الانتخابات ومراكز الاقتراع الآمنة

بقلم/محمد سلام

الاربعاء 27 آب 2008

 

 

الانتخابات بدأت منافساتها.

 

بدأت في المجلس النيابي، وبدأت أيضا على الأرض.

 

المفارقة أن الانتخبات، ميدانيا، بدأت خارج الإطار التنافسي السلمي، وفق ما عبرت عنه الهجمات "الأملية-البعثية" على منطقة رأس النبع في بيروت، ووفق ما عبرت عنه هجمة الشعارات "الأملية" على بقية أحياء بيروت الغربية، ووفق ما عبرت عنه غوغاء البقاع المتمثله في "إشكال" تعلبايا، أيضا بين حراس اللافتات "الأملية" والأهالي المعترضين على تزوير هوية مناطقهم السياسية.

 

ويتوقع أن تستشري الهجمات وتنتشر ... إلى حيث المطلوب ترويع الناخبين في مناطق انتشار تيار المستقبل ومؤيديه، بل وناخبيه، وغالبيتهم من الطائفة السنية.

 

رئيس المجلس النيابي نبيه بري يقول إن "إشكالات" و "حوادث" بيروت ليست خطيرة، بل "المخيف هو ما يحصل في الشمال".

 

المخيف، حقيقة، هو ما يحصل في كل الدوائر الانتخابية المحسوبة على تيار المستقبل، لأنه جزء من حملة ممنهجة منظمة ستتصاعد من الآن وحتى يوم الاقتراع، لترويع الناخبين وإبعادهم عن صناديق الاقتراع في محاولة لشطب القيادة السنية المتمثلة بتيار المستقبل وقائده الشيخ سعد الحريري من المعادلة السياسية في البلاد، تمهيدا لإخضاعها.

 

لذلك يبدو أن التهديد الانتخابي الأبرز ليس مبدأ المنافسة، الذي لا يعتبر تهديدا أصلا، بل التهديد هو عملية ترويع الناخبين، ما يقتضي إيجاد صيغة صريحة، واضحة، ومضمونة لضمان "سلامة الناخبين".

 

وسلامة الناخبين، بهذا المعنى، ليست مجرد شعار تقليدي يعهد به إلى القوى الأمنية فقط.

 

فالإجراء الأمني، بغض النظر عن عمق الثقة الشعبية به من عدمه، هو شرط ضروري لضمان العملية الانتخابية، ولكنه ليس شرطا كافيا، وفق ما تعكسه التطورات على الأرض.

 

الشرط الضروري أيضا - والكافي إذا اقترن بدور القوى الأمنية - هو إيجاد مراكز اقترع آمنة وسالمة للناخبين خارج مناطق "التماس" مع "الأمليين" و"البعثيين" و"الزوبعيين" و"الحزب سلاحيين".

 

المضمون التفصيلي لهذا الكلام هو أنه، بمقاييس اليوم مثلا، فإن كل بيروت الغربية، الطريق الجديدة ضمنا، ليس منطقة آمنة وسالمة لاستضافة مراكز اقتراع.

 

لماذا؟

 

على الرغم من الأهمية القصوى للمشاركة في الانتخابات، بمعنى الإقبال على الاقتراع، كما فعل العراقيون الذين انتظروا في صفوف طويلة متحدين التفجيرات الانتحارية، هل تعتبر مراكز الاقتراع في رأس النبع سالمة؟

 

وهل إذا أحيطت هذه المراكز بكل القوى الأمنية وكل الجيش، فهل الطرق المؤدية إليها تعتبر آمنة؟

 

غالبية الناخبين البيارتة تقيم في الشويفات، ودوحات بشامون، عرمون، الحص، حارة الناعمة، السعديات، الدبية ... ألخ.

 

هل الطرقات من المناطق السكنية السالفة إلى مراكز اقتراع "محمية" في بيروت الغربية آمنة؟

 

وإذا اعتبرنا، فرضا، أن الطريق الجديدة آمنة - وهي غير آمنة لأنها ليست مربعا أمنيا يعامل كالمربعات الأمنية الأخرى - فهل الطرقات المؤدية إلى مراكز اقتراع فيها آمنة؟  

 

التساؤلات طرحت في موضع الإجابات للوصول إلى خلاصة أن بيروت الغربية بكاملها ليست آمنة، وليست، بالتالي، صالحة لاستضافة مراكز اقتراع لناخبين معارضين لـ"حزب السلاح" وملحقاته، ولهم الحق القانوني بضمان أمنهم وسلامتهم للقيام بواجبهم في التعبير عن آرائهم..

 

ما الحل؟

 

الحل هو في إقامة مراكز اقتراع آمنة، في مناطق آمنة، وطبعا بمواكبة القوى الأمنية.

 

وبالاستعارة من تجربتنا اللبنانية "الرائدة"، وبالعودة إلى انتخابات العام 1996، نرى أن الدولة اللبنانية عمدت، عن حق، إلى إقامة مراكز اقتراع آمنة وسالمة لناخبي الشريط الحدودي الذي كان محتلا في ذلك الوقت ما أمن لهم القدرة على ممارسة واجبهم في "خيم" خارج نفوذ قوى الاحتلال.

 

الناخبون في بيروت، والدوائر الموالية لتيار المستقبل، يطمحون فعلا إلى معاملة بالمثل، كي يحظوا بمراكز اقتراع آمنة، الطرقات إليها آمنة، والأجواء المحيطة بها آمنة، والعودة منها إلى المنازل آمنة.

 

بيروت الشرقية آمنة، أقله حتى الآن. المنطقة لم تستهدف باجتياح أيار وجرعات تحصين السيطرة التي تبعته، فهل من يسمع النداء؟ 

عن موقع لبنان الآن

 

 

عن موقع لبنان الآن