خلافاً لعون، حزب الله لا يكذب

بقلم/محمد سلام

     

حزب الله، على نقيض حليفه ميشال عون، لا يكذب.

 

وأسطع دليل على أن حزب الله لا يمارس الكذب السياسي هو أنه لم يعلق على جريمة زحلة.

 

وأسطع دليل على أن ميشال عون لا يمارس إلا الدجل السياسي هو أنه اعتبر أن جريمة زحلة هي مجرد "حادث فردي".

 

من لا يصدق أن صمت حزب الله عن جريمة زحلة هو صدق صاف يكون غبيا، تماما كمن هو غبي من لا يدرك أن توصيف عون لجريمة زحلة هو كذب مصفى.

 

هذا ما يميز بين طرفي وثيقة التفاهم.

 

صمت بليغ من قبل حزب الله عندما يكون الصمت تعبيرا عن موقف يعجز الكلام عن احتماله، وإصرار على الكلام من قبل عون، حتى عندما يكون الصمت بليغا في التعبير عن هول الجريمة، وعمق الجرح.

 

العبرة في صمت حزب الله أنه أبلغ من الكلام في الإعلان عن حقيقة موقفه، وأرحب من الكلمة في التعبير عن جوهر توجهه.

 

العبرة في كذبة عون الأخيرة هي أنها صادقة في محاولة إخفاء اقتناعه بأن جريمة زحلة وقعت لأنه فقد دوره في شق المسيحيين، فلجأ محركه إلى البعثي جوزف الزوقي لشقهم بالدم، هذه المرة.

 

 لذلك لجأ عون إلى تقزيم الجريمة، لا ليدافع عنها وعن مرتكبها، بل لأن عقله "الراجح" يرفض الاقتناع بأنها ارتكبت لأنه سقط في المهمة المكلف بها، وهي شق المسيحيين.

 

لذلك، تفتقت "عبقرية" عون عن أن جريمة زحلة حادث "فردي،" لأنه لو اعترف بأنها أكبر من ذلك، وبكثير، سيضطر للاعتراف أمام جمهوره بأنه فشل في مهمته، وسيضطر إلى كشف حقيقة مهمته أمام جمهوره، وهي شق المسيحيين.

 

العبرة في صمت حزب الله عن جريمة زحلة هي في أن جمهوره فهم مغزى الصمت.

 

والمخيف في كلام عون عن "الحادث الفردي" هو أن بعضهم يصدق كذبه ولا يفهم دوافع الكذب.

 

هل يوجد عاقل على وجه الأرض يصدق أن البعثي جوزف الزوقي قاتل أندريه صليبا في العام 1993، والذي خرج من السجن في العام 2003 ليمضي حكما بالإبعاد عن منطقة البقاع لمدة 12 سنة، قرر، هكذا من تلقاء نفسه، أن يطلق النار مع مجرم آخر يقال أنه شقيقه الموظف في عداد حرس مؤسسة رسمية، على مجموعة من الناس لا خلاف له معهم، ومن دون أي سبب؟

 

هل يوجد عاقل لا يسأل لماذا لم ينفذ الزوقي حكم الإبعاد، وعاد إلى البقاع، وزحلة تحديدا، في العام 2003 بعدما عينه مسؤول المخابرات السورية رستم غزالة في عداد عناصر الحماية الأمنية لنائب زحلة إيلي السكاف؟

 

هل يوجد عاقل لا يسأل نفسه لماذا قال النائب السكاف، بعد الجريمة، أن الجاني أصيب أيضا؟

 

هل رأى النائب السكاف الجاني بعد ارتكاب جريمته؟ وكيف عرف أنه مصاب كما يزعم؟ وإذا كان قد رآه، فلماذا لم يقم بواجبه القانوني بتسليمه للأجهزة الأمنية؟ وإذا كان الجاني قد اتصل به، فلماذا لم يقم النائب السكاف بواجبه القانوني بإبلاغ القضاء أو الإدارات الأمنية المختصة بأن متهما بجريمة قد اتصل به، إما مباشرة، أو بواسطة طرف ثالث؟

 

وإذا كان النائب السكاف يعرف أين الجاني، أو يعرف من يعرف أين الجاني، فلماذا لا يبلغ السلطات بذلك؟

 

وهل قرر النائب السكاف أن يصمت لأن الكلام ... خارج إطار معين غير مباح؟

 

وإذا كان الكلام غير مباح بالنسبة للنائب السكاف، والصمت أبلغ من الكلام بالنسبة لحزب الله، فلماذا لم يتعظ عون ... ويصمت؟

 

ذكرنا عون بمقولته عن "الحادث الفردي" ببدعة حليفه الرئيس السابق إميل لحود الذي تبين له، بعد الكثير من البحث والتعمق والتبصر، أن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا يتجاوز "ضرب رذالة."

 

يبدو أن الحادث الفردي الوحيد في سياق جريمة زحلة هو تصريح عون فقط. كل ما عدا ذلك، من صمت وكلام على حد سواء، هو أكثر من حادث، وأكثر من فردي ... بكثير، ويتصل بالدوافع والنتائج ... وما بعد الجريمة.

 

كل ما عدا حادث تصريح عون يتصل بالجناة، وتهريبهم، وإخفائهم، تماما كما أخفي شاكر العبسي وقتلة الزيادين وقتلة شهداء مسيرة الاستقلال.

 

قد يكون عون هو الحادث الوحيد في مسيرة الاستقلال ... ما تبقى متعمد ... جدا.

 

الثلاثاء 22 نيسان 2008

عن موقع لبنان الآن