أحمدي نجاد ... في لبنان

محمد سلام

الاربعاء 12 آذار 2008

 

النظام السوري ينوي دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للمشاركة في أعمال قمة دمشق في 29 و 30 آذار الجاري.

 

والنظام السوري يلوح بأحمدي نجاد في وجه الدول العربية التي قد تفكر في مقاطعة قمة دمشق، أو خفض تمثيلها فيها، احتجاجا على إعاقة النظام السوري لتنفيذ المبادرة العربية وانتخاب رئيس للبنان.

 

والنظام السوري أبلغ أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى رفضه النهائي والقطعي تأجيل القمة، كما رفضه القطعي والنهائي لأي تسوية للأزمة اللبنانية لا تضمن حق التعطيل لحلفائه في أي حكومة لبنانية، تصيغ قانون انتخاب على مزاجها ووفق مصالحها، وتعطل التعاون مع المحكمة الدولية وتدعو إلى انتخابات نيابية مبكرة على أمل استعادة السيطرة على السلطة التشريعية اللبنانية ... فتستعيد السيطرة على لبنان.

 

والنظام السوري لم يوجه، بعد، دعوة إلى لبنان للمشاركة في القمة العربية الدورية. لكنه سيوجه الدعوة عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، التي ستسلمها بدورها للحكومة اللبنانية الشرعية والمعترف بها عربيا ودوليا كي تقرر من يمثل لبنان في القمة، وماذا يطرح.

 

وحلفاء سوريا في لبنان يقترحون مروحة من الأفكار غير الدستورية لتمثيل لبنان في القمة، تتراوح بين تأليف وفد حكومي ـ نيابي مشترك، أو تكليف العماد ميشال سليمان تمثيل لبنان باعتباره "مرشحا" توافقيا للرئاسة، وإن لم يتم انتخابه بعد.

 

والغالبية اللبنانية، أي تحالف 14 آذار، تنتظر مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة تسلم الدعوة لتبني على الشيء مقتضاه. هل يتمثل لبنان؟ وإذا تم الاتفاق على أن يتمثل، فبمن؟ وماذا يقول من سيمثل لبنان.

 

وسط زحمة هذه الحقائق تتصاعد دعوات لمقاطعة القمة تحت شعار أن المشاركة فيها بغير رئيس منتخب تعني الاعتراف بنظام الدولة المضيفة التي لا تعترف بلبنان كونها تعطل آلياته السياسية.

 

ووسط زحمة الحقائق هذه ضاعت السلطة الحقيقية صاحبة الحق القانوني في بحث وتقرير الموقف من القمة. وهذه السلطة هي المجلس النيابي المقفل منذ 17 شهرا بقرار من رئيسه، دولة الرئيس نبيه بري، رئيس حركة أمل والمفاوض غير المفوض باسم المعارضة التي يقودها حزب الله.

 

وحزب الله، كما حلفاؤه في الثامن من آذار، لا تعنيه كثيرا، بل لا تعنيه على الإطلاق، "مسألة" مشاركة لبنان في القمة العربية، سواء برئيس أم من دون رئيس، وخصوصا من دون رئيس.

 

ما يعني حزب الله، لبنانيا، هو أن يكون لبنان مغيباً عن القمة ... لأنها "عربية".

 

وما يعني حزب الله، فارسياً، هو أن يكون أحمدي نجاد مشاركاً في القمة لأنه بذلك يسجل حضوراً فارسيا في أرفع مؤسسة للعمل "العربي" المشترك، بعدما سجل حضوراً مماثلاً في قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدولة قطر التي تحتضن القيادة العليا للقوات الأميركية في الشرق الأوسط.

 

ما يعني "أمة" حزب الله هو أن يكون أحمدي نجاد في "قمة" دمشق، عاصمة الدولة الأموية، وبعدما سجل حضوراً فارسيا مميزا في بغداد، عاصمة الدولة العباسية، وعاصمة العراق ـ الذي كان حتى العقد الماضي البوابة الشرقية للعالم العربي ـ وسط استقبال حافل من رئيس العراق الكردي جلال طالباني، ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي.

 

علما أن الطالباني والمالكي كانا لاجئين في سوريا منذ سبعينات القرن الماضي وحتى إسقاط البوابة الشرقية للعالم العربي نهائيا في نيسان العام 2003. كما أن المخابرات السورية كانت قد نقلت الطالباني وجماعة ما كان يسمى بالمعارضة العراقية بحافلاتها من دمشق لعقد مؤتمر في فندق البريستول ببيروت في تسعينات القرن الماضي، ولا أذكر، يقينا، ما إذا كان المالكي بين المشاركين في تلك الفعالية النضالية السورية على الأراضي اللبنانية.

 

وانتقال أحمدي نجاد، من بغداد "غير العربية" إلى قمة "العرب" في دمشق، إن تم، سواء بغياب كبار العرب أم بحضورهم، يضعه على أبواب بيروت "البوابة الغربية للعالم العربي" التي ما زالت تصارع كي تبقى قائمة في وجه الحملة الفارسية بعدما حققت حضوراً في حواضر العرب، كما حصل مؤخراً في الكويت على وقع تأبين شهيد حزب الله عماد مغنية على أراضي دولة عربية تتهمه بأنه قتل اثنين من مواطنيها.

 

هل يسعى النظام السوري لإعادة فتح بوابة بيروت من دمشق، بحيث لا يدخل لبنان إلا ما يأتي عبر "الباب العالي" أولاً ولا يغادره، إلا من يستأذن "الباب العالي" أولا؟

 

حتما يأمل النظام السوري في إعادة تحقيق هذا الحلم.

 

ولكن ماذا عن "الحلم العربي" وموقفه من بوابته الغربية؟

 

هل سيقبل العرب بأن يكون لأحمدي نجاد قاعدة بحرية "رسمية" على شاطئ المتوسط؟

 

أحمدي نجاد يملك حالياً قاعدة بحرية لحرسة الثوري على شاطئ المتوسط قادرة، إن شاءت، على منع أي قطعة بحرية، مدنية أو غير مدنية، من الإبحار في المياه "الإقليمية ...!" والابحار في المياه الإقليمية مستمر فقط لأن هذه القاعدة تسمح بذلك؟

 

ربما لا يحتاج أحمدي نجاد إلى قاعدة بحرية "رسمية" على شاطئ المتوسط. قد تكون حاجته الحقيقية هي إلى قاعدة جوية، فسلاحه البري أيضاً متواجد على "الأراضي ...".

 

هل سيقبل العرب بأن يحصل أحمدي نجاد على "حق" استكمال قواعده على الأراضي "...." في شرقي المتوسط؟

 

إذا حصل، سيحصل أيضاً على مثيلاتها في الأردن، ومصر، وجميع دول مجلس التعاون، حتى دولة القيادة الأميركية الوسطى، وفي شمال أفريقيا وستكون قمة دمشق هي ... آخر القمم العربية.

 

يحصل أحمدي نجاد أم لا يحصل؟

 

جزء يسير من الإجابة متوفر لدى العرب والأجزاء الأخرى لدى .... آخرين.  

 

 عن موقع لبنان الآن/12 آذار 2008