نعم للاستفتاء اليوم قبل الغد

وليقرر اللبنانيون هل هم مع الدولة الجامعة والحاضنة، أم مع دويلة الخراب والتقسيم

بقلم/نجيب زوين

 

في سلوكيات حزب الله ويومياته، ما يؤكد تصميمه المضي في سياسة بناء دولته الخاصة ضاربا عرض الحائط بتطلعات اللبنانيين كافة وأمانيهم في دولة سيدة وقادرة. وما حدث في الأمس القريب في عملية تبادل الأسرى خير دليل على هذا التعاطي، فالدولة اللبنانية كانت الغائب الوحيد عن الحدث وقد تمت المفاوضات وحصل التبادل بين الدول الأربع المعنية: إيران، حزب الله، إسرائيل وألمانيا.

 

لا جديد في موقف حزب الله وتصرفاته، أو في طرح السيد حسن نصرالله، في خطابه يوم القدس، الانتخاب من الشعب أو الاستفتاء فقد سبقه إلى ذلك حليفه الجنرال عون. فالاستفتاء يشكل دعوة صريحة للانقلاب على الدستور من جهة، وعلى الصيغة من جهة أخرى. أما التوافق المطلوب "المفروض" من تجمع 8 آذار، فهو مرفوض قطعا، لأنه يعني العودة إلى الحقبة السابقة والإتيان برئيس معين من قبل النظام السوري كما هي الحال اليوم مع الرئيس لحود.

 

أما اللافت في طرح السيد فهو المناسبة واللغة الخطابية واللهجة الفوقية المتعالية، كما لهجة الجنرال، وهي طريقة شعبوية تحريضية تهدف إلى رص الصفوف وبالتالي إلى تخويف العدو أو الخصم. فهذه اللهجة قد تكون مطلوبة ومفيدة مع الحلفاء والإتباع على تنوعهم فهم بأمس الحاجة إلى طمأنة القائد، وقد تكون ضرورية لتأكيد ثبات التحالف الاستراتيجي السوري- الإيراني، والنظرة الموحدة في استخدام الساحة اللبنانية.

 

ونحن، كثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال، فان هذا الأسلوب لم يؤثر علينا سابقا كي تكون له اليوم أي مفاعيل خارج المنطق والواقع والحقائق التي أصبحت مكشوفة ومعروفة من الجميع.

 

ترتكز سياسة حزب الله على مواجهة كل خطوة تؤدي إلى قيام الدولة. من هنا هجومه المستمر والموجه من النظام السوري على القرار 1559 واتهامه مؤيدي هذا القرار بالعمالة والصهينة.

 

إن محاولة إلصاق تهم العمالة والصهينة، بمن يعمل على بناء الدولة، هو العمالة بحد ذاتها ومحاولة يائسة للإبقاء على لبنان كخط مواجهة متقدم للدفاع عن المحور الإيراني السوري.

 

إن قرار الحرب والسلم الذي يمتلكه الولي الفقيه في إيران، عبر حزب الله، ترك التأثير السيء عند جميع اللبنانيين نظراً لتداعياته السلبية خصوصاً من النتائج المدمرة لحرب تموز المفتعلة.

 

إن القرارات الدولية كافة، ومنها القرار 1559، الذي يتماثل مع وثيقة الوفاق الوطني من حيث احادية السلطة هي قرارات لبنانية الأسباب والمضمون والأهداف. فهي ثمرة جهود لبنانيي الانتشار، ونتيجة نضالات وتضحيات اللبنانيين الذين لم يألوا جهدا ولم يبخلوا بالدم والعرق في سبيل الاستقلال والسيادة.

التاريخ لا يرحم ولا ينسى، والكل يعلم كيف "انتقلت" المقاومة إلى حزب الله. والدور الذي اضطلع به الاحتلال السوري في تصفية المقاومين الأُول ليؤمن الحماية للحرس الثوري الإيراني وربيبه حزب الله المؤتمر بأمر الولي الفقيه الذي له الطاعة.

 

لقد انطلقت المقاومة يوم ضرب النظام السوري المؤسسات، وقسّم وفتت القوى المسلحة الشرعية اللبنانية، ومنع الجيش من القيام بواجب الدفاع عن الأرض والحدود.

لقد انطلقت المقاومة يوم شرّع النظام السوري الحدود أمام الإرهابيين والقتلة والمجرمين، ويوم استبيحت الأرض وأصبح لبنان مأوى لإرهابيي العالم.

 

لقد خسرت المقاومة مظلة النظام السوري في 26 نيسان 2005 مما اضطرها إلى تعديل أسلوب التعاطي مع الداخل فكان الدخول إلى الحكومة لكن "حساب الحقل ما ظبط ع حساب البيدر". ففي الحكومة المقاومة جزء وليس الكل وكانت المواجهة الحتمية: بين الدولة، ممثلة بوزراء ثورة الأرز، من جهة، والمحور السوري الإيراني، ودولة حزب الله من جهة أخرى، فكانت استقالة وزراء الدويلة في محاولة فاشلة لضرب النظام وشل عمل المؤسسات الشرعية.

 

ونسجت المقاومة الخيوط مع الجنرال عون ووقعت "ورقة التفاهم" لعلها تستعيض بالغطاء المسيحي بعضا من خسارتها فكانت النتيجة العكسية: تراجع مضطرد في تأييد اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، وكان فشل الجنرال عون بتأمين الحماية "للدويلة" على حساب الشرعية فشلا ذريعا ومدويا.

 

بعد التحرير وانسحاب جيش الاحتلال السوري، استعادت الدولة زمام المبادرة واستعادت الشرعية سلطاتها وأثبتت القوى المسلحة بما لا يقبل الشك قدرتها على القيام بواجباتها الوطنية مما يدحض كل حجة أو مبرر بألا يعود قرارا السلم والحرب للدولة وحدها وللقيادة العسكرية حصرا حق وضع السياسة الدفاعية وللقوى الشرعية حصرية امتلاك السلاح والدفاع عن الأرض والشعب وأي سلاح آخر هو سلاح خارج على القانون.

 

إننا في ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال، نعمل على بناء الدولة السيدة والقادرة. الدولة هي الضامن ومصدر الأمان والطمأنينة لكل اللبنانيين والقوى الأمنية الشرعية هي الحاضنة للجميع والمدافعة عن الحدود، كل الحدود ومن دون استثناء. أما الدويلة فهي مصدر القلق والخوف والطريق الأقرب إلى التقسيم الفعلي وسننتخب رئيسا يمثل تطلعاتنا في الحرية والسيادة والاستقلال ولن نرضى بأقل من ذلك.

 

آن الأوان كي تستعيد الدولة اللبنانية نهائيا قراري السلم والحرب من الولي الفقيه في إيران والقرار الوطني الحر من النظام السوري، فسياسة المحور السوري- الإيراني لم تجلب إلا الخراب والتدمير والتقسيم ولا يزال الشعب يعيش "آخر منتجات" هذا المحور من النتائج المدمرة لحرب تموز المفتعلة وصولا إلى عصابة فتح الإسلام الإرهابية.

 

الاستحقاق الرئاسي اليوم ليس استحقاقا عاديا، بل انه الخيار بين الدولة والدويلة. بين الدولة السيدة الجامعة والحاضنة والحامية والدويلة التي تقود إلى الخراب والتقسيم.وإذا كان من استفتاء فليكن اليوم قبل الغد وليقرر اللبنانيون هل هم مع الدولة ام مع الدويلة، مع الأمن الشرعي أم مع المليشيات والإرهاب!!

 

بيروت/سن الفيل في 18 تشرين الأول 2007