قداس إلهي في الأشرفية في الذكرى ال26 لاستشهاد الرئيس بشير الجميل

ممثل البطريرك صفير: كان صريحا في وطنيته وجديا في ثورته على الفساد

المشكلة قبل اغتياله وبعده عدم الوصول إلى حال مواجهة الأزمات بالحوار

نديم الجميل: حان وقت الشفاء وبلسمة الجراح وإنهاء الإنقسامات والشرذمة

نؤيد الحوار دون عقد أو شروط مسبقة ومستعدون للمصافحة بيد صادقة ونظيفة

 

وطنية - 14/9/2008 (سياسة) أحيت "مؤسسة بشير الجميل" وحزب الكتائب اللبنانية، الذكرى السادسة والعشرين لإستشهاد الرئيس بشير الجميل، بقداس إلهي أقيم في كنيسة الأيقونة العجائبية في الأشرفية، عند الرابعة وعشر دقائق من بعد ظهر اليوم، وهو الوقت الذي وقع فيه الإنفجار في بيت الكتائب في الأشرفية، وأودى بحياة الرئيس الجميل وعدد كبير من الكتائبيين.

 

حضر القداس ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الوزير إبراهيم نجار، ممثل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري النائب بيار دكاش، ممثل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الوزير ريمون عوده،الرئيس أمين الجميل وعقيلته السيدة جويس، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير النائب البطريركي العام المطران رولان أبو جودة، وزير الداخلية زياد بارود، وزير السياحة نصري ماروني، ممثل الوزير نسيب لحود الدكتور أنطوان حداد، ممثل رئيس كتلة تيار المستقبل سعد الحريري النائب عاطف مجدلاني، والنواب: هاغوب بقرادونيان، هنري حلو، فؤاد السعد، نايلة معوض، ميشال فرعون، نقولا فتوش، جورج عدوان، عبدالله فرحات، سيرج طورسيركيسيان وجان أوغاسبيان.

 

كما حضرت النائبة صولانج الجميل وولداها نديم ويمنى، رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع، رئيس جبهة الحرية الدكتور فؤاد أبو ناضر، الوزيران السابقان جو سركيس وجوزف الهاشم، الدكتور الياس أبو عاصي، أرملة الوزير الشهيد بيار الجميل باتريسيا، كريمتا النائب الشهيد جبران تويني نايلة وميشيل، نجل النائب الشهيد انطوان غانم المهندس توفيق، ليلى جورج سعادة، المحامي أنطوان صفير، وروساء المصالح والأقاليم في حزب الكتائب وحشد من المواطنين ومحازبي الكتائب والقوات اللبنانية.

 

الذبيحة الإلهية

ترأس الذبيحة الإلهية ممثل البطريرك صفير المطران أبو جوده وعاونه الأبوان الياس الجلخ وسامي بو شلهوب، وخدمت القداس جوقة بقيادة الفنان عبدو منذر.

 

بعد تلاوة الإنجيل المقدس القى المطران أبو جودة العظة التالية:

"1- دعت العائلة، صاحب الغبطة والنيافة، الكاردينار مار نصر الله بطرس صفير، بطريرك انطاكية وسائر المشرق، الكلي الطوبى، كما في مثل هذا الوقت من كل سنة، الى ترؤس القداس في مناسبة استشهاد الرئيس الشيخ بشير الجميل ورفاقه، فشرفني السيد البطريرك اذ كلفني ان أمثله في هذا الاحتفال وان أنقل الى عائلات الشهداء مشاعره الابوية فيما يشاركنا في الصلاة لراحة نفوسهم من مقره في بكركي.

 

2- فقبلت المهمة بكل طيبة خاطر لما أكنه للمغفور لهم جميعا وبخاصة للشيخ بشير وعائلته ومشايخ آل الجميل الكرام من تقدير ومحبة، ولان المناسبة توليني التركيز على بعض النواحي الوطنية، وفي مقدمها الاستشاد والشهادة، الى جانب التركيز على النواحي الروحية واللاهوتية.

 

اولا: لمحة تاريخية:

قدر لبنان، ايها الاخوة، ان يحيا بالشهادة:

1- من هجمات المماليك وتفننهم في القتل والتهجير، الى النير العثماني وإصراره على الترويع والتجويع، الى العقد الاخير من القرن الماضي، عندما احترق لبنان والعالم صامت، وسقط الشهداء بالالوف، وهاجرت القرى، ودب اليأس في النفوس، وكادت الارض تفرغ من اهلها.

 

2- ولم تكن آلامنا تأتي، وحسب، من عوامل خارجية، لان مكونات الداخل كانت دائما، تفتقر الى التعاضد الوطني، وروح المصالحة، والالتزام الصارم بالانتماء الى لبنان وحده، وطنا نهائيا لكل ابنائه، لا اولويات قبله ولا مصانعة لاوطان اخرى على حسابه، ولا تراخي في تحصينه وحمايته، فهو الملجأ والمعبد والمال والبديل منه غربة وتشتت وزوال .

 

3- والمشكلة الاساس التي تجلت، قبل اغتيال الشيخ الرئيس بشير الجميل، ورفاقه، ومن بعد، هي ان اللبنانيين لم يتعلموا من آلامهم، ولم يعظهم تاريخهم المشترك، ولم يصلوا الى حال من الوعي، تجعلهم يتشبثون بتراب لبنان ويواجهون ازماتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالحوار الذي يقوي وحدتهم، ومواقفهم ويضمن مستقبل ابنائهم، في مناخ من الاستقرار والازدهار.

 

ثانيا: الشيخ بشير الجميل وآل الجميل.

1- ومن يسترجع مشاهد البطولة التي واكبت الحروب الخارجية على وطننا الصغير، المسالم، لا يستسلم للاحباط والانكسار بل يتفاءل بان جيلا اعطى قيادات كبشير الجميل يمكنه ان ينهض بأجيال كريمة مثقفة شجاعة، واضحة الاهداف، تتخلى عن التزمت الطائفي والانانيات، لتبني وطنا بالعقل والانفتاح، لا مجال فيه لمشروعات خارج الشرعية، او لانتماءات لا تخدم سيادة الوطن واستقلاله وقيمه الاصيلة الجامعة.

 

2- وآل الجميل، كما يشير تاريخهم، منذ انتقلوا من جاج، عام 1545، الى بكفيا وشويا والمنطقة وهم في خدمة الدين والوطن، قدموا الاساقفة، والاطباء والعلماء والصحافيين ورجالات الفكر والسياسة، من أقصى الشمال الى جبيل، الى المتن الى قبرص ومصر، ومنهم المطران فيليبس، والمطران بطرس، والرجل الوطني انطون الجميل، وصاحب الرؤية موريس الجميل، والرئيس الشهيد بشير الجميل، والرئيس امين الجميل أطال الله عمره، والشيخان بيار الاول، الرجل التاريخي، والوطني ومنجم الاصالة، رحمه الله، وبيار الثاني الشهيد، الذي انضم الى قافلة الجميليين الذين افتدوا لبنان بدمائهم، وتمسكوا بوطنيتهم كما بإيمانهم، وتحلوا بالشجاعة والفروسية والحكمة. وانضمت النساء الى الرجال في هذا الزمان، لخدمة لبنان، فحلت زوج الشهيد، السيدة سولانج الجميل، نائبا في البرلمان، وكافحت متحصنة بوفائها للعائلة والوطن، كما تحصنت ايضا، ولو على غير صعيد، السيدة جويس الجميل.

 

3- اما بشير الجميل،

أ- فكان صاحب الكاريزما المميزة، والسياسي، يقول في النور ويكره العتمات، ويكرز بالوطنية الموحدة من على السطوح، ويردد في اللحظات الحرجة: "لا تخافوا، فانكم افضل من عصافير كثيرة، كل من يعترف بي قدام الناس اعترف انه به قدام ابي الذي في السموات ".

ب- كان الرجل جريئا في ايمانه، صريحا في وطنيته، جديا في ثورته على الفساد، مدركا مدى الصعوبات التي تجبه اهل لبنان وقياداته، وقد دفع الثمن غاليا باغتيال طفلته مايا.

 

ج- فلا غرو ان تكون الآمال التي علقت عليه كبيرة عندما سطع نجما كبيرا في سماء لبنان، العيون كانت تترقب اطلاله والقلوب تشتاق الى رؤيته، الاعناق تشرئب اليه والايدي تمتد لمصافحته، والهتافات تنطلق من الافواه لتعرب عن الاماني التي كانت تواكبه.

 

د- طمع الى بناء وطن منيع الجانب، خفاق الراية، مناضلا ومكافحا ليعيد الى الارض وحدتها والى الوطن سيادته والى الشعب حريته وكرامته والى الدولة هيبتها والى المؤسسات ما يجب ان يكون لها من فاعلية، انفتح على الجميع، في الداخل وفي الخارج، فئات واحزابا ودولا.

 

ه- ولكنه كاصحاب الاحلام استثار الحسد والحفائظ، ومحاولته تحصين السيادة والاستقلال تركت رياح اللعبة الاقليمية تجري بما لا تشتهي سفن فكره وروحه، فآثر ان يصلب ويتحقق الخلاص، وان يهلك النفس ليجدها، وليهز الوجدان العالمي، لعله يستعيد ما تبقى للانسان من حقوق، وللمجتمعات من حياة، لكنه مدرك وهو في عليائه، ان سياسات الدول لا تحسب دائما، للمناقب والقيم اي حساب، وكثيرا ما كان لبنان ضحية الصفقات والمصالح الخارجية، والداخلية، لكن الانسان الذي يشبه بشير الجميل لا يمكنه ان يتقبل الذل ومراراته، ولا يخاف مما يقتل الجسد.

 

و- سقط في ذكرى ارتفاع الصليب المقدس، وكان شديد الايمان بمن علق عليه ليفتدي جميع الناس، سقط فدى لبنان لكن احلامه الجميلة باقية ولن تتبخر لانها أحلام شعب يريد الحياة الكريمة، وينشد الوحدة والسيادة والسلام.

 

ثالثا: الجيل الصاعد

 

1- والامل عميق بان ولديه نديم ويمنى سيتابعان المسيرة وبان الجيل المثقف الحالي سيتحلى بالوطنية والروحانية معا، لان الايمان بالله يجعل التعلق بالوطن حالا من الارتقاء والانفتاح والتفاني المخلص. وهم سيتخذون شعارهم ما ورد في يشوع بن سيراخ: "ما حييت وما دام فيك نفس، لا تسلم نفسك الى احد من البشر، ولا تجعل عيبا في كرامتك". وسيتأملون في مقولة: "ارتفعت كالارز في لبنان" وسيرتفعون باستمرار، فوق الشدائد والصعبات، ليصمدوا كما الارز، وليبقى الوطن الذي أحبه آباؤنا، وتفانوا في سبيله، واحتملوا الصليب "بنفوسهم القديسة" دفاعا عنه، وعن التقاليد، والحريات والحياة.

 

2- يقول المسيح: "من لا يحمل صليبه ويتبعني فلن يستحقني، من أهلك نفسه من أجلي يجدها" هذه هي الحقيقة التي دفعت بمار مارون ورهبانه، وبالسريان والكلدان والارمن وغيرهم، الى احتمال الاضطهادات، وإبداع الحياة بالموت، المسيح وحده، يجعلنا قادرين على حمل الصليب، متماهين به، وهو وحده، يمنحنا الخلود ونحن نتقبل الموت حبا به. وهو يعلمنا محبة الاعداء، فكيف باخوان لنا في الوطن، نعايشهم تحت سماء واحدة.

 

خاتمة:

ايها المسيح،

1- يا من حولت الصليب علامة حية للخلاص، ارحم موتانا وشهداءنا الذين حملوا صلبانهم وتبعوك، وارحم الاحياء المصلوبين ابدا، وسط العالم، وارحم لبنان ارض القداسة، ووطن السكينة والطمأنينة.

 

2- يا من وزعت الخيرات الروحية وانت على الصليب، ارحم الرئيس بشير الذي صلى لك قبل استشهاده في ظلال الصليب، وشاء بدمه ان يفتدي ارض لبنان، وارحم رفاقه الذين استشهدوا معه، وتعال بالسلام، يا قدوس، لان لبنان يحتاج الى بهاء وجهك والى سلامك، آمين".

 

سعد الياس

وعند انتهاء القداس، أنشد الكورال أغنية للرئيس الراحل، ثم ألقى الزميل سعد الياس، كلمة قال فيها: "يا شباب الاشرفية، يا شباب كل لبنان، أيها المحتشدون لاحياء الذكرى السادسة والعشرين لاستشهاد الرئيس بشير الجميل. لعل الكثيرين من بينكم يتساءلون لو بقي الشيخ بشير بيننا رئيسا وقائدا، هل كنا وصلنا الى هذا الدرك المتدني في وطننا ومجتمعنا؟ هل كنا رأينا الدويلة تستقوي على الدولة؟ هل كنا رأينا الجمهورية تكاد تصبح بلا رئيس؟ وهل كنا رأينا هذا الانقلاب على الثوابت والمسلمات المسيحية والوطنية؟".

 

وأردف: "حتما لا، فمع بشير لا مجال لاي دويلة الى جانب الدولة، ولا مكان لأي سلاح خارج اطار الشرعية، ولا وجود لاي مربعات أرضية وجوية. مع بشير كنتم شاهدتم الدولة القوية، القادرة، العادلة، الدولة السيدة، الحرة، المستقلة. مع بشير كنتم رأيتم الجيش اللبناني وحده على ال 10452 كلم مربع. مع بشير كنتم تعلمتم كيف تكون المقاومة لبنانية، وكيف تخدم المقاومة لبنان ولا تكون على حسابه. فنحن المقاومة اللبنانية قالها بشير، المقاومة التي منعت التوطين، وأخرجت المحتل من الاشرفية ودافعت عن زحلة والشمال وكل المناطق، وحفظت لبنان".

 

أضاف: "واليوم لا تخافوا فصوت بشير مازال يدوي في ساحاتنا، وحامل الوعد والقضية لم ينطفىء حلمه بعد ست وعشرين سنة ولن ينطفىء. وقافلة الشهداء التي توجها الرئيس القائد باستشهاده يوم عيد الصليب ما زالت مستمرة ليحيا لبنان".

 

ثم قدم لنائب رئيس منطقة الأشرفية في حزب الكتائب نديم بشير الجميل، بالقول: "بعد ست وعشرين سنة نقول بشير حي فينا كقائد لم تدرك مثيلا له الجبهات، حي فينا كرئيس لم تعرف مثيلا له الرئاسات، حي فينا كزعيم لا يشبهه أي من الزعماء. ولان الابن سر أبيه، فالآمال معلقة اليوم على الشيخ نديم بشير الجميل، الشاب الواعد، الشامخ كجبل صنين، سليل البيت المشبع بالنضال والوطنية، البيت الذي قدم القرابين على مذبح حرية وكرامة الوطن، الشيخ نديم المؤمن بلبنان أولا، إبن الرئيس الشهيد، وأخ الشهيدة مايا، وإبن عم الشهيد بيار، ورفيق كل شهداء الكتائب والقوات اللبنانية وثورة الارز، اليكم الشيخ نديم نائب رئيس منطقة الاشرفية".

 

نديم الجميل

وألقى نديم الجميل، كلمة استهلها بالتوجه إلى روح والده قائلا: "بشير: منا التحية ومنك العناية. استشهدت يوم ارتفاع الصليب، فأنت صليبنا الوطني. صليب لأجلنا لا صليب علينا. تحية من العائلة والحزب والرفاق والأصدقاء والحلفاء. كلنا، معا، نرفع الصلوات من أجلك، من أجل الرفاق الذين استشهدوا معك، ومن أجل بيار (الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل) وانطوان (النائب الشهيد انطوان غانم). تحياتنا أيضا إلى شهداء الكتائب، كتائبنا، والقوات، قواتنا، وثورة الأرز، ثورتنا، والمقاومة اللبنانية، مقاومتنا".

 

أضاف: "لم تكن يا بشير شخصا عاديا بل رمزا، رمز يعبر العصور والتاريخ، ولا يستقر إلا حيث النقاوة والشفافية والنزاهة والتجرد والصمود في وجه كل معتد، وستبقى يا بشير، رمزا للشعب المقاوم، رمزا للوجود المسيحي الحر، رمزا للبنان المستقبل. وفي ذكرى استشهادك السادسة والعشرين، اللبنانيون الذين أردتهم موحدين، منقسمون، والمسيحيون الذين أردتهم متضامنين، مشتتون. ولبنان الذي أردته كيانا راسخا في الشرق، مبعثر بين دويلات وجمهوريات وطوائف ومذاهب وتيارات".

 

وتابع: "لقد خسرنا أعز الناس عندنا، ولم يبق أمامنا إلا خياران: أن نبقى غارقين في الحقد والضغينة، أو أن نقلب بجرأة وكبر الصفحة السوداء، ونخطو بقلب مفتوح وعزم وثقة نحو التسامح والرجاء. فالمسيحيون قلقون على وجودهم وهويتهم ومستقبلهم في لبنان والشرق، وعلينا بكل جرأة إزالة هذا القلق، وتوفير كل أنواع الضمانات من أجل تثبيت وجودهم الحر ودورهم الوطني".

 

و"باسم شباب وشابات لبنان، باسم التضحيات والشهادات"، ناشد القادة اللبنانيين والمسيحيين خصوصا: "حان وقت بلسمة الجراح الوطنية والمسيحية، حان وقت إنهاء الإنقسامات والشرذمة، حان وقت الهجرة يأسا من الوطن، لقد حان وقت الشفاء. لقد آن الأوان أن نتعلم من مآسي الماضي حتى لا يتكرر التاريخ، لأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا عند الشعوب التي لا تتعلم من مآسي الماضي. فكل من يريد أن يبني مجدا على حساب اللبنانيين وخصوصا وحدة المسيحيين، فإن مجده موقت وباطل. وكل من يريد أن يستقوي بغير شعبه فإن استقواءه ضعف، فبقدر ما يكون المسيحيون أقوياء يكون المسلمون موحدين. وبقدر ما يكون لبنان قويا، نكون كلنا أحرارا. ولبنان هو أرض المسيحيين الأحرار وأرض المسلمين الأحرار، هو أرض الإنسان الحر في هذا الشرق".

 

وقال: "جيلنا ولد في زمن المقاومة والإضطهاد، في زمن الإقتتال والإنتقام، تربى في زمن الإنقسام والإحتلال. ونريد اليوم أن نوقف القهر والإنقسام والإقتتال، لأننا أبناء الحرية والحياة".

 

وتوجه إلى الحضور بالقول: "علينا ألا ننسى لماذا استشهد بشير والآلاف من رفاقنا في الكتائب والمقاومة اللبنانية. فهم وقفوا في وجه السيطرة الخارجية على لبنان. ومع تأييدنا الكامل لمبدأ المصالحة على مساحات الوطن، لا بد من التأكيد على الحقائق التالية:

منذ سنوات، ونحن نحذر من السلاح غير الشرعي، فلسطينيا كان أم لبنانيا. فالسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات مصدر خطر دائم على أمن الوطن والمواطن. ومن غير الجائز أن يبقى أي سلاح على الأراضي اللبنانية خارج عن سلطة الشرعية مهما كانت تسميته وشعاراته. فسلاح حزب الله استباح العاصمة بيروت، فهدد السلم الأهلي وضرب هيبة الجيش اللبناني. واستشهاد النقيب الطيار سامر حنا على يد سلاح هذا الحزب، هو تأكيد جديد على مدى خطورة خروج هذا السلاح على الشرعية. وما تصريحات المسؤولين الإيرانيين إلا دليل جديد على أن هذا السلاح مرتبط، وينتظر أوامر ولاية الفقيه".

 

أضاف: "نقول ذلك من منطلق وطني وليس من منطلق سياسي ضيق او طائفي او عدائي، خاصة ونحن عشية انطلاقة الحوار الوطني برعاية فخامة رئيس الجمهورية، فخوفنا ليس من سلاح حزب الله كسلاح، فما من مرة أخافنا السلاح، خوفنا هو على الوطن والنظام والكيان والهوية. لن يجوز بعد اليوم ان تبقى على مساحة الوطن منطقة محظورة عليك ومنطقة ممنوعة علي انا، فلا مربعات أمنية، ولا مناطق محظورة، ولا غزوات مسموحة، ولا دويلات تنشأ هنا أو إمارات تنشأ هناك".

 

وتابع: "ويسألوننا من أنتم، وأين قاومتم وماذا حررتم؟ من نحن؟ نحن آباء المقاومة اللبنانية، نحن المقاومة اللبنانية. أين قاومنا؟ في كل لبنان، في الجنوب والجبل، في الشمال والبقاع، في العاصمة بيروت وفي جبال صنين، حيث زرعنا شهداءنا وروينا تراب الوطن بالعرق والدم لمنع التوطين، لمنع إقامة دولة فلسطينية بديلة ولمقاومة الاحتلال السوري. ماذا حررنا؟ معركة تحرير لبنان بدأت من هنا، الاشرفية كانت البداية، بداية التحرير عام 1978، ومن الاشرفية انطلقنا بعزم وايمان نحو كل لبنان لتحرير الارض والعقل والانسان".

 

وأردف قائلا للحضور: "نحن مع الحوار دون عقد او شروط مسبقة، نحن مستعدون للمصافحة بيد صادقة ونظيفة، اذ ما يهمنا هو شعب لبنان ومستقبل شباب وصبايا لبنان، ما يهمنا هو لبنان أولا واخيرا. سنبنيه معكم، سنبني هذا اللبنان، على قدر طموحنا وطموحكم. نبنيه لبنان واحدا لا لبنانان، دولة واحدة لا دولتان، جيش واحد لا جيشان".

 

وقال: "اليأس ممنوع، فهو لم يكن يوما في قاموس بشير، ولن ندخله نحن في قاموسنا. لقد مررنا بظروف صعبة في الماضي وخرجنا منها منتصرين، وبالأمس القريب، وحدتنا ثورة الارز، فخرج الجيش السوري من لبنان بعد ثلاثين سنة من الهيمنة والوصاية والاحتلال. اليوم هناك محاولات جديدة من أطراف عدة للعودة بالوطن الى الوراء، الى هؤلاء نقول: لقد انتهى الى غير رجعة زمن الوصاية والاحتلال".

 

وختم مخاطبا الحضور: "المستقبل منوط بكم: فإما ان نحافظ على لبنان الحرية، لبنان الحضارة ولبنان الحياة، وإما يعودون به الى زمن الوصاية وطمس الهوية ولبنان الموت. المسؤولية جسيمة على أكتافنا جميعا، فحذار التفريط بالمكتسبات، وحذار "الاستهوان"، وحذار التراجع. لا تخافوا، فلبنان باق، لا تيأسوا، فالدولة القوية سنبنيها معا، لنتوحد، فالوطن بحاجة الينا جميعا".

 

لقطات

وكانت الباحة الخارجية للكنيسة غصت بالمشاركين الذين بدأوا بالتوافد اليها منذ الثانية من بعد الظهر، حاملين اعلام الكتائب والقوات اللبنانية وصور الرئيس الشهيد والأعلام واليافطات التي حيت الرئيس واستذكرت مواقفه وكلماته بعد ستة وعشرين عاما على غيابه. وكانت الجموع تواكب المصلين في الكنيسة بهتافات "بشير حي فينا" وبالتصفيق.

 

وعلا التصفيق لدى دخول الرئيس الجميل ثم ثانية لدى دخول نديم الجميل، فالنائبة صولانج وكريمتها يمنى، ولدى دخول الدكتور جعجع.

 

النصب

وبعد القداس توجه الجميع في مسيرة صامتة الى ساحة ساسين في الأشرفية، حيث أضيئت الشعلة أمام النصب التذكاري للرئيس الراحل. ورفعت في المكان لافتات تتحدث عن إنجازاته كما وضعت أسماء شهداء القوات اللبنانية.

 

ومن هناك انطلق الجميع الى بيت الكتائب، حيث جرى وضع أكاليل وورودا حمراء على النصب التذكاري لشهداء 14 أيلول 1982 على الشكل الآتي:

وضع الرئيس الجميل إكليلا، والنائبة الجميل وولداها نديم ويمنى إكليلا، كما وضع رئيس منطقة بيروت في القوات اللبنانية المهندس عماد واكيم إكليلا بلإسم جعجع، فإكليل وضعه المحامي جو توتنجي بإسم مؤسسة بشير الجميل.