شرح في مؤتمر صحافي عقده في المجلس الدافع لدعوته الى الغاء الطائفية السياسية

بـري: هدف وطني يقتضي تحقيقه خطة مرحلية وتوافقاً لا قهر فيه لأحد وهو كفيل بتحويل لبنان من شركة الى وطن

المركزية- 13 كانون الثاني/2010

أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن الغاء الطائفية السياسية هو هدف وطني يقتضي العمل لتحقيقه خطة مرحلية مشيراً الى ان قادة الاستقلال كانوا متقدمين في ا لموضوع، ولفت الى ان طرحه هذا هو دفاعاً عن الدستور والمواثيق التي تنص على الأمر وعن نعمة الطوائف المتعايشة لا عن نقمة الطائفية وليكن ذلك ثمرة توافق وطني لا قهر فيه لأحد.

واعتبر ان تنفيذ هذه المهمة التاريخية كفيل بتحويل لبنان من شركة الى وطن.

عقد رئيس مجلس النواب نيبه برّي ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في ساحة النجمة بحضور عدد من النواب وحشد من الصحافيين، تناول فيه بشكل مفصّل دعوته الى إطلاق الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية. واستهل مؤتمره الصحافي بالقول: أتوجه بالشكر باسم المجلس النيابي الى الصحافة الكريمة بشخصَي النقيبين محمد بعلبكي وملحم كرم، لتشريفهما لنا هذا اليوم الذي آمل ان يكون منعطفاً في تاريخ هذا البلد على نحو قد يؤثّر بعد 83 سنة.

وأوضح أن التسجيل الذي وزّعه على الحضور أولاً، هو من إنتاج محطّة الجزيرة وكالعادة قطر تحمل هم اللبنانيين أكثر من اللبنانيين أنفسهم. ولم أكن أعلم على الإطلاق ان مثل هذا الفيلم موجود.

وهذا الفيلم هو بتاريخ نيسان 2009، وهو محاولة لإنتاج وثائقي، عن درس تاريخ. حيث قامت الجزيرة بزيارة مؤسسات وبالتحديد مدارس: سيدة الجمهور، ثانوية الإمام الحسن، المبرّات الخيرية، الإنجيلية، ثانوية الإمام، المدارس الألمانية.

ووصف برّي هذا الشريط بالكارثة لجهة الوضع النفسي اللبناني والوضع اللبناني بالنسبة لانعكاسات الطائفية، وهو بحجم الكارثة.

والسؤال الموجه للطلاب كان السؤال عن استقلال لبنان، وأجابوا بحسب طوائفهم.

أحدهم أجاب أن الإستقلال لبنان كان عند جلاء الجيش الفرنسي.

وآخر قال عند خروج الجيش السوري، وثالث اعتبر ان الإستقلال هو يوم التحرير...

أما عن الزعماء التاريخيين فأجابوا ايضاً بحسب طوائفهم، مع حفظ الألقاب، بشارة الخوري، رياض الصلح، الإمام الخميني، جمال عبد الناصر، تشي غي فارا، السيد حسن نصرالله، بشير الجميّل، هتلر، نابوليون، صائب سلام والأمير بشير.

أما حين سئل الطلاب عن الدولة الصديقة، أجابوا على الشكل التالي: السعودية، قطر، فرنسا، اميركا، ايران، لا أحد...

وحين طلب من الطلاب إنشاد النشيد الوطني، وهذا أمر جداً مهم، معظمهم لم يعرفوه باستثناء طالب خرّيج مدرسة علمانية أي المدرسة الألمانية.

وطلاب الصف التاسع (بريفيه) حينما سئلوا عما درسوا في كتب التاريخ أشاروا الى تاريخ الثورة الفرنسية والفينيقيين والعثمانيين والحرب العالمية، وانهم مؤخراً بدأوا بدراسة تاريخ لبنان.

وقال برّي: هذه بعض "النتف" الواردة في هذا التسجيل الذي وزّعته عليكم.

أضاف: الأمر الآخر قبل أن ابدأ كل هذا تمهيد – بمناقشة المادة 95 من الدستور في جلسة 23 أيار 1926، عند البحث بوضع الدستور، النائب موريس زوين يقول نعم إن الروح الطائفية موجودة، انها العلّة التي نشكو منها وتقتلنا، انها السبب في قتل أبناء وطننا بعضهم بعض، انها العقبة التي تحول دون وحدتنا، الروح الطائفية هي السبب لوجود الإنتداب، نحو متمدّنون ولكننا بسبب الطوائف وضعنا أنفسنا تحت الإنتداب.

ويضيف إن وضعنا لا شبيه له في اوروبا، إن هذا القول غير صحيح، إن اوروبا قد عانت هذه العلّة، ولأجل الخلاص منها بذلت المال والدماء، لماذا نحفر الخنادق، ونضع فيها البنادق والمتريوزات. ويجب ألا نأخذ في عين الإعتبار إلا لكفاءة فقط. هذا الكلام من رجال الإستقلال.

وتابع برّي، أبدأ بالقول أن إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطّة مرحلية (الفقة – ح – من مادة الدستور).

وقبل أن نصل الى المادة 95، فمقدّمة الدستور هي الميثاق الجديد. وهذا الميثاق الجديد، يقول أن هدفاً وطنياً أساسياً يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطّة مرحلية، وبالتالي هو ناظر للناحية النفسية وناحية النفوس.

وأوضح أن دعوته الى تشكيل الهيئة الوطنية لدراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية لم تكن خياراً، يمكن لرئاسة المجلس النيابي أن تقدم عليه أو لا تقدم وهذا ليس خياراً ابداً. فقد نصّت المادة 95 من الدستور المبنية على إتفاق الوفاق الوطني إتفاق الطائف، وما يعني النص الدستوري حرفياً بالفاصلة بالكلمة بالحرف مثله مثل وثيقة إتفاق الطائف، جاء فيه: "على المجلس النيابي المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين تشكيل الهيئة الوطنية".

وعندما يكون النص ملزماً وبصيغة آمرة ينتفي الخيار، وتتحوّل ممارسة الحق الى واجب لا يحتاج تطبيقه لتوافق او حوار.

إن هذه المقولة ليست هامشية أو بسيطة، فدائماً عندما لا يجد الدستور من يرعاه يهتزّ نظام الدولة ومقوّماتها ولأن رئيس المجلس النيابي أياً كان هو الذي يرعى في المجلس أحكام الدستور كان عليّ ومن أولى واجباتي الدعوة لتشكيل الهيئة.

أضاف: أتجاوز في توضيحي كل ما له علاقة بتداعيات الطائفية وانعكاساتها على بلدنا، لأركز باختصار شديد على الجانب الدستوري، فأشير الى أن الدستور اللبنان منذ صدوره في زمن الإنتداب الفرنسي في 23 أيار 1926 نصّت المادة 95 منه على التالي:

بصورة موقتة والتماساً للعدل والوفاق، تمثّل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وبتشكيل الحكومة دون ان يؤول الى الإضرار بمصلحة الدولة. فمن هذا النص يتبيّن أن الدستور منذ ولادته اعتبر أن اللاطائفية هي القاعدة والبعد الطائفي موقت أي إستثناء. وأشرت الى ذلك لأتوقف عند ملاحظتين هامتين:

الاستثناء أي اعتماد الطائفية بصورة موقتة قد تحوّل الى قاعدة بعد استمراره لـ 83 سنة حتى اليوم. وان استمرار هذه الظاهرة يخالف المبادئ ذات القيمة الدستورية. وسأكتفي لتأكيد ذلك بما جاء في قرار المجلس الدستوري في لبنان سنة 1996 وفيه الرقم –4- لا يجوز للمشروع ان يجعل من حالة مؤقتة واستثنائية ليس لها طابع الديمومة قاعدة عامة او أن يبني عليها قاعدة ثابتة دائمة.

ثايناً: أما الملاحظة الثانية فهي من الأهمية بمكان ايضاً، كونها تردّ على بعض ما أثير من ردود فعل على دعوتي وتوضيح كيفية تعامل قادة الاستقلال الأوائل الذي صنعوا ما يعرف في لبنان الميثاق الوطني في ظل الصيغة الطائفية، وما جاء في نص المادة 95 من الدستور المشار اليها سابقاً، ففي جلسة المجلس النيابي المنعقد في 30 أيلول سنة 1947، كان المجلس لا يزال يعمل على لبننة الأحكام التي كانت سائدة أيام الإنتداب ويناقش مشاريع قوانين جديدة منها المشروع المتعلق بالإنتخابات البلدية.

منذ سنة 1947، سعوا الى ايجاد قوانين بلدية تتعلق بالمخترة. فعندها طرح المشروع الأول، تكلّم فيه ثلاث نواب قبل تلاوته مادة مادة، فأيّده رئيس الحكومة الأسبق آنذاك سامي الصلح. وقال النائب فيليب تقلا، ويذكر الزملاء الذين رافقونا في المجلس الماضي، ان الحكومة كانت قد تقدّمت بمشروع من هذا النوع الى المجلس وبعد درسه إعاده المجلس الى الحكومة لتعديله وان تلغى الطائفية منه واني أطلب التصويت على أساسه. وقال إني أرى فتحاً جديداً في قضية إلغاء الطائفية في هذا القانون، واعتبر أن تصويتنا عليه خطوة أولى في سبيل الإصلاح الذي لن يتم ما لم يتوارَ شبح الطائفية الذي لن يتوارى من النفوس ما لم يتوارَ من النصوص.

نبدأ بإلغاء الطائفية في البلديات ثم من الإنتخابات النيابية من الدستور (وهذا الكلام لتقلا).

أما رئيس الحكومة رياض الصلح، فقال: لقد كان لي شرف طلب إعادة هذا القانون الى الحكومة في المجلس الماضي إذا آثرت حينئذٍ قضية الطائفية وقبل اخواني في المجلس السابق نظريتي. وطلبوا من الحكومة أن تعيد المشروع على أساس لا طائفي ولقد عاد المشروع على أساس لا طائفي، وأنا فخور – كما قال الصلح – على هذه الصورة، إذ سيكون فاتحة عهد جديدة سيتناول الإنتخابات بصورة عامة وفي الدستور بصورة خاصة، وبعد ذلك النفوس. وأرجو أن يكون هذا القانون فاتحة عهد جديدة في البلد.

وتابع برّي: لم أتوقف عند المحضر الرسمي لهذه الجلسة لأشير الى أن تجربة إلغاء الطائفية من الإنتخابات البلدية والإختيارية كما نعلم جميعاً لم تكن مرعبة في نتائجها ولم ينهض شيء في البلد ولم يتأثر شيء من الكيانية اللبنانية ولم تؤدِ الى خلل من صيغة العيش المشترك وإنما لالفت الإنتباه الى أمرين أساسيين هما:

أولاً: رجال الإستقلال الأوائل وفي مقدّمهم صانعو ميثاقنا الوطني كانوا متقدّمين علينا. ونحن كم يتعلم القيادة ويصبح يقود الى الوراء بدل من القيادة الى الأمام.

وأبعد مدى في نظريتهم لإلغاء الطائفية، كونهم قصدوا إلغاء الطائفية على اختلاف وجوهها، ولم يتكلموا عن الطائفية السياسية فقط. وبدأوا الخطوة الأولى العملية لتحقيق الهدف وان كان لا نص صريحاً عن ضرورة إلغاء الأمر الذي يعني رؤيتهم بعدم وجود اي تباين بين الميثاق الوطني وبالتالي العيش المشترك وإلغاء الطائفية.

ثانياً: إن صانعي الإستقلال ورجاله الأوائل اعتبروا أن إلغاء الطائفية من النصوص هو السبيل لإلغائها من النفوس وليس العكس.

ويتبيّن من هذه الوقائع أن الإستقلاليين الأوائل اعتمدوا على المرحلية الظرفية. ولم يبدأوا فوراً بل بدأوا بالإنتخابات البلدية ثم الإنتخابات الإختيارية، في عملية الإلغاء. بمعنى أن عملية الإلغاء كانت تحصل عند طرح المشروع فيصار الى تحريره من كل ما يلوّثه بجرثومة الطائفية، إنتخابات بلدية ثم اختيارية ولا مجال هنا لتوضيح الأسباب التي أدّت الى توقّف الخطوات الآيلة الى استكمال الإلغاء.

وما يهمني قوله ان الخطوات اللاحقة لم تظهر أبداً في لبنان، إلا بعد إقرار إتفاق الطائف سنة 1989 والتعديلات الدستورية التي بنيت حرفياً على أساسه سنة 1990.

فقد ركّز الإتفاق في مقاربته للبعد الطائفي على التالي:

أولاً: التمييز بين إلغاء الطائفية في المطلق وبين إلغاء الطائفية السياسية. أي إننا منذ فترة 1947 الى حين إتفاق الطائف، لم يتم الحديث إلغاء الطائفية أبداً، بل صار الكلام عن إلغاء الطائفية السياسية.

أما الأولى فلم يقاربها احد لا من قريب ولا من بعيد بل جاء ليدعم الطائفية وبقائها اي الطائفية غير السياسية.

وعندما نتكلّم بإلغاء الطائفية السياسية كالتالي: وكأننا ندعم إبقاء الطائفية بالمطلق.

ثانياً: كون ان مرحلية إلغاء الطائفية السياسية، تشكيل الهيئة الوطنية التي تدرس وتقترح الطرق الآيلة الى إلغائها، محدداً بذلك سقف مهمتها ووضع صيغة لتشكيلها برئاسة رئيس الجمهورية ومشاركة رئيس المجلس والحكومة وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية.

ثالثاً: إن ما تتوصّل اليه الهيئة لا يكون تقريرياً أبداً (وهذه النقطة تزيل اي تخوّف) بدليل أنه مجرّد إقتراح ولا يعقل القول أن تقديم الإقتراح الى مجلسي النواب (الذي هو مناصفة) والوزراء (الذي هو ايضاً مناصفة) والهيئة التي هي بالتأكيد (ستكون مناصفة)، وكأن ذلك ميزان الألماس.

والإقتراح يقدّم الى مجلسي النواب والوزراء لأخذ العلم فقط وإعطاء أمر التنفيذ. وهذا الكلام غير قائم أبداً.

رابعاً: إن نفاذ الخطّة اقترن بخطوة إجرائية تمثّلت في إقرار المناصفة بين عدد النواب المسيحيين والمسلمين.

وما يهمني قوله في هذه اللحظة ان تشكيل الهيئة الوطنية وبصرف النظر عن إلزامية تشكيلها لا يمكن ان يعني ان الطائفية قد ألغيت وأنا ضمن جلسات خاصة مع السادة النواب: إذا أردت أن أكون متفائلاً أتكلّم انه بعد 20 أو 30 سنة قد نصل الى شيء ما. وإذا أردت أن اكون متشائماً، ممكن ان تقول الهيئة أنها لا تريد الأمر كله.

ولفت برّي الى أن الطائفية السياسية قد تقرّرت وصيغة تشيكل الهيئة كافلة بتوفير الضمانات للجميع، الرؤساء الثلاث حاكمين بالطوائف الكبرى في لبنان والشخصيات التي ستشارك لا يمكن ان تكون من دون طوائف دون اخرى، فالمشاركة فيها مفتوحة للجميع من دون تحديد اي سقف ومناصفة ويمكن لأي طائفة ان تنتدب من يمثّلها لإبداء رأيه ومناقشته.

وبهذه الصيغة فإن القول بضرورة التوافق حول تشكيل اللجنة ليس مبرراً. فالتوافق المطلوب يكون حول أن يطرح أثناء عملها، فعلى ماذا يمكن التوافق قبل تشكيلها يا ترى؟ وإذا كانت مثل هذه التشكيلية لا تضمن العدالة لجميع الطوائف، فكيف يمكن تحقيق مثل هذه الضمانة إذاً.

ووظيفة هذه اللجنة هي: الإعداد والتمهيد ومراعاة النفوس وتقديم النصوص لمجلس نواب معروفة تركيبته ولمجلس وزراء معروفة تركيبته.

والأهم من هذا، فرضت النصوص استحداث مجلساً للشيوخ تتمثّل فيه جميع العائلات الروحية مع إنتخاب أول مجلس نياب على أساس وطني لا طائفي.

إن هذه النصوص وغيرها تكشف جانباً من حدود الفصل بين الهيئة الوطنية ونفاذ ما تقترحه، وبين الإعتقاد القائل ان التشكيل يعني إلغاء الطائفية في لبنان وبالتالي الفارق بين نظرة الإستقلاليين الأوائل لإلغاء الطائفية والعمل بموجب أحكام الطائف والدستور اليوم، ولا بدّ من لفت النظر هنا الى أن تعطيل تشكيل الهيئة الوطنية لا ينعكس على استمرار تعطيل درس طرق تطبيق مادة دستورية اي المادة 95، إن ما يؤدي – وهذا الخطر – الى استمرار تعطيل مواد دستورية اخرى يرتبط تطبيقها بتطبق المادة 95. ومنها مثلاً: المادة 22 من الدستور المتعلّقة بإنشاء مجلس الشيوخ. وإذا لم نصل الى إلغاء الطائفية لا نصل الى مجلس الشيوخ.

وإلمادة 24 المتعلّقة بقانون الإنتخابات الذي وضع خطوطه العريضة إتفاق الطائف على أساس المحافظة التي تشكّل نواة لكل الوحدة الوطنية بعد إعادة النظر بالتقسيم الإداري.

وأضاف برّي: إن تشكيل الهيئة الوطنية وإن كان يأتي اليوم عملاً بوصية رجال الإستقلال الذي وضعوا أسس الميثاق الوطني الذي هو اساس الكيانية اللبنانية، إلا أنه يأتي أيضاً استكمالاً لميثاقنا المتجدد في إتفاق الطائف.

هذا الميثاق الذي تحوّل خصوصاً في السنوات الأخيرة لا بل في الأشهر الأخيرة الى سلعة سياسية بين قائل بضرورة تطبيقه وبين متهم بالتنكّر له.

أشرت سابقاً الى أن تشكيل الهيئة يعني بدء العمل لنفاذ مواد دستورية ميثاقية أخرى. وأزيد على ذلك العمل لتطبيق نصوص أخرى من إتفاق الطائف بقيت خارج الأحكام الدستورية، فهناك أمور وردت في الطائف وهي ميثاقية أصبحت بالنسبة إلينا كلبنانيين لكنها لم ترد في الدستور سيعطّلها عدم إلغاء الطائفية.

وأشير على سبيل الميثال لا الحصر الى القانون القاضي بانتخاب المغتربين اللبنانيين في أماكن إقامتهم، وقانون اللامركزية الإدارية الموسّعة الذي استبقت هذه الدعوة الى وضعه على نار حامية في اللجان النيابية وعقدت في هذا الإطار خمس او ستة جلسات وهو بصدد الإقرار.

وإذ أشكر تفهمكم لا بدّ لي أخيراً من أن اؤكد ثانياً أن دفاعي عن تشكيل الهيئة الوطنية التي تدرس وتقترع الطرق الآيلة لإلغاء الطائفية السياسية، ليس دفاعاً عن شخصي كرئيس للمجلس النيابي إنما هو دفاع عن دستور بلدي ومواثيقنا الوطنية ومستقبل هذا البلد ومستقبل أبنائنا. ولتجنّب ما يمكن أن يعلّق من تفسيرات خاطئة تستند الى بعض ردود الفعل المزاجية العشوائية التي صدرت من هنا ومن هناك.

وأذكر أن نفعت الذكرى وتوضيحاً لما قال وكرّر لماذا الآن، اي هناك أشخاص كثر اسألوا لماذا اختار برّي هذا التوقيت. حقيقة الجميع ينسى ولعل الإنسان سمي بهذا الإسم اشتقاقاً من النسيان.

الدستور يقول انه عند انتخاب أوّل مجلس نيابي على أساس المناصفة، على مجلس النواب أن يشكّل الهيئة الوطنية، علماً أن اوّل مجلس نيابي على أساس المناصفة انتخب في العام 1992. وكان لي شرف ترؤس المجلس عام 1992. وعادة عند الإنتخاب يتوجه رئيس المجلس بكلمة الى المجلس النيابي.

أوّل مرّة الدور التشريعي الثامن عشر محضر الجلسة الأولى المنعقدة في الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء في 20 ت1 1992، حيث انتخبت ووقفت على النمبر وقلت "الزملاء الأعزاء ندخل عبر هذا المجلس لترسيخ الجمهورية الثانية، على قاعدة أن الطائفية نقمة على لبنان والطوائف المتعايشة على ارضه هي النعمة.

إن صون هذا العنوان يقتضي ان يقوم مجلسنا المتنخب بموجب الدستور باتخاذ الإجراءات باعتبار أن ذلك وطني يتحقّق عبر الإجراءات التي نصّت عليها وثيقة الوفاق الوطني عبر تشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم الى رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء شخصيات فكرية واجتماعية وسياسية لدراسة الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية واقتراحها وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء.

لقد آن الأوان لتحويل لبنان من شركة الى وطن وأهم سبيل الى هذا الهدف العزيز هو هذه المهمة التاريخية، فليكن إلغاء الطائفية السياسية ثمرة توافق وطني شامل حتى لا يكون تحقيق هذا الهدف قهراً لأحد أو تغليباً لطرف على آخر.

ولفت برّي الى أنه أراد أن يبدأ بمبادرة حيث لا يستطيع أحد أن يزايد على آخر خاصة وانه يحكى ان المسلمين في البلد أكثر من المسيحيين وانه يمكن ان يؤثّر ذلك على الوضع المسيحي في لبنان. وبالتالي صحيح هناك تخوّف وقلت عندها لماذا لا نبدأ بالمجلس الدستوري او بالمجلس الإقتصادي الاجتماعي. وأتى آنذاك ناس من الطائفة الشيعية وقالوا لي ان هذا المجلس الدستوري يأخذ من صلاحيات المجلس النيابي ويصبح الشيعة براء من المجلس النيابي. وإذا أصدر المجلس النيابي قانوناً يمكن للمجلس الدستوري ان يطعن به ويطيّره.

ولكن أصدرنا المجلس الدستوري، وحين بدأنا بالعمل للمجلس الإقتصادي والاجتماعي جاء من يقول لي (من شيعة وغير الشيعة) إن هذا يلغي أي قيمة للجنة المال والموازنة التي هي أمّ اللجان في المجلس النيابي.

أيضاً لم أكترث بهذا الموضوع وأصدرنا المجلس الإقتصادي – الاجتماعي.

وإذا قلتم لي ان هذا المجلس تعطّل في ما بعد، فهذا ليس عملي، بل هو ضمن نطاق عمل السلطة التنفيذية وليس من عملنا.

في 1/1/1995 دعاني الأرمن الكاثوليك الى رعاية احتفال لهم في الريفييرا اوتيل، وقفت على المنبر وقلت إننا اصدرنا المجلس الدستوري والمجلس الإقتصادي وخلال هذه السنة لدينا برنامج ايضاً وهو الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الإدارية.

وعندما عقدنا اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس حيث حضر النائب جوزف مغيزل رحمه الله، وأحمد سويد ومجموعة من النواب. وطرحنا الموضوع وقلنا ان كل واحد يعود الى عرينه وربعه. وكل واحد يتولّى طرفاً... وأتت النتيجة غير منتظرة بالنسبة إلي، حيث وجدت أن هناك من المسلمين ايضاً معترضين ورفضوا إلغاء الطائفية.

ولا أحد يتهم المسيحيين على الإطلاق لا بل نلاحظ ان المسيحيين عند الإستقلال هم من كانوا أكثر الناس الذين طالبوا بإلغاء الطائفية السياسية في المطلق.

وطبعاً أصرّيت كما مصر اليوم إنما أتى من همس لي ناصحاً وقائلاً: صحيح أن الدستور يقول أن عند انتخاب أول مجلس على أساس المناصفة يجب الإلتزام بالنص ولكن نلفت نظرك الى المقاطعة المسيحية للإتنخابات آنذاك. أي هناك مناطق لم يتجاوز فيها الإنتخاب نسبة 5%. صحيح شكلا مجلس 92 نصف بنصف لكن لم يعبّر الجميع عن آرائهم. وبالتالي ننصح بالتأخير.

وعندها وجدت هذا الأمر منطقياً وأرجأنا الموضوع.

وانتخبت في العام 1996، وعندها أعددت تقريباً نصاً كهذا النص في خطاب إنتخابي عام 1996 وبدأنا نتحرّك بالنسبة لموضوع تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية.

وعندها توجهت الى رئيس الجمهورية الياس الهراوي بعدما تكلّم مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري واتفقنا على السير بهذا الموضوع. أما الرئيس الهراوي فأيّد إلغاء الطائفية السياسية 200% ولكن لنقدم لذلك لأن "جماعتنا" عندهم قلق بالنسبة لهذا الموضوع، فما رأيك أن نسير أولاً بفكرة الزواج المدني الإختياري وأنا أعرف ان هذه القصّة عند المسلمين أمر صعب. فقلت له ايضاً أن هذه المسألة عند المسيحيين أصعب. لأن لهذا الأمر قداسته وشكلياتها أكثر من عند المسلمين.

وقال الهراوي إذا زواج مدني اختياري، لاسيما أنهم يتزوّجون في قبرص وهنا وهناك وأكدت عندها للهراوي إنني مستعدّ للسير في هذا الأمر في مجلس الوزراء.

وقلت للهراوي إنني مجور بالقيام بهذا الموضوع، ولكنك رمز البلاد عندما آخذ منك كتاباً موجّهاً الى المجلس هذا ما يعطي دعماً كبيراً وزخماً وتعطينا عطاء.

فقال لي بعد جلسة الزواج المدني. فقلت اتفقنا.

وحصلت هذه الجلسة، في 8/3/98 وكان يوم أربعاء وضع الموضوع على جدول الأعمال وكان يومها سائداً موضوع الترويكا، وهناك وزراء عدّة يمتّون الى رئيس المجلس النيابي، وصوّت الى جانب هذا الموضوع الذي نال 21 صوتاً من أصل 30 وبالتالي أقرّ موضوع الزواج المدني آنذاك، وحتى الآن هذا القرار موجود ولكنه لا يزال في الأدراج ولم يوقّع.

وقلت بما أنه لم يوقّع، قد لا يرسل إليّ الهراوي الرسالة. والجلسة كانت في 18/8/98، في 19/8/98 الساعة الثامنة والنصف كان أرسل إلي هذا الكتاب، وفيه:

السيد رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي المحترم

منذ تولّيت رئاسة الجمهورية وإرساء مسيرة السلام الوطني هي قضيتنا جميعاً.

وترسيخ السلام الوطني يقتضي بناء الدولة المدنية.

بناء دولة المواطن والقانون، دولة الجميع من أجل الجميع.

لذلك، واستكمالاً لتطبيق الإصلاحات السياسية الواردة في وثيقة الوفاق الوطني ولا سيما البند "ز" منها وهو بعنوان "إلغاء الطائفية السياسية".

فإني أتوجه الى مجلسكم الكريم للبحث على الشروع في تشكيل "الهيئة الوطنية" عملاً بمضمون هذا البند، ومهمتها "دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطّة المرحلية".

إن البناء الوطني يحتاج الى عمل دائم ومستمر.

وإنني أتطلّع الى إلغاء الطائفية من جذورها حتى نستأصل أسباب التناحرات المذهبية المتلاحقة في مجتمعنا وعلى أرضنا بمقدار صوننا لحرية المعتقدات الروحية وحمايتها على قاعدة الدين لله والوطن للجميع.

أسأل الله أن يوفقنا جميعاً من أجل صالح لبنان.

وتابع برّي: هذا ام حصل بالنسبة للموضوع، وطبعاً قمنا بالواجب حسب نص الدستور وعقدنا عدّة اجتماعات ووحّدنا ايضاً أمام جوّ غير مشجّع مرّة ثانية، وهذا ما يذكّرني بمقال حديث في مطلع هذا العام للمطران جورج خضر، الذي قال: يجب إلغاء الطائفية السياسية من النفوس قبل النصوص، وبالتالي يقصد تأجيلها الى يوم القيامة، اي الى الآخرة. ايضاً اخذنا على هذا الموضوع.

وبعد ذلك دخلت البلاد بحرب في العام 1999 حيث إعتدت إسرائيل ودمّرت 22 ألف مؤسسة ومحل... وانشغلنا والرئيس الحريري وكل الناس في كيفية التعويض على الناس ولملمة الجراح الى أن وصلنا في ما بعد الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهنا لم يعد المجال متاحاً لأن الوضع أصبح حساساً ومرهفا بين اللبنانيين الى أقصى حدوده من الحدّة والحساسية.

وبقيت على هذا الوضع الى أن والحمدلله توصّلنا الى موضوع التوافق الوطني، وحكومة الإتحاد الوطني وتوصلنا الى أن يكون سعد الحريري رئيساً لها. ووجدت أن الأمور فعلاً عادت الى الهدوء وهذا أكثر ما يساعد على التقدّم كي لا نقع مجدّداً بأي مشكلة صغيرة قد تعيدنا الى الوراء، لذا يجب التركيز على هذا الموضوع.

وذهبت الى رئيس الجمهورية ووضعته في الجو. وأعلنت من على باب القصر الجمهوري إنني سأسير في هذا الموضوع من أوّل وجديد.

وعندما جئت الى المجلس النيابي دعوت رؤساء ومقرّري اللجان ومكتب المجلس وتكلّمنا عن الموضوع وتناقشنا طويلاً وقلنا أنكم تمثّلون كل المجلس، وكل واحد عليه ان يعود الى مرجعياته ومن عنده قناعة يأتي بالأسماء حتى نغربلها، كي يطرح في المجلس النيابي وذلك على غرار إنتخاب المجلس الوطني للإعلام والمجلس الدستوري، لننتخب لجنة من كل الفرقاء ونبدأ بالتفكير في كيفية إلغاء الطائفية وبالتالي

يقدّم أمام هذه اللجنة مقترحات لا تؤدي الى إلغاء الطائفية لكنها تخفّف منها. وهي تماماً كمن يأكل الجبنة لكنه يزيل منها الدسم الذي يؤدي للكولسترول ولا أحد يفكّر بإلغاء الطوائف في لبنان. وإذا قبل بذلك كل الناس نحن لا نقبل بها. ولا بل أقول أكثر من ذلك كان على لبنان ان يتبنّى موضوع الطوائف كلها في الشرق الأوسط. ولو كان وضعه الصحي قائماً كان عليه أن يتبنى موضوع القدس ومسيحيي العراق وكل موضوع مسيحي قائم في المنطقة لأن لبنان بغير المسيحيين والمسلمين لا يكون لبنان.

وهذا الأمر ليس وارد عندنا على الإطلاق، ولكن هناك مقترحات يضر بقاؤها مثلاً إذا أدّت الى إلغاء الطائفية السياسية وليس إلغاء الطائفية. والمثال على ذلك، فكرة كتاب موحّد للتعليم الديني وإلزامي في كل مدارس لبنان، إذاً لا يجوز أن يتم التدريس على اساس ان الآخر عدواً، وهذا ما يرسّخ المواطنية على أساس حرية المعتقد وقبول الإختلاف والتنوّع.

مثل آخر: البحث الجدّي في إعادة تنظيم الإعلام المرئي والمسموع لتثبيت قواعد تمنع تحوّلها احياناً لمتاريس طائفية ومذهبية، وهذا مررنا به.

والآن إذا سألنا تلميذاً في مدارس إسلامية عن الأمير فخر الدين المعني الكبير، فقد يكون جوابه انه كان خائناً لأنه استنجد بالطليان. وآخر قد يقول أن فخر الدين أسس لبنان، لذا نقترح عدم إدراج الأمور المختلف عليها.

مثل آخر، تحويل المؤسسات العامة للخدمة الصحية والإجتماعية والثقافية مناقشة للمؤسسات الخاصة من مستشفيات ومدارس.

المدرسة الرسمية عندما تصبح أفضل من المدارس الخاصة عندها نخفف من المدارس الخاصة.

وهذا كله يحتاج الى وقت وربما عشرات السنوات، ولذا يجب ان نبدأ.

سمعت في المجلس من قال ان الوقت ما زال مبكراً لمثل هذه الخطوة، حينها سألت الى متى؟

واقترح برّي إعادة العمل في الخدمة الإلزامية في الجيش، إضافة البحث في قوانين تتعلّق بالأحزاب والنقابات والزواج المدني... وطبعاً عندي غير أمثلة أخرى، وكل ذلك يمكنه ان يخفّف من إلغاء الطائفية السياسية.

وختم: لذلك رأيت ان الفرصة سانحة لتشكيل الهيئة الوطنية عندما رأيت أن هذه الفرصة قد لاحت مع تشكيل حكومة الوفاق الوطني واستقرار الحالة السياسية في بلدي على الأقل في المدى المنظور، لذلك نأمل ان ندعم الوحدة الوطنية.

وأكرّر شكري لتفهّمكم وكل الذي أريده الإعداد لوقت قد يستغرق عشرات السنين ننتهي فيه من الشعور أننا في لبنان نحن وأنتم. بل انتم ونحن ونحن أنتم.

المواطنية إرتباط مباشر بين الدولة والمواطن لا تمرّ عبر المذاهب والطوائف بل عابرة له.

إن لبنان كما قلت مسؤول ليس فقط عن التنوّع في لبنان بل مسؤول عن التنوّع في الشرق الأوسط ككل ودائماً ودائماً عن حوار الديانات.

إنها دعوة الى الوحدة والتوحّد وهذه الهيئة إذا قامت ان شاء الله ستعمل تماماً كطاولة الحوار لا تقرر شيئاً دون إرادة أي طرف من الأطراف فعلمَ الخوف بل علمَ البقاء في التخلّف.

حوار: وردا على سؤال عن سبب عدم اتخاذ مجلس النواب أي خطوة منذ العام 1992 لتشجيع الانصهار الوطني كاعتماد النسبية وإشراك الشباب في الانتخابات قال بري: لا شيء يعتبر أكثر أهمية لمصلحة لبنان من هذا الموضوع وهذا رأيي الشخصي أما رأي المجلس النيابي فتقرره الهيئة العامة. قمنا بأشياء كثيرة ونحن حريصون وحاولنا مرات عدة وضع قانون انتخاب على أساس الدوائر الكبرى والنسبية حتى يكون كل طرف في حاجة للطرف الآخر ولم نوفق حتى الآن، وهذه أحد أسباب عدم تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية.

* إذا كان إلغاء الطائفية السياسية متعذرا هل هناك إحتمال أكبر لإلغاء القرار 1559؟

- رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان قال إن اسرائيل وافقت على 100 قرار صادر عن الأمم المتحدة ولم تنفذ واحدا منها. نحن نريد تنفيذ القرار 1559 بهوامشه ومحاضره فلماذا يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك؟

* هناك قوى سياسية تعتبر أن بعض بنود اتفاق الطائف مر عليها الزمن وبالتالي إلغاء الطائفية السياسية ليس ضروريا؟

- عندئذ عليهم تقديم مشروع قانون لإلغاء هذا الأمر من الدستور.

* ماذا لو لم تقبل الكتل النيابية بإعداد ما تقدمت به؟

- لن أسحب سيفا وأقوم بتقطيع الرؤوس، كل ما هنالك أنني نبهت الى أن هذا الأمر يعطل مواد أخرى في الدستور ولا يمكن القبول ببند من اتفاق الطائف دون آخر. وهناك خوف من أن يسبب توقيف شيء ما بتوقيف أشياء أخرى وبالتالي لا يمكننا عندها الحديث عن مجلس الشيوخ أو عن قانون الانتخاب وفق ما نص عليه الطائف لجهة إجراء انتخابات على أساس المحافظة يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله وفاعلية ذلك التمثيل بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، وهذا ما لم تحترمه القوانين الانتخابية التي وضعت حتى اليوم.

* ما رأيك بالطرح الذي يدعو الى حياد لبنان؟

- حكي عن حياد لبنان منذ فترة طويلة ولا أفضح سرا إذا قلت إن هذا الموضوع طرح أثناء بحث الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار وهناك أطراف طالبت بهذا الحياد. موقفي كان وما يزال لا يختلف عن موقف غبطة البطريرك الماروني عن حياد لبنان عام 1958 فهو قال آنذاك، نحن طلاب حياد لكن على أساس حرية لبنان وبالاتفاق والانسجام والتناغم مع الدول العربية وهو تحدث عن استثنائين لهذا الحياد فلبنان ليس حياديا ضد اسرائيل ولا يمكن أن يكون بعيدا عن البلاد العربية وأنا أصوت مع هذا الطرح.

* من جملة الاعتراضات التي واجهتكم في طرحكم وخصوصا من قبل فريق 14 آذار أنك قدمت هذا الطرح من أجل التغطية على موضوع سلاح المقاومة؟

- هل تريدون أن أحلف يمين أنني أسست وعملت وقدمت شهداء وهذا الموضوع خارج النقاش عندي ولو بقي شخصان في لبنان مع المقاومة فأنا أحدهما. التغطية تكون للهرب من موضوع تخجل به وأنا من صلب هذا الموضوع ليسألوا عما يحصل في فلسطين والاهانات التي توجه الى القيادات هناك، فلبنان كان سيشهد المصير نفسه لولا المقاومة. هناك كلمة لفتتني في كتاب لأمين معلوف تقول إن لبنان عندما لم يشترك في الحرب دفع أثمانا أكثر من اشتراكه وهذا صحيح.

* كيف تطمئنون الفريق المتوجس من طرح إلغاء الطائفية بسبب موازين القوى الموجودة على الساحة اللبنانية؟

- على العكس هذا الموضوع والنقاش حوله هو الذي يؤمن الى الأبد اللبناني أن تبقى كفتي الميزان متوازنتين والدليل الى ذلك أن التوازن لم يتأمن بعد 83 عاما. فمعظم الشباب اللبناني مهاجر وعدد المغتربين اللبنانيين يوازي ثلاثة أضعاف ونصف الموجودين في لبنان. الحوار في هذا الموضوع والوصول الى صيغ في شأنه أيا تكن حتى لو كرست أمورا نرفضها اليوم هو ما يحفظ وجودنا جميعنا في البلد.

* ما نفع هذه الهيئة بعد كل التطمينات التي قدمتها؟

- حتى لا نكون في الوضع الذي نعيشه اليوم ولهذا قدمت هذا التسجيل وما يحتوي من تمزق.

* نسمع الكثير من السجالات عمن سيمثل هذه الطائفة أو تلك على طاولة الحوار الوطني فكيف ستتخطون هذه العقبة في تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية ومن سيحدد من هو الممثل الحقيقي لكل طائفة في هذه الهيئة؟

- كل طرف يقدم أسماء على أساس قواعد تراعي الصيغة اللبنانية الراهنة وهذا ما نفعله عادة عند انتخاب المجلس الدستوري أو المجلس الوطني للاعلام وهناك مقترحات تقدم وعندها يرتب مكتب المجلس الأمور.

* هل تتخوف من حرب اسرائيلية قريبة على لبنان؟

- كل الناس تخاف وتحاول الهروب من الحروب واسرائيل لم توقف حربها على لبنان منذ العام 1948 والوضع القائم اليوم لا يعني أن اسرائيل أوقفت نيتها العدوانية. قلنا لمنافس الرئيس الأميركي في الانتخابات جون ماكاين "إنك عاينت في خلال وجودك في لبنان الـ"أواكس" والطائرات من دون طيار"، وألا يعدّ تحليق الطائرات الاسرئيلية أثناء زيارة فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان للجنوب اعتداء. اسرائيل لم توقف حربها على لبنان وما تغير فقط أنها باتت تحسب حسابا لأي عدوان من هنا أهمية تلاحم اللبنايين جيشا وشعبا ومقاومة.

وختم: للمرة الأولى في تاريخ لبنان نشهد قيام فنادق وبنايات على الخط الأزرق مع العلم أنه لا يشكل كل حدودنا، وإذا اتحد اللبنانيون وتضامنوا فلن تستطيع اسرائيل إخافتنا والدليل أن جميع اللبنانيين قاوموا اسرائيل عام 2006 كل على طريقته.