13 تشرين الأول عام 1990 توافقت القوى، محلياً وإقليمياً ودولياً على إسقاط العماد

بقلم/وليد قاطرجي

ها هو العماد يعود ويستذكر أحداث الثالث عشر من تشرين الأول بين محازبيه ومناصريه، عاد ليمسك بالزمام من جديد، منتخبًا ومفوضاً من قبل هذا الشعب العظيم الذي ناضل طويلاً لاستعادة حريته وسيادته ضد الطامعين للنيل من وحدته وكرامته، فانتظره على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، دون أن يفقد الأمل بعودته، كان طوال فترة غيابه حاضراً ولم يغيب عن مُخيلة مُحبيه، كانت شعاراته ُتردد على مسامع كل المتورطين الذين تآمروا ورهنوا إرادتنا الوطنية على مدى سنين الاحتلال، فهؤلاء المتآمرين الذين أنهكوا هذا الشعب بخيانتهم التي بدأت تظهر للعيان بعد اغتيال الزعيم كمال جنبلاط  يعتبرون أنفسهم بأنهم أزالوا تمرداً كان يقوده العماد، ويخجلون من الاعتراف بأن مشاريعهم التقسيمية توافقت مع جميع القوى التي أرادت ابتلاع لبنان وإدخاله سوق المزايدات الإقليمية والدولية، خاصة سوريا وإسرائيل اللتان لا تخفيان مطامعهما.

فهؤلاء الفاسدين يتجاهلون الأزمات التي عانت منها البلاد خاصة بعد الثالث عشر من تشرين الأول عندما أبيحت المؤسسات لعبث الأوصياء والشركاء على السواء فكان الخطف والقتل وسرقة المال العام وامتلاء السجون بالمقاومين الأحرار الذين رفضوا الاحتلال والانحناء، وتضاعف الدين العام، حيث توالت الأزمات الاجتماعية الواحدة تلو الأخرى لتنهار بعدها القيم والمبادئ وُتباح دماء اللبنانيين دون حسيب  لا رقيب.

ها قد مرت خمس عشرة سنة على ما تعتبرونه تمرداً وتتغنون بنتائجه وتعددون إنجازاته، فأين انتم اليوم؟ وأين هم الذين كتبوا أدواركم لتتربعوا على كراسيكم؟ وأين هو العماد الذي قاد هذا التمرد كما تدعون؟ هل نسيتم أنفسكم بعد هذا التاريخ كيف تحولتم إلى دمى يتقاذفها المحتلون تارة من هذا الفريق وتارة من ذاك الفريق، مارستم في العديد من الأحيان ادوار المهرجين لإرضاء صغار الضباط، وحتى النكات والسهرات لم تبخلوا بها، فحسبناكم جاهلين، فلم تتذمروا، إلى أن ظهر ضوء من بعيد قادم من الجهة الغربية للبلاد يوحي بالمتغيرات التي أجبرتكم على خلع ثوب العمالة وارتداء ثوب المعارضة المنقلبة إلى حين، نعم إلى حين وهذا ما تبين بالأمس من خلال تصريح أدلى به أفلاطون زمانه تعليقا على انتحار احد أسياده، فكاد أن يبكي، فتعازينا يا وليد ببك جنبلاط بمصابك الجلل.

أما العماد الذي طالب بانسحاب الجيوش الأجنبية وإعادة السيادة والحرية والاستقلال وخاض من اجل ذلك حرب التحرير منفرداً ضد الوجود السوري الذي ُفرض على لبنان عربياً ودولياً، وعلى الرغم من استخدام احدث الطائرات الحربية لإسقاطه في حرب غير متكافئة، إلا إنه استطاع الصمود ومقاومة الاحتلال حتى اللحظة الأخيرة قبل اللجوء إلى السفارة الفرنسية، فبالرغم من خسارته تلك المعركة، إلا إنه استمر في النضال جنباً إلى جنب مع محازبيه ومناصريه، فخاض حربا سياسية وإعلامية، أسفرت عن خروجهم أذلاء منكسرين، ليعود بعد ذلك إلى أرض الوطن ويفوز في الانتخابات ويصل إلى المجلس النيابي ويترأس كتلة نيابية بفضل إرادة الناس، ودون مِنة الوصي الإقليمي والدولي الذي تناوب على إيصال من يريد من الشركاء في الماضي وما يزال إلى يومنا هذا.

ها قد حل الثالث عشر من تشرين الأول ليشهد تتويج العماد زعيماً وطنياً بتفويض من هذا الشعب الحر العظيم، الذي لن ينسى جرائمكم التي ارتكبتموها بحق الشهداء والأسرى والمعتقلين، دون أن يتحرك ضمير أولئك الشركاء الذين كادوا بالأمس يذرفون الدمع على حاكم متسلط أهان اللبنانيين على مدى العشرين سنة من تاريخهم الأليم.

15/10/2005