رد من اللبنانين في اسرائيل على ما ورد في جريدة الاخبار تاريخ 15/10/2009- العدد 947

 

 تمنع ادبيات الكتابة ان نصف بعض الصحف اللبنانية بما تستحق من نعوت وقد غيّبت في مقالاتها وتعاملها مع ملفات “تعارض توجهها” كل المقاييس والمعايير الاخلاقية والمهنية.

من المعروف، أن ملف ” اللبنانيين في اسرائيل” يُواجَه في غالب الاحيان بكثير من الجهل والتعصب بعيدا كل البعد عن الموضوعية والمصداقية، من قبل اعلاميين طارئين على الاعلام والسياسة، لم يتخطوا العصر الجاهلي في اسلوب تعبيرهم وفي مضمونه. هذا ما ينطبق على المقال الذي نشر في جريدة الاخبار تاريخ 15/10/2009 والمعنون ” لبنـانيّــون مواطنــون في إسـرائيــل: وفاء وإغراء”

 

لسنا مهتمين بما يهمدر ويزمجر به هؤلاء خريجي الانظمة الاحتلالية علما واخلاقا. لكن السكوت على اجرامهم خطيئة بحق تاريخنا ودماء شهداءنا الاحياء والاموات.

فبالرغم من كل شيء، اننا لبنانيون، نفخر بهويتنا اللبنانية الذي من اجلها دفعنا ما دفعناه من الم واضطهاد ومنفى، هوية وطن عبدناه واقسمنا الوفاء لترابه، فليس من السهل ان نتنازل عنه وعن هويته مقابل اي هوية اخرى او لاجل اي دولة – من كانت .

 

ان “الخيانة” التي تحدثت عنها الجريدة الموقرة، ليست من سمات “جيش لبنان الجنوبي” الذي لم يرفع يوما سوى الراية اللبنانية ولا يزال حاملها قلبا فكرا وحقيقة في عمق “عدوتهماسرائيل، بينما وطنهم مزدان بشعارات واعلام وصور رؤوساء اعداء الكيان اللبناني وهويته ناهيك عن اسماء الشوارع الملطخة باسماء قتلة الشعب اللبناني.

 

كل عميل خان لبنان، وتعامل مع إسرائيل، وأثبت خيانته، يستحق من الإسرائيليين التقدير.” هذا ما اعتبرته الصحيفة بقراءتها لبنود القانون الخاص بجيش لبنان الجنوبي الذي شرعته الدولة الاسرائيلية عام 2004

 

ان خيانة لبنان لم تنبع يوما من المنطقة الحدودية لا بل كانت السلطة اللبنانية وازلامها منبعا دائما تغرف منها العمالة والتبعية.

 

اما قانون”عناصر جيش لبنان الجنوبي وعائلاتهم” انما جاء لتسوية وضع ظاهرة اللجوء الجماعي من حضن “الامالى حضن “العدو” ،ووُجد لانه لا بد من نص قانوني يضمن حقوق “الضيوف الجدد” الذين تعاونوا مع اسرائيل في مواجهة العدو الواحد ومن بعده الخصم الجاهل للبنانيته، كما جاء عربون التزام معنوي من الدولة العبرية لقاصديها اللاجئين. فعار على اي لبناني ان يعطيه تفسيرا اكثر من حجمه وحقيقته من اجل خدمة اسياده “العملاء” وتغطية لافعالهم المجرمة بحق الشعب والوطن، وبث سمومهم على الراي العام اللبناني، متخذين لانفسهم صفة المحلل والعارف والقاضي ، فحققوا وحاكموا واصدروا الاحكام الذي تليق فقط بامثالهم.

 

ولو ان الدولة العبرية وشعبها يعتبرون هؤلاء بخائنين لوطنهم لتعاملت معهم بطريقة عكسية لان خائن ارضه غير مؤتمن عليه.

ان ابناء المنطقة الحدودية صادقوا الشرف دوما والكرامة ابدا، يجلون الارض التي استقبلتهم، والدولة التي استوعبتهم وان كانت “امهم” تعتبرها “عدوا” انصياعا لاوامر اقليمية، لكنهم يؤمنون بان السلام آت يوما لاحقاق الحق وتحييد لبنان صراع قضية اصحابها منها براء.

 

كما ان ارض المنفى لسيت بالمكان الذي يطيب فيه للاشراف كاللبنانيين في اسرائيل الاقامة فيه لكن “افظع ما يتحمله الانسان من الانسان هو الذل، فالذل ابشع وجها من الكبرياء وامر مذاقا من الفقر واثقل وطاة من المرض واقسى نابا من الموت” على حد قول الاديب اللبناني ميخائيل نعيمة، فكيف اذا جاءك من دولتك المرتمية في حضن حزب السلاح؟

 

تحدث كاتب السطور ايضا عن الاغراء!! لكنه نسي ان شعب المنطقة الحدودية المنفي اليوم الى اسرائيل عانى ما عناه لانه رفض المساومات و”الاغراءات” يوم كان على ارضه وفي بيته … فماذا تعني له اليوم هذه ” الاغراءات”، وهو في حالة طلاق بين الروح التي ابت مغادرة الوطن والجسد الذي اجبر على دخول غياهب المنفى .

 

ان الرد على كل بنود هذا المقال انما يستدعي مقالات نظرا لفقدان سطوره المصداقية وانعدام البصيرة الموضوعية والاخلاقية في تناول واقع الجالية اللبنانية في اسرائيل وتحويرها من منطق يعيدك بمصطلحاته الى ما قبل التاريخ الحضاري المتمدن ، فهم في كلماتهم انما يعكسون جميع عقدهم ونقائصهم، انه اسلوب الصحف الاتية من خلف قضبان الانظمة الاديولوجية حيث هدفها غسل ادمغة شعوبها بالفكر الواحد لتعزلها عن اي خيار اخر .

وفي الختام، لا بد من التوضيح انه لا يوجد اي طيار لبناني في سلاح الجو الاسرائيلي لذلك يرجى من الصحيفة “السباقة” في بث الاضاليل نقل الاخبار بصورتها الحقيقية ان كانت تعرف للحق معنى .

———————————————

المقال كما ورد في جريدة الاخبار

أوردت وكالات الأنباء ما يأتي: عادت أسرتا سمير منصور وأحمد نصر الله، من داخل فلسطين المحتلة. انتهت فترة هربهم، وانتهت كذلك فترات العشرات من اللبنانيين الذين غادروا مع الاحتلال في أيار 2000. لكن بقي الآلاف منهم هناك، حيث أصبح وجودهم «شرعياً»، كأن إسرائيل لا تمانع في «توطينهم»

أحمد محسن

لا يجاهر أحد من اللبنانيين بأن إسرائيل ليست عدواً، لكن هناك لبنانيون موجودون فيها (أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن عدد الباقين منهم يقدر بنحو 2600). أعدت لهم الحكومة الإسرائيلية، أخيراً، قانوناً يسهّل لهم أمورهم، ويكافئهم على تعاملهم مع جيشها. تعيش بضعة آلاف من الأسر في كنف الاحتلال، ويُخشى أن تتحول إلى جالية بمرور الزمن. لا أحد يعرف كيف تجري أمورهم تفصيلياً. الحكومة الإسرائيلية التي تراقب كل شيء وحدها تعرف ذلك، والقانون الجديد، وإن كان «إنسانياً» في شكله، إلا أنه يكرّس ولاء هؤلاء لإسرائيل، رغم عودة العشرات ومحاكمة جزء كبير ممن تعاونوا معه، وانتهت مدة أحكامهم بلمح البصر. ربما مرّ الوقت سريعاً في لبنان، لشدة تلاحق الأحداث. ربما استفاد المتعاملون من هذه النقطة ومن نقاط أخرى. وبالنسبة إلى الباقين في إسرائيل، القانون الذي خصتهم به الحكومة الإسرائيلية واضح جداً. ووفقاً لما نشره الموقع الإلكتروني الرسمي للبنانيين في فلسطين المحتلة، فإن القانون يحتوي على 17 بنداً، ويهدف إلى تسوية وضع أفراد «جيش لبنان الجنوبي» وأسرهم في إسرائيل، من تاريخ دخول هذا القانون حيّز التطبيق.

قوننة وجود الميليشيا

يساوي القانون الإسرائيلي بين قتلى الميليشيا المتعاملين معها وقتلى الجيش الإسرائيلي

دخل القانون حيّز التطبيق، بعدما وقعه رئيس وزراء إسرائيل حينها، آرييل شارون، واستفاد البعض منه، تبعاً لما تؤكده مصادر متابعة على الأراضي الفلسطينية. أما عن مضمون القانون، فمفرط في السخاء، كما يظهر. كلّ من يقيم في إسرائيل وأدى خدمته العسكرية في «جيش لبنان الجنوبي» يُعدّ عنصراً في هذا الجيش، ويشمله القانون، إضافة إلى العناصر المعوّقين في «جيش لبنان الجنوبي»، وهم بالنسبة إلى الادعاءات القضائية الإسرائيلية، كل من أصيب بإعاقة أثناء تأديته خدمته العسكرية وبعدها. ولا يتوقف السخاء الإسرائيلي على ذلك. يحق لكل فرد من أسرة معوّق في الميليشيات المتعاملة مع إسرائيل أن يستفيد من كل ما حدده البند 1 من قانون المعوّقين الإسرائيليين (الصادر عام 1959) وما ينطوي عليه من مستحقات وتأهيل، شرط أن يكون مقيماً في إسرائيل. للمناسبة، يوجد قانون للمعوّقين في إسرائيل. يهتمون بمواطنيهم هناك. ويتابع القانون شروحه للمستفيدين منه في بنوده الأولى، فيشير البند الثاني إلى أن أُسر قتلى جيش لحد، الذين سقطوا وهم يؤدون خدمتهم العسكرية، أو بعدها، يستفيدون أيضاً، وأكثر من ذلك، تصفهم الترجمة الحرفية بالشهداء. وفي هذه النقطة تحديداً، يعود الإسرائيليون إلى أحد قوانينهم المحلية، فينصّ القانون الخاص بأفراد «جيش لبنان الجنوبي» وأسرهم في إسرائيل، بأن أي فرد من أسرة «شهيد في جيش لبنان الجنوبي» يحصل على الامتيازات كاملة التي حددها البند الأول من «قانون أُسر الشهداء الذين سقطوا في المعركة»، الخاص بجنود الجيش الإسرائيلي (الصادر عام 1952). وأيضاً، في حال وجود هؤلاء الأسر في إسرائيل. لا يتوقف الأمر هنا. فكل من أدى «الخدمة العسكرية» تحت إشراف الرائد سعد حداد ومن بعده اللواء الركن أنطوان لحد، وكل من كان في جهاز الأمن في جنوب لبنان، ومن عمل في الإدارة المدنية أو في أي عمل آخر، يرتبط باستتباب الأمن في دولة إسرائيل، حتى تاريخ 23 أيار 2000، يستفيد هو الآخر. يمكن في هذا البند التوصل التام إلى معرفة حجم الشبكة الكبيرة من المتعاملين، المتوزعة على أكثر من نشاط ميداني ومكتبي.

ربما لم يكن وجود جالية لبنانية في إسرائيل مخيفاً للإسرائيليين أنفسهم! فقد تطرق البند الثالث إلى آلية منح الجنسية لهؤلاء، فيمنح وزير الداخلية هناك الجنسية الإسرائيلية لكل عنصر من جيش لحد، وزوجته وأولاده، إذا تقدم بطلب المواطنية الإسرائيلية، وذلك استناداً إلى قانون الجنسية (الصادر عام 1954)، ويستثنى منه كل من تطبق عليه أحكام المادة 5 من القانون المذكور، ويحق لوزير الداخلية رفض منح الجنسية المنصوص عليها في البند الأول، إذا أثبت وجود أسباب معينة حدته إلى اتخاذ قراره. وحتى الآن، يبدو الحديث عن لبنانيين يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويتصرفون كمواطنين عاديين هناك، أقرب إلى الشائعات، رغم بدء العمل بالقانون.

يحصل المتعاملون مع إسرائيل على هبة تقدّر بنحو 10 آلاف دولار أميركي وراتب شهري

يظهر جلياً أن فريق القانونيين الإسرائيليين درس الوضع اللبناني، بحكم احتلال جيش دولتهم الجنوب لسنوات طويلة. فقد ورد أن وزير الداخلية يستطيع في حالات محددة أن يمنح الجنسية الإسرائيلية لأحد أقرباء المتعامل، ولو كان غير مذكور في البند الأول من هذا القانون، لكنه تقدم بطلب اكتساب الجنسية الإسرائيلية وأثبت أن إقامته في إسرائيل هي نتيجة وجود خطر على حياته بسبب انتماء قريبه إلى «الجنوبي»، ما يعني بكلمات أخرى «اللجوء السياسي». هنا بيت القصيد، إذ يشير فريق كبير من دعاة عودة اللبنانيين من تحت سيطرة إسرائيل، إلى أن مغادرة الوطن كانت قسرية، وتحت وطأة الخوف من الثأر العشوائي. يبدو لجوء هؤلاء إلى إسرائيل اليوم ثقافياً واجتماعياً، أكثر مما هو سياسي بالفعل. فعلى العكس من مخاوفهم، عاد العشرات، فيما طابت «الإقامة» في فلسطين المحتلة لآخرين. ويمنح وزير الداخلية الإسرائيلي الإقامة الدائمة لكل عنصر من جيش لحد وأسرته، عملاً بقانون الدخول إلى إسرائيل الصادر عام 1952، إذا تقدم بطلب لذلك. وكي تكتمل صورة العميل اللحدي لتتطابق مع الجندي الإسرائيلي في الشكل، يحصل كل عميل لحدي على بطاقة عسكرية إذا أراد، تثبت انتماءه إلى الميليشيا، وتسهل عليه تنقله في الداخل، وذلك يستوجب ألا يكون مداناً بجرم نهائي أو محكوماً بالسجن لأكثر من عشر سنوات. والمقصود بالأحكام العدلية هنا، الجنائية منها. فمن البديهي ألا تعترف الحكومة الإسرائيلية بالمحاكم اللبنانية. كيف ذلك والدولة العبرية تُطبّق على أُسر قتلى جيش لحد أحكام القانون الخاص بأُسر «شهداء» جيش الدفاع الإسرائيلي وقانون المعوّقين كاملاً، بما في ذلك المستحقات؟

والمستحقات حدث أساسي هي الأخرى. كل عميل خان لبنان، وتعامل مع إسرائيل، وأثبت خيانته، يستحق من الإسرائيليين التقدير. فينال لمرة واحدة منحة مالية، هي عبارة عن الأجر الشهري الذي كان يتقاضاه قبل الانسحاب، مضروباً بثلاثة أشهر وبعدد سنوات الخدمة (الأجر 3 X أشهر Xسنوات الخدمة) وهبة إضافية تقدر بمبلغ 40.000 شيكل (10726 دولاراً أميركياً). ويستدرك القانون بأنه يحق لوزير الدفاع الامتناع عن دفع هذه المستحقات (كاملة أو جزئية) إذا أدين رجل الميليشيا بجرم جنائي عملاً بقانون العقوبات الصادر عام 1977، أو أدين بسجن لأكثر من عشر سنوات، ويحدد وزيرا الدفاع والمال، بموافقة لجنة المال في الكنيست، آلية دفع المستحقات بأقساط شهرية لفترة لا تتعدى عشر سنوات. ويقدم وزيرا الدفاع والمال تقريراً سنوياً إلى لجنة المال في الكنيست عن المنح وآلية دفعها. ويلقي القانون أعباءً ثقيلة على كاهل وزير الحرب، فيلزمه بتعيين مكلف أو مكلفين في موضوع تحديد المستحقات، وحصص المستحقات، تمهيداً لدفعها إلى العملاء كما ورد في البند الأول من المادة 8، مع الإشارة إلى ضرورة إعلان تعيين المكلف ملف المستحقات وعنوانه ونشره في اللوائح.

على أبواب المحاكم

دخل القانون حيّز التطبيق بعدما وقّعه شارون واستفاد البعض منه

أكد مصدر متابع لشؤون اللبنانيين في الأراضي المحتلة، أنه رغم سريان عمل القانون، إلا أن اللبنانيين يواجهون مماطلة إسرائيلية، ونمطاً بيروقراطياً حاداً هناك، لا يخلو من العنصرية ومحاولات التملّص. بيد أن القانون الإسرائيلي استبق هذه المشاكل، ربما ليصبح القانون نموذجياً في كلاسيكيته، وربما لمعرفة المشرّع مدى خطورة توطين عرب جدد في إسرائيل، وما قد ينجم عن ذلك من ردود فعل رافضة داخل إسرائيل. تطرق القانون إلى الاستئناف، فكل فرد يلحظ أن قرار المكلف ملف المستحقات جائر بحقه، له حق الاعتراض، وصلاحيته أمام لجنة الاستئناف، التي يعيّنها وزير العدل، وتختص بالنظر في الطعن بقرار المكلف ملف المستحقات. وتتألف لجنة الاستئناف من ثلاثة أعضاء، على أن يكون أقل واحد منهم من أفراد جيش لحد برتبة تعادل النقيب في الجيش الإسرائيلي. ويمنح القانون المكلف ملف المستحقات ولجنة الاستئناف صلاحيات واسعة، فهو غير ملزم بأنظمة قانونية أو إثباتات. وللجنة صلاحية العمل بالطريقة التي تراها مناسبة للتحقيق في الطلبات المقدمة أمامهم للبحث. ولا ينفي ذلك إصدار أحكام خاصة بشأن المستحقات، التي تتألف من: توفير الدخل، والبند 9 من قانون التأمين الوطني الإسرائيلي (الصادر عام 1980)، ويجب على الحكومة الإسرائيلية أن تعمل «وفق إمكانياتها» على إيجاد حلول لمسألة السكن للمتعاملين معها، وتسوية موضوع العمل (لم يتحدث القانون عن أي آليات)، ولذلك تحدد ميزانية سنوية خاصة باللحديين، تدخل في بند ميزانية وزارة دفاع الإسرائيلية. على أيّ حال، وزارة العدل لا علاقة مباشرة لها بتطبيق القانون والإشراف عليه، فقد رأت الحكومة هناك أن الجيش اللحدي المتعامل معها جزء من أمنها القومي. فوزير الدفاع هو المكلف بتنفيذه، وهو المسؤول عن تصحيح أي خرق لتنفيذه. ونقلت مصادر متابعة أنّ الحكومة الإسرائيلية تتعامل بطبقية مع اللحديين، إذ يحظى «الضبّاط» منهم بامتيازات واسعة وتشرف عليهم وزارة الدفاع مباشرة. أما الباقون… فيعانون.

الجنــوبي «أ» طيّــار فـي الجيــش الـذي يحــبّه

تحدثت الأنباء الإسرائيلية، يوم 21/08/2009، عن وجود رقيب أول لبناني الجنسية من أبناء أحد عناصر «جيش لبنان الجنوبي» سابقاً الذي لجأ إلى إسرائيل في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وقد جرى التحفظ على اسمه ورُمز إليه بحرف «أ»، هو أول عسكري لبناني يخدم في سلاح الجو الإسرائيلي.

والرقيب الأول «أ»، بحسب الأنباء الإسرائيلية، وُلد في لبنان (قرية دبل) من أب خدم في «جيش لبنان الجنوبي»، واليوم يبلغ الـ21 من عمره. وبعد مرور نحو 10 سنوات على سكنه في إسرائيل، «لا يشعر بأي علاقة تربطه بلبنان».

اعتادت أسرة «أ» زيارة إسرائيل مرات عدة قبل أن تنتقل إلى العيش في الأراضي الإسرائيلية على نحو دائم. ويروي «أ» من مكان إقامته في سرب الطائرات في قاعدة سلاح الجو في تل نوف قائلاً: «لا أتذكر المرة الأولى التي زرت فيها إسرائيل، كنا نأتي لزيارة أقرباء يقطنون هنا، حتى إن أخواتي الأربع الأكبر سناً مني ولدن هنا».

ولد «أ» وكبر في قرية دبل الواقعة في جنوب لبنان. كان والده لسنين طويلة مدقق حسابات، وعضواً في «جيش لبنان الجنوبي». ويقول «أ» إن عمل أبيه في جيش لبنان الجنوبي لم يسبب استغراب أحد، «كما أبي، كذلك الكثيرون من أبناء قريتنا كانوا عناصر في لبنان الجنوبي. انضم إلى هذا الجيش لأنه يؤمن بهدفه ومسيرته. وأتذكر أن أبي تولّى عدداً من الوظائف وخضع للعديد من الدورات في إطار عمله في إسرائيل. وكانت أمي أيضاً عنصراً في الجنوبي».

يروي «أ»: «بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي حصل تخوّف كبير في الأسرة. علم أبي أنّ علينا المغادرة، فغادرنا بسبب الخوف، ولو لم نكن خائفين لما غادرنا. في ذلك الوقت لم أكن أعرف، أما اليوم فأعلم أن حزب الله هدد حياة عناصر لبنان الجنوبي. وقد قُتل زميل أبي على يد عناصر من حزب الله، وكان الذعر والحزن كبيرين. وكنا نخشى الانقطاع عن العائلة التي ما زالت تسكن هناك حتى يومنا هذا».

يتابع: «أقمنا في إسرائيل، وبعد سنة انتقلت العائلة مع عدد من العائلات الأخرى من لبنان الجنوبي إلى صفد، حيث تسجلت في مدرسة يهودية يتكلم فيها الجميع بالعبرية». هناك اكتسب اللغة العبرية والثقافة الإسرائيلية. ويقول: «في البداية، واجهت صعوبة مع اللغة، وبعد السنة الأولى كانوا يكنّون لي الاحترام. معظم أصدقائي من اليهود. والصديق الأفضل بالنسبة إليّ، وهو كأخ لي يهودي، وكانت لي صديقة يهودية أثناء المرحلة المتوسطة».

ويتذكر حرب تموز في 2006: «لم يخفني القصف، في البيت نحن مؤيدون لإسرائيل ولجيش الدفاع الإسرائيلي، وكان من الصعب علينا سماع مكروه يحلّ بأحد من جنود إسرائيل. وأتذكر أننا سمعنا في وسائل الإعلام أنّ في القرية التي وُلدت فيها قُتل بعض الجنود جرّاء صواريخ مضادة للدبابات، وكان صعباً بالنسبة إلينا أن نسمع خبراً كهذا. فأسرتي تحب إسرائيل كثيراً، ولو لم نكن نحب هذا المكان لما بقينا هنا».

خطر على حياتهم

بعد تجربة طويلة على مدى سنوات للعلاقة مع عناصر «جيش لبنان الجنوبي» تسلَّم أمس الوزير يوسي بيليد، في سياق جلسة الحكومة، مسؤولية الاهتمام بعناصر «الجنوبي». ويصف الوزير المهمات الأساسية التي يقدمها بالهدف الرئيسي في إطار ما يعرّفه بأنه دَين أخلاقي للشراكة في إسرائيل.

وفقاً لبيليد، فإن الهدف الرئيسي لذلك هو مساواة ظروف استيعاب عناصر الجنوبي. «إن عناصر الجنوبي منقسمون لسنوات. فهناك مجموعة من نحو مئتي شخص تدبّر وزارة الدفاع أمورها. وهناك نحو أربعمئة أسرة نُقلت بحسب قرار غريب من جانب الحكومة قبل نحو 5 سنوات لترعاها وزارة الاستيعاب، وبعد ذلك نُقلت إلى وزارة الصناعة والتجارة والعمالة. وهدفي الرئيسي في الوقت الراهن هو مساواة ظروف المجموعات الثانوية بظروف المجموعات الرئيسية.

وفيما يقول بيليد: «قمنا بالكثير من أجلهم، لكن هذا ليس كافياً. يحصل بعض المئات منهم على إيجار شقة من الدولة. ونحن نحرص على شراء شقق لقسم منهم».

ويكشف بيليد أن نحو 1500 منهم انتشروا في العالم، ورجع قسم منهم إلى لبنان بعدما مُنحوا آلاف الدولارات. وبحسب تقديره، فإنّ من بين 500 إلى 600 أسرة بقيت في إسرائيل، ستعود إلى لبنان 50 إلى 70 عائلة فقط إذا أُتيحت لها الفرصة. ويضيف: «صحيح أنّ من الأفضل أن يعود كل شخص إلى وطنه، لكن لا نعتزم حثهم على القيام بذلك. فالخطر على حياتهم كبير هناك».