كول... والحرب الآتية!؟

بقلم/محمد سلام

 

هل إبحار المدمرة الأميركية كول، المزودة بصواريخ موجهة بالأقمار الاصطناعية، في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط مقابل الشواطئ اللبنانية والسورية مؤشر إلى قرب اندلاع حرب في لبنان؟

كلا.

هل يعني ذلك أن لبنان لن يشهد حربا؟

كلا.

وهل يعني إبحار كول حيث تبحر أن الأكثرية اللبنانية ستنتخب رئيسا للجمهورية بأقل من الثلثين لمجرد أن المدمرة الأميركية أصبحت قريبة؟ 

كلا.

وهل إذا انتخب رئيس في لبنان في 11 آذار الجاري، أو قبل قمة دمشق، ستحل أزمة لبنان؟

كلا.

هل أجوبة النفي تعني أن لبنان سيشهد هدوءا، وستحل أزمته القائمة منذ 17 شهرا؟

أيضا كلا.

 

الحرب بدأت ... منذ تحرشت الزوراق المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني بالبحرية الأميركية في مضيق هرمز قبل أكثر من شهرين.

والحرب وصلت إلى لبنان يوم كانت مجموعة مجهولة هوية عناصرها تتنقل قرب الخط الأزرق في منطقة الغجر الجنوبية الخاضعة لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 فأطلقت عليها القوات الإسرائيلية النار وأصابت من أصابت من دون أن يعرف من أصيب ومن قتل ومن دفن.

والحرب تطورت في لبنان الأسبوع الماضي يوم قتل ثلاثة أشخاص مجهولي الهوية في انفجار مجهول الأسباب بحسينية في قرية الشهابية الجنوبية، أحاط بها حزب الله ومنع السلطة اللبنانية من التحقيق في ما جرى.

والحرب بدأت في بيروت يوم الجمعة الماضي بمناسبة ظهور دولة رئيس مجلس النواب المقفل نبيه بري في مقابلة تلفزيونية فريدة من نوعها أسفرت عن سقوط 15 جريحا، عولج ثلاثة منهم في المستشفيات وخضع من تبقى لعلاج محلي في الصيدليات والمنازل التي اخترقت بعضها القذائف الصاروخية المضادة للصواريخ من طراز ب-7، والتي أحصي منها 42 قذيفة استهدفت "الأعداء".

والحرب بدأت في 14 شباط يوم أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الحرب المفتوحة على إسرائيل التي اتهمها بقتل عماد مغنية بانفجار ملتبس في دمشق قبل يومين.

والحرب بدأت عندما بدأ حزب الله بخرق القرار الدولي 1701 ونقل ذخائر صاروخية ومدفعية إلى منطقة العرقوب بالتزامن مع إعلان الحرب المفتوحة.

 

والحرب كانت قد بدأت منذ أكثر من شهر عندما أعطى ناصر قنديل سوريا الحق في التدخل العسكري في لبنان، وتحديدا في البقاع والشمال، "للدفاع عن أمنها، كما يتدخل الجيش التركي في شمال العراق ليدافع عن أمنه".

والحرب قائمة، وإن بهدوء، منذ نصحت دول عربية رعاياها بعدم السفر إلى لبنان، ومنذ طلبت المملكة العربية السعودية من رعاياها المقيمين في لبنان مغادرته، ومنذ بدأت دول عربية وغربية تتصل برعاياها في لبنان هاتفيا، ومن دون إعلان، وتنصحهم بالمغادرة "بهدوء".

 

والحرب بدأت منذ خروج عائلات قياديين في أحزاب موالية لدمشق من مناطقهم "الأمنية" في لبنان للإقامة في سوريا.

 

والحرب بدأت منذ ألبست شخصيات "سنية" رداء "سرايا المقاومة" وبدأت تزور قيادات دينية تابعة لحزب الله، تمهيدا للتحرك من منطقة العرقوب والقطاع الشرقي في جنوب لبنان، غير الخاضع لحزب الله نظرا لديموغرافيته غير الشيعية، في خرق واضح للقرار 1701، ما يهدد بإعادة إشعال المنطقة كلها.

 

والحرب بدأت منذ بدأ التوغل الإسرائيلي في غزة.

 

والحرب بدأت منذ إعلان ممثل سوريا لدى الجامعة العربية بأن قمة دمشق، المقرر انعقادها في 29 آذار الجاري، ستكون "قمة فلسطين بامتياز"، ما يعني أن لبنان لن يكون حاضرا على جدول أعمالها، بغض النظر عن حضوره أو عدم حضوره في عداد المشاركين.

 

والحرب بدأت منذ أبلغت دوائر أوروبية إسرائيل بمواقع مختارة لإخلاء رعاياها من لبنان وطلبت تحييدها "لأربعة أيام" لدى انطلاق الحرب.

 

والحرب بدأت ... عندما أطلقت الولايات المتحدة صاروخا مماثلا لما تحمله كول على هدف في الصومال.

 

الحرب بدأت فعلا، ولن يكون لكول دخل في معاركها، بل قد تشارك في رسم حدود الأراضي التي ستدور فيها المعارك، بحث لن يسمح لقوى خارجية –غير معنية- بدخولها للمشاركة في معاركها.

 

كول، إذا تدخلت، قد لا تقصف "الميدان اللبناني" المفتوح على حرب بين حزب الله وإسرائيل، ولكنها قد تحرص على ألا تتدخل في الصراع "تشكيلات عسكرية أخرى" وعلى ألا يمتد الصراع إلى "ميدان آخر" غير لبناني.

 

كول، بمعنى آخر، قد تفرض ضبط إيقاع الحرب، عبر منع خروجها من لبنان إلى "الجوار الشقيق" ومنع الدخول إلى الميدان اللبناني عبر "الجوار الشقيق".

 

بمعنى آخر، هل مهمة كول هي "ضمان" حصول حرب بين إسرائيل وحزب الله على كامل مروحة الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود مع سوريا، على ألا تعبر هذه الحرب الحدود بالاتجاهين؟

 

وإذا كانت كول تقدم هذه "الخدمة" المفترضة لسوريا، فمقابل ماذا؟

 

ما هو الثمن المسبق الذي تقاضاه "أصحاب كول" لقاء هذه الخدمة المفترضة لنظام دمشق؟ أهو عماد مغنية؟

 

وهل يعني ذلك أن دمشق "باعت" حزب عماد مغنية في 12 شباط الماضي، كما باعت قبله عبد الله أوجلان؟

واستطرادا، هل يعني سيناريو الحرب المفترضة هذا أن مشروع قرار وقف إطلاق النار الذي سيصدر عن مجلس الأمن الدولي قد أعد، وأن من يحتل الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود السورية لن ينسحب منها إلا لقاء انتشار قوات دولية فيها ترسم خطوطا وتضبط حدودا؟

 

إذا كان هذا السيناريو الافتراضي صحيحا، فماذا تقاضى نظام دمشق مقابل ما قدمه من تسهيلات؟

ستبدأ الإجابات بالظهور ... بعد حزيران المقبل ... ربما. 

إن لم يكن الأمر مفتوحا على تدخل تشكيلات عسكرية أخرى في حرب على الأرض اللبنانية،

 

عن موقع لبنان الآن

الاربعاء 5 آذار 2008