إلـــى الجـنرال عـون

داليا عبيد

 

اصيب النظام السوري واصيبت معه المعارضة اللبنانية بعارض التلطي غير القابل للشفاء.

فالنظام السوري يتلطى متشدداً وراء أصدقائه في لبنان أمثال عون و"حزب الله" وبري ووهاب وسعد وكرامي وفرنجية لايهام الجميع وخاصة النظام العربي بأن سوريا ما عادت تهتم بالتدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية وعرقلة الاستحقاق الرئاسي بل بالعكس فانها تحاول اظهار النيات الحسنة لتسهيل عملية الانتخاب علماً بان مرشح النظام السوري الوحيد لرئاسة الجمهورية اللبنانية هو الفراغ.

 

ويتلطى "حزب الله" وراء نار التخوين الذي فتحها ويفتحها (كموجة الشتائم التي ساهم فيها اخيراً جمهور تلفزيون "المنار") على رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة هرباً من مواجهة حكومة "وقف اطلاق النار في آب 2006" واشعالاً لمزيد من الفتنة الاسلامية - الاسلامية التي لا تنفك تتأجج يومياً في احياء بيروت المختلطة بين السنة والشيعة.

 

وأيضاً، يتلطى "حزب الله" وتلتحق به "حركة امل" وبالتحديد رئيس مجلس النواب وراء هوس الجنرال ميشال عون بالوصول الى بعبدا لتعطيل التسوية حول الاستحقاق الرئاسي ولاطالة امد الفراغ الذي ينهش ما تبقى من الجسم اللبناني المركب!

 

ويتلطى الجنرال وراء اتهام الحكومة والمطالبة باستقالتها في حال حصول تفجير ارهابي كمقتل النائب انطوان غانم سابقاً ومقتل الجنرال فرنسوا الحاج في بعبدا في صبيحة الذكرى السنوية الثانية لاغتيال النائب جبران تويني وذلك حفاظاً على علاقته اللامرئية والصديقة للنظام السوري الذي وكل وزير خارجيته وليد المعلم كمحام دفاع عن مطالب الجنرال الانفعالي في لبنان.

 

كما يتلطى الجنرال وراء بنود وثيقة الطروحات المسيحية ليرسم ارتباك من اعلن في بداية عودته الى الجمهور اللبناني عن السعي نحو بناء الدولة العلمانية، ومن يعلن بعد عامين من التخبط في عقدة الرئاسة عن طرحه لانشاء حائط فصل طائفي فيديرالي ليكون لبنان نموذجاً عن سويسرا او بلجيكا، وهذه التي تعيش ما يكفيها من مشاكل داخلية، بين المجموعات اللغوية، تهدد مستقبل البلاد، لا تصلح كمثل يحتذى.

 

ويتلطى ايضاً وراء مهمته السامية بتحصيل حقوق المسيحيين المستهدفين والمهمشين والمضطهدين والمحرومين من تسمية رئيس يملأ مكانه في قصر بعبدا بعد ان بقي فارغاً لسنوات عديدة.

 

ولكنه في الوقت ذاته يطبق شعاراته بحماية هذه المجموعة عبر الذهاب الى احباطها وانكسارها وتهميشها اكثر فاكثر. فمن باب التحليل السياسي انطلاقاً من الواقع اللبناني، إن التغاضي عن مصدر التفجيرات المنتظمة في المناطق المسيحية والمطالبة بتعديل اتفاق الطائف عبر طرح صيغة المثالثة بين الشيعة والسنة والمسيحيين بدل المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وتأمين الغطاء لايران وسوريا عبر "حزب الله" و"حركة امل" في لبنان واختلاق الفتن في المناطق ذات الغالبية المسيحية لا تتوافق مع شعار حماية حقوق المسيحيين (و هنا نود ان نعود ونذكر بليل الانتخابات الفرعية وبحملة التهديد والوعيد التي اطلقها الجنرال عون).

كما ان تسلم عون حقيبة المفاوضات التي رماها بري و"حزب الله" في المطب العوني، وايهام الناس بان الخلاف السياسي داخلي، مسيحي، مجرد من البعد الاقليمي، لا يصلح مع شعار حماية حقوق المسيحيين.

 

كما ان التشدد بموضوع الثلث المعطل لاعادة النظام السوري الى دوائر القرار اللبنانية، ذلك النظام الذي همش المسيحيين اثناء مرحلة الوصاية على لبنان عبر نفي الجنرال نفسه وسجن الدكتور سمير جعجع، وملاحقة الناشطين في "التيار الوطني الحر" وفي "القوات اللبنانية" وزجهم في السجون، لا يصلح مع شعار حماية حقوق المسيحيين.

 

ومحاولات الجنرال والاوركسترا العونية رسم سيناريوات لمواجهة المسيحيين صراعاً مزعوماً مع السنة الذين يصورون وكأن لهم نيات مبيتة للهيمنة على موقع الرئاسة الاولى، وذلك مداراة للخوف على موقعه من تسونامي ميشال سليمان اذا انتخب رئيساً للجمهورية، لا يصلح مع شعار حماية حقوق المسيحيين.

وهنا أود ان أستعرض ما جاء على لسان النائب ميشال المر من ان استمرار الشغور في منصب رئاسة الجمهورية، يحرم المسيحيين من المركز الاول المعطى لهم في الرئاسات الثلاث بحيث لا يعود هناك وجود مسيحي في القرارات الكبرى، ويصبح المسيحيون تالياً في تهميش اضافي مما يزيد الاحباط لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين.

 

 لذلك أود في الختام وانطلاقاً من حرص الجنرال عون على حقوق المسيحيين، ان أطالبه بفك تحالفه العضوي والاستراتيجي بالطموح الرئاسي وبالكف عن وضع لبنان في مهب رياح البعث الذين يريد تحويل اللبنانيين أجمعين الى "لاجئين في فندق فينيسيا".

 

داليا عبيد     

عن النهار 19 كانون الثاني 2008