جائنا من الدكتور جان عزيز البيان التالي:

للتفضل بالاطلاع على الكتاب الذي وجهته الى صاحب السيادة المطران يوسف بشارة, والذي أدت الضغوط المعروفة الى سحبه من معظم وسائل الاعلام. مع الشكر.

جانب صاحب السيادة المطران يوسف بشارة السامي الاحترام

بعد التحية البنوية وطلب البركة,

تلقيت كتابكم الموجه الي في 11 أيار 2005, حول عضويتي في لقاء قرنة شهوان, الذي كان له شرف رعايتكم له, وكان لي شرف الانتماء اليه طيلة أربعة أعوام. وايمانا مني بواجب قول الحقيقة الكاملة, وبعدما تسرب كتابكم الى وسائل الاعلام بالطريقة التي تعرفون, أستأذنكم صاحب السيادة بتوضيح ما يجب توضيحه, في وضح النهار:

أولا في الشكل:

1-تشيرون في كتابكم الى طلب من "السيدة ستريدا سمير جعجع- القوات اللبنانية". ان الثابت قانونا وواقعا أن لا علاقة تنظيمية اطلاقا بين السيدة جعجع والقوات اللبنانية, باستثناء ما قد تنسبه الى قائد القوات اللبنانية في أسره.

2-يرد في كتابكم أيضا أن مشاركتي في لقاء قرنة شهوان كانت في اطار تمثيل السيدة جعجع. ان الثابت هنا أيضا أنه حين كان لي شرف الانضمام الى اللقاء في شهر حزيران 2001, لم تكن السيدة جعجع على علم بالأمر اطلاقا, واكتفت بمعرفته لاحقا من الصحف لا غير. وبالتالي فأنا لم أنسب الى نفسي تمثيلها يوما ولا هي طلبت ذلك مني مرة. علما أنها كانت رفضت دعوتكم للانضمام الى لقاء قرنة شهوان في ذلك الوقت, ولم يبلغني طيلة أربعة أعوام أنها عادت عن هذا الرفض أو اتخذ لقاءنا قرارا مغايرا في هذا الشأن.

3-يرد في كتابكم أيضا أن السيدة جعجع نزعت عني صفة تمثيلي لها. يتضح مما سبق أن هذا القول يقع في غير محله, لانتفاء صفة السيدة المذكورة أو صلاحيتها, كما لانتفاء واقع تطبيقها في العلاقة بينها وبيني.

4-يرد في كتابكم, واستنادا الى ما تفضلتم بذكره, أنه لا يمكنكم بعد الآن قبولي عضوا في لقاء قرنة شهوان. اسمحوا لي صاحب السيادة, بكل احترام وتقدير, أن أشير الى عدم دقة ما ذهبتم اليه: أولا نتيجة اسناده الى حيثيات مغلوطة, وثانيا لأن أصول عمل اللقاء, والتي أردتموها أنتم بالذات منذ لحظة تأسيسه ضمانة لوحدته وحسن سير عمله, تقتضي صدور أي قرار له, بعد اجتماع عام لجميع أعضائه وبتوافق هؤلاء الأعضاء بالذات, وهو ما لم يحصل في هذه الحال.

ثانيا, وفي الأساس:

صاحب السيادة, تدركون بلا شك أن لقاء قرنة شهوان ليس  ناديا سياسيا أو ملتقى لبعض أصحاب الألقاب أو الصفات. انما هو في الأساس اطار لنضال وطني يبلغ حد المقاومة السلمية, دفاعا عن ثوابت حددها في وثيقته التأسيسية وتحقيقا لأهداف واضحة أعلنها مذذاك. وبالتالي فان معيار الانضمام الى اللقاء لا يمكن أن يكون على أساس الصلات العائلية أو محاباة معرفة شخصية أو صداقة فردية, ولا يرتبط قطعا بابتزاز حسابات الأصوات الانتخابية, وهو ما حرصتم علية تماما منذ تأسيس اللقاء وحتى اليوم. ان شرف الانضمام الى اللقاء يؤكده الالتزام بثوابته والعمل على تحقيق أهدافه. لذلك ونظرا الى معرفتي الدقيقة ببواطن الأمور, يهمني أن أوضح ما يلي:

-على مدى أعوام مواجهتي الاحتلال السوري للبنان, بما أوتيت من امكانات متواضعة, كانت الشخصية التي ابتزت رعايتكم اللقاء سعيا الى طعننا, تتسلل الى موائد زبانية السلطة, طمعا بلفتة من مساعد رابع لغازي كنعان.

-        وحين كنت أعلن موقفي الرافض خرق الدستور وتمديد الوصاية على لبنان, كانت الشخصية التي ابتزت رعايتكم اللقاء من أجل الغدر بنا, تهدد كل معارض للتمديد الرئاسي من رفاقي, بالفصل والقمع, قبل أن تتسلل بنفسها الى مكاتب الأجهزة للتهنئة بالتمديد. وكلام الرئيس الشهيد رفيق الحريري المنشور يوم اغتياله دليل قاطع على ذلك.

-وحين كنت أجهد لطي صفحة الجراح المسيحية الداخلية, كانت الشخصية التي ابتزت رعايتكم اللقاء تحرض لنكئها وتحرك الحاقدين من العملاء المزدوجين لتسعيرها.

-وحين كنت أعلن تأييدي استمرار انتفاضة الاستقلال حتى اقرار قانون انتخابي عادل, كانت الشخصية التي ابتزت رعايتكم اللقاء, تنشط في زيارات ليلية لرموز المرحلة السورية لتمرير المتعاونين مع أجهزة الاحتلال السابقة, مرشحين باسم المقاومين على لوائح قانون غازي كنعان.

-وحين كنت ألتزم البقاء في ساحة الحرية حتى تحرير سمير جعجع, كان الشخصية التي ابتزت رعايتكم اللقاء, تمنع رفاقه المنفيين من العودة الى لبنان تحت طائلة تخوينهم, وتطبق حصارها على سمير جعجع في أسره بالتعاون مع فلول الأجهزة السابقة, وتتوج تطويقها له بمنع والديه من مقابلته ابتداء من الثلثاء الفائت, ضمانا لكم الحقائق عنه.

-وحين كنت أسعى الى الصمود في كل موقع في انتظار الحل الحتمي لقضية رفاقنا وشعبنا والوطن, كانت الشخصية التي ابتزت رعايتكم اللقاء, تدأب في مكاتب الأجهزة منذ أعوام على تصفية مقدرات المقاومة, المنقولة منها وغير المنقولة, وعلى توزيع عائداتها وفق مقاصة معروفة بين مسؤولي المخابرات وبينها وبين بعض السماسرة المعروفين.

صاحب السيادة, بناء على ما تقدم, والتزاما مكررا مني بواجب الشهادة للحقيقة مهما كانت صعبة, أتقدم منكم بهذا الكتاب, راجيا من رحابة صدركم ورجاحة بصيرتكم, أن تتفهموا وتتقبلوا ما يلي:

1-أيمانا مني بالأهداف الأصيلة للقاء قرنة شهوان وبقدرتي المتواضعة على خدمتها, واستنادا الى كل ما سبق, اسمحوا لي أن أفيدكم أنني لا أزال عضوا في لقاء قرنة شهوان, وأنني مستمر في نضالي في كل مواقعي التي أتشرف بها.

2-حرصا مني على وحدة اللقاء وتحسسا بدقة المرحلة, وضنا بعدم احراج سيادتكم وتعريضكم للمزيد من الابتزاز من فجار النضال المزور والمزيف, وخصوصا تمسكا مني بضرورة كشف الحقاقئق الكاملة حول ما تحدث عنه غبطة أبينا البطريرك من تغليب مصالح خاصة على المصلحة العامة, أسألكم أخذ العلم بقراري تعليق مشاركتي الشخصية في أعمال اللقاء موقتا, مع احتفاظي بكامل حقي في العودة عن هذا القرار متى لزم.

صاحب السيادة, قبل أسبوع كان لي شرف أن أكتب في مقدمة الكتاب الذي أعددته نيابة عن لقاء قرنة شهوان مجتمعا في الذكرى الرابعة لتأسيسه, أن ثمة مصادفات هي أقرب الى عرفان التاريخ, وأننا في هذا اللقاء برعايتكم الكريمة, لم نعد أنفسنا بعبور سهل, بل بوصول أكيد. واليوم أجدني أكثر ايمانا بما كتبت واطمئنانا الى ما آمنت, مدركا معكم أن ثمة قيودا تكبلنا جميعا, لكنني من المؤمنين  من رعيتكم بأن "الحق وحده يحررنا", وأن ساعته باتت وشيكة. 

وتفضلوا صاحب السيادة بقبول أسمى مشاعر تقديري واحترامي

بيروت في 12 أيار2005

جان عزيز