قسم ولاء لمثال...

بقلم/محمد سلام

عن موقع لبنان الآن

الاربعاء 30 تموز 2008

 

لم أفاجأ عندما أعلن زعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون أن السيد حسن نصر الله مثال يحتذى ودعا إلى منحه حصانة نيابية.

تفاجأت فقط لأن عون تأخر في إعلانه هذا.

استغرقه الأمر ثلاث سنوات ليدرك ما يدركه جميع أتباع ولاية الفقية من أن السيد حسن، من وجهة نظرهم، مثال يحتذى، وهذا حقهم، فهو قائدهم، به يفتخرون، أمره يطيعون، ورأيه يتبنون.

 

أما ما خص "أوراق القوة،" وهي العبارة التي استخدمها عون للإشارة إلى سلاح "حزب السلاح"، فمن حق زعيم "التيار الوطني الحر"، بل من واجبه، ألا يتخلى عنها، بل أن يتمسك بها، فهي التي تقيم له وزنا وتوازنا، وإن نفسيا،  مع منافسيه المسيحيين وهي التي كان أعرب علنا عن فرحه بانتصارها على خصومه السنة من أهل بيروت، ولم تكتمل فرحته لأنها هزمت في الجبل الدرزي. 

والسلاح هذا هو الذي يريد عون أن يقايض الحفاظ عليه بموافقة تياره على باريس-3، حتى وإن كان يعتقد ويعلن أن مقررات مؤتمر المانحين ليست لصالح لبنان.

 

يصبح باريس-3 مقبولا من قبل عون إذا تم قبول ذكر ذلك السلاح في البيان الوزاري للحكومة العتيدة.

ومن يستطيع أن ينكر أن عون صاحب مبدأ؟ فولاؤه مطلق للسلاح وسيده الذي يحتذى.

حسنا. هذا رأيه، وهذه قناعته غير الخاضعة للنقاش، لأن الرجل، أي عون، حسم خياره من الآن ... وحتى الانتصار الذي يأمله لولاية الفقيه في لبنان.

في الانتخابات النيابية المقبلة يأمل عون في أن يتمكن معسكر ولاية الفقية من أن يحصد غالبية الثلثين، بل وأكثر، من مقاعد المجلس النيابي.

 

عندها، سيتمكن الحزب، من وجهة نظر عون، من أن يحقق بالسياسة "الديمقراطية" ما لم يحققه بالسلاح، أي أن يحقق كل شيء يحلم به حزب ولاية الفقيه وعماده المسيحي الماروني.

تعديل الدستور، بداية، وبآلية دستورية-ديمقراطية، ما يعني علميا إلغاء اتفاق الطائف، واتفاق الدوحة الذي ستنتهي مفاعيله باي حال مع ظهور نتائج الانتخابات، ومن ثم إعداد دستور جديد يلحق كل من هم خارج معسكر ولاية الفقيه بدولته "اللبنانية" باعتبارهم أقليات، وجب خضوعها مقابل حمايتها، تماما كما تعامل الأقليات في الجمهورية الأم ببلاد فارس.

 

عندها يغادر الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا، ويرتقي عون إلى المقعد الذي طرد منه في 13 تشرين الأول العام 1990، ويكون الارتقاء برعاية الوكيل الشرعي الجديد للبنان آخر غير الذي نعرفه، ونريده، بل لبنان الذي يريده ... عون وقائده.

إعلان عون الأخير، لم يأت من عبث ولا من فراغ ولا بالصدفة،  كان قسم ولاء نهائي لمشروع ولاية الفقيه الذي كان السيد حسن قد قال إنه ينصحه بالمحافظة على التعددية اللبنانية، ولكن لم يقل كيف.

 

التعددية أيضا محافظ عليها في إيران، وهذا ما يعرفه عون جيدا، تعددية الخاضعين لنظام ولاية الفقيه.

ربما ما يرضي غروره هو أن مقتضيات المحافظة على التعددية اللبنانية، من وجهة نظر ولاية الفقيه، تفترض إيجاد خاضع مسيحي" ليقبع في قصر بعبدا ويشرف منه على حسن طاعة بقية المسيحيين الخاضعين.

وتفترض إيجاد خاضع سني يتربع في السراي الحكومي ليحدد مواقيت الصلاة والصوم والإفطار للسنة.

وتفترض إيجاد خاضع درزي يقبل بزعامة سمير القنطار على المختارة ودار خلدة معا، بعدما تنتفي الحاجة إلى الدار الساحلية.

 

ولا حاجة للبحث عن خاضع شيعي، فهو موجود بكامل لياقته، وإن حدث أن استنكف عن الخضوع ... فغيره كثر.

ولن يكون عون محرجا، فسيقول للمسيحيين إنه بولائه لحزب ولاية الفقيه منع عودة جيش النظام السوري إلى لبنان ... سيحكمهم، هذه المرة، الحرس الثوري الإيراني مباشرة، ولا بأس بذلك فإيران دولة غنية ... تمول أتباعها جيدا، على عكس النظام السوري الذي ... يأخذ ولا يعطي.

هذه أحلام اليقظة التي يعمل عون ومعسكر حزب ولاية الفقيه على تحقيقها، من الآن وحتى انتخابات العام 2009. ولتحقيقها يحتاجون إلى سلاحهم، فهم في السياسة ، حتى الآن، عاجزون عن تحقيق أي انتصار.

 

حتى الثلث الضامن الذي حصلوا عليه في الحكومة بموجب اتفاق الدوحة لا يعني شيئا، عمليا، فهم ... حتى الآن غير قادرين على إدراج تبني سلاحهم، علنا، في البيان الوزاري، وغير قابلين بإحالته إلى مؤتمر الحوار الوطني، من دون تبنيه مسبقا في البيان الوزاري، لأنهم أصلا لا يريدون حوارا جديا حياله.

لذلك يهدد رئيس كتلتهم النيابية محمد رعد باللجوء إلى السلاح مجددا.

يريدون الاستناد إلى بيان وزاري يشرعن سلاحهم المثير للجدل كي يقولوا لاحقا إنه شرعي، وبالتالي على الحوار الوطني أن يبحث فقط في كيفية استدامة شرعيته المزعومة.

 

هنا العقدة الحقيقية للبيان الوزاري. المسألة ليست في إيجاد صيغة مقبولة لهذا السلاح الذي كان يسمى مقاومة قبل السابع من ايار الماضي. المسألة هي في كيفية ضمان شرعنة هذا السلاح، على الرغم من أنه استخدم ضد أهل الوطن. 

لذلك، أيضا استبق عون البيان الوزاري والحوار الوطني وربط مصير السلاح بعودة الفلسطينيين إلى ديارهم، تحت شعار منع توطين لا يريده أحد.

المسألة هي أن عون لا يدرك ، أو لا يريد أن يدرك، أو يدرك جيدا من دون أن يعلن أن السلاح الذي استخدم ضد ابناء الوطن ليس منا، وليس لنا ...  بل هو سلاح ضدنا ... وضد مسحييه في النهاية.

 

إذا نجح معسكر ولاية الفقيه في الانتخابات ستبدأ حقبة السجناء السعداء في قصر بعبدا والسراي وعين التينة والمختارة وخلدة ... وزغرتا أيضا.

ومن الأفضل عدم تخيل وضع بكركي، ودار الفتوى، ودار الطائفة الدرزية وبقية المرجعيات الإسلامية والمسيحية.