خارج الحدود

بقلم/محمد سلام

الاثنين 25 آب 2008

     

تتميز الحقبة الحالية بإصرار أطراف الصراع في المنطقة على ممارسة الوجود خارج الحدود في ما يبدو أنه انعكاس لقرار بالدفاع عن سياداتها خارج أراضيها.

 

القوات الأميركية متواجدة في العراق خارج أراضيها منذ بدء الحرب في 20 آذار العام 2003.

 

وتسعى الولايات المتحدة إلى إبقاء قواتها في العراق لفترة قد تطول.

 

القوات الإيرانية متواجدة، مباشرة، خارج الأراضي الإيرانية، في جزر دولة الإمارات العربية المتحدة، ومتواجدة، بالتفويض، في لبنان، عبر "حزب السلاح" وفي العراق عبر ميليشيا جيش المهدي، وغيرها، وفي الكويت عبر الحزب الذي أبن عماد مغنية، معلنا عن وجوده الصريح، وإن لم يظهر سلاحه بعد.

 

وتركيا، أيضا، متواجدة خارج أراضيها، عبر هجماتها المباشرة على قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

 

روسيا، أيضا، متواجدة خارج أراضيها كما ظهر من الهجوم الذي نفذ على جورجيا.

 

وسوريا تقفز بين تأييد "حق" تركيا في "الدفاع" عن نفسها في شمال العراق، وأيضا "حق" روسيا في "الدفاع" عن نفسها في جورجيا، وعن "حق" فيلق الحرس الثوري الإيراني في ممارسة "المقاومة"  في لبنان ... وتبحث عن دور لها خارج حدودها التي ما زالت ترفض ترسيم الجزء منها المتعلق بلبنان.

 

داخليا، "حزب السلاح"، الوكيل الواقعي للحرس الثوري الإيراني، يسعى إلى توسيع دائرة وجودة خارج "حدوده" التقليدية منذ ما بعد انكفائه إلى الداخل اللبناني في آب العام 2006.

 

على خلفية هذا السعي إلى التوسع خارج "الحدود" نقرأ مسلسل انتشار "حزب السلاح" من مدينة الخيم البيروتية التي ما أن أزالها حتى استعاض عنها باجتياح القطاع الغربي للعاصمة اللبنانية في أيار الماضي، وتحرك باتجاه الجبل الدرزي، حيث هزم، فعدل المسار باتجاه البقاع ثم طرابلس.

 

عدوى الوجود خارج الحدود انتقلت أيضا إلى زعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون، ولكن ضمن ضوابط "حزب السلاح"، الذي استضافه في دولته الجنوبية المجاورة للخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل، كي يعلن، من ضمن أمور أخرى، دمج شهداء الجيش، الذي لا ينطق باسمه، بشهداء "مقاومة" تنطقه باسمها.

 

كل التواجدات السالفة الذكر خارج الحدود هي، في مضمونها، اعتداءات على الآخر باستثناء التواجد العوني في دويلة "حزب السلآح" الذي يتخذ صفة استضافة زائر يرحب به خارج محيطه المباشر، فقط لأنه يخدم مهمة مضيفه في خرق محيطه.

 

كان "حزب السلاح" يأمل في أن يكون الزائر الآخر لدولته، وبرعايته، هو شخصية لبنانية مسلمة سنية، طبعا غير النائب أسامة سعد الذي يمثل الحزب المذكور في صيدا، ولكن المحاولة الأولى سقطت في طرابلس، بل ولدت ميتة اساسا عبر ما سمي تفاهما مع قوى سلفية رفضه مؤسسها داعية الإسلام الشهال لحظة إعلانه، ودفنه، من دون تأبين أو صلاة جنازة، بعد أقل من 24 ساعة.

 

رفض اللبنانيين السنة لمحاولة "حزب السلاح" التواجد خارج "حدوده" وإسقاطها في طرابلس تبعها هجوم من النائب السابق ميشال سماحة على سماحة المفتي الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني عبر التلفزيون البرتقالي العوني.

 

 سماحة، الذي تجاوز حدوده في ذلك الهجوم، اتهم المفتي بتنظيم ما أسماه "غزوة الأشرفية" في محاولة لرد الانتقاد عن غزوة "حزب السلاح" لبيروت عبر دق إسفين بين السنة والمسيحيين، بعدما عجز أسياده عن القيام بالمهمة مباشرة.

 

مفهوم ومتوقع الدور الذي يقوم به سماحة، منذ سمح لنفسه أن يكون موظفا لدى رئيس غير لبناني، يتولى مهمة استقبال رئيس جمهورية "وطنه" في جناح ذلك الرئيس في باريس.

 

مفهوم ومتوقع الدور غير الوطني الذي يقوم به سماحة، وهو مماثل لما قام به أتباعه العملاء السنة من حملة السواطير والجنازير عندما حاولوا الاعتداء على كنيسة في الأشرفية فيما قام رجال الدين الأفاضل من مشايخ دار الفتوى بمهمة قوات مكافحة الشغب لمنعهم العملاء من التطاول على بيت الله المسيحي، والأرشيف يثبت ذلك، على نقيض ما يزعم سماحة.

 

سماحة تجاوز حدوده التقليدية المرسمة بوضوح من عين إبل المحتلة إسرائيليا (سابقا) إلى ريف دمشق بعد عنجر لاحقا.

 

أما لسانه، الذي تطاول به على سماحة المفتي، المرجع الأعلى للبنانيين السنة، فلم يصنه ... كي يصونه.

 

أثناء وبعد اجتياح "حزب السلاح" لبيروت في ايار اعتقد بعض ممن هم مثل هذا السماحة أن باستطاعتهم التطاول على دار الفتوى.

 

ويبدو أنهم لم يعيدوا القراءة بعد دفن مولودهم السفاحي في طرابلس.

 

عن موقع لبنان الآن