية التي تضم وزيرا من "حزب الله" والتي تتعامل معها الحكومة الاميركية، بحكومة تشكلها حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في الاراضي الفلسطينية، وسترفض اميركا التعامل معها لانها تعتبر "حماس" حركة "ارهابية" وقال: "لا توجد هناك اي علاقة مع ممثلي "حزب الله" في الحكومة او في البرلمان. نحن لا نتعامل معهم".

ما هو تعليقه على اعلان رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في البرلمان ان "حزب الله" ليس ميليشيا بل مقاومة، قال ان السنيورة "مسؤول عن ادارة الحكومة وتعود اليه ادارة العملية السياسية وذلك الحوار لمصلحة الشعب اللبناني". لكنه رأى ان "من الواضح ان القرار 1559 يشير الى الميليشيات، وان المجتمع المدني قصد بذلك الاحزاب المسلحة في لبنان، والمثال الابرز هو حزب الله".

 

الأحرار: وثيقة التفاهم حيّدت سوريا وأسقطت قضية مهجري الضاحية

ثمن حزب الوطنيين الاحرار "مبادرة الرئيس فؤاد السنيورة الى جمع المراجع الدينية لتوجيه رسالة تضامن قوية الى المتربصين شراً بلبنان ونكبر في كلمه عمق الانتماء للوطن والولاء له دون سواه. وطناً لجميع ابنائه، حيث تكون لهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات نفسها وحيث لا فضل لاحد منهم على آخر الا بقدر تضحياته للبنان واللبنانيين. وندعو المحازبين والاصدقاء وجميع اللبنانيين الى الزحف الى ساحة الحرية يوم الثلثاء في 14 شباط ابتداء من الساعة التاسعة انتصاراً للبنان السيد الحر المستقل، ووفاء للرئيس الشهيد".

وجدد الحزب خلال اجتماعه الاسبوعي برئاسة رئيسه دوري شمعون "استنكار اعمال الشغب التي حدثت الاحد الفائت، والتي كان يقصد منها احداث فتنة طائفية لولا وعي ابناء الاشرفية وتنبههم الى مخطط الشر. ونؤكد انها تندرج في مسلسل الاعتداءات التي ترمي الى الانتقام من اللبنانيين الاحرار الذين انطلقوا، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مسيحيين ومسلمين في مسيرة استعادة استقلال وطنهم وسيادته وقراره الحر (...).

ونكرر ما سبق ان لفتنا اليه بالنسبة الى توظيف المنظمات الارهابية، احد الالغام التي زرعتها الاستخبارات السورية، وقد سبق ان اعلنت مسؤوليتها عن اطلاق صواريخ كاتيوشا على اسرائيل وعن التفجيرات التي استهدفت مراكز للجيش اللبناني في محيط عين الحلوة وفي الرملة البيضاء والتي تركت بصماتها اخيراً على ما حولته تظاهرة الفتنة. ونرى ان السذج واصحاب الاغراض وحدهم ينفون هذه الوقائع ويتجاهلون الاعتداءات لضرب استقرار لبنان واثبات استحالة الوفاق بين ابنائه وحاجتهم الى وصاية سوريا القادرة وحدها على رعاية التناقضات وعلى احتواء الحركات الاصولية وشل حركتها، من جهة ولاثارة النزاعات والانقسامات التي من شأنها التأثير في التحقيق الدولي لتضليله والتعتيم عليه وحرفه عن مساره، او جعله شأناً ثانوياً، من جهة اخرى".

ورأى الحزب في لقاء السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون "في مكانه وتوقيته بما لهما من رمزية ومبررات، ترجمة لتعاون سابق بينهما، لم يخل من العثرات والعقبات، ولتقاطع المصالح الذي فرضته استحقاقات معروفة اقله للمرحلة الراهنة وفي المدى المنظور. ان ما حصل امر جائز ومشروع في السياسة، شرط عدم مكابرة المنخرطين بتصويره على غير حقيقته، وله ايجابياته من ضمن حوار وطني صادق ما برحنا ندعو اليه بعيداً عن اي خلفيات. واذا كنا نحجم حاضراً عن التعليق باسهاب على الورقة المشتركة لتفادي محاكمة النيات، نلفت الى بعض النقاط النافرة فيها. وفي مقدمها الحرص المشترك على تحييد سوريا، سواء بالنسبة الى مسؤوليتها في اثبات لبنانية مزارع شبعا، الى حد تبريرها الضمني بالكلام على تشنج تقع تبعته على اللبنانيين من خارج السرب الموالي لدمشق، او بالنسبة الى ملف الاغتيالات التي على اساسها تم استجواب مسؤولين امنيين سوريين وتوقيف نظرائهم وشركائهم اللبنانيين. يضاف الى ذلك ادراج سلاح حزب الله تحت عنوان "حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته"، وهو امر مستغرب ويشكل تفرداً في اسقاط بند اساسي من بنود الطائف واقله تعديله او تعليقه، وهو المتعلق بقيام الدولة المسؤولة عن الدفاع عن استقلالها وسيادتها والمدعوة الى بسط سلطتها على كامل تراب الوطن بادواتها الذاتية".

 

الموضوعان الأساسيان في أبعاد لقاء عون – نصرالله:

سلاح "حزب الله" والانتخابات الرئاسية المقبلة
اميل خوري – النهار 11/2/2006

لا يزال موضوع لقاء التفاهم بين النائب العماد ميشال عون رئيس "التيار الوطني الحر" والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يثير كثيرا من التعليقات والتفسيرات وما لهذا اللقاء من أبعاد محلية  واقليمية ودولية.

يرى سياسيون مستقلون  ان الرئيس الحص عبّر تعبيرا دقيقا  عن هذا اللقاء بقوله: "ان اللقاء في ذاته كان اهم من مضمون  البيان المشترك" الذي وصفه بأنه  "انشائي عموما  ولا يختلف اثنان حول معظم  ما جاء فيه" وان اهم ما فيه كان "تسوية" قوامها  اعتراف "التيار الوطني الحر" بسلاح الحزب حتى تحرير  مزارع شبعا والاسرى في السجون الاسرائيلية وحماية امن لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية، وفي المقابل تبني "حزب الله" دعوة النازحين اللبنانيين الذين غادروا مع الانسحاب الاسرائيلي الى العودة".

لكن هؤلاء  السياسيين يضيفون  الى تعليق الرئيس الحص على هذا اللقاء، ان عَقْده لم يكن مفاجئا  اذ ان التحضير له بدأ منذ مدة  الى ان اصبحت الظروف ناضجة لعقده بعد التوصل الى اتفاق على ورقة تفاهم مشتركة تبرر هذا اللقاء وتعطيه اهمية وبُعداً  كونه ليس لقاء بين شخصيتين بارزتين فحسب انما على اساس برنامج يجمعهما ويؤمل ان يجمع سواهما.

هذا هو ظاهر اللقاء، اما باطنه فأهم ما يهدف اليه امران: سلاح "حزب الله" والانتخابات الرئاسية المقبلة التي تمر بانتخابات بعبدا – عاليه الفرعية  في حال تعذر التوصل الى اتفاق على مرشح توافق، والباقي في "ورقة التفاهم" تفاصيل لا خلاف على معظم ما جاء فيها.

الواقع ان الهم الاول عند"حزب الله" هو ضمان بقاء سلاحه اطول مدة  ممكنة  وتأخير تنفيذ ما يتعلق به في القرار 1559، وذلك بالحصول على تأييد غالبية القوى الحزبية والسياسية  الفاعلة في البلاد.

لذلك، حرص الحزب على ان ينفتح على الجميع وان يكسب صداقة الجميع،  وان يكون عند حصول خلافات بين مختلف هذه القوى على مسافة واحدة منها، وقد ترجم هذا الموقف في الانتخابات النيابية بحيث  جيّر اصوات الحزب للائحة  جنبلاط في دائرة عاليه – بعبدا، وللائحة "تيار المستقبل" في دائرة البقاع الغربي وللائحة "التيار الوطني الحر" في دائرة كسروان – جبيل كي يحمي بهذا التعاون  الشامل سلاح الحزب ويضمن استمرار الاحتفاظ به اطول مدة ممكنة والحؤول دون تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1559 في ما يتعلق بهذا السلاح.

وفي الوقت الذي كان فيه النائب جنبلاط قريبا من موقف "حزب الله" ويعلن في الداخل والخارج انه يعارض تنفيذ القرار 1559 في ما يتعلق بنزع سلاح هذا الحزب، كان  النائب العماد ميشال عون يدعو الى تنفيذ هذا القرار تجنبا  للاصطدام  بالشرعية الدولية، خصوصا وهو يعتبر نفسه احد  المشاركين في وضعه ولا يجوز  بالتالي ان يبقى سلاح خارج الشرعية اذا كان مطلوبا اقامة دولة قوية قادرة  لها مؤسساتها الفاعلة وسيادتها  المطلقة  على كل اراضيها. ولكن عندما وقع خلاف بين النائب جنبلاط والسيد حسن نصرالله حول الموقف من النظام السوري بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رأى السيد نصرالله ان النائب العماد عون بدا قريبا من موقفه  بالنسبة الى هذا الموضوع، وهو انه لا يجوز اتهام هذا النظام  بجريمة الاغتيال قبل ان ينتهي التحقيق الدولي،  الا ان ما بقي يباعد بينهما هو القرار 1559  الذي يدعو الى نزع  سلاح "حزب الله"، سواء وصف هذا الحزب  أنه مقاوم او ميليشيا. وظل هذا الموضوع يشكل  عقدة امام التوصل الى اتفاق على "ورقة التفاهم" وطال البحث في ايجاد  حل لها، ولم يكن  متوقعا ان يقبل العماد عون  المتشدد في موضوع السلاح بحل يقضي بالآتي:

1 – تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي.

2 – تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

3 – حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية  دفاع وطني،  يتوافق عليه اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمل اعبائها والافادة من نتائجها".

واعتماد هذا الحل كشرط للتخلي عن سلاح  "حزب الله" معناه ان هذا السلاح سوف يبقى  في يد الحزب ليس بعد تحرير مزارع شبعا وتحرير الاسرى فحسب، بل  الى ان يتم التوصل، من خلال حوار وطني، الى صياغة استراتيجية دفاع وطني لحماية  لبنان من الاخطار الاسرائيلية، اي ان هذا الحوار قد يستغرق وقتا طويلا،  وقد لا يصير اتفاق على صياغة هذه الاستراتيجية، وهذا ما يتمناه "حزب الله" ليظل محتفظا بسلاحه، خصوصا بعدما نجح في الاستعاضة عن عدم تأييد جنبلاط لهذا الحل، بدعم العماد عون لهذه الصيغة، لأن جنبلاط  يرى انه لن يبقى مبرر للاحتفاظ بالسلاح بعد تحرير مزارع شبعا وتحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

ويقول عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده في موقف العماد عون انه في اواخر عام 2004 ذهب الى باريس واجتمع به وكان الهدف اقناع عون  بالمشاركة  في "لقاء البريستول"،  ثم ذهب ثانية الى باريس ومعه وائل ابو فاعور (بعدما اصبح نائبا). وقد وضع  العماد عون شرطا للمشاركة في هذا اللقاء بعدما كان الاتفاق  قد تم على كل الامور، وهذا الشرط  هو ان يطالب اللقاء بنزع سلاح "حزب الله" وكان عون يقول: "انا لا اتنازل عن ذلك" وكان جوابي آنذاك  ان ننتظر الى ما بعد الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة،  لكن العماد عون رفض وظل مصرا على موقفه. وتساءل العميد اده لماذا كان العماد عون يصر على نزع سلاح "حزب الله" وقد غير الآن موقفه، وكيف تكون سيادة لبنانية يجب احترامها كما جاء في "ورقة التفاهم" مع الموافقة على بقاء سلاح خارج الشرعية يقرر الحرب والسلم.

اما بالنسبة الى رئاسة الجمهورية،  فان العماد عون حصل من"حزب الله" على تأييد ترشيحه بقول السيد  حسن نصرالله عنه انه "مرشح حقيقي وجدي ويملك الاهلية الذاتية والشعبية" ولكنه استطرد: "عندما نصل للانتخابات نتكلم  ونتفاهم"... الا ان ما سمعه العماد عون من السيد نصرالله لم يسمعه  لا من  سمير جعجع  ولا من النائب جنبلاط ولا من النائب سعد الحريري،  لذا كان موقفه ايجابياً من سلاح  "حزب الله" مقابل موقف ايجابي من الحزب حيال ترشيح عون للرئاسة الاولى. لكن اوساطا سياسية ترى انه من الان الى ان يبت مصير سلاح "حزب الله" ومصير رئيس الجمهورية، يخلق الله ما لا يعلم احد.

 

استطلاع رأي: 77% من المسيحيين يرون مصلحة وطنية في لقاء عون ونصر الله

عبدو سعد  -السفير 11/2/2006

 أجرى <<مركز بيروت للأبحاث والمعلومات>> استطلاعاً جديداً للرأي من أجل قياس كيفية تفاعل الرأي العام المسيحي مع اللقاء الذي عقد بين الأمين العام ل<<حزب الله>> السيد حسن نصر الله ورئيس <<التيار الوطني الحر>> العماد ميشال عون.

نُفِّذ هذا الاستطلاع في الفترة الواقعة بين 8 و10 شباط 2006، وشمل عيِّنة من 320 مستطَلعاً من المسيحيين. وقد توزَّعت هذه العينة على مدن وقرى مسيحية جرى انتقاؤها عشوائياً في المحافظات الخمس التاريخية بصورة تتناسب وحجم الكتل الانتحابية فيها.

وقد اقتصرت استمارة الاستطلاع على سؤال واحد، حول رأي المستطلعين عما إذا كان لقاء نصر الله مع العماد عون يحقق مصلحة وطنية. وأظهر الاستطلاع أن 77,2 من المستطلَعين أجابوا بأنه يحقّق مصلحة وطنية، مقابل 22,8 وجدوا أنه لا يحقّق مصلحة وطنية.

ويبيّن الاستطلاع أن الأكثرية الساحقة تؤيّد اللقاء، وقد جاءت تعليقات المستطلَعين بمعظمها لترد ذلك التأييد المرتفع إلى الحاجة للاطمئنان على الاستقرار السياسي والأمني الذي يعكسه مثل هذا اللقاء، معتبرين أن <<حزب الله>> و<<التيار الحر>> يمثلان قوتين سياسيتين أساسيتين، بالإضافة إلى نظافة سجلهما، حيث أتى التأييد عاكساً رغبة أغلبية الشارع المسيحي بأن يشجّع هذا اللقاء أطرافا أساسية أخرى على الانضمام إليه من أجل بلورة رؤية سياسية مستقبلية لبناء دولة حديثة. وبالتالي لم يأت رأي المستطلَعين على خلفية فئوية محورية.

ويمكن الاستنتاج أن المستطلَعين الذين أيّدوا اللقاء ليسوا بالضرورة من أنصار العماد عون، وللتدليل على ذلك لاحظنا أنه في قضاء بشري، حيث الثقل السياسي والانتخابي لتيار <<القوات اللبنانية>>، أجاب 40% بأن لقاء نصر الله وعون <<يحقق المصلحة الوطنية>>.

مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات

 

 

"لقاء المثقفين الشيعة" اشاد بلقاء العماد عون والسيد نصرالله وطالب بتشكيل لجنة

وطنية لمكافحة الفساد الاداري والمالي والسياسي 

وطنية  11 شباط 2006 

رأى رئيس "لقاء المثقفين الشيعة" الدكتور رائف رضا انه "آن الاوان لتشكيل لجنة وطنية لمكافحة وملاحقة الفساد الاداري والمالي والسياسي والاعلامي الذي يشكل المدخل الوحيد لقيام الدولة والمؤسسات وهي صمام الامان لكل اللبنانيين الطواقين للحرية والعدالة الاجتماعية، والا فما معنى المناكفات السياسية اليومية عبر سياسة التشفي والخطاب السياسي الناري المتدني الذي لا يدل الا على الافلاس السياسي عند الكثيرين من دعاة الوطنية وسواها، والذي لا يجد من الاعلام سوى منفس له للتستر على فساده ونهبه للشعب وخيراته، سواء منها عبر الصناديق السابقة واللاحقة الغير خاضعة للمراقبة وديوان المحاسبة وفساد ازلامهم في الادارات والمؤسسات العامة الذين اوصلوا البلاد الى عجز وديون تجاوزت ال 40 مليار دولار، متناسين الشعب الفقير الذي يسد رمقه من مستوعبات القمامة يوميا". 

  واشاد ب "اللقاء التاريخي والجريء الذي جمع بين سيد المقاومة حسن نصرالله ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون، في هذا الظلام الدامس الذي يتخبط فيه لبنان، ومن هنا فان لقاء المثقفين الشيعة يشد على ايادي القيادتين في عهدهم ووعدهم فيما يخص ملف مكافحة الفساد والمفسدين الذي طالما كان وما زال من صلب قناعاتنا في ان بداية خلاص لبنان لا تتم الا عبر تشكيل لجنة وطنية للتحقيق المالي لاستعادة المال العام المنهوب الذي اهلك العباد والبلاد، واذا تعذر ذلك فلتكن لجنة دولية - لبنانية مستقلة محددة وظيفتها في موضوع الفساد". 

اضاف: "اما وسائل الاعلام في هذا الخصوص، فيجب ان تمارس دورها بقرار جريء للسماح للرأي العام اللبناني الاطلاع على كافة ملفات الفساد وهذا من اهم وظائفها الاعلامية في عصر العولمة، ليتسنى للشعب اللبناني معرفة مصير ال 40 مليار دولار التي ما زالت في جيوب بعض من هم في السلطة وخارجها لاستردادها الى الخزينة العامة ومحاسبة المسؤولين عنها". وختم بالقول: "يرفض اللقاء التهم التي تلقى يمينا ويسارا على ما يسمى بالهلال الشيعي تارة والحلف الاستراتيجي الايراني - السوري تارة اخرى، مما يدل على نقمة وافلاس سياسي عند هؤلاء من اي لقاء او تقارب او تعاون يشكل سدا منيعا في وجه المخططات الاميركية - الصهيونية التي تتربص شرا بالمنطقة، وستسقط كل الاقنعة الغربية وديموقراطياتها الواهمة تجاه الشعوب الحرة الرافضة لكل محاولات الوصايات الاجنبية الجديدة على لبنان".

 

في ملابسات الحوار الوطني

بقلم الرئيس سليم الحص – 11/2/2006- النهار

عشية الذكرى السنوية الاولى لزلزال حل بلبنان والمنطقة باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، رحمه الله، وغداة زلزال حل بالنفوس يوم اندس بعض المارقين في تظاهرة مشروعة احتجاجاً على الاساءة الفاجرة التي تعرض لها النبي الكريم (ص)، فاعتدوا على كنيستين وعلى ممتلكات خاصة، نشط الحديث مجدداً عن الحوار الوطني. فالاعتداء الغاشم على دور العبادة اطلق موجة عارمة من القلق، محوره تساءل مشروع: ماذا كان سيحصل لو اطلقت رصاصة واحدة في وجه المعتدين؟ واذا كان وعي المواطنين المشهود في المنطقة المعتدى عليها، والموقف الوطني المترفّع الذي وقفته القيادات الروحية كافة،كانا كفيلين بتجنيبنا الكارثة، فما الذي يضمن عدم وقوع المحظور مستقبلاً اذا ما تكررت التجربة لا سمح الله؟

وجاء لقاء السيد حسن نصرالله الامين العام لـ"حزب الله" والعماد ميشال عون، زعيم "التيار الوطني الحر"، غداة اليوم المشؤوم، فصبّ على النار ماء باردة اذ طمأن الناس الى ان الطريق الى التفاهم وعقد الخناصر ما زال سالكاً بين القوى السياسية المتعارضة في البلاد.

ونحن نرى ان مجرد اللقاء بين الرجلين كان اهم من البيان الذي صدر عنهما، على اهمية بعض مندرجاته.

وغداة اليوم المشؤوم، نفخ رئيس مجلس النواب نبيه بري الروح في مبادرة كان قد اطلقها سابقاً، بالدعوة الى مؤتمر للحوار الوطني.

والسؤال الذي يراود المواطنين: ما هي آفاق الحوار الوطني فيما لو عُقد مثل هذا المؤتمر؟

اذا توصل المؤتمر الموعود الى مثل ما اتفق عليه القطبان في بيانهما المشترك، فإن ذلك سيكون انجازاً في ظل اجواء الانقسامات الحادة السائدة. يا حبذا لو يكون المؤتمر وتكون هذه حصيلته. نقول هذا وسط تساؤلات تطاردنا حول فكرة المؤتمر.

اننا نعتقد ان فكرة الدعوة الى مؤتمر للحوار الوطني انما تنطوي على ادانة لنظامنا السياسي بأنه لاديموقراطي. ليس هناك شيء اسمه "مؤتمر حوار وطني" في الديموقراطيات الاكثر تقدماً. فمتى كان آخر مؤتمر للحوار الوطني في الولايات المتحدة الاميركية او في بريطانيا او فرنسا او المانيا او ايطاليا او اليابان؟ الحوار الوطني في كنف الديموقراطية يدور يومياً وانما ليس في مؤتمر، بل داخل مؤسسات الدولة، وبخاصة مجلس الوزراء ومجلس النواب، كذلك عبر آليات استفتاء الشعب بحل مجلس النواب او اجراء استفتاء عام، وعبر وسائل الاعلام واستطلاعات الرأي. فإذا ما فكّرنا في عقد مؤتمر للحوارالوطني في لبنان اليوم، فما ذلك الا لاننا ندرك ان نظامنا ليس ديموقراطياً بالمعنى الصحيح للكلمة، فهو لا يتيح للحوار الوطني ان يكون شأناً يومياً من خلال المؤسسات وهذا مصداق لما نردد قوله: "من ان في لبنان كثيراً من الحرية وانما قليل من الديموقراطية. وسيواجه صاحب فكرة المؤتمر اشكالا ليس هينا، يدور اولا حول السؤال: من هم اطراف الحوار الوطني، ومن يمثلهم؟

هناك شيء من التبسيط في الاجابة عن هذا السؤال بحصر الحوار داخل مجلس النواب. هذا المخرج يستثير منا اكثر من سؤال:

هل كل القوى السياسية متمثلة في مجلس النواب؟

الجواب البديهي ان كلا. فكل الذين فشلوا في الانتخابات الاخيرة ليسوا ممثلين في مجلس النواب، وبينهم من كان فشلهم على نسبة ضئيلة من الاصوات. الم يعد لرأيهم في شؤون المصير حساب؟

ثم ان مجلس النواب، في ظل النظام الاكثري المعتمد حتى اليوم في كل الانتخابات النيابية، لا يمثل في نظرنا اكثر من 20 في المئة الى 30 في المئة من الشعب اللبناني. فمعدل الاقتراع في لبنان لم يتجاوز الـ 45 الى 50 في المئة من مجموع الناخبين، والذين فازوا في الانتخابات الاخيرة انما فازوا في حالات كثيرة بنسب من مجموع المقترعين لا تتجاوز الـ 40 الى 50 في المئة. بذلك يبدو ان مجلس النواب الحالي قد لا يمثل اكثر من 20 الى 30 في المئة من مجموع الشعب اللبناني. فهل يجوز ان يقرر مصير البلاد والعباد ربع الشعب؟ هل هذا من الديموقراطية في شيء؟

واذا كان مؤتمر الحوار الوطني سيجمع رموز مجلس النواب، فلماذا نحن في حاجة الى مؤتمر؟ ولماذا لا يترك الامر لمجلس النواب كمؤسسة؟ وسواء عقد مؤتمر يضم رموز المجلس، او ترك الامر للمجلس كمؤسسة، فان الاكثرية القائمة في مجلس النواب سوف تتحكم بالنتيجة. واذا كان مجلس النواب، في مجموعه، لا يمثل اكثر من 25 في المئة من الشعب اللبناني، فماذا تمثل الاكثرية؟ هل تمثل 15 في المئة من الشعب؟ وهل يجوز ان يكون قرار المصير الوطني حكرا على 15 في المئة من الشعب؟

وفي حال تقرر ان يضم المؤتمر رموز الساحة السياسية من داخل مجلس النواب ومن خارجه، فالسؤال الكبير: من الذي سيحدد اطراف الحوار؟ اي جهات سياسية سوف تتمثل واي جهات سوف تستبعد؟ وما هي معايير الاختيار؟

اما اذا كان المؤتمر سيضم جميع الاطراف فلن يكون هناك طاولة مستديرة تستوعب كثرتهم في لبنان.

بناء على كل هذه الاعتبارات نقول ان العمل يجب ان ينصب على تفعيل الممارسة الديموقراطية في بلدنا، بحيث يغدو الحوار الوطني، كما هو في سائر ديموقراطيات العالم، شأنا يوميا عاديا عبر المؤسسات الدستورية ووسائل الاعلام وآليات استفتاء الشعب. ويمكن ان تكون البداية بمثل المبادرة التي اطلقها منبر الوحدة الوطنية (القوة الثالثة).

الفكرة تطالب رئيس الجمهورية باعلان استعداده للتنحي وانما ضمن اطار مبادرة للانقاذ الوطني. وهذه المبادرة تفترض استصدار نظام انتخابي جديد يقوم على قاعدة التمثيل النسبي ويتضمن ضوابط تحدد سقفا للانفاق الانتخابي، حتى لا تبقى نتائج الانتخابات رهينة المال السياسي، وتنظم الاعلام والاعلان الانتخابيين، حتى لا يبقى التمثيل النيابي خاضعا لهيمنة القابضين على وسائل الاعلام والاعلان.

لم يسبق ان اعتمدت مثل هذه الضوابط في قانون الانتخاب منذ الاستقلال، بينما هناك شيء من ذلك في التشريعات الانتخابية المعمول بها في سائر ديموقراطيات العالم.

ولن يكون لاستصدار قانون جديد للانتخابات مفعول اذا لم يوضع سريعاً موضع التطبيق تصحيحاً للواقع السياسي غير الديموقراطي. وهذا يكون بحل مجلس النواب واجراء انتخابات بناء على القانون الجديد. ويمكن ان يتم ذلك عبر القانون الجديد للانتخاب بتضمينه نصاً ختامياً مؤداه ان ولاية المجلس الحالي تنتهي، مثلاً، بعد اربعة اشهر من صدور القانون. ولقد ورد مثل هذا النص في قانون الانتخاب الذي صدر عام 1992. فحدد موعداً لانهاء ولاية مجلس النواب القائم آنذاك والذي كان مدد له طيلة سنوات الحرب اللبنانية القذرة.

اذا اخذ بمبادرة منبر الوحدة الوطنية، وحرصنا على استصدار قانون جديد خلال  شهرين، واجريت الانتخابات بموجبه خلال اربعة اشهر،  فان الحصيلة خلال ستة اشهر ستكون مشهداً سياسياً جديداً كلياً: برئيس جديد للجمهورية، اذ يفترض ان يستقيل الرئيس الحالي عند انجاز الانتخابات، ومجلس نواب جديد حتى في بنيته بفعل التمثيل النسبي في حال اعتماده، وبالطبع حكومة جديدة.

هكذا يرتجى تصحيح الخلل السياسي، وتفعيل الممارسة الديموقراطية، فيغدو الحوار الوطني، كما يجب ان يكون، شأناً يومياً يمارس عبر مؤسسات الدولة وآليات الاستفتاء واستطلاع الرأي. ولا يعود لمؤتمر للحوار الوطني دور، وذلك اسوة بما هو قائم في سائر ديموقراطيات العالم.

وفي حال عقد مؤتمر للحوار الوطني في شكل من الاشكال، على الرغم من التساؤلات والملابسات التي تطرقنا اليها آنفاً، يا حبذا لو يركز هذا المؤتمر على النظام الانتخابي وكيف يجب ان يكون. هذا ان كنا نريده منطلقاً للاصلاح السياسي. علما بان الاصلاح السياسي هو بالضرورة منطلق كل اصلاح في اي مجال. فقرار الاصلاح، حتى في النطاق الاقتصادي او المالي او الاجتماعي او الاداري، انما هو قرار سياسي، بمعنى انه يصدر عن مرجعية سياسية من مثل مجلس الوزراء ومجلس النواب.

مرة اخرى نقول: في حال عقد لقاء بين رموز الساحة السياسية، أياً يكن المشاركون، فان اللقاء في ذاته قد يكون اهم من مضمون ما يصدر عنه. فليكن اللقاء، اي لقاء، بصرف النظر عن الملابسات.

 

لحوار داخل غواصة

رشيد درباس  - السفير 11/2/2006

 كلما اصطدم لبنان بأزماته العنقودية، ترتفع العقيرة بالدعوة الى الحوار، حتى تصل الى ارتفاع عشرات آلاف الأقدام على متن الطائرات الساعية الى العزاء والتهنئة معا في هذه الدولة أو تلك. ولقد لمسنا أنه ما إن تلامس عجلات الطائرات مدارج المطار الدولي، حتى ينزل المتحاورون متخففين من أعباء ما قالوه أو اتفقوا عليه تحت وطأة الضغط الجوي، أو بحكم الدوار الذي يصيب البعض في الأماكن المرتفعة.

وربما كان الجو السائد في الفضاء، حميماً في ما بينهم لشعورهم أن الآلة التي يمتطونها، هي ضمانة سلامتهم جميعاً، إذا مسها ضر أو خلل، صارت حيواتهم في مهب الريح، ولكن عودة الأقدام الى أرضها تحرر من الرهبة، وتفك من أسر الالتزام، فليتهم علموا أن بلدهم هو بمثابة طائرة أيضا، سابحة بين الضباب والأعاصير، وأن غرفة القيادة فيها متروكة، وأن معايير الأمان لا تجري مراعاتها، وأن لحمة مفاصلها أصابتها هشاشة العظام والروح وإرادة النجاة.

وبعد أن فشلت جميع الحوارات الجوية، وعاد بعضهم الى الحوارات الأرضية، تعلقت عليها آمال كثيرة عليها، لا سيما افتتاحية الأستاذ طلال سلمان في 7/2/2006، وجدت من واجبي أن أتقدم على سبيل الاحتياط، باقتراح إجراء الحوار الجديد داخل غواصة، وذلك اتقاء لفشل الحوار الأرضي رغم ما أحاط به من مظاهر الجدية والرصانة والمهابة، وما عُوّل عليه من الرؤى المستقبلية لإنقاذ لبنان، رغم إشارة الأستاذ طلال الى أنه حوار ناقص لا بد من استكماله.

وعلى تمنياتي بالنجاح الكامل للقاء العماد عون والسيد حسن نصر الله، فإنني أبدي تحفظي المسبق وأقول إن اختيار كنيسة مار مخايل كمكان للقاء، لا يزيل آثار ما حصل لكنيسة مار مارون في الأشرفية في اليوم الذي سبق، ولا يضمد الجراح العميقة لمباني التباريس وسياراتها، ولا يوقف النزف في مشاعر الأمان لدى المواطنين، لأن ذلك اللقاء يضع الشعب والدولة بين حدين (وفقاً لتعبير الورقة المشتركة)، حد الفوضى الذي وسم دعوة دار الفتوى وقوى أخرى للتظاهر، وحد الانضباط الدقيق الذي تتسم به مسيرات حزب الله حيث تكاد تنظف الطرقات التي عبرتها أثناء عودتها، أي حد الهلع، وحد القلق، ويجعل الدولة أيضا نهباً لشرطين، شرط واقف يمنع اكتمال عناصرها ومؤسساتها إذا لم يتحقق، وشرط فاسخ، يجعل الدولة عرضة للتفسخ والانحلال إذا تحقق. وغني عن القول إن الشرط الواقف رئاسي والشرط الفاسخ سياسي، وهما متباعدان في المضمون وإن اقتربا في الشكل. ولكنهما معيبان معا بعيب التجاهل والتعمية، وتجاوز الخلاف الأصلي الذي يبدو أن الفريقين تواضعا على عدم مقاربته، وذلك عملا بمبدأ تأجيل الآجل لمصلحة العالج.

ولكنه لا بد من التنويه بالكلام الذي أدلى به العماد عون في مؤتمره المشترك حول التأكيد على إيمانه بحقائق الجغرافية، واستحالة انفصال لبنان عن محيطه العربي، وهذا بحد ذاته يعيد الأمور الى نصابها الضائع، وينبه الآخرين الى أن الاختلاف مع سوريا يجب أن لا يستدرجنا الى ما لا نؤمن به وما لا قبل لنا به، ولا مصلحة لنا فيه، فالخلاف بين الدول له آلياته، والاضطرابات داخل الدول لها عدواها، فلا نحملن أنفسنا مهمات ليست لنا، ولا ندعن ضيق الصدر يفضي الى ضيق في حقول النظر.

من هنا تقدمت باقتراحي الاحتياطي لإجراء الحوار داخل غواصة، وذلك لأهمية وضرورة بحث الأمور في أعماقها، لا في مظاهرها وشكلياتها. وتأكيدا لذلك، فقد كنت اقترحت على بعض من قوى 14 آذار، بعد أن فشلت تلك القوى في إنتاج تسوية سياسية مع العماد عون، أو إنتاج صيغة للبحث في سلاح المقاومة، أن تستقيل من هذه المهمة، وأن تعلن موافقتها المسبقة على ما يتفق عليه السيد والعماد، لأنهما من موقعيهما المعروفين، جديران تماماً بإنتاج تسوية وسط، يوافق عليها جميع اللبنانيين. ولكنني، وبعد قراءتي للورقة المشتركة، اكتشفت سذاجة اقتراحي، لأن المعضلة الحقيقية جرى طلاؤها بكثير من الكلام العمومي فيما المطلوب واحد، هو بناء دولة لبنان على قاعدة الديموقراطية والتعدد وتداول السلطة رغم الصراع القائم في المنطقة بل لمصلحة العروبة في هذا الصراع، لأن لبنان ليس فرق عملة في بورصة الأنظمة والمصالح ولأن اندثار الدولة اللبنانية هو اندثار للرسالة التي يجسدها هذا الوطن، ولكن التجارب المريرة التي مررنا بها عبر عشرات السنين أثبتت أن النتوء عن الدولة، يلغي هذه الدولة، كما أثبتت في الوقت عينه أن إسرائيل لا أمان لها، فمن لنا إذاً بتشكيل تلك المعادلة الصعبة التي لا بد منها لكي يعود للبنان دوره الحضاري والاقتصادي والثقافي، ولكي يتوقف نزفه في أبنائه، دماء وهجرة، ويأساً مقيماً؟!

لقد دفع رفيق الحريري حياته ثمن الجري وراء تلك المعادلة، وما زال يدفع حتى الآن من سمعته، لأن الدعوة الى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الهدر المالي، لم تعد غاية مالية وقضائية بحد ذاتها، بل هي دعوة تكاد تأخذ شكل التصريح بتحميل الشهيد مسؤولية الهدر والفساد والإفساد، كل ذلك بغرض إحباط محاولة استكمال الجري وراء معادلته الصعبة المشار إليها، لأن قوى حقيقية وحية ما زالت تمارس تأثيرها بين حدي الشرط الواقف والشرط الفاسخ، وهي بهذا تشترك من غير أن تدري في لعبة مفاقمة الدين العام لأنها تستمر في لعبة سابقة، أخطر من هدر المال، هي لعبة هدر الوقت والفرص، والآمال المعلقة على دولة لبنانية حديثة، سواء كانت هذه الآمال لبنانية أو عربية ودولية.

ومن هنا رأيت أيضا أن الحوار داخل غواصة، يقيه من تداعيات الهواء المبثوث على الشاشات، لأنه أصبح ويا للأسف، اسماً مزوراً لمسمى آخر، هو السجال، حيث يحاول كل فريق أن يسجل على الآخر موقفا، والفوز في هذا لا يكون لصاحب الموقف الصحيح، بل لصاحب اللسان الذرب والعقيرة العالية.

وثالثة الأثافي في دعوتي، ترتكز الى ضرورة إجراء الحوار العميق حول ما يتعرض له الإسلام، كدين وكحضارة هي حضارة منطقتنا كلها، إذ ان بعضا من المسلمين يساهمون بتشويه الصورة التي أتى عليها هذا الدين فبدّل البداوة حضارة، وعبادة الأصنام إيمانا، والثأر تسامحا، وظلت مسامع حكامه ترن فيها أجراس الكنائس عبر خمسة عشر قرنا، فما ضاقت بها ذرعا ولا رجمتها <<بحجارة من سجيل>> كما حاول أن يفعل متظاهرو المسألة الدنماركية، الذين لا يعرفون لغتها ولم يشاهدوا رسومها الكاريكاتورية، بل كان غرضهم أن يجعلوا من المسلمين كاريكاتورا موازيا يسيء إليهم ولا يسيء الى النبي العربي الذي يعتبر أعظم شخصية في التاريخ، فيما هو بنبوته أعلى من كل اعتبار، وأعلى من حقارة رسام لا تنال ريشته المسمومة طرفا من جناح الرسالة المحمدية المحلق في سماء الأبدية. ولا أعتقد أن الهيئات الداعية الى المظاهرة كانت بحاجة الى استيراد مشكلة من الدنمارك فيما المشاكل <<الوطنية>> وفيره عندنا، ولا أظن أننا سمعنا من المنظمين ما يشير الى أن مرعى البقرة الدنماركية هو في سهوب الأشرفية وفي عمائرها، أو أن جبنة البقرة الضاحكة كانت مخزنة في أجهزة الكومبيوتر التي جرى رميها من الشبابيك، أو في خزانات السيارات التي بقرت بطونها بواسطة المعاول.

أسئلة أخيرة أوجهها الى الأكثرية التي كبرت حجماً وطبقت شحماً، باعتبارها المسؤولة نظريا عن حكم البلد، والمسؤولة شعبيا أمام الأصوات التي انهلت عليها بلا حساب ولا سابق معرفة: هل كان ليحدث ما حدث، لو أن تلك الجماهير التي اندس فيها المندسون، شعرت بأن الحكم يلتفت الى بناها التحتية ومشاريعها الإنمائية، وكهربائها التي يتعثر تيارها بين الإدارة والمحروقات وشدة الإهمال؟

هل كتب على هؤلاء أن يعيشوا على التعليل كما كانت تلك العجوز تعلل الأطفال بطبخة الحصى أيام الخليفة بن الخطاب رضي الله عنه؟ هل لها أن تقدم لنا دليلا سياسيا أو سياحيا نستعين به على السير في هذا الحقل المغناطيسي؟ هل ستدخل الغواصة الى أعماق الحق بكامل طاقمها أم أن غرفة القيادة ستظل على ما هي عليه؟ علينا أن نقر بأن بلدنا في نفق مظلم، وأن رجالاته عرضة للاغتيالات المبرمجة، وأن الظلام دامس، ولكنه يحق للوطن أن يعبر هذا النفق الى الضوء الصريح ويلتقي بوعده وسعده؟ هل هكذا يا سعد تورد الإبل؟

 

ماذا يريدون من الحوار؟

بقلم/ بشارة شربل

11 فبراير, 2006 – صدى البلد

منذ فترة وأنا أحاول بذل جهد مضاعف لأعرف ماذا يعني أهل السياسة بالحوار، وما الذي يبتغون تحقيقه من الجلوس الى طاولة مستطيلة أو مستديرة أو مخروطية الشكل. وحتى الأمس القريب لم تجد كل محاولاتي نفعاً. راجعت نفسي وظننت بأنني فقدت قدراً من التركيز أو انه في غفلة من الأفكار التي تلقيها القوى السياسية بالأطنان ووثائق التفاهم ولقاءات التفاوض الأولي فقدت فرصة التقاط الجوهري من الكلام.

في المبدأ لا عاقل يعترض على نقاش يجرى بين الأحباء فالأحرى أن يرحب بجدل صحي يتم بين متخاصمين أو أعداء سابقين أو مختلفين في الرأي بشكل حاد. لكن يصعب على المواطن اللبناني الذي اكتوى بنيران حروب لبنان 15 عاماً ثم احترق بمساوئ النظام السياسي الفاسد 15 عاماً أخرى أن يصدق ان الفرقاء أنفسهم، وبلا استثناء، الذين صنعوا الحروب أو تفرجوا عليها أو استفادوا منها نهباً وفساداً أو نفوذاً حزبياً أو استتباعاً يستجلب أعطيات، هؤلاء يريدون الجلوس من جديد ليصنعوا لنا الفجر الجديد وتشرق على أياديهم البيض أو طهرانيتهم الموهومة شمس وطن موحد وحر وسيد ومستقل ودولة قوية قادرة على حماية السلم الأهلي والحدود على السواء.

لم أكن متشائماً في يوم من الأيام. ولا أضع جميع الناس في سلة واحدة ولا احاسب القوى السياسية على تاريخها المشين حين تقرر الندم وتغيير الاتجاه. كذلك لست متطيراً من أي فكرة جديدة ولا من انبثاق أطراف ترغب في التغيير. لكنني بكل بساطة أعتبر أن هناك في لبنان دستوراً دفع اللبنانيون مئات آلاف الضحايا قبل أن يقروه ثم دفعوا المليارات والدماء والسيادة ثمناً لأن الذين تعهدوا تطبيقه انقلبوا عليه واستمرأوا ابقاء البلاد في الحضيض جاعلين من وطنهم ورقة في نزاع ومن أرضهم ساحة مفتوحة لا تليق بدولة مكتملة الأركان. وهذا الدستور لا يزال صالحاً وهو صيغة ملائمة للبنان ولا يزال يستحق أن يبذل جهد لتطبيقه وتجريبه انطلاقاً من حسن نية وقناعات.

الحوار المطروح يبدو حتى الآن كذبة يخترعها السياسيون وعنواناً وهمياً يخفي مصالح سياسية ضيقة لا علاقة لها بوحدة لبنان ومستقبل الأجيال. ولم تبرهن الدعوات اليه حتى اشعار آخر الا عن خدعة لتقطيع الوقت عبر تقاطع المصالح في انتظار ظروف خارجية أو انقلابات داخلية تحمل أصحاب الأطماع الشخصية أو الفئوية أو الطائفية الى الواجهة وتكرس الواقع بعد حصول الوقائع. لكن هذا الحوار قد يبدو جميل الشكل متقن الاخراج وسيكون محرجاً لمن يتعرض له بالانتقاد.

راجعت اتفاق الطائف أمس. وأنا أدعو كل مواطن مهتم الى مراجعة هذا الاتفاق. فوجدت أن كل الأسئلة الأساسية التي يتحدث "المتحاورون" عن رغبتهم في طرحها والوصول بها الى تسويات أو اتفاقات, لها اجابات واضحة لا تحمل لبساً ولا تحتمل أي اجتهاد. وأكبرت الذين صاغوا الاتفاق. ولأنني لا أريد أن أتهم بالتبسيط، أقر بأن مسائل كثيرة تحتاج دائماً الى حوار لكنها لا تتعلق لا بجوهر النظام السياسي الميثاقي ولا بنهائية الكيان ولا بقيام الدولة السيدة المستقلة ولا بهوية لبنان.

اذن ما الذي يريد هؤلاء مناقشته؟ سلاح المقاومة؟ جوابه موجود في الدستور اللهم اذا أراد الأفرقاء الوصول الى نتائج وليس الالتفاف على النصوص. استقلالية القضاء؟ هي أيضاً هناك ويمكن ربط تنفيذها بالوصول الى الحقيقة ومحاربة الفساد على السواء. النظام الانتخابي؟ هو الأعمى الذي لا يرى في النص الدستوري باباً واضحاً الى التمثيل العادل... والامثلة أكثر من أن تحصى في عجالة مقال. لذلك فان ما بقي من مسائل، رغم أهميته، لا يستحق أن تتوقف من أجله عجلة الحياة وأن يحول دون عودة الأمن وتمتين الدولة واستكمال شروطها وعودة النهوض الى البلاد.

هل أن الداعين الى الحوار يؤمنون باتفاق الطائف والدستور وتطبيق القوانين أم أنهم يريدون استئناف الانقلاب الذي بدأته الجمهورية الثانية بعيد اقرار الاتفاق؟ هل يريدون كسب الوقت وذر الرماد في العيون في انتظار وصاية جديدة أو وصاية مستعادة مستغلين مبدأ الحوار؟... نأمل ان تكذّب الايجابيات كل نزعة الى التشكيك.

 

المنبر الديمقراطي” يتخوّف من ان يزيد لقاء عون - نصرالله في تشنج الوضع

, 11 فبراير, 2006 – صدى البلد

ابدى “المنبرالديمقراطي” خشيته من ان “يشكل اللقاء الذي ضم الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ورئيس “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون استقطابا يزيد في تشنج الوضع السياسي الحالي”، وقال: “المطلوب حوار بنّاء شامل يجري بين الجميع من دون استثناء، وليس حوارا يؤدي الى استقطابات سياسية جديدة تعقد طريق الحوار الذي تستدعيه بشدة لحظة الوطن الراهنة”.

واشار خلال اجتماعه الشهري الذي عقده امس، الى “ان شكوى اللبنانيين تتصاعد من التدخل التخريبي للمنظومة الامنية اللبنانية-السورية ومن الضغوط الخارجية المتمادية، وان الخوف يشتد من استمرار الاغتيالات السياسية، والاصوات ترتفع مستنكرة غياب المسؤولين عن مواقع مسؤولياتهم الدستورية في معالجة الازمات المستفحلة”. وتوقف “عند الاحداث التي انفجرت عشية الذكرى السنوية الاولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه”، واصدر بيانا دان فيه احداث الاشرفية، مسجلا على الحكومة تقصيرها.

لحود: الحوار فرصة لتجديد الثقة بلبنان

11 فبراير, 2006 –صدى البلد

اعتبر رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، ان اطلاق الحوار بين اللبنانيين من شأنه ان يخلق مناخات ايجابية تساهم في اعادة تطوير الحياة الاقتصادية داعيا الى ابقاء السياسة بعيدة عن لقمة عيش المواطنين.واكد امام وفد غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت غازي قريطم الذي زار بعبدا امس ان الاقتصاد هو من المقومات الاساسية للاوطان، ولا طائفة له ولا مذهب.وقال: "ان الامل كبير في ان تشكل انطلاقة الحوار الوطني فرصة لتجديد الثقة الداخلية والخارجية بلبنان، ما يزيد فرص الاستثمار فيه، ويوفر مجالات عمل جديدة وينمي القدرات الاقتصادية". وكان قريطم قدم للحود تقريرا تضمن رؤية المجلس الجديد لرسالة غرفة التجارة والصناعة والزراعة واهدافها والاولويات والاستراتيجيات وبرمجة العمل للاشهر الستة الاولى من العام الحالي.

 

زواج متعة بين نصرالله وعون 

السبت 11 فبراير - ايلاف

"الحزب" لا يبلع الجنرال رئيساً والغالبية تفضل لحود

زواج متعة بين نصرالله وعون

إيلي الحاج من بيروت: لم يكن اللقاء – الحدث بين رئيس "التيار الوطني الحر" ميشال عون والأمين العام لـ" حزب الله" السيد حسن نصرالله الاثنين الماضي خطوة نحو فرض الجنرال رئيساً للجمهورية خليفة للرئيس الحالي إميل لحود، أقله ليس الآن قبل تمكين الجانبين من الاتفاق على الموقف من القرار 1559 الذي آثرا تجاهله في ورقتهما المشتركة. وحتى لو توصلا إلى اتفاق في شأنه يظل قرار بدعم ترشيح محفوفاً بالأخطار على "حزب الله"، وخلفه حليفتاه سورية وإيران، لأن عون الشهير بمبدأ "الدولة لا الدويلة" قد لا يمكنه خيانة نفسه طويلاً متى بات في السلطة وتقوّى فيها بعصبية جيشية حوله ، وعليه من ماضيه الذي لا ينكره في هذا السياق كثير شواهد . وفي مطلق الأحوال لم يغير اللقاء شيئاً في موازين القوى البرلمانية ولن، حتى لو ربح تيار عون مقعداً إضافياً في دائرة بعبدا بعد سقوط مساعي التوافق على مرشح يجنب المسيحيين في شكل خاص تشنجات معركة حامية. فالغالبية في مجلس النواب لا تزال الغالبية والأقلية الأقلية، ولن تتغير ما دام الجميع "متخندقين" في مواقعهم، في حين تفضل "قوى 14 آذار/ مارس" المناهضة لسورية بقاء لحود سنتين إذا لزم الأمر، على الإتيان بعون الذي لا ينفك يثير "النقزات" بمرها وحلوها، حسب الناظرين إليها، منذ انتقاله عام 1988 من مقر قيادة الجيش في اليرزة إلى القصر الرئاسي في بعبدا فالعمل السياسي.

ليس اللقاء إذاً لإيصال عون إلى رئاسة لعدم توافر القدرة وربما الرغبة، إنما هو لإسقاط حكومة الغالبية الحاكمة على خط مناهضة سورية في لبنان برئاسة فؤاد السنيورة بتحركات شعبية قاربها "حزب الله" سابقاً أول فصل الشتاء ولم ينجح تحت لافتات مطلبية منها "ثورة المازوت" لافتقاده إلى البعد الوطني الجامع. كان الحزب موعوداً في تلك المرحلة بمدد شعبي وجغرافي وسياسي من الجنرال عون الذي لم يُقدم، وذلك لعدم تهيؤ أنصاره على الأرجح للمواجهة بجانب من يُفترض أنهم نقيض تكوينهم وضد من كان يُفترض أنهم الحلفاء الطبيعيون للعونية لولا عقبة رئاسة الجمهورية التي جعلها عون المحور والقصدله ولجمهوره. كان لا بد من ورقة تفاهم تلك لتقريب الحزب الشيعي المتشدد والمسلًح من صورة الحليف الوطني المقبول في أذهان أنصاره. وفي لبنان لا يحاسب الناس زعماءهم أيا يكونوا على التغيير في خطاباتهم والانحرافات ، وهذه ليست ميزة العونيين أو الحزب اللهيين وحدهم ، فالكل سواسية في هذا المضمار. الإنتماء السياسي في لبنان مسألة عاطفية تتصل بناحية القلب (العاشق لا يرى في محبوبه إلا الجمالات)، وفي العادة، بل دائما تطرد الأحزاب والتيارات من صفوفها القلة التي تفكر وتحاول محاسبة.

"موضوع إنشاء"

ولكن يثبت بعد سنة على غياب رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي أشعل اغتياله سلسلة حرائق لم تخمد بعد، أن النظام السوري الذي تلقى ضربات قوية في لبنان أخرجته منه مترنحاً ، عاد ينجح يوماً بعد يوم ونقطة بعد نقطة في مسعاه إلى تحويل المواجهة على أرض "بلاد الأرز" بين أهل هذه البلاد أنفسهم وليس بينهم وبينه. أولى البوادر كانت لمن يذكر "تظاهرة الشكر والولاء" التي أنزل فيها "حزب الله" متبوعاً بحركة "أمل" الجمهور الشيعي إلى ساحة رياض الصلح في 8 آذار الفائت ولن تكون خاتمتها ورقة التفاهم على عدم التفاهم إلا على استمرار "حزب الله" في حمل السلاح حتى بعد تحرير مزارع شبعا في انتظار الاتفاق على صيغة معالجة الأخطار والتهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، على ما ورد في الورقة التي رفعها في كنيسة مار مخايل السيد نصرالله والجنرال عون ،الذي قبل أيضاً بعدم الإتيان على ذكر قرار لمجلس الأمن حمل رقم 1559 ولطالما تباهى بأنه كان وراءه. ولا على ما ورد فيه لناحية نشر الجيش اللبناني والقوى الرسمية وحدها على الحدود تحت طائلة خروج لبنان من تحت مظلة الشرعية الدولية.

وغني عن القول أن استمرار المقاومة وسلاحها يعني استمرار التدابير الأمنية الذاتية في مناطق شاسعة من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، حيث لا وجود للدولة إلا في الشكل. وهي نقطة شديدة التأثير في مستقبل هذه البلاد الواقعة على تقاطع إقليمي متفجر بين إسرائيل ومن وراءها ، والمحور الإيراني- السوري- الفلسطيني الأصولي الذي يشكل "حزب الله" جزءاً منه.  ويبدو معبرّا أن ورقة التفاهم على اللا تفاهم لم تتطرق من قريب ولا بعيد للحلف مع إيران وسورية ، في موازاة تبنيها لمقولة الرئيس السوري بشار الأسد أن على لبنان أن يثبت بنفسه لبنانية المزارع "بعدما أعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة" ، هكذا بالنص ولم يكلف أحد من جانب العماد عون سؤال نفسه في أي وثيقة رسمية ورد ذلك الإعلان فعلاً.

ويفاقم واقع التسليم العوني بكل مقولات الحزب اللهي أن حتى سلاح المنظمات الفلسطينية خارج المخيمات لم يحظ بموقف ، بل أنه هو أيضاً يخضع للحوار نفسه الذي قال به البيان الوزاري لحكومة الرئيس السنيورة المشارك فيها الحزب الشيعي المتشدد . حوار يبدو ممتداً إلى الأبد . أما بقية البنود مثل المتعلق باللبنانيين اللاجئين إلى إسرائيل فلم تقدم شيئاً جديداً مثل طلب عفو أو تخفيف أحكام أو معالجة استثنائية لأحوالهم ما، بل دعاهم الطرفان للعودة وتسليم أنفسهم إلى القضاء وفي مقدور أي منهم فعل ذلك بغير جميل الحزب والتيار. الأمر نفسه ينطبق على طلبهما من سوريا التعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من أجل كشف مصير المعتقلين في السجون السورية "في أجواء بعيدة من الاستفزاز والتوتر من السلبية التي من شأنها إعاقة بحث هذا الملف على نحو إيجابي". وهو شرط قد يستدعي توافره أعواما طويلة بعد.

وتلفت في السياق عملية التبرئة المتبادلة التي مارسها الطرفان بمواكبة إعلان الورقة، فالحزب اللهي بعرف الجنرال لم يوجه سلاحه يوماً إلى لبنانيين، بخلاف بقية الميليشيات. ترى كان الحزب يقاتل جواسيس أوروبيين وأميركيين، حلّل عون سابقاً خطفهم وقتلهم، إبان حروبه أقله مع حركة أمل" التي تخللتها فظاعات في الضاحية والجنوب في حقبة النصف الثاني من الثمانينات؟ أما عن الفساد والمال فلم تتناول الورقة مسألة مصادر تمويل الحزب والتيار على السواء، أم هي من خمس الزكاة فحسب، وفوائد تبرعات المواطنين أيام "قصر الشعب" ؟

 أيا يكن، كان الحري بلقاء من هذا النوع بين كتلتين سياسيتين وشعبيتين بهذا الحجم أن يثير اغتباطاً لو لم يقم على الانتهازية والإكتفاء بنصف الكلام مع ترك الباقي مضمراً، بما يجعله لقاء بين عزلتين لم تقررا البوح والصراحة، فالحزب يكسر بمد اليد إلى الجنرال عون عزلة ثقيلة الوطأة عاشها أشهراً على مستوى الوطن وجر إليها الطائفة، وعون يخرج من عزلته خارج الحكومة وفي البرلمان حيث بدا وحده معارضاً والباقون إما ساكتون وإما يردون مستقوين عليه بأكثريتهم.  إنما ورقة التفاهم تلك تصلح موضوع إنشاء كما وصفها الرئيس الدكتور سليم الحص. وتعبير "لقاء عزلتين" الأصح منه "زواج المتعة" .

 

لبنان يبدأ حوارا وطنيا لبحث سلاح المقاومة وشبعا المحتلة 

بيروت – وكالات : 11/2/2006 

أعرب وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ عن اعتقاده بان جميع اللبنانيين يقرون بأن المقاومة ليست ميليشيا وسلاحها لا بد من حوار حوله للوصول الى قرار توافقي. وأوضح صلوخ في تصريح للصحافيين عقب زيارته الاولى منذ توليه منصبه الى البطريرك الماروني نصرالله صفير ان البحث تناول ما حدث يوم الاحد الماضي من اعمال شغب في منطقة الاشرفية ببيروت. وقال نحن مع مظاهرة راقية وحضارية يعبر فيها المسلمون والمسيحيون عن شعورهم نحو اساءة قام بها البعض ضد النبي محمد.

وحول وثيقة التعاون السياسية التي وقعت بين حزب الله والتيار الوطني الحر مؤخرا وصف صلوخ هذه الخطوة بانها ايجابية لافتا الى ان هذا الامر مفتوح امام الاحزاب والقوى الاخرى اذا كانوا يوافقون على هذه الورقة.

وأعرب عن ترحيبه بأي خطوة ايجابية تخدم لبنان وتعمل على استقراره وزرع الهدوء والطمأنينة والمشاركة في بنائه.

وردا على سؤال حول تطبيق القرار الدولي الرقم 1559 قال صلوخ ان القسم المهم من القرار قد نفذ وتحقق بانسحاب القوات السورية اما الباقي فهو يتعلق بشأن داخلي في لبنان وجميع اللبنانيين يقرون بأن المقاومة ليست ميليشيا وسلاحها لا بد من حوار حوله كي نصل الى قرار توافقي.

واضاف انه عندما نصل الى اجماع يمكننا ان نعالج هذا الموضوع.

واشار الى ان اسلحة المنظمات الفلسطينية المتواجدة في لبنان تعالج من خلال فريق عمل انشىء مؤخرا برئاسة السفير خليل مكاوي للبحث والمفاوضات حول امور سياسية واجتماعية مع الفلسطينيين.

واضاف نحن نعالج سلاح المقاومة وندرسه مع الامم المتحدة مؤكدا احترام لبنان لقرارات الشرعية الدولية.

بيد ان صلوخ طالب الامم المتحدة بان تضغط على اسرائيل لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

وحول عدم تقديم سوريا لاي وثيقة تثبت لبنانية مزارع شبعا قال صلوخ لقد اعلن وزير الخارجية السوري بصوت عال ان مزارع شبعا هي لبنانية.

الا انه قال لا بد من اجتماع لبناني - سوري لبحث هذا الامر خصوصا في ظل وجود عدة خرائط ولا بد ان نصل الى النتائج الطيبة في جو هادىء مرن ومتسامح لانه لا يمكن ان نرسم حدود وننشىء علاقات ديبلوماسية في جو مكفهر ومتوتر.

واعرب وزير الخارجية اللبناني عن امله بان يرتاح لبنان وتظهر الحقيقة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق الشهيد رفيق الحريري وغيره من الشهداء لان الحقيقة تخدم لبنان.

من جانبه أكد الزعيم الدرزي اللبناني النائب وليد جنبلاط الجمعة انه سيعد وثيقة عن القضايا الشائكة لتجري مناقشتها في مجلس النواب وتتضمن خصوصا حلا لقضية نزع سلاح حزب الله الشيعي. وقال جنبلاط وهو من قادة الاكثرية النيابية المناهضة لهيمنة سورية للصحافيين ساضع ورقة للحوار لمناقشتها لاحقا فقط في اطار المجلس النيابي وذلك في اطار الدعوة الى الحوار التي اطلقها رئيس البرلمان نبيه بري زعيم حركة امل الشيعية الموالية لسورية.

واوضح جنبلاط من قصره في المختارة في قلب جبل الشوف (جنوب-شرق بيروت) ان منطلق الورقة الاساسي قضية مزارع شبعا.

وقال ملكية مزارع شبعا لبنانية لكن السيادة عليها ليست للبنان. واكد الزعيم الدرزي انه حصل منذ زمن وجيز على خرائط تدل على ان مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اضيفت عام 2001 الى السيادة اللبنانية والحقت بها بعد ان كانت خارجها منذ العام 1962.

واضاف مرفوض ان يبقى لبنان ساحة صراع مفتوح مع اسرائيل وان تبقى دويلات في لبنان حتى انتهاء القضية (...) ان المعادلة التي تقول يجب ان تبقى مزارع شبعا مفتوحة حتى تتحرر وتثبت لبنانيتها امر مرفوض. واكد ان الحل يكون بنزع سلاح حزب الله وانضمام عناصره الى الجيش كما حدث مع سائر الميليشيات اللبنانية بعد انتهاء الحرب اللبنانية (1975-1990). وقال مرفوض القول بمنظومة دفاعية لحزب الله خارج الجيش. الحل ان يتم ما جرى عام 1991 تحل ميليشيا حزب الله وتدخل الى الجيش.

يذكر ان قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 (2004) ينص كذلك على نزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. لكن حزب الله الذي يتمتع بدعم دمشق وطهران يصر على الاحتفاظ بسلاحه طالما ان اسرائيل تشكل خطرا على لبنان. وراى جنبلاط ان امين عام حزب الله حسن نصر الله قوي يملك الامكانات المادية والمعنوية والخطابية والسلاح ويقول انا هنا وانتم قرروا ما شئتم واضاف اقول نملك الكلمة الحرة ونريد لبنان سيدا مستقلا ونرفض وصاية النظام السوري والنظام الايراني. يذكر ان لحزب الله ذراع عسكرية هي المقاومة الاسلامية التي ادت عملياتها الى انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان في ايار/مايو عام 2000 بعد احتلال استمر 22 عاما.

وبعد الانسحاب استمر حزب الله في تنفيذ عمليات من حين لاخر ضد الجيش الاسرائيلي في مزارع شبعا التي احتلتها الدولة العبرية عند احتلالها هضبة الجولان السورية عام 1967. وبموافقة شفهية من دمشق تطالب بيروت بسيادتها على هذه المزارع التي تبلغ مساحتها نحو 20 كلم مربع وتقع على تقاطع الحدود بين لبنان وسوريا واسرائيل. وكان نصر الله قد وقع الاثنين في اول لقاء جمعه مع النائب ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر المعارض للحكومة على وثيقة تفاهم تنص على ان مصير سلاح حزب الله يطرح على بساط البحث ضمن ظروف حددتها ب حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع وطني وتحرير مزارع شبعا وتحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

حتى الان كان الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه جنبلاط يوافق على احتفاظ حزب الله بسلاحه حتى تحرير مزارع شبعا مع العمل بالطرق الدبلوماسية لحل هذه القضية بعد ان يتم ترسيم الحدود في قطاع مزارع شبعا وانسحاب اسرائيل منه وفقا للقرار 425 (1978). يشار الى ان الرئيس السوري بشار الاسد وحزب الله يعتبران ان ترسيم الحدود في قطاع مزارع شبعا يصب حاليا في مصلحة العدو الاسرائيلي.

 

النائب جنبلاط استقبل النائب عدوان ووفدا من الإصلاح والتغيير

وطنية - 11/2/2006 (سياسة) كشف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط انه "سيقدم ورقة عمل للحوار في المجلس النيابي، وسيكون منطلقها الاساسي أن ملكية مزارع شبعا لبنانية, اما السيادة فليست للبنان", داعيا الى "دخول "حزب الله" في الجيش اللبناني وفق اتفاق الطائف, اما خارج الجيش والسيادة اللبنانية فممنوع". النائب عدوان التقى النائب جنبلاط نائب رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية النائب جورج عدوان في حضور النائب وائل ابو فاعور. وبعد اللقاء،

قال النائب عدوان: "تندرج هذه الزيارة في سياق اللقاءات الدائرة مع الاستاذ وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي, ونحن على تواصل دائم وتشاور في مختلف المواضيع الوطنية التي تهم كل اللبنانيين. ويجب ألا ننسى، ايضا، ان هناك مواضيع مهمة كثيرة على الساحة اللبنانية من الاحداث التي حصلت الاحد الفائت في الاشرفية, وهذه الاحداث يجب ألا تمر مرور الكرام، وأن نأخذ منها العبر، لاننا نرفض ان تتكرر، وألا نجد العلاجات الجذرية والجدية كي نمنع بكل الوسائل تكرارها. وكذلك ما يجري على الساحة اللبنانية من لقاءات والتعليق عليها ودرسها وموضوع انتخابات بعبدا - عاليه، والسعي الموجود كي نستطيع تأمين توافق لهذه الانتخابات".

وردا على سؤال، قال: "عندما نقول توافقا نعني ألا يكون المرشح في أي كتلة، وتحديدا، لا كتلة "التيار الوطني الحر" ولا كتلة "القوات اللبنانية". هذا اذا كنا نتحدث عن توافق. اليوم، نحن نتحدث عن توافق، وأطلقت ماهية المبادئ التي تؤدي الى التوافق، وسنرى الاسماء التي من الممكن ان ينطبق عليها هذا الموضوع, ونحن في هذه المرحلة تماما، وهناك تفاهم على كل ما يجري حول هذه النقاط. وطبعا، نضع بعضنا في اجواء التشاور التي يحصل مع كل شخص منا".

سئل: النائب جنبلاط مؤيد للتوافق، لكن هل يؤيد النائب العماد ميشال عون التوافق؟ أجاب: "أعتقد أنه في لقاء الأربعاء المطول، ابدى النائب عون استعداده، وعلى هذا الاساس، نحن نستمر بكل هذا التحرك الذي نقوم به وسنكثفه في الايام المقبلة كي نصل الى هذا الاتجاه".

سئل: هل لقاء النائب عون والأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله على ابواب هذه الانتخابات يؤسس للتوافق؟ أجاب: "لا أريد أن أربط هذا اللقاء بالتوافق، ولا أن أحكم على النوايا، بل على ما يحدث معنا. اليوم، المناخات الممكنة للوصول إلى توافق حول المبادئ التي انطلقنا منها متوافرة، وسنضع كل جهدنا كي نؤمن هذا الموضوع".

سئل: هل هناك خوف من المعركة، لذا تسعون إلى التوافق؟ أجاب: "بداية, ساعة تظهر احصاءات في بعض الصحف وساعة اخرى ترمى ارقام الخ... إن الانطلاقات للتوافق نابعة من قناعة أن التوافق اليوم يوفر على الصعيدين الوطني والمسيحي شروطا ومعطيات افضل للجميع, وأعتقد بأن ذلك هو الحرص الاساسي الذي ننطلق منه للوصول الى التوافق لا من معركة خاسرة او اخرى رابحة، انما نتحدث بما يؤمن المصلحة الوطنية الافضل. وإن الجو المتشنج الذي سينتج من المعركة اعتقد بأنه لن يخدم لا العلاقات المسيحية - المسيحية ولا الدرزية مع بقية الافرقاء، هذا هو المنطق الاساسي، وكل ما يجري من احاديث عن منطلقات اخرى غير صحيحة اطلاقا، والهدف منها التشويش على هذا التوافق".

ومع انتهاء النائب عدوان من تصريحه، وصل وفد من تكتل "الاصلاح والتغيير" يضم النائبان فريد الخازن وغسان مخيبر، وكانت خلوة سريعة مع النائب عدوان في حضور النائب أبو فاعور.

وفد من "الإصلاح والتغيير"

والتقى النائب جنبلاط وفدا من كتلة "الاصلاح والتغيير" في حضور النائب أبو فاعور، حيث اطلعه على ورقة التفاهم السياسي بين النائب عون والسيد حسن نصر الله. وبعد الإجتماع، أكد النائب الخازن "أن اللقاء يأتي ضمن اللقاءات التي تحصل بيننا ووليد بك، وهي لقاءات تشاور وتواصل حول كل المسائل المطروحة. وطبعا، ما استجد، أخيرا، من ورقة التفاهم بين العماد عون والسيد حسن نصر الله, وتداولنا في هذا الموضوع وفي تفاصيل عديدة حول الورقة ومسائل اخرى. وطبعا، كانت وجهات النظر متطابقة ووجهات نظر مختلفة حول كل هذه المسائل المطروحة, ونحن سنستكمل هذه اللقاءات التي ستتابع بهدف للوصول الى مقاربة وطنية لكل المسائل المطروحة, والورقة عمليا تدعو الى حوار وطني حول كل المسائل المطروحة التي تتضمنها ومسائل اخرى. ومن هذا المنطلق، كان لقاؤنا إيجابيا اليوم مع وليد بك، ومن دون شك سيستكمل".

سئل: هل جرى البحث في خلو الورقة من مسألة لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ أجاب: "هذا موضوع مشار اليه في الورقة، باستثناء كلمة التحقيق الدولي، انما مشار الى ذلك بالنسبة الى الاليات الرسمية لكن واضح في الورقة استكمال التحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري عبر كل الوسائل المتاحة دوليا وغيرها".

سئل: هل بحثتم في موضوع الانتخابات الفرعية في بعبدا- عاليه؟ أجاب: "لم يكن هذا موضوع البحث اليوم". سئل: ما رأي النائب جنبلاط بسلاح المقاومة؟ أجاب: "كما نصت الورقة في الفقرة الاخيرة أن موضوع السلاح يأتي بعد تثبيت لبنانية مزارع شبعا وموضوع الاسرى في اسرائيل، وسيكون هناك توافق وحوار وطني حوله. لدينا وجهة نظر في هذا الموضوع, وكذلك الامر بالنسبة إلى النائب جنبلاط. ونعتبر ان هذه الالية متاحة للوصول الى الغاية التي نطلبها جميعا، وهي استعادة سيادة لبنان واستقلاله من جنوبه وشماله". وقال النائب مخيبر: "كان هناك توافق في اعتبار هذه الورقة توافقا بين طرفين، وهي ليست بحصرية ولا جبهة بين قوتين على الارض اللبنانية بمواجهة أي قوى او مجموعة سياسية اخرى في لبنان. هي ورقة تعني كل اللبنانيين والمواضيع المطروحة على الساحة, ويجب ان يستكمل الحوار الوطني على طاولة مستديرة. نأمل في أن تطرح بآليتها المطلوبة، وبسرعة، لان الوقت يداهمنا والصعوبات التي يعانيها اللبنانيون كبيرة, وهذا الحوار سيطرح بجدية من قبلنا, وكان هناك توافق على اهمية طرح هذا الحوار الوطني على ان تكون هذه الورقة وغيرها من الاوراق التي تستطيع الأطراف اللبنانية المختلفة أن تتقدم بها مادة للمناقشة، وصولا الى التوافق حولها، واعادة الحياة السياسية الى مجراها الطبيعي خارج أي مشاحنات بما فيها الانتخابات".

قيل له: لكن جاءت الورقة على ابواب الانتخابات الفرعية.

أجاب: "هذه الورقة ليست بتحالف, وموضوعها يعني كل اللبنانيين, ومسائل مطروحة بالنقاش العام لا تنشئ جبهة، ولا هي لمواجهة احد ولا جبهة في الداخل, سيكون لها تأثير بالطبع، ونعتقد بأنها ستكون إيجابية لتعزيز سيادة لبنان واستقلاله، واعادة القرار الى الداخل، ومنع أي تدخل غير مقبول من الاطراف في الشؤون اللبنانية، ولا اصطفاف جديد ولا الخروج عن أي من الادبيات التي كان يعمل لها التيار "الوطني الحر" وتكتل "الاصلاح والتغيير" وحتى "حزب الله", والتلاقي على نقاط. هناك نقاط لم يتم الاتفاق عليها، ويجب استمرار العمل ليس فقط مع "حزب الله" بل مع كل الفرقاء اللبنانيين".

سئل: ما تفسيركم للاشادة والتنويه السوري باللقاء بين النائب عون والسيد نصر الله؟ أجاب: "لا يوجد أي تفسير طالما لم نغير موقعنا. موقفنا ثابت، وتشدد الورقة على رفض عودة الهيمنة السورية على لبنان، وللتيار "الوطني الحر" مواقف ثابتة من الدولة السورية توجد فيها بنود تتعلق بتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية، واذا اعتبر ما جرى تنويها لنا سنفترض انه ينوه بمضمون الورقة التي ضمت تصحيح العلاقات بين البلدين، وترسيم الحدود وموضوع الاسرى في السجون السورية، ولبنانية مزارع شبعا. لذا، تنويه النظام يمكن ان يكون على المواقف التي وردت في الورقة السياسية".

سئل: هل سيشارك التيار "الوطني الحر" في ذكرى استشهاد الرئيس الحريري في 14 شباط؟ اجاب: "اعتقد بأننا سنشارك، لكن لم تتم دراسة التفاصيل بعد، وحتى الموضوع غير واضح للمنظمين ايضا". وكان التقى النائب جنبلاط، ظهرا، الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة غير بيدرسون ترافقه زوجته في حضور السيدة نورا جنبلاط, وجرى بحث في الاوضاع السياسية الراهنة, واستبقى النائب جنبلاط ضيوفه الى مأدبة الغداء".

النائب جنبلاط وقال النائب جنبلاط للصحافيين، على أثر اللقاءات بينه وزواره: "محور اللقاء مع النائب جورج عدوان كيفية الوصول إلى توافق في موضوع انتخابات بعبدا - عاليه بين التيارات المختلفة، والى مرشح توافقي. وبالتحديد، بيننا و"القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر".

 سئل: هل المشكلة في الاسماء, او إلى أي كتلة سينتمي المرشح؟ أجاب: "هذا أمر تفصيلي، وما يهم التوافق لعدم حصول شرخ في الصف المسيحي اولا، وهذا ما يتمناه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، وثانيا من اجل تفادي - اذا صح التعبير- أي توتر في منطقة اخرى او تشنج شيعي - درزي. لنقل الأمور كما هي".

سئل: يقول البعض انك تخشى حصول معركة لأنك تخشى الخسارة، ما هو ردك؟ قال: "في السياسة، خضت معارك عديدة خسرت في بعضها، وربحت في أخرى. القضية ليست معركة بل مراعاة المصلحة العامة والتوافق. ناقشت مع النائبين مخيبر والخازن قضية ورقة التفاهم المشتركة التي وضعها العماد عون مع السيد نصر الله, هناك نقاط خلافية وربما هناك نقاط وفاقية. سأضع شخصيا ورقة للنقاش والحوار، تبحث بموازاة استكمال الحوار لاحقا في المجلس النيابي حصرا عبر ممثلي الشعب، الذين انتخبوا شرعيا إلى الندوة البرلمانية، وسنرى اذا كانت ستنال الموافقة، وسيكون منطلقها الاساسي ملكية مزارع شبعا اللبنانية، مع أن السيادة عليها ليست للبنان، وكان لا بد من تثبيت هذه الملكية منذ زمن طويل، ولكن هناك بعض الخرائط التي بحوزتي منذ زمن وجيز تشير إلى أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ألحقت بلبنان عام 2001، ومنذ سنة 1962، لم تكن لبنانية لا اكثر ولا اقل. لذا، لا يجوز ان يبقى لبنان ساحة صراع مفتوحة مع اسرائيل وان يضم دويلات ضمن الدولة. سأطرح هذا الامر بالتفصيل في الورقة التي سأعرضها اذا تمت الموافقت على الحوار".

سئل: ما الذي تؤيده في هذه الورقة؟ وما الذي ترفضه فيها؟ اجاب: "لا اريد ان اعلق, هذا الامر ليس للتعليق، سأطرح ورقتي, ورقة الحزب التقدمي الاشتراكي والتشاور مع الجميع، من تيار "المستقبل الى التيار العوني والقوات اللبنانية. لاحقا نناقشها في المجلس النيابي، لكن معادلة إبقاء مزارع شبعا مفتوحة للتحرير وإثبات لبنانيتها, مع ما يمكن أن يطرأ لاحقا من ضرورة المنظومة الدفاعية- وبالمناسبة، انا من اخترع كلمة منظومة دفاعية- وهي مرفوضة ل"حزب الله" خارج الجيش اللبناني، إما ان يلتحق "حزب الله" بالجيش كما ينص اتفاق عام 1992، وبالتالي، تحل الميليشيات، ومنها ميليشيا "حزب الله".اما خارج الجيش والسيادة اللبنانية واتفاق الطائف فهذا ممنوع".

سئل: اعطى "حزب الله" مكاسب الى النائب عون، لماذا لم يعطها الى الحكومة؟ اجاب:"لا اريد ان ادخل تفاصيل هذا الموضوع, انها تفاصيل, السيد نصر الله يستطيع طبعا، وهو يملك الامكانات المادية والمعنوية والخطابية والسلاح، وان يقول انا هنا، وقرروا أنتم ما شئتم. نقول له اننا نملك الكلمة الحرة, نريد لبنان سيدا حرا مستقلا ونرفض الوصاية, وصاية النظام السوري والنظام الايراني، هذا هو جوابي للسيد نصر الله، ايا تكن قوته وهو قوي, ولكنني كمواطن لبناني "بسيط" اقول له: لا لوصاية من النظامين السوري والايراني، نريد لبنان مستقلا وسيدا".

سئل: كيف ستكون العلاقة مع العماد عون في حال فشل التوافق؟ اجاب:"كل شيء في وقته، نريد التوافق من اجل ألا ندخل في صراعات جانبية قد تفقد المناعة اللبنانية في وجه النظام السوري، الذي حتى اللحظة يصدر السلاح والذخيرة والعناصر تحت تسمية القاعدة. نعم، يصدرها النظام السوري، كما صدرها الى العراق واليوم الى لبنان. اذا اللعبة مكشوفة فلننتبه, ووحدها الحصانة الوطنية والوحدة الوطنية تستطيعان ان تردا تخريب النظام السوري".

سئل: هل ستستطيعون تأمين الحشد الشعبي في 14 شباط, وماذا تتوقعون له مقارنة بالعام الماضي؟ اجاب: "سنبقى اوفياء لرفيق الحريري وكل وفي لرفيق الحريري ايا كان انتماؤه سيشارك في هذا اليوم, وعلى طريقته سيعبر عن شعوره اما بوضع وردة على الضريح، وهذا مفيد ان نحمل كلنا وردة ونضعها في مكان الانفجار وعلى الضريح، وان نرفع العلم اللبناني، وشعارنا "بالروح بالدم نفديك يا لبنان".

سئل: اعتبر البعض ان "14 آذار" انتهى وبقي بعض الفضلات؟ اجاب: "14 اذار هو لبنان بكل مكوناته من العماد عون الى النائب سعد الحريري والرئيس الشهيد رفيق الحريري ودماء رفيق الحريري هي التي صنعت التاريخ اذا صح التعبير، وولولا دماء رفيق الحريري لم يكن لينسحب الجيش السوري رسميا من لبنان لا اكثر ولا اقل".

 

الورقة ليست دستور أو عملية اندماج أو تحالف بل هي تفاهم للتوصل إلى رؤيا مشتركة

كنعان: وصف الورقة بالإنشائية أمر مبالغ به وإذا أكملنا بعد 14 آذار بذهنية الماضي القريب سيكون لدينا لبنان هنا وآخر هناك 

tayyar.org  11- شباط - 2006 

رأى عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ابراهيم كنعان ان الهدف من وثيقة التفاهم بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" هو الوصول إلى قواسم مشتركة والتفاهم على عدد من العناوين، لافتاً إلى ان مواضيع أخرى ما زالت تحتاج إلى استكمال للحوار والى مشاركة أكثر من طرف سياسي، كمسألة المقاومة وسلاح الحزب.    وقال في حديث إلى "المؤسسة اللبنانية للإرسال" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" مع الزميل وليد عبود: " هذه ورقة تفاهم بين تيار وحزب شملت عناوين تتعلق بالحوار الوطني وبالديمقراطية التوافقية. وإذا أخذنا الورقة نجد فيها عناوين عدة تؤشر بشكل واضح الى اعتماد الحوار والديمقراطية التوافقية على موضوع الانتخاب مثلا والعلاقات اللبنانية – السورية والسلاح الفلسطيني وغيرها. هذه الورقة ليست دستوراً او عملية دمج من اي شكل بل مجرد تفاهم على بعض الملفات بين التيار الوطني الحر وحزب الله.(...). انها ورقة لبنانية بين تيارين وليست بياناً وزارياً او مسألة نتوجه فيها الى المجتمع الدولي، كما ليست موقفاً سياسيا. انها ورقة استقلالية بامتياز".

وأشار كنعان إلى أن عدداً من الملفات المطروحة تتطلب استكمالاً للحوار ومشاركة أكثر من طرف على الساحة اللبنانية لبلورتها، منها مثلاً عملية المقاومة والسلاح. وعن وصف الرئيس سليم الحص لورقة التقاهم بأنها "وثيقة إنشائية" قال كنعان: "ان من ينظر الى تاريخ لبنان اليوم والى ما مررنا فيه منذ أكثر من 15 سنة يدرك ان الإنشاء يكون في غياب الإمكانية او النية لتفعيل نوايا موجودة او تنفيذها, العبرة ليست في الأوراق. 

الورقة تاريخية بلا شك بشكلها وأطرافها وتوقيتها. الا ان وصفها بأنها إنشائية مبالغ فيه. فاللقاء بحد ذاته هو عملياً حماية للوطن في ظل الانقسامات التي تشهدها الساحة اللبنانية. هذه بداية تفاهم يجب ان تعمم على اللبنانيين، والوثيقة مهمة بقدر ما نوليها من أهمية ونكون جديين في التعامل مع موضوع تحصين الوحدة الداخلية والسيادة والاستقلال في لبنان."

ونفى كنعان ان يكون الخلاف في وجهات النظر بين التيار وقوى 14 آذار سببه ان التيار اعتبر ان سوريا أصبحت خارج لبنان والوقت حان للبحث في قضية التوازنات وبناء الدولة. وقال: "نحن في التيار لا نقول ان معركة الاستقلال والسيادة انتهت في لبنان عندما تكون سوريا كجيش أصبحت في سوريا، وهذا لا يعني ان لبنان أصبح سيدا وحرا ومستقلا. والدليل على ذلك ما يثار من مداخلات لنواب كتلتنا وغيرهم في المجلس النيابي، تناولت الحدود المفتوحة والجزر الأمنية(...). أما إذا أردنا اعتبار ان التحالف مع حزب الله وحركة أمل اللذين يعتبرهما البعض حلفاً مع سوريا لكون الطرفين حلفاء سوريا، فكثر تحالفوا مع الحزب والحركة في مجلس النواب وفي الحكومة. ولكن اذا أردنا أقام حوار فمع من نقيمه؟ مع أهل البيت والطرف الواحد؟

ليس صحيحاً اذا ان الخلاف كان على الاستقلال والسيادة او على الموضوع السوري."وشدد على ضرورة احترام القرارات الدولية "بمعزل عن رأي كل طرف بها. وهناك مسائل تتعلق بأمور لبنانية داخلية وبالاستقرار اللبناني الداخلي تتطلب تفاهما وحواراً لبنانيا صادقا وجريئا يتوصل الى حلول. اما من كانت لديه حلول أخرى فليتفضل ويطرحها".

 

واشنطن: لقاء عون ونصرالله يتعارض مع سياستنا 

الجمعة 10 فبراير - إيلاف

 شددت على نزع سلاح "حزب الله" واعتباره "منظمة إرهابية"

إيلاف من واشنطن:  وصف مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش التفاهم الذي أعلن الاثنين الماضي في لبنان بين الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله، بأنه يتعارض مع الموقف الاميركي من "حزب الله" الذي تعتبره الولايات المتحدة "منظمة إرهابية".

وفي لقاء مع الصحافيين الاجانب في مركز الصحافة الاجنبية في واشنطن، ذكّر ولش بأن مواطنين أميركيين عانوا الخطف والترويع على أيدي رجال الحزب الشيعي المتشدد في لبنان أواسط الثمانينات من العقد الماضي، وكرر أن واشنطن تصنف "حزب الله" على أنه "منظمة ارهابية". لكنه لفت إلى أن اللقاء الذي جمع زعيم "التيار الوطني الحر" والأمين العام للحزب هو "لقاء بين حزبين" وليس حكومياً، وأضاف: "نحن نتعامل مع الحكومة التي يترأسها فؤاد السنيورة والتي يعود اليها ان تقرر السبل التي تشارك بها الفئات اللبنانية في العمل الحكومي".

وأوضح ولش رداً على سؤال: " نعتبر حزب الله منظمة ارهابية ولا نقيم أي اتصال به سواء من داخل الحكومة او خارجها".

وسئل عن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم  1559 الذي ينص أحد بنوده على نزع سلاح الحزب الشيعي اللبناني، فأجاب أن "هذه المسألة معقدة للمجتمع الدولي وللولايات المتحدة . وقد اعطينا الحكومة اللبنانية فرصة لإجراء حوار داخلي  توصلاً إلى إنهاء حال الدولة داخل الدولة، والقرار 1559 يجب ان ينفذ حرفياً".

وركز ولش على ان "تعريف الميليشيا في القرار ينطبق اولا وأساساً على سلاح حزب الله".

ثم تحدث عن تظاهرة الإسلاميين السنة التي شهدتها منطقة الأشرفية في بيروت الأحد الماضي، فقال: "ان ما جرى خطير ويؤسف له. نحن لا نعارض حرية أي كان في التعبير عن رأيه، ولكن ليس بهذه الطريقة" .

وأضاف : "الملاحظة الغريبة هي في عدد المعتقلين من غير اللبنانيين في بيروت. ونحن عبرنا ونستمر في التعبير عن قلقنا حيال التصرفات السورية والايرانية" في لبنان. وسئل أيضاً عن التظاهرة المماثلة التي شهدتها دمشق تنديداً بالرسوم الكاريكاتورية التي نُشرت في الدانمارك ، فأجاب "عشت 20 سنة في دمشق ولم أرَ اي تظاهرة لم تكن الحكومة وراءها".

 

الشيخ قاسم: التفاهم بين "حزب الله" و"التيار الوطني" منعطف سياسي مهم لم يسقط

التعاون مع "تيار المستقبل" والأمور مقطوعة مع النائب جنبلاط

عودتنا إلى الحكومة اساسها التفاهم مع الرئيس السنيورة والنائب الحريري

لا وقت عند الأميركي لتنفيذ القرار 1559 ولو كان يستطيع قبل الآن لفعل

وطنية - 10/2/2006 (سياسة) رأى نائب الامين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في حوار مع اذاعة "النور" ضمن برنامج "على بساط البحث" "أن التفاهم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" شكل منعطفا مهما في الواقع السياسي اللبناني، ولا يمكن النظر إلى هذا التفاهم بشكل عادي أو عابر أو بسيط، إنما هو يؤسس لمنهجية عمل ويبرز في الساحة اللبنانية لنمط من التفاهم يحمل القابلية لتعاون الأفرقاء الفاعلين على الساحة وفق رؤية واضحة، وهو تفاهم عبر بشكل مباشر عن امكانيات كبيرة للتقارب في وجهات النظر، بعد أن كان هناك بون شاسع في مستوى الخلافات حول بعض القضايا، ما يعني أننا إذا أخضعنا كل شيء للحوار المباشر يمكن أن نصل إلى النتيجة الايجابية المرجوة، على الأقل بخطوات ضمن دائرة التفاهم".

اضاف :"على هذا الأساس نعتبر أن هذا التفاهم محطة أساسية في تاريخ لبنان الحديث، ليست المسألة عادية، ومعلوم أن هذا التفاهم لم يكن وليد أيام وإنما كان نتيجة نقاش استمر حوالي ثلاثة أشهر، وعقدت اللجنة المكلفة من الطرفين جلسات طويلة، وناقشت كل موضوع من الموضوعات بإسهاب وتفصيل، وعادت إلى القيادة لكل من الطرفين لتأخذ الموافقة والتوجيهات، إلى أن كان هذا اللقاء القمة الذي أعلنت فيه ورقة التفاهم".

وتابع :"حرص سماحة الأمين العام (لحزب الله) ورئيس "التيار الوطني الحر" في اللقاء على ابعاد أي عنوان من عناوين الاصطفاف الداخلي، بمعنى أننا لسنا أمام تجمع جديد أو جبهة جديدة، وليس هناك دعوة للآخرين أن يقبلوا ويلتحقوا أو يرفضوا فيصطفوا، إنما هناك دعوة صريحة لقراءة ما حصل للاستفادة منه في أن تتفاهم الناس بطريقة أو بأخرى، يمكن أن تتفاهم مجموعات على رؤية معينة مستفيدة من الطريقة التي اعتمدت، ويمكن أن تكون هناك لقاءات ثنائية بيننا وبين آخرين، بين "التيار الوطني" وبين آخرين، أو بين الأطراف الأخرى.

في الحقيقة نحن نعتبر أن هذا الاعلان ليس اعلانا اصطفافيا، ولم ندع إلى جبهة على هذا الأساس، وإنما هو رغبة أكيدة عند الطرفين في الوصول إلى تفاهم سياسي مدعم بنقاط كانت محل نقاش وبعضها لم يكن محل نقاش بل كان محل تفاهم عادي وطبيعي.

من الطبيعي أن يحصن كل طرف موقفه بتأييد طرف فاعل، وهذا أمر ليس منكرا على الصعيد السياسي، لماذا تعقد القوى تحالفات أو تفاهمات أو اتفاقات؟ من أجل أن تدعم مواقفها في جوانب وتدعم مواقف الآخر في جوانب آخرى، فهذا الأمر ليس تهمة، فعندما تكون المنطلقات هي أهداف كبرى، من الطبيعي أن تنتج هذه الأهداف الكبرى عددا من المصالح الآنية والمستقبلية المشروعة والطبيعية.

على هذا الاساس أعتبر أن ما حصل أمر جيد، سيكون هناك أفرقاء مسرورون، والحالة الشعبية ستكون في قمة الفرح، لأن ما يمثله كلا التيارين ليس سهلا، كذلك هناك قوى شعبية لقوى سياسية ستكون مسرورة ومطالبة لمسؤوليها أن يسلكوا مثل هذا الطريق، وفي المقابل سيكون هناك قوى منزعجة من هذا الأمر، إما لأنها لم تكن شريكة أو لأنها لا ترغب في أن يحصل مثل هذا التفاهم، لأنه يحرجها أو لأن الأهداف مختلفة، لكن هذا كله لا ينفع، التفاهم حصل وشق طريقه وهو مستمر، وله انعكاساته الايجابية على الساحة اللبنانية وعلى قواها شاء البعض أم أبى".

وعن اختلاف هذا التحالف عن التحالف الرباعي قال:" "حزب الله" معروف بمصداقيته وصراحته مع شعبه، وحاولنا عندما بدأ الاستاذ (وليد) جنبلاط يطلق أوراق النعي بالنسبة للتحالف الرباعي، أن نتعامل مع التحالف الرباعي أنه في حالة الموت السريري على قاعدة الأمل بأن يحيا مجددا، وعندما وجدنا أن الاصرار مستمر، عندها أعلنا وفاة التحالف الرباعي على قاعدة أن الأمر مبني على تفاهم الأطراف ولا يمكن أن يكون هناك تحالف بالقوة. سقوط التحالف الرباعي، يعني عدم وجود استمرارية لهذه الأطراف الاربعة مع بعضها بعضا ضمن ما تم الاتفاق عليه، لكن هذا لم يسقط أبدا التحالف القوي والمتين الموجود بيننا وبين حركة "أمل"، وأيضا لم يسقط التعاون والتواصل اليومي الذي يحصل مع "تيار المستقبل"، إلا أن الأمور مقطوعة منذ فترة من الزمن مع السيد (وليد) جنبلاط ومجموعته، فإذا الموضوع تغير فيه شيء في الشكل من حيث هذا الاجتماع الرباعي، لكن في المضمون هناك طرف واحد فقط اسمه الحزب التقدمي الاشتراكي لم يعد في دائرة التفاهم مع الاطراف الأخرى وأنشأ خطابا سياسيا ومواقف مختلفة عن المواقف السابقة، وذهب بعيدا في افكاره وخياراته السياسية التي لا تتواءم مع توجهاتنا، لكن نحن نعرف أن موقف "تيار المستقبل" مختلف عن موقف السيد جنبلاط، فيما يتعلق بالنظرة إلى المقاومة وإلى الاتفاقات التي كانت معقودة بيننا وبينهم، والآن أقول بصراحة، عودتنا إلى الحكومة مبنية على التفاهم مع الشيخ (النائب) سعد الحريري والرئيس (فؤاد) السنيورة، وبالتالي ما أعلنه الرئيس السنيورة وما قيل لنا واتفقنا عليه في لقاءاتنا المختلفة، هو الذي أثمر هذه العودة.

إذا أستطيع القول أن تفاهما وتعاونا ما زال موجودا بيننا وبين "تيار المستقبل" ، ونحن حريصون على تطويره وتدعيمه أكثر، ونشعر أن الطرف الآخر يملك هذه الرغبة". وفي تعليق له على قول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دافيد وولش بأن لقاء الأمين العام ل"حزب الله" ورئيس كتلة الاصلاح والتغيير يتعارض مع الموقف الأميركي من الحزب، قال: "عندما نسمع بالتصريح العلني موقفا أميركيا يبدي انزعاجا من هذا التفاهم وموقفا اسرائيليا مستاء منه، فهذا يعني أن مصلحة لبنان في هذا التفاهم.

هذا استنتاج يمكن أن نخرج به من هذا الانزعاج، لأن هذا النمط من التفاهم يؤدي إلى مصلحة لبنان وفصل الايادي الأجنبية والأميركية التي تحاول أن تشرف على خطوات لبنان لتجعله في دائرتها ودائرة مشروعها.

من هنا يأتي التفاهم ليقول نحن نريد أن نبني لبنان بمعزل عن أي إرادة خارجية اقليمية أو دولية، وبالتالي، عندما تصرخ أميركا بالانزعاج، معنى ذلك أننا نسير في الطريق الصحيح. على كل حال، إن السيد وولش كثير التعثر، لأنه رفض عودتنا إلى الحكومة فعدنا. والآن، يبرر أن هذا الاتفاق هو خارج الحكومة، يبدو أنه نسي أن لنا وزيرين داخل الحكومة".

أضاف: "لافت للنظر أن يحصل استنكار على امتداد العالم الاسلامي، فرسول الله لا يعني فئة أو حزبا أو جهة أو دولة، وإنما أكثر من مليار وأربعماية مليون مسلم في بلدان متفرقة من العالم. وبعد ذلك، تلقى التهمة على إيران وسوريا أنهما دبرتا هذا الأمر، علما أن الاعتراض الايراني والسوري جاء في مرحلة متأخرة على الاعتراضات الأولى، لكن هذا يظهر للادارة الأميركية هدف اسمه مواجهة ايران وسوريا، وكل ما يمكن أن يحشد لوضعه في هذه الزاوية لتشويه موقف إيران وسوريا، أو الإساءة لموقفهما، سيحاولون حشده لكنها مسألة مكشوفة جدا، كل العالم يعرف أن لا دليل على هذا الأمر، وأنه غير صحيح، هم يكذبون على الناس والمجتمع الدولي يضعون مبررات خاطئة.

وأصبحت أحتاج أمام كل دليل أميركي إلى المزيد من التأمل لأعرف كم يبلغ مقدار الصحة في هذا الدليل لأن الأصل هو الكذب لترويج السياسة الأميركية، لكن المشكلة في خطأ الذين يكررون هذا الموقف الأميركي من دون التفات إلى أنه فاض وخاطئ وأن الناس يعرفون هذا". ولفت إلى أن "من كان يظن أن الناس في لبنان يساقون بالموقف السياسي المؤطر فهو مخطئ، حتى الذين يعتقدون بأن جماعتهم يسمعون لهم، نقول لهم نعم يسمعون ما دمتم صادقين، لكن عندما يحصل تشويش في المعلومات وتحليلات خاطئة وتبريرات ليست في محلها، سيكتشف الناس الحقيقة لأن كل الأمور موجودة على السطح، وفي لبنان الآراء والمعلومات في خدمة الجميع". وتابع: "بدأنا نسمع في أجواء بعض القيادات وفي رصيدهم الشعبي، تململا كبيرا من الأخطاء التي ترتكب، والمعلومات التي تركب بطريقة غير صحيحة، وهم يقولون لنا ولغيرنا، نسمع تململا نيابيا وحزبيا، نسمعه في الجامعة من الوضع الشعبي.

هناك وعي عند الناس، ليس صحيحا أن يقال أن السياسة تعمي القلوب كليا، وتجعل الناس من دون تفكير"، داعيا "هؤلاء الذين يكثرون من التصريحات المتسرعة غير المبنية على الأدلة لمجرد وجود هدف عندهم أن يراجعوا شعبيتهم داخل مواقعهم، وليس في مواقع الآخرين".

وعن الحوار حول موضوع السلاح، قال الشيخ قاسم: "لا وقت عند الأميركي لتنفيذ القرار 1559، ولو كان يستطيع أن ينفذه منذ ستة أو سبعة أشهر قبل الآن لنفذه. إذا، عندما يقول الأميركي أنه ينتظر الحوار الداخلي يعني أن لا شيء بيده، فلو كان قادرا لفعل. نحن أطلقنا فكرة الحوار الداخلي حول حماية لبنان ومقاومته، وبالتالي، لمسألة الحوار مستلزمات ستأخذ وقتا، وستكون على جدول أعمال فيه نقاط متعددة، فما يتوصل إليه اللبنانيون نلتزمه نحن وإياهم، كما يلتزمون معنا بما نتوصل إليه، وهذا أمر مرتبط بالحوار الداخلي وتطوراته، وعندما يقول ولش أن الأمور معقدة فهذا إقرار من قبله أن القدرة الدولية على تنفيذ القرار 1559 وفق المنظور الأميركي غير متوافرة، وأن ارادة الشعب اللبناني وارادة المقاومة أقوى وأهم، ولا يمكن فرض الأجندة الأميركية على لبنان".

وأعلن "أن ال1559 بالنسبة إلينا غير موجود، ونتعاطى مع الامور على أساس أن الحوار الداخلي هو من أجل لبنان، سواء أخذ هذا الحوار شهرا أو أخذ سنوات، سواء أكان يحمل برنامجا فيه عدد قليل من النقاط أم عدد كثير، سنرى مع شركائنا في الوطن، يعني الافرقاء المعنيين بالحوار، كيف يمكن أن نتفاهم في كل القضايا التي نحتاجها ويحتاجونها، وهذا أمر عنوانه الاساس الحوار، وليس له أي عنوان آخر، يعني ليس هناك عنوان اسمه 1559 نسير على إيقاعه، نحن نسير على إيقاع الحوار، ونحن نتحدث عن حوار في كل الشؤون التي تحتاج حوارا".

 

كتلة "الوفاء للمقاومة" ثمنت لقاء "حزب الله" و"التيار الوطني"

مبادرة الرئيس بري الحوارية تشكل الخيار المطلوب للخروج من الأزمة مسؤولية الشعوب التعبير حضاريا عن إدانتها بما يتلاءم وقدسية الاسلام للتعاطي مع قضية الرئيس الحريري كقضية وطنية تعني جميع أبناء الشعب

وطنية - 10/2/2006 (سياسة) عقدت كتلة "الوفاء للمقاومة" اجتماعها الدوري يوم أمس الخميس برئاسة النائب محمد رعد وحضور جميع أعضائها، وجرى عرض للتطورات والاتصالات والمواقف على الساحة اللبنانية. وإذ رحبت ب"تأكيد رئيس الحكومة على تسمية المقاومة باسمها وليس بأي اسم آخر، مع ما يعنيه ذلك من ترتب لمنهجية تعاط مع المقاومة تختلف عما يريده البعض من الحكومة واللبنانيين أن ينزلقوا إليه"، أكدت أن "الحوار الذي دعا إليه دولة الرئيس بري هو الخيار المطلوب للخروج من الأزمة، وخصوصا بعد عودة الوزراء المعتكفين، فضلا عن أنه حاجة وضرورة لجميع الحريصين على المصلحة الوطنية العليا". وثمنت الكتلة "عاليا اللقاء الوطني الكبير الذي جمع بين الأمين العام لحزب الله ورئيس التيار الوطني الحر وما صدر عنه من ورقة سياسية مشتركة تعكس جدية تعاطي الطرفين ومصداقيتهما ومسؤوليتهما، إزاء الوضع العام في البلاد ومحاور التجاذب والاهتمامات". ورأت أن "اللقاء التاريخي هذا قد عزز آمال اللبنانيين في إمكانية بناء دولة قادرة ومسؤولة".

وجددت إدانتها وشجبها "للإساءة إلى النبي الأكرم محمد (ص) تحت ستار من الادعاء الشوفيني بالحرص على حرية الرأي في أوروبا، في الوقت الذي تعتدي فيه بعض الأنظمة الأوروبية على حق المسلمين والناس عموما في التعبير عن آرائهم، خصوصا إذا كانت مناهضة للعدوانية الصهيونية". واعتبرت أن "رد فعل الشعوب المسلمة الغاضبة هو أمر طبيعي"، إلا أنها شددت على "مسؤولية هذه الشعوب في أن تعبر حضاريا عن إدانتها بما يتلاءم وقدسية القيم التي أرساها النبي محمد (ص). وتوقفت الكتلة عند "رمزية 14 شباط وما يستشعره اللبنانيون بعد مرور سنة على الزلزال الذي أصاب لبنان بفعل الجريمة الفظيعة التي استهدفت دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والزميل النائب باسل فليحان ورفاقهما والتداعيات التي لا تزال البلاد تعيش تموجاتها". وجددت تعازيها الحارة لجميع اللبنانيين وخصوصا لعائلة الرئيس الحريري والزميل باسل فليحان ولعوائل رفاقهما ولتيار المستقبل ورئيسه وللزملاء في المجلس النيابي". وأكدت حرصها على "كشف حقيقة الجريمة ومعرفة مرتكبيها ومعاقبة الجناة القتلة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ثوابت الرئيس الحريري وخصوصا لجهة الالتزام بهوية لبنان العربية وحماية خيار المقاومة وإعادة اعمار البلاد والتمسك بوحدة جميع اللبنانيين". ودعت الكتلة الى "التعاطي مع قضية الرئيس الحريري في الذكرى السنوية الأولى على أنها قضية وطنية تعني جميع أبناء الشعب اللبناني على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية.

ثم عرضت الكتلة " لما يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وللتطور السياسي المهم الذي تجلى بنجاح حركة "حماس" بانتخابات المجلس التشريعي ونجاح الشعب الفلسطيني بفصائله كافة في التعاطي الواعي مع هذا الاستحقاق المفصلي". واستغربت "بعض المواقف الدولية المتشنجة والرافضة لخيار الشعب الفلسطيني المقاوم الذي عكسته نتائج الانتخابات النزيهة باعتراف المجتمع الدولي كله". وتمنت الكتلة "للأخوة في حركة "حماس" التوفيق والمزيد من النجاح في ظل الحرص على وحدة وتماسك الموقف الفلسطيني العام المقاوم للاحتلال". وأخيرا ناقشت الكتلة بعض القضايا والمشاريع المطروحة أمام اللجان النيابية وأقرت الموقف منها.

 

انقلاب في لبنان 

GMT 0:45:00 2006 الجمعة 10 فبراير

 الوطن العُمانية -زهير ماجد

لم تزل الساحة اللبنانية محبطة بنتائج "الهجوم" على السفارة الدانماركية بإحراق المبنى الذي تعمل فيه والذي تبين ان المبنى احترق بكامله فيما سلمت السفارة من اي سوء وفيما لم تزل القوى السياسية اياها تناقش مادخل على تلك التظاهرة وما ادخل عليها وعلى من يتحمل مسؤولية ذلك ، برزت علاقة من نوع آخر فيها الكثير من عوامل التغيير وفيها ايضا من قدسية الدعوة لتحقيق غايات لبنانية خارج اطار ماهو سائد في لبنان.

لم يكن حلفا ما تحقق بين التيار الوطني الحر بقيادة الجنرال ميشال عون وبين حزب الله بقيادة حسن نصرالله، لكنه لقاء للتفاهم على قضايا مصيرية بانتظار ان يدخل فيه اطراف اخرى لكن هذا اللقاء التاريخي الذي يوجب النظر اليه يشبه الى حد بعيد وصول حركة حماس الى السلطة من حيث تأثيره الداخلي والاقليمي والدولي، بل هو على حد تعبير العنوان الرئيسي في صحيفة "السفير" اللبنانية ان لقاء عون ونصرالله هو "انقلاب سياسي يطيح بمعادلتي 8 و 14 مارس ولسوف يتذكر كثيرون ممن تمهلوا في الحكم على هذا اللقاء انه خط ثالث يؤسس لابعد من الظروف الانية ومن المعادلات الضيقة ومن اللقاءات التي سرعان ما تنتهي عند الوصول الى السلطة.

لقاء عون ونصرالله الذي تم في كنيسة مارمخايل في ضاحية بيروت لم يكن مفاجئا وان كان توقيته جاء من غير تحديد المسألة الأمنية هاجس دائم لدى طرفي اللقاء لكنها لم تتحول الى عثرة او منع لتحقيق هذا اللقاء الذي صنف بانه منتصف الطريق بين الفريقين وكان واضحا من ورقة التفاهم التي تم الادلاء بها ان الطرفين يذهبان بعيدا لتأسيس مرحلة لم تكن اصلا في كل مراحل لبنان وقد لاتكون عند اي فريقين لبنانيين يحكمهما المزاج المؤقت الذي سرعان ما يتلاشى عند اول تحقيق لاهداف احدهما او للاثنين معا ولهذا تبدو الساحة اللبنانية بعد لقاء نصرالله وعون وكأنها تتنبه لما جرى وتحاول هضمه بعدما اكتشفت انه استراتيجي بالدرجة الاولى ولا يقوم على مرحلية بل تبدو الساحة المحلية اللبنانية وكأنها تفهمت جيدا التفاهم المفاجيء باعتباره حدثا يجب الرد عليه اما بالدخول في متنه او باعتماد صيغة اخرى مواكبة له لكن الصعوبة تكمن في تاريخية القوى فالجنرال ميشال عون وصف دائما بانه صاحب التاريخ النظيف البعيد عن الفساد وعن الافساد وصاحب تاريخ وطني لاغبار عليه ، فيما وصف حزب الله بانه الحزب الذي مثل المقاومة التي حررت لبنان وبان نصرالله كثير الشبه بالجنرال عون في شخصه رغم الاختلافات بين ثقافة الشخصين وبين تجربة الفريقين وبين الشعبيتين.

سنتذكر جيدا ان التفاهم العميق الذي حصل بين عون ونصرالله يكاد يكون زلزالا على مستوى لبنان والمنطقة انه صورة للخط الوطني المحتكم لقواعد السلوك الداخلية التي لاتعمل على اساس المزاج او العصبية الطائفية ( نصرالله مسلم شيعي وعون مسيحي ماروني) او على ردات الفعل او على الاحكام المسبقة وغيره انه تحالف فعل الديمومة الذي استحق وقتا طويلا ليخرج بهذه الورقة من التفاهم ، ولولا ذلك لما حقق تلك المعادلة الهامة التي سيكون لها امل كبير في اخراج العمل السياسي اللبناني من وهنه ومن سوء معادلته القائمة وسنتذكر جميعا ان اللقاء التاريخي بين نصرالله وعون يكون احد الاسس الهامة في معادلة جديدة تساوي وصول حركة حماس الى السلطة الفلسطينية.

zouhairmd@yahoo.com

 

الحوار بين المقاومة والأحزاب في لبنان 

الخميس 9 فبراير - الخليج الاماراتية

 الجمعة:10. 02. 2006

 د. رغيد الصلح

 قبل أيام قليلة عقد لقاء مهم في بيروت بين السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله والنائب اللواء ميشال عون، رئيس حزب “التيار الوطني الحر”. اللقاء كان لبنانياً خالصاً ولم يغير من هذا الطابع صلة حزب الله الوثيقة بإيران وسوريا، إذ إن جذور حزب الله في التربة اللبنانية أصبحت قوية وراسخة. ثم إن موضوع اللقاء تنظيم العلاقة بين أهم حزبين لبنانيين وإقرار ورقة تفاهم بينهما. وموضوعات ورقة التفاهم كانت لبنانية الطابع. عندما تطرقت الورقة إلى موضوعات خارج لبنان فإنما كان ذلك بقصد ترتيب أوضاع البيت اللبناني. أخيراً لا آخرا، فإن لقاء يشارك فيه ميشال عون، لا بد من ان يكتسي بالطابع اللبناني حيث أثبت قائد الجيش اللبناني الأسبق ولاء والتزاماً غير منقوص بالقضية اللبنانية.

بيد أن هذا الطابع اللبناني للقاء و”للانقلاب” الذي أنجبه على الصعيد المحلي، لا يحصر مداه وتداعياته في الساحة اللبنانية وحدها. فلبنان اليوم، كما كان في لحظات كثيرة، هو ميدان صراع حاد بين قوى دولية وإقليمية. الأهم من ذلك  وما يعنينا هنا  هو أن جانباً من موضوعات الحوار بين قوتين رئيسيتين في لبنان هو في الحقيقة موضوعات تستدر الحوار في دول عربية كثيرة. ويستوقفنا بصورة خاصة موضوعان رئيسيان نظراً لأهميتهما العربية المتزايدة والراهنة هما: موضوع العلاقة بين الدولة والمقاومة، وموضوع الديمقراطية الوفاقية. فهناك جدل كثير سياسي وفكري وقانوني حولهما على النطاق العربي.

فلنبدأ بمسألة العلاقة بين الدولة والمقاومة، واستطرادا مسألة العلاقة بين المنظمات المسلحة التي تتصدى للاحتلال والتنظيمات السياسية التي تمارس عملها عن طريق العمل السلمي. إذ إنه موضوع مطروح اليوم بقوة في لبنان وفلسطين. كما كان مطروحاً من قبل في دول عربية كثيرة مثل المغرب وتونس. إنه مطروح قبل وخلال وبعد العمل التحريري. فإعلان الكفاح المسلح ضد الاحتلال كثيراً ما اقترن بإعلان القطيعة مع القوى السياسية التي كانت تسعى إلى التحرير عبر الجهاد السياسي والشعبي. فإعلان الثورة المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي في الجزائر عام 1954 اقترن ببروز جبهة التحرير الجزائرية على حساب “حركة انتصار الحريات الديمقراطية”. والثورات المسلحة التي قام بها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، تخللها توتر بين الأحزاب السياسية، من جهة، وحركات المقاومة المسلحة، من جهة أخرى. وبعد أن أنجز العمل التحريري في المغرب وتونس، حاول الذين تحملوا عبء الكفاح المسلح ضد المحتل الاحتفاظ بتشكيلاتهم وبسلاحهم. فالقوة التي تنجز التحرير تعتبر انها مؤتمنة على الوطن. والمناضلون الذين قدموا التضحيات الكبيرة من أجل طرد المحتل من بلادهم، لا بد من أن يصابوا بالإحباط والاستلاب إذ يجدون رجال السياسة يمسكون بأعنة السلطة.

ويتجدد الحوار في المشرق العربي خصوصاً، مع تجدد الاحتلال، حول العلاقة بين المقاومة والدولة، بين المنظمات المسلحة والتنظيمات السياسية، بين المدني والعسكري. ففي لبنان من يقول، خاصة في “كتلة المستقبل” بزعامة سعد الحريري، واللقاء الديمقراطي بزعامة وليد جنبلاط والقوات اللبنانية، إن التحرير قد أنجز، وانه آن الأوان للمقاومة أن تدع السلاح جانباً وأن تتحول إلى حزب سياسي يقبل باحتكار الدولة للعنف والسلاح. وفي لبنان من يقول، إن التحرير لم ينجز بعد، فمزارع شبعا لا تزال في يد “إسرائيل”، و”الإسرائيليون” لا يزالون يحتفظون بأسرى لبنانيين، فضلاً عن ذلك فإن “الإسرائيليين” يخترقون الفضاء والمياه اللبنانية، وهم يهددون لبنان بالعدوان العسكري إذا تجرأ اللبنانيون على استغلال موارد المياه اللبنانية.

إضافة إلى هذا وذاك، فإن حزب الله لا يسقط مسألة الإسهام في تحرير الأراضي العربية المحتلة من الاحتلال “الإسرائيلي”، ففلسطين لا تزال تعاني من الاحتلال ومن العدوان، وكذلك الجولان. هذا الاحتلال لا يقاس بالكيلومترات التي يمسك بها “الإسرائيليون” فقط، ولكن يقيّم بما هو اهم من الاحتلال المحدود الذي يمارسه “الإسرائيليون”. انه تعبير عن نظرة “الإسرائيليين” إلى المنطقة، إلى دورهم فيها، إلى شعوبها وحقوق هذه الشعوب. “الإسرائيليون” يعتبرون دورهم في المنطقة يشبه الرواد الأوروبيين في القارة الأمريكية. فهم في الشرق الاوسط مثل الرواد في القارة الجديدة، وحدود “إسرائيل” تطابق مصالحها التي حددها ارييل شارون بأنها تصل شمالا إلى جنوب الاتحاد السوفييتي سابقاً، ووسط إفريقيا جنوبا والبحر المتوسط غربا، وكراتشي شرقاً.

ما يقوله حزب الله بلغة السياسة اللبنانية، تقوله منظمات المقاومة المسلحة في فلسطين. بل يقوله هؤلاء بصوت أعلى لأنه ليس هناك أدنى التباس حول مهمة التحرير. فالخلاف مع “الإسرائيليين” هو ليس على مساحة من الأرض توازي مساحة مزارع شبعا، بل هو على فلسطين نفسها وعلى حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعودة فلسطينيي الشتات إلى أراضيهم وديارهم وحقهم في التعويض عما سلب منهم بقوة السلاح. في فلسطين لا توجد إشكالية العلاقة بين الدولة والمقاومة، لأن الذي يحتكر العنف، أو يسعى إلى احتكاره هو ليس السلطة الفلسطينية بل “إسرائيل”. هذا الواقع يجعل قادة منظمات المقاومة المسلحة أكثر تشدداً في وجه المشرع الفلسطيني الذي يسعى إلى إصدار قوانين تنظم عمل الأحزاب السياسية. فالأولون يقولون أعطونا الدولة أولا، ثم نبدأ بعدها في بحث هذه القوانين وفي تنظيم الأحزاب السياسية بحيث نؤكد الالتزام بالقانون وبالتنافس السلمي. أما قبل التحرير، فكيف تطالبوننا بالعمل العلني؟ وكيف يطلب الينا استبعاد السلاح والالتزام بالعمل السياسي وحده. المشرعون يقولون ان جل ما يطلبونه في الظروف الراهنة هو التمييز بين الأحزاب والمقاومة والتمييز بين النضال ضد الاحتلال، حيث للسلاح حرمة ومشروعية الدفاع عن حرية الفلسطينيين، والتنافس على السلطة حيث يتحول استخدام السلاح، أو مجرد التلويح به، إلى انتهاك لتلك الحرية وإلى عدوان عليها.

لقد تطرقت مذكرة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر إلى قضية المقاومة ودورها فكان الاتفاق على ضرورة معالجة هذه المسألة بالحوار المسؤول. وتأتي الدعوة إلى الحوار في هذه المسألة في أجواء مواتية. فالحكومة اللبنانية بلسان رئيسها فؤاد السنيورة أكدت أنها تميز بين الميليشيات والمقاومة. واللبنانيون أكدوا تعلقهم بالعيش المشترك عندما استنكروا الأعمال المشينة التي قام بها متظاهرون ضد أهداف مدنية في منطقة الأشرفية. وهذه الأجواء تسمح بالحوار حول قضية شائكة ومعقدة. ولكن الحوار لا يبدأ بالتطابق بين الآراء. وهناك جوانب كثيرة ينبغي بحثها بصدق وجرأة، مثل هوية المقاومين ومسؤولياتهم ودور المقاومة في صياغة قرار الحرب والسلم وغير ذلك من القضايا الشائكة، حتى يتمكن اللبنانيون من الإسهام في إنضاج حل لإشكالية العلاقة بين السياسة والسلاح، وتتحول تلك المساهمة إلى خطوة مطلوبة على طريق ترشيد الحياة العامة في لبنان وفي المنطقة العربية.

 

معركة الرئاسة في لبنان 

الخميس 9 فبراير  . بلال خبيز -ايلاف

 بلال خبيز من بيروت: فاجأ لقاء ميشال عون وحسن نصرالله الجميع في لبنان. كان اللقاء متوقعاً ويجري التحضير له منذ أشهر، لكنه جاء مفاجئاً لأنه ارسى بعض النتائج التي لم تكن متوقعة في المشهد السياسي اللبناني. والأرجح، على ما تشير معلومات متقاطعة، ان الزعيمين قررا ان يستعجلا اللقاء ليأتي توقيته مناسباً لحشر الخصوم في زاوية سياسية خانقة. حيث جرى اللقاء في اليوم الذي تلى احداث الشغب في منطقة الاشرفية في بيروت، وما تلاه من مضاعفات وبلبلة سياسية في صفوف "قوى 14 آذار/ مارس" المناهضة لسورية . النتيجة بادية لكل عين ناظرة: "قوى 14 آذار" تفشل في امتحان التعايش، وتلقي بتبعات فشلها على أطراف خارجية، لكن ذلك لا يعصمها من البلبلة والقسمة والشعور بالخطر. فيما القوة الناشئة عن تحالف "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، تجتمع على تذليل بعض الخلافات المستحكمة، وأقل ما يقال فيها من ايجابيات انها تسير على الطريق المؤدية إلى استنباط نوع من التعايش المشترك بين قوى مختلفة سياسياً على مواضيع لا تحصى. هذان السلوكان يختلفان اختلافاً بيناً في نقطتين على الأقل:

في الباب الاول لم يعمد جنرالا "6 شباط/ فبراير" في اجتماعهما في كنيسة مار مخايل على خطوط التماس القديمة إلى تغطية السموات بالقبوات واعتبار ان لا مشكلة اصلية بين اللبنانيين وان التدخلات الخارجية هي فقط ما يفرق بينهم. بل ذهبا إلى التأكيد ان معالجة اعطاب البنية اللبنانية لا تتم برد اسبابها إلى الخارج. فيما بدت "قوى 14 آذار" محشورة في زاوية هذا الاعتبار الأحادي النظرة الذي ينفي او يحاول ان ينفي أي خلاف بين اللبنانيين. وهذا ما جعل الدعوة إلى تحميل اطراف خارجية مسؤولية ما جرى ملحاحة في صفوفهم، ما ادى إلى ارباكات مضاعفة، خصوصاً ان المعلومات التي افاد بها بعض قادة وسياسيي" 14 آذار" نفاها حلفاء لهم في هذا التحالف. وهذا ما أظهر ان الإصرار على صون الوحدة الوطنية بتحميل الخارج مسؤولية كل انقسام داخلي غير منطقي وغير مقنع لعموم اللبنانيين.

في الباب الثاني اثبت جنرالا " 6 شباط" ان التحالفات السياسية انما تقوم اصلاً واساساً، على تحديد المصالح المشتركة بين الطرفين، وليس على تحديد العدو المشترك. وان الاتفاق على عدو مشترك لا يصنع وحدة ولا سلماً أهلياً راسخاً. لهذا بدا المجتمعان في كنيسة مار مخايل اقدر على استثمار نتائج اجتماعهما على المستوى الداخلي من "قوى 14 آذار" التي فشلت في امتحان خطر يتعلق بالعيش المشترك بين اللبنانيين. وتريد الوثيقة السياسية التي صدرت عن اجتماع مار مخايل، ان تثبت ان الطريق إلى تأسيس مستقبل مشترك انما يمر بالحوار السياسي الجدي بين الاطراف اللبنانية وليس بانكار كل خلاف والاكتفاء بالدعوة إلى رفع اليد الخارجية عن لبنان.

من جهة أخرى يكتسب تأكيد مصادر، قريبة من دوائر القرار في "حزب الله"، ان الوثيقة السياسية التي تم توقيعها والإعلان عنها في مار مخايل، انما جاءت ثمرة جهود طويلة واعقبت اتصالات كثيرة بين الطرفين وبعض دوائر القرار في العالم العربي. وتشير هذه المصادر إلى ان وجهة نظر "حزب الله" في ما يخص العلاقات اللبنانية – السورية خصوصاً، لاقت تفهماً عربياً لافتاً عبرت عنه الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى بيروت، وكان أثرها واضحاً لجهة تفهم منطلقاتها في الدواوين السياسية المصرية وفي ما رشح من اتصالات مع المملكة العربية السعودية. مما يجعل هذه الورقة – الوثيقة بمثابة كرة ثلج ستترك آثارها على المعطيات السياسية في لبنان وعلى طبيعة التحالفات القائمة فيه، وموازين القوى التي ارستها الانتخابات الاخيرة. من ناحية ثانية بدأت دوائر الكي دورسيه في فرنسا تحضر لزيارة رسمية يقوم بها الجنرال ميشال عون إلى باريس، ومن المقرر ان يلتقي فيها وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي، وقد يلتقي الرئيس شيراك نفسه إذا سمح وقت هذا الأخير بذلك، (كانت "إيلاف" قد نشرت خبر الزيارة المتوقعة في وقت سابق).

يجمع المحللون في لبنان على التأكيد ان التحالف الناشئ كسب جولة مهمة في مواجهة خصومه. لكن ما يبدو ثابتاً في هذا السياق ان هذا التحالف لم يقطع كل اواصر صلاته مع خصومه. فمن ناحية اولى لا يزال "حزب الله" يحافظ على حبل الود مع تيار "المستقبل" بزعامة النائب سعد الحريري، ويطالبه بالقيام بدور الوساطة وينتظر منه اطلاق مبادرة حوارية تجمع القوى السياسية إلى طاولة حوار. لكن المفاجئ ان من تلقف هذه الدعوة لم يكن "قوى 14 آذار" الممسكة بأعنة السلطة الهزيلة في لبنان، بل عمد إلى الدعوة إلى هذا الحوار رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، وهو الذي يؤخذ عليه انحيازه إلى صف "حزب الله" والقوى السياسية التي تستقوي بسورية وتريد العودة بالبلاد إلى ما قبل 14 شباط(فبراير) 2004 ما يجعله غير قادر وغير مخول ادارة دفة الحوار. لكن ذلك لم يحل دون الدعوة للحوار وتحديد موعد مبدئي له في مجلس النواب اللبناني في نهاية شهر شباط(فبراير) الجاري او في بداية شهر آذار(مارس) المقبل.

هذه الحشرة التي وجدت "قوى 14 آذار" نفسها وسط تفاعلاتها، ربما كانت السبب الذي دعا البعض إلى دعوة النائب سعد الحريري إلى العودة إلى لبنان، من حيث يقيم في فرنسا بسبب الأخطار التي تتهدد حياته إذا ما عاد إلى لبنان، إذ لا يمكن إدارة معضلات البلد الكبرى والملحة من المنفى الذي يعيش فيه زعيم اكبر كتلة برلمانية في البرلمان اللبناني.

يمكن القول ان الأيام الأخيرة الحامية التي شهدها لبنان قلبت بعض موازين الرأي في لبنان، ويجدر بالجميع النظر إلى هذه التحولات والتغيرات بدقة شديدة لئلا يخطئوا التصويب والاهداف. ف"حزب الله" عقد تحالفاً سياسياً مع أبرز زعماء الموارنة وأوزنهم ثقلاً على الأرض، واكتسب بذلك وزناً يضاف إلى وزنه الاصلي، يمده بشرعية لبنانية عامة هو في امس الحاجة إليها. لكن نقطة قوته الأبرز والتي حاول جاهداً إبرازها إلى الواجهة تكمن في امساكه الفعلي بمفاتيح العلاقة بسورية وقدرته على التأثير الفعلي في هذا السياق. وهذه جبهة حامية وبالغة الأهمية والخطورة من الجبهات التي تواجه لبنان عموماً وتهدد استقراره.

من ناحية ثانية لم يقطع الجنرال ميشال عون اواصر صلاته مع الدول الغربية عموماً، ويراهن على استعادة علاقة مثمرة تضيف إلى وزنه المحلي وزناً خارجياً يجعله مرة أخرى لاعباً وازناً في السياسة اللبنانية، لكنه ايضاً وخلال الأشهر الاخيرة استطاع ان يحصر مفاتيح معركة رئاسة الجمهورية واستقالة الرئيس لحود كلها في يده وحده، خصوصاً بعدما اعلن الرئيس لحود استعداده للاستقالة إذا كان الجنرال عون هو من سيخلفه في كرسي بعبدا. وليس خافياً ان هذين المفتاحين: تسوية العلاقة مع سورية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، يقعان في مقدمة الأهداف التي يضعها تحالف 14 آذار نصب سياسته العامة. مما يجعل امر مواجهة هذا التحالف المستجد عسيراً وغير مضمون النتائج.

يبقى ان كل هذه الاوراق التي يملكها طرفا مار مخايل لا تشكل لهما ضماناً فعلياً لتحقيق الانتصار على خصومهما, فموضوع العلاقة مع سورية له بابان، باب لبناني لا يستقيم الحديث فيه إلا بمعاقبة المسؤولين عن جرائم الاغتيال السياسية التي كان لبنان واللبنانيون ضحاياها، حتى لا يبقى التعامل مع لبنان خاضعاً لهذه المعادلة الجائرة، التي تقضي بأن يتم ترهيب قادته واغتيالهم من دون ان يعاقب المسؤولون عن هذه الجرائم، وهذه الضرورة بالضبط هي ما يعيد المفاتيح إلى تيار "المستقبل" اولاً ووليد جنبلاط الزعيم الدرزي من ناحية ثانية. وباب سوري – عربي – دولي يقيم للمصالح الكبرى وزناً حاسماً، لكنه ليس بالضرورة متعارضاً مع فتح الباب اللبناني على مصراعيه. اما امر استواء العلاقة مع الغرب على سمت ثابت يحفظ استقلال لبنان فمرهون أيضاً، باجماع القوى اللبنانية كافة على الدعوة الحثيثة إليه والحرص على تحقيقه. إذ ان الاطراف الخارجية تستطيع دائماً ان تدخل من نوافذ الطوائف التي تجد حقها مهدوراً ودورها قليل التأثير.

 

إحصاءات بعبدا لعون : 68% مسيحيين 92% شيعة 35% دروز

مي شدياق المنافسة الوحيدة وعدوان سعى لتوافق على قرطباوي

القاهرة والرياض لضم الحريري الى عون ونصرالله

في آخر احصاء ظهر عن منطقة بعبدا، بدا ان العماد عون سينتصر في المعركة في بعبدا - عاليه، واظهرت الاحصاءات الصادرة عن مراكز احصائية هامة تتحفظ «الديار» عن ذكر اسمائها بناء لطلبها، وجاءت الاحصاءات كالاتي :

68 بالمئة من المسيحين لصالح مرشح عون.

 92 بالمئة من الشيعة لصالح مرشح عون.

35 بالمئة من الدروز لصالح مرشح عون.

وبالتالي فإن مرشح العماد عون وفق نسبة الاقبال المقبولة سينال 61 الف صوت مقابل المرشح ‏المنافس الذي سينال ما بين 48 الف و52 الف صوت.

في هذا المجال قام النائب جورج عدوان بمسعى توافقي مع العماد عون على اساس سحب المرشحة ‏الزميلة مي شدياق والمرشح بيار دكاش، وترشيح نقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي كمرشح توافقي على ان يكون هذا المرشح هو بتصرف البطريرك صفير، وليس خاضعاً للقوات اللبنانية ‏ولا منتمياً الى تيار العماد عون.

تقول المعلومات ان مراقبين قالوا عن النقيب شكيب قرطباوي انه تقلب كثيراً في مواقفه في الفترة الاخيرة، ذلك انه كان منتمياً الى كتلة قرنة شهوان، ثم انتمى الى كتلة العماد ميشال عون وترشح على لائحته، مما جعله متقلباً في مواقفه وغير ثابت على انتمائه لتجمع سياسي.

في هذا المجال، تقول المعلومات ان المرشحة الوحيدة القادرة على المواجهة هي الزميلة مي شدياق، نظراً للعطف المسيحي عليها، وللعطف اللبناني بشكل عام، الا ان صب 18 الف صوت من حزب الله وحركة امل سـيرجح الكـفة للعـماد عون.

على هذا الاساس، سعت القوات اللبنانية عبر مبادرة النائب جورج عدوان الى التوافق كي يأتي مرشح خارج المعركة، وكي لا يسجل العماد عون انتصاراً في بعبدا - عاليه.

القاهرة ـ الرياض مع الحريري

على صعيد آخر ذكرت معلومات ديبلوماسية ان مصر والسعودية تعتبران ان تفاهم العماد عون مع السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله قد ادى الى واقع جديد في لبنان، ولم يعد باستطاعة احد تجاهله، ولذلك فإن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك ‏سينصحان النائب سعد الحريري بالانضمام الى تفاهم عون - نصرالله كي يكون التحالف ثلاثياً، ‏على قاعدة ان الزعماء الاقوياء في الشيعة والموارنة والسنة هم القادرون على تشكيل حلف ثلاثي من حزب الله وتيار عون وتيار المستقبل، على اساس ان التحالف الثلاثي الشيعي الماروني السني هو القادر على تأمين الاستقرار في لبنان، لتشكيل حكومة قادمة قادرة على بحث القرار 1559 والاستحقاقات الدولية. لم تخرج قوى 14 آذار من دائرة الارباك التي وضعت نفسها فيها نتيجة المعلومات المضللة التي اطلقتها في بيانها الاتهامي على خلفية ما حصل في تظاهرة 5 شباط في الاشرفية.

وفيما تحدثت المعلومات عن مداخلات ومراجعات نقدية داخل هذه القوى بعد نفي احد اطرافها وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت للمعلومات التي وردت في بيان 14 آذار، قالت ‏مصادرمطلعة ان ما يشبه فتح «تحقيق سياسي» بين هذه القوى قد جرى بدءا من الظروف التي ‏احاطت بالتحضير لتظاهرة 5 شباط وكيفية وهوية المشاركين فيها وانتهاء بطريقة وضع ‏المعلومات غير الصحيحة على طاولة لجنة متابعة قوى 14 آذار في منزل النائب وليد جنبلاط في ‏بيروت والتي وردت في بيان هذه القوى.

والبارز امس ايضا تحرك بكركي لوضع حد للتجاذب والسجال العنيف بين الوزير السابق ‏سليمان فرنجية واطراف في قوى 14 آذار، واعلان موفد الصرح البطريركي المطران رولان ابو ‏جودة من زغرتا من منزل فرنجية براءة الاخير من كل الاتهامات التي اطلقتها قوى 14 آذار ضده وبالتالي تشكيل هذه الزيارة غطاء صريحا من بكركي للزعيم الشمالي المسيحي.

في هذا الوقت ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد امس على 203 اشخاص ‏هم الدفعة من الذين يشتبه بمشاركتهم في اعمال العنف والتخريب والاعتداء والسرقة ضد ‏المدنيين والمباني المدنية والقوى العسكرية في الاشرفية يوم الاحد الماضي، وطلب القاضي فهد توقيفهم جميعا والادعاء عليهم، وتوزع الموقوفون حسب جنسياتهم على الشكل الآتي : 153 لبنانيا، 23 سوريا، 24 فلسطينيا، وواحد عراقي وواحد مكتوم القيد، وواحد سوداني. وكان القضاء العسكري قد تسلم من الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني 136 موقوفا مع ‏ملفات التحقيق.

كما تسلم القضاء العسكري من قوى الامن الداخلي 51 موقوفا مع الموقوفين لدى قوى الامن وفرع المعلومات يفوق بكثير عدد الموقوفين لدى الجيش وان عددا منهم نفى اي مشاركة بالمظاهرة.

وتحدثت مصادر قضائية للزميل روجيه ابو فاضل فقالت ان التوقيفات ربما تصل الى عدد ما بين ‏600 و700 شخص، واضافت ان اول دفعة من الموقوفين اعترفت بعدما ابرزت التحقيقات اشرطة الفيديو التي اظهرت صورهم خلال التظاهرة، كما اوضحت ان لا اخلاءات سبيل حاليا. وتابعت المعلومات تقول ان التحقيقات مستمرة حول انتماء هذه المجموعات والتيارات التي تتبع لها، ملمحة الى ان من بين هذه المجموعات اشخاصاً تابعين للنائب سعد الحريري، وقد توصلت ‏الى هذه المعلومات الاولية من خلال نتائج الانتخابات النيابية والتصويت للائحة تيار ‏المستقبل في الشمال وفي باقي المناطق.

موفد صفير الى فرنجية

وكان البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير اوفد النائب البطريركي العام المطران رولان ‏ابو جودة الى بنشعي حيث التقى الوزير السابق سليمان فرنجية. ويقول المطران ابو جودة ‏ان فرنجية بريء من كل الاتهامات وزغرتا بغنى عن التعريف فيها وبمارونيتها والكنيسة فيها.

وقال ابو جودة لمسنا لدى الوزير فرنجية تجاوباً لتهدئة الامور وقد اعلمنا انه يريد الهدوء والسكينة انما اضطر الى ان يوضح بعض الامور التي اتهم بها وهو براء منها تماما. وهو لا يزال ‏مستعدا لتلبية اي طلب يطلبه البطريرك حتى يتوقف عن كل شيء يعلنه في وسائل الاعلام.

من جهته قال فرنجية وعدنا سيدنا بان الموضوع انتهى عندنا ونتمنى عليه ان يحكي مع غيرنا ليخرجنا من يومياته مبديا استعداده للاجتماع مع اي كان في اي ظرف. مبدياً تخوفه من ان يكون هو والنائب سمير فرنجية ضحية مشروع اكبر.

ونقل عن مرجعية فاعلة مقربة من بكركي تشجيع الافرقاء المهتمين بانتخابات بعبدا - عاليه لتجنيب حصول معركة هناك من شأنها ان تزيد الشرخ بين المسيحيين حاليا دون ان يعني ذلك الغاء للديموقراطية لان الصراع على مقعد قد تدخل اليه عدة عناصر سلبية.

اضافت بأن في امكان طرفي المعركة اي التيار الوطني والقوات التراجع عن مرشحيهما والتوافق ‏على شخصية مستقلة توحي بالثقة للجميع. وهذا من شأنه ان يبقي الحياة السياسية على ‏رحابتها لان الوفاق في هذه المرحلة هو مطلب بكركي.

وقالت اوساط مطلعة ان البطريرك صفير ابدى عتبه على فريق 14 آذار للصيغة التي اتهموا ‏فيها الوزير السابق سليمان فرنجية بدون اي اثباتات، كما ان هذه الامور ليست من مهامهم ويجب رفعها للمراجع المختصة.

واشارت الى ان إفادة المطران ابو جودة تهدف الى امرين:

- الاول: تهدئة الوضع في منطقة زغرتا وتهدئة الاجواء بين الافرقاء هناك

الثاني: تأكيد حرصه على شخص الوزير السابق سليمان فرنجية ورفضه الاشاعات التى طاولته.

جعجع: المعطيات جمعت بسرعة

وفي حديث صحافي اعترف رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع انه «كان هناك تسرع في المعطيات من قبل 14 اذار، ولكن استعمال هذا التسرع للانطلاق بتسويق الوضع ‏السياسي السابق الذي كنا فيه حيث كانت الحرية مفقودة والدولة ايضا ولا وطن ولا لبنان امر غير مقبول».

وتمنى على كل الافرقاء «ان يبقوا موضوعيين بالحد الادنى فلا نعلن عن معطيات غير مؤكدة ويستعملها الاخرون لتسويق ان الذي يحصل الان غير صحيح...». واكد «ان 14 اذار لا تزال 14 ‏اذار، وان ما جرى يوم الاحد الماضي خلق ذهولا كبيرا ما أدى الى جمع المعطيات بشكل سريع».

سحب عناصر حراسة السبع؟

من جهة اخرى ذكرت معلومات بأن وزارة الداخلية ستوجه في غضون الايام المقبلة كتابا الى ‏الوزير حسن السبع لاسترجاع الآليات العسكرية وعناصر الحراسة التي كانت تواكبه، على أن تبقي له المكتسبات التي تحق له كعميد متقاعد. اضافت المعلومات ان الوزير فتفت يتجه في ‏الايام المقبلة لعقد اجتماعات يومية لقيادة قوى الامن الداخلي بهدف متابعة الامور وإعطاء دفع جديد لعمل الوزارة.

انتخابات بعبدا ـ عاليه

وعلى صعيد آخر، برزت اشارات حول امكانية حصول توافق على تسوية للمقعد الشاغر في دائرة بعبدا - عاليه بعد وفاة النائب ادمون نعيم.

وقد زار نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية النائب جورج عون الرابية والتقى العماد ميشال عون، وبدا من خلال تصريحه الذي ادلى به بعد اللقاء ان هناك امكانية للوصول الى تسوية حيث تمنى ان يشرف الاسبوع المقبل خلال لقاء اعلامي خير تجسيد ‏التفاهم بين القوات والتيار الوطني الحر، ولفت الى ارادة جدية لدى الفريقين لحصول ‏التوافق.

طاولة الحوار وجهود بري

على صعيد آخر تبرز المساعي المستمرة للرئس نبيه بري من اجل المباشرة في الجلوس الى طاولة ‏الحوار التي قال اول امس انه اوصى عليها وهي قيد الانجاز. وينقل عن رئيس المجلس قوله «الحوار ثم الحوار ثم الحوار وان لا بديل عن الحوار»، وانه رغم كل ما يجري على الساحة من تصعيد ومواقف تصعيدية فانه لن يتوانى او يتراجع عن مسعاه للحوار.

واذا كان من المتوقع ان ينتقل الرئيس بري بعد 14 شباط الجاري الى مرحلة العد العكسي للبدء في هذا الحوار. وحسب مصادر نيابية فان المرحلة الاولى ربما تشمل الاطراف المتمثلة في ‏المجلس النيابي يليها مرحلة ثانية تتوسع لتشمل اطرافا اخرى خارج المجلس، او ربما جرى الحوار بين الاطراف داخل المجلس على ان تجري مشاورات حوارية مع الاطراف غير المتمثلة في المجلس.

وتوقعت المصادر ان تتجدد الجهود والمساعي من اجل التهدئة وتحقيق ما يشبه الهدنة الاعلامية التي تسبق وتواكب عملية الحوار، مشيرة الى ان مثل هذا الامر بدا انه يحتاج الى مساع اضافية وتعاون من جميع الاطراف.

وقالت المصادر ايضا ان هناك مشكلة اخرى يجب التشاور والتداول في شأنها وهي كيفية جمع الاقطاب اي قيادات الدرجة الاولى الى طاولة الحوار لا سيما ان هناك معوقات تبرز حتى الان تحول دون تحقيق ذلك، مثل امكانية مشاركة رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ‏والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية ‏الدكتور سمير جعجع الى جانب الرئيس بري

وتقول المصادر انه لم يرشح بعد كيفية معالجة هذه المسألة وان كانت هناك افكار عديدة ‏مطروحة منها عقد اجتماع اول لهذه القيادات يليها تشكيل لجنة متابعة للحوار، او السعي لعقد اكثر من لقاء على مستوى القيادات للتوصل الى التوافق حول النقاط المطروحة، او عقد اجتماعات تمهيدية يليها لقاء حواري ينتهي الى الحلول او الصيغة النهائية لنتائج ‏الحوار.

 

لا التيار يتشيّع ولا الحزب يتمورن

لقاء مار مخايل بين العماد ميشال عون رئيس كتلة التغيير والاصلاح والسيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله، لهو خطوة نتمنى لو تكملها خطوات توّحد زعماء البلاد في ظرف يستوجب تداركاً لمخاطر مرتقبة..انه لقاء بالعربي الدارج والفصيح: بين رجلين صادقين يتحليان بالجرأة في القول، والصراحة في الموقف، ونظافة اليد، والمجاهرة في التصويب نحو الفساد والفاسدين والمفسدين.

فالى هؤلاء الذين شككوا بالورقة الاصلاحية وفي مضامينها، وابعادها نقول لهم بلسان احمد شوقي:

ساءت ظنون - البعض - حتى احدثوا

للشك في النور المبين مجالا

والظن يأخذ من ضميرك مأخذا

حتى يريك المستقيم مُحالا.

فاين الضرر والعيب والمأخذ في لقاء سيد وعماد حول مصلحة لبنان.

واية اذية لوطن، اذا توافق راعيان على تصحيح مسار وتوحيد قطيع نحو مزارع خصبة تعي  إلى شعبيهما لا بل الى جميع اللبنانيين املاً بحب جماعي متبادل لا لبس فيه ولا ابهام!!

فلا العماد ميشال عون سيذوب بتياره في حزب الله، ولا السيد حسن نصرالله - سيتمورن - مع ‏حزبه المؤمن بالله والوطن.

انه لقاء ثنائي حول اولويات وتوافق على ترسيم حدود، واقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسورية. ومحاربة الفساد ومساءلة السارقين لوقف امتداد السرقة على الاقل، والسير في ‏التحقيق الدولي حتى ظهور الحقيقة ليبنى على الشيء مقتضاه

ويبقى القرار 1559 - الذي حوّله البعض الى قميص عثمان، فمتروك امره لما بعد تحرير شبعا وكفرشوبا والمسجونين في اسرائيل وعندئذ تجوز المزايدة على ما نقله السيد سعد الحرير بالذات بعد لقائه بالرئيس الاميركي بوش: ان موضوع نزع سلاح حزب الله فمؤجل تنفيذه حتى اشعار آخر..

هذا هو ملخص لقاء العماد عون والسيد نصرالله.

فمن صدّق فاهلا وسهلا به، ومن لا يريد ان بصدق فامره لله...

 

ديكة» الموارنة يعودون الى حلبة الصراع

غابي ابو عتمة –الكفاح العربي 9/2/2006

حرب الالغاء الثانية

الطريق الى بعبدا يمر في بعبدا, وبالتحديد في دائرة بعبدا ­ عاليه الانتخابية التي تتهيأ لـ«حرب إلغاء» سياسية بعد خمسة عشرعاماً على «حرب الإلغاء» العسكرية. والدكتور سمير جعجع الذي ربح الجولة الاولى 1990 باسم الطائف, ويستعد للمواجهة الثانية باسم 14 آذار, يتصرف وكأنه خارج دائرة اليقين لأن الكتلة الشيعية الناخبة التي رجحت كفة وليد جنبلاط وحلفائه في انتخابات الربيع الفائت كفيلة بترجيح كفة الجنرال هذه المرة, إذا تعذر التفاهم على مرشح توافقي.

لكن هذه المعادلة محكومة بمعطيات جديدة بعد العودة المفاجئة لوزراء «أمل» و«حزب الله» الى الحكومة, الامر الذي يشكل نقطة انطلاق الى حوار وطني واسع حول الملفات المطروحة, وهو حوار لم تتبلور ملامحه في أبعادها الداخلية والاقليمية والدولية. ماذا في الأفق؟

«المقاومة الوطنية» التي عادت الى الائتلاف الحكومي لم تعد بعد الى «التحالف الرباعي» الذي حرم الجنرال ميشال عون و«التيار الوطني الحر» من ايصال مرشحيه الـ 11 في دائرة بعبدا ­ عاليه الى المجلس النيابي. يومها اختارت الكتلة الشيعية الناخبة ان تدعم لائحة وليد جنبلاط وحلفائه في «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» وتجمع قرنة شهوان, وهزم عون بالرغم من انه استقطب 73.2 بالمئة من اصوات المسيحيين.

اليوم يحاول الجنرال ان يستعيد المبادرة وفي حساباته ان العامل الشيعي الحاسم في المواجهة سوف يصب في مصلحته, وفي اسوأ الحالات سوف يقف على مسافة واحدة من «التيار الوطني الحر» وفريق 14 آذار, واذا هو كسب المعركة الفرعية فانه يكرّس بذلك زعامته المسيحية ويكرس بالتالي نفسه المرشح الاول او الناخب الاول في معركة الرئاسة الاولى. بخلاف ذلك يحاول رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» الدكتور سمير جعجع ان يحتفظ بالمقعد الماروني في الدائرة, حرصاً على المكاسب التي حققها قبل خروجه من السجن, طارحاً التوافق على المعركتين معاً, معركة المقعد الشاغر في بعبدا ومعركة المقعد المرشح للشغور في قصر بعبدا, على اساس ان فرص الجنرال في الوصول الى سدة الرئاسة محدودة «لأن جميع الذين يصوّتون يرفضونه...» على حد تعبيره.

وعلى مسافة ايام من 14 شباط فبراير واسابيع قليلة من 14 آذار تتشابك الحسابات الداخلية مع الحسابات الاقليمية والدولية, بصورة تبدو معها الساحة الانتخابية للمقعد الشاغر وكأنها «ساحة اختبار» لمواجهة اكثر اتساعاً بين «القوات اللبنانية» وحلفائها من جهة, و«التيار الوطني الحر» وحلفائه, في دائرة المعركة كما في دائرة القصر والدوائر المحيطة علي حدود لبنان وعلى «الحدود الاميركية ­ الاوروبية» في العالم العربي. ووسط الاحتقان الداخلي لا يمكن استبعاد ان يكون التحرك المصري الجديد, الذي يقوده اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية, بداية حوار لبناني ­ سوري, ولبناني ­ لبناني حول الملفات المصيرية العالقة ولو ان التفاؤل بنتائج هذا الحوار لا يزال سابقاً لأوانه

وفي خلفية المشهد الذي أدى الى عودة الوزراء الشيعة الى الحكومة, اللقاء الأخير الذي شهده المكتب البيضاوي في البيت الابيض بين الرئيس جورج بوش والنائب سعد الحريري, والذي توصل فيه زعيم الأكثرية النيابية الى انتزاع موافقة اميركية على مهلة جديدة للحوار مع «حزب الله» حول مفاعيل القرار 1559, بالرغم من تصاعد حدة التوتر الاميركي ­ الايراني حول الملف النووي.

في اي حال, تكتسب الانتخابات الفرعية لملء المقعد النيابي الذي شغر بوفاة ادمون نعيم في دائرة بعبدا ­ عاليه, اهمية بالغة واستثنائية, كونها تشكل اول اختبار فعلي وعملي لمعركة الزعامة المسيحية بين الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون, ولأن هذه المعركة تدور بين خطين سياسيين: الاول تجمع قوى 14 آذار مارس الذي تنتمي اليه القوات اللبنانية, والثاني قوى 8 آذار مارس التي تضم تحالف حركة أمل وحزب الله, اضافة الى حزبي السوري القومي الاجتماعي, والبعث العربي الاشتراكي والحزب الديمقراطي الوطني برئاسة النائب والوزير السابق طلال ارسلان, فضلاً عن التيار الوطني الحر بقيادة العماد ميشال عون الذي قد يضطر الى التحالف مع هذه القوى لتحسين شروط معركته الانتخابية ­ السياسية في غياب التوافق.

واغلب الظن ان سمير جعجع الذي قد يوافق على بيار دكاش كمرشح مستقل وتوافقي, وضع شروطاً لهذه الموافقة الاستباقية, تنطلق من التزام المرشح بيار دكاش استقلاليته الفعلية, بحيث لا ينضم الى «كتلة الاصلاح والتغيير» التي يرأسها العماد ميشال عون في حال فوزه ويبقى خارج التحالفات السياسية الاقليمية التي قد يعتمدها الجنرال مقابل انتزاع دعم التحالف الشيعي, في حال اضطر عون الى الدخول في معركة قاسية مع القوات اللبنانية, بحيث تتكرر تجربة حرب الالغاء التي شنها الجنرال على القوات في مطلع العام 1990. والمرشحون لهذه الانتخابات الفرعية اربعة حتى الآن: رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون, مي شدياق, بيار دكاش ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني سامي شدياق. ولكن القوات اللبنانية لم تتبن بعد اي مرشح, وإن كانت تتعاطف مع مي شدياق, في حين ان الجنرال اعلن موافقته على بيار دكاش كمرشح توافقي, خصوصاً ان هذا الاخير خاض الانتخابات النيابية السابقة في حزيران يونيو 2005 على لائحة الاصلاح والتغيير, إلا ان الحظ لم يحالفه وخسر بفارق ثلاثة آلاف صوت, مع ان اصوات الشيعة في الضاحية الجنوبية 17 الف صوت صبت في صناديق لائحة وحدة الجبل, اي لائحة التحالف الجنبلاطي القواتي, في حين ان المسيحيين اقترعوا بنسبة 73.20 بالمئة لصالح التيار الوطني الحر, فحصل بيار دكاش على 45 الف صوت مسيحي وخسر. في حين اقتصرت حصة نعيم من الاقتراع المسيحي على 15 الف صوت.

ولكن هذه المعادلة تبدلت بعد اقل من سنة وبعد خروج سمير جعجع من السحن, بحيث ترجح الاحصاءات ان المسيحيين انقسموا بنسبة 57 بالمئة لصالح مرشح عون و43 بالمئة لصالح جعجع, اي ان هناك تقارباً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية, وهذا الفارق الصغير قد تغطيه الاصوات الجنبلاطية التي يصل عددها الى 74 الف صوت حصلت منها لائحة وحدة الجبل على نسبة 74.6 بالمئة مقابل 25.4 للائحة المقابلة., لذلك فإن مرشح القوات اللبنانية قد يتساوى في الاصوات مع المرشح العوني, لكن اذا حسم تحالف حركة أمل وحزب الله موقفه وقرر الاقتراع لصالح مرشح التيار الوطني الحر, فان النتيجة لن تكون في صالح المرشح القواتي خصوصا, في حال صدور فتوى من اي مرجعية شيعية بالتصويت للتيار بكثافة, لأن عدد اصوات الشيعة في بعبدا ­ عاليه يصل الى حدود 32 الف صوت, اقترع منهم حوالى 17 الف صوت في الانتخابات الاخيرة لصالح لائحة وحدة الجبل, وهذا العامل الانتخابي الشيعي اسهم في فوز هذه اللائحة. ولكن هذه النسب الرقمية قد تختلف في معركة 2006, لأن اصوات الضاحية الجنوبية قد تصب في صناديق المرشح التوافقي او مرشح العماد ميشال عون إذا تعذر التوافق.

وانطلاقاً من نتائج الانتخابات السابقة, فإن الفارق بين لائحتي جنبلاط وعون لم يتجاوز الـ 7 بالمئة من مجموع الاصوات, لأن اللائحة الاولى حصلت على 51.07 بالمئة واللائحة الثانية 44.58 بالمئة, مع ان هناك 17 الف صوت شيعي كانت في مصلحة اللائحة الجنبلاطية القواتية.

ومهما اختلفت الظروف, وتحسنت اوضاع مرشح القوات اللبنانية في الشارع المسيحي فستبقى موازين القوى متقاربة, وتتحول اصوات الضاحية الجنوبية الى بيضة القبان. ولكن كل المؤشرات تدل على ان الفريقين قد يتجهان الى دعم المرشح التوافقي بيار دكاش تفادياً لأي معركة قد تسهم في تعميق الشرخ في الوسط المسيحي, خصوصاً ان البطريرك صفير ابلغ الى دكاش استعداده لدعم التوافق في انتخابات بعبدا ­ عاليه تفادياً لمزيد من الانقسامات بين العونيين والقواتيين التي قد تخلق مناخات تشجع على الصراعات بين الفريقين, خصوصاً ان هناك ملامح تشير الى الاحتمال الاسوأ في المناطق المسيحية ولا سيما داخل الثانويات والجامعات.

وأياً كانت نتائج هذه الانتخابات, فانها لن تغير في المعادلة النيابية القائمة, بحيث ان الغالبية ستبقى الى جانب تجمع قوى 14 آذار مارس حتى ولو فاز مرشح مستقل او مرشح التيار الوطني الحر, فتصبح المعادلة 71 نائباً لهذا التجمع و57 نائباً للفريق الآخر, وهذا يعني ان القرار السياسي يبقى في يد الغالبية التي قد تتحكم بتشكيل الحكومات وأي انتخابات رئاسية مبكرة او في موعدها الدستوري.

من هنا, فان انتخابات بعبدا ­ عاليه الفرعية لن تقدم او تؤخر, لكن في حال تحولت المعركة الى مواجهة حتمية بين عون وجعجع او اذا ارادها الجنرال حرب الغاء ثانية بعد 15 عاماً على الحرب الاولى التي انتصر فيها الحكيم, او في حال اصبحت هذه المعركة معركة تحدٍّ بين الرابية والارز, خصوصاً ان سمير جعجع يبدو مرتاحاً ومقتنعاً بأن الظروف السياسية والشعبية تغيرت ولن تكون لصالح العماد ميشال عون في الانتخابات الفرعية المقبلة, حتى ولو صبت اصوات الضاحية الجنوبية في صناديق مرشح التيار الوطني الحر, لأن اصوات المسيحيين والدروز 130 الف صوت قد تبدل نتائج الانتخابات الماضية, والواضح ان رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع يلعبها مسيحياً واقليمياً, ويردد في اكثر من مناسبة رفضه ادخال البلاد في صراعات بين المحور الايراني ­ السوري من جهة والمحور الأميركي ­ الفرنسي ­ الاوروبي من جهة ثانية, وذلك بهدف لفت انظار الناخبين في دائرة بعبدا ­ عاليه الى خطورة اي تحالف عوني ­ شيعي في هذه الانتخابات في حال فرضت المعركة بين الفريقين لأن جعجع يعتبر ان ليس هناك اي شيء بدون ثمن في السياسة, وهذا الامر ينطبق على التحالف الشيعي الذي قد يدعم المرشح العوني, ولكن مقابل ثمن سياسي يتعلق بالمقاومة والقرار 1559 وبالتالي الصراعات الاقليمية ­ الدولية, لأن حزب الله يسعى الى تغطية مارونية واسعة, لا يمكن الحصول عليها إلا من الجنرال عون الذي يمثل شريحة واسعة من المسيحيين وتحديداً الموارنة, فضلاً عن انه يرأس كتلة قوامها 21 نائباً. كما ان جعجع يعتبر تيار المستقبل غير معني بهذه الانتخابات الفرعية, لأن قاعدته الشعبية غير مؤثرة, ولكن تجمع قوى 14 آذار مارس معني مباشرة في حال اضطر الى خوض المعركة ضد تحالف عون وقوى 8 آذار مارس, خصوصاً ان التجمع يجد نفسه في قلب المعركة وهو مضطر للنزول الى صناديق الاقتراع لدعم اي مرشح قواتي. إلا ان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي يشكل الرقم الصعب في الانتخابات الفرعية والناخب الاقوى يفضل التوافق على ترشيح بيار دكاش كونه مرشحاً مستقلاً يقف على مسافة واحدة من 14 آذار مارس و8 آذار مارس. ويتضامن جنبلاط مع جعجع لجهة الاشتراط على التوافق والتشديد على استقلالية دكاش مقابل دعمه في الانتخابات, وإلا فإن المعركة ستكون الخيار الاخير.

وفي محاولة لتفادي الهزيمة وعدم احراج وليد جنبلاط, طرح الدكتور جعجع مساء الخميس من الاسبوع الفائت, مشروع تسوية يقوم على تفاهمين: تفاهم على مرشح توافقي مستقل في الدائرة, وتفاهم على مرشح للرئاسة الاولى, وكأنه يحاول ان يربط بين التسويتين,لكن ردة الفعل العونية لم تتضح بعد واوساط «التيار» تعتبر هذا الطرح هروباً الى الامام في المعركتين معاً.

والى ذلك فان بيار دكاش الذي اعلن انه مرشح مستقل, يرفض الشروط المسبقة ويلتزم استقلالية مواقفه سواء قبل الانتخابات او خلالها او بعدها, ويعتبر أن ترشيح العماد ميشال عون له لا يعني بالضرورة انتماءه الى التيار الوطني الحر ولا انضمامه الى كتلة الاصلاح والتغيير في حال فوزه. فهو اعلن موقفه السياسي المستقل وابلغه الى البطريرك صفير وسمير جعجع, ونائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم, ولا يجد نفسه مضطراً لتغييره مقابل مقعد نيابي, كما انه ليس مضطراً للدخول في المحاور الاقليمية والدولية ولا في الصراعات الاميركية ­ الايرانية الدائرة حالياً, خصوصاً ان العماد ميشال عون يحاول إعادة اللعبة الى مسارها الطبيعي, اي الى اللعبة الداخلية.

ومن منطلقات اخرى اعتبر أحد النواب القواتيين ان كل المؤشرات تدل على ان الانتخابات الفرعية لن تمر بدون معركة لا مفر منها في النهاية, باعتبار ان العماد ميشال عون الذي يصنف نفسه زعيماً مسيحياً يسعى الى رد اعتباره في دائرة بعبدا ­ عاليه بعد خسارته في انتخابات حزيران يونيو 2005, ليثبت انه قادر على استقطاب القاعدة المسيحية في كل المناطق. لذلك فانه, اي الجنرال, لا يريد التوافق, ويعتبر بيار دكاش مرشحه, ولكن بدون ضجيج اعلامي, كون دكاش مرشحاً مقبولاً من كل الافرقاء حتى من التحالف الشيعي في الضاحية الجنوبية. لذلك فان ماكينة التيار الوطني الحر, بدأت تعمل في دائرة بعبدا ­ عاليه وتستنفر انصار التيار ومحازبيه بطريقة استفزازية للقواتين وانصارهم من خلال تصور ترشيح شدياق وكأنها متاجرة بدمها لاغراض سياسية.

وفي المقابل, وعلى عكس كل ما يتردد في محيط الأرز, فان القوات اللبنانية تستعد للمعركة وتجري اتصالات مكثفة مع حلفائها في 14 آذار ولا سيما مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي يدعو الى التوافق مشدداً على ان المعركة ليست سهلة. ولكن هذا لا يمنع سمير جعجع من سلوك الممرات الوعرة في هذه المعركة التي قد تتحول الى صراع «ديكة» الطائفة المارونية, والتي تشكل في حد ذاتها «بروفة» شعبية لمعركة الرئاسة الاولى, لأن العماد ميشال عون يعتبر, بشكل او بآخر, ان طريق بعبدا, تمر في بعبدا, خصوصاً ان هذه الدائرة الانتخابية قد تحسم الاحجام المسيحية بين الجنرال والحكيم الذي يعتقد بأن معركة بعبدا ­ عاليه, هي في الواقع معركة رئاسية ورسالة سياسية لاصحاب القرار الكبير في الاستحقاقات المصيرية. لذلك لا يمكن للجنرال ان يطرح نفسه مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية إلا اذا تمكن من الغاء القوات اللبنانية وتنصيب نفسه زعيماً احادياً للمسيحيين في لبنان بحيث يقع اصحاب القرارات الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا امام الامر الواقع, ويظهر للبطريرك صفير وكل قوى 14 آذار انه الأقوى مسيحياً على الساحة اللبنانية, وهذا ما يعتقد بأنه قد يؤهله لدخوله قصر بعبدا سواء جرت انتخابات رئاسية مبكرة او اذا تمت في موعدها الدستوري.

من هنا, فان العماد ميشال عون, بحسب قول مسؤول في التيار الوطني الحر, ليس مهتماً بزيادة مقعد نيابي جديد الى كتلة الاصلاح والتغيير, لأنه يعرف ان الغالبية النيابية ستبقى في تجمع قوى 14 آذار, لكنه سيواجه هذه الغالبية النيابية, بأكثرية شعبية مسيحية عن طريق اضافة دائرة بعبدا ­ عاليه الى الدوائر الانتخابية في المتن الشمالي وكسروان ­ جبيل, حيث تمكن من تحقيق فوز كاسح على منافسيه من مرشحي القوات ولقاء قرنة شهوان, فضلاً عن ان الجنرال يعتبر نفسه الفائز الحقيقي في انخابات بعبدا ­ عاليه مقارنة بالنسب الرقمية التي حصل عليها في صفوف الناخبين المسيحيين في حين ان لائحة وحدة الجبل التي كانت تضم الجنبلاطيين والقواتيين لم تحصل سوى على نسبة 30.3 من المسيحيين.

وعلى اي حال, وبانتظار ان يحسم كل فريق خياراته ويعلن العونيون مرشحهم والقواتيون ايضاً, في حال سقوط مبدأ التوافق على بيار دكاش, فان كل التوقعات لا تستبعد المعركة القاسية بين القطبين المارونيين, خصوصاً ان هناك حديثاً متداولاً في كواليس الارز يدور حول امكانية ترشيح شكيب قرطباوي في حال عدلت مي شدياق عن خوض هذه المعركة, باعتبار ان قرطباوي الذي خاض الاننتخابات الماضية على لائحة التيار الوطني الحر, ليس عونياً بالمعنى الصحيح, بل هو في الاصل كتلوياً انضم الى لقاء قرنة شهوان, لكنه تحالف مع عون لاعتبارات سياسية وانتخابية.

واياً تكن نتائج المشاورات الدائرة في الرابية والارز والمختارة وقريطم, فإن الاسبوعين المقبلين قد يبلوران كل المواقف والخيارات ويوضحان صورة المعركة او مبادئ التوافق خصوصاً بعد ان تحدد وزارة الداخلية موعد الانتخابات الفرعية.

 

مقالة خبر الله موضوع الرد

الحملة ستشتدّ على لبنان واللبنانيين... 

الخميس 9 فبراير - الرأي العام الكويتية

 بقلم/ خيرالله خيرالله

كان طبيعياً أن تشتدّ الحملة على لبنان واللبنانيين قبل أيام من حلول الذكرى الأولى لأستشهاد الرئيس رفيق الحريري خصوصاً أن المطلوب في كل وقت أيجاد فراغ سياسي وأمني في البلد بهدف واضح يتمثل في تغطية الجريمة. من هذا المنطلق  يمكن تفسير أحداث الشغب التي كانت ساحتها منطقة الأشرفية الأحد الماضي، تلك الأحداث التي استهدفت أيجاد فتنة طائفية بين اللبنانيين بتشجيع من النظام السوري. والى اشعارآخر، يبقى هذا النظام  المتهم الأول في جريمة أغتيال الحريري أستناداً الى التقريرين اللذين قدمهما القاضي الألماني ديتليف ميليس الى مجلس الأمن قبل أن يتخلى عن مهمة رئاسة لجنة التحقيق الدولية لقاض بلجيكي يتابع التحقيق بهدوء شديد الى حدّ أن ليس من يسمع حتى بالنشاطات التي يقوم بها ولا بتحركاته أوأسفاره. كل ما في الأمر أن القاضي البلجيكي سرج  براميرتس يعمل من دون كلل، والأكيد ان اليوم الذي سيترحم فيه منفذو الجريمة على ميليس ليس بعيداً.

ما حصل من شغب  في بيروت وفي منطقة الأشرفية بالذات بحجة التظاهر أحتجاجاً على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم والتي نشرتها صحيفة دنماركية في سبتمبر- أيلول الماضي، لم يستهدف الاّ الآمنين من سكان المنطقة بهدف استفزازهم عن طريق عشرات "المندسين" في التظاهرة  من سوريين وفلسطينيين وبدو وبعض اللبنانيين المأجورين. ما حصل كان تنفيذاً لمخطط واضح كان يفترض أن يؤدي الى مجزرة تحول دون نزول اللبنانيين الى الشارع يوم 14 فبراير- شباط الجاري أحياء لذكرى رفيق الحريري الذي قدم دمه فداء للبنان وكي يستعيد البلد الصغير أستقلاله. كانت القنصلية الدنمركية مجرد حجة أستخدمت من أجل أشعال الفتنة عن طريق مجزرة تؤدي في ختام المطاف الى أستقالة الحكومة. وهذا يعني في طبيعة الحال أن هناك فراغاً امنياً في البلد سيضاف اليه الآن فراغ سياسي في ضوء قدرة رئيس الجمهورية بمشاركة نواب "أمل" و "حزب الله" والأستاذ ميشال عون على الحؤول دون تشكيل حكومة جديدة لا تتوافر فيها مواصفات معيّنة. تلك كانت الخطوط العريضة للخطة الموضوعة في الأمكنة نفسها التي جرى فيها التخطيط لأغتيال رفيق الحريري...

لحسن الحظ لم تفلت الأمور في الأشرفية وفي محلة التباريس تحديداً على الرغم من أن ذلك كان يمكن أن يحصل في أي لحظة. وحافظ المواطنون على رباطة جأشهم ولم يردّوا على الأستفزاز. كذلك فعلت قوى الأمن التي كان من السهل أستدراجها لأطلاق النار على مرتكبي أعمال الشغب الذين تعمّدوا الأعتداء عليها وأحرقوا آلياتها. لم يكن ذلك ضعفاً على الرغم من أن في الأمكان الحديث عن بعض التقصير، لكن المهم كان أن المتظاهرين و"المندسين" غادروا المكان سالمين الى أن أعتقلت قوات الأمن من أعتقلت كي تكتشف بعض خيوط المؤامرة المعدّة للعودة  بلبنان سنوات الى خلف، الى سنوات الحرب الأهلية وحروب الآخرين على أرضه.

كان لا بد من مرور بعض الوقت كي يبدأ المرء في التفكير في شريط الأحداث وأستيعاب فصوله  وكيف أن لبنان استطاع تجاوز مؤامرة أحراق القنصلية الدنماركية التي تبدو تتمة لعملية أحراق السفارة الدنماركية في دمشق قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة. كان واضحاً أن عملية دمشق جاءت لتبرير عملية بيروت، ربما كان ذلك من أجل تأكيد تلازم المسارين وأظهار مدى تحكّم النظام السوري بالوضع في "الساحة" اللبنانية. أنها رسالة موجهة الى كل من يعنيه الأمر فحواها أن اللبنانيين في حاجة الى وصاية مستمرة وأن في البلد الغاماً كثيرة بينها بعض الأشخاص الذين أجتاحوا الأشرفية يوم الأحد وعبثوا بممتلكات الناس. وفي ختام المطاف، على كل من يقرأ الرسالة الوصول الى الأستنتاج المنطقي بأن النظام السوري هو الطرف الوحيد القادر على حماية الأجانب في لبنان وعلى ملئ الفراغ الأمني والسياسي الناجم عن خروجه من البلد.

الأكيد أن احداثاً أخرى من النوع نفسه تنتظر لبنان. ويجري التهيئة لها عبرتحالفات جديدة من نوع ذلك الذي قام بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" وهو تحالف يرفض الجانبان الأعتراف بأنه تحالف ربما لأن الهدف منه متابعة أستخدام ألأداة التي أسمها"الجنرال" في خدمة النظام السوري. فالملاحظ حتى الآن أن ميشال عون لم يخذل النظام السوري يوماً، حتى عندما كان يقول أنه يطلق النار على السوريين في ألأعوام 1988 و1989 و1990 التي كان فيها من الغباء الى درجة حصوله على أسلحة ومساعدات من الرئيس العراقي المخلوع صدّام حسين.  كان في الواقع يُستخدم في  عملية جعل البلد تحت الوصاية السورية بدليل تمسكه بالبقاء في قصر بعبدا على الرغم من انتخاب رينيه معوّض رئيساً للجمهورية أثر التوصل الى أتفاق الطائف... ولم يسلم القصر، ومعه مقر وزارة الدفاع، الاّ للسوريين بعدما أمّن كل الظروف اللازمة لأغتيال رينيه معوض بواسطة ألأجهزة السورية، أستناداً الى ما تقوله عائلة الرئيس الشهيد. مرة أخرى يؤدي "الجنرال" الذي يصبح سياسياً عندما يكون المطلوب منه أن يكون عسكرياً ويكون عسكرياً حين المطلوب أن يكون سياسياً، المهمة المطلوبة منه. والمؤسف أن ليس هناك طرف مسيحي يقاوم التوجه الخطير الذي يسير في سياقه  والذي يخشى أن يقود المسيحيين والبلد الى كارثة أخرى. أنه توجه لا يصب في نهاية المطاف سوى في خدمة تغطية الجريمة الكبرى، جريمة أغتيال رفيق الحريري.

من واجب المسيحيين كشف "الجنرال"، على غرار ما فعل المسلمون على رأسهم الزعيم الوطني وليد جنبلاط في كشف"حزب الله" وتأكيد أنه مجرد أداة في المشروع الأقليمي الأيراني. كان مطلوباً تسمية الأشياء بأسمائها وكشف تلك اللعبة التي أسمها مزارع شبعا التي يتوجب على النظام السوري الذي أحتلها عسكرياً في الستينات أبلاغ مجلس الأمن أنها لبنانية. أن حقد ميشال عون على النجاح والناجحين والعمى السياسي المصاب به بسبب أستعداده لأي شيء من أجل الوصول الى رئاسة الجمهورية لا يشكلان خطراً على المسيحيين فحسب، بل أن الحقد والعمى خطر على لبنان كله أيضاً في ظل الظروف الدقيقة التي يمرّ فيها البلد من جهة وأستماتة النظام السوري في البحث عمن يساعده في تغطية الجريمة التي راح ضحيتها رفيق الحريري من جهة أخرى.  كيف يمكن للزعماء المسيحيين في لبنان السكوت عن ميشال عون بعد كل ما أرتكبه في حق لبنان واللبنانيين وفي ضوء الحملة التي يشنها النظام السوري على البلد، وتحول "الجنرال" أداة مهمة في هذه الحملة؟

هذه المرة نجا لبنان من الفتنة وأثبت المسلمون قبل المسيحيين حرصهم على العيش المشترك، لكن الأكيد أن النظام السوري سيظل يحاول ويحاول  خلق فراغ سياسي وأمني  في البلد. أنه يدرك جيداً أنه في سباق مع التحقيق الدولي ويعتقد خطأ أن منطق التفجير في لبنان كفيل بتعطيل هذا التحقيق. المشكلة بكل بساطة أن جريمة أغتيال رفيق الحريري جريمة مختلفة، ليس لأن الرجل مختلف وله وزنه العربي والدولي فحسب، بل لأن الظروف العالمية والأقليمية مختلفة أيضاً. لن تمر الجريمة من دون عقاب وعلى الذين يساهمون في تغطيتها من لبنانيين وغير لبنانيين أن يدركوا أن السؤال الوحيد الذي يمكن طرحه هذه الأيام هو الآتي: ما هو الثمن الذي سيدفعه النظام السوري؟ الى من سيصل العقاب؟ هل يذهب الى أبعد من رستم غزالة أم لا؟ قد يلحق بلبنان خراب كبير، لكن ذلك لن يحول دون الحصول على جواب عن السؤال المطروح. ربما حصل ذلك في وقت أقرب مما يعتقد!  

 

عون ونصرالله

بقلم/عبدالوهاب بدرخان  الحياة - 09/02/06//

لقاء السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون ضربة سياسية عرف صاحباها كيف يطبخانها ويعطيانها مفعول الصدمة، على رغم أنها كانت متوقعة لدى الأوساط السياسية اللبنانية، خصوصاً عشية الانتخابات الفرعية في عاليه - بعبدا. ولا شك أنها كانت «ضربة معلم» أن يعقد اللقاء غداة المخاوف التي أحدثتها تظاهرة الأحد في منطقة التباريس، ولعل الرجلين يستحقان كل الشكر على خطوة ساهمت في إبعاد شبح فتنة كامنة لا تنتظر سوى الشرارة. لا يمكن القول إن «التيار الوطني الحر» و «حزب الله» دخلا في تحالف، ولا مانع بل لا بأس في أن يكونا توصلا الى تفاهم. لكن يصعب الاعتقاد بأن أنصارهما اقتنعوا وفهموا وباركوا، وإنما هم مثل اللبنانيين الآخرين يريدون أن يراقبوا ليعرفوا ماذا يعني هذا اللقاء الذي اختيرت له كنيسة مار مخايل لمضاعفة رمزيته، إلا أن الرموز وحدها لا تصنع تغييراً حقيقياً على أرض الواقع.

لا يعتبر أنصار العماد عون من المحبذين المتعاطفين المتحمسين لـ «حزب الله» ولا لزعيمه، وإذا كان بينهم من يحترم السيد نصرالله والحزب ويقدر الدور العظيم للمقاومة في تحرير جنوب لبنان، فإن الغالبية عاشت وتعيش في مناخ نفسي وسياسي آخر خلال معاناتها طوال الفترة الممتدة بين 1990 و2005. لم يكن هناك عداء بين التيار العوني وتيار «حزب الله»، ولم يكن هناك توادد، والأهم ان الطرفين لم يعتبرا يوماً ان بينهما امكاناً للقاء على اسس استراتيجية. ومن الجانب الآخر، لم يكن أنصار «حزب الله» معجبين بتظاهرات العونيين ضد الوجود السوري قبل الانسحاب وقبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما لم ينسوا ان العونيين كانوا عصب «انتفاضة الاستقلال» أو «انتفاضة 14 آذار» في مقابل «انتفاضة 8 آذار» التي لم يعتبرها أصحابها في أي يوم انتفاضة من أجل الاستقلال ولا من أجل السيادة، وانما بدت تظاهرة للمتضررين من الانسحاب السوري التي كان يومها قد اقترب.

سيكون بالغ الأهمية والإثارة ان نرى محازبي الطرفين يتظاهرون جنباً الى جنب في اي مناسبة مقبلة، ربما تكون ضد الحكومة، أو ضد الضغوط الدولية التي تتعرض لها ايران أو سورية. وإذا حصل ذلك فإنه سيمثل ليس انقلاباً فحسب بل احدى أهم معجزات «التجربة اللبنانية» المشهورة، ولِمَ لا فكل شيء متاح وممكن إذا تم على قاعدة مشروع وطني. لكن هل «الوثيقة المشتركة» تؤسس لمثل هذا المشروع، أمر مشكوك فيه، خصوصاً ان «حزب الله» موجود في حكومة تمثل الغالبية زائداً الكتلة الشيعية ولدى هذه الحكومة بيان بمثابة «وثيقة مشتركة» أهم لا تلزم الأطراف السياسية فحسب بل تلزم الدولة ومؤسساتها، ومع ذلك لم يستطع هذا الحزب أن يدخل تماماً في نسيج المشروع الحكومي الذي يفترض أنه مشروع وطني. لذلك راح يبحث عن حلفاء لـ «مشروعه» الآخر، ووجد في العماد عون ضالته.

هنيئاً لـ «الحليفين» الجديدين، ولا شك أنهما يدركان ان لقاءهما موضوع في الاختبار ليعرف اللبنانيون الى أي حد يخدم البلد أم أنه يهدف أساساً لتحقيق فقاعات مصلحية لهما. وعندما يلتقي طرفان على أهداف استراتيجية لا يستطيعان تحقيقها فلا بد ان يبنى لقاؤهما على مجرد تكتيكات. بمعنى أن العماد عون لا يقدر على ضمان سلاح «حزب الله»، ولا الحزب يقدر وحده أن يضمن لعون الرئاسة، أي أن عون لا يستطيع رمي القرار الدولي 1559 واعتبار أنه نفّذ داخلياً وفي المقابل لا يستطيع «حزب الله» ان يأتي وحده بـ «العلاقة السوية» مع سورية. أما اذا كان لقاؤهما مبرمجاً لمماحكات مع الطوائف والأطراف الأخرى فإنه سرعان ما سينكشف، وحتى الأمس القريب كان وليد جنبلاط حليفاً - بل رفيق سلاح - لـ «حزب الله» وها هو الآن في خصام حاد معه. في أي حال بات على الغالبية الحكومية أن تراجع طريقة عملها ومسارات تحالفاتها. فلديها رئيس حكومة جيد وماهر لكنه يحتاج الى دعم سياسي أكثر فاعلية، حتى كأن هذه الغالبية تبدو بلا زعيم ولا مرجع، ويكاد معارضوها يفرضون عليها أجندتهم بما فيها من انتهازيات وتكاذبات.

 

حراس الأرز" : نصر الله رجل صادق ونظيف رغم خلافاتنا معه

عناصر جيش لبنان الجنوبي يستعدون للعودة

لندن ¯ من حميد غريافي:السياسة 9/2/2006

بدأ أكثر من خمسة اˆلاف لاجئ لبناني من عناصر »جيش لبنان الجنوبي« السابق مع عائلاتهم في اسرائيل, حزم حقائب العودة الى لبنان لأول مرة منذ لجوئهم في مايو من العام 2000 اثر الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان, »بعد انهيار مقاومة حزب الله لعودتهم« على لسان امينه العام حسن نصر الله في نص »ورقة التفاهم المشتركة« مع العماد ميشال عون التي أعلنت الاثنين الماضي من كنيسة مار ميخائيل في الشياح شرق بيروت, وفيها انه »انطلاقا من اقتناعاتنا ان وجود اي لبناني على ارضه هو افضل من رؤيته على ارض العدو, فان حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى اسرائيل تتطلب عملا حثيثا من اجل عودتهم الى وطنهم اˆخذين في الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع لذلك نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم...«.

ووصف رئيس »حزب حراس الأرز« ايتان صقر اللاجئ الى احدى الدول الأوروبية منذ عام 2000 , الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ب¯ »الرجل الصادق في ما يقول رغم كل المواقف الخلافية بيننا وبينه, وهو نظيف الكف, حصر همه بإنشاء مؤسسات اجتماعية مهمة لابناء طائفته من دون ان يلوث يديه كما فعل غيره من الزعماء اللبنانيين الذين نهبوا البلد وحملوا شعبه 40 بليون دولار من الديون«.

وقال صقر في اتصال اجرته معه »السياسة« أمس من لندن في مقر اقامته في أوروبا ان ما ورد في »ورقة التفاهم المشتركة« بين العماد عون وحسن نصر الله يعتبر »الصيغة الأكثر وضوحا وتقدما نحو الحلول المطلوبة للبنان كما يؤكد انه ليس من المستحيل لقاء الاطراف اللبنانية مهما كان الخلاف مستحكما بينها, على انقاذ لبنان«.

واعتبر رئيس »حراس الأرز« دعوة نصر الله وعون لعودة اللاجئين اللبنانيين من اسرائيل الخطوة الأكثر إنسانية« لان هؤلاء »لم يكن امامهم اي خيار اˆخر سوى الانتقال عبر الحدود, ولو كانوا يأمنون سلامتهم وسلامة عائلاتهم من بطش النظام القمعي السوري مثلا, لربما كانوا لجأوا الى سورية لا الى اسرائيل«.

وأكد »ابو ارز« الذي اقام في بلدة جزين الجنوبية طوال عشر سنوات منذ فراره من الاحتلال السوري للقصر الجمهوري في مطلع التسعينات, حيث لم يكن فيها اي وجود اسرائيلي ولو كانت واقعة تحت مظلة الحزام الامني من بعيد, قبل ان ينتقل منها الى احدى الدول الأوروبية مباشرة مع المئات من عناصر حزبه الذين توزعوا على اميركا وكندا واستراليا والبرازيل وعدد من الدول الأوروبية من دون المرور باسرائيل, انه وان كان ضد مبدأ محاكمة العائدين الى وطنهم لان مشكلة لجوئهم معروفة ومتفهمة من جانب كل اللبنانيين من مختلف الطوائف اذ انهم ينتمون الى كل الطوائف المسيحية والاسلامية, الا ان على الجميع العودة الى وطنهم للمساهمة في إعادة انهاضه على الاسس الاستقلالية التي تحققت بعد الانسحاب السوري من لبنان«.

وقال رجال اقتصاد لبناني يقيم في باريس, ومقرب من »التيار الوطني الحر« بزعامة العماد ميشال عون, »ان النداء الذي وجهه لقاء »مار مخايل« (بين عون ونصر الله) قوبل بالترحاب الشديد في صفوف اللاجئين اللبنانيين الى اسرائيل والدول الغربية مع الاˆلاف من عائلاتهم, وان بعضهم بالفعل باشر حزم حقائبه استعدادا للعودة الا انه ينتظر بعض التفاصيل الجوهرية لوسائل واجراءات تلك العودة في اقرب وقت ممكن«.

وذكر الاقتصادي اللبناني ل¯ »السياسة« في اتصال به من لندن انه »بموافقة السيد حسن نصر الله على عودة هؤلاء اللاجئين اللبنانيين الى ديارهم, يكون اخر حاجز كان يمنعهم حتى الان من ذلك قد سقط, وان هؤلاء العائدين متى عادوا للاستقرار في وطنهم سيشكلون وفدا منهم لزيارة الامين العام لحزب الله لشكره اولا ولاطلاعه على حيثيات لجوئهم القسري الذي اعقب نشر دعايات واسعة في صفوف سكان المناطق الحدودية الجنوبية خلال الانسحاب الاسرائيلي المفاجئ عن ان حزب الله سيقتلهم جميعا مع عائلاتهم إذا لم يهربوا الى اسرائيل«.

 

نواب "التحالف الشيعي" و"التيار الوطني الحر"  اعتبروه انقلابا سياسيا وآخرون لم يروا فيه جديدا

 لقاء عون بنصرالله أطاح معادلتي " 8 و14 آذار" وفتح الباب أمام واقع جديد

 بيروت - من منى حسن:السياسة 9/2/2006

شكل اللقاء الذي جمع الامين العام ل¯»حزب الله« السيد حسن نصر الله ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون بأبعاده وخلفياته ونتائجه حدثا سياسيا بارزا توج بالتوقيع على ورقة تفاهم مشتركة تم التحضير لها منذ عدة اشهر من قبل مقربين من »حزب الله« و"التيار العوني" وقد عزت اوساط نيابية هذا الحدث بانه انقلاب سياسي سيطيح بمعادلتي 8 و14 اذار, وفتح الباب امام واقع سياسي جديد في المرحلة المقبلة, كما انه سيكشف عن امكانية صياغة تفاهمات جدية, خصوصا وان كلا الطرفين اكدا على ان يكون الحوار سبيلا لانقاذ البلد وان تشارك فيه الاطراف ذات الحيثية السياسية.

»السياسة« استمزجت اراء الوزراء والنواب حول هذا الحدث التاريخي وما هي قراءتهم السياسية لهذا اللقاء واتت بالمحصلة التالية.

* وزير الصناعة بيار الجميل تساءل ما الذي تغير حتى حصل هكذا لقاء?

واكد: اننا اليوم امام تحديات مصيرية وخطيرة جدا يتطلب منا الوعي والادراك والحوار من اجل بناء مستقبل نحلم به.

* رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد اكد ان اللقاء التاسيسي الذي جمع سماحة السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون يشكل حدثا سياسيا بارزا نحن نحتاج الى مثله في هذه الاوقات الصعبة والدقيقة التي عبر بها وطننا لبنان, لان الحوار هو المدخل الجدي والحقيقي من اجل انقاذ لبنان من المحنة التي يعاني منها.

وقال: نحن بامس الحاجة الى حوار وطني يؤدي الى صياغة ستراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون بها عبر تحمل اعبائها والافادة من نتائجها.

* النائب انطوان اندراوس اكد ان الوثيقة تحمل عناوين مبهمة, لان هناك مواضيع طرحت في هذا اللقاء كان يجب على المعنيين دراستها في مجلس الوزراء, خصوصا حول ما يتعلق بالمعتقلين في السجون السورية. وسال: كيف اتى هذا اللقاء بعد الاحداث التي حصلت في الاشرفية. هناك علامات استفهام كبيرة حول هذا اللقاء.

وقال: ان العناوين التي طرحت فيها ليست جديدة. وان الذي حصل ليس تحالفا بل هو تعاون وقال: نحن مع الحوار الوطني الشامل لانه السبيل الوحيد لايجاد الحلول للازمات.

* النائب قاسم هاشم قال: في المبدا فان اي لقاء بين الاطراف والقوى السياسية اللبنانية يجب ان ناخذه من الباب الايجابي لان الكل يعترف ان لبنان الحوار هو الحل الوحيد من اجل تخطي المصاعب التي يتخبط بها البلد فكيف اذا كان هذا اللقاء بين تيارين سياسيين قويين والكل يعترف بذلك, ونحن مع اي لقاء ان يوفر الكثير على البلد ويفتح الافاق اوسع من اجل توسيع هذه الدائرة مع لقاء كافة الاطراف الرئيسية تمهيدا للحوار.

واكد: ان الحوار يشجع كل القوى السياسية وكل الاطراف على ان تسير على طريق الحوار من اجل ان تلتقي حول مصلحة هذا البلد.

* النائب مروان فارس ايد الاجتماع الذي عقد بين سماحة السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون وقال: نحن نحترم ونجل سماحة السيد حسن نصر الله الذي يتمتع بمصداقية عالية جدا وشفافية, خصوصا الوثيقة تحمل عناوين كبيرة وهامة ويجب مناقشتها مع كافة القوى السياسية حتى يصل لبنان الى المستوى الذي نطمح اليه من اجل تخفيف حدة التشنجات التي حصلت خصوصا الاحد الفائت. ووصف الوثيقة بانها سياسية بامتياز.

* النائب علي خريس تمنى ان يحذو الجميع حذو الطرفين باللقاء والتوافق من اجل توسيع دائرة الحوار ومن اجل لقاء الجميع على طاولة الحوار لبحث كل النقاط الخلافية من اجل التوصل الى صيغة عمل مشتركة تنقذ البلد مما يتخبط به لانه لا يجوز في ظل الظروف التي نعيش فيها ومع التطورات التي تتلاحق يوما بعد يوم, من ان نصل الى طاولة الحوار من اجل الاسراع في اخراج البلد من الدائرة التي نعيش فيها.

* النائب علي حسن خليل قال: لا يجب ان نستغرب مثل حصول مثل هكذا لقاءات بين القيادات والاحزاب اللبنانية. ومن الطبيعي جدا ان يلتقي اللبنانيون معا لكي نتفق جميعا على خطاب سياسي واحد.

واكد ان اللقاء بين الامين العام ل¯»حزب الله« سماحة السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون هام ومن الضروري جدا ان يلتقي اللبنانيون لكي نتفق على خطاب سياسي واحد.

ووصف اللقاء بالجيد ويساهم في تطوير الوضع في لبنان وفي تخفيف الخطاب السياسي المتشنج على المستوى الوطني قائلا ان المطلوب في هذه الاونة التحرك اكثر فاكثر لعقد لقاءات بين جميع الاطراف اللبنانية بدءا بالمشروع الذي تحدث عنه الرئيس بري حول ضرورة الجلوس حول طاولة مستديرة لوضع كافة الامور العالقة والمشاكل التي هي قائمة بين اللبنانيين لكي نبدا بالعلاج الفعلي والحقيقي وان اللقاء مقدمة للقاءات بين الاطراف السياسية جميعا.

* النائب عمار حوري اكد ان اللقاء بين عون ونصر الله حمل عناوين ليست خلافية, اما بالتفاصيل فاعتقد ان نقطتين يمكن النقاش معمقا بهما, بما يتعلق بمزارع شبعا وسلاح المقاومة ما بعد تحرير المزارع وعودة الاسرى اللبنانيين.

واكد ان الخلافات في لبنان لم تكن على العناوين العريضة لكن الخلافات دائما حول الية التنفيذ وحول التفاصيل.

وقال: يوما ما قال العماد عون انه متفق مع "تيار المستقبل" بنسبة 95% وفقا لبرنامج "تيار المستقبل" من خلال الورقة الاقتصادية التي قدمت في مؤتمر باريس-2, لذلك فالموضوع ليس موضوع عناوين ولكن الموضوع هو موضوع تفاصيل والية تطبيقه.

* النائب هنري حلو وصف اللقاء بالعادي جدا وقال: ان كل البنود التي طرحت في الوثيقة نحن نطالب بها منذ زمن بعيد. وتساءل هل من المصادفة ان يأتي هذا الاجتماع بعد يوم من حادثة الاشرفية.

واكد ان جميع الاطراف السياسية هي مع الحوار من اجل ارتقاء بلبنان الى مستوى المسؤولية التي نعتز بها.

* النائب عاطف مجدلاني اكد ان اي وثيقة تلم شمل اللبنانيين نحن معها.

وقال: نحن مع الحوار بكافة اشكاله لانه طريق الامل والخلاص.

ووصف اللقاء بانه يرمز الى اتفاق سياسي او ربما تعاون وليس تحالفا حسب ما تم اعلانه ونأمل ان يكون فاتحة خير أمل بين اللبنانيين.

 

دعا إلى حشد النيّات الحسنة سعياً إلى توسيع رقعة التفاهم

كنعان: ورقة التيار الوطني الحرّ- حزب الله استقلالية بامتياز وهي تجربة جريئة وضرورية ومتقدّمة تجمع ولا تُقَسِّم 

tayyar.org  8- شباط - 2006 

اعتبر النائب في تكتل التغيير والإصلاح ابراهيم كنعان أن رمزية "ورقة التفاهم المشتركة" ما بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله قائمة على روحية الالتقاء بدلاً من الانقسام، وعلى الجرأة في مدّ اليد للتحاور، كما كانت الجرأة في مقاومة النظام الأمني اللبناني السوري البائد من جانب التيار في لبنان وخارجه، والتي تمثّلت اليوم في مدّ يد الحوار إلى الآخر سعياً إلى تحصين الاستقلال والسيادة عبر تعميق الوحدة الوطنية. 

وقال كنعان في تصريحٍ له أدلى به من الخارج: كنا نشكو في الماضي من أن الخارج كان يلعب على التجاذبات والانقسامات الداخلية. خرج المحتل عسكرياً ولكن بقي له نفوذ وتأثير في الداخل ونحن نسمع يومياً تبادل اتهامات في هذا الشأن، فما هو السبيل والحلّ لتجاوز ذلك إلى تعميق الاستقلال وتحصينه؟ بالتأكيد هذا لن يكون بالاصطفافات لأنها توسع شقة الخلاف، بل من خلال تأكيد الاستقلال وتعميق التفاهم كما فعلنا في "ورقة التفاهم المشتركة" مع حزب الله والتي هي ورقة استقلالية بامتياز، ولا ينتقص من أهميتها بقاء بعض النقاط الخلافية، أي التي لم يتم التفاهم عليها بعد، وتالياً التي هي قيد الحوار. هذه الورقة لم تنتح السلطة السياسية في لبنان ولم تزعم أنها أنتجتها ولم تسعَ إلى ذلك، بينما اعتقد أن غيرنا كوّن السلطة والنظام على خلفية تفاهم غير موجود وتحالف بالسياسة غير موجود أيضاً، وهذا أوصل البلاد إلى هذا المأزق.

من هنا أن هذه التجربة، أي الورقة المشتركة مع حزب الله، هي تجربة جريئة وضرورية ومتقدمة، تجمع ولا تقسّم، وعلينا حشد كل النيات الحسنة سعياً إلى توسيع رقعة التفاهم لتشمل الجميع. فنحن لا نطمح إلى تشكيل ثنائيات أو ثلاثيات، ولا إلى عزل أحد كما فعل سوانا، بل إلى الجمع. 

وعن مآخذ البعض على "ورقة التفاهم" بالنسبة إلى مسألة سلاح حزب الله وأن التيار قبل في شكل أو في آخر أن تكون الكلمة العسكرية للحزب وليس للدولة أوضح كنعان: أن هذا الكلام غير صحيح قطعاً لأن الورقة تحدثت عن حدّين: الأول هو مبرّرات المقاومة في مرحلة الاحتلال وتحرير الأرض والتي لم يختلف أحد حولها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. والحدّ الثاني هو أين ومتى تنتفي هذه الحاجة، وهذا ما علينا تحديده عبر حوار وطني جامع.

ودعا كنعان إلى قراءة هادئة وعميقة وموضوعية لورقة التفاهم قبل إطلاق الأحكام المتسرّعة عليها، وقال: "نحن لم نقبل منطقاً متناقضاً قبل به من تحالف لتأمين الكراسي وتكوين السلطة عندما قالوا في البيان الوزاري أن هناك احتراماً للشرعية الدولية وفي الوقت عينه المحافظة على المقاومة الباسلة. نحن قلنا أن هناك حدّين وهذا دليل إلى ان المسألة في حاجة بعد إلى نقاش وحوار وتفاهم، وهذا النقاش لا يحتكره التيار الوطني الحرّ وحزب الله فقط لأن في ذلك تعطيلاً للمجتمع السياسي اللبناني ككلّ.

من هنا تعتبر ورقة التفاهم دعوة إلى الجميع للاشتراك والمشاركة في هذا العمل الحواري الجدّي الذي يحصّن لبنان، خصوصاً أنه لا سبيل آخر إلى حلّ موضوع السلاح في لبنان. ومن يجد أن عنده وسيلة أخرى أكثر جدوى فليتفضَّل بطرحها. نحن وحزب الله اتخذنا مبادرة وتحاورنا ووصلنا على الأقلّ إلى تفاهم أمْيَز وأوضح بكثير من التفاهم الذي قامت عليه هذه الحكومة، وحوارنا هذا الذي بدأناه يجب أن يكتمل من خلال المجلس النيابي الذي يفترض أن يقوم بدوره في هذا المجال، وفق الدعوة إلى طاولة الحوار التي تحدث عنها رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي. فلندخل الحوار بأوراق وأفكار واضحة لكي لا يتحوّل حوار طرشان، ولتكن لنا الشجاعة والصراحة والصدق في معزل عن كل تشويش وتهويل.

وختم كنعان بالقول: نحن لنا ثوابتنا الوطنية وسنحافظ عليها، ولكن هناك شريكاً في الوطن له رأي وله دور وكانت له تضحيات وخلافاتنا ومشكلاتنا الداخلية تحلّ بالحوار. فسلاح حزب الله ليس هدفاً في ذاته بل هو وسيلة لتحرير الأرض والمساهمة في حماية الوطن وفق خطة وطنية شاملة يتم التوافق حولها.

 

انقلاب السيد والجنرال 

مازن حماد من جريدة الوطن القطرية  8 شباط 2006 

كانت سفينة لبنان تتقاذفها الريح قبل لقاء «مار مخايل»‚ لكنها الآن في أمان‚ فبعد تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر‚ لم يبدأ لبنان فقط رحلة الانعتاق من سلاسل الطائفية البغيضة‚ بل انطلقت أيضا مرحلة انتشال البلاد من فوضى حتمية كانت تتجه نحوها بسبب فراغ هائل في السلطة والكفاءة الوطنية الفعلية‚ من كان يتصور إلى ما قبل شهور خلت أن يتجالس ميشيل عون وحسن نصر الله‚ فما بالك أن يتفقا على برنامج عمل مشترك؟ كان اللقاء نقلة شطرنجية بارعة‚ وضربة سياسية موفقة وواعية رسم من خلالها «السيد» و«الجنرال» ملامح دولة لبنانية جديدة ستمحو كل الدويلات القائمة وكل الرؤى القاتمة‚ وتنهي معادلات مريضة تحكم لبنان منذ عقود. لقد رمز انعقاد اللقاء في كنيسة «مار مخايل» في الضاحية الجنوبية إلى التلاقي الماروني الشيعي والمسيحي المسلم‚ وإلى إعادة صياغة الأولويات‚ والأبجديات‚  ولعل اختيار الإعلان عن قيام هذا الحلف الذي لم يسموه بعد‚ حلفاً‚ ليتزامن مع اجتماع لحركة «14 آذار»‚ هدف إلى إظهار الفرق بين طرح عاقل يسعى إلى إنقاذ لبنان‚ وطرح مرتبك يسعى إلى إغراقه‚ بقصد أو دون قصد‚  بعد اتفاق عون ونصر الله قائدي أهم تكتلين سياسيين على الساحة اللبنانية‚ لم تعد الأكثرية الحالية هي الأكثرية الفعلية‚ ولم يعد الحكم هو الحكم‚ ولا السلطة هي السلطة‚ وما إنْ بارك الشيخ نصر الله العماد عون رئيسا مقبلا للجمهورية‚ يكون التياران قد أرّخا لنهاية عهد وبداية آخر‚ أما عندما لخصا مهامهما المستقبلية واتفقا على كيفية حل القضايا الحساسة بما فيها سلاح المقاومة والعلاقات مع سوريا‚ فقد تبنيا خطة عمل مسؤولة همها بناء الوطن وحمايته وتحسين علاقاته مع الجيران‚ بدل الاستمرار العبثي في البحث عن أشباح سورية في شوارع بيروت‚ عندما كان عون ونصر الله يدعوان إلى إنقاذ لبنان‚ كان لقاء «14 آذار» المنعقد - ويا للمفارقة - في منزل وليد جنبلاط‚ يحرض الجماهير ويواصل الاصطياد في المياه العكرة‚ مُحملاً عناصر  أردنية وسورية وفلسطينية مسؤولية التخريب الذي تزامن مع الاحتجاج الشعبي على الرسوم الدنماركية المسيئة للإسلام‚ وعندما كان عون ونصر الله يطالبان بإقامة علاقات جديدة وجدية مع سوريا‚ كان لقاء «14 آذار» يتوعد دمشق باقتيادها إلى مجلس الأمن وتأليب الجامعة العربية عليها بدعوى أنها حركت الشارع اللبناني خلال المظاهرات الأخيرة التي استقال بسببها وزير الداخلية معلناً أن استقالته ترجع إلى فقدان القرار السياسي اللبناني‚ ولم يتوقف «14 آذار» عند هذا الحد‚ بل ربط بين عودة وزراء حزب الله وأمل إلى الحكومة بعد مقاطعة دامت حوالي شهرين‚ وبين دور لعبته الحركتان في المظاهرات موحياً بـ «مؤامرة» تشاركتا فيها مع دمشق لشق الشارع اللبناني‚ لكن المهم الآن أن لدى لبنان خريطة طريق مؤسسة جيداً‚ عمادها العماد عون الذي عاد قبل شهور من منفاه بعد أن عجنته الخبرة وخلقت منه زعيماً مؤهلا ومتسامحاً وقابلاً للاستفادة من أخطاء الماضي‚ والشيخ حسن نصر الله الذي لا يستطيع أحد التشكيك بنظافة يده وضميره وبشجاعته وصموده المثير للإعجاب‚ولدى لبنان الآن نواة صلبة عصية على الكسر‚‚ نواة ولدت من رحم الحروب والمعاناة والفـوضى‚‚ نواة سيشهد ميلادها انتهاء كل الجعجعات والطنطنات والهلوسات والأحقاد‚ وسقوط الرؤى السياسية الجاهلة‚

 

6 شباط على انقاض 14 آذار 

جورج بشير - الديار  8 شباط 2006 

اشفق المراقبون على نواب سابقين وسياسيين ينتمون الى قوى 14 آذار اجتمعوا اول امس في منزل النائب وليد جنبلاط في بيروت وفي ظل غيابه وهم يعّددون المعلومات التي لديهم عن دخول العناصر المسلّحة من سوريا الى لبنان عبر الحدود المشتركة، مع ضباط سوريين مخابراتيين وايوائهم في منطقة الشمال تمهيداً لارتكاب ما جرى ارتكابه يوم الاحد الماضي في قلب بيروت، وفي منطقة الاشرفية بالذات من جرائم اشعال الفتنة، وتدمير واعتداء وتحدّ سافر وقح لابناء المنطقة وللدولة.. فهذا الاشفاق على هؤلاء الناس عائد الى تقدير ظرفهم لانهم مصابون ‏مباشرة من جراء التوافق الذي اعقب لقاء كنيسة الشياح بين الرئيس العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، والسيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله...

فالاصابة وارمة شكلت في حد ذاتها حدثاً سياسياً لبنانياً ضخماً ليس لان اللقاء عقد، وفي كنيسة الشياح، وليس انه يشكل منعطفاً وحدثين هامين بارزين على الساحة اللبنانية فحسب، بل لانه نتج عن هذا اللقاء برنامج عمل وخطة يصلحان لقيامة الدولة القادرة في ظل الوحدة الوطنية المبنية على الصراحة، والمصارحة من جهة، وعلى المصارحة في الامور المصيرية، وهذه الدولة العتيدة مبنية بالدرجة الاولى على المساءلة والمحاسبة للذين يتولون الشأن العام حاضراً، و«للذوات» الذين تولوا الشأن العام في الماضي كي نتمكن من بناء المستقبل الواعد في ظل مسؤولين لم تقترف ايديهم جرائم نهب المال العام وايقاع الدولة وموازنتها والخزينة تحت وطأة العجز من ‏جراء الاربعين ملياراً من الدولارات... 

  ولنبدأ بردّة فعل بعض قوى 14 آذار بعد الانشقاق الزلزال الحاصل في التحالف الرباعي من جهة، والتحالف مع تيار الرئيس عون من جهة ثانية، وهما الاقوى والافعل على الصعيد الشعبي بنتيجة الانتخابات النيابية الاخيرة من جهة ثانية، فرّدة الفعل هذه طبيعية لجهة القنبلة الموقوتة التي فجرّها على الصعيدين السياسي والوطني لقاء عون ونصرالله ولكن ما لم يكن طبيعياً على الاطلاق ان يتضمن البيان الصادر عن لقاء منزل جنبلاط معلومات لها علاقة مباشرة بالوضع الامني في البلاد وتتناول «تسلّل امنيين سوريين الى البلاد من خارج الحدود مع ضبّاط كبار لهم وايواءهم لايام او لاسابيع في منطقة الشمال بهدف ترتيب احداث مسيئة للامن ‏الوطني في لبنان ومنها ما حدث في الاشرفية يوم الاحد الماضي»!؟

ان وجوه الذين شاركوا في لقاء «فردان» اول امس ظاهرة واضحة وجلية من خلال صورة اللقاء والمؤتمر الصحافي واول رد فعل للقضاء وللتحقيق فيما جرى يوم الاحد الماضي في منطقة الاشرفية من احداث كان يوجب على القضاء استدعاء هؤلاء للتحقيق معهم في مصادر معلوماتهم للتحقيق من صدقيتها اولاً، واما الخطوة الثانية فهي توجيه السؤال اليهم عن الاسباب التي ‏دفعت بهم الى اخفاء هذه المعلومات الخطيرة عن الاجهزة 

الامنية، وعن الحكومة التي يمثلون فيها ويدعمونها كونهم يشكلّون الاكثرية النيابية الفائزة في الانتخابات الاخيرة، طبعاً ما عدا ‏الذين حاسبهم الشعب واسقطهم في الانتخابات، لان هؤلاء لو فعلوا واطلعوا الاجهزة الامنية والحكومة التي يدعمون على هذه المعلومات لكانت الحكومة وفرت عليها هذه الجرصة، ولكانوا وفرّوا على وزير الداخلية حسن السبع الذي هو منهم وفيهم الفشل والاستقالة، ولكانوا اكثر من هذا كلّه وفرّوا على البلد هذه الخضة ومحاولة اشعال الفتنة وجرائم التدمير والحرق والنهب والاعتداء على الممتلكات العامة وعلى الكنائس، ولكانوا وفرّوا ايضاً وعلى الاخص انكشاف عدم تأمين الغطاء الحكومي والسياسي من حيث الامرة لقوى الامن الداخلي والجيش لتحصين التظاهرة ومنع تسلّل العناصر المخرّبة، وتحصين الامن الوطني وسمعة الدولة والبلد، ولكانت الحكومة واجهزتها الامنية القت القبض سلفاً على هذه العناصر الامنية المتسللة الى ‏الداخل اللبناني عبر الحدود وقدّمتهم الى العدالة اللبنانية، وربما الى العدالة العربية والدولية من جامعة دول عربية وامم متحدة...

ومن هذا المنطلق يجب اعتبار الذين حجبوا واخفوا كل هذه المعلومات الامنية الخطيرة عن الحكومة وعن رئيسها، وعن وزير الداخلية المستقيل، وعن الاجهزة الامنية اما مشاركين في الجرائم التي حصلت يوم الاحد الماضي في منطقة الاشرفية، واما متواطئين في ارتكاب هذه الجرائم.. وفي اي حال، ان الامر في حدّ ذاته مخز، ومثير للقلق في آن...

ان ما حصل يوم الاحد الماضي تتحمّل الحكومة بكاملها مسؤوليته الكاملة، وليس وزير الداخلية المستقيل وحده وقد تبيّن ان الوزير ابلغ رئيس الحكومة قبل حصول ما حصل بحراجة ‏الموقف في الاشرفية في ظل المعلومات التي كانت تتوافر للوزير من الاجهزة الامنية. لكن لم تعط اية اوامر للقوى الامنية بتكثيف انتشارها او بحصر التظاهرة او حتى بمواجهة عناصر ‏التخريب عبر القوى الامنية المجهزّة، اصلاً لمكافحة الشغب لمنع حصول ما حصل، فكانت هذه ‏الجرائم المرتكبة في قلب بيروت، وفي قلب الاشرفية...

ان ما حصل نتيجة لقاء عون - نصرالله في كنيسة الشياح كان خطوة كبيرة عسى ان تتعاطى معها مختلف القوى السياسية اللبنانية بايجابية عبر مناقشة خطة العمل المعلنة عن هذا اللقاء، كون اللقاء في حد ذاته امراً هاماً وحدثاً كبيراً، لكن خطة العمل البرنامج التي انبثقت عن هذا اللقاء هي بيت القصيد لانها مع اللقاء والتوافق، او التحالف لا فرق يشكلان خطوة ثابتة في الصراع الواجب ان يبقى ديمقراطيا حراً، يلتزم الحوار في سبيل تأمين مصلحة البلد ‏والشعب، لان هذه المصلحة اصابها الانتهاك والغدر والاستغلال الى ابعد الحدود في الماضي القريب.

 

عيتاني: لقاء "حزب الله"و"التيار الوطني" نقلة نوعية في العمل السياسي

وطنية- 8/2/2006 (سياسة) رأى النائب السابق بهاء الدين عيتاني في بيان اليوم أن "اللقاء التاريخي بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" والتوافق على ورقة سياسية عامل مطمئن امتص الجو المتوتر وأعاد السكينة إلى النفوس القلقة جراء تظاهرة الأحد الماضي وما رافقها من أعمال تخريب وتكسير وترهيب"، معتبرا أنه "شكل نقلة نوعية في العمل السياسي". ودعا إلى "الاقتداء بهذه السابقة لناحية إعلان البرنامج والدور والموقف المكتوب والمفصل أمام الرأي العام، وأن يشكل لقاء الحزب والتيار نواة وقاعدة لطاولة الحوار الذي يحضر له الرئيس نبيه بري".

 

النائب كنعان دعا الى حشد النيات الحسنة لتوسيع رقعة التفاهم

ورقة التفاهم مع "حزب الله" استقلالية بامتياز وهي تجمع ولا تقسم

وطنية - 8/2/2006 (سياسة) اعتبر النائب في تكتل "التغيير والإصلاح" ابراهيم كنعان "أن رمزية ورقة التفاهم المشتركة ما بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" قائمة على روحية الالتقاء بدلا من الانقسام، وعلى الجرأة في مد اليد للتحاور، كما كانت الجرأة في مقاومة النظام الأمني اللبناني-السوري البائد من جانب التيار في لبنان وخارجه، والتي تمثلت اليوم في مد يد الحوار إلى الآخر سعيا إلى تحصين الاستقلال والسيادة عبر تعميق الوحدة الوطنية". وقال النائب كنعان في تصريح اليوم أدلى به من الخارج :" كنا نشكو في الماضي من أن الخارج كان يلعب على التجاذبات والانقسامات الداخلية، خرج المحتل عسكريا ولكن بقي له نفوذ وتأثير في الداخل، ونحن نسمع يوميا تبادل اتهامات في هذا الشأن، فما هو السبيل والحل لتجاوز ذلك إلى تعميق الاستقلال وتحصينه؟ بالتأكيد هذا لن يكون بالاصطفافات لأنها توسع شقة الخلاف، بل من خلال تأكيد الاستقلال وتعميق التفاهم كما فعلنا في "ورقة التفاهم المشتركة" مع "حزب الله"، والتي هي ورقة استقلالية بامتياز، ولا ينتقص من أهميتها بقاء بعض النقاط الخلافية، أي التي لم يتم التفاهم عليها بعد، وتاليا التي هي قيد الحوار.

هذه الورقة لم تنتح السلطة السياسية في لبنان ولم تزعم أنها أنتجتها ولم تسع إلى ذلك، بينما اعتقد أن غيرنا كون السلطة والنظام على خلفية تفاهم غير موجود وتحالف بالسياسة غير موجود أيضا، وهذا أوصل البلاد إلى هذا المأزق". اضاف :" من هنا أن هذه التجربة، أي الورقة المشتركة مع حزب الله، هي تجربة جريئة وضرورية ومتقدمة، تجمع ولا تقسم، وعلينا حشد كل النيات الحسنة سعيا إلى توسيع رقعة التفاهم لتشمل الجميع، فنحن لا نطمح إلى تشكيل ثنائيات أو ثلاثيات، ولا إلى عزل أحد كما فعل سوانا، بل إلى الجمع".

وعن مآخذ البعض على "ورقة التفاهم" بالنسبة إلى مسألة سلاح حزب الله وأن التيار قبل في شكل أو في آخر أن تكون الكلمة العسكرية للحزب وليس للدولة أوضح النائب كنعان "أن هذا الكلام غير صحيح قطعا لأن الورقة تحدثت عن حدين : الأول هو مبررات المقاومة في مرحلة الاحتلال وتحرير الأرض والتي لم يختلف أحد حولها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والحد الثاني هو أين ومتى تنتفي هذه الحاجة، وهذا ما علينا تحديده عبر حوار وطني جامع".

ودعا "إلى قراءة هادئة وعميقة وموضوعية لورقة التفاهم قبل إطلاق الأحكام المتسرعة عليها"، وقال: "نحن لم نقبل منطقا متناقضا قبل به من تحالف لتأمين الكراسي وتكوين السلطة، عندما قالوا في البيان الوزاري أن هناك احتراما للشرعية الدولية، وفي الوقت عينه المحافظة على المقاومة الباسلة. نحن قلنا أن هناك حدين وهذا دليل إلى ان المسألة في حاجة بعد إلى نقاش وحوار وتفاهم، وهذا النقاش لا يحتكره "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" فقط، لأن في ذلك تعطيلا للمجتمع السياسي اللبناني ككل، من هنا تعتبر ورقة التفاهم دعوة إلى الجميع للاشتراك والمشاركة في هذا العمل الحواري الجدي الذي يحصن لبنان، خصوصا أنه لا سبيل آخر إلى حل موضوع السلاح في لبنان. و

من يجد أن عنده وسيلة أخرى أكثر جدوى فليتفضل بطرحها. نحن وحزب الله اتخذنا مبادرة وتحاورنا ووصلنا على الأقل إلى تفاهم أميز وأوضح بكثير من التفاهم الذي قامت عليه هذه الحكومة، وحوارنا هذا الذي بدأناه يجب أن يكتمل من خلال المجلس النيابي الذي يفترض أن يقوم بدوره في هذا المجال، وفق الدعوة إلى طاولة الحوار التي تحدث عنها رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري.

فلندخل الحوار بأوراق وأفكار واضحة لكي لا يتحول حوار طرشان، ولتكن لنا الشجاعة والصراحة والصدق في معزل عن كل تشويش وتهويل". وختم النائب كنعان قائلا:" نحن لنا ثوابتنا الوطنية وسنحافظ عليها، ولكن هناك شريكا في الوطن له رأي وله دور وكانت له تضحيات وخلافاتنا ومشكلاتنا الداخلية تحل بالحوار. فسلاح حزب الله ليس هدفا في ذاته بل هو وسيلة لتحرير الأرض والمساهمة في حماية الوطن وفق خطة وطنية شاملة يتم التوافق حولها".

 

حزب الاتحاد نوه باتفاق "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"

وطنية - 8/2/2006 (سياسة) نوه حزب الاتحاد في بيان اليوم "باتفاق حزب الله والتيار الوطني الحر وانجاز ورقة التفاهم المشتركة من اجل دفع مسيرة العمل الوطني باتجاه تعزيز المصالح الوطنية والاصلاحات السياسية". ودعا " القوى السياسية كافة الى تغليب الحوار فيما بينهم كوسيلة للتلاقي والتعاون ليشكل ذلك بديلا عن اي نهج آخر يمكن ان يعيق مسيرة نهضة البلد".

 

رئيس التضامن رحب بلقاء العماد عون والسيد نصرالله في الشياح

يبشر بعودة لبنان الى زمن الكتل والجبهات السياسية العريضة

وطنية-8/2/2006 (سياسة) رحب رئيس حزب التضامن المحامي اميل رحمة باللقاء الذي جمع العماد النائب ميشال عون والامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كنيسة ما ميخائيل-الشياح, ووضعه "في خانة تثبيت قاعدة التوازن الوطني والتوافق اللبناني والمشاركة المتكافئة والمتساوية". ورأى رحمة"ان العلامة الفارقة في لقاء الرجلين, تجلت في ميزة الصدق والجرأة عند كل منهما, مما اسس لثقة راجحة فيما بينهما, والثقة في اي تفاهم يبقى المعيار الوحيد لنجاحه ولتطبيق كامل مندرجاته بشفافية وموضوعية والتزام". ولفت الى"ان وثيقة التفاهم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر", علاوة على انها ورقة جديرة بالاهتمام لما تناولته من مواضيع حساسة ومهمة ولما وضعته من مقاربات لحلول مرضية ومقبولة في المستقبل القريب, فإنها ايضا شكلت انطلاقة واعدة لمسار وطني قائم على عودة لبنان الى زمن الكتل او الجبهات السياسية الوطنية العريضة, لكي لا اقول العودة الى صيغة الكتلتين السياسيتين الوطنيتين حيث نعم لبنان باستقرار تام وببحبوحة وانفراج مميزين".

 

تجمع الانقاذ": الحوار الوطني الاطار الطبيعي لتوفير ارضية سياسية لأي حل

طنية - 8/2/2006 (سياسة) أكد "التجمع الوطني للانقاذ والتغيير" في بيان، بعد اجتماع له، "ادانة ما اقدمت عليه الصحف الدانماركية وغيرها بنشرها رسوما كاريكاتورية للرسول الكريم، وتقدير ردود الفعل الشعبية والسياسية ضد الاساءة الرمزية الدينية الاولى عند المسلمين، ودان في الوقت ذاته الاعمال التي سجلت على هامش التظاهرة من تعرض لمواقع ذات رمزية دينية وتخريب في الاملاك الخاصة والعامة"، وحرص على "ان يكون التعبير ديموقراطيا بعيدا عن العنف والتعرض للحرمات والاملاك".

وطالب بأن "تكون نتائج التحقيقات شفافة"، واوضح "انه كان يمكن تفادي ما حصل من خلال اجراءات تنظيمية، دون ان تعفى السلطة في شقيها السياسي والامني من مسؤولية تقصيرية"، وقدر "عدم القيام بأي ردة فعل سلبية، وأيد المواقف التي اطلقت للتهدئة والاحتواء الداخلي، ورفض التصعيد السياسي وكل دعوة لتدويل الازمة اللبنانية، واعتبر ان المحاسبة والمساءلة يجب ان تكون شاملة حتى لا تتكرر احداث الاحد". ورأى "ان الحوار الوطني الشامل هو الاطار الطبيعي لتوفير ارضية سياسية داخلية لأي حل سياسي يعيد الاعتبار الى المواطنية ويمنح الساحة اللبنانية قدرا من التحصن"، وأكد "اهمية اطلاق الحوار الداخلي، وان تكون القناعة الثابتة ان لبنان هو وطن لجميع ابنائه، وبأن التنازلات المتقابلة هي التي تضيف هامش الاتزان السياسي، وبأن يثق اللبنانيون بعضهم ببعض وهم يضعون أسس برنامج سياسي اصلاحي"، ودعا الى "ان تكون العلاقة اللبنانية - السورية طبيعية بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين".

 

النائب كنعان: لم نتخل عن ثوابتنا وسلاح المقاومة سيعود الى الدولة

وطنية- 8/2/2006 (سياسة) اكد عضو كتلة التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان اليوم، في تصريح الى اذاعة "صوت لبنان"، "ان التيار الوطني الحر لم يتخل عن ثوابته"، مشددا على "ان سلاح المقاومة يجب ان يعود في النهاية الى الدولة". وتناول كنعان المواقف من ورقة التفاهم المشتركة بين "التيار" و"حزب الله"، فقال: "اذا انطلقنا من روحية التفاهم التي هي رمزيتها الالتقاء اليوم بدل الانقسام والجرأة في مد اليد، كما كانت الجرأة في الماضي بالمقاومة، وخاصة بمقاومة النظام الامني اللبناني - السوري القائم من قبل التيار الوطني الحر في لبنان وخارجه.

اليوم الجرأة بمد اليد الى الآخر وتحصين الاستقلال والسيادة الوطنية من خلال تعميق الوحدة الوطنية. فالتجربة هي تجربة جريئة ضرورية تجمع ولا تقسم، وبالتالي علينا وضع كل النوايا الحسنة لنوسع رقعة التفاهم، ونحن لا نطمح الى ثنائيات ولا لعزل احد، بالعكس تماما غيرنا كان يسعى الى العزل ونحن نسعى الى الجمع". وعن المآخذ على الورقة بالنسبةالى موضوع سلاح المقاومة وان التيار قبل في شكل او في آخر ان تكون الكلمة العسكرية ل"حزب الله" وليس للدولة، اعتبر "ان هذا الكلام غير صحيح، فالورقة تتحدث عن حدين، الحد الاول هو عمليا مبررات المقاومة في مرحلة الاحتلال وفي مرحلة تحرير الارض والتي لم يختلف احد عليها من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، والحد الثاني هو اين ومتى تنتفي هذه الحاجة وهذا ما علينا تحديده".

واضاف: "نحن لم نكتشف البارود، ولكن لم نقبل منطق متناقض قبل به من تحالف لتأمين كراسي، وقبل به من كون السلطة عندما قالت في البيان الوزاري بأن هنالك احتراما للشرعية الدولية، وفي الوقت عينه المحافظة على المقاومة الباسلة.

نحن على الاقل نقول ان هنالك حدين، وهذا دليل الى ان الموضوع في حاجةالى نقاش ولا يفعل في هذا النقاش فقط "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، هذا يعطل المجتمع السياسي اللبناني ككل". ودعا النائب كنعان الجميع الى الاشتراك والمشاركة "في هذا العمل الجدي الذي يحصن لبنان"، مشيرا الى انه ليس هناك سبيل آخر لحل موضوع السلاح في لبنان، وقال: "ليس هو الهدف بل وسيلة فليتفضل من يرى خلاف ذلك بطرحه علينا".

 

لقاء الأقوياء... والدولة

غسان شربل - الحياة - 08/02/06//

كان لقاء العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله مثقلاً بالرموز. عقد اللقاء في كنيسة حفظ اللبنانيون اسمها لوقوعها على خط تماس ساخن في الحرب الاهلية - الاقليمية التي عاشها لبنان. فهل اراد الزعيمان القول انهما يتطلعان الى شطب خطوط التماس من حاضر اللبنانيين؟ ام تراهما اختارا اللقاء في منتصف الطريق وعلى «الحدود» بين الطائفتين؟ ثم ان مشاركة زعيم «حزب الله» في اجتماع في كنيسة تشكل بدورها رسالة الى جمهور «التيار الوطني الحر» وطائفته. ولعلها الصدفة شاءت ان ينعقد اللقاء الاول بين الرجلين غداة مهرجان الاستباحة الذي شهدته العاصمة والذي كان يمكن ان يكون شرارة الفتنة لولا تعقل من استهدفوا وحصافة رئيس الحكومة وعدد غير قليل من القيادات السياسية والدينية.

لا تتوقف مسألة الرموز عندما تقدم. فقد عقد اللقاء بين الزعيم الذي لا يزال يقاوم اسرائيل بعدما قدم في الحرب معها فلذة كبده، وبين الزعيم الذي كان يقيم في قصر بعبدا حين امر مدفعية الجيش اللبناني ان تدك مواقع ما كان يسميه «الاحتلال السوري» ودفع ثمن مواقفه ومدافعه اقامة مديدة في المنفى. وهو عقد بين الرجل الذي يقيم تحالفاً استراتيجياً مع سورية وعلاقة شديدة الخصوصية مع ايران الاسلامية وبين الرجل الذي كان يحاول طرق كل باب ممكن بما فيه باب الكونغرس الاميركي لمحاسبة سورية واخراجها من لبنان. وفي النهاية كان اللقاء بين الزعيم الشيعي الأقوى والزعيم المسيحي الأقوى على الاقل في الوقت الراهن.

لم يكن قرار اللقاء والاتفاق سهلاً على الرجلين لكن حاجة متبادلة دفعتهما الى اتخاذ القرار. على رغم قوته وشعبيته وجد «حزب الله» نفسه خلال سنة او ما يزيد قليلاً أمام مشهد متزايد الصعوبات: القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب القوات السورية على وقع الاتهامات والضغوطات الدولية والاقليمية. ووجد نفسه ايضا امام اكثرية نيابية وشعبية تسأله عن علاقة المقاومة بالدولة ومصير ترسانة الحزب بعد تحرير مزارع شبعا واستعادة الأسرى. ولاختراق هذا الحصار اذا صحت التسمية كان خيار الاتفاق مع عون اشبه بفرصة. في المقابل لم يلمس عون من المنضوين في حركة 14 آذار (مارس) استعدادا للتسليم له بالموقع الذي يعتبر انه يستحقه فقد كانوا يبحثون عن حليف لهم لا عن زعيم يقودهم. وبدا واضحاً ان طريق بعبدا لا تمر بـ14 آذار اذا كان اسم الراغب في المرور ميشال عون. كانت الانتخابات النيابية فرصة عون لبدء اجراءات الطلاق مع رفاق «انتفاضة الاستقلال». وكانت مواقف جنبلاط الأخيرة فرصة نصرالله لتشييع التحالف الرباعي.

لا شك ان انعقاد اللقاء وفي مناخات الطلاق الطائفية والمذهبية الضاربة في المنطقة والتي عبرت الاحد الماضي عن شهيتها في الانتقال الى لبنان يشكل حدثاً ايجابياً ومفيداً. ولا شك ان اللقاء يشكل انقلاباً في موازين القوى خصوصا اذا تمكن كل من الطرفين من اقناع جمهور الطرف الاخر بصوابية هذا الخيار وضرورة تقديم كل التنازلات الممكنة لحمايته. ان الأمر أهم بكثير من كسب مقعد نيابي في دائرة بعبدا عاليه ومعاقبة وليد جنبلاط وسمير جعجع من دون ان ننسى سعد الحريري. فهذا التفاهم سيخضع لامتحانات متتالية تبدأ من مصير القرارات الدولية وتمر بالتحقيق الدولي وصولاً الى الوضع الأمني والاداء الحكومي والاستحقاق الرئاسي. طبعاً مع الالتفات الى ملفات خارجية يمكن ان ترخي بثقلها وبينها الملف النووي الايراني والعلاقات الاميركية - السورية.

لا شك ان الرئيس اميل لحود حصل على فرصة جدية لالتقاط الانفاس. ولا شك في ان سورية تعتبر وضعها في لبنان بعد اللقاء افضل مما كان عليه قبله او اقل سوءاً. لكن السؤال يبقى عن احوال الدولة اللبنانية واستعداد طرفي اللقاء لتوظيف ثقلهما في دعم حق المواطن في الأمن واللقمة ومنع الانهيار الاقتصادي. والأكيد ان الأولوية الفعلية الآن ليست محاربة الفساد وان خلخلة الحكومة ليست افضل الطرق لمساعدة اللبنانيين على عبور المحنة. سيكون اللقاء تاريخياً بالفعل اذا قطع الطريق على سيناريوات الانهيار وفتح الطريق لالتقاء اللبنانيين في منتصف الطريق وتحت عباءة الدولة وأسس للقاء الدولتين اللبنانية والسورية في منتصف الطريق ايضاً.

 

هل يغيّر اللعبة تفاهم لاعبَين ?

رفيق خوري - الأنوار

في البدء كان التسليم بالواقع: اللعبة السياسية في لبنان لا تعمل ولا تقود الى مكان منذ الانتخابات وتأليف الحكومة. وليس التعاون بين (التيار الوطني الحر) و(حزب الله) سوى محاولة لتغيير اللعبة أو تعديل قواعدها، ما دام تغيير اللاعبين صعباً. فلا شيء يكشف عمق الأزمة بوجوهها المتعددة وطنياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً أكثر من أن يدفع البحث عن حلول حزباً في الحكومة وتياراً هو الطرف الأساسي في المعارضة الى الوقوف فوق أرض مشتركة مع بقاء كل منهما في موقعه. ولا أحد يجهل أن تحقيق الحلول الواردة في ورقة (التفاهم) بينهما يحتاج الى حوار يشترك فيه اللاعبون الآخرون للتوصل الى توافق على الأساسيات يتجسد في سلطة تتولى التنفيذ.

ذلك أن بنود الورقة التي أذيعت بعد حدث استثنائي هو اللقاء بين العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله تبقى حتى إشعار آخر (إعلان نيات). وهي، في الشكل، تسجل سابقة مهمة في التعاون بين قوى صاحبة تمثيل شعبي وتتحمل مسؤولية كلامها، عبر وثيقة تحدد الإطار والخطوط الأساسية للتحرك. أما، في المحتوى، فإنها تتضمن رؤية على ثلاثة مستويات. الأول هو ما يبدو لسان حال الجميع في الخطاب السياسي وما جاء بعضه في البيان الوزاري. والثاني هو ما تفاهم عليه الطرفان بشكل كامل لجهة العناوين وبعض التفاصيل والثالث هو ما بقي في خانة التفهم المتبادل بين الطرفين لمواقفهما في أمور دقيقة تحتاج الى مزيد من الحوار والتبلور في إطار وطني أوسع، وأبرزها موضوع المقاومة.

وعلى الطريقة اللبنانية في الحسابات السياسية، فإن الأنظار تتوجه نحو ما أخذه كل طرف وما أعطاه. وليس قليلاً حجم الاقتراب الذي تقدم به كل طرف من الآخر، ولا بسيطاً نوع الخط الذي انتهى الحوار الى رسمه. لكن المهم في النهاية هو توظيف ذلك في حل الأزمات لحساب الوطن والمواطنين عبر بناء مشروع الدولة. فالورقة ترسم أساساً لدولة لم تكن قائمة قبل الحرب ولا هي قامت بعدها. وهي تضع السياسة والأمن والاقتصاد والادارة ومكافحة الفساد وتصحيح العلاقات مع سوريا وحماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته في باب الأولويات الملحة.

وعلى الطريقة اللبنانية أيضاً، فإن المألوف هو أن تنظر القوى الأخرى الى التفاهم بين التيار والحزب من زاوية الاصطفاف الداخلي والصراع الإقليمي والدولي. ولا يبدل في الأمر تأكيد الطرفين أن علاقتهما ليست مواجهة ضد أحد. فالبعض يرى نقلة في اصطفاف طائفي بعد نقلة في اصطفاف طائفي آخر، على أساس أن أي اصطفاف في لبنان سواء كان وطنياً أو سياسياً يأخذ شكلاً طائفياً. والبعض الآخر يتطلع الى التغيير الذي يحدثه التعاون بين التيار والحزب في مشهد الصراع الإقليمي والدولي على لبنان وفيه وعلى الشرق الأوسط وفيه. وهناك بالطبع مَن يسجل يوم 6 شباط على مفكرته كنقطة تحول في مسار تحكم به الانقسام بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار، وكان التيار الوطني الحر من أكبر أركان 14 آذار وحزب الله عمود 8 آذار.

لكن الواضح أن ورقة (التفاهم) ليست كل ما لدى الطرفين من أفكار ومواقف، ولا هي تغطي كل المشهد اللبناني وصوره الإقليمية والدولية. فاللعبة في لبنان معطلة لأسباب داخلية وخارجية. وتغيير اللعبة وأصولها أو حتى تحريكها يتطلب وفاقاً وطنياً على بناء الدولة والعلاقات مع الدول.

 

اتفاق (الجنرال) و(السيد)

فؤاد دعبول - الأنوار

حسناً فعل (دولة الرئيس) و(سماحة السيد)، عندما اتفقا على التعاون لا على التحالف. ... وعلى أن يتركا اتفاقهما مفتوحاً أمام الجميع، لا منغلقاً في وجه أحد. ذلك أن لبنان، بات يضيق ذرعاً ويأساً من أي تحالف. ... ولم يعد يؤمن، لا بالثنائية، ولا بالثلاثية. الحلف الرباعي تهاوى. والحلف الثلاثي أصبح من الماضي. والحلف الثنائي، بين (التيار الوطني الحر) و(حزب الله)، كان بدوره، على طريق التلاشي. الحمد لله أن (الجنرال) و(السيد) تداركا الأمر مسبقاً، واتفقا على التعاون لا على التحالف. طبعاً، لم يفاجئ اللقاء، في كنيسة مار مخايل، أحداً في الموعد، بل في المكان. إلا أن منطقة الشياح، وقد شهدت أكثر أيام الحرب حراجة، من حقها أن تشهد أزكى أيام التعاون في السلم. وللحقيقة والتاريخ، ان التعاون بين التيار و(الحزب) لم يكن غريباً بل كان متوقعاً. وعندما كان (العماد) على وشك (السقوط) أو الهجوم على معقله في بعبدا، كان (جماعة التيار) يرسلون عبر مكبرات الأصوات، نداءات للتعاون يوم كان هذ التعاون محظوراً...

  وكانت بعبدا على مقربة من لحظات الإغارة بالطائرات للخلاص من الجنرال.

وتشاء الصدف، أن يصبح (الجنرال) بعد خمسة عشر عاماً، رمزاً لخلاص لبنان، لا للخلاص منه!!

 (اتفاق مار مخايل) مكتوب.

وُلِدَ مثل (اتفاق الطائف) في بعضٍ منه.

لكنه اتفاق مكتوب.

و(السيد) أوضح أن (الاتفاق الرباعي) انهار، لأنه معلوم وغير مكتوب.

والطائف، تكمن أهميته، أنه جعل العرْف مكتوباً، وإن أطلق اعتكاف وزراء (أمل) و(حزب الله) أعرافاً جديدة لم تكن سائدة.

ورئيس الحكومة أطلق عبارة واحدة، صاغها بالمقلوب، فطلعت إنجازاً أعادت المقاطعين الى الحكومة.

ماذا في اتفاق (السيد) و(الجنرال)?

أولاً، فيه الصدق والصراحة والاستقامة. وهي سمات ثلاث موجودة في مواقف (سيد المقاومة) و(جنرال السياسة).

وثلاثي النظافة السياسية، مؤهل أكثر من سواه، ليخوض معركة تطهير الدولة من الفساد والسرقات.

وسلاح (حزب الله)، وهو بيت القصيد، أصبحت له صيغة مكتوبة، ومعلومة وواضحة، ومطروحة للحوار.

الشرعية الدولية وضعت القرار .1559

والعماد عون سعى الى القرار، من أجل تحقيق الخروج السوري من لبنان.

وسوريا خرجت بالقرار من لبنان، وتحاول أن تبقى على هوامشه في لبنان.

إلا أن حلف تعاون (الجنرال) و(السيد) مؤهل لجعل سوريا، لا تفكر في العودة، لا بالمناورة ولا بالمغامرة.

وانضمام الآخرين الى هذا (العقد)، مفتاح الحوار حيثما يكون، وأنى تنعقد طاولته المستديرة.

في البرلمان، برعاية الرئيس نبيه بري، فهذا مرحَّب به من الجميع.

وفي رحاب 14 آذار و8 آذار أو تعاون 6 شباط، فإن الوفاق آتٍ.

احسبوا لقاء مار مخايل خيراً، فإن الخير سيكون عميقاً.

قولوا إن شاء الله!!

 

العماد ميشال عون استقبل وفدي "الرابطات المسيحية" ومربي الدواجن 

وطنية  07/02/2006 

   استقبل العماد ميشال عون في دارته في الرابية اليوم، مربي الدواجن الذين شكوا له هموم المهنة ولا سيما بعد الاشاعات التي سرت حول مرض انفلونزا الطيور. ثم التقى وفدا من "اتحاد الرابطات المسيحية" صرح باسمه حبيب افرام: "لقد شددنا على نقطتين، اولاهما الثوابت الاكيدة كالسيادة والاستقلال والحرية، وهذه لا تنازل عنها ابدا، علما أن الاولوية للامن في كل المناطق لانه ممنوع ان يشعر مواطن في اي منطقة بأنه قلق او مهدد، وهذه مسؤولية الدولة. وثاني النقطتين دور المسيحيين في الدولة وحضورهم وتوازنهم، وهذا لا تنازل عنه، ولا يمكن ان يستمر الوضع كأن المسيحيين ليسوا موجودين. وعبرنا أيضا عن قلق بالغ من بعض ما يجري من انشقاقات على الساحة المسيحية ولا سيما ما يجري على الارض بين عناصر القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. ونحن مع كل تنوع وتعدد حزبي وسياسي وضد أي منطق إلغائي وضد جر الناس الى المشاكل". ونوه افرام باللقاء "الجدي والرصين الذي حصل بين الجنرال والسيد حسن نصرالله"، متمنيا أن يؤسس للقاءات على مستوى رصين وفكري من العلاقات السياسية، وهذا كان رأي الجنرال". 

 

حضور طاغ ولكنه ناقص... في انتظار سعد الحريري

رؤوف شحوري –الأنوار 8/2/2006: لقاء العماد عون زعيم التيار الوطني الحر وسماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ(حزب الله) هو أكثر بكثير من حدث سياسي مدو على الصعيد اللبناني الداخلي. انه خروج صارخ على موروثات العمل السياسي التقليدي البالي في لبنان، والتأسيس لنهج جديد في العمل الحزبي والتعاطي في الشأن العام، وحدث تاريخي يمثل الخطوة الأولى في بناء دولة جدية ومقتدرة. وهما قيادتان جمعت بينهما صفة واحدة هي (التحرير). العماد عون قاد حركة تحرير سياسية لانهاء وضع كان يوصف بأنه (وصاية سورية على لبنان) تنتقص من حرية لبنان واستقلاله وسيادته. وحققت نجاحها الصاعق بالتفاف الشعب اللبناني حول المبادئ التي أعلنها وناضل من أجلها وتجلى ذلك في 14 آذار 2005، دون أن ينتقص ذلك من جهود كل القيادات التي ساهمت في صنع هذا الحدث. والسيد حسن نصرالله قاد حركة تحرير عسكرية تمثلت بالمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي وحققت نجاحها الصاعق بالتفاف الشعب اللبناني حولها واحتضانها دون أن ينتقص ذلك من كفاح كل الذين شاركوا فيها.

بين العماد عون والسيد نصرالله تقاطعات كثيرة في التشابه والتعارض عفوياً ومعنوياً. كلاهما عقل مخطط أرغمته ظروفه على الوصول الى حلبة السياسة من خارج الموروثات التقليدية للعمل السياسي في لبنان. جمعت بينهما خلفية عسكرية، بالاحتراف بالنسبة للعماد عون وبالاضطرار بالنسبة للسيد نصرالله. وتحرك كلاً منهما مجموعة من القيم المتماثلة في الانضباط والصدق والشفافية والوضوح والاستقامة، وقوة ايمانية وروحية عميقة بعيدة عن التعصب والكراهية، كل من منابعه الثقافية الخاصة به. وحصل كل منهما على تفويض قوي وجازم من قاعدته الشعبية. واذا كان العماد عون قد اضطر الى الخروج من جلبابه العسكري وتعليقه في خزانته انسجاماً مع خوضه السياسة بملابس مدنية، فإن السيد حسن نصرالله جمع كل ما يمثل في جلبابه وتحت عمته بسهولة ويسر. وتعرض كل منهما في مسيرته الى اتهامات ظالمة. وكانت حركة العماد عون في منفاه توصف بأسوأ النعوت ومنها التبعية للأجنبي والعمالة للعدو. وظلت الاتهامات تلاحق (حزب الله) بالتبعية لسوريا وايران الى أن التقت هاتان (القمتان) لتوقيع وثيقة وطنية ومعلنة وحاسمة وليس فيها الا الولاء للوطن الواحد الأحد.

العماد عون هو ابن برج البراجنة في الضاحية بالأصالة. والسيد حسن نصرالله هو ابن برج البراجنة في الضاحية بالاقامة، وهو الآتي اليها من (البازورية) في عمق الجنوب. وتم اللقاء بينهما على بعد أمتار قليلة من عين الرمانة التي انطلقت منها شرارة الحرب الأهلية. وفي كنيسة مار مخايل في الشياح التي كانت احدى خطوط التماس الملتهبة في تلك الحرب.

وكان يمكن لهذا اللقاء أن يتم في أي جامع أو دار للعبادة في أية منطقة في لبنان. وفي هذا ما فيه من رموز لدفن هذا الماضي الحزين بكل ما فيه من مآس وخراب. وتضمنت الوثيقة الموقعة منهما بنوداً محددة وأساسية واستراتيجية على خريطة الوطن. وفي الممارسة العملية ستضاف اليها بنود كثيرة مقبلة مما هي تحت البحث والتداول. ولا يراودنا أي شك في ان البرنامج المشترك بينهما سيضم لاحقاً ومستقبلاً بند البحث في الغاء الطائفية السياسية في لبنان، وهو من قواسمهما المشتركة... أملاً في الوصول الى يوم يزول فيه التيار الوطني الحر كنبض مسيحي، ويزول فيه (حزب الله) كنبض اسلامي، للانصهار في بوتقة الأحزاب الوطنية وحدها مضموناً وشكلاً.

السياسات الحربائية التي راجت طويلاً في لبنان مصيرها الى زوال. وهي تقترب من ساعة الاحتضار والتلاشي. ومع ذلك فإن هذا الحضور الوطني الطاغي كما تجلى في اللقاء بين العماد عون والسيد حسن نصرالله لا يزال ناقصاً. ولن يكتمل هذا الحضور ويأخذ كل معانيه الا بامتلاء المقعد الشاغر الذي كان هناك في لحظة التقائهما في كنيسة مار مخايل. ويفتقد اللبنانيون بشدة حضور الزعيم الشاب ووارث كل أخلاقيات رفيق الحريري في عمله السياسي والوطني والقومي ممثلاً في نجله الواعد وقائد الأكثرية النائب سعد الحريري. ويقدر اللبنانيون ثقل المسؤوليات التي داهمته على حين غرة، ومعوقات الأوزار التي يحملها. وفي يد سعد الحريري أن يعبر بلبنان وباللبنانيين الى الطمأنينة والأمان بنقلة واحدة. وليس في البرنامج المعلن والوثيقة الموقعة ما لا يتلاءم مع نهجه الوطني والقومي. وفي هذه النقلة التي تطمئن اللبنانيين جميعاً يفسح في المجال أمام اصطفاف الجميع بكل ألوان الطيف اللبناني تحت علم لبنان. وهي أثمن هدية يقدمها الى روح رفيق الحريري والى الوطن في يوم الرابع عشر من شباط الجاري، على أمل أن يكون العماد عون والسيد حسن نصرالله في مقدمة الحضور لاحياء الذكرى السنوية الأولى للشهيد رفيق الحريري.

 

التيار الوطني الحر يحدد اهمية لقاء عون ــ نصر الله

ورقة التفاهم مصاغة بأدبيات ترضي جمهور الفريقين

تصلح لوضعها على طاولة حوار مستديرة تضم الجميع

كلير شكر –الديار 8/2/2006

تكمن اهمية اللقاء الذي جمع العماد ميشال عون بأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بعد طول انتظار، في اربع مسائل يعددها القيادي في «التيار الوطني الحر» زياد عبس على الشكل الآتي:

 الالية التي جرى اعتمادها قبل الوصول الى ورقة التفاهم بفعل ارادة الطرفين بأن لا يحصل اللقاء بهدف التقاط الصورة التذكارية فقط، واطلاق ورقة فارغة المضمون، غير انه كان هناك اجراء على الية حوار جدية تتطلب عشرات الجلسات من النقاش لتحديد نقاط الخلاف والاتفاق قبل الوصول الى صيغة مشتركة بمضمون ممتاز.

 شكل اللقاء الذي انعقد في كنيسة مار مخايل في لحظة سياسية، تفترض ضرورة تطمين اللبنانيين على ان الرموز الدينية لكل الافرقاء هي محترمة ولا يجب المساس بها كما ان شكل اللقاء يشبه مضمون الورقة، اي انه حصل في منتصف الطريق.

- التوقيت: لقد كان توقيت اللقاء محداد مسبقا. وكان من قبيل الصدفة انه جاء في اعقاب ‏احداث الشغب التي ولدت توترا سياسيا وشعوراً طائفيا فضلا عن حملة لتخويف المسيحيين من «حزب الله» بعد دخوله الى الحكومة وعشية الانتخابات الفرعية في بعبدا ــ عاليه.

مضمون الورقة التي اتسمت بالشمولية وجاءت لتعالج بجرأة وشجاعة مواضيع حساسة ودقيقة، تلتزم بنص مصانع بأدبيات ترضي جمهور الفريقين حيث جرى توضيح النقاط المتفق عليها والمختلف حولها.

وعلى هذا الاساس يقول عبس بأن الفريقين لا يزالا على خلاف حول القرار 1559 نظرا لاختلاف ‏خلفيات الطرفين غير انه جرى الاتفاق على صيغة مشتركة لعمل المقاومة ومفهومها، في حين ان القرار 1559 يتمتع بفلسفة مغايرة لم يتم مناقشة مضمونه. وبالنتيجة فان ما تم التوصل ‏اليه حول عمل المقاومة هو قراءة متقدمة لحماية لبنان حيث اعتبر حزب الله ان سلاح المقاومة ليس هدفا في حين ان «التيار الوطني الحر» اعتبر بان المقاومة تشكل مكامن قوة للبنان واللبنانيين، وهذا ما يعتبر تطور نوعي في موقف الفريقين خصوصا اذا ما توجت هذه القراءة ‏المشتركة «بنهاية» تؤكد بأن «حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي ‏الى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمل اعبائها والافادة من نتائجها».

اما بالنسبة لردة فعل الشارع المسيحي تجاه هذا التفاهم الماروني ــ الشيعي يقول ان ‏خيار هذه العلاقة لم يأت بخلفية تطمين فئة بوجه فئة اخرى او بهدف الاصطفاف السياسي بوجه فريق آخر، فالمواضيع التي تمت معالجتها تهم جميع اللبنانيين في وقت زادت فيه حدة التشنج ‏ووصل فيه الحوار الى افق مسدود، وبالتالي كان المطلوب نموذجاً يطمئن اللبنانيين بأنه ما من ‏مشكلة بين الطوائف وبأن هواجس الجميع ممكن ان تجد لها حلا مشتركا، وليس هناك من حاجة الى وصاية خارجية او أمن مستعار او وصي للحوار الداخلي وهذا ما يريح اللبنانيين ويُفترض ان ‏يكون ما حصل نموذجاً يوضع بتصرف الجميع. وبالتالي فان الورقة التي جرى التفاهم عليها ‏تصلح لان تكون ورقة حوار على طاولة مستديرة تجمع اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم.

وعن تأثير هذا التفاهم على علاقة «التيار الوطني الحر» بقوى 14 آذار يقول عبس بان ‏التيار» يأمل بان تسهّل الورقة طريق الحوار مع بقية القوى وفي طليعتها قوى 14 آذار بعيداً عن الانفعال وبشكل يؤدي الى انتقال لبنان الى مرحلة جديدة من الحوار الهادئ.

وعما اذا كان التفاهم سيقطع الطريق امام وصول الجنرال الى قصر بعبدا ام سيسّهل المهمة، يجيب يجوز الوجهان، الا ان هذا الموضوع لم يكن هدف التفاهم ولا ضمن الاعتبارات التي املت ‏النقاش من اساسه، لان الغاية كانت الوصول الى قراءة مشتركة من اجل قيام الجمهورية ولو ‏على حساب رئاسة الجمهورية وبالتالي فان «التيار» لن يقبل بأن تُقّيد حركته السياسية ‏وحسّه في المبادرة بخلفية السعي الى رئاسة الجمهورية لان الاولوية هي لمصلحة البلد.

اللقاء هو البداية لمشوار مشترك سيسلكه «التيار» و«الحزب» خلال المرحلة المقبلة والذي بلا ‏شك سيعيد ترتيب اوراق المعادلة اللبنانية على خلفية تحالف جديد سيفرض نفسه على المحاور الاخرى. ولعل انتخابات بعبدا - عاليه ستكون الثمرة الاولى بهذا التفاهم الشامل بحيث ان تهيئة القواعد الشعبية قبل مدة من موعد الاستحقاق، ووضعها في اجواء هذا التقارب ‏السياسي، ستنعكس حكماً على اتجاه المعركة التي كانت تقترب من حالة الغليان اذ ان احداث ‏الشغب التي دفعت الاشرفية ثمنها واللقاء القمة الذي جمع عون ونصرالله في كنيسة مار مخايل، سيضيفان عاملاً قوياً، لهذه الجهة في المعركة الانتخابية التي تتحضّر لها منطقة بعبدا – عاليه رغم رهان البعض على اعتراض مسيحي قد ينشأ بفعل التقارب العوني من حزب الله قد يضعف ‏موقف الفريقين في صناديق الاقتراع. غير ان الصدفة التي حملت معها توتراً طائفياً في شارع قو 14 آذار، عادت لترجح كفة «التيار الوطني الحرّ». وبناء على هذه الاعتبارات يرصد المراقبون مواقف القوى المعنية من معركة بعبدا - عاليه، ‏وفي اذهانهم الميل الى ترجيح كفة التوافق الذي جرى طرحه خلال الاسبوع الاخير والذي لا يزال ‏النائب السابق بيار دكاش يمثله حتى الساعة، فهل تحمل الايام المقبلة مفاجآت نوعية على ‏مستوى لقاء عون - نصرالله؟

 

الإعلام السوري يحتفي بلقاء عون ـ نصرالله:

انقلاب سياسي وكسر معادلات 14 آذار

المستقبل - الاربعاء 8 شباط 2006 - تحوّلت النشرة الاخبارية الرئيسية للتلفزيون السوري، مساء أمس، الى نشرة لبنانية بامتياز، تُوّجت بتقرير مطول عن لقاء أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون وأبعاده باعتباره "انقلاباً سياسياً شاملاً.. وكسَرَ المعادلات التي حكمت لبنان تحت عنوان 14 آذار". تلا ذلك تقرير آخر عرض الوقائع شبه الكاملة للمؤتمر الصحافي للوزير السابق سليمان فرنجية الذي عقده أمس رداً على بيان قوى 14 آذار.

وجاء في التقرير اللبناني الذي دام أكثر من ثلث ساعة الآتي: "شكّل اللقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون والتوصل الى وثيقة تفاهم مشتركة بينهما، مدخلاً الى مرحلة تأسيسية لحياة سياسية في لبنان مختلفة عن كل ما سبقها من مراحل وما حفلت به من منافسات ومخاصمات على الحصص. بعد أشهر من التحضيرات والمناقشات التفصيلية والحوارات المفتوحة على كل العناوين، توصلت لجنة الحوار الثنائية بين حزب الله والتيار الوطني الحر الى ورقة سياسية أفضت الى لقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس "التيار الوطني" الحر النائب اللبناني ميشال عون. اللقاء كما وصفته بعض الصحف اللبنانية والعربية، شكّل حدثاً سياسياً كبيراً ولا سيما من حيث مكان انعقاده في كنيسة مار مخايل في الشياح حيث للمكان رمزيته لإعلان تفاهم نهائي بين الجانبين، خصوصاً ان تلك الكنيسة كانت الحد الفاصل بين الحرب الأهلية والسلم الأهلي".

أضاف التلفزيون السوري: "لقاء نصرالله ­ عون اتخذ طابع قمة كما وصفه المراقبون والمحللون السياسيون، وذلك بتتويج ورقة تفاهم مشتركة والتي من شأنها أن تعيد رسم التحالفات السياسية على الساحة اللبنانية وبالتالي فإن هذه القمة هي انقلاب سياسي شامل سينتج خريطة جديدة للحياة السياسية في لبنان بقواها المختلفة وبالتحديد الجدية منها لا الموسمية ولا الفولكلورية والانتهازية التي تنطفئ مع تبدل اتجاه الريح أو مع الوصول الى المنصب السامي. القمة كما وصفها البعض هي انها اتفاق مفتوح على الحوار مع الآخرين وأنه صيغة جديدة لتنظيم التفاهمات أو الخلافات بين القوى البارزة على الساحة اللبنانية ولكن ذلك لا يتم الا بالحوار الوطني لأنه السبيل الوحيد لإيجاد حلول للأزمات التي يتخبط بها لبنان، وكذلك الديمقراطية التوافقية واجراء الاصلاحات في الحياة السياسية ­ اللبنانية بعيداً عن دور العواصم الغربية".

وتابع التلفزيون السوري: "وفي ما يخص العلاقات بسوريا، كانت تعليقات المراقبين تركّز على ما جاء في القمة والتأكيد أن الصيغة الصحيحة التي يطمح اليها اللبنانيون هي الرقي في العلاقات بلبنان وسوريا الى مستوى دولتين وحكومتين، وبالتالي اقامة علاقات طبيعية وسليمة.

من جهتها وصفت الأوساط الاعلامية والسياسية الاسرائيلية لقاء القمة بين نصرالله وعون بأنه "كان أمراً مفاجئاً وشكّل مناورة سياسية كبيرة تمّ من خلالها تغير موازين القوى داخل لبنان وهو ليس لصالح اسرائيل حسب هذه الأوساط". وأضاف التلفزيون السوري في نشرته المسائية: "في هذه الأثناء سلّطت الصحف اللبنانية والعربية الضوء على الاجراءات التي اتخذت مما يسمى بفريق الأكثرية أو 14 آذار وهو يواجه مرارة عجز سلطة سياسية وأمنية ويلجأ الى توجيه بيان أشبه بتقرير أمني الى الحكومة حول ما حدث في منطقة التباريز في الأشرفية. تقرير قائم على توجيه الاتهامات وتوظيفها في سياق معركة سياسية وبالتالي ابعاد التحقيق عن نيته وتضليل الحقيقة. ومن هنا فإن لقاء السيد نصرالله وعون سيشكل حدثاً لبنانياً بامتياز في المرحلة المقبلة كما سيكشف عن امكانية صياغة تفاهمات جدية بينهما على مسائل كثيرة، ولا سيما ان اللقاء فتح الباب أمام واقع سياسي جديد من العلاقات السياسية ذات الحضور الجدي وكسر المعادلات التي حكمت لبنان تحت عنوان قوى 14 آذار.وانضم حول هذا الموضوع للمناقشة من بيروت السيد علي فياض رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق. وكانت الصحف السورية الصادرة أمس أبرزت خبر لقاء نصرالله ­ عون على صفحاتها الأولى.

 

أشاد باللقاء بين عون ونصرالله

بري: أوصيت بطاولة مستديرة للحوار

والتمثيل على مستوى قيادات الصف الأول

المستقبل - الاربعاء 8 شباط 2006 - العدد 2175 - شؤون لبنانية - صفحة 2

استغرب رئيس مجلس النواب نبيه بري "اعتراض البعض على اي لقاء يحصل بين اللبنانيين"، قائلا في دردشة مع الاعلاميين أمس في دارته في المصليح: "اذا اجتمعنا مصيبة واذا لم نجتمع مصيبة اخرى. نريد ان نعرف ما هو المطلوب ؟ معتبرا "اللقاء الذي جمع بين الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون "لقاء بين اللبنانيين وكل لقاء بين اللبنانيين هو لقاء مبارك".

واضاف: "المهم ان الجميع يتحدث عن اهمية الحوار وهو حوار كنا دعونا اليه منذ فترة طويلة. انا شخصيا أوصيت على هذه الطاولة وهي قيد الانجاز ومستديرة. ونأمل من القيادات ان تتفضل للجلوس الى هذه الطاولة حتى يتم الحوار الذي سندعو اليه مباشرة بعد الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري". واكد انه "اذا كنا نريد ان نصل بالحوار الى نتائج ملموسة فيجب ان يكون التمثيل فيه على مستوى قيادات الصف الاول، وعندئذ يرجح وصول الحوار الى نتائج إيجابية في غضون اسبوع الى عشرة ايام. اما اذا كان التمثيل على مستوى قيادات الصف الثاني فان نتائجه ستطول زهاء 3 أشهر. اما اذا كان التمثيل على مستوى مبعوثين من صف ثالث فاننا لن تنتهي ابدا. لذلك اذا اردنا انقاذ بلدنا فعلا، فعلينا البدء بهذا الحوار، لاننا في الوقت نفسه يجب ان ننظر لنرى التطورات من حولنا في المنطقة ونرى ايضا تنامي الخلافات في لبنان. فهذه المواضيع تعطينا فكرة ان علينا ان نستعجل وان نلتف حول بعضنا البعض للوصول الى نتائج ملموسة. وانا سأعطي مثالا بسيطا، وعلى رغم انني لم اطلع تفصيلا على نتائج الحوار اللقاء الذي حصل بين السيد نصر الله والعماد عون ولكني اود القول انه اذا اردنا قراءة الورقة المشتركة بينهما نجد ان هناك اشياء تم التوصل اليها ولم يكن في الامكان التوصل اليها عبر البيانات والحوارات التلفزيونية والاذاعية او عبر وسائل الاعلام. هناك اشياء كثيرة فيها تغيير نوعي وهذا دليل انه عندما نتلاقى نصل الى خط ابيض في ما بيننننا والى صدور بيضاء ناصعة،وبالتالي فان التلاقي هو الحل الأوحد لنا كلبنانيين".

وعن "التهم الجاهزة" الى بعض الاطراف في ما حصل في الاشرفية وغيرها من الاحداث، قال: "دائما في السياسة اللبنانية هناك سندويشات جاهزة او وجبات جاهزة. واعتقد هذه المرة يكفي ان يطلع المهتمون بالتحقيق على الصور التلفزيونية بحيث لم نر بين عناصر الشغب هذه مقنعا واحدا الامر الذي سيسهل جلب الاشخاص الذين ظهرت صورهم والتوصل الى الحقيقة من خلالهم قبل اطلاق اي تهمة قد تؤدي، في النتيجة، الى نجاة الفاعل ولا تفيد التحقيق في شيء".

وعرض بري الاوضاع الاقتصادية مع وفد غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت برئاسة غازي قريطم، الذي قال: "ان الزيارة هي بعد تسلم مهماتنا في غرفة التجارة وللاستشارة مع الرئيس بري كونه على سدة الرئاسة وهو مهتم ضمن رؤيته التي يتوجه بها نحو تنمية لبنان اقتصاديا. كما كانت مناسبة للاستنارة بآرائه خصوصا انه من المؤازرين لغرفة الصناعة والتجارة"،

وعن الاحداث التي حصلت في الاشرفية والتعويضات للتجار، قال: "ان هذا الامر كان موضع اجتماع أمس (الأول )في غرفة التجارة وهو موضع متابعة، ونتمنى على المعنيين تعويض هذه الخسائر".كما استقبل بري الراعي الجديد لأبرشية صيدا ودير القمر للطائفة المارونية المطران الياس نصار.

 

أوساط أوروبية تبدي قلقها من <<تعويم حزب الله على يد التيار الوطني الحر>>

مخاوف من أن يؤدي لقاء عون ونصر الله إلى <<تمييع الاستحقاقات الكبيرة>>

السفير 8/2/2006:

أثار لقاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، أكثر من علامة استفهام وتساؤلات قلقة لدى أوساط أوروبية معنية بالوضع اللبناني، والتي توقعت أن تتصاعد وتيرة الخضات الأمنية مع اقتراب الذكرى الأولى لاغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري.

ولئن كانت أسباب اللقاء <<مبررة مصلحيا>> من وجهة النظر الغربية (عون يريد الرئاسة وحزب الله يعمل لفك الطوق عنه) فانه من الصعب القبول بأن يأتي تعويم حزب الله على يد طرف بحجم التيار الوطني للاعتقاد بان في ذلك قلبا للتوازنات قد يتبعه لاحقا تمييع للاستحقاقات الكبيرة.

ويعتقد أنصار هذه النظرة المتشائمة، بان اللقاء بين عون ونصرالله والمحتضن من قبل سوريا وايران، يشكل انقلابا فعليا على الاوضاع الجديدة التي قامت منذ خروج الجيش السوري من لبنان، ويسمح لدمشق باستعادة انفاسها، ولايران بهامش أوسع من حركة استخدام الورقتين اللبنانية والسورية.

ويرى هؤلاء انه من الصعب فصل اللقاء بين عون ونصرالله عن عدد من الاستحقاقات الاخرى في المنطقة وبينها زيارة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الى سوريا (وزيارته المتوقعة الى لبنان)، والسعي لنقل الملف النووي الايراني الى مجلس الامن، وتصدر حركة حماس الانتخابات الفلسطينية.

ولا يزال في ذاكرة الغربيين ان العماد عون كان في السابق فتح خطوط التحالف مع عراق صدام حسين حين اشتد الخناق عليه، وذلك فيما كانت الدول الغربية والعربية تستعد لاخراج القوات العراقية من الكويت.

ومن هذا المنظور بالضبط يثير تحالف عون مع حزب الله قلقا اسرائيليا كان حتى الآن <<نائما>>، ذلك ان اسرائيل كانت تنظر بكثير من الارتياح الى الضغوط الدولية على سوريا (رغم عدم رغبتها الفعلية بإسقاط النظام السوري)، وتراقب بكثير من الارتياح أيضا تطورات الساحة الداخلية اللبنانية، خصوصا ان حزب الله كاد ينتقل من موقع الجامع للكثير من اللبنانيين الى موقع المتهم بعرقلة قيام الدولة، وبالسعي لاعادة سوريا الى لبنان. ويرى اصحاب النظرة المتشائمة الى لقاء عون وحزب الله بانه قد يعيد دخول اسرائيل على الخط لتضيف عوامل جديدة في سياق ابقاء الاوضاع اللبنانية عرضة لخضات امنية كثيرة، ذلك انه من غير المقبول اعادة الروح الى حزب الله او السماح لسوريا وايران بالانتعاش مجددا على الساحة اللبنانية.

ومن وجهة النظر الغربية، فان التحالف بين حزب الله وعون، ليس مقبولا، لا محليا ولا اقليميا ولا دوليا، ذلك انه قد يمنع عددا من الملفات الرئيسية بما فيها ملف التحقيق باغتيال الحريري وملف رئاسة اميل لحود وصولا الى سلاح المقاومة نفسه.

والمعروف حتى الآن ان العماد عون لم يتلق اي وعد فعلي اميركي او فرنسي بدعم ترشيحه للانتخابات الرئاسية، لا بل قد تكون هاتان الدولتان مستمرتين بتحفظهما السابق حيال احتمال وصوله الى الرئاسة.

وحين يقال للقلقين من هذا التحالف، ان عون الطامح لرئاسة الجمهورية كان في طليعة من جاهر بنشر سلطة الدولة اللبنانية حتى الحدود، وباقناع حزب الله بضرورة نزع سلاحه، وبوجوب اقامة علاقات متوازنة مع سوريا، شرط عدم تدخل اي دولة بشؤون الدولة الاخرى، فان الجواب المباشر يقول انه في المعادلة الحالية ثمة خطر في ان يصبح عون سدا في وجهة دعاة التغيير، وان يتم استخدامه لاجهاض الجبهة المعارضة لسوريا والداعية الى نزع سلاح حزب الله وفك الارتباط مع ايران.

والذي يزيد الطين بله، هو ان الجبهة الاخرى تبدو أكثر هشاشة من اي وقت مضى فبعضها خائف، وبعضها الآخر غير مقتنع بالتحالفات القائمة، وثالثها مضطر للبقاء خارج لبنان، وذلك رغم حساسية المرحلة المقبلة وحاجتها لاعادة تشديد أواصر التحالف الكبير الذي قام بعد اغتيال الحريري. قد يفترض ذلك من وجهة نظر المتشائمين، تلاقي مصالح عديدة لتوتير الاوضاع الامنية، ذلك ان شد الحبال المحلي في لبنان بات، وأكثر من اي وقت مضى، مرتبطا عضويا بشد الحبال الاكثر خطورة بين ايران وسوريا من جهة والولايات المتحدة الاميركية واوروبا من جهة ثانية. فالمعروف حتى الآن ان قاعدة العمل الدولي حيال لبنان تفترض ابقاء حجم كبير من الضغوط على سوريا وحلفائها، بانتظار نتائج التحقيق الدولي باغتيال الحريري، فهل سيتم السماح بانتعاش سوريا وحزب الله وبالتالي جعل ايران قادرة على تحريك ورقة هامة؟

 

مواقف ترحب بمذكرة التفاهم

بين <<حزب الله>> و<<التيار الحر>>

السفير 8/2/2006: تعليقا على اللقاء الذي تم بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والنائب العماد ميشال عون ومذكرة التفاهم بين <<حزب الله>> و<<التيار الوطني الحر>>، صدرت أمس ردود فعل عدة مرحبة.

فقد اعتبر النائب السابق الدكتور غطاس خوري <<ان اي لقاء سياسي في لبنان مرحب به بالمبدأ ما دامت منارته وحدة الصف والمبادئ التي يقوم عليها لبنان، وبعيدا عن الوصولية والانتهازية،>> مشددا على ان المهم <<ألا نضع لبنان في مواجهات دولية لا حاجة لنا بالتذكير بها>>.

ورأى الوزير السابق فارس بويز ان التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله يؤسس لمشروع وطني واقعي ويشكل نداءً عملياً وشفافاً لتركيب قاعدة وطنية صلبة تكون البديل من المراهنات الاجنبية والاقليمية معاً، وأشار الى ان ورقة التفاهم وضعت برنامجا وإطارا واقعيا وسياسيا وقانونيا للمقاومة كما وضعت إطارا للعلاقات اللبنانية السورية، ولفت الانتباه الى ان صدقية الطرفين في هذا التفاهم تعطيه البعد والجدية المطلوبين، وأكد ان هذه المبادرة الداخلية هي الوحيدة التي يمكنها الآن ان تؤسّس لوحدة وطنية وأن تخرج البلاد من مأزقها.

ورأى الوزير السابق وئام وهاب <<ان اللقاء الذي حصل بين نصر الله وعون هو من اهم اللقاءات السياسية، وهو المؤشر الصريح للسقوط النهائي للإعلان الطائفي والاقطاعي في لبنان الذي قبض على مقاليد الحكم في لبنان منذ عهد الاستقلال حتى الآن>>، لافتا الانتباه الى أنه <<سيؤدي الى وحدة وطنية فعلية، وسيفتح الباب على سلسلة من التحولات الجذرية على مختلف الصعد>>.

واعتبر الوزير السابق جوزف الهاشم <<ان أبرز ما يراه اللبنانيون في تفاهم العماد ميشال عون والسيد حسن نصر الله، هو شيمة الصدق لدى الرجلين التي تؤكد الثقة بهما>>. وقال: ان ما تضمنته ورقة التفاهم المشتركة بين الرجلين تبشر بأمل موعود مع انها تختصر أبرز المطالب لقوى 14 آذار.

واعتبر رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين ان ورقة التفاهم التي تم التوصل إليها مع التيار الوطني تعبّر عن مستوى من الصدق والحوار وهذا دليل على اننا مستعدون للحوار واتباع منطق الحوار ونحرص على مصلحة البلد والأمة ونحب للجميع ان يفعلوا ما فعلناه بالامس، وأن يتصارحوا ويتحدثوا عما يريدون للتوصل الى تفاهم.

ورحبت حركة الوفاء للأرض والانسان باللقاء بين نصر الله وعون.

 

لقاء عون نصرالله يحدث صدمة سياسية و<<ورقة التفاهم>> تحدث صدمة وطنية حول الخيارات/زمن الحوار لم يحن أوانه لأن كل طرف يسعى للوصول إلى طاولته قويّاً 

جورج علم - السفير 8/2/2006: 

كان المزاج السياسي العام، امس، محكوماً بعاملين: فريق من السياسيين حصر دائرة اهتمامه لمعرفة مدى حدود التأثير المعنوي الذي تركته صورة العماد ميشال عون مع السيد حسن نصر الله، في الذاكرة الجماعية اللبنانية، ان لجهة التغيير، او لجهة التصميم على الخروج من النفق المظلم، ومقدار التموجات التي قد تتركها على الاستحقاقات اللاحقة، خصوصا عندما أقدم زعيم أكبر حزب سياسي مقاوم، على ترشيح زعيم أكبر تيار سياسي معارض، لرئاسة الجمهورية. الصورة هذه، توقفت برمزيتها لدى العديد من الفعاليات، عند هذه الحدود، ولم تتعدّها بعد. العامل الثاني، أن فريقا واسعا من السياسيين، راح يتوقف عند <<ورقة التفاهم>>، وما انطوت عليه من عناوين ومضامين، وراح يفنّد محتوياتها فقرة فقرة، وجملة جملة، ليوازن ويستنتج مدى مخزون استشرافاتها الوطنية، التي تميزها كبرنامج عملي جدّي، لحوار وطني، حول أي لبنان نريد؟، لا بل أي موقع، وأي وظيفة لهذا اللبنان الذي يريده اللبنانيون؟.

كانت التموجات واسعة يوم أمس، وعلى مساحة الوطن، وبحجم قوة الصدمة التي أحدثها اللقاء، ومعه ورقة التفاهم، وما ظهر من ردود فعل، جاء بغالبيته، في حدود العفوية والتسرع، أكثر مما جاء في حدود الواقعيّة والموضوعية، وكخلاصة جهد من الدرس والتعمّق، بحثا عن الاضافات الاساسيّة المكملة للاصطفاف الوطني المطلوب حول طاولة الحوار، التي لا بدّ منها، مهما طال الزمن، ومهما اجتهد المجتهدون في السعي الى تعطيلها، او في الهروب منها في اتجاه تكريس الكانتونات الطائفية، او الإقطاعيات السياسيّة الخاصة؟!.

ما يقوله البعض في لقاء قرنة شهوان، الذي خذلته نتائج الانتخابات النيابية، أن ورقة التفاهم قد ولدت في ذروة العصف السياسي الذي ينتاب البلاد، وفي ذروة الاحتقان والانفعال، خصوصا بعد تظاهرة التباريس، وما تركته من كلوم معنوية في النفوس والقناعات، خصوصا أن شظاياها قد أصابت مباشرة، وبقوة، بعض قوى تحالف 14 آذار، والاكثرية في الحكومة والمجلس النيابي، وأسفرت عن معطيات جديدة دهمت تيار المستقبل تحديدا، ولم تكن ظاهرة الى السطح قبل انطلاق التظاهرة، او لم تكن في غاية الوضوح، وهذا ما رتب هجوما معاكسا على عشوائية التنظيم، وما وفرته من فجوات واسعة مكّنت المندسين من أن يأخذوا التظاهرة الى حيث يريدون لتحقيق بعض ما حققته من أهداف ونتائج، كانت محصلتها الاوليّة هذا المدّ الواسع من الشجب والاستنكار الذي لا يبلسم جرحا، ولا يحصّن وحدة وطنية تعاني الكثير من العلل و<<الاشتراكات>>.

وإذا كانت الاضرار الماديّة التي خلفتها التظاهرة في الطريق الى حسم نتائجها لجهة تقدير الخسائر وحجمها، وإمكانيات التعويض على المتضررين، فإن نتائجها المعنوية لم تحسم بعد، والمعضلة هنا، لا تكمن في التحقيقات الجارية مع الموقوفين لمعرفة حقيقة ما جرى، بل في الاجابة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، عن أسئلة مفصلية تتردد في كواليس ضيقة: هل من إيحاءات سياسية معينة وصلت الى المرجعيات المعنية التي سمحت، او غضت الطرف عما بات يعرف اليوم بالتقصير الامني، او الثغرات الامنيّة، وذلك على خلفية وجوب تهيئة المناخ المؤاتي الذي يساعد على استقطاب أكبر حشد من المتظاهرين في الشارع، ليصار في ما بعد، وفي ضوء هذا الحشد، الى توجيه أكثر من رسالة سياسيّة كان يمكن توظيفها لو صحّت الحسابات، وسلمت المقاصد في أكثر من اتجاه؟. وهل فوجئت المرجعيات السياسيّة المتعاطفة ضمنا او علنا مع هذه التظاهرة بأن بعض الاحزاب، والحركات المنظمة والمشاركة، قد خرجت من تحت سقف الولاء والطاعة لتقوم بالاعتداءات والتصرفات التي دفعت بالتظاهرة الى الخروج عن الغايات والاهداف المرسومة لها، الامر الذي فاجأ هذه المرجعيات التي اكتشفت، بعد فوات الآوان، أنها لم تعد تملك <<زمام المونة والسيطرة>> على هذه التنظيمات، والحركات الناشطة في بيئاتها الاجتماعيّة؟ وأخيرا، وليس آخرا، هل كانت هذه التظاهرة ضرورية لاكتشاف حجم القوى والزعامات والولاءات؟، وهل كانت ضرورية لكي تكتشف بعض المرجعيات أن هناك بعض الاحزاب والحركات الاصوليّة، التي صنّفت في ما بعد بأنها من <<حزب المندسيّن>> قد تخلت فعلا عن ولاءاتها السياسيّة السابقة، لتصبح رهينة مسيّسة، ومسيّرة ب<<ريموت كونترول>> خارجي؟.

وحتى تتوافر الاجوبة الشفافة والموضوعيّة عن هذه الاسئلة الحساسة، والتي تقلق بعض المرجعيات والتيارات في تحالف قوى 14 آذار، يمكن القول إن ورقة التفاهم الصادرة عن <<حزب الله>>، والتيار الوطني الحر، قد أخذت طريقها الى العلن، في ذروة الانشغالات السياسيّة لتعبئة الشارع، حتى ان أحد <<عرّابيها>>، وهو <<حزب الله>>، يستعد لتنظيم أوسع حشد في ذكرى عاشوراء، حيث يتوقع ان يكون للأمين العام السيد حسن نصر الله كلمة سياسيّة، ربما كانت مفصليّة بالنسبة لبعض المواضيع الساخنة، والعناوين المتداولة. وفي هذا الوقت سيكون تيار المستقبل، ومعه سائر قوى تحالف 14 آذار في الشارع أيضا لتنظيم أكبر حشد بشري في ساحة الحرية يوم 14 شباط، في مناسبة الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، وهذا ما يؤكد أن الوعي المطلوب لالتقاط الفرصة المؤاتية للحوار، سيكون مغيّبا، أو في <<إجازة قسرية>> تحت ضغط الانفعال والتعبئة في الشارع لإثبات حجم القوى، وحجم الاستقطاب الجماهيري.

هناك فرصة وحيدة، ربما وفرتها الهيئة الوطنية لقانون الانتخابات، بحيث يتقدم رئيسها الوزير السابق فؤاد بطرس، مع الاعضاء، قبل نهاية هذا الشهر، بمشروع لقانون انتخاب جديد ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر، بحيث يوفر فرصة امام اللبنانيين لالتقاط الانفاس، والعودة الى منطق العقل، وأسلوب الحوار، نظرا للحاجة الماسة لدرسه، وإدخال بعض التعديلات عليه، إذا ما استوجب الامر ذلك، تمهيدا لإقراره.

وبانتظار التوقيت للإفراج عن هذا المشروع، يرى فريق من النواب، من اتجاهات مختلفة، أن محاولة الرئيس نبيه برّي الحواريّة متعذرة لأكثر من سبب وسبب، منها أن بعض قوى 14 آذار تنظر إليه كفريق وطرف، لكونه رئيساً لحركة أمل المتحالفة مع <<حزب الله>>، ولكونه شريكاً في الحلف الايراني السوري، وهو من بين الشخصيات التي التقت الرئيس الايراني أحمدي نجاد عندما زار دمشق مؤخراً، ولكونه يسعى الى حجز مقعد الى جانب العماد ميشال عون، والسيد حسن نصر الله في لقاء، أو تحالف سياسي، على أساس ورقة التفاهم التي توصلا إليها، ولكونه يريد من خلال محاولاته الحوارية الى <<أن يجمع المجد من طرفيه>>، بمعنى أن يكون الشريك الفاعل في فريق نصر الله عون، مقابل فريق قوى 14 آذار، وفي الوقت نفسه ان يلعب دور المحور والاعتدال في مجلس النواب كرئيس للسلطة التشريعيّة؟!.

إضافة الى ذلك هناك من لا يريد أن يتمتع الرئيس برّي <<بشرف إدارة الحوار، أي حوار وطني، وهو الشخصية التي لا تزال تتمتع بخطوط مفتوحة على النظام السوري في وقت تخوض فيه بعض قيادات قوى 14آذار أشرس المعارك مع هذا النظام، وتحت وطأة سيل من الاتهامات الموجهة إليه على خلفية تدخله في الشؤون اللبنانية للعودة الى الساحة الداخلية من باب الانقسامات، بعدما خرج منها من نافذة القرار 1559>>.

وبعض ما يقال في كواليس دبلوماسية مغلقة، ان الزمن في لبنان ليس زمنا مؤاتيا للحوار، بمعزل عن بعض المقاصد المحلية الصادقة، والمحاولات الهادفة، والسبب في ذلك يعود الى جملة من الحقائق، والمعطيات، ابرزها أن تحالف 14 آذار قد اثبت بالفعل والممارسة، أنه مجموعة من القوى التي صهرتها جريمة اغتيال الرئيس الحريري، لكنها بقيت من دون رأس، لأن هناك مجموعة من الرؤوس والمرجعيات، ومن دون خطة هادفة، بل مجموعة من الشعارات العريضة، يقابلها مجموعة من المواقف التي تفرضها اللحظة السياسية الماثلة، او المستجدات الطارئة، وأيضا من دون <<ورقة تفاهم>>، سوى الإجماع على <<رزمة من التطلعات المشتركة>> لمقاربة العديد من المواضيع إن على صعيد الداخل أو الخارج، خصوصا ما يتعلق بالعلاقات المطلوبة مع سوريا. ووقف <<مسلسل تدخلاتها في الشؤون اللبنانية الداخلية>>.

والزمن ليس زمن حوار لأن كل فريق يسعى للوصول الى طاولته (الحوار) من موقع القوة، والتفوق، وكأنه يريد من خلال الحوار أن يملي شروطه، وتوجهاته، وتطلعاته على الفريق الآخر، وهذا لن يؤدي الى الحوار، لا الآن، ولا في المستقبل. والزمن لن يكون زمن حوار إلا إذا اتفقت الارادة الاقليمية الدولية التي تتحكم بمفاصل الحياة السياسية، به. وهذا ما يطرح السؤال الكبير: هل يملك اللبنانيون زمام أمرهم؟، أم هو مع الاسف الشديد في عهدة الخارج؟. سؤال يستحق الأجابة الصادقة، والشفافة.

 

تحالف انتخابي

ساطع نور الدين 

السفير 8/2/2006: لم يكن اختيار الخط الاخضر بين المنطقتين الشرقية والغربية مكانا للاجتماع مجرد استجابة للدواعي الامنية، كما لم يكن انتقاء كنيسة للجمع بين رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مجرد مصادفة سياسية.. برغم ان ما جرى بين الجانبين هو اكثر من لقاء عابر في منتصف الطريق، وأقل من تحالف دائم حتى نهاية الطريق.

عقد الاجتماع في ظل تظاهرة الاشرفية البشعة التي برهنت مرة اخرى ان البلد ليس جاهزا بعد لمسيرات تخترق خطوط التماس الطائفية القديمة، وربما لن يصبح مستعدا أبدا لتظاهرات إسلامية تجوب المناطق المسيحية او العكس، حتى ولو كانت تستهدف فن الكاريكاتير الدنماركي الرديء او صناعة الالبان والاجبان الدنماركية ذات الجودة العالية.. كما اثبتت ان وسط بيروت هو المكان الوحيد المتاح حتى الآن لمثل هذا الاختلاط الطائفي المؤقت، الذي لم تعد تستثنى منه ذكرى الراحل الكبير رفيق الحريري!

لكن الاجتماع بين عون ونصر الله لم يكن رداً على تلك التظاهرة ولا محاولة لتخفيف الحساسيات الطائفية التي أثارتها.. برغم ان الاجتماع نفسه لم يكن بعيدا عن تلك الحساسيات، وبالتالي لن يكون خارج السياق الطائفي، مع ان طابعه السياسي والانتخابي هو الغالب، وهو الحاسم ربما في الحؤول دون رواج الفكرة القائلة ان البلد يسير نحو حرب اهلية جديدة.. ثبت بطلانها في الاشرفية بالذات!

الاجتماع كان طبيعيا جدا، وكان يتوقع او يجب ان ينعقد منذ زمن بعيد، وتحديدا فور عودة العماد عون من المنفى، لأن الحزب والتيار كانا ولا يزالان خارج الانفعالات الشديدة التي أثارها اغتيال الرئيس الحريري، يحاولان العثور على عصبية وطنية مختلفة عن تلك التي حركها الشارع اللبناني في مواجهة سوريا طوال العام الماضي.. ويتخذان مواقف متشابهة الى حد بعيد من مختلف القوى السياسية التي احتلت ذلك الشارع ثم انتقلت منه الى السلطة!

الانطباع الاول من الاجتماع ومن تلك الصورة الحميمة التي جمعت بين العماد عون والسيد نصر الله في كنيسة مار مخايل، هو انه جرى تثبيت لبنانية حزب الله بشكل نهائي، وتوكيد رغبة العماد عون في الوصول الى الرئاسة الاولى.. من دون ان يعني ذلك ان الجانبين تخطيا آخر العقبات، ونجحا في الامتحان الاخير.

هو من جهة استكمال لقرار حزب الله، المتسرع بعض الشيء، في ان ينخرط كلياً في اللعبة السياسية الداخلية وفي ان يغرق في تفاصيلها وصراعاتها المبتذلة على الحصص والمغانم. وهو من جهة اخرى تتويج لمسيرة العماد عون الاحتجاجية على استبعاده من قيادة الحملة على سوريا في أعقاب اغتيال الحريري ومن المشاركة في السلطة التي أفرزتها.

لكن التحالف الذي سيترسّخ في معركة بعبدا عاليه لن يكون بإمكانه ان يصمد بسهولة حتى موعد انتخابات الرئاسة، التي لن تكون <<العلمنة>> احد عناوينها!

محاولة من عون ونصراللـه لالتقاط المتغيرات الإقليمية

توسيع الحوار حول المبادرة يحوّلها ورقة "ميثاقية"

كتبت هيام القصيفي:النهار 8/2/2006

حازت الورقة السياسية بين " التيار الوطني الحر" و"حزب الله" متابعة سياسية دقيقة، بانصراف القوى السياسية الى قراءتها والتدقيق فيها، على خلفية ما سبق اعدادها وتوقيتها وما يمكن ان تنتجه من استثمار سياسي يكون له انعكاسه على الساحة اللبنانية.

وفي خلاصة لما قرأته بعض الشخصيات في هذه الورقة، ان اللقاء بين العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله، جاء بتوقيته متناسبا مع متغيرات اقليمية، تمكن الطرفان الى حد كبير من "التقاطها" والعمل على تطويعها من اجل صوغ خطاب لبناني جديد. ففي عام 1943 تمكنت مجموعتان لبنانيتان من استغلال فرصة المتغيرات الدولية والاقليمية بين عامي 1942 و1943، من اجل فرض الاستقلال وانتزاع تنازلات من كل الاطراف المعنيين، للاعتراف بالكيان اللبناني المستقل. ولم تكن كل المتغيرات الاقليمية اللاحقة، ومن بينها ازمة السويس و حرب 1967 الا فتيلا تنعكس شرارته في لبنان، مما جعله ساحة لاي توتر او استقرار اقليمي. اما راهنا فرغم التحولات الاقليمية والدولية من افغانستان الى العراق، فان اي قوة لبنانية لم تتمكن من تطويع هذه التغييرات، اما بسبب ارتباط الوضع الداخلي بالايقاع السوري واما بسبب الوضع الذي  عاشه الفريق الذي حقق 14 آذار، واما من جراء تضعضع الافرقاء جميعهم في انتظار بلورة اكثر وضوحا لمسار العلاقة الاميركية مع ايران وسوريا، مما جعل الوضع اللبناني يتخبط في فوضى سياسية وامنية،  ولم يتمكن اي طرف من التقاط المبادرة لتسلم زمام الامور بالمعنى التاريخي وليس الآني فحسب.  

في ظل هذه الفوضى الداخلية، عادت الرؤية الاميركية التطبيعية للوضع الاقليمي من سوريا الى ايران الى نجاح "حماس" في فلسطين، تطغى على كل ما عداها، وبدا للقوى السياسية الفاعلة ان ثمة استبعادا حاليا لاي تغيير استراتيجي يطول النظام السوري او الايراني على حد سواء، على الاقل في المدى المنظور.

من هنا جاءت اهمية الاجتماع الذي عقده عون ونصرالله ، بما يتعدى شكليات اللقاء بين قوتين تمثلان العمق المسيحي والشيعي. فهل يمكن ان يكون هذا اللقاء التقاطا للحظة متغيرات اقليمية افاد منها الطرفان من اجل طرح مبادرة جديدة.

ثمة نقاط عدة تتأتى من متابعة حيثيات اللقاء:

- اولا : ان اللقاء رغم انه كان مقررا سابقا، حرص عون ونصرالله على ترك موعده مفتوحا على اي تغيير. لكن حصوله يعني ان الطرفين لم يعودا اسيري اي حركة اقليمية ولا دولية. فعون بات متحررا اكثر من اي ضغوط اميركية، وخصوصا بعد وضوح الموقف الاميركي منه ومن وصوله الى رئاسة الجمهورية، وبات متحررا اكثر بعدما تبين له عمق العلاقة بين تيار "المستقبل" والاميركيين بما يتعدى مصلحة اي طرف آخر. في المقابل كان نصرالله مرتاحا اكثر الى وضعيه الداخلي والدولي بما يسمح له بعقد اللقاء في اي ظرف، لكن توقيته الحالي عاد على الحزب بأكثر من فائدة، فعزز خروجه من التحالف الرباعي، وكسر في شكل شبه نهائي الجرة بينه وبين النائب وليد جنبلاط و"القوات اللبنانية"، من دون ان يكسرها مع القوة السنية المتمثلة في تيار "المستقبل".

- ثانيا: جاء اللقاء في لحظة مسيحية حرجة، وخصوصا على مفترق طرق بين معركة بعبدا - عاليه وما حدث في الاشرفية، مما اوحى ان عون اختار في هذه اللحظة حليفه المسلم في شكل نهائي. والواقع ان تأكيد عون ونصرالله ان ما من احلاف في هذه الورقة فتح الباب امام توسيع حلقة الحوار حول ما تضمنته الورقة من مفاهيم يقول "حزب الله" عنها انها تشكل اطارا لبناء دولة عصرية. ولعل التشديد في اول فقرة في الورقة على ان الحوار هو السبيل الوحيد لحل الازمات هو بمثابة رسالة متعددة الطرف. فما حصل في الشياح لم يشبه الاتفاق الثلاثي، بقدر ما هو اقرب الى العناوين الميثاقية، يمكنها ان تكتمل اذا نجحت طاولة الحوار التي دعت اليها الورقة. مما يعني ان عون رغم تمثيله 73 في المئة من المسيحيين ، لا يزال يحتاج الى الـ27 في المئة الاخرين، وان حزب الله لا يمثل الشيعة جميعهم. ولعل وجود "امل" والافرقاء المسيحيين الاخرين من حلفاء عون، كسليمان فرنجيه الذي اعلن امس تأييده للقاء، كان يمكن ان يخفف وقع الورقة حتى في الشارع المسيحي المتردد في موضوع سلاح المقاومة.

- ثالثا: لا شك في ان عون، راعي القرار 1559، اهدى الى "حزب الله"، موضوع ارجاء البحث في سلاح المقاومة واللعب على المتغيرات الظرفية ، في مقابل الحصول على بندين مهمين في القاموس المسيحي هما المفقودون والمعتقلون في السجون السورية واللبنانيون في اسرائيل. وبدا امس ان متابعين ديبلوماسيين حرصوا على استطلاع الموقف من بند سلاح المقاومة وما اذا كان هذا اللقاء بمثابة تموضع جدي للقوى اللبنانية واعادة رسم خريطة جديدة لواقع القوى. لكن التيار الوطني كان حريصا على شرح رؤيته لموضوع السلاح انطلاقا من دعوة اللبنانيين الى الحوار حول هذه النقطة تحديدا، مما يجعل هذا الموضوع اسوة بغيره، داخليا بحتا.

- رابعا: اهمية الورقة ليست في العناوين الآنية التي تحدثت عنها والتي استقطبت اهتمام الشارع  وتحديدا المسيحي، كموضوع المفقودين والموجودين في اسرائيل. فهذان العنوانان على اهميتهما، يبقيان حدثين، لا يتركان اثرهما على تركيبة البلد. في حين ان ثمة بندين لافتين يتعلقان بالديموقراطية التوافقية وبقانون الانتخاب مع تفضيل النسبية واقتراع المغتربين يصح تسميتهما بالبندين الرئيسيين.

لا شك في ان الورقة حملت  بعض التنازلات من جانب الفريقين، فمن الديموقراطية العددية انتقل الطرف الشيعي الى الديموقراطية التوافقية. وهنا لا بد من ان يتذكر الطرفان ما حصل في جلسة مجلس الوزراء في 12 كانون الاول 2005 حين وافق الوزراء المسيحيون على التصويت بالاكثرية، وهو الامر الذي لا يصب في مصلحتهم، وهو ايضا ما عبرت عنه الورقة في حديثها عن ان معادلة الاكثرية والاقلية تبقى رهن تحقق الشروط التاريخية والاجتماعية للعبة الديموقراطية. ومن تمسك المسيحيين بالقضاء وبالدائرة الفردية، وباتا حكما من التاريخ، انتقلت الورقة الى قانون انتخاب على اساس النسبية، من دون الدخول في تحديد الدوائر، مما يترك المجال للنقاش، وينقله الى موقع متقدم بتبني النسبية.

- خامسا: يتفق "حزب الله" والتيار ان اهمية هذا اللقاء انه يساهم الى حد كبير في تبريد الاجواء الداخلية. فعون لديه من المصلحة في تقديم علاقته بالحزب الى الاميركيين والمسيحيين، على انها عامل استقرار في بلد يعيش توترات محلية منذ عام تماما من دون ان تنتج الاكثرية الحاكمة  اي علاج شاف لما حصل ويحصل. اما الحزب، فقراءته للواقع الاقليمي والسوري يعرف توظيف ما حصل من اجل منع استخدام لبنان اميركيا لاي مغامرات اقليمية، والا يتحول ساحة خلفية لزعزعة النظام السوري. وفي رأي الحزب ان المبادرة العربية كانت متنبهة لهذه المخاطر، في حين ان الاكثرية النيابية تصدت لها. ويتقاطع هذا الرأي مع سعي ديبلوماسيين معنيين امس الى تلمس آفاق هذه المبادرة لجهة احتمال ان تكون مؤشرا الى اصطفاف طائفي جديد في البلد يحدث متغيرات اساسية في النظام. لكن الاجوبة التي سمعها هؤلاء كانت مطمئنة الى ان المبادرة الاخيرة يراد منها اولا وآخرا السعي الى استقرار الوضع الداخلي من دون اي انقلابات في التوازنات،  بدليل دعوة الجميع الى الحوار حولها. لكن الخوف ان يكون الجواب من الفريق الاخر كما حصل مع النائب وليد جنبلاط، فبحسب الحزب ومصادره المقربة من الامين العام فان قول جنبلاط ان "الوثيقة اغفلت موضوع الحقيقة  -  الوارد في نص المبادرة -  هدفه اثارة النعرات السنية تجاه الشارع الشيعي. وهذا تماما ما يشيع مناخات متوترة، يؤسف ان تصل الى هذا المنحى".

 

دكاش زار جنبلاط في المختارة واستقبل وفداً من الجالية اللبنانية في فنزويلا ووفوداً أخرى ورئيس بلدية الكحالة سهيل بجاني والمحامي سنان برّاج/البلد 8 شباط.

الأربعاء, 08 فبراير, -البلد2006

"أسعى الى تجنيب المنطقة معركة شاملة"

أعلن المرشح عن المقعد الماروني في بعبدا ــ عاليه النائب السابق بيار دكاش الى انه يسعى الى تجنيب المنطقة معركة بين كل الأفرقاء عبر التوصل الى مرشح توافقي يحظى بتأييد الجميع.

وقال بعد لقائه رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط في المختارة أمس: "طرحت عليه المشروع الذي أقوم به أو المسعى لتجنيب منطقة الحدث بعبدا في هذه الظروف الصعبة المعركة الانتخابية، ولمست لديه كل تجاوب ويحاول بكل إمكانياته تجنب هذه المعركة وسيتكلم مع جميع الفرقاء من أجل ان نصل الى نتيجة تؤمن المصلحة العامة وتبعد المخاطر عن هذه المنطقة الغالية".

وعن إمكان التوافق بعد التحالف السياسي الجديد بين "التيار الوطني" و"حزب الله", قال: "من طبعي ان أبقى متفائلاً جداً وأرى من واجبي الاستمرار في هذا المسعى لأنه يوفر القتال بين مختلف الأفرقاء، بين القوات اللبنانية والتيار العوني وفي الوقت نفسه ينعكس إيجاباً إذا نجح على القاعدة الشعبية في هذه المنطقة".

وأشار الى ان "التوافق سيد المراحل بالنسبة إلي، وأنا أتمنى ان يتوافق الجميع عليّ، لكن إذا تم التوافق على شخص ويكون ذلك في مصلحة لبنان فأكون وصلت الى حقي كاملاً وغير منقوص".

وكان النائب جنبلاط استقبل قبل ذلك وفداً من اللقاء الوطني لإنماء بعلبك ــ الهرمل نوه بمواقف "الزعيم الوطني وليد جنبلاط" وطروحاته السياسية الهادفة لبناء دولة سيدة حرة مستقلة مبدياً أسفه لما حصل من أحداث شغب في منطقة الأشرفية داعياً الدولة للمسارعة الى فتح تحقيق جدي لمحاسبة المجرمين الذين كادوا يغرقون البلد بأحداث هائلة لولا حكمة أبناء الأشرفية خصوصاً المسيحيين الذين تصرفوا بحكمة وإدراك لخطورة ما جرى. واستقبل وفداً من الجالية اللبنانية في فنزويلا، ووفوداً أخرى، ورئيس بلدية الكحالة سهيل بجاني والمحامي سنان برّاج.

 

"طائف مار مخايل"

نبيل بومنصف 8/2/2006: تكشف "ورقة التفاهم المشتركة" بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" هاجسا مزدوجا لعله أفضل الهواجس التي تدفع قوتين اساسيتين الى كسر محظور "الاصطفاف" الطائفي والفرز على أساس اللحظة السياسية. وثمة هاجس يتصل باحترام القواعد الشعبية والحزبية لكل من الطرفين يبدو نافرا بقوة في ايراد محاور الورقة بما يحاكي ثقافتين كانتا حتى الامس وربما لا تزالان متناقضتين تناقضا كبيرا. وثمة هاجس آخر يتصل بتجاوز منطق الاحلاف العابرة على غرار الاحلاف الانتخابية الظرفية.

يمكن القول بذلك ان العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله يظهران، عبر الورقة، تحسسا لا يمكن انكاره عليهما بخطورة أي انزلاق الى "توظيف" الورقة وجعلها مجرد ديكور شكلي ولفظي لتبرير تحالف "تكتي" وخصوصا ان تجربة التحالف الرباعي لا تزال ماثلة بعدما نعاها طرفان كبيران فيه هما الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه وليد جنبلاط ومن ثم السيد نصرالله نفسه. وهو انزلاق لا تحتمله لا قواعد "التيار الوطني الحر" في عمقه التمثيلي المسيحي الثقيل، ولا كذلك قواعد "حزب الله" في عمقه الشيعي التمثيلي القوي.

ثم ان الطرفين يكسران قواعد كلاسيكية حين يجنحان الى رفع مستوى السياسة وتحميل الذات الحزبية او السياسية او حتى الطائفية مسؤولية تأسيسية للدولة عبر برنامج اصلاحي وعدم "الاستنقاع" المتواصل في دوائر اليوميات السياسية والفعل ورد الفعل مما يحوّل القوى السياسية أشبه بمنابر اعلامية ودعائية لا تملك ما تقوله عن المستقبل ولا تملك برامج للمستقبل. انهما بذلك يكسران مفهوم الحزب او التيار الحاضن فقط لجمهور يحركه ويوظفه و"يصل" الى مواقع السلطة عبر احتكاره لتمثيله.

ويمكن التبحر أكثر في ايجابية تكشفها الورقة التي تستجيب فعلا لمبدأ "الحوار بلا محرمات" الذي أطلقه زعيم الغالبية النيابية سعد الحريري من باب البيت الابيض في واشنطن تحديدا. ففي الورقة ينتزع عون من نصرالله اقرارات وإن "مبدئية" بعناوين واتجاهات عامة لم تتمكن الحكومة ولا التحالف الرباعي من انتزاعها منه، وهي متصلة حصرا بمواضيع استكمال الاجراءات السيادية  مع سوريا وقضية اللبنانيين في اسرائيل، والنقطة الاثقل، وهي المتصلة بالإقرار بوجوب التخلي عن السلاح في نهاية استكمال التحرير. كما ينتزع نصرالله من عون النقطة الاثقل المتصلة بعدم تحديد مدة زمنية لتسليم سلاح المقاومة، بما يتجاوز بوضوح المنطوق المباشر للقرار 1559، والنبرة الهادئة للحديث عن العلاقة مع سوريا، وكذلك الامر بالنسبة الى لبننة المسؤولية في ترسيم الحدود في مزارع شبعا واعتبار ان الاعتراف السوري بلبنانيتها يحتم على لبنان السعي لدى الامم المتحدة الى ترسيم الحدود.

ولكن إزاء هذه النقاط – الاختراقات سيتعين على الطرفين، ما داما أطلا على المشهد السياسي الملبد والمعقد بورقة تفاهم، ان يجيبا بواقعية وموضوعية وشفافية عن الكثير الآخر من الاسئلة التشكيكية التي سيكون لها في متن الورقة نفسها الكثير مما يبررها، فكيف الامر وواقع لبنان ولحظته السياسية – الامنية تمحضان المشككين صدقية لا يمكن انكارها حين يوجهون الشكوك خصوصا حيال الجوانب الخارجية للأزمة؟

فالواضح ان هذه الورقة تستعجل تجاوز الحاضر لملامسة المستقبل في موضوع العلاقة مع سوريا.

لكن الطرفين اللذين طالبا باجراء مراجعة نقدية للتجربة السورية في لبنان اسقاطا لكل وصاية جديدة، لم يفصحا عما اذا كانا قد أجريا هذه المراجعة، وهل ثمة تفاهم بينهما عليها. وكان ليكون أفضل بكثير لو انهما تطوعا لهذا النوع من المراجعة من دون انتظار الآخرين، لأن قواعد الطرفين، قبل سواها، تريد معرفة موقف كل منهما من "تجربة الوصاية السورية" تمهيدا لاعادة بناء العلاقة اللبنانية – السورية على سوية سيادية ومصلحية.

ثم ان "المسألة الامنية" في الورقة وان تكن تلحظ خطورة تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومسلسل الاغتيالات وصولا الى استشهاد جبران تويني، وتشديدها على عدم المساومة في كشف الحقيقة، تشكل نقطة التصادم الكبيرة مع المطرقة الثقيلة لقوى 14 آذار والمجتمع الدولي المزودين كماً هائلا من القرارات الدولية والمعطيات "الجارية" والوقائع المتواصلة حيال الاستهدافات الامنية المتعاقبة والمتصاعدة ضد لبنان والتي تتهم سوريا حصرا بالمسؤولية عنها. بذلك تبدو الورقة أمام استحقاق هي أعجز عن استجابته ولا قدرة لطرفيها على تحمله وهو القدرة على التمسك بهذا المنطق في حين يتواصل التصعيد الاستهدافي الذي يجعل المنطق الاتهامي لقوى 14 آذار راجحا بقوة ويعطي هذه القوى ذريعة غير محدودة بزمن لابقاء شعار مواجهة معركة الاستباحة طاغيا على كل شيء ما دام الاستهداف الامني أقوى بكثير من قدرة "دولة" لم تقم بعد، وما دام يجعل من المستحيل فصل "العلاقة السوية" عن انتظار "كشف الحقيقة".

الورقة اذن تشكل اختراقا سياسيا لا يمكن انكاره، ويبقى الكثير فيها متروكا للتفاصيل والآليات. ولعل فرادتها انها ولدت في كنيسة مار مخايل فعلا، كأنها "طائف" مصغر بين فريقين في زمن عالق بين الماضي  والمستقبل، ولا تزال تحول دون ولادته التغييرية الكاملة ظروف أكبر من الطرفين العرابين وكذلك كمّ كبير من التفاصيل. هكذا ولد الطائف آنذاك.

 

هل اقتربت زيارة زعيم التيار  الوطني إلى دمشق على جسر حزب الله?

لقاء عون . نصر الله في الكنيسة المارونية في الشياح قلب الرأي العام المسيحي المكتوي بتخريب كنيسة مار مارون..

لندن ¯ كتب حميد غريافي: السياسة 8/2/2006

لم يعد أحد ¯ بعد مفاجأة اجتماع العماد ميشال عون والسيد حسن نصر الله يستبعد قيام زعيمي »التيار الوطني الحر« و »حزب الله«, بمفاجأة اخرى أشد ايلاما لتيار »14 اˆذار« ورموزه, إذا قاما برحلة الى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد, مقدمين له على طبق من فضة رأس المعارضة اللبنانية له ولسياسته, من دون ان يكون في مقدور وليد جنبلاط وسعدالدين الحريري وحلفائهما المسيحيين خاصة, فعل اي شيء سوى إطلاق تصريحات نارية جديدة لن تفعل أكثر مما فعلت تصريحاتهم المتلاحقة السابقة.

وفيما »احتفظ« مرافقو عون الى لقاء كنيسة مار ميخائيل المارونية الواقعة على خطوط تماس الحرب اللبنانية بين المسيحيين والشيعة تحديدا, ب¯ »حقهم في الصمت« حيال امكانية اقتراب هذه الزيارة الى دمشق, لم ينف مرافقو نصرالله »حدوث اعجوبة ثانية« ¯ بعد اعجوبة لقاء الشياح ¯ تاركين الباب مفتوحا امام »كل الاحتمالات لتعزيز العلاقات مع دمشق, وإعادتها الى طبيعتها ولكن مع احترام خصوصيات البلدين واستقلال كل منهما«.

وتكهن مرافقو الزعيمين الماروني والشيعي, ب¯»حدوث انقلاب فعلي في موازين القوى على الارض انطلاقا من معركة انتخابات بعبدا ¯ عاليه« بعد نحو شهر من الان, اذ يؤكد هؤلاء ان نصر التيار والحزب سيكون كاسحا على اطياف »14 اˆذار« بحيث قد يصل فارق الاصوات بين المرشحين الخصمين الى ما بين خمسة اˆلاف وستة اˆلاف صوت لصالح المرشح العوني.

وأكد أحد قادة »14 اˆذار« في الصف المسيحي »وجود مخاوف حقيقية بين صفوف حلفائه من ان يتلكأ وليد جنبلاط, رأس حربة ثورة الاستقلال, في معركة عاليه ¯ بعبدا حفاظا على مصالحه المستقبلية, فيستنكف كما هو الاˆن منذ ثلاثة اسابيع تقريبا, عن إعادة تفجير الاوضاع مرة اخرى مع حزب الله وإعادة قلب ظهر المجن للعماد ميشال عون في خضم الغزل بالواسطة بينهما الاˆن, إذ بات زعيم المختارة حسب تحليلات بعض قادة »14 اˆذار« يدرك ان معركته الطاحنة مع الحزب الشيعي والتيار المسيحي لن تكلل بالنجاح الكامل ولا يمكن لها ان تبلغ مرحلة الحسم لصالحه, ناهيك عن انه يعتبر نفسه تجاوز الخطوط السياسية الحمراء معهما حتى الان في الوقت الذي مازال فيه حليفه الاكبر سعد الدين الحريري ورئيس وزرائه فؤاد السنيورة فاتحين كل جسورهما مع عون ونصر الله لاسباب مازالت تحير الزعيم الاشتراكي الذي شعر اخيرا بأنه بات ملكيا أكثر من الملك«.

كذلك يعتقد قادة »لقاء قرنة شهوان« السابق المنضوون تحت لواء »ثورة الارز«, ان عون ونصر الله بلقائهما المتعمد في كنيسة مارونية على خطوط التماس, »أوصلا رسالة ذات دلالات مهمة وخطيرة الى المجتمع المسيحي مفادها ان زعيم الشيعة بلا منازع حسن نصرالله لم يعبر خطوط التماس كما حدث في التباريس بالاشرفية الاحد الماضي بالقوة ولم يجتح كنيسة مار مارون في الجميزة, وبالتالي فان الارهاب والتخريب والتدمير هو وقف على متطرفي الطائفة السنية فيما الطائف الشيعية مازالت كما في التاريخ اللبناني الحليف الأكبر للموارنة«.

وقال الزعيم المعارض لسورية وحزب الله معا انها »ضربة معلم« من الاثنين, عون ونصر الله لإعادة جذب واحتضان الشارع المسيحي الذي كان بدأ نوعا من النزوح عن التيار العوني تحت ضربات وليد جنبلاط العنيفة لرموز الطائفة الشيعية وانضمام »القوات اللبنانية« الى حملته هذه ضد ميشال عون, اما الاˆن بعدما حددت احداث الاشرفية الاحد الماضي العدو من الصديق, فان عودة النازحين المسيحيين عن عون الى مواقعهم بات امرا حتميا.

ونقل احد المقربين من الصرح البطريركي الماروني في بكركي عن احد نواب كتلة الرئيس نبيه بري قوله ان لقاء عون ¯ نصر الله في كنيسة مار ميخائيل المارونية »اعاد سابق اللحمة بين الموارنة خصوصا والمسيحيين عموما والطائفة الشيعية في لبنان الى ما كانت عليه قبل حرب 1975«.

بالاضافة الى ذلك ¯ حسب القريب من بكركي ¯ فان العماد عون نفسه »استعاد شعبيته المسيحية المبتعدة بسبب اقترابه من حزب الله, ليس فقط من حسن نصر الله على معظم مطالبه في لقاء مار ميخائيل, بل بسبب بداية بروز القوات اللبنانية مرة اخرى بقيادة جعجع للسيطرة على المجتمع المسيحي الذي لم ينس بعد القوات وعمليات القمع والاعدام التي مورست بحقه وحق بعض رموزه قبل اعتقال جعجع, والدليل الاكثر وضوحا على عداوة المسيحيين لهذه »القوات« هو التفافهم حول عون في قصر بعبدا ودفاعهم عنه بصدورهم لمنع الغزو السوري لمناطقهم, فيما لم يفعل اي منهم اي شيء, ولا حتى تظاهرة خجولة امام سجن وزارة الدفاع مطالبة باطلاق جعجع طوال احد عشر عاما قضاها فيه«.

وقال المسؤول المسيحي انه »كلما عنفت معركة القوات مع التيار الوطني الحر, قوي عون اكثر في المجتمع المسيحي, وقد يكون هذا الاخير يلعب لعبته الذكية هذه في استثارة سمير جعجع وقاعدته التي لم تتغير لا تنظيميا ولا عاطفيا حيال الجنرال وكأن »حرب الإلغاء« مازالت مستمرة في هذه اللحظة, كي يزيد (عون) شعبيته دون عناء«.

 

السبع... وبقية التوائم 

طارق ترشيشي - البلد  08 شباط 2006

في قراءة لواقع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في ضوء أحداث الأشرفية الخطرة التي كشفت عجزها عن تولي مقدرات البلاد، يتبدى أنها وبعد أن بدأت شهرها السابع بحملها السياسي ونتيجة الضربات المتلاحقة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية أسقطت أحد أجنتها وهو وزير الداخلية حسن السبع، لضمان استمرار التوائم المتبقية في رحمها من تجمع 14 آذار الذي يكاد ينحصر بثلاث قوى هي تيار "المستقبل" ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لـ"القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع.

واللافت ان هذه الحكومة التي تمسك الأكثرية الحاكمة بزمامها لم تستطع التخلي عن وزراء حركة "أمل" و"حزب الله" واضطرت الى تلبية الشروط التي عاد هؤلاء الوزراء على أساسها الى حضور جلسات مجلس الوزراء، ولكنها اضطرت في الوقت نفسه الى التخلي عن أحد أعضائها، وزير الداخلية، لكي تضمن بقاءها على قيد الحياة.

  لماذا وزير الداخلية؟

تجيب مصادر "قوى 8 آذار" لأن تيار "المستقبل" يتصرف في السلطة بعنوان 14 آذار العام لكنه ينفذ بالتفاصيل مشروعه الخاص والدليل التعيينات الأمنية المراد منها تأسيس ذراع أمنية رسمية لهذا التيار بعدما فشلت أو أجهضت كل المحاولات لتأمين ذراع امنية مدنية، ولتسهيل الوصول الى هذا الهدف سيتم تطويع نحو ألف متعاقد مع قوى الأمن لضخ دم يتم اختياره لينضم الى الأفراد والرتباء فيها. ويضاف الى ذلك التشكيلات العسكرية والمناقلات التي أجريت وتجرى في الجيش وقوى الأمن والأجهزة الأمنية والعسكرية الأخرى. وفي هذا السياق شكلت التعيينات الأخيرة في بلدية بيروت النموذج لكل التعيينات والمناقلات في وظائف الدولة اذ استغلت بعض الجهات هذه العقلية السياسية واستطاعت أن تنفذ من هذه الثغرة في وزارة الداخلية والبلديات ممثلة بالوزير السبع رئيس بعثة الحج الرسمية سابقاً، بحيث راحت تستعمل أدوات من لون معين فيما تعمل الوزارة على تأمين وتسهيل كل تحرك له هذا الطابع أو اللون بغية تأمين التوازن الميداني العام مع بقية الطوائف لاظهار قوة تيار "المستقبل" في الشارع أمام حلفائه والخارج ليبدو انه يمسك بأربع أوراق قوية هي:

أولاً ــ السلطة عبر الأكثرية النيابية والوزارية.

ثانياً ــ الشارع والتحالف السياسي العام الممتد عبر الطوائف.

ثالثاً ــ قضية الحقيقة كون التيار هو صاحب الدم في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

رابعاً ــ الدعم الخارجي المطلق وغير المحدود.

على أن تيار "المستقبل" يعتقد أن كل هذه الأوراق تنصّبه محوراً أساسياً في الحركة السياسية اللبنانية الرسمية والشعبية ويتجلى ذلك من خلال تعاطي دول كبرى عربية وأجنبية مع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري كأنه رئيس حكومة لبنان.

وتعتقد المصادر القريبة من "8 آذار" اياها ان تظاهرة 5 شباط (أمس الأول) كانت محاولة لسحب الشعار من بين يدي "حزب الله" باستباق مسيرات عاشوراء التي سيطلقها الحزب الخميس المقبل تحت شعار "لبيك يا محمد" تنديداً بالتعرض لحرمة النبي محمد في بعض الصحف الدنماركية والسويدية، اذ أراد منظمو التظاهرة الى الأشرفية حيث القنصلية الدنماركية اظهار أن الوجه الاسلامي في لبنان هو تيار "المستقبل" ويؤكد ذلك قول الدكتور جعجع في مؤتمره الصحافي الأخير بأن المسلمين يمثلهم تيار "المستقبل" في السلطة ودار الفتوى في الأمور الدينية، وهذا ما عجّل في تنظيم التظاهرة ووقوع وزير الداخلية في فخ تقديم التسهيلات لها والاطمئنان الى أنها ستكون "سلمية" وابلاغه حلفاء تيار "المستقبل" في 14 آذار بأن "الوضع تحت السيطرة" لأن التظاهرة هي من صنع "المستقبل" والتجمعات الرديفة وبرز هذا الأمر أيضاً في التصريح الذي أدلى به جعجع صبيحة يوم التظاهر عندما دعا سكان الأشرفية الى أن "يظلوا رايقين (هادئين) لأن المتظاهرين هم اخواننا في تيار المستقبل وحلفاؤنا في 14 آذار". ويبدو أن هذه الأجواء مجتمعة سهّلت دخول بعض الأطراف في التظاهرة وخصوصاً أولئك الذين توعدوا في مخيم عين الحلوة عبر بعض شاشات التلفزة باحياء ما سموه "سنة الذبح" مخاطبين أميرهم وشيخهم أبي مصعب الزرقاوي وأسامة بن لادن.

لكن السبع ظل مطمئناً الى هوية المتظاهرين "النقية" واعتبر ان ذلك يحتم عليه ألا يكون متشدداً في مواجهتهم فوقع في الفخ الذي كاد يطيح الأكثرية النيابية وسلطتها ويفتح لبنان على أبواب مرحلة خطرة جديدة. واذ تسأل المصادر نفسها في هذا الصدد هل ان حوادث الأشرفية انتهت بتقديم السبع استقالته لاستيعاب الموقف وتنفيس الاحتقان المسيحي لدى حلفاء تيار "المستقبل" واظهار نصر معنوي لجعجع عندما طالب باستقالة وزير الداخلية؟ تجيب: ان ما لم يلفت البعض هو أن استقالة السبع ستبقى مجمدة الى حين انتهاء التحقيق الذي يمكن أن يلصق التهم ببعض الجهات ليتم بعد ذلك تعويم الوزير المستقيل بعدما تم ايهام الرأي العام بأنه استقال بينما الواقع أنه وضع استقالته في تصرف رئيس مجلس الوزراء الذي لم يقبلها بعد ليتولى الوزير أحمد فتفت حقيبة وزارة الداخلية كونه وزيراً لها بالوكالة فيما رشح من أوساط الأكثرية الحاكمة انها لا تؤيد استقالة وزير الداخلية الأصيل.

 

الموضوعان الأساسيان في أبعاد لقاء عون – نصراللـه:

ســلاح "حزب الـله" والانـتخـابـات الرئاسية الـمقـبلة

السبت 11 شباط 2006- النهار - اميل خوري

يزال موضوع لقاء التفاهم بين النائب العماد ميشال عون رئيس "التيار الوطني الحر" والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يثير كثيرا من التعليقات والتفسيرات وما لهذا اللقاء من أبعاد محلية  واقليمية ودولية.

يرى سياسيون مستقلون  ان الرئيس الحص عبّر تعبيرا دقيقا  عن هذا اللقاء بقوله: "ان اللقاء في ذاته كان اهم من مضمون  البيان المشترك" الذي وصفه بأنه  "انشائي عموما ولا يختلف اثنان حول معظم  ما جاء فيه" وان اهم ما فيه كان "تسوية" قوامها  اعتراف "التيار الوطني الحر" بسلاح الحزب حتى تحرير  مزارع شبعا والاسرى في السجون الاسرائيلية وحماية امن لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية، وفي المقابل تبني "حزب الله" دعوة النازحين اللبنانيين الذين غادروا مع الانسحاب الاسرائيلي الى العودة".

لكن هؤلاء  السياسيين يضيفون الى تعليق الرئيس الحص على هذا اللقاء، ان عَقْده لم يكن مفاجئا اذ ان التحضير له بدأ منذ مدة  الى ان اصبحت الظروف ناضجة لعقده بعد التوصل الى اتفاق على ورقة تفاهم مشتركة تبرر هذا اللقاء وتعطيه اهمية وبُعداً كونه ليس لقاء بين شخصيتين بارزتين فحسب انما على اساس برنامج يجمعهما ويؤمل ان يجمع سواهما.

هذا هو ظاهر اللقاء، اما باطنه فأهم ما يهدف اليه امران: سلاح "حزب الله" والانتخابات الرئاسية المقبلة التي تمر بانتخابات بعبدا – عاليه الفرعية  في حال تعذر التوصل الى اتفاق على مرشح توافق، والباقي في "ورقة التفاهم" تفاصيل لا خلاف على معظم ما جاء فيها.

الواقع ان الهم الاول عند"حزب الله" هو ضمان بقاء سلاحه اطول مدة  ممكنة  وتأخير تنفيذ ما يتعلق به في القرار 1559، وذلك بالحصول على تأييد غالبية القوى الحزبية والسياسية  الفاعلة في البلاد.

لذلك، حرص الحزب على ان ينفتح على الجميع وان يكسب صداقة الجميع، وان يكون عند حصول خلافات بين مختلف هذه القوى على مسافة واحدة منها، وقد ترجم هذا الموقف في الانتخابات النيابية بحيث  جيّر اصوات الحزب للائحة  جنبلاط في دائرة عاليه – بعبدا، وللائحة "تيار المستقبل" في دائرة البقاع الغربي وللائحة "التيار الوطني الحر" في دائرة كسروان – جبيل كي يحمي بهذا التعاون  الشامل سلاح الحزب ويضمن استمرار الاحتفاظ به اطول مدة ممكنة والحؤول دون تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1559 في ما يتعلق بهذا السلاح.

وفي الوقت الذي كان فيه النائب جنبلاط قريبا من موقف "حزب الله" ويعلن في الداخل والخارج انه يعارض تنفيذ القرار 1559 في ما يتعلق بنزع سلاح هذا الحزب، كان  النائب العماد ميشال عون يدعو الى تنفيذ هذا القرار تجنبا  للاصطدام  بالشرعية الدولية، خصوصا وهو يعتبر نفسه احد  المشاركين في وضعه ولا يجوز  بالتالي ان يبقى سلاح خارج الشرعية اذا كان مطلوبا اقامة دولة قوية قادرة  لها مؤسساتها الفاعلة وسيادتها  المطلقة  على كل اراضيها. ولكن عندما وقع خلاف بين النائب جنبلاط والسيد حسن نصرالله حول الموقف من النظام السوري بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رأى السيد نصرالله ان النائب العماد عون بدا قريبا من موقفه  بالنسبة الى هذا الموضوع، وهو انه لا يجوز اتهام هذا النظام  بجريمة الاغتيال قبل ان ينتهي التحقيق الدولي،  الا ان ما بقي يباعد بينهما هو القرار 1559  الذي يدعو الى نزع  سلاح "حزب الله"، سواء وصف هذا الحزب  أنه مقاوم او ميليشيا.

وظل هذا الموضوع يشكل عقدة امام التوصل الى اتفاق على "ورقة التفاهم" وطال البحث في ايجاد حل لها، ولم يكن متوقعا ان يقبل العماد عون المتشدد في موضوع السلاح بحل يقضي بالآتي:

1 – تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الاسرائيلي.

2 – تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

3 – حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية  دفاع وطني، يتوافق عليه اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمل اعبائها والافادة من نتائجها".

واعتماد هذا الحل كشرط للتخلي عن سلاح  "حزب الله" معناه ان هذا السلاح سوف يبقى في يد الحزب ليس بعد تحرير مزارع شبعا وتحرير الاسرى فحسب، بل  الى ان يتم التوصل، من خلال حوار وطني، الى صياغة استراتيجية دفاع وطني لحماية  لبنان من الاخطار الاسرائيلية، اي ان هذا الحوار قد يستغرق وقتا طويلا، وقد لا يصير اتفاق على صياغة هذه الاستراتيجية، وهذا ما يتمناه "حزب الله" ليظل محتفظا بسلاحه، خصوصا بعدما نجح في الاستعاضة عن عدم تأييد جنبلاط لهذا الحل، بدعم العماد عون لهذه الصيغة، لأن جنبلاط  يرى انه لن يبقى مبرر للاحتفاظ بالسلاح بعد تحرير مزارع شبعا وتحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

ويقول عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده في موقف العماد عون انه في اواخر عام 2004 ذهب الى باريس واجتمع به وكان الهدف اقناع عون بالمشاركة  في "لقاء البريستول"،  ثم ذهب ثانية الى باريس ومعه وائل ابو فاعور (بعدما اصبح نائبا). وقد وضع العماد عون شرطا للمشاركة في هذا اللقاء بعدما كان الاتفاق  قد تم على كل الامور، وهذا الشرط  هو ان يطالب اللقاء بنزع سلاح "حزب الله" وكان عون يقول: "انا لا اتنازل عن ذلك" وكان جوابي آنذاك  ان ننتظر الى ما بعد الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة،  لكن العماد عون رفض وظل مصرا على موقفه. وتساءل العميد اده لماذا كان العماد عون يصر على نزع سلاح "حزب الله" وقد غير الآن موقفه، وكيف تكون سيادة لبنانية يجب احترامها كما جاء في "ورقة التفاهم" مع الموافقة على بقاء سلاح خارج الشرعية يقرر الحرب والسلم.

اما بالنسبة الى رئاسة الجمهورية، فان العماد عون حصل من"حزب الله" على تأييد ترشيحه بقول السيد حسن نصرالله عنه انه "مرشح حقيقي وجدي ويملك الاهلية الذاتية والشعبية" ولكنه استطرد: "عندما نصل للانتخابات نتكلم ونتفاهم"... الا ان ما سمعه العماد عون من السيد نصرالله لم يسمعه لا من سمير جعجع  ولا من النائب جنبلاط ولا من النائب سعد الحريري،  لذا كان موقفه ايجابياً من سلاح  "حزب الله" مقابل موقف ايجابي من الحزب حيال ترشيح عون للرئاسة الاولى. لكن اوساطا سياسية ترى انه من الان الى ان يبت مصير سلاح "حزب الله" ومصير رئيس الجمهورية، يخلق الله ما لا يعلم احد.

 

على الطريق لو يكتمل هذا اللقاء بقوى التغيير جميعاً

طلال سلمان - السفير 7 شباط 2006 

لا يجادل أحد في أن الاثنين الواقع فيه السادس من شباط 2006 هو <<يوم آخر>> في الحياة السياسية اللبنانية، مختلف إلى حد التضاد في المعاني والدلالات عن يوم <<الأحد الأسود>> الذي سبقه فدفع بالناس إلى حافة اليأس من الوطن الصغير ودولته المفككة، ثم إنه يؤسّس لمرحلة جديدة تكاد تكون مقطوعة الصلة بما كان قبلها.

وليس كثيراً أن يوصف الحدث الذي شهدته كنيسة مار مخايل الشياح، على الحد الفاصل بين الحرب الأهلية والسلم الأهلي، بأنه <<انقلاب سياسي>>، أو أنه <<مدخل إلى مرحلة تأسيسية>> لحياة سياسية في لبنان مختلفة بالتأكيد عن كل ما سبقها من مراحل، بكل ما حفلت به من تحالفات عارضة أو مخاصمات تكتيكية أو منافسات على الحصص في السلطة.

إنه تلاق بين كتلتين سياسيتين تحظى كل منهما بشعبية استثنائية، ثم إنهما مختلفتان على كثير من الأمور، وخلافاتهما معلنة، وقد حرصا على إعلانها مجدداً، ولم يسع أي منهما إلى إخفائها تحت السجادة وهو يبتسم للكاميرا منافقاً جمهوره ليحصل على أصواته الانتخابية، ثم يمضي كل منهما في طريق مفروشة بالوعود التي ستُترك للانطفاء في قلب النسيان.

  وصحيح أن كلاً من قيادتي <<حزب الله>> و<<التيار العوني>> قد مهّدت في مناسبات عديدة، مؤخراً، لهذه الانعطافة في الحياة السياسية بالحديث عن <<ورقة تحضّر على مهل>> تحصر فيها نقاط الخلاف ونقاط الاتفاق، بحيث يتم الإعلان عن التلاقي على المشترك من الثوابت وترك البقية للتجربة والتطورات المقدّر أنها ستتلاحق، وبطريقة درامية، بحيث تكون <<الامتحان بالنار>> لهذا التعاون ومدى قابليته لأن يتحوّل إلى تحالف جدي على قاعدة برنامج مشترك للتغيير في لبنان يتلاقى مع المطامح الشعبية للخروج من النفق المسدود بالمصالح الفئوية والأغراض الشخصية والاتجار بالعصبيات الطائفية والمذهبية.

والقيادتان تتميزان بجدية تصل إلى حد الصرامة، إذا ما استرجعنا تاريخ <<حزب الله>> والسيد حسن نصر الله على رأسه، وتجربة العماد ميشال عون القاسية (عليه وعلى اللبنانيين).

ثم إن القيادتين على اختلاف الموقع والتجربة قد صمدتا في مواجهة اتهامات شتى ومحاولات للغواية متعددة المصادر والأهداف، بعضها بلغ حد التشكيك في وطنية أحدهما أو كليهما، عن طريق الإيحاء بارتباطات خارجية تمتد من سوريا إلى إيران، بالنسبة إلى <<حزب الله>>، وتمتد من سوريا إلى الإدارة الأميركية بالنسبة للعماد عون!

إنه انقلاب سياسي شامل سينتج خريطة جديدة للحياة السياسية في لبنان، بقواها المختلفة، وبالتحديد الجدية منها لا الموسمية والفولكلورية والانتهازية والتي تنبت كالفطر ثم تنطفئ مع تبدل اتجاه الريح، أو مع الوصول إلى المنصب السامي.

إن لغة البيان المشترك، أو وثيقة التعاون، تختلف بدلالاتها عما سبق أن قرأ اللبنانيون أو سمعوا من كتل اللقاءات العارضة التي غالباً ما كانت تقوم <<ضد>> كتل أخرى، أو لقطع الطريق على مرشح للرئاسة، أو على تشكيلة حكومية، ثم ينتهي دورها مع إعلان اسم الفائز (أو الفائزين)، ويذهب مَن كان فيها إلى تكتل آخر ترقباً أو سعياً لتبديل آخر في مواقع السلطة.

وكما في أي بيان أو وثيقة تعاون مشترك بين مختلفين، فلقد تمّ تحديد الثوابت التي لا يجوز فيها التنازل أو التساهل، بينما لكل فريق أن يحتفظ بمواقف في برنامجه الخاص لا يوافق عليها الطرف الآخر... كذلك فقد اقترب كل من الفريقين من <<شريكه>> الجديد فسلّم له (أو ربما تنازل له) بما لم يكن يوافق عليه لو أنه استمر يناضل من أجل برنامجه الخاص.

من هنا فقد جاء البيان المشترك أو وثيقة التعاون في غاية الدقة والتحديد، ويمكن رصد <<التنازلات>> بسهولة، كما يمكن رصد مدى التقدم الذي أحرزه الطرفان في الجهد الذي بذلاه من أجل التلاقي على الثوابت المشتركة.

لعله أول مشروع لتحالف سياسي من طبيعية انقلابية: بمعنى أنه يرسم ملامح دولة أخرى، غير هذه التي نعرف بأمراضها ووجوه قصورها وتخلفها عن تلبية الحد الأدنى من مطامح هذا الشعب المهدد دائماً في سلامته كما في لقمة عيشه فضلاً عن حقه في التقدم.

إنه برنامج يتجاوز الحكم والحكومة إلى رؤية مختلفة للدولة ومهماتها الأصلية، وبينها ترسيخ الوحدة الوطنية و<<السماح>> بتمثيل صحيح للقوى الحية الطامحة إلى تحقيق حلمها (وهو حقها) في التغيير.

لقد عرف لبنان العديد من الجبهات السياسية، لا سيما في المحطات الفاصلة من تاريخه، لكنها جميعاً قد اندثرت بعد تحقيق هدفها المباشر في التغيير على قمة السلطة.

وبقدر ما ينظر اللبنانيون إلى مشروع التحالف السياسي الجديد كأنه يؤسس لمرحلة مختلفة تماماً عما سبقها، فإنهم قد ارتاحوا إلى رمزية هذا اللقاء بموقعه، وتوقيته، وبرنامجه وهوية

المشاركين فيه والمشترك في طروحاتهما السياسية.

وبالتأكيد فإن اللبنانيين يتمنون لو اكتمل عقد هذا اللقاء، الذي يقع عشية الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، بتوافق مع القوى الأخرى الطامحة للتغيير والخروج من دوامة رمي مشكلاتنا وأخطائنا على الآخرين، والتصرف كأن اللبنانيين ملائكة مطهّرون والعيب في غيرهم الذي ما زال يملك من القوة ما يمنعهم من ضبط أمن تظاهرة فكيف ببناء دولة تلبي طموحات هذا الشعب المهدد في يومه كما في غده.

لقد كانت خسارة لبنان وأهله العرب وأصدقائه في العالم باغتيال رفيق الحريري فادحة، وهي قد ضربت حاضره بزلزال يكاد يضيّع منه مستقبله.

ولا يمكن التعويض عن غيابه إلا بالتفاف القوى المؤهلة للتغيير والقادرة على إحداثه، إذا ما هي ائتلفت تمهيداً لأن تتحالف على قاعدة برنامج جدي ومدروس وشامل لا يحكمه الغرض أو الهوى، ولا تحرقه الحماسة أو التعجل، ولا تدمره النزعة إلى الوحدانية في احتكار السلطة.

فلبنان الغني بتنوعه لا يحكمه إلا ائتلاف سياسي مفتوح العين على الغد مع وعيه بمشكلات الحاضر، تتجمع فيه قوى التغيير على قاعدة برنامج معلن وملزم يكون هو القاعدة لتجاوز الحساسيات الطائفية والمذهبية.

ولعل بين مصادر الأمل في هذا <<التكتل السياسي>> المرشح لأن يغدو تحالفاً بين <<حزب الله>> و<<التيار العوني>> أنه يكسر المناخ الطائفي الذي ساد ثم تدرج إلى المذهبية، والذي كاد يخنقهم في نفقه المسدود.

 

تأخّر الرؤساء الثلاث فبادر الرئيس عون

بقلم/أنطوان فضّول

انتظر اللبنانيون من الرؤساء اميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة القيام بمبادرة للحوار بين اللبنانيين وتحصين استقلالهم والإجابة على مخاوفهم. إلا أن التقاعس من بعض أركان السلطة تجاه هذا الموضوع بالإضافة إلى العراقيل التي وُضَِِعت في وجهه حالت دون حدوث هكذا حوار .

إلا أن هذه الأمور لم تثنِ الرئيس العماد ميشال عون عن استلام زمام المبادرة وسد النقص لدى الحكومة والمجلس النيابي ورئاسة الجمهورية معاً فخاض منذ شهور حواراً مع حزب الله بهدف رحمة المواطنين وتطمينهم إلى أنه بين المسؤولين من يهتم بأمورهم. لقد فاتح العماد عون وكتلته النيابية البرلمان وبكل صراحة منذ ستة أشهر بالأمور الأكثر أهمية وإلحاحاً لدى اللبنانيين وبضرورة قيام حوار وطني شامل لمعالجتها. ولما تأخرت السلطة في التصرف بشؤون المواطنين عمل الجنرال بهدوء حتى أنجز ورقة العمل المشتركة مع حزب الله كما أُعلنت من كنيسة مار مخايل في الشياح لتجيب وتطمئن اللبنانيين حول كل المواضيع من العلاقات مع سوريا على أساس تبادل السفراء وترسيم الحدود وتحرير المعتقلين في سجونها إلى التحاور بشأن تسليم سلاح حزب الله إلى الدولة بعد الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا. هذا بالإضافة إلى الاتفاق حول مواضيع حساسة مثل عودة اللبنانيين الذين هربوا إلى إسرائيل بعد انسحابها من جنوب لبنان.

لقد أصاب الزعيم وليد جنبلاط منذ أسبوعين عندما تساءل عن سلاح حزب الله بعد تحرير مزارع شبعا إلا أن المطلوب كان طرح هذه الأمور على طاولة الحوار وليس استعمالها للتراشق الإعلامي. فها هو حزب الله يشارك في ورقة تفاهم مار ميخائيل ولم يرفض الحوار بشأن سلاحه ولا اعتبر اللاجئين إلى إسرائيل خونة, كما وافق على دعم ترسيم الحدود مع سوريا وتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتبادل السفارات وغيرها من الأمور التي طمأنت اللبنانيين أكثر بألف مرة من كل ما فعلته الحكومة وسلطة الأكثرية منذ ستة أشهر.

وَعَد الرئيس عون بمساعدة الحكومة في الأمور الوطنية رغم أنه وتكتل الإصلاح والتغيير يعارضها وذلك دون مقابل. وبالأمس قدّم من مار ميخائيل بالاشتراك مع حزب الله للحكومة وللشعب اللبنانيين وثيقة عجزت السلطة عن التفاهم مع حزب الله عليها رغم كونه حليفها الانتخابي وشريكها في الحكومة. أتت وثيقة مار ميخائيل واضحة و صريحة وقال الطرفان أن هناك بعض الأمور التي لم يتفقوا عليها وفي نفس الوقت لم يدعي الطرفان أن كل الأمور تم حلها فالفريقان لا يزالان ينظران إلى القرار 1559 بشكل متباين ولكنهما اتفقا على صيغة قد تؤدي إلى حلّ تلك المعضلة داخلياً. فمصير سلاح حزب الله وهو العامل الأهم في الورقة أصبح مُلكا لجميع اللبنانيين ويتم البت بمصيره في مؤتمر حوار وطني , أي أن على جميع اللبنانيين أن يقرروا فيما إن كان هناك داع لبقاء سلاح حزب الله أو أن مهمته قد انتهت. وأما إذا كان لدى أي شخص في العالم طريقة أخرى لتسليم سلاح حزب الله سلمياً إلى الدولة اللبنانية فليتفضل ويطلعنا عليها.

في انتخابات بعبدا-عاليه الأخيرة كانت أصوات حزب الله السبب الرئيسي في إيصال حلفاءه قوات جعجع – وليد جنبلاط – تيار الحريري إلى المجلس النيابي. وكان الاتفاق بين الحلفاء يومها قائم على أساس الحفاظ على سلاح حزب الله. فقدم حزب الله أصواته لحلفائه ورفض التحالف مع التيار الوطني الحر الذي لم يقبل بمبدأ الحفاظ على سلاح حزب الله دون البت بمصيره أو إخضاعه لرأي اللبنانيين, فخسر التيار الوطني الحر وحلفاءه 11 مقعدا نيابيا لتمسكه برأيه وبرفضه التحالف فقط للوصول إلى المقاعد النيابية.

لكن ذلك لم يمنع التيار الوطني الحر بقيادة العماد عون من أن يقوم بالحوار مع حزب الله من أجل التوصل لحل المواضيع الشائكة. فالحوار لا يكون بين مجموعات من ذات التوجه والفكر السياسي وإنما بين أفرقاء لتقريب وجهات النظر والبت بهموم كل منهم. فالأهم بفكر الرئيس عون وتياره كان إيجاد الحلول والتطمينات حول المواضيع التي تهم المواطنين وليس المقاعد النيابية رغم أن انتقال المقاعد ال11 إلى كتلة الإصلاح والتغيير كانت كافية لتغيير منطق الأكثرية داخل المجلس. فحلفاء حزب الله في الانتخابات قادوه إلى المجلس النيابي والى الحكومة واستعملوا أصواته للوصول ثم تنكرّوا لتعهداتهم التي كان الغرض منها فقط الوصول إلى البرلمان, وأيضاً قطع الطريق أمام مرشحي التيار الوطني الحر. بينما هدف التيار هو حل المشكلة وليس تنقيلها وإماعتها فيما المواطنين يرزحون تحت وطأة التقصير الحكومي على الصعيدين الأمني والاقتصادي.

ليس المطلوب أن تتحالف كل القوى السياسية في لبنان في جبهة واحدة ولكن المطلوب أن تتحاور. إن التيار الوطني الحر والذي هو ضمن الأقلية النيابية المعارضة, وهو خارج الحكم والحكومة, قد تمكّن بالحوار من الاتفاق مع الحزب اللبناني الأقوى عسكريا حول مواضيع كانت حتى الأمس القريب من المحرمات والممنوعات في السياسة اللبنانية. لذا فنحن واثقون أن عملية الحوار الوطني الشامل ليست بالمستحيلة كما يصورها البعض, بل أنها ستكون غاية في السهولة إذا تمت إدارتها من خلال المجلس النيابي لا سيما أن حزب الله المصنف ضمن الخط الراديكالي أظهر حسن نية واستعداد للتحاور على كافة الأمور.

ولكن ما لا يمكن تقبله هو أن تصر فئات معينة على الاستمرار في رفض الحوار. فبينما نرى بعض القادة في لبنان ولا سيما الرئيسين نبيه وبري و فؤاد السنيورة يؤيدون الحوار الوطني, نعود ونرى بعض الرافضين له حتى الآن. ولكي نكون واضحين وشفافين سنسمي الأشياء بأسمائها فتحالف الأغلبية الداعم للسنيورة أي تيار المستقبل – جنبلاط- قوات جعجع – قرنة شهوان يضم بعض الممانعين للحوار الشامل والمعطلين لانطلاقه وبخاصة إذا كان التيار الوطني الحر ضمن الحوار. وأغلبية الجهات الرافضة هي من المحسوبين على المسيحيين في الحكومة حتى أن بعضها انتقد الحوار وورقة مار ميخائيل . تلك الفئات التي تحالفت مع حزب الله بهدف ايصال مرشحين إلى المجلس النيابي ترفض الآن أن يتحاور البعض مع حزب الله بهدف الاتفاق الوطني.

ولكن ورغم كل شيء يمكننا القول هنيئا للبنان الذي عندما تعطل دور المؤسسات فيه كان عنده رجل دولة كالعماد ميشال عون والذي أمكنه أن يسد فراغ الرئاسات الثلاث. وأما ما يتمناه الشعب فهو أن يكون ذلك محفزا لمؤسسات الدولة لتقوم بمسؤولياتها وإكمال مسيرة الحوار التي أخذت دفعاً من مار ميخائيل. كما نريد من الرؤساء تسمية الجهات التي لا تزال ترفض الحوار الوطني الشامل كوسيلة لاستمرار لبنان و خلاص مواطنيه

8 شباط 2006

 

 

للغار أو للعار

بقلم الأب/سيمون عسَّاف

سيذكر التاريخ جنرالا مرَّ في أقسى مراحل لبنان، هل سيُبَارك أم سيُلعن أمام الشعب والأجيال؟ نترك علامة الاستفهام مرسومةً للمستقبل القريب المشحون بألف مأساة وللأيام أن تأتي بالخبر اليقين.

لماذا الجنرال عون يعقد تفاهماً مع حزب الله المُدرج على لائحة الإرهاب  والمنعوت بالمسلم الأصولي؟

هل بَطُل الرجل أن يكون القائد الماروني من دون منافس أو أن يكون الزعيم المسيحي اللبناني المناهض بشراسة لسوريا؟

ما هذا الانقلاب المفاجئ والتحوَّل المُريب؟

 بديهي الجواب بالطبع، أن سوريا جارة تحتم علينا التعامل معها كدولة لأنها بوَّابة العبور إلى دول الجيران.

أما محاربتها كنظام يحتل أرضنا فلا أحد يساوم على مصداقية الجنرال، والموضوع من حيث المبدأ ومن حيث الواقع فاصل جذريا ومحسوم. ولكن من حيث التفاوض السياسي بين دولتين متحازيتين، فهذا أمر لا جدل فيه ولا نقاش، إن كل رئيس يتسلَّم كرسي القصر عليه التخاطب بلغة السياسة مع الجيران وفي طليعتهم سوريا. ومن سوى الجنرال الذي سمَّاه بطريرك الموارنة الزعيم الماروني، بمستطاعه اقتحام هذا الشوط العائل وخوض هذا الخضم الهائل؟ ثم ماذا عنِ المعطيات التي تخول الجنرال عون اللقاء مع حزب الله المعروف بالتزُّمت الديني المقيت، والجنرال هو داعية للنظام العلماني الصِرف؟

باعتقادي يحق لنا الاجتهاد والأسرار عند الآلهة. إن حزب الله من حيث التقدمية، هو من الطوائف الثلاث الأولى التي قدمت إلى لبنان: المارونية والشيعية والدرزية. بات علينا التكلم معه والاقتراب منه من ذهنية ومنطلق لبنانيته لإيجاد حلٍّ مشرِّف ينهض ولا يطيح بالبلد برمته. وهل من ينكر سلاح هذا الحزب الكبير عدة وعددا وعتادا إضافة إلى أنه الشريحة الكبرى في البلاد، وبمقدوره اجتياح الأرزاق والأعناق وتسبب الخراب والدماء والموت؟ لماذا معاداته إذاً طالما أنه جاهز للمفاوضة والحوار تحت سقف الديمقراطية والكلمة واحترام حرية الآخرين والاعتراف بحقوقهم والكرامات؟ مِنْ هذه الزاوية وبهذه القناعة أفهم الجنرال يرتضى لنفسه الانخراط في هذا السياق، وهو المحنك عسكرياً والمطبوخ سياسياً بعد المحطات التي فيها عبر.

فالمسألة ليست عرض عضلات، وإنما تعقل وروية وحكمة ورؤيا وقراءة سليمة لا تخضع للغلط. لن أتحدث عن الخلفية التي تساند حزب الله لخلق البلبلة والفوضى والانفلات، بل عن منطق القوة التي يمتلك والتراث والهوية والانتماء الذي إليه يلوذ. عزل الآخرون الجنرال مستأثرين بأكثرية نيابية قانونها مزيف مفروض، لم يقبلوا بإعطائه حتى وزارة العدل لمحاربة الفساد ومحاسبة السارقين أموال الشعب و"المُراكمين" الديون الباهظة على البلاد. اتخذ خط المعارضة، مراهناً على فشلهم الذريع، ملاحظاً عملية ممارسة الوزارات، والدليل هو أن الأكثرية الدفترية الحاكمة لم تتمكن من إدارة أزمة الوطن إلى أن سقطت في المآزق.

والتفجيرات والاغتيالات والفقر والتراجع ومؤخراً الهجوم على" الأشرفية" خير برهان عن العجز الجهيض والجنح المهيض. عابوا عليه كيفية التفاهم مع حزب الله وهم كانوا حلفاء.

فلماذا يا ترى ما يصح لهم لغيرهم لا يجوز؟  نحن لسنا ضد أي اتفاق، يهدف إلى وحدة اللبنانيين وجمعهم رغم الحذر والمحظور. ونسمح لأنفسنا متمنين على الجنرال عون مستفسرين غير مسترسلين أن يشرح للناس أبعاد وأسباب وأشكال ومبادئ وقواسم وسائر جوانب التلاقي والتفاهم والاتفاق، لأن الرأي العام ككل ليس على مستوى استيعاب الحدث، لِذا صار من الضرورة توضيح الغموض وجلاء الإبهام.

وحين يتبيَّن لإنسان لبنان حقيقة ماجريات الأمور يطمئن له بال ويهدأ له خاطر فلا يعود حائراً ضائعاً جاهلاً في أي فلكٍ يدور. إنها خطوة جريئة لا غبار عليها في هذه الظروف العسيرة، وائتلاف مبارك لا يشوبه إشكال في هذه الأوضاع الدقيقة التي تتمخض بها المنطقة. والله لم نعهد مثل هذا الإحكام السياسي اللافت الحكيم. إن التوافق بين أفخم كتلتين وفئتين تمثل الطائفتين الكبيرتين في لبنان، هو منفذ ومنقذ للطرفين وحشر للتيار المناهض وهزيمة لا مناص منها ولا خلاص. أكتفي بهذه النبذة السريعة لأشير إلى النبوغ والذكاء في هذا التحالف الذي هو سفينة نجاة تسير بركب الوطن إلى المرسى الأمين. هنيئاً لأبناء لبنان بحسن المساعي، وعسى أن لا تخيب الظنون. لأهلنا نقول لا تخافوا فالله هو المجير وكلنا للنصر والغار أو للكسر والعار انتظار والسلام للجميع.

8 شباط 2006

 

حزب الله" و"التيار" يستغربان عدم قراءة جنبلاط للوثيقة

الأربعاء, 08 فبراير, 2006 - غادة حلاوي

عبثا محاولات عزل اللقاء الذي جمع امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون عن محيطه السياسي ان من حيث التوقيت او الظرف او حتى المكان.

واذا ما ربطنا الحدث بما حوله نستنتج حجم دلالاته والرسالة التي ارادها الطرفان من خلال اعلانه في هذا الوقت بالتحديد رغم محاولتهما تصويره على انه حوار بين فريقين اساسيين لا مجرد اصطفاف سياسي بمواجهة اطراف اخرى، علما ان هذا ما حصل فعلا ما خلف ردة فعل سريعة ومنتقدة لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي انتقد اغفال ذكر التحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو الامر الذي كان موضع استغراب كل من التيار الوطني الحر وحزب الله حيث شكك عضو قيادة التيار الوطني جبران باسيل في ان يكون النائب جنبلاط اطلع على الوثيقة قبل التعليق عليها قائلا: "لو انه قرأها لاعاد النظر بما قاله لاننا لم نكتف بذكر التحقيق فقط وانما رفضنا المساومة عليه وطالبنا بالعدالة كي تؤكد ان الموضوع هو فوق الاستغلال السياسي، اما الموضوع الفلسطيني فقد قاربناه بشكل لا لبس فيه".

اما حزب الله فاستغرب هذا الاستعجال وعدم رؤية فقرة بكاملها وردت في الاتفاق وتتعلق باستشهاد الرئيس الحريري وقال عضو المكتب السياسي غالب ابو زينب "اصرينا على التحقيق عندما ذكرنا تعابير الآليات الرسمية المقررة اي ما كانت قررته الحكومة من تحقيق دولي والاستعانة بمحققين دوليين واعتبرنا اننا خطونا خطوة متقدمة في هذا الموضوع مستغربا كيف ان احداً لم يجد ما يقول عن الاتفاق فأراد ان يغير الحقائق لا سيما في موضوع حساس يتعلق بالرئيس الحريري" آملا "الا يكون ذلك دسا رخيصا ومكشوفا وان يكون البعض اخطأ في قراءته بل انه لم يرد ان يقرأ واكتفى فقط بقراءة ما يفكر فيه". داعيا "الى تصحيح ما ورد احتراما للشهيد الرئيس وبالتالي سحبه من ساحة المزايدات لان الشهيد هو لكل الوطن وليس للبيع والشراء في سوق المزايدات في قضايانا الداخلية".

ورفض حزب الله على لسان ابو زينب ربط ما شهدته كنيسة مار مخايل برمزيتها الوطنية امس الأول بظرفية سياسية معينة قائلا ان رواية ما حصل ليست معقدة ابدا فمنذ ما بعد الانتخابات النيابية الاخيرة في بعبدا ــ عاليه تكثفت الاجتماعات ما بين التيار وحزب الله الى ان انحصرت في لجنة مشتركة تولت صياغة مفاهيم يمكن تبنيها في ما بعد وان نلتزم بها كجهات تمتلك مصداقية لا يمكن لها الاكتفاء بإنجاز مجرد ورقة فلكلورية.

وكان واضحا من مضمون الاتفاق الذي اخرجه الطرفان الى العلن ان اعداده لم يكن بالسهل ومضمونه لطالما كان موضع مشورة قياديتهما بإستمرار وبهذا المعنى فالأمر لم يكن يمر من دون شطب بعض العبارات لمجرد ان طرفا ما يطرح حولها علامات استفهام.

وكان ان تم وضع اللمسات الاخيرة على هذه الورقة قبل ثلاثة ايام من اللقاء فتمت التحضيرات لعقده لا سيما مع عودة الوزراء الشيعة الى الحكومة خاصة وان اعتكافهم كان بالنسبة للجنرال سببا موجبا لارجاء الاجتماع.

استغرقت الترتيبات العملية للقاء الثنائي نحو يومين وليس اكثر وتم الاتفاق عليه يوم الجمعة الماضي. واذا كانت مضامين الاجتماع خرجت في نص اتفاق علني فإن جو لقاء نصرالله مع عون كان حسب ما يصفه حزب الله "استثنائيا افتتحه الجنرال بالحديث عن الموقع الجغرافي للكنيسة الذي ولد في محيطه وقال لست غريبا عن هذه المنطقة". ثم شرع الجانبان بالحديث عن امور الساعة السياسية وما تضمنه الاتفاق.

واذا كان لكل عمل او انجاز مكاسب ما فالسؤال المشروع هنا هو عما حققه كل طرف في جلسته مع الآخر، والاجابة بالنسبة للتيار الوطني الحر تتعدى فكرة "المكسب الشخصي او الحزبي الى مكاسب حققها كل اللبنانيين انطلاقا من تضمين الاتفاق بنودا تتعلق بهم مباشرة "اما حزب الله فيرى انه انجز وحليفه الجديد "وثيقة بلا اقنعة لكن مشكلة البعض هي عدم قدرتهم في هذه المرحلة على تصوير اتفاق فلان مع فلان الا نكاية بالآخر لانهم لم يعتادوا مقاربة الاشياء بمفهومها الديمقراطي".

ويتحدث الجانبان عن انعكاس ايجابي خلفته الوثيقة لدى قواعدها الشعبية "لأن اي تقارب بين طرفين سينعكس حكما على الناس".  ويحاول حزب الله والتيار الوطني الحر التأكيد على ان ما انبثق عنهما هو ورقة حوار تستدعي الكل اليها وهي قابلة للتعديل اذا ما اراد طرف ثالث ذلك ومن "اراد الرد علينا فليلاقينا وسنواجهه لكن ليس بلغة غوغائية".

 

 

وهاب: لقاء السيد نصر الله والنائب عون من اهم اللقاءات السياسية

وطنية - النبطية- 7/2/2006 (سياسة) رأى الوزير السابق وئام وهاب "ان اللقاء الذي حصل بين الامين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون هو من اهم اللقاءات السياسية لما تضمنه من مواقف واهداف، وهو المؤشر الصريح للسقوط النهائي للاعلان الطائفي والاقطاعي في لبنان الذي قبض على مقاليد الحكم في لبنان منذ عهد الاستقلال حتى الآن"، لافتا الى انه "سيؤدي الى وحدة وطنية فعلية، وسيفتح الباب على سلسلة من التحولات الجذرية على مختلف الصعد". وهاجم وهاب الوزير المستقيل حسن السبع "كونه لم يكن مهتما بالحفاظ على الامن والنظام بقدر اهتمامه بالحفاظ على الحواجز امام منازل شخصيات وفعاليات ونواب تجمع الرابع عشر من آذار".

وامل وهاب الذي كان يتحدث في ندوة بعنوان: "لبنان بين الممانعة والارتهان"، بدعوة من مفوضية الطلبة في الحزب السوري القومي الاجتماعي في كلية العلوم في النبطية، ان "يؤسس لقاء نصرالله - عون للقاء اوسع له عدة عناوين اولها تخليص اللبنانيين من العصابة الحاكمة وايجاد حكومة وحدة وطنية حقيقية واطلاق قانون عصري للانتخابات يرتكز على اساس النسبية وتخفيف سن الانتخاب الى 18، واعادة لم الوحدة الوطنية ومعالجة المشكلات القائمة واعادة صياغة العلاقات السورية - اللبنانية على قواعد من الوحدة او الحرية والسيادة والاستقلال لكل من البلدين". واعتبر ان "لبنان بات على ابواب مهلة جديدة بعد انهيار قوى الرابع عشر من اذار مع مشروعهم الذي شارف على السقوط في ظل محور ممانع يمتد من لبنان الى فلسطين ودمشق وطهران في مواجهة محور تل ابيب - واشنطن".

 

حزب الكتلة الوطنية دعا الحكومة الى حزم أمرها نهائيا واتخاذ التدابير الشجاعة الآيلة الى ارساء الأمن والسلامة

وطنية - 7/2/2006 (سياسة) عقدت اللجنة التنفيذية لحزب الكتلة الوطنية اللبنانية اجتماعا استثنائيا في البيت المركزي للحزب برئاسة العميد كارلوس اده وحضور الامينة العامة الدكتورة كلود كنعان ورئيس مجلس الحزب المحامي بيار خوري، بحثت خلاله الاوضاع السائدة في البلاد، وأصدرت بيانا جاء فيه: "ان اللجنة التنفيذية لحزب الكتلة الوطنية التي هالها المشهد المروع لأعمال التخريب ومحاولة احداث الفتنة التي شهدتها منطقة الاشرفية الاحد الماضي، يهمها ان تؤكد رفضها وشجبها لأعمال العنف بكل اشكالها وأعمال الشغب والتخريب البعيدة كل البعد من مظاهر التعبير الديموقراطي عن قضية محقة والغريبة تماما عن التقاليد اللبنانية في هذا المجال. كما يهم اللجنة ان تعبر عن استنكارها الشديد للاعتداء الذي تعرض له النائب عبدالله فرحات بينما كان يعمل على تهدئة الأجواء في بلدة الكحالة. كما تطالب اللجنة الدولة اللبنانية بالتعويض الكامل والسريع للمتضررين". وتوجهت اللجنة ب"التقدير الى أهالي منطقة الاشرفية وسكانها لما تحلوا به من حكمة وترو وضبط للنفس فوت على مفتعلي الفتنة مآربهم".

ودعت الحكومة الى "حزم أمرها نهائيا واتخاذ التدابير الشجاعة الآيلة الى ارساء الأمن والسلامة والديموقراطية حتى لا يتكرر ما حصل بالامس بحيث يصبح تهديدا حقيقيا للعيش المشترك والنظام الديموقراطي". كما دعت الى "اطلاق يد القضاء والحؤول دون تدخل السياسة فيه حتى يكون التحقيق جديا لا شكليا وعدم طمس النتائج وتسمية الأشياء باسمائها واعلانها للشعب اللبناني بدون ابطاء ليصار بعدها الى انزال العقوبات بالمرتكبين وتحميلهم مسؤولية افعالهم".

واطلعت اللجنة على "المعلومات المتوافرة عن اللقاء الذي عقد بين الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله والنائب العماد ميشال عون"، وحيت "من حيث المبدأ كل محاولات التلاقي والحوار بين اللبنانيين، لكنها ابدت "بعض الملاحظات الأولية على النص الذي أعلن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" توافقهما عليه لا سيما في موضوع السيادة اللبنانية، ذلك ان الوثيقة المشتركة تؤكد السيادة اللبنانية ووجوب احترامها وصونها. وهنا تتساءل اللجنة التنفيذية عن مفهوم السيادة التي تتحدث عنها الوثيقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"؟. فالسيادة، كما هو معروف، تعني عدم تنازل الدولة عن قرارها او عن جزء منه الى دولة اخرى او الى منظمة غير رسمية، فكيف توفق الوثيقة بين الدعوة الى احترام السيادة اللبنانية وبين موافقة طرفيها على ابقاء قرار الحرب والسلم، وانطلاق العمليات العسكرية وتوقفها في الجنوب في يد المقاومة دون غيرها". وذكرت "المجتمع اللبناني بمكوناته كافة بان الوحدة الوطنية ليست شعارا يتغنى به في الخطابات والأقوال فحسب، بل يفترض لتحقيقه ممارسة وافعالا وبصورة خاصة الشجاعة المطلوبة في سبيل تلك الممارسة والافعال".

 

جوزف الهاشم: ورقة تفاهم عون ونصر الله تبشر بأمل موعود

وطنية - 7/2/2006 (سياسة) اعتبر الوزير السابق جوزف الهاشم "ان ابرز ما يراه اللبنانيون في تفاهم العماد ميشال عون والسيد حسن نصر الله، هي شيمة الصدق لدى الرجلين التي تؤكد الثقة بهما". وقال الهاشم:"ان ما تضمنته ورقة التفاهم المشتركة بين الرجلين تبشر بأمل موعود مع انها تختصر ابرز المطالب لقوى 14 آذار لجهة صون استقلال لبنان وسيادته، وتصحيح العلاقات اللبنانية السورية، بما فيها اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، وتثبيت مزارع شبعا وترسيم الحدود، وكشف مصير المعتقلين في السجون السورية وحل مشكلة اللبنانيين الموجودين في اسرائيل".

 

بري ليس مطلعاً على التفاصيل.. والحوار بعد ذكرى استشهاد رفيق الحريري

تيار المستقبل: لقاء عون- نصر الله تجاهل القضايا المهمة

بيروت - »السياسة«:8/2/2006

في موازاة الاهتمام الرسمي والحكومي بطي صفحة "الأحد الأسود" من خلال التشديد على السير بالملف القضائي للمتورطين بأعمال الشغب التي حصلت حتى النهاية ومعاقبة كل المتورطين في الأحداث التي جرت, استأثر اللقاء الذي جمع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون والأمين العام ل¯"حزب الله" حسن نصر الله باهتمام الأوساط السياسية, لما يشكله من تطور بالغ الأهمية بالنسبة للتحالفات السياسية الجديدة والتي ستترك انعكاساتها على استحقاقات مهمة ينتظرها البلد.

وفي هذا الإطار أوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه لم يطلع على تفاصيل اللقاء الذي جرى بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون والأمين العام ل¯"حزب الله" حسن نصر الله, وقال إنه سيعطي رأيه النهائي بعد التداول مع قيادة حركة "أمل", لافتاً إلى أنه مع كل لقاء يوحد اللبنانيين, وإن كل التلاقي بين اللبنانيين اؤيده وأشجعه, مشيراً إلى أنه سيصار إلى البدء بالحوار الذي دعا إليه بعد الذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري.

إلى ذلك, رأى وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت أن قبول استقالة الوزير حسن السبع موضع تداول بين السلطات حالياً وتتم معالجته في الأيام المقبلة, وأشار إلى أن التبادل في الحقائب غير وارد, لافتاً إلى أن من أسباب تقديم استقالة الوزير السبع أنه لم يلق التجاوب المطلوب على أكثر من صعيد, إضافة إلى تحميله المسؤولية السياسية لأعمال الشغب. وشدد على أن الموضوع الأمني وطريقة معالجته هو موضع بحث بين المسؤولين, وما طرحه الوزير السبع سيؤخذ بالاعتبار.

وحول لقاء النائب ميشال عون بالأمين العام ل¯"حزب الله" حسن نصر الله رحب بأي لقاء على المستوى الوطني, آملاً ألا تكون اللقاءات ظرفية لأسباب انتخابية, مشيراً إلى أن اللقاء لم يحسم الموضوعات المهمة, بحيث أن الكثير من النقاط ما زالت بحاجة إلى توضيح.

من جهته اعتبر النائب علي حسن خليل أن "مشروعنا السياسي في حركة "أمل" و"حزب الله" مشروع الحرص على الوحدة الوطنية ومكوناتها الوطنية, الطائفية, السياسية والاجتماعية وغيرها, وهو مشروع تأكيد الحرص على السلم الأهلي". وقال خليل: لقد أنجزنا تقدما أساسيا على صعيد إطلاق الحوار الداخلي من خلال اللقاء الذي تم بين السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون, وهنا أقول انه من الممكن أن نختلف ومن الممكن أن نلتقي, لكن الأهم هو أن نقدم منطق الحوار, وعلى هذا الأساس كان حرص الرئيس بري على أن يطلق ورشة الحوار الداخلي ليجمع اللبنانيين جميع اللبنانيين حول طاولة يضعون عليها هواجسهم وأفكارهم واختلافاتهم, ليحصنوا السلم الأهلي الذي كما قال في المجلس النيابي من غير المسموح أن يمس أو أن يهتز, وان نسلم بأنه سقط في مستنقع بعض الشواذات أو بعض الذين خرجوا عن النظام العام في لحظة من اللحظات".

وشدد على "أن القاعدة الأساس التي نريدها من هذا الحوار وغيره من اللقاءات السياسية هي أن نجعل من تنظيم اختلافاتنا هدفا في أسوأ الاحتمالات, وان نصل إلى مرحلة ننظم فيها علاقاتنا, في ظل نيات حسنة, فنجعل قضايانا المشتركة تتقدم على خلافاتنا وانقساماتنا وأبعادنا التي تضعف موقع كل واحد في مقابل الآخر". وأكد "أن ما حصل في الأشرفية جريمة مدانة".

وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد أن "حزب الله" لن يقبل أن يوزع خدمات مجانية كيفما كان, لأي احد, لان الحزب يريد للبنانيين أن يعيشوا ثقتهم بأنفسهم وبمقاومتهم وبقدرتهم على المواجهة والصمود لتحقيق سيادتهم الحقيقية على أرضهم وإرادتهم السياسية بعيدا عن إملاءات أميركا أو من يريد أن يملي شروطه على لبنان". واعتبر "أن المقاومة هي ضمانة امن اللبنانيين, ولذلك لا يمكن أن نقبل بمواقف والتزامات تفضي, إذا ما تراكمت, إلى إسقاط هذه المقاومة ومحاصرتها, كأن يقال إن القرار 425 قد نفذ وانه لم تبق هناك ارض لبنانية محتلة, وان مزارع شبعا غير لبنانية وان مشروعية المقاومة تسقط عندما ينتهي الاحتلال, كيف يمكن لنا أن نقبل بمثل هذا المنطق وكأن هناك من يريد أن تسقط مقاومته وتنتهي وان نعود إلى ما سماها البعض اتفاقية الهدنة". وأشار إلى "أن الرهان على اتفاقية الهدنة لحماية اللبنانيين هو رهان على سراب, لأنه إذا تتبعنا كل الأحداث والاعتداءات والاجتياحات والمجازر الإسرائيلية, كلها حصلت بعد اتفاقية الهدنة, ولو التزمت إسرائيل باتفاقية الهدنة لما حصلت المجازر والاعتداءات والاجتياحات". وقال إن: "اتفاقية الهدنة لا تشكل ضمانة ولا القرارات الدولية بدليل أن هناك عشرات القرارات الدولية التي صدرت بحق إسرائيل, ولم يطبق منها شيء ولم يستطع المجتمع الدولي أن يلزم إسرائيل بتطبيقها, والقرار الوحيد الذي نفذ وبقي منه جزء لم ينفذ هو القرار 425, لأن المقاومة هي التي أرغمت العدو على الانسحاب من لبنان".

 

سجلت ملاحظات على ورقة عون - نصر الله

الكتلة دانت اعمال الشغب والتخريب بالاشرفية وطالبت الدولة بحزم امرها

الأنوار 8/2/2006: عقدت اللجنة التنفيذية لحزب الكتلة الوطنية اللبنانية اجتماعا استثنائيا في البيت المركزي للحزب برئاسة العميد كارلوس اده وحضور الامينة العامة الدكتورة كلود كنعان ورئيس مجلس الحزب المحامي بيار خوري، بحثت خلاله الاوضاع السائدة في البلاد، وأصدرت بيانا جاء فيه:

ان اللجنة التنفيذية لحزب الكتلة الوطنية التي هالها المشهد المروع لأعمال التخريب ومحاولة احداث الفتنة التي شهدتها منطقة الاشرفية يوم الاحد الماضي، يهمها ان تؤكد رفضها وشجبها لأعمال العنف بكل اشكالها وأعمال الشغب والتخريب البعيدة كل البعد من مظاهر التعبير الديموقراطي عن قضية محقة، والغريبة تماما عن التقاليد اللبنانية في هذا المجال.

كما يهم اللجنة ان تطالب الدولة اللبنانية بالتعويض الكامل والسريع للمتضررين. واخيرا توجه اللجنة بالتقدير لأهالي منطقة الاشرفية وسكانها لما تحلوا به من حكمة وترو وضبط للنفس فوت على مفتعلي الفتنة مآربهم.

تدابير شجاعة

من جهة ثانية تدعو اللجنة التنفيذية الحكومة اللبنانية الى حزم أمرها نهائيا واتخاذ التدابير الشجاعة الآيلة الى ارساء الأمن والسلامة والديموقراطية حتى لا يتكرر ما حصل بالامس بحيث يصبح تهديدا حقيقيا للعيش المشترك والنظام الديموقراطي. كما تدعو الى اطلاق يد القضاء والحؤول دون تدخل السياسة فيه حتى يكون التحقيق جديا لا شكليا وعدم طمس النتائج وتسمية الأشياء باسمائها واعلانها للشعب اللبناني بدون ابطاء ليصار بعدها الى انزال العقوبات بالمرتكبين وتحميلهم مسؤولية افعالهم.

كما اطلعت اللجنة على المعلومات المتوافرة عن اللقاء الذي عقد بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والنائب العماد ميشال عون، وهي اذ تحيي من حيث المبدأ كل محاولات التلاقي والحوار بين اللبنانيين، يهمها ان تبدي بعض الملاحظات الأولية على النص الذي أعلن حزب الله والتيار الوطني الحر توافقهما عليه لا سيما في موضوع السيادة اللبنانية، ذلك ان الوثيقة المشتركة تؤكد السيادة اللبنانية ووجوب احترامها وصونها. وهنا تتساءل اللجنة التنفيذية عن مفهوم السيادة التي تتحدث عنها الوثيقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر?.فالسيادة، كما هو معروف، تعني عدم تنازل الدولة عن قرارها او عن جزء منه الى دولة اخرى او الى منظمة غير رسمية، فكيف توفق الوثيقة بين الدعوة الى احترام السيادة اللبنانية وبين موافقة طرفاها على ابقاء قرار الحرب والسلم، وانطلاق العمليات العسكرية وتوقفها في الجنوب بيد المقاومة دون غيرها? واخيرا تذكر اللجنة التنفيذية المجتمع اللبناني بمكوناته كافة بان الوحدة الوطنية ليست شعارا يتغنى به في الخطابات والأقوال فحسب، بل يفترض لتحقيقه ممارسة وافعال وبصورة خاصة الشجاعة المطلوبة في سبيل تلك الممارسة والافعال.

 

اللقاء الأول بين رئيس كتلة "التغيير والإصلاح" والأمين العام ل"حزب الله" في كنيسة مار مخايل تخلله الإعلان عن ورقة تفاهم مشتركة بين الطرفين

وطنية - 6/2/2006 (سياسة) انعقد بعد ظهر اليوم لقاء هو الأول بين رئيس كتلة "التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون والأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله، في صالون كنيسة مار مخايل - الشياح، في حضور محمود قماطي وغالب أبو زينب عن "حزب الله"، وجبران باسيل وزياد عبس وفؤاد الأشقر عن "التيار الوطني الحر"، وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذت في محيط الكنيسة.

استمر الإجتماع نحو ثلاث ساعات، وتخلله الإعلان عن ورقة تفاهم مشتركة بين التيار والحزب. وتلاها أبو زينب وباسيل. ورقة التفاهم المشتركة وفي ما يلي نص الورقة:

"1- الحوار: إن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان، وذلك على قواعد ثابتة وراسخة، هي إنعكاس لإرادة توافقية جامعة، مما يقتضي توفر الشروط الضرورية التالية لنجاحه: أ- مشاركة الاطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية، وذلك من خلال طاولة مستديرة.

ب- الشفافية والصراحة، وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة اخرى، وذلك بالاستناد الى إرادة ذاتية، وقرار لبناني حر وملتزم.

ج- شمول كل القضايا ذات الطابع الوطني، والتي تقتضي التوافق العام.

2- الديموقراطية التوافقية: إن الديموقراطية التوافقية تبقى القاعدة الاساس للحكم في لبنان، لانها التجسيد الفعلي لروح الدستور، ولجوهر ميثاق العيش المشترك. من هنا، فإن اي مقاربة للمسائل الوطنية وفق معادلة الاكثرية والاقلية تبقى رهن تحقيق الشروط التاريخية والاجتماعية للممارسة الديموقراطية الفعلية التي يصبح فيها المواطن قيمة في حد ذاته.

3- قانون الانتخاب: إن إصلاح وانتظام الحياة السياسية في لبنان يستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري، قد تكون النسبية أحد اشكاله الفعالة، بما يضمن صحة وعدالة التمثيل الشعبي، ويسهم في تحقيق الامور التالية:

1- تفعيل عمل الاحزاب وتطويرها وصولا الى قيام المجتمع المدني.

2- الحد من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية.

3- توفر فرص متكافئة لاستخدام وسائل الاعلام المختلفة.

4- تأمين الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الانتخابي. إن الحكومة والمجلس النيابي مطالبان بالتزام أقصر المهل الزمنية الممكنة لإقرار القانون الانتخابي المطلوب.

4- بناء الدولة: إن بناء دولة عصرية تحظى بثقة مواطنيها وقادرة على مواكبة احتياجاتهم وتطلعاتهم وتوفير الشعور بالامن والامان على حاضرهم ومستقبلهم، يتطلب النهوض بها على مداميك راسخة وقوية لا تجعلها عرضة للاهتزاز والازمات الدورية كلما احاطت بها ظروف صعبة، او متغيرات مفصلية، الامر الذي يفرض مراعاة التالي:

أ- اعتماد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة.

ب- إن القضاء العادل والنزيه هو الشرط الضرروي لاقامة دولة الحق والقانون والمؤسسات، وهذا يستند الى:

1- الاستقلالية التامة لمؤسسة القضاء واختيار القضاة والمشهود لهم بالكفاءة بما يفعل عمل المحاكم على اختلافها.

2- احترام عمل المؤسسات الدستورية وإبعادها عن التجاذبات السياسية وتأمين استمرارية عملها وعدم تعطيلها (المجلس العدلي والمجلس الدستوري)، ويشكل ما جرى في المجلس الدستوري نموذجا لعملية التعطيل، خصوصا في مسألة الطعون النيابية المقدمة أمامه، والتي لم يجر البت بها الى الان.

ج- معالجة الفساد من جذوره، حيث ان المعالجات الظرفية والتسكينية لم تعد كافية، وإنما باتت مجرد عملية تحايل تقوم بها القوى المستفيدة من الفساد بكل مستوياته لإدامة عملية نهبها لمقدرات الدولة والمواطن معا.وهذا ما يتطلب:

1- تفعيل مؤسسات ومجالس الرقابة والتفتيش المالي والإداري، مع التأكيد على فصلها عن السلطة التنفيذية لضمان عدم تسييس اعمالها.

2- إجراء مسح شامل لمكامن الفساد، تمهيدا لفتح تحقيقات قضائية تكفل ملاحقة المسؤولين واسترجاع المال العام المنهوب.

3- تشريع ما يلزم من قوانين تسهم في محاربة الفساد بكل اوجهه، والطلب الىالحكومة توقيع لبنان على معاهدة الامم المتحدة لمكافحة الفساد.

4- العمل على إصلاح إداري شامل يكفل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لا سيما اولئك المشهود لهم بالجدارة والكفاءة ونظافة الكف، وذلك عبر تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية وقيامه بصلاحياته الكاملة. - وضع مهل زمنية لمعالجة هذه القضايا لان عامل القوت بات مميتا، والامر يتطلب معالجات حكيمة وسريعة في آن، تستخدم الوقت لمصلحتها بدل ان يستخدمه الفاسدون لمصلحتهم.

5- المفقودون خلال الحرب: إن طي صفحة الماضي وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة يتطلب إنهاء ما بقي من ملفات الحرب العالقة. وإن ملف المفقودين في الحرب يحتاج إلى وقفة مسؤولة تنهي هذا الوضع الشاذ وتريح الأهالي الذين لا يمكن مطالبتهم المسامحة من دون إحترام حقه بمعرفة مصير أبنائهم، لذلك، نطلب من كافة القوى والأحزاب التي شاركت في الحرب التعاون الكامل لكشف مصير المفقدوين وأماكن المقابر الجماعية.

6- اللبنانيون في إسرائيل: انطلاقا من قناعتنا، إن وجود اي لبناني على ارضه هو افضل من رؤيته على ارض العدو. فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل تتطلب عملا حثيثا من اجل عودتهم الى وطنهم، آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والامنية والمعيشية المحيطة بالموضوع. لذلك، نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم استرشادا بنداء سماحة السيد حسن نصر الله بعد الانسحاب "الاسرائيلي" من جنوب لبنان، واستلهاما بكلمة العماد عون في اول جلسة لمجلس النواب.

7- المسألة الامنية: أولا، في الاغتيال السياسي: إن كل شكل من أشكال الاغتيال السياسي هو امر مدان ومرفوض مع الحقوق الاساسية للانسان، ومع اهم ركائز وجود لبنان المتمثلة بالاختلاف والتنوع، ومع جوهر الديموقراطية وممارستها. من هنا، فإننا بقدر ما ندين عملية اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وصولا الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدد على اهمية استمرار التحقيق وفق الاليات المقررة رسميا وصولا الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي امر لا يمكن إخضاعه لاي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وإنزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير. لذا، من الواجب إبعاد هذه القضايا عن محاولات التوظيف السياسي التي تسيء لجوهرها، وجوهر العدالة التي يجب ان تبقى فوق اي نزاعات او خلافات سياسية.

ثانيا، في الاصلاح الامني: إن إصلاح الاجهزة الامنية جزء لا يتجزأ من عملية الاصلاح الشامل لمؤسسات الدولة الاساسية ولإعادة بنائها على قواعد صحيحة وثابتة. ونظرا للموقع الحساس الذي تحتله الاجهزة الامنية في حفظ وحماية الاستقرار الامني في البلاد إزاء اي خروقات او تهديدات تمسه، يجب إيلاء عملية بنائها عناية مركزة. من هنا، فإن الحكومة مدعوة لتحمل مسؤولياتها كاملة وفق التالي:

أ- وضع خطة امنية متكاملة تقوم على مركزية القرار الامني تنهض على تحديد واضح للعدو من الصديق، ولمكامن التهديد الامني، ومنها مسألة الارهاب والثغر الامنية الواجب معالجتها.

ب- تحييد الاجهزة الامنية عن الاعتبارات والمحسوبيات السياسية، وان يكون ولاؤها وطنيا بالكامل.

ج- إيلاء مسؤولياتها لشخصيات مشهود لها بالكفاءة ونظافة الكف.

د- إن الاجراءات الامنية يجب ان لا تناقض مع الحريات الأساسية التي نص عليها الدستور، وفي طليعتها حرية التعبير والممارسة السياسية، من دون ان يؤدي ذلك الى الاخلال بالامن والاستقرار العام.

هـ تشكيل لجنة برلمانية - أمنية تواكب عملية الاصلاح والبناء الامنيين وتراقبهما.

8- العلاقات اللبنانية - السورية: إن إقامة علاقات لبنانية - سورية سوية وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة باستخلاص ما يلزم من العبر والدروس، ولتلافي ما علق بها من اخطاء وشوائب وثغرات، بما يمهد الطريق للنهوض بهذه العلاقات على اسس واضحة من التكافؤ والاحترام الكامل والتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة الى اي شكل من اشكال الوصاية الخارجية. لذا يجب:

أ- إتخاذ الحكومة اللبنانية كافة الخطوات والإجراءات القانونية المتعلقة بتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الامم المتحدة، وذلك بعد ان اعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة.

ب- ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، بعيدا عن التشنجات التي تؤدي الى تعطيل العملية التي طالما احتاج لبنان وسوريا على إنهائها ضمن إتفاق البلدين.

ج- مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من اجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية في أجواء بعيدة عن الاستفزاز والتوتر والسلبية التي من شأنها إعاقة البت في هذا الملف على نحو إيجابي.

د- إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وتوفير الظروف الملائمة لها بما ينقل العلاقة من الافراد والمجموعات الى علاقة بين المؤسسات بحيث تؤمن استمرارها وثباتها.

9- العلاقات اللبنانية - الفلسطينية: إن معالجة الملف الفلسطيني تتطلب مقاربة شاملة تؤكد، من جهة، احترام الفلسطينيين لسلطة الدولة اللبنانية والتزامهم بقوانينها، وتجدد التضامن مع قضيتهم واستعادتهم لحقوقهم، وذلك حسب القواعد التالية:

أ- إن الوضع الاجتماعي للفلسطينيين يستدعي الاهتمام الشديد لناحية تحسين الظروف المعيشية وتأمين المستوى اللائق لاسس الحياة الانسانية الكريمة وفق ما يقتضيه التعاون الثنائي وشرعة حقوق الانسان، إضافة الى إعطائهم التسهيلات اللازمة للانتقال داخل وخارج الاراضي اللبنانية.

ب- إن حق العودة للفلسطينيين هو امر اساسي ثابت، ورفض التوطين هو امر يجمع عليه اللبنانيون، ولا يمكن التراجع عنه بأي شكل من الاشكال.

ج- تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلطسينيين في إطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمن حسن التنسيق والتعاون.

د- معالجة ملف إنهاء السلاح خارج المخيمات، وترتيب الوضع الامني داخلها يجب ان يتم في إطار من الحوار الجاد والمسؤول والحثيث بين الحكومة اللبنانية والفلسطينيين بما يؤدي الى بسط سلطة الدولة وقوانينها عل كافة الاراضي اللبنانية.

10- حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته: إن حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته هما مسؤولية وواجب وطني عام تكفلهما المواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان، لا سيما في مواجهة اي تهديدات او اخطار يمكن ان تنال منهما من اي جهة اتت. من هنا، فإن حمل السلاح ليس هدفا بذاته وإنما وسيلة شريفة مقدسة تمارسها اي جماعة تحتل ارضها تماما كما هي اساليب المقاومة السياسية. وفي هذا السياق، فإن سلاح "حزب الله" يجب ان يأتي من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدين: الحد الاول هو الاستناد الى المبررات التي تلقى الاجماع الوطني وتشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الابقاء على السلاح، والحد الاخر هو تحديد الظروف الموضوعية التي تؤدي الى انتفاء اسباب ومبررات حمله.

وبما أن "إسرائيل" تحتل مزارع شبعا وتأسر المقاومين اللبنانيين وتهدد لبنان فإن على اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم وتقاسم أعباء حماية لبنان وصيانة كيانه وامنه والحفاظ على استقلاله وسيادته من خلال:

 1- تحرير مزارع شبعا من الاحتلال "الاسرائيلي".

 2- تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

3- حماية لبنان من الاخطار الاسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون، وينخرطون فيها عبر تحمل أعبائها والإفادة من نتائجها".

المؤتمر الصحافي وأعقب إعلان ورقة التفاهم مؤتمر صحافي مشترك للعماد عون والسيد نصر الله، حضره: حكمت ديب، رمزي كنج، رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس، راعي كنيسة مار مخايل الأب سليم معلوف. في مستهل المؤتمر الصحافي، ألقى النائب عون كلمة قال فيها:

"لقاؤنا اليوم مع سماحة السيد حسن نصر هو لابراز اشياء اساسية يجب ممارستها لحل المشاكل العالقة ولحل النقاط الخلافية عن طريق الحوار". اضاف: "من يقوم بعمل كهذا يجب ان يمتلك المبادرة والثقة في نفسه، ومن خلال ذلك يمكن ان يكون لبنان دولة مستقلة ليست بحاجة لحمل مشاكلها الى العواصم الغربية من اجل حلها. هذه ثقافتنا الجديدة بأن نتعاون ونتبادل الآراء ونصل الى حلول. ما هو قائم لغاية الان هو تنمية الروح الخلافية بين الناس والمشاكسة وابراز السلبيات.

نحن نعتمد الخط المعاكس كليا، هو الالتقاء حول الايجابيات وبناء لبنان، ونحن مشهورون بسلوكنا والاتفاق على ال "لا". اما اجتماعنا فهو للاتفاق على ال "نعم" لبناء لبنان وتقوية الوحدة والتعاضد لحل جميع المشاكل، واعتقد انه من خلال هذه الذهنية ان لبنان المستقل يمكن انشاؤه".

كما القى السيد حسن نصر الله كلمة قال فيها: "لقاؤنا اليوم مع سيادة العماد عون هو لقاء منطلق منذ وقت طويل، وقد حرصنا على ان لا يكون اللقاء بروتوكولي فقط ومجاملات على الطريقة اللبنانية. انه لقاء تأسيسي حقيقي للتعاون بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" قائم على التفاهم ورؤية ومنهج".

 اضاف: "كانت هناك لجنة مشتركة بذلت جهدا وانجزت مسودة تم اقرارها. نحن تياران نلتقي على رؤية ونتعاون على اساسها وهدفنا هو سيادة لبنان وحمايته واستقلاله وحريته، وبناء الدولة التي تحمي الجميع وترعاهم وتحل مشاكل البلد، دولة قوية قادرة تملك شجاعة ان تتحمل المسؤولية ولا تلقي التبعات على الاخرين ودولة مبادرة صاحبة قرار ومشروع".

واردف: "نحن نلتقي اليوم ونعتبر اللقاء بداية ممتازة جدا لعلاقة بين تيارين لبنانيين وطنيين كبيرين، وهو ليس لقاء تعاون في مقابل احد انما هو دعوة للاخرين، خصوصا ان الجنرال كان يصر على طاولة مستديرة، ان نجلس ونتفاهم ونتحاور لبناء البلد بعيدا عن لغة الشطب والالغاء والحذف وتجاوز اي شريحة لبنانية او تيار لبناني اساسي في البلد ويمكنه اعطاء قوة واضافة للبلد، وهو ان شاء الله لقاء مبارك خصوصا بعد الظروف والتي مررنا فيها من احداث يوم امس مما يعطي طابعا مختلفا. اتفقنا على الموعد منذ ايام لكن اللقاء في هذا المكان في "كنيسة مار مخايل" يؤدي الرسالة المطلوبة".

وفي حوار مشترك مع الصحافيين، وردا على سؤال حول موضوع سلاح المقاومة، هل هو باق ومرتبط بحماية لبنان، وهل الموضوع متفق عليه وفق هذا الشكل؟ قال السيد نصرالله: "هناك مشكلة ما تزال قائمة لها علاقة بالمزارع والأسرى. وهناك موضوع التهديد الاسرائيلي للبنان. كيف نحمي لبنان وما هي الوسيلة والاستراتيجية الكفيلة بحماية البلد، وهنا يتقرر موضوع سلاح المقاومة".

وسئل النائب عون: تقولون جنرال أنكم تريدون استرجاع المال العام المنهوب، من الذي نهب المال العام، هم موجودون في السلطة وهذا بند غير قابل للتنفيذ؟ أجاب: "هل السلطة تخيف؟ السلطة بيد الشعب والشعب تم التغرير بالنظام الديموقراطي، هناك تجديد للسلطة وبناء للرأي العام، وإذا كان الرأي العام سيقر الفساد ويجدد للفاسدين، فليتحمل المسؤولية ولا يبكي آخر الشهر لأنه لا يملك القسط، أو يذهب على السفارات لنيل تأشيرة للهجرة. ونحن لسنا دكتاتوريين لاعتقال الناس وايقافهم الى الحائط، بل نحن ديموقراطيون نطالب بتحقيق مالي لتحديد أسباب الهدر والسرقة. فلماذا لا يتركوننا لنطالب بشكف حساب وليتحمل السارق مسؤوليته، ومن لم يسرق نعلق له وساما للأمانة. ما هو المستغرب في مطالبة الشعب بحقوقه؟ لا يمكن التحديد مسبقا قبل التحقيق المالي لأن ذلك سيعني أن لنا عدو سياسي نسعى لتصفيته، نحن لا نريد تصفية أحد بل نريد معرفة الحقيقة".

سئل: ورقة التفاهم هي ورقة عامة لبناء الوطن، لكن هناك قضايا آنية واستحقاقات قادمة أبرزها الانتخابات الفرعية في بعبدا - عاليه، هل سيكون هناك تعاون؟ وبالتالي تعاون لتهدئة الأجواء والفتنة التي كادت أن تقع؟ أجاب العماد عون: "بعد أحداث الأمس، أردنا أن نقدم الوجه الآخر مع التأكيد على موعد اللقاء محدد مسبقا، وهو وجه يقمع الفتنة ونحن لها بالمرصاد، ومهمتنا توعية الرأي العام وهو ما قمنا به بالأمس كي لا يحصل الخطأ حتى من قبل المتضررين لأننا كدنا نصل الى وضع أبشع "عين الرمانة" بداية الحرب الذي "ينذكر وما ينعاد". اضاف: "بالنسبة للانتخابات ليس موضوعا ضمن الورقة، ولكن بالطبع أي تقارب وتفاهم سياسي يؤدي كنتيجة الى تفاهم انتخابي ولن نكون بعيدين عن بعضنا البعض في هذا الموضوع، وإن لم يبحث هذا الموضوع بالتفصيل لأنه لم يكن موضوع الاجتماع".

سئل: "هل الموجودون في اسرائيل لم يعودوا عملاء؟ وما هو ردكم على احتمال اتهامكم بالدخول في الحلف السوري - الايراني؟ اجاب النائب عون: "اعتقد ان المسيحيين ناضجين كفاية وخيارهم واضح، وهو خط وطني وضمن اطار الحوار والتفاهم, وهذه الورقة التي قدمناها ليست هي بتحالف، لا مع سوريا او ايران، بالعكس نحدد علاقات طبيعية وسليمة مع سوريا وايران ليست مذكورة, بالعكس ورقة استقلالية تماما.

في الاستنتاجات، كل الناس تريد ان تتكلم بالذي تريده, ولكن نحن نحاسب على المضمون وعلى نوايانا التي هي لا تتخطى حدود لبنان, نحن نصنع وحدتنا الوطنية بتفاهم حول نقاط محددة, أذن المسيحيين سيبنون توجههم السياسي بشكل سليم وبعيد عن اي التباسات".

وقال السيد نصرالله: "بالنسبة لموضوع التحالف, نحن لم نستخدم هذا المصطلح "العملاء"، واعتقد نتيجة الذي حصل في لبنان في الاونة الاخيرة, كلمات لم يعد لها مداليل وطنية وصحيحة. نحن نتكلم عن تعاون قائم على اسس واضحة وميزة، هذا التعاون هو لمصلحة البلد ومبني على نص مكتوب. انا هنا اريد ان استحضر يوم التحالف الرباعي, حصل اكثر من جلسة, ويوجد افكار سياسية تم الاتفاق عليها، ولكن بالنهاية كله شفهي، ووصلنا الى اليوم وقبل اصلا، لم يكن هناك تحالف رباعي، لا يبنى بلد بهذه الطريقة. نحن الان لا نقيم تحالف في مواجهة الاحلاف. انا اقول ان هذه الورقة تعبر عن رؤية مشتركة، بطبيعة الحال نحاول ان نبحث عن مشترك بين فكرتين وبين ادبيات طرفين, يعني اذا اخذ هذه الورقة ابن "التيار الحر" يمكن ان يرى شيئا جديدا، واذا اخذها ابن "حزب الله" يرى شيء جديد عليه ايضا. وبالنهاية لن نستخدم ادبيات طرف دون طرف, نحاول الجمع بين فكرتين وبين ادبيتين حتى نوصل باننا اللبنانيين قادرين من خلال حوار ونقاش، ان نتفاهم حتى على قضايا اساسية او حتى على قضايا جديدة, ولذلك بالنص الذي له علاقة بالشباب الذين هم في فلسطين المحتلة, لم نقل عملاء او غير ذلك، يعني تجاوزنا الموضوع وتعاطينا مع الموضوع ضمن خطابي تمت الاشارة له ضمن مناشدة العماد عون، ويقول العائلات تعود، ليست هناك مشكلة والشباب الذين تورطوا لا نريد عائلاتهم ان يتعلموا العبري ولا تطبيع وجودهم وتبقى على ارض العدو. نريد ان يعودوا الى ارض الوطن, واجدد هذا النداء. والشباب الذين تورطوا بالعمالة ان يسلموا انفسهم الى القضاء اللبناني, والقضاء اللبناني رأينا كيف تعاطى مع الذي سبق.

العماد الجنرال يؤكد اخذ الظروف الاجتماعية والسياسية والامنية بعين الاعتبار، وهذا ليس فيه اي مشكلة, ونقول الامور تعالج مع اخذ هذه الامور بعين الاعتبار, بالتالي يوجد قضايا عالقة نحاول علاجها, لماذا بسياق الطرفين؟ لانه يمكن هذه اول محاولة بين جهتين سياسيتين لبنانيتين تحاولان ان تتكلما بكل التفاصيل قبل القيام بلقاء مركزي بهذا المستوى، وهذا ايجابي. كنا نتمنى ان نستطيع عمل هذه الورقة وتكون ليس عن اجتماع ثنائي وانما عن اجتماع يضم كل الاطراف".

وسئل النائب العماد عون عما اذا كان اليوم يتحالف مع احد اهم القوى الشيعية على الساحة اللبنانية؟ اجاب: "كلمة تحالف سبق واجاب عنها السيد حسن نصرالله, وهذا ليس بإصطفاف لان المواضيع المطروحة ليست حلف وانما هي مواضيع لبنانية تعني الجميع, الحكومة معنية تماما بالمواضيع التي بحثناها, ويجب ان نهتم بها، وهذا تفاهم طرفين من الاطراف اللبنانية الاساسية على تصور حلول لها, لذلك لا نستطيع القول هذا اصطفاف شيعي-مسيحي, هذا موقف لبناني موحد من مواضيع لبنانية شائكة مطروحة والجميع مدعو للمشاركة فيها. نحن لا نقول اننا نحن "حليناها" ونفتح حرب لتحقيقها، لان الطرح الذي طرحناه ليس ضد سياسة الحكومة، يمكن ان الحكومة لم تستطع اي تصور مشترك, نحن وصلنا له "ونعزمها" ان تشارك فيه وتطبقه".

وسئل السيد نصرالله: انت حليف اليوم ؟ ... الا تتخوف من هذا الموضوع؟ اجاب: "انت مصرة على كلمة حليف, حلف وتحالف. انا قلت قبل ايام, وقلت تحالف رباعي "ما عاد في"، نحن نريد ان نعمل من موقع التعاون لذلك تكلمت عن تعاون مع "تيار المستقبل"، عن تعاون مع "تيار الوطني الحر" وعن تعاون مع بقية القوى السياسية, ونريد ان نتجنب حلف واحلاف لانها توحي بالاصطفافات وتوحي بتشكيل جبهات. وكما قال العماد نحن نسعى لتشكيل جبهة تحت تيارين نلتقي، وحقنا الطبيعي ان نلتقي. كان يجب ان نلتقي منذ زمن, تأخرنا حتى التقينا, لكننا انهينا هذه الورقة, واليوم عندما نتعاون نحن والعماد و"التيار الوطني الحر" وهذا لا يلغي تعاوننا مع بقية الاطراف السياسية التي قد تتفق مع العماد عون او تختلف، وهذا لا يلغي تعاون مع تيارات سياسية اخرى قد تتفق معنا او تختلف. لا نعمل اصطفاف".

وسئل النائب عون:: دائما يوجد دعوات توجه لكم من قبل قوى الرابع عشر من اذار ويناشدوك العودة, هل سيؤثر لقاء اليوم على موقفكم بالنسبة الى هذه المناشدات, وهل سيؤثر هذا الاجتماع ايضا على لقائكم المرتقب والمتوقع مع النائب وليد جنبلاط؟ اجاب: "بالتأكيد لقاءنا اليوم ليس موجه، ونكرر ليس ضد احد او ضد 14 اذار, واذا كان هناك شيء بالفعل يمس بلبنان سنكون نحن و 14 اذار وسماحة السيد في نفس الخندق، خندق الدفاع عن لبنان، وهو لكل اللبنانيين، اما اذا كان يوجد تناقضات سياسية لا بأس، هذا من صلب الحياة الديموقراطية، وهذا الشيء يستوجب علينا سلوك سياسي معين ليس كل ما في 8 اذار كما يقال، نحن موافقون عليه مئة بالمئة، وليس كل الذي في 14 اذار موافقين عليه مئة بالمئة، هناك نقاط التقاء قوى وهناك نقاط تفاهم وهناك مزيد من التعاون لحل بقية المشاكل ولكن باسلوب الحوار وضمن مبادىء الديموقراطية التي ارتضيناها لوطننا لنظامنا. اذن هذا غير موجه ضد احد، ومستعدون ان نخرج من هذا الاجتماع ونذهب الى اجتماع اخر، لكن لنا ثوابتنا ومبادءنا وكل واحد ننسجم معه وينسجم معنا باسلوبنا، ومستعدين للتوافق معه، ولكن لا يتناقض مع التوافق الذي طرحناه اليوم لانه بالنسبة لنا تعبير عن سلوكنا وتعبير عن تفكيرنا وتصورنا الا اذا صار تعديل، وقتها يكون تعديل سياسي مع طرف آخر والطرفين المشتركين في هذه الورقة، وهناك رسائل متبادلة من قبل الاطراف المعنيين في هذا الشأن".

وسئل السيد نصرالله: هل ترون في اجتماع اليوم ان توجهوا رسالة دعم الى الجنرال عون يوصله مرشح الى رئاسة الجمهورية؟ اجاب: طبعا في اللقاء لم يتم التعرض لموضوع رئاسة الجمهورية لا العماد عون تكلم ولا نحن هذا الموضوع، لكن في احدى المناسبات قلت موقفا واضحا وانا عنده، وهذا موقف حزب الله. نحن نرى في العماد عون مرشح حقيقي وجدي لرئاسة الجمهورية ويملك الاهلية الذاتية والشعبية لهذا الموقع، عندما نصل للانتخابات نتكلم ونتفاهم".

وسئل عون: جنرال هل تعتبر نفسك اليوم قدمت الضمانة لكل الهواجس؟ وكان هناك اليوم بيان شديد اللهجة من قوى 14 اذار اتهموا فيه الوزير فرنجية بايواء الجماعات الاصولية هل ستدافعون عنه؟ اجاب: حدث الامس له اثر سلبي على المجتمع اللبناني بطرفيه الاسلامي والمسيحي، فالاول استنكر والثاني كان في موضع اعتداء الاستنكار يطمئن، لكن من الناحية المادية والاجراءات المطلوبة من الحكومة هي اولا تحميل المسؤولية للاطراف التي ارتكبت التخريب والاعتداء، وبالتالي هناك المسؤولية السياسية التي تتحملها الحكومة بالاستقالة او على الاقل باستقالة بعض الوزراء. طمأنة المسيحيين تأتي بداية من سلوكهم السياسي قبل سلوكهم العسكري. وطالما نحن مؤمنون بالدولة فنحن مستعدون للبدل عن السلطة الحالية اذا كانت لا تتحمل مسؤولياتها، ونقوم بتأمين جميع اللبنانيين وهذه مسؤولية من في السلطة، مع الالتفات الى انني ضد الامن الذاتي على الاطلاق الا اذا اعلنت الدولة افلاسها، ثم نفشل بعدها بمسك الامن، عندها فليقل كل لبنان بان له الحق في الامن الذاتي".

وقال السيد نصرالله: منذ الامس حذرنا قبيل اجتماع مجلس الوزراء طلبنا عدم توجيه اتهامات واحكام مسبقة قبل التحقيق، واكرر ان من علامات العجز والفشل هو القاء التبعة على الاخرين. يحصل حادث امني او الحادث الخطر الذي حدث في الاشرفية والذي استهدف اهلنا واحبائنا، قبل معرفة طبيعة الموضوع، وهل هناك من دخل على الخط، فقد قلت امس بوجود فرضيتين هذه احداهما اما ان التظاهرة شابها الخلل نظرا لعدم وجود ادارة، وفي حال الغضب " فلت" الشارع وهذا ليس اول شارع "يفلت". اضاف: "المؤسف انه منذ سنة والى الان انه مع كل حادث وقبل التحقيق والمعطيات تكون الاتهامات جاهزة مسبقا ويتم توظيف الاحداث سياسيا، وهذا خلافا للانصاف والعدالة ولا ادافع عن احد ولا اقول هل من فعل هو سوريا أم لا، ما أقوله، ان يحصل تحقيق شفاف ومهني وصحيح لنعرف ما الذي حدث أمس وكان يمكن أن يخرب البلد ويمكن أن يحصل في أي وقت آخر.

نحن (حزب الله) سنقوم بتظاهرة في الضاحية الجنوبية بعد أيام، فإذا كان الأمر أن تظاهرة خرجت عن الحدود لنقم بضبط تظاهرتنا، وإذا كانت هناك جهات دخلت على الخط نريد التنبه لنعرف ما الذي علينا فعله. للأسف الشديد هناك اتهام مسبق دون دليل أو معطيات، وتوظئف لكل حادث حتى المأساوي، توظيف لدماء وأرواح في سياق معركة سياسية. رأينا كم يبلغ عدد اللبنانيين في التظاهرة، وعدد السوريين والفلسطينيين، ولنر عدد الموقوفين، وموضوع التحقيق سنتابعه ونريد تحقيق شفافا. بعض المعلومات التي وصلتنا بين الأمس واليوم تشير الى أن التحقيق ليس مهنيا، هناك عمل لتركيب اتهام باتجاه معين. هذا موضوع لا يجوز السكوت عليه لأن فيه تضييعا للحقيقة وللبلد، وكلنا نعلم انه عندما تضيع الحقيقة يضيع البلد.

وتوجيه الاتهام للوزير سليمان فرنجية بدون دليل في السياق نفسه، الذي يحصل ويبدو وفق الجدول انهم كانوا ينتظرون حدثا لتصفية الحساب مع سليمان فرنجية. نحن لا نقبل تصفية الحساب مع أحد ظلما وعدوانا، ما هي علاقة سليمان فرنجية بما حدث أمس؟.

سئل العماد عون: كنت تهاجم الحكومة على الدوام وتطالب باستقالتها، اليوم حزب الله حزب أساسي من هذه الحكومة، وربما يفسر البعض ان ما يحصل فيه ازدواجية بالتعامل مع الحكومة.

سئل السيد نصر الله: أين موقع التحالف مع حركة أمل من هذا التفاهم اليوم، وأين موقع التحالف السياسي بين الحزب والحركة من هذا التفاهم على الصعيد الانتخابي خصوصا مع تلميحكم للانتخابات المبكرة؟

أجاب النائب عون: لا يوجد تناقض، قد قلنا منذ البداية اننا لسنا متفقين على كل شيء ولسنا مختلفين على كل شيء. هذه وجهة نظرنا بأن على الحكومة أن تستقيل، ووجهة نظر حزب الله ربما هي البقاء في الحكومة. نحن معنيون بالورقة التي وضعناها وإن شاء الله نتعاون لحل المزيد من النقاط العالقة ونحن نتحدث بكل شفافية.

أجاب السيد نصر الله: موضوع أمل وحزب الله لا يتأثر، بل بالعكس فإنه يتعزز، وأنا أعلم بوجود تواصل بين الأخوة في حركة أمل والتيار الوطني الحر، وربما يخرجان بورقة مشابهة أو ورقة أخرى أطول أو أقصر لكن لا يتنافى الموضوعان في كل الأحوال. بالنسبة للانتخابات المبكرة تحدثنا عنها الجنرال ونحن، ثم بعد عشرة أيام ردوا علينا بأنهم جاهزون للانتخابات المبكرة، ثم قالوا لماذا نجري انتخابات مبكرة فنحن أكثرية في مجلس النواب على كل حال، نحن لا نفرض قرارنا على أحد والانتخابات المبكرة بحاجة الى قرار من مجلس النواب، ولكن أعتقد ان انتخابات بعبدا- عاليه قد تكون شكلا أو صورة قبل الموافقة على انتخابات مبكرة أو لا.

سئل النائب عون: بالنسبة لسلاح المقاومة هل تعني اسقاطا كاملا للقرار 1559؟

وللسيد نصرالله: هل هذه الوثيقة يمكن توسيعها لتشمل قوى أخرى؟

أجاب النائب عون: الفقرة حول المقاومة لا تعني إسقاطا ولا عدم إسقاط، بل تعني ان هذا الشأن يجب بحثه لحل القضايا العالقة بما يخدم المصلحة اللبنانية، بل هي شأن وطني يتم بحثه ضمن مصلحة لبنان.

أجاب السيد نصر الله: الوثيقة معلنة واللبنانيون اليوم اطلعوا عليها، وأي قوة سياسية وتيار سياسي يوافق على مضمونها يمكنه أن يتقبلها، فنحن لا نعلن جبهة وندعو للانضمام اليها، وإذا كانت لهذه الوثيقة امكانية أن تشكل رؤية يلتقي عليها عدد كبير من اللبنانيين لماذا لا؟ ويمكن أن يجري الحديث في شأنها مستقبلا، ونحن عندما وضعنا هذه الوثيقة لم يكن الهدف تشكيل جبهة لندعو الآخرين اليها.

سئل: هل يمكن القول ان مجموعة أساسية في 14آذار مع مجموعة أساسية من 8 آذار التقت في 6 شباط وأسست لورقة وتفاهم أولي، وهل يمكن تشكيل لجان بما يعني بعض القضايا، المعتقلين في سوريا أو في سجون العدو الصهيوني، وبالنسبة للحديث عن تركيب اتهامات، ما صحة ما ذكر منذ الأمس؟

أجاب السيد نصر الله: يمكن التوصيف كما تريد، ونحن لا نقوم بانتفاضة، واذا كان القول ببداية انتفاضة ايجابية لأننا ندعو الى الحوار والتواصل والتفاهم والنقاش في نقاط الخلاف حتى التي نختلف عليها لا أن نذهب الى الاتهام والتخوين والتحريض والخطاب السياسي المتوتر الذي يضع البلد على فوهة بركان.

أي حدث في جو طبيعي يكون محدودا، واذا وضعناه في سياق غير طبيعي يمكن أن يخرب البلد. كل ما نقوم به اليوم هو اننا كلبنانيين لا خيار لنا إلا أن نكون معا ونتفاهم ونكون شركاء، هذه هي الرسالة التي نريد ايصالها.

بالنسبة الى المعطيات حول الموقوفين لا أتحدث عن معلومات خاصة فهناك معلومات يجري تداولها انه تم اعتقال عدد من العمال السوريين في منطقة الكولا وانه تم اليوم القيام بجولات ولست متأكدا منه، وسمعنا انه تم اعتقال عمال سوريين من ورش بناء. بالتحقيق ماذا يقال لهم وما الذي يحصل معهم لا أعلم. الطريقة ذاتها تجعلنا نضع علامة استفهام عما اذا كان هناك أحد أخذ قرارا مسبقا باتهام سوريا بالموضوع فليواصل ذلك، نحن لا نريد تجهيل الفاعل وأعتقد ان أحرص الناس على معرفة الفاعل هم أهل الأشرفية ونحن حريصون معهم لمصلحة البلد.

سئل: اللبنانيون في اسرائيل، هل من ضمن هؤلاء من قتلوا وشردوا وانتهكوا كل القيم الاجتماعية؟

أجاب السيد نصر الله: لا نقول بعودتهم دون محاسبة مع أخذ كل الأوضاع المستجدة بعين الاعتبار ولا يوجد في النص ما يدعو الى العفو، بل نقول بعودة العائلات وان يسلم الشباب انفسهم للقضاء اللبناني وهو الذي يتصرف وقد راينا ذلك مع من سبق منهم.

س: من المعروف علاقتكم القوية مع سوريا فهل سيكون في المستقبل لقاء بين الجنرال عون والرئيس بشار الاسد؟ هل تنصح بهكذا لقاء؟

 ج عون: بدأنا بالفرضيات.

 ج السيد نصر الله: كل شيء ممكن, نحن في الورقة نتحدث عن علاقات ممتازة وطبيعية بين لبنان وسوريا وهذا قدر لا يمكن الهرب منه وهي ارادة ومشيئة ايضا. العماد عون والتيار الوطني زعامة اساسية في البلد، وسوريا لديها صداقات وعلاقات، ومن الطبيعي ان يكون هناك اتصال وحوار بين كل اللبنانيين، وما نطمح اليه هو الرقي بالعلاقة مع سوريا الى مستوى دولتين وحكومتين لكن كل شيء يحصل لخير البلد.

س: ما هي الضمانات لتطبيق التعاون وفي السابق تحالفتم مع جنبلاط؟

ج السيد نصر الله: ما كتب نراهن فيه, الاجابة حساسة, وقد تحدثت ان بيننا وبين العماد عون عنصر رئيسي هو الصدق والشفافية, كن صادقا معي وقل بأنك تريد نزع سلاحي بعد سنة، انما كن صادقا وقل انك في الموقف الفلاني، انا مختلف معك بالاساسيات او في التفاصيل. المهم ان نكون صادقين مع بعضنا البعض . وضعنا نصا واضحا وتحت الضوء وليس مخفيا, وقلنا اننا ملتزمون به واعلناه للبنانيين مباشرة، وكلا القيادتين تملك الصدق والشجاعة للالتزام بها تعهدت به.

 

من يحتاج لجيش دفاع ولحركة مقاومة، ومن يحتاج للتبييض من  وصمة الإرهاب؟

060208- اجتمع المكتب السياسي في التنظيم الآرامي الديمقراطي - السويد لبحث التطوّرات الخطيرة التي توالت في الفترة الأخيرة والمنسوبة الى ردود الفعل على المنشورات الصحافية الدانمركية والمتعلقة برسوم كاريكاتورية تتناول المسلمين ونبيّهم. يهمّ التنظيم أن يعلن للرأي العام موقفه من تلك الأحداث لما فيها من معان هامة وتداعيات خطيرة على شعوبنا المسيحية في مواطنها المشرقية وفي الإنتشار.

لقد عانى شعبنا الآرامي المسيحي الأمرّين في الشرق الأوسط عامة من جراء الحروب الإسلامية الجهادية ضده. فكلما نادى قيادي إسلامي بالجهاد دفع شعبنا الثمن. وما يزيد الشر والبلية هو أن القياديين المسلمين من دينيين ومدنيين لا يتورّعون عن حقن الشعب العادي بالحقد والعداء للأديان الأخرى، إذ تنطلق صيحات الإنتقام تارة عن المنابر الدينية وطورا عن المنابر السياسية مما يمنع العقلاء من لجم نيران الحقد من أن تنصبّ على شعبنا المسيحي الآمن، الذي جرّده الشرع الإسلامي من أدوات الدفاع عن النفس، تحت شرعية نظام أهل الذمة أو تحت شرعية اتفاقيات ذمية حديثة على شاكلة اتفاق الطائف في لبنان.

هذه الحالة السياسية الممتدة الى عصرنا والمتخلفة في تركيبها والتي تخوّل الرعاع من التهجم على السكان الآمنين في أوطاننا المشرقية كافة لا تتوافق مع العصر الحديث. فاليوم، حين نرى المسلمين يأتون الى الغرب المسيحي ليعيشوا فيه كمواطنين كاملي المواطنية والحقوق او لينالوا العلم والتقدم، نرى في المقابل المسيحيين في أوطانهم، وقد تسلّط عليها المسلمون بالغزو الديني، يخضعون لإنتقام الرعاع من الجهاديين يمارسون أشنع الجرائم بحق السكان العزل، دون أي رادع قانوني أو أمني أو سياسي. فنسأل إلى متى؟

إن الشعب المسيحي قد ضاق ذرعا من قرون عديدة، بهذه المظالم المتكررة التي لم ولن تعرف حدودا لهمجيتها. إن التاريخ يرزح تحت ثقل شهدائنا المسيحيين المشرقيين. إن تعرّض المسيحيين لهذه المظالم المتكررة يتحمّله القياديون الإسلاميون. فهم من يحقن عقول ما يسمى بالشارع المسلم بمفاهيم، إذا ما تعرضت للاحتكاك، تسببت في حصول ما يحصل من هجومات عنيفة سرعان ما "يكتشف" عقلاؤها أنها كانت مضرّة بالتعايش السلمي وبأبسط شروط المجتمع الإنساني بينما يستنتج مجانينها أنها وسيلة ناجحة للتوسّع. لذلك، فليسمح لنا القادة من المسلمين، ولو أنهم اعتذروا بعد الخروقات، أن نقول لهم إنهم هم وحدهم المسؤولون عن التطرّف، وإن الإعتذار يفيد لو أنه ينذر بالتغيير. ولكننا، وقد عايشنا هذه الحالة منذ قرون، فإن الإعتذار لا يوحي مطلقا بأن شيئا ما سيتغير لما فيه الأفضل بعد كل فوعة.  فعلى القياديين الإسلاميين أن يكونوا صريحين معنا: فإما أن الإسلام هو ضد سيادتنا وحريتنا وكرامتنا نحن المسيحيين، فنسعى الى إنشاء كياننا السيد الحر المستقل الرادع. وإما أن الإسلاميين الجهاديين مخطئون بحقنا عند تعديهم على أمننا وسلامنا وأرواحنا وممتلكاتنا، فيكون على تلك الأمـّة عندئذ أن تراجع حساباتها وتصحح وضعها السياسي التاريخي معنا وتفهم أولئك الجهاديين أنهم هم الظالمون وأن عليهم إعادة أوطاننا لنا.

وعليه فإن التنظيم يهيب بالعلماء المسلمين أن يقفوا وقفة واضحة ضد هذه الجرائم وإلا اعتبرنا اعتذارهم للأستهلاك اليومي فقط. فليس من واجب المطران عودة أن يوضح أن هذه الخروقات "تتعارض مع الإسلام"، ولا يكفي أن يقولها قيادي مسلم أمام شاشة التلفزة بعد وقوع المصيبة بل يجب أن يسعى الى تغيير الخطاب الديني والسياسي اليومي بشكل يتناسب مع منطق الاعتذار التلفزيوني.

إن التنظيم الآرامي الديمقراطي يهيب بالشعب المسيحي وبقيادييه أن يعوا أن المصير لا يـُربط بتصاريح فارغة، أكانت صادرة عن قياديين مسلمين أو من زعماء مسيحيين. إن المصير والمستقبل منوط بتوفير شروط واقعية لتأمين مستقبل لشعبنا في بلاده، مختلف عن النمط الذي عايشناه منذ العصور الذمية والى اليوم. وهذا لا يتأمن إلا بالسياسة الواعية المحاسبة للقياديين، وبتأمين التضامن الدولي ضد قوى الشر التي تريد استمرار الإرهاب بحق شعبنا. وعلى الأخصَ، بدعم هذا التضامن الدولي عندما حصوله، لا خذله.

وهنا لا بد لنا من التطرق الى آخر مبتكرات السياسة الإنبطاحية الذمية وسياسة الدجل والتذاكي (سياسة الشيطان وحماره) على طريقة ما يفعله النائب ميشال عون، الذي من أجل أن يستجدي مواقع سلطوية ومن أجل مكاسب أخرى منها الظاهر ومنها الخفي، يوظّف نفسه في خدمة تبييض الرصيد الإرهابي لحزب الله. لقد نبّهنا في بياننا السابق الى حاجة حزب الله للتلطّي خلف ذمّي مسيحي من أجل حماية رأسه من الغضب الأمريكي، وإذا به يتلقّط بطريدته ميشال عون، فيؤمّن له هذا المتزعم غطاء مسيحيا يلتحف به الى حين مرور العاصفة. هنيئا للتعايش السلميّ! يقتلك في قوّته وتحميه في ضعفه.

إن التنظيم الآرامي الديمقراطي يدعو الشعب المسيحي المثقف والأبيّ أن يتنبه الى المطبات التي قد يوقعه فيها زعماؤه عند حشرتهم، عن ذكاء مجبول بنوع من الغباء. لقد طنطن ميشال عون العالم بأن القرار 1559 هو نتيجة مساعي اللوبي اللبناني خاصته لتحرير لبنان. وإذا به يرمي بالقرار في مزبلة حزب الله بشكل يثبت للجميع أن دوره في صناعة هذا القرار كان ثانويا إن لم يكن معدوما، لأنه لم يفهم دور القرار ولا قيمته. وحزب الله يعرف هذا الأمر تماما وها هو يحاول أن يستفيد من ذلك. مما يذكّر بالخسارة القومية لدى إخفاق امين الجميل في نشر اتفاقية 17 أيار 1983 التي كلفنا الغاؤها قيام دولة حزب الله، وقد ثبت أن اتفاقية مهندسها قائد من عيار بشير لا يمكن لشخص من عيار آخر أن ينجزها.

أن جماهير 14 آذار وثورة الأرز أدركوا مصلحة الوطن في رفض شرعنة الإرهاب فدعموا تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 بالكامل. وهذه الجماهير يمكنها أن تخذل أي متزعم يتاجر بالمكتسبات الوطنية التي دفع المواطن ثمنها من أمنه وصحته وحياته. إن من انتمى الى تيّار وطني حرّ، معرّضا حياته وصحته وأمنه واستقراره لمواجهة قوى الإرهاب التي تسلّطت على قرار لبنان، لن يتخلى عن تنفيذ القرار 1559 من أجل الإستمرار في حركة تتحوّل تدريجيا الى تنظيم لا يجمعه سوى لون البرتقال. إن الشعب اللبناني أظهر في ثورة الأرز أنه يعرف ماذا يريد من ثورته، فتظاهرة 14 آذار كانت النقيض الرافض لتظاهرة حزب الله في 7 آذار. إلا أن السيد عون يبدو أنه محاط بدائرة توحي إليه بأن الشعب في جيبه، يسوقه من اليمين الى اليسار كما يساق الغنم. يجب أن يفهم عون ومهندسوه أن الشعب المسيحي غير مستعد لدفع ضريبة الميغالومانيا مرة أخرى. هذه الميغالومانيا العونية أدت في السابق الى سقوط المسيحيين من الدور السياسي اللبناني، فهل سنسمح لها اليوم باسقاطنا من الدور السياسي الدولي؟

إن المساعي التي بذلها وما زال يبذلها اللبنانيون الأحرار في الوطن والتي أثمرت ثورة الأرز، وفي الإنتشار والتي أثمرت الدعم الدولي الهائل والفاعل المؤدي الى القرار 1559، لن توضع في حساب السيد ميشال عون ليسوق الشعب المسيحي الى فخ إجهاض القرار الدولي من أجل بناء طوق الحماية لميليشيا حزب الله الإرهابية. إن مصير الوطن أهم من مصير حزب مهما تذاكى مسؤولوه.

أما إذا كان حزب الله يريد أن يأخذنا الى دولة فدرالية الميليشيات، وشرعنتها عبر استعمال تسمية "مقاومة"، فبالنسبة لنا نحن المسيحيين (غير الذمّيين) فليس هناك مقاومة غير المقاومة اللبنانية المتمثلة بالقوات اللبنانية التي لولاها لما تحرر لبنان من قوات الاحتلال السوري في مناطقنا والتي يشرّفها أنها لم توصم بوصمة الإرهاب الدولي. فمبدأ المعاملة بالمثل يجب أن يرضي الجميع: إما جيش وطني لبناني للجميع، وإما سلاح لكل فريق، خاصة وأنه تبين أن جنون الرعاع الداخلي المعادي للمسيحيين يوجب علينا التسلّح منعا للتعدي علينا، لا من اسرائيل بل من جيراننا في الوطن. وهنا، تماما مثل حزب الله، نعدكم بأن نتمسّك بتسمية مقاومة ونرفض تسمية ميليشيا، لأنه ثبت أن علينا الدفاع عن أنفسنا في لبنان عندما يمزح دانمركي مع النبي، فمشروعنا ليس جهاديا متذرّعا بخارطة وهميـّة سورية-ايرانية-حزبلليّة.

التنظيم الآرامي الديمقراطي – السويد

المكتب السياسي