الانتخابات النيابية في العام 2000 في دراسة للدولية للمعلومات (!)

تدخلات وشراء أصوات وتجاوزات... معروفة ولا يمكن اثباتها

مطلوب قانون جديد وخفض عدد النواب ولبنان 54 دائرة

النهار 12/5/2005: في سياق الحديث عن اجراء الانتخابات النيابية وفق قانون انتخابات العام 2000، حصلت "النهار" على دراسة سبق ان اعدتها الدولية للمعلومات (Information International) في العام 2000 لصالح الامم المتحدة (مركز مكافحة الجريمة الدوليةCICP ومعهد الامم الامتحدة الاقليمي للبحوث حول الجريمة والعدالة (UNICRI) وبتمويل منها وفقا للبروتوكول الموقع مع الحكومة اللبنانية وبهدف اعداد خطة وطنية لمكافحة الفساد. تكمن أهمية هذه الدراسة في انها كشفت العيوب الدستورية والقانونية لقانون انتخاب العام 2000 والممارسات التي رافقت الانتخابات، وكأن المسؤولين المفترض فيهم ان يكونوا اطلعوا عليها اختاروا اهمالها وعدم العمل بمضمونها.

الانتخابات في المفهوم الديموقراطي هي الفرصة الشرعية المتاحة امام الناخبين لاختيار من يمثلهم ويعبر عن مصالحهم وطموحهم ومستقبلهم، الا انها في لبنان، ومنذ بدء الحياة النيابية في العام 1920، كانت ولا تزال وسيلة لتنصيب ممثلين عن الشعب، انما بالانتخاب لا بالتعيين، لتحقيق الاهداف السياسية والاقتصادية للسلطة القائمة (او من يرعاها) ضمن التوازنات الاقليمية التي تحكم الاوضاع اللبنانية والتي تحكمت بها مع اندلاع الحرب اللبنانية في العام 1975. وما الانتخابات النيابية التي جرت في الاعوام 1992، 1996، 2000 الا انعكاس لتلك الضغوط والتوازنات.

ان قانون الانتخاب كان عرضة للتعديل والتبديل مع كل انتخابات، باستثناء الانتخابات في الاعوام 1960، 1964، 1968، 1972، التي جرت وفق قانون واحد. ولقد كان الهدف الاساسي من التعديلات الاتيان بمجلس نيابي يسمح بقيام حكومة تماشي الاحوال القائمة، وتساهم في اختيار الرئيس المقبل للجمهورية اللبنانية، سواء بالتجديد للرئيس الموجود او الاتيان برئيس جديد. ولقد نتج من انتخابات العام2000 التي تمت على مرحلتين مجلس نيابي جديد تمتد ولايته حتى ايار 2005. ومن بين الـ128 نائبا الذين يشكلون المجلس النيابي، هناك 48 نائبا جديدا، من اصلهم37 نائبا يدخلونه للمرة الاولى. وسنعالج هذه الانتخابات من خلال محورين اساسيين:

1 – قانون الانتخاب

2 – سير العمليات الانتخابية وما رافقها من ضغوط ورشاوى.

 الفصل الاول: عدم دستورية قانون الانتخاب

1 – تمهيد

بخلاف الانتخابات النيابية التي جرت في العامين 1992 و1996، اذ لم يقر قانون الانتخابات الا قبل مدة قصيرة من موعد إجرائها فان قانون الانتخاب للعام2000 قد اقر قبل 9 اشهر اذ صدر قانون يحمل الرقم 171 تاريخ 1/6/2000. كانت المدة الفاصلة بين صدور القانون وموعد اجراء الانتخابات تعتبر من الايجابيات التي تسجل، اذ انها سمحت للناخب والمرشح على السواء من الناحية النظرية ان يقوما بالاستعدادات اللازمة. لكن القانون يحمل الكثير من الثغر التي تجعله غير دستوري ولا يؤمن صحة التمثيل الشعبي وصدقيته وذلك للاسباب الآتية:

2 – عدم دستورية القانون من حيث مدة الولاية

نصت المادة الاولى من القانون على ان ولاية المجلس النيابي تنتهي في 31 أيار 2005 أي بتمديد الولاية الدستورية، (والمحددة باربع سنوات) مدة 8 أشهر اضافية بذريعة تزامن موعد اجراء الانتخابات النيابية، في حال تم الابقاء على ولاية الاربع سنوات، وموعد انتخابات رئاسة الجمهورية. لكن اي تدقيق في المواعيد يثبت عدم صحة هذا السبب. فولاية المجلس النيابي تنتهي في 15 تشرين الاول 2004 بينما يفترض اجراء الانتخابات لاختيار مجلس جديد بين 15 آب و15 تشرين الاول 2004. وولاية رئيس الجمهورية تنتهي في 24 تشرين الثاني 2004، وانتخابات الرئاسة يفترض ان تجري ما بين 24 ايلول و23 تشرين الثاني، اي ان المجلس المنتخب في ذلك الوقت يمكنه فور بدء ولايته في اول ثلثاء يلي 15 تشرين الاول 2004، اختيار رئيس للجمهورية، وبالتالي لا يوجد ضرورة لتمديد ولاية المجلس 8 أشهر.

وهكذا نتبين وجود ارادة سياسية في ان يكون هذا المجلس النيابي هو من ينتخب رئيس الجمهورية، لا المجلس الجديد.

كما شكل هذا القانون مخالفة صريحة لقرار المجلس الدستوري بخصوص قانون انتخابات العام 1996، اذ ابطل المجلس الدستوري بموجب قراره الرقم 4/96 المادة  5 من قانون انتخابات العام 1996 والتي تنص "خلافا لاي نص آخر وبصورة استثنائية تحدد مدة ولاية المجلس النيابي المنتخب بعد صدور هذا القانون باربع سنوات وثمانية اشهر تنتهي في 15 حزيران 2001". اذ اعتبر المجلس ان هذه المادة تشكل اخلالا بالقاعدة العامة والعرف البرلماني، ولا مبرر للاستثناء الوارد. وينذر بامكان لجوء المجلس النيابي في المستقبل الى التمديد لنفسه لاسباب واهية (مراجعة وجدي الملاط).

3 – عدم دستورية القانون لعدم مساواته بين اللبنانيين:

نصت المادة السابعة والعشرون من الدستور اللبناني على ان عضو مجلس النواب يمثل الامة جمعاء، ولا يجوز ان تربط وكالته بقيد او شرط من منتخبيه، لكن المادة الرابعة والعشرين نصت على توزيع المقاعد النيابية وفقا للقواعد الآتية:

أ – بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين

ب – نسبيا بين طوائف كل من الفئتين.

ج – نسبيا بين المناطق.

هذه القواعد الاساسية خالفها القانون، كما خالفتها قبل ذلك القوانين التي جرت على اساسها الانتخابات النيابية منذ بداية عهد لبنان بها. وقد بلغ اجمالي عدد الناخبين للعام 2000 حوالي 2,748,674 ناخبا اي 21,474 ناخبا لكل نائب، وهي نسبة متدنية جدا مقارنة مع الدول المجاورة، او حتى الدول الاوروبية. اما توزيع النواب ما بين الطوائف والمذاهب والمناطق فهو غير متوازن وغير مطابق لنص المادة اعلاه وهذا ما سنبينه في النقاط ادناه:

أ – عدم المساواة بين المواطنين

ان توزيع المقاعد النيابية تم وفق معايير مختلفة بين دائرة واخرى، مما اعطى لمواطنين الحق بعدد من النواب اكبر منه لمواطنين آخرين. ففي الجنوب نص القانون على دائرتين انتخابيتين، لكن الانتخابات جرت استثنائيا على اساس دائرة واحدة نظرا الى الاحتلال الاسرائيلي (رغم زوال الاحتلال قبل 100 يوم من موعد اجراء الانتخابات). فأصبح للناخب في الجنوب الحق بالاقتراع لـ238 مرشحا بينما يقتصر هذا الحق على 17 مرشحا للناخب في دائرة الشمال الثانية، و11 مرشحا في كل من دائرتي الشمال الاولى، وجبل لبنان الثالثة، و10 مرشحين في دائرة البقاع الاولى، و8 مرشحين في كل من دوائر جبل لبنان الاولى، والثانية، والرابعة، و7 مرشحين في كل من دائرة بيروت الثالثة، والبقاع الثانية، و6 مرشحين في كل من دوائر بيروت الاولى، والثانية، والبقاع الثالثة، وهكذا يظهر الخلل في التمثيل واضحا في كل الدوائر الانتخابية من دون استثناء (الرسم 1)

فالمواطن، في الدائرة الثانية في الشمال مثلا يستطيع اختيار 17 نائبا، بينما المواطن في الجنوب يختار 23 نائبا، والمرشح في الدائرة الثانية في الشمال يفوز بحوالي 46,000 بينما يلزم الحصول على اكثر من 150.000 للفوز في الجنوب (الرسم 2).

ب – عدم المساواة بين اطوائف والذاهب

الناخبون المسلمون

عدد الناخبين بين الطوائف السنة 690,810، وعدد النواب 27 نائبا، اي نائب واحد لكل 25,585 ناخبا.

عدد الناخبين الشيعة 692,344 وعدد النواب 27 نائبا اي نائب واحد لكل 25642 ناخبا.

عدد الناخبين الدروز 156,134 وعدد النواب 8 نواب اي نائب واحد لكل 19,516 ناخبا

عدد الناخبين العلويين 20,939 وعدد النواب 2 اي نائب لكل 10,470 ناخبا.

وبذلك يكون مجموع الناخبين المسلمين 1,560,227 وعدد النواب 64 اي نائب واحد لكل 24,378 ناخبا مسلما.

الناخبون المسيحيون

عدد الناخبين الموارنة 639,135 ناخبا، وعدد النواب 34 اي نائب واحد لكل 18,800 ناخب.

عدد الناخبين الارثوذكس 228,064 ناخبا وعدد النواب 14 اي نائب واحد لكل 16,290 ناخبا.

عدد الناخبين الكاثوليك 142,664 ناخبا وعدد النواب 8 اي نائبا  واحد لكل 17,833 ناخبا.

عدد الناخبين الارمن الارثوذكس 88,601 ناخب  وعدد النواب 5 اي نائب واحد لكل 17,720 ناخبا.

عدد الناخبين الارمن الكاثوليك 20,111 وعدد النواب واحد.

عدد الناخبين البروتستانت 7,354 وعدد النواب واحد.

عدد الناخبين من الاقليات 23,973 وعدد النواب واحد.

وبذلك يكون عدد الناخبين المسيحيين 1,188,447 ناخبا وعدد النواب 64 نائبا، اي نائب واحد لكل 18570 ناخبا مسيحيا. وتشكل الامثلة  اعلاه مخالفة صريحة للبند "ب" من المادة الرابعة العشرين.

ج – عدم العدالة في توزيع المقاعد ضمن كل طائفة:

ان توزيع بعض المقاعد الـ 128 على الطوائف وبين المناطق تم لاعتبارات سياسية وشخصية لا علاقة لها بعدد الناخبين او بنظرية انصاف الاقليات، وهي مخالفة لميثاق الطائف الموقع في العام 1989. ومن الامثلة  على ذلك.

على المستوى الوطني خصص نائب ماروني لكل 18,800 ناخب ماروني، كما هو مبين في البند اعلاه. لكن نلاحظ ان هناك نائبا مارونيا لـ 8,677 ناخبا مارونيا في دائرة البقاع الثالثة، بينما هناك 9,008 ناخبين موارنة في دائرة بيروت الثانية من دون نائب. وهناك 4,316 ناخبا مارونيا في طرابلس خصص لهم نائب واحد، والامر نفسه ينطبق على المقعد الدرزي في دائرة بيروت الثالثةـ، حيث عدد الناخبين الدروز لا يتجاوز 2250 ناخبا.

4. الضمان المالي

اوجب قانون الانتخاب على كل مرشح ان يودع صندوق الخزينة اللبنانية ضمانا ماليا قدره 10 ملايين ليرة لبنانية (حوالي 6600 دولار اميركي) لا يسترده الا اذا فاز في الانتخابات او خسر، انما نال 10 % من مجموع اصوات المقترعين. هذا الضمان الكبير شكل للبعض عقبة امام الترشيح، وبالتالي لم يحقق للبنانيين تكافؤ الفرص  للترشيح، مما يعطي للمال اهمية في الانتخابات. ففي بريطانيا مثلا لا تتعدى  قيمة الضمان 350 دولارا اميركيا.

5. البطاقة الانتخابية

نصت قوانين الانتخاب منذ العام 1960 على اعتماد البطاقة الانتخابية للانتخاب الا انه، ومع كل انتخابات، كان يتم تعليق العمل بالبطاقة  والاستعاضة عنها باخراج القيد او الهوية، مما يسهل عملية التزوير من خلال اقتراع اشخاص مكان اشخاص مهاجرين  او متوفين  غير مشطوبة اسماؤهم من سجلات الناخبين. لكن في انتخابات العام 2000 تم اعتماد البطاقة الانتخابية، بالرغم من اقرار النواب قانون تعليق العمل بتلك البطاقة بحجة ضيق الوقت، لكن رئيس الجمهورية رد القانون مصرا على اعتماد البطاقة. والسؤال هو هل حد اعتماد البطاقة من عمليات التزوير؟

بالاستناد الى اراء ومعلومات الناخبين والمرشحين حد اعتماد البطاقة من حالات التزوير من دون ان يلغيها، لأن طريقة اعداد البطاقة تجعل من السهل تزويرها، وهذا ما حصل على نطاق ضيق. كما ان ابدال صور الناخبين الحقيقية بصور اخرى حصل على نطاق محدود، خاصة اذا كان اصحاب البطاقة الاصليون هم من المهاجرين او المسافرين وغير الموجودين في لبنان. ومن الحالات التي سجلت كمثال في دير الاحمر في القلم 119 انتخب حمزة يوسف بحسون باسم شربل  طنوس فرح، كما انه في بلدة رأس بعلبك  في القلم 129 هناك من انتحل صفة تفاحة رزق وهدى محمد طفيلي واقترع مكانيهما. وكذلك اقترع احمد يوسف علي ببطاقة عليها صورته باسم حسن حوشية، كما اقترع علي يتيم ببطاقة باسم حسين علي يتيم، وفي رأس المتن حاول ماهر غ. الاقتراع ببطاقة تحمل اسم مواطن من آل نويهض (مسافر). تبقى الاشارة الى تصريح للنائب اكرم شهيب اشار فيه الى وجود مطبعة في بلدة عشقوت تعمدالى تزوير البطاقات الانتخابية (السفير 28 آب 2000).

لم تقتصر ثغرات البطاقة الانتخابية على انتحال الصفة، بل هناك مواطنون حرموا من حق البطاقة لعدم حصولهم عليها في الوقت المحدد، بالرغم من تقديمهم الطلب لذلك، او بعضهم الاخر (احمد ابراهيم في النبطية) اعاد بطاقته الانتخابية الى وزارة الداخلية لتصحيح خطأ ورد في كتابة اسمه لم تعد البطاقة اليه. ومن الاخطاء حصول ناخبين على بطاقاتهم الانتخابية من دون التمكن من الاقتراع لعدم ورود اسمائهم ضمن قوائم الناخبين (النهار 4 أيلول 2000).

الفصل الثاني:

الضغوط  السياسية والامنية

– تراشق التهم بين الفائزين والخاسرين

1 – تمهيد

بالرغم من تأكيد عدد كبير من المسؤولين والسياسيين نزاهة الانتخابات، أكد عدد من المراجع السياسية والدينية حصول ضغوط مارستها الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية، وكذلك حصول عمليات رشوة وشراء أصوات. فالبطريرك صفير صرح: "يفاخر بعض الفائزين بما بذلوه من مبالغ طائلة من الاموال، حتى لكأن المقعد النيابي اصبح مطروحا في مزاد علني. وما القول عن عدم تكافؤ الفرص في مجال الاعلام وهناك من احتكروه ليلا نهارا ليهاجموا خصومهم، فيما منع على هؤلاء حق الرد الطبيعي، وما القول عن الضغوط الداخلية والخارجية سواء كانت سياسية، دينية، مالية أو أمنية"؟

2 – مؤشرات الضغوط ()

اذا كانت الدولة لم تتدخل علنا لمصلحة مرشحين معينين، بدليل السقوط المريع لعدد من المرشحين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة سليم الحص وثلاثة وزراء، فان هذا لا ينفي حصول تدخلات سياسية وأمنية او دينية في عدد من الدوائر لمصلحة عدد من المرشحين، وان كانت لم تسفر عن نجاحهم في بعض الاحيان، وذلك من خلال 3 مؤشرات:

ما قاله الرؤساء الثلاثة عن قانون الانتخاب (صفحة 25 – 26) مما يعني وجود قوة ما فرضت هذا القانون.

نتائج استطلاعات الرأي والتي أكدت نسبة غير بسيطة من اللبنانيين عبرها وجود تدخل خارجي.

تصريحات المرشحين الخاسرين والفائزين على السواء والذين التقوا على حصول تدخلات في الانتخابات.

فما هي بعض ملامح هذه التدخلات في كل من الجنوب، بعلبك – الهرمل، الشوف، جبيل، كسروان والمتن الشمالي؟

3 – الجنوب

تبعا لقانون الانتخاب الذي قسم الجنوب الى دائرتين انتخابيتين وذلك بسبب الظروف الاستثنائية (الاحتلال الاسرائيلي) التي زالت بزواله في 24 أيار، أي قبل اكثر من 3 أشهر من موعد اجراء الانتخابات، بقيت الدائرة موحدة في مخالفة صريحة لنص القانون. في هذه الدائرة حصل ائتلاف بين حزب الله وحركة أمل لتشكيل لائحة موحدة للمقاعد الـ23 المخصصة للجنوب. حزب الله اضافة الى شعبيته اثر تحرير الجنوب، اعتمد على سلاح الدين والفتوى الشرعية، اذ بحثت بين صفوف انصاره ومؤيديه فتوى دينية صادرة عن قيادته مفادها ان الانتخاب للائحة المقاومة والتنمية هو "تكليف شرعي". أما حركة أمل اضافة الى قوة رئيسها نبيه بري، فقد عمدت الى استخدام سلاح الخدمات التي تؤديها للناس من خلال وجود الرئيس بري على رأس المجلس النيابي، او من خلال تعويضات وخدمات مجلس الجنوب. وكان لافتا قيام الرئيس بري بتدشين عدد من المشاريع الانمائية (مدارس – آبار ارتوازية – طرق) قبل مدة وجيزة من موعد الانتخابات.

ولقد تمتع حزب الله بكامل الحرية في اختيار مرشحيه في الجنوب، حتى انه تمكن من فرض المرشح جورج نجم مكان النائب سليمان كنعان بالرغم من الرفض "المسيحي والماروني" تحديدا لهذا الامر. والجدير بالذكر ان سليمان كنعان ينتمي الى بلدة جزين (20 الف ناخب ماروني) بينما ينتمي نجم الى بلدة عين المير (200 ناخب ماروني).

وتم تداول أخبار التدخل السوري من خلال فرض مرشحين، فمثلا نقل النائب أحمد سويد عن الرئيس نبيه بري قوله لوفد آل سويد (الذي زاره مستفسرا عن أسباب ابعاد أحمد سويد عن النيابة) ان "اللواء غازي كنعان طلب مني الدكتور قاسم هاشم، ماذا تريدون ان يكون موقفي؟" وكذلك صرح رئيس الاتحاد العمالي العام الياس ابو رزق المرشح  الارثوذكسي المنافس لأسعد حردان، نقلا عن لسان الرئيس بري ايضا ان هناك "رغبة عليا بأن يكون اسعد حردان نائبا". ولم يصدر في الحالين نفي عن الرئيس بري.

4 – دائرة بعلبك الهرمل

حصلت تدخلات خارجية لدى حزب الله لابدال النائب ربيعة كيروز (المقعد الماروني في دارة بعلبك – الهرمل) بنادر سكر (الذي كان ينتمي سابقا لـ"القوات اللبنانية" ومقرب من الدوائر السورية) كما تم استدعاء عدد من المفاتيح الانتخابية في المنطقة من زعماء عشائر ورؤساء بلديات ومخاتير الى احد المراكز الامنية في شتورا للضغط على هؤلاء للتصويت لنادر سكر. هذا ما قاله المرشح الاول الخاسر في الدائرة شوقي الفخري الذي نال 13997 صوتا، بينما نال الفائز نادر سكر 35765 صوتا (النهار 7 تشرين الاول 2000).

5 – دائرة الشوف

يقول المرشح فيصل حمدان انه أرغم على الانسحاب لصالح النائب زاهر الخطيب الذي أخرجه النائب وليد جنبلاط من لائحته. كما يقول انه تم استدعاء رؤساء البلديات والمخاتير والاندية والروابط في منطقة اقليم الخروب لاعلامهم "بالرغبة العليا" في التصويت لزاهر الخطيب.الا ان النتيجة لم تؤد الى فوز زاهر بل ظل الفارق في الاصوات بينه وبين المرشح السني الفائز كبيرا اذ نال الخطيب 29188 صوتا بينما المنافس الفائز علاء الدين ترو 46019 صوتا. لكن النائب السابق زاهر الخطيب قال ان احد كبار القضاة السابقين قد عمل ضده وكان ينقل الناس بسيارته للانتخاب ضد الخطيب.

6 – دائرة جبيل – كسروان

حصلت خلافات بين انصار المرشحين المارونيين المتنافسين اميل نوفل وناظم شهيد الخوري، وهي امتداد للخلافات التي حصلت بينهما في انتخابات العام 1996 وأدت الى فوز اميل نوفل. فتقدم ناظم الخوري بطعن لدى المجلس الدستوري يزعم فيه ان خصمه لجأ الى الوسائل المالية للتأثير في الاقتراع بقصد افساد نتيجة الانتخابات. كما ان بعض محاضر اقلام الاقتراع كانت خالية من توقيع اعضاء القلم، فقبل المجلس الدستوري الطعن وأعلن عدم صحة نيابة النائب اميل نوفل وابطال نيابته واعادة اجراء الانتخابات عن المقعد المذكور وفقا للأصول. اجراء الانتخابات أسفر مجددا عن فوز اميل نوفل. في انتخابات هذه السنة فاز ناظم الخوري. وقد اتهم اميل نوفل الجيش اللبناني وقائده العماد ميشال سليمان بالتدخل شخصيا في الانتخابات لمصلحة خصمه. اذ قال "الرائد ابو شهلا يتصل بالمخاتير ورؤساء البلديات ترهيبا وترغيبا طالبا منهم انتخاب ناظم الخوري ومصطفى الحسيني. وقد استقوى خصومنا بالدور المفضوح الذي يؤديه قائد الجيش لمصلحة ناظم الخوري".

قيادة الجيش وجهت كتابا الى النيابة العامة العسكرية تطلب فيه ملاحقة الموضوع امام القضاء (النهار 18 آب 2000) الا ان اي متابعة قضائية لم تتم للوصول الى النهاية.

7 – دائرة المتن الشمالي

دعم حزب الطاشناق المرشح عن مقعد الارمن الارثوذكس سيبوه هوفنانيان وفي وجه منافسه رافي مادايان، ففرض انصار الطاشناق نوعا من الحصار على مراكز الاقتراع لمحاولة التأثير على انصار الخصم، مما أدى الى انفجار الموقف وحصول عراك بالايدي ومحاولة التعرض لمادايان شخصيا (المستقبل 28 آب 2000).

يتبع جزء ثان

---------------------------------

 (ں) لم نتطرق الى انتخابات دائرتي الشمال الاولى والثانية وما رافقها من ضغوط وتدخلات كون بعض نتائج هذه الانتخابات هي قيد النظر بموجب الطعون المقدمة لدى المجلس الدستوري. والجدير بالذكر ان معظم هذه الطعون تشير الى الضغوط الامنية والمالية وأخطاء اجرائية في الانتخابات، ومن أصل 12 طعنا نيابيا هناك 9 قدمت في دائرتي الشمال.