انقلاب في الرأي العام يطيح "صورة الجنرال": عندما زرت البترون... وفوجئت!

لبنان الآن  - كاتيا فارس

 

يسهل لمن يدخل البترون ان يلاحظ الحزن الذي يلوح في شوارعها وعلى وجوه المارة من أهلها.

 

كثيرة الأسئلة في البترون حول ما يسمونها "بالجريمة الوقحة"، لكنّ الحزن والغضب بديا أكبر من كل الأسئلة.

 

فلم يتمكن البترونيون من استيعاب استشهاد طيارهم الضابط سامر حنا برصاصة في الرأس من بندقية مقاومة.

 

كما لم يستوعبوا بعض ردود الفعل التي صدرت من شخصيات سياسية وحزبية بترونية حيال الجريمة، حيث يستغرب كثير ممن التقيناهم الأسلوب الفجّ الذي تعاطى به وزير البترون جبران باسيل عندما طلب عدم استغلال الجريمة سياسيا، ويتساءل أحدهم:" هل يريد التيار الوطني الحرّ الذي آمنّا يوما بأنه وطني وحرّ ان ندين الشهيد حنا ونبرّئ القتلة"؟

 

ويتساءل كثيرون لماذا يقوم السيد باسيل وتياره بمحاولة التغطية على هذه الجريمة التي أصابت كل بتروني ولبناني كما أصابت مؤسسة الجيش؟

وروى لنا بعض الأهالي كيف قام أهل خطيبة الشهيد العريس بنزع صور الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله بعدما رفعوها لأكثر من سنة على جدران منازلهم وسط تعليقات تقول: "لا نريد صورهم على منازلنا ولا رصاصهم في رؤوس أبنائنا".

 

ويروي الأهالي فصولا تؤرّخ حول يوم تشييع الشهيد، حيث حضر النائب شامل موزايا ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وانبرى متصدرا الصفوف الأمامية لتقبل التعازي الى جانب أسرة الشهيد، ليفاجئه والد الشهيد المغدور بكلام دوّى في القاعة التي حبس من فيها أنفاسه: "أرجو منك يا استاذ شامل ان تتراجع الى الصفوف الخلفية لأنني أعتقد ان حضورك سيحول دون قيام أي بتروني بتقديم واجب العزاء".

 

ويقول بعض الأهالي أن غياب التيار الوطني الحرّ عن مقدمة عرس الشهيد في البترون سواء لجهة الشخصيات البارزة في التيار او لجهة الفولكلورية البرتقالية التي كانت تتصدر اي حدث عام في البترون كان مؤشرا حاسما على تغيّر كبير في مزاج أهل المنطقة وصولا الى جوارها.

 

وهذا التغيّر بدا واضحا في تنكيس الكثير من الأعلام البرتقالية واسقاط الصور الرمزية لها، كما بدا واضحا في كلام البترونيين وشكواهم، حتى ان البعض تقدم منا من دون ان يعرف هويتنا وسبب زيارتنا للمنطقة، وانهال امامنا بعدما عرف اننا صحافيين بسيل من الشتائم على التيار ورموزه وطلب منا ان ننشرها للرأي العام معنونة باسمه الذي قال انه لا يخجل باشهاره مرفقا بالشتائم لأن الصمت كما قال أصبح مزلة.

 

وأكثر ما لفتنا أن شابا قال انه كان من أبرز المندفعين في تأييد التيار ومرشحيه وانه كان اساسيا في الماكينة الانتخابية في العام 2005، تقدم منا وسألنا:"في وزير اسمه جبران باسيل بتعرفوا من اي منطقة"؟

 

كان غضب الشاب المندفع باديا في لهجته وطريقة حراكه، وطلب منا ان ننقل صورة البترون الى كل لبنان، قائلا: "البترون لن تسكت، البترون ستحاسب وستردّ على الرصاص بالكلمة الحرة والتصويت الحرّ".

 

على العموم، كان المشهد سورياليا، منطقة تنقلب بين ليلة وضحاها، رأي عام يتغيّر كما في بورصة الأسواق الاقتصادية، انقلاب أبيض نتيجة لحدث أسود.

لم تكن هذه البترون التي زرتها شخصيا من خمسة أشهر مضت، بل كانت مدينة أخرى تروي قصة مختلفة عنوانها: شهيد عريس غيّر بدمائه كثيرا من معالم البترون وألوانها...وخرجت بانطباع واحد بعد زيارة البترون: لقد فؤجئت.