نصرالله وستراتيجية الدمار في لبنان

منصور السعيدي -كاتب كويتى
اعترف حسن نصر الله " إنه ما كان ليأمر باحتجاز جنديين إسرائيليين لو أدرك أن الأمر سيؤدي إلى حرب , وقال لو كنا نعتقد, ولو بنسبة واحد في المئة , أن خطفهما سيؤدي إلى ذلك لم نكن لنقدم بالتأكيد على هذا الفعل " , هل يعقل أن يصدر هذا الكلام من شخص يتميز بالحكمة والعقل وعرف عنه الحنكة والذكاء? سوف أفترض أنني إنسان طيب وساذج , وأن الحياة كذلك طيبة وبسيطة وساذجة , وسوف أكون أكثر طيبة , وأنسى أن حسن نصر الله وحزبه الذي يدعي أنه لبناني تربى في حجر الأنظمة الحاكمة في إيران و سورية, سوف أنسى دائما تسفيهه لكفاح بقية فصائل المقاومة اللبنانية , سوف أنسى سيطرته بالسلاح على مناطق كاملة في الجنوب و ممارسته للإرهاب الفكري على سكان تلك المناطق من الجنوب , لن أسأل من أين يحصل على تمويله و لن أتكلم عن تجارة الحشيش في الجنوب و الأسلحة المهربة من إيران و الدعم الماضي و اللوجستى من سورية , و لن أتظاهر بالتعجب من وجود فصيل و حزب عسكري يتلقى تمويلا من دولة أجنبية و يعيش و يعمل داخل الأراضي اللبنانية, سأعمل جاهدا و أنا أحاول أن أنسى حسن نصر الله وهو يتهم كل من يخالفه بالعمالة لإسرائيل, سوف أنسى أن حسن نصر الله لم يكن ذا دور سياسي قوي قبل التسعينات قبل أن يتم اختياره أميناً عاماً للحزب لمجرد خبرته في مجال السمسرة مع النظام السوري والإيرانى, ولن أسأل ما إذا كان خطف جنديين إسرائيليين يساوى حياة اكثر من أربعين مواطنا لبنانيا عند نصر الله أم لا ....? , لن أسأل ما إذا كان نصر الله يهتم بوقف الحال وتراجع السياحة و الاقتصاد اللبناني و خراب البيوت? بالطبع هذه كلها أمور تافهه فالسيد نصر الله لن يهتم بجرسون المطعم الذي مات أبوه في الصباح , و لن يهتم أيضاً بوقف حال تاجر شاب لبناني يبدأ حياته , ولا حياة مواطنين كويتين قتلا في حرب لا ذنب لهم فيها , ونحو أكثر من ألف مواطن لبناني قتلوا خلال النزاع الذي استمر 34 يوما والذي أسفر عن تدمير معظم الجنوب اللبناني , كل هذا مجرد هراء حسنا دعوكم من قول حسن نصر الله بأن حربه هي حرب الأمة! انهاحرب إيران , وأعوانها في المنطقة , ولكن أريد أن أفهم فقط ما هي الهزيمة , وما هو الانتصار?
إذا كان تعريف النصر بناء على حجم الدمار الذي يلحقه طرف بآخر أو حسب حجم المذابح التي ترتكبها جهة ما في حق أخرى أو بالنظر إلى عدد العائلات التي يضطرها طرف للنزوح من بيوتها, فبكل تأكيد إسرائيل هي التي كسبت الحرب , وإذا كان النصر يقاس بتحقيق أهداف عسكرية محددة , فإن الأهداف التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية للعالم , من قبيل استعادة الجنديين وتدمير القدرات العسكرية لحزب الله والسيطرة على الأراضي الواقعة جنوب نهر الليطاني, ظلت تتغير باستمرار.
في نظري الحرب مأساة غير أن هذه الحرب تحديدا كانت من الفظاعة بمكان , لقد زج بالمعتدلين في منطقة الشرق الأوسط في هذه الحرب التي شنها المتشددون, فعادت بالضرر على الجميع من دون استثناء, الإسرائيليون واللبنانيون يبكون موتاهم. كما تضرر اقتصادا البلدين اللذين كانا يشهدان أحسن مواسمهما السياحية منذ سنوات, مئات الآلاف من الإسرائيليين واللبنانيين اضطروا للنزوح عن منازلهم لأكثر من شهر, لقد دمرت أملاكهم وأصيبت معنوياتهم بالإحباط. ومن ثم, فإن الندوب الغائرة التي سببتها الحرب ستظل موجودة لمدة طويلة ولا يمكن محوها بسهولة , كما تحطمت آمال محبي السلام , ورغم أن الحرب قد نالت من حزب الله, فإنه لا يزال يحتفظ بقدراته , لم يؤد وقف إطلاق النار لحل المشكلات العالقة, وبالتالي أتوقع أن يلقى المزيد من اليهود والعرب حتفهم في المستقبل.
هاهو العدو الإسرائيلي يدمر لبنان , في الوقت الذي يختفي فيه السيد حسن نصر الله في مكان مجهول , ليطل علينا معتبرا مجرد صموده انتصارا , وصموده هنا يعني عدم قتله , وهذا يشبه تصور صدام للانتصار في حرب الكويت , حيث اعتبر بقاء النظام انتصارا! فهل كل من يختفي منتصر? إذن هتلر الذي لا نعلم كيف مات أو قتل منتصر , واليابان بعد دمارها منتصرة , والصين القوية كانت متخاذلة لأن هونغ كونغ كانت مستعمرة من بريطانيا ولمدة تسعة وتسعين عاما , مثل عقد إجار منزل في لندن , أي استعمار ايجاري نحن نقتل , وندمر, ونهزم ولا يزال يخرج من بيننا من يقودنا إلى كوارث جديدة, وويل لمن يعمل عقله , لم نر أمة تنهض قبل أن تشخص واقعها , وتسمي الهزيمة هزيمة , والانتصار انتصارا لتعرف أين تذهب وكيف? ما أكتبه ليس بثا للإحباط , ولكنه صرخة للقول أفيقوا من هذا السبات أفيقوا لأجل هذه الأمة التي تذبح مثل الخراف في العيد.
* كاتب كويتى
KUWAIT73@MSN.COM
منصور السعيدي *