حدثا الأسبوع... الشيعيان

حازم الأمين

 

ثمة حدثان شهدهما هذا الأسبوع يستحقان بعض التوقف عندهما، الأول إقدام علي الحسن الذي كان قبل إقدامه على ما اقدم، ممثلاً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في دورة الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، على القول ان من يعطل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان هو العماد ميشال عون، الأمر الذي أدى الى نفي المجلس الشيعي ان يكون الحسن ممثله في الدورة. لكن ما قاله الحسن، وهو مقرب "سابقاً" من الرئيس نبيه بري، ولا يعرف عنه أي ارتباط او علاقة مع قوى 14 آذار، هو قناعة شيعية مضمرة ومكبوتة. وطبعاً لا جوهر سياسياً لهذه القناعة، ولكنها موجودة في مكان ما من الوعي اللبناني الشيعي.

 

أما الحدث الثاني فهو خروج ابراهيم شمس الدين نجل الإمام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين ورئيس المؤسسة التي تحمل اسمه، عن صمته ودعوته "حزب الله" الى بعض التواضع في علاقاته اللبنانية، والرئيس نبيه بري الى فتح المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما يكشف ان المشهد الشيعي يشهد سعياً داخلياً فعلياً وهادئاً لكسر أحادية تمثيله، من دون ان يعني ذلك ان انقلاباً بدأ يحصل.

 

وبالعودة الى ما قاله الحسن، ثمة قناعة شيعية غير معبر عنها تخترق أحياناً كثيرة الانحياز الى "حزب الله" ولا تتعارض معه، مفادها ان تصدي "حزب الله" لمهمة القيادة الفعلية للمعارضة يحمّل الطائفة الأعباء الكاملة لتعطيل الحياة العامة السياسية والاقتصادية، ولا يخفي المعبرون عن هذه المخاوف في مجالس كثيرة ضيقهم بتوظيف الحزب "ثقل" الطائفة وحضورها في معركة ميشال عون الرئاسية. ما قاله الحسن هو لحظة خروج عن الصمت، ولكنها لحظة مستمدة من شعور حقيقي يمكن رصده في الكثير من الأندية الشيعية، وهو شعور مترافق مع شبه قناعة بأن نجاح ما ترمي اليه المعارضة لجهة "انتخاب ميشال عون رئيساً" أو لجهة تعديل الطائف وإعادة بعض الصلاحيات لرئيس الجمهورية، هذا النجاح اذا تم فلن يكون لمصلحة الطائفة الشيعية. وبهذا المعنى يشعر هؤلاء بأنهم يخوضون معركة غيرهم في التركيبة اللبنانية، خصوصاً ان الثمن الذي تقاضاه "حزب الله" وسيتقاضاه لقاء ذلك، وهو توسيع الغطاء "اللبناني" لمعركته مع إسرائيل، لن يتقاضاه الشيعة في لبنان. إذ من المؤكد ان الشيعة يرغبون في حماية "حزب الله" لكنهم يتوجسون من انفراده في تحديد مستقبلهم.

 

لخروج شمس الدين عن صمته سياق آخر، فهو من دون شك ثمرة من ثمرات الهدوء النسبي والموقت في المواجهة الطائفية، فكلما برزت مرحلة الهدوء هذه، تُتاح لأصوات ان تخرج لتقول انها ليست جزءاً من الموقف العام للطائفة. ولكن، ثمة شرطان لكي يستقيم هذا السياق، الأول عدم إسراع جماعة 14 آذار للاستثمار في هذا الخروج وعدم توظيفه في السجال اللبناني، مع ما يتضمنه هذا السجال من عمى طائفي يساعد على تصوير أصحاب الأصوات المختلفة على انهم منشقون عن طوائفهم وجماعاتهم وأهلهم. أما الشرط الثاني فيتمثل في عدم الرهان على هذه الأصوات لإحداث انقلابات كبرى في المشهد الطائفي العام. فالمطلوب ليس هزيمة الطرف الآخر (وهو أمر غير ممكن اصلاً)، بل الاقتراب من شركاء في الوطن.

 

عن موقع لبنان الآن

الجمعة 14 آذار 2008