تسقط المحكمة... تسقط "المقاومة"

بقلم/علي حماده

عن جريدة النهار

 

بداية، ولنقلها صراحة مرة جديدة لم يعد هناك من مقاومة في لبنان بل مجموعة مسلحة طابعها ميليشيوي فئوي مستتبعة لاجندة خارجية غير لبنانية، وهي تخوض معركة للقبض على النظام والدولة والحكم في البلاد تحت عناوين عدة. وعنوان اليوم هو المحكمة الدولية.

 

هذا اقتناع راسخ في قلوب ملايين اللبنانيين وعقولهم. وهي مختلفة عن التسوية السياسية التي تمت حتى الآن في مجالس الوزراء المتعاقبة، وآخرها التسوية التي افضت الى اختراع بدعة "الجيش والشعب والمقاومة" والتي لم يعهدها بلد غير لبنان.

 

بالنسبة الى التسوية السياسية ورغم اعتراض عدد من القوى الاستقلالية عليها، فقد تم تجاوز الاعتراض لمصلحة حماية لبنان من نزاع داخلي كبير باعتبار ان التنظيم المعني بالبدعة يملك قوة مسلحة سبق له ان استخدمها لقتل لبنانيين عزل في غزوات بيروت والجبل والبقاع الاوسط، وما فتئ يهدد باستخدامها، ولا من احد يشك انه سيستخدمها مرة جديدة لأن العنف يقع في صلب طبيعته وتكوينه. ويكفي المراقب ان يتابع ما يحصل من حوادث يومية عرضية في مناطق سيطرة "حزب الله" ليرى كيف صارت الاسلحة الرشاشة والمضادة للدروع من وسائل حل الخلافات العائلية السخيفة والتافهة. كما تكفي مراقبة التمركز المخيف لكل انواع الممنوعات في حمى الدويلة. هذا ما اعترف به يوما الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله حين دعا الدولة وقواها الامنية الى دخول مناطقه لحفظ الامن وملاحقة العصابات من كل نوع. كان ذلك قبل اكثر من سنة.

 

بالنسبة الى التسوية - البدعة، حصل اجماع حكومي، او قل اجماع لأن المتحفظين لم يعرقلوا تشكيل الحكومة وذهبوا مع ممثلي الدويلة في الحكومة للمثول امام مجلس النواب واخذ الثقة لما سمي آنذاك "حكومة الوحدة الوطنية". وكان القبول بالتسوية – البدعة على قاعدة ان البيان الوزاري كل متكامل، بما ينص على احترام لبنان للقرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701 الذي يتناوب الاسرائيلي و"حزب الله" على انهاكه بشكل منهجي. والاهم ان البيان الوزاري نص ايضا على ان لبنان يحترم التزاماته بالنسبة الى المحكمة الدولية على كل الصعد قضائيا وماليا.

 

هذا ما وقّع عليه وزراء "حزب الله" وحلفاؤه. واليوم يعلنون الحرب على المحكمة، بإسقاط تمويلها في الحكومة، وفي لجنة المال والموازنة، بالتالي يخرقون البيان الوزاري الذي يمثل الوثيقة السياسية للحكومة.

ما معنى هذا؟ ان القواعد السياسية التي قامت عليها الحكومة لم تعد محترمة. وتحلل طرف في الحكومة من التزاماته في شأن بند من البنود الجوهرية يجر حكما الى تحلل الشركاء في الحكومة من البنود التي كانوا يتحفظون عنها في الاصل. فالاقتناع راسخ بأن "حزب الله" ميليشيا وبأنه يمارس القمع والتعدي المسلح على المدنيين العزل في سبيل تحقيق مكاسب في السلطة والحكم. والطامة الكبرى انه يشن حروبا داخلية اكثر مما يشن حروبا خارجية.

من هنا كان لا بد للاستقلاليين ان يضعوا في الميزان المحكمة في مقابل الاستمرار في الاعتراف بما يسمى "مقاومة". فمواصلة الحرب على المحكمة ستكون لها نتائج حتمية على الواقع السياسي في البلد، وتاليا على واقع العلاقات بين الجماعات اللبنانية.

 

ان الحرب على المحكمة هي الوجه المعلن لحرب خفية على الاستقلال والدولة والنظام والصيغة في سياق حملة مبرمجة للاستيلاء على السلطة بكل الوسائل بما فيها العنف. وهذا لن يحصل. وما على الاستقلاليين سوى الصمود والصمود والصمود.

 

30 أيلول/10