مقتطفات من كلمة رئيس حزب السلام اللبناني المحامي روجيه اده لمجلس الحزب يوم الاثنين 22 ايلول 2008

 

حقائق اليوم وتحدّيات الغد

أكد رئيس حزب السلام اللبناني المحامي روجيه اده أن الدويلات القائمة ضمن الدولة اللبنانية والتي أقواها دولة حزب ولاية الفقيه، لن تقدم مصلحة الدولة والكيان والحضارة والديمقراطية اللبنانية على مصالحها الخاصة اياً كانت المخاطر المصيرية التي قد تطيح بلبنان وتحرق ركائز وجوده ومبرر بقائه محذراً من أن الوضع في  لبنان سيكون إن نجحت الخطة الدولية بفصل سوريا عن ايران مأساوياً .

 

ورأى ان "مصير لبنان الكيان والاستقلال وحضارة الحريات في مهب الريح لان الساحة اللبنانية اضحت اكثر من اي وقت مضى ساحة حروب الاخرين وقاعدة متقدمة للمحور الايراني- السوري الذي ان دخل موحداً في مساومة ام حرب مع النظام الدولي تكون المساومة مثلما الحرب على حساب اللبنانيين".

 

وانتقد في كلمة له امام مجلس الحزب "القيادات التي خلفتها الحرب والتي بنت زعاماتها على الطائفية الفئوية ولا تزال تمولها وتنظمها وتسلحها باموال الدول المتصارعة اقليمياً ودولياً والمتورطة في الحروب الاقليمية القائمة وايضا تلك التي تلوّح في الافق القريب"  لافتاً الى ان اكثرية اللبنانيين الساحقة مغلوب على امرها مؤكداً ان عجز الدولة وغياب الديمقراطية الحضارية المؤسساتية يجعل هذه  الاكثرية عاجزة بقدر ما الدولة هي عاجزة ملاحظاً ان الاعلام الممّول والموجّه من قبل مرجعيات قوى الامر الواقع مغلق بوجه منطق هذه الاكثرية اللبنانية المواطنية.

 

وقال اده : هكذا اضحى اللبنانيون عبيداً لقيادات عبيدة ، بعضهم تكذب عليهم قياداتهم كل الوقت وتأخذهم حيث تشاء مصالحها حتى الانتحار والبعض الآخر من  الذين لا يمكن الكذب عليهم كل الوقت ينكفؤون ويعتكفون لانهم لا يجدون ملاذهم في الطاقم القيادي البارز على الواجهة الاعلامية. وشدد على انه "لا بد لأهل الفكر والبناء والحياة وأبناء الحرية والمؤسسات والديموقراطية والحضارة، كما أبناء العالم اللبناني المنتشرين في ربوع لبنان وبقاع المعمورة من الاستعداد لبناء غد السلام اللبناني نموذجاً للسلام العالمي المهدد مع لبنان مثله مثل لبنان".

 

وأعرب عن ثقته بان مستقبل  لبنان "ستكون الغلبة فيه للحياة والازدهار والثقافة اللبنانية العالمية الافاق والمشرقية الجذور" مراهناً على السلام اللبناني بعد العاصفة لان مانعي هذا السلام ستغلبهم الاعاصير العاتية الآتية.

 

ورأى ادّه ان لا عدالة بلا دولة قادرة وبلا شعب سيد حر مستقل مشيراً الى ان الدولة يجب ان تكون لكل الناس وفي خدمتهم، والعدالة هي لحماية المظلوم وللاقتصاص من المجرم.

 

وجدّد ادّه دعمه السياسي والمعنوي لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ولموقع رئاسة الجمهورية داعياً جميع السياسيين للوقوف الى جانب الرئيس لانقاذ البلد، لافتاً الى ضرورة اعادة النظر بصلاحيات رئيس الجمهورية التي ليست واضحة في اتفاق الطائف.

 

واعلن ادّه انه مع المصالحة المسيحيـة المسيحية برعاية البطريـرك الماروني الكاردينـال مار نصرالله بطرس صفير الذي عليه ان يضع ثوابت لهذه المصالحة ويوقع عليها الجميع مؤكداً ان المصالحة ارادة.                                                    

 

كلمة روجيه ادّه رئيس حزب السلام اللبناني لمجلس الحزب

يوم الاثنين 22 ايلول 2008 بعنوان:حقائق اليوم وتحدّيات الغد

 

الحقائق اللبنانية اليوم يمكن اختصارها بثلاث:

اولاً:   مصير لبنان الكيان والاستقلال وحضارة الحريّات في مهب الريح لان الساحة اللبنانية، اضحت اكثر من اي يوم مضى،  ساحة حروب الآخرين وقاعدة متقدمة للمحور الايراني – السوري الذي ان دخل موحداً في مساومة ام حرب مع النظام الدولي تكون المساومة مثلما الحرب على حساب اللبنانيين.

كذلك يكون شأن لبنان مأساوياً ان نجحت الخطة الدولية بفصل سوريا عن ايران لاسيما حين لا يبقى لسوريا خيار المناورة وعرض خدماتها للوساطة المرفوضة ايرانياً في كل الحالات؛ وتضطر تلك القيادة السورية ان تواصل الى آخر المطاف طريقها على الخط التركي – الاسرائيلي – الفرنسي الذي وراءه واشنطن ديك تشيني والمحافظين الجدد كما وكوندوليزا رايس والمرشح باراك اوباما.

 

هذا وأغلب الظن ان استحقاق انتهاء هوامش المناورة لدى القيادة السورية قريب اكثر مما يتصوره "خبراء" العلاقات الدولية الذين يجمعون ان الانتخابات الاميركية ترجئ الاستحقاق التاريخي هذا عاماً ونيف.

 

الاكيد سورياً هو ان خيار المراوغة واللعب على حبال الديبلوماسيات الغادرة وايهام من يُحبّون ممن يصدّقون النظام السوري بانه قادر ان  يحافظ على  رِجلٍ في "فلاحة"  ايران "المهدوية" ورجل في "بور" اسرائيل وحلفائها في النظام الدولي، هذا الخيار "الدمشقي بامتياز" حبله قصير وقد يلتف على الاعناق، ويشعل ناراً تلتهم لبنان ان لم يشأ اللبنانيون موحّدين ان يأبوا المصير المحتّم. وهم لن يتوحّدوا بالمصالحات الخبيثة الهشّة التي نرحب بها على هشاشتها لكننا مقتنعون بان لا هي ضامنة ولا هي آمنة، مثلها مثل "العصفور الذي كفل الزرزور" على حدّ قول المثل الشائع.

 

ثانياً: القيادات التي خلّفتها الحرب بنت زعاماتها على الطائفية الفئوية وهي لا تزال تموِّلها وتُنظِّمها وتسلّحها بأموال الدول المتصارعة إقليمياً ودولياً والمتورطة في الحروب الاقليمية القائمة كما وتلك التي تلوح في الافق القريب.

 

ان  هذه القيادات بطبيعة نشوئها ونموِّها لا تريد قيام الدولة القادرة ولا الديمقراطية الصحيحة ولا السلام اللبناني لان هناك تضارب مصالح واضح بين سلطانها وسلطان الدولة.

 

لذا لا تتوقعوا من هذه الدول ضمن الدولة والتي اقواها دولة "حزب ولاية الفقيه"  ان تقدم مصلحة الدولة والكيان والحضارة الديمقراطية اللبنانية على مصالحها اياً كانت  المخاطر  المصيرية  التي  قد  تطيح  بلبنان  وتحرق ركائز وجوده ومبررات بقائه. ان هذه الزعامات الفئوية الانانية بطبيعتها التكوينية حاضرة  لان تنحر لبنان الذي لا يعنيها منه سوى المساحة الجيوديمغرافية التي تحتلها فيه.

 

ثالثاً: اكثرية اللبنانيين الساحقة مغلوب على امرها لان عجز الدولة وغياب الديمقراطية الحضارية المؤسساتية يجعلها اكثرية عاجزة بقدر ما الدولة عاجزة.  بل ان هذه الاكثرية مُستبعدة من قوى الامر الواقع داخل طوائفها ومناطق تواجدها مثلما هي مهمشة وطنياً.

 

اما الاعلام المموّل والموجه من قبل مرجعيات قوى الامر الواقع، فهو مغلق بوجه منطق هذه الاكثرية اللبنانية المواطنية، يقدم لها من حين الى آخر منفساً هنا ومنفساً هناك. لا اكثر! ذلك حتى لا تنئ عن متابعة اخباره والصراعات الممثلة على شاشاته وصفحاته لغسل الادمغة بالمكتوب والمرئي والمسموع!؟  واضح ان الاعلام الموجه يخوض الحرب النفسية دون هوادة للابقاء على حصرية مرجعياته  فيصنّفها اولاً بأول ،  يُعظّم من يشاء  ويهمّش من يشاء ،  يكرّم من يشاء  ويسفّه من يشاء،  حتى بلغ "قرف" الناس من قيادات الواجهة الاعلامية يوازي قرفهم وخشيتهم الوجودية من قيادات تتصرف بشؤونهم المصيرية على هوى مصالحها واولويات مرجعياتها.

 

هكذا اضحى اللبنانيون عبيداً لقيادات عبيدة. بعضهم تكذب عليهم قياداتهم كل الوقت وتأخذهم حيث تشاء مصالحها، حتى الانتحار! 

والبعض الآخر من الذين لا يمكن الكذب عليهم كل الوقت ينكفؤن ويعتكفون لانهم لا يجدون ملاذهم في الطاقم القيادي البارز على الواجهة الاعلامية. ولا خيار لهم بديل لان الخيار البديل ممنوع بإجماع اللاعبين الفئويين المأجورين والمؤجِّرين لخدماتهم وخدمات محازبيهم والاتباع.

 

اما باقي الناس فينصرفون يعيشون حياتهم وكأن البلد بألف خير لان لا حول ولا قوة لهم الا بالحياة والعمل والاهتمام بعائلاتهم واحبائهم وبناء مستقبل يأملونه افضل بسحر ساحر ام بهجرة واعدة!!!

انطلاقاً من هذه الحقائق اللبنانية القائمة لا بد لنا من التساؤل:

هل من رؤيا؟ 

بماذا نؤمن؟

 

ايُّ نضالٍ نضالُنا نحن اهل السلام والحرية والحضارة الديمقراطية المُجَذَّرة في ضمير لبنان الجماعي والتي يتوق لتحقيقها يوماً شعبنا الواعي، المقهور، المصمِّم على رفع تحديات النهوض والتحرر من شياطين الداخل  العاملين لشياطين الخارج!؟

إنّي ارى رؤوساً قد اينعت وحان قطافُها "وأرى الدماءَ ترَقرَقُ بين العمائم واللحى"!!! لكني لست بقاطِفها!

 

انما لا بد ان نستعدَّ، نحن اهل الفكر والبناء  والحياة، نحن ابناء الحرية والمؤسسات، نحن أحبّاء الديمقراطية والحضارة، نحن أبناء العالم اللبناني المنتشرين في ربوع لبنان وبقاع المعمورة ، لا بدّ لنا ان نستعدَّ لبناء غدِ السلام اللبناني نموذجاً  للسلام العالمي المهدّد مع  لبنان،  مثله مثل لبنان.

الاستعداد هذا يبدأ بالصمود، بالمعنويات، بالعمل  اليومي الدؤوب  كل منا  في موقعه وفق طاقاته: انها المقاومة بالحياة في وجه ارهاب اعاصير الحقد الدموي المميت. نستعد للنهضة اللبنانية من تحت الانقاض بالايمان المتجدد بخياراتنا الحضارية، التاريخية منها والمستقبلية.

 

 لبنان يصمد ويبقى طالما هنالك لبنانيين صامدين بالايمان به وبرسالته الحضارية وبقدرته على النهوض وإعادة  بناء السلم  الاهلي والالفة الوطنية من خلال ما يجمع اللبنانيين من شغف بافضل نوعية حياة في مناخٍ من الحريات يُنعِشُ النفوس ويبعث مسار الازدهار.

إني مؤمنٌ بان ثقافة  السلام لبنانية  بالواقع  والطبع  اللبناني  قبل ان تكون نظرية، طوباوية.

 

ذلك ان ثقافة السلام من دِفاعاتِنا الطبيعية التي تنمو فينا بمجرد تواجدنا التعددي على هذه الارض الرؤوفة الجذّابة، التي تحلو فيها الحياة. إن تنوع طوائفنا والمذاهب والاطباع والمعتقدات يحملنا على مراعاة بعضنا البعض منذ  الطفولة والمدرسة والملاعب خوفاً من مخاصمة بعضنا البعض رفاق دراسة واصدقاء وأحباء.

لان في الخصومة حيث يغلب حقد الآخر على محبة الآخر تُنغّصُ الحياة. والناس تريد الحياة الممتعة، يكفيها من المصاعب ما يأتيها على دربها يوماً بعد يوم، فلما الاضافة!؟

 

اللبناني بطبيعته  مسالم لانه يعيش في مجتمع متنوع غير احادي المشارب الثقافية، ولا التقاليد.

أثبت اللبنانيون مع الوقت وبالرغم من تراكم الصراعات والحروب ان اللبناني بطبعه يتآلف ويتناغم ويتعايش مع تناقضاته المجتمعية البنيوية. لذا نرى الهوية الحضارية اللبنانية قد اضحت هوية لا مسلمة-مسلمة ولا مسيحية- مسيحية، لا مؤمنة بتعصب ولا علمانية بتحجّر، لا يمينية بتطرف ولا يسارية بجنون، لا فاحشة ولا متزمِّتة، لا رجعية ظلامية ولا تقدمية بتهوّر.

 

الاعتدال ليس خياراً نسعى اليه. انه حيوي لنا، من طبيعة حياتنا ومناعاتنا افراداً وجماعات يريدون وطناً واحداً لشعبٍ واحد. قبول الآخر ومعاشرته والعمل معه والتزاوج والمشاركة والمصادقة واقع انساني فينا اضحى الغالب بطبيعة نمو دفاعاتنا الطبيعية للبقاء والحياة والازدهار.

إني لذلك واثق بمستقبل للبنان تكون الغلبة فيه للحياة؛ والغلبة للازدهار؛ والغلبة للثقافة اللبنانية، العالمية الآفاق والمشرقية الجذور.

 

اني اراهن على السلام اللبناني بعد العاصفة لان مانعي هذا السلام ستغلبهم الاعاصير العاتية الآتية إذ ان جبروتهم قام على القوة وبالقوة سيقهر.

بينما نحن اهل السلام والحياة، نحن ابناء الحرية واهل الحريّات، المراهنين على الحق والكلمة ومنطق السلام ونوعية الحياة،  فلا تقهرنا القوة.  لم تقهرنا عقودٌ من منطق الحروب وسلاطينها وشياطينها لاننا بقينا  نتعلم  ونعمل ونبني ونعيش ونتمتع بروائع  لبناننا فنستمد منها قوة المقاومة الحقة والصمود الصلب حتى مرور الاعاصير التي في كل مرحلة قضت على من  قضت  لكن  بقي  الحلم اللبناني في قلوبنا  وضمير الامّة. 

 

بقينا اقوى من الحقد واقوى من الجراح والآلام التي لم توفِّر عائلة ولا بيت من بيوتنا. نحن الاقوى!

قوة الحياة والسلام هي الاقوى ونحن نعرف كيف ننتصر بالمحبة والحكمة وإرادة الحياة ونعرف كيف ننتصر حقاً بالإيمان.

ونحن نعرف كيف نبني لبنان الحريات ولبنان الدولة القادرة السيدة التي تكون فعلاً لخدمة الناس وحمايتهم او لا  تكون.

دولة لنا جميعاً لا الدولة الآداة  لاعدائها ومستعبديّ الناس.

 

دعونا نحلم ونسأل أنفسنا: لما لا !؟

نحلم بالدولة في خدمة كل الناس ومن اجل خدمة  آمال ورفاهية كل الناس.

دولة احلامنا سنبنيها حجراً فوق حجر على انقاض الدولة "المِسخ" التي تركتها  لنا قيادات الحرب. تلك التي امتهنت استثمار الحروب وإستعباد الشعوب من "دودٍ في العود"!

 

كل ذلك ممكن بعد مرور الاعاصير الآتية، وسقوط منطق الحروب والدويلات المزارع والمربّعات الامنية والارهاب الفكري والدموي الذي يحرق ويحترق بآن واحد، وهو آخر من يدري لانه سكران بجبروته الواهي وموهوم بأناشيد الانتصارات التي تهزمه كلما ساهمت بهزيمة لبنان.

 

هيهات لو يدركون ويعوا أنهم بدون لبنان لا شيء، مثلما كان وضعهم عبر التاريخ وضعاً مأساوياً يعالجونه بِلَطم الذات والبكاء والنحيب على الاطلال.

استعدوا للاعاصير العاتية بتجديد الايمان بمستقبل لبنانكم، وتطلّعوا الى تحدّيات ما بعد العاصفة.

 

إن السماء الناصعة والشمس الدافئة المشعّة تنتظر من الاحرار سواعدهم وفكرهم الخلاّق البنّاء لحياةٍ آمنة وعيشٍ كريم.

تفاءلوا بلبنان احلامكم تجدوه!

 

عاش لبنان السلام  اللبناني.    

عاش لبنان.