منح المغتربين حق الاقتراع يضيف أصواتاً ولن يغيّر في التوازن

كتب بيار عطاالله:  النهار 4/3/2006

استناداً الى مصدر مطلع على اعمال اللجنة الوطنية لقانون الانتخاب، لم يحمل اي من احزاب المسيحيين في لبنان الى منتدى اللجنة مشروع قانون واضحاً للانتخابات النيابية والطريقة الافضل لتأمين صحة تمثيل المسيحيين. واقتصر ما تلقته اللجنة في هذا الشأن على مشاريع فردية قدمها النائب نعمة الله ابي نصر والدكتور توفيق هندي وغيرهما لا من الاحزاب، لذلك لم يكن مستغربا ان تصدر مسودة القانون في صيغاته الثلاث وهي تحمل مشاريع لا تؤمن صحة تمثيل المسيحيين في كل المناطق، وخصوصا في بيروت والجنوب والشمال. ايجابية واحدة تمخضت عنها أعمال اللجنة استناداً الى النائب ابي نصر وهي تنظيم حق الانتخاب للبنانيين المقيمين في الخارج استناداً الى الاقتراح الذي قدمه والذي يفصل الآلية التنظيمية لانجاز انتخاب المغتربين خارج لبنان.

 مبرر اللجنة المعلن للسماح بمشاركة المغتربين في الانتخابات هو اعطاؤهم حقهم الطبيعي لكن السبب غير المعلن ربما هو تقديم هدية الى المسيحيين ومراجعهم. لكن وقائع الانتشار اللبناني والموجات الاخيرة من المهاجرين تظهر ان المغتربين المسلمين وخصوصاً الشيعة، ليسوا اقل عدداً من مواطنيهم المسيحيين، وتالياً ان انتخاب المغتربين لا يؤمن مصلحة المسيحيين اللبنانيين في شيء، بل يعيد حقاً الى كل المغتربين اللبنانيين ويضيف الى نسبة الاصوات التي يحصل عليها المرشحون في الدوائر المختلطة ويزيد من الخلل في التمثيل ما دام التقسيم الانتخابي يحرم معظم الناخبين المسيحيين اختيار ممثليهم.

ماذا في مشروع ابي نصر لتنظيم حق الانتخاب للبنانيين المقيمين في الخارج؟

اولاً - تعتبر بعثات لبنان الديبلوماسية والقنصلية والقنصليات الفخرية اقلام اقتراع. ثانياً - يعين رئيس البعثة للاشراف على العملية الانتخابية هيئة مؤلفة من رئيس يقوم بمهمات رئيس قلم وكاتب ومعاونين قبل اسبوع من تاريخ الانتخاب، ويحق لكل مرشح تعيين مندوب له في قلم الاقتراع. ثالثاً - على اللبنانيين الذين يرغبون في المشاركة في العملية الانتخابية ان يكونوا حاصلين على اجازة اقامة في البلد المقيمين فيه وعلى البعثة المعنية ان تضع قائمة بهم. رابعاً - على وزارة الداخلية ان ترسل بواسطة وزارة الخارجية والمغتربين الى البعثات الديبلوماسية والقنصلية قوائم على اقراص مدمجة قبل شهر على الاقل من يوم الانتخاب. خامساً - يعتبر لاغياً كل صوت لمنتخب تبين انه اقترع في لبنان في اليوم  نفسه ويتخذ الاجراء القانوني بحق المخالف. سادساً - فور انتهاء مهلة الاسبوع لتسجيل اسماء الراغبين في الاقتراع ينظم رئيس القلم قائمة بهؤلاء الاشخاص ويوقعها مع بقية اعضاء الهيئة ويرسلها الى وزارة الخارجية ومنها الى وزارة الداخلية قبل حلول يوم الاقتراع. سابعاً - يجري الاقتراع بواسطة الظرف الذي تقدمه وزارة الداخلية ويحق للمرشحين في تعيين مندوبين لهم في اقلام الاقتراع بالبعثات، وعلى هيئة القلم ان تلتزم طيلة الاعمال الانتخابية اصول الاقتراع والفرز المنصوص عليها في القانون. ثامناً - فور الانتهاء من الفرز ينظم رئيس القلم محضرا بالنتيجة على ثلاث نسخ ويوقع جميع صفحاته مع باقي اعضاء الهيئة، وتودع نسخة لدى البعثة وتوضع النسختان الباقيتان من لوائح الشطب وبقية اوراق الاقتراع في مغلف مختوم بالشمع الاحمر ينقل لاحقاً بالحقيبة الديبلوماسية الى وزارة الداخلية عبر وزارة الخارجية. تاسعاً - تبلغ النتيجة فوراً وبواسطة الفاكس الى وزارة الداخلية.  ناقش النائب ابي نصر مشروعه مع اللجنة مستنداً الى ان لبنان في حاجة الى المغتربين وانه من اكثر الدول اهمالاً لابنائه المنتشرين خارجه، وتالياً لا مبرر لعدم اعطائهم حق الانتخاب، وان في امكان ابناء جونية المقيمين في فرنسا، مثلاً، اذا كانوا مسجلين لدى السفارة اللبنانية في باريس، الذهاب في يوم الانتخابات المقررة لمنطقة كسروان الى مبنى القنصلية او السفارة والادلاء بأصواتهم هناك للمرشحين الذين يختارونهم. وحجة النائب ابي نصر بينة لجهة ان وسائل الاتصالات الحديثة من تلفزيون فضائي وانترنت واتصالات هاتفية تتيح اطلاع المغتربين الكامل على كل الاوضاع اللبنانية واسماء المرشحين واوقات الانتخابات ومواعيدها.  حجة الصعوبات التقنية حسب ابي نصر ليست واقعية لان دولاً كثيرة تلحظ مشاركة مواطنيها المنتشرين في الخارج في الانتخابات الوطنية، وهو يذهب اكثر الى درجة امكان فرض ضريبة قنصلية تسمح بتمويل العملية الانتخابية في الخارج. اما في ما يخص الخوف من خطر الاختلال الطوائفي والسياسي فيرد ابي نصر بأن الدستور اللبناني يضمن التكافؤ في توزيع المقاعد بين المسلمين والمسيحيين في لبنان ومن جهة اخرى، ان الانتشار اللبناني يتضمن كل المركبات الطائفية للمجتمع اللبناني ومن الخطأ الكلام على ارجحية مسيحية او اسلامية، علماً ان كل الاحزاب السياسية في لبنان موجودة في بلاد الانتشار وتملك آلتها التنظيمية الفاعلة والتي تضمن لها التواصل مع المقيمين واحزابهم وأمنياتهم (...). التجربة اليتيمة لاقتراع المنتشرين جرت في فرنسا وبالتزامن مع الانتخابات النيابية الاخيرة في بيروت، حيث نظمت حملة للمطالبة بحق الانتخاب للمنتشرين توجت بـ"اقتراع تجريبي" نصبت لاجله خيمة عند ساحة حقوق الانسان في التروكاديرو – باريس، وشارك نحو 300 مغترب في اختيار عدد من الممثلين المفترضين، وكانت النتائج جيدة لجهة الحماسة الى المشاركة ودقة التنظيم والمسؤولية التي تعامل بها الجميع مع هذه الحركة.