لماذا "يعترف" النظام؟

بقلم/محمد سلام

السبت 8 تشرين الثاني 2008

المصدر: لبنان الآن

 

السؤال الذي يطرحه عرض التلفزيون السوري الرسمي لاعترافات مزعومة من قبل إرهابيين مزعومين هو ليس لماذا اتهم تيار المستقبل بتمويل فتح الإسلام، بل لماذا يعترف النظام السوري؟

 

التعاطي مع هذه المسرحية لا يستدعي ردا، ولا ردودا، بل يتطلب توضيحات لتفسير حركة النظام السوري، كما عبر عنها رسميا التلفزيون الرسمي.

 

لتوضيح هذه الحركة لا بد من جملة تساؤلات تسلط الضوء على مضمون هذه الحركة وتحدد الهدف منها.

 

- لماذا قرر النظام الأمني السوري أن يعترف للمرة الأولى في تاريخه بأن "إرهابيين" سرقوا سيارة على أرضه التي يفاخر دوما بأنه يمسك بها بيد أمنية فولاذية؟

 

- لماذا قرر النظام الأمني السوري أن يعترف، للمرة الأولى في تاريخة، بأن سيارة مسروقة من قبل إرهابيين فخخت على أرضه، من دون أن يعلم بها؟

 

- لماذا قرر النظام الأمني السوري، وللمرة الأولى في تاريخة، أن يعترف أيضا بأن خلية إرهابية عملت على أرضه، من دون أن يعلم، وسرقت، وفخخت، وخططت، ونفذت عملية إرهابية تفجيرية جنوبي عاصمته دمشق، من دون أن يعلم؟

 

علما أن كل هذه الاعترافات، وهي مضمون الحلقة الاعترافية التي بثها تلفزيون سوريا الرسمي، تعني تشكيكا بأداء أجهزة الاستخبارات التي يقوم عملها، كل عملها، على اكتشاف الاعتداء قبل وقوعه، وإلا فإنها تفقد مبرر وجودها وتتحول إلى هيئة إسعاف أو سرية إطفاء تسرع إلى معالجة ذيول الاعتداء بعد وقوعه.

 

النظام السوري اعترف فقط لأنه يريد أن يستبق التقرير النهائي للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم المرتبطة بها ليقول أنه "أيضا ضحية" الإرهاب.

 

- رسالة الحركة السورية المفاجئة هي أنه، لا يعلم بأن سيارة الميتسوبيشي التي استخدمت في اغتيال الرئيس الشهيد قد مرت في أرضه، ب "دليل" أنه لم يعرف أن السيارة المسروقة التي استخدمت في تفجير دمشق كانت على أرضه.

 

- ويريد أن يقول أنه لم يعلم أن "تلك" الميتسوبيشي التي قتلت الرئيس الشهيد قد  فخخت على أرضه، باعتبار أنه لم يعلم بأن "هذه" التي قتلت 17 شخصا جنوبي دمشق قد فخخت على أرضه. 

 

- ويريد أن يقول أنه لم يعلم أن "تلك" المجموعة الإرهابية (مجموعة أبو عدس الشهير) قد عملت على أرضه باعتبار أنه لم يعلم أن "هذه" المجموعة (مجموعة وفاء العبسي أو أم عدس) قد عملت أيضا على أرضه.

 

- ويريد أن يقول أنه لم يعلم ب "تلك" الخطة "الإرهابية" التي قتلت الرئيس الشهيد، باعتبار أنه أيضا لم يعلم ب "هذه" الخطة "الإرهابية" التي قتلت ضحايا جنوبي دمشق.

 

هذه هي خلاصة الحركة المتلفزة لمخرج مسلسلات "الأمن" السوري، أما اتهام تيار المستقبل بتمويل عصابة العبسي فهو عنصر للتشويق لا يستأهل حتى الرد عليه لأن جمهوره "اللبناني" يصفق له كما لأهزوجة "قرقورك يا بديعة ... أكل كل الزريعة." الفارق هو فقط في أن "القراقير" يصفقون وغيرهم يأكل الزريعة.

 

المطلوب من كل الحركة السورية المفاجئة القول إن أم عدس التي نفذت عملية جنوبي دمشق هي نفسها التي نفذت، بل ربما بعلها هو الذي نفذ، عملية اغتيال الرئيس الشهيد، ولا علاقة للنظام باغتيال الرئيس الشهيد لأنه لم يعلم بالمؤامرة، تماما كما أنه لم يعلم بالمؤامرة التي نفذت على أرضه ضد شعبه.

 

يبقى سؤال واحد:

 

لماذا قرر المنتج عرض هذه الحلقة، أو القيام بهذه الحركة، الآن؟

 

الجواب موجود لدى شخص واحد فقط هو دانيال بيلمار رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة، بل جرائم العصر.

 

ألم يقل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري: سنقبل بالحقيقة كما تقرها العدالة؟

 

هذه أيضا مصارحة في ... المسلسلات التلفزيونة.