السياسة على وقع السلاح

بقلم/محمد سلام

 

 

الأقلية رشحت الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو لتولي حقيبة وزارية.

 

الرئيس المكلف فؤاد السنيورة أبدى تحفظه عن مشاركة قانصو في الحكومة لتفادي نقل متاريس الشارع إلى قاعاتها.

 

و ... نشطت آلة القتل بين بعل محسن وباب التبانة في طرابلس و "حصدت" بالمعنى السلبي ما لا يقل عن أربعة قتلى و 53 جريحا ... وما زالت ناشطة وقد لا تتوقف إلا إذا ...

 

وفق هذا التوالي الزمني سارت الأحداث. وهي أحداث، أقله في شقها الدموي، كونها غير تلقائية، كي لا أقول مفتعلة، فلو كانت حوادث، كحوادث اصطدام السيارات، مثلا، لاعتبرنا أنها قضاء وقدر.

 

بهذه العقلية، وعلى وقع قوة السلاح وجرائمه والأرواح التي يحصدها والأضرار التي ينزلها في جسد الشعب اللبناني تجري "العملية السياسية" في لبنان منذ اجتياح غربي بيروت الذي نفذه "حزب السلاح" في الثامن من أيار الماضي، وما زال مستمرا، بصيغة مزيدة، منقحة معدلة.

 

خطير نموذج "العمل السياسي" المعتمد على جبهة بعل محسن وباب التبانة.

 

الأخطر أنه لا يوجد تقرير رسمي تفصيلي يبلغ الشعب اللبناني بحقيقة ما جرى: كيف بدأ الاشتباك؟ من بدأه، ما سببه، ما هي أهدافه، وما هو العقاب الذي سينزل بمن أثاره؟.

 

الأشد خطورة، أنه لن يوجد تقرير رسمي تفصيلي بما جرى. والأسوأ أن أحدا لن يعاقب لأن ثقافة العمل السياسي لدى بعض الأطراف تعتمد على آلة القتل، أي السلاح.

 

جولات "العمل السياسي - العنفي" المتنقل من بيروت إلى الجبل وصيدا فالبقاع والشمال، مع ما يواكبها من مصالحات "نفاقية" توقظ كوابيس الحرب الأهلية لدى الجيل الذي عايش بداياتها في العامين 1975-1976.

 

اشتباكات، ضحايا، خطف، لجان أمنية، قوى فصل بين المتقاتلين، وقف إطلاق نار، تبادل مخطوفين... ثم تجدد الاشتباكات، وهكذا.

 

وحتى الآن، بعد 33 عاما من انطلاقتها البائسة، ما زال لبنان يفتقر إلى تقرير رسمي تفصيلي يقول لشعبه كيف بدأت الحرب الأهلية ومن المسؤول عنها.

 

حتى الآن، وبعد أربعة عقود تقريبا، لا يوجد تقرير رسمي يحدد من قتل الزعيم الصيداوي معروف سعد فيما كان يقود مظاهرة لصيادي الأسماك في شارع رياض الصلح.

 

حتى الآن لم يتم توقيف قتلة زعيم الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط مع أنهم حكموا البلد 30 عاما، أو ربما لأنهم حكموا البلد 30 عاما.

 

حتى الآن لم يتم توقيف حبيب الشرتوني، المتهم باغتيال رئيس الجمهورية المنتخب بشير الجميل، بعد مغادرته سجن رومية المركزي أثناء الانفلاش السوري مع انهيار حركة العماد ميشال عون في 13 تشرين الأول 1990، مع العلم أنه لا يوجد من يزعم أن الشرتوني غادر البلد.

 

حتى الآن لم يتم توقيف أو اتهام شخص واحد بارتكاب موبقات 8 ايار وما بعدها في بيروت الغربية.

 

حقائق اليقظة هذه ... توقظ كوابيس الحقبة تلك.

 

فهل نحن على الدرب سائرون؟

 

أسئلة لا يملك الإجابة عنها إلا من اجتاح غرب بيروت، وأشعل البقاع ومارس القنص "السياسي" من بعل محسن باتجاه باب التبانة.

 

أسئلة لا يملك الإجابة عنها إلا من يملك الإجابات في صنين والزعرور والقرنة السوداء وجرد بشري - الأرز وجرد الضنية وسهوب الرعي بين الهرمل وعكار.

 

أسئلة لا يملك الإجابة عنها إلا من "خلق" تجمعا "وطنيا" مسيحيا ... ليغطي نشاطات أصحاب الإجابات.

 

السياسة على وقع ضجيج السلاح. هذا هو عنوان المرحلة.

 

الاربعاء 9 تموز 2008

 

عن موقع لبنان الآن