الكيان في الميدان

بقلم/محمد سلام

 

 كما أن "حزب السلاح" لم يجلس إلى طاولة حوار منذ الثامن من تموز العام 2006 للبحث في ما يسمى استراتيجية دفاعية، أي للبحث في سلاحه، فإنه لن ينضم إلى أي حوار للبحث في سلاحه.

 

"حزب السلاح" فقط يفرض شروطه بعد أن يكون سلاحه قد انتصر، وفق رؤيته ومفهومه للانتصار، المتمثل بإخضاع اللبنانيين لسلاحه ومنطقه.

 

مفهوم الشراكة في قاموس "حزب السلاح" مستنسخ من مفهوم الشراكة في نظام ولاية الفقيه الذي ينتسب إليه أمين عام "حزب السلاح" والحزب بكامله.

 

والشراكة في فقه ولاية الفقية الفارسي هي خضوع جميع مكونات المجتمع لأوامر الفقيه. أي إما أن تكون تابعا طائعا، أو عميلا وجب شطبه

 

هذا، بالضبط ما يحصل في لبنان.

 

من لا يوقع وثيقة تفاهم مع "حزب السلاح" تعترف صراحة بسلاحه، لا بالمقاومة كمسمى ملتبس، كما وثيقة العماد ميشال عون، يكون خائنا وجب شطبه من المعادلة أو إخضاعه. عون لم يخف الرغبة، رغبة "حزب السلاح"، في أن تكون الوثيقة نموذجا "وطنيا" يحتذى.

 

ومن باب الحرص على استدامة السلاح، لم يجلس "حزب السلاح" إلى طاولة مفاوضات إلا في الفينيسيا بعدما أخضع غربي بيروت. وانتقل إلى الدوحة ليبحث في أجندة تتضمن الاستراتيجية الدفاعية، أي سلاحه، ولكن ... لاحقا.

 

بيان الدوحة خلا من أي إشارة إلى ما كان يسمى مقاومة، وحدد بحث الاستراتيجية الدفاعية المزعومة بعد انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة.

 

"حزب السلاح" يعطل عبر عون تأليف الحكومة كي لا يجلس إلى طاولة حوار تبحث في سلاحه. وإذا تألفت الحكومة بقدرة قادر، سيعطل الحزب وعونه انتقالها إلى حالة الحكم الفعلي عبر الخلاف على بيانها الوزاري لجهة الموقف مما كان يسمى مقاومة.

 

وفي أثناء التعطيل يعد الحزب وملحقاته لاجتياح عسكري كبير، يؤدي في حال نجاحه، إلى إخضاع اللبنانيين وبالتالي إلى إلغاء بند سلاحه عن أجندة أي بحث, أو إلغاء أي بحث في أي أمر، فالحقبة تكون للطاعة أو ... الإبادة.

 

وإذا فشل اجتياحه الكبير في تحقيق الإخضاع النهائي سيؤدي إلى خلق حالة أمنية تكسب "حزب السلاح" أفضلية إعادة ترتيب الأولويات على جدول الأعمال اللبناني، فتتقدم هموم الأمن والاستقرار على أي بحث آخر.

 

لذلك يحشد "حزب السلاح" قواته من مرتفعات سعدنايل وتعلبايا إلى صنين والزعرور والمرتفعات البقاعية المشرفة على فاريا والضنية وبشري وفي سهوب الرعي النائية بين الهرمل وعكار لينفذ اجتياحا شاملا يمتد من جبل لبنان إلى عكار، طبعا بالتعاون مع خلاياه النائمة في قرى كسرون، جبيل، البترون، الكورة وعكار. وبالتعاون مع ملحقاته المتحفزة في هذه الأقضية وفي زغرتا.

 

الهدف السياسي للاجتياح الذي يعد لتنفيذه بسرعة هو شطب القيادات المسيحية المناوئة لـ"حزب السلاح". أي آل الجميل وآل إدة وآل المر ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، لصالح قيادات مسيحية خاضعة.

 

كما يهدف الاجتياح، سياسيا أيضا، إلى إخضاع سنة طرابلس وعكار "لقيادات" سنية موالية لـ"حزب السلاح"، أو مستعدة للخضوع له.

 

ميدانيا، يهدف الاجتياح إلى ضرب جبل لبنان المسيحي وقطع تواصله مع الجبل الدرزي ومع الشمال السني. ومن ثم، بعد إنجاز الهدف، يتم الالتفاف مجددا على الجبل الدرزي لإخضاعه.

 

الاجتياح الذي يعد له يتجاوز في بعده الميداني والسياسي عملية عسكرية محدودة، موضعية، أو "نظيفة" ليصل إلى حد ضرب الكيان ... في الميدان.

 

وكل ما قام به "حزب السلاح" وأتباعه منذ ما بعد الانتخابات الرئاسية يصب في اتجاه وضع الكيان في مشرحة الميدان ... ويتحدثون عن حكومة وحقائب وقانون انتخابات.

 

يتحدثون في كل شيء ... إلا في السلاح.

 

أما الكيان فإنه في الميدان يواجه خطرا وجوديا لم يشهد مثيلا له لا في العام 1958، ولا في حرب السنتين ولا في الاجتياح الإسرائيلي ولا في حقبة الاحتلال السوري. 

 

الكيان يواجه خطرا أشبه بما تعرضت له الطائفة الشيعية منذ ثمانينات القرن الماضي عندما نفذ حزب الفقيه الفارسي برنامج إخضاعها الدموي عبر ضرب "حركة أمل" للقضاء على شعار كان الإمام موسى الصدر قد أطلقه: قرار الجنوب للجنوبيين.

 

قرار الجنوب الآن بيد "حزب السلاح" الذي يعد لإخضاع الكيان في الميدان.

 

السبت 28 حزيران 2008

عن موقع لبنان الآن